السؤال باسم الله الأعظم

وسمع آخر يقول في تشهده أيضا : ( أبو داود والنسائي وأحمد والبخاري في الأدب المفرد ) ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت [ وحدك لا شريك لك ] [ المنان ] [ يا ] بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم [ إني أسألك ] [ الجنة وأعوذ بك من النار ] . [ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( تدرون بما دعا ؟ ) قالوا الله ورسوله أعلم . قال : ( والذي نفسي بيده ] لقد دعا الله باسمه العظيم ( وفي رواية : الأعظم ) الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى}

الأحد، 11 فبراير 2024

ج1 وج2وج3.{تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع}

     تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع
    تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع
    ـ[تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع]ـ
    المؤلف: محمد عمرو بن عبد اللطيف
    الناشر: مكتب التوعية الإسلامية
    لإحياء التراث العربي - الجيزة، مصر
    الطبعة: الأولى 1410 هـ، 1989 م
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
    (/)
    تكميل النفع
    بما لم يثبت به
    وقف ولا رفع
    كتبه
    محمد عمرو عبد اللطيف
    القسم الأول
    من 1: 25
    (1/1)
    مقدمة
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئا أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
    (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) .
    (يا أيها الذين آمنوا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً. واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام. إن الله كان عليكم رقيباً) .
    (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً. يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً) .
    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
    فإني أثناء البحث عن مادة جديدة للأقسام التالية من كتابي: ((تبييض الصحيفة)) ، والتقليب في ((حلية الأولياء)) للحافظ أبي نعيم رحمه الله، وفي كتب أخرى، كنت أجد روايات موقوفة لكثير من الأحاديث التي أعلم عدم صحتها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأسر بذلك، وأقيد مواضعها عندي، ولكن عند مراجعة أسانيد بعضها يتبين لي عدم ثبوت وقفها أيضاً، فتفسد عليّ وأغتم! ويشاء الرحمن الرحيم تعالى أن ينجيني من الغم، ويهديني إلى التفكير في عمل آخر يكون صنواً لـ: ((التبييض)) ، مع افتراقه عنه في التعريف بالأحاديث التي لا صحة لها،، لا عن نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا عمن رويت عنه موقوفة عليه من الصحابة والتابعين فمن بعدهم
    (1/3)
    فشرعت في هذا الأمر ـ مستعيناً بالله ـ حتى تجمع لي قدر من الأحاديث، فيها المشهور وغيره، يمكن انتخاب خمسين منها لإخراجه في القسم الأول من الكتاب. ثم تراجعت عن هذا القدر كله خوفاً وطمعاً وإشفاقاً، خوفاً من مغبة التسرع بتضعيف آثار تتبين صحتها بعد ذلك، وفي ذلك حرج لا يخفى، فإنه: ((من كثر كلامه كثر خطؤه)) كما في بعض الآثار! وذلك يوجب عليّ عمل استدراكات وتعقبات على ذلك.
    وطمعاً في سرعة الإنجاز، توطئة لطباعة هذا القسم قبل أن يتسرب إلى النفس شئ من الضجر والملل ـ مما لا ينفك عنه أحد ـ، وقد يؤدي أيضاً إلى التوقف عن الفكرة أو إرجائها.
    وإشفاقاً على أخي الحبيب، الصابر بالله ـ كما لقبه أحد أفاضل علمائنا المعاصرين ـ حفظه لنا الله ـ وهو القائم على نشر كتاباتي، فإنني لم أعرف في الناشرين الذين تعاملت معهم عن كثب أصدق منه ولا أحرص على إخراج العلم الصحيح النافع للمسلمين ولا يزال ـ ثبته الله ـ صابراً على تسويقي في إنجاز بعض مصالحه ومصالح المسلمين، فاللهم زده صبراً، وسخره لإخراج ما ينفع الكافة. آمين.
    ومقصودي بالإشفاق عليه، ألا يعظم حجم الكتاب، بما يترتب عليه زيادة في تكاليف القيام على نشره. لذلك كله، رأيت الاقتصار على خمسة وعشرين حديثاً فحسب ـ كنظام ((البدائل المستحسنة)) ـ بحيث يبلغ حجم القسم منه ما يقارب حجم خمسين حديثاً من صنوة المتقدم ذكره. مع الرغبة في إعداد فهارس للرجال الذين تعرضت لهم بالقدح أثناء تخريج كل حديث أورده، وكذلك ما ورد في ثنايا الكتاب من أحاديث صحيحة استدللت بها، إلى جانب الفهرس الموضوعي بإذن الله. وسميته ـ بعد تردد ـ: ((تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع)) . وكان أحب إلى نفسي أن يكون اسمه بعيداً عن الإطراء والتزكية ـ حتى لا أكون أقرب إلى السلامة ـ، فكنت اخترت له اسمين آخرين، أحدهما:
    (1/4)
    ((إعلام الثقف بما لم يثبت بع رفع ولا وقف)) ، والثقف ـ بتسكين القاف وكسرها ـ: ((الحاذق الفطن النابه. والآخر: ((الشفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع)) . لكني وجدت ـ بعد استشارة أحد الأحباب ـ أن الأسمين يكتنفهما شئ من الغموض لا سيما الأول، فإن الشائع على ألسنة الناس في هذا العصر ألفاظ: ((المثقف)) و ((الثقافة)) و ((التثقيف)) مع غياب المعنى اللغوي الدقيق لها عن الكثيرين، والذي استفدناه من ((لسان العرب)) لابن منظور رحمه الله. ولفظة: ((الشفع)) أيضاً قد يخفى معناها على كثير من الناس، ومن فهمها قد لا يدرك مقصودي منها.
    ومن الملاحظ أنني قد تطرقت في هذا الكتاب ـ خاصة ـ إلى أمور ليس لها صلة مباشرة بالتخريج، كالحط على أدعياء التحقيق ـ ممن هم عنه بمنأى عدالة وضبطاً! ـ وإبداء الحرف والتخويف من الاغترار بالألقاب والتحصيل العلمي، ومن استمراء التردي في آفات القلوب كالعجب والرياء والسمعة والدعوى في العلم، وحب الرياسة والمشيخة نجانا الله بفضله ومنه وكرمه منها، وأعاننا على أنفسنا بالصد عنها، ولعل هذا الاتجاه مني ـ بما يتضمن التذكير لنفسي قبل الآخرين ـ، ناتج عما يراه المرء ويسمعه ويقرؤه ويبلغه لدى احتكاكه بساحة الواقع العلمي للمسلمين من مصر وغيرها، من باب القول المشهور المنسوب لأبي الدرداء رضي الله عنه: ((وجدت الناس: اخبر تقله)) . فهذا يقطع عنق أخيه ـ الناشئ في طلب العلم ـ بقوله عنه: ((ما رأيت مثله، وما رأى مثل نفسه)) كأنه ابن تيمية آخر! وآخر يجاهر، أو يفاخر، والله أعلم ـ وهو يطالبني برؤية إجازة شيخي رحمه الله إلى الإمام النووي رحمه الله ـ بأن ستة ـ فقط ـ من شيوخه بالإجازة مبتدعون، ويذكر كلاماً فيه أن الشيخ الفلاني قد أجازه رواية جمسع مصنفات ابن أبي الدنيا، يقولها ضاحكاً متعجباً. وثالث فتان، بدلاً من أن يقول للآباء الذين يلاحقون بناتهم، بل منهم من جرى وراءهن بالسكاكين كما حدثني الثقة المأمون! ـ: ((ارفعوا أيديكم عنهن، أعينوهن على الصون والعفاف)) ، يجلس لى الملأ قائلاً: ((خروجاً من الخلاف
    (1/5)
    في مسألة الحجاب والنقاب، نأذن للمرأة أن تستر جميع جسدها إلا الوجه والكفين)) ، كما أخبرني أخو الشدة والرخاء عفا الله عنه. ما هذا الفقه المتين، والقريحة الفاذة التي خرجت على الناس بهذا الهذيان؟ ! أفلا يعلم هذا الكائن أن معنى القاعدة الشرعية التي قررها الفقهاء: ((الخروج من الخلاف مستحب ما لم يوقع في خلاف آخر)) أن معنى ذلك الأخذ بأحوط الأقوال التي يتفق الجميع على مشروعيتها.
    أم هو يقصد أن الأنقياء والنقيات من أهل الصيانة والديانة سوف يرضخون لما قال، وبذلك يذوب الخلاف بين المسلمين في المسألة؟ ! احتمالان، أحلاهما مر، وقديماً قال أحدهم:
    فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة أو كنت تدري فالمصيبة أعظم
    ورابع يقول ـ عقب خطبته في الناس ـ: ((من كان عنده سؤال في كذا وكذا أو استفسار عن صحة حديث، فليذكره)) . مع أن هذا الخطيب نفسه ـ سامحه الله ـ قد حشا خطبته بأحاديث لا يحل ذكرها البتة. بل هو شاهد على نفسه أن أصاب في جميع العلوم خطأ، سوى ((علم الجرح والتعديل)) ، هكذا بالضم والله.
    فيا عباد الله، رحم الله امرأ عرف قدر نفسه (1) ، فلم يبخسها حقها، ولم يتعد حدوده أيضاً فيرفعها فوق قدرها. فهل آن لهؤلاء أن يكفوا عن الدعاوى العريضة، والمديح المردي، والألقاب الضارة. هل آن لنا أن نراقب القلوب، ونصلح من الألسن، ونتقي الله فنقول قولاً سديداً؟ هل آن لغير المختص في علم من العلوم أن يكف عن تلفيق قواعد وأصول لا سلف له فيها، ولم يحسن فهمها، حتى لا يأتي بالمضحكات المبكيات، قبل العرض على جبار الأرضين والسموات؟ وأن يتوب من دعوى استعداده الإجابة في كل ما يسأل عنه من تفسير أو حكم أو حديث بغير مسوغ؟ وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه ـ
    _________
    (1) جعله الشيخ محمد الغزالي عفا الله عنه حديثاً نبوياً في جريدة ((الشعب)) ليوم الثلاثاء 30 جمادى الآخر 1409هـ، 7 فبراير 1989م، ولا أعلم له أصلاً عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل هو أثر عن عمر بن عبد العزيز لم أتحقق من صحته.
    (1/6)
    فيما راوه الدارمي وغيره بإسناد صحيح عنه ـ: ((إن الذي يفتي الناس في كل ما يستفتى لمجنون)) : هذا ـ عباد الله ـ فيمن هو أهل، فكيف بمن ليس بأهل؟ ! .
    إذ لا يستطيع مسلم أن يرد القول بأن: ((النية هي المطية)) ، كما يردد أحد الأحبة دائماً، ولا أن ينفي أن رأس مال كل مسلم من عالم وطالب علم وعابد هو إخلاص العمل لله عز وجل، ومعالجة النية وتصحيحيها على الدوام. وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (( ... ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصح لأئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن
    دعوتهم تحوط من وراءهم (1)) .
    وثبت أيضاً أن صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((بشر هذه الأمة بالسناء، والدين، والرفعة، والنصر، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا، لم يكن له في الآخرة من نصيب (2)) . وقد كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يحترزون من أقوال وأفعال، نعدها نحن في هذه الأيام من التوافه والمحقرات. قيل لأحدهم: أدع الله لنا. قال: لا تحضرني لذلك نية. وكان شيخ الإسلام الأوزاعي رحمه الله ـ على إمامته وجلالته ـ يكره أن يرى معتماً يوم الجمعة وحده مخافة الشهرة، فكان يرسل إلى تلاميذه: الهقل وابن أبي العشرين وعقبة بن علقمة أن اعتموا اليوم فإني أكره أن أعتم. فيا سبحان الله، هلك الذين كانوا يحبون الخمول ويمقتون الشهرة، وكثرت عمائم العجب والخيلاء حتى ظن بعض من أرخى أربع أصابع أنه قد صار بذلك إمام المسلمين ـ وفيهم ـ يا أسفى ـ شباب في مقتبل العمر. وبعد كل ذلك، فلا يظنن ظان أنني أدعى لنفسي الإخلاص أو التجرد أو الرسوخ في العلم أو طهارة القلب من الآفات.
    _________
    (1) قطعة من حديث صحيح، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة عن زيد بن ثابت، وأحمد وابن ماجة والحاكم عن
    جبير بن مطعم، وأحمد بن أنس. وبقيت له طرق لا مجال لذكرها هنا.
    (2) حديث جيد الإسناد، رواه أحمد وابن حبان والحاكم والبيهقي وغيرهم عن أبي، وصححه غير واحد.
    (1/7)
    حاشا وكلا، على أنني أسألها الله عز وجل على الدوام، عسى أو يرزقنيها يوماً من الأيام، ويهديني فيمن هدى، فلا يطردني عن بابه، ولا يحرمني من جنابه.
    (أما) بشأن هذا الكتاب، فينبغي التنبيه على أنني قد أسسته على تضعيف الألفاظ لا المعاني، فما هو كتاب تصحيح مفاهيم، ولا تثبيت معاني، ولا خوض في أصول أو فروع، ولا ذكر بدائل، ولا تقرير معنى صحيح لآية. بل هو لدفع صحة صدور الألفاظ الواردة فيه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو أحد من السلف. نعم، قد أطرق إلى بعض هذه الأمور إن اقتضى المقام ذلك في بعض الأحيان. فمثلاً، إذا أثبت وضع حديث: ((أفضل الحسنات تكرمة الجلساء)) ، ووهاءه موقوفاً، فلا يلزمني إيراد ما ثبت مرفوعاً في ((أفضل الحسنات)) أو ((الأعمال)) ، أو أحبها إلى الله عز وجل، ولا إيراد ما صح في فضل إكرام الكرء جليسه. وهذا باب لو فتح لم ينغلق أبداً. وإذا ثبت ضعف حديث ما في تعيين: ((اسم الله الأعظم)) ، فلا يلزمني إيراد ما صح في هذا الباب من الأحاديث والآثار، على ألا يفهم مما قررته إهدار أهمية الإلحاح على الله عز وجل بدعوة ذي النون علي السلام: (لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين) ، بدليل أنني قد أوردت بعض ما صح في فضلها.
    وإذا حكيت تضعيف حديث: ((من استمع إلى آية من كتاب الله تعالى، كتب له حسنة مضاعفة ... )) ، فليس مقصدي البتة أن الاستماع إلى القرآن العظيم لا ثواب له، ولا فضل فيه. كيف، وقد جعل الله تعالى جزاءه رحمته التي وسعت كل شئ، (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) (1) ، وجعله تعالى مشهوداً تشهده ملائكة الرحمة المتعاقبة في العباد، (وقرآن الفجر. إن قرآن الفجر كان مشهوداً) (2) .
    _________
    (1) على أن الآية نزلت في القراءة خلف الإمام كما حكى الإمام أحمد رحمه الله الإجماع على ذلك. والأدلة متوافرة على ذلك كقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا ... ) الحديث.
    (2) وأحزنني أنني قد سمعت أحد الأحباب الطيبين يستدل بهذه الآية ـ حسب فهمه، على مشروعية التحلق بعد صلاة الفجر لقراءة القرآن في جماعة. وهذا فهم غير صحيح، بل ذهب الإمام مالك رحمه الله إلى أن التحلق المذكور من الأمور المحدثة. نعم، ثبت ذلك عن بعض تابعي أهل العراق، ولكن الحق أحق أن يتبع، ومجموع الوارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأبى ذلك في هذا الوقت خاصة، فانظر رسالة ((أخذ الجنة)) (ص52: 57) .
    (1/8)
    فالمقصد أن القضية قضية تصحيح وتضعيف ألفاظ لا معاني، و ((رحم الله امرءا قال خيراً، أو سكت فسلم)) .
    هذا، وقد حرصت في هذا الكتاب على الترضي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والترحم على تابعيهم بإحسان ـ في أغلب المواضع ـ، والدعاء لأئمة المسلمين، وتوقيرهم بما يستحقون من الألفاظ الدالة على إمامتهم ومنزلتهم العلمية، مع ترك الإغماض عما يقع في كلام بعضهم على الأحاديث من السهو والخطأ اللذين لا ينفك عنهما بشر، بما يتبين لي أنه الحق والصواب إن شاء الله تعالى، سائلاً إياه أن يصلح النية ويجعله نصحاً لوجهه، مجرداً من شهوة النفس وحظ الشيطان.
    إنه على كل شئ قدير، وبالإجابة جدير.
    وكتبه: محمد عمرو بن عبد اللطيف بن محمد. ثم الفراغ منها صبيحة يوم الجمعة الموافق الحادي عشر من رجب 1409هـ.، والسابع عشر من فبراير 1989م.
    (1/9)
    الحديث الأول:
    ((إذا جعلت إصبعيك في أذنك، سمعت خرير الكوثر)) . موضوع. رواه الدارقطني كما في ((الجامع الصغير)) (553) عن عائشة، رضي الله عنها. وما هو في ((سننه)) المتبادرة لدى الإطلاق، فلعله في غيرها.
    وقال الحافظ المناوي رحم الله في ((الفيض)) (1/327) : ((رمز لضعفه ـ يعني السيوطي ـ، ومن حكى أنه رمز لصحته أو حسنه فقد وهم، وبين السخاوي وغيره أن فيه وقفاً وانقطاعاً، لكن يعضده ما رواه الدارقطني أيضاً عن عائشة (يعني مرفوعاً) : ((إن الله أعطاني نهراً في الجنة لا يدخل أحد إصبعيه في أذنيه إلا سمع خريره)) قالت: فكيف؟ قال: ((أدخلي إصبعيك وسدي إذنيك منهما خريره)) اهـ. قلت: وأورده الشيخ الألباني حفظه الله في ((ضعيف الجامع)) (1/170) وقال: ((موضوع)) وأحال على كتاب ((تذكرة الموضوعات)) للشيخ الفتني رحمه الله.
    (وروى) عن عائشة رضي الله عنها ـ مرفوعاً ـ بسند ضعيف ومنقطع كما تقدمت الإشارة إلأى ذلك عن الحافز السخاوي رحمه الله. ففي ((زهد هناد)) (141) و ((تفسير الطبري)) (30/207) عن وكيع عن أبي جعفر الرازي عن ابن أبي نجيح عنها قالت: ((من أحب أن يسمع خرير الكوثر، فليجعل إصبعيه في أذنيه)) . ورواه الطبري عن ثقتين عن أبي جعفر الرازي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن رجل عنها بنحوه. وروى البيهقي في ((البعث)) (130) من طريق يونس بن بكير عن عيسى عن عبد الله التميمي (هو جعفر الرازي) عن ابن أبي نجيح قال ـ في قوله (إنا أعطيناك الكوثر) قال: ((نهر في الجنة. وقالت عائشة: هو نهر في الجنة، ليس أحد يدخل ... )) الأثر. قلت: وإسناده ضعيف، مداره على أبي جعفر الرازي، قال الحافظ رحمه الله في ((التقريب)) (8019) : ((صدوق سئ الحفظ خصوصاً عن مغيرة)) . وأما الانقطاع، فقال
    (1/10)
    الحافظ العلائي رحمه الله في ((جامع التحصيل)) (406) : ((عبد الله بن أبي نجيح يسار المكي، ذكره ابن المديني فيمن لم يلق أحداً من الصحابة رضي الل عنهم ... )) قلت: فقول العلامة الألباني حفظه الله في ((الصحيحة)) (216) ـ في حديث آخر يرويه ابن أبي نجيح عن عائشة ـ: ((قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين ولكنه منقطع بين ابن أبي نجيح ـ واسمه عبد الله ـ وعائشة، فإنه لم يسمع منها كما قال أبو حاتم، خلافاً لابن المديني، ووقع التصريح بسماعه منها في ((صحيح البخاري)) فالله أعلم)) اهـ.
    هو وهم منه عفا الله عنه، فإن الكلام الذي ذكره يتعلق بمجاهد بن جبر رحمه الله ـ أحد شيوخ ابن أبي نجيح ـ لا بد به هو، فانظر ((الجرح والتعديل)) (8/319) و ((جامع التحصيل)) (736) و ((التهذيب)) (10/42-43) يتبين لك صحة ما ذكرت، والله الذي لا إله إلا هو، ما أوردت هذا الحديث، ولا جعلته أول حديث في هذا الكتاب من أجل توهيم شيخنا الجليل، وما كان هذا على بالي قط حين اخترت هذا الحديث، ولكنني أثناء البحث عن قضية سماع ابن أبي نجيح من الصحابة تذكرت تعليقاً قديماً لي على نسختي من ((الصحيحة)) فرأيت من اللائق إيراده في هذا المقام تنبيهاً للشيخ ونصيحة للقراء.
    والمقصود أن رواية ابن أبي نجيح عن عائشة منقطعة ـ على ما في رواية وكيع ويونس بن بكير ـ، أما على رواية أبي النضر وشبابه ـ عند الطبري ـ ففي الإسناد رجل مجهول العين لم يسم. ولا مانع من أن يكون ابن أبي نجيح قد رواه تارة عن مجاهد عنه عن عائشة، وتارة كان يرسله عنها لولا أن أبا جعفر الرازي ضعيف في حديثه خلل واضطراب كثير، فلعله هو الذي كان يضطرب فيه. والعلم عند الله تعالى.
    وهذا الحديث ـ لنكارته ـ اضطر بعض العلماء إلى تأويله. قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((حادي الأوراح)) (ص148-149) : ((وقالت عائة: ... )) فذكره، قال: ((وهذا معناه ـ والله أعلم ـ أن خرير ذلك النهر يشبه الخرير الذي يسمعه حين يدخل إصبعيه في أذنيه)) . وقال المناوي:
    (1/11)
    ((قال ابن الأثير (1) : معناه: من أحب أن يسمع خرير الكوثر أي نظيره أو ما يشبهه ـ لا أنه يسمعه بعينه ـ بل شبيه دويه بدوى ما يسمع إذا وضع إصبعيه في أذنيه)) اهـ. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم الكثير في صفة الكوثر، بدون هذه العبارة، فالله أعلى وأعلم.
    _________
    (1) والذي وجدته في ((النهاية)) (2/21) لابن الأثير رحمه الله: ((وفي حديث ابن عباس: ((من أدخل أصبعيه في أنيه سمع خرير الكوثر)) خرير الماء: صوته، أراد مثل صوت خرير الكوثر)) اهـ. فالله أعلم أين قاله باللفظ الذي ساقه المناوى، ولم أجده أيضاً من حديث ابن عباس.
    (1/12)
    *************************
    ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
    تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع
    الحديث الثاني:
    ((إذا عسر على المرأة ولدها أخذ إناء نظيفاً (1) يكتب فيه: (كأنهم يوم يرون ما يوعدون) إلى آخر الآية، و: (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) و: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) إلى آخر الآبة، ثم يغسل ويسقي المرأة منه، وينضح على بطنها وفرجها)) . ضعيف جداً أو موضوع. رواه ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (619) من طريق عبد الله بن محمد بن المغيرة حدثنا سفيا الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً به. وابن المغيرة هذا واه، أتهم. قال العقيلي: ((وكان يخالف في بعض حديثه، ويحدث بما لا أصل له)) . وقال النسائي: ((روى عن الثوري ومالك بن مغول أحاديث كانا أتقى لله من أن يحدثا بها)) . وأورد له الحافظ الذهبي رحمه الله في ((الميزان)) (2/487-488) أحاديث، وقال: ((قلت: وهذه موضوعات)) . وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن الكوفي القاضي، قال الحافظ (6081) : ((صدوق سئ الحفظ جداً)) . والحديث أورده الهندي رحمه الله في ((كنز العمال)) (10/64) من رواية ابن السني بلفظ: ((إذا عسر على المرأة ولادتها خذ إناء نظيفاً فاكتب عليه ... )) وفيه: ((ثم يغسل وتسقى المرأة منه وينضح على بطنها وفي وجهها)) . ولا يبعد أن يكون هذا هو لفظه الصحيح قبل أن تتناول الكتاب أيدي التحريف وقلة الدقة في التحقيق، ثم يدعى تخريج أحاديثه من لا ناقة له ـ في هذا الشأن ـ ولا جمل، ممعناً في إيهام القراء أنه ملتزم أو متمكن ـ والله أعلم ـ إذ يكتب على طرته: ((حققه فلان بن فلان)) ! ثم كأنه تدارك الأمر فقال في طبعة أهرى: ((خرج أحاديثه وعلق عليه)) وحذف لفظ: ((ابن)) ، فالله المستعان.
    ولا أقول هذا مقراً على نفسي بالتحقيق الذي يدخل فيه النظر في المخطوطات
    _________
    (1) في النسخة المتدوالة من ((ابن السني)) : ((أخذ إناء لطيفاً)) . والظاهر أنه تحريف صوابه هذا، أو: ((أخذ إناء نظيف)) . فالله أعلم.
    (1/13)
    والبراعة في قراءتها وفك رموزها، بل أشهد على نفسي أيضاً لا باع لي في هذا الأمر، ولذلك لم يسند إلى تحقيق كتاب مخطوط حتى هذه اللحظة. فمن كتب على طرة كتاب: ((آداب حملة القرآن)) للإمام الآحري رحمه اله ـ محولاظً اسمه إلى: ((أخلاق أهل القرآن)) ـ: ((حققه وخرج أحاديثه الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف)) ـ وما حققته ولا رأيت مخطوطته بل نقلها غيري ـ أقول: من كتب ذلك، فقط غلط عليّ. وقد دعا ذلك البعض إلى اتهامي بالتصرف في اسم الكتاب باعتباري محققه ثم إن الناشر وصمني بمشيخة لست لها بأهل دون استشارتي في ذلك. وما أنا إلا عبد مذنب فقير إلى رحمة ربه الجليل، وطالب علم لم يزل في بداية الطريق. نعوذ بالله من انتحال المشيخة قبل الأوان، ومن الاغترار بما وهبنا الرحمن تبارك وتعالى من بعض فهم لقواعد علم ((مصطلح الحديث)) وأحوال طائفة من رجال الحديث ومراتبه. وما هذا ـ وحده ـ علم الحديث بفنونه وتقاسيمه، على قصور وقلة بلع، وجهل تاك أحياناً في بعض فروع العلم. ومن نظر بعين البصيرة علم أن الفضل لله تعالى وحده يسلبه متى شاء ـ ويؤتيه من يشاء (وفوق كل ذي علم عليم) .
    وبعد، فقد (روى) هذا الحديث أيضاً موقوفاً على ابن عباس رضي الله عنهما من طريق أخرى عن الثوري، وعن غيره عن ابن ليلى بنحوه، ففي ((مصنف ابن أبي شيبة)) (7/385) : ((حدثنا علي بن مسهر عن ابن أبي ليلى به ... )) فذكره.
    ولفظة: إذا عسر على المرأة ولدها فليكتب هاتين الآيتين والكلمات في صحفة ثم تغسل فتسقى منه: بسم الله لا إله إلا هو الحليم الكريم. سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم: 0 كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) ،: (كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار. بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) . وقال حمزة بن يوسف السهمي رحمه الله في ((تاريخ جرجان)) (ص229) : ((قرأت في كتاب (الطب) لأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم البحري: أعطاني أبو عمران إبراهيم
    (1/14)
    ابن هانئ كتاباً له (في الأصل ـ محرفاً ـ كتاب الله) عن شجاع بن صبيح عن مصعب بن ماهان عن الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ... )) فذكره لأخصر مما قبله، وفيه: ((قال سفيان: يكتب بعسل أو زعفران أو نحوهما ثم يغسله فتشربها المرأة)) . ومدار الطريقين على أن ابن أبي ليلى، وقد تقدم ذكره. وفي إسناد السهمي ـ سواه ـ: ((مصعب بن ماهان)) ، وهو مختلف فيه، وقال الحافظ (6694) : ((صدوق عابد كثير الخطأ)) . والراوي عنه لم يذكر فيه السهمي (367) جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك أبو عمرن إبراهيم ابن هانئ (139) على جلالة ترجمته عنده. فقوله في هذا الإسناد: ((عن الحكم عن مقسم)) بدلاً من: ((عن سعيد بن جبير)) إن لم يكن من سوء حفظ ابن أبي ليلى واضطرابه، فهو من قبل أحد هؤلاء. فالله أعلم.
    ومع ضعف هذا الأشر، فقد عمل به الإمام أحمد رحمه الله. قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((زاد المعاد)) (3/180) : ((كتاب لعسر الولادة. قال الخلال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام (1) أبيض أو شئ نظيف، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنه ... )) فذكره. وقال ((قال الخلال: أنبأنا أبو بكر المروذي (2) أن أبا عبد الله جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله تكتب لامرأة قد عسر عليها ولدها منذ يومين، فقال: قل له يجئ بجام واسع وزعفران. ورأيته يكتب لغير واحد ... )) . قلت: وفي هذا دليل على أن الإمام أحمد رحمه الله كان يأخذ بالأحاديث والآثار الضعيفة إذا لم يجد في الباب غيرها، ولم يكن هناك ما يدفعها، والله أعلم.
    _________
    (1) قال ابن منظور في ((لسان العرب)) (1/731) : ((والجام إناء من فضة، عربي صحيح ... )) .
    (2) في الأصل: ((المروزي)) بالزاي. وهذا خطأ شائع في هذه النسخة، راج على محققي الكتاب أو لم يباليا به في الطبعة التي حققاها (4/357) . والروذي نسبة إلى ((مرو الروذ)) أو المروزي فنسبة إلى ((مرو)) ، وأبو بكر هذا يعد أجل أصحاب الإمام أحمد رحمهما الله.
    (1/15)
    فائدة: وقد روى ابن السني (620) - عقب حديث ابن عباس الذي تقدم الكلام عنه - حديثاً آخر مرفوعاً بإسناد أتلف منه بكثير، من طريق عبيد الله عن محمد بن خنيس (في الأصل: عبد الله ـ مكبراً - وهو تحريف) حدثني موسى ابن محمد بن عطاء حدثنا بقية بن الوليد حدثني عيسى بن إبراهيم القرشي عن موسى بن أبي حبيب قال: ((سمعت علي بن الحسين يحدث عن أبيه عن أمه فاطمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لما دنا ولادها - أمر أم سليم وزينب بنت جحش أن تأتيا فاطمة فتقرءا عندها آية الكرسي و: (إن ربكم الله ... ) إلى آخر الآية، وتعوذاها بالمعوذتين)) . وهذا إسناد قد هلهل (1) بالمرة، وفيه الآتي:
    1- عبيد الله بن محمد بن خنيس، وهو الدمياطي، وقيل: الدمشقي. ترجمة بن عساكر
    في ((تاريخه)) (10/732-733) برواية جماعة عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
    2- وشيخه موسى بن محمد بن عطاء، وهو البلقاوي الدمياطي المقدسي، أحد التلفاء.
    قال العقيلي: ((يحدث عن الثقات بالبواطيل والموضوعات)) . وقال ابن حبان وغيره: ((كان يضع الحديث)) . وكذبه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان. فالظاهر أنه من وضعه.
    3- وعيسى بن إبراهيم القرشي، وهاه ابن معين وقال أبو حاتم والنسائي: ((متورك)) .
    4- وشيخه موسى بن أبي حبيب، وهو الحمصي. ضعفه أبو حاتم. وقال الذهبي في ((الميزان)) (4/202) : ((وخبرة ساقط)) . قلت: ومن قرائن تهافت هذا الحديث واختلافه، أن الزهراء رضي الله عنها ماتت بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بستة أشهر، والحسين رضي الله عنه لم يزل غلاماً صغيراً، فمتى حدثته فاطمة بذلك عن جده المعصوم صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ ! .
    _________
    $! هذه العبارة استخدمها الحافظ المناوى رحمه الله، في حديث آخر لا أذكره الآن.
    (1/16)
    وهذا الحافظ الطبراني ((رحمه الله)) - على سعة روايته - لم يورد في ((معجمه الكبير)) (22/414-415) من رواية الحسين عنها إلا حديثين، في أحدهما الحكم عبد الله الأيلي، وهو وضاع. وفي الآخر جماعة لم يعرفهم الهيثمي، وفيه أيضاً: جندل بن والق، صدقه أبو حاتم ووثقه ابن حبان. أما مسلم فقال: متروك الحديث. ولينه البزار. والمتن الذي رواه ظاهر البطلان في فضل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه (1) . أما عامة ما أورده الطبراني للزهراء رضي الله عنها فلا يكاد يسلم منها حديث، إما وهاه في الإسناد، أو كونه من مسند غيرها لا من مسندها هي. أو مما حدثت به عائشة رضي الله عنها قبيل أو عقيب وفاته صلى الله عليه وعلى آله وسلم - من وراية مخصوصة بعينها -، وهذا ما تبين لي من مجموع هذه الروايات: (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) .
    _________
    $! وما شاع بين المسلمين في تخصيص علي بقولهم: ((كرم الله وجهه)) ، فيما لم أقف له على أصل، ولا ثبوت عن أحد السلف المتقدمين. وهؤلاء الرافضة أخزاهم الله، لا يعجبهم من أهل السنة أن يقولوا: ((رضي الله عنه)) ولا ((كرم الله وجهه)) ، بل يصرون على تخصيصه وغيره من آل البيت بلفظة: ((عليه السلام)) ، كلمة حق أريد بها باطل!!
    (1/17)
    الحديث الثالث:
    ((إذا كثرت ذنوب العبد، ولم يكن له ما يكفرها من العمل، ابتلاه الله عز وجل بالحزن ليكفرها عنه)) ضعيف. رواه الإمام أحمد (6/157) - واللفظ له - والبزار (3260) كشف الأستار) وأبو نعيم في ((أخبار أصبهان)) (2/189) وعنه ابن رشيد الفهري في ((ملئ العيبة) (3/3880389) والخطيب (6/88) من طريق حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن عائشة مرفوعاً. وكذلك الديلمي كما في ((الفردوس)) (1332) ، قال الحافظ في ((تسديد القوس)) - ونقله المحققان -: ((أحمد وأبو الشيخ من رواية مجاهد عن عائشة)) . وقال البزار: ((لا نعلم رواه بهذا الإسناد إلا وائدة، ولا عنه إلا حسين)) اهـ. قلت: وهو إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح سوى ليت ـ وهو ابن أبي سليم الكوفي ـ، فضعيف اختلط كما يأتي مفصلاً بإذن الله. وكلام الحافظ البزار رحمه الله، إليه المنتهى في الدقة، فقد روى الحديث عن ليث أيضاً بإسناد ومتن سوى هذا.
    وقال الحافظ المنذري رحمه الله في ((الترغيب)) (4/537) : ((رواه أحمد، ورواته ثقات إلا ليث بن أبي سليم)) .
    وذكره الحافظ الهيثمي رحمه الله في ((المجمع)) في موضعين، فقال في الأول (2/291) : ((رواه أحمد، وفيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات)) . وقال في الثاني (10/192) : ((رواه أحمد والبزار، وإسناده حسن)) . كذا قال.
    وقال الحافظ العراقي رحمه الله - كما في ((تخريج الإحياء)) (3319) -: ((تقدم أيضاً في ((النكاح)) ، وهو عند أحمد من حديث عائشة: ((ابتلاه الله بالحزن)) النتهى. قلت (القائل: الزبيدي) : ذكر هناك أن فيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه، ولفظ أحمد في ((المسند)) ... ، حتى قال: ((ولكن حسن السيوطي
    (1/18)
    وكأنه رجح جانب التوثيق فيه، والله أعلم)) . قلت: كلا، بل لعله ذهول أو غير ذلك، فإن ليثاً عند الحافظ السيوطي رحمه الله من المقطوع بضعفهم، بل حكم ببطلان بعض أحاديث له من جهة المتن كما يأتي في الحديث التاسع عشر بإذن الله. والحديث في ((الجامع الصغير)) (838) مرموزاً له بالحسن.
    قال المناوى (1/343) - بعد حكاية كلام المنذري والعراقي والهيثمي -: (( ... وقد رمز المصنف لحسنه)) .
    أما الإسناد الآخر الذي أشرنا إليه، فهو ما رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (2/3/134/ب) من طريق أحمد بن عمران الأخنسي قال: سمعت أبا بكر ابن عياش وعبد الرحمن المحاربي عن ليث عن الحكم بن عتيبة رفعه قال: ((إذا كثرت ذنوب العبد ... )) ، فذكره بنحو مما تقدم.
    والأخنسي هاذ واه، قال أبو زرعة: ((كتبت عنه ببغداد، وكان كوفياً، وتركوه)) . وقال البخاري والأزدي: ((منكر الحديث)) ، ومع ذلك وثقه ابن عدي وقال ابن حبان في ((ثقاته)) : ((مستقيم الحديث)) . وقد توبع على روايته عن أبي بكر بن عياش وحده - فيما أعلم - بلفظ يختلف عن هذا، فعند عبد الله ابن الإمام أحمد في ((زوائد الزهد)) (ص10) وعند الخطيب (7/111) عن بيان ابن الحكم حدثنا محمد بن حاتم أبو جعفر عن بشر بن الحارث (1) أبنأنا أبو بكر بن عياش عن ليث عن الحكم مرفوعاً: ((إذا قصر العبد في العمل، ابتلاه الله بالهم)) .
    ورواه أيضاً الديلمي كما في ((الفردوس)) (1147) ، بلفظ: ((بالحزن)) . قال الحافظ في (تسديد القوس)) : ((الحكم بن عمير)) يعني أن الحكم الذي أرسل هذا الحديث هو ابن عمير المجهول الذي لم تثبت صحبته من وجه يعتمد عليه، وليس الحكم بن عتيبة الفقيه الكوفي المشهور، ولا أدري ما حجة الحافظ رحمه الله في هذا الجزم، وليث لم أجد له رواية لا عن هذا ولا عن ذاك -، مع أن الأشبه أن يكون بلديه الحكم بن عتيبة -، والحديث في الحالين غير متصل،
    _________
    $! ثم وجدته في ((الحلية)) (8/344) عن بشر موقوفاً عليه بلفظ: ((إذا قل عمل العبد ابتلى بالهم)) . وشيخ أبي نعيم فيه: أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم وهو واه ليس بثقة.
    (1/19)
    أما رواية الأخنسي المتقدمة،، والتي تنص على أنه: ((ابن عتيبة)) ، فلا يؤبه لها. وله علة أخرى. ففي الإسناد أيضاً: بيان بن الحكم، ترجمة الخطيب في ((تاريخ بغداد)) من رواية عبد الله عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال الذهبي في ((الميزان)) (1/356) : ((لا يعرف)) ، وذكر له هذا الحديث وقال: ((معضل)) .
    ونخلص من ذلك أن الإسناد إلى أبي بكر بن عياش والمحاربيعن ليث لم يثبت أصلاً، وأن الصحيح عن ليث - على ضعفه - روايته عن مجاهد عن عائشة موصولاً باللفظ الأول. ومن أجل ذلك تركت إعلاله بابن عياش إذ لا مدخل له فيه. والأصل فيه القبول والتوثيق ما لم تثبت مخالفته للأثبات، ولم تثبت.
    (ملحوظة) : ولا يغتر برواية الخطيب للحديث، بلفظ: ((إذا كان للعبد ذنوب وخطايا ولم يكن له عمل صالح، ابتلى بالغموم والأحزان ليكون كفارة لذنوبه)) . ففي إسنادها - سوى ليث -: عمربن مدرك الرازي وهو متروك كذب، فلعل هذه التزيدات منه، والراوي عنه لم يذكر فيه الخطيب جرحاً ولا تعديلاً. وشيخه لم أهتد به إليه.
    (أما) الراوية الموقوفة، فقد روى بعض الرافضة هذا الحديث عن الحكم ابن عتيبة، فألصقوه بجعفر الصادق رحمه اللله، ففي ((أمالي المفيد)) (ص24،23) من طريق الحسين بن سعيد، عن ابن أ [ي عمير، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن الحكم بن عتيبة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ((إذا العبد إذا كثرت ذنوبه)) اهـ. وفي إسناده جماعة من الشيعة الذين لا يوثق بهم، والذين لا يتبين ضدقهم من كذبهم، والذين قال فيهم الذهبي رحمه الله في ((الميزان)) (1/5-6) - لدى كلامه عن البدعة الصغرى والبدعة الكبرى -: (( ... ثم بدعة كبرى، كالرفض الكامل والغلو فيه والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة. وأيضاً فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلاً
    (1/20)
    صادقاً ولا مأموناً، بل الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارهم، فكيف يقبل نقل من هذا حاله! حاشا وكلا. فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً رضي الله عنه، وتعرض لسبهم. والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة، ويتبرأ من الشيخين أيضاً، فهذا ضال معثر ... )) قلت: والذي وقعت على كلام فيه الآن منهم: ((الحسين بن سعيد)) . قال الحافظ في ((اللسان)) (2/284) : ((ذكره الطوسي والكشي في الراوة عن علي بن موسى الرضا وغيره، له تصانيف. روى عن الحسين بن الحسن بن أبان وأحمد بن محمد بن عيسى القمي)) . قلت: وإسماعيل بن إبراهيم - رواية عن الحكم - لم أدر من يكون؟ وانظر ترجمة المفيد نفسه، واسمه: ((محمد بن محمد بن النعمان البغدادي)) في ((السير)) (17/344-345) و ((اللسان)) (5/368) . والله الهادي إلى سواء السبيل، لا رب سواه.
    أقول: ومن أمارات كونه ملصقاً بجعفر بن محمد رحمهما الله، أنني لم أجد للحكم رواية عنه في ترجمة كل منهما من ((تهذيب الكمال)) مع أنع لا يحسن إغفال مثل ذلك، فالله أعلى وأعلم.
    استدراك:
    وراوي الأثرعن الحسي بن سعيد: أحمد بن محمد بن عيسى القمي وجدته بعد في ((اللسان)) (1/260) وقال: (( ... شيخ الرافضة بقم. له تصانيف شهيرة..)) .
    وقد أسندوه أيضاً إلى علي رضي الله عنه بلفظ: ((من قصر بالعمل ابتلى بالهم..)) كما في ((النهج)) وعزاه صاحب ((مصادر نهج البلاغة وأسانيده)) (4/113) إلى كتاب ((غرر الحكم)) (ص295) ، وهو محذوف الأسانيد، لم أجد لمؤلفه ترجمة.
    (1/21)
    ( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
    تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع
    الحديث الرابع:
    إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أري الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمال أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر)) .
    ضعيف. رواه الإمام مالك رحمه الله في ((الموطأ)) (1/99) - (تنوير الحوالك للسيوطي) من رواية يحيى بن يحيى عن زياد ب عبد الرحمن عنه أنه سمع من يثق به من أهل العلم يقول: ... فذكره. وهذا إسناد ضعيف لعدم اتصاله، عن رجل أبهمه الإمام مالك رحمه الله - مع إخباره بوثوق به- على خلاف عند أهل العلم في قبول المبهم بصيغة التعديل. فعلى القول بقبول ذلك منه - رحمه الله - فالإسناد مرسل إن كان شيخه هذا تابعياً، وإلا فمعضل والعلم عند الله تعالى.
    قال الحافظ السيوطي رحمه الله في ((التنوير)) : ((قال ابن عبد البر: هذا لا يعرف في غير ((الموطأ)) لا مسنداً ولا مرسلاً , وهو أحد الأحاديث التى انفرد بها مالك. قلت: لكن له شواهد من حيث المعنى مرسلة، فأخرج ابن أبي حاتم ... )) فذكر ما سنورده ونجيب عنه بحول الله وقوته. وعن مالك رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) كما في ((الدر المنثور)) (6/371) .
    (وروى) معناه من حديث ابن عباس، ومرسل مجاهد، معضل علي بن عمرة الدمشقي 0 أحد الهلكي -، ومن مقطوع مجاهد - ببعضه - حكاية عن بني إسرائيل - دون أن يصرح برفعه -، مرسلاً بباقيه كما يأتي.
    (أما) حيث ابن عباس، فقال الإمام البغوي رحمه الله في (تفسيره)) (4/512) : ((قال عطاء عن ابن عباس: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألأف شهر، فعجب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لذلك، وتمنى ذلك لأمته فقال:
    (1/22)
    يارب جعلت أمتي الأمم أعماراً وأقلها أعمالاً، فأعطاه الله ليلة القدر، فقال: (ليلة القدر خير من ألف شهر) التي حمل فيها الإسرائيلي السلاح في سبيل الله، ولأمتك إلى يوم القيامة)) . هكذا علقه البغوي، ولم يسق سنده به إلى أعطاء. ففي القلب من ثبوته عند ارتياب كبير، بل أكاد أقطع بذلك. ولذلك لم يعرج عليه ابن عبد البر وابن كثير والسيوطي رحمهم الله - إن كانوا وقفوا عليه - مع توافر الدواعي والهمم على إيراده موصولاً عن ابن عباس، وإعطائه الأولوية على مرسل مجاهد وقوله.
    (وأما) مرسل مجاهد، فرواه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) كما في ((تفسير الحافظ ابن كثير)) رحمه الله (4/530) ، والبيهقي في ((سننه)) (4/306) والواحدي في ((أسباب النزول)) (ص339-340) من طرق عن مسلم ابن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر رجلاً من بني إسرائيل ليس السلاح في سبيل ألف شهر. قال: فعجب المسلمون من ذلك. قال: فأنزل الله عز وجل (إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر) التي ليس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل ألف شهر)) . قال البيهقي: ((وهذ مرسل)) اهـ.
    ولا يثبت إسناده إلى مجاهد أيضاً، فإن الزنجي ضعيف عند البيهقي نفسه والجمهور، فقد قال البيهقي (2/495) - عقب حديث مرسل رواه -: ((وقد روي بإسناد موصول إلا أنه ضعيف)) ثم رواه من طريق الإمام أبي داود رحمه الله بسنده إلى مسلم بن خالد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً، وقال: ((قال أبو داود: هذا الحديث ليس بالقوي، مسلم بن خالد ضعيف)) . قلت: ودلني على رأي البيهقي فيه الإمام ابن التركماني رحمه الله، إذ قال تعليقاً على حديث آخر رواه البيهقي (8/123) - في القسامة (1) - واحتج به للشافعية ساكتاً عنه: ((قلت: في إسناده لين، كذا
    _________
    $! قال ابن الأثير في ((النهاية)) (4/62) : ((القسامة بالفتح: اليمين، كالقسم. وحقيقتها أن يقسم من أولياء الدم خمسون نقراً على استحقاقهم دم صاحبهم، إذ وجدوه قتيلاً بين قوم ولم يعرف قاتله، فإن لم يكونوا خمسين أقسم الموجودون خمسين يميناً، ولا يكون فيم صبي، ولا امرأة، ولا مجنون، ولا عبد، أو يقسم بها المتهمون على نفي القتل عنهم، فإن حلف المدعون استحقوا الدية، وإن حلف المتهمون لم تلزمهم الدية، وقد أقسم يقسم قسماً وقسامة إذا حلف ... )) .
    (1/23)
    في ((التمهيد)) . وذلك أن الزنجي ضعيف. كذا قال البيهقي في باب من زعم أن التروايح بالجماعة أفضل. وقال ابن المديني: ليس بشئ. وقال أبو زرعة والبخاري: منكر الحديث..)) الخ. ومرسل مجاهد رواه أيضاً ابن المنذر في ((تفسيره)) كما في ((الدر المنثور)) .
    (وأما) معضل علي بن عروة - وهو أوهاها جميعاً إن لم يكن إسناد حديث البغوي إلى عطاء شر منه -، فقد رواه ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب حدثني مسلمة بن علي عن علي بن عروة قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوماً أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين عاماً لم يعصوه طرفة عين، فذكر أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون. قال: فعجب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ذلك، فأتاه جبريل فقال: يا محمد: عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة لم يعصوه طرفة عين، فقد أنزل الله خيراً من ذلك، فقرأ عليه: (إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر) هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك. قال: ((فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والناس معه)) . وفي هذا الإسناد مسلمة بن علي، وهو الخشني الدمشقي البلاطي، متروك كما في ((التقريب)) (6662) ، وقال الحاكم: ((روى عن الأوزاعي والزبيدي المناكير والموضوعات)) . وحكم أبو حاتم الرازي على أحاديث رواها بالبطلان. وشيخه على بن عروة هو القرشي الدمشقي أيضاً متروك مثله كما قال الحافظ (4771) ورماه صالح بن محمد جزرة وابن حبان بالوضع. ومع ذلك فالإسناد أيضاً معضل.
    (1/24)
    (وأما) موقوف مجاهد، فرواه الطبري (30/167) عن شيخه محمد بن حميد الرازي عن حكام بن سلم عن المثنى بن الصباح عنه قال: ((كان بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي، ففعل ذلك ألف شهر، فأنزل الله هذه الآية (ليلة القدر خير من ألف شهر) قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل)) . نعم، ذكر نزول الآية حكمة حكم المرفوع المرسل - ولا بد - أما الحكاية عن بني إسرائيل فلم يبين مجاهد عمن تلقاها، ولا تحمل هذه الرواية على سابقتها المرسلة عنه لعدم ثبوت في كل. ومع ذلك، فإسناد هذه أوهى بكثير، فلا يصلح شاهداً ولا مشهوداً له. ومحمد بن حميد الرازي - مع أنه معدود في الحفاظ - لكنه متهم بالكذب وغيره من القبائح، وقد وهاه جماعة وصرح أبو زرعة وأبو حاتم وابن وارة - الرازيون - وصالح جزرة وابن حراش بتكذيبه، وبين بعضهم أنه كان يقلب الأحاديث عمداً ويأخذ أحاديث الكوفيين فيرويها عن الرازيين. نعم، ولم يتبين أمره لابن معين فوثقه هو وغير واحد.
    والمثنى بن الصباح - راويه عن مجاهد - هو اليماني الأبناوي، نزيل مكة. وهو واه، اتفقوا على تضعيفه - بإستشناء رواية فيه نظر عن ابن معين -، ووهاه الإمام أحمد ويحيى القطان والنسائي والساجي وابن الجنيد وابن عدي والدارقطني.
    (هذا) والصحيح في تفسير الآية خلاف ذلك، فقد قال الإمام الطبري رحمه الله (30/167-168) - بعد أن ذكر رواية أخرى أنكر من هذه تفسر نزول السورة بسبب يتعلق بملك بني أمية! -: ((وأشبه الأقوال في ذلك بظاهر التنزيل قول من قال: عمل في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر ليس فيها ليلة القدر. وأما الأقوال الأخرى فدعاوى معانٍ باطلة لا دلالة عليها من خبر ولا عقل، ولا هي موجودة في التزيل)) . قلت: وهذا الذي رجحه الطبري مروي عن مجاهد وقتادة والإمام الشافعي وغيرهم. قالالحافظ بن كثير رحمه الله (4:531) : ((وهذا القول بأنها أفضل من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر
    (1/25)
    هو اختيار بن جرير، وهو الصواب لا م عداه. وهو كقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((رباط ليلة في سبيل الله، خير من ألف ليلة فيما سواه من المنازل)) .رواه أحمد. وكما جاء في قاصد الجمعة بهيئة حسنة ونية صالحة أنه يكتب له عمل سنة أجر صيامها وقيامها إلى غير ذلك من المعاني المشابهة لذلك)) اهـ. والله أعلم. قلت: يعني بالثني قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من غسل واعتسل يوم الجمعة ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا واستمع ولم بلغ، كان له بكل خطوة يخطوها، عمل سنة، صيامها وقيامها)) . وهو في ((صحيح الجامع)) (5/325) بنحوه. أما الأول، فلم أجده عند أحمد وكذا الترمذي والنسائي والحاكم إلا بلفظ: ((رباط يوم ... خير من ألف يوم)) . وإسناده حسن، وقال الترمذي: ((حسن صحيح غريب)) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وضعفه الشيخ الألباني في تخريج ((المشكاة)) (3831) مشيراً إلى جهالة أبي صالح مولى عثمان، وليس هو كذلك، فقد وثقه العجلي وابن حبان، وصحح له المذكورون وقال العجلي: ((روى عنه زهرة بن معبد والمصريون)) فهو صدوق - على أقل حالاته - والله أعلم.
    (1/26)
    الحديث الخامس:
    ((اسم الله الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى: دعوة يونس ابن متى)) ضعيف. رواه الطبري (17/65) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب قال: سمعت سعد بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ... فذكره، وفيه: ((قال: فقلت: يا رسول الله، هي ليونس بن متى خاصة أو لجماعة المسلمين؟ قال: هي ليونس بن متى خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها، ألم نسمع قول الله تبارك وتعال: (فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فاستجبنا له ونجيناه من الغم. وكذلك ننجي المؤمنين)
    فهو شرط الله لمن دعاه بها)) اهـ وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن جدعان، قال الحافظ (4734) : ((ضعيف، من الرابعة)) . وله طريق أخرى، لكنها واهية جداً، عند الحاكم (1/505-506) من طريق أحمد بن عمرو بن بر السكسكي (كذا) حدثني أبي عن محمد بن يزيد (كذا) عن سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((هل أدلكم على اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى؟ الدعوة التي دعا بها يونس حيث ناداه في الظلمات الثلاث (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فقال رجل: يا رسول الله، هل كانت ليونس خاصة أم للمؤمنين عامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ألا تسمع قول الله عز وجل: (فنجيناه من الغم. وكذلك ننجي المؤمنين) وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أيما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك اعطي أجر شهيد، وإن برأ براً وقد غفر له جميع ذنوبه)) .
    وسكت عنه الحاكم والذهبي. وهذا إسناد واه جداً، يشبه أن يكون موضوعاً. و: ((أحمد بن عمرو بن بكر)) كذا في الكتاب، وصوابه - إن شاء الله -: ((إبراهيم بن عمرو بن بكر)) ، فإنه هو المعروف بالرواية عن أبيه، وبرواية محمد
    (1/27)
    ابن الحسن بن قتيبة العسقلاني عنه - وهو رواية عنه عند الحاكم -، ولم أقف لإبراهيم على أخٍ اسمه: ((أحمد)) بعد جهد.
    وإبراهيم، قال ابن حبان في ((المجروحين)) (1/112) : ((يروي عن أبيه الأشياء الموضوعة التي لا تعرف من حديث أبيه، وأبوه أيضاً لا شئ في الحديث، فلست أدري أهو الجاني على أبيه أو أبوه الذي كان يخصه بهذه الموضوعات ... )) الخ. وقال الدارقطني في ((الضعفاء)) (19) : ((رملي، متروك)) . وأبوه، قال الذهبي في ((الميزان)) (3/247) : ((وله. قال ابن عدي: له أحاديث مناكير عن الثقات ... )) حتى قال: ((أحاديثه شبه موضوعة)) . وقال الحافظ (4993) : ((متروك)) . وشيخه، صواب اسه: ((محمد بن زيد)) لا: ((ابن يزيد)) ، وهو ابن المهاجر بن قنفذ، فإنه هو الذي يروي عنه عمرو بن بكر كما في ((التهذيب)) (8/8) ، ويروي هو عن سعيد ابن المسيب. وهو ثقة. وهذه قرينة أخرى على وقوع التحريف في هذا الإسناد، ولاح لي الآن - أثناء تبييض الكتاب للمرة الثانية - أن ذاك الهالك أو أباه، أراد أحدهما أن يقول: ((عن علي بن زيد)) ، فلم يقو!! .
    وقد زاد على رواية علي بن زيد زيادة عليها لوائح الكذب، فالله أعلم.
    (وروى) الحديث عن الحسن البصري رحمه الله - مقطوعاً - بإسناد واه جداً أيضاً. قال ابن أبي حاتم رحمهما الله: ((حدثنا أبي حدثنا أحمد بن أبي سريج حدثنا داود بن المحبر بن قحدم المقدسي)) . كذا في ((ابن كثير)) (3/193) (1) عن كثير بن معبد قال ((سألت الحسن فقلت: يا أبا سعيد: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى؟ قال ابن أخي، أما تقرأ القرآن، قول الله تعالى (وذا النون إذ هب مغاضباً - إلى قوله - وكذلك ننجي المؤمنين) . ابن أخي: هذا اسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى)) . وداود بن المحبر كذاب، كذبه الإمام أحمد وغيره، واتهمه الدارقطني بأنه سرق كتاب ((العقل)) من ميسرة بن عبد ربه
    _________
    $! جاء فيه: ((ابن أبي شريج)) و: ((ابن محذم)) ، وجء في طبعة دار الشعب (5/364) على الصواب.
    (1/28)
    الفارسي - الوضاع - وركب له أسانيد لنفسه. وقال الحافظ (1811) ، ((متروك، وأكثر كتاب ((العقل)) الذي صنفه موضوعات)) . قلت: ونسبته في هذا الإسناد: ((مقدسياً)) لا أدري ما وجهها، فإنه ثقفي بكراوي بصري، ثم بغدادي. وأما شيخه - كثير بن معبد -، فهو القيسي. قال الذهبي (3/410) : ((لا يكاد يعرف. ضعفه الأزدي)) . وأقره الحافظ في ((اللسان)) (4/484) وزاد: ((وقال: لا اعلم له حديثاً مسنداً)) . قلت: وأعضل أمره على محققي ((تفسير بن كثير)) ((ط. دار الشعب)) ، فقالوا: كذا ولم نجده (!!) . ولعله كثير بن سعيد، المترجم في ((الجرح)) لابن أبي حاتم: (3/2/152) (!!) . وكثير هذا، هو ابن سعد بن رومان، و: ((ابن سعيد)) تحريف كما نبه المعلق على ((ثقات ابن حبان)) (7/350) . وقد اتفق البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان على أنه يروى عن أبيه عن ابن عمر، وعنه محمد بن مطرف، ولم يزيدوا.
    (تنبيه) : وقد أورد الإمام السيوطي رحمه الله الحديثين والأثر في رسالته: ((الدر المنظم في الاسم الأعظم)) من كتابه ((الحاوي في الفتاوى) (1/397) - مع حديث عزاه للنسائي والحاكم عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه مرفوعاً: ((دعوة ذي النون في بطن الحوت (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) ، لم يدع بها رجل مسلم قط إلا استجاب الله له)) - مستدلاً بها لمن ذهب إلى أن دعوة ذي النون هي اسم الله الأعظم. وقد علمت ما في الحديثين - أو قل: الطريقين - والأثر بن المطعن. أما ما عزاه لفضالة بن عبيد، فلمأجده عند النسائي في: ((عمل اليوم والليلة)) والحاكم - ولا عند غيرهما - إلا من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. ثم وجدت الحافظ المنذري رحمه الله - بمحض القدر - يورد في ((الترغيب)) (2/830-831) حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قاعد إذ جاء رجل فصلى، فقال: اللهم اغفر لي وارحمني، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت
    (1/29)
    فاحمد الله بما هو أهله وصل عليّ ثم أدعه، قال: ثم صل رجل آخر بعد ذلك فحمد الله، وصلى على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أيها المصلي، أدع تجب)) . ثم أورد عقبة (2/831) حديث سعد رضي الله عنه مرفوعاً: ((دعوة ذي النون إذ دعاه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له)) ، وعزاه للترمذي، قال: ((واللفظ له)) والنسائي والحاكم، وقال: ((صحيح الإسناد)) ، فسبق إلى قلبي أن هذا منشأ وهم السيوطي عفا الله عنه، إما انتقال بصر، أو وهم في العزو بسبب الاعتماد على الذاكرة، فالله أعلم.
    ثم إن دلالة حديث سعد - باللفظة الصحيحة لا المنكرة ت ليست قطيعة، إذ يفهم من الحديث أن الدعاء بهذه الدعوة مستجاب، ولا يلزم - بالضرورة - أن تكون متضمنة للأسم الأعظم، فقد يكون هناك سبب آخر سوى هذا النظر، نظير قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فيما في (صحيح البخاري)) و ((السنن)) وغيرها عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: ((من تعار من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فدعا استجيب له، فإن هو عزم، ثم قال: رب اغفر لي، غفر له. أو قال: فقام فتوضأ وصلى، قبلت صلاته)) لفظ البيهقي. وقول أبي نعيم في ((الحلية)) (5/159) : ((صحيح متفق عليه من حديث عمير بن هانئ والأوزاعي)) إن كان يقصد الاتفاق الاصطلاحي، فهو وهم، لأنه من أفراد البخاري. والله أعلم. فالمقصد - كما يقول كثيراً صاحب القلم السيال والسحر الحلال، الإمام ابن قيم الجوزية روّح الله روه - أن حديث سعد - من طريقيه الضعفين -: ((صريح غير صحيح)) ، وباللفظة الثابتة من مجموع الطرق: (صحيح غير صريح)) . والعلم عند الله تعالى.
    وكنت سأورد حديثاً صحيحاً يرويه أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه استدل
    (1/30)
    أحد رواته به على أن الاسم الأعظم هو: ((الحي القيوم)) ، ولكن استوقفني كلام متين جداً للإمام الطحاوي رحمه الله في ((مشكل الآثار)) - بخصوص اختلاف الأحاديث في تعيين الاسم الأعظم. ولما كان ما أسطره الآن لا يتعلق بتقرير حكم ولا تصحيح معنى، فلا جناح علىّ في الاكتفاء بهذه الإشارة إن شاء الله تعالى، وهو سبحانه المستعان.
    (1/31)
    الحديث السادس:
    ((أفضل الحسنات، تكرمة الجلساء)) .
    ضعيف جداً، أو موضوع. رواه القضاعي في ((مشند الشهاب)) (1285) ، قال: ((أخبرنا أحمد بن منصور التستري، أنبأ القاضي أبو بكر محمد ابن يحيى بن إسماعيل الضبعي الأهوازي، ثنا الحسن بن زياد أبو عبد الله الكوفي، ثنا ابن أبي بشر حدثني وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود ... )) ، فذكره مرفوعاً. ولم أقف على من يدعي: ((أحمد بن منصور التستري)) ، فالظاهر أنه محرف من: ((محمد بن منصور ... )) ، أحد شيوخ القضاعي الكذابين كما قدمنا في ((تبييض الصحيفة)) (27،5) . والرجلان فوقه لم أقف لهما على ترجمة، وابن أبي بشر - الراوي عن وكيع - لم يتبين لي من هو؟ ولم أجهد نفسي في تعيينه إذ لا جدوى من وراء ذلك في وجود الكذاب المذكور. وقد عهدنا عليه الراوية عن المجهولين - كما في الحديثين المشار إليهما آنفاً -، فلعل هؤلاء أيضاً من مخيلته، عامله الله تعالى بما يستحق. وقد قال الشيخ حمدي السلفي حفظه الله في تحقيق ((مسند الشهاب)) - تعليقاً على هذا الحديث -: ((الحسن بن زياد اللؤلئى كذبه غير واحد، فالحديث موضوع)) اهـ. كذا قال - عفا الله عنها - ظناً منه أن الحسن بن زياد الكوفي الذي في هذا الإسناد، هو اللؤلئى صاحب الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وليس به لأمرين:
    الأول: أن اللؤلئى كتبه أبو علي، كما قال الخطيب رحمه الله في ((تاريخ بغداد)) (7/314) . وهذا كنيته أبو عبد الله، كما في الإسناد.
    الثاني: أن اللؤلئى متقدم بطبقتين عن هذا، فإنه من أقران وكيع. وهذا يروى عن رجل عن وكيع. ومن غير الممكن للحافظ القضاعي رحمه الله، المتوفى (454هـ) أن يكون بينه وبين الحسن بن زياد اللؤلئى، المتوفى (204) رجلان فقط. وهذا بين جداً لا خفاء فيه. والحديث في ((الجامع الصغير)) (1249) مرموزاً لضعفه، وقد قال الحافظ المناوى عفا الله عنه في شرحه جداً في
    (1/32)
    ((الفيض)) (2/32) ، ثم لم يتكلم على إسناده بشئ! أما الشيخ الألباني حفظه الله، فقطع بوضعه في ((ضعيف الجامع)) (1/314) ، وأحال على ((الضعيفة)) (2834) .
    (وروى) موقوفاً على ابن عباس رضي الله عنهما بإسناد واه عند أبي سعد السمعاني رحمه الله في ((أدب الإملاء والاستكلاء)) (ص126) من طريق الحافظ ابن حبان رحمه الله عن عمر بن محمد الهمداني عن محمد بن سهل بن عسكر وسعيد بن كثير بن عفير ثنا الفضل بن المختار (في الأصل: المفضل، وهو خطأ) عن أبي جمرة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((إن من أفضل الحسنات، تكرمة الجلساء)) .
    وهذا إسناد ضعيف جداً، الفضل بن المختار هو البصري، نزيل مصر. قال ابن أبي حاتم في ((الجرح)) (7/69) : ((سألت أبي عنه، فقال: هو مجهول، وأحاديثه منكرة، يحدث بالبواطيل)) . وقال العقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (3/944) والأزدي: ((منكر الحديث)) زاد الآخر: ((جداً)) .
    وقال ابن عدي في ((الكامل)) (6/2042) : ((وعامته - يعني عامة حديثه - مما لا يتابع عليه إما إسناداً، وإما متناً)) . وساق له الذهبي في ((الميزان)) (3/358-359) أربعة أحاديث، قال عقبها: ((فهذه أباطيل وعجائب)) . وختم ترجتمه بخامس قال عقبة: ((وهذا يشبه أن يكون موضوعاً. والله أعلم)) اهـ.
    قلت: فلعل هذا أيضاً موضوع على ابن عباس. والله أعلى وأعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج2. باقي صحيح السيرة النبوية تحقيق الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.}

  ج2. صحيح السيرة {ج2. باقي صحيح السيرة النبوية  تحقيق  الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.} صفحة رقم -130 - قال : قلت : من غف...