السؤال باسم الله الأعظم

وسمع آخر يقول في تشهده أيضا : ( أبو داود والنسائي وأحمد والبخاري في الأدب المفرد ) ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت [ وحدك لا شريك لك ] [ المنان ] [ يا ] بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم [ إني أسألك ] [ الجنة وأعوذ بك من النار ] . [ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( تدرون بما دعا ؟ ) قالوا الله ورسوله أعلم . قال : ( والذي نفسي بيده ] لقد دعا الله باسمه العظيم ( وفي رواية : الأعظم ) الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى}

الاثنين، 12 فبراير 2024

ج5.النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة

 
ج5555555555555555.

النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة 


101- ((الود يتوارث، والبغض يتوارث)) . (1)
__________
(1) 101- ضعيف.
أخرجه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/ 1/ 121) والطبراني في ((الكبير (( (ج 17/ رقم 507) ، والحاكم (4/ 176) ، والخطيب في ((الموضح)) (1/ 24) والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (رقم 218) من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر، عن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الود؟ !
قال:..... فذكره.
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) !
فتعقبه الذهبي بقوله: ((المليكي واه، وفي الحبر انقطاع))
 
قلت: والمليكي هذا، هو عبد الرحمن بن أبي بكر. والانقطاع. بين طلحة ابن عبد الله، وبين أبي بكر - رضي الله عنه -، فإنه ما أدركه.
وقد قال الدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 21/ 1) :
((.... محمد بن طلحة، عن أبيه مرسلاً، عن أبي بكر)) فهو يشير إلى الانقطاع.
وقد رواه عن المليكي على هذا الوجه أبو عامر العقدى، وموسى بن داود الضبي، وشبابه بن سوار وغيرهم وخالفهم يوسف بن عطية، فرواه عن أبي بكر المليكي، عن محمد بن طلحة عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال لقى أبو بكر الصديق رجلاً من العرب يقال له: عفير، فقال له أبو بكر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الود؟؟ قال:.... فذكره مرفوعاً.
فزاد يوسف بن عطية في السند ((عبد الرحمن بن أبي بكر)) .
أخرجه الحاكم (4/ 176) من طريق يحيى بن يحيى، ثنا يوسف فذكره وسكت عنه، فقال الذهبي:
((يوسف هالك)) .

وقد أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 17/ رقم 508) من طريق على ابن سعيد المسروقي، ثنا يوسف بن عطية، عن أبي بكر بن عبد الله، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي بكر.. فذكره. فلا أدري هل وقعت زيادة في السند عند الحاكم أم هو اختلاف في السند من قبل يوسف هذا؟ !
ومن وجوه الاختلاف في سند هَذَا الحديث أن ابن المبارك رواه عن محمد ابن عبد الرحمن، عن محمد بن فلان بن طلحة، عن أبي بكر بن حزم، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عَلَيهِ وآله وسلم قَالَ: ((إن الود يتوارث)) . ... =
=أخرجه البخاري في (( ... ابن المبارك)) ، عن محمد بن عبد الرحمن بن فلان بن طلحة)) فيظهر لى أنه خطأ ومحمد بن فلان بن طلحة، لم أعرفه.

وفي شيوخ ابن أبي ذئب من ((تهذيب الكمال)) (ج 3/ لوحة 1232) أنه يروي عن: ((محمد بن عبد الرحمن بن طلحة)) روى عن صفية بنت شيبة، وروى عنه شعبة ووكيع وابن المبارك، ولكن فيه خلاف كما بينه الحافظ في ((التهذيب)) .
ورواه ابن فديك، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن محمد بن طلحة، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق مرفوعاً فذكره.
أخرجه أبو الشيخ في ((الأمثال)) (133/ 1) ، والخطيب في ((الموصح)) (1/ 24) من طريق ضرار بن صرد، ثنا ابن أبي فديك به.
قلت: وسنده ساقط.
وضرار بن صرد كذبه ابن معين، وتركه غيره ولكنه توبع.
تابعه المسيب بن شريك، أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكر به.
أخرجه الخطيب في ((الموضح)) (1/ 24) .
وسنده واه.
وآفته المسيب هذا، قال فيه أحمد: ((ترك الناس حديثه)) .
وكذا تركه مسلم وغيره.
وقال البخاري:
((سكتوا عنه)) .
ووجه آخر من الاختلاف في سنده.
فقد رواه على بن داود القنطرى، عن آدم بن أبي إياس، عن عبد الرحمن ابن أبي بكر، عن محمد بن طلحة، عن أبيه، عن عائشة، عن أبي بكر. فذكره مرفوعاً 0
فزيد في السند ذكر ((عائشة)) .
ذكره الدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 21/ 1) وقال: ((قال ذلك على بن داود القنطري، عن آدم، ووهم في ذكر عائشة رضي الله عنها)) .
قلت: ويقصد الدارقطني بالتوهم آدم بن إياس دون على بن داود. بدليل أنه قال عقب ذلك: ((وخالفه جماعة منهم: المعافي بن عمران، وموسى ابن داود وغيرهم فرووه عن المليكي.... الخ)) .
والمليكي: هو عبد الرحمن بن أبي بكر الذي روى عنه آدم والله أعلم.
فالحديث مرة يروى عن أبي بكر، عن عفير. ورجحه الدارقطني.
ومرة: ((عن أبي بكر نفسه)) . ... =
=ومرة: ((عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -)) .
فهذا اضطراب يقدح في صحته، مع ضعف جميع أسانيده، أضف إلى ذلك النقطاع في سنده كيفما دار. والله أعلم وله شاهد من حديث رافع ابن خديج رضي الله عنه -
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 4/ رقم 4419) من طريق ألوا قدي، ثنا رافع بن خديج مرفوعاً: ((الود الذي يتوارث، في أهل الإسلام)) وسنده ضعيف جداً، والوا قدي متروك كما قال الهيثمي 


102- (. إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله)) . (1)
__________
(1) 102- منكر.
أخرجه أبو داود (202) ، والترمذي (77) ، وأحمد (1/ 256) ، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1/ 132) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 12748) ، وابن عدي في ((الكامل)) (7/ 2731) ، والدارقطني (1/ 159- 160) ، والبيهقي (1/ 121) من طريق عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم نام وهو ساجد، حتى غط أو نفخ، ثم قام يصلي. فقلت: يا رسول الله! إنك قد نمت؟!
قال: إن الوضوء..... الحديث.
قال أبو داود:
((قوله: الوضوء على من نام مضطجعاً: هو حديث منكر، لم يروه إلا يزيد، أبو خالد الدالاني، عن قتادة. وروى أوله جماعة عن ابن عباس، لم يذكروا شيئاً من هذا، وقال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم محفوظاً. وقالت عائشة: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((تنام عيناي ولا ينام قلبي)) . وقال شعبة إنما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث: حديث يونس ابن متى، وحديث ابو عمر في الصلاة، وحديث القضاة ثلاثة، وحديث ابن عباس: حدثني رجال مرضيون، منهم عمر، وأرضاهم عمر.
قال أبو داود: وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل فانتهزني استعظاما له، فقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة؟!! ولم يعبأ بالحديث) 9 أهـ.
وقال الدارقطني:
((تفرد به أبو خالد، عن قتادة، ولا يصح)) .
وفي ((نصب الراية)) (1/ 45) : ... =
= ((قال الترمذي في ((العلل)) : سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: لا شيء. رواه سعيد بن أبي عروبة ن عن قتادة، عن ابن عباس قوله. ولم يذكر فيه: ((أبا العالية)) ، ولا أعرف لأبي خالد سماعا من قتادة، وأبو خالد صدوق، لكنه يهم في الشيء)) أهـ.
فعلق الزيلعي بقوله:

((وكان هذا على مذهبه - يعني البخاري - في اشتراطه في الأتصال، السماع، ولو مرة)) .
وقال ابن عدي:
((وهذا - يعني الحديث - بهذا الإسناد عن قتادة، لا أعلم من يرويه عنه غير أبي خالد، وعن أبي خالد عبد السلام)) أهـ.
وقال ابن المنذر في ((الأوسط)) (1/ 149) :
((لا يثبت))
وقال البيهقي:

((فأما هذا الحديث فإنه قد أنكره على أبي خالد الدالاني جميع الحفاظ، وأنكر سماعه من قتادة أحمد بن حنبل، ومحمد بن إسماعيل البخاري وغيرهما)) أهـ.
وقال ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (1/ 191) :
((وهو عند أهل الحديث منكر، لم يروه مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أبي خالد الدالاني، عن قتادة)) أهـ.
وقال ابن حزم في ((المحلى)) (1/ 226) :
((لا حجة فيه، فإنه من رواية عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن أبن عباس. وعبد السلام ضعيف لا يحتج به. ضعفه ابن المبارك وغيره. والدالاني ليس بالقوي. وروينا عن شعبة أنه قال: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا أربعه أحاديث، ليس هذا منها،
فسقط جملة، ولله الحمد)) . أهـ.
وقال النووي في ((المجموع)) (2/ 20) :
((وأما حديث الدالاني، فجوابه أنه حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث، وممن صرح بضعه من المتقدمين: أحمد بن حنبل، والبخاري / وأبو داود. قال صرح داود وإبراهيم الحربي: هو حديث منكر. ونقل إمام الحرمين في كتابه: ((الأساليب)) : إجماع أهل الحديث على ضعفه. وهو كما قال، والضعف عليه بين)) 
 . أ. هـ‍.  وكذا قال ابن الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (ق 25/ 2) .
قلت: فيتلخص مما تقدم من كلام الأئمة، أن الحديث معل بعدة علل:
الأول: أنه ثبت ما ينافي حديث الدالاني. ... =
=الثانية: الاضطراب في سنده.
الثالثة: الانقطاع بين أبي خالد الدالاني وقتادة.
الرابعة: أن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية.
الخامسة: أن عبد السلام بن حرب ضعيف، ولم يروه عن الدالاني غيره. وهذه العلل كلها صحيحة إلا الخامسة. فقد تفرد بها ابن حزم، فضعف عبد السلام بن حرب. وهذا من جسارته، فإنه كان هجوما على إطلاق الضعف في عدد من الثقات العدول لأدنى غمز فيهم.
أما حال عبد السلام بن حرب.
فقال أبو حاتم الرازي:
((يقة حافظ)) .
وقال العجلي:
((ثقة ثبت)) .
وقال الدارقطني: ((ثقة حجة)) .
وقال ابن معين والنسائي:
((ليس به بأس)) .
زاد ابن معين:
((يكتب حديثه)) .
[وفي ((سير النبلاء)) (8/ 336) عن ابن معين قال: ((ثقة، والكوفيون يوثقونه ((] .
وقال يعقوب بن شيبة:
((ثقة في حديثه لين)) .
وقال ابن المبارك:
((قد عرفته)) !!
قال الحسن بن عيسى:
((وكان ابن المبارك إذا قال: قد عرفته، فقد أهلكه)) !!
وقال ابن سعد:
((كان به ضعف في الحديث)) .
وقال العجلي:
(( ... والبغداديون يستنكرون بعض حديثه، والكوفيون أعلم به)) .
قلت: فهذا ما قيل في عبد السلام بن حرب، وجانب المعدلين أقوى بلا ريب؛ لأن الجرح مبهم غير مفسر في كلام أغلبهم، ولم يأخذ عَلَيهِ البغداديون شيئاً ذا بال. والكوفيون أعلم بِهِ كَمَا قَالَ العجلي، = =وعبد السلام كوفي، وبلدي الرجل أعرف به. فالحاصل أن عبد السلام ثقة ثبت، لكنه قد يهم رأيت من العلل، بل لا يجوز إطلاق الضعف فيه كما فعل ابن حزم، سامحه الله تعالى. هذا عرفنا وجه استنكار من استنكر عليه بعض حديثه ففي ((سير النبلاء)) (8/ 336) :
((قال على بن المديني: وقد أستنكر بعض حديثه، حتى نظرت في حديث من يكثر عنه، فإذا حديثه مقارب عن مغيرة والناس، وذلك أنه كان سراط، فكانوا يجمعون غرائبه في مكان، فكنت أنظر إليها مجموعة فأستنكرتها) 9 (أهـ.
قلت ك فظهر من الحكاية أن الاستنكار وقع بسبب جمع الغرائب كلها في مكان واحد. والغرائب تكثر فيها المناكير وقد كانوا يجمعونها لأجل المذاكرة والإعراب ونحو ذلك. والله الموفق.
ومما يؤخذ على ابن حزم - رحمه الله - تضعيفه المطلق للدالاني وهو يزيد ابن عبد الرحمن.
فقد قال أبو حاتم:
((صدوق ثقة)) .
وقال ابن معين، وأحمد، والنسائي:
((ليس به بأس)) .
وقال الحاكم:
((إن الأئمة المتقدمين شهدوا له بالصدق والإتقان)) وضعفه ابن سعد، وابن حبان، وابن عبد البر فمثل لا يجوز أن يطلق فيه الضعف كما فعل ابن حزم.
والحديث ضعفه الشيخ العلامة المحدث أحمد شاكر في ((شرح الترمذي)) (1/ 112- 113) ، وكذا في ((شرح المسند)) ) رقم 2315) ولكنه خالف ذلك في تعليقه على ((المحلي)) ، (1/ 226- 227) فقال:
والحديث في رأينا حسن الإسناد ... ويزيد ليس ضعيفاً ضعفاً تطرح معه رواياته ... ثم ساق فيه ما تقدم من كلام الأئمة، ثم قال: وعادة المتقدمين رحمهم الله الاحتياط الشديد، فإذا رأوا زاد عن رواية في الإسناد شيخاً، أو كلامنا لم يروه غيره، بادروا إلى إطراحه والإنكار على راوية، وقد يجعلون هذا سبباً في الطعن على الراوي الثقة، ولا مطعن فيه، وبظهر للنظر في الكلام على هذا الحديث أنه سبب طعنهم على أبي خالد، ورميهم له بالخطأ، أو التدليس، والحق أن الثقة إذا زاد في الإسناد روايا، أو في لفظ الحديث كلاما، كان هذا أقوى دلالة على حفظه وإتقانه، وأنه علم ما لم يعلم الآخر، أو حفظ ما نسيه، وإنما مخالفة لا يمكن بها الجمع بين الروايتين، فاجعل هذه القاعدة على ذكر منك، فقد تنفع كثيراً في الكلام على علل الأحاديث)) أهـ‍.
قلت: لست أدري أي القولين هو المتأخر عند الشيخ أبي الأشبال أهو القول بالتضعيف، أم بالتحسين؟؟! على أنه يظهر لى - ة\والله أعلم - أن الأول أرجح، لأن التعليق الشيخ على ((المحلى)) قديم، لكنه لم = =يشر لا في ((شرح الترمذي)) ، ولا في ((شرح المسند)) إلى رجوعه عن ذلك التحسين، فالله أعلم بحقيقة الحال. غير أن نظرا على ما قاله حول تحسين الحديث.
وهذا النظر يتلخص في وجوه:
الأول: أن الشيخ بنى رأية في تحسين الإسناد على إثبات ثقة الدالاني وعد تأثير الجرح الذي فيه، ولئن سلمنا له ذلك - جدلاً - فأين بقية العلل التي ذكرتها قبل ذلك؟!!
وهل سيقف الشيخ عند رأيه بالتحسين؟!!
الثاني: قوله ((وعادة المتقدمين.... الخ)) . فهذا يشعر أن طرح رواية الرواي لأدق خطأ كان عادة لجميعهم وهو خطأ بلا ريب، وإلا فمن الذي يعري عن الخطأ، ومخالفة غيره من الثقات ظ! وإنما هذا كان لبعضهم كيحيى القطان / وأبي الرازي وغيرهما، ومع ذلك إن شاء الله تعالى.
الثالث: قوله: ((والحق، أن الثقة إذا زاد في الإسناد.... الخ))
فهذا القول ليس محله هنا؛ لأن هذا القول = كما هو ظاهر - يبع فيه الشيخ أبو الأشبال الذهبي في ذبه عن على بن المديني كما في ((الميزان)) ، ونحن نسلم للشيخ إن كان المخالف مثل على بن المديني، وأحمد بن حنبل وإضراب هؤلاء السادة، بحيث يكاد الجرح الذي فيه لا سيما وقد خالفه سعيد بن أبي عروبة، وهو من أثبت الناس في قتادة، فرواه عن قتادة، عن ابن عباس قوله. فخالف الدالاني في موضعين:
الأول: أنه أسقط ذكر ((أبي العالية)) .
الثاني: أنه أوقفه على ابن عباس، ولم يرفعه وسعيد بن أبي عروبة أوثق من الدالاني بغير شك، فمخالفته - أعنى الدالاني. مرجوحة.
وأما نكارة الحديث، فإنه أوجب الوضوء على من اضطجع نائماً وقد قال أنس رضي الله عنه:
((كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون)) .
أخرجه مسلم (376/ 125) ، وأبو عوانة (1/ 266) ، وأبو داود (200) ، والترمذي (78) ، وأحمد، والدارقطني (1/ 130، 131) وغيرهم من طرق عن قتادة، عن أنس.
وهذا الحديث قال فيه ابن المبارك - كما عند الدارقطني -:
((هذا عندنا وهم جلوس)) . وقريباً منه عند الترمذي عنه (1/ 113) .
قلت: ولفظ الحديث محتمل لذلك، ولكن في ((مسند البزار)) (ج 1/ قتادة، عن أنس أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يضعون جنوبهم، فمنهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ. قال الهيثمي في ((المجمع (1/ 248) :
((رجاله رجال الصحيح)) .
وقال الحافظ في ((الفتح)) (1/ 315) :
((إسناده صحيح)) . ... =
=وقوله: ((يضعون جنوبهم)) صريح في الدلالة على المطلوب ويؤيده حديث ابن عمر:
((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شغل عن صلاة العشاة ليلة فأخرها، حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا، ثم خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: ((ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم)) .
أخرجه البخاري (2/ 50- فتح) واللفظ له، ومسلم (639/ 221) ، وأبو عوانة (1/ 368) ، والنسائي (1/ 267- 268) وأحمد (2/ 88، 126) وغيرهم عن نافع، عن ابن عمر وفي الباب عن عائشة وابن عباس وغيرهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في ((الفتاوى)) (21/ 393) : تعقيباً على هذه الرواية:
((وكان الذين يصلون خلفه جماعة كثيرة، وقد طال انتظارهم وناموا، ولم يستفصل أحداً، ولا سئل، ولا سأل الناس: هل رأيتم رؤيا؟ أو هل مكن أحدكم مقعدته؟ أو هل كَانَ أحدكم مستندا؟ وهل سقط شيء من أعضائه على الأرض؟ فلو كان الحكم يختلف لسألهم. وقد علم أنه في مثل هذا الانتظار بالليل - مع كثرة الجمع - يقع ذلك كله. وقد كان يصلي خلفه النساء والصبيان)) . أهـ‍.
فالحاصل أن النوم بذاته ليس ناقضا للوضوء، فالنوم على أي وضع غير مستلزم للوضوء إلا أن يغلب عليه فيغيب عن الوعي، لكن إذا شك حال نومه هل خرج منه ريح أم لا؟ فلا ينتقص بناء على يقين الطهارة، واليقين لا يزول بالشك.
والعمل في هذا - وفي غيره - يكون بالظن الراجح، والله أعلم.

(2/2)


103- ((شوال، وذو القعدة، وذو الحجة)) يعني أشهر الحج. ونلا قوله تعالى: [الحج أشهر معلومات] (2/ 197) . (1)
__________
(1) 103- موضوع.
أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (ج 2/ رقم 1607) ، وفي ((الصغير)) (1/ 66) ، وابن مردوية في ((تفسيره)) - كما في ((ابن كثير)) . (1/ 206) ، من طريق محمد بن ثواب، حدثنا حصين بن مخارق، حدثنا يونس ابن عبيد عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة مرفوعاً ... فذكره. قال الطبراني:
((لم يروه عن يونس إل حصين بن مخلوق، كوفي، تفرد به محمد بن ثواب)) .
قلت: أما محمد بن ثواب الهباري، فقد وثقه ابن حبان، وقال ابن أبي حاتم ((صدوق)) ، ولكن العلة في حصين بن مخارق. فقد قال الدارقطني:
((يضع الحديث)) .
وقال ابن الجوزىء في ((الضعفاء)) (ق 49/ 1) :
((وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به)) . ... =
=وأخشى أن يكون اختلط على ابن الجوزىء بترجمة أخرى، فإن ابن حبان لم يترجم لحصين هذا في
((ضعفائه)) فالله أعلم.
فالعجب من الحافظ الهيثمي رحمه الله تعالى غذ قال في ((المجمع)) (3/ 221) : ((فيه حصين بن مخارق، قال الطبراني: كوفي ثقة، وضعفه الدارقطني، وبقية رجاله موثقون)) !!
مع أنه ذكر هذا الحديث في موضع آخر من (. المجمع)) (6/ 218) .
وقال: ((وفيه حصين بن مخارق، وهو ضعيف جداً)) .
وهذا هو الصواب. وأما توثيق الطبراني فلم أقف عليه، فالله أعلم بحقيقة ذلك.
قال الحافظ ابن كثير في ((تفسيره)) (1/ 206) :
((حديث موضوع، لا يصح رفعه ... وفيه حصين بن مخارق، وهو متهم بالوضع)) أهـ‍.
قلت: وقوله ((لا يصح رفعه)) يشير به إلى أن الصواب وقفه، وهو الصحيح كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعاً.

أخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (5/ 63) من طريق الإسماعيلي، وهذا في ((معجمه)) (ج1/ ق 4/ 1) أخبرني أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى الخلنجي، قال: حدثنا داود بن عمرو، حدثنا شريك، عن أبي إسحق، عن التميمي، عن ابن عباس مرفوعاً فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف جداً، وله علتان، بل ثلاثة.
الأولى: سوء حفظ شريك النخعي.
الثانية: تدليس أبي إسحق السبيعي، واختلاطه.

الثالثة: أن التميمي هذا، واسمه إربدة - راوى التفسير عن ابن عباس - مجهول كما قال ابن البرقي، فلم يرو عنه سوى أبي إسحق السبيعي وحده. وضعفه أبو العرب الصقلي. ومع ذلك فقد وثقه العجلي وابن حبان!!
وعلة رابعة.
وهي الاختلاف في سنده.
أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج1/ ق 3/ 2، 4/ 1) ، من طريقه الخطيب في ((التاريخ)) (5/ 63) أخبرني أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى الخلنجي، قال: حدثنا داود بن عمرو، حدثنا شريك، عن المختار، عن أبي إسحق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله - يعني ابن مسعود - قال: [الحج أشهر معلومات] شوال، وذو القعدة، وعشر من ذى الحجة 0
قلت: أما شيخ الإسماعيلي، فهو أحمد بن محمد بن عيسى بن مروان، أبو جعفر الخلنجي - بقتح أوله واللام، وسكون النون، بعدها جيم - كما في ((التبصر)) (551) - ترجمة الخطيب في ((تاريخ بغداد)) (5/ 63) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولكنه مقبول عند الإسماعيلي، بدل عليه أنه قال في =
= ((مقدمة معجم شيوخه)) . ج1/ ق 2/ 1) ك (( ... وأبين حال من ذممت طريقه في الحديث، وبظهور كذبه فيه، أو اتهامه به، أخرجه عن جملة أهل الحديث للجهل به، والذهاب عنه، فمن كان عندي ظاهر الأمر منهم، لم أخرجه فيما صنفت من حدثني)) . أهـ.
وداود بن عمرو: هو الضبي أبو سليمان البغدادي، وثقة من رجال مسلم. وشريك النخعي، فسيئ الحفظ.
والمختار، وقع في ترجمة شريك من ((تهذيب الكمال)) المزىء (ج 2/ لوحة 580) أنه يروى عن: ((أبي عثمان مختار بن يزيد)) ولم أقف على ترجمة له، لكني أرجح أنه المترجم في ((الجرح والتعديل)) (4/ 1/ 311) : ((مختار، أبو غسان، كوفي روى عن أبي ظبيان، روى عنه شريك)) . أهـ. ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلاً فتكون الكنية: ((أبو غسان)) بدل (. أبي عثمان)) . والله أعلم وحاصل الاختلاف في السند كالآتي:
أنه أدخل ((مختار)) في السند وأبي إسحق 0
أن شيخ أبي إسحق صار: ((أبا الحوص)) .
أنه جعله عن ابن مسعود بدلا من ابن عباس.
أنه أوقفه؛ ولم يرفعه.
أنه قال في ((المتن)) : ((وعشر من ذي الحجة)) ولم يذكر ((ذا الحجة)) كاملاً ولعل هذا الاختلاف هو من سوء حفظ شريك النخعي ووجه آخر من الاختلاف في سنده
فأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (4/ 115- شاكر) قال: حدثنا أحمد ابن إسحق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قوله فذكره. وأخرجه الدارقطني (2/ 226) عن وكيع، نا شريك به سواء فسقط ذكر ((المختار)) هذا، وصار شيخ شريك فيه هو: ((أبو إسحق السبيعي)) . ولعل هذا من سوء حفظ شريك. وقد صخ مثله عن ابن عمر رضي الله عنهما قوله.
أخرجه البخاري (3/ 419-) ، والدارقطني (2/ 226) ، من طريق ورقاء، ((شوال، وذو الحجة، عشر من ذي الحجة)) .
قال الحافظ ابن كثير في ((تفسيره)) (1/ 206) .
((إسناده صحيح)) .
وكذا قال الحافظ في ((الفتح)) (3/ 419) .
ويشهد له ما أخرجه مالك في ((الموطأ)) (1/ 344/ 62) عن عبد الله ابن دينار، عن ابن عمر قال: ((من اعتمر في أشهر الحج، في شوال، أو في ذي القعدة، أو في ذي الحجة ... الخ)) . =
=وأخرجه ابن جرير (رقم 3532) ، والحاكم (2/ 276) ، والبيهقي (4/ 342) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، بلفظ ورقاء قال الحاكم: (. صحيح على شرط الشيخين)) ووافقة الذهبي، ثم ابن كثير بسكوته عليه. ولكن في سنده عند الحاكم: ((الحسن بن علي بن عفان العامري)) وهو من رجال ابن ماجة وحده، وهو ثقة، فالسند صحيح كما قال الحافظ. والله أعلم.
وجملة القول: إن الحديث لا يصح مرفوعا، ولكن صح موقوفاً ولله الحمد 0

(2/3)


104- ((يا رسول الله! إن ـمنا قدمت علينا راغبة، فنصابها ظ قال نعم، فصلاها)) . (1)
__________
(1) 104- منكر بهذا التمام.
أخرجه البزار (ج 2/ رقم 1873) قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو قتادة العدوي، عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة وأسماء، أنهما قالتا: قدمت علينا أمنا المدينة، وهي مشركة في الهدنة، التي كانت بين قريش، وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا: يا رسول الله! إن أمنا.... الحديث.
[وفي تهذيب الكمال)) (ج 3/ لوحة 1226) في ترجمة محمد بن عبد الله بن مسلم بن أخي الزهري: انه: ((أبو قتادة بن يعقوب بن عبد الله بن ثعلبة بن صغير العذري) 9] .
قال البزار:
((لا نعلمه عن عائشة وأسماء إلا من هذا الوجه))
قلت ك وهو بهذا السياق مبكر جداً، ذلك أن أم عائشة، بخلاف أم أسماء رضي الله عنها.
بدل عليه ما أخرجه البخاري (1/ 564و 4/ 351، 442، 443، 475و 7/ 230- 232- فتح) ، وأحمد (6/ 193) ، وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((لم أعقل ابوي قط إلا وهما يدينان الدين ... )) فهذا أول قادح في حديث الباب أما أم أسماء فهي (. قتلة - ويقال: قتيلة - بنت عبد تاعزى أوردها المسغفرىء في الصحابيات وقال ((تأخر إسلامها)) .
قال الحافظ في ((الإصابة)) (8/ 169) إن كانت عاشت إلى الفتح، فالظاهر أنها أسلمت)) أهـ.
قلت: وعبد الله شبيبة، شيخ البزار واه كما قال الذهبي. وقال أبو أحمد الحاكم: ((ذاهب الحديث)) بل قال فضلك الرازي: ((يحل ضرب عنقه)) !! ووصف الذهبي قوله بالمبالغة.
وقال الهيثمي في ((المجمع)) (1/ 157) :
((ضعيف جداً))
وابن أخي الزهري، ضعفه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وغيرهم وأثنى عليه غير واحد. =

=والمحفوظ من ذلك هو ما رواه هشام بن عروة، عن أبيه ن عن أسماء، قالت: (قدمت على أمي وهي مشتركة في عهد قريش إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومدتهم مع أبيها، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول الله! إن أمي قدمت على وهي راغبة ن أفاصلها ظ!
قال: ((نعم صليها)) .

أخرجه البخاري (6/ 281و 10/ 413- فتح) واللفظ له، ومسلم (1003/ 49- 5.) ، وأبو داود (1668) ، وأحمد (6/ 344ن 347، 355) ، والحميدي (318) ، والطياليسي (1643) ، وابن حبان (ج 1/ رقم 453) والطبراني في ((الكبير)) (ج 23/ رقم 204، 205، 206، 207، 208، 209) من طريق عن هشام بن عروة، عن أبيه.
وقد رواه عن هشام جمهرة من الثقات منهم:
((سفيان بن عيينه، وأبو أسامة، وعبد الله بن إدريس، وحاتم بن إسماعيل، وعيسى بن يونس، وزيد بن أبي أنيسة، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وحماد ابن سلمة، وعبد العزيز بن أبي حازم في آخرين)) .
وقد أخرجه الطبراني (ج 24/ رقم 229) حدثنا علي بن عبد العزيز ن ثنا سليمان بن داود الهاشمي، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة به، وسليمان بن داود: هو ابو داود الطيالسي صاحب ((المسند)) وقد رواة في ((مسند)) (1643) حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام. فلا أدري ممن وقع الاختلاف في تسمية شيخ عبد الرحمن بن ابي الزناد ولعله خطأ من ناسخ أو طابع. وإلا فهو اختلاف اختلاف في السند ن وعبد الرحمن ابن أبي الزناد فيه مقال.
وقد اختلف على هشام بن عروة في إسناده.
فرواه سفيان عيينة، وعمر بن على، ويعقوب بن عبد الرحمن، وعبدة ابن سليمان، جماعتهم عن هشام، عن فاطمة بنت المذر. عن أسماء بنت أبي بكر به.
فصار شيخ هشام فيه: ((فاطمة بنت المنذر)) وهي امرأته.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 24/ رقم 341ن 342، 343) فيحمل هذا على التنوع في الرواية. وليس هذا من الاختلاف المضر.
(تنبيه) هذا الحديث أخرجه ابن حبان (ج 1م رقم 454) من طريق مصعب بن ماهان، عن سفيان ن عن هشام بن عروة عن أبيه ن عن عائشة، أن أسماء.... الحديث.
فجعل الحديث في ((مسند عائشة)) بدل ((أسماء)) .
ومصعب بن ماهان كان يغلط.
وله أحاديث لا يتابع عليها كما قال العقيلي وابن عدي. والله أعلم.

(2/4)


105- ((إن أهل البيت إذا تواصلوا، أجرى الله عليهم الرزق، وكانوا في كنف الله عز وجل)) . (1)

106 - ((مَالِي أَرَاكُمْ سُكُوتَا؟! لَلْجِن كَانُوا أحسَنَ مِنْكُمْ رَدَّا. مَا قَرأتُ عَليهِمْ مِن مَرَّةٍ: (فَبأي آلاء ربكما تكذبان) إِلاَّ قَالُوا: وَلاَ بِشيءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّب، فَلَكَ الحَمد)) . (2)
__________
(1) 105- ضعيف جداً.
أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 1/ ق 8/ 1- 2) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 128) ، وابن عدي في ((الكامل)) (4/ 1631) ، والشجري في ((الأمالي)) (2/ 130) من طريق هشام بن عمار، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا سفيان الثوري، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعاً.. فذكره.
قال ابن عدي:
((وهذا الحديث عن الثوري، عن الوصافي، لا أعلم يرويه عن الثوري غير ابن عياش)) .
قلت: ((منكر الحديث جداً)) .
وضعفه أبو زرعه، والدارقطني.
وهشام بن عمار، في حفظة أوهام.
وإسماعيل بن عياش إذا حدث عن غير أهل بلدة وقعت المناكير في روايته وهذا منها. والله أعلم.
(2) 106- ضعيف.
أخرجه الترمذي (3291) ، والحاكم (2/473) ، وأبو الشيخ في ((العظمة)) (ق 194/2) ، والإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 1/ ق10/1 - 2) ، والبراز - كما في ((ابن كثير)) (4/ 237) ، وابن عدي في ((الكامل)) (3/ 1074) (5/ 1858) ، وأبو نعيم في ((أخبار أصبهان)) (1/ 181) ، والببهقي في ((دلائل النبوة)) (2/232) من طريق الوليد بن مسلم، ثنا زهير بن محمد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر - رضي الله عنه -: قال قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة الرحمن حتى ختمها، ثم قال: ((ما لي أراكم سكوتا.... الحديث)) .
قال الترميذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد)) .

وقال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين ((ووافقه الذهبي)) !!
قلت: لا، وفي السند علتان:
* الأولى: تدليس الوليد بن مسلم، فنحتاج إلى تصريحه بالسماع في كل طبقات السند 0
* الثانية: أن زهير بن محمد وإن كان صدوقا فإن أهل الشام إن رووا عنه، فتكثر المناكير في روايته 0
قال أحمد: ((كان زهير الذي روى عنه أهل الشام زهيراً آخر)) .

قال الترمذي: ((يعني لما يروونه عنه من المناكير)) .
وقال البخاري: ((ماروى عنه أهل الشام، فإنه مناكير)) والوليد بن مسلم شامي 0
وتابعه مروان بن محمد، ثنا زهير بن محمد به.
أخرجه البيهقي في ((الدلائل)) (2/232) .
ومروان بن محمد شامي أيضاً. وللحديث شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
أخرجه البزاز (ج 3/ رقم 2269) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (27/72) ، والخطيب في ((التاريخ))
(4/ 301) من طريق يحيى بن سليم الطائفي، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرأ سورة الرحمن ... فذكره بمثله.
قال البزاز: ((لا نعلمه يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بهذا الإسناد)) .
وقال الشوكاني في ((فتح القدير)) (5/130) : ((صحيح السيوطي إسناده)) !
قلت: يحيى سليم الطائفي سيئ الحفظ كان يخلط في الأحاديث كما قال أحمد. أما صدقه، فصدوق.
وقال البخاري: ((ما حدث الحميدي عن يحيى فهو صحيح)) وليس هذا منها.

(2/5)


107- ((مَالِي لَمْ أرَ مِيكَائِيلَ ضَاحِكاً قَطُّ؟! قَالَ جِبريلُ: مَا ضَحِكَ مِيكَائِيلُ مُنذُ خُلِقَتِ النَّارُ)) . (1)
108- ((فَقِيهٌ وَاحدٌ أشَدُّ عَلَى الشَّيطَانِ مِنْ أَلفِ عَابدٍ)) . (2)
__________
(1) 107- ضعيف.
أخرجه أخمد (3/ 224) وفي ((الزهد)) ، وابن أبي الدنيا في ((كتاب الخائفين)) ، - كما في ((تخريج الإحياء)) للعراقي (4/181) ، وأبو الشيخ في ((العظمة)) (ق / 64 / 2- 65 / 1) والآجري في ((الشريعة)) (395) ، والطبراني - كما في ((الفتح)) (6/307) -، من طريق إسماعيل بن عياش، عن عمارة بن غزية، أنه سمع حميد بن عبيد مولى بني المعلى، يقول: سمعت ثابتا البناني، يحدث عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لجبريل - عليه السلام -: ما لي لم أر ميكائيل ... الحديث.
قال العراقي: ((إسناده جيد)) !!
وحسن إسناده السيوطي في ((الجامع الصغير)) !!
قلت: كذا قالا، وليس بصواب، فإن في الحديث علتين:
الأولى: إن إسماعيل بن عياش إن روى عن المدنيين، تقع المناكير في روايته. وعمارة بن غزية مدني.
الثانية: أن حميد بن عبيد ترجمه الحافظ في ((التعجيل)) (234) .
وقال: ((لا يدري من هو)) .
وقول الحافظ عقبه: ((هو مدني من موالى الأنصار)) لا يفيد في تعريفه شيئا 0
وقال الهيثمي (10/385) : ((رواه أحمد من رواية إسماعيل بن عياش عن المدنيين وهي ضعيفة وبقية رجاله ثقات)) .
ونقل المناوي في ((الفيض)) (5 / 452 - 453) كلام الهيثمي وقال: ((وبه يعرف ما في رمزه لحسنه)) أ. هـ‍ يعنى به الحافظ السيوطي والله أعلم.
(2) 108- باطل.
أخرجه الترمذي (2681) ، وابن ماجة (222) ، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (2/ 1/ 308) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (1/296) ، وابن عبد البر في ((الجامع)) (1/26) ، والخطيب في

((الفقيه والمتفقه)) (1/24) ، وفي ((التلخيص)) (2/643) ، والآجري في ((أخلاق العلماء)) (ص - 13) ، وابن عدي في ((الكامل)) (3/1004) ، وابن الجوزي في ((العلل)) (1/134) من طريق الوليد بن مسلم، ثنا روح بن جناح، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعا به.
قال الترمذي: ((هذا حديث غريب)) . ... =

=وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمتهم برفعه روح بن جناح ... وهذا الحديث من كلام ابن عباس، إنما رفعه روح بن جناح، قصدا أو غلطا)) . أ. هـ‍وفي ((التهذيب)) (3/292 -293) : ((قال الساجي: هو حديث منكر)) .
قلت: وروح بن جناح ضعيف، اتهمه ابن حبان وأبو سعيد النقاش. وله طريق آخر عن ابن عباس موقوفا عليه.
أخرجه أبو الشيخ في ((الطبقات)) (1/459) ، وعنه أبو نعيم في ((أخبار أصبهان)) (1/322) من طريق الزحاف بن أبي الزحاف الأصبهاني، قال: ثنا ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس قال: ((عالم أشد على إبليس من ألف عابد)) .
قلت: وهذا سند ضعيف.
أما الزحاف، فلا أعرف عن حاله شيئاً.
ثم ابن جريج مدلس، وقد عنعنه. ولا ينفعه ما رواه أبو بكر بن أبي خيثمة في ((تاريخه)) ، قال: حدثنا إبراهيم بن عرعرة، عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج قال: ((إذا قلت: ((قال عطاء)) ، فأنا سمعته منه، وإن لم أقل سمعت)) .
ولكني رأيت شيخا - محدث العصر - ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى حكى هذا القول، في ثلاثة مواضع من كتبه، ثم تساءل: هل إذا قال ابن جريج: ((قال عطاء)) ؟؟ ثم رجح التساوي!! فقال في
((الصحيحة (4/ 352/ 1757) في حديث رواه ابن جريح، عن عطاء.
قال الشيخ: ((وابن جريج وإن كان مدلسا، فروايته عن عطاء محمولة على السماع، لقوله هو نفسه: إذا قلت: قال عطاء، فأنا سمعته منه وإن لم أقل سمعت)) .
وكذا قال الشيخ- حفظه الله- في ((الصحيحة)) (1/52) وفي ((الإرواء)) (3/ 97) .
ولما التقيت بالشيخ - حفظه الله - في عمان، في المحرم سنة (1407) من الهجرة راجعته في هذا القول، فقال لي: إنه ما زال يرى صوابه؛ لأن ((قال)) تساوي ((عن)) عند غالب أهل العلم -
غير أن في قلبي شيئا من هذا القول، لأن المدلس إنما توزن أقواله وألفاظه. فابن جريج حدد كلمة بعينها، وجعلها كالسماع فيما يتصل بروايته عن عطاء وحده، فلا يجوز تسويتها مع غيرها في حق المدلس، وإن تساوت في المعنى اللغوي أو الإصلاحي، ولو شاء ابن جريج لقال: ((لو قلت: عن عطاء)) لاسيما والرواية بـ ((عن)) أكثر جدا من الرواية بـ ((قال)) ، ولذا أرى -والله أعلم - أن ابن جريج إن قال: ((عن عطاء)) فمن غير الممكن إن نجعلها سماعا. والعلم عند الله تعالى.
ثم وقفت على بعض الأحاديث التي أعلها شيخنا - وفقه الله ورعاه - بعنعنة ابن جريج، برغم أنه رواها ((عن)) عطاء.!
وانظر لذلك ((الصحيحة)) (رقم 229، 1692) . ... =
=وكذلك ((الضعيفة)) (رقم 160، 212، 258، 1009، 1184، 1387) وله شاهد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((لكل شيء دعامة، ودعامة الإسلام الفقه في الدين، ولفقيه أشد على الشيطان من ألف عابد)) .
أخرجه الخطيب في ((الفقيه والمتفقه)) (1/25) ، وابن الجوزي في ((العلل)) (1/135) من طريق ابن عدي، وهذا في ((الكامل)) (1/369) من طريق أبي الربيع السمان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
قال ابن عدي: ((وهذا الحديث لا أعلم رواه عن أبي الزناد، غير أبي الربيع السمان.
قلت: وأبو الربيع هذا، اسمه: أشعث بن سعيد، ضعفه ابن معين، وأحمد والنسائي، والبخاري. بل قال هشيم: ((كان يكذب)) وتركه الدارقطني.
وله طريق آخر عن أبي هريرة.
أخرجه الخطيب (2/402) ، وابن الجوزي في ((العلل)) (1/135) من طريق محمد بن عيسى قال: أنا عبد العزيز بن حاتم المعدل، حدثنا خلف بن يحيى، حدثنا إبراهيم بن محمد، عن صفوان بن سليم (عن سليمان) ابن يسار عن أبي هريرة مرفوع مثله.
قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه خلف بن يحيى قال أبو حاتم الرازي: لا يشتغل بحديثهم. وأما إبراهيم بن محمد فمتروك)) .
قلت: وخلف بن يحيى كذبه أبو حاتم، وكذا شيخه: وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى شيخ الشافعي كذبه ابن معين وغيره وتركه أحمد والنسائي وجماعة والسند الساقط. وبالجملة فالحديث باطل. والله أعلم.

(2/6)


109- ((مَنْ قَالَ فِي القُرآنِ بِرأيِهِ، أوْ بِمَا لا يَعلَمُ فَلْيَتَبوأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) . (1)
110- ((مَنْ قَالَ فِي القُرآنِ بِرَأيِهِ، فَأَصَابَ، فَقَدْ أخْطَأ)) . (2)
__________
(1) 109 - ضعيف.
أخرجه أبو داود - كما في ((أطراف المزي)) (4/ 423) [لا يوجد هذا الحديث في نسخ السنن التي بأيدينا، لأنها من رواية اللؤلؤي، وأما هذا الحديث فوقع في رواية ابن العبد، كما قال الحافظ العراقي في ((تخريج الأحياء)) . وابن العبد هو علي بن الحسن بن العبد الأنصاري، أحد رواة السنن عن أبي داود. والله الموفق] . والنسائي في ((فضائل القرآن)) (109/ 110) ، والترمذي (2951) ، وأحمد في ((المسند)) (2069، 2429، 2976، 3025) ، والطبري في ((تفسيره)) (73/ 74/ 75/ 76/ 77)) ، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 167- 168) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 11/ رقم 12392) وابن الأنباري في ((المصاحف)) ، والبيهقى في ((الشعب)) ، والخطيب في ((الفقه والمتفقه)) = = (1/ 57) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (1/257، 258) وفي ((تفسيره)) (1/34- 35) من طرق عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً.. فذكره.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) .
قلت: وسنده ضعيف فإن مداره على عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وقد ضعفه أحمد، وأبو زرعة، وابن سعد، وقال أبو حاتم، وابن معين، والنسائي، والدارقطني: ((ليس بالقوي)) .
قال الحافظ في ((التهذيب)) : ((وصحح له الحاكم وهو من تساهله)) . ...
(2) 110- ضعيف.
أخرجه أبو داود (3652) ، والنسائي ((فضائل القرآن)) (111) ، والترمذي (2953) ، وأبو يعلى
(3/ 90) ، والطبري (رقم 80) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 2/ رقم 1672) وابن عدي (3/ 1288) ، وابن الأنباري في ((المصاحف)) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (1/ 258- 259) وفي

((تفسيره)) (1/35) ، والبيهقي في ((الشعب)) ، والخطيب في ((الفقيه والمتفقه)) (1/ 57) ، وابن النجار في ((ذيل تاريخ بغداد)) (2/72) من طرق عن سهيل بن أبي حزم، ثنا أبو عمران الجوني، عن جندب بن عبد الله البجلي مرفوعاً فذكره.

قال البغوي: ((غريب)) . [وذكر أبو حاتم في ((العلل)) (2/64) علة أخرى له، وضحتها في كتأبي ((جنة المستغيث بشرح علل الحديث)) لابن أبي حاتم يسر الله إتمامه بخير] .
قلت: ونقل بعضهم عن الترمذي أنه قال: ((حديث غريب)) ولكني لم أجده في نسختي من ((السنن)) فلعله سقط من الطابع أو هو في نسخة أخرى. والله أعلم.
وهذا الحديث ضعيف لأجل سهيل بن أبي حزم، فقد ضعفه أحمد، والبخاري، وأبو حاتم، وغيرهم.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (6/2130) من طريق محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس مرفوعاً: ((من قال في القرآن برأيه، فإن أصاب، لم يأجر)) .
وهذا حديث ساقط ومحمد بن السائب الكلبي كذبه غير واحد وشاهد من حديث ابن عمر رضى الله عنهما مرفوعاً ولفظه: ((من فسر القرآن برأيه، فأصاب، كتبت عليه خطيئة)) !
أخرجه الديلمي ((مسند الفردوس)) ، والنقاش في ((تفسيره)) من طريق نوح بن أبي مريم، عن زيد العمى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر مرفوعاً. فذكره.
قلت: وهذا ساقط أيضاً، ونوح بن أبي مريم: هو الكذاب المعروف الذي وضع أحاديث فضائل سور القرآن حتى قال فيه ابن حبان ((جمع كل شيْ إلا الصدق)) !! =
= وفي الباب عن أبي هر يره مرفوعاً بلفظ: ((من فسر القرآن برأيه، وهو على وضوء، فليعد وضوئه)) !!
أخرجه الديلمي في ((مسند الفردوس)) وفي سنده عثمان بن مطر.
قال ابن حبان: ((يروي الموضوعات عن الأثبات)) .
وقال الزبيدي في ((إتحاف السادة)) . ((منكر جداً)) .

(2/7)


111- ((لَسْتُ مِنْ دَدٍّ، وَلاَ الدَدُّ مِنِّي، وَلَسْتُ مِنَ البَاطِلِ وَلاَ البَاطِلُ مِنِّي)) . (1)
__________
(1) 111- ضعيف.
أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (785) ، والبزار (ج 3/ رقم 2402) ، والطبراني في ((الأوسط)) (ج 1/ رقم 415) ، والعقيلي (4/ 427) ، وابن عدي في ((الكامل (7/ 2698) ، والدولأبي في
((الكنى)) (1/ 179) ، والبيهقي (10/ 217) من طرق عن يحيى بن محمد بن قيس، سمعت عمرو بن عمرو مولى المطلب، سمعت أنس بن مالك ... فذكره مرفوعاً.
قال البزار: ((لا نعلمه يروي إلا عن أنس، ولا نعلم رواه عن عمر، إلا يحيى بن محمد بن قيس)) .
قلت: بل رواه غير أنس، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وقال الطبراني: ((لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن أبي عمرو، إلا أبو زكير)) .
وقال ابن عدي: ((وهذا الحديث يعرف بيحيى بن قيس)) .
وقال العقيلي: ((لا يتابعه عليه إلا من هو دونه)) .
قلت: أما يحيى بن محمد بن قيس، فكان كثير الغلط فيما يروي وضعفه ابن معين وغيره، لكن عمرو بن علي: ((ليس بمتروك)) وهو كما قال. لكن عد الأئمة هذا الحديث من منكراته كما نقل الهيثمي عن الذهبي في ((المجمع)) (8/ 226) . وهو ظاهر كلام ابن عدي وقد خالفه الدراوردي، فرواه عن عمر بن أبي عمرو عن معاوية بن أبي سفيان.
فنقل الحديث من ((مسند أنس)) إلى ((مسند معاوية)) .
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 19/ رقم 794) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن نصر، أبو جعفر الترمذي، ثنا الدراوردي به.
قلت: والدرواردي: هو عبد العزيز بن محمد وهو من رجال مسلم، ولا يختلف أحد في أنه أوثق من يحيى بن محمد، غير أن في السند إليه عللاً تمنع من القول بصحة هذه المخالفة.
قال الهيثمي في ((المجمع)) (8/226) : ((رواه الطبراني عن محمد بن أحمد بن نصر الترمذي، عن محمد بن عبد الوهاب الأزهري ولم أعرفهما وبقية رجاله ثقات)) !!

قلت: كذا قال - يرحمه الله - وفي نقده خلل من وجوه: ... =
=الأول: أن محمد بن أحمد بن نصر، أبو جعفر الترمذي، معروف مشهور كان شيخ الشافعية بالعراق في وقته وقد سأل عنه الدارقطني فقال: ((ثقة مأمون)) - نقله الذهبي في ((السير)) (13/546) .

وقال الأخ حمدي السلفي في تعليقه ((المعجم)) : ((وهو ثقة إلا أنه اختلط اختلاطاً عظيماً.... وكان عُمر الطبراني اثنين وثلاثين سنة فالظاهر أنه روى عنه بعد اختلاطه)) أ. هـ‍.
قلت: نحن لا نسلم أصلاً بدعوى الاختلاط، لأننا لا نعرف من الذي نقلها، فقد قال في ((تاريخ بغداد)) (1/ 366) : ((وقيل كان قد اختلط في آخر عمره اختلاطاً عظيماً)) .
وكذا نقله الذهبي في ((السير)) فمن هذا الناقل؟!
ولسنا نحتج بمثل هذا النقل الواهي في تجريح الثقاة والله أعلم 0
الثاني: وقوله: ((وبقية رجاله ثقات)) !
قلت: كيف هذا؟!!
ومحمد بن إسماعيل الجعفري، قال أبو حاتم: ((منكر الحديث)) .
وقال أبو نعيم: ((متروك)) .
وبعد كتابة ما تقدم، رأيت ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2/266) قال: ((سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ابو زكير يحيى بن محمد بن قيس المدني ... فساقه فقالا: هكذا رواه أبو زكير، ورواه الدراوردي، عن عمر، عن المطلب بن عبد الله، عن معاوية بن أبي سفيان، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قلت لأبي زرعة أيهما عندك أشبه)) ؟ قال: ((الله أعلم. ثم تفكر ساعة، فقال: حديث الدراوردي أشبه. وسألت أبي: فقال: حديث معاوية أشبه)) أ. هـ‍.
قلت: كذا رجح الإمامان أبو زرعة وأبو حاتم حديث الدراوردي ويغلب على ظني أنهما فعلا ذلك لترجيح الدراوردي على يحيى بن محمد لكن الشأن في الطريق إلى الدراوردي، وفيه ما ذكرته لك سلفاً إلا أن يقال: إن له طريقاً آخر إلى الدراوردي وغير طريق الطبراني. فالله أعلم.
الثالث: أن محمد بن عبد الوهاب الأزهري، وهو شيخ شيخ الطبراني لم اقطع فيه بشيء، لكنني أظنه ((محمد بن عبد الوهاب الحارثي)) وقد روى الطبراني في ((الكبير)) (ج 11/ رقم 11249) حديثاً فقال: حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، ثنا محمد بن عبد الوهاب الحارثي)) وقد قال الهيثمي في ((المجمع)) (10/ 366- 367) : ((محمد بن عبد الوهاب الحارثي ثقة)) أ. هـ‍. فيقع لي أنه هو. والله أعلم.
وللحديث شاهد جابر بن عبد الله رضى الله عنهما.
أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 1/ ق 9/ 2، ق 10/ 1) قال: حدثنا أبو الفضل السدوسي من حفظه إملاء، حدثني أبي، عن أبي عاصم النبيل، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً.. فذكره 0 ... =
=قلت: شيخ الإسماعيلي وأبوه، لم أهتد إليهما، وبقية رجال السند ثقات، غير تدليس ابن جريج وأبي الزبير. والله أعلم.
وبالجملة: فالحديث لا يصح لضعفه من جميع طرقه. والله تعالى الموفق. ?

(2/8)


112- ((الرّفقُ في المَعيشَةِ، خَيرٌ مِن بَعض التِّجارَةِ)) . (1)
113- ((يُوشِكُ أنْ يَملأَ اللهُ أيديَكُمْ مِنَ العَجَمِ، ثُمَ يَجعَلَهُمْ أُسداً لاَ يَفِرُّونَ. فَيَقتُلُونَ مُقَاتِلِيكُمْ، وَيَأكُلُونَ فَيئَكُمْ)) . (2)
__________
(1) 112- منكر.
أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 1/ ق 15/ 2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (2/ 651) من طريق حجاج بن سليمان الرعيني قال: قلت لابن لهيعه: كنت أسمع بعض عجائزنا يقلن: ((الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة)) فقال ابن لهيعه، حدثني محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً فذكره.
قال ابن عدي في ترجمة حجاج، بعد أن ساق أحاديث: ((وهذه الأحاديث يتفرد بها حجاج عن ابن لهيعة، ولعلها قد أتت من قبل ابن لهيعه لا من قبل حجاج، فأن ابن لهيعه له أحاديث منكرات يطول ذكرها إذا ذكرناها)) . أ. هـ‍.
قلت: وأنا أرجح أن هذا الوهم وقع من أبي لهيعه لغفلته وسوء حظه، فأن حجاجاً قد توبع، تابعه عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن ابن لهيعه به.
أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) كما في ((المجمع)) (4/ 77) ، وابن عدي (4/ 1465) .
قال ابن عدي: ((وهذا لا أعلم يرويه عن ابن المنكدر غير ابن لهيعه، وعن ابن لهيعه حجاج بن سليمان وأبو صالح)) .
قلت: وأبو صالح وإن تكلموا فيه، فإن متابعته لحجاج الرعيني تبرئ عهدته من نكارة هذا الحديث، ونعصب الجناية برأس ابن لهيعه، ولعله أخذه عن متروك أو نحوه فدلسه، والتصريح بالسماع في الطريق الأول لا قيمة له لضعفه. ولعله وهم فرفعه والله أعلم.
(2) 113- ضعيف.
أخرجه البزار (ج / رقم 3364) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 16) من طريق خالد بن يزيد بن مسلم، ثنا البراء بن يزيد الغنوي، ثنا قتادة، عن أنس مرفوعاً به.

قال البزار: ((لا نعلمه يروي عن أنس مرفوعاً، إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن قتادة إلا البراء، وليس به بأس، وقد حدث عنه جماعة كثيرة)) أ. هـ‍. ... =
= قلت: بل البراء يزيد الغنوي ضعيف، ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم، وقال ابن حبان:
((كان هذا الغنوي كثير الاختلاط، كثير الوهم فيما يرويه)) .

فقول البزار: ((ليس به بأس)) فيه نوع تساهل، كما عرف عنه رحمه الله ونبهت عليه في غير موضع. على أن الحافظ نقل عن البزار أنه قال: ((ليس بالقوي وقد احتمل حديثه)) ، وفي هذا النقل فائدة تبين لنا أن من قال فيه البزار: ((ليس به بأس)) يعمي في الشواهد والمتابعات. على أن الحديث فيه علة أخرى وهي: ((خالد بن يزيد بن مسلم)) .
قال الهيثمي في ((المجمع)) (7/ 310) : ((خالد بن يزيد بن مسلم لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات)) !!
قلت: كذا قال - يرحمه الله - وفيه نظر من وجهين:
الأول قوله: ((خالد بن يزيد بن مسلم، لم أعرفه)) مع أنه معروف فقد ترجمه العقيلي وقال: ((الغالب على حديثه الوهم)) .
ونقله عنه الذهبي في ((الميزان)) !!
الثاني: قوله: ((وبقية رجاله ثقات!! وقد عرفناك أن البراء بن يزيد ضعيف.
وفي الحديث علة ثالثة. قال العقيلي: ((ليس لهذا الحديث، من حديث قتادة أصل، إنما يروي هذا عن الحسن، عن سمرة)) .
وهذا الذي أشار إليه العقيلي:
أخرجه أحمد (5/17، 21، 22) ، والبزار (ج 4/ رقم 3366) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 7/ رقم 6921) ، والعقيلي (2/ 16) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (3/24- 25) ، والإسماعيلي في
((معجمه)) (ج1/ ق43/ 2- ق 44/ 1) من طرق عن حماد بن سلمة، عن يونس بن يزيد، عن الحسن، عن سمرة بن جندب مرفوعاً به.
قال البزار: ((لا نعلمه يروي عن سمرة إلا من هذا الوحه، ولا نعلم رواه عن يونس إلا حماد)) .
وقال أبو نعيم: ((غريب من حديث يونس، تفرد به حماد)) .
قلت: لم يتفرد به حماد كما قالا، بل تابعه هشيم بن بشير، عن يونس به.
أخرجه أحمد (5/11، 22) . قال الهيثمي (7/310) : ((رجاله رجال الصحيح)) !
قلت: وليس يعني هذا الحكم أن السند صحيح كما لا يخفى، بل السند ضعيف لأجل عنعنة الحسن البصري، فقد كان مدلساً.
وله شاهد من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -.
أخرجه البزار (ج 4/رقم 3365) ، والحاكم (4/ 519) من طريق محمد بن يزيد بن سنان، عن أبيه، ثنا سليمان الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة مرفوعاً فذكره.
قال البزار: ((لا نعلمه يروي عن حذيفة إلا بهذا الإسناد، ولا رواه عن الأعمش إلا يزيد)) . =
= أما الحاكم فقال: ((صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) !! فتعقبه الذهبي بقوله: ((بل محمد واه، كأبيه)) . وقال الهيثمي (7/ 311) : ((فيه يزيد بن سنان وهو متروك)) .
فاقتصر على إعلاله بالأب دون الولد!! .
وشاهد آخر من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (7/ 310) -، والبزار (ج 4/ رقم 3363) من طريق عبد الله بن عبد القدوس، عن يونس بن خباب، ومن طريق أبي يحيى التميمي، عن ليث، كلاهما عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً به.
قال البزار: ((لا نعلمه عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً إلا بهذا الإسناد)) .
وقال الهيثمي: ((فيه عبد الله بن عبد القدوس وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، ويونس بن خباب ضعيف جداً)) .
قلت: كلاهما متابع، ولكن المتابعة شديدة الضعف. فأما أبو يحيى التميمي فإنه متروك الحديث. وليث بن أبي سليم ضعيف. والله أعلم.

(2/9)


114- ((حَلَفَ اللهُ - عز وجل - بِعِزَّتِهِ وَقُوَّتِهِ، لاَ يَتركُ عَبدٌ لباسَ الحريرِ في الدُنيا، إلا ألبسَهُ اللهُ إيَّاهُ يَومَ القيامَةِ، في حَظيرَةِ القُدسِ. وَلا يَتركُ عَبدٌ لباسَ الذَّهبِ وَالفِضةِ وَهُوَ يَقدِرُ عَليهمَا، إلا ألبَسهُ اللهُ إيَّاهُما يَومَ القِيامَةِ في حَظِيرةِ القُدسِ. وَلا يَتركُ الخمرَ في الدنيا، إلا سَقَاهُ اللهُ إيَّاهُ يَومَ القيامةِ في حَظيرةِ القُدسِ)) (1)
115- ((صَغِّروا الخُبزَ، وَأكثِرُوا عَدَدَهُ، يُبَارَكُ لَكُم فِيهِ)) . (2)
__________
(1) 114- ضعيف جداً.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (2/586) ، والسهمي في ((تاريخ جرجان)) (401) عن الإسماعيلي، وهذا في ((معجمه)) (ج 2/ ق 59/ 2- ق 60/ 1) من طريق جميع بن ثوب، وحدثنا خالد بن معدان، عن أبي أمامة مرفوعاً فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف جداً، وآفته جميع بن ثوب متروك الحديث كما قال النسائي.
وقال البخاري، والدارقطني: ((منكر الحديث)) .
وقال ابن عدي: ((وحديثه يتبين عليه أنه ضعيف)) .
(2) 115- باطل.
أخرجه أبو الفتح الأزدي في ((الضعفاء)) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (2/ 292) ، والإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 2/ ق 69/ 1-2) من طريق عبد الله بن إبراهيم، حدثنا جابر بن سليم الأنصاري، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة مرفوعاً به. =

= قال ابن الجوزي: ((هذا الحديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والمتهم به جابر بن سليم، قال أبو الفتح الأزدي: هو منكر الحديث، لا يكتب حديثه)) أ. هـ‍. فتعقبه السيوطي في ((اللآلئ)) (2/216) بقوله: ((قلت: قال في ((اللسان)) ، قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: سمعت منه، وهو شيخ ثقة مدني، حسن الهيئة [ذكره عبد الله عن أبيه في ((العلل)) (2/200] . قال: وهذا الخبر منكر لا شك فيه، وقد أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) من هذا الوجه، فلعل الآفة ممن دونه)) . أ. هـ‍.

قلت: وعبد الله بن إبراهيم، لم أقطع فيه بشيء، ولكن يقع لي أنه عبد الله بن إبراهيم المؤدب، فانه في نفس الطبقة ويروي عن سويد بن سعيد. فان يكن هو فقد كذبه الدارقطني، وإن كان آخر فلم أعرفه. فلعله الآفة منه كما ذكر الحافظ وللحديث شاهد عن أبي الدرداء مرفوعا: ((قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه)) . [قوله ((قوتوا)) يعني صغروا كما نقله البزار عن شيخه، وكذا رواه السلفي في ((الطيوريات)) عن الوزاعي.
أخرجه الطبراني في ((معجمه)) ، والبزار (ج 3/رقم 2876) من طريق بقية بن الوليد، عن أبي بكر أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي الدرداء به.
قال البزار: ((لا نعلمه يروي متصلا إلا بهذا الإسناد، عن أبي الدرداء. وإسناده حسن، من أسانيد أهل الشام)) !
قلت: وهذا من الأدلة على تساهل البزار - رحمه الله - في النقد، فان السند ضعيف جداً، وفيه علتان:
الأولى: تدليس بقية بن الوليد. وكان يدلس التسوية.
الثانية: أن أبا بكر بن أبي مريم واه كما قال الذهبي، وقد تركه الدارقطني وابن حبان، وعامة أهل العلم على تضعيفه، فأنى له الحسن؟!!

(2/10)


116- ((إنَّ أحَادِيثِي يَنسِخُ بَعضُهَا بَعضاً، كَنَسخِ القُرآنِ)) . (1)
117- ((شِعَارُ أُمتِي إذَا حُمِلُوا عَلَى الصِّرِاطِ: ((لاَ إلَهَ إلاَّ أنتَ)) . (2)
__________
(1) 116 - موضوع.
أخرجه ابن شاهين في ((الناسخ والمنسوخ)) (ق 1/1) ، والدارقطني (4/145) ومن طريقه أبو الفتح المقدسي في ((تحريم نكاح المتعة)) (134) ، والحازمي في ((الاعتبار)) (ص -50) من طريق عمر بن شبة، أخبرنا محمد بن الحارث الحارثي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعا فذكره.
قال الحازمي: ((إنما يعرف هذا الحديث من رواية ابن البيلماني، وهو صاحب مناكير لا يتابع في حديثه)) .
قلت: وهذا سند ساقط مسلسل بالضعفاء.
محمد بن الحارث هو ابن زياد تركه الفلاس، وضعفه أبو حاتم، وقال ابن معين: ((ليس بثقة)) .
محمد بن عبد الرحمان بن البيلماني، قال البخاري، وأبو حاتم والنسائي: ((منكر الحديث)) . =
= وقال ابن حبان: ((حدث عن أبيه بنسخه شبيها بمائتي حديث كلها موضوعه)) .
وقال بندار: ((البلية من ابن البيلماني)) .
وعبد الرحمن بن البيلماني، لينه أبو حاتم، وضعفه الدارقطني وقال: ((لا تقوم به حجه)) .
وله شاهد من حديث جابر - رضي الله عنه -.
أخرجه الدارقطني (4/145) ، ومن طريقه أبو الفتح المقدسي في ((تحريم نكاح المتعة)) (135) من طريق جبرون بن واقد، حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا: ((كلامي لا ينسخ كلام الله وكلام الله ينسخ كلامي، وكلام الله ينسخ بعضه بعضا)) .
قلت: وسنده تأليف.
وآفته: جبرون بن واقد الإفريقي.
قال الذهبي: ((متهم فإنه روى بقلة حياء عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا: كلام الله ينسخ كلامي.... وهو موضوع)) . أ. هـ‍.
والحق أن السنة تنسخ القرآن، وأعني بها السنة المشهورة، وقال بعض العلماء: إن أحاديث الآحاد تنسخ القرآن، وهذا القول فيه خلاف طويل.

فمذهب الحنفية يأباه، والمشهور من مذهب الشافعي أن القرآن لا يُنسخ بالسنة، وكذلك رواية عن أحمد. وللمسألة تفصيل في كتب ((أصول الفقة)) . ...
(2) 17- ضعيف جداً.

أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (ج 1/رقم 160) ، وفي ((الدعاء)) (ج 7/ق 171/2) قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان قال: حدثنا عبدوس بن محمد المصري، قال: حدثنا منصور بن عمار، ثنا ابن لهيعه، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا فذكره.
قال الهيثمي في ((المجمع)) (10/359) : ((رواه الطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط)) وفيه من وثق على ضعفه، وعبدوس بن محمد لم أعرفه)) !! وتبعه المناوي في الفيض (4/161) ولكنه وسع عبارة الهيثمي!! فقال ((وعبدوس بن محمد لا يعرف)) !!
قلت: وهذا سند ضعيف جداً وفيه علل:
شيخ الطبراني، لم أهتد إليه، سوى أنه من الرواة عن الأمام أحمد - كما في ((طبقات الحنابلة)) (1/84) . ... =
= عبدوس بن محمد المصري، قال الهيثمي: ((لم أعرفه)) !! وقد ترجمه الخطيب في ((التاريخ)) (11/115) وحكى عن ابن يونس أنه قال: ((عبدوس بن محمد القاص، بغدادي قدم مصر وكان يقص بها، وكتبت عنه)) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
منصور بن عمار، قال أبو حاتم: ((ليس بالقوي)) .
وقال ابن عدي: ((منكر الحديث)) .
وقال الذهبي: ((وأحاديثه تدل على أنه واه)) .
عبد الله بن لهيعه الكلام فيه مشهور، خلاصته أن روايته ضعيفة إذ لم يرو عنه أحد الذين سمعوا منه قديماً.
وقد روى بلفظ آخر وهو: =

(2/11)


118- ((شِعَارُ المُؤمِنينَ عَلَى الصِراطِ يَومَ القِيامَةِ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ)) . (1)
119- ((لا يدخل ولد الزنا الجنة، ولا شيء من نسله إلى سبعة آباء)) .
120- ((الخَلقُ كُلُّهُمْ عِيالُ اللهِ، فَأحبُّهُم إلى اللهِ أنفَعُهُم لِعِيالِهِ)) . (2)
__________
(1) 118- ضعيف.
أخرجه الترمذي (2432) ، والحاكم (2/ 375) ، والخطيب في ((التاريخ)) (4/ 223/ و11/227) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 916) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن المغيرة بن شعبة، فذكره مرفوعاً.

قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق)) .
وقال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)) ووافقه الذهبي!!
قلت: وهو عجيب لا سيما من الذهبي - يرحمه الله تعالى -، فقد بدأ ترجمة عبد الرحمن بن إسحاق بقوله: ((ضعفوه)) وساق فيه أقوال الناس، وكلها تؤيد الحكم بالضعف، هذا، فضلاً عن أن مسلماً لم يخرج له شيئاً، ولعله اختلط عليهما بـ ((عبد الرحمن بن إسحاق المدني)) .
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)) .
(2) 120- ضعيف جداً.
أخرجه أبو يعلى (ج6/ رقم 3315) ، وابن أبي الدنيا في ((قضاء الحوائج)) (ص - 78) ، والبزار (ج2/ رقم 1949) ، والحارث بن أبي أسامة في ((مسنده)) - كما في ((المطالب)) (897) ، - وابن عدي في ((الكامل)) (7 /2610، 2611) من طرق عن يوسف بن عطية، عن ثابت البناني، عن أنس مرفوعاً فذكره. قال الحافظ: ((تفرد به يوسف، وهو ضعيف جداً)) .
وقال الهيثمي 8/ 191: ((فيه يوسف بن عطية، وهو متروك)) .
وله شاهد من حديث ابن مسعود، - رضي الله عنه -.
أخرجه الطبراني في (الكبير) (ج 10/رقم 10033) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (2/102) من طريقين عن موسى بن عمير عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً.
قال أبو نعيم: ((غريب من حديث الحكم، لم يروه عنه إلا موسى بن عمير)) .
قلت: وموسى بن عمير كذبه أبو حاتم وقال: ((ذاهب الحديث)) .
وقد رواه عن موسى بن عمير اثنان من الضعفاء:
أحدهما: جبارة بن المغلس.
والثاني: إسحاق بن كعب.
وقد اختلف في إسناده. ... =

=فأخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (6/2340) ، والخطيب (6/334) من طريق جبارة، وإسحاق كليهما عن موسى بن عمير عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، عن ابن مسعود مرفوعاً.
فصار شيخ إبراهيم فيه: ((الأسود)) بدل ((علقمة)) وتابعهما النضر بن سعيد، ثنا موسى بن عمران به. فجعل شيخ إبراهيم هو: ((الأسود)) .
أخرجه أبو نعيم (4/ 237) . والنضر بن سعيد ضعفه ابن نافع.
فالظاهر أن الاختلاف هو من موسى بن عمير هذا وله طريق آخر عن ابن مسعود.

أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (5/ 1810) من طريق عثمان بن عبد الرحمن، عن حماد بن أبي سليمان، عن شقيق، عن ابن مسعود مرفوعاً: ((الخلق عيال الله، فأحب عياله، ألطفهم بأهله) .
قلت: وعثمان بن عبد الرحمن وهَّاه أبو حاتم، وجهله البخاري. وقال ابن عدي: ((عامة أحاديثه لا يوافقه عليه الثقات، وله غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه مناكير، إما إسناد وإما متناً) .

(2/12)


121- ((حُكمِي عَلَى الوَاحِدِ، حُكمِي عَلَى الجَماعَةِ)) . (1)
__________
(1) 121- لا أصل له بهذا اللفظ.
كما قال الحافظ العراقي في ((تخريج أحاديث المنهاج)) للبيضاوي (293) .
وتبعه عليه السخاوي في ((المقاصد)) (192) ، والعجلوني في ((كشف الخفا)) (1/ 436) ، ونقله عن ابن قاسم العبادي في ((شرح الورقات الكبير)) وكذا نقل ملا علي القارئ في ((المصنوع)) (ص 95) .
وقال الزركشي في ((الدرر)) : ((لا يعرف)) . وقال في ((المعتبر)) (157) : ((لا يعرف بهذا اللفظ)) .
وقال الحافظ ابن كثير ((تحفة الطالب)) (286) : ((لم أر بهذا قط سنداً. وسألت عنه شيخنا الحافظ جمال الدين أبا الحجاج المزي، وشيخنا الحافظ، أبا عبد الله الذهبي مراراً، فلم يعرفا بالكلية)) !
وقال الحافظ ابن حجر في ((موافقة الخُبر الخَبر)) (ق 129 / 2) : ((وقال السبكي أنه سأل الذهبي عنه، فلم يعرفه)) .
قلت: ولكن معناه ثابت كما قال الزركشي، فقد:
أخرج مالك (2/ 982- 2) والسياق له، والنسائي في ((السنن)) (7/ 149) ، وفي ((التفسير))

و ((السير)) - كما في ((أطراف المزي)) (11/ 269) ، والترمذي (1597) ، وابن ماجة (2874) مختصراً، وأحمد (6/ 357) ، والحميدي (341) ، والطياليسي (1621) ، وابن حبان (14) ، والدارقطني (4/ 146، 147) ، والطبري في ((تفسيره)) (28/ 52، 53) ، والحاكم (4/ 71) ، والبيهقي (8/148) من طرق عن محمد بن المنكدر، عن أميمية بنت رقيقة؛ أنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عَلَيهِ وآله وسلم في نسوة يبايعنه على الإسلام. فقلن: يا رسول الله! نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئاً، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بَينَ أيدينا وأرجلنا، = = ولا نعصيك في معروف. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((في ما استطعتن، وأطقتن)) . قالت: فقلن: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا. هلم بيايعك يا رسول الله! ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني لا أصافح النساء، أنما قولي لمائة أمراة، كقولي لإمراة واحدة، أو مثل قولي لأمرأة واحد)) .

ومن هذا الوجه أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (6/ 7/ 9826) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 24/ رقم 470، 471، 472، 473، 476) .
وقد رواه عن ابن المنكدر جماعة منهم: ((سفيان الثوري، وابن عيينة، ومالك، وورقاء بن عمر اليشكري ومحمد بن إسحاق، وعمرو بن الحارث، وغيرهم) .
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث محمد بن المنكدر.....
وسألت محمد عن هذا الحديث، فقال: لا أعرف لأميمة بنت رقيقة غير هذا الحديث)) .
قلت: والشاهد من هذا الحديث يقع في الجملة الأخيرة منه. وهو يؤدي معنى حديث الباب. والله أعلم.

(2/13)


122- ((لاَ يَصلُحُ - يَعني المَسجِدَ - لِجُنُبٍ، وَلاَ لِحَائضٍ، إلاَّ لِلنَّبي، وَلأَزواجِهِ. وَعَليٍّ، وَفَاطِمَةَ بِنتِ مُحَمدٍ)) . (1)
__________
(1) 122- منكر.
أخرجه ابن أبي حاتم في (العلل) (1/ 99/ 269) قال: ((سمعت أبا زرعة، وذكر حديثا حدثنا به، عن أبي نعيم، عن ابن أبي غنية، عن أبي الخطاب، عن محدوج الذهلي، عن جسرة، قالت: أخبرتني أم سلمة، قالت: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى صرحة هذا المسجد [فقال] : ((لا يصلح.... الحديث) .
وأخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 23/ رقم 883) حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم بسنده سواء، وزاد في آخره: ((.... ألا بينت لكم أن تظلوا)) .
وعند البيهقي (7/ 65) : (( ... ألا قد بينت لكم الأسماء أن لا تظلوا)) .
قلت: وهو منكر بهذا السياق.
وقد أخرجه ابن ماجة (645) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن يحيى، قالا: ثنا أبو نعيم بسنده سواء، لكنه لم يذكر قوله ((إلا للنبي، ولأزواجه.... الخ) .
قلت: وسنده ضعيف جداً، وفيه علل ثلاثة، بل أربعة:
الأولى والثانية: جهالة أبي الخطاب ومحدوج.
الثالثة: ضعف جسرة بنت دجاجة كما يأتي.
الرابعة: الاختلاف في سنده على جسرة. ... =
=فقد رواه أفلت بن خليفة، قال: حدثتني جسرة بنت دجاجة، قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها، تقول: ((جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد) . ثم دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يصنع شيئاً، رجاء أن تنْزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعد، فقال: ((وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فأني لا أحل المسجد لحائظ ولا جنب)) .

أخرجه أبو داود (232) ، والبخاري في ((الكبير)) (1/ 2/67) ، وابن خزيمة (1327) ، والدولابي في (الكنى) (1/ 150- 151) ، والبيهقي (2/ 442- 443) من طرق عن أفلت بن خليفة به وزاده الولابي والبيهقي: (( ... إلا لمحمد، وآل محمد)) وهو عند البخاري.
قلت: ووجه الاختلاف أنه نقل الحديث من مسند أم سلمة إلى مسند ((عائشة)) رضي الله عنهما. ورجح أبو زرعة حديث عائشة.
قال ابن حزم في ((المحلى)) (2/ 186) : ((أما أفلت، فغير مشهور ولا معروف بالثقة)) .

وقال الخطابي في (المعالم) (1/ 78) : (( ... وكان أحمد بن حنبل وجماعة من أهل الظاهر يجيزون للجنب دخول المسجد، إلا أن أحمد كان يستحب له أن يتوضأ، إذا أراد دخول المسجد، وضعفوا هذا الحديث، وقالوا: أفلت، راوية: مجهول لا يصح الاحتجاج بحديثه)) .
وقال البغوي في ((شرح السنة)) (2/ 46) : (.. وجوز أحمد والمزي المكث فيه، وضعف أحمد الحديث؛ لأن راوية هو أفلت بن خليفة: مجهول) . أ. هـ‍.
قال الشوكاني في (النيل) (1/270) : ((وليس ذلك بسديد، فإن أفلت وثقه ابن حبان. وقال أبو حاتم شيخ. وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به. وروى عن سفيان الثوري وعبد الواحد بن زياد. وقال في (الكاشف) : ((صدوق)) . وقال في ((البدر المنير)) : (بل هو مشهور ثقة) . أ. هـ‍
قال الحافظ في ((التلخيص (1/140) : ((وأما قول ابن الرفعه في أواخر شروط الصلاة بأنه متروك، فمردود، لأنه لم يقله أحد من أئمة الحديث)) .
وأما جسرة بنت دجاجة فقد قال البخاري في ((التاريخ)) : ((عند جسرة عجائب)) !!
فقال ابن القطان - كما في ((نصب الراية)) (1/194) : ((وقول البخاري لا يكفي في إسقاط ما روت)) .
قال الحافظ في ((التهذيب)) بعد ما ذكر من الكلام ابن القطان: ((كأنه يعرض بابن حزم، لأنه زعم أن حديثها باطل)) .
قلت: لا يظهر لي ما فهمه الحافظ رحمة الله من مقالة ابن القطان، لأن ابن حزم عند نقده لطرق الحديث ((المحلى)) لم يذكر شيئاً عن جسرة، وإنما أسقط حديثها بسبب آخر في السند إليها. فظاهر كلام ابن القطان يتوجه إلى الرد على مقالة البخاري. والله أعلم. ... =
=قال الشوكاني في ((النيل)) : ((قال ابن القطان: وقول البخاري في جسره: ((إن عندها عجائب)) لا يكفي أخبارها. وقال العجلي: تابعية ثقة. وذكرها ابن حبان في الثقات. وقد حسن ابن القطان حديث جسرة هذا عن عائشة، وصححه ابن خزيمة. قال ابن سيد الناس: ولعمري إن التحسين لأقل مراتبه؛ لثقة رواته، ووجود الشواهد من الخارج ... )) . أهـ‍.
وقال أيضا في ((السيل الجرار)) (1/ 109) : ((هو حديث صحيح)) !!
قلت: وهو تجاوز بلا شك، والجواب من وجوده.
الأول: أن رد ابن القطان لمقالة البخاري ضعيف وذلك أننا إن سلمنا أن جسرة لها ((أخبار)) فان الحجة لاتقوم بحديثها إلا بالشواهد وهذا ما فهمه الحافظ ابن حجر، حيث قال في ((التقريب)) : ((مقبولة)) . يعني عند المتابعة.
أما حديث الباب، فأين الشواهد المجدية التي يدعيها الشوكاني ومن سبقه كابن سيد الناس؟!!
فكل الشواهد التي وقفت عليها - ولم يأت الشوكاني بزيادة عليها - ضعيفة لا تصلح للاعتبار.
ولئن سلمنا جدلا أنها تصلح في تقوية حديث جسرة، فهي إنما تتعلق بالجنب فقط، ولم يأت شيء ثابت في حق الحائض.
الثاني: أن العجلي متساهل في التوثيق.
الثالث: أن ذكر ابن حبان لها في الثقات لا ينفعها أيضا؛ لتساهله المشهور. بيد أن لي نظرا في التفريق بَينَ قولنا: ((ذكرها ابن حبان في الثقات)) ، وَبَينَ أن ينص ابن حبان على ثقتها ذَلكَ أن ابن حبان إن صرح بأن راويا ما ((ثقة)) ، فَهَذَا يدلك على أنه وقف على مروياته، وسبرها، فظهر لَهُ أنه مستقيم الحديث، بخلاف ما لو ذكر الراوي في ((الثقات)) ولم ينعته بشيء، فَهَذَا يدل ? لاسيما في المقلين ? على أنه لا يعرف عن روايته كبير شيء، وإنما ذكره بناء على قاعدته التي ذكرها في ((الثقات)) ، فَقَالَ:
((العدل من لم يعرف فيه الجرح، إذ التجريح ضد التعديل، فمن لم يجرح فهو عدل حتى يتبين جرحه، إذ لم يكلف الناس ما غاب عنهم)) أهـ‍.
ولذلك ترى ابن حبان في مواضع يذكر الراوي ويقول: ((لا أدري من هو، ولا من أبوه)) !!
فحاصل البحث أن مجرد ذكر ابن حبان للراوي في الثقات، لا يساوي أنه قال فيه: ((ثقة)) نصاً.
وهذا التفريق لم أر أحداً نبه عليه، فأن يكن صواباً فهو من الله - عز وجل -، وإن كان غير ذلك فمنا وأستغفر الله منه.
الثالث: أن البخار قال عن الحديث: ((لا يصح)) .
وقال عبد الحق الأشبيلي: ((لا يثبت)) .
وقد تقدم أن الإمام أحمد ضعف الحديث، ويفهم من قول الخطابي أن آخرين ضعفوا.
وقد أعترف بذلك النووي رحمه الله في ((المجموع)) . ... =
=ومما يدلل على ضعف الحديث ما أخرجه البخاري (1/ 533- 534 فتح) ومن طريقه ابن حزم في ((المحلى)) (2/ 186) عن عائشة أم المؤمنين أن وليدة سوداء كانت لحيٍّ من العرب فأعتقوها. فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأسلمت. فكان لها خباء في المسجد أو حفش)) والسياق عند البخاري مطول وفيه قصة.
قال ابن حزم: ((فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمعهود من النساء الحيض فما منعها - عليه السلام - من ذلك، ولا نهى عنه. وكل ما لم ينه - عليه السلام - عنه فمباح، وقد ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله ((جعلت لي الأرض مسجداً)) ولا خلاف في أن الحائض والجنب مباح لهما جميع الأرض، وهي مسجد فلا يجوز أن يخص بالمنع من بعض المساجد دون بعض ... )) .
قلت: وأول كلام ابن حزم لا غبار عليه، وقد تأيد بقول الحافظ في ((الفتح)) (1/ 535) وهو يعدد فوائد الحديث قال: ((وفيه إباحة المبيت والمقيل في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين رجل كان أو أمرأة عند أمن الفتنة)) أ. هـ‍.
أما باقي كلام ابن حزم ففيه نظر من وجهين:
الأول: قوله: (( ... وجميع الأرض مسجد)) كان وينبغي عليه أن يستثني المقبرة والحمام ومعاطن الإبل ونحوها من الأماكن التي نهي الشارع عن الصلاة فيها.
وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام)) .
أخرجه أبو داود (492) ، والترمذي (317) ، وابن ماجة (745) ، والد ارمي (1/ 323) ، وأحمد (3/ 83، 96) ، وأبو يعلى (ج 2/ رقم 1350) ، وابن خزيمة (2/ 7 / 791، 792) ، وابن حبان (338) ، والحاكم (1/ 251) ، وابن حزم في ((المحلى)) (4/ 27) ، والشافعي في ((المسند)) (165- بدائع) ، والبيهقي (2/ 434، 435) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (2/ 409) من طريق عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً به.
قالت الترمذي: ((هذا حديث فيه إضطراب)) .
ورجح الدارقطني أنه مرسل ومن قبله الترمذي.
أما الحاكم فقال: ((صحيح على شرط البخاري ومسلم)) ووافقه الذهبي.
وقال الحافظ في ((الفتح)) (1/ 529) : ((رجاله ثقات لكن اختلف في وصله وإرساله، وحكم في ذلك بصحته - الحاكم وابن حبان)) .
قلت: والراجح صحة الحديث، وانظر في بحث الشيخ أبي الأشبال رحمه الله تعالى على ((الترمذي)) . ولذالك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الاقتضاء)) (ص 232) : ((أسانديه جيدة، ومن تكلم فيه ما استوفى طرقه)) . ... =
=ويشهد له حديث جندب بن عبد الله البجلي مرفوعاً وفيه: ((.... فلا تتخذو القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك)) .
أخرجه مسلم وأبو عوانه (1/ 401) وغيرهما.
وقد ثبت الحديث في النهي عن الصلاة في معاطن الإبل، وقد خرجته في ((غوث المكدود)) (رقم 26) .
الثاني: أن جعل ابن حزم الأرض كلها لها حكم المسجد لا يخفي فساده. فإنه يباح التغوط في الأرض إلا فيما نهى عنه، وكذا إنشاد الظالة، والبيع والشراء وغير ذلك، وكل هذا لا يحل في المسجد. وأيضاً فإن الاعتكاف لا يجوز أن يكون في الطريق مثلاً، لا بد أن يكون في المسجد.... الخ والله أعلم.
ثم قال ابن حزم (2/ 187) : ((ولو كان دخول المسجد لا يجوز للحائض، لأخبر بذلك - عليه السلام - عائشة إذا حاضت فلم ينهها عن الطواف في البيت فقط. ومن الباطل المتيقن أن يكون لا يحل لها دخول المسجد، فلا ينهها - عليه السلام - عن ذلك، ويقتصر على منعها من الطواف. وهذا قول المزني وداود وغيرهما)) أ. هـ‍.
وحاصل البحث أن الحديث ليس بصحيح، فلا يجوز أن نتبنى منه حكماً شرعياً. ولم أجد حديثاً صحيحاً يمنع الحائض أن تدخل المسجد، فيمكن أن نبني على البراءة الأصلية، وهي تقضي بالجواز. فيجوز للحائض حضور درس العلم ونحوه. والله أعلم.

(2/14)


123- ((الصُفرةُ خِضَابُ المُؤمنِ، وَالحُمرةُ خِضابُ المُسلمِ، وَالسوادُ خِضابُ الكَافِرِ)) . (1)
__________
(1) 123- باطل.
أخرجه الحاكم (3/ 526) من طريق داود بن رشيد، ثنا إسماعيل بن عياش، حدثني سالم بن
عبد الله الكلاعي، عن أبي عبد الله القرشي، قال: دخل عبد الله بن عمر على عبد الله بن عمرو، وقد سود لحيته. فقال عبد الله بن عمر: السلام عليك أيها الشويب!! . فقال له ابن عمر: أما تعرفني يا أبا عبد الرحمن؟! ‍قال: بلى أعرفك شيخاً، فأنت اليوم شاب ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!! . أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((الصفرة ?. الحديث)) .
وأخرجه الحكيم الترمذي في ((المنهيات)) (101) من طريق إسماعيل بن عياش بسنده سواء لكنه لم يذكر القصة واقتصر على المرفوع منه.
والحديث سكت عنه الحاكم فقال الذهبي: ((حديث منكر والقرشي نكرة)) . وقال العراقي في ((المغني)) (1/ 143) . ((قال ابن أبي حاتم منكر)) .
وعزاه الهيثمي في ((المجمع)) (5/ 163) للطبراني وقال: ((فيه من لم أعرفه)) .
قلت: وسالم بن عبد الله الكلابي.
قال الذهبي: ((سالم بن عبد الله الكلابي، عن بعض التابعين فذكر خبراً باطلا في الخضاب)) . ... =
= وهو يعني به حديث الباب. وظاهر كلام الذهبي رحمه الله أن سالم بن عبد الله مسؤول عن هذا الخبر، مع أن عبارة أبي حاتم - منها يلخص - الذهبي- تفيد غير ذلك.
ففي ((الجرح والتعديل)) (2/ 1/ 185- 186) : ((سالم بن عبد الله الكلابي، روى عن أبي
عبد الله القرشي عن أبي عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: فذكر الحديث.. ثم قال أبو حاتم: ((وهو حديث منكر، شبه الموضوع، وأحسبه من أبي عبد الله القرشي الذي لم يسم)) أ. هـ‍.

وبعد كتابة ما تقدم، اطلعت على ((لسان الميزان)) للحافظ، فوجدته قال بنحو ما قلت، ثم قال (3/5) : ((وقد أوضح - يعني أبو حاتم - أن الذنب لغير سالم، ولكن هذا آفة الإجحاف في الاختصار أن يضعف المؤلف - يعني الذهبي - الثقة وهو لا يدري، وأن جعل الواحد أثنين)) . أ. هـ‍.

قلت: يشير الحافظ إلى أن سالم بن عبد الله الكلابي: هو سالم بن عبد الله الجزري، أبو المهاجر، مولى بني كلاب، وقد وثقه أحمد وابن حبان، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) وقد أصاب الحافظ في ذلك، فهما واحد. والله أعلم.
فالحاصل أن آفة هذا الحديث هي من أبي عبد الله القرشي، فإنه مجهول لا يعرف. والله أعلم.

(2/15)


124- ((السَّكنَيةُ مَغنَمٌ، وَتَرْكُها مَغرمٌ)) . (1)
125- ((لَوْ بَلغْتِ مَعهُمُ الكُدَى، مَا رَأيتِ الجَنةَ حَتَى يَرَاهَا جَدُ أَبِيكِ)) . (2)
__________
(1) 124- ضعيف جداً.
أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج1/ ق 33/2) قال: أخبرني أبو جعفر بن الجعد، حدثنا سفيان بن وكيع، وحدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً ... فذكره.
قلت: أما شيخ الإسماعيلي، فقد ترجمه الخطيب ((التاريخ)) (4/ 81- 82) وسماه: (أحمد بن الحسن بن الجعد، أبو جعفر، ثم روى عن الدارقطني أنه قال فيه: ((ثقة)) .
وأما سفيان بن وكيع، فهو - وإن كان صدوقاً في الأصل - إلا أن حديثه سقط بسبب وراقة، فقد كان يدخل عليه الأحاديث، ونصحوه فلم يستجب لهم، حتى اتهمه أبو زرعة بالكذب.
ولكن قال ابن حبان: ((وهو من الضرب الذين لأن يخروا من السماء أحب إليهم من أن يكذبوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أفسدوه)) .
قلت: فهو آفة الحديث، لأن بقية رجال السند ثقات، وعنعنة الأعمش عن أبي صالح مشاها الذهبي في ((الميزان)) . والله أعلم.
(2) 125- منكر.
أخرجه أبو داود (3123) ، والنسائي (4/ 27-28) ، وأحمد (2/ 16-169) ، وابن عبد الحكم في ((فتوح مصر)) (ص - 259) ، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 108) ، والحاكم (1/ 373-374) ، = =والبيهقي في ((السنن)) (4/ 77- 78) ، وابن حبان (ج 5 / رقم 3167) ، وابن الجوزى في

((الواهيات)) (2/ 903) ، من طريق ربيعة بن سيف، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، قال: بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذا بصر بامرأة، لا تظن أنه عرفها. فلما توسط الطريق، وقف حتى انتهت إليه، فإذا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها: ((ما أخرجك من بيتيك يا فاطمة؟ !)) قالت: أتتيت أهل هذا الميت، فترحمت إليهم وعزيتهم بميتهم. قال: ((لعلك بلغت معهم الكدى؟)) قالت: معاذ الله أن أكون بلغتها، وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر. وقال لها: ((لو بلغت معهم ... الحديث)) .
وعزاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((مجموع الفتاوى)) (24/ 362) لأصحاب السنن فوهم، فلم يخرجه الترمذي ولا ابن ماجة.

قال النسائي عقبه: ((ربيعة ضعيف)) .
وقال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) ووافقه الذهبي!!
قلت: وهذا غريب، لاسيما من الذهبي - رحمه الله - لأنه قال في ((المهذب)) (3/ 484) بعد هذا الحديث: ((قلت: هذا منكر، تفرد به ربيعة، وقد غمزه البخاري وغيره بأنه صاحب مناكير)) أ. هـ‍.
ومع ضعف ربيعة، فلم يخرج له أحد الشيحين شيئاً فليس على شرط واحد منهما.
أما قول المنذري في ((الترغيب)) (4/ 181) : ((وربيعية هذا تابعي من أهل مصر، فيه مقال لا يقدح في حسن الإسناد)) . أ. هـ‍.
ففيه نظر. لأن ربيعة بن سيف، وأن قال الدارقطني: ((صالح)) .
وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ووثقه العجلي.
فقد وصفه البخاري وابن يونس بأنه يروي المناكير.
وقال ابن حيان في ((الثقات)) : ((يخطى كثيراً)) .
أما قول النسائي: ((ليس به بأس)) ، فهو معارض بقوله في الرواية الأخرى عنه: ((ضعيف)) . والعجلي متساهل والتوثيق وقول الدارقطني فيه، يعني صالح في المتابعات. وقد تفرد به ومما يدل على نكارة هذا المتن قوله: ((ما رأيت الجنة حتى برأها جد أبيك)) .
فإن زيارة القبور - إن كانت غير جائزة للنساء، فإن المرأة تكون عاصية بفعلها، ولا يؤول بها الحال إلى قريب من الكفر، فضلاً عن ثبوته عليها [لأن عبد المطلب جد النبي - صلى الله عليه وسلم - مات كافراً على دين الجاهلية كما عليه أهل السنة خلافاً للشيعة. وانظر السيرة النبوية)) (1/ 238، 239) للحافظ ابن كثير] . - وقد فطن ابن حبان إلى هذه النكارة، فحاول أن يتأول الحديث. ولكنه تكلف جداً في التأويل، فقال عقب الحديث: ((قوله - صلى الله عليه وسلم -: لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة العالية التي يدخلها من لم يرتكب ما نهى= =رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه، لأن فاطمة علمت النهى فيه قبل ذلك، والجنة هي جنات كثيرة، لا جنة واحدة، والمشرك لا يدخل جنة من الجنان أصلاً، لا عالية، ولا سافلة، ولا ما بينهما)) أ. هـ‍.
ولفظ الحديث لا يساعد ابن حبان على مثل هذا التأويل.
ثم أعلم أن زيارة النساء للقبور جائزة بشروط وقد قال النووي رحمه الله تعالى: ((وبالجوار قطع الجمهور)) .
ومن أدلة ذلك ما:
أخرجه البخاري (3/ 125، 148، و13/ 132- فتح) ، ومسلم (626/ 15) ، وأبو داود (3124) ، والنسائي في ((السنن)) (4/ 22) ، وفي ((عمل اليوم واليلة)) (1068) ، وأحمد (3/ 143) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج6/ رقم 3458، 3504) ، والبيهقي (4/ 65 و10/ 101) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (5/ 447) من طريق شعبة، عن ثابت، عن أنس قال: أتى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - على امرأة تبكي على صبي لها، فقال لها: ((إتقي الله واصبري)) . فقالت: وما تبالي أنت بمصيبتي؟!! . فقيل لها: هذا النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأتته فلم تجد على بابه بوابين، فقالت: يا رسول الله! لم أعرفك، فقال: ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) .
وأخرجه البخاري (3/ 171) ، ومسلم (626/ 14) ، والترمذي (988) ، وأحمد (3/ 130، 217) من طريق شعبه بسنده، ولكنه اقتصر على آخره ولم يذكر القصة.
وقال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)) .
وأخرجه الترمذي (987) ، وابن ماجة (1596) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس مختصراً بآخره.
وقال الترمذي: ((غريب من هذا الوجه)) .
قلت: وسعد بن سنان، يقال: سنان بن سعد، والصواب الأول ضعيف، والمشهور هو طريق ثابت المتقدم.
قال الحافظ في ((الفتح)) (3/ 148) : ((وموضع الدلالة من الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر، وتقريره حجة)) .
وقال البدر العيني في ((العمدة)) (8/ 68) : ((وفيه جواز زيارة القبور مطلقاً، سواء كان الزائر رجلاً أو امرأة، وسواء كان المزور مسلماً أو كافراً لعدم الفصل في ذلك)) .
وأيضاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكركم بالآخرة، ولا تقولوا هجراً)) . ... =
=أخرجه مسلم (977) ، وأبو داود (2235) ، والنسائي (4/ 89) ، والترمذي (1054) ، وأحمد (5/ 350، 355، 356، 361) ، والحاكم (1/ 376) ، والبيهقي (4/ 77) من طريق محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه في كلام آخر.
قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) ووافقه الذهبي.
قلت: وابن بريدة إن كان هو سليمان، فلم يخرج له البخاري شيئاً عن أبيه فلا يكون على شرطه. وإن كان هو عبد الله، فقد أخرجا له عن أبيه. على أن كليهما قد روى الحديث عن أبيه. ثم في استدراك هذا على مسلم نظر، فقد أخرجه ثم استدركت فقلت: سياق مغاير لسياق مسلم، ولم يشتركا إلا في محل الشاهد.
ووجه الدلالة من الحديث أن الخطاب عام، فيدخل فيه النساء.
قال الحافظ في ((الفتح)) (3/148) : ((وهو قول الأكثر، ومحله إذا أمنت الفتنة)) .
وانظر لذلك كتاب ((أحكام الجنائز)) (ص 180 - 187) لشيخنا حافظ الوقت، ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى.

(2/16)


126- ((لاَ صَلاةَ لِمَنْ لاَ وُضُوءَ لَهُ، ولاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذكُرِ اسمَ اللهِ عَليهِ، وَلاَ صَلاةَ لِمنْ لَمْ يُصلِّ عَلَى النَبيِّ، وَلاَ صَلاةَ لِمَنْ لاَ يُحِبُّ الأَنصارَ)) . (1)
__________
(1) 126- منكر.
أخرجه ابن ماجة (400) ، والحاكم (1/ 269) ، والبيهقي (2/ 379) من طريق عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه، عن جده مرفوعاً.. فذكره.
ومن هذا الوجه: أخرجه الدارقطني (1/ 355) مقتصراً على قوله: ((ولا صلاة لمن لم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم -)) . وعزاه السخاوي في ((القول البديع)) (ص - 176) للطبراني في ((معجمه)) ، والمعمري، وابن بشكوال.
قلت: وهذا خبر منكر، وسنده ضعيف جداً، وعلته: عبد المهيمن هذا، فإنه متروك.
قال الحاكم: ((لم يخرج هذا الحديث على شرطهما، لأنهما لم يخرجا عبد المهيمن)) .
وقال الذهبي: ((عبد المهيمن واه)) .
وقال الدارقطني، عقب تخريجه: ((عبد المهيمن ليس بالقوي)) . ولم ينفرد به.
بل تابعه أخوه أُبي بن عباس، عن أبيه، عن جده مرفوعاً: ((لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) ولم يذكر الفقرتين الأخريتين.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 6/ رقم 5698) ، وفي ((الدعاء)) (46/ 2) ، ومن طريقه الحافظ في ((نتائج الفكار)) (1/ 234) ، وأبو موسى المديني - كما في ((القول البديع)) (176) . =
=قال السخاوي: ((وصححه المجد الشيرازي، وفي ذلك نظر، لأنه إنما يعرف من رواية عبد المهيمن، والعلم عند الله تعالى)) .

قلت: فيرى السخاوي - رحمه الله تعالى - أن رواية ((أُبَي)) لا تشهد لرواية ((عبد المهيمن)) ، وهذا رأي سديد، فان أُبَي بن العباس إنما وافق أخاه فب الفقرتين الأوليين فقط، ولم يرو الفقرتين الثالثة والرابعة، وفيهما النكارة أما الفقرتان الأوليان، فلهما شواهد صحيحة كما ذكره بعون الله.
وقال الحافظ في ((النتائج)) : ((عبد المهيمن ضعيف، وأخوه أُبي الذي سقته من روايته أقوى منه)) .
وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) 1/ 160) : ((أُبي، مُختلف فيه)) .
قلت: والراجح أنه ضعيف من قبل حفظه، وتقوية الحافظ له، وإنما هي بسبب مقارنته بأخيه، فإن أخاه متروك.

وقد رويت الفقرتان الأخيرتان بلفظ آخر من حديث سعيد بن زيد - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار)) .
أخرجه أحمد والطبراني في ((الدعاء)) .
وقد وقع في سنده اختلاف كثير، وضحته في جزء لي، اسمه: ((كشف المخبوء بثبوت حديث التسمية عند الوضوء)) .
أما الفقرة الأولى: ((لا صلاة لمن لا وضوء له)) ، فيشهد لها ما:
أخرجه مسلم (3/ 102 - 103 بشرح النووي) ، وأبو عوانة في ((صحيحه)) (1/ 234) ، والترمذي (1/ 19- 24 تحفة) ، وابن ماجة (272) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (65) ، وأحمد (2/ 19- 20، 39، 51، 73، 73) ، والطيالسي (1874) ، وابن خزيمة (1/ 8) ، والطحاوي في ((المشكل)) (4/ 486 - 487) ، والسهمي في ((تاريخ جرجان)) (296) ، والبيهقي (1/ 42) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (7/ 176) من طريق سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد قال: دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض، قال: ألا تدعو لي يا ابن عمر؟! . قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول، وكنت على البصرة)) واللفظ لمسلم وقد رواه عن سماك بن حرب جماعة منهم شعبة، وكان لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم كما قال في ((الفتح)) (1/ 260) .
وفي الباب عن أسامة بن عمير، وأبي هريرة، وأنس، وأبي سعيد الخدري، وأبي بكرة، وثوبان وغيرهم، خرجت أحاديثهم في ((بذل الإحسان)) (رقم 139) والحمد لله على التوفيق.
ويشهد لهذه الفقرة أيضاً ما أخرجه البخاري (1/ 234- فتح) ، ومسلم (3/ 104) ، وأبو عوانة
(1/ 235) ، وأبو داود (60) ، والترمذي (76) ، وأحمد (2/ 308، 318) ، وابن خزيمة (1/8، = =9) ، وابن الجارود (66) ، والسهمي في ((تاريخ جرجان)) (297- 298) والبيهقي، والبغوي في ((شرح السنة)) (1/ 328) من طريق عبد الرزاق، وهو في ((مصنفه)) (1/ 139/ 530) عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) .
أما الفقرة الثانية: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) .
فإنه حديث صحيح، وقد صححه جماعة من الحفاظ، وحسنه آخرون، كما وضحته بالدلائل النيرات في كتابي: ((كشف المخبوء)) السالف الذكر، ومن الله العون.

(2/17)


127- ((بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرحيمِ، اسْمٌ مِنْ أسْمَاءِ اللهِ، وَمَا بَينَهُ وَبَينَ اسْمِ اللهِ الأكبَرِ، إلاَّ كَمَا بَينَ سَوادِ العَينينِ وَبَياضِهِما مِنَ القُربِ)) . (1)
__________
(1) 127- باطل.
أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) - كما في ((ابن كثير)) (1/ 33) -، والحاكم (1/ 552) من طريق جعفر بن مسافر التنيسي، ثنا زيد بن المبارك، ثنا سلام بن وهب الجندي، حدثني أبي، عن طاووس، عن ابن عباس، أن عثمان بن عفان سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بسم الله الرحمن الرحيم، فقال:.... فذكره.
وكذا أخرجه ابن مردويه في ((تفسيره)) من طريق علي بن المبارك، عن زيد بن المبارك به.
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) ووافقه الذهبي ‍‍‍‍!!
قلت: وهو عجب، لا سيما من الذهبي رحمه الله، فإنه ذكر هذا الحديث في ترجمة سلام بن وهب وقال: ((خبر منكر، بل كذب)) !! فسبحان من لا يسهو. وفي ((علل الحديث)) (2/ 178/ 2029) قال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عن حديث رواه زيد بن المبارك، عن سلام بن وهب، عن أبيه، عن طاووس.... فذكره. قال: قال أبي: هذا حديث منكر)) . وقد وقع في سنده اختلاف.
فقد أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 162) ، والخطيب في ((تاريخه)) ، ومن طريقه الذهبي في
((الميزان)) (2/ 182) من طريقين عن زيد بن المبارك، ثنا سلام بن وهب الجندعي، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره.
قال العقيلي: ((سلام بن وهب الجندعي، عن ابن طاووس، لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به)) .
قلت: ووجه الاختلاف على سلام بن وهب أنه يرويه مرة عن أبيه، ومرة عن ابن طاووس.
غير أن قلبي ما اطمأن إلى هذا ويقع لي أن المحفوظ هو رواية سلام عن ابن طاووس كما ذكر العقيلي، وتبعه الذهبي، والعسقلاني في ((اللسان)) (3/ 60) ، وذلك أنني لم أجد ترجمة لوهب الجندي، والد سلام.

فلا أدري هل الاختلاف في السند ثابت، أم هو خطأ من ناسخ أو طابع؟!
وعلى كل حال فالحديث لا يصح بكل وجه لأنه يدور على سلام بن وهب، فإنه مجهول.
ثم رأيت الذهبي، قال في ((المغني)) (1/ 272) : ((سلام بن وهب، عن ابن طاووس بخبر موضوع، لا يعرف)) .

والحديث عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) ) (1/8) للبيهقي في ((شعب الإيمان)) ، وأبي ذر الهروي في ((فضائل القرآن)) .

(2/18)


128- ((إنَّ عِيسى بْنَ مَريمَ أسلَمتُهُ أمُّهُ إلى الكتَّابِ لِيُعلمَهْ. فَقَالَ لَهُ المُعلمُ: اكتُبْ، قَالَ: وَمَا اكتُبُ؟ قَالَ: بِسمِ اللهِ. قَالَ عِيسَى: وَمَا بِسمِ اللهِ؟ قَالَ المُعلمُ: مَا أدري! . قَالَ لَهُ عِيسى: البَاءُ، بَهاءُ اللهِ، وَالسينُ: سَناؤُهُ، وَالمِيمُ: مَملَكتُهُ، وَاللهُ: إِلَهُ الآلِهَةِ، وَالرَّحمنُ: رَحمنُ الدُّنيَا وَالآخرةِ، وَالرَّحِيمِ: رَحِيمُ الآخرةِ)) . (1)
__________
(1) 128- موضوع.
أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (1/ 41، 42) ، وابن عدي في ((الكامل)) (1/299) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (7/251-252) ، وابن مردويه في ((تفسيره)) - كما في ((ابن كثير)) (1/ 33) - وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1/ 203 - 204) ، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) ، والثعلبي في ((تفسيره)) - كما في ((الدر المنثور)) (1/ 8) - من طريق إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن مسعر، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري فذكره مرفوعاً، وهو مطول عند بعضهم.
قال أبو نعيم: ((غريب من حديث مسعر، تفرد به إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى)) .
قلت: لم يتفرد به إسماعيل بن عياش، فقد تابعه سعدان بن نصر، عن إسماعيل، عن مسعر بن كدام.
أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 126- 127) قال: أخبرناه محمد بن المسيب، ثنا سعدان بن نصر، ثنا إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله، عن ابن أبي ذئب ...
قلت: وقوله: ((عن ابن أبي ذئب)) لا أدري هل هو مقحم، فقد قال ابن حيان في أول ترجمة إسماعيل بن يحيى هذا: ((روى عن مسعر بن كدام، عن عطية، عن أبي سعيد....)) فهذا يدل على أن إسماعيل بن يحيى إنما يرويه عن مسعر، لا ابن أبي ذئب. فالله أعلم بحقيقة الحال، إلا أن يكون رواه عن ابن أبي ذئب ومسعر جميعاً. فهذا محتمل. والله أعلم ووقع اختلاف آخر في السند.

فقد رواه إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي مليكه، عمن حدثه عن ابن مسعود. فذكره مرفوعاً.
أخرجه ابن جرير، وابن عدي في ((الكامل)) .
قلت: وهذا حديث باطل موضوع.
قال ابن عدي: ((هذا حديث باطل بهذا الإسناد، لا يرويه غير إسماعيل)) .

وقال ابن كثير: ((وهذا غريب جداً، وقد يكون صحيحاً إلى من دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويكون من الإسرائيليات لا من المرفوعات)) .
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث موضوع محال.... ما يصنع هذا الحديث إلا ملحد يريد شين الإسلام، أو جاهل، في غاية الجهل، وقلة المبالاة بالدين، ولا يجوز أن يفرق حروف الكلمة المجتمعة، فيقال: = =الألف من كذا، والام من كذا، وإنما هذا يكون في الحروف المقطعة.... فقد جمع واضع هذا الحديث جهلاً وافراً، وإقداماً عظيماً، وأتى بشيء لا تخفى برودته والكذب فيه)) .
وأقره السيوطي في ((اللآلىء)) (1/ 172) فقال: ((موضوع)) .
وقال في ((الدر المنثور)) (1/ 8) : ((سنده ضعيف جداً)) .
قلت: وعلته إسماعيل بن يحيى بن عبد الله، فقد كذبه الدارقطني، وأبو علي النيسابوري، والحاكم.
وقال الأزدي: ((ركن من أركان الكذب)) .
واتهمه صالح جزرة بوضع الحديث، وكذا ابن حبان.
ثم رأيت الشيخ أبا الأشبال أحمد شاكر رحمه الله في ((تخريجه لتفسير الطبري)) (1/ 122) علق على قول الحافظ ابن كثير: ((.... وقد يكون صحيحاً...... الخ)) بقوله: ((وما أدري كيف فات الحافظ ابن كثير أن في إسناده هذا الكذاب، فتسقط روايته بمرة، ولا يحتاج إلى هذا التردد)) . أهـ‍.
قلت: لعل الحافظ ابن كثير - رحمه الله - يشير إلى سند آخر غير هذا. فقد رأيت السيوطي - رحمه الله - قال في ((الدر المنثور)) (2/ 25) : ((وأخرج ابن المنذر بسند صحيح إلى سعيد بن حبير قال: لما ترعرع عيسى جاءت به أمه إلى الكتاب، فدفعته إليه....)) ثم ساقه بنحوه.
فإن صح نقد السيوطي، فيترجح كونه من الإسرائيليات، ويصدق ظن الحافظ ابن كثير. والله أعلم.

(2/19)


129- ((كُلْ، ثِقَةً بِاللهِ، وَتَوكلاً عَلَيهِ)) . (1)
__________
(1) 129- ضعيف مرفوعاً.
أخرجه أبو داود (3925) ، والترمذي (1817) ، وابن ماجه (3542) ، وابن حبان (1433) ، وابن جرير في ((تهذيب الآثار)) (رقم 84- مسند علي) ، والطحاوي في ((شرح الآثار) (4/ 309) ، وابن أبي الدنيا في ((الخمول)) (ق 156/ 2) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 242) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (465) ، والحاكم (4/ 136- 137) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 869) من طريق يونس بن محمد، ثنا المفضل بن فضالة، عن حبيب بن شهيد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيد مجذوم، فوضعها معه في قصعة، وقال: ((كل بسم الله،.... الحديث)) .
قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يونس بن محمد عن المفضل ابن فضالة. والمفضل بن فضالة شيخ بصري، والمفضل بن فضالة شيخ آخر بصري أوثق من هذا وأشهر. وقد روى شعبة هذا الحديث عن حبيب بن الشهيد، عن ابن بريدة، أن ابن عمر أخذ بيد مجذوم. وحديث شعبة أثبت عندي، وأصح)) أ. هـ‍.
وقال ابن الجوزي: ((قال الدارقطني: تفرد به المفضل)) . ... =
=قلت: وهو ضعيف، قال ابن معين: ((ليس هو بذاك)) .
وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) .
وقال ابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2404) : ((لم أر حديثه أنكر من هذا الحديث الذي أمليته، وباقي حديثه مستقيم)) .
أما الحاكم فقال: ((صحيح إسناد)) ووافقه الذهبي ‍‍!!
وهذا عجب، لا سيما من الذهبي، فإنه نقل كلام ابن عدي السابق وأقره ‍‍!!
وفي الحديث علة أخرى، وهي الاختلاف على حبيب بن الشهيد في إسناده كما أشار الترمذي.

وقد بحثت عن رواية شعبة عن حبيب، عن ابن بريدة، عن ابن عمر فلم أظفر بها. ووقع في ((الميزان)) (4/ 169) : ((.... عن عمر)) فلعل فيه سقطاً. [ثم رأيت الحافظ في ((الفتح)) (10/ 160) ذكر عن الترمذي)) ، والنسخة كثيرة الأخطاء.
لكن الذي رأيته أن شعبة يروي هذا، عن حبيب بن الشهيد، عن عبد الله بن بريدة، أن سلمان الفارسي كان يصنع الطعام، فيدعو المجذمين، فيأكل معهم.

أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 242) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (1/200) من طريقين عن شعبة، عن حبيب به.
وتابعه سفيان بن حبيب، عن بن الشهيد به.
أخرجه ابن جرير في ((التهذيب)) (رقم 77- مسند علي)) .
قال العقيلي: ((هذا أصل الحديث، وهذه الرواية أولى)) .
قلت: ورجاله ثقات، لكنى لم أر أحداً ذكر لعبد الله بن بريدة رواية عن سلمان، مع كونه أدركه، وكان لعبد الله تسعة عشر عاماً يوم مات سلمان - رضي الله عنه - سنة (34) هـ‍‍والله أعلم.
وللحديث طريق آخر إلى محمد بن المنكدر.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (1/ 281) ، (4/ 1637) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/870) من طريق عبيد الله بن تمام، عن إسماعيل بن مسلم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر فذكره بمثله.
قال ابن الجوزي: ((قال أحمد إسماعيل المكي منكر الحديث، قال يحيى: لم يزل مختلطاً، وليس بشيء. وقال علي: لا يكتب حديثه. وقال النسائي: متروك الحديث)) .
قلت: وأيضاً عبيد بن تمام ضعفه أبو حاتم، وأبو زرعة، والدارقطني، وقال البخاري: ((عنده عجائب)) .
بل كذبه الساجي. فالسند واه جداً. ... =
= فحاصل البحث أنه لا يصح مرفوعاً، والصواب أنه موقوف فقد ثبت عن بعض الصحابة أنهم أكلوا مع المجذومين، كما مضى عن سلمان.
وفي الباب عن عمر بن الخطاب، - رضي الله عنه -.
أخرجه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (2/ 2/ 260) مختصراً، وابن جرير في ((التهذيب)) (75، 76، - مسند علي) من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، سمعت أبا مريم شييم بن ذييم، قال: شهدت عمر بن الخطاب وهو يطعم، فجاء رجل به شيء من برص، فوضع يده في الطعام.
ورجاله ثقات، حاشا شييم هذا. فقد ترجمه البخاري، وابن أبي حاتم (2/1/384) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (4/ 369) . وأخرج ابن سعد (4/ 118) قصة لمعيقيب بن أبي فاطمة - وكان أجذم - مع عمر يتقوى بها. والله أعلم.

(2/20)


130- ((يَا أَخِي ‍أَشرِكنَا فِي دُعَائِكَ، وَلاَ تَنسَنَا)) . (1)
__________
(1) 130- ضعيف.
أخرجه الترمذي (3562) ، وابن ماجه (2894) ، وأحمد (2/59) ، من طريق سفيان الثوري، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، أنه استأذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العمرة، فقال: ((يا أخي.... الحديث)) .
وقد رواه عن سفيان هكذا جماعة منهم: ((وكيع بن الجراح، وعبد الرزاق)) وتابعه شعبة بن الحجاج، عن عاصم به.
أخرجه أبو داود (1498) ، وأحمد (1/29) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (387) ، والبيهقي (5/251) .
وقد رواه عن شعبة هكذا جماعة منهم: ((سليمان بن حرب، ومحمد بن جعفر، وأبو الوليد الطيالسي، وحجاج بن منهال، وعمرو بن مرزوق)) .
وقد روى عن سفيان وشعبة من وجوه أخرى، عن عبد الله بن عمر أن عمر استأذن.... الخ) .
فصار الحديث في ((مسند ابن عمر)) بدلاً من ((مسند عمر)) .
أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 128) ، والبيهقي (5/ 251) ، والخطيب في ((التاريخ)) (11/ 396- 397) من طريق سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم عن أبيه قال: استأذن عمر النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم العمرة.... الحديث.
وقد رواه عن سفيان محمد بن يوسف الفرياني، وقبيصة، وقاسم بن يزيد.
وأخرجه ابن السمعاني في ((أدب الإملاء)) (ص - 36) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن عاصم بسنده سواء فوافقهم في جعله من مسند ((ابن عمر)) . ... =
= قلت: ويحتمل أن يكون هذا من ابن عمر رضي الله عنهما، ويرويه عن نفسه على سبيل الحكاية، ويذكره عن أبيه على سبيل الرواية ونظائر هذا كثيرة.
لكن علة الحديث هي عاصم بن عبيد الله.
فقد ضعفه أحمد وابن معين، ويعقوب بن شيبة.
وقال البخاري، وأبو حاتم: ((منكر الحديث)) .
وزاد أبو حاتم: ((مضطرب الحديث، ليس له حديث يعتمد عليه)) .

وقال النسائي: ((لا نعلم مالكاً روى عن إنسان مشهور بالضعف إلا عاصم بن عبيد الله)) .
فالغريب أن يقول الترمذي - رحمه الله -: ((حديث حسن صحيح)) .
وقد روى بإسناد آخر إلى ابن عمر ظاهره الجودة.

فأخرجه الخطيب (11/ 396) من طريق أبي عمر، محمد بن العباس بن حيويه، حدثنا أبو عبيدة علي بن الحسين بن حرب القاضي، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، حدثنا أسباط، عن سفيان الثوري، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: أستأذن عمر.... الحديث.
قال الأزهري: ((لم نكتبه من طريق الثوري، عن عبيد الله بن عمر إلا عن أبي عمر)) .
وقال البرقاني: ((قيل هذا لا يتابع عليه أبو عبيد، وإنما الصحيح ما حدث به الزعفراني عن شبابة، عن شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر)) .
قلت: العهدة عندي ليست على هذين، وإنما على أسباط بن محمد، لأن الجماعة رووه عن الثوري، عن عاصم بن عبيد الله عن سالم، عن ابن عمر. وروايتهم أولى بغير شك، هذا إذا كان ثقة لا أشكال فيه، فكيف وفي روايته عن الثوري ضعف، كما صرح بذلك الحافظ في ((التقريب)) .
وقد قال ابن معين: ((ليس به بأس، وكان يخطئ عن سفيان)) .
فرجع الحديث إلى رواية عاصم بن عبيد الله، وقد تقدم الكلام فيه. والله أعلم.

(2/21)


131- ((مَنْ شَرِبَ مُسكِراً، فَلم يَسكَر، لَمْ تُقبلْ لَهُ صَلاةُ جُمُعةٍ، فَإنْ مَاتَ فِيها، مَاتَ مِيتَةً جَاهِليةً وَإنْ هُو شَرِبَ مُسكِراً، فَسَكِرَ، لَمْ تُقبلْ لَهُ صَلاةٌ أربَعينَ يَوماً، فَإنْ مَاتَ فِيهَا، مَاتَ مِيتةً جَاهِليةً. ثُمْ إنْ تَابَ، تَابَ اللهُ عَليهِ، فِإنْ عَادَ الثَّانِيةَ فَمِثلُ ذَلكَ، فَإنْ عَادَ الثَّالِثةَ فَمِثلُ ذَلِكَ، فَإنْ عَادَ الرَّابِعةَ كَانَ حَقاً عَلَى اللهِ أنْ يَسقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبالِ)) . قَالُوا: يَا رَسولَ اللهِ! وَمَا طِينَةُ الخَبالِ؟! قَالَ: ((صَديدُ أهلِ
النَّار)) . (1)
__________
(1) 131- منكر بهذا السياق. ... =
=أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 166- 167) قال: أخبرناه عبد الله بن قحطبة، ثنا العباس بن عبد العظيم العنبري، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أيوب بن محمد العجلي أنه حدثهم ثنا شداد بن أبي شداد عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً ... فذكره.
قال ابن حبان: ((وهذا حديث له أصل، إلا أن راويه أتى فيه بما ليس فيه)) .
قلت: وعلته: أيوب بن محمد العجلي. ضعفه ابن معين.
وقال أبو زرعة: ((منكر الحديث)) وجهله الدارقطني.
وقال ابن حبان: ((كان قليل الحديث، ولكنه خالف الناس في كل ما روى، فلا أدري، أكان يعتمد، أو يقلب وهو لا يعلم)) .
وللحديث طريق آخر عن ابن عباس مرفوعاً: ((كل مخمر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب مسكراً بخست صلاته أربعين صباحاً، فإن تاب، تاب الله عليه. فإن عاد الرابعة كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال. قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله؟! قال: ((صديد أهل النار)) ومن سقاه صغيراً لا يعرف حلاله من حرامه، كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال)) .

أخرجه أبو داود (3680) من طريق إبراهيم بن عمر الصنعاني، قال: سمعت النعمان بن بشير، يقول: عن طاووس، عن ابن عباس مرفوعاً.. فذكره.
قال ابن كثير في ((تفسيره)) (3/ 179) : ((تفرد به أبو داود)) .
قلت: وسنده ضعيف.

وإبراهيم بن بشير، كذا وقع نسبة نسخة السنن المطبوعة، وهو خطأ، والصواب أنه: ((النعمان بن أبي شيبة الجندي)) وهو ثقة. وآخر الحديث فيه نكارة، ولم أجد له شاهداً خلاف بقية الحديث كما يأتي ذكره إن شاء الله، وكأنه لذلك قال أبو زرعة: ((هذا حديث منكراً)) .
نقله عنه ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2/ 36/ 1587) .
وإلا فقد ثبت الحديث، عن عبد الله بن همر مرفوعاً: ((من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب لم يتب الله عليه، وكان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال)) . قالوا: يا أبا عبد الرحمن! وما طينة الخبال؟! قال: صديد أهل النار))
أخرجه الترمذي (1862) وعنه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 669- 670) ، من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه، عن ابن عمر به.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) .
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه عطاء بن السائب، وكان قد اختلط، في آخر عمره. وقال يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه)) . ... =
= قلت: وفي نقد ابن الجوزي رحمه الله خلل يظهر من البحث، والحديث كما قال الترمذي، ويعني أنه حسن بشواهده ولكنه صحيح، غير أن طريق الترمذي متكلم فيه من جهتين:
الأولى: أن البخاري قال في ((التاريخ الأوسط)) : ((عبد الله بن عبيد بن عمير لم يسمع من أبيه شيئاً، ولا يذكره)) ذكره في ((التهذيب)) (5/ 308) .
قلت: ولكن يعكر عليه ما أخرجه أبو داود (3759) من طريق أبي بكر الحنفي، حدثنا الضحاك بن عثمان، عن عبد الله بن عبيد، قال: كنت مع أبي في زمان ابن الزبير إلى جنب عبد الله بن عمر. فقال عباد بن عبد الله بن الزبير: إنا سمعنا أنه يبدأ بالعشاء قبل الصلاة. فقال عبد الله بن عمر: ويحك!! ما كان عشاؤهم؟! أتراه كان مثل عشاء أبيك؟!!
وهذا سند حسن وفيه دليل على أن عبد الله بن عبيد بن عمير أدرك أباه ووعاه. فمثل هذا يقدم على النفي. والله أعلم.
الثانية: أن جرير بن عبد الحميد سمع من عطاء بن السائب بعد الاختلاط كما قال أحمد وابن معين وغيرهما.
قال ابن معين: ((عطاء بن السائب اختلط، وما سمع جرير وذووه من صحيح حديثه)) .
ولكن لم ينفرد به جرير، فتابعه همام بن يحيى، عن عطاء به.
أخرجه الطيالسي (1901) ومن طريقة البغوي في ((شرح السنة)) (11/357) .
ويظهر أن همام بن يحيى سمع من عطاء بأخرة.
وخالفهما معمر بن راشد، فرواه عن عطاء، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عمر.
فسقط ذكر ((عبيد بن عمير)) .
أخرجه أحمد (2/ 35) حدثنا عبد الرزاق وهو في ((مصنفه)) (9/ 235/ 10758) ، ثنا معمر به ويظهر أن معمر ممن سمع من عطاء في الاختلاط كما يتحصل من كلام أهل النقد، ولعل هذا الاختلاف من عطاء، لكن اتفاق جرير وهمام على إثبات ((عبيد بن عمير)) أولى من رواية معمر والله أعلم.
وللحديث شاهد عن عبد الله بن عمرو، يرويه عنه عبد الله بن فيروز الديلمي قال: دخلت على
عبد الله بن عمرو في حائطٍ له بالطائف، يقال له: الوهط. فإذا هو مخاصر فتى قريش، يزن ذلك الفتى بشرب الخمر، فقلت: خصال بلغتني عنك، أنك تحدث بها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من شرب الخمر شربة، لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً)) فلما أن سمع الفتى بذكر الخمر اختلج يده من يد عبد الله، ثم ولى. فقال عبد الله: اللهم إني لا أحل لأحد أن يقول على ما لم أقل، فإني سمعت رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم يقول: ((من شرب الخمر شربة لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب، تاب الله عليه)) . فلا أدري في الثالثة أم في الرابعة: ((كان حقاً على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة)) . ... =
= قالوا: يا رسول الله! وما ردغة الخبال؟! قال: ((عصارة أهل النار)) .
أخرجه النسائي (8/ 317) ، وابن ماجه (3377) ، والدارمي (2/ 36- 37) والسياق له ما عدا آخره، وأحمد (2/ 176) ، والحاكم (1/ 30- 31) ، وابن حبان (1378) من طرق عن الأوزاعي، حدثني ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن الديلمي.. فذكره.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة، وقد احتجا بجميع رواته، ثم يخرجاه، ولا أعلم له علة)) ووافقه الذهبي وزاد: ((على شرطهما)) !!
قلت: والصواب مع الحاكم، وأخطأ الذهبي - رحمه الله - في قوله إن الحديث على شرطهما، لأن عبد الله بن فيروز الديلمي لم يخرج له البخاري ومسلم شيئاً.
وأخطأ من أعله بتدليس الوليد بن مسلم، فقد تابعه بقية بن الوليد وأبو إسحق الفزاري، ومحمد بن يوسف الفريابي.
وقال السيوطي في ((التعقبات على الموضوعات)) (ق 26/2) .
((الحديث صحيح قطعاً)) .
وله طريق آخر عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً بنحوه.
أخرجه أحمد (2/ 189) حدثنا بهز، والحاكم (4/ 145- 146) عن يزيد بن هارون، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن نافع بن عاصم، عن عبد الله بن عمرو.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وله شاهد من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -.
أخرجه أحمد (5/171) حدثنا مكي بن إبراهيم. والبزار (ج 3/ رقم 2926) حدثنا محمد بن المثنى، ثنا مكي بن إبراهيم، ثنا عبيد الله بن أبي زياد، عن شهر بن حوشب، عن ابن عم لأبي ذر، عن أبي ذر، مرفوعاً: ((من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.... الحديث)) .
قلت: وآفته عبيد الله بن أبي زياد القداح ضعيف الحفظ، ولآخر الحديث شاهد من حديث جابر - رضي الله عنه -.
أخرجه مسلم (2002) ، وأبو عوانة (5/ 268- 269) مطولاً، والبزار (ج 3/ رقم 2927) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (11/ 356- 357) من طريق الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً: ((كل مسكر حرام 0 إن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسبقه الله من طينة الخبال)) . قالوا: وما طينة الخبال؟! قال: ((عرق أهل النار أو عصارة أهل النار)) .
قال البزار: ((لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد)) .
وفي الباب شواهد كثيرة، ليس في واحد منها ما في رواية أيوب بن محمد العجلي. والله أعلم.

(2/22)


132- ((لاَ تُشركُوا بِاللهِ شَيئاً، وَلاَ تَسرِفُوا، وَلاَ تَزنُوا، وَلاَ تَقتُلُوا النَّفسَ التي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالحقِ، وَلاَ تَمشُوا بِبَريءٍ إلى ذِي سُلطَانٍ لِيَقتُلَهُ، وَلاَ تَسْحَروا، وَلاَ تَأكُلوا الرِّبَا، وَلاَ تَقذِفُوا مُحصَنَةً، وَلاَ تَولُّوا لِلفِرارِ يَومَ الزَحفِ، وَأنتم يَا يَهودُ، عَليكُم خَاصةً أنْ لاَ تَعْدُوا في السَّبتِ)) . (1)
__________
(1) 132- ضعيف.
أخرجه النسائي (7/111- 112) ، والترمذي (2733، 3144) ، وابن ماجه (3705) مختصراً، وأحمد (4/ 239- 240) ، والطياليسي (1164) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (15/ 115- 116) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج8/ رقم 7396) ، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 4-5) ، والحاكم (1/ 9) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (6/ 268) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (5/ 97- 98) من طريق عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن صفوان بن عسال قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، قال له صاحبه: لا تقل نبيّ!! لو سمعك كان له أربعة أعين!! ..
فأتيا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسألاه عن تسع آيات بينات، فقال لهم ((لا تشركوا بالله.... الحديث وفي آخره: فقبلوا يديه ورجليه، وقالوا: نشهد أنك نبي. قال: فما يمنعكم أن تتبعوني؟؟ قالوا: إن داود دعا بأن لا يزال من ذريته نبي، وإنا نخاف إن اتبعناك إن تقتلنا يهود..
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) !!
وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح لا نعرف له علة بوجه من الوجوه.... سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، ويسأله محمد بن عبيد الله فقال: لم تركا حديث صفوان بن عسال أصلاً؟! فقال: لفساد الطريق إليه)) .

قال الحاكم: ((إنما أراد أبو عبد الله بهذا حديث عاصم، عن زر، فإنهما تركا عاصم بن بهدلة، فأما عبد الله بن سلمة المرادي.... فإنه من كبار أصحاب على وعبد الله....)) ووافقه الذهبي!!
قلت: كذا قالوا! وعبد الله بن سلمة ضعيف الحفظ.
قال عمرو بن مرة: ((كان عبد الله بن سلمة يحدثنا، فيعرف وينكر، كان قد كبر)) . وكذا قال أبو حاتم.
وقال البخاري: ((لا يتابع في حديثه)) . وقال أبو أحمد الحاكم: ((ليس حديثه بالقائم)) .

ولذلك قال الحافظ ابن كثير في ((تفسيره)) (5/ 124- طبع الشعب) : ((وهو حديث مشكل، وعبد الله بن مسلمة في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة، لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون. والله أعلم)) . أهـ‍.
ثم في قول الحاكم أوهام أخرى ذكرتها في ((إتحاف الناقم بوهم الذهبي والحاكم)) (رقم 5) والله الموفق.

(2/23)


133- ((إنْ أنتَ قَضيتَ بَينَهُما، فَأصبتَ القَضاءَ، فَلَكَ عَشرُ حَسناتٍ، وإنْ أنتَ اجتَهدتَ فَأخطأتَ، فَلَكَ حَسنةٌ)) . (1)
__________
(1) 133- منكر.
أخرجه أحمد (4/ 205) حدثنا أبو النضر، قال: ثنا الفرج، قال: ثنا محمد بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن عمرو بن العاص، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصمان يختصمان، فقال لعمرو: ((اقض بينهما يا عمرو)) فقال: أنت أولى بذلك مني يا رسول الله. قال ((وإن كان)) . قال: فإذا قضيت بينهما، فمالي؟! قال: ((إن أنت قضيت.... الحديث)) .
قلت: وهذا سند ضعيف.
والفرج. هو ابن فضالة، ضعيف عند الأكثر ين.
ومحمد بن عبد الأعلى، لم أظفر له بترجمة، ولا حتى في ((التعجيل)) مع أنه على شرطه. ولعله هو الذي عناه الحافظ الهيثمي - رحمه الله - حين قال في ((المجمع)) (4/ 195) : ((رواه أحمد والطبراني في ((الكبير)) وفيه من لم أعرفه)) أهـ‍.
قلت: واقتصاره عليه قصور، لما علم من حال الفرج بن فضالة. والله أعلم. أما عبد الأعلى: فهو ابن عدي البهران.
ترجمه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (3/ 2/ 72) ، وابن أبي حاتم في ((الجرح)) (3/ 1/ 25) ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلاً، فهو مجهول الحال، وإن ذكره ابن حبان في ((الثقات)) (5/ 129) على قاعدته المعروفة.
ولذلك قال الحافظ في ((الفتح)) (13/ 319) : ((إسناده ضعيف)) .
وكذا قال في ((التلخيص)) (4/ 180) .
وهناك سبب آخر موجب لضعفه، وهو الاختلاف في سنده.
فأخرجه الدارقطني (4/ 203) ، والحاكم (4/ 88) من طريق فرج بن فضالة، عن محمد بن

عبد الأعلى بن عدي، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص: ((اقض بينهما)) . قال: وأنت هاهنا يا رسول الله؟!! قال: ((نعم)) . قال: على ما أقضى؟ ، قال: إن اجتهدت فأصبت، لك عشرة أجور؛ وإن اجتهدت فأخطأت، فلك أجر واحد)) . واللفظ للدارقطني.
وقد رواه عن فرج عامر بن إبراهيم الأنبا ري، ويزيد بن هارون.
ووجه الاختلاف أنه جعله من مسند ((عبد الله بن عمرو)) .
ثم وجه آخر من الاختلاف في سنده. ... =

= أخرجه أحمد (4/ 205) ، والدارقطني (4/ 203) من طريق فرج بن فضالة، عن ربيعة بن يزيد، عقبه بن عامر مرفوعاً بمثله.
وقد رواه عن الفرج يزيد بن هارون، وهاشم بن القاسم، ومحمد بن الفرج بن فضالة.
قال الحافظ الهيثمي (4/ 195) : ((رجاله رجال الصحيح)) !!
وهي غفلة منه - رحمه الله -، وفرج بن فضالة لم يخرج له أحد من الشيخين لا أصلاً، ولا استشهاداً. وله طريق آخر إلى عقبة بن عامر.
يرويه حفص بن سليمان، عن كثير بن شنظير، عن أبي العالية، عن عقبة به.
أخرجه الطبراني في ((الصغير)) (1/ 51) وقال: ((لم يروه عن ابن شنظير إلا حفص، ولا يروي عن عقبة إلا بهذا إسناد)) .
قلت: وسنده ضعيف جداً، وحفص بن سليمان متروك، بل كذبة ابن خراش.
وعندي أن الاختلاف في سند الحديث هو من فرج بن فضالة، لأن كل من روى ثقات، على كلام في بعضهم.
وفي كلام الطبراني ما يدل على أن الحديث لا يعرف عن عقبة بن عامر من طريق الفرج هذا. إنما هو خطأ منه. والله أعلم.
وقد روى حديث الباب بلفظ آخر، وهو الحديث الآتي:

(2/24)


134- ((إذَا قَضى القَاضِي، فَاجتَهدَ، فَأصَابَ، فَلَهُ عَشرُة أجُورِ، وَإذَا اجتهدَ فَأخطَأ، كَانَ لَهُ أجرٌ أو أجَرانِ)) . (1)
__________
(1) 134- منكر.
أخرجه أحمد (2/ 187) حدثنا حسن، ثنا ابن لهيعة، ثنا الحارث بن يزيد، عن سلمة بن أكسوم، قال سمعت ابن حجيرة يسأل القاسم بن البرجي، كيف سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يخبر؟!
قال: سمعته يقول: إن خصمين اختصما إلى عمرو بن العاص، فقضى بينهما، فسخط المقضي عليه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: إذا قضى القاضي.... الخ)) .
قال الحافظ الهيثمي (4/ 195) : ((رواه أحمد والطبراني في ((الأوسط)) وفيه سلمة بن أكسوم، ولم أجد من ترجمه بعلم)) .
قلت: وسلمة بن أكسوم، قال الحسيني: ((مجهول)) .
فقال الحافظ في ((التعجيل)) (394) : ((لم يذكر فيه جرحاً لأحد)) !
فهل يذكر فيه تعديلاً أيضاً؟!! . وابن لهيعة فيه مقال، وقد اختلف عليه في إسناده.
فأخرجه الدارقطني (4/ 203) من طريق معاوية بن يحيى، عن ابن لهيعة، عن أبي المصعب المعافري، عن محرر بن أبي هريرة، عن أبي هريرة مرفوعاً فذكر الرفوع منه، ولكن عنده: ((.... وإذا قضى فاجتهد فأخطأ، كان له أجران)) بغير شك.
قلت: وسنده ضعيف، لاضطراب ابن لهيعة فيه، وهذا من سوء حفظه.
وأما نكارة الحديث، فلأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد، فأصاب، فله أجران 0 وإذا حكم فاجتهد، ثم أخطأ، فله أجر واحد)) .

أخرجه البخاري (13/ 318- فتح) ، ومسلم (1716) وأبو عوانة (4/ 12، 13)) ، وأبو داود (3574) ، والنسائي في ((القضاء من الكبرى)) - كما في ((أطراف المزي)) (8/ 158) -، وابن ماجه (2314) ، وأحمد (4/ 198، 204) ، والطيالسي (1451- منحة) ، والشافعي في ((مسنده)) (ج2/ رقم 621، 622) ، وابن حبان (ج 7/ رقم 5039) ، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 326) والدارقطني (4/ 210- 211) ، والبيهقي (10/ 118- 119) ، والخطيب في ((التلخيص)) (169، 446/ 1) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (10/ 115) من طريق أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص فذكره مرفوعاً.
فهذا هو اللفظ المحفوظ، وما عداه فلا يعول عليه. والله أعلم.

(2/25)


135- ((خُذُوا شَطرَ دِينِكُم عَنْ هَذِهِ الحُميراء)) . (1)
__________
(1) 135- لا أصل له. ... =
= قال السخاوي في ((المقاصد)) (432) : ((قال شيخنا - يعني ابن حجر - في تخريج أحاديث ابن الحاجب من إملائه: لا أعرف له إسناداً، ولا رأيته في شيء من كتب الحديث، إلا في ((النهاية)) لابن الأثير، ذكره في مادة ح م ر، ولم يذكر من خرجه، ورأيته أيضاً في ((كتاب الفردوس)) ، لكن بغير لفظه، وذكره من حديث أنس أيضاً بغير إسناد، ولفظه: خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء. وبيض له صاحب ((مسند الفردوس)) فلم يخرج له إسناد. وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير أنه سأل الحافظين المزي والذهبي عنه، فلم يعرفاه)) . أهـ‍.
وقال الحافظ ابن كثير في ((تحفة الطالب)) (ق 6/ 2) : ((حديث غريب جداً، بل هو منكر، سألت عنه شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي، فلم يعرفه، وقال: لم أقف له على سند إلى الآن. وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: هي من الأحاديث الواهية، التي لا يعرف لها إسناد)) أهـ‍. [وكذا قال الشيخ المحدث أبو الأشبال أحمد شاكر رحمه الله تعالى. وانظر ((كلمة الحق)) (ص 48- 49) ] .
وقال ابن القيم في ((المنار)) (ص- 23) : ((كل حديث فيه: يا حميراء، أو ذكر ((الحميراء)) فهو كذب مختلق)) .
قلت: فيه نظر، فقد قال الزركشي في ((الإجابة)) (ص 58) . ((سألت شيخنا الحافظ عماد الدين ابن كثير رحمه الله، فقال: كان شيخنا حافظ الدنيا أبو الحجاج المزي رحمه الله يقول: كل حديث فيه ذكر الحميراء باطل إلا حديثنا في الصوم في سنن النسائي)) .
قال الزركشي: ((قلت: وحديث آخر في النسائي أيضاً عن أبي سلمة، قال: قالت عائشة: ((دخل الحبشة المسجد يلعبون، فقال لي: ((يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم)) .... الحديث. وإسناده صحيح)) . أهـ‍.

وقال الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (2/ 444) عن حديث لعب الحبشة: ((إسناده صحيح، ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا)) .
قلت: فكأنه لم يطلع على قول أبي الحجاج المزي المتقدم.

وأخرج الحاكم (3/ 119) من طريق الفضل بن دكين، ثنا عبد الجبار بن الورد، عن عمار الذهبي، سالم بن أبى الجعد، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين، فضحكت عائشة! فقال: ((انظري يا حميراء! أن لا تكوني أنت! ، ثم التفت إلى علي، فقال: إن وليت من أمرها شيئاً، فارفق بها)) .
قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) .
فتعقبه الذهبي بقوله ((عبد الجبار لم يخرجا له)) .
قلت: وكذا عمار الذهبي، لم يخرج له البخاري شيئاً. غير أني لم أقف على أحد أثبت رواية سالم عن أم سلمة، فالله أعلم، وعلى كل حال، ففي قلبي شيء من صحة هذا الخبر. والعلم عند الله تعالى.

(2/26)


136- ((ثَلاثٌ هُنَّ عَليَّ فَريضَةٌ، وَهُنَّ لَكُم تَطوعٌ: الوترُ، وَرَكعَتَا الضُحى، وَرَكعَتا الفَجرِ)) . (1)
__________
(1) 136- منكر.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (7/2670) من طريق أبي جناب الكلبي، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً ... فذكره.
ومن هذا الوجه: أخرجه أحمد (1/ 231) ، وأبو بعيم في ((الحلية)) (9/ 232) ، ولكن عندهما: ((والنحر)) بدل ((ركعتا الفجر)) [وقع عند أبي نعيم: ((.... أبو جناب عن عمرة....)) كذا! والصواب ((عن عكرمة)) فليصحح من هنا. والله الموفق.
وأخرجه الدارقطني (2/ 21) ، والبزار (ج 3/ رقم 2433) ، والبيهقي (2/ 468- 9/ 264) ، والحاكم (1/ 300) وعندهما: ((النحر)) بدل ((ركعتا الضحى)) .
قلت: وسنده ضعيف، وأبو جناب الكلبي اسمه يحيى بن أبي حية.
ضعيف يحيى القطان، وابن معين في رواية، وابن سعد، ويعقوب بن سفيان، وابن عمار وغيرهم.
وقال أحمد: ((أحاديثه مناكير)) . وقد وصفوه بالتدليس.
قال عبد الحق في ((أحكامه)) : (( ... ولم يقل في الحديث: ((نا عكرمة)) ، ولا ذكر ما يدل عليه)) .
ولذلك قال الذهبي في ((تلخيص المستدرك)) : ((ما تكلم الحاكم عليه، وهو غريب منكر، ويحيى ضعفه النسائي والدارقطني)) .
وقال ابن الصلاح: ((حديث غير ثابت، ضعفه البيهقي في خلافياته)) .
وكذلك ضعفه ابن الجوزي في ((التحقيق)) ، والنووي في ((الخلاصة)) وكذلك نقل الحافظ في ((التلخيص)) (2/ 18) أن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ضعف الحديث
ولكن لم يتفرد به أبو جناب.
فتابعه جابر الجعفي، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً بنحوه.
أخرجه أحمد (1/ 232، 234، 317) ، والبزار (ج 3/ رقم 2434) ، وعبد بن حميد في ((المنتخب)) (586) ، والبيهقي (9/264) .

قال البزار: ((لا نعلم رواة عن ابن عباس إلا عكرمة، ولا رواه عن عكرمة إلا جابر، وأبو جناب.... ولم يكن بالقوي، واسمه يحيى بن أبي حبة)) .
قلت: وسنده ضعيف جداً. وجابر الجعفي واه.
قال الذهبي في ((الكاشف)) : ((وثقه شعبة فشذ، وتركه الحافظ)) .
وقد اتهمه بالكذب جماعة. ... =

= ومن عجيب أمر ابن الجوزي - رحمه الله - أنه كثيراً ما أسقط جابراً الجعفي في ((الموضوعات)) و ((الواهيات)) ، وإذا به يقول في ((التحقيق)) (1/ 84) : ((قال الخصم: جابر هو الجعفي، وقد كذبه أيوب السختياني وزائدة. قلنا: وقد وثقه سفيان الثوري وشعبة، وكفى بهما)) !!
وما هذا إلا لأجل المذهب - عفا الله عنا وعنه -.
قال الحافظ في ((التلخيص)) : لم يتفرد به أبو جناب، بل تابعه أضعف منه وهو جابر الجعفي)) أهـ‍
[وقد خالفهما أبان بن تغلب، فرواه عن عكرمة مرسلاً أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (3/ 5/ 4573) عن معمر، عن أبان، وهذا أوثق منهما] .
وتابعه يحيى بن سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ حديث الباب.
أخرجه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 449 - 450) من طريق ابن شاهين، وهذا في ((الناسخ والمنسوخ)) (ق / 17/ 2) عن وضاح بن يحيى، حدثنا مندل، عن يحيى بن سعيد به.
قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يثبت. فيه وضاح بن يحيى. قال ابن حبان: كان يروي عن الثقات الأحاديث المقلوبات التي كأنها معمولة، فلا يحتج به. قال أحمد: ومندل ضعيف)) أهـ‍.
وله شاهد من حديث أنس، - رضي الله عنه -.
أخرجه الدارقطني (2/ 21) ، وابن شاهين في ((الناسخ والمنسوخ)) (ق 17/ 2- 18/1) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 450) من طريق عبد الله بن محرر، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً: ((أمرت بالضحى والوتر، ولم يفرض علي)) .
قال ابن شاهين (ق 18/ 1) : ((والحديث الأول أقرب إلى الصواب، لأن الثاني فيه عبد الله بن محرر، وليس هو عندهم بالمرضى، ولا أعلم الناسخ منهما لصاحبه، ولكن الذي عندي أشبه أن يكون حديث عبد الله بن محرر على ما فيه ناسخاً للأول، لأنه ليس يثبت أن هذه الصلوات فرض، والله أعلم)) . أهـ‍.
قلت: كذا قال ابن شاهين - يرحمه الله تعالى - وأغرب في ذلك، لأننا لو سلمنا بأن هناك ناسخاً ومنسوخاً، لاشترطنا صحة الأدلة قبل إثبات الدعوى، كيف والأدلة ضعيفة لا يفرح بها. ومع هذا فالأشبه عندي أنه لا يثبت نسخ حتى الأدلة النسخ كما يقول العلماء إنما يلجأ إليه عند تعارض الأدلة، بشرط أن تكون صحيحة. والشرط غير موجود، فانتفى المشروط. والله أعلم.
وحديث أنس واه، لأن عبد الله بن المحرر متروك الحديث، بل كذبه بعضهم. والعلم عند الله تعالى.

(2/27)


137- ((إنَّ للهِ ضَنائِنَ مِن عِبادِهِ، يَضِنُّ بِهِم مِنَ القَتلِ وَالأمراضِ، يَعيَّشُهم في عَافِيةٍ، وَيُميتُهم في عَافِيةٍ)) . (1)
__________
(1) 137- باطل. ... =
=أخرجه أبن طهمان في ((مشيخته)) (1/ 1/ 98- 99) عن نصر أبي جزء عن علي بن الحكم، عن أبي الحسن، عن سعيد بن عامر، قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.
قلت: وهذا سند تالف.
ونصر هذا: هو ابن طريف اتهمه ابن معين بالوضع. وتركه النسائي وغيره.
وقال أحمد: ((لا يكتب حديثه)) .
وقال الفلاس: ((.. حدث بأحاديث ثم مرض، فرجع عنها، ثم صح فعاد إليها)) !! يعني أحاديث مختلفة.
هذه علة
والعلة الثانية: أن أبا الحسن هذا هو الجوزي.
قال ابن المديني: ((مجهول)) . ووافقه الحافظ في ((التقريب)) .
والعلة الثالثة: هي الانقطاع بين أبي الحسن، وسعيد بن عامر الصحابي فإنه من المحال أن يدرك أبو الحسن الجوزي هذا الصحابي الجليل. لأن أبا الحسن إنما يروي عن مقسم مولى ابن عباس. ومقسم نفسه لم يدرك سعيد بن عامر لأنه توفي قديماً سنة (20هـ‍) من خلافة الفاروق - رضي الله عنه - وقد ترجم البخاري في ((الكنى)) (ص 21) لأبي الحسن، وساق له شيئاً يرويه عن أبي أسماء الرحبي فالذي يروي عن مقسم، وعمرو بن مرة، وأبي أسماء الرحبي لا يمكن أن يدرك سعيد بن عامر. والله أعلم.
وبعد سقوط السند، فالمتن أيضاً باطل لأنه يناقض صريح الكتاب والسنة.
أما الكتاب الكريم، فقد قال الله تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} 2/155.وقال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} 3/ 186.

وأما السنة، فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى الرجل على قدر دينه، فإن كان دينه صلباً، اشتد بلاؤه، وان كان في دينه رقة، ابتلى على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة)) .

أخرجه النسائي في ((الكبرى)) - كما في ((الأطراف)) (3/ 318) ، والترمذي (2398) ، وابن ماجه (4023) ، والدارمي (2/ 228) ، وأحمد (1/ 172- 174، 180، 185) ، وفي ((الزهد)) (ص 53) ، وابن أبي شبية (3/ 233) ، والطحاوي في ((المشكل)) (3/ 61) ، وابن حبان (699، 700) ، والحاكم (1/ 41) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (1/ 368) من طريق الطيالسي وهو في ((مسنده)) (215) ، والدورقي في ((مسند سعد ابن أبي وقاص)) (ج1/ق6/2) ، وبحشل في ((تاريخ واسط)) (ص283) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (215) ، والدورقي في ((مسنده)) (ج 2/ رقم 830) ، وعبد بن حميد في ((المنتخب)) (146) ، وابن سعد في ((الطبقات)) (2/ 209) ، والخطيب في ((التاريخ)) (3/ 378- 379) ، والبيهقي (3/ 372- 373) ، والبغوي في ((شرح السنة)) = = (5/ 244) من طرق عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص مرفوعاً فذكره.
قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)) .
قلت: وسنده حسن لأجل عاصم، ولكنه توبع.
تابعه العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن سعد بن أبي وقاص مرفوعاً به.
أخرجه ابن حبان (698) ، والحاكم (1/ 40- 41) . وسنده صحيح. وللحديث شواهد أخرى.
فيظهر مما ذكرته أن الحديث الباب باطل، لا ريب في ذلك وقد روي بلفظ آخر أقل نكارة من هذا وهو: ((إن لله ضنائن من عباده، يغذوهم في رحمته، ويجييهم في عافيته، وإذا توفاهم، توفاهم إلى جنته، أولئك الذين تمر عليهم الفتن كالليل المظلم، وهم في عافية)) .
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 13425) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 152) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (1/ 6) ، والخطيب في ((تلخيص المتشابه)) (1/ 139 - 140) من طريق إسماعيل بن عياش، نا مسلم بن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً به.
قال العقيلي: ((مسلم بن عبد الله عن نافع، مجهول بالنقل وحديثه غير محفوظ.. ثم قال: والرواية في هذا الباب فيها لين)) .
وقال الذهبي في ((الميزان)) (4/ 105) : ((مسلم بن عبد الله، لا يعرف، والخبر منكر تفرد به عنه إسماعيل بن عياش)) . أهـ‍.
وأقره الحافظ في ((اللسان)) (6/ 30) .

(2/28)


138- ((ابنُكَ لَهُ أجرُ شَهيدَينِ)) . قَالتْ: وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسولَ اللهِ؟ قَالَ: ((لأنَّهُ قَتَلهُ أهلُ الكِتابِ)) . (1)
139- ((كَانَ رَسولُ اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلَم يَقولُ مَا بَينَ الرُّكنَينِ: {رَبنا آتِنَا في الدُّنيا حَسنَةً وَفي الآخرةِ حَسنةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ)) . (2)
__________
(1) 138- ضعيف.
أخرجه أبو داود (2488) ، ومن طريقه البيهقي (9/ 175) من طريق فرج بن فضالة، عن
عبد الخبير بن ثابت بن قيس بن شماس، عن أبيه، عن جده، قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقال لها: أم خلاد، وهي منتقبة، تسأل عن ابنها وهو مقتول. فقال لها بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: جئت تسألين عن ابنك، وأنت منتقبة؟! . فقالت: إن أُرزأ ابني فلن أرزا حيائي!! فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((ابنك.... الحديث)) .
قال الحافظ في ((التهذيب)) : ((وقع عند أبي داود: عبد الخبير بن ثابت بن قيس بن شماس، والصواب ما ذكره المؤلف - يعني أن صوابه: عبد الخبير قيس بن ثابت - فإن قيس بن شماس لا صحبة له)) . أهـ‍.
قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان: ... =
= الأولى: ضعف فرج بن فضالة.
الثانية: قال البخاري في ((التاريخ)) (3/ 2/ 137) : ((عبد الخبير، عن أبيه عن جده ... حديثه ليس بقائم)) وروى ابن عدي في ((الكامل)) (5/ 1985) مقالة البخاري، ثم قال: ((وعبد الخبير ليس بالمعروف، وإنما أشار البخاري إلى حديث واحد)) فالظاهر أنه يعني هذا الحديث.
وقال أبو حاتم: نقله عنه ولده في ((الجرح والتعديل)) (3/ 1/ 38) .
وكذا قال أبو أحمد الحاكم.
ونقل الحافظ أن ابن عدي قال: ((منكر الحديث)) .
ولم أجد هذا العبارة في ((الكامل)) . فالله أعلم.
(2) 139- ضعيف.

أخرجه أبو داود (1892) ، والنسائي في ((الكبرى)) - كما في ((أطراف المزي)) (4/ 347) -، وأحمد (3/ 411) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (456) ، والشافعي في ((مسنده)) (1/ 215) ، وابن حبان (1001) ، والحاكم (1/ 455) ، والبيهقي (5/ 84) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (7/ 128) من طريق ابن جريح، حدثني يحيى بن عبيد، مولى السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن السائب، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ما بين الركنين: ... فذكره.
قال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)) ووافقه الذهبي!!
قلت: وهو وهم غريب، لا سيما من الذهبي رحمه الله، فقد ترجم لعبيد مولى السائب بقوله: ((ما روى عنه سوى ابنه يحيى)) . يشير بذلك إلى جهالته.
ثم مسلم لم يرو له أصلاً. إنما روى له أبو داود والنسائي هذا الحديث الواحد. والله أعلم.

(2/29)


140- ((لَحمُ صَيدِ البرِّ لَكُم حَلالٌ (وَفي رِوايةٍ: وَأنتُم حُرمٌ) مَا لَم تَصِيدوهُ، أوْ يُصد لَكُم)) . (1)
__________
(1) 140- ضعيف.
أخرجه أبو داود (1851) ، والنسائي (5/ 187) ، والترمذي (846) ، وأحمد (3/ 362) ، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (8349) ، والشافعي في ((مسنده)) (1/ 322- 323-) ، وابن خزيمة (4/180) ، وابن حبان (980) ، والطحاوي في ((شرح المعاني)) (2/ 171) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (5/ 190) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (7/ 263- 264) من طرق عن عمرو بن أبي مولى المطلب، عن المطلب، عن جابر مرفوعاً.. فذكره. ... =
=وقد رواه عن عمرو، جماعة منهم: ((يعقوب بن عبد الرحمن، ويحيى بن عبد الله بن سالم، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، ومالك، وسليمان بن بلال)) وخالفهم عبد الرحمن بن أبي الزناد، فرواه عن عمرو، أخبرني رجل ثقة من بني سلمة، عن جابر فذكره.
أخرجه أحمد (3/ 189) حدثنا سريج، ثنا ابن أبي الزناد به وعبد الرحمن بن أبي الزناد متكلم في حفظه، فروايته مرجوحة وقد أخرجه الطحاوي (2/ 171) ، والدارقطني (2/ 290) من طريق الدراوردي، عن عمرو، عن رجل من الأنصار، عن جابر مرفوعاً به.
قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) ووافقه الذهبي!!
قلت: كذا!! وكأنهما لم يستحضرا علة الحديث، وهي الانقطاع.
فقد قال الترمذي: ((المطلب، لا نعرف له سماعاً من جابر)) .
وقال الدارمي: ((لا نعرف له سماعاً من أحد من الصحابة)) . وفي ((التلخيص الحبير)) (2/ 276) :
((قال البخاري لا أعرف له سماعاً من أحد من الصحابة، إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم علة أخرى قال النسائي عقبه: ((عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث، وإن كان روى عنه مالك)) .

قلت: يشير إلى أن شيوخ مالك فيهم ضعفاء، وليس قولهم ((مالك لا يروي إلا عن ثقة على إطلاقه. وهو الحق، إنما يقصدون بهذه العبارة في حق أي راو الغالب. والله أعلم.
تنبيه: هذا الحديث عزاه الحافظ في ((التلخيص)) (2/ 276) لأصحاب السنن، وهو تسامح فلم يروه ابن ماجه منهم، فليعلم ذلك، والله أعلم.

(2/30)


141- ((لاَ بَأسَ إذَا أخذتَها بِسعرِ يَومِهَا، مَا لَم تَفتَرِقا وَبَينَكُما شَيءٌ)) . (1)
__________
(1) 141- ضعيف مرفوعاً.
أخرجه أبو داود (3354، 3355) ، والنسائي (7/281، 282، 283) ، والترمذي (1242) ، وابن ماجه (2262) ، والدرامي (2/ 174) ، وأحمد (2/ 33، 83- 84، 139) ، والطيالسي (1868) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (655) ، وابن حبان (1128) ، والطحاوي في ((المشكل)) (2/ 96) ، والدارقطني (3/ 23- 24) ، والحاكم (2/ 44) ، والبيهقي (5/ 284، 315) من طرق عن حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع الدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير. قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في بيت حفصة رضي الله عنها، فقلت: يا رسول الله! رويدك أسالك! إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم - وأبيع الدراهم وآخذ الدنانير، فقال: ((لا بأس.... الحديث)) . ... =
=قال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)) ووافقه الذهبي!
قلت: جرى الحاكم وتبعه الذهبي على ظاهر السند، مع أن للحديث علة، أفصح عنها الترمذي بقوله: ((هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر. وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفاً)) . أهـ‍.
وقال البيهقي: ((تفرد به سماك بن حرب عن سعيد بن جبير، من أصحاب ابن عمر)) .
قلت: يعني برفعه، وسماك كان يقبل التلقين، وخالفه داود بن أبي هند، وهو أوثق منه فأوفقه على ابن عمر.

قال الحافظ في ((التلخيص)) (3/ 26) : ((روى البيهقي من طريق داود الطيالسي، قال: سئل شعبة عن حديث سماك هذا، فقال شعبة: سمعت أيوب عن نافع، عن ابن عمر، ولم يرفعه. ونا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، ولم يرفعه. ونا يحيى بن أبي إسحق عن سالم، عن ابن عمر ولم يرفعه، ورفعه لنا سماك بن حرب، وأنا أفرقه)) . أهـ‍.
فهذا يدل دلالة قاطعة على ضعف رواية الرفع. والله أعلم.

(2/31)


142- ((أَيما امرأةٍ زَوَّجَها وَلِياَّنِ، فَهِيَ لِلأَولِ، وَأيمَا رَجلٍ بَاعَ بَيعاً مِن رَجُلينِ، فَالبَيعُ لِلأولِ)) . (1)
143- ((صَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلَّمَ بِالنَّاسِ، فَسَها في صَلاتِهِ، فَسَجَدَ سَجدتي السَّهوِ، ثُم تَشهدَ، ثُم سَلَّمَ)) . (2)
__________
(1) 142- ضعيف.
أخرجه أبو داود (2088) ، والنسائي (7/ 314) ، والترمذي (1110) ، وابن ماجه (2191) بشطره الثاني، والدارمي (2/ 64) ، وأحمد (5/ 8، 11، 12، 18) ، والطيالسي (903) ، وابن الجارود (622) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 7/ رقم 6839- 6843) ، وفي ((مسند الشاميين)) (2649) ، والحاكم (2/ 35، 174- 175) ، والبيهقي (7/ 139، 141) من طرق عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب مرفوعاً فذكره.
وأخرج ابن ماجه (2190) شطره الثاني من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر أو سمرة.
هكذا على الشك في اسم الصحابي.
وأخرجه الدارمي أيضاً (2/ 63- 64) بالشك، ولكن بلفظه تاماً.
والشك من سعيد بن أبي عروبة، كما يظهر من تأمل الطرق.
قال الترمذي: ((حديث حسن)) .
وقال الحاكم: ((صحيح على شرط البخاري)) ووافقه الذهبي! =
= ونقل الحافظ في ((التلخيص)) (3/ 165) أن أبا زرعة وأبا حاتم صححاه، ثم قال: ((وصحته متوقفة على ثبوت سماع الحسن من سمرة، فإن رجاله ثقات)) أهـ‍.
قلت: صرح جمع من النقاد بثبوت سماع الحسن من سمرة، ولكن الحسن مدلس، فنحتاج إلى تصريحه بالسماع في كل حديث على حدة. أما الاختلاف على الحسن فيه، فلا يضر؛ لأن الذي شك في تعيين الصحابي هو سعيد بن أبي عروبة كما قدمت، وقد خالفه كثير من الثقات، فهم يترجحون عليه. والله أعلم.
(2) 143- ضعيف شاذ.

أخرجه أبو داود (1039) ، الترمذي (395) ، وابن خزيمة (2/ 134) ، وابن حبان (536) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (347) ، والحاكم (1/ 323) ، والبيهقي (2/ 355) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (3/ 297) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، ثنا أشعث بن عبد الملك، عن محمد بن سيرين، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين فذكره.

قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) ((ووافقه الذهبي)) !!
قلت: لا، وأشعث بن عبد الملك وإن كان ثقة، فإن مسلماً لم يخرج له مطلقاً، وعلق له البخاري في ((الصحيح)) فلا يكون على شرط واحد منهما. والله أعلم.
وقال الترمذي: ((حديث حسن غريب)) .
وفي بعض النسخ زيادة: ((صحيح)) .
قلت: وهذا السند وإن كان ظاهره الصحة، فإن ذكر التشهد قبل السلام من سجود السهو شاذ؛ لأن أشعث بن عبد الملك هو الذي تفرد بذكر التشهد في سجود السهو.
وقد صح الحديث بدون هذه الزيادة.
فأخرجه مسلم (574) ، وأبو عوانة (2/ 198- 199) ، وأبو داود (1018) ، والنسائي (3/26) ، وابن ماجه (1215) ، وأحمد (4/ 437، 441) ، والطيالسي (847) ، وابن خزيمة (2/ 130) ، وابن حبان (ج 4/ رقم 2663) ، وابن الجارود (245) ، والطحاوي في ((شرح المعاني)) (1/442، 443) ، والبيهقي (2/ 335، 354، 355، 359) من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى صلاة العصر ثلاث ركعات، فسلم فقيل له. فصلى ركعة، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم)) . ... =
= وقد رواه عن خالد الحذاء جماعة منهم: ((شعبة، ووهيب، وابن عليه، والثقفي، وهشيم، وحماد بن زيد، ومعتمر بن سليمان، ويزيد بن زريع، ومسلمة بن محمد وغيرهم)) .
فثبت بذلك أن الحديث ثابت بغير هذه الزيادة، يدل على ذلك أن محمد بن سيرين، قيل له: فالتشهد؟! ? يعني بعد سجود السهو ? قال: لم أسمع في التشهد شيئاً)) .
وقال ابن المنذر: ((لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت)) .
وقال البيهقي: ((أخطأ أشعث فيما رواه)) .
[وأغرب ابن التركماني - رحمه الله - في رده على البيهقي في ((الجوهر النقي)) إذ زعم أن هذه زيادة ثقة، فيجب أن تقبل. وما ذكرته من التحقيق يرده] .
وقال الحافظ في ((الفتح)) : ((زيادة أشعث شاذة)) .
ثم رأيت النسائي (3/ 26) ، وابن خزيمة (2/ 134) رويا هذا الحديث من طريق أشعث بسنده المتقدم كرواية الجماعة عن خالد الحذاء يعني لم يذكر التشهد.
فهذا يؤكد شذوذ هذه الزيادة.
ولكن قال الحافظ في ((الفتح)) (3/ 99) : ((لكن قد ورد في التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود والنسائي. وعن المغيرة عند البيهقي، وفي إسنادهما ضعف، فقد يقال: إن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن. قال العلائي: وليس ذلك ببعيد)) . أهـ‍.
قلت: ولا يفهم من هذا أن الحافظ يميل إلى تقوية هذه الزيادة، فإنه إنما أورد هذا الكلام على لسان من يظن أنه يعترض على الحكم بشذوذها. وإن كان سكوت مثله - رحمه الله - عن سوق هذا الإعتراض بدون التعقب عليه غير سديد.
فلننظر في هذه الشواهد:
أولاً: حديث ابن مسعود. - رضي الله عنه -.
أخرجه النسائي في ((الصلاة - من الكبرى)) - كما في ((أطراف المزي)) (7/ 158) - وأبو داود (1028) ومن طريقه الدارقطني (1/ 378) ، والبيهقي (2/ 336، 355- 356) من طريق محمد بن سلمة، عن خصيف، عن أبي عبيدة، عن أبيه عبد الله بن مسعود مرفوعاً: ((إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع، وأكبر ظنك على أربع، تشهدت، ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضاً ثم تسلم)) .
قال أبو داود: ((رواه عبد الواحد عن خصيف، ولم يرفعه. ووافق عبد الواحد أيضاً سفيان، وشريك، وإسرائيل. واختلفوا في متن الحديث، ولم يسندوه)) .
قلت: يشير أبو داود إلى أنه اختلف عن خصيف في إسناده فالأكثرون رووه موقوفاً. ... =
= ورواية الثوري أخرجها عبد الرزاق في ((المصنف)) (2/ 314/ 3499) عنه، عن خصيف، عن أبي عبيدة، عن أبن مسعود أنه تشهد في سجدتي السهو.
وأخرجه أحمد (1/ 429) ، وابن أبي شيبة (2/ 31) قالا: حدثنا محمد بن فضيل، ثنا خصيف، ثنا أبو عبيدة، عن أبيه موقوفاً بلفظ الثوري المتقدم.
فحاصل الأمر أن خمسة من الثقات خالفوا محمد بن سلمة فيه ومحمد بن سلمة ثقة رفيع القدر، وهذا الاختلاف هو من جهة خصيف بن عبد الرحمن.
ضعفه أحمد قال: ((ليس بحجة، ولا قوى في الحديث)) .
وقال مرة: ((شديد الاضطراب في المسند)) .
يشير إلى أنه يرفع أحاديث، وهي الأصل موقوفه.
وقال أبو حاتم: ((صالح، يخلط. وتكلم في سوء حفظه.
ووثقه جماعة كابن معين، وأبو زرعة وغيرهما.
فرفعه لهذا الحديث هو آت من سوء حفظه.
فالراجح في الحديث أنه موقوف، ثم فوق ذلك فإنه منقطع لأن أبا عبيدة لم يسمع أبيه، كما تقدم شرحه مستوفي في هذا الكتاب. والله أعلم.
فيكون الموقوف ضعيفاً أيضاً ...
[وقال البيهقي: هذا غير قوي، ومختلف في رفعه ومتنه. وفي ((نيل الأوطار)) (3/ 138) عن البيهقي قال: ((ومتنه غير قوي)) ] .
ثانياً: حديث المغيرة بن شعبة. - رضي الله عنه -.
أخرجه البيهقي (2/355) من طريق عمران بن أبي ليلى، عن ابن أبي ليلى، قال: حدثني الشعبي عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي السهو)) .
قال البيهقي: ((وهذا يتفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الشعبي. ولا يفرح بما يتفرد به. والله أعلم)) أهـ‍.
وعمران: هو ابن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وثقه ابن حبان.
وقال الحافظ عنه: ((مقبول)) يعني عند المتابعة.
وقد تابعه هشيم بن بشير على إسناده ولكنه خالفه في متنه فرواه، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبي قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين. فسبح به القوم، وسبح بهم. فلما صلى بقية صلاته سلم، ثم سجد سجدتي السهو، وهو جالس. ثم حدثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل بهم مثل الذي فعل)) .
أخرجه الترمذي (364) : فلم يذكر ما ذكره عمران بن محمد عن أبيه في رواية البيهقي وتابع هشيماً عليه سفيان الثوري. ... =
= أخرجه أحمد (4/ 248) حدثنا عبد الرزاق، أنا سفيان به فهذا الاضطراب في متنه هو من ابن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ جداً ونقل الترمذي عن أحمد عقب الحديث قوله: ((لا يحتج بحديث ابن أبي ليلى)) .
وعن البخاري قال: ((ابن أبي ليلى هو صدوق، ولا أروي عنه، لأنه لا يدري صحيح حديثه من سقيمه، وكل من كان مثل هذا فلا أروي عنه شيئاً)) .
وقال البيهقي في ((المعرفة)) : ((لا حجة فيما تفرد به لسوء حفظه، وكثرة خطئه في الروايات)) نقله الشوكاني في ((النيل)) (3/139) .
قلت: فهذا ما ذكره الحافظ ونقل عن العلائي أنه لا يستبعد حسنه، وتبين من التحقيق أنها شواهد ضعيفة لا تصلح أن يقوى بعضها بعضاً لشدة الاختلاف فيها.
وهناك حديث آخر عن عائشة وفيه: ((وتشهدي، وانصرفي ثم اسجدي سجدتين وأنت قاعدة، ثم تشهدي)) .
أخرجه الطبراني وفي إسناده موسى بن مطير، عن أبيه. وموسى واهٍ تركه أبو حاتم والنسائي وغيرهما، بل كذبه يحيى بن معين.
وأبوه قال أبو حاتم: ((متروك الحديث)) . فالحديث ساقط. والله أعلم.

(2/32)


144- ((إذَا قَامَ أحَدُكُم إلى الصَّلاةِ، فَلاَ يَمسَحِ الحَصَى، فإنَّ الرَّحمةَ تُواجِهُهُ)) . (1)
__________
(1) 144- ضعيف.
أخرجه أبو داود (945) ، والنسائي (3/6) ، والترمذي (379) ، وابن ماجة (1027) ، والدارمي (1/263) ، وعبد الرزاق (2398، 2399) ، وأحمد (5/ 150، 163، 179) ، وابن خزيمه (2/183) ، والحميدى (128) ، والبيهقي (2/ 284) من طريق الزهري، عن أبي الأحوص، عن أبي ذر مرفوعاً.. فذكره.
قال الترمذي: ((حديث حسن)) .
قلت: بل ضعيف؛ لأمرين:
الأول: أن أبا الأحوص، مجهول
قال ابن القطان ((لا يعرف له حال))
وقال ابن معين: ((فيه جهالة)) .
فتعقبه ابن عبد البر بقوله: ((قد تناقض ابن معين في هذا، فإنه سئل عن أكيمة، وقيل له: لم يرو عنه غير ابن شهاب فقال: يكفيه قول ابن شهاب: حدثني ابن أكيمة. فيلزمه مثل هذا في أبي الأحوص)) .
أهـ‍.
قلت: وهذا إلزام بما لا يلزم لأن أبا الأحوص وعمارة بن أكيمة وإن لم يرو عنهما غير الزهري لكن ابن أكيمة أحسن حالاً من أبي الأحوص.
وبيانه: أن أبا الأحوص قد نص بعض أهل العلم على جهالته.
أما عمارة بن أكيمة: فقد قال يعقوب بن سفيان: ((هو من مشاهير التابعين بالمدينة)) .
وقال أبو حاتم: ((صحيح الحديث حديثه مقبول)) .
نقله عنه ولده في ((الجرح والتعديل)) (3/ 1/362) .
ووقع في ((التهذيب)) (7/ 410) : ((صالح تحديث)) .
ووثقه يحيى بن سعيد القطان، مع تعنته.
وذكر ابن حبان في ((الثقات)) .
بل قال ابن البر: ((إصغاء سعيد بن المسيب إلى حديثه دليل على جلالته عندهم)) فلا يمكن أن يسوي هذا بهذا.
وعلى التنْزل: فلو سلمنا لابن عبد البر إلزام ابن معين، فحاصل الأمر أن أبا الأحوص يقبل حديثه استشهاداً.
وهذا يفهم من صنيع الحافظ، فإنه قال فيه: ((مقبول)) . ... =
= يعني عند المتابعة.
فكيف إذا خولف.
وهذا هو:
الوجه الثاني:

أن أبا الأحوص كنا نُحسن حديثه إذا توبع، أما إذا خولف، فلا. فقد خالفه مجاهد، فرواه عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كل شيء، حتى عن مسح الحصى! . فقال: ((واحدة)) .
أخرجه الطيالسي (47.) قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد به. وكذا أخرجه عبد الرزاق (2/40/2404) .

قال الطيالسي: ((وقال سفيان: عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه)) . أهـ‍.
قلت: وقد تكلم بعض أهل العلم في سماع عبد الله بن أبي نجيح من مجاهد.
فقال ابن حبان: ((روى عن مجاهد من غير سماع)) .
وخص بعضهم هذا التفسير فقط.
وصنيع الطيالسي - رحمه الله - يشير إلى أن مجاهداً إنما أخذه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
وقد أخرجه عبد الرزاق في ((مصنفه)) (2/39/2406) ، وأحمد (5/163) ، والطحاوي في ((المشكل)) (2/183) ، وابن خزيمة (2/6.) من طريق سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بنأبي ليلى، عن أبي ذر، قال ... فذكره باللفظ السابق.
قلت: وسنده ضعيف لأجل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد تقدم في الحديث السابق حاله.
لكن يشهد لحديثه ما أخرجه البخاري (3/79 ? فتح) ، ومسلم (546) ، وأبو عوانة (2/190، 191) ، وأبو داود (946) ، والنسائي (3/7) ، والترمذي (38.) ، وابن ماجه (1026) ، وأحمد (3/426) ، والطيالسي (1187) ، والدارمي (1/263) ، وابن خزيمة (2/51) ، وابن الجارود (218) ، والبيهقي (2/284) من طريق يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة، عن معيقيب - رضي الله عنه - قال: قيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسح الحصى في المسجد، فقال: ((إن كنت فاعلاً، فواحدة)) .
وقد رواه عن يحيى بن أبي كثير جماعة، منهم: ((شيبان بن عبد الرحمن، وهشام الدستوائي، والأوزاعي.
وخالفهم معمر بن راشد في إسناده.
فرواه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة مرسلاً.
أخرجه عبد الرزاق (2/40/2406) . =
=ورواية الجماعة أرجح بلا ريب.
فالحاصل أن حديث الباب معمول بجهالة أبي الأحوص، ثم بالمخالفة، وقد قال ابن خزيمة لما أخرج حديث الباب: ((باب ذكر الخبر المفسر للفظة المجملة التي ذكرتها، والدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أباح مس الحصى في الصلاة مرة واحدة)) .
والحمد لله على التوفيق.

(2/33)


145- ((الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ سَبعُ آياتٍ، بِسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ إحداهنَّ، وَهي السَّبعُ المَثانِي وَالقُرآنُ العظيمُ، وَهي أمُّ الكِتابِ، وَفاتِحةُ الكِتابِ)) . (1)
146- ((إذَا وَضعتَ جَنبكَ عَلَى الفِراشِ، وَقَرأتَ ((فَاتِحةَ الكِتابِ)) و ((قُلْ هُوَ اللهُ أحدٌ)) ، فَقَد أمِنتَ مِن كُلِّ شَيءٍ إلاَّ المَوتَ)) . (2)
__________
(1) 145- ضعيف بهذا السياق.
أخرجه الدارقطني (1/ 312) ، ومن طريقه البيهقي (2/ 45) من طريق أبي بكر الحنفي، ثنا عبد الحميد بن جعفر، أخبرني نوح بن أبي بلال، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة به.
قال أبو بكر الحنفي: ((ثم لقيت نوحاً، فحدثني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة بمثله، ولم يرفعه)) .
وأخرجه ابن مردويه في ((تفسيره)) - كما في ((ابن كثير)) (1/ 22) -، والبيهقي (2/ 376- 377) من طريق المعافي بن عمران، عن عبد الحميد بن جعفر بسنده سواء.
ونقل الحافظ ابن كثير عن الدارقطني أنه قال: ((كلهم ثقات)) .
قلت: ويظهر أن عبد الحميد بن جعفر وهم في رفعه. فهو وإن وثقه غير واحد فقد ضعفه الثوري، ولينه النسائي وقال ابن حبان: ((ربما اخطأ)) .
ومما يدل على أنه وهم في رفعه أن أبا بكر الحنفي - وهو أوثق من عبد الحميد - لقى نوح بن أبي بلال فحدثه به، فأوقفه وهو الصواب.
ومما يدل على ذلك أن ابن ذئب رواه عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((أم القرآن: هي السبع المثاني، والقرآن العظيم)) .
ولم يذكر ((إحداهن بسم الله الرحمن الرحيم)) .
أخرجه البخاري (8/ 381- فتح) ، وأبو داود (1457) ، والترمذي (3124) ، والدارمي (2/ 321) ، والطبري في ((تفسيره)) (14/ 41) ، والطحاوي في ((المشكل)) (2/ 78) ، وأحمد (2/ 448) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (4/ 445) من طريق عن ابن أبي ذئب.
(2) 146- ضعيف. ... =

=أخرجه البزار (ج 4/ رقم 3109) من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا غسان بن عبيد، عن أبي عمران الجوني، عن أنس مرفوعاً به.
قال البزار: ((لا نعلمه بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه عن أنس، ولم نسمعه إلا من إبراهيم)) .
وقال الهيثمي (10/ 121) : ((فيه غسان بن عبيد، وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح)) .

قلت: غسان بن عبيد.
قال أحمد: ((كتبنا عنه، وخرقت حديثه)) .
وضعفه ابن معين وابن عدي، وغيرهما.
فهو علة الحديث.
وأصح ما ورد في هذا الباب هو ما أخرجه البخاري (4/ 487- فتح) ، والنسائي في ((اليوم والليلة)) (959) ، وابن خزيمة (4/ 91- 92/ 2424) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (7/ 107- 108) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (4/ 460- 462) ، والحافظ في ((التعليق)) (3/ 296) ، من طريق عثمان بن الهيثم، نا عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت يحثو من الطعام فأخذته.... وذكر الحديث وفيه أن الجني قال لأبي هريرة: ((إذا أويت إلى فراشك، فأقرأ آية الكرسي من أولها إلى آخرها، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح)) .
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أما إنه قد صدقك، وهو كذوب)) .
قال النووي في ((الأذكار)) (75- 76) : أخرجه البخاري في ((صحيحه)) ، فقال: وقال عثمان بن الهيثم، حدثنا عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. وهذا متصل، فإن عثمان بن الهيثم أحد شيوخ البخاري الذين روى عنهم في ((صحيحه)) ، وأما قول أبي عبد الله الحميدي في ((الجمع بين الصحيحين)) : أن البخاري أخرجه تعليقاً، فغير مقبول، فإن المذهب الصحيح المختار عند العلماء، والذي عليه المحققون، أن قول البخاري وغيره: ((وقال فلان)) محمول على سماعه منه واتصاله إذا لم يكن مدلساً، وكان قد لقيه، وهذا من ذلك)) . أهـ‍.
فتعقبه الحافظ في ((النتائج)) بقوله: ((الذي ذكره الشيخ عن الحميدي، ونازعه فيه، لم ينفرد به الحميدي بل تبع فيه الإسماعيلي، والدارقطني، والحاكم، وأبا نعيم، وغيرهم، وهو الذي عليه عمل المتأخرين والحفاظ، كالضياء المقدسي، وابن القطان، وابن دقيق العيد، المزي. وقال الخطيب في ((الكفاية)) : لفظ: قال لا يحمل على السماع إلا ممن عرف من عادته أنه لا يقولها إلا في موضع السماع)) أهـ‍.
نقله عنه ابن علان في ((الفتوحات)) (3/147) . ... =
= قلت: والحق، هو ما ذهب إليه الحافظ. نعم لو كانت الصيغة: ((قال لي)) فهي أظهر في الاتصال.
وقد قال البخاري في ((كتاب الأذان)) من ((صحيحه)) (2/ 334 فتح) : ((قال لنا آدم، حدثنا شعبة.... الخ)) .
قال الحافظ: قوله: ((قال لنا)) ، هو موصول.... لأني وجدت كثيراً مما قال فيه: ((قال لنا)) في ((الصحيح)) قد أخرجه في تصانيف أخرى بصيغة ((حدثنا)) . أهـ‍.
وقال في ((الفتح)) في مكان آخر (1/ 156) : ((إني استقرأت كثيراً من المواضع التي يقول فيها في ((الجامع)) : ((قال لي)) فوجدته في غير الجامع يقول فيها: ((حدثنا)) . والبخاري لا يستجيز في الإجازة إطلاق التحديث، فدل أنها من المسموع عنده ... )) . أهـ‍.
ولتفضيل القول مقام آخر.
ومما ثبت قراءته من القرآن حال النوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أتيت مضجعك للنوم فأقرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، ثم نم على خاتمتها، فإنها براءة لك من الشرك)) .
وهو حديث حسن على نحو ما حققته في ((جنة المرتاب)) (باب رقم 10) . وهناك أحاديث أخرى غير ما ذكرت، جليت القول عنها في كتأبي ((تنبيه الوسنان إلى ما صح من فضائل سور القرآن)) يسر الله إتمامه بمنه وكرمه.

(2/34)


147- ((ألاَ أُخبِرُكُم بِخيرِ النَّاسِ، وَشرِّ الناسِ؟ إنَّ مِنْ خَيرِ الناسِ رَجلٌ عَمِلَ فِي سَبيلِ اللهِ عَلَى فَرسِهِ، أو عَلَى بَعيرِهِ، أو عَلى قَدمَيهِ، حَتى يَأتيهِ المَوتُ وَهوَ عَلَى ذَلِكَ، وَإنَّ مِنْ شَرِّ الناسِ رَجُلٌ فَاجرٌ، جَرِيءٌ، يَقرأُ كِتابَ اللهِ وَلاَ يَرعَوِي إلى شَيءٍ
مِنهُ)) . (1)
148- ((النَّفقةُ فِي الحَجِّ، مِثلُ النَّفقةِ فِي سَبيلِ اللهِ، الدِّرهَمُ سَبعِمائَةٍ)) . (2)
__________
(1) 147- ضعيف.
أخرجه النسائي (6/ 11-12) ، وأحمد (3/ 41-42، 57-58) ، والحاكم (2/ 67) ، والبيهقي (9/ 160) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن حبيب، عن أبي الخير، عن أبي الخطاب، عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام تبوك يخطب الناس، وهو مسند ظهره إلى راحلته فقال: ((ألا أخبركم ... . الحديث)) .
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) وافقه الذهبي!!
قلت: هذا وهم لا سيما من الذهبي رحمه الله فانه ترجم لأبي الخطاب في ((الميزان)) (4/520) وقال: ((عن أبي سعيد، وعنه أبو الخير مرثد اليزني. مجهول)) .
وفي ((التهذيب)) : ((قال النسائي: لا أعرفه)) وكذا قال ابن المدني.
فالحديث ضعيف لجهالة أبي الخطاب عيناً وحالاً. والله أعلم. ... =
(2) 148- ضعيف.
أخرجه أحمد (5/ 354-355) ، والبخاري في ((الكبير)) (1/ 2/ 63) ، والبيهقي (4/332) من طرق عن عطاء بن السائب، عن أبي زهير الضبعي، عن عبد الله بن بريده، عن أبيه مرفوعاً.. فذكره.
وقد رواه عن عطاء منصور بن أبي الأسود وأبو عوانة وأبو حمزة السكري.
قلت: وهذا سند ضعيف لأمرين بل ثلاثة:
الأول: إن عطاء بن السائب كان قد اختلط، وهؤلاء الذين رووا عنه، أخذوا عنه بعد الاختلاط على ما هو ظاهر من ترجمته.

الثاني: إن أبا زهير الضبعي، واسمه زهير بن حرب مجهول الحال فقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (1/ 2/ 249) : ((حرب. قال علي بن المدني: أراه أبا زهير الضبعي الذي روى عن ابن بريده، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النفقة في الحج. روى عنه عطاء بن السائب واختلف عن عطاء فيه على وجوه شتى)) . أهـ‍.
وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (6/ 231 - 232) .

الثالث: الاختلاف في سنده عن عطاء كما مر في كلام أبي حاتم الرازي. فرواه موسى بن أعين، عن عطاء، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة عن أبيه ... فذكره.
أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (ق 97 / 1- زوائد المعجمين) .
فأدخل بين عطاء بن السائب، وابن بريدة: ((علقمة بن مرثد)) ورواية الجماعة عن عطاء أولى. والله أعلم.
وقد اختلف على حرب بن زهير فيه.
فأخرجه البزار (ج 2/ رقم 1664) من طريق عبد الرحمن بن مغراء، ثنا محمد بن أبي إسماعيل، ثنا حرب بن زهير عن أنس بن مالك قال: ((النفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف)) .
كذا لفظه ولم يذكر النفقة في الحج.
قال البزار: ((لا نعلم روى ابن زهير عن أنس إلا هذا)) .
قلت: كذا روى ابن مغراء عن محمد بن أبي إسماعيل وخالفه محمد بن بشر، فرواه عن محمد بن أبي إسماعيل، عن حرب بن زهير، عن يزيد بن زهير الضبعي، عن أنس فذكره مرفوعاً.
أخرجه البخاري في ((التاريخ)) .
فكان الاختلاف من وجهين:
الأول: أنه جعل شيخ حرب بن زهير هو: ((يزيد بن زهير)) وليس ((أنس بن مالك)) . ... =
=الثاني: أنه رفعه، في حين أن ابن مغراء رواه عن محمد بن أبي إسماعيل موقوفاً. وحرب بن زهير قد تقدم أنه مجهول الحال. أما يزيد بن زهير فلم أعرفه.
قال الهيثمي في ((المجمع)) (3/ 208) عن رواية البزار:
((وفيه من لم اعرفه)) .
ثم سماه الهيثمي في ((المجمع)) (3/ 208) عن رواية البزار: ((وفيه من لم أعرفه)) .
ثم سماه الهيثمي في موضوع آخر (5/ 282) : ((فيه محمد بن أبي إسماعيل، ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات)) !!
قلت: وهذا غريب من الحافظ الهيثمي رحمه الله تعالى ومحمد بن أبي إسماعيل من رجال مسلم. وثقه ابن معين والنسائي وابن حبان. وأثنى عليه أبو حاتم.
ثم قوله: ((وبقية رجاله ثقات)) !! وهم آخر، وحرب بن زهير تقدم الكلام عليه، وأنه مجهول الحال.
لكني تدبرت صنيع الهيثمي، فوجدته يعتد بثويثق ابن حبان، حتى وإن تفرد به - في مواضع كثيرة من ((المجمع)) وهو تصرف ضعيف، على أنني وقعت له على تناقض كثير في هذا الأمر، فالله تعالى يسامحنا وإياه.

(2/35)


149- ((لاَ أُحبُّ أنْ يَبيتَ المُسلمُ جُنباً، إني خَشيتُ أنْ يَموتَ، فَلاَ تَحضُرُ المَلائِكةُ جَنازَتَهُ)) . (1)
__________
(1) 149- موضوع.
أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) ، ومن طريقه ابن عدي في ((الكامل)) (7/ 2720) ، والذهبي في ((الميزان)) (4/ 437- 438) حدثنا شيبان، حدثنا يزيد بن عياض، حدثنا الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً.. فذكره.
قلت: وهذا سند تالف.
ويزيد بن عياض هالك.
كذبه مالك والنسائي وابن معين. وتركه النسائي في رواية، والأزدي.
وقال البخاري، ومسلم، والساجي، وأبو حاتم: ((منكر الحديث)) .
وزاد أبو حاتم: ((ضعيف الحديث)) .
ثم إن لفظ الحديث، يبعد جداً أن يقوله النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هو إلى ألفاظ الفقهاء أقرب.
ولآخر الحديث شاهد من حديث محمد بن ياسر قال: ((قدمت على أهلي من سفر فضمخوني بالزعفران. فلما أصبحت أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلمت عليه، فلم يرحب بي، ولم يبش بي، وقال: ((اذهب فاغسل هذا عنك)) قال: فغسلته عني. فجئت وقد بقي عليّ شيء. فسلمت عليه فلم يرحب بي، ولم= = يبش بي، وقال: ((اذهب فاغسل هذا عنك)) . فغسلته عني، ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلمت عليه، فرد السلام ورحب بي، وقال: ((إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخير، ولا المتضمخ بالزعفران، ولا الجنب)) .
قال: ورخص للجنب إذا أراد أن يأكل، أو ينام، أن يتوضأ.
أخرجه أبو داود (4176) ، وأحمد (4/ 320) ، والطيالسي (646) ، والبيهقي (1/ 203 و5/ 36) ، من طريق حماد بن سلمة، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، عن عمار بن ياسر. فذكره.
[وأخرجه أبو داود (4180) أيضاً من طريق الحسن البصري، عن عمار بنحوه وزاد: ((.... ولا الجنب إلا أن يتوضأ)) وهو منقطع فالحسن لم يسمع من عمار كما قال المنذري في ((الترغيب)) (1/ 91) ] .

وتابعه معمر بن راشد، عن عطاء الخراساني به.
أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (1/ 281/ 1087) عنه.
قلت: وهذا سند ضعيف، وله ثلاث علل:
الأولى والثانية: أن عطاء الخراساني ضعيف الحفظ، وكان يدلس، ولم يصرح بالسماع في شيء من الطرق التي وقفت عليها.
الثالثة: الانقطاع بين يحيى بن يعمر وعمار.

قال أبو داود: ((يحيى بن يعمر بينه وبين عمار رجل)) .
وقال الدارقطني: ((لم يلق عماراً)) .
ويدل على ذلك أن أبا داود أخرجه (4177) من طريق ابن جريج، أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار، أنه سمع يحيى بن يعمر، يخبر عن رجل، أخبره عن عمار بن ياسر بنحو القصة الماضية.
قلت: وهذا السند أصح من السابق. وفيه مجهول.
وقد اختلف على يحيى بن يعمر فيه.
وقد مر وجهان من هذا الاختلاف.
أما الوجه الثالث، فيرويه عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس مرفوعاً: ((ثلاثة لا تقربهم الملائكة: الجنب، والسكران، والمتضمخ بالخلوق)) .
أخرجه البزار (ج 3/ رقم 2930) قال: حدثنا العباس بن أبي طالب، ثنا أبو سلمة، ثنا أبان، عن قتادة، عن ابن بريدة به.
وقال: ((رواه غير العباس بن أبي طالب مرسلاً. ولا نعلمه يروي عن ابن عباس إلا من هذا الوجه.
قال الهيثمي (5/72) : ((رجاله رجال الصحيح، خلا العباس بن أبي طالب وهو ثقة)) .
وقال المنذري في ((الترغيب)) (1/ 91) : ((إسناده صحيح)) . ... =
= قلت: وأبان هو ابن يزيد العطار، وهو ثقة من رجال الشيخين.
وخالفه أبو عوانة، فرواه عن قتادة به موقوفاً على ابن عباس.
أخرجه البخاري في ((الكبير)) (3/ 1/ 74) ، وفي ((الصغير)) (2/ 190) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 241) .
وحديث أبان بن يزيد أثبت، لا سيما وأبو عوانة كان ضعيفاً في قتادة خصوصاً كما قال ابن المديني.
لكن بقيت العلة التي ذكرها البزار وهي الإرسال. ولا أدري من الذي خالف العباس بن أبي طالب؟!
فإن كان أوثق منه ترجحت روايته وإلا فلا. ولم أقف على رواية الإرسال هذه.
وقد اختلف فيه على ابن بريدة.
فرواه - كما في الوجه السابق عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس مرفوعاً ثم رواه عن أبيه بريدة بن الحصيب، - رضي الله عنه -.
أخرجه البخاري في ((الكبير)) (3/ 1/ 74) وفي ((الصغير)) (2/ 190) وابن أبي شيبة - كما في ((المطالب)) (2179) - والبزار (ج 3/ رقم 2929) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 241) ، وابن عدي في ((الكامل)) (4/ 1459) من طريق عبد الله بن حكيم، عن يوسف بن صهيب، عن عبد الله بن بريده، عن أبيه مرفوعاً بنحوه.
قال البزار: ((لا نعلمه يروي عن بريدة، إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه يوسف إلا عبد الله)) .
وقال البخاري عقبه: ((لا يصح)) .
قلت: وعبد الله بن حكيم: هو أبو بكر الداهري، وهو متروك.
[ومما وقع للحافظ الهيثمي - رحمه الله - أنه قال في ((المجمع)) (5/ 72) : ((وفيه عبد الله بن الحكم ولم أعرفه)) فكأنه تصحف عليه. يدل عليه أنه قال في موضع آخر (5/ 156) : ((فيه عبد الله بن حكيم وهو ضعيف)) وقد تساهل في نقده] .
قال أحمد وابن معين وابن المديني: ((ليس بشيء)) .
وقال ابن معين - مرة - والنسائي: ((ليس بثقة)) .
وكذبه الجوزجاني.
وقال ابن عدي: ((منكر الحديث)) .
وقال العقيلي: ((حدث بأحاديث لا أصل لها، ويحيل على الثقات)) .
وقال يعقوب بن شيبة: ((متروك، يتكلمون فيه)) .
وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، ذاهب الحديث)) .
وقال ابن أبي حاتم: ((ترك أبو زرعة حديثه، ولم يقرأه علينا، وقال: ضعيف)) . =
=وقال ابن حبان: ((كان يضع الحديث على الثقات، ويروي عن مالك والثوري ومسعر ما ليس من أحاديثهم. لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه)) .
وقال أبو نعيم: ((روى عن إسماعيل بن أبي خالد والأعمش الموضوعات)) .
وقال البيهقي: ((ضعيف)) .
وقال الذهبي في ((الكنى)) : ((ليس بثقة ولا مأمون)) .
فالإسناد ضعيف جداً. والصواب رواية ابن بريدة عن ابن عباس مع النظر الذي قدمته.
وفي الباب عن عبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنه -.
قال الهيثمي (5/ 156) : ((رواه الطبراني في ((الأوسط)) ، وفيه زكريا بن يحيى بن أيوب ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح خلا كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة وهو ثقة)) .
قلت: إن ثبت أنه لا توجد علة في الحديث غير جهالة زكريا هذا، فمع انضمام هذا إلى حديث ابن عباس السابق لعله يصير حسناً. والله أعلم.
تنبيهان:
الأول: لو ثبت هذا الحديث فإنه يحمل على كل من أخر الغسل من الجنابة لغير عذر، ولعذر إذا أمكنه الوضوء فلم يتوضأ. وقيل: هو الذي يؤخره تهاوناً وكسلاً، ويتخذ ذلك عادة)) .
قاله الحافظ المنذري.
الثاني: قد تبين لك أن أبا بكر الداهري هذا متروك الحديث، وقد ذكرت ما وقفت عليه من جرح الأئمة فيه. لكنني وقعت على جزء سماه صاحبه: ((إتحاف السائل بتصحيح حديث الوضوء من كل دم سائل)) .
وهو جزء يصلح مثالاً جيداً للتهافت في البحث، مع ضعف شديد في الفهم لمسائل الجرح والتعديل.
ومع ذلك فقد قدم أحد الغماريين المغاربة مقدمة تسقط الثقة بتزكية هؤلاء الناس. فصاحب الجزء - باعتراف الذي قدم له - ألف كتابه هذا: ((بعد مدة قصيرة من قراءته على كتب المصطلح.... سلك فيه مسلك أهل القدم الراسخ في علم الحديث، ذوي الاجتهاد والنظر في الترجيح بين أقوال الأئمة في التعديل والتجريح وذلك غريب جداً ... الخ)) .
وأثنى عليه عبد الله الغماري أبو الفضل في آخر كتابه، فقال: ((قد أحسن الاحتجاج..... وقد ألبس الموضوع من علم الحديث دراية ورواية ما يعجب الناظر فيها، ويعجب المتعطش لمعرفة ما لها وعليها، فأفاد في ما جمع وأظهر براعة فيما كتب ... الخ)) .
قلت: هذا الذي نقلته لك، لو قيل مثل الحافظ لكان حقاً، ولكن يقال في رجل لا يحسن الفهم، مع دعوى فارغة، وتبجح زائد. ومن قرأ كتابه هذا علم حق العلم أن تزكية هؤلاء الغماريين ضرب من المدح الرخيص الذي لا مضمون له. ... =
=فسأتناول هنا مسألة واحدة تقيس بقية الكتاب فقد قال (ص 19) : ((وأبو بكر الداهري قد تكلم فيه كثيراً، سأذكرها!! مع شرحها وكذلك سأذكر من وثقه لتعلم حاله..)) ‍‍!!
ثم ساق نحو ما ذكرت من كلام الجارحين. ثم أتى ببلايا فقال: ((أما قول علي بن المديني وأحمد بن يحيى: ليس بشيء. معنى هذه العبارة يستعملها الأقدمون في من يكون قليل الحديث، ويستعملها من بعدهم في الجرح ولكنها من الطبقة الرابعة التي يكتب حديث صاحبها....)) .
قلت: وقوله هذا خطأ يقع فيه صغار الطلبة، لأننا بقول: من الذي قال إن الأقدمين إذا قالوا: ((ليس بشيء)) أنهم يعنون أنه قليل الحديث؟!!
إنما هذا التفسير قيل في حق يحيى بن معين.
ففي ((هدى الساري)) (ص 420- 421) في ترجمة عبد العزيز بن المختار.
قال الحافظ: ((احتج به الجماعة. وذكر ابن القطان الفاسي أن مراد ابن معين بقوله في بعض الروايات ليس بشيء، يعني أن أحاديثه قليلة جداً)) . أهـ‍.
قلت: وأحسب أن ابن القطان أخذ هذا من الحاكم. فقد قال كما في ترجمة كثير بن شنظير من ((التهذيب)) (8/ 419) : ((قول ابن معين فيه ليس بشيء؛ هذا يقوله ابن معين إذا ذكر له الشيخ من الرواة يقل حديثه، ربما قال فيه: ((ليس بشيء)) يعني لم يسند من الحديث ما يشتغل به)) .
وأخذ هذه العبارة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، فعسر عليه هضمها ففهمها خطاً،!!
فقال في تعليقه على ((قاعدة في الجرح والتعديل)) (ص - 60) : ((إذا قال ابن معين في الراوي: ((ليس بشيء ففي الغالب يعني به أن أحاديثه قليلة، وفي غير الغالب يريد به تضعيف حديثه..)) أهـ‍.
كذا قال!! ولا أدري مستنده في هذا الفهم المقلوب، فإن عبارة ابن القطان التي نقلها الحافظ قال فيها: ((مراد ابن معين في بعض الروايات)) .
وفي عبارة الحاكم: ((ربما قال فيه)) .
فهذا صريح في أن عبارة: ((ليس بشيء)) عند ابن معين تحمل على قلة أحاديث الراوي أحياناً وليس غالباً.
ومع ذلك فهذه العبارة لا يلجأ إلى حملها على هذا إلا إن كان الراجح في الراوي هو التعديل.
فإن قلت: هل من ضابط يمكن به أن نعرف مراد ابن معين إذا قال في الراوي: ((ليس بشيء)) ؟!
قلت: نعم، فالذي يظهر لي - والله أعلم - أن ابن معين قد يقول في الرواي قولين، أحدهما: ((ليس بشيء)) ، فيمكن اعتبار القول الآخر، هل يضعف به الراوي أم لا؟
فإن كَانَ كَذَلِكَ، فتحمل عبارة: ((لَيسَ بشيء)) على ذَلكَ، وإن كَانَ القول الآخر توثيقاً، فيحمل قَوْله: ((لَيسَ بشيء)) على أن أحاديثه قليلة. على أنه لا يمكن استعمال هَذهِ القاعدة كميزان ثابت، فإنه يحتمل فيها دخول الخلل. والله أعلم. ... =
= فإن قال ابن معين في الراوي: ((ليس بشيء)) ولم يكن له قول آخر، فينظر إلى قول بقية الأئمة. فإن كانوا يجرحونه حرجاً شديداً، فتحمل عبارة ابن معين على ذلك الجرح، وإن كانوا يوثقونه، فيُحمل قول ابن معين على أن أحاديثه قليلة - احتمالا - ولا يحمل على المعنى المتبادر للكلمة، وهو الجرح. والله الموفق.
ومن أمثلة ذلك:
1- عبد الرحيم بن يزيد العمى.
قال الدوري، عن ابن معين: ((ليس بشيء)) .
ونقل العقيلي عنه: ((كذاب خبيث)) .
2- عبد الرزاق بن عمر الثقفي.
الدوري، عن ابن معين: ((ليس بشيء)) .
أحمد بن علي المروزي، عنه: ((ليس بثقة)) .
علي بن الحسن الهسنجاني، عنه: ((كذاب)) .
3- عبيد الله بن زجر.
حكى ابن أبي خيثمة، عن ابن معين قوله: ((ليس بشيء)) .
وقال عثمان الدارمي عنه: ((كل حديثه عندي ضعيف)) .
4- عثمان بن عبد الرحمن بن عمر المدني.
قال ابن معين: ((ليس بشيء)) .
وقال مرة: ((لا يكتب حديثه، كان يكذب)) .
فالحاصل أن عبارة: ((ليس بشيء)) لا يمكن حملها في حق ابن معين على أن الراوي أحاديثه قليلة.
فإذا نظرنا إلى حال أبي بكر الداهري، وجدنا أن ابن معين قال: ((ليس بشيء)) وكان كلام بقية الأئمة فيه شديداً، علمنا أن ابن معين يجرحه بغير شك.
أما الإمامان أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، فلا يمكن حمل قولهما: ((ليس بشيء)) على أن أحاديث الرواي قليلة كما فهم هذا المسكين، بل لا بد من نص عن الإمام، وعلى الأقل استقراء لأحد كبار الأئمة في هذا الشأن.
على أن محمد بن أبي شيبة نقل في ((سؤالاته)) (205) عن علي بن المديني أنه قال: ((ليس بشيء، لا يكتب حديثه)) فهذا طرح له.
ثم قال (ص 20) : ((أما قول النسائي: ليس بثقة، تقليداً لابن معين، وإلا فكيف يروي عنه في ((سننه)) وهو متعنت في الرجال)) .
قلت: ومن أين لك أن النسائي روى عنه، بل ما روى عنه أحد من الستة إطلاقاً!!. ... =
= ثم قوله: ((تقليداً لابن معين)) فهذه دعوى باردة، والنسائي إمام مجتهد، فمن أين لك أنه قلده.
وهكذا حال الذي يدعي الاجتهاد وإعمال النظر، يؤول به الحال إلى اتهام المجتهدين بالتقليد.
فقد رأيت هذا المسكين يدافع عن أحمد بن الفرج في أول جزئه المذكور فقال: ((إن محمد بن عوف أول من تكلم فيه وضعف أمره وكذبه....)) ثم قال بعد ذلك بصفحتين (ص 13) : ((ومن طعن فيه بعده فإنما قلده ونقله عنه. والمقلد إنكاره لا يعتبر لأنه عن غير دليل ولا حجة، وما كذلك فهو ساقط مطروح)) . أهـ‍.
وهذا هو دأب الرجل، فالمتأخر عنده يقلد المتقدم. فلو أسقط كلام المتقدم، فكلام المتأخر ساقط تبعاً لأنه يقلده!!.
فوالله ما رأيت كاليوم عجبا! .
ثم قال: ((وتكذيب الجوزجاني له فلم يقله غيره. فمعلوم من الجوزجاني بغضه وتعصبه ضد أهل الكوفة.... وجرحه لأبي بكر الداهري لأنه يروي عن أساطين الكوفة)) !!
قلت: وهذا كلام ساقط لثلاثة وجوه:
الأول: أن الجوزجاني لم يتفرد بقوله. فقد قال ابن حبان: ((كان يضع الحديث على الثقات)) . فلا جرم أنه لم يتعرض له.
الثاني: أن أبا بكر الداهري بصري، وليس كوفياً. فأين موقع كلامك؟!!
الثالث: أنني لا أعلم أحداً إطلاقاً زعم أن الجورجاني يخرج من يروي عن أهل الكوفة. وهذا لا يستقيم أبدا إلا لمن: ((سلك مسلك أهل القدم الراسخ في علم الحديث من ذوي الاجتهاد والنظر ... )) !!
فوا غوثاه بالله - عز وجل -.
ثم قال المسكين: ((وكلام يعقوب بن شيبة والدارقطني فيه فهو جرح مبهم لا يقبل ... أما قول ابن عدي والعقيلي: لا يتابع على حديثه. فعادتهم أن يضعفوا الراوي لاستنكارهم لحديث رواه.... ومشهور عنهم الإفراط في الجرح.... أما جرح أبي نعيم الأصبهاني فهو مضارع لطعن العقيلي وابن عدي، وتقليداً لهما فهو مردود)) .
قلت: فانظر إلى صاحب ((القدم الراسخ)) كيف يعالج نصوص أئمة الجرح والتعديل. وزعم أن ابن عدي مشهور بالإفراط في الجرح، مع أن ابن عدي معروف بأنه وسط، وجانب التسامح عنده أظهر جداً من جانب الجرح. ثم إن الجرح المبهم معمول به عند علماء الحديث إن لم يكن هناك تعديل معتبر. وهو الواقع في هذا المسألة كما يأتي، فكيف والجرح إلى مفسر هنا؟!.
وَبَعدَ أن فرغ هَذَا المسكين ? يزعمه ? من رد الجرح إلى نحور الجارحين وأفحمهم وأقام عليهم الحجة، قَالَ: ((فصل: موثق الداهري)) فَهَذَا يوهم أن الذين وثقوه عدد لا بأس بِهِ. فإذا بِهِ يعقد صفحتين إلا= = قليلاً في أن يحيى بن سعيد روى عنه. وهذا توثيق له. ثم قال ووثقه الحافظ سعيد بن سليمان كما ذكر ابن عدي في ((الكامل)) !! .
قلت: والجواب من وجهين:
الأول: أن سعيد بن سليمان وإن كان من الحفاظ لكنه غير معروف بنقد الرواة، فلا يساوي توثيقه شيئاً أمام الجرح الصادر من أئمة هذا الفن. بل لو كان من أئمة الفن لما قبل منه مع تجريح الكافة له. وكأن الذهبي أشار إلى توثيقه بقوله: ((وبعض الناس قد مشاه وقواه، فلم يلتفت إليه)) .
الثاني: أن رواية العدل عمن سماه ليست بتعديل له، وهو المذهب الراجح المعمول به عند كافة أهل الحديث.
وإلا فقد روى الشافعي عن إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي وقد كذبه أحمد وتركه غيره.
وروى مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق وهو متروك.
وروى شعبة عن محمد بن عبيد الله العرزمي مع أن الذهبي قال: ((هو من شيوخ شعبة المجمع على ضعفهم)) .
وروى أحمد عن عامر بن صالح وقد كذبه يحيى بن معين.
وقال الذهبي: ((لعل ما روى أحمد بن حنبل عن أحد أوهى من هذا)) .
قلت: بل روى أحمد عن علي بن مجاهد الكابلي، وقال فيه يحيى بن معين: ((كان يضع الحديث. وصنف كتاب المغازي فكان يضع للكل إسناداً)) .
فلا يمكن أن يقال: هؤلاء ثقات؛ الذين رووا عنهم لا يروون إلا عن ثقات، لا يقول هذا عاقل.
ولو فرضنا أن يحيى بن سعيد نص على توثيق الداهري لما قبل منه أمام الجرح المفسر الذي وقع في كلام الأئمة. والله المستعان.
فليرى القارئ هل هذا المسكين: ((قد أحسن الاحتجاج ... )) كما زعم الغماري عندما قرظ له كتابه. وهل يدل هذا إلا على أن تزكيه أمثال هؤلاء لا قيمة لها؟! .

(2/36)


150- ((لاَ تَقرأِ الحَائضُ، وَلاَ الجُنُبُ شَيئاً مِنَ القُرآنِ)) . (1)
__________
(1) 150- ضعيف.
أخرجه الترمذي (131) ، وابن ماجة (595) ، وعبد الله بن أحمد في ((العلل)) (2/ 300) ، والدارقطني (1/ 117) ، والحسن بن عرفة في ((جزئه)) (60) ، وابن عدي في ((الكامل)) (1/ 294) (4/ 1391) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (1/ 90) ، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (1/ 108-109) ، والبيهقي (1/ 89) ، والخطيب (2/ 145) من طريق إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً.. فذكره.
قال الترمذي: ((حديث ابن عمر، لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة)) .
وقال عبد الله بن أحمد عقبه: ((سألت أبي عن حديث..... فذكره. قال: فقال أبي: هذا باطل، أنكره على إسماعيل بن عياش. يعني أنه وهم من إسماعيل بن عياش)) .
وقال ابن أبي حاتم في ((العلل)) (1/ 49/ 116) : ((سألت أبي ... وذكر الحديث. فقال أبو حاتم: هذا خطأ، إنما هو عن ابن عمر قوله)) . أهـ‍.
يعني أنه وهم في رفعه.
وقال البيهقي: ((فيه نظر، قال محمد بن إسماعيل فيما بلغني عنه: إنما روى هذا إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة. ولا أعرفه من حديث غيره. وإسماعيل منكر الحديث عن أهل الحجاز وأهل العراق)) .
قلت: هكذا علل المتقدمون هذا الحديث.
وخالفهم الشيخ أبو الأشبال - رحمه الله - في ((شرح الترمذي)) ، وأطال في الدفاع عن إسماعيل بن عياش فيما لا تختلف معه فيه، من أنه ثقة إذا روى عن أهل الشام، وإن روى عن غير أهل بلده، فلا يقبل منه ولم يتعرض الشيخ - رحمه الله - لكون موسى بن عقبة ليس من أهل الشام، بل هو مدني. ورواية إسماعيل عن أهل الحجاز تكثر فيها المنكير.
وقد رواه إسماعيل أيضاً عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً به.
قال ابن عدي: ((وليس لهذا الحديث أصل من حديث عبيد الله)) .

قلت: ولو صح أن إسماعيل بن عياش بن رواه عن عبيد الله بن عمر، لما أغنى. فإن عبيد الله بن عمر مدني أيضاً.
ولم يتفرد به إسماعيل.
فقد تابعه مغيرة بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة به.

أخرجه الدارقطني (1/ 117) من طريق عبد الملك بن مسلمة، حدثني المغيرة بن عبد الرحمن به وقال: ((عبد الملك هذا كان بمصر. وهذا غريب، عن مغيرة بن عبد الرحمن، وهو ثقة)) . ... =
=قلت: وهذا سند أضعف من الأول وعبد الله بن مسلمة، ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (2/ 2/ 371) ونقل عن أبيه قال: ((كتبت عنه، وهو مضطرب الحديث ليس بقوي، حدثني بحديث موضوع)) .
وقال أبو زرعة: ((ليس بالقوي، هو منكر الحديث)) .
وقال ابن يونس: ((منكر الحديث)) .
وقال ابن حبان في ((الضعفاء)) (2/ 134) : ((يروي عن أهل المدينة المناكير الكثيرة التي لا تخفى على من عني بعلم السنن)) .
وأغرب ابن الجوزي - رحمه الله - فقال في ((التحقيق)) (1/ 109) : ((مغيرة بن عبد الرحمن ضعيف مجروح)) !!
قال الحافظ في ((التلخيص)) (1/ 138) : ((ولم يصب في ذلك، فإن مغيرة ثقة)) .
وقال ابن عساكر في ((الأطراف)) : ((قد رواه عبد الله بن حماد، عن القعنبي، عن المغيرة بن
عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة.
قال الحافظ في ((التلخيص)) : ((وصحح ابن سيد الناس طريق المغيرة، وأخطأ في ذلك، فإن فيها عبد الملك بن مسلمة وهو ضعيف، فلو سلم منه لصح إسناده.... وكأن ابن سيد الناس تبع ابن عساكر في قوله في ((الأطراف)) أنه القعنبي..)) ثم قال في ((النكت الظراف)) (6/ 239) يعقب على قول ابن عساكر: ((وهذا خطأ فاحش، إنما رواه عبد الله بن حماد، عن عبد الملك بن مسلمة المصري، وكذا هو عند الدارقطني وابن عدي وغيرهما)) .
فمما يتعجب منه أن الحافظ - بعد كلامه السابق - يقول في ((الدراية)) (ص 86) : ((ظاهره
الصحة)) !!
فكأنه وقع فيما أنكره على ابن سيد الناس. والله أعلم.
أما الشيخ أبو الأشبال - رحمه الله - فله مع هذا الإسناد شأن آخر. فقال: ((ورواه الدارقطني أيضاً من طريق عبد الملك بن مسلمة.... وهذا الإسناد متابعة جيدة لرواية إسماعيل بن عياش. وهو إسناد صحيح. فإن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي ثقة. وعبد الملك بن مسلمة وثقه الدارقطني فقد قال بعد ذكر الحديث: ((عبد الملك هذا كان بمصر. وهذا غريب عن مغيرة بن عبد الرحمن، وهو ثقة)) والتوثيق هنا من الدارقطني واضح أنه يريد به عبد الملك ... )) . أهـ‍.
قلت: وهذا الوضوح الذي ظهر للشيخ - رحمه الله - غير واضح لأمرين:
الأول: أن قول الدارقطني (( ... غريب، عن مغيرة، وهو ثقة)) فزعم الشيخ أن هذا التوثيق من الدارقطني هو لعبد الملك بن مسلمة. وهو بعيد، والأصل أن يعود الضمير إلى أقرب متعلق كما لا يخفى. فكأنه يريد أن يقول: هذا غريب عن مغيرة مع كونه ثقة. ... =
= الثاني: أنهم لما ترجموا لعبد الملك لم يذكروا فيه توثيقاً قط، وسبق أن نقلت حاله قريباً.
ثم وجه الثالث: وهو إن سلمنا جدلاً أن الدارقطني وثق عبد الملك، فلا ينفعه هذا التوثيق أمام الجرح المفسر.
وقد قال ابن حبان فيما مضى: ((يروي عن أهل المدينة المناكير الكثيرة)) .
وشيخه مغيرة بن عبد الرحمن مدني.
وتابعه أبو معشر، عن موسى بن عقبة به.
أخرجه الدارقطني (1/ 118) من طريق رجل عن أبي معشر.
قال الحافظ: ((فيه مبهم، وأبو معشر ضعيف)) .
وله شاهد من حديث جابر - رضي الله عنه -.
أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (4/ 22) من طريق محمد بن الفضل بن عطية، عن أبيه، عن طاووس، عن جابر مرفوعاً به.
ومن هذا الوجه:
أخرجه الدارقطني (2/ 87) ، وابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2173) ولكن بلفظ: ((لا تقرأ النفساء ولا الحائض من القرآن شيئاً)) .
قال ابن عدي: ((وهذا لا يروي إلا عن محمد بن الفضل، عن أبيه، عن طاووس)) وسنده ضعيف جداً. ومحمد بن الفضل كذاب يضع الحديث.

(2/37)










ج666666666666666666666666666666














































( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )


النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة





151- ((يَا عَليُّ! فِيكَ مَثلٌ مِن عِيسَى، أبغَضتهُ اليَهودُ، حَتَّى بَهتوا أُمَّهُ. وَأحبَّتهُ النَّصارَى حَتى أنزَلُوه المَنْزلَ الذي لَيسَ بِهِ)) . (1)
__________
(1) 151- منكر.
أخرجه النسائي في ((خصائص علي)) (رقم 100- بتحقيقي) ، وأحمد في ((فضائل الصحابة)) (1025- 1221) ، وابنه عبد الله في ((زوائد الفضائل)) (1087) ، وفي ((زوائد المسند)) (1/160) ، وفي ((السنة)) (1263) ، والبخاري في ((التاريخ)) (2/ 1/ 281- 282) ، وأبو يعلى (1/ 406- 407) ، والبزار (3/ 202) ، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (1004) ، والبلاذري في ((أنساب الأشراف)) (2/ 120) ، وأبو سعيد بن الأعرأبي في ((معجمه)) (ج2/ ق125 /1) ، والحاكم (3/123) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 227) ، وابن المغازلي في ((مناقب علي)) (104) من طريق الحكم بن عبد الملك، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن علي مرفوعاً به.
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) !! ... =
= فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: وجرحه عامتهم. وما وثقه سوى العجلي - فيما أعلم - وهو متساهل. فقول الشيخ أبي الأشبال رحمه الله في ((شرح المسند)) (2/ 355) : ((نرى تحسين حديثه)) ، قول لا يجري على قواعد أهل الحديث. والله أعلم.
ولكن لم يتفرد به الحكم، فتابعه محمد بن كثير الملائي، ثنا الحارث به.
أخرجه البزار (3/ 202) ، وقال: ((لا نعلمه عن علي مرفوعاً، إلا بهذا الإسناد)) .
قلت: ومحمد بن كثير الساجي. وضعفه غيره.
وقال البخاري: ((منكر الحديث)) . وهذا جرح شديد عنده.
فهذه علة.
والثانية: ربيعه بن ناجذ، قال الذهبي في ((الميزان)) : ((لا يكاد يعرف)) .
وقال في ((المغني)) : ((فيه جهالة)) .

فكأنه لم يعتد بتوثيق ابن حبان والعجلي له، لما عرف من تساهلهما أما الحافظ، فقال في ((التقريب)) : ((ثقة)) !!
وهذا تسامح منه بلاشك.
وللحديث طريق آخر.

أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 122) ومن طريقة ابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 227- 228) من طريق عيسى بن عبد الله، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده بن أبي طالب قال: ((جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً، فوجدته في ملأ من قريش. فنظر إليَّ وقال: ((يا علي! إنما مثلك في هذه الأمة، كمثل عيسى بن مريم، أحبه قوم فأفرطوا فيه. وأبغضه قوم فأفرطوا فيه)) . قال: فضحك الملأ الذين عنده وقالوا: انظروا كيف شبه ابن عمه بعيسى؟!! . قال: ونزل القرآن:
{وَلَمَّا ضُرِبَ ابن مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} 43/ 57.
قلت: وهذا كذب، قبح الله من افتراه. وآفته عيسى بن عبد الله هذا.
قال ابن حبان: ((يروي عن أبيه عن آبائه أشياء موضوعة. لا يحل الاحتجاج به. كأنه كان يهم ويخطئ حتى يجيء بالأشياء الموضوعة عن أسلافه، فبطل الاحتجاج بما يرويه لما وصفت ... ثم قال: هذه النسخة أكثرها معمولة)) أهـ‍.
قلت: يعني مكذوبة. والله أعلم.

(2/38)


152- ((انطَلقتُ مَعَ رَسولِ اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلمَ حَتى أتَينَا الكَعبةَ، فَصَعدَ رَسولُ اللهِ صَلى الله عَليهِ وَآلهِ وَسلمَ عَلى مِنكَبي (فَنَهضَ بِهِ عَليَّ) ، فَلمَا رَأى رَسولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسَلمَ ضَعفِي، قَالَ لِي: ((اجلِسْ)) . فَجلستُ. فَنَزلَ النبيُّ صَلَى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلمَ، وَجَلسَ لِي، وَقالَ لي: ((اصعَدْ عَلى مِنكَبي)) فَصَعدتُ عَلَى مِنكَبيهِ. فَنَهضَ بي. فَقالَ عَليٌّ - رضي الله عنه -: إنَّهُ يُخيَّلُ إليَّ أني لَو شِئتُ، لَنِلتُ أفقَ السَّماءِ. فَصعدتُ عَلَى الكَعبةِ وَعَليها تِمثالٌ مِن صفرٍ، أو نُحاسٍ. فَجَعلتُ أُعالِجَهُ لأُزيلَهُ. يَميناً وَشِمالاً، وَقُدَّاماً، وَمِن بَينِ يَديهِ، وَمِن خَلفِهِ حَتى استَمكَنتُ مِنهُ. فَقالَ نَبيُّ اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلمَ: ((اقذِفهُ)) . فَقَذفتُ بِهِ، فَكسرتُهُ كَمَا يُكسر القَواريرٌ، ثُم نَزلتُ، فانطَلقتُ أنَا وَرسولُ اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلمَ نَستَبِقُ حَتى تَوارَينا بِالبُيوتِ، خَشيةَ أنْ يَلقانَا أحَدٌ)) . (1)
__________
(1) 152- منكر.
أخرجه النسائي في ((الخصائص)) (119) ، وأحمد (1/ 84/ 644) ، وابن جرير في ((تهذيب الآثار)) (ص 237- مسند علي) من طريق أسباط بن محمد، ثنا نعيم بن حكيم المدائني، قال: حدثنا أبو مريم، قال: قال علي بن أبي طالب ... فذكره.
وقد رواه عن نعيم بن حكيم جماعة منهم:
شبابة بن سوار، عن نعيم.
أخرجه الحاكم (2/ 366- 367) وقال: ((صحيح الإسناد)) !!
فتبعه الذهبي: ((قلت: إسناده نظيف، ومتنه منكر)) !!
وهو متعقب في بعض قوله كما يأتي إن شاء الله.
2- عبد الله بن داود، عن نعيم.

أخرجه عبد الله بن أحمد في ((زوائد المسند)) (1/ 151) ، وابن جرير في ((التهذيب)) (ص 236- مسند علي) ، والحاكم (3/ 5) ، والخطيب في ((التاريخ)) (13/ 302) ، وفي ((الموضح)) (2/ 432) .
3- عبيد الله بن موسى، عن نعيم.
أخرجه ابن جرير (237) ، وأبو يعلى (251- 1) ، والبزار (ج 3/ رقم 2401) .
قلت: وهذا سند ضعيف، والمتن غريب جداً. ... =

= فأما نعيم بن حكيم، فهو وإن كان صدوقاً لكن ضعفه ابن معين في رواية، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) .
وقال الأزدي: ((أحاديثه مناكير)) .
ولم يتابعه أحد فيما أعلم. فيتوقف فيما يتفرد به.
وأما أبو مريم: فهو الثقفي المدائني مجهولاً كما قال الدارقطني، ووافقه الحافظ في ((التقريب)) . ولم يوثقه النسائي، وإنما وثق أبا مريم الحنفي، وهذا غير الثقفي، ولم يفرق بينهما الذهبي فقال: ((ثقة)) !!
ولعله لذلك - أيضاً - قال الهيثمي (6/ 23) : ((رجال الجميع ثقات)) .
والصواب التفريق بينهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في ((منهاج السنة)) (3/ 7) : ((وهذا الحديث - إن صح - فليس فيه شيء من خصائص الأئمة، ولا خصائص علي. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أمامة بنت أبي العاص على منكبه، وإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها. وكان إذا سجد جاء الحسن، فارتحله، ويقول: إن ابني ارتجلني، وكان يقبل زبيبة الحسن. فإذا كان يحمل الطفل والطفلة لم يكن حمله لعلي ما يوجب أن يكون ذلك من خصائصه، وإنما حمله لعجز علي عن حمله. فهذا يدخل في مناقب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفضيلة من يحمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم من فضيلة من يحمله النبي - صلى الله عليه وسلم -،، كما حمله يوم أحد من الصحابة، مثل طلحة بن عبيد، فإن هذا نفع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذاك نفعه النبي - صلى الله عليه وسلم -. ومعلوم أن نفعه بالنفس والمال، أعظم من انتفاع الإنسان بنفس النبي - صلى الله عليه وسلم - وماله)) . أهـ‍.

(2/39)


153- ((يَا بُنَيةُ! لَكِ رِقةُ الوَلدِ، وَعَليّ أعزُّ عَليَّ مِنكِ)) . (1)
__________
(1) 153- ضعيف.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 11/ رقم 11063) قال:
حدثنا عبد الرحمن بن خلاد الدورقي، ثنا ملحان بن سليمان الدورقي، ثنا عبد الله بن داود الخريبي، ثنا الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على علي وفاطمة، وهما يضحكان، فلما رأيا النبي - صلى الله عليه وسلم - سكتا، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما لكما كنتما تضحكان، فلما رأيتماني سكتما؟! فبادرت فاطمة فقالت: بأبي أنت يا رسول الله! ، قال هذا: أنا أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منك؟! فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((يا بنية! .... الحديث)) .
قال الهيثمي (9/ 202) : ((رجاله رجال الصحيح)) !!
قلت: لا، وشيخ الطبراني وشيخه ليسا من رجال الصحيح، بل لم أقف لأحدهما على ترجمة. ثم في الإسناد عنعته الأعمش.
وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. =

= أخرجه النسائي في ((الخصائص)) (142) ، وأحمد (1/ 80) ، وابنه في ((زوائده على فضائل الصحابة)) (1076) ، وابن معين في ((حديثه)) (ج 2/ ق 80/ 2) ، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (325/ 2) ، وسعيد بن منصور في ((سنته)) (3/1/114) ، والحميدي (38) ، والكلاباذي في ((مفتاح المعاني)) (1/129/1) مختصراً، عن علي - رضي الله عنه -، قال أردت أن أخطب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنته، ثم ذكرت أنه لا شيء لي، فذكرت عائدته، وفضله، فخطبتها. فقال لي: هل عندك شيء تعطيها إياه؟ قلت: لا قال: ((فأين درعك الحطمية التي أعطيتكها يوم كذا وكذا)) ؟ . قلت: هي عندي. قال: ((فأت بها)) قال: فجئت بها فأعطيته إياها، فزوجنيها. فلما أدخلها عليَّ، قال: ((لا تحدثا شيئا حتى آتيكما)) ، وعلينا كساء أو قطيفة. فلما رأيناه تخشخشنا. فقال: ((مكانكما)) . فدعا بإناء فيه ماء، ثم رشه علينا. فقلت: يا رسول الله! أهي أحب إليك أم أنا؟!!
قال: ((هي أحب إلي منك، وأنت أعز علي منها)) .
وهذا سياق الحميدي. وهو عند بعضهم مختصر.
قلت: وهذا سند ضعيف.

وعبد الله بن أبي نجيح كان يدلس، ولم يصرح بالتحديث، ثم جهالة الراوي عن علي.
وللجزء الأول منه شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
أخرجه أبو داود (2125) ، والنسائي (6/ 129- 130) ، والبيهقي (7/ 234، 252) (10/ 269) ، والخطيب (4/ 193) من طريق أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما تزوج علي فاطمة قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطها شيئاً)) قلت: ما عندي من شيء. قال: ((فأين درعك الحطمية)) ؟ قلت: هي عندي قال: ((فأعطها إياه)) وسنده صحيح.

(2/40)


154- ((المُتمُ الصَلاةِ في السَّفرِ، كَالمُفطِرِ في الحَضَرِ)) . (1)
155- ((لاَ يَحقُّ العَبد حقَّ صَريح الإيمان، حَتى يُحبَّ للهِ تَعالَى، وَيُبغضَ للهِ. فَإذا أحَبَّ للهِ تَباركَ وَتَعالَى، وَأبَغَضَ للهِ تَباركَ وَتَعالَى، فَقَدِ استَحقَّ الوَلاءَ مِنَ اللهِ، وَإنَّ أولِيائِي مِن عِبادي، وَأحبَائي مِن خَلقِي الذينَ يَذكرونَ بِذكرِي، وَأذكرُ بِذِكرِهِم)) . (2)
__________
(1) 154- باطل.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 162) ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) من طريق عمر بن سعيد عن أبي سلمه، عن أبي هريرة مرفوعاً ... فذكره.
قال العقيلي: ((عمر بن سعيد مجهول بالنقل، وحديثه غير محفوظ، وليس في هذا المتن شيء يثبت. فإنما روى هذا الحديث بأنه: ((الصائم في السفر كا لمفطر في الحضر)) ، فخالف هذا أيضا لفظ الحديث على ضعف الرواية فيه، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد يثبت أنه سئل عن الصوم في السفر فقال: ((إن شئت فصم وإن شئت فافطر)) . أهـ‍.
[وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم، وقد خرجته في ((غوث المكدود)) (397) ] . ... =
=وأخرجه الدارقطني في ((الأفراد)) ، وعنه ابن الجوزي في ((الواهيات)) من طريق أحمد بن محمد بن المفلس، ثنا أبو همام قال: حدثني بقية بن الوليد، عن أبي يحيى المدني، عن عمرو بن شعيب، عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. فذكره.
قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح. قال العقيلي: تفرد به بقية عن أبي يحيى. ثم إن ابن المغلس كذاب)) أهـ‍. ...
(2) 155- ضعيف.
أخرجه أحمد (3/ 430) حدثنا الهيثم بن خارجة - قال عبد الرحمن: وسمعته أنا من الهيثم - ثنا رشدين بن سعد، عن عبد الله بن الوليد، عن أبي منصور مولى الأنصار، عن عمرو بن الجموح مرفوعا.. فذكره.

وعزاه الهيثمي في ((المجمع)) (1/ 89) للطبراني في ((الكبير)) ، والسيوطي في ((الدر المنثور)) (3/310) للحكيم الترمذي من حديث عمرو بن الجموح..
قلت: وهذا سند ضعيف مسلسل بالعلل:
الأولى: ضعف رشدين بن سعد.
ضعفه ابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي وغيرهم.

وضعفه أحمد في رواية، وقال مرة: ((لا بأس به في أحاديث الرقائق)) وهذا يدل على أنه ليس بعمدة عنده.
الثانية: عبد الله بن الوليد، هو ابن قيس بن الأخرم. وضعفه الدارقطني، فقال: ((لا يعتبر بحديثه)) .
وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (7/ 11) !!
الثالثة: أبو منصور، مولى الأنصار مجهول كما يعلم من ترجمته في ((التعجيل)) (1405) .
الرابعة: أنه لم يلق عمرو بن الجموح كما قال البخاري، وأيده الحافظ. ولذا قال الهيثمي: ((وفيه رشدين بن سعد، وهو منقطع ضعيف)) .

(2/41)


156- ((لاَ يَكمثلُ الإيمانُ بِاللهِ، حَتى يَكونَ فِيهِ خَمسُ خِصالٍ: التَّوكُلُ عَلَى اللهِ، وَالتَّفويضُ إلى اللهِ، وَالتَّسلِيمُ لأمرِ اللهِ، وَالرِّضَا بِقَضاءِ اللهِ، وَالصَّبرُ عَلَى بَلاءِ اللهِ. إنَّهُ مَن أحبَّ للهِ، وَأبغضَ للهِ، وَأعطَى للهِ، وَمَنعَ للهِ فَقدِ استَكملَ الإيمانَ)) . (1)
__________
(1) 156- ضعيف جداً.
أخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (9/ 444) وعنه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1/ 136) ، من طريق أبي القاسم زيد رفاعة الهاشمي، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن المعتز، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن رجل، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً فذكره.
قال الخطيب: ((هذا الحديث باطل بهذا الإسناد، وابن المعتز لم يكن ولد في وقت عفان بن مسلم، فضلا عن أن يكون سمع منه، وأراه من صنعة زيد بن رفاعة، فإنه كان يضع الحديث)) أهـ‍.
ولجزئه الأول طريق آخر عن ابن عمر مرفوعاً.
أخرجه البزار (ج 1/ رقم 29) من طريق سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر مرفوعاً: ((خمس من الإيمان، من لم يكن فيه شيء منه، فلا إيمان له: التسليم لأمر الله، والرضا بقضاء الله، والتفويض إلى أمر الله، والتوكل على الله، والصبر عند الصدمة الأولى..... الحديث)) .
قال البزار: ((علته سعيد بن سنان)) .
قلت: وسنده واه.
وسعيد بن سنان ضعفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم.
وقال البخاري ومسلم وابن حبان، وأحمد بن صالح. ((منكر الحديث)) .
وتركه النسائي، بل اتهمه الدارقطني بوضع الحديث.
وقال ابن معين: ((لا يعتبر بحديثه)) .
أما آخر الحديث: ((أنه من أحب الله..... الخ)) فهو صحيح، وله شواهد منها:
عن أبي أمامة، - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنح لله، فقد استكمل الإيمان)) .

أخرجه أبو داود (4681) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 8/ رقم 7613، 7737، 7738) ، والبيهقي في ((الاعتقاد)) (178-179) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (13/ 54) ، والشجري في ((الآمالي)) (2/ 140، 150، 152) من طريق يحيى بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة مرفوعاً به.
وهذا سند حسن لأجل القاسم بن عبد الرحمن 0

عن معاذ بن أنس مرفوعاً بنحوه وفيه: ((وأنكح لله)) .
أخرجه الترمذي (2521) ، وأحمد (3/ 440) ، والحاكم (2/ 164) من طريق أبي مرحوم،
عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه به.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) .
قلت: يعني لأجل شواهده. ... =
= وأبو مرحوم يضعف من قبل حفظه. وسهل بن معاذ ضعفه ابن معين وابن حبان، ووثقه العجلي. فمثله يقوى في الشواهد.
ومع ذلك يقول الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) !! والغريب أن يوافقه الذهبي!! فسبحان من لا يضل ولا ينسى.
وقد رواه زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ به.
أخرجه أحمد (3/ 438) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 20/ رقم 412) من طريق ابن لهيعة، عن زبان به.
وسنده ضعيف لأجل ابن لهيعة، وزبان. وتقدم الكلام في سهل بن معاذ.
عن ابن مسعود، - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((أوثق عرى الإيمان، الحب في الله، والبغض في الله)) .
أخرجه الطيالسي (378) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 10/ رقم 10531) ، وفي ((الصغير)) (1/ 223- 224) ، والحاكم (2/ 480) من طريق الصعق بن حزن، عن عقيل بن يحيى، عن أبي إسحاق الهمداني، عن سويد بن غفلة، عن ابن مسعود وساق حديثا طويلا.
قال الطبراني: ((لم يروه عن أبي إسحاق إلا عقيل، تفرد به الصعق)) .
وقال الحاكم: ((صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) !!
فتعقبه الذهبي: ((قلت: ليس بصحيح، فإن الصعق وإن كان موثقاً فإن شيخه منكر الحديث، قاله البخاري)) .
قلت: وأبو إسحاق: هو السبيعي، مدلس، وكان اختلط.
ولكن أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 10/ رقم 10357) من طريق بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه عبد الله بن مسعود مرفوعاً بنحوه.
قال الهيثمي (7/ 260- 261) : ((رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح، غير بكير بن معروف. وثقه أحمد وغيره، وفيه ضعف)) .
فهذا يصلح في الشواهد والمتابعات.
وله شاهد من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه -.
أخرجه أحمد (4/ 286) ، والطيالسي (747) ، وابن أبي شيبة في ((الإيمان)) (110) ، وابن قدامة في ((المتحابين في الله)) (رقم 5) من طريق ليث بن أبي سليم، عن عمرو بن مرة، عن معاوية بن سويد بن مقرن، عن البراء بن عازب مرفوعاً بنحوه.
قال العراقي في ((المغني)) (2/ 157) : ((فيه ليث بن أبي سليم، مختلف فيه)) .
وفي الباب عن أبي ذر - رضي الله عنه -.
أخرجه أبو داود (4599) ، وأحمد (5/ 146) بسند ضعيف. ... =
= وجملة القول: أن آخر الحديث صحيح لأجل هذه الشواهد. والله أعلم.

(2/42)


157- ((لاَ يُغرَّمُ صَاحِبُ سَرقةٍ، إذَا أُقيمَ عَليهِ الحَدُّ)) 0 (1)
__________
(1) 157- منكر.
أخرجه النسائي (8/ 92- 93) ، والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((نصب الراية)) (3/ 376) ، والدولابي في ((الكنى)) (2/ 139) ، والدارقطني (3/ 182) ، والبيهقي (8/ 277) ، وأبو نعيم في
((الحلية)) (8/ 322) من طريق المفضل بن فضالة، عن يونس بن يزيد، عن سعد بن إبراهيم، حدثني أخي المسور بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن عوف مرفوعاً به.
قال النسائي: ((هذا مرسل، وليس بثابت)) .
وقال الطبراني: ((لا يروي عن عبد الرحمن بن عوف، إلا بهذا الإسناد، وهو غير متصل؛ لأن المسور لم يسم من جده عبد الرحمن)) وكذا قال البزار.
وقال أبو حاتم: ((هذا حديث منكر، ومسور لم يلق عبد الرحمن، وهو مرسل أيضاً)) . ذكره ولده في ((العلل)) (1/ 452/ 1357) .
وقال الدارقطني: ((المسور لم يدرك عبد الرحمن بن عوف، فإن صح إسناده فهو مرسل، وسعد بن إبراهيم مجهول)) .
قال ابن القطان: ((وصدق فيما قال)) ، ثم قال: ((وفيه مع الانقطاع بين المسور وجده
عبد الرحمن بن عوف، انقطاع آخر، بين المفضل ويونس، فقد رواه إسحاق بن الفرات عن المفضل بن فضالة، فجعل فيه الزهري، بين يونس بن يزيد وسعد بن إبراهيم. قال: وفيه مع ذلك الجهل بحال المسور، فإنه لا يعرف له حال)) أهـ‍.
قلت: وقد اختلف فيه عن المفضل بن فضالة اختلافاً كثيراً.
فرواه سعيد بن عفير - عنه، عن يونس بن يزيد، عن سعد بن إبراهيم، حدثني أخي المسور، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف به.
أخرجه ابن حرير في ((تهذيب الآثار)) ، ومن طريقه ابن عبد البر في ((التمهيد)) - كما في ((الجوهر النقي)) (8/ 277) لابن التركماني.
ولكن قال الدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 113/ 1) : ((ولا يثبت هذا القول)) .
يعني لا يثبت ذكر والد المسور في الإسناد.

وراوه إسحاق بن الفرات، عن المفضل، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سعد بن إبراهيم، عن المسور بن مخرمة، عن عبد الرحمن بن عوف به.
أخرجه الدارقطني (3/183) وقال: ((هذا وهم من وجوه عدة)) . ... =

=وقال في ((العلل)) : ((ولا يصح هذا القول)) . ((وفي هذا ردٌّ على ابن القطان في إثبات الانقطاع بين يونس وسعد بن إبراهيم بمثل هذا السند.
وقال الدارقطني في ((العلل)) : ((وقال ابن لهيعة، عن سعد بن إبراهيم، عن المسور بن محزمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يصح هذا، وهو مضطرب غير ثابت)) أهـ‍.
وقال البيهقي: ((فإن كان سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، فلا نعرف بالتواريخ له أخاً معروفاً بالرواية يقال له المسور. ولا يثبت للمسور الذي ينسب إليه سعد بن محمد بن المسور بن إبراهيم سماع من جده عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -، ولا رؤية، فهو منقطع....)) .
فتعقبه ابن التركماني بقوله: ((قلت: في كتاب ابن أبي حاتم: مسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أخو سعد وصالح ابني إبراهيم روى عن عبد الرحمن بن عوف مرسلاً، ورى عنه أخوه سعد بن إبراهيم. سمعت أبي يقول ذلك)) . وذكر ذلك صاحب الكمال.... فظهر بهذا أن سعداً هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وأنه لا وجه لترديد البيهقي....)) أهـ‍.
قلت: وكلام ابن التركماني - رحمه الله - متجه، لكن لي نظر وذلك أن البيهقي قال: ((لا نعرف له أخاً معروفاً بالرواية)) ، وهذا القول حق، فإن المسور، وإن كان لسعد بن إبراهيم لكنه غير معروف بالرواية كما يُعلم من قول الدارقطني: ((مجهول)) وكذا قول ابن القطان. وقد ترجم له ابن أبي حاتم (4/ 1/ 298) فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. فهو مجهول الحال.
وحاصل القول أن هذا الحديث لا يصح للاضطراب في سنده، ثم للانقطاع الذي فيه. والله أعلم.

(2/43)


158- ((سُئلَ رَسولُ اللهُ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلمَ عَن قَولِهِ تَعالَى {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} ، قَالَ: إضَاعَةُ الوَقتِ)) . (1)
159- ((لاَ يَبولنَّ أحَدكُم في الجُحرِ)) . قِيل لِقَتادَةَ: مَا تَكرهُ مِنَ البَولِ فِي الجُحرِ؟ قَالَ: يُقالُ إِنَّها مَساكِنُ الجِنِّ)) . (2)
__________
(1) 158- ضعيف.
أخرجه البزار (ج 1/ رقم 392) ، وابن أبي حاتم في ((العلل) (1/ 187/ 536) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (30/ 311) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 377) ، والدولأبي في ((الكنى)) (2/ 58) ، والبيهقي (2/ 214، 215) ، والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (7/ 143) -، والبغوي في ((شرح السنة)) (2/ 246) من طرق عن عكرمة بن إبراهيم؛ ثنا
عبد الملك بن عمير، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص -. فذكره.
قال البزار: ((لا نعلم أحداً أسنده إلا عكرمة، وهو لين الحديث، وقد رواه الثقات الحفاظ عن عبد الملك عن مصعب بن سعد، عن أبيه موقوفاً)) . وقال أبو زرعة: ((هذا خطأ والصحيح موقوف)) .
قال العقيلي: ((الموقوف أولى)) .
قلت: وهذا حديث ضعيف، وله علتان:
الأولى: ضعف عكرمة بن إبراهيم. ضعفه النسائي، وابن حبان. وقال ابن معين وأبو داود: ((ليس بشيء)) . وقال العقيلي: ((في حفظه اضطراب)) .
العلة الثانية: أن عكرمة بن إبراهيم خولف فيه.
فقد أخرجه ابن جرير (30/ 311) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج2/ رقم 704، 705) ، والعقيلي، والبيهقي (2/ 214) من طريق عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، قال: قلت لأبي: يا أبتاه! أرأيت قوله: {الذين هم عن صلاتهم ساهون} أسهو أحدنا في صلاته، حديث نفسه؟!! قال سعد: أو ليس كلنا يفعل ذلك؟! ولكن الساهي عن صلاته الذي يصليها لغير وقتها، فذلك الساعي عنها.
قلت: وسنده حسن كما قال الهيثمي (1/ 325) .
وقد رواه مع عاصم بن بهدلة جماعة منهم طلحة بن مصرف، وسماك بن حرب، وموسى الجهني. كل هؤلاء رووه عن مصعب بن سعد موقوفاً فروايتهم أرجح بغير شك.

فالصواب أن الحديث موقوف.
وهو الذي صوبه الدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 116/ 1) . والله أعلم.
(2) 159- ضعيف. ... =

=أخرجه أبو داود (1/ 51- عون) ، والنسائي (1/ 33- 34) ، وأحمد (5/ 82) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (34) ، والحاكم (1/ 186) ، والبيهقي (1/ 99) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (1/ 385) من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن عبد الله بن سرجس، مرفوعاً فذكره.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين)) ووافقه الذهبي!!
قلت: لا، فقد ذكر ابن أبي حاتم بن حنبل، قال: ((ما أعلم قتادة روى عن أحد الصحابة غير أنس. قيل: فابن سرجس؟ فكأنه لم يره سماعاً)) .
وخالف في ذلك أبو زرعة، وأبو حاتم - كما في ((المراسيل)) (ص -175) .
قال أبو حاتم: ((لم يلق أحدا من الصحابة غير أنس وابن سرجس)) .
وأفاد الحافظ في ((التلخيص)) (1/ 116) أنه صحيح سماع قتادة من ابن سرجس: علي بن المديني وابن خزيمة وابن السكن. وهو اختيار الحافظ العراقي - كما في ((زهر الربي)) (1/ 33) - أما الحاكم فقد اختلف رأيه.
فقال في ((علوم الحديث)) (ص- 111) : ((لم يسمع من صحأبي غير أنس)) .
ثم قال في ((المستدرك)) عقب تخريجه لهذا الحديث: ((ولعل متوهما يتوهم أن قتادة لم يذكر سماعا من عبد الله بن سرجس وليس هذا بمستبعد [الأصل: بمستبدع] فقد سمع قتادة من جماعة من الصحابة لم يسمع منهم عاصم بن سليمان الأحول، وقد احتج مسلم بحديث عاصم، عن عبد الله بن سرجس. وهو من ساكني البصرة)) أهـ‍.
قلت: الذي يظهر أن قتادة سمع من ابن سرجس في الجملة، فقد كانا متعاصرين كما يفهم من كلام أبي حاتم السابق. ولكن قتادة مدلس كما قال غير واحد، حتى قال ابن جرير في مواضع من ((تهذيب الآثار)) أنه مشهور بالتدليس عندهم.

وقد تقرر في الأصول أن المدلس إذا عنعن عن شيخ له، لا يرتاب أحد في أنه يروي عنه، فأنه لا يقبل منه، لاحتمال أنه دلسه عنه، فكيف إذا كان في سماعه من شيخه اختلاف؟!!

(2/44)


160- ((كَانَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمسحُ أعَلى الخُفَّ وأَسفَلَهُ)) . (1)
__________
(1) 160- منكر.
أخرجه أبو داود (1/ 280- 281 عون) ، والترمذي (97) ، وابن ماجة (550) ، وأحمد (4/ 251) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (84) ، والدارقطني (1/ 195) ، والبيهقي (1/ 290) من طريق الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن المغيرة بن شعبة ... فذكره.
قال الترمذي: ((هذا حديث ذكروا له عللا أربعة: ... =
=الأولى: أن ثور بن يزيد، لم يسمعه من رجاء بن حيوة.
الثانية: أنه مرسل.
الثالثة: أن الوليد بن مسلم مدلس وقد عنعنه.
الرابعة: أن كاتب المغيرة مجهول لا يعرف.
فأما العلة الأولى:
فأجاب عنها ابن القيم في ((تهذيب سنن أبي داود)) ، وابن التركماني في ((الجوهر النقي)) ، وحاصل جوابهما أن الدارقطني أخرج في ((سنته)) من طريق داود بن رشيد، حدثنا الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، حدثنا رجاء بن حيوة ... فصرح ثور بالتحديث عن رجاء، فزالت العلة. وتابعهما الشيخ أبو الأشبال - رحم الله الجميع - في ((شرح الترمذي)) (1/ 164) .
قلت: وفيما ذهبوا إليه نظر.
فقد رواه البيهقي (1/ 290- 291) عن أحمد بن عبيد الصفار، وهذا في ((مسنده)) ، من طريق أحمد بن يحيى الحلواني، عن داود بن رشيد، فقال: ((عن رجاء)) ، ولم يقل ((حدثنا رجاء)) .
قال الحافظ في ((التلخيص)) (1/ 160) : ((فهذا اختلاف على داود، يمنع القول بصحة وصله، مع ما تقدم في كلام االأئمة)) أهـ‍.
ويؤيده: أن عبد الله بن المبارك خالف الوليد بن مسلم في وصله.

فأخرجه عبد الله بن أحمد في ((كتاب العلل)) ، وابن حزم في ((المحلى)) (2/ 114) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن ابن المبارك، عن ثور بن يزيد، قال: حدثت عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. مرسلاً، ليس فيه ((المغيرة)) .
هكذا روى ابن المبارك، وهو ثقة إمام حجة، لا يرتاب أحد في تقديمه على الوليد بن مسلم.

وحاول الشيخ أبو الأشبال - رحمه الله - أن يتقصى من ذلك، فقال في ((شرح الترمذي)) : ((الوليد بن مسلم كان ثقة، حافظاً، متقناً، فإن خالفه ابن المبارك فإنما زاد أحدهما على الآخر، وزيادة الثقة مقبولة)) أهـ‍.
قلت: هذا ليس من باب زيادة الثقة على الآخر، بل من باب المخالفة. أما في الإسناد: فقد تفرد الوليد بوصله، كما حكاه الترمذي وغيره.
فإن قلت: بل تابعه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن ثور مثله.
قلنا: ما أوهن ما تعلقت به. فإن إبراهيم متروك، وقد كذبه بعض الأئمة.
ومما يتعجب منه حقاً أن أبا الأشبال - رحمه الله - يعتد بمثل هذه المتابعة، فيقول: ((إبراهيم بن أبي يحيى ضعفه عامة المحدثين، لأنه كان من أهل الأهواء، بل رماه بعضهم بالكذب. لكن تلميذه الشافعي أعرف= = به!! . وفي ((التهذيب)) : قيل للربيع: ما حمل الشافعي أن يروي عنه؟؟ قَالَ: كَانَ يقول: لأن يخر إبراهيم من بُعد، أحب إليه من أن يكذب، وكان ثقة في الحديث)) .
قلت: هذا رأي الشيخ رحمه الله في إبراهيم! ، وهو رأي غريب لا يجري على أصول المحدثين.
ومن المعلوم: أن الجرح مقدم على التعديل إن كان مفسراً، والجرح بالكذب من أعظم دوافع ترك الرواية عن المجروح. وإبراهيم هذا، كذبه يحيى القطان، وابن معين. وتركه النسائي وغيره.
ثم أنه مدني. وقد سئل عنه مالك: أكان ثقة؟؟
قال: لا، ولا ثقة دينه!!
وكثيراً ما ينازع الشيخ خصومه في مثل هذا، فيقول: ((مالك هو الحجة على أهل المدينة)) .
وقد جئناك بقول مالك. ونزيد أيضاً: قال بشر بن المفضل: ((سألت فقهاء المدينة عنه، فكلهم يقولون: كذاب، أو نحو هذا)) .
ولا يعقل أن يقدم قول الشافعي - رحمه الله على قول أهل الاختصاص، لا سيما إن اتفقوا، واجتماع المحدثين على الشيء يكون حجة، كما قال أبو حاتم - رحمه الله تعالى -.
فإن قيل: ما الحامل للشافعي على الرواية عنه؟! .
أجاب ابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 107) بقوله: ((وأما الشافعي فأنه كان يجالسه في حداثته، ويحفظ عنه حفظ الصبي، والحفظ في الصغر، كالنقش في الحجر. فلما دخل مصر في آخر عمره، فأخذ يصنف الكتب المبسوطة، احتاج إلى الأخبار، ولم تكن معه كتبه، فأكثر ما أودع الكتب من حفظه، فمن أجله ما روى عنه، وربما كنى عنه ولا يسميه في الكتب)) . أهـ‍.
وبالجملة: فإن متابعة إبراهيم للوليد بن مسلم ساقطة لا يُفرح بها.
فإن قلت: قد تابعها محمد بن عيسى فصدوق، ولكن في حفظه مقال.
قال ابن حبان: ((مستقيم الحديث إذا بين السماع في خبره)) .
فيستفاد من قوله أنه كان مدلساً. وقد جزم بذلك الحافظ في ((التقريب)) . وقد رواه بالعنعنة.
هذا ما يتعلق بالإسناد، وابن المبارك يترجح عليهم.
فإن قلت: قد رواه ابن المبارك موصولاً كما رواه الوليد بن مسلم. فهذا إن لم يكن فيه ترجيح لرواية الوليد، فليس أقل من أن يكون اختلافاً على ابن المبارك؛ تضعف به مخالفته.
قلت: هذا آخر سهم في جعبتكم، وما أصبتم الرمية!!
فقد قال الأثرم: ((كان أحمد يضعف هذا الحديث ويقول: ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي، فقال: عن ابن المبارك، عن ثور، حدثت عن رجاء، عن كاتب المغيرة. ولم يذكر ((المغيرة)) . قال أحمد: وكان حدثني به نعيم بن حماد، حدثني به عن ابن المبارك حدثني الوليد مسلم به عن ثور. ... =
= فقلت له: إنما يقول هذا الوليد. فأما ابن المبارك فيقول: ((حدثت عن رجاء)) ولا يذكر ((المغيرة)) . فقال لي نعيم: هذا حديثي الذي أسأل عنه!!
فأخرج إليَّ كتابه القديم بخط عتيق، فإذا فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم: ((عن المغيرة)) . فأوقفته عليه، وأخبرته أن هذه زيادة في الإسناد لا أصل لها. فجعل يقول للناس بعد، وأنا أسمع: اضربوا على هذا الحديث)) . أهـ‍.
ذكره الحافظ في ((التلخيص)) (1/ 159) .
أما من ناحية المتن: فقد تضافرت الأحاديث الصحيحة على ذكر المسح على ظاهر الخف، وليس على باطنه.
ومما يشعر أن المسح على باطن الخف لم يكن معروفاً، قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ((لو كان الدين بالرأي، لكان باطن الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهر خفيه)) .
أخرجه أبو داود (162) ، والدارقطني (1/ 199) ، والبيهقي (1/ 292) ، وابن حزم في ((المحلى))
(2/ 111) ، وابن الجوزي في ((مناقب علي)) (ق 33/ 1) من طريق عبد خير، عن علي.
وسنده صحيح ...
قال ابن القيم: ((والأحاديث الصحيحة كلها تخالفه)) .
يعني حديث مسح باطن الخف.
وقد قال البخاري في ((التاريخ الأوسط)) : ((ثنا محمد بن الصباح، ثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن المغيرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وإله وسلم يمسح على خفيه، ظاهرهما)) .
قال البخاري: ((وهذا أصح من حديث رجاء، عن كاتب المغيرة)) . أهـ‍.
وقال ابن أبي حاتم في ((العلل)) (1/ 54/ 135) : ((سمعت أبي يقول في حديث الوليد، عن ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن المغيرة.... فذكره.
فقال: ((ليس بمحفوظ، وسائر الأحاديث عن المغيرة أصح)) .
قلت: فظهر من كلام هذين الإمامين أن زيادة: ((باطن الخف)) منكرة؛ لمخالفتها للأحاديث الصحيحة عن المغيرة، وغيره في الاقتصار على ظاهر الخف فحسب. والله أعلم.
أما العلة الثانية:
فقد ذكروا أنه مرسل. يعني أن كاتب المغيرة يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يدركه. وقد تقدم شيء من هذا في كلام الإمام أحمد مع نعيم بن حماد.
وهذا ما رجحه البخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم. ... =
= فأما البخاري، فنقل ذلك الترمذي عنه، وعن أبي زرعة، فقال: ((سألت أبا زرعة ومحمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقالا: ليس بصحيح؛ لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور، عن رجاء بن حيوة، قال: حدثت عن كاتب المغيرة مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر فيه المغيرة)) . أهـ‍.
وفي ((علل الحديث)) (1/ 38/ 78) لابن أبي حاتم أنه سأل أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا: ((هذا أشبه)) .
يعني عدم ذكر ((المغيرة)) .
العلة الثالثة:
وهي أن الوليد بن مسلم عنعن الحديث.
قلت: نعم صرح الوليد بالتحديث عن ثور عند أحمد وأبي داود، ولكنه - أعني الوليد - كان يدلس تدليس التسوية، وهذا يقتضيه أن يصرح في كل طبقات السند، ولم يفعل.
وقد قال الحافظ في ((الفتح)) (2/ 318) في تخريج حديث: ((وأخرجه أيضاً من رواية الوليد بن مسلم.... وصرح بالتحديث في جميع الإسناد)) .
فبقيت العلة.
أما العلة الرابعة:
فهي جهالة كاتب المغيرة.
ذكر ذلك ابن حزم في ((المحلى)) (2/ 114) ، وقوله مردود؛ لأن كاتب المغيرة اسمه ((وراد)) وهو مشهور، وله أحاديث اتفق البخاري ومسلم على ثلاثة منها من روايته عن المغيرة.
وجملة القول: أن هذا الحديث ضعفه جهابذة الحديث ونقاده مثل البخاري وأبو حاتم، وأحمد، وأبو زرعة، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم. فمن الناس بعدهم؟!!

(2/45)


161- ((أحبُّ النَاسِ إلى اللهِ تَعالى، أنفَعُهُم لِلنَّاسِ، وَأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ تَعالى تُدخِلُهُ عَلى مُسلِمٍ، أو تَكشِفَ عَنهُ كُربةً، أو تَقضِي عَنُه دَيناً، أو تَطردَ عَنهُ جُوعاً. ولأن أمشِي مَعَ أخٍ في حَاجةٍ، أحبُّ إليَّ مِن أنْ أعتَكِفَ في هَذا المَسجدِ - يَعني مَسجدَ المَدينةِ - شَهراً. وَمَنْ كَفَّ غَضبَهُ، سَترَ اللهُ عَورَتَهُ، وَمَنْ كَظمَ غَيظَهُ، وَلوْ شَاءَ أنْ يَمضِيَهُ أمضَاهُ، مَلأَ اللهُ قَلبَهُ رَجاءً يَومَ القِيامَةِ. وَمَنْ مَشى مَعَ أخِيهِ في حَاجَةٍ حَتى يَتَهيأَ لَهُ، أثبَتَ اللهُ قَدمَهُ يَومَ تَزولُ الأَقدَامُ)) . (1)
__________
(1) 161- ضعيف، وفي متنه نكارة. ... =
= أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 13646) وفي ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (8/ 194) -وفي ((الصغير)) (2/ 35) ، والشجري في ((الآمالي)) (2/ 177) ، وابن حبان في ((المجروحي)) (1/360) مختصرا من طريق عبد الرحمن بن قيس الضبي، ثنا سكين بن سراج، ثنا عمرو بن دينار، عن ابن عمر، أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! أي الناس أحب إلى الله تعالى؟ وأي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟! .
قال ... فذكره.
قال الطبراني: ((لم يروه عن عمرو بن دينار، إلا سكين بن سراج، ويقال: ابن أبي سراج البصري، تفرد به عبد الرحمن بن قيس)) .
قلت: وهذا سند واه جدا.
أما عبد الرحمن بن قيس كذبه ابن مهدي. وقال صالح بن محمد: ((كان يضع الحديث)) . وتركه أحمد والنسائي.
وسكين بن سراج قال فيه ابن حبان: ((يروي الموضوعات عن الإثبات، والملزقات عن الثقات)) . وقال الهيثمي: ((ضعيف)) !!
ولكن له طريق آخر.

أخرجه ابن أبي الدنيا في ((قضاء الحوائج)) (36) من طريق بكر بن خنيس، عن عبد الله بن دينار، عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره وفيه زيادة: ((وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل)) .
قلت: وهذا سند ضعيف.
وبكر بن خنيس ضعفه النسائي، وعمرو بن علي، ويعقوب بن شيبة وقال ابن معين في رواية: ((ليس بشيء)) .
وتركه الدارقطني، وابن خراش، وأحمد بن صالح المصري.
ولكن قال أبو حاتم: ((لا يبلغ به الترك)) .

كما في ((الجرح والتعديل)) (1/ 1/384) .
وقال الحافظ: ((صدوق له أغلاط)) .
وهذا تسامح منه. لا سيما وقد قال في ((الفتح)) (9/ 243) : ((ضعيف)) . وهو الصواب.
ثم بعد كتابة ما تقدم بزمان رأيت هذا الحديث في ((الصحيحة)) (906) لشيخنا حافظ الوقت ناصر الدين الألباني. فرأيته خرج من الطريقين المذكورين وقال عن الطريق الثاني: ((لكن جاء بإسناد خير من هذا ... . فذكره ثم قال: وهذا إسناد حسن فان بكر بن خنيس صدوق له أغلاط كما قال للحافظ. وعبد الله بن دينار ثقة من رجال الشيخين فثبت الحديث الحمد لله تعالى)) .
قلت: كذا قال شيخنا حفظه الله تعالى! ... =
=والصواب أن هذا الإسناد كان خيراً من الأول. فهو ضعيف؛ لما ذكرته من حال بكر بن خنيس. وقد قدمت ما في قول الحافظ وأنه تسامح فيه. لاسيما فقد ضعف شيخنا بكر بن خنيس في بعض تحقيقاته وانظر مثلا ((الصحيحة)) (رقم 491) و ((الضعيفة)) (رقم 11، 821، 1291) . فلو جعلنا هذا الإسناد أصلا - وهو ضعيف - والتمسنا له الشواهد المجدية لكان حسنا، أما وشاهده ساقط فإن الحديث يظل ضعيفا.
وعليه فهذا الحديث يجب أن يكون من جملة الكتاب الآخر للشيخ وهو ((الضعيفة)) . والله أعلم.

(2/46)


162- ((لَمَّا أتَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أبَا طَالِبٍ في مَرَضِهِ، قَالَ لَهُ: يَا عمُّ! قُل لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، كَلمةً أستَحِلُّ بِهَا لَكَ الشَّفاعَةَ. قَالَ: يَا ابنَ أخِي! وَاللهِ لَولاَ أنْ تَكُونَ سُبَّةً عَلَيَّ وَعَلى أهلِي مِن بَعدِي، يَرونَ أنِّي قُلتُها جَزعاً مِنَ المَوتِ، لَقُلتُها، لاَ أقُولُها إلاَّ لأسُرَّكَ بِها!! فَلمَّا ثَقُلَ أبُو طَالِبٍ رُؤيَ يُحرِّكُ شَفَتيِهِ فَأصغَى إليهِ العَباسُ فَسمِعَ قَولَهُ، فَرفَعَ رَأسَهُ عَنهُ فَقالَ: قَد قَالَ وَاللهِ الكَلِمةَ التي سَألتَهُ عَنها. فَقالَ النبيُ صَلى اللهُ عَليِهِ وَآلهِ وَسَلمَ: ((لَمْ أسمَعْ)) . (1)
__________
(1) 162- باطل بهذا السياق.
أخرجه ابن إسحاق في ((السيرة)) قال: حدثني العباس بن عبد الله بن معبد، عن بعض أهله، عن ابن عباس ... فذكره. ومن طريقه أخرجه البيهقي في ((الدلائل)) (2/ 346) .
قلت: وهذا سند ضعيف لأجل الذي لم يسم، أما الحديث فهو باطل بهذا التمام. فإن أبا طالب مات كافراً بنص الأحاديث الصحيحة كما يأتي أن شاء الله تعالى.
[ثم رأيت الحافظ ابن كثير قال في ((السيرة النبوية)) (2/ 125) : ((إن في السند مبهم لا يعرف حإله وهو قوله: ((عن بعض أهله)) وهذا إبهام في الاسم والحال، ومثله يتوقف فيه لو انفرد)) أهـ‍وقال البيهقي: ((هذا إسناد منقطع، ولم يكن أسلم العباس في ذلك الوقت أهـ‍.

وقد رواه سعيد بن جبير، عن ابن العباس فلم يذكر هذه الزيادة الباطلة، أخرجه النسائي في ((التفسير)) - كما في ((أطراف المزي)) (4/ 456) ، والترمذي (3232) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (23/ 79) ، والحاكم (2/ 432) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (2/ 345) وفي ((السنن)) (9/ 188) من طريق سفيان، عن الأعمش، ثنا يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: مرض أبو طالب فجاءته قريش وحائه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعند أبي طالب مجلس رجل، فقام أبو جهل كي يمنعه كي وشكوه الى أبي طالب. فقال: يا ابن أخي ما تريد من قومك! قال: إني أريد منهم كلمة واحدة تدين لهم به العرب، وتؤدي إليهم العجم الجزية. قال: كلمة واحدة؟!! قَالَ: كلمة واحدة. قَالَ: ((يا عم! = =يقولوا: لا إله إلا الله)) . فقالوا: إلهاً واحداً،؟!! ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق. قال: فنزل فيهم القرآن: {ص * وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ... } إلى قوله: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ} .
قال الترمذي: وفي ((تحفة الأشراف)) : ((حسن صحيح)) .
وقد اختلف عن الأعمش في شيخه.
فرواه أسامة، عن الأعمش، عن عباد بن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.
أخرجه أحمد (1/ 362) ، وابن جرير (23/ 79) .
قلت: وهو اختلاف تنوع. ويحيى بن عمارة مجهول. لم يرو عنه غير الأعمش، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) وقد توبع وقال عبد بن حميد - كما عند الترمذي -: ((يحيى بن عباد)) .
وجزم البخاري ويعقوب بن شيبة، وابن حبان بأنه ((يحيى بن عمارة)) .
وقال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي!! وليس كما قالا، لما تقدم من حال يحيى بن عمارة، وان كان الحديث صحيحاً. والله أعلم.
فثبت من هذا الحديث أن أبا طالب لم يقل الشهادة؛ ويؤيده أن ابن جرير زاد في روايته: فلما خرجوا دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمه إلى قول: ((لا إله إلا الله)) فأبى، وقال: بل على دين الأشياخ! ونزلت {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} .
أخرجه في ((تفسيره)) (23/ 80- 81) بسند معضل أو مرسل، وله شواهد تؤيده كما يأتي.
وأما الأحاديث التي ثبت فيها أن أبا طالب مات كافراً فكثيرة منها:
عن العباس بن عبد المطلب أنه قال: يا رسول الله! هل نفعت أبا طالب بشيء، فأنه كان يحوطك ويغضب لك، قال: ((نعم، هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار)) .
أخرجه البخاري (7/ 193- فتح) ، ومسلم (357) ، وأحمد (1/ 206، 207، 21.) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (2/ 346) .
وهذه الرواية تبين بطلان ما نسب إلى العباس من أنه سمع أبا طالب يقول كلمة التوحيد. فلو كان سمع لما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا السؤال. وهذا واضح جداً.
عن المسيب بن حزن، قال: ((لما حضرت أبا طالب الوفاة، دخل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي عم! قل لا إله إلا الله، أحاج لك بها عند الله. فقال أبو جهل، وعبد الله بن أمية: يا أبا طالب! أترغب عن ملة عبد المطلب؟!! فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنك)) فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} التوبة. ... =
= أخرجه البخاري (8/341، 506- فتح) ، ومسلم (24/ 39- 4.) ، وأبو عوانة (1 / 14-15) ، والنسائي في ((المجتبى)) (4/ 90- 91) ، وفي ((التفسير)) - كما في ((الأطراف)) (8/ 387) -، وأحمد (5/ 433) ، وابن حبان (ج2/ رقم 978) ، والطحاوي في ((المشكل)) (3/ 187) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (11/30-31 و20/59) ، وابن مندة في ((الإيمان)) (37) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (2/ 342- 343) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (5/ 55- 56) من طريق عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه المسيب بن حزن به. وقد رواه عن الزهري جماعة منهم معمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد في آخرين.
وخالفهم سفيان بن حسين، فرواه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به أخرجه الحاكم (2/ 335- 336) وقال: ((صحيح إسناد)) ووافقه الذهبي!!
وسفيان بن حسين ثقة إلا في الزهري، وقد خالف أصحاب الزهري الأثبات فجعله من ((مسند أبي هريرة)) بينما هو من ((مسند المسيب بن حزن)) .
عن أبي سعيد الخدري قال: ((ذُكر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمه أبو طالب، فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجل في ضحضاح من نار، يبلغ كعبيه، يغلي منه دماغه)) .
أخرجه البخاري (7/ 193- 11/ 417 فتح) ، ومسلم (360) ، وأحمد (3/ 9، 5.، 55) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج2/ رقم 6238) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (2/ 347) من طريق يزيد بن الهاد، عن عبد الله بن خياب، عن أبي سعيد الخدري به.
عن أبي هريرة، قال: ((لما حضرت وفاة أبي طالب، أتاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا عماه، قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة. فقال: لولا أن تعيرني قريش، يقولون: ما حمله عليها جزعه من الموت لأقررت عينك بها. فأنزل الله - عز وجل - على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أعلم بِالْمُهْتَدِينَ} القصص / 56.
أخرجه مسلم (25/ 41- 42) ، وأبو عوانة (1/15) ، والترمذي (3188) ، وأحمد (2/434) ، وابن حبان (ج 8/ رقم 6237) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (20/ 58) ، وابن مندة في ((الإيمان))
(38، 39) والبيهقي في ((الدلائل)) (20/ 344، 345) من طريق يزيد بن كيسان، قال: حدثني أبو حازم، عن أبي هريرة ... فذكره.
[وعزاه ابن كثير في ((السيرة)) (2/ 127) للنسائي، وهو وهم، ونسبه في ((تحفة الأشراف)) المسلم والترمذي فقط.
قال الترمذي: ((حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن كيسان)) .
وقال ابن مندة: ((هذا حديث ثابت صحيح، أخرجه الجماعة إلا البخاري، لم يخرج في كتابه عن يزيد بن كيسان، استغناء بغيره)) . أهـ‍. ... =
=قلت: وليس مقصود ابن مندة بـ ((الجماعة)) أصحاب الكتب الستة كما هو معروف لدى المتأخرين.
عن علي بن أبي طالب، - رضي الله عنه - قال: ((لما مات أبو طالب، أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله! إن عمك الشيخ الضال قد مات. فقال: اذهب فواره. فقلت: أنه مات مشركاً. فقال: اذهب فواره، ولا تحدثن شيئاً حتى تأتيني. قال: فواريته، ثم أتيته، فأمرني فاغتسلت، ثم دعا لي بدعوات، ما يسرني أن لي بهن ما على الأرض من شيء)) .
أخرجه أبو داود (9/ 32- 33 عون) ، والنسائي (1/ 11. و4/ 79- 80) ، وفي ((الخصائص))
(رقم 143- بتحقيقي) ، وأحمد (1/ 97، 131) ، والطيالسي (12.، 122) ، وابن أبي شيبة (3/ 269) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (550) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (1/ 334- 335) ، وابن خزيمة كما في ((الإصابة)) (7/ 114) -، والبيهقي في ((السنن)) (1/ 304) ، وفي ((الدلائل))
(2/ 348، 349) ، والدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 139/ 2) ، والخطيب في ((التلخيص)) (632/ 2) من طرق عن أبي إسحاق، قال: ناجية بن كعب، يحدث عن على ... فذكره.
قلت: وهو حديث صحيح. وقد أعله بعضهم بعدة علل لا تثبت على النقد، أجبت عنها تفصيلاً في ((جنة المرتاب، بنقد المغني عن الحفظ والكتاب)) (باب رقم 25) .
وهذا الحديث صريح الدلالة في أن أبا طالب مات كافراً.
حديث أنس - رضي الله عنه - في ذكر إسلام أبي قحافة؛ قال: ((فلما مد يده بيايعه، بكى أبو بكر. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما يبكيك؟ قال: لأن تكون يد عمك مكان يده، ويسلم، ويقر الله عينك أحب إلى من أن يكون)) .
أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) ، وعمر بن شبة في ((كتاب مكة)) ، وأبو بشر سمويه في ((فوائده)) من طريق محمد بن سلمة، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أنس به.
قال الحافظ في ((الإصابة)) (7/ 238) : ((سنده صحيح)) .
قلت: ومن هذا الوجه أخرجه:
أحمد (3/ 160) ، والبزار (3/ 373- 374) ، وأبو يعلى (ج 5/ رقم 2831) ، وابن حبان (1476) ، والحاكم (3/ 244- 245) فذكروا قصة إسلام أبي قحافة دون محل الشاهد.
قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) .
فقال الذهبي: (خ) يعني على شرط البخاري.
قلت: وهو وهم منها، فإن محمد بن سلمة هو ابن عبد الله الباهلي لم يخرج له البخاري لم يخرج له البخاري شيئا، فالحديث على شرط مسلم وحده. والله أعلم.
قال الحافظ في ((الإصابة)) (7/ 240) : ((وأما قول أبي بكر، فمراده لأنا كنت أشد فرحاً بإسلام أبي طالب منى بإسلام أبي - أي لو أسلم - ويبين ذلك ما أخرجه أبو قرة موسى بن طارق، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: جاء أبو بكر بأبي قحافة يقوده يوم فتح مكة، = =فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا تركت الشيخ حتى نأتيه؟! قال أبو بكر: أردت أن يأجره الله، والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحاً بإسلام أبي طالب - لو كان أسلم - منى بأبي)) .
ثم قال الحافظ (7/ 241) : ((ونحن نرجو أن يدخل عبد المطلب وآل بيته في جملة من يدخلها طائعاً فينجو، لكن ورد في أبي طالب ما يدفع ذلك ... ثم ساق حديث العباس الفائت وقال: فهذا شأن من مات على الكفر، فلو كان مات على التوحيد لنجا من النار أصلاً، والأحاديث الصحيحة، والأخبار المتكاثرة طافحة بذلك..)) أهـ‍.
وقد استدل بعض الروافض لنجاة أبي طالب بقول الله - عز وجل -: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فقال: وقد عزره أبو طالب بما اشتهر وعلم ونابذ قريشا وعاداهم بسببه مما لا يدفعه أحد من نقلة الأخبار فيكون من المفلحين)) . أهـ‍.
قال الحافظ: ((وهذا مبلغهم من العلم!! ، وأنا نسلم أنه نصره، وبالغ في ذلك، ولكنه لم يتبع النور الذي أنزل معه وهو الكتاب العزيز الداعي إلى التوحيد ولا يحصل الفلاح إلا بحصول ما رتب عليه من صفات كلها)) . أهـ‍‍.
وصدق الحافظ رحمه الله ورضي عنه.
7-حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ((سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل له: هل نفعت أبا طالب؟! قال: ((أخرجته من النار إلى ضحضاح منها)) .
أخرجه البزار (ج 4/ رقم 3472) قال: حدثنا عمرو، ثنا أبي، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر ... فذكره.
وقال الحافظ ابن كثير في ((السيرة)) (2/128) : ((تفرد به البزار)) .
وقال الهيثمي في ((المجمع)) (10/395) : ((فيه من لم أعرفه)) .
قلت: كذا قال يرحمه الله تعالى. وهو يعني بذلك شيخ البزار وأباه. وإلا فباقي رجال السند لا يجهلهم الهيثمي.
وشيخ البزار هو عمر بن إسماعيل بن مجالد كما نص على ذلك ابن كثير رحمه الله.
ووقع في النسخة ((عمرو بن إسماعيل)) وهو خطأ، صوابه ما أتثبته ولعله لذلك لم يعرفه الهيثمي والله أعلم.
وعمر هذا، كذبه ابن معين، وتركه النسائي والدارقطني واتهمه ابن عدي بسرقة الحديث.
وأبوه خير منه، فقد وثقه ابن معين وضعفه الدارقطني، ولينه النسائي.
ولذلك قال أبو زرعة: ((هو وسط)) .
ومجالد فيه مقال.
فالسند واه جدا لأجل شيخ البزار. ... =
= والعمدة على الأحاديث السابقة، وإنما ذكرت هذا تنبيها. والله المستعان.
وقد رأيت بعض المحترقين من غلاة الشيعة وهو الشيخ محمد باقر المحمودي جعل يدفع تهمه الكفر عن أبي طالب في تعليقه على ((خصائص علي)) (ص 266 - 273) بأمور تضحك منها الثكلى فيأتي بالروايات التي لا خطم لها ولا أزمة فيعارض بها الروايات الصحيحة مما يدل على أنه جأهل، وقد رأيت له كلاما يفسق فيه أبا بكر وعمر بل ويشتم منه تكفيرهما. ومع ذلك ينادي بعض الغافلين بالتقريب بين أهل السنة والشيعة.
وقد رأيت كتابا لبعض غلاة الروافض سماه: ((أسنى المطالب في نجاة أبي طالب)) ملأه بالحشو، والبهت والافتراء على أهل السنة، وردّه يحتاج إلى كتاب مستقل.
وحاصل الأمر أن الروايات الصحيحة نصت على كفر أبي طالب وعليه أهل السنة.
وقد ترجم له ابن عساكر في ((تاريخه)) وصدر ترجمته بقوله: ((قيل أنه اسلم ولا يصح إسلامه)) .
وقال الحافظ ابن كثير في ((السيرة)) (2/ 132) بعد أن تكلم على أن أبا طالب مات كافرا قال:
((ولولا ما نهانا الله عنه من الاستغفار للمشركين، لاستغفرنا لأبي طالب وترحمنا عليه)) . أهـ‍.

(2/47)


163- ((صَلاةٌ بِسواكٍ خَيرٌ مِن سَبعينَ صَلاةٍ بِغَيرِ سِواكٍ)) . (1)
__________
(1) 163- باطل.
أخرجه أحمد (6/ 272) ، وابن خزيمة (1/ 71) ، والبزار (1/ 244) ، والحاكم (1/ 146) ، والبهيقي (1/ 4.) من طريق محمد بن إسحاق قال: وذكر محمد بن مسلم الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا به.
قال البزار: ((لا نعلم أحدا رواه بهذا اللفظ إلا ابن إسحاق)) .
وقال ابن خزيمة: ((أنا استثنيت صحة هذا الخبر، لأني أخاف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم، وإنما دلسه عنه)) .
وقال البهيقي: ((وهذا الحديث، أحد ما يخاف أن يكون من تدليسات محمد بن إسحاق بن يسار وأنه لم يسمعه من الزهري)) .
قلت: فعلة هذا الإسناد هي عنعنة ابن إسحاق.
أما الحاكم فقال: ((صحيح على شرط مسلم)) ووافقه الذهبي!!
وليس كما قالا، بل هو وهم عجيب منها لا سيما الذهبي. فان ابن إسحاق لم يحتج به مسلم، وقد نبه الذهبي على هذا، ثم نسى. فسبحان من لا يضل ولا ينسى.
قال النووي في ((المجموع)) (1 / 331) : ((وأما حديث عائشة فضعيف رواه البهيقي من طرق وضعها كلها وكذا ضعفه غيره. وذكر الحاكم في ((المستدرك)) وقال: هو صحيح على شرط مسلم، = = وأنكروا ذلك على الحاكم، وهو معروف عندهم بالتساهل في التصحيح. وسبب ضعفه أن مداره على ابن إسحاق وهو مدلس، ولم يذكر سماعه. والمدلس إذا لم يذكر سماعه لا يحتج به بلا خلاف كما هو مقرر لأهل الفن. وقوله أنه ليس على شرط مسلم ليس كذلك، فإن محمد بن إسحاق لم يرو له مسلم شيئاً محتجا به، وإنما روى له متابعة. وقد علم من عادة مسلم وغيره من أهل الحديث أنهم يذكرون في المتابعات من لا يحتج به للتقوية، لا للاحتجاج. ويكون اعتمادهم على الإسناد الأول، وذلك شيء مشهور عندهم. والبيهقي أتقن في هذا الفن من شيخه الحاكم، وقد ضعفه. والله أعلم)) . أهـ‍.

وتعقبه في بعض ما قال، صاحب ((طرح التثريب)) (2/ 65) فقال: ((قوله: والمدلس إذا لم يذكر سماعه.... الخ قال: وقوله: بلا خلاف ليس بجيد، بل فيه الخلاف في الاحتجاج بالمرسل، وأولى بالصحة لاحتمال عدم سقوط أحد، وممن صرح بجريان الخلاف فيه ابن الصلاح. وغيره. والله أعلم. وضعف يحيى بن معين أيضاً الحديث المذكور، وقال: أنه باطل)) . أهـ‍.
وقال ابن مفلح في ((المبدع)) (1/ 99) : ((رواه الحاكم وصححه، وقال: على شرط مسلم، وهذا مما أنكر عليه، وضعفه البيهقي بسبب أن ابن إسحاق مدلس ولم يسمعه من الزهري)) . أهـ‍.
أما الصنعاني فقال في ((العدة)) (1/ 278) : ((وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وتعقب بأن مسلماً لم يخرج له - يعني ابن إسحاق - إلا في المتابعات. قلت: على كل حال، وإن خرج عن رتبة الصحيح فأنه حسن معمول به. ويشهد له حديث جابر مرفوعاً: ((ركعتان بسواك.....)) أخرجه أبو نعيم بإسناد حسن كما قال المنذري. وأخرج أيضاً مثله موقوفاً على ابن عباس بإسناد قال فيه الحافظ المنذري: جيد)) . أهـ‍.
قلت: وهذا التعقيب يستغرب من الصنعاني؛ لأنه لم يأت عليه بدليل سوى مجرد الدعوى. ومثله لا يقبل، فذلك لم يتعرض بالجواب عن العلة الحقيقية، وهي عنعنة ابن إسحاق. وإنما يحسن حديث ابن إسحاق إذا صرح بالتحديث، وعليه استقر عمل كثير من الحفاظ، والشواهد التي ذكرها أسانيدها معلولة كما قال الحافظ ابن حجر في ((التلخيص)) (1/ 67) . والمنذري رحمه الله نفسه رخو في التصحيح كما علمته بأدلة كثيرة بعد مطالعتي لكتابه ((الترغيب والترهيب)) .
وقال الشيخ عبد الرحمن البنا في ((الفتح الرباني)) (1/ 294) بعد ذكر تصحيح الحاكم: ((وحديث عائشة لم يتعقبه الذهبي بسيء في تلخيصه على المستدرك، فلو كان معلولاً لذكر علته)) !! .
قلت: وهذا جواب هزيل، وعذر الشيخ أنه لم يكن من أهل الفن، وإلا فالذهبي وقع في كثير من الوهم في تلخيصه على المستدرك، علمت ذلك بعد دراستي لكتاب المستدرك، مما قوى عندي الرغبة في تتبع المواضع التي أخطأ فيها الحاكم ووافقه الذهبي، فتجمع لديَّ حتى الآن أكثر من ألف موضع؛ أودعتها في كتابي: ((إتحاف الناقم بوهم الذهبي والحاكم)) يسر الله إتمامه بخير. وَلَهُ قصة ذكرتها في مقدمة الكتاب المشار إليهِ. ... =
= نعم، توبع ابن إسحاق.
تابعه معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً: ((ركعتان بسواك، أفضل من سبعين ركعة بغير سواك)) .
أخرجه أبو يعلى (252- زوائده) ، وبحشل في ((تاريخ واسط)) (200) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (3/ 5) ، والبزار (1/ 245) ، وابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2395) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 336) .
قال البزار: ((لا نعلم رواه إلا معاوية)) .
قلت: وهو ابن يحيى الصدفي.
قال ابن معين: ((هالك، ليس بشيء)) .
وضعفه أبو حاتم، والنسائي، والساجي وقال: ((جداً)) .
وقال أحمد: ((تركناه)) .
وله طريق آخر عن عائشة.
أخرجه البيهقي (1/ 40) من طريق محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن أبي يحيى الأسلمى، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً: ((الركعتان بعد السواك، أحب إلي من سبعين ركعة قبل السواك)) .
قال البيهقي: ((الواقدي، لا يحتج به)) .
قلت: لأنه متروك، بل كذبه غير واحد.
قال الحافظ يرد على مغلطاي: ((وقد تعصب مغلطاي للواقدي، فنقل كلام من قواه ووثقه، وسكت عن ذكر من وهاه واتهمه، وهم أكثر عددا وأشد إتقانا، وأقوى معرفة به من الأولين. ومن جملة ما قواه به: أن الشافعي روى عنه. وقد أسند البيهقي عن الشافعي أنه كذبه. ولا يقال: فكيف روى عنه؟! لأنا نقول: رواية العدل ليست بمجردها توثيقا، فقد روى أبو حنيفة عن جابر الجعفي، وثبت عنه أنه قال: ما رأيت اكذب منه)) أهـ‍.
قلت: ومع وضوح كلام الحافظ وقوته، فقد رد عليه التهانوي الحنفي في ((قواعده)) (347 - 35.) فقال: ((هذا، ولم يتعصب مغلطاي للواقدي بل استعمل الإنصاف!! فان الصحيح في أمر الواقدي التوثيق!! . قال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في ((الإمام)) : جمع شيخنا أبو الفتح الحافظ في أول كتابه: ((المغازي والسير)) أقوال من ضعفه، ومن وثقه، ورجح توثيقه، وذكر الأجوبة عما قيل. وهذا يردُّ على النووي والذهبي قولهما: الواقدي ضعيف باتفاقهم أو: استقر الإجماع على وهنه. وأين الإجماع من الاختلاف في ترجيح توثيقه وتضعيفه؟!)) . أهـ‍.
وَقَالَ ابن الهمام - وهو من أكابر محققي الأحناف -: ((الواقدي حسن الحديث عندنا)) . ... =
= قلت: وهو ذهول من هؤلاء الفضلاء عن القاعدة المقررة عند العلماء، وهي أن الجرح مقدم على التعديل إن كان مفسرا، وجرح الواقدي مفسر وظاهر، فقد كذبه أحمد بن حنبل، والشافعي، والنسائي، وابن المدني، وأبو داود، ومحمد بن بشار.
واتهمه أبو حاتم، وابن راهويه بالوضع وكذا الساجي. وتركه أحمد، وابن المبارك، وابن نمير، وإسماعيل بن زكريا، والبخاري، وأبو زرعة والعقيلي والدولابي وغيرهم.
وهذا هو الذي حدا بالنووي أن يقول: ((الواقدي ضعيف باتفاقهم)) .
والمقصود من عبارته باتفاق النقاد العارفين، لأن الذين وثقوه لا يرقون في النقد إلى مستوى الجارحين.
فمن قيل فيه هذا كيف يقال: الراجح فيه التوثيق؟!! أو: هو حسن الحديث عندنا!!
وهل هذا إلا قلب للأصول؟!
وقد قال الكوثري - وهو حنفي جلد - في ((مقالاته)) (41- 44) بعد ذكر حديث: ((اتقوا خضراء الدمن -.)) قال: ((انفرد به من كذبه جمهرة أئمة النقد بخط عريض. فقال النسائي: الكذابون المعروفون بالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة: الواقدي بالمدينة.. وقال البخاري: قال أحمد: كذاب -.. ثم قال: وجرح هؤلاء مفسر، لا يحتمل أن يحمل التكذيب في كلامهم على ما يحتمل الوهم كما ترى، وإنما مدار الحكم على الخبر بالوضع أو الضعف الشديد من حيث الصناعة الحديثية هو انفراد الكذاب، أو المتهم بالكذاب، أو الفاحش الخطأ، لا النظر إلى ما في نفس الأمر، لأنه غيب، فالعمدة في هذا الباب هي علم أحوال الرجال. واحتمال أن يصدق الكذاب في هذه الرواية مثلاً، احتمال لم ينشأ من دليل، فيكون وهما منبوذاً..)) . أهـ‍.
قلت: وهذا تحقيق حسن، ولكن الكوثري لم يثبت عليه، فقد رأيته وثق الواقدي في تعليقه على كتاب ((شروط الأئمة)) (ص 37) !! وكان الكوثري مشهوراً بذلك.
قال الذهبي في ((السير)) (9/ 469) : ((وقد تقرر أن الواقدي ضعيف، يحتاج إليه في الغزوات والتاريخ، ونورد آثاره من غير احتجاج، وأما في الفرائض، فلا ينبغي أن يذكر. فهذه الكتب الستة، ومسند أحمد، وعامة من جمع في الأحكام، نراهم يترخصون في إخراج أحاديث أناس ضعفاء، بل ومتروكين، ومع هذا لا يخرجون لمحمد ابن عمر شيئاً. مع أن وزنه عندي أنه مع ضعفه يكتب حديثه ويروي، لأني لا أتهمه بالوضع. وقول من أهدره، وفيه مجازفة من بعض الوجوه، كما أنه لا عبرة بتوثيق من وثقه، كيزيد، وأبي عبيد، والصاغاني، والحربي، ومعن، وتمام، عشرة محدثين، إذ قد انعقد الإجماع اليوم على أنه ليس بحجة وأن حديثه في عداد الواهي، رحمه الله)) . أهـ‍.
قلت: وقول الذهبي - رحمه الله -: (( ... مع ضعفه يكتب حديثه ويروي.... الخ)) فيه نظر، ولعل الدافع إلى هذا القول هو أن الواقدي كان واسع العلم في المغازي كما صرح الذهبي في مطلع كلامه، فيحتاج إليه. ولكن كلام أئمة النقد لا يساعد عليه. ثم كيف يكتب حديث الواقدي مع ضعفه = =الشديد؟! والحاصل أنه لا يُحتج به إذا انفرد، ولا يصلح أيضاً في الشواهد ولا المتابعات. فعلى أي أساس يكتب حديثه؟!
إلا أن يقال: يكتب حديثه على سبيل التعجب!!
وزعم الشيخ عبد الغني عبد الخالق في تعليقه على ((مناقب الشافعي)) لابن أبي حاتم (2/ 220) : ((أن الإجماع استقر على وهن الواقدي كما قال الذهبي، ولكن في غير السير والمغازي، فهو فيها ثقة بالإجماع)) !!
ولا أدري ما مستنده في دعواه؟ ولم أقف على كلام لأحد الأئمة أطلق فيه دعوى الإجماع.
نعم قال الذهبي في ((السير)) (9/454 - 455) : ((وجمع فأوعى، وخلط الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين، فاطرحوه لذلك، ومع هذا فلا يستغني عنه في المغازي، وأيام الصحابة وأخبارهم)) .
فكلام الذهبي هذا فسره هو فيما نقلته عنه سابقاً وهو قوله: ((نورد آثاره من غير احتجاج)) .
وليس في هذا ما يفيد أنه ثقة في المغازي والسير.
وحاصل البحث أن الواقدي متروك مع سعة علمه كما قال الحافظ في ((التقريب)) .
وفي الباب عن ابن عمر، رضي الله عنهما.
أخرجه بحشل في ((تاريخ واسط)) (234) قال: ثنا الحسن بن راشد بن عبد ربه بن راشد، قال: ثنا أبو راشد بن عبد ربه، قال: ثنا نافع مولى ابن عمر قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك)) .
قلت: والحسن بن راشد، وأبوه لم أقف على حالهما. ولا أدري هل ذكرهما السلفي في سؤالا ته لخميس الحوزي بشأن جماعة من أهل واسط أم لا؟! فإن الكتاب ليس معي الآن. وعلى كل إن ثبتت ثقتهما فإن الحديث مرسل ضعيف. والله أعلم.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة، وأحاديثهم كلها معلولة، وراجع لذلك: ((التلخيص الحبير)) (1/ 67) للحافظ.
أما معنى الحديث فإنه باطل، إذ كيف تترجح صلاة المتسوك على غير المتسوك بسبعين ضعفاً، مع أن السواك يعدو كونه مستحباً؟!!
وقد طعن في الحديث ابن معين، والبزار، وابن حبان، والبيهقي، والعراقي، وابن حجر.
والله أعلم. ...

(2/48)


164- ((الجَنَّةُ دَارُ الأسخِياءِ)) . (1)
__________
(1) 164- منكر. ... =
= أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (1/ 190) ، وعنه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (2/ 185) ، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (117) ، عن الخرائطي، وهذا في ((المكارم)) (60) ، من طريق جحدر، ثنا بقية، ثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً به.
قلت: وجحدر: هو أحمد بن عبد الرحمن الكفرتوني، وهو ضعيف يسرق الحديث كما قال ابن عدي.
وذكره ابن حبان في ((الثقات)) وقال: ((لم أر في حديثه ما في القلب منه إلا ما حدثناه زيد بن عبد العزيز....)) فذكر هذا الحديث ثم قال: ((هذا حديث منكر)) .
قال الحافظ في ((اللسان)) (1/ 211) : ((فكأنه ما عرفه؛ لأنه سماه عبد الله بن الحارث)) .
[وقال الهيثمي في ((المجمع)) (3/ 128) : ((ولم أجد من ترجم جحدر بن عبد الله)) وقد أخطأ الهيثمي - رحمه الله - في نسبه، فلذلك لم يجده. والله أعلم] .
قال الذهبي في ((الميزان)) : ((وقد روى هذا عن بقية، عن يوسف بن السفر، عن الأوزاعي، ويوسف ساقط. ورواه البابلتي - وهو واه - عن الأوزاعي)) .
قال السيوطي في ((اللآلئ)) (2/ 96) : ((وقد توبع - يعني جحدر - فرواه أبو الشيخ عن أبي التحريش أحمد بن عيسى الكلابي، حدثنا محمد بن عوف، عن بقية..)) .
قلت: وأبو التحريش هذا لم أقف له على ترجمة. وأخاف أن يكوم مصحفاً.
ثم رأيت الشيخ العلامة ذهبي العصر المعلمي اليماني - رجمه الله - قال في تعليقه على ((الفوائد المجموعة)) (ص -80) : ((ولم أجد أبا الحريش، ولا أدري أبلا واسطة رواه أبو الشيخ عنه، أم بواسطة. وقد يصح عن بقية: ((عن الأوزاعي)) فإن بقية يدلس عن كل أحد. فأما: بقية، ثنا الأوزاعي)) فهيهات. أهـ‍.

قلت: وحتى لو صرح بقية بالتحديث عن الأوزاعي، فإن تدليسه لم يرتفع؛ لكونه كان يدلس تدليس التسوية كما حررته في أول أحاديث الكتاب. ومدلس التسوية يجب أن يصرح في كل طبقات السند إلا في صور ضيقة، كأن يروي مدلس التسوية عن راو له صحيفة، مثل عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. فالمدلس بطبيعة الحال ليس مسؤولاً عن عنعنة شيخه، فيكتفي أن يصرح بالتحديث عن شيخه فقط. والله أعلم.
وقد أسقط بقية رجلاً من الإسناد.

قال الدارقطني في ((العلل)) (ج 5/ ق 27/ 2) : ((وخالفهما محمد بن مصفى، فرواه عن بقية، عن أبي الفيض، عن الأوزاعي، عن ابن شهاب، عن عروة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.... ولا يصح هذا الحديث)) . أهـ‍.
وله شاهد من حديث أنس، - رضي الله عنه -. ... =
= أخرجه ابن عدي (6/ 2350) ومن طريقه ابن النجار في ((ذيل تاريخ بغداد)) قال: سمعت أبا جعفر، شيخ سمعته ببغداد يعظ على رؤوس الناس يقول: ثنا محمد بن مسلمة، ثنا موسى الطويل، عن أنس مرفوعاً: ((الجنة مأوى الأسخياء)) ثلاثاً.
ثم قال: وهذه الأحاديث كلها مناكير لموسى هذا)) . أهـ‍.
وموسى هذا: هو ابن عبد الله الطويل متهم، وقد روى عن أنس أشياء موضوعة كما قال ابن حبان.
ومن أبشع ما افتراه قوله: ((رأيت عائشة بالبصرة على جمل أورق في هودج أخضر)) !!
قال الذهبي: ((أنظر إلى هذا الحيوان المتهم! كيف يقول في حدود سنة مائتين أنه رأى عائشة؟! فمن الذي يصدقه؟؟!
وله طريق آخر عن أنس..
أخرجه الخطيب في ((البخلاء)) (ص - 51) من طريق الدينوري؛ حدثنا محمد بن المغيرة الجرمي، حدثنا إبراهيم بن بكر الشيباني، حدثنا العلاء بن خالد القرشي، حدثنا ثابت البناني، عن أنس مرفوعاً به.
قلت: وهذا سند تالف.
والدينوري هو عبد الله بن محمد بن وهب الحافظ، تركه الدارقطني وقال: ((كان يضع الحديث)) . وكذبه عمر بن سهل، واتهمه ابن عقدة، وإبراهيم بن بكر. متروك كما قال الدارقطني وغيره.
وقال أحمد: ((أحاديثه موضوعة)) .
والعلاء بن خالد القرشي قواه ابن حبان وكذبه أبو سلمة التبوذكي.

(2/49)


165- ((مَا عَظُمتْ نِعمةُ اللهِ عَلَى عَبدٍ، إلا عَظُمتْ مَؤونَةُ النَّاسِ عَليهِ، فَمَنْ لَمْ يَحتَمِلْ تِلكَ المَؤونَةَ، فَقَدْ عَرَّضَ النِّعمةَ لِلزوَالِ)) . (1)
__________
(1) 165- ضعيف.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (1/ 178) وأبو يعلى - كما في ((كشف الخفاء)) (2/ 266) - وابن حبان في ((الضعفاء)) (1/ 142) ، والخطيب في ((التاريخ)) (5/ 181- 182) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 517- 518) من طريق أحمد بن معدان، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل مرفوعاً فذكره.
قال ابن عدي: ((أحمد بن معدان شيخ، يروي عن ثور بن يزيد الأوابد التي لا يجوز الاحتجاج بمن يروي مثلها.... ثم قال وهذا ما رواه عن ثور إلا واهيان، ضعيفان: أحمد بن معدان، وابن عُلاثة)) .
قلت: وحديث ابن عُلاثة أخرجه ابن حبان أيضاً في ترجمته (2/ 280) قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا عمرو بن الحصين، قال: حدثنا ابن علاثة به. ... =
=وهذا سند ضعيف جداً.
وعمرو بن الحصين تركه الدارقطني، وكذبه الخطيب. أما محمد بن علاثة فليس واهياً كما قال ابن حبان وإن تركه الدارقطني، واتهمه الأزدي بالكذب.
وقد رد الخطيب على الأزدي فقال: ((أفرط الأزدي، وأحسبه رُفعت إليه روايات عمرو بن الحصين عنه فكذبوه لأجلها، وإنما الآفة من ابن الحصين فأنه كذاب، وأما ابن علاثة وصفه يحيى بن معين بالثقة.... ولم أحفظ لأحد من الأئمة خلاف ما وصفه به يحيى)) . أهـ‍.
قلت: بل قال فيه البخاري: ((في حفظة نظر)) .
وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) .
وحاصل البحث في ابن علاثة أنه صدوق في حفظه ضعف.
فآفة الإسناد من جهة عمرو بن الحصين. ولذا قال أبو حاتم: ((حديث باطل)) . نقله عنه العراقي في ((المغني)) (3/ 245) .
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 119/ 2) ، وعنه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 518) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عطية، عن ابن جريج، عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً: ((أيما عبد أنعم عليه نعمة فأسبغها، ثم جعل إليه شيئاً من حوائج الناس، فتبرم بها، كان قد عرض تلك النعمة للزوال)) .

قال العقيلي: ((عبد الرحمن بن عبد الله بن عطية، عن ابن جريج، مجهول بنقل الحديث، ولا يتابع على هذا..... وفي هذا الباب أحاديث متقاربة في الضعف، ليس منها شيء يثبت)) . أهـ‍.
قلت: وابن جريج مدلس، وقد عنعنه.
فقول المنذري في ((الترغيب)) (3/ 251) ، والهيثمي في ((المجمع)) (8/ 192) ، ((إسناده جيد)) ليس بجيد إلا أن يكون طريق الطبراني في ((الأوسط)) بخلاف هذا، فإن كان كذلك ففي القلب شيء من حكمها لما عرفت عنهما من التسأهل في النقد. والله أعلم.
وشاهد آخر من حديث عائشة رضي الله عنها.
أخرجه ابن أبي الدنيا في ((قضاء الحوائج)) (ص - 82) من طريق الحارث بن محمد التميمي، ذكر عمرو بن الصلت خالى، عن سعيد بن أبي سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً بلفظ حديث الباب.
قلت: والحارث: هو ابن أبي أسامة صاحب المسند، وهو صدوق، وعمرو بن الصلت، لعله المترجم في ((الجرح والتعديل)) (3/ 1/ 241) ولم يترجح لدي. فإن يكنه، فهو صدوق، وسعيد بن أبي سعيد: هو الزبيدي. ... =
=قال ابن عدي: ((أحاديثه ليست محفوظة)) .
وقال الذهبي: ((لا يعرف، وأحاديثه ساقطة)) .
وشاهد آخر من حديث ابن عمر، رضي الله عنهما.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط)) ، وابن أبي الدنيا في ((قضاء الحوائج)) (74) من طريق محمد بن حسان السمتي، نا أبو عثمان عبد الله بن زيد الكلبي، ذكر الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة، عن ابن عمر مرفوعاً: ((إن لله قوماً يختصهم بالنعم لمنافع العباد، ويقرها فيهم ما بذلوها، فإن منعوها نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم)) .
قال المنذري: ((لو قيل بتحسين سنده لكان ممكناً)) !!
قلت: لا، ومحمد بن حسان قال أبو حاتم والدارقطني: ((ليس بالقوى)) .
وقال ابن معين: ((لابأس به)) .
وشيخه عبد الله بن زيد ضعفه الأزدي.
وكذا قال الهيثمي (8/ 195) .
فإن كان مقصد المنذري أنه حسن في الشواهد والمتابعات، لعله يحتمل، ولكن أين الشواهد المجدية، أو المتابعات القوية؟!!
وشاهد رابع، عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
أخرجه الخرائطي في ((المكارم)) (89) قال: حدثنا علي بن حرب الطائي، حدثنا حلبس بن محمد، حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((ما أنعم الله على عبد نعمة، إلا كثرت مؤنة الناس عليه، فإن لم يتحمل مؤنهم، عرض تلك النعمة لزوالها)) .
قلت: وسنده ضعيف جداً.
قال الحافظ العراقي في ((المغني)) (3/ 245) : ((إسناده منقطع، وحلبس بن محمد أحد المتروكين)) .

(2/50)


166- ((لا تَسبُّوا البَراغِيثَ، فَنِعمَ الدَّابةُ تُوقِظكُم لِذكرِ اللهِ)) قَالَ عَلي: فَبِتنا تِلكَ الليلَةَ مُتَهجدِينَ)) . (1)
__________
(1) 166- ضعيف.
أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (8/ 78) -، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 80/ 1) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 713) من طريق سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب، قال: بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فآذتنا البراغيث، فسببناها! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تسبوا..... الحديث)) !
قال العقيلي: لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في البراغيث شيء)) . ... =
=قلت: وهذا السند ساقط جداً.
وسعد بن طريف تالف، وقد أجمعوا على ضعفه الإعراض عن حديثه. بل اتهمه ابن حبان بالوضع.
والأصبغ بن نباتة مثله أيضاً.
قال ابن معين: ((ليس بثقة)) .
وتركه النسائي وابن حبان.
بل كذبه أبو بكر بن عياش.
وله شاهد حديث أنس - رضي الله عنه -، هو خير من الأول لكنه منكر.
أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1237) ، والبزار (2/ 434) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج5/ رقم 2959) ، والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (8/ 77) ، والحكيم الترمذي في ((نوادر الأصول)) (70/2) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 87/2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (3/1257- 1258) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 350) ، والسلمي في ((طبقات الصوفية)) (ص - 181) من طريق سويد بن إبراهيم أبي حاتم، عن قتادة، عن أنس أن رجلاً سب برغوثاً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((لا تسبه فإنه أيقظ نبياً من الأنبياء للصلاة)) .
قال العقيلي: ((لا يصح في البراغيث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء)) .
قلت: وسند هذا الحديث ضعيف.
وعلته سويد بن إبراهيم.

قال الساجي: ((حدث عن قتادة بحديث منكر)) .
فلعله يعني هذا.
وقال ابن عدي: ((حديثه في قتادة ليس بذاك)) .
وقال ابن معين والبزار: ((لا بأس به)) .
وقال أبو زرعة: ((ليس بقوي، وحديثه حديث أهل الصدق)) .
وأسرف فيه ابن حبان كما قال الذهبي (2/ 247) .

قلت: فحاصل الكلام فيه أنه صدوق، في حديثه عن قتادة ضعف، وهذا الحديث من روايته عن قتادة.
ولكنه توبع.
قال ابن عدي: ((وقد حدث به قتادة، عن أنس - كما حدث سويد: سعيد بن بشير)) وكذا قال البزار.
ولكن سعيد بن بشير ضعيف في قتادة خاصة.
قال محمد بن عبد الله بن نمير، والساجي: ((حدث عن قتادة بمناكير)) .
وقال البزار وابن عدي: ((لا بأس به)) . ... =
=وقال أبو حاتم وأبو زرعة: ((محله الصدق عندنا)) .
فحاله مثل سويد بن إبراهيم، وكلاهما يروي عن قتادة المناكير.
وخلاصة البحث أن الحديث ضعيف. والله أعلم.

(2/51)


167- ((نَجاءُ أولِ هَذِهِ الأُمَّةِ بِاليَقينِ وَالزُهدِ، وَيَهلكُ آخرُهَا بِالبُخلِ وَالأمَلِ)) . (1)
168- ((مَا أخافُ على أمَّتِي إلاَّ ضَعفُ اليَقِينِ)) . (2)
169- ((مَنْ أهديتْ لَهُ هَديةً وَمَعهُ قَومٌ جُلوسٌ، فَهُم شُركَاؤهُ فِيها)) . (3)
__________
(1) 167- ضعيف.
أخرجه ابن أبي الدنيا في ((اليقين)) (ق 1/ 2) ، وابن شاهين في ((الترغيب)) (ق 18/ 2) ، وابن لال - كما في ((الفيض)) (6/ 282) - من طريق سلمة بن شبيب، ثنا مروان بن محمد، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً به.
قال المناوي في ((الفيض)) : ((قال العلائي: هو من حديث ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وابن لهيعة لا يحتج به)) .
قلت: وابن لهيعة مع كون حديثه هنا من رواية مروان بن محمد عنه، وليس من القدماء، فإنه رواه بالعنعنة، وكان يدلس.
قال عبد الرحمن بن مهدي: ((كتب إليّ ابن لهيعة كتاباً فيه حديث عمرو بن شعيب، فقرأته على ابن المبارك، فأخرجه إلي ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة قال: أخبرني إسحاق بن أبي فروة، عن عمرو بن شعيب)) . أهـ‍.
قلت: فأسقط ابن لهيعة ابن أبي فروة، وهو متروك، رواه عن عمرو بن شعيب.
(2) 168- ضعيف.
أخرجه البخاري في ((الكبير)) (3/ 1/ 264) ، والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (1/ 107) - وابن أبي الدنيا في ((اليقين)) (ق 2/ 1) ، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) ، من طريق عبد الله بن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، عن عبد الرحمن بن بزرج، أنه سمع أبا هريرة ... فذكره مرفوعاً.
قال الهيثمي: ((رجاله ثقات)) !!
قلت: كيف؟! وعبد الرحمن بن بزرج ترجمه البخاري، وكذا ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (2/ 2/ 216) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
فهو مجهول الحال. والله أعلم.
(3) 169- منكر. ... =

=أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 130/ 1) ، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 92) من طريق عبد السلام بن عبد القدوس، قال: حدثني ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً به.
قلت: وسنده ضعيف، وله علتان:
الأولى عنعنة ابن جريج.
الثانية: ضعف عبد السلام هذا.
قال العقيلي: ((لا يتابع على شيء من حديثه، وليس ممن يقيم الحديث)) .

وقال ابن حبان (2/ 150) : ((شيخ يروي الموضوعات)) .
ولكن تابعه مندل بن علي، لكنه خالفه في إسناده.
أخرجه عبد حميد - كما في ((الفتح)) (5/ 227) -، وأبو نعيم في ((الحلية)) (3/ 351- 352) ، وابن الجوزي (3/ 92) ، والحافظ في ((التغليق)) (3/ 362- 363) من طريق مندل بن علي، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس مرفوعاً.
فصار شيخ ابن جريج: ((عمرو بن دينار)) بدلا من ((عطاء)) .
قال أبو نعيم: ((غريب من حديث عمرو، تفرد به مندل عن ابن جريج)) .
قلت: ومندل ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم.
وقال الحافظ في ((التغليق)) : ((ضعيف جداً)) .
[وقال في ((التقريب)) و ((الفتح)) : ((ضعيف)) ] .
وقال البخاري في ((الصحيح)) (5/ 227) : ((لا يصح)) .
وكذا قال العقيلي.
وقد رواه محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، واختلف عليه فيه. فرواه محمد بن أبي السري، وأبو الأزهر، عن عبد الرزاق، عن الطائفي به مرفوعاً. وخالفهما أحمد بن يوسف السلمي، عن عبد الرزاق به موقوفاً.
قال الحافظ: ((وهو أصح)) يعني الموقوف.
وهذه الصحة نسبية، يعني بالنظر إلى المرفوع، وإلا فمحمد بن مسلم الطائفي ضعفه أحمد ومشاه غيره. وحاصل الكلام فيه أنه كان يخطئ إذا حدث من حفظه. ثم اضطرابه في الرفع والوقف يوجب عدم قبول روايته. والله أعلم.
وله شاهد من حديث عائشة، رضي الله عنها.
أخرجه العقيلي (ق 225/ 1) ، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 92- 93) من طريق وضاح بن خيثمة، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: أهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هدية، = =وعنده أربعة نفر من الصحابة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنتم شركائي فيها، إن الهدية إذا أهديت للرجل وعنده جلساؤه، فهم شركاؤه فيها)) .
قال العقيلي: ((وضاح لا يتابع على حديثه هذا، ولا يصح في هذا المتن حديث)) .
وفي ((الفتح)) (5/ 227- 228) : ((قال ابن بطال: لو صح حديث ابن عباس لحمل على الندب فيما خف من الهدايا، وما جرت العادة بترك المشاحة فيه)) .
قلت: وقد عرفت أنه لم يصح شيء من هذه الأحاديث مرفوعا. وأما موقوفاً فإطلاق الحافظ الصحة عليه، هو بالنسبة إلى المرفوع وهذا لا يخرجه عن حيز الضعف، ولذلك قال البخاري عن الموقوف: ((لا يصح)) .
قال الحافظ في ((الفتح)) ، و ((التغليق)) والسياق له: ((وللمتن شاهد من حديث الحسن بن علي رويناه بإسناد ضعيف في ((مسند إسحاق بن راوية)) وفي ((الغيلانيات)) .

(2/52)


170- ((مَنْ شَابَ في الإسلامِ شَيبةً، لاَ يَنتفُها، وَلاَ يُغيُرَها، كَانتْ لَهُ نُوراً يَومَ القِيامَةِ)) . (1)
__________
(1) 170- منكر بهذا اللفظ.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (6/ 21367) من طريق بن عبد الملك الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً.. فذكره.
قلت: وسنده ضعيف جداً.
ومحمد بن عبد الملك تركه النسائي وقال: ((لا يكتب حديثه)) .
وقال مرة، هو ومسلم والشافعي: ((منكر الحديث)) .
والحديث بهذا السياق منكر، وإنما الصحيح منه: ((لا تنتفوا الشيب، فإنه نور المسلم، ومن شاب في الإسلام شيبة كتب الله له بها حسنة؛ وكفر عنه بها خطيئة، ورفعه بها درجة)) .
أخرجه أبو داود (4/ 85- عون) ، والنسائي (8/ 136) ، والترمذي (8/ 108- تحفة) ، وابن ماجة (2/ 402- 403) ، وابن سعد في ((الطبقات)) (1/ 441) ، وابن حبان - كما في ((نيل الأوطار)) (1/ 139) -، وابن عدي (3/1061) ، والبيهقي في ((الشعب)) (2/157/1) ، وفي السنن (7/ 311) ، والخطيب في ((التاريخ)) (4/57) ، وكذا وفي ((السابق واللاحق)) (ص - 125) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (12/ 95) من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً به.
قال الترمذي: ((حديث حسن)) . ... =
= وقد رواه عن عمرو بن شعيب جماعة منهم: ((محمد بن إسحاق، وابن عجلان، وعمارة بن غزية، وليث بن أبي سليم، وعبد الرحمن بن الحارث، وعبد الحميد بن جعفر الأنصاري، وغيرهم)) .
أما قوله: ((ولا يغبرها)) فهي منكرة، فقد ثبت الأمر بتغيير الشيب في غير ما حديث، من ذلك:
حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم)) .
أخرجه البخاري (6/ 496 و10/ 354- فتح) ، ومسلم (2103) ، وأبو داود (4203) ، والنسائي (8/137) ، وابن ماجة (3621) ، وأحمد (2/240، 260، 309، 401) ،

وعبد الرزاق (20175) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (12/88-89) من طريق ابن ششهاب، عن أبي سلمة، (وسليمان بن يسار) ، عن أبي هريرة.
ورواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا: ((غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود والنصارى)) .

أخرجه أحمد (2/ 261، 499) ، وابن سعد (1/ 439) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) ، ومن طريقه البغوي (12/ 89) وتابعه عمر بن أبي سلمة، عن أبيه به.
أخرجه الترمذي (1752) وقال: ((حسن صحيح)) .
حديث أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((إن أحسن ما غيرتم به الشيب، والحناء والكتم)) .
أخرجه أبو داود (4205) ، والنسائي (8/ 139) ، والترمذي (1753) وابن ماجة (3622) ، وأحمد (5/ 147، 150، 154، 156، 169) ، وابن سعد (1/ 439) ، وعبد الرزاق (20174) ، وابن حبان (1475) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 2/ رقم 1638) ، والخطيب (8/ 34- 35) من طريق عبد الله بن بريدة، عن أبي الأسود، عن أبي ذر مرفوعاً.
قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)) .
فالأحاديث المصرحة بتغيير الشيب تدل على أن هذه الكلمة منكرة. نعم، أخرج الخطيب في ((الموضح)) ((2/ 316)) من طريق الطيالسي، وهذا في ((مسنده)) (1152) حدثنا عبد الجليل بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن عمرو بن عبسة، مرفوعاً: ((من شاب في الإسلام شيبة، كانت له نورا يوم القيامة، ما لم يخضبها أو ينتفها)) .
قلت لشهر: إنهم يصفرون ويخضبون بالحناء؛ قال: أجل، قال: كأنه يعني السواد.
قلت: وسنده ضعيف، لأجل شهر بن حوشب.
وقد رواه شرحبيل بن السمط، عن عمرو بن عبسه مرفوعا فلم يذكر ما ذكره شهر بن حوشب.
أخرجه النسائي (6/ 26) ، والترمذي (1635) ، وأحمد (4/ 386) من طريق بقية بن الوليد، حدثني صفوان، حدثني سليم بن عامر، عن شرحبيل:
قال الترمذي: ((حسن صحيح غريب)) . ... =
= قلت: وبقية بن الوليد صرح بالتحديث عند أحمد.

(2/53)


171- ((الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، مَنْ أقَامَها فَقدْ أقَامَ الدِّينَ، وَمنْ هَدمَها فَقَد هَدَمَ
الدِّينَ)) . (1)
172- ((إذَا قُلتَ: الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ فَقدْ شَكرتَ اللهَ فَزادَكَ)) . (2)
__________
(1) 171- لم اقف عليه بهذا التمام.
وهو مشهور على ألسنة الناس بهذا السياق، ويلهج به الواعظون ووقفت على أوله: ((الصلاة عماد الدين)) .
أخرجه البيهقي في ((الشعب)) بسند ضعيف من حديث عكرمة، عن عمر مرفوعاً، ونقل عن شيخه الحاكم أنه قال: ((عكرمة لم يسمع من عمر)) كذا في ((المقاصد)) (632) .
وقال ابن الصلاح في ((مشكل الوسيط)) : ((غير معروف)) .
وقال النووي في ((التنقيح)) : ((منكر باطل)) .
فتعقبه الحافظ في ((التلخيص)) (1/ 173) : ((قلت: ليس كذلك، بل رواه أبو نعيم شيخ البخاري في ((كتاب الصلاة)) عن حبيب بن سليم، عن بلال بن يحيى، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأله، فقال: ((الصلاة عمود الدين)) ، وهو مرسل رجاله ثقات)) .
قلت: كذا قال! وفيه تسامح؛ لأن حبيب سليم ترجمه البخاري في ((الكبير)) (1/ 2/ 319) وابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (1/2/ 102) ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال، وإن وثقه ابن حبان. وقد قال الحافظ نفسه في ((التقريب)) ، ((مقبول)) يعني عند المتابعة وإلا فلين الحديث.
وحسن له الترمذي (986) حديثا ضعيفا في كراهية النعي من كتاب الجنائز.
ويؤدى معناه ما أخرجه الترمذي (2616) وابن ماجه (3973) ، وأحمد (5/ 231، 237) من حديث معاذ بن حبل الطويل وفيه: (( ... . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده، وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله! قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد ... )) .
قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)) !
قلت: وهو حديث حسن كما حققته في ((تخريج كتاب الصمت)) لابن أبي الدنيا رقم (6) .
(2) 172- ضعيف جداً.
أخرجه ابن جرير في ((تفسير)) (1/38) قال: حدثني سعيد بن عمرو السكوني، حدثنا بقية بن الوليد، حدثني عيسى بن إبراهيم، عن موسى بن أبي حبيب، عن الحكم بن عمير وكانت له صحبه مرفوعاً به.

قلت: وهذا سند ضعيف جداً وله علل: ... =
= الأولى: عنعنة بقية بن الوليد.
الثانية: عيسى بن إبراهيم: هو ابن طهمان تركه النسائي وأبو حاتم.
وقال البخاري: ((منكر الحديث)) .
الثالثة: ضعف موسى بن أبي حبيب فقد ضعفه أبو حاتم.
الرابعة: قال الذهبي (4/202) : ((وله - يعني لموسى هذا - عن الحكم بن عمير، رجل قيل له صحبة؛ والذي أرى أنه لم يلقه، وموسى مع ضعفه متأخر عن لقي صحابي كبير، وإنما أعرف له رواية عن علي بن الحسين....)) . أهـ‍.
وهذا الحديث أورده ابن كثير في ((تفسيره)) (1/ 38) وسكت عنه!!

(2/54)


173- ((أما إن ربك يحب الحمد)) . (1)
__________
(1) 173- ضعيف.
أخرجه النسائي في ((النعوت)) - من ((الكبرى)) عن يونس بن عبيد، وأحمد (3/ 435) عن عوف، والحاكم (3/ 614) عن عبد الله بن أبي بكر المزني، ثلاثتهم عن الحسن البصري، عن الأسود بن سريع قال: ((يا رسول الله! ألا أنشدك محامد حمدتُ بها ربي تبارك وتعالى؟ فقال: إن ربك تبارك وتعالى يحب الحمد. ولم يستزده على ذلك)) .
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي!!
قلت: لا،
فقد قال علي بن المديني، وابن مندة: ((لا يصح سماع الحسن من الأسود)) .
قال ابن المديني: ((الأسود بن سريع قتل أيام الجمل، وإنما قدم الحسن البصرة بعد ذلك)) .
ذكره يعقوب بن سفيان في ((المعرفة)) (2/ 54) .
وقال الحافظ في ((التهذيب)) (1/ 339) بعد ذكر أشياء عن الأسود أنه غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع غزوات)) .

قلت: وهذا سند صحيح، يثبت سماع الحسن من الأسود في الجملة.
ولكن الحسن مدلس، فنحتاج إلى تصريحه بالسماع وهذه هي العلة.
ولم يتفرد به الحسن، بل تابعه عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن الأسود بن سريع التميمي قال: قدمت على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا نبي الله قد قلت شعراً، أثبت فيه على الله تبارك وتعالى، ومدحتك. فقال: أما ما أثنيت على الله تعالى فهاته، وما مدحتني به فدعه. فجعلت أنشده. فدخل رجل طوال أقني. فقال لي: ((أمسك)) . فلما خرج قال: هات. فقلت: من هذا يا نبي الله الذي إذا دخل، قلت: أمسك، وإذا خرج قلت: هات؟! قَالَ: ((هَذَا عمر بن الخطاب، وَلَيسَ من الباطل في شيء)) . معمر بن بكار السعدي، ثنا إبراهيم ابن سعد، عن الزهري عن عبد الرحمن بن أبي بكرة بِهِ. ... =
= وقال: ((هذا حديث صحيح الإسناد)) !!
فرده الذهبي: ((قلك: معمر له مناكير)) .
قلت: ومعمر بن بكار ذكره العقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 207) وقال: ((في حديثه وهم، ولا يتابع على أكثره)) .
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: ((مجهول)) .
ذكره في ((الجرح)) (4/2/69) في ترجمة هشام بن أبي هشام الحنفي. ولكنه توبع.

أخرجه البخاري في ((الأدب)) (342) قال: حدثنا حجاج، قال حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن الأسود فساقه بنحوه.
قلت: وسنده ضعيف.
وعلي بن زيد: هو ابن جدعان ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وابن سعد وآخرون.
ثم علة أخرى.
قال ابن مندة: ((عبد الرحمن بن أبي بكرة لا يصح سماعه من الأسود)) .
قلت: ولم يذكر ابن مندة دليلاً سائغاً على النفي.
فإن الأسود بن سريع أول من قص بالبصرة، وتوفي في أيام الجمل سنة (42 هـ‍) كما ذكره جماعة منهم أحمد وابن معين والبخاري. وعبد الرحمن بن أبي بكرة بصري أيضاً، بل قال ابن سعد: ((هو أول مولود ولد بالبصرة)) ولد سنة (14) ومات سنة (96 هـ‍) فقد أدرك الأسود طويلاً، ولا يعرف بتدليس. فالجمهور على أن الرواية متصلة. إلا إن ثبت أن هناك دليلاً صريحاً بالنفي. فعندئذ نقدم الدليل الخاص على القاعدة العامة. والله أعلم.
ثم إني أرى أن في المتن نكارة، وهي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأسود بإمساك عن إنشاد الشعر عند دخول عمر معللاً ذلك بأنه رجل لا يحب الباطل! فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أولى بهجر الباطل، فإن هذا الشعر لا يخلو أن يكون حقاً أو باطلاً، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن من الشعر حكمه)) .
أخرجه البخاري (10/ 537- فتح) ، وابن ماجه (3755) ، وأحمد (5/ 125) ، والطيالسي (556) وغيرهم عن أبي بن كعب.
وفي الباب عن ابن عباس.
أخرجه أبو داود (5011) ، والبخاري في ((الأدب)) (872) ، وابن ماجه (3756) ، وأحمد (1/ 269، 273، 303، 309، 313، 327، 332) وابن حبان (2009) .
وفي الباب عن ابن مسعود وبريدة وغيرهما.

(2/55)


174- ((لَقدْ مَرَّ بِالصخرَةِ مِنَ الرَوحَاءِ سَبعونَ نَبياً حُفاةً، عَليهِمُ العَباءَةُ، يُؤمُّونَ بَيتَ اللهِ العَتيقَ. مِنهُم مُوسَى، نَبِيُّ اللهِ صَلَى اللهُ عَليِهِ)) . (1)
175- ((قَرأَ أنسُ هَذِهِ الآيةَ: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَصوب قِيلاً} ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ: إنَّمَا نَقرَؤهَا: {وَأَقْوَمُ قِيلاً} فَقَالَ: إنَّ أقومَ، وأصوبَ، وأهيأ، وأشباهُ ذَلِكَ وَاحِدٌ)) . (2)
__________
(1) 174- ضعيف جداً.
أخرجه أبو يعلى في ((مسنده (548- زوائده) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا يونس بن بكير، عن سعيد بن ميسرة، وهو ضعيف)) !!
قلت: كذا قال!! ولو أضاف ((جداً)) لأصاب؛ لأن سعيد بن ميسرة كذبه يحيى القطان.
وقال البخاري: ((منكر الحديث)) .
وهو جرح شديد عنده.
وقال الحاكم: ((روى عن أنس موضوعات)) .
وسبقه ابن حبان (1/ 316) إلى ذلك.
وقال ابن عدي: ((مظلم الأمر)) .
وله شاهد من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -.
أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (1/ 259- 260) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن صالح بن كيسان، عن يزيد الرقاشي، عن أبيه عن أبي موسى الأشعري فذكره مرفوعاً حتى قوله: ((عليهم العباء)) .
قلت: وسنده واه.
إبراهيم بن إسماعيل ضعيف كثير الوهم.
ويزيد الرقاشي ضعفه الأكثرون.
وتركه أحمد والنسائي والحاكم وأبو أحمد..
وأبو أبان بن عبد الله ضعفه ابن معين والدارقطني.
وقال ابن عدي: ((حدث عنه ابنه بأحاديث مخارجها مظلمة)) .
وليس له عند ولده عنه غير هذا الحديث الواحد.
(2) 175- باطل.

أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) - كما في ((ابن كثير)) (4/ 380) - وابن جرير (29/ 82) ، والبزار - كما في ((المجمع)) (7/ 156) -، والخطيب في ((التاريخ)) (9/4) ، ومحمد بن نصر، = =وابن الأنباري في ((المصاحف)) - كما في ((الدر المنثور)) (6/278) من طريق الأعمش، عن أنس،.. فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف؛ لأن الأعمش لم يسمع من أنس.
قال ابن معين: ((كل ماروى الأعمش عن أنس، فهو مرسل)) .
وكذا قال علي بن المديني وابن المنادي وغيرهما.

ثم إن معنى هذا الحديث باطل جداً؛ لأنه يحيل لفظ القرآن. ولابن الأنباري كلام شريف جليل حول هذا الحديث، نقله عنه القرطبي في ((تفسيره)) (19/ 41- 42) قال: ((وقد ترامى ببعض هؤلاء الزائغين إلى أن قال: من قرأ بحرف يوافق معنى القرآن فهو مصيب، إذا لم يخالف معنى، ولم يأت بغير ما أراد الله وقصد له، واحتجوا بقول أنس هذا، وهو قول لا يعرج عليه، ولا يلتفت إلى قائله؛ لأنه لو قرأ بألفاظ تخالف ألفاظ القرآن، إذا قاربت معانيها، واشتملت على عامتها، لجاز أن يقرأ في موضع: ((الحمد لله رب العالمين)) الشكر للباري ملك المخلوقين!! ويتسع الأمر في هذا حتى يبطل لفظ جميع القرآن، ويكون التالي له مفترياً على الله - عز وجل -، كاذباً على رسوله - صلى الله عليه وسلم -.... ثم قال: والحديث الذي جعلوه قاعدتهم في الضلال حديث لا يصح عن أحد من أهل العلم؛ لأنه مبني على رواية الأعمش عن أنس، فهو مقطوع ليس بمتصل، فيؤخذ به قبل أن الأعمش رأى أنسا ولم يسمع منه)) . أهـ‍.
قلت: وقوله: ((فهو مقطوع)) يعني منقطع، والتعبير عن المنقطع بـ ((المقطوع)) وقع في كلام الشافعي رحمه الله، وذلك قبل استقرار علوم الاصطلاح. واستخدمه الدارقطني أيضاً.

(2/56)


176- ((قَالَ رَبكُم - عز وجل -: أنَا أهلٌ أنْ أتَّقَى، فَلاَ يُشركَ بِي غَيري، وَأنَا أهلٌ لِمنْ اتَّقَى أنْ يُشركَ بِي غَيرِي أنْ أغْفِرَ لَهُ)) . (1)
177- ((مَا مَحقَ الإسلامَ الشُحَّ شَيءٌ)) . (2)
178- ((مَا مِنْ ذِي غَنًى إلا يَسُرُّهُ يَومَ القِيامَةِ أنَّ مَا أُوتِي مِنَ الدُّنيَا يَكونُ قُوتَاً)) . (3)
__________
(1) 176- ضعيف.
أخرجه النسائي - كما في ((ابن كثير)) (4/ 391) -، والترمذي (3328) ، وابن ماجه (4299) ، والدارمي (2/ 302- 303) ، وأحمد (3/ 142، 243) ، والطبراني في ((الأوسط)) ، وابن عدي في ((الكامل)) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 154) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) ، - كما في ((ابن كثير)) ، والحاكم (2/ 508) ، والبغوي في ((تفسيره)) (4/ 420) من طريق سهيل بن أبي حزم القطعي، عن ثابت، عن أنس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في هذه الآية: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} المدثر/ 56، فقال ربكم - عز وجل -.... الحديث)) .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي!!
قلت: وهذا من العجائب، لا سيما من الذهبي لأنه أورد هذا الحديث تبعاً للعقيلي في ترجمة سهيل بن أبي حزم، وفيه قول العقيلي: ((لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به)) . ... =
=وسهيل هذا ضعفه ابن معين في رواية، وقال البخاري، وأبو حاتم والنسائي: ((ليس بالقوي، ولذا قال الترمذي: هذا حديث غريب وسهيل ليس بالقوي في الحديث وقد نفرد سهيل بهذا الحديث عن ثابت)) .
وعزاه الحافظ في ((الكافي الشاف)) (108) للحكيم الترمذي في السابع والسبعين بعد المائة من ((نوادر الأصول)) .
(2) 177- ضعيف جداً.
أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) كما في ((المطالب العالية)) (3/ 181) - ثم رأيته في ((زوائده)) (رقم 47) ، والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (10/ 242) - من من طريق عمرو بن الحصين، حدثنا علي بن أبي سارة، عن أنس مرفوعاً به.

قال الهيثمي: ((فيه عمرو بن الحصين وهو مجمع على ضعفه)) .
قلت: وعلي بن أبي سارة ضعفه أبو حاتم.
وقال البخاري: ((في حديثه نظر)) .
وقال أبو داود: ((تركوا حديثه)) .
(3) 178- موضوع.

أخرجه ابن ماجه (4140) ، وأحمد (3/ 117، 167) ، وعبد بن حميد في ((المسند)) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج 6/ رقم 3713) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (10/ 69- 70) ، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) من طريق ابن حبان، وهذا في ((الضعفاء)) (3/ 56) عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي داود نفيع بن الحارث، عن أنس مرفوعاً.
قلت: وهذا سند تالف.
نفيع بن الحارث كذبه ابن معين واتهمه بوضع الحديث.
وكذا كذبه الساجي.
وتركه الدولابي والدارقطني.
قال ابن عبد البر: ((أجمعوا على ضعفه وكذبه بعضهم، وأجمعوا على ترك الرواية عنه)) .
قال المدارسي - رحمه الله - في ((ذيل القول المسدد)) (ص 61) بعد ذكر الحديث: ((أبو داود رماه بعضهم بالوضع، وبعضهم بأنه متروك، وبعضهم بأنه ليس بشيء، وبعضهم بأنه ضعيف. وذكره ابن = =حبان في ((الثقات)) ، وقال في ((كتاب الضعفاء)) : يروي عن الثقات الموضوعات، فلا يحكم على حديثه بالوضع نظراً لذلك)) . أهـ‍.
قلت: وهذا جواب في غاية الضعف؛ لأنه مبني على لا شيء فقد ظن الشيخ - رحمه الله - أن ذكر ابن حبان له في ((الثقات)) ينفعه! وما هو بنافعه أبداً لأن ابن حبان ترجم في ((الثقات)) لـ ((نفيع بن الحارث)) وترجم في ((المجروحين)) لـ ((أبي داود النخعي نفيع بن الحارث)) فكأنه جعله اثنين.
قال الحافظ: ((هو أن منه بلا ريب، وهو هو)) .
فظهر أن ذكر ابن حبان له في ((الثقات)) وهم منه، فلا يجوز أن يتعلق به أحد.
وإذا كذب بعض الأئمة روايا، وتركه آخرون، وضعفه بعضهم فيؤخذ بالجرح المفسر، ولا شك أن الاتهام بالكذب يعد من الجرح المفسر الذي الاعتداد به.
قال السيوطي في ((اللآلئ)) (2/ 313) : ((وله شاهد عن ابن مسعود)) .

أخرجه الخطيب في ((تاريخه)) من طريق ابن نافع، حدثنا عمر بن إبراهيم الحافظ، حدثنا أحمد بن إبراهيم القطيعي، حدثنا عباد بن العوام، حدثنا سفيان بن حسين، عن يسار، عن أبي وائل، عن عبد الله مرفوعاً: ((ما من أحد إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه كان يأكل في الدنيا قوتاً)) .

(2/57)


179- ((أبْدِ المَودَّةَ لِمنْ وَادَّكَ تَكُنْ أَثبتَ)) . (1)
180- ((إذَا سَبقتْ لِلعَبدِ مِنَ اللهِ تَعالَى مَنْزلَةً لَمْ يَبلُغَها بَعَمَلِهِ، ابتَلاهُ اللهُ في جَسَدِهِ، وَفِي أهلِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ صَبرَهُ عَلَى ذَلِكَ، حَتى يَنالَ المَنْزلَةَ التي سَبَقتْ لَهُ مِنَ اللهِ - عز وجل -)) . (2)
__________
(1) 179- ضعيف.
أخرجه الطبراني في ((معجمه)) ، وابن أبي الدنيا في ((كتاب الإخوان)) (ق 5/ 1) ، من طريق محمد بن جعفر، عن أبي محمد الأنصاري، عن يزيد بن أبي يزيد، عن أبي حميد الساعدي مرفوعاً فذكره.
قال الهيثمي (10/ 282) : ((فيه من لم أعرفهم)) .
قلت: لعله يقصد محمد بن جعفر وشيخه، فلم أقف لهما على ترجمة.
وعزاه في ((كشف الخفا)) (1/ 24) للحارث بن أبي أسامة في ((مسنده)) ، وأبي الشيخ في ((الثواب)) .
ويغني عنه فوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أحب أحدكم أخاه، فليعلمه أنه يحبه)) .
أخرجه أبو داود (5124) ، والنسائي في ((اليوم والليلة)) (206) ، والترمذي (7/ 71- تحفة) ، والبخاري في ((الأدب)) (542) ، وأحمد (4/ 130) ، وابن أبي للدنيا في ((كتاب الإخوان)) (ق5/1) ، وابن حبان (2514) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) ، والحاكم (4/ 171) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (6/ 99) ، والخطيب في ((التاريخ)) (4/ 59) من طريق يحيى القطان، ثنا ثور بن يزيد، ثنا حبيب بن عبيد، عن المقدام بن معدي كرب مرفوعاً به.
قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح غريب)) .
وقال أبو نعيم: ((غريب من حديث ثور، لم نكتبه إلا من حديث يحيى عنه)) . ... =
= قلت: وهذا سند حسن، وثور بن يزيد ثقة، لكنهم نقموا عليه رأيه في القدر، وهذا لا يضر روايته ما دام صادقاً حافظاً. والله أعلم.
(2) 180- ضعيف.

أخرجه أبو داود - من رواية ابن داسة عنه كما في ((الجامع الصغير)) ، وكذا البخاري في ((الكبير)) ، وأحمد (5/ 272) ، وأبو يعلى (ج 2/ رقم 923) ، والطبراني في ((المعجم الكبير)) - كما في ((المجمع)) (ج 2/ رقم 923) ، - والدولابي في ((الكنى)) (1/ 27) ، وابن أبي الدنيا، والبيهقي - كما في ((الدر المنثور)) (2/ 228) ، والبغوي في ((الكنى)) - كما في ((الإصابة)) (7/ 104) -، من طريق أبي المليح الرقي، عن محمد بن خالد، عن أبيه، عن جده. وكانت له صحبة أنه خرج زائراً فلم ينته إليه حتى بلغه أنه مريض. فلما دخل عليه قال: أتيتك زائراً، أو أتيتك عائداً، أو مبشراً. قال: وكيف جمعت هذا كله؟! قال: خرجت وأنا أريد زيارتك، فلم أصل إليك حتى بلغني شكاتك، فكانت عيادة!! وأبشرك بشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا سبقت للعبد..... الحديث.
قلت: وهذا سند ضعيف.
قال الهيثمي: ((محمد بن خالد وأبوه، لم أعرفهما)) .

(2/58)


181- ((نَهَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ نَقُصَّ الرُؤيَا عَلَى النِّساءِ)) . (1)
182- ((يَشفعُ يَومَ القِيامَةِ ثَلاثَةٌ: الأنبياءُ، ثُمَّ العُلماءُ، ثُمَّ الشُهداءُ)) . (2)
183- ((إنَّ اللهَ طَيبٌ يُحبُّ الطَّيبَ، نَظيفٌ يُحبُّ النَّظافَةَ، كَريمٌ يُحبُّ الكَرمَ، جَوادٌ يُحبُّ الجُودَ)) . (3)
__________
(1) 181- منكر جداً.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 126/ 2) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 70) من طريق عبد الملك بن مهران، عن عبد الوارث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
قال العقيلي: ((عبد الملك بن مهران صاحب مناكير، غلب على حديثه الوهم، لا يقيم شيئاً من الحديث. وهذا الحديث ليس له أصل، ولا يعرف من وجه يصح)) . أهـ‍.
وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة: ((أريتك في المنام مرتين: إذا رجل يحملك في سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك، فأكشفها فإذا هي أنت، فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه)) .
أخرجه البخاري (12/ 399، 400) ، ومسلم (15/ 202- نووي) ، وأحمد (6/ 41، 138، 161) .
فهذا يدل على نكارة حديث الباب.
(2) 182- موضوع. ... =
=أخرجه ابن ماجه (4313) ، والعقيلي (ق 168/ 1) وابن عبد البر في ((الجامع)) (1/ 30) ، في
((الشريعة)) (350) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن، عن علاق بن أبي مسلم، عن أبان بن عثمان، عن عثمان بن عفان مرفوعاً.
قال العقيلي: ((عنبسة بن عبد الرحمن لا يتابع عليه)) .
قلت: لأنه هالك.
وقد اتهمه أبو حاتم بوضع الحديث.
وقال البخاري: ((تركوه)) .
وقال مرة: ((ذاهب الحديث)) .
وعلاق بن أبي مسلم مجهول.
وقال الأزدي: ((ذاهب الحديث)) .
فرده الذهبي بقوله: ((ما لينه القدماء)) .
وبه اقتصر البوصيري في إعلال الحديث كما في ((الزوائد)) وهو قصور ظاهر.
قال الحافظ العراقي في ((المغني)) (1/ 6) : ((إسناده ضعيف)) !!
ولا يخفى ما فيه.
(3) 183- ضعيف.
أخرجه الترمذي (2799) ، وابن عدي (878/ 3) ، والخطيب في ((الجامع)) (ق 86/ 2) من طريق خالد بن إلياس، عن مهاجر بن مسمار، حدثني عامر بن سعد، عن أبيه مرفوعاً ... فذكره.

زاد ابن عدي: ((فنظفوا بيوتكم، ولا تشبهوا بيهود التي تجمع الأكباء في دورها)) .
وهي للترمذي بدون قوله: ((التي تجمع.... الخ)) .
قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، خالد بن إلياس يضعف)) .
قلت: تركه أحمد، وقال البخاري: ((منكر الحديث)) .
ويشهد لأوله قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً....)) .
أخرجه الشيخان وغيرهما.

(2/59)


184- ((مَنْ قَرضَ بَيتَ شِعرٍ بَعدَ العِشاءِ الآخِرةِ، لَمْ تُقبلْ لَهُ صَلاةٌ تِلكَ الليلَةَ)) . (1)
__________
(1) 184- منكر. ... =
=أخرجه أحمد (4/ 125) ، والبزار (2/ 453-454) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 164/ 2) ، والطبراني في ((الكبير)) - كما في ((المجمع)) (1/ 315) -، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1/261) من طريق بن سويد، عن عاصم بن مخلد، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن شداد بن أوس مرفوعاً فذكره.
قال البزار: ((لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه، وعاصم لا نعلم روى عنه إلا قزعة. وقزعة ليس به بأس، ولكن ليس بالقوي، وقد حدث عنه أهل العلم)) .
وقال العقيلي: ((عاصم بن مخلد لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به)) .
قلت: وهذا سند ضعيف، وفيه علتان:
الأولى: ضعف قزعة بن سويد.
ضعفه ابن معين في رواية، وأبو داود، والعباس العنبري، والنسائي.
وقال أحمد: ((مضطرب الحديث، هو شبه المتروك)) .
وقال أبو حاتم والبخاري: ((ليس بذاك القوي)) زاد أبو حاتم: ((محله الصدق، وليس بالمتين يكتب حديثه ولا يحتج به)) .

وقال العجلي: ((لا بأس به، وفيه ضعف)) .
قال الحافظ في ((القول المسدد)) (ص - 30) : ((فالحاصل من كلام هؤلاء الأئمة فيه، أن حديثه في مرتبة الحسن)) ! مع أنه صرح في ((التقريب)) بأنه: ((ضعيف)) وهو الصواب، ولا ينفي هذا أن يتقوى حديثه في المتابعات والشواهد)) .
ولم أقف له على شيء من ذلك.
الثانية: عاصم بن مخلد لا يعرف كما قال الذهبي، فقد تفرد عنه قزعة المذكور.
ولكنه توبع.
تابعه عبد القدوس بن حبيب، عن أبي الأشعث به.
أخرجه البغوي أبو القاسم في ((الجعديات)) قال: حدثني علي بن الجعد، ثنا عبد القدوس به.
قال الحافظ في ((القول)) : ((ولكن عبد القدوس ضعيف جداً، كذبه ابن المبارك، فكان العقيلي لم يعتد بمتابعته)) .
وقد سلك الحافظ طريقاً آخر فقال: ((وعاصم ما هو من المجهولين، بل ذكره ابن حبان في الثقات)) !!
قلت: وهذا جواب غريب صدوره من مثل الحافظ، فإن تحقيقاته طافحة بأن ذكر ابن حبان للرجل في ((الثقات)) لا يخرجه عن حد الجهالة. ... =

=وقد قال الذهبي في ترجمة عمارة بن حديد من ((الميزان)) (3/ 175) : ((وعمارة مجهول كما قال الرازيان، ولا يفرح بذكر ابن حبان له في ((الثقات)) ، فإن قاعدته معروفة من الاحتجاج بمن لا يُعرف)) . أهـ‍.
وللحافظ نفسه تحقيق في رد مذهب ابن حبان تجده في مقدمته على ((لسان الميزان)) .
وقد اختلف على أبي الأشعث في إسناده.
فرواه موسى بن أيوب، عن الوليد بن مسلم، عن الوليد بن سليمان، عنه، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً به.
ذكره ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2/ 263/ 2285) ونقل قول أبيه: ((هذا خطأ، الناس يروون هذا الحديث ولا يرفعونه، يقولون: عبد الله بن عمرو، فقط. قلت: الغلط ممن هو؟ قال: من موسى، لا أدري من أين جاء به مرفوعاً؟! . أهـ‍.
قلت: والوليد بن مسلم كان يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بتحديث.
أما متن الحديث ففيه نكارة من جهة أن قرض الشعر مباح، فكيف يعاقب فاعله بأن لا يقبل له صلاة.
قال الحافظ يرد على ابن الجوزي: ((فلو علل بهذا لكان أليق)) .
وعلى كل حال، فليس في الحديث ما يقتضي أن يكون موضوعاً كما فعل ابن الجوزي رحمه الله تعالى.

(2/60)


185- ((أقِلُّوا الدُخولَ عَلَى الأغنياءِ، فَإنَّهُ أجدرُ أنْ لاَ تَزدَروا نِعمةَ اللهِ - عز وجل -)) . (1)
186- ((مَنْ مَاتَ في طَريقِ مَكةَ، لَمْ يَعْرِضهُ اللهُ يَومَ القِيامَةَ وَلَمْ يُحاسِبهُ)) . (2)
187 - ((ثَلاثَةٌ في ظِلِّ العَرشِ: القُرآنُ يُحاجُّ العِبادَ، وَالرَّحِمُ يُنادِي: صِلْ مَنْ وَصلَني وَاقطَعْ مَن قَطَعني، وَالأمَانةُ)) . (3)
__________
(1) 185- ضعيف جداً.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 163/ 1- 2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (5/ 1731) من طريق عمار بن زربي، قال: حدثنا بشر بن منصور، عن شعيب بن الحبحاب، عن أبي العالية عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه فذكره مرفوعاً.
وأخرجه الحاكم (4 / 312) وقال: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي!!
قلت: ولكن الإسناد ساقط من نسخة المستدرك، وإن كنت أرجح أنه عين الإسناد المتقدم، بدليل قول العقيلي: ((عمار بن زربي، لا يعرف الحديث إلا به)) .
وقد وهم الحاكم والذهبي في تصحيحه، لا سيما الأخير، فإنه أورد الحديث في ((الميزان)) تبعا للعقيلي وابن عدي: وقال: ((وقد سمع من عمار بن زربي، عبدان الأهوازي وتركه ورماه بالكذب)) .
قال العقيلي: ((الغالب على حديثه الوهم)) .
وقال ابن عدي: ((هذا غير محفوظ بهذا الإسناد)) .
(2) 186 - باطل.
أخرجه العقيلي (ق 173 / 2) ، وابن عدي (5 / 1992) أبو نعيم في ((الحلية)) (8 / 215 - 216) ، والخطيب في ((التاريخ)) (2 /170 و5 / 369) من طريق عائذ بن نُسير، عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة مرفوعاً به.
قلت: وهذا سند ضعيف.
وعائذ بن نسير ضعيف كثير الوهم.
وقد اختلف عليه في إسناده.
فأخرجه العقيلي من طريق مندل بن علي، عنه، عن محمد البصري، عن عطاء مرسلا ثم قال: ((هذا أولى)) .
أما معناه فباطل، كما يعرف بأقل تدبر.
وقد تكلم على هذا الحديث الشيخ العلامة ذهبي العصر المعلمي اليماني رحمه الله تعالى في تعليقه على ((الفوائد المجموعة)) (110 - 111) للشوكاني. فانظره لزاما.
(3) 187- ضعيف. ... =

= أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 185 / 2) ، ومحمد بن نصر، والحكيم الترمذي في ((نوادره)) - كما في ((الجامع الصغير)) - والبغوي في ((شرح السنة)) (13 / 22 - 23) من طريق كثير بن عبد الله اليشكري، حدثني الحسن بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه.. فذكره مرفوعاً.
قال العقيلي: ((الرواية في الرحم والأمانة من غير هذا الوجه بأسانيد جياد، بألفاظ مختلفة.
وأما القرآن فليس بمحفوظ)) . أهـ‍.
قلت: وآفة هذا الإسناد كثير بن عبد الله.
قال العقيلي: ((لا يصح إسناده)) .
واعتمده الذهبي في ((الميزان)) .
لكنه قال في ((المغني)) (5085) : ((كثير بن عبد الله اليشكري عن الحسن. لم يضعفه أحد بل ذكره العقيلي في حديث استنكره)) . أهـ‍.
ولم أر أحداً عدله. فقد ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح)) (3/ 2/54) ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً. فهو مجهول الحال. والله اعلم.
وما أشار إليه العقيلي بخصوص الرحم والأمانة فقد ثبت الحديث في ذلك عند مسلم وغيره.

(2/61)


188 - ((كُنْ مُؤذناً)) . قَالَ: مَا أقدرُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: ((فَكُنْ إمَاماً)) قَالَ: لاَ أقدرُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: ((فَقُمْ بِإزاءِ الإمامِ)) . (1)
189 - ((مَنْ سَرَّ مُؤمِناً، فَإنَّما يَسُرُّ اللهَ - عز وجل - وَمَنْ عَظَّمَ مُؤمِناً فِإنَّما يُعظِّمُ اللهَ - عز وجل -، وَمَنْ أكْرَمَ مُؤمِناً، فِإنَّما يُكرِمُ اللهَ - عز وجل -)) . (2)
190 - ((إنَّ للهِ فِي كُلِّ يَومٍ ثَلاثَمائةٍ وَسِتُّونَ نَظرَةً، لاَ يَنظُرُ فِيهَا إلَى صَاحِبِ الشَّاةِ - يَعنِي الشِطرَنج)) . (3)
__________
(1) 188- منكر.
أخرجه البخاري في ((الكبير)) (1/ 1 / 37) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 187 / 1) والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (1 / 327) و ((الترغيب)) (1/ 111) - من طريق محمد بن إسماعيل الضبي، عن أبي المعلي العطار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! علمني عملاً أدخل به الجنة. فقال: كن مؤذنا ... . الحديث)) .

قال العقيلي: ((محمد بن إسماعيل لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به)) .
قلت: قال فيه البخاري: ((منكر الحديث)) .
وهي جرح شديد عنده.
قال الذهبي في ((الميزان)) (1 / 6، 202) : ((قال البخاري: من قلت فيه هذه العبارة فلا تحل الرواية عنه)) .
(2) 189- موضوع. ... =
= أخرجه العقيلي (ق 188 / 2) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (2 / 284) ، وأبو نعيم في
((الحلية)) (3 / 56 - 57) من طريق محمد بن إسحاق العكاشي، عن الأوزاعي، عن هارون بن رئاب، عن قبيصه بن ذؤيب، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - مرفوعاً.
قال العقيلي: ((باطل لا أصل له)) .
وقال أبو نعيم: ((غريب من حديث الأوزاعي، عن هارون، لم نكتبه إلا من حديث العكاشي)) .
قلت: وهو كذاب كما قال ابن معين.
وقال الدارقطني: ((يضع الحديث)) .
وسبقه إليه ابن حبان.
وللحديث شواهد من حديث جابر، وأبي الدرداء، وغيرهما لا يصح منها شيء.
وانظر ((تنْزيه الشريعة)) (2/143) ، و ((المغني)) (2 /11) للعراقي، و ((المصنوع)) (185) وغيرها.
(3) 190- ضعيف جداً.

أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 297) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 783) عن محمد بن الحجاج المصفر، قال: ثنا خذام بن يحيى، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً به.
قلت: وهذا سند واه.
ومحمد بن الحجاج تركه ابن حنبل والنسائي.
وقال ابن معين: ((ليس بثقة)) .
وقال ابن حبان: ((منكر الحديث جداً، يروي عن شعبة أشياء كأنه شعبة آخر! ، لا تحل الرواية)) .
وقال البخاري: ((سكتوا عنه)) .
وهو جرح شديد عنده.
وحذام شاهد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

علقه ابن حبان في ((المجروحين)) (3/ 26) ، ووصله العيقلي (ق 218/ 1) من طريق مطهر بن الهيثم، حدثنا شبل البصري، عن عبد الرحمن بن يعمر، عن أبي هريرة، قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قوم يلعبون الشطرنج. فقال: ما هذه الكوبة؟! ألم أنه عنها؟ لعن الله من يلعب بها)) .
قال العقيلي: ((مطهر بن الهيثم، عن شبل، لا يصح حديثه، وهما مجهولان)) .
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا لأصل له)) .

(2/62)


191- ((مَنْ سَلَّمَ عَلَى قَومٍ، فَقدْ فَضلَهُم بِعَشرِ حَسنَاتٍ، وَإنْ رَدُّوا عَليهِ)) . (1)
192- ((غَطِّ رَأسَكَ، وإنْ لَمْ تَجدْ إلاَّ خَيطاً)) . (2)
193- ((مَنْ أحيَا سُنَّتي، فَقدْ أحبَّني، وَمَنْ أحبَّني كَانَ مَعي فِي الجَنةِ)) . (3)
__________
(1) 191- ضعيف.
أخرجه العقيلي (ق 218/ 2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2035، 2439) من طريق مرجى بن وادع، عن طالب القطان، قال: كنا في حلقة فجاء أعرابي فقال: حدثني أبي عن جدي.. فذكره مرفوعاً.
قلت: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة الأعرابي وأبيه وجده.
وقال ابن عدي: ((غالب بن خطاف، الضعف على أحاديثه بين)) .
فتعقبه الذهبي: ((لعل الذي ضعفه ابن عدي غالب آخر)) .
وقول الذهبي متجه، لا سيما وقد قال ابن معين: ((غالب بن خطاف ثقة)) .
أما ما رواه ابن عدي، عن عثمان الدارمي، عن ابن معين قال: ((لا أعرفه)) .
فهو معارض برواية التوثيق. ولعل يحيى قال هذا القول قديماً، ثم وقف على روايته فوثقه. والله أعلم.
وأعل العقيلي الحديث بـ ((مرجى بن وداع)) وساق فيه تضعيف ابن معين.
ولكن قال أبو حاتم: ((لا بأس به)) .
ورضية غيره.
فآفة الحديث هي الجهالة كما قدمت. والله أعلم.
(2) 192- ضعيف.
أخرجه العقيلي (ق 127/ 1) من طريق عبد الحميد بن يحيى، عن عبد الله بن زيد، عن زيد بن ثابت مرفوعاً.
قال العقيلي: ((عبد الحميد بن يحيى مجهول بالنقل، ولا يتابع عليه، ولا يعرف من غير هذا اللفظ بغير هذا الإسناد من وجه يثبت)) .
(3) 193- منكر.
أخرجه العقيلي (166/ 1) ، من طريق نعيم حماد، حدثنا بقية، عن عياض بن سعيد المازني، قال: حدثني سعيد بن خالد بن أنس بن مالك، عن أنس مرفوعاً.
قلت: وهذا سند واه.
نعيم بن حماد فيه مقال. ... =

=وبقية بن الوليد يدلس التسوية، ولم يصرح بالتحديث. وعياض بن سعيد مجهول بالنقل كما قال العقيلي والذهبي. وخالد بن أنس، قال الذهبي: ((لا يعرف، وحديثه - يعني هذا - منكر جداً)) .
وأخرجه العقيلي (59/ 2) في ترجمة خالد بن أنس وقال: ((وفي هذا الباب أسانيد لينة من غير هذا الوجه)) .
وللحديث وجه آخر عن أنس.

أخرجه الترمذي (2678) ، مختصراً، والطبراني في ((الصغير)) (2/ 32- 33) مطولاً من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبيه عبد الله بن المثنى، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أنس ... فساق حديثا طويلاً يوصيه فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بوصايا منها: ((يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي، وليس في قلبك غش لأحد فافعل، يا بني وذلك من سنتي، ومن أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة.... الخ)) .
قال الترمذي: ((حسن غريب)) !!
وحقه أن يقال فيه: ((غريب)) والمتن فيه نكارة في مواقع منه وعلي بن زيد ضعيف؛ لسوء حفظه.
قال الترمذي: ((وذاكرت بالحديث محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - فلم يعرفه)) .

(2/63)


194- ((إنَّ لِكُلِّ شَيءٍ شَيخاً، وَشَيخُ الجِهادِ: الرِّبَاطُ في سَبِيلِ اللهِ)) . (1)
195- ((إسْمَاعُ الأصمِّ صَدقَةٌ)) . (2)
196- ((لَو يَربي أحَدكُم بَعدَ سَنةَ سِتينَ وَمَائة جَرْوَ كَلبٍ، خَيرٌ لَهُ مِنْ أنْ يُرَبِّي وَلداً لِصُلبِهِ)) . (3)
197- ((لاَ تَقومُ السَّاعَةُ حَتى يَكونَ الوَلدُ غَيظاً، وَالمَطرُ قَيظاً، وَتَفيضَ اللِّئامُ فَيضاً، وَيَغيضَ الكِرامُ غَيظاً، وَيَجتَرِئ الصَّغيرُ عَلَى الكَبِيرِ، وَاللَّئيمُ عَلَى الكَريمِ)) . (4)
__________
(1) 194- منكر.
أخرجه العقيلي (80/2) من طريق سليمان بن الحجاج الطائفي، عن خالد بن سعيد، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد مرفوعاً.
قال العقيلي: ((سليمان بن الحجاج الغالب على حديثه الوهم، وهذا الحديث لا أصل له)) .
ووافقه الذهبي في ((الميزان)) (2/ 199) في حكمه على الحديث، ولكنه قال ((سليمان بن حجاج لا يعرف، غداده في أهل الطائف)) .
(2) 195- منكر.
أخرجه الخطيب في ((الجامع)) (97/ 1) من طريق أحمد بن عبد الصمد، نا إسماعيل بن قيس بن سعد، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد مرفوعاً.
قلت: وسنده ضعيف.
وإسماعيل بن قيس، قال فيه البخاري: ((منكر الحديث)) .
وهو جرح شديد عنده كما تقدم غير مرة. والله أعلم.
(3) 196- باطل.
أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 249) من طريق الحكم بن مصعب، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس مرفوعاً به.
قال ابن حبان: ((لا أصل له.... والحكم ينفرد بأشياء لا ينكر نفي صحتها من عنى بهذا الشأن، لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه على سبيل الاعتبار)) . أهـ‍.
فمما يتعجب منه أن ابن حبان ذكره في ((الثقات)) !!
وانظر ((الموضوعات)) (2/ 279) ، ((تنْزيه الشريعة)) (2/ 211) ، و ((الفوائد المجموعة)) (134) ، و ((مجمع الزوائد)) (4/ 257) .
(4) 197- ضعيف.

أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) من حديث ابن مسعود.
قال الهيثمي في ((المجمع)) (7/ 325) : ((فيه جماعة لم أعرفهم)) .
وقال الحافظ العراقي في ((المغني)) (2/ 196) : ((رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عائشة، والطبراني من حديث ابن مسعود وإسنادهما ضعيف)) .

(2/64)


198- ((الفُقراءُ مَنادِيلُ الأغنِياءِ، يَمسَحُونَ بِهِمْ ذُنوبَهُمْ)) . (1)
199- ((الآياتُ بَعدَ المَائَتينِ)) . (2)
200- ((إذَا كَانَ سَنةُ سِتينَ وَمَائةَ كَانَ الغُرباءُ فِي الدُّنيا أربعةً: قُرآنٌ فِي جَوفِ ظَالِمٍ، وَمُصحفٌ فِي بَيتِ قَدَري لاَ يَقرأُ فِيهِ، وَمسجدٌ فِي نَادِي لاَ يُصلُّونَ فِيهِ، وَرَجُلٌ صَالِحٌ بَينَ قَومِ سُوءٍ)) . (3)
__________
(1) 198- موضوع.
أخرجه العقيلي (165/ 1) من طريق العلاء بن زيدل، قال: حدثنا أنس بن مالك مرفوعاً به.
قلت: والعلاء هذا، كان يضع الحديث كما قال ابن المديني. وتركه أبو حاتم والدارقطني.
وقال البخاري والعقيلي: ((منكر الحديث)) .
(2) 199- موضوع.
أخرجه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 197- 198) من طريق محمد بن يونس الكديمي، حدثنا عون بن عمارة، ثنا عبد الله بن المثنى بن ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أبيه، عن جده، عن أبي قتادة مرفوعاً به. ... =
= قال ابن الجوزي: ((هذا حديث موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعون وابن المثنى ضعيفان، غير أن المتهم به الكديمي.
قلت: وهو كما قال.
فقد تابعه الحسن بن علي الخلال، ثنا عون بن عمارة به.
أخرجه ابن ماجة (4057) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (163/ 2) ، والدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 467/ 2) .
وتابعه إبراهيم بن عبد الله بن سليمان السعدي، ثنا عون به.
أخرجه الحاكم (4/ 428) وقال: ((صحيح على شرط الشيخين)) !!
فتعقبه الذهبي بقوله: ((أحسبه موضوعا، وعون ضعفوه)) .
وقال العقيلي: ((هذا الحديث لا يعرف إلا بعون، وقد يروي هذا عن ابن سيرين قوله)) .
قلت: وعبد الله بن المثنى ضعفه ابن معين، وغيره. ومشاه آخرون.
قال الأزدي: ((من مناكيره روايته عن أنس عن أبي قتادة: ((الآيات بعد المائتين)) وقال الحافظ ابن كثير في ((النهاية)) (1/ 11) : ((لا يصح)) .
وقد استدل الإمام البخاري رحمه الله بطلانه بأن شواهد الحال تكذبه، فقال: ((قد مضى مائتان ولم يأت من الآيات شيء)) .
نقله الذهبي والمزىء في ترجمة عون هذا.
وبالجملة فالحديث موضوع كما قال ابن الجوزي.
(3) 200- موضوع.

أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (3/ 128) ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 194) من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً به.
قال ابن حبان: ((هذا بلا شك معمول)) .
يعني موضوع وآفته البابلتي، فإنه ساقط الاحتجاج إذا تفرد.
وقال الدارقطني: ((البلية في هذا الحديث الراوي عن البابلتي، لا منه)) . 














































( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )


النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة





101- ((الود يتوارث، والبغض يتوارث)) . (1)
__________
(1) 101- ضعيف.
أخرجه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/ 1/ 121) والطبراني في ((الكبير (( (ج 17/ رقم 507) ، والحاكم (4/ 176) ، والخطيب في ((الموضح)) (1/ 24) والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (رقم 218) من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر، عن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الود؟ !
قال:..... فذكره.
قال الحاكم:
((صحيح الإسناد)) !
فتعقبه الذهبي بقوله:
((المليكي واه، وفي الحبر انقطاع))
قلت: والمليكي هذا، هو عبد الرحمن بن أبي بكر. والانقطاع. بين طلحة ابن عبد الله، وبين أبي بكر - رضي الله عنه -، فإنه ما أدركه.
وقد قال الدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 21/ 1) :
((.... محمد بن طلحة، عن أبيه مرسلاً، عن أبي بكر)) فهو يشير إلى الانقطاع.
وقد رواه عن المليكي على هذا الوجه أبو عامر العقدى، وموسى بن داود الضبي، وشبابه بن سوار وغيرهم وخالفهم يوسف بن عطية، فرواه عن أبي بكر المليكي، عن محمد بن طلحة عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال لقى أبو بكر الصديق رجلاً من العرب يقال له: عفير، فقال له أبو بكر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الود؟؟ قال:.... فذكره مرفوعاً.
فزاد يوسف بن عطية في السند ((عبد الرحمن بن أبي بكر)) .
أخرجه الحاكم (4/ 176) من طريق يحيى بن يحيى، ثنا يوسف فذكره وسكت عنه، فقال الذهبي:
((يوسف هالك)) .

وقد أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 17/ رقم 508) من طريق على ابن سعيد المسروقي، ثنا يوسف بن عطية، عن أبي بكر بن عبد الله، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي بكر.. فذكره. فلا أدري هل وقعت زيادة في السند عند الحاكم أم هو اختلاف في السند من قبل يوسف هذا؟ !
ومن وجوه الاختلاف في سند هَذَا الحديث أن ابن المبارك رواه عن محمد ابن عبد الرحمن، عن محمد بن فلان بن طلحة، عن أبي بكر بن حزم، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عَلَيهِ وآله وسلم قَالَ: ((إن الود يتوارث)) . ... =
=أخرجه البخاري في (( ... ابن المبارك)) ، عن محمد بن عبد الرحمن بن فلان بن طلحة)) فيظهر لى أنه خطأ ومحمد بن فلان بن طلحة، لم أعرفه.

وفي شيوخ ابن أبي ذئب من ((تهذيب الكمال)) (ج 3/ لوحة 1232) أنه يروي عن: ((محمد بن عبد الرحمن بن طلحة)) روى عن صفية بنت شيبة، وروى عنه شعبة ووكيع وابن المبارك، ولكن فيه خلاف كما بينه الحافظ في ((التهذيب)) .
ورواه ابن فديك، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن محمد بن طلحة، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق مرفوعاً فذكره.
أخرجه أبو الشيخ في ((الأمثال)) (133/ 1) ، والخطيب في ((الموصح)) (1/ 24) من طريق ضرار بن صرد، ثنا ابن أبي فديك به.
قلت: وسنده ساقط.
وضرار بن صرد كذبه ابن معين، وتركه غيره ولكنه توبع.
تابعه المسيب بن شريك، أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكر به.
أخرجه الخطيب في ((الموضح)) (1/ 24) .
وسنده واه.
وآفته المسيب هذا، قال فيه أحمد: ((ترك الناس حديثه)) .
وكذا تركه مسلم وغيره.
وقال البخاري:
((سكتوا عنه)) .
ووجه آخر من الاختلاف في سنده.
فقد رواه على بن داود القنطرى، عن آدم بن أبي إياس، عن عبد الرحمن ابن أبي بكر، عن محمد بن طلحة، عن أبيه، عن عائشة، عن أبي بكر. فذكره مرفوعاً 0
فزيد في السند ذكر ((عائشة)) .
ذكره الدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 21/ 1) وقال: ((قال ذلك على بن داود القنطري، عن آدم، ووهم في ذكر عائشة رضي الله عنها)) .
قلت: ويقصد الدارقطني بالتوهم آدم بن إياس دون على بن داود. بدليل أنه قال عقب ذلك: ((وخالفه جماعة منهم: المعافي بن عمران، وموسى ابن داود وغيرهم فرووه عن المليكي.... الخ)) .
والمليكي: هو عبد الرحمن بن أبي بكر الذي روى عنه آدم والله أعلم.
فالحديث مرة يروى عن أبي بكر، عن عفير. ورجحه الدارقطني.
ومرة: ((عن أبي بكر نفسه)) . ... =
=ومرة: ((عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -)) .
فهذا اضطراب يقدح في صحته، مع ضعف جميع أسانيده، أضف إلى ذلك النقطاع في سنده كيفما دار. والله أعلم وله شاهد من حديث رافع ابن خديج رضي الله عنه -
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 4/ رقم 4419) من طريق ألوا قدي، ثنا رافع بن خديج مرفوعاً: ((الود الذي يتوارث، في أهل الإسلام)) وسنده ضعيف جداً، والوا قدي متروك كما قال الهيثمي (10/ 280) .

(2/1)


102- (. إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله)) . (1)
__________
(1) 102- منكر.
أخرجه أبو داود (202) ، والترمذي (77) ، وأحمد (1/ 256) ، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (1/ 132) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 12748) ، وابن عدي في ((الكامل)) (7/ 2731) ، والدارقطني (1/ 159- 160) ، والبيهقي (1/ 121) من طريق عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم نام وهو ساجد، حتى غط أو نفخ، ثم قام يصلي. فقلت: يا رسول الله! إنك قد نمت؟!
قال: إن الوضوء..... الحديث.
قال أبو داود:
((قوله: الوضوء على من نام مضطجعاً: هو حديث منكر، لم يروه إلا يزيد، أبو خالد الدالاني، عن قتادة. وروى أوله جماعة عن ابن عباس، لم يذكروا شيئاً من هذا، وقال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم محفوظاً. وقالت عائشة: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((تنام عيناي ولا ينام قلبي)) . وقال شعبة إنما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث: حديث يونس ابن متى، وحديث ابو عمر في الصلاة، وحديث القضاة ثلاثة، وحديث ابن عباس: حدثني رجال مرضيون، منهم عمر، وأرضاهم عمر.
قال أبو داود: وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل فانتهزني استعظاما له، فقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة؟!! ولم يعبأ بالحديث) 9 أهـ.
وقال الدارقطني:
((تفرد به أبو خالد، عن قتادة، ولا يصح)) .
وفي ((نصب الراية)) (1/ 45) : ... =
= ((قال الترمذي في ((العلل)) : سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: لا شيء. رواه سعيد بن أبي عروبة ن عن قتادة، عن ابن عباس قوله. ولم يذكر فيه: ((أبا العالية)) ، ولا أعرف لأبي خالد سماعا من قتادة، وأبو خالد صدوق، لكنه يهم في الشيء)) أهـ.
فعلق الزيلعي بقوله:

((وكان هذا على مذهبه - يعني البخاري - في اشتراطه في الأتصال، السماع، ولو مرة)) .
وقال ابن عدي:
((وهذا - يعني الحديث - بهذا الإسناد عن قتادة، لا أعلم من يرويه عنه غير أبي خالد، وعن أبي خالد عبد السلام)) أهـ.
وقال ابن المنذر في ((الأوسط)) (1/ 149) :
((لا يثبت))
وقال البيهقي:

((فأما هذا الحديث فإنه قد أنكره على أبي خالد الدالاني جميع الحفاظ، وأنكر سماعه من قتادة أحمد بن حنبل، ومحمد بن إسماعيل البخاري وغيرهما)) أهـ.
وقال ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (1/ 191) :
((وهو عند أهل الحديث منكر، لم يروه مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أبي خالد الدالاني، عن قتادة)) أهـ.
وقال ابن حزم في ((المحلى)) (1/ 226) :
((لا حجة فيه، فإنه من رواية عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن أبن عباس. وعبد السلام ضعيف لا يحتج به. ضعفه ابن المبارك وغيره. والدالاني ليس بالقوي. وروينا عن شعبة أنه قال: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا أربعه أحاديث، ليس هذا منها،
فسقط جملة، ولله الحمد)) . أهـ.
وقال النووي في ((المجموع)) (2/ 20) :
((وأما حديث الدالاني، فجوابه أنه حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث، وممن صرح بضعه من المتقدمين: أحمد بن حنبل، والبخاري / وأبو داود. قال صرح داود وإبراهيم الحربي: هو حديث منكر. ونقل إمام الحرمين في كتابه: ((الأساليب)) : إجماع أهل الحديث على ضعفه. وهو كما قال، والضعف عليه بين)) . أ. هـ‍.
وكذا قال ابن الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (ق 25/ 2) .
قلت: فيتلخص مما تقدم من كلام الأئمة، أن الحديث معل بعدة علل:
الأول: أنه ثبت ما ينافي حديث الدالاني. ... =
=الثانية: الاضطراب في سنده.
الثالثة: الانقطاع بين أبي خالد الدالاني وقتادة.
الرابعة: أن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية.
الخامسة: أن عبد السلام بن حرب ضعيف، ولم يروه عن الدالاني غيره. وهذه العلل كلها صحيحة إلا الخامسة. فقد تفرد بها ابن حزم، فضعف عبد السلام بن حرب. وهذا من جسارته، فإنه كان هجوما على إطلاق الضعف في عدد من الثقات العدول لأدنى غمز فيهم.
أما حال عبد السلام بن حرب.
فقال أبو حاتم الرازي:
((يقة حافظ)) .
وقال العجلي:
((ثقة ثبت)) .
وقال الدارقطني: ((ثقة حجة)) .
وقال ابن معين والنسائي:
((ليس به بأس)) .
زاد ابن معين:
((يكتب حديثه)) .
[وفي ((سير النبلاء)) (8/ 336) عن ابن معين قال: ((ثقة، والكوفيون يوثقونه ((] .
وقال يعقوب بن شيبة:
((ثقة في حديثه لين)) .
وقال ابن المبارك:
((قد عرفته)) !!
قال الحسن بن عيسى:
((وكان ابن المبارك إذا قال: قد عرفته، فقد أهلكه)) !!
وقال ابن سعد:
((كان به ضعف في الحديث)) .
وقال العجلي:
(( ... والبغداديون يستنكرون بعض حديثه، والكوفيون أعلم به)) .
قلت: فهذا ما قيل في عبد السلام بن حرب، وجانب المعدلين أقوى بلا ريب؛ لأن الجرح مبهم غير مفسر في كلام أغلبهم، ولم يأخذ عَلَيهِ البغداديون شيئاً ذا بال. والكوفيون أعلم بِهِ كَمَا قَالَ العجلي، = =وعبد السلام كوفي، وبلدي الرجل أعرف به. فالحاصل أن عبد السلام ثقة ثبت، لكنه قد يهم رأيت من العلل، بل لا يجوز إطلاق الضعف فيه كما فعل ابن حزم، سامحه الله تعالى. هذا عرفنا وجه استنكار من استنكر عليه بعض حديثه ففي ((سير النبلاء)) (8/ 336) :
((قال على بن المديني: وقد أستنكر بعض حديثه، حتى نظرت في حديث من يكثر عنه، فإذا حديثه مقارب عن مغيرة والناس، وذلك أنه كان سراط، فكانوا يجمعون غرائبه في مكان، فكنت أنظر إليها مجموعة فأستنكرتها) 9 (أهـ.
قلت ك فظهر من الحكاية أن الاستنكار وقع بسبب جمع الغرائب كلها في مكان واحد. والغرائب تكثر فيها المناكير وقد كانوا يجمعونها لأجل المذاكرة والإعراب ونحو ذلك. والله الموفق.
ومما يؤخذ على ابن حزم - رحمه الله - تضعيفه المطلق للدالاني وهو يزيد ابن عبد الرحمن.
فقد قال أبو حاتم:
((صدوق ثقة)) .
وقال ابن معين، وأحمد، والنسائي:
((ليس به بأس)) .
وقال الحاكم:
((إن الأئمة المتقدمين شهدوا له بالصدق والإتقان)) وضعفه ابن سعد، وابن حبان، وابن عبد البر فمثل لا يجوز أن يطلق فيه الضعف كما فعل ابن حزم.
والحديث ضعفه الشيخ العلامة المحدث أحمد شاكر في ((شرح الترمذي)) (1/ 112- 113) ، وكذا في ((شرح المسند)) ) رقم 2315) ولكنه خالف ذلك في تعليقه على ((المحلي)) ، (1/ 226- 227) فقال:
والحديث في رأينا حسن الإسناد ... ويزيد ليس ضعيفاً ضعفاً تطرح معه رواياته ... ثم ساق فيه ما تقدم من كلام الأئمة، ثم قال: وعادة المتقدمين رحمهم الله الاحتياط الشديد، فإذا رأوا زاد عن رواية في الإسناد شيخاً، أو كلامنا لم يروه غيره، بادروا إلى إطراحه والإنكار على راوية، وقد يجعلون هذا سبباً في الطعن على الراوي الثقة، ولا مطعن فيه، وبظهر للنظر في الكلام على هذا الحديث أنه سبب طعنهم على أبي خالد، ورميهم له بالخطأ، أو التدليس، والحق أن الثقة إذا زاد في الإسناد روايا، أو في لفظ الحديث كلاما، كان هذا أقوى دلالة على حفظه وإتقانه، وأنه علم ما لم يعلم الآخر، أو حفظ ما نسيه، وإنما مخالفة لا يمكن بها الجمع بين الروايتين، فاجعل هذه القاعدة على ذكر منك، فقد تنفع كثيراً في الكلام على علل الأحاديث)) أهـ‍.
قلت: لست أدري أي القولين هو المتأخر عند الشيخ أبي الأشبال أهو القول بالتضعيف، أم بالتحسين؟؟! على أنه يظهر لى - ة\والله أعلم - أن الأول أرجح، لأن التعليق الشيخ على ((المحلى)) قديم، لكنه لم = =يشر لا في ((شرح الترمذي)) ، ولا في ((شرح المسند)) إلى رجوعه عن ذلك التحسين، فالله أعلم بحقيقة الحال. غير أن نظرا على ما قاله حول تحسين الحديث.
وهذا النظر يتلخص في وجوه:
الأول: أن الشيخ بنى رأية في تحسين الإسناد على إثبات ثقة الدالاني وعد تأثير الجرح الذي فيه، ولئن سلمنا له ذلك - جدلاً - فأين بقية العلل التي ذكرتها قبل ذلك؟!!
وهل سيقف الشيخ عند رأيه بالتحسين؟!!
الثاني: قوله ((وعادة المتقدمين.... الخ)) . فهذا يشعر أن طرح رواية الرواي لأدق خطأ كان عادة لجميعهم وهو خطأ بلا ريب، وإلا فمن الذي يعري عن الخطأ، ومخالفة غيره من الثقات ظ! وإنما هذا كان لبعضهم كيحيى القطان / وأبي الرازي وغيرهما، ومع ذلك إن شاء الله تعالى.
الثالث: قوله: ((والحق، أن الثقة إذا زاد في الإسناد.... الخ))
فهذا القول ليس محله هنا؛ لأن هذا القول = كما هو ظاهر - يبع فيه الشيخ أبو الأشبال الذهبي في ذبه عن على بن المديني كما في ((الميزان)) ، ونحن نسلم للشيخ إن كان المخالف مثل على بن المديني، وأحمد بن حنبل وإضراب هؤلاء السادة، بحيث يكاد الجرح الذي فيه لا سيما وقد خالفه سعيد بن أبي عروبة، وهو من أثبت الناس في قتادة، فرواه عن قتادة، عن ابن عباس قوله. فخالف الدالاني في موضعين:
الأول: أنه أسقط ذكر ((أبي العالية)) .
الثاني: أنه أوقفه على ابن عباس، ولم يرفعه وسعيد بن أبي عروبة أوثق من الدالاني بغير شك، فمخالفته - أعنى الدالاني. مرجوحة.
وأما نكارة الحديث، فإنه أوجب الوضوء على من اضطجع نائماً وقد قال أنس رضي الله عنه:
((كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون)) .
أخرجه مسلم (376/ 125) ، وأبو عوانة (1/ 266) ، وأبو داود (200) ، والترمذي (78) ، وأحمد، والدارقطني (1/ 130، 131) وغيرهم من طرق عن قتادة، عن أنس.
وهذا الحديث قال فيه ابن المبارك - كما عند الدارقطني -:
((هذا عندنا وهم جلوس)) . وقريباً منه عند الترمذي عنه (1/ 113) .
قلت: ولفظ الحديث محتمل لذلك، ولكن في ((مسند البزار)) (ج 1/ قتادة، عن أنس أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يضعون جنوبهم، فمنهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ. قال الهيثمي في ((المجمع (1/ 248) :
((رجاله رجال الصحيح)) .
وقال الحافظ في ((الفتح)) (1/ 315) :
((إسناده صحيح)) . ... =
=وقوله: ((يضعون جنوبهم)) صريح في الدلالة على المطلوب ويؤيده حديث ابن عمر:
((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شغل عن صلاة العشاة ليلة فأخرها، حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا، ثم خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: ((ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم)) .
أخرجه البخاري (2/ 50- فتح) واللفظ له، ومسلم (639/ 221) ، وأبو عوانة (1/ 368) ، والنسائي (1/ 267- 268) وأحمد (2/ 88، 126) وغيرهم عن نافع، عن ابن عمر وفي الباب عن عائشة وابن عباس وغيرهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في ((الفتاوى)) (21/ 393) : تعقيباً على هذه الرواية:
((وكان الذين يصلون خلفه جماعة كثيرة، وقد طال انتظارهم وناموا، ولم يستفصل أحداً، ولا سئل، ولا سأل الناس: هل رأيتم رؤيا؟ أو هل مكن أحدكم مقعدته؟ أو هل كَانَ أحدكم مستندا؟ وهل سقط شيء من أعضائه على الأرض؟ فلو كان الحكم يختلف لسألهم. وقد علم أنه في مثل هذا الانتظار بالليل - مع كثرة الجمع - يقع ذلك كله. وقد كان يصلي خلفه النساء والصبيان)) . أهـ‍.
فالحاصل أن النوم بذاته ليس ناقضا للوضوء، فالنوم على أي وضع غير مستلزم للوضوء إلا أن يغلب عليه فيغيب عن الوعي، لكن إذا شك حال نومه هل خرج منه ريح أم لا؟ فلا ينتقص بناء على يقين الطهارة، واليقين لا يزول بالشك.
والعمل في هذا - وفي غيره - يكون بالظن الراجح، والله أعلم.

(2/2)


103- ((شوال، وذو القعدة، وذو الحجة)) يعني أشهر الحج. ونلا قوله تعالى: [الحج أشهر معلومات] (2/ 197) . (1)
__________
(1) 103- موضوع.
أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (ج 2/ رقم 1607) ، وفي ((الصغير)) (1/ 66) ، وابن مردوية في ((تفسيره)) - كما في ((ابن كثير)) . (1/ 206) ، من طريق محمد بن ثواب، حدثنا حصين بن مخارق، حدثنا يونس ابن عبيد عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة مرفوعاً ... فذكره. قال الطبراني:
((لم يروه عن يونس إل حصين بن مخلوق، كوفي، تفرد به محمد بن ثواب)) .
قلت: أما محمد بن ثواب الهباري، فقد وثقه ابن حبان، وقال ابن أبي حاتم ((صدوق)) ، ولكن العلة في حصين بن مخارق. فقد قال الدارقطني:
((يضع الحديث)) .
وقال ابن الجوزىء في ((الضعفاء)) (ق 49/ 1) :
((وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به)) . ... =
=وأخشى أن يكون اختلط على ابن الجوزىء بترجمة أخرى، فإن ابن حبان لم يترجم لحصين هذا في
((ضعفائه)) فالله أعلم.
فالعجب من الحافظ الهيثمي رحمه الله تعالى غذ قال في ((المجمع)) (3/ 221) : ((فيه حصين بن مخارق، قال الطبراني: كوفي ثقة، وضعفه الدارقطني، وبقية رجاله موثقون)) !!
مع أنه ذكر هذا الحديث في موضع آخر من (. المجمع)) (6/ 218) .
وقال: ((وفيه حصين بن مخارق، وهو ضعيف جداً)) .
وهذا هو الصواب. وأما توثيق الطبراني فلم أقف عليه، فالله أعلم بحقيقة ذلك.
قال الحافظ ابن كثير في ((تفسيره)) (1/ 206) :
((حديث موضوع، لا يصح رفعه ... وفيه حصين بن مخارق، وهو متهم بالوضع)) أهـ‍.
قلت: وقوله ((لا يصح رفعه)) يشير به إلى أن الصواب وقفه، وهو الصحيح كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعاً.

أخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (5/ 63) من طريق الإسماعيلي، وهذا في ((معجمه)) (ج1/ ق 4/ 1) أخبرني أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى الخلنجي، قال: حدثنا داود بن عمرو، حدثنا شريك، عن أبي إسحق، عن التميمي، عن ابن عباس مرفوعاً فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف جداً، وله علتان، بل ثلاثة.
الأولى: سوء حفظ شريك النخعي.
الثانية: تدليس أبي إسحق السبيعي، واختلاطه.

الثالثة: أن التميمي هذا، واسمه إربدة - راوى التفسير عن ابن عباس - مجهول كما قال ابن البرقي، فلم يرو عنه سوى أبي إسحق السبيعي وحده. وضعفه أبو العرب الصقلي. ومع ذلك فقد وثقه العجلي وابن حبان!!
وعلة رابعة.
وهي الاختلاف في سنده.
أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج1/ ق 3/ 2، 4/ 1) ، من طريقه الخطيب في ((التاريخ)) (5/ 63) أخبرني أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى الخلنجي، قال: حدثنا داود بن عمرو، حدثنا شريك، عن المختار، عن أبي إسحق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله - يعني ابن مسعود - قال: [الحج أشهر معلومات] شوال، وذو القعدة، وعشر من ذى الحجة 0
قلت: أما شيخ الإسماعيلي، فهو أحمد بن محمد بن عيسى بن مروان، أبو جعفر الخلنجي - بقتح أوله واللام، وسكون النون، بعدها جيم - كما في ((التبصر)) (551) - ترجمة الخطيب في ((تاريخ بغداد)) (5/ 63) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولكنه مقبول عند الإسماعيلي، بدل عليه أنه قال في =
= ((مقدمة معجم شيوخه)) . ج1/ ق 2/ 1) ك (( ... وأبين حال من ذممت طريقه في الحديث، وبظهور كذبه فيه، أو اتهامه به، أخرجه عن جملة أهل الحديث للجهل به، والذهاب عنه، فمن كان عندي ظاهر الأمر منهم، لم أخرجه فيما صنفت من حدثني)) . أهـ.
وداود بن عمرو: هو الضبي أبو سليمان البغدادي، وثقة من رجال مسلم. وشريك النخعي، فسيئ الحفظ.
والمختار، وقع في ترجمة شريك من ((تهذيب الكمال)) المزىء (ج 2/ لوحة 580) أنه يروى عن: ((أبي عثمان مختار بن يزيد)) ولم أقف على ترجمة له، لكني أرجح أنه المترجم في ((الجرح والتعديل)) (4/ 1/ 311) : ((مختار، أبو غسان، كوفي روى عن أبي ظبيان، روى عنه شريك)) . أهـ. ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلاً فتكون الكنية: ((أبو غسان)) بدل (. أبي عثمان)) . والله أعلم وحاصل الاختلاف في السند كالآتي:
أنه أدخل ((مختار)) في السند وأبي إسحق 0
أن شيخ أبي إسحق صار: ((أبا الحوص)) .
أنه جعله عن ابن مسعود بدلا من ابن عباس.
أنه أوقفه؛ ولم يرفعه.
أنه قال في ((المتن)) : ((وعشر من ذي الحجة)) ولم يذكر ((ذا الحجة)) كاملاً ولعل هذا الاختلاف هو من سوء حفظ شريك النخعي ووجه آخر من الاختلاف في سنده
فأخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (4/ 115- شاكر) قال: حدثنا أحمد ابن إسحق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قوله فذكره. وأخرجه الدارقطني (2/ 226) عن وكيع، نا شريك به سواء فسقط ذكر ((المختار)) هذا، وصار شيخ شريك فيه هو: ((أبو إسحق السبيعي)) . ولعل هذا من سوء حفظ شريك. وقد صخ مثله عن ابن عمر رضي الله عنهما قوله.
أخرجه البخاري (3/ 419-) ، والدارقطني (2/ 226) ، من طريق ورقاء، ((شوال، وذو الحجة، عشر من ذي الحجة)) .
قال الحافظ ابن كثير في ((تفسيره)) (1/ 206) .
((إسناده صحيح)) .
وكذا قال الحافظ في ((الفتح)) (3/ 419) .
ويشهد له ما أخرجه مالك في ((الموطأ)) (1/ 344/ 62) عن عبد الله ابن دينار، عن ابن عمر قال: ((من اعتمر في أشهر الحج، في شوال، أو في ذي القعدة، أو في ذي الحجة ... الخ)) . =
=وأخرجه ابن جرير (رقم 3532) ، والحاكم (2/ 276) ، والبيهقي (4/ 342) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، بلفظ ورقاء قال الحاكم: (. صحيح على شرط الشيخين)) ووافقة الذهبي، ثم ابن كثير بسكوته عليه. ولكن في سنده عند الحاكم: ((الحسن بن علي بن عفان العامري)) وهو من رجال ابن ماجة وحده، وهو ثقة، فالسند صحيح كما قال الحافظ. والله أعلم.
وجملة القول: إن الحديث لا يصح مرفوعا، ولكن صح موقوفاً ولله الحمد 0

(2/3)


104- ((يا رسول الله! إن ـمنا قدمت علينا راغبة، فنصابها ظ قال نعم، فصلاها)) . (1)
__________
(1) 104- منكر بهذا التمام.
أخرجه البزار (ج 2/ رقم 1873) قال: حدثنا عبد الله بن شبيب، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو قتادة العدوي، عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة وأسماء، أنهما قالتا: قدمت علينا أمنا المدينة، وهي مشركة في الهدنة، التي كانت بين قريش، وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا: يا رسول الله! إن أمنا.... الحديث.
[وفي تهذيب الكمال)) (ج 3/ لوحة 1226) في ترجمة محمد بن عبد الله بن مسلم بن أخي الزهري: انه: ((أبو قتادة بن يعقوب بن عبد الله بن ثعلبة بن صغير العذري) 9] .
قال البزار:
((لا نعلمه عن عائشة وأسماء إلا من هذا الوجه))
قلت ك وهو بهذا السياق مبكر جداً، ذلك أن أم عائشة، بخلاف أم أسماء رضي الله عنها.
بدل عليه ما أخرجه البخاري (1/ 564و 4/ 351، 442، 443، 475و 7/ 230- 232- فتح) ، وأحمد (6/ 193) ، وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((لم أعقل ابوي قط إلا وهما يدينان الدين ... )) فهذا أول قادح في حديث الباب أما أم أسماء فهي (. قتلة - ويقال: قتيلة - بنت عبد تاعزى أوردها المسغفرىء في الصحابيات وقال ((تأخر إسلامها)) .
قال الحافظ في ((الإصابة)) (8/ 169) إن كانت عاشت إلى الفتح، فالظاهر أنها أسلمت)) أهـ.
قلت: وعبد الله شبيبة، شيخ البزار واه كما قال الذهبي. وقال أبو أحمد الحاكم: ((ذاهب الحديث)) بل قال فضلك الرازي: ((يحل ضرب عنقه)) !! ووصف الذهبي قوله بالمبالغة.
وقال الهيثمي في ((المجمع)) (1/ 157) :
((ضعيف جداً))
وابن أخي الزهري، ضعفه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وغيرهم وأثنى عليه غير واحد. =

=والمحفوظ من ذلك هو ما رواه هشام بن عروة، عن أبيه ن عن أسماء، قالت: (قدمت على أمي وهي مشتركة في عهد قريش إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومدتهم مع أبيها، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول الله! إن أمي قدمت على وهي راغبة ن أفاصلها ظ!
قال: ((نعم صليها)) .

أخرجه البخاري (6/ 281و 10/ 413- فتح) واللفظ له، ومسلم (1003/ 49- 5.) ، وأبو داود (1668) ، وأحمد (6/ 344ن 347، 355) ، والحميدي (318) ، والطياليسي (1643) ، وابن حبان (ج 1/ رقم 453) والطبراني في ((الكبير)) (ج 23/ رقم 204، 205، 206، 207، 208، 209) من طريق عن هشام بن عروة، عن أبيه.
وقد رواه عن هشام جمهرة من الثقات منهم:
((سفيان بن عيينه، وأبو أسامة، وعبد الله بن إدريس، وحاتم بن إسماعيل، وعيسى بن يونس، وزيد بن أبي أنيسة، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وحماد ابن سلمة، وعبد العزيز بن أبي حازم في آخرين)) .
وقد أخرجه الطبراني (ج 24/ رقم 229) حدثنا علي بن عبد العزيز ن ثنا سليمان بن داود الهاشمي، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة به، وسليمان بن داود: هو ابو داود الطيالسي صاحب ((المسند)) وقد رواة في ((مسند)) (1643) حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام. فلا أدري ممن وقع الاختلاف في تسمية شيخ عبد الرحمن بن ابي الزناد ولعله خطأ من ناسخ أو طابع. وإلا فهو اختلاف اختلاف في السند ن وعبد الرحمن ابن أبي الزناد فيه مقال.
وقد اختلف على هشام بن عروة في إسناده.
فرواه سفيان عيينة، وعمر بن على، ويعقوب بن عبد الرحمن، وعبدة ابن سليمان، جماعتهم عن هشام، عن فاطمة بنت المذر. عن أسماء بنت أبي بكر به.
فصار شيخ هشام فيه: ((فاطمة بنت المنذر)) وهي امرأته.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 24/ رقم 341ن 342، 343) فيحمل هذا على التنوع في الرواية. وليس هذا من الاختلاف المضر.
(تنبيه) هذا الحديث أخرجه ابن حبان (ج 1م رقم 454) من طريق مصعب بن ماهان، عن سفيان ن عن هشام بن عروة عن أبيه ن عن عائشة، أن أسماء.... الحديث.
فجعل الحديث في ((مسند عائشة)) بدل ((أسماء)) .
ومصعب بن ماهان كان يغلط.
وله أحاديث لا يتابع عليها كما قال العقيلي وابن عدي. والله أعلم.

(2/4)


105- ((إن أهل البيت إذا تواصلوا، أجرى الله عليهم الرزق، وكانوا في كنف الله عز وجل)) . (1)

106 - ((مَالِي أَرَاكُمْ سُكُوتَا؟! لَلْجِن كَانُوا أحسَنَ مِنْكُمْ رَدَّا. مَا قَرأتُ عَليهِمْ مِن مَرَّةٍ: (فَبأي آلاء ربكما تكذبان) إِلاَّ قَالُوا: وَلاَ بِشيءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّب، فَلَكَ الحَمد)) . (2)
__________
(1) 105- ضعيف جداً.
أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 1/ ق 8/ 1- 2) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 128) ، وابن عدي في ((الكامل)) (4/ 1631) ، والشجري في ((الأمالي)) (2/ 130) من طريق هشام بن عمار، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا سفيان الثوري، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعاً.. فذكره.
قال ابن عدي:
((وهذا الحديث عن الثوري، عن الوصافي، لا أعلم يرويه عن الثوري غير ابن عياش)) .
قلت: ((منكر الحديث جداً)) .
وضعفه أبو زرعه، والدارقطني.
وهشام بن عمار، في حفظة أوهام.
وإسماعيل بن عياش إذا حدث عن غير أهل بلدة وقعت المناكير في روايته وهذا منها. والله أعلم.
(2) 106- ضعيف.
أخرجه الترمذي (3291) ، والحاكم (2/473) ، وأبو الشيخ في ((العظمة)) (ق 194/2) ، والإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 1/ ق10/1 - 2) ، والبراز - كما في ((ابن كثير)) (4/ 237) ، وابن عدي في ((الكامل)) (3/ 1074) (5/ 1858) ، وأبو نعيم في ((أخبار أصبهان)) (1/ 181) ، والببهقي في ((دلائل النبوة)) (2/232) من طريق الوليد بن مسلم، ثنا زهير بن محمد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر - رضي الله عنه -: قال قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة الرحمن حتى ختمها، ثم قال: ((ما لي أراكم سكوتا.... الحديث)) .
قال الترميذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد)) .

وقال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين ((ووافقه الذهبي)) !!
قلت: لا، وفي السند علتان:
* الأولى: تدليس الوليد بن مسلم، فنحتاج إلى تصريحه بالسماع في كل طبقات السند 0
* الثانية: أن زهير بن محمد وإن كان صدوقا فإن أهل الشام إن رووا عنه، فتكثر المناكير في روايته 0
قال أحمد: ((كان زهير الذي روى عنه أهل الشام زهيراً آخر)) .

قال الترمذي: ((يعني لما يروونه عنه من المناكير)) .
وقال البخاري: ((ماروى عنه أهل الشام، فإنه مناكير)) والوليد بن مسلم شامي 0
وتابعه مروان بن محمد، ثنا زهير بن محمد به.
أخرجه البيهقي في ((الدلائل)) (2/232) .
ومروان بن محمد شامي أيضاً. وللحديث شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
أخرجه البزاز (ج 3/ رقم 2269) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (27/72) ، والخطيب في ((التاريخ))
(4/ 301) من طريق يحيى بن سليم الطائفي، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرأ سورة الرحمن ... فذكره بمثله.
قال البزاز: ((لا نعلمه يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بهذا الإسناد)) .
وقال الشوكاني في ((فتح القدير)) (5/130) : ((صحيح السيوطي إسناده)) !
قلت: يحيى سليم الطائفي سيئ الحفظ كان يخلط في الأحاديث كما قال أحمد. أما صدقه، فصدوق.
وقال البخاري: ((ما حدث الحميدي عن يحيى فهو صحيح)) وليس هذا منها.

(2/5)


107- ((مَالِي لَمْ أرَ مِيكَائِيلَ ضَاحِكاً قَطُّ؟! قَالَ جِبريلُ: مَا ضَحِكَ مِيكَائِيلُ مُنذُ خُلِقَتِ النَّارُ)) . (1)
108- ((فَقِيهٌ وَاحدٌ أشَدُّ عَلَى الشَّيطَانِ مِنْ أَلفِ عَابدٍ)) . (2)
__________
(1) 107- ضعيف.
أخرجه أخمد (3/ 224) وفي ((الزهد)) ، وابن أبي الدنيا في ((كتاب الخائفين)) ، - كما في ((تخريج الإحياء)) للعراقي (4/181) ، وأبو الشيخ في ((العظمة)) (ق / 64 / 2- 65 / 1) والآجري في ((الشريعة)) (395) ، والطبراني - كما في ((الفتح)) (6/307) -، من طريق إسماعيل بن عياش، عن عمارة بن غزية، أنه سمع حميد بن عبيد مولى بني المعلى، يقول: سمعت ثابتا البناني، يحدث عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لجبريل - عليه السلام -: ما لي لم أر ميكائيل ... الحديث.
قال العراقي: ((إسناده جيد)) !!
وحسن إسناده السيوطي في ((الجامع الصغير)) !!
قلت: كذا قالا، وليس بصواب، فإن في الحديث علتين:
الأولى: إن إسماعيل بن عياش إن روى عن المدنيين، تقع المناكير في روايته. وعمارة بن غزية مدني.
الثانية: أن حميد بن عبيد ترجمه الحافظ في ((التعجيل)) (234) .
وقال: ((لا يدري من هو)) .
وقول الحافظ عقبه: ((هو مدني من موالى الأنصار)) لا يفيد في تعريفه شيئا 0
وقال الهيثمي (10/385) : ((رواه أحمد من رواية إسماعيل بن عياش عن المدنيين وهي ضعيفة وبقية رجاله ثقات)) .
ونقل المناوي في ((الفيض)) (5 / 452 - 453) كلام الهيثمي وقال: ((وبه يعرف ما في رمزه لحسنه)) أ. هـ‍ يعنى به الحافظ السيوطي والله أعلم.
(2) 108- باطل.
أخرجه الترمذي (2681) ، وابن ماجة (222) ، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (2/ 1/ 308) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (1/296) ، وابن عبد البر في ((الجامع)) (1/26) ، والخطيب في

((الفقيه والمتفقه)) (1/24) ، وفي ((التلخيص)) (2/643) ، والآجري في ((أخلاق العلماء)) (ص - 13) ، وابن عدي في ((الكامل)) (3/1004) ، وابن الجوزي في ((العلل)) (1/134) من طريق الوليد بن مسلم، ثنا روح بن جناح، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعا به.
قال الترمذي: ((هذا حديث غريب)) . ... =

=وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمتهم برفعه روح بن جناح ... وهذا الحديث من كلام ابن عباس، إنما رفعه روح بن جناح، قصدا أو غلطا)) . أ. هـ‍وفي ((التهذيب)) (3/292 -293) : ((قال الساجي: هو حديث منكر)) .
قلت: وروح بن جناح ضعيف، اتهمه ابن حبان وأبو سعيد النقاش. وله طريق آخر عن ابن عباس موقوفا عليه.
أخرجه أبو الشيخ في ((الطبقات)) (1/459) ، وعنه أبو نعيم في ((أخبار أصبهان)) (1/322) من طريق الزحاف بن أبي الزحاف الأصبهاني، قال: ثنا ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس قال: ((عالم أشد على إبليس من ألف عابد)) .
قلت: وهذا سند ضعيف.
أما الزحاف، فلا أعرف عن حاله شيئاً.
ثم ابن جريج مدلس، وقد عنعنه. ولا ينفعه ما رواه أبو بكر بن أبي خيثمة في ((تاريخه)) ، قال: حدثنا إبراهيم بن عرعرة، عن يحيى بن سعيد، عن ابن جريج قال: ((إذا قلت: ((قال عطاء)) ، فأنا سمعته منه، وإن لم أقل سمعت)) .
ولكني رأيت شيخا - محدث العصر - ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى حكى هذا القول، في ثلاثة مواضع من كتبه، ثم تساءل: هل إذا قال ابن جريج: ((قال عطاء)) ؟؟ ثم رجح التساوي!! فقال في
((الصحيحة (4/ 352/ 1757) في حديث رواه ابن جريح، عن عطاء.
قال الشيخ: ((وابن جريج وإن كان مدلسا، فروايته عن عطاء محمولة على السماع، لقوله هو نفسه: إذا قلت: قال عطاء، فأنا سمعته منه وإن لم أقل سمعت)) .
وكذا قال الشيخ- حفظه الله- في ((الصحيحة)) (1/52) وفي ((الإرواء)) (3/ 97) .
ولما التقيت بالشيخ - حفظه الله - في عمان، في المحرم سنة (1407) من الهجرة راجعته في هذا القول، فقال لي: إنه ما زال يرى صوابه؛ لأن ((قال)) تساوي ((عن)) عند غالب أهل العلم -
غير أن في قلبي شيئا من هذا القول، لأن المدلس إنما توزن أقواله وألفاظه. فابن جريج حدد كلمة بعينها، وجعلها كالسماع فيما يتصل بروايته عن عطاء وحده، فلا يجوز تسويتها مع غيرها في حق المدلس، وإن تساوت في المعنى اللغوي أو الإصلاحي، ولو شاء ابن جريج لقال: ((لو قلت: عن عطاء)) لاسيما والرواية بـ ((عن)) أكثر جدا من الرواية بـ ((قال)) ، ولذا أرى -والله أعلم - أن ابن جريج إن قال: ((عن عطاء)) فمن غير الممكن إن نجعلها سماعا. والعلم عند الله تعالى.
ثم وقفت على بعض الأحاديث التي أعلها شيخنا - وفقه الله ورعاه - بعنعنة ابن جريج، برغم أنه رواها ((عن)) عطاء.!
وانظر لذلك ((الصحيحة)) (رقم 229، 1692) . ... =
=وكذلك ((الضعيفة)) (رقم 160، 212، 258، 1009، 1184، 1387) وله شاهد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((لكل شيء دعامة، ودعامة الإسلام الفقه في الدين، ولفقيه أشد على الشيطان من ألف عابد)) .
أخرجه الخطيب في ((الفقيه والمتفقه)) (1/25) ، وابن الجوزي في ((العلل)) (1/135) من طريق ابن عدي، وهذا في ((الكامل)) (1/369) من طريق أبي الربيع السمان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
قال ابن عدي: ((وهذا الحديث لا أعلم رواه عن أبي الزناد، غير أبي الربيع السمان.
قلت: وأبو الربيع هذا، اسمه: أشعث بن سعيد، ضعفه ابن معين، وأحمد والنسائي، والبخاري. بل قال هشيم: ((كان يكذب)) وتركه الدارقطني.
وله طريق آخر عن أبي هريرة.
أخرجه الخطيب (2/402) ، وابن الجوزي في ((العلل)) (1/135) من طريق محمد بن عيسى قال: أنا عبد العزيز بن حاتم المعدل، حدثنا خلف بن يحيى، حدثنا إبراهيم بن محمد، عن صفوان بن سليم (عن سليمان) ابن يسار عن أبي هريرة مرفوع مثله.
قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه خلف بن يحيى قال أبو حاتم الرازي: لا يشتغل بحديثهم. وأما إبراهيم بن محمد فمتروك)) .
قلت: وخلف بن يحيى كذبه أبو حاتم، وكذا شيخه: وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى شيخ الشافعي كذبه ابن معين وغيره وتركه أحمد والنسائي وجماعة والسند الساقط. وبالجملة فالحديث باطل. والله أعلم.

(2/6)


109- ((مَنْ قَالَ فِي القُرآنِ بِرأيِهِ، أوْ بِمَا لا يَعلَمُ فَلْيَتَبوأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) . (1)
110- ((مَنْ قَالَ فِي القُرآنِ بِرَأيِهِ، فَأَصَابَ، فَقَدْ أخْطَأ)) . (2)
__________
(1) 109 - ضعيف.
أخرجه أبو داود - كما في ((أطراف المزي)) (4/ 423) [لا يوجد هذا الحديث في نسخ السنن التي بأيدينا، لأنها من رواية اللؤلؤي، وأما هذا الحديث فوقع في رواية ابن العبد، كما قال الحافظ العراقي في ((تخريج الأحياء)) . وابن العبد هو علي بن الحسن بن العبد الأنصاري، أحد رواة السنن عن أبي داود. والله الموفق] . والنسائي في ((فضائل القرآن)) (109/ 110) ، والترمذي (2951) ، وأحمد في ((المسند)) (2069، 2429، 2976، 3025) ، والطبري في ((تفسيره)) (73/ 74/ 75/ 76/ 77)) ، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 167- 168) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 11/ رقم 12392) وابن الأنباري في ((المصاحف)) ، والبيهقى في ((الشعب)) ، والخطيب في ((الفقه والمتفقه)) = = (1/ 57) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (1/257، 258) وفي ((تفسيره)) (1/34- 35) من طرق عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً.. فذكره.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) .
قلت: وسنده ضعيف فإن مداره على عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وقد ضعفه أحمد، وأبو زرعة، وابن سعد، وقال أبو حاتم، وابن معين، والنسائي، والدارقطني: ((ليس بالقوي)) .
قال الحافظ في ((التهذيب)) : ((وصحح له الحاكم وهو من تساهله)) . ...
(2) 110- ضعيف.
أخرجه أبو داود (3652) ، والنسائي ((فضائل القرآن)) (111) ، والترمذي (2953) ، وأبو يعلى
(3/ 90) ، والطبري (رقم 80) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 2/ رقم 1672) وابن عدي (3/ 1288) ، وابن الأنباري في ((المصاحف)) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (1/ 258- 259) وفي

((تفسيره)) (1/35) ، والبيهقي في ((الشعب)) ، والخطيب في ((الفقيه والمتفقه)) (1/ 57) ، وابن النجار في ((ذيل تاريخ بغداد)) (2/72) من طرق عن سهيل بن أبي حزم، ثنا أبو عمران الجوني، عن جندب بن عبد الله البجلي مرفوعاً فذكره.

قال البغوي: ((غريب)) . [وذكر أبو حاتم في ((العلل)) (2/64) علة أخرى له، وضحتها في كتأبي ((جنة المستغيث بشرح علل الحديث)) لابن أبي حاتم يسر الله إتمامه بخير] .
قلت: ونقل بعضهم عن الترمذي أنه قال: ((حديث غريب)) ولكني لم أجده في نسختي من ((السنن)) فلعله سقط من الطابع أو هو في نسخة أخرى. والله أعلم.
وهذا الحديث ضعيف لأجل سهيل بن أبي حزم، فقد ضعفه أحمد، والبخاري، وأبو حاتم، وغيرهم.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (6/2130) من طريق محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس مرفوعاً: ((من قال في القرآن برأيه، فإن أصاب، لم يأجر)) .
وهذا حديث ساقط ومحمد بن السائب الكلبي كذبه غير واحد وشاهد من حديث ابن عمر رضى الله عنهما مرفوعاً ولفظه: ((من فسر القرآن برأيه، فأصاب، كتبت عليه خطيئة)) !
أخرجه الديلمي ((مسند الفردوس)) ، والنقاش في ((تفسيره)) من طريق نوح بن أبي مريم، عن زيد العمى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر مرفوعاً. فذكره.
قلت: وهذا ساقط أيضاً، ونوح بن أبي مريم: هو الكذاب المعروف الذي وضع أحاديث فضائل سور القرآن حتى قال فيه ابن حبان ((جمع كل شيْ إلا الصدق)) !! =
= وفي الباب عن أبي هر يره مرفوعاً بلفظ: ((من فسر القرآن برأيه، وهو على وضوء، فليعد وضوئه)) !!
أخرجه الديلمي في ((مسند الفردوس)) وفي سنده عثمان بن مطر.
قال ابن حبان: ((يروي الموضوعات عن الأثبات)) .
وقال الزبيدي في ((إتحاف السادة)) . ((منكر جداً)) .

(2/7)


111- ((لَسْتُ مِنْ دَدٍّ، وَلاَ الدَدُّ مِنِّي، وَلَسْتُ مِنَ البَاطِلِ وَلاَ البَاطِلُ مِنِّي)) . (1)
__________
(1) 111- ضعيف.
أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (785) ، والبزار (ج 3/ رقم 2402) ، والطبراني في ((الأوسط)) (ج 1/ رقم 415) ، والعقيلي (4/ 427) ، وابن عدي في ((الكامل (7/ 2698) ، والدولأبي في
((الكنى)) (1/ 179) ، والبيهقي (10/ 217) من طرق عن يحيى بن محمد بن قيس، سمعت عمرو بن عمرو مولى المطلب، سمعت أنس بن مالك ... فذكره مرفوعاً.
قال البزار: ((لا نعلمه يروي إلا عن أنس، ولا نعلم رواه عن عمر، إلا يحيى بن محمد بن قيس)) .
قلت: بل رواه غير أنس، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وقال الطبراني: ((لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن أبي عمرو، إلا أبو زكير)) .
وقال ابن عدي: ((وهذا الحديث يعرف بيحيى بن قيس)) .
وقال العقيلي: ((لا يتابعه عليه إلا من هو دونه)) .
قلت: أما يحيى بن محمد بن قيس، فكان كثير الغلط فيما يروي وضعفه ابن معين وغيره، لكن عمرو بن علي: ((ليس بمتروك)) وهو كما قال. لكن عد الأئمة هذا الحديث من منكراته كما نقل الهيثمي عن الذهبي في ((المجمع)) (8/ 226) . وهو ظاهر كلام ابن عدي وقد خالفه الدراوردي، فرواه عن عمر بن أبي عمرو عن معاوية بن أبي سفيان.
فنقل الحديث من ((مسند أنس)) إلى ((مسند معاوية)) .
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 19/ رقم 794) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن نصر، أبو جعفر الترمذي، ثنا الدراوردي به.
قلت: والدرواردي: هو عبد العزيز بن محمد وهو من رجال مسلم، ولا يختلف أحد في أنه أوثق من يحيى بن محمد، غير أن في السند إليه عللاً تمنع من القول بصحة هذه المخالفة.
قال الهيثمي في ((المجمع)) (8/226) : ((رواه الطبراني عن محمد بن أحمد بن نصر الترمذي، عن محمد بن عبد الوهاب الأزهري ولم أعرفهما وبقية رجاله ثقات)) !!

قلت: كذا قال - يرحمه الله - وفي نقده خلل من وجوه: ... =
=الأول: أن محمد بن أحمد بن نصر، أبو جعفر الترمذي، معروف مشهور كان شيخ الشافعية بالعراق في وقته وقد سأل عنه الدارقطني فقال: ((ثقة مأمون)) - نقله الذهبي في ((السير)) (13/546) .

وقال الأخ حمدي السلفي في تعليقه ((المعجم)) : ((وهو ثقة إلا أنه اختلط اختلاطاً عظيماً.... وكان عُمر الطبراني اثنين وثلاثين سنة فالظاهر أنه روى عنه بعد اختلاطه)) أ. هـ‍.
قلت: نحن لا نسلم أصلاً بدعوى الاختلاط، لأننا لا نعرف من الذي نقلها، فقد قال في ((تاريخ بغداد)) (1/ 366) : ((وقيل كان قد اختلط في آخر عمره اختلاطاً عظيماً)) .
وكذا نقله الذهبي في ((السير)) فمن هذا الناقل؟!
ولسنا نحتج بمثل هذا النقل الواهي في تجريح الثقاة والله أعلم 0
الثاني: وقوله: ((وبقية رجاله ثقات)) !
قلت: كيف هذا؟!!
ومحمد بن إسماعيل الجعفري، قال أبو حاتم: ((منكر الحديث)) .
وقال أبو نعيم: ((متروك)) .
وبعد كتابة ما تقدم، رأيت ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2/266) قال: ((سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ابو زكير يحيى بن محمد بن قيس المدني ... فساقه فقالا: هكذا رواه أبو زكير، ورواه الدراوردي، عن عمر، عن المطلب بن عبد الله، عن معاوية بن أبي سفيان، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قلت لأبي زرعة أيهما عندك أشبه)) ؟ قال: ((الله أعلم. ثم تفكر ساعة، فقال: حديث الدراوردي أشبه. وسألت أبي: فقال: حديث معاوية أشبه)) أ. هـ‍.
قلت: كذا رجح الإمامان أبو زرعة وأبو حاتم حديث الدراوردي ويغلب على ظني أنهما فعلا ذلك لترجيح الدراوردي على يحيى بن محمد لكن الشأن في الطريق إلى الدراوردي، وفيه ما ذكرته لك سلفاً إلا أن يقال: إن له طريقاً آخر إلى الدراوردي وغير طريق الطبراني. فالله أعلم.
الثالث: أن محمد بن عبد الوهاب الأزهري، وهو شيخ شيخ الطبراني لم اقطع فيه بشيء، لكنني أظنه ((محمد بن عبد الوهاب الحارثي)) وقد روى الطبراني في ((الكبير)) (ج 11/ رقم 11249) حديثاً فقال: حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، ثنا محمد بن عبد الوهاب الحارثي)) وقد قال الهيثمي في ((المجمع)) (10/ 366- 367) : ((محمد بن عبد الوهاب الحارثي ثقة)) أ. هـ‍. فيقع لي أنه هو. والله أعلم.
وللحديث شاهد جابر بن عبد الله رضى الله عنهما.
أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 1/ ق 9/ 2، ق 10/ 1) قال: حدثنا أبو الفضل السدوسي من حفظه إملاء، حدثني أبي، عن أبي عاصم النبيل، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً.. فذكره 0 ... =
=قلت: شيخ الإسماعيلي وأبوه، لم أهتد إليهما، وبقية رجال السند ثقات، غير تدليس ابن جريج وأبي الزبير. والله أعلم.
وبالجملة: فالحديث لا يصح لضعفه من جميع طرقه. والله تعالى الموفق. ?

(2/8)


112- ((الرّفقُ في المَعيشَةِ، خَيرٌ مِن بَعض التِّجارَةِ)) . (1)
113- ((يُوشِكُ أنْ يَملأَ اللهُ أيديَكُمْ مِنَ العَجَمِ، ثُمَ يَجعَلَهُمْ أُسداً لاَ يَفِرُّونَ. فَيَقتُلُونَ مُقَاتِلِيكُمْ، وَيَأكُلُونَ فَيئَكُمْ)) . (2)
__________
(1) 112- منكر.
أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 1/ ق 15/ 2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (2/ 651) من طريق حجاج بن سليمان الرعيني قال: قلت لابن لهيعه: كنت أسمع بعض عجائزنا يقلن: ((الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة)) فقال ابن لهيعه، حدثني محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً فذكره.
قال ابن عدي في ترجمة حجاج، بعد أن ساق أحاديث: ((وهذه الأحاديث يتفرد بها حجاج عن ابن لهيعة، ولعلها قد أتت من قبل ابن لهيعه لا من قبل حجاج، فأن ابن لهيعه له أحاديث منكرات يطول ذكرها إذا ذكرناها)) . أ. هـ‍.
قلت: وأنا أرجح أن هذا الوهم وقع من أبي لهيعه لغفلته وسوء حظه، فأن حجاجاً قد توبع، تابعه عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن ابن لهيعه به.
أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) كما في ((المجمع)) (4/ 77) ، وابن عدي (4/ 1465) .
قال ابن عدي: ((وهذا لا أعلم يرويه عن ابن المنكدر غير ابن لهيعه، وعن ابن لهيعه حجاج بن سليمان وأبو صالح)) .
قلت: وأبو صالح وإن تكلموا فيه، فإن متابعته لحجاج الرعيني تبرئ عهدته من نكارة هذا الحديث، ونعصب الجناية برأس ابن لهيعه، ولعله أخذه عن متروك أو نحوه فدلسه، والتصريح بالسماع في الطريق الأول لا قيمة له لضعفه. ولعله وهم فرفعه والله أعلم.
(2) 113- ضعيف.
أخرجه البزار (ج / رقم 3364) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 16) من طريق خالد بن يزيد بن مسلم، ثنا البراء بن يزيد الغنوي، ثنا قتادة، عن أنس مرفوعاً به.

قال البزار: ((لا نعلمه يروي عن أنس مرفوعاً، إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن قتادة إلا البراء، وليس به بأس، وقد حدث عنه جماعة كثيرة)) أ. هـ‍. ... =
= قلت: بل البراء يزيد الغنوي ضعيف، ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم، وقال ابن حبان:
((كان هذا الغنوي كثير الاختلاط، كثير الوهم فيما يرويه)) .

فقول البزار: ((ليس به بأس)) فيه نوع تساهل، كما عرف عنه رحمه الله ونبهت عليه في غير موضع. على أن الحافظ نقل عن البزار أنه قال: ((ليس بالقوي وقد احتمل حديثه)) ، وفي هذا النقل فائدة تبين لنا أن من قال فيه البزار: ((ليس به بأس)) يعمي في الشواهد والمتابعات. على أن الحديث فيه علة أخرى وهي: ((خالد بن يزيد بن مسلم)) .
قال الهيثمي في ((المجمع)) (7/ 310) : ((خالد بن يزيد بن مسلم لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات)) !!
قلت: كذا قال - يرحمه الله - وفيه نظر من وجهين:
الأول قوله: ((خالد بن يزيد بن مسلم، لم أعرفه)) مع أنه معروف فقد ترجمه العقيلي وقال: ((الغالب على حديثه الوهم)) .
ونقله عنه الذهبي في ((الميزان)) !!
الثاني: قوله: ((وبقية رجاله ثقات!! وقد عرفناك أن البراء بن يزيد ضعيف.
وفي الحديث علة ثالثة. قال العقيلي: ((ليس لهذا الحديث، من حديث قتادة أصل، إنما يروي هذا عن الحسن، عن سمرة)) .
وهذا الذي أشار إليه العقيلي:
أخرجه أحمد (5/17، 21، 22) ، والبزار (ج 4/ رقم 3366) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 7/ رقم 6921) ، والعقيلي (2/ 16) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (3/24- 25) ، والإسماعيلي في
((معجمه)) (ج1/ ق43/ 2- ق 44/ 1) من طرق عن حماد بن سلمة، عن يونس بن يزيد، عن الحسن، عن سمرة بن جندب مرفوعاً به.
قال البزار: ((لا نعلمه يروي عن سمرة إلا من هذا الوحه، ولا نعلم رواه عن يونس إلا حماد)) .
وقال أبو نعيم: ((غريب من حديث يونس، تفرد به حماد)) .
قلت: لم يتفرد به حماد كما قالا، بل تابعه هشيم بن بشير، عن يونس به.
أخرجه أحمد (5/11، 22) . قال الهيثمي (7/310) : ((رجاله رجال الصحيح)) !
قلت: وليس يعني هذا الحكم أن السند صحيح كما لا يخفى، بل السند ضعيف لأجل عنعنة الحسن البصري، فقد كان مدلساً.
وله شاهد من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -.
أخرجه البزار (ج 4/رقم 3365) ، والحاكم (4/ 519) من طريق محمد بن يزيد بن سنان، عن أبيه، ثنا سليمان الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة مرفوعاً فذكره.
قال البزار: ((لا نعلمه يروي عن حذيفة إلا بهذا الإسناد، ولا رواه عن الأعمش إلا يزيد)) . =
= أما الحاكم فقال: ((صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) !! فتعقبه الذهبي بقوله: ((بل محمد واه، كأبيه)) . وقال الهيثمي (7/ 311) : ((فيه يزيد بن سنان وهو متروك)) .
فاقتصر على إعلاله بالأب دون الولد!! .
وشاهد آخر من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (7/ 310) -، والبزار (ج 4/ رقم 3363) من طريق عبد الله بن عبد القدوس، عن يونس بن خباب، ومن طريق أبي يحيى التميمي، عن ليث، كلاهما عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً به.
قال البزار: ((لا نعلمه عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً إلا بهذا الإسناد)) .
وقال الهيثمي: ((فيه عبد الله بن عبد القدوس وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، ويونس بن خباب ضعيف جداً)) .
قلت: كلاهما متابع، ولكن المتابعة شديدة الضعف. فأما أبو يحيى التميمي فإنه متروك الحديث. وليث بن أبي سليم ضعيف. والله أعلم.

(2/9)


114- ((حَلَفَ اللهُ - عز وجل - بِعِزَّتِهِ وَقُوَّتِهِ، لاَ يَتركُ عَبدٌ لباسَ الحريرِ في الدُنيا، إلا ألبسَهُ اللهُ إيَّاهُ يَومَ القيامَةِ، في حَظيرَةِ القُدسِ. وَلا يَتركُ عَبدٌ لباسَ الذَّهبِ وَالفِضةِ وَهُوَ يَقدِرُ عَليهمَا، إلا ألبَسهُ اللهُ إيَّاهُما يَومَ القِيامَةِ في حَظِيرةِ القُدسِ. وَلا يَتركُ الخمرَ في الدنيا، إلا سَقَاهُ اللهُ إيَّاهُ يَومَ القيامةِ في حَظيرةِ القُدسِ)) (1)
115- ((صَغِّروا الخُبزَ، وَأكثِرُوا عَدَدَهُ، يُبَارَكُ لَكُم فِيهِ)) . (2)
__________
(1) 114- ضعيف جداً.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (2/586) ، والسهمي في ((تاريخ جرجان)) (401) عن الإسماعيلي، وهذا في ((معجمه)) (ج 2/ ق 59/ 2- ق 60/ 1) من طريق جميع بن ثوب، وحدثنا خالد بن معدان، عن أبي أمامة مرفوعاً فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف جداً، وآفته جميع بن ثوب متروك الحديث كما قال النسائي.
وقال البخاري، والدارقطني: ((منكر الحديث)) .
وقال ابن عدي: ((وحديثه يتبين عليه أنه ضعيف)) .
(2) 115- باطل.
أخرجه أبو الفتح الأزدي في ((الضعفاء)) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (2/ 292) ، والإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 2/ ق 69/ 1-2) من طريق عبد الله بن إبراهيم، حدثنا جابر بن سليم الأنصاري، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة مرفوعاً به. =

= قال ابن الجوزي: ((هذا الحديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والمتهم به جابر بن سليم، قال أبو الفتح الأزدي: هو منكر الحديث، لا يكتب حديثه)) أ. هـ‍. فتعقبه السيوطي في ((اللآلئ)) (2/216) بقوله: ((قلت: قال في ((اللسان)) ، قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: سمعت منه، وهو شيخ ثقة مدني، حسن الهيئة [ذكره عبد الله عن أبيه في ((العلل)) (2/200] . قال: وهذا الخبر منكر لا شك فيه، وقد أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) من هذا الوجه، فلعل الآفة ممن دونه)) . أ. هـ‍.

قلت: وعبد الله بن إبراهيم، لم أقطع فيه بشيء، ولكن يقع لي أنه عبد الله بن إبراهيم المؤدب، فانه في نفس الطبقة ويروي عن سويد بن سعيد. فان يكن هو فقد كذبه الدارقطني، وإن كان آخر فلم أعرفه. فلعله الآفة منه كما ذكر الحافظ وللحديث شاهد عن أبي الدرداء مرفوعا: ((قوتوا طعامكم يبارك لكم فيه)) . [قوله ((قوتوا)) يعني صغروا كما نقله البزار عن شيخه، وكذا رواه السلفي في ((الطيوريات)) عن الوزاعي.
أخرجه الطبراني في ((معجمه)) ، والبزار (ج 3/رقم 2876) من طريق بقية بن الوليد، عن أبي بكر أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي الدرداء به.
قال البزار: ((لا نعلمه يروي متصلا إلا بهذا الإسناد، عن أبي الدرداء. وإسناده حسن، من أسانيد أهل الشام)) !
قلت: وهذا من الأدلة على تساهل البزار - رحمه الله - في النقد، فان السند ضعيف جداً، وفيه علتان:
الأولى: تدليس بقية بن الوليد. وكان يدلس التسوية.
الثانية: أن أبا بكر بن أبي مريم واه كما قال الذهبي، وقد تركه الدارقطني وابن حبان، وعامة أهل العلم على تضعيفه، فأنى له الحسن؟!!

(2/10)


116- ((إنَّ أحَادِيثِي يَنسِخُ بَعضُهَا بَعضاً، كَنَسخِ القُرآنِ)) . (1)
117- ((شِعَارُ أُمتِي إذَا حُمِلُوا عَلَى الصِّرِاطِ: ((لاَ إلَهَ إلاَّ أنتَ)) . (2)
__________
(1) 116 - موضوع.
أخرجه ابن شاهين في ((الناسخ والمنسوخ)) (ق 1/1) ، والدارقطني (4/145) ومن طريقه أبو الفتح المقدسي في ((تحريم نكاح المتعة)) (134) ، والحازمي في ((الاعتبار)) (ص -50) من طريق عمر بن شبة، أخبرنا محمد بن الحارث الحارثي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعا فذكره.
قال الحازمي: ((إنما يعرف هذا الحديث من رواية ابن البيلماني، وهو صاحب مناكير لا يتابع في حديثه)) .
قلت: وهذا سند ساقط مسلسل بالضعفاء.
محمد بن الحارث هو ابن زياد تركه الفلاس، وضعفه أبو حاتم، وقال ابن معين: ((ليس بثقة)) .
محمد بن عبد الرحمان بن البيلماني، قال البخاري، وأبو حاتم والنسائي: ((منكر الحديث)) . =
= وقال ابن حبان: ((حدث عن أبيه بنسخه شبيها بمائتي حديث كلها موضوعه)) .
وقال بندار: ((البلية من ابن البيلماني)) .
وعبد الرحمن بن البيلماني، لينه أبو حاتم، وضعفه الدارقطني وقال: ((لا تقوم به حجه)) .
وله شاهد من حديث جابر - رضي الله عنه -.
أخرجه الدارقطني (4/145) ، ومن طريقه أبو الفتح المقدسي في ((تحريم نكاح المتعة)) (135) من طريق جبرون بن واقد، حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا: ((كلامي لا ينسخ كلام الله وكلام الله ينسخ كلامي، وكلام الله ينسخ بعضه بعضا)) .
قلت: وسنده تأليف.
وآفته: جبرون بن واقد الإفريقي.
قال الذهبي: ((متهم فإنه روى بقلة حياء عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعا: كلام الله ينسخ كلامي.... وهو موضوع)) . أ. هـ‍.
والحق أن السنة تنسخ القرآن، وأعني بها السنة المشهورة، وقال بعض العلماء: إن أحاديث الآحاد تنسخ القرآن، وهذا القول فيه خلاف طويل.

فمذهب الحنفية يأباه، والمشهور من مذهب الشافعي أن القرآن لا يُنسخ بالسنة، وكذلك رواية عن أحمد. وللمسألة تفصيل في كتب ((أصول الفقة)) . ...
(2) 17- ضعيف جداً.

أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (ج 1/رقم 160) ، وفي ((الدعاء)) (ج 7/ق 171/2) قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد بن حبان قال: حدثنا عبدوس بن محمد المصري، قال: حدثنا منصور بن عمار، ثنا ابن لهيعه، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا فذكره.
قال الهيثمي في ((المجمع)) (10/359) : ((رواه الطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط)) وفيه من وثق على ضعفه، وعبدوس بن محمد لم أعرفه)) !! وتبعه المناوي في الفيض (4/161) ولكنه وسع عبارة الهيثمي!! فقال ((وعبدوس بن محمد لا يعرف)) !!
قلت: وهذا سند ضعيف جداً وفيه علل:
شيخ الطبراني، لم أهتد إليه، سوى أنه من الرواة عن الأمام أحمد - كما في ((طبقات الحنابلة)) (1/84) . ... =
= عبدوس بن محمد المصري، قال الهيثمي: ((لم أعرفه)) !! وقد ترجمه الخطيب في ((التاريخ)) (11/115) وحكى عن ابن يونس أنه قال: ((عبدوس بن محمد القاص، بغدادي قدم مصر وكان يقص بها، وكتبت عنه)) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
منصور بن عمار، قال أبو حاتم: ((ليس بالقوي)) .
وقال ابن عدي: ((منكر الحديث)) .
وقال الذهبي: ((وأحاديثه تدل على أنه واه)) .
عبد الله بن لهيعه الكلام فيه مشهور، خلاصته أن روايته ضعيفة إذ لم يرو عنه أحد الذين سمعوا منه قديماً.
وقد روى بلفظ آخر وهو: =

(2/11)


118- ((شِعَارُ المُؤمِنينَ عَلَى الصِراطِ يَومَ القِيامَةِ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ)) . (1)
119- ((لا يدخل ولد الزنا الجنة، ولا شيء من نسله إلى سبعة آباء)) .
120- ((الخَلقُ كُلُّهُمْ عِيالُ اللهِ، فَأحبُّهُم إلى اللهِ أنفَعُهُم لِعِيالِهِ)) . (2)
__________
(1) 118- ضعيف.
أخرجه الترمذي (2432) ، والحاكم (2/ 375) ، والخطيب في ((التاريخ)) (4/ 223/ و11/227) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 916) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن المغيرة بن شعبة، فذكره مرفوعاً.

قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق)) .
وقال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)) ووافقه الذهبي!!
قلت: وهو عجيب لا سيما من الذهبي - يرحمه الله تعالى -، فقد بدأ ترجمة عبد الرحمن بن إسحاق بقوله: ((ضعفوه)) وساق فيه أقوال الناس، وكلها تؤيد الحكم بالضعف، هذا، فضلاً عن أن مسلماً لم يخرج له شيئاً، ولعله اختلط عليهما بـ ((عبد الرحمن بن إسحاق المدني)) .
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)) .
(2) 120- ضعيف جداً.
أخرجه أبو يعلى (ج6/ رقم 3315) ، وابن أبي الدنيا في ((قضاء الحوائج)) (ص - 78) ، والبزار (ج2/ رقم 1949) ، والحارث بن أبي أسامة في ((مسنده)) - كما في ((المطالب)) (897) ، - وابن عدي في ((الكامل)) (7 /2610، 2611) من طرق عن يوسف بن عطية، عن ثابت البناني، عن أنس مرفوعاً فذكره. قال الحافظ: ((تفرد به يوسف، وهو ضعيف جداً)) .
وقال الهيثمي 8/ 191: ((فيه يوسف بن عطية، وهو متروك)) .
وله شاهد من حديث ابن مسعود، - رضي الله عنه -.
أخرجه الطبراني في (الكبير) (ج 10/رقم 10033) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (2/102) من طريقين عن موسى بن عمير عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً.
قال أبو نعيم: ((غريب من حديث الحكم، لم يروه عنه إلا موسى بن عمير)) .
قلت: وموسى بن عمير كذبه أبو حاتم وقال: ((ذاهب الحديث)) .
وقد رواه عن موسى بن عمير اثنان من الضعفاء:
أحدهما: جبارة بن المغلس.
والثاني: إسحاق بن كعب.
وقد اختلف في إسناده. ... =

=فأخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (6/2340) ، والخطيب (6/334) من طريق جبارة، وإسحاق كليهما عن موسى بن عمير عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، عن ابن مسعود مرفوعاً.
فصار شيخ إبراهيم فيه: ((الأسود)) بدل ((علقمة)) وتابعهما النضر بن سعيد، ثنا موسى بن عمران به. فجعل شيخ إبراهيم هو: ((الأسود)) .
أخرجه أبو نعيم (4/ 237) . والنضر بن سعيد ضعفه ابن نافع.
فالظاهر أن الاختلاف هو من موسى بن عمير هذا وله طريق آخر عن ابن مسعود.

أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (5/ 1810) من طريق عثمان بن عبد الرحمن، عن حماد بن أبي سليمان، عن شقيق، عن ابن مسعود مرفوعاً: ((الخلق عيال الله، فأحب عياله، ألطفهم بأهله) .
قلت: وعثمان بن عبد الرحمن وهَّاه أبو حاتم، وجهله البخاري. وقال ابن عدي: ((عامة أحاديثه لا يوافقه عليه الثقات، وله غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه مناكير، إما إسناد وإما متناً) .

(2/12)


121- ((حُكمِي عَلَى الوَاحِدِ، حُكمِي عَلَى الجَماعَةِ)) . (1)
__________
(1) 121- لا أصل له بهذا اللفظ.
كما قال الحافظ العراقي في ((تخريج أحاديث المنهاج)) للبيضاوي (293) .
وتبعه عليه السخاوي في ((المقاصد)) (192) ، والعجلوني في ((كشف الخفا)) (1/ 436) ، ونقله عن ابن قاسم العبادي في ((شرح الورقات الكبير)) وكذا نقل ملا علي القارئ في ((المصنوع)) (ص 95) .
وقال الزركشي في ((الدرر)) : ((لا يعرف)) . وقال في ((المعتبر)) (157) : ((لا يعرف بهذا اللفظ)) .
وقال الحافظ ابن كثير ((تحفة الطالب)) (286) : ((لم أر بهذا قط سنداً. وسألت عنه شيخنا الحافظ جمال الدين أبا الحجاج المزي، وشيخنا الحافظ، أبا عبد الله الذهبي مراراً، فلم يعرفا بالكلية)) !
وقال الحافظ ابن حجر في ((موافقة الخُبر الخَبر)) (ق 129 / 2) : ((وقال السبكي أنه سأل الذهبي عنه، فلم يعرفه)) .
قلت: ولكن معناه ثابت كما قال الزركشي، فقد:
أخرج مالك (2/ 982- 2) والسياق له، والنسائي في ((السنن)) (7/ 149) ، وفي ((التفسير))

و ((السير)) - كما في ((أطراف المزي)) (11/ 269) ، والترمذي (1597) ، وابن ماجة (2874) مختصراً، وأحمد (6/ 357) ، والحميدي (341) ، والطياليسي (1621) ، وابن حبان (14) ، والدارقطني (4/ 146، 147) ، والطبري في ((تفسيره)) (28/ 52، 53) ، والحاكم (4/ 71) ، والبيهقي (8/148) من طرق عن محمد بن المنكدر، عن أميمية بنت رقيقة؛ أنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عَلَيهِ وآله وسلم في نسوة يبايعنه على الإسلام. فقلن: يا رسول الله! نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئاً، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بَينَ أيدينا وأرجلنا، = = ولا نعصيك في معروف. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((في ما استطعتن، وأطقتن)) . قالت: فقلن: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا. هلم بيايعك يا رسول الله! ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني لا أصافح النساء، أنما قولي لمائة أمراة، كقولي لإمراة واحدة، أو مثل قولي لأمرأة واحد)) .

ومن هذا الوجه أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (6/ 7/ 9826) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 24/ رقم 470، 471، 472، 473، 476) .
وقد رواه عن ابن المنكدر جماعة منهم: ((سفيان الثوري، وابن عيينة، ومالك، وورقاء بن عمر اليشكري ومحمد بن إسحاق، وعمرو بن الحارث، وغيرهم) .
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث محمد بن المنكدر.....
وسألت محمد عن هذا الحديث، فقال: لا أعرف لأميمة بنت رقيقة غير هذا الحديث)) .
قلت: والشاهد من هذا الحديث يقع في الجملة الأخيرة منه. وهو يؤدي معنى حديث الباب. والله أعلم.

(2/13)


122- ((لاَ يَصلُحُ - يَعني المَسجِدَ - لِجُنُبٍ، وَلاَ لِحَائضٍ، إلاَّ لِلنَّبي، وَلأَزواجِهِ. وَعَليٍّ، وَفَاطِمَةَ بِنتِ مُحَمدٍ)) . (1)
__________
(1) 122- منكر.
أخرجه ابن أبي حاتم في (العلل) (1/ 99/ 269) قال: ((سمعت أبا زرعة، وذكر حديثا حدثنا به، عن أبي نعيم، عن ابن أبي غنية، عن أبي الخطاب، عن محدوج الذهلي، عن جسرة، قالت: أخبرتني أم سلمة، قالت: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى صرحة هذا المسجد [فقال] : ((لا يصلح.... الحديث) .
وأخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 23/ رقم 883) حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم بسنده سواء، وزاد في آخره: ((.... ألا بينت لكم أن تظلوا)) .
وعند البيهقي (7/ 65) : (( ... ألا قد بينت لكم الأسماء أن لا تظلوا)) .
قلت: وهو منكر بهذا السياق.
وقد أخرجه ابن ماجة (645) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن يحيى، قالا: ثنا أبو نعيم بسنده سواء، لكنه لم يذكر قوله ((إلا للنبي، ولأزواجه.... الخ) .
قلت: وسنده ضعيف جداً، وفيه علل ثلاثة، بل أربعة:
الأولى والثانية: جهالة أبي الخطاب ومحدوج.
الثالثة: ضعف جسرة بنت دجاجة كما يأتي.
الرابعة: الاختلاف في سنده على جسرة. ... =
=فقد رواه أفلت بن خليفة، قال: حدثتني جسرة بنت دجاجة، قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها، تقول: ((جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد) . ثم دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يصنع شيئاً، رجاء أن تنْزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعد، فقال: ((وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فأني لا أحل المسجد لحائظ ولا جنب)) .

أخرجه أبو داود (232) ، والبخاري في ((الكبير)) (1/ 2/67) ، وابن خزيمة (1327) ، والدولابي في (الكنى) (1/ 150- 151) ، والبيهقي (2/ 442- 443) من طرق عن أفلت بن خليفة به وزاده الولابي والبيهقي: (( ... إلا لمحمد، وآل محمد)) وهو عند البخاري.
قلت: ووجه الاختلاف أنه نقل الحديث من مسند أم سلمة إلى مسند ((عائشة)) رضي الله عنهما. ورجح أبو زرعة حديث عائشة.
قال ابن حزم في ((المحلى)) (2/ 186) : ((أما أفلت، فغير مشهور ولا معروف بالثقة)) .

وقال الخطابي في (المعالم) (1/ 78) : (( ... وكان أحمد بن حنبل وجماعة من أهل الظاهر يجيزون للجنب دخول المسجد، إلا أن أحمد كان يستحب له أن يتوضأ، إذا أراد دخول المسجد، وضعفوا هذا الحديث، وقالوا: أفلت، راوية: مجهول لا يصح الاحتجاج بحديثه)) .
وقال البغوي في ((شرح السنة)) (2/ 46) : (.. وجوز أحمد والمزي المكث فيه، وضعف أحمد الحديث؛ لأن راوية هو أفلت بن خليفة: مجهول) . أ. هـ‍.
قال الشوكاني في (النيل) (1/270) : ((وليس ذلك بسديد، فإن أفلت وثقه ابن حبان. وقال أبو حاتم شيخ. وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به. وروى عن سفيان الثوري وعبد الواحد بن زياد. وقال في (الكاشف) : ((صدوق)) . وقال في ((البدر المنير)) : (بل هو مشهور ثقة) . أ. هـ‍
قال الحافظ في ((التلخيص (1/140) : ((وأما قول ابن الرفعه في أواخر شروط الصلاة بأنه متروك، فمردود، لأنه لم يقله أحد من أئمة الحديث)) .
وأما جسرة بنت دجاجة فقد قال البخاري في ((التاريخ)) : ((عند جسرة عجائب)) !!
فقال ابن القطان - كما في ((نصب الراية)) (1/194) : ((وقول البخاري لا يكفي في إسقاط ما روت)) .
قال الحافظ في ((التهذيب)) بعد ما ذكر من الكلام ابن القطان: ((كأنه يعرض بابن حزم، لأنه زعم أن حديثها باطل)) .
قلت: لا يظهر لي ما فهمه الحافظ رحمة الله من مقالة ابن القطان، لأن ابن حزم عند نقده لطرق الحديث ((المحلى)) لم يذكر شيئاً عن جسرة، وإنما أسقط حديثها بسبب آخر في السند إليها. فظاهر كلام ابن القطان يتوجه إلى الرد على مقالة البخاري. والله أعلم. ... =
=قال الشوكاني في ((النيل)) : ((قال ابن القطان: وقول البخاري في جسره: ((إن عندها عجائب)) لا يكفي أخبارها. وقال العجلي: تابعية ثقة. وذكرها ابن حبان في الثقات. وقد حسن ابن القطان حديث جسرة هذا عن عائشة، وصححه ابن خزيمة. قال ابن سيد الناس: ولعمري إن التحسين لأقل مراتبه؛ لثقة رواته، ووجود الشواهد من الخارج ... )) . أهـ‍.
وقال أيضا في ((السيل الجرار)) (1/ 109) : ((هو حديث صحيح)) !!
قلت: وهو تجاوز بلا شك، والجواب من وجوده.
الأول: أن رد ابن القطان لمقالة البخاري ضعيف وذلك أننا إن سلمنا أن جسرة لها ((أخبار)) فان الحجة لاتقوم بحديثها إلا بالشواهد وهذا ما فهمه الحافظ ابن حجر، حيث قال في ((التقريب)) : ((مقبولة)) . يعني عند المتابعة.
أما حديث الباب، فأين الشواهد المجدية التي يدعيها الشوكاني ومن سبقه كابن سيد الناس؟!!
فكل الشواهد التي وقفت عليها - ولم يأت الشوكاني بزيادة عليها - ضعيفة لا تصلح للاعتبار.
ولئن سلمنا جدلا أنها تصلح في تقوية حديث جسرة، فهي إنما تتعلق بالجنب فقط، ولم يأت شيء ثابت في حق الحائض.
الثاني: أن العجلي متساهل في التوثيق.
الثالث: أن ذكر ابن حبان لها في الثقات لا ينفعها أيضا؛ لتساهله المشهور. بيد أن لي نظرا في التفريق بَينَ قولنا: ((ذكرها ابن حبان في الثقات)) ، وَبَينَ أن ينص ابن حبان على ثقتها ذَلكَ أن ابن حبان إن صرح بأن راويا ما ((ثقة)) ، فَهَذَا يدلك على أنه وقف على مروياته، وسبرها، فظهر لَهُ أنه مستقيم الحديث، بخلاف ما لو ذكر الراوي في ((الثقات)) ولم ينعته بشيء، فَهَذَا يدل ? لاسيما في المقلين ? على أنه لا يعرف عن روايته كبير شيء، وإنما ذكره بناء على قاعدته التي ذكرها في ((الثقات)) ، فَقَالَ:
((العدل من لم يعرف فيه الجرح، إذ التجريح ضد التعديل، فمن لم يجرح فهو عدل حتى يتبين جرحه، إذ لم يكلف الناس ما غاب عنهم)) أهـ‍.
ولذلك ترى ابن حبان في مواضع يذكر الراوي ويقول: ((لا أدري من هو، ولا من أبوه)) !!
فحاصل البحث أن مجرد ذكر ابن حبان للراوي في الثقات، لا يساوي أنه قال فيه: ((ثقة)) نصاً.
وهذا التفريق لم أر أحداً نبه عليه، فأن يكن صواباً فهو من الله - عز وجل -، وإن كان غير ذلك فمنا وأستغفر الله منه.
الثالث: أن البخار قال عن الحديث: ((لا يصح)) .
وقال عبد الحق الأشبيلي: ((لا يثبت)) .
وقد تقدم أن الإمام أحمد ضعف الحديث، ويفهم من قول الخطابي أن آخرين ضعفوا.
وقد أعترف بذلك النووي رحمه الله في ((المجموع)) . ... =
=ومما يدلل على ضعف الحديث ما أخرجه البخاري (1/ 533- 534 فتح) ومن طريقه ابن حزم في ((المحلى)) (2/ 186) عن عائشة أم المؤمنين أن وليدة سوداء كانت لحيٍّ من العرب فأعتقوها. فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأسلمت. فكان لها خباء في المسجد أو حفش)) والسياق عند البخاري مطول وفيه قصة.
قال ابن حزم: ((فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمعهود من النساء الحيض فما منعها - عليه السلام - من ذلك، ولا نهى عنه. وكل ما لم ينه - عليه السلام - عنه فمباح، وقد ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله ((جعلت لي الأرض مسجداً)) ولا خلاف في أن الحائض والجنب مباح لهما جميع الأرض، وهي مسجد فلا يجوز أن يخص بالمنع من بعض المساجد دون بعض ... )) .
قلت: وأول كلام ابن حزم لا غبار عليه، وقد تأيد بقول الحافظ في ((الفتح)) (1/ 535) وهو يعدد فوائد الحديث قال: ((وفيه إباحة المبيت والمقيل في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين رجل كان أو أمرأة عند أمن الفتنة)) أ. هـ‍.
أما باقي كلام ابن حزم ففيه نظر من وجهين:
الأول: قوله: (( ... وجميع الأرض مسجد)) كان وينبغي عليه أن يستثني المقبرة والحمام ومعاطن الإبل ونحوها من الأماكن التي نهي الشارع عن الصلاة فيها.
وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام)) .
أخرجه أبو داود (492) ، والترمذي (317) ، وابن ماجة (745) ، والد ارمي (1/ 323) ، وأحمد (3/ 83، 96) ، وأبو يعلى (ج 2/ رقم 1350) ، وابن خزيمة (2/ 7 / 791، 792) ، وابن حبان (338) ، والحاكم (1/ 251) ، وابن حزم في ((المحلى)) (4/ 27) ، والشافعي في ((المسند)) (165- بدائع) ، والبيهقي (2/ 434، 435) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (2/ 409) من طريق عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً به.
قالت الترمذي: ((هذا حديث فيه إضطراب)) .
ورجح الدارقطني أنه مرسل ومن قبله الترمذي.
أما الحاكم فقال: ((صحيح على شرط البخاري ومسلم)) ووافقه الذهبي.
وقال الحافظ في ((الفتح)) (1/ 529) : ((رجاله ثقات لكن اختلف في وصله وإرساله، وحكم في ذلك بصحته - الحاكم وابن حبان)) .
قلت: والراجح صحة الحديث، وانظر في بحث الشيخ أبي الأشبال رحمه الله تعالى على ((الترمذي)) . ولذالك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الاقتضاء)) (ص 232) : ((أسانديه جيدة، ومن تكلم فيه ما استوفى طرقه)) . ... =
=ويشهد له حديث جندب بن عبد الله البجلي مرفوعاً وفيه: ((.... فلا تتخذو القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك)) .
أخرجه مسلم وأبو عوانه (1/ 401) وغيرهما.
وقد ثبت الحديث في النهي عن الصلاة في معاطن الإبل، وقد خرجته في ((غوث المكدود)) (رقم 26) .
الثاني: أن جعل ابن حزم الأرض كلها لها حكم المسجد لا يخفي فساده. فإنه يباح التغوط في الأرض إلا فيما نهى عنه، وكذا إنشاد الظالة، والبيع والشراء وغير ذلك، وكل هذا لا يحل في المسجد. وأيضاً فإن الاعتكاف لا يجوز أن يكون في الطريق مثلاً، لا بد أن يكون في المسجد.... الخ والله أعلم.
ثم قال ابن حزم (2/ 187) : ((ولو كان دخول المسجد لا يجوز للحائض، لأخبر بذلك - عليه السلام - عائشة إذا حاضت فلم ينهها عن الطواف في البيت فقط. ومن الباطل المتيقن أن يكون لا يحل لها دخول المسجد، فلا ينهها - عليه السلام - عن ذلك، ويقتصر على منعها من الطواف. وهذا قول المزني وداود وغيرهما)) أ. هـ‍.
وحاصل البحث أن الحديث ليس بصحيح، فلا يجوز أن نتبنى منه حكماً شرعياً. ولم أجد حديثاً صحيحاً يمنع الحائض أن تدخل المسجد، فيمكن أن نبني على البراءة الأصلية، وهي تقضي بالجواز. فيجوز للحائض حضور درس العلم ونحوه. والله أعلم.

(2/14)


123- ((الصُفرةُ خِضَابُ المُؤمنِ، وَالحُمرةُ خِضابُ المُسلمِ، وَالسوادُ خِضابُ الكَافِرِ)) . (1)
__________
(1) 123- باطل.
أخرجه الحاكم (3/ 526) من طريق داود بن رشيد، ثنا إسماعيل بن عياش، حدثني سالم بن
عبد الله الكلاعي، عن أبي عبد الله القرشي، قال: دخل عبد الله بن عمر على عبد الله بن عمرو، وقد سود لحيته. فقال عبد الله بن عمر: السلام عليك أيها الشويب!! . فقال له ابن عمر: أما تعرفني يا أبا عبد الرحمن؟! ‍قال: بلى أعرفك شيخاً، فأنت اليوم شاب ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!! . أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((الصفرة ?. الحديث)) .
وأخرجه الحكيم الترمذي في ((المنهيات)) (101) من طريق إسماعيل بن عياش بسنده سواء لكنه لم يذكر القصة واقتصر على المرفوع منه.
والحديث سكت عنه الحاكم فقال الذهبي: ((حديث منكر والقرشي نكرة)) . وقال العراقي في ((المغني)) (1/ 143) . ((قال ابن أبي حاتم منكر)) .
وعزاه الهيثمي في ((المجمع)) (5/ 163) للطبراني وقال: ((فيه من لم أعرفه)) .
قلت: وسالم بن عبد الله الكلابي.
قال الذهبي: ((سالم بن عبد الله الكلابي، عن بعض التابعين فذكر خبراً باطلا في الخضاب)) . ... =
= وهو يعني به حديث الباب. وظاهر كلام الذهبي رحمه الله أن سالم بن عبد الله مسؤول عن هذا الخبر، مع أن عبارة أبي حاتم - منها يلخص - الذهبي- تفيد غير ذلك.
ففي ((الجرح والتعديل)) (2/ 1/ 185- 186) : ((سالم بن عبد الله الكلابي، روى عن أبي
عبد الله القرشي عن أبي عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: فذكر الحديث.. ثم قال أبو حاتم: ((وهو حديث منكر، شبه الموضوع، وأحسبه من أبي عبد الله القرشي الذي لم يسم)) أ. هـ‍.

وبعد كتابة ما تقدم، اطلعت على ((لسان الميزان)) للحافظ، فوجدته قال بنحو ما قلت، ثم قال (3/5) : ((وقد أوضح - يعني أبو حاتم - أن الذنب لغير سالم، ولكن هذا آفة الإجحاف في الاختصار أن يضعف المؤلف - يعني الذهبي - الثقة وهو لا يدري، وأن جعل الواحد أثنين)) . أ. هـ‍.

قلت: يشير الحافظ إلى أن سالم بن عبد الله الكلابي: هو سالم بن عبد الله الجزري، أبو المهاجر، مولى بني كلاب، وقد وثقه أحمد وابن حبان، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) وقد أصاب الحافظ في ذلك، فهما واحد. والله أعلم.
فالحاصل أن آفة هذا الحديث هي من أبي عبد الله القرشي، فإنه مجهول لا يعرف. والله أعلم.

(2/15)


124- ((السَّكنَيةُ مَغنَمٌ، وَتَرْكُها مَغرمٌ)) . (1)
125- ((لَوْ بَلغْتِ مَعهُمُ الكُدَى، مَا رَأيتِ الجَنةَ حَتَى يَرَاهَا جَدُ أَبِيكِ)) . (2)
__________
(1) 124- ضعيف جداً.
أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج1/ ق 33/2) قال: أخبرني أبو جعفر بن الجعد، حدثنا سفيان بن وكيع، وحدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً ... فذكره.
قلت: أما شيخ الإسماعيلي، فقد ترجمه الخطيب ((التاريخ)) (4/ 81- 82) وسماه: (أحمد بن الحسن بن الجعد، أبو جعفر، ثم روى عن الدارقطني أنه قال فيه: ((ثقة)) .
وأما سفيان بن وكيع، فهو - وإن كان صدوقاً في الأصل - إلا أن حديثه سقط بسبب وراقة، فقد كان يدخل عليه الأحاديث، ونصحوه فلم يستجب لهم، حتى اتهمه أبو زرعة بالكذب.
ولكن قال ابن حبان: ((وهو من الضرب الذين لأن يخروا من السماء أحب إليهم من أن يكذبوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أفسدوه)) .
قلت: فهو آفة الحديث، لأن بقية رجال السند ثقات، وعنعنة الأعمش عن أبي صالح مشاها الذهبي في ((الميزان)) . والله أعلم.
(2) 125- منكر.
أخرجه أبو داود (3123) ، والنسائي (4/ 27-28) ، وأحمد (2/ 16-169) ، وابن عبد الحكم في ((فتوح مصر)) (ص - 259) ، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 108) ، والحاكم (1/ 373-374) ، = =والبيهقي في ((السنن)) (4/ 77- 78) ، وابن حبان (ج 5 / رقم 3167) ، وابن الجوزى في

((الواهيات)) (2/ 903) ، من طريق ربيعة بن سيف، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، قال: بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذا بصر بامرأة، لا تظن أنه عرفها. فلما توسط الطريق، وقف حتى انتهت إليه، فإذا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها: ((ما أخرجك من بيتيك يا فاطمة؟ !)) قالت: أتتيت أهل هذا الميت، فترحمت إليهم وعزيتهم بميتهم. قال: ((لعلك بلغت معهم الكدى؟)) قالت: معاذ الله أن أكون بلغتها، وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر. وقال لها: ((لو بلغت معهم ... الحديث)) .
وعزاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((مجموع الفتاوى)) (24/ 362) لأصحاب السنن فوهم، فلم يخرجه الترمذي ولا ابن ماجة.

قال النسائي عقبه: ((ربيعة ضعيف)) .
وقال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) ووافقه الذهبي!!
قلت: وهذا غريب، لاسيما من الذهبي - رحمه الله - لأنه قال في ((المهذب)) (3/ 484) بعد هذا الحديث: ((قلت: هذا منكر، تفرد به ربيعة، وقد غمزه البخاري وغيره بأنه صاحب مناكير)) أ. هـ‍.
ومع ضعف ربيعة، فلم يخرج له أحد الشيحين شيئاً فليس على شرط واحد منهما.
أما قول المنذري في ((الترغيب)) (4/ 181) : ((وربيعية هذا تابعي من أهل مصر، فيه مقال لا يقدح في حسن الإسناد)) . أ. هـ‍.
ففيه نظر. لأن ربيعة بن سيف، وأن قال الدارقطني: ((صالح)) .
وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ووثقه العجلي.
فقد وصفه البخاري وابن يونس بأنه يروي المناكير.
وقال ابن حيان في ((الثقات)) : ((يخطى كثيراً)) .
أما قول النسائي: ((ليس به بأس)) ، فهو معارض بقوله في الرواية الأخرى عنه: ((ضعيف)) . والعجلي متساهل والتوثيق وقول الدارقطني فيه، يعني صالح في المتابعات. وقد تفرد به ومما يدل على نكارة هذا المتن قوله: ((ما رأيت الجنة حتى برأها جد أبيك)) .
فإن زيارة القبور - إن كانت غير جائزة للنساء، فإن المرأة تكون عاصية بفعلها، ولا يؤول بها الحال إلى قريب من الكفر، فضلاً عن ثبوته عليها [لأن عبد المطلب جد النبي - صلى الله عليه وسلم - مات كافراً على دين الجاهلية كما عليه أهل السنة خلافاً للشيعة. وانظر السيرة النبوية)) (1/ 238، 239) للحافظ ابن كثير] . - وقد فطن ابن حبان إلى هذه النكارة، فحاول أن يتأول الحديث. ولكنه تكلف جداً في التأويل، فقال عقب الحديث: ((قوله - صلى الله عليه وسلم -: لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة العالية التي يدخلها من لم يرتكب ما نهى= =رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه، لأن فاطمة علمت النهى فيه قبل ذلك، والجنة هي جنات كثيرة، لا جنة واحدة، والمشرك لا يدخل جنة من الجنان أصلاً، لا عالية، ولا سافلة، ولا ما بينهما)) أ. هـ‍.
ولفظ الحديث لا يساعد ابن حبان على مثل هذا التأويل.
ثم أعلم أن زيارة النساء للقبور جائزة بشروط وقد قال النووي رحمه الله تعالى: ((وبالجوار قطع الجمهور)) .
ومن أدلة ذلك ما:
أخرجه البخاري (3/ 125، 148، و13/ 132- فتح) ، ومسلم (626/ 15) ، وأبو داود (3124) ، والنسائي في ((السنن)) (4/ 22) ، وفي ((عمل اليوم واليلة)) (1068) ، وأحمد (3/ 143) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج6/ رقم 3458، 3504) ، والبيهقي (4/ 65 و10/ 101) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (5/ 447) من طريق شعبة، عن ثابت، عن أنس قال: أتى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - على امرأة تبكي على صبي لها، فقال لها: ((إتقي الله واصبري)) . فقالت: وما تبالي أنت بمصيبتي؟!! . فقيل لها: هذا النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأتته فلم تجد على بابه بوابين، فقالت: يا رسول الله! لم أعرفك، فقال: ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) .
وأخرجه البخاري (3/ 171) ، ومسلم (626/ 14) ، والترمذي (988) ، وأحمد (3/ 130، 217) من طريق شعبه بسنده، ولكنه اقتصر على آخره ولم يذكر القصة.
وقال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)) .
وأخرجه الترمذي (987) ، وابن ماجة (1596) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس مختصراً بآخره.
وقال الترمذي: ((غريب من هذا الوجه)) .
قلت: وسعد بن سنان، يقال: سنان بن سعد، والصواب الأول ضعيف، والمشهور هو طريق ثابت المتقدم.
قال الحافظ في ((الفتح)) (3/ 148) : ((وموضع الدلالة من الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر، وتقريره حجة)) .
وقال البدر العيني في ((العمدة)) (8/ 68) : ((وفيه جواز زيارة القبور مطلقاً، سواء كان الزائر رجلاً أو امرأة، وسواء كان المزور مسلماً أو كافراً لعدم الفصل في ذلك)) .
وأيضاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكركم بالآخرة، ولا تقولوا هجراً)) . ... =
=أخرجه مسلم (977) ، وأبو داود (2235) ، والنسائي (4/ 89) ، والترمذي (1054) ، وأحمد (5/ 350، 355، 356، 361) ، والحاكم (1/ 376) ، والبيهقي (4/ 77) من طريق محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه في كلام آخر.
قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) ووافقه الذهبي.
قلت: وابن بريدة إن كان هو سليمان، فلم يخرج له البخاري شيئاً عن أبيه فلا يكون على شرطه. وإن كان هو عبد الله، فقد أخرجا له عن أبيه. على أن كليهما قد روى الحديث عن أبيه. ثم في استدراك هذا على مسلم نظر، فقد أخرجه ثم استدركت فقلت: سياق مغاير لسياق مسلم، ولم يشتركا إلا في محل الشاهد.
ووجه الدلالة من الحديث أن الخطاب عام، فيدخل فيه النساء.
قال الحافظ في ((الفتح)) (3/148) : ((وهو قول الأكثر، ومحله إذا أمنت الفتنة)) .
وانظر لذلك كتاب ((أحكام الجنائز)) (ص 180 - 187) لشيخنا حافظ الوقت، ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى.

(2/16)


126- ((لاَ صَلاةَ لِمَنْ لاَ وُضُوءَ لَهُ، ولاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذكُرِ اسمَ اللهِ عَليهِ، وَلاَ صَلاةَ لِمنْ لَمْ يُصلِّ عَلَى النَبيِّ، وَلاَ صَلاةَ لِمَنْ لاَ يُحِبُّ الأَنصارَ)) . (1)
__________
(1) 126- منكر.
أخرجه ابن ماجة (400) ، والحاكم (1/ 269) ، والبيهقي (2/ 379) من طريق عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه، عن جده مرفوعاً.. فذكره.
ومن هذا الوجه: أخرجه الدارقطني (1/ 355) مقتصراً على قوله: ((ولا صلاة لمن لم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم -)) . وعزاه السخاوي في ((القول البديع)) (ص - 176) للطبراني في ((معجمه)) ، والمعمري، وابن بشكوال.
قلت: وهذا خبر منكر، وسنده ضعيف جداً، وعلته: عبد المهيمن هذا، فإنه متروك.
قال الحاكم: ((لم يخرج هذا الحديث على شرطهما، لأنهما لم يخرجا عبد المهيمن)) .
وقال الذهبي: ((عبد المهيمن واه)) .
وقال الدارقطني، عقب تخريجه: ((عبد المهيمن ليس بالقوي)) . ولم ينفرد به.
بل تابعه أخوه أُبي بن عباس، عن أبيه، عن جده مرفوعاً: ((لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) ولم يذكر الفقرتين الأخريتين.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 6/ رقم 5698) ، وفي ((الدعاء)) (46/ 2) ، ومن طريقه الحافظ في ((نتائج الفكار)) (1/ 234) ، وأبو موسى المديني - كما في ((القول البديع)) (176) . =
=قال السخاوي: ((وصححه المجد الشيرازي، وفي ذلك نظر، لأنه إنما يعرف من رواية عبد المهيمن، والعلم عند الله تعالى)) .

قلت: فيرى السخاوي - رحمه الله تعالى - أن رواية ((أُبَي)) لا تشهد لرواية ((عبد المهيمن)) ، وهذا رأي سديد، فان أُبَي بن العباس إنما وافق أخاه فب الفقرتين الأوليين فقط، ولم يرو الفقرتين الثالثة والرابعة، وفيهما النكارة أما الفقرتان الأوليان، فلهما شواهد صحيحة كما ذكره بعون الله.
وقال الحافظ في ((النتائج)) : ((عبد المهيمن ضعيف، وأخوه أُبي الذي سقته من روايته أقوى منه)) .
وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) 1/ 160) : ((أُبي، مُختلف فيه)) .
قلت: والراجح أنه ضعيف من قبل حفظه، وتقوية الحافظ له، وإنما هي بسبب مقارنته بأخيه، فإن أخاه متروك.

وقد رويت الفقرتان الأخيرتان بلفظ آخر من حديث سعيد بن زيد - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار)) .
أخرجه أحمد والطبراني في ((الدعاء)) .
وقد وقع في سنده اختلاف كثير، وضحته في جزء لي، اسمه: ((كشف المخبوء بثبوت حديث التسمية عند الوضوء)) .
أما الفقرة الأولى: ((لا صلاة لمن لا وضوء له)) ، فيشهد لها ما:
أخرجه مسلم (3/ 102 - 103 بشرح النووي) ، وأبو عوانة في ((صحيحه)) (1/ 234) ، والترمذي (1/ 19- 24 تحفة) ، وابن ماجة (272) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (65) ، وأحمد (2/ 19- 20، 39، 51، 73، 73) ، والطيالسي (1874) ، وابن خزيمة (1/ 8) ، والطحاوي في ((المشكل)) (4/ 486 - 487) ، والسهمي في ((تاريخ جرجان)) (296) ، والبيهقي (1/ 42) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (7/ 176) من طريق سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد قال: دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض، قال: ألا تدعو لي يا ابن عمر؟! . قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول، وكنت على البصرة)) واللفظ لمسلم وقد رواه عن سماك بن حرب جماعة منهم شعبة، وكان لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم كما قال في ((الفتح)) (1/ 260) .
وفي الباب عن أسامة بن عمير، وأبي هريرة، وأنس، وأبي سعيد الخدري، وأبي بكرة، وثوبان وغيرهم، خرجت أحاديثهم في ((بذل الإحسان)) (رقم 139) والحمد لله على التوفيق.
ويشهد لهذه الفقرة أيضاً ما أخرجه البخاري (1/ 234- فتح) ، ومسلم (3/ 104) ، وأبو عوانة
(1/ 235) ، وأبو داود (60) ، والترمذي (76) ، وأحمد (2/ 308، 318) ، وابن خزيمة (1/8، = =9) ، وابن الجارود (66) ، والسهمي في ((تاريخ جرجان)) (297- 298) والبيهقي، والبغوي في ((شرح السنة)) (1/ 328) من طريق عبد الرزاق، وهو في ((مصنفه)) (1/ 139/ 530) عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) .
أما الفقرة الثانية: ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه)) .
فإنه حديث صحيح، وقد صححه جماعة من الحفاظ، وحسنه آخرون، كما وضحته بالدلائل النيرات في كتابي: ((كشف المخبوء)) السالف الذكر، ومن الله العون.

(2/17)


127- ((بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرحيمِ، اسْمٌ مِنْ أسْمَاءِ اللهِ، وَمَا بَينَهُ وَبَينَ اسْمِ اللهِ الأكبَرِ، إلاَّ كَمَا بَينَ سَوادِ العَينينِ وَبَياضِهِما مِنَ القُربِ)) . (1)
__________
(1) 127- باطل.
أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسيره)) - كما في ((ابن كثير)) (1/ 33) -، والحاكم (1/ 552) من طريق جعفر بن مسافر التنيسي، ثنا زيد بن المبارك، ثنا سلام بن وهب الجندي، حدثني أبي، عن طاووس، عن ابن عباس، أن عثمان بن عفان سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بسم الله الرحمن الرحيم، فقال:.... فذكره.
وكذا أخرجه ابن مردويه في ((تفسيره)) من طريق علي بن المبارك، عن زيد بن المبارك به.
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) ووافقه الذهبي ‍‍‍‍!!
قلت: وهو عجب، لا سيما من الذهبي رحمه الله، فإنه ذكر هذا الحديث في ترجمة سلام بن وهب وقال: ((خبر منكر، بل كذب)) !! فسبحان من لا يسهو. وفي ((علل الحديث)) (2/ 178/ 2029) قال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عن حديث رواه زيد بن المبارك، عن سلام بن وهب، عن أبيه، عن طاووس.... فذكره. قال: قال أبي: هذا حديث منكر)) . وقد وقع في سنده اختلاف.
فقد أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 162) ، والخطيب في ((تاريخه)) ، ومن طريقه الذهبي في
((الميزان)) (2/ 182) من طريقين عن زيد بن المبارك، ثنا سلام بن وهب الجندعي، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره.
قال العقيلي: ((سلام بن وهب الجندعي، عن ابن طاووس، لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به)) .
قلت: ووجه الاختلاف على سلام بن وهب أنه يرويه مرة عن أبيه، ومرة عن ابن طاووس.
غير أن قلبي ما اطمأن إلى هذا ويقع لي أن المحفوظ هو رواية سلام عن ابن طاووس كما ذكر العقيلي، وتبعه الذهبي، والعسقلاني في ((اللسان)) (3/ 60) ، وذلك أنني لم أجد ترجمة لوهب الجندي، والد سلام.

فلا أدري هل الاختلاف في السند ثابت، أم هو خطأ من ناسخ أو طابع؟!
وعلى كل حال فالحديث لا يصح بكل وجه لأنه يدور على سلام بن وهب، فإنه مجهول.
ثم رأيت الذهبي، قال في ((المغني)) (1/ 272) : ((سلام بن وهب، عن ابن طاووس بخبر موضوع، لا يعرف)) .

والحديث عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) ) (1/8) للبيهقي في ((شعب الإيمان)) ، وأبي ذر الهروي في ((فضائل القرآن)) .

(2/18)


128- ((إنَّ عِيسى بْنَ مَريمَ أسلَمتُهُ أمُّهُ إلى الكتَّابِ لِيُعلمَهْ. فَقَالَ لَهُ المُعلمُ: اكتُبْ، قَالَ: وَمَا اكتُبُ؟ قَالَ: بِسمِ اللهِ. قَالَ عِيسَى: وَمَا بِسمِ اللهِ؟ قَالَ المُعلمُ: مَا أدري! . قَالَ لَهُ عِيسى: البَاءُ، بَهاءُ اللهِ، وَالسينُ: سَناؤُهُ، وَالمِيمُ: مَملَكتُهُ، وَاللهُ: إِلَهُ الآلِهَةِ، وَالرَّحمنُ: رَحمنُ الدُّنيَا وَالآخرةِ، وَالرَّحِيمِ: رَحِيمُ الآخرةِ)) . (1)
__________
(1) 128- موضوع.
أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (1/ 41، 42) ، وابن عدي في ((الكامل)) (1/299) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (7/251-252) ، وابن مردويه في ((تفسيره)) - كما في ((ابن كثير)) (1/ 33) - وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1/ 203 - 204) ، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) ، والثعلبي في ((تفسيره)) - كما في ((الدر المنثور)) (1/ 8) - من طريق إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن مسعر، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري فذكره مرفوعاً، وهو مطول عند بعضهم.
قال أبو نعيم: ((غريب من حديث مسعر، تفرد به إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى)) .
قلت: لم يتفرد به إسماعيل بن عياش، فقد تابعه سعدان بن نصر، عن إسماعيل، عن مسعر بن كدام.
أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 126- 127) قال: أخبرناه محمد بن المسيب، ثنا سعدان بن نصر، ثنا إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله، عن ابن أبي ذئب ...
قلت: وقوله: ((عن ابن أبي ذئب)) لا أدري هل هو مقحم، فقد قال ابن حيان في أول ترجمة إسماعيل بن يحيى هذا: ((روى عن مسعر بن كدام، عن عطية، عن أبي سعيد....)) فهذا يدل على أن إسماعيل بن يحيى إنما يرويه عن مسعر، لا ابن أبي ذئب. فالله أعلم بحقيقة الحال، إلا أن يكون رواه عن ابن أبي ذئب ومسعر جميعاً. فهذا محتمل. والله أعلم ووقع اختلاف آخر في السند.

فقد رواه إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي مليكه، عمن حدثه عن ابن مسعود. فذكره مرفوعاً.
أخرجه ابن جرير، وابن عدي في ((الكامل)) .
قلت: وهذا حديث باطل موضوع.
قال ابن عدي: ((هذا حديث باطل بهذا الإسناد، لا يرويه غير إسماعيل)) .

وقال ابن كثير: ((وهذا غريب جداً، وقد يكون صحيحاً إلى من دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويكون من الإسرائيليات لا من المرفوعات)) .
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث موضوع محال.... ما يصنع هذا الحديث إلا ملحد يريد شين الإسلام، أو جاهل، في غاية الجهل، وقلة المبالاة بالدين، ولا يجوز أن يفرق حروف الكلمة المجتمعة، فيقال: = =الألف من كذا، والام من كذا، وإنما هذا يكون في الحروف المقطعة.... فقد جمع واضع هذا الحديث جهلاً وافراً، وإقداماً عظيماً، وأتى بشيء لا تخفى برودته والكذب فيه)) .
وأقره السيوطي في ((اللآلىء)) (1/ 172) فقال: ((موضوع)) .
وقال في ((الدر المنثور)) (1/ 8) : ((سنده ضعيف جداً)) .
قلت: وعلته إسماعيل بن يحيى بن عبد الله، فقد كذبه الدارقطني، وأبو علي النيسابوري، والحاكم.
وقال الأزدي: ((ركن من أركان الكذب)) .
واتهمه صالح جزرة بوضع الحديث، وكذا ابن حبان.
ثم رأيت الشيخ أبا الأشبال أحمد شاكر رحمه الله في ((تخريجه لتفسير الطبري)) (1/ 122) علق على قول الحافظ ابن كثير: ((.... وقد يكون صحيحاً...... الخ)) بقوله: ((وما أدري كيف فات الحافظ ابن كثير أن في إسناده هذا الكذاب، فتسقط روايته بمرة، ولا يحتاج إلى هذا التردد)) . أهـ‍.
قلت: لعل الحافظ ابن كثير - رحمه الله - يشير إلى سند آخر غير هذا. فقد رأيت السيوطي - رحمه الله - قال في ((الدر المنثور)) (2/ 25) : ((وأخرج ابن المنذر بسند صحيح إلى سعيد بن حبير قال: لما ترعرع عيسى جاءت به أمه إلى الكتاب، فدفعته إليه....)) ثم ساقه بنحوه.
فإن صح نقد السيوطي، فيترجح كونه من الإسرائيليات، ويصدق ظن الحافظ ابن كثير. والله أعلم.

(2/19)


129- ((كُلْ، ثِقَةً بِاللهِ، وَتَوكلاً عَلَيهِ)) . (1)
__________
(1) 129- ضعيف مرفوعاً.
أخرجه أبو داود (3925) ، والترمذي (1817) ، وابن ماجه (3542) ، وابن حبان (1433) ، وابن جرير في ((تهذيب الآثار)) (رقم 84- مسند علي) ، والطحاوي في ((شرح الآثار) (4/ 309) ، وابن أبي الدنيا في ((الخمول)) (ق 156/ 2) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 242) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (465) ، والحاكم (4/ 136- 137) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 869) من طريق يونس بن محمد، ثنا المفضل بن فضالة، عن حبيب بن شهيد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيد مجذوم، فوضعها معه في قصعة، وقال: ((كل بسم الله،.... الحديث)) .
قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يونس بن محمد عن المفضل ابن فضالة. والمفضل بن فضالة شيخ بصري، والمفضل بن فضالة شيخ آخر بصري أوثق من هذا وأشهر. وقد روى شعبة هذا الحديث عن حبيب بن الشهيد، عن ابن بريدة، أن ابن عمر أخذ بيد مجذوم. وحديث شعبة أثبت عندي، وأصح)) أ. هـ‍.
وقال ابن الجوزي: ((قال الدارقطني: تفرد به المفضل)) . ... =
=قلت: وهو ضعيف، قال ابن معين: ((ليس هو بذاك)) .
وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) .
وقال ابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2404) : ((لم أر حديثه أنكر من هذا الحديث الذي أمليته، وباقي حديثه مستقيم)) .
أما الحاكم فقال: ((صحيح إسناد)) ووافقه الذهبي ‍‍!!
وهذا عجب، لا سيما من الذهبي، فإنه نقل كلام ابن عدي السابق وأقره ‍‍!!
وفي الحديث علة أخرى، وهي الاختلاف على حبيب بن الشهيد في إسناده كما أشار الترمذي.

وقد بحثت عن رواية شعبة عن حبيب، عن ابن بريدة، عن ابن عمر فلم أظفر بها. ووقع في ((الميزان)) (4/ 169) : ((.... عن عمر)) فلعل فيه سقطاً. [ثم رأيت الحافظ في ((الفتح)) (10/ 160) ذكر عن الترمذي)) ، والنسخة كثيرة الأخطاء.
لكن الذي رأيته أن شعبة يروي هذا، عن حبيب بن الشهيد، عن عبد الله بن بريدة، أن سلمان الفارسي كان يصنع الطعام، فيدعو المجذمين، فيأكل معهم.

أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 242) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (1/200) من طريقين عن شعبة، عن حبيب به.
وتابعه سفيان بن حبيب، عن بن الشهيد به.
أخرجه ابن جرير في ((التهذيب)) (رقم 77- مسند علي)) .
قال العقيلي: ((هذا أصل الحديث، وهذه الرواية أولى)) .
قلت: ورجاله ثقات، لكنى لم أر أحداً ذكر لعبد الله بن بريدة رواية عن سلمان، مع كونه أدركه، وكان لعبد الله تسعة عشر عاماً يوم مات سلمان - رضي الله عنه - سنة (34) هـ‍‍والله أعلم.
وللحديث طريق آخر إلى محمد بن المنكدر.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (1/ 281) ، (4/ 1637) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/870) من طريق عبيد الله بن تمام، عن إسماعيل بن مسلم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر فذكره بمثله.
قال ابن الجوزي: ((قال أحمد إسماعيل المكي منكر الحديث، قال يحيى: لم يزل مختلطاً، وليس بشيء. وقال علي: لا يكتب حديثه. وقال النسائي: متروك الحديث)) .
قلت: وأيضاً عبيد بن تمام ضعفه أبو حاتم، وأبو زرعة، والدارقطني، وقال البخاري: ((عنده عجائب)) .
بل كذبه الساجي. فالسند واه جداً. ... =
= فحاصل البحث أنه لا يصح مرفوعاً، والصواب أنه موقوف فقد ثبت عن بعض الصحابة أنهم أكلوا مع المجذومين، كما مضى عن سلمان.
وفي الباب عن عمر بن الخطاب، - رضي الله عنه -.
أخرجه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (2/ 2/ 260) مختصراً، وابن جرير في ((التهذيب)) (75، 76، - مسند علي) من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، سمعت أبا مريم شييم بن ذييم، قال: شهدت عمر بن الخطاب وهو يطعم، فجاء رجل به شيء من برص، فوضع يده في الطعام.
ورجاله ثقات، حاشا شييم هذا. فقد ترجمه البخاري، وابن أبي حاتم (2/1/384) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (4/ 369) . وأخرج ابن سعد (4/ 118) قصة لمعيقيب بن أبي فاطمة - وكان أجذم - مع عمر يتقوى بها. والله أعلم.

(2/20)


130- ((يَا أَخِي ‍أَشرِكنَا فِي دُعَائِكَ، وَلاَ تَنسَنَا)) . (1)
__________
(1) 130- ضعيف.
أخرجه الترمذي (3562) ، وابن ماجه (2894) ، وأحمد (2/59) ، من طريق سفيان الثوري، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، أنه استأذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العمرة، فقال: ((يا أخي.... الحديث)) .
وقد رواه عن سفيان هكذا جماعة منهم: ((وكيع بن الجراح، وعبد الرزاق)) وتابعه شعبة بن الحجاج، عن عاصم به.
أخرجه أبو داود (1498) ، وأحمد (1/29) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (387) ، والبيهقي (5/251) .
وقد رواه عن شعبة هكذا جماعة منهم: ((سليمان بن حرب، ومحمد بن جعفر، وأبو الوليد الطيالسي، وحجاج بن منهال، وعمرو بن مرزوق)) .
وقد روى عن سفيان وشعبة من وجوه أخرى، عن عبد الله بن عمر أن عمر استأذن.... الخ) .
فصار الحديث في ((مسند ابن عمر)) بدلاً من ((مسند عمر)) .
أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 128) ، والبيهقي (5/ 251) ، والخطيب في ((التاريخ)) (11/ 396- 397) من طريق سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم عن أبيه قال: استأذن عمر النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم العمرة.... الحديث.
وقد رواه عن سفيان محمد بن يوسف الفرياني، وقبيصة، وقاسم بن يزيد.
وأخرجه ابن السمعاني في ((أدب الإملاء)) (ص - 36) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن عاصم بسنده سواء فوافقهم في جعله من مسند ((ابن عمر)) . ... =
= قلت: ويحتمل أن يكون هذا من ابن عمر رضي الله عنهما، ويرويه عن نفسه على سبيل الحكاية، ويذكره عن أبيه على سبيل الرواية ونظائر هذا كثيرة.
لكن علة الحديث هي عاصم بن عبيد الله.
فقد ضعفه أحمد وابن معين، ويعقوب بن شيبة.
وقال البخاري، وأبو حاتم: ((منكر الحديث)) .
وزاد أبو حاتم: ((مضطرب الحديث، ليس له حديث يعتمد عليه)) .

وقال النسائي: ((لا نعلم مالكاً روى عن إنسان مشهور بالضعف إلا عاصم بن عبيد الله)) .
فالغريب أن يقول الترمذي - رحمه الله -: ((حديث حسن صحيح)) .
وقد روى بإسناد آخر إلى ابن عمر ظاهره الجودة.

فأخرجه الخطيب (11/ 396) من طريق أبي عمر، محمد بن العباس بن حيويه، حدثنا أبو عبيدة علي بن الحسين بن حرب القاضي، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، حدثنا أسباط، عن سفيان الثوري، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: أستأذن عمر.... الحديث.
قال الأزهري: ((لم نكتبه من طريق الثوري، عن عبيد الله بن عمر إلا عن أبي عمر)) .
وقال البرقاني: ((قيل هذا لا يتابع عليه أبو عبيد، وإنما الصحيح ما حدث به الزعفراني عن شبابة، عن شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر)) .
قلت: العهدة عندي ليست على هذين، وإنما على أسباط بن محمد، لأن الجماعة رووه عن الثوري، عن عاصم بن عبيد الله عن سالم، عن ابن عمر. وروايتهم أولى بغير شك، هذا إذا كان ثقة لا أشكال فيه، فكيف وفي روايته عن الثوري ضعف، كما صرح بذلك الحافظ في ((التقريب)) .
وقد قال ابن معين: ((ليس به بأس، وكان يخطئ عن سفيان)) .
فرجع الحديث إلى رواية عاصم بن عبيد الله، وقد تقدم الكلام فيه. والله أعلم.

(2/21)


131- ((مَنْ شَرِبَ مُسكِراً، فَلم يَسكَر، لَمْ تُقبلْ لَهُ صَلاةُ جُمُعةٍ، فَإنْ مَاتَ فِيها، مَاتَ مِيتَةً جَاهِليةً وَإنْ هُو شَرِبَ مُسكِراً، فَسَكِرَ، لَمْ تُقبلْ لَهُ صَلاةٌ أربَعينَ يَوماً، فَإنْ مَاتَ فِيهَا، مَاتَ مِيتةً جَاهِليةً. ثُمْ إنْ تَابَ، تَابَ اللهُ عَليهِ، فِإنْ عَادَ الثَّانِيةَ فَمِثلُ ذَلكَ، فَإنْ عَادَ الثَّالِثةَ فَمِثلُ ذَلِكَ، فَإنْ عَادَ الرَّابِعةَ كَانَ حَقاً عَلَى اللهِ أنْ يَسقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبالِ)) . قَالُوا: يَا رَسولَ اللهِ! وَمَا طِينَةُ الخَبالِ؟! قَالَ: ((صَديدُ أهلِ
النَّار)) . (1)
__________
(1) 131- منكر بهذا السياق. ... =
=أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 166- 167) قال: أخبرناه عبد الله بن قحطبة، ثنا العباس بن عبد العظيم العنبري، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أيوب بن محمد العجلي أنه حدثهم ثنا شداد بن أبي شداد عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً ... فذكره.
قال ابن حبان: ((وهذا حديث له أصل، إلا أن راويه أتى فيه بما ليس فيه)) .
قلت: وعلته: أيوب بن محمد العجلي. ضعفه ابن معين.
وقال أبو زرعة: ((منكر الحديث)) وجهله الدارقطني.
وقال ابن حبان: ((كان قليل الحديث، ولكنه خالف الناس في كل ما روى، فلا أدري، أكان يعتمد، أو يقلب وهو لا يعلم)) .
وللحديث طريق آخر عن ابن عباس مرفوعاً: ((كل مخمر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب مسكراً بخست صلاته أربعين صباحاً، فإن تاب، تاب الله عليه. فإن عاد الرابعة كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال. قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله؟! قال: ((صديد أهل النار)) ومن سقاه صغيراً لا يعرف حلاله من حرامه، كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال)) .

أخرجه أبو داود (3680) من طريق إبراهيم بن عمر الصنعاني، قال: سمعت النعمان بن بشير، يقول: عن طاووس، عن ابن عباس مرفوعاً.. فذكره.
قال ابن كثير في ((تفسيره)) (3/ 179) : ((تفرد به أبو داود)) .
قلت: وسنده ضعيف.

وإبراهيم بن بشير، كذا وقع نسبة نسخة السنن المطبوعة، وهو خطأ، والصواب أنه: ((النعمان بن أبي شيبة الجندي)) وهو ثقة. وآخر الحديث فيه نكارة، ولم أجد له شاهداً خلاف بقية الحديث كما يأتي ذكره إن شاء الله، وكأنه لذلك قال أبو زرعة: ((هذا حديث منكراً)) .
نقله عنه ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2/ 36/ 1587) .
وإلا فقد ثبت الحديث، عن عبد الله بن همر مرفوعاً: ((من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب لم يتب الله عليه، وكان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال)) . قالوا: يا أبا عبد الرحمن! وما طينة الخبال؟! قال: صديد أهل النار))
أخرجه الترمذي (1862) وعنه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 669- 670) ، من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه، عن ابن عمر به.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) .
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه عطاء بن السائب، وكان قد اختلط، في آخر عمره. وقال يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه)) . ... =
= قلت: وفي نقد ابن الجوزي رحمه الله خلل يظهر من البحث، والحديث كما قال الترمذي، ويعني أنه حسن بشواهده ولكنه صحيح، غير أن طريق الترمذي متكلم فيه من جهتين:
الأولى: أن البخاري قال في ((التاريخ الأوسط)) : ((عبد الله بن عبيد بن عمير لم يسمع من أبيه شيئاً، ولا يذكره)) ذكره في ((التهذيب)) (5/ 308) .
قلت: ولكن يعكر عليه ما أخرجه أبو داود (3759) من طريق أبي بكر الحنفي، حدثنا الضحاك بن عثمان، عن عبد الله بن عبيد، قال: كنت مع أبي في زمان ابن الزبير إلى جنب عبد الله بن عمر. فقال عباد بن عبد الله بن الزبير: إنا سمعنا أنه يبدأ بالعشاء قبل الصلاة. فقال عبد الله بن عمر: ويحك!! ما كان عشاؤهم؟! أتراه كان مثل عشاء أبيك؟!!
وهذا سند حسن وفيه دليل على أن عبد الله بن عبيد بن عمير أدرك أباه ووعاه. فمثل هذا يقدم على النفي. والله أعلم.
الثانية: أن جرير بن عبد الحميد سمع من عطاء بن السائب بعد الاختلاط كما قال أحمد وابن معين وغيرهما.
قال ابن معين: ((عطاء بن السائب اختلط، وما سمع جرير وذووه من صحيح حديثه)) .
ولكن لم ينفرد به جرير، فتابعه همام بن يحيى، عن عطاء به.
أخرجه الطيالسي (1901) ومن طريقة البغوي في ((شرح السنة)) (11/357) .
ويظهر أن همام بن يحيى سمع من عطاء بأخرة.
وخالفهما معمر بن راشد، فرواه عن عطاء، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عمر.
فسقط ذكر ((عبيد بن عمير)) .
أخرجه أحمد (2/ 35) حدثنا عبد الرزاق وهو في ((مصنفه)) (9/ 235/ 10758) ، ثنا معمر به ويظهر أن معمر ممن سمع من عطاء في الاختلاط كما يتحصل من كلام أهل النقد، ولعل هذا الاختلاف من عطاء، لكن اتفاق جرير وهمام على إثبات ((عبيد بن عمير)) أولى من رواية معمر والله أعلم.
وللحديث شاهد عن عبد الله بن عمرو، يرويه عنه عبد الله بن فيروز الديلمي قال: دخلت على
عبد الله بن عمرو في حائطٍ له بالطائف، يقال له: الوهط. فإذا هو مخاصر فتى قريش، يزن ذلك الفتى بشرب الخمر، فقلت: خصال بلغتني عنك، أنك تحدث بها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من شرب الخمر شربة، لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً)) فلما أن سمع الفتى بذكر الخمر اختلج يده من يد عبد الله، ثم ولى. فقال عبد الله: اللهم إني لا أحل لأحد أن يقول على ما لم أقل، فإني سمعت رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم يقول: ((من شرب الخمر شربة لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب، تاب الله عليه)) . فلا أدري في الثالثة أم في الرابعة: ((كان حقاً على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة)) . ... =
= قالوا: يا رسول الله! وما ردغة الخبال؟! قال: ((عصارة أهل النار)) .
أخرجه النسائي (8/ 317) ، وابن ماجه (3377) ، والدارمي (2/ 36- 37) والسياق له ما عدا آخره، وأحمد (2/ 176) ، والحاكم (1/ 30- 31) ، وابن حبان (1378) من طرق عن الأوزاعي، حدثني ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن الديلمي.. فذكره.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة، وقد احتجا بجميع رواته، ثم يخرجاه، ولا أعلم له علة)) ووافقه الذهبي وزاد: ((على شرطهما)) !!
قلت: والصواب مع الحاكم، وأخطأ الذهبي - رحمه الله - في قوله إن الحديث على شرطهما، لأن عبد الله بن فيروز الديلمي لم يخرج له البخاري ومسلم شيئاً.
وأخطأ من أعله بتدليس الوليد بن مسلم، فقد تابعه بقية بن الوليد وأبو إسحق الفزاري، ومحمد بن يوسف الفريابي.
وقال السيوطي في ((التعقبات على الموضوعات)) (ق 26/2) .
((الحديث صحيح قطعاً)) .
وله طريق آخر عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً بنحوه.
أخرجه أحمد (2/ 189) حدثنا بهز، والحاكم (4/ 145- 146) عن يزيد بن هارون، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن نافع بن عاصم، عن عبد الله بن عمرو.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وله شاهد من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -.
أخرجه أحمد (5/171) حدثنا مكي بن إبراهيم. والبزار (ج 3/ رقم 2926) حدثنا محمد بن المثنى، ثنا مكي بن إبراهيم، ثنا عبيد الله بن أبي زياد، عن شهر بن حوشب، عن ابن عم لأبي ذر، عن أبي ذر، مرفوعاً: ((من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.... الحديث)) .
قلت: وآفته عبيد الله بن أبي زياد القداح ضعيف الحفظ، ولآخر الحديث شاهد من حديث جابر - رضي الله عنه -.
أخرجه مسلم (2002) ، وأبو عوانة (5/ 268- 269) مطولاً، والبزار (ج 3/ رقم 2927) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (11/ 356- 357) من طريق الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً: ((كل مسكر حرام 0 إن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسبقه الله من طينة الخبال)) . قالوا: وما طينة الخبال؟! قال: ((عرق أهل النار أو عصارة أهل النار)) .
قال البزار: ((لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد)) .
وفي الباب شواهد كثيرة، ليس في واحد منها ما في رواية أيوب بن محمد العجلي. والله أعلم.

(2/22)


132- ((لاَ تُشركُوا بِاللهِ شَيئاً، وَلاَ تَسرِفُوا، وَلاَ تَزنُوا، وَلاَ تَقتُلُوا النَّفسَ التي حَرَّمَ اللهُ إلاَّ بِالحقِ، وَلاَ تَمشُوا بِبَريءٍ إلى ذِي سُلطَانٍ لِيَقتُلَهُ، وَلاَ تَسْحَروا، وَلاَ تَأكُلوا الرِّبَا، وَلاَ تَقذِفُوا مُحصَنَةً، وَلاَ تَولُّوا لِلفِرارِ يَومَ الزَحفِ، وَأنتم يَا يَهودُ، عَليكُم خَاصةً أنْ لاَ تَعْدُوا في السَّبتِ)) . (1)
__________
(1) 132- ضعيف.
أخرجه النسائي (7/111- 112) ، والترمذي (2733، 3144) ، وابن ماجه (3705) مختصراً، وأحمد (4/ 239- 240) ، والطياليسي (1164) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (15/ 115- 116) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج8/ رقم 7396) ، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 4-5) ، والحاكم (1/ 9) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (6/ 268) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (5/ 97- 98) من طريق عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن صفوان بن عسال قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، قال له صاحبه: لا تقل نبيّ!! لو سمعك كان له أربعة أعين!! ..
فأتيا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسألاه عن تسع آيات بينات، فقال لهم ((لا تشركوا بالله.... الحديث وفي آخره: فقبلوا يديه ورجليه، وقالوا: نشهد أنك نبي. قال: فما يمنعكم أن تتبعوني؟؟ قالوا: إن داود دعا بأن لا يزال من ذريته نبي، وإنا نخاف إن اتبعناك إن تقتلنا يهود..
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) !!
وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح لا نعرف له علة بوجه من الوجوه.... سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، ويسأله محمد بن عبيد الله فقال: لم تركا حديث صفوان بن عسال أصلاً؟! فقال: لفساد الطريق إليه)) .

قال الحاكم: ((إنما أراد أبو عبد الله بهذا حديث عاصم، عن زر، فإنهما تركا عاصم بن بهدلة، فأما عبد الله بن سلمة المرادي.... فإنه من كبار أصحاب على وعبد الله....)) ووافقه الذهبي!!
قلت: كذا قالوا! وعبد الله بن سلمة ضعيف الحفظ.
قال عمرو بن مرة: ((كان عبد الله بن سلمة يحدثنا، فيعرف وينكر، كان قد كبر)) . وكذا قال أبو حاتم.
وقال البخاري: ((لا يتابع في حديثه)) . وقال أبو أحمد الحاكم: ((ليس حديثه بالقائم)) .

ولذلك قال الحافظ ابن كثير في ((تفسيره)) (5/ 124- طبع الشعب) : ((وهو حديث مشكل، وعبد الله بن مسلمة في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه، ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة، لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون. والله أعلم)) . أهـ‍.
ثم في قول الحاكم أوهام أخرى ذكرتها في ((إتحاف الناقم بوهم الذهبي والحاكم)) (رقم 5) والله الموفق.

(2/23)


133- ((إنْ أنتَ قَضيتَ بَينَهُما، فَأصبتَ القَضاءَ، فَلَكَ عَشرُ حَسناتٍ، وإنْ أنتَ اجتَهدتَ فَأخطأتَ، فَلَكَ حَسنةٌ)) . (1)
__________
(1) 133- منكر.
أخرجه أحمد (4/ 205) حدثنا أبو النضر، قال: ثنا الفرج، قال: ثنا محمد بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن عمرو بن العاص، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصمان يختصمان، فقال لعمرو: ((اقض بينهما يا عمرو)) فقال: أنت أولى بذلك مني يا رسول الله. قال ((وإن كان)) . قال: فإذا قضيت بينهما، فمالي؟! قال: ((إن أنت قضيت.... الحديث)) .
قلت: وهذا سند ضعيف.
والفرج. هو ابن فضالة، ضعيف عند الأكثر ين.
ومحمد بن عبد الأعلى، لم أظفر له بترجمة، ولا حتى في ((التعجيل)) مع أنه على شرطه. ولعله هو الذي عناه الحافظ الهيثمي - رحمه الله - حين قال في ((المجمع)) (4/ 195) : ((رواه أحمد والطبراني في ((الكبير)) وفيه من لم أعرفه)) أهـ‍.
قلت: واقتصاره عليه قصور، لما علم من حال الفرج بن فضالة. والله أعلم. أما عبد الأعلى: فهو ابن عدي البهران.
ترجمه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (3/ 2/ 72) ، وابن أبي حاتم في ((الجرح)) (3/ 1/ 25) ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلاً، فهو مجهول الحال، وإن ذكره ابن حبان في ((الثقات)) (5/ 129) على قاعدته المعروفة.
ولذلك قال الحافظ في ((الفتح)) (13/ 319) : ((إسناده ضعيف)) .
وكذا قال في ((التلخيص)) (4/ 180) .
وهناك سبب آخر موجب لضعفه، وهو الاختلاف في سنده.
فأخرجه الدارقطني (4/ 203) ، والحاكم (4/ 88) من طريق فرج بن فضالة، عن محمد بن

عبد الأعلى بن عدي، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص: ((اقض بينهما)) . قال: وأنت هاهنا يا رسول الله؟!! قال: ((نعم)) . قال: على ما أقضى؟ ، قال: إن اجتهدت فأصبت، لك عشرة أجور؛ وإن اجتهدت فأخطأت، فلك أجر واحد)) . واللفظ للدارقطني.
وقد رواه عن فرج عامر بن إبراهيم الأنبا ري، ويزيد بن هارون.
ووجه الاختلاف أنه جعله من مسند ((عبد الله بن عمرو)) .
ثم وجه آخر من الاختلاف في سنده. ... =

= أخرجه أحمد (4/ 205) ، والدارقطني (4/ 203) من طريق فرج بن فضالة، عن ربيعة بن يزيد، عقبه بن عامر مرفوعاً بمثله.
وقد رواه عن الفرج يزيد بن هارون، وهاشم بن القاسم، ومحمد بن الفرج بن فضالة.
قال الحافظ الهيثمي (4/ 195) : ((رجاله رجال الصحيح)) !!
وهي غفلة منه - رحمه الله -، وفرج بن فضالة لم يخرج له أحد من الشيخين لا أصلاً، ولا استشهاداً. وله طريق آخر إلى عقبة بن عامر.
يرويه حفص بن سليمان، عن كثير بن شنظير، عن أبي العالية، عن عقبة به.
أخرجه الطبراني في ((الصغير)) (1/ 51) وقال: ((لم يروه عن ابن شنظير إلا حفص، ولا يروي عن عقبة إلا بهذا إسناد)) .
قلت: وسنده ضعيف جداً، وحفص بن سليمان متروك، بل كذبة ابن خراش.
وعندي أن الاختلاف في سند الحديث هو من فرج بن فضالة، لأن كل من روى ثقات، على كلام في بعضهم.
وفي كلام الطبراني ما يدل على أن الحديث لا يعرف عن عقبة بن عامر من طريق الفرج هذا. إنما هو خطأ منه. والله أعلم.
وقد روى حديث الباب بلفظ آخر، وهو الحديث الآتي:

(2/24)


134- ((إذَا قَضى القَاضِي، فَاجتَهدَ، فَأصَابَ، فَلَهُ عَشرُة أجُورِ، وَإذَا اجتهدَ فَأخطَأ، كَانَ لَهُ أجرٌ أو أجَرانِ)) . (1)
__________
(1) 134- منكر.
أخرجه أحمد (2/ 187) حدثنا حسن، ثنا ابن لهيعة، ثنا الحارث بن يزيد، عن سلمة بن أكسوم، قال سمعت ابن حجيرة يسأل القاسم بن البرجي، كيف سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يخبر؟!
قال: سمعته يقول: إن خصمين اختصما إلى عمرو بن العاص، فقضى بينهما، فسخط المقضي عليه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: إذا قضى القاضي.... الخ)) .
قال الحافظ الهيثمي (4/ 195) : ((رواه أحمد والطبراني في ((الأوسط)) وفيه سلمة بن أكسوم، ولم أجد من ترجمه بعلم)) .
قلت: وسلمة بن أكسوم، قال الحسيني: ((مجهول)) .
فقال الحافظ في ((التعجيل)) (394) : ((لم يذكر فيه جرحاً لأحد)) !
فهل يذكر فيه تعديلاً أيضاً؟!! . وابن لهيعة فيه مقال، وقد اختلف عليه في إسناده.
فأخرجه الدارقطني (4/ 203) من طريق معاوية بن يحيى، عن ابن لهيعة، عن أبي المصعب المعافري، عن محرر بن أبي هريرة، عن أبي هريرة مرفوعاً فذكر الرفوع منه، ولكن عنده: ((.... وإذا قضى فاجتهد فأخطأ، كان له أجران)) بغير شك.
قلت: وسنده ضعيف، لاضطراب ابن لهيعة فيه، وهذا من سوء حفظه.
وأما نكارة الحديث، فلأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد، فأصاب، فله أجران 0 وإذا حكم فاجتهد، ثم أخطأ، فله أجر واحد)) .

أخرجه البخاري (13/ 318- فتح) ، ومسلم (1716) وأبو عوانة (4/ 12، 13)) ، وأبو داود (3574) ، والنسائي في ((القضاء من الكبرى)) - كما في ((أطراف المزي)) (8/ 158) -، وابن ماجه (2314) ، وأحمد (4/ 198، 204) ، والطيالسي (1451- منحة) ، والشافعي في ((مسنده)) (ج2/ رقم 621، 622) ، وابن حبان (ج 7/ رقم 5039) ، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 326) والدارقطني (4/ 210- 211) ، والبيهقي (10/ 118- 119) ، والخطيب في ((التلخيص)) (169، 446/ 1) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (10/ 115) من طريق أبي قيس مولى عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص فذكره مرفوعاً.
فهذا هو اللفظ المحفوظ، وما عداه فلا يعول عليه. والله أعلم.

(2/25)


135- ((خُذُوا شَطرَ دِينِكُم عَنْ هَذِهِ الحُميراء)) . (1)
__________
(1) 135- لا أصل له. ... =
= قال السخاوي في ((المقاصد)) (432) : ((قال شيخنا - يعني ابن حجر - في تخريج أحاديث ابن الحاجب من إملائه: لا أعرف له إسناداً، ولا رأيته في شيء من كتب الحديث، إلا في ((النهاية)) لابن الأثير، ذكره في مادة ح م ر، ولم يذكر من خرجه، ورأيته أيضاً في ((كتاب الفردوس)) ، لكن بغير لفظه، وذكره من حديث أنس أيضاً بغير إسناد، ولفظه: خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء. وبيض له صاحب ((مسند الفردوس)) فلم يخرج له إسناد. وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير أنه سأل الحافظين المزي والذهبي عنه، فلم يعرفاه)) . أهـ‍.
وقال الحافظ ابن كثير في ((تحفة الطالب)) (ق 6/ 2) : ((حديث غريب جداً، بل هو منكر، سألت عنه شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي، فلم يعرفه، وقال: لم أقف له على سند إلى الآن. وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي: هي من الأحاديث الواهية، التي لا يعرف لها إسناد)) أهـ‍. [وكذا قال الشيخ المحدث أبو الأشبال أحمد شاكر رحمه الله تعالى. وانظر ((كلمة الحق)) (ص 48- 49) ] .
وقال ابن القيم في ((المنار)) (ص- 23) : ((كل حديث فيه: يا حميراء، أو ذكر ((الحميراء)) فهو كذب مختلق)) .
قلت: فيه نظر، فقد قال الزركشي في ((الإجابة)) (ص 58) . ((سألت شيخنا الحافظ عماد الدين ابن كثير رحمه الله، فقال: كان شيخنا حافظ الدنيا أبو الحجاج المزي رحمه الله يقول: كل حديث فيه ذكر الحميراء باطل إلا حديثنا في الصوم في سنن النسائي)) .
قال الزركشي: ((قلت: وحديث آخر في النسائي أيضاً عن أبي سلمة، قال: قالت عائشة: ((دخل الحبشة المسجد يلعبون، فقال لي: ((يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم)) .... الحديث. وإسناده صحيح)) . أهـ‍.

وقال الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (2/ 444) عن حديث لعب الحبشة: ((إسناده صحيح، ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا)) .
قلت: فكأنه لم يطلع على قول أبي الحجاج المزي المتقدم.

وأخرج الحاكم (3/ 119) من طريق الفضل بن دكين، ثنا عبد الجبار بن الورد، عن عمار الذهبي، سالم بن أبى الجعد، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين، فضحكت عائشة! فقال: ((انظري يا حميراء! أن لا تكوني أنت! ، ثم التفت إلى علي، فقال: إن وليت من أمرها شيئاً، فارفق بها)) .
قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) .
فتعقبه الذهبي بقوله ((عبد الجبار لم يخرجا له)) .
قلت: وكذا عمار الذهبي، لم يخرج له البخاري شيئاً. غير أني لم أقف على أحد أثبت رواية سالم عن أم سلمة، فالله أعلم، وعلى كل حال، ففي قلبي شيء من صحة هذا الخبر. والعلم عند الله تعالى.

(2/26)


136- ((ثَلاثٌ هُنَّ عَليَّ فَريضَةٌ، وَهُنَّ لَكُم تَطوعٌ: الوترُ، وَرَكعَتَا الضُحى، وَرَكعَتا الفَجرِ)) . (1)
__________
(1) 136- منكر.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (7/2670) من طريق أبي جناب الكلبي، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً ... فذكره.
ومن هذا الوجه: أخرجه أحمد (1/ 231) ، وأبو بعيم في ((الحلية)) (9/ 232) ، ولكن عندهما: ((والنحر)) بدل ((ركعتا الفجر)) [وقع عند أبي نعيم: ((.... أبو جناب عن عمرة....)) كذا! والصواب ((عن عكرمة)) فليصحح من هنا. والله الموفق.
وأخرجه الدارقطني (2/ 21) ، والبزار (ج 3/ رقم 2433) ، والبيهقي (2/ 468- 9/ 264) ، والحاكم (1/ 300) وعندهما: ((النحر)) بدل ((ركعتا الضحى)) .
قلت: وسنده ضعيف، وأبو جناب الكلبي اسمه يحيى بن أبي حية.
ضعيف يحيى القطان، وابن معين في رواية، وابن سعد، ويعقوب بن سفيان، وابن عمار وغيرهم.
وقال أحمد: ((أحاديثه مناكير)) . وقد وصفوه بالتدليس.
قال عبد الحق في ((أحكامه)) : (( ... ولم يقل في الحديث: ((نا عكرمة)) ، ولا ذكر ما يدل عليه)) .
ولذلك قال الذهبي في ((تلخيص المستدرك)) : ((ما تكلم الحاكم عليه، وهو غريب منكر، ويحيى ضعفه النسائي والدارقطني)) .
وقال ابن الصلاح: ((حديث غير ثابت، ضعفه البيهقي في خلافياته)) .
وكذلك ضعفه ابن الجوزي في ((التحقيق)) ، والنووي في ((الخلاصة)) وكذلك نقل الحافظ في ((التلخيص)) (2/ 18) أن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ضعف الحديث
ولكن لم يتفرد به أبو جناب.
فتابعه جابر الجعفي، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً بنحوه.
أخرجه أحمد (1/ 232، 234، 317) ، والبزار (ج 3/ رقم 2434) ، وعبد بن حميد في ((المنتخب)) (586) ، والبيهقي (9/264) .

قال البزار: ((لا نعلم رواة عن ابن عباس إلا عكرمة، ولا رواه عن عكرمة إلا جابر، وأبو جناب.... ولم يكن بالقوي، واسمه يحيى بن أبي حبة)) .
قلت: وسنده ضعيف جداً. وجابر الجعفي واه.
قال الذهبي في ((الكاشف)) : ((وثقه شعبة فشذ، وتركه الحافظ)) .
وقد اتهمه بالكذب جماعة. ... =

= ومن عجيب أمر ابن الجوزي - رحمه الله - أنه كثيراً ما أسقط جابراً الجعفي في ((الموضوعات)) و ((الواهيات)) ، وإذا به يقول في ((التحقيق)) (1/ 84) : ((قال الخصم: جابر هو الجعفي، وقد كذبه أيوب السختياني وزائدة. قلنا: وقد وثقه سفيان الثوري وشعبة، وكفى بهما)) !!
وما هذا إلا لأجل المذهب - عفا الله عنا وعنه -.
قال الحافظ في ((التلخيص)) : لم يتفرد به أبو جناب، بل تابعه أضعف منه وهو جابر الجعفي)) أهـ‍
[وقد خالفهما أبان بن تغلب، فرواه عن عكرمة مرسلاً أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (3/ 5/ 4573) عن معمر، عن أبان، وهذا أوثق منهما] .
وتابعه يحيى بن سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ حديث الباب.
أخرجه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 449 - 450) من طريق ابن شاهين، وهذا في ((الناسخ والمنسوخ)) (ق / 17/ 2) عن وضاح بن يحيى، حدثنا مندل، عن يحيى بن سعيد به.
قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يثبت. فيه وضاح بن يحيى. قال ابن حبان: كان يروي عن الثقات الأحاديث المقلوبات التي كأنها معمولة، فلا يحتج به. قال أحمد: ومندل ضعيف)) أهـ‍.
وله شاهد من حديث أنس، - رضي الله عنه -.
أخرجه الدارقطني (2/ 21) ، وابن شاهين في ((الناسخ والمنسوخ)) (ق 17/ 2- 18/1) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 450) من طريق عبد الله بن محرر، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً: ((أمرت بالضحى والوتر، ولم يفرض علي)) .
قال ابن شاهين (ق 18/ 1) : ((والحديث الأول أقرب إلى الصواب، لأن الثاني فيه عبد الله بن محرر، وليس هو عندهم بالمرضى، ولا أعلم الناسخ منهما لصاحبه، ولكن الذي عندي أشبه أن يكون حديث عبد الله بن محرر على ما فيه ناسخاً للأول، لأنه ليس يثبت أن هذه الصلوات فرض، والله أعلم)) . أهـ‍.
قلت: كذا قال ابن شاهين - يرحمه الله تعالى - وأغرب في ذلك، لأننا لو سلمنا بأن هناك ناسخاً ومنسوخاً، لاشترطنا صحة الأدلة قبل إثبات الدعوى، كيف والأدلة ضعيفة لا يفرح بها. ومع هذا فالأشبه عندي أنه لا يثبت نسخ حتى الأدلة النسخ كما يقول العلماء إنما يلجأ إليه عند تعارض الأدلة، بشرط أن تكون صحيحة. والشرط غير موجود، فانتفى المشروط. والله أعلم.
وحديث أنس واه، لأن عبد الله بن المحرر متروك الحديث، بل كذبه بعضهم. والعلم عند الله تعالى.

(2/27)


137- ((إنَّ للهِ ضَنائِنَ مِن عِبادِهِ، يَضِنُّ بِهِم مِنَ القَتلِ وَالأمراضِ، يَعيَّشُهم في عَافِيةٍ، وَيُميتُهم في عَافِيةٍ)) . (1)
__________
(1) 137- باطل. ... =
=أخرجه أبن طهمان في ((مشيخته)) (1/ 1/ 98- 99) عن نصر أبي جزء عن علي بن الحكم، عن أبي الحسن، عن سعيد بن عامر، قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.
قلت: وهذا سند تالف.
ونصر هذا: هو ابن طريف اتهمه ابن معين بالوضع. وتركه النسائي وغيره.
وقال أحمد: ((لا يكتب حديثه)) .
وقال الفلاس: ((.. حدث بأحاديث ثم مرض، فرجع عنها، ثم صح فعاد إليها)) !! يعني أحاديث مختلفة.
هذه علة
والعلة الثانية: أن أبا الحسن هذا هو الجوزي.
قال ابن المديني: ((مجهول)) . ووافقه الحافظ في ((التقريب)) .
والعلة الثالثة: هي الانقطاع بين أبي الحسن، وسعيد بن عامر الصحابي فإنه من المحال أن يدرك أبو الحسن الجوزي هذا الصحابي الجليل. لأن أبا الحسن إنما يروي عن مقسم مولى ابن عباس. ومقسم نفسه لم يدرك سعيد بن عامر لأنه توفي قديماً سنة (20هـ‍) من خلافة الفاروق - رضي الله عنه - وقد ترجم البخاري في ((الكنى)) (ص 21) لأبي الحسن، وساق له شيئاً يرويه عن أبي أسماء الرحبي فالذي يروي عن مقسم، وعمرو بن مرة، وأبي أسماء الرحبي لا يمكن أن يدرك سعيد بن عامر. والله أعلم.
وبعد سقوط السند، فالمتن أيضاً باطل لأنه يناقض صريح الكتاب والسنة.
أما الكتاب الكريم، فقد قال الله تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} 2/155.وقال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} 3/ 186.

وأما السنة، فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى الرجل على قدر دينه، فإن كان دينه صلباً، اشتد بلاؤه، وان كان في دينه رقة، ابتلى على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة)) .

أخرجه النسائي في ((الكبرى)) - كما في ((الأطراف)) (3/ 318) ، والترمذي (2398) ، وابن ماجه (4023) ، والدارمي (2/ 228) ، وأحمد (1/ 172- 174، 180، 185) ، وفي ((الزهد)) (ص 53) ، وابن أبي شبية (3/ 233) ، والطحاوي في ((المشكل)) (3/ 61) ، وابن حبان (699، 700) ، والحاكم (1/ 41) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (1/ 368) من طريق الطيالسي وهو في ((مسنده)) (215) ، والدورقي في ((مسند سعد ابن أبي وقاص)) (ج1/ق6/2) ، وبحشل في ((تاريخ واسط)) (ص283) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (215) ، والدورقي في ((مسنده)) (ج 2/ رقم 830) ، وعبد بن حميد في ((المنتخب)) (146) ، وابن سعد في ((الطبقات)) (2/ 209) ، والخطيب في ((التاريخ)) (3/ 378- 379) ، والبيهقي (3/ 372- 373) ، والبغوي في ((شرح السنة)) = = (5/ 244) من طرق عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص مرفوعاً فذكره.
قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)) .
قلت: وسنده حسن لأجل عاصم، ولكنه توبع.
تابعه العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن سعد بن أبي وقاص مرفوعاً به.
أخرجه ابن حبان (698) ، والحاكم (1/ 40- 41) . وسنده صحيح. وللحديث شواهد أخرى.
فيظهر مما ذكرته أن الحديث الباب باطل، لا ريب في ذلك وقد روي بلفظ آخر أقل نكارة من هذا وهو: ((إن لله ضنائن من عباده، يغذوهم في رحمته، ويجييهم في عافيته، وإذا توفاهم، توفاهم إلى جنته، أولئك الذين تمر عليهم الفتن كالليل المظلم، وهم في عافية)) .
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 13425) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 152) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (1/ 6) ، والخطيب في ((تلخيص المتشابه)) (1/ 139 - 140) من طريق إسماعيل بن عياش، نا مسلم بن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً به.
قال العقيلي: ((مسلم بن عبد الله عن نافع، مجهول بالنقل وحديثه غير محفوظ.. ثم قال: والرواية في هذا الباب فيها لين)) .
وقال الذهبي في ((الميزان)) (4/ 105) : ((مسلم بن عبد الله، لا يعرف، والخبر منكر تفرد به عنه إسماعيل بن عياش)) . أهـ‍.
وأقره الحافظ في ((اللسان)) (6/ 30) .

(2/28)


138- ((ابنُكَ لَهُ أجرُ شَهيدَينِ)) . قَالتْ: وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسولَ اللهِ؟ قَالَ: ((لأنَّهُ قَتَلهُ أهلُ الكِتابِ)) . (1)
139- ((كَانَ رَسولُ اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلَم يَقولُ مَا بَينَ الرُّكنَينِ: {رَبنا آتِنَا في الدُّنيا حَسنَةً وَفي الآخرةِ حَسنةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ)) . (2)
__________
(1) 138- ضعيف.
أخرجه أبو داود (2488) ، ومن طريقه البيهقي (9/ 175) من طريق فرج بن فضالة، عن
عبد الخبير بن ثابت بن قيس بن شماس، عن أبيه، عن جده، قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقال لها: أم خلاد، وهي منتقبة، تسأل عن ابنها وهو مقتول. فقال لها بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: جئت تسألين عن ابنك، وأنت منتقبة؟! . فقالت: إن أُرزأ ابني فلن أرزا حيائي!! فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((ابنك.... الحديث)) .
قال الحافظ في ((التهذيب)) : ((وقع عند أبي داود: عبد الخبير بن ثابت بن قيس بن شماس، والصواب ما ذكره المؤلف - يعني أن صوابه: عبد الخبير قيس بن ثابت - فإن قيس بن شماس لا صحبة له)) . أهـ‍.
قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان: ... =
= الأولى: ضعف فرج بن فضالة.
الثانية: قال البخاري في ((التاريخ)) (3/ 2/ 137) : ((عبد الخبير، عن أبيه عن جده ... حديثه ليس بقائم)) وروى ابن عدي في ((الكامل)) (5/ 1985) مقالة البخاري، ثم قال: ((وعبد الخبير ليس بالمعروف، وإنما أشار البخاري إلى حديث واحد)) فالظاهر أنه يعني هذا الحديث.
وقال أبو حاتم: نقله عنه ولده في ((الجرح والتعديل)) (3/ 1/ 38) .
وكذا قال أبو أحمد الحاكم.
ونقل الحافظ أن ابن عدي قال: ((منكر الحديث)) .
ولم أجد هذا العبارة في ((الكامل)) . فالله أعلم.
(2) 139- ضعيف.

أخرجه أبو داود (1892) ، والنسائي في ((الكبرى)) - كما في ((أطراف المزي)) (4/ 347) -، وأحمد (3/ 411) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (456) ، والشافعي في ((مسنده)) (1/ 215) ، وابن حبان (1001) ، والحاكم (1/ 455) ، والبيهقي (5/ 84) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (7/ 128) من طريق ابن جريح، حدثني يحيى بن عبيد، مولى السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن السائب، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ما بين الركنين: ... فذكره.
قال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)) ووافقه الذهبي!!
قلت: وهو وهم غريب، لا سيما من الذهبي رحمه الله، فقد ترجم لعبيد مولى السائب بقوله: ((ما روى عنه سوى ابنه يحيى)) . يشير بذلك إلى جهالته.
ثم مسلم لم يرو له أصلاً. إنما روى له أبو داود والنسائي هذا الحديث الواحد. والله أعلم.

(2/29)


140- ((لَحمُ صَيدِ البرِّ لَكُم حَلالٌ (وَفي رِوايةٍ: وَأنتُم حُرمٌ) مَا لَم تَصِيدوهُ، أوْ يُصد لَكُم)) . (1)
__________
(1) 140- ضعيف.
أخرجه أبو داود (1851) ، والنسائي (5/ 187) ، والترمذي (846) ، وأحمد (3/ 362) ، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (8349) ، والشافعي في ((مسنده)) (1/ 322- 323-) ، وابن خزيمة (4/180) ، وابن حبان (980) ، والطحاوي في ((شرح المعاني)) (2/ 171) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (5/ 190) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (7/ 263- 264) من طرق عن عمرو بن أبي مولى المطلب، عن المطلب، عن جابر مرفوعاً.. فذكره. ... =
=وقد رواه عن عمرو، جماعة منهم: ((يعقوب بن عبد الرحمن، ويحيى بن عبد الله بن سالم، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، ومالك، وسليمان بن بلال)) وخالفهم عبد الرحمن بن أبي الزناد، فرواه عن عمرو، أخبرني رجل ثقة من بني سلمة، عن جابر فذكره.
أخرجه أحمد (3/ 189) حدثنا سريج، ثنا ابن أبي الزناد به وعبد الرحمن بن أبي الزناد متكلم في حفظه، فروايته مرجوحة وقد أخرجه الطحاوي (2/ 171) ، والدارقطني (2/ 290) من طريق الدراوردي، عن عمرو، عن رجل من الأنصار، عن جابر مرفوعاً به.
قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) ووافقه الذهبي!!
قلت: كذا!! وكأنهما لم يستحضرا علة الحديث، وهي الانقطاع.
فقد قال الترمذي: ((المطلب، لا نعرف له سماعاً من جابر)) .
وقال الدارمي: ((لا نعرف له سماعاً من أحد من الصحابة)) . وفي ((التلخيص الحبير)) (2/ 276) :
((قال البخاري لا أعرف له سماعاً من أحد من الصحابة، إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم علة أخرى قال النسائي عقبه: ((عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث، وإن كان روى عنه مالك)) .

قلت: يشير إلى أن شيوخ مالك فيهم ضعفاء، وليس قولهم ((مالك لا يروي إلا عن ثقة على إطلاقه. وهو الحق، إنما يقصدون بهذه العبارة في حق أي راو الغالب. والله أعلم.
تنبيه: هذا الحديث عزاه الحافظ في ((التلخيص)) (2/ 276) لأصحاب السنن، وهو تسامح فلم يروه ابن ماجه منهم، فليعلم ذلك، والله أعلم.

(2/30)


141- ((لاَ بَأسَ إذَا أخذتَها بِسعرِ يَومِهَا، مَا لَم تَفتَرِقا وَبَينَكُما شَيءٌ)) . (1)
__________
(1) 141- ضعيف مرفوعاً.
أخرجه أبو داود (3354، 3355) ، والنسائي (7/281، 282، 283) ، والترمذي (1242) ، وابن ماجه (2262) ، والدرامي (2/ 174) ، وأحمد (2/ 33، 83- 84، 139) ، والطيالسي (1868) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (655) ، وابن حبان (1128) ، والطحاوي في ((المشكل)) (2/ 96) ، والدارقطني (3/ 23- 24) ، والحاكم (2/ 44) ، والبيهقي (5/ 284، 315) من طرق عن حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كنت أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع الدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير. قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في بيت حفصة رضي الله عنها، فقلت: يا رسول الله! رويدك أسالك! إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم - وأبيع الدراهم وآخذ الدنانير، فقال: ((لا بأس.... الحديث)) . ... =
=قال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)) ووافقه الذهبي!
قلت: جرى الحاكم وتبعه الذهبي على ظاهر السند، مع أن للحديث علة، أفصح عنها الترمذي بقوله: ((هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر. وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفاً)) . أهـ‍.
وقال البيهقي: ((تفرد به سماك بن حرب عن سعيد بن جبير، من أصحاب ابن عمر)) .
قلت: يعني برفعه، وسماك كان يقبل التلقين، وخالفه داود بن أبي هند، وهو أوثق منه فأوفقه على ابن عمر.

قال الحافظ في ((التلخيص)) (3/ 26) : ((روى البيهقي من طريق داود الطيالسي، قال: سئل شعبة عن حديث سماك هذا، فقال شعبة: سمعت أيوب عن نافع، عن ابن عمر، ولم يرفعه. ونا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، ولم يرفعه. ونا يحيى بن أبي إسحق عن سالم، عن ابن عمر ولم يرفعه، ورفعه لنا سماك بن حرب، وأنا أفرقه)) . أهـ‍.
فهذا يدل دلالة قاطعة على ضعف رواية الرفع. والله أعلم.

(2/31)


142- ((أَيما امرأةٍ زَوَّجَها وَلِياَّنِ، فَهِيَ لِلأَولِ، وَأيمَا رَجلٍ بَاعَ بَيعاً مِن رَجُلينِ، فَالبَيعُ لِلأولِ)) . (1)
143- ((صَلَّى رَسولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلَّمَ بِالنَّاسِ، فَسَها في صَلاتِهِ، فَسَجَدَ سَجدتي السَّهوِ، ثُم تَشهدَ، ثُم سَلَّمَ)) . (2)
__________
(1) 142- ضعيف.
أخرجه أبو داود (2088) ، والنسائي (7/ 314) ، والترمذي (1110) ، وابن ماجه (2191) بشطره الثاني، والدارمي (2/ 64) ، وأحمد (5/ 8، 11، 12، 18) ، والطيالسي (903) ، وابن الجارود (622) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 7/ رقم 6839- 6843) ، وفي ((مسند الشاميين)) (2649) ، والحاكم (2/ 35، 174- 175) ، والبيهقي (7/ 139، 141) من طرق عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب مرفوعاً فذكره.
وأخرج ابن ماجه (2190) شطره الثاني من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر أو سمرة.
هكذا على الشك في اسم الصحابي.
وأخرجه الدارمي أيضاً (2/ 63- 64) بالشك، ولكن بلفظه تاماً.
والشك من سعيد بن أبي عروبة، كما يظهر من تأمل الطرق.
قال الترمذي: ((حديث حسن)) .
وقال الحاكم: ((صحيح على شرط البخاري)) ووافقه الذهبي! =
= ونقل الحافظ في ((التلخيص)) (3/ 165) أن أبا زرعة وأبا حاتم صححاه، ثم قال: ((وصحته متوقفة على ثبوت سماع الحسن من سمرة، فإن رجاله ثقات)) أهـ‍.
قلت: صرح جمع من النقاد بثبوت سماع الحسن من سمرة، ولكن الحسن مدلس، فنحتاج إلى تصريحه بالسماع في كل حديث على حدة. أما الاختلاف على الحسن فيه، فلا يضر؛ لأن الذي شك في تعيين الصحابي هو سعيد بن أبي عروبة كما قدمت، وقد خالفه كثير من الثقات، فهم يترجحون عليه. والله أعلم.
(2) 143- ضعيف شاذ.

أخرجه أبو داود (1039) ، الترمذي (395) ، وابن خزيمة (2/ 134) ، وابن حبان (536) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (347) ، والحاكم (1/ 323) ، والبيهقي (2/ 355) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (3/ 297) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، ثنا أشعث بن عبد الملك، عن محمد بن سيرين، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين فذكره.

قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) ((ووافقه الذهبي)) !!
قلت: لا، وأشعث بن عبد الملك وإن كان ثقة، فإن مسلماً لم يخرج له مطلقاً، وعلق له البخاري في ((الصحيح)) فلا يكون على شرط واحد منهما. والله أعلم.
وقال الترمذي: ((حديث حسن غريب)) .
وفي بعض النسخ زيادة: ((صحيح)) .
قلت: وهذا السند وإن كان ظاهره الصحة، فإن ذكر التشهد قبل السلام من سجود السهو شاذ؛ لأن أشعث بن عبد الملك هو الذي تفرد بذكر التشهد في سجود السهو.
وقد صح الحديث بدون هذه الزيادة.
فأخرجه مسلم (574) ، وأبو عوانة (2/ 198- 199) ، وأبو داود (1018) ، والنسائي (3/26) ، وابن ماجه (1215) ، وأحمد (4/ 437، 441) ، والطيالسي (847) ، وابن خزيمة (2/ 130) ، وابن حبان (ج 4/ رقم 2663) ، وابن الجارود (245) ، والطحاوي في ((شرح المعاني)) (1/442، 443) ، والبيهقي (2/ 335، 354، 355، 359) من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى صلاة العصر ثلاث ركعات، فسلم فقيل له. فصلى ركعة، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم)) . ... =
= وقد رواه عن خالد الحذاء جماعة منهم: ((شعبة، ووهيب، وابن عليه، والثقفي، وهشيم، وحماد بن زيد، ومعتمر بن سليمان، ويزيد بن زريع، ومسلمة بن محمد وغيرهم)) .
فثبت بذلك أن الحديث ثابت بغير هذه الزيادة، يدل على ذلك أن محمد بن سيرين، قيل له: فالتشهد؟! ? يعني بعد سجود السهو ? قال: لم أسمع في التشهد شيئاً)) .
وقال ابن المنذر: ((لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت)) .
وقال البيهقي: ((أخطأ أشعث فيما رواه)) .
[وأغرب ابن التركماني - رحمه الله - في رده على البيهقي في ((الجوهر النقي)) إذ زعم أن هذه زيادة ثقة، فيجب أن تقبل. وما ذكرته من التحقيق يرده] .
وقال الحافظ في ((الفتح)) : ((زيادة أشعث شاذة)) .
ثم رأيت النسائي (3/ 26) ، وابن خزيمة (2/ 134) رويا هذا الحديث من طريق أشعث بسنده المتقدم كرواية الجماعة عن خالد الحذاء يعني لم يذكر التشهد.
فهذا يؤكد شذوذ هذه الزيادة.
ولكن قال الحافظ في ((الفتح)) (3/ 99) : ((لكن قد ورد في التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود والنسائي. وعن المغيرة عند البيهقي، وفي إسنادهما ضعف، فقد يقال: إن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن. قال العلائي: وليس ذلك ببعيد)) . أهـ‍.
قلت: ولا يفهم من هذا أن الحافظ يميل إلى تقوية هذه الزيادة، فإنه إنما أورد هذا الكلام على لسان من يظن أنه يعترض على الحكم بشذوذها. وإن كان سكوت مثله - رحمه الله - عن سوق هذا الإعتراض بدون التعقب عليه غير سديد.
فلننظر في هذه الشواهد:
أولاً: حديث ابن مسعود. - رضي الله عنه -.
أخرجه النسائي في ((الصلاة - من الكبرى)) - كما في ((أطراف المزي)) (7/ 158) - وأبو داود (1028) ومن طريقه الدارقطني (1/ 378) ، والبيهقي (2/ 336، 355- 356) من طريق محمد بن سلمة، عن خصيف، عن أبي عبيدة، عن أبيه عبد الله بن مسعود مرفوعاً: ((إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع، وأكبر ظنك على أربع، تشهدت، ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضاً ثم تسلم)) .
قال أبو داود: ((رواه عبد الواحد عن خصيف، ولم يرفعه. ووافق عبد الواحد أيضاً سفيان، وشريك، وإسرائيل. واختلفوا في متن الحديث، ولم يسندوه)) .
قلت: يشير أبو داود إلى أنه اختلف عن خصيف في إسناده فالأكثرون رووه موقوفاً. ... =
= ورواية الثوري أخرجها عبد الرزاق في ((المصنف)) (2/ 314/ 3499) عنه، عن خصيف، عن أبي عبيدة، عن أبن مسعود أنه تشهد في سجدتي السهو.
وأخرجه أحمد (1/ 429) ، وابن أبي شيبة (2/ 31) قالا: حدثنا محمد بن فضيل، ثنا خصيف، ثنا أبو عبيدة، عن أبيه موقوفاً بلفظ الثوري المتقدم.
فحاصل الأمر أن خمسة من الثقات خالفوا محمد بن سلمة فيه ومحمد بن سلمة ثقة رفيع القدر، وهذا الاختلاف هو من جهة خصيف بن عبد الرحمن.
ضعفه أحمد قال: ((ليس بحجة، ولا قوى في الحديث)) .
وقال مرة: ((شديد الاضطراب في المسند)) .
يشير إلى أنه يرفع أحاديث، وهي الأصل موقوفه.
وقال أبو حاتم: ((صالح، يخلط. وتكلم في سوء حفظه.
ووثقه جماعة كابن معين، وأبو زرعة وغيرهما.
فرفعه لهذا الحديث هو آت من سوء حفظه.
فالراجح في الحديث أنه موقوف، ثم فوق ذلك فإنه منقطع لأن أبا عبيدة لم يسمع أبيه، كما تقدم شرحه مستوفي في هذا الكتاب. والله أعلم.
فيكون الموقوف ضعيفاً أيضاً ...
[وقال البيهقي: هذا غير قوي، ومختلف في رفعه ومتنه. وفي ((نيل الأوطار)) (3/ 138) عن البيهقي قال: ((ومتنه غير قوي)) ] .
ثانياً: حديث المغيرة بن شعبة. - رضي الله عنه -.
أخرجه البيهقي (2/355) من طريق عمران بن أبي ليلى، عن ابن أبي ليلى، قال: حدثني الشعبي عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي السهو)) .
قال البيهقي: ((وهذا يتفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الشعبي. ولا يفرح بما يتفرد به. والله أعلم)) أهـ‍.
وعمران: هو ابن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وثقه ابن حبان.
وقال الحافظ عنه: ((مقبول)) يعني عند المتابعة.
وقد تابعه هشيم بن بشير على إسناده ولكنه خالفه في متنه فرواه، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبي قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين. فسبح به القوم، وسبح بهم. فلما صلى بقية صلاته سلم، ثم سجد سجدتي السهو، وهو جالس. ثم حدثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل بهم مثل الذي فعل)) .
أخرجه الترمذي (364) : فلم يذكر ما ذكره عمران بن محمد عن أبيه في رواية البيهقي وتابع هشيماً عليه سفيان الثوري. ... =
= أخرجه أحمد (4/ 248) حدثنا عبد الرزاق، أنا سفيان به فهذا الاضطراب في متنه هو من ابن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ جداً ونقل الترمذي عن أحمد عقب الحديث قوله: ((لا يحتج بحديث ابن أبي ليلى)) .
وعن البخاري قال: ((ابن أبي ليلى هو صدوق، ولا أروي عنه، لأنه لا يدري صحيح حديثه من سقيمه، وكل من كان مثل هذا فلا أروي عنه شيئاً)) .
وقال البيهقي في ((المعرفة)) : ((لا حجة فيما تفرد به لسوء حفظه، وكثرة خطئه في الروايات)) نقله الشوكاني في ((النيل)) (3/139) .
قلت: فهذا ما ذكره الحافظ ونقل عن العلائي أنه لا يستبعد حسنه، وتبين من التحقيق أنها شواهد ضعيفة لا تصلح أن يقوى بعضها بعضاً لشدة الاختلاف فيها.
وهناك حديث آخر عن عائشة وفيه: ((وتشهدي، وانصرفي ثم اسجدي سجدتين وأنت قاعدة، ثم تشهدي)) .
أخرجه الطبراني وفي إسناده موسى بن مطير، عن أبيه. وموسى واهٍ تركه أبو حاتم والنسائي وغيرهما، بل كذبه يحيى بن معين.
وأبوه قال أبو حاتم: ((متروك الحديث)) . فالحديث ساقط. والله أعلم.

(2/32)


144- ((إذَا قَامَ أحَدُكُم إلى الصَّلاةِ، فَلاَ يَمسَحِ الحَصَى، فإنَّ الرَّحمةَ تُواجِهُهُ)) . (1)
__________
(1) 144- ضعيف.
أخرجه أبو داود (945) ، والنسائي (3/6) ، والترمذي (379) ، وابن ماجة (1027) ، والدارمي (1/263) ، وعبد الرزاق (2398، 2399) ، وأحمد (5/ 150، 163، 179) ، وابن خزيمه (2/183) ، والحميدى (128) ، والبيهقي (2/ 284) من طريق الزهري، عن أبي الأحوص، عن أبي ذر مرفوعاً.. فذكره.
قال الترمذي: ((حديث حسن)) .
قلت: بل ضعيف؛ لأمرين:
الأول: أن أبا الأحوص، مجهول
قال ابن القطان ((لا يعرف له حال))
وقال ابن معين: ((فيه جهالة)) .
فتعقبه ابن عبد البر بقوله: ((قد تناقض ابن معين في هذا، فإنه سئل عن أكيمة، وقيل له: لم يرو عنه غير ابن شهاب فقال: يكفيه قول ابن شهاب: حدثني ابن أكيمة. فيلزمه مثل هذا في أبي الأحوص)) .
أهـ‍.
قلت: وهذا إلزام بما لا يلزم لأن أبا الأحوص وعمارة بن أكيمة وإن لم يرو عنهما غير الزهري لكن ابن أكيمة أحسن حالاً من أبي الأحوص.
وبيانه: أن أبا الأحوص قد نص بعض أهل العلم على جهالته.
أما عمارة بن أكيمة: فقد قال يعقوب بن سفيان: ((هو من مشاهير التابعين بالمدينة)) .
وقال أبو حاتم: ((صحيح الحديث حديثه مقبول)) .
نقله عنه ولده في ((الجرح والتعديل)) (3/ 1/362) .
ووقع في ((التهذيب)) (7/ 410) : ((صالح تحديث)) .
ووثقه يحيى بن سعيد القطان، مع تعنته.
وذكر ابن حبان في ((الثقات)) .
بل قال ابن البر: ((إصغاء سعيد بن المسيب إلى حديثه دليل على جلالته عندهم)) فلا يمكن أن يسوي هذا بهذا.
وعلى التنْزل: فلو سلمنا لابن عبد البر إلزام ابن معين، فحاصل الأمر أن أبا الأحوص يقبل حديثه استشهاداً.
وهذا يفهم من صنيع الحافظ، فإنه قال فيه: ((مقبول)) . ... =
= يعني عند المتابعة.
فكيف إذا خولف.
وهذا هو:
الوجه الثاني:

أن أبا الأحوص كنا نُحسن حديثه إذا توبع، أما إذا خولف، فلا. فقد خالفه مجاهد، فرواه عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كل شيء، حتى عن مسح الحصى! . فقال: ((واحدة)) .
أخرجه الطيالسي (47.) قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد به. وكذا أخرجه عبد الرزاق (2/40/2404) .

قال الطيالسي: ((وقال سفيان: عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه)) . أهـ‍.
قلت: وقد تكلم بعض أهل العلم في سماع عبد الله بن أبي نجيح من مجاهد.
فقال ابن حبان: ((روى عن مجاهد من غير سماع)) .
وخص بعضهم هذا التفسير فقط.
وصنيع الطيالسي - رحمه الله - يشير إلى أن مجاهداً إنما أخذه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.
وقد أخرجه عبد الرزاق في ((مصنفه)) (2/39/2406) ، وأحمد (5/163) ، والطحاوي في ((المشكل)) (2/183) ، وابن خزيمة (2/6.) من طريق سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بنأبي ليلى، عن أبي ذر، قال ... فذكره باللفظ السابق.
قلت: وسنده ضعيف لأجل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد تقدم في الحديث السابق حاله.
لكن يشهد لحديثه ما أخرجه البخاري (3/79 ? فتح) ، ومسلم (546) ، وأبو عوانة (2/190، 191) ، وأبو داود (946) ، والنسائي (3/7) ، والترمذي (38.) ، وابن ماجه (1026) ، وأحمد (3/426) ، والطيالسي (1187) ، والدارمي (1/263) ، وابن خزيمة (2/51) ، وابن الجارود (218) ، والبيهقي (2/284) من طريق يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة، عن معيقيب - رضي الله عنه - قال: قيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسح الحصى في المسجد، فقال: ((إن كنت فاعلاً، فواحدة)) .
وقد رواه عن يحيى بن أبي كثير جماعة، منهم: ((شيبان بن عبد الرحمن، وهشام الدستوائي، والأوزاعي.
وخالفهم معمر بن راشد في إسناده.
فرواه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة مرسلاً.
أخرجه عبد الرزاق (2/40/2406) . =
=ورواية الجماعة أرجح بلا ريب.
فالحاصل أن حديث الباب معمول بجهالة أبي الأحوص، ثم بالمخالفة، وقد قال ابن خزيمة لما أخرج حديث الباب: ((باب ذكر الخبر المفسر للفظة المجملة التي ذكرتها، والدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أباح مس الحصى في الصلاة مرة واحدة)) .
والحمد لله على التوفيق.

(2/33)


145- ((الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ سَبعُ آياتٍ، بِسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ إحداهنَّ، وَهي السَّبعُ المَثانِي وَالقُرآنُ العظيمُ، وَهي أمُّ الكِتابِ، وَفاتِحةُ الكِتابِ)) . (1)
146- ((إذَا وَضعتَ جَنبكَ عَلَى الفِراشِ، وَقَرأتَ ((فَاتِحةَ الكِتابِ)) و ((قُلْ هُوَ اللهُ أحدٌ)) ، فَقَد أمِنتَ مِن كُلِّ شَيءٍ إلاَّ المَوتَ)) . (2)
__________
(1) 145- ضعيف بهذا السياق.
أخرجه الدارقطني (1/ 312) ، ومن طريقه البيهقي (2/ 45) من طريق أبي بكر الحنفي، ثنا عبد الحميد بن جعفر، أخبرني نوح بن أبي بلال، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة به.
قال أبو بكر الحنفي: ((ثم لقيت نوحاً، فحدثني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة بمثله، ولم يرفعه)) .
وأخرجه ابن مردويه في ((تفسيره)) - كما في ((ابن كثير)) (1/ 22) -، والبيهقي (2/ 376- 377) من طريق المعافي بن عمران، عن عبد الحميد بن جعفر بسنده سواء.
ونقل الحافظ ابن كثير عن الدارقطني أنه قال: ((كلهم ثقات)) .
قلت: ويظهر أن عبد الحميد بن جعفر وهم في رفعه. فهو وإن وثقه غير واحد فقد ضعفه الثوري، ولينه النسائي وقال ابن حبان: ((ربما اخطأ)) .
ومما يدل على أنه وهم في رفعه أن أبا بكر الحنفي - وهو أوثق من عبد الحميد - لقى نوح بن أبي بلال فحدثه به، فأوقفه وهو الصواب.
ومما يدل على ذلك أن ابن ذئب رواه عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((أم القرآن: هي السبع المثاني، والقرآن العظيم)) .
ولم يذكر ((إحداهن بسم الله الرحمن الرحيم)) .
أخرجه البخاري (8/ 381- فتح) ، وأبو داود (1457) ، والترمذي (3124) ، والدارمي (2/ 321) ، والطبري في ((تفسيره)) (14/ 41) ، والطحاوي في ((المشكل)) (2/ 78) ، وأحمد (2/ 448) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (4/ 445) من طريق عن ابن أبي ذئب.
(2) 146- ضعيف. ... =

=أخرجه البزار (ج 4/ رقم 3109) من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا غسان بن عبيد، عن أبي عمران الجوني، عن أنس مرفوعاً به.
قال البزار: ((لا نعلمه بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه عن أنس، ولم نسمعه إلا من إبراهيم)) .
وقال الهيثمي (10/ 121) : ((فيه غسان بن عبيد، وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح)) .

قلت: غسان بن عبيد.
قال أحمد: ((كتبنا عنه، وخرقت حديثه)) .
وضعفه ابن معين وابن عدي، وغيرهما.
فهو علة الحديث.
وأصح ما ورد في هذا الباب هو ما أخرجه البخاري (4/ 487- فتح) ، والنسائي في ((اليوم والليلة)) (959) ، وابن خزيمة (4/ 91- 92/ 2424) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (7/ 107- 108) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (4/ 460- 462) ، والحافظ في ((التعليق)) (3/ 296) ، من طريق عثمان بن الهيثم، نا عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت يحثو من الطعام فأخذته.... وذكر الحديث وفيه أن الجني قال لأبي هريرة: ((إذا أويت إلى فراشك، فأقرأ آية الكرسي من أولها إلى آخرها، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح)) .
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أما إنه قد صدقك، وهو كذوب)) .
قال النووي في ((الأذكار)) (75- 76) : أخرجه البخاري في ((صحيحه)) ، فقال: وقال عثمان بن الهيثم، حدثنا عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. وهذا متصل، فإن عثمان بن الهيثم أحد شيوخ البخاري الذين روى عنهم في ((صحيحه)) ، وأما قول أبي عبد الله الحميدي في ((الجمع بين الصحيحين)) : أن البخاري أخرجه تعليقاً، فغير مقبول، فإن المذهب الصحيح المختار عند العلماء، والذي عليه المحققون، أن قول البخاري وغيره: ((وقال فلان)) محمول على سماعه منه واتصاله إذا لم يكن مدلساً، وكان قد لقيه، وهذا من ذلك)) . أهـ‍.
فتعقبه الحافظ في ((النتائج)) بقوله: ((الذي ذكره الشيخ عن الحميدي، ونازعه فيه، لم ينفرد به الحميدي بل تبع فيه الإسماعيلي، والدارقطني، والحاكم، وأبا نعيم، وغيرهم، وهو الذي عليه عمل المتأخرين والحفاظ، كالضياء المقدسي، وابن القطان، وابن دقيق العيد، المزي. وقال الخطيب في ((الكفاية)) : لفظ: قال لا يحمل على السماع إلا ممن عرف من عادته أنه لا يقولها إلا في موضع السماع)) أهـ‍.
نقله عنه ابن علان في ((الفتوحات)) (3/147) . ... =
= قلت: والحق، هو ما ذهب إليه الحافظ. نعم لو كانت الصيغة: ((قال لي)) فهي أظهر في الاتصال.
وقد قال البخاري في ((كتاب الأذان)) من ((صحيحه)) (2/ 334 فتح) : ((قال لنا آدم، حدثنا شعبة.... الخ)) .
قال الحافظ: قوله: ((قال لنا)) ، هو موصول.... لأني وجدت كثيراً مما قال فيه: ((قال لنا)) في ((الصحيح)) قد أخرجه في تصانيف أخرى بصيغة ((حدثنا)) . أهـ‍.
وقال في ((الفتح)) في مكان آخر (1/ 156) : ((إني استقرأت كثيراً من المواضع التي يقول فيها في ((الجامع)) : ((قال لي)) فوجدته في غير الجامع يقول فيها: ((حدثنا)) . والبخاري لا يستجيز في الإجازة إطلاق التحديث، فدل أنها من المسموع عنده ... )) . أهـ‍.
ولتفضيل القول مقام آخر.
ومما ثبت قراءته من القرآن حال النوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أتيت مضجعك للنوم فأقرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، ثم نم على خاتمتها، فإنها براءة لك من الشرك)) .
وهو حديث حسن على نحو ما حققته في ((جنة المرتاب)) (باب رقم 10) . وهناك أحاديث أخرى غير ما ذكرت، جليت القول عنها في كتأبي ((تنبيه الوسنان إلى ما صح من فضائل سور القرآن)) يسر الله إتمامه بمنه وكرمه.

(2/34)


147- ((ألاَ أُخبِرُكُم بِخيرِ النَّاسِ، وَشرِّ الناسِ؟ إنَّ مِنْ خَيرِ الناسِ رَجلٌ عَمِلَ فِي سَبيلِ اللهِ عَلَى فَرسِهِ، أو عَلَى بَعيرِهِ، أو عَلى قَدمَيهِ، حَتى يَأتيهِ المَوتُ وَهوَ عَلَى ذَلِكَ، وَإنَّ مِنْ شَرِّ الناسِ رَجُلٌ فَاجرٌ، جَرِيءٌ، يَقرأُ كِتابَ اللهِ وَلاَ يَرعَوِي إلى شَيءٍ
مِنهُ)) . (1)
148- ((النَّفقةُ فِي الحَجِّ، مِثلُ النَّفقةِ فِي سَبيلِ اللهِ، الدِّرهَمُ سَبعِمائَةٍ)) . (2)
__________
(1) 147- ضعيف.
أخرجه النسائي (6/ 11-12) ، وأحمد (3/ 41-42، 57-58) ، والحاكم (2/ 67) ، والبيهقي (9/ 160) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن حبيب، عن أبي الخير، عن أبي الخطاب، عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام تبوك يخطب الناس، وهو مسند ظهره إلى راحلته فقال: ((ألا أخبركم ... . الحديث)) .
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) وافقه الذهبي!!
قلت: هذا وهم لا سيما من الذهبي رحمه الله فانه ترجم لأبي الخطاب في ((الميزان)) (4/520) وقال: ((عن أبي سعيد، وعنه أبو الخير مرثد اليزني. مجهول)) .
وفي ((التهذيب)) : ((قال النسائي: لا أعرفه)) وكذا قال ابن المدني.
فالحديث ضعيف لجهالة أبي الخطاب عيناً وحالاً. والله أعلم. ... =
(2) 148- ضعيف.
أخرجه أحمد (5/ 354-355) ، والبخاري في ((الكبير)) (1/ 2/ 63) ، والبيهقي (4/332) من طرق عن عطاء بن السائب، عن أبي زهير الضبعي، عن عبد الله بن بريده، عن أبيه مرفوعاً.. فذكره.
وقد رواه عن عطاء منصور بن أبي الأسود وأبو عوانة وأبو حمزة السكري.
قلت: وهذا سند ضعيف لأمرين بل ثلاثة:
الأول: إن عطاء بن السائب كان قد اختلط، وهؤلاء الذين رووا عنه، أخذوا عنه بعد الاختلاط على ما هو ظاهر من ترجمته.

الثاني: إن أبا زهير الضبعي، واسمه زهير بن حرب مجهول الحال فقال ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (1/ 2/ 249) : ((حرب. قال علي بن المدني: أراه أبا زهير الضبعي الذي روى عن ابن بريده، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النفقة في الحج. روى عنه عطاء بن السائب واختلف عن عطاء فيه على وجوه شتى)) . أهـ‍.
وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (6/ 231 - 232) .

الثالث: الاختلاف في سنده عن عطاء كما مر في كلام أبي حاتم الرازي. فرواه موسى بن أعين، عن عطاء، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة عن أبيه ... فذكره.
أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (ق 97 / 1- زوائد المعجمين) .
فأدخل بين عطاء بن السائب، وابن بريدة: ((علقمة بن مرثد)) ورواية الجماعة عن عطاء أولى. والله أعلم.
وقد اختلف على حرب بن زهير فيه.
فأخرجه البزار (ج 2/ رقم 1664) من طريق عبد الرحمن بن مغراء، ثنا محمد بن أبي إسماعيل، ثنا حرب بن زهير عن أنس بن مالك قال: ((النفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف)) .
كذا لفظه ولم يذكر النفقة في الحج.
قال البزار: ((لا نعلم روى ابن زهير عن أنس إلا هذا)) .
قلت: كذا روى ابن مغراء عن محمد بن أبي إسماعيل وخالفه محمد بن بشر، فرواه عن محمد بن أبي إسماعيل، عن حرب بن زهير، عن يزيد بن زهير الضبعي، عن أنس فذكره مرفوعاً.
أخرجه البخاري في ((التاريخ)) .
فكان الاختلاف من وجهين:
الأول: أنه جعل شيخ حرب بن زهير هو: ((يزيد بن زهير)) وليس ((أنس بن مالك)) . ... =
=الثاني: أنه رفعه، في حين أن ابن مغراء رواه عن محمد بن أبي إسماعيل موقوفاً. وحرب بن زهير قد تقدم أنه مجهول الحال. أما يزيد بن زهير فلم أعرفه.
قال الهيثمي في ((المجمع)) (3/ 208) عن رواية البزار:
((وفيه من لم اعرفه)) .
ثم سماه الهيثمي في ((المجمع)) (3/ 208) عن رواية البزار: ((وفيه من لم أعرفه)) .
ثم سماه الهيثمي في موضوع آخر (5/ 282) : ((فيه محمد بن أبي إسماعيل، ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات)) !!
قلت: وهذا غريب من الحافظ الهيثمي رحمه الله تعالى ومحمد بن أبي إسماعيل من رجال مسلم. وثقه ابن معين والنسائي وابن حبان. وأثنى عليه أبو حاتم.
ثم قوله: ((وبقية رجاله ثقات)) !! وهم آخر، وحرب بن زهير تقدم الكلام عليه، وأنه مجهول الحال.
لكني تدبرت صنيع الهيثمي، فوجدته يعتد بثويثق ابن حبان، حتى وإن تفرد به - في مواضع كثيرة من ((المجمع)) وهو تصرف ضعيف، على أنني وقعت له على تناقض كثير في هذا الأمر، فالله تعالى يسامحنا وإياه.

(2/35)


149- ((لاَ أُحبُّ أنْ يَبيتَ المُسلمُ جُنباً، إني خَشيتُ أنْ يَموتَ، فَلاَ تَحضُرُ المَلائِكةُ جَنازَتَهُ)) . (1)
__________
(1) 149- موضوع.
أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) ، ومن طريقه ابن عدي في ((الكامل)) (7/ 2720) ، والذهبي في ((الميزان)) (4/ 437- 438) حدثنا شيبان، حدثنا يزيد بن عياض، حدثنا الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً.. فذكره.
قلت: وهذا سند تالف.
ويزيد بن عياض هالك.
كذبه مالك والنسائي وابن معين. وتركه النسائي في رواية، والأزدي.
وقال البخاري، ومسلم، والساجي، وأبو حاتم: ((منكر الحديث)) .
وزاد أبو حاتم: ((ضعيف الحديث)) .
ثم إن لفظ الحديث، يبعد جداً أن يقوله النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هو إلى ألفاظ الفقهاء أقرب.
ولآخر الحديث شاهد من حديث محمد بن ياسر قال: ((قدمت على أهلي من سفر فضمخوني بالزعفران. فلما أصبحت أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلمت عليه، فلم يرحب بي، ولم يبش بي، وقال: ((اذهب فاغسل هذا عنك)) قال: فغسلته عني. فجئت وقد بقي عليّ شيء. فسلمت عليه فلم يرحب بي، ولم= = يبش بي، وقال: ((اذهب فاغسل هذا عنك)) . فغسلته عني، ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلمت عليه، فرد السلام ورحب بي، وقال: ((إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخير، ولا المتضمخ بالزعفران، ولا الجنب)) .
قال: ورخص للجنب إذا أراد أن يأكل، أو ينام، أن يتوضأ.
أخرجه أبو داود (4176) ، وأحمد (4/ 320) ، والطيالسي (646) ، والبيهقي (1/ 203 و5/ 36) ، من طريق حماد بن سلمة، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، عن عمار بن ياسر. فذكره.
[وأخرجه أبو داود (4180) أيضاً من طريق الحسن البصري، عن عمار بنحوه وزاد: ((.... ولا الجنب إلا أن يتوضأ)) وهو منقطع فالحسن لم يسمع من عمار كما قال المنذري في ((الترغيب)) (1/ 91) ] .

وتابعه معمر بن راشد، عن عطاء الخراساني به.
أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (1/ 281/ 1087) عنه.
قلت: وهذا سند ضعيف، وله ثلاث علل:
الأولى والثانية: أن عطاء الخراساني ضعيف الحفظ، وكان يدلس، ولم يصرح بالسماع في شيء من الطرق التي وقفت عليها.
الثالثة: الانقطاع بين يحيى بن يعمر وعمار.

قال أبو داود: ((يحيى بن يعمر بينه وبين عمار رجل)) .
وقال الدارقطني: ((لم يلق عماراً)) .
ويدل على ذلك أن أبا داود أخرجه (4177) من طريق ابن جريج، أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار، أنه سمع يحيى بن يعمر، يخبر عن رجل، أخبره عن عمار بن ياسر بنحو القصة الماضية.
قلت: وهذا السند أصح من السابق. وفيه مجهول.
وقد اختلف على يحيى بن يعمر فيه.
وقد مر وجهان من هذا الاختلاف.
أما الوجه الثالث، فيرويه عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس مرفوعاً: ((ثلاثة لا تقربهم الملائكة: الجنب، والسكران، والمتضمخ بالخلوق)) .
أخرجه البزار (ج 3/ رقم 2930) قال: حدثنا العباس بن أبي طالب، ثنا أبو سلمة، ثنا أبان، عن قتادة، عن ابن بريدة به.
وقال: ((رواه غير العباس بن أبي طالب مرسلاً. ولا نعلمه يروي عن ابن عباس إلا من هذا الوجه.
قال الهيثمي (5/72) : ((رجاله رجال الصحيح، خلا العباس بن أبي طالب وهو ثقة)) .
وقال المنذري في ((الترغيب)) (1/ 91) : ((إسناده صحيح)) . ... =
= قلت: وأبان هو ابن يزيد العطار، وهو ثقة من رجال الشيخين.
وخالفه أبو عوانة، فرواه عن قتادة به موقوفاً على ابن عباس.
أخرجه البخاري في ((الكبير)) (3/ 1/ 74) ، وفي ((الصغير)) (2/ 190) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 241) .
وحديث أبان بن يزيد أثبت، لا سيما وأبو عوانة كان ضعيفاً في قتادة خصوصاً كما قال ابن المديني.
لكن بقيت العلة التي ذكرها البزار وهي الإرسال. ولا أدري من الذي خالف العباس بن أبي طالب؟!
فإن كان أوثق منه ترجحت روايته وإلا فلا. ولم أقف على رواية الإرسال هذه.
وقد اختلف فيه على ابن بريدة.
فرواه - كما في الوجه السابق عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس مرفوعاً ثم رواه عن أبيه بريدة بن الحصيب، - رضي الله عنه -.
أخرجه البخاري في ((الكبير)) (3/ 1/ 74) وفي ((الصغير)) (2/ 190) وابن أبي شيبة - كما في ((المطالب)) (2179) - والبزار (ج 3/ رقم 2929) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 241) ، وابن عدي في ((الكامل)) (4/ 1459) من طريق عبد الله بن حكيم، عن يوسف بن صهيب، عن عبد الله بن بريده، عن أبيه مرفوعاً بنحوه.
قال البزار: ((لا نعلمه يروي عن بريدة، إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه يوسف إلا عبد الله)) .
وقال البخاري عقبه: ((لا يصح)) .
قلت: وعبد الله بن حكيم: هو أبو بكر الداهري، وهو متروك.
[ومما وقع للحافظ الهيثمي - رحمه الله - أنه قال في ((المجمع)) (5/ 72) : ((وفيه عبد الله بن الحكم ولم أعرفه)) فكأنه تصحف عليه. يدل عليه أنه قال في موضع آخر (5/ 156) : ((فيه عبد الله بن حكيم وهو ضعيف)) وقد تساهل في نقده] .
قال أحمد وابن معين وابن المديني: ((ليس بشيء)) .
وقال ابن معين - مرة - والنسائي: ((ليس بثقة)) .
وكذبه الجوزجاني.
وقال ابن عدي: ((منكر الحديث)) .
وقال العقيلي: ((حدث بأحاديث لا أصل لها، ويحيل على الثقات)) .
وقال يعقوب بن شيبة: ((متروك، يتكلمون فيه)) .
وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، ذاهب الحديث)) .
وقال ابن أبي حاتم: ((ترك أبو زرعة حديثه، ولم يقرأه علينا، وقال: ضعيف)) . =
=وقال ابن حبان: ((كان يضع الحديث على الثقات، ويروي عن مالك والثوري ومسعر ما ليس من أحاديثهم. لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه)) .
وقال أبو نعيم: ((روى عن إسماعيل بن أبي خالد والأعمش الموضوعات)) .
وقال البيهقي: ((ضعيف)) .
وقال الذهبي في ((الكنى)) : ((ليس بثقة ولا مأمون)) .
فالإسناد ضعيف جداً. والصواب رواية ابن بريدة عن ابن عباس مع النظر الذي قدمته.
وفي الباب عن عبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنه -.
قال الهيثمي (5/ 156) : ((رواه الطبراني في ((الأوسط)) ، وفيه زكريا بن يحيى بن أيوب ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح خلا كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة وهو ثقة)) .
قلت: إن ثبت أنه لا توجد علة في الحديث غير جهالة زكريا هذا، فمع انضمام هذا إلى حديث ابن عباس السابق لعله يصير حسناً. والله أعلم.
تنبيهان:
الأول: لو ثبت هذا الحديث فإنه يحمل على كل من أخر الغسل من الجنابة لغير عذر، ولعذر إذا أمكنه الوضوء فلم يتوضأ. وقيل: هو الذي يؤخره تهاوناً وكسلاً، ويتخذ ذلك عادة)) .
قاله الحافظ المنذري.
الثاني: قد تبين لك أن أبا بكر الداهري هذا متروك الحديث، وقد ذكرت ما وقفت عليه من جرح الأئمة فيه. لكنني وقعت على جزء سماه صاحبه: ((إتحاف السائل بتصحيح حديث الوضوء من كل دم سائل)) .
وهو جزء يصلح مثالاً جيداً للتهافت في البحث، مع ضعف شديد في الفهم لمسائل الجرح والتعديل.
ومع ذلك فقد قدم أحد الغماريين المغاربة مقدمة تسقط الثقة بتزكية هؤلاء الناس. فصاحب الجزء - باعتراف الذي قدم له - ألف كتابه هذا: ((بعد مدة قصيرة من قراءته على كتب المصطلح.... سلك فيه مسلك أهل القدم الراسخ في علم الحديث، ذوي الاجتهاد والنظر في الترجيح بين أقوال الأئمة في التعديل والتجريح وذلك غريب جداً ... الخ)) .
وأثنى عليه عبد الله الغماري أبو الفضل في آخر كتابه، فقال: ((قد أحسن الاحتجاج..... وقد ألبس الموضوع من علم الحديث دراية ورواية ما يعجب الناظر فيها، ويعجب المتعطش لمعرفة ما لها وعليها، فأفاد في ما جمع وأظهر براعة فيما كتب ... الخ)) .
قلت: هذا الذي نقلته لك، لو قيل مثل الحافظ لكان حقاً، ولكن يقال في رجل لا يحسن الفهم، مع دعوى فارغة، وتبجح زائد. ومن قرأ كتابه هذا علم حق العلم أن تزكية هؤلاء الغماريين ضرب من المدح الرخيص الذي لا مضمون له. ... =
=فسأتناول هنا مسألة واحدة تقيس بقية الكتاب فقد قال (ص 19) : ((وأبو بكر الداهري قد تكلم فيه كثيراً، سأذكرها!! مع شرحها وكذلك سأذكر من وثقه لتعلم حاله..)) ‍‍!!
ثم ساق نحو ما ذكرت من كلام الجارحين. ثم أتى ببلايا فقال: ((أما قول علي بن المديني وأحمد بن يحيى: ليس بشيء. معنى هذه العبارة يستعملها الأقدمون في من يكون قليل الحديث، ويستعملها من بعدهم في الجرح ولكنها من الطبقة الرابعة التي يكتب حديث صاحبها....)) .
قلت: وقوله هذا خطأ يقع فيه صغار الطلبة، لأننا بقول: من الذي قال إن الأقدمين إذا قالوا: ((ليس بشيء)) أنهم يعنون أنه قليل الحديث؟!!
إنما هذا التفسير قيل في حق يحيى بن معين.
ففي ((هدى الساري)) (ص 420- 421) في ترجمة عبد العزيز بن المختار.
قال الحافظ: ((احتج به الجماعة. وذكر ابن القطان الفاسي أن مراد ابن معين بقوله في بعض الروايات ليس بشيء، يعني أن أحاديثه قليلة جداً)) . أهـ‍.
قلت: وأحسب أن ابن القطان أخذ هذا من الحاكم. فقد قال كما في ترجمة كثير بن شنظير من ((التهذيب)) (8/ 419) : ((قول ابن معين فيه ليس بشيء؛ هذا يقوله ابن معين إذا ذكر له الشيخ من الرواة يقل حديثه، ربما قال فيه: ((ليس بشيء)) يعني لم يسند من الحديث ما يشتغل به)) .
وأخذ هذه العبارة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، فعسر عليه هضمها ففهمها خطاً،!!
فقال في تعليقه على ((قاعدة في الجرح والتعديل)) (ص - 60) : ((إذا قال ابن معين في الراوي: ((ليس بشيء ففي الغالب يعني به أن أحاديثه قليلة، وفي غير الغالب يريد به تضعيف حديثه..)) أهـ‍.
كذا قال!! ولا أدري مستنده في هذا الفهم المقلوب، فإن عبارة ابن القطان التي نقلها الحافظ قال فيها: ((مراد ابن معين في بعض الروايات)) .
وفي عبارة الحاكم: ((ربما قال فيه)) .
فهذا صريح في أن عبارة: ((ليس بشيء)) عند ابن معين تحمل على قلة أحاديث الراوي أحياناً وليس غالباً.
ومع ذلك فهذه العبارة لا يلجأ إلى حملها على هذا إلا إن كان الراجح في الراوي هو التعديل.
فإن قلت: هل من ضابط يمكن به أن نعرف مراد ابن معين إذا قال في الراوي: ((ليس بشيء)) ؟!
قلت: نعم، فالذي يظهر لي - والله أعلم - أن ابن معين قد يقول في الرواي قولين، أحدهما: ((ليس بشيء)) ، فيمكن اعتبار القول الآخر، هل يضعف به الراوي أم لا؟
فإن كَانَ كَذَلِكَ، فتحمل عبارة: ((لَيسَ بشيء)) على ذَلكَ، وإن كَانَ القول الآخر توثيقاً، فيحمل قَوْله: ((لَيسَ بشيء)) على أن أحاديثه قليلة. على أنه لا يمكن استعمال هَذهِ القاعدة كميزان ثابت، فإنه يحتمل فيها دخول الخلل. والله أعلم. ... =
= فإن قال ابن معين في الراوي: ((ليس بشيء)) ولم يكن له قول آخر، فينظر إلى قول بقية الأئمة. فإن كانوا يجرحونه حرجاً شديداً، فتحمل عبارة ابن معين على ذلك الجرح، وإن كانوا يوثقونه، فيُحمل قول ابن معين على أن أحاديثه قليلة - احتمالا - ولا يحمل على المعنى المتبادر للكلمة، وهو الجرح. والله الموفق.
ومن أمثلة ذلك:
1- عبد الرحيم بن يزيد العمى.
قال الدوري، عن ابن معين: ((ليس بشيء)) .
ونقل العقيلي عنه: ((كذاب خبيث)) .
2- عبد الرزاق بن عمر الثقفي.
الدوري، عن ابن معين: ((ليس بشيء)) .
أحمد بن علي المروزي، عنه: ((ليس بثقة)) .
علي بن الحسن الهسنجاني، عنه: ((كذاب)) .
3- عبيد الله بن زجر.
حكى ابن أبي خيثمة، عن ابن معين قوله: ((ليس بشيء)) .
وقال عثمان الدارمي عنه: ((كل حديثه عندي ضعيف)) .
4- عثمان بن عبد الرحمن بن عمر المدني.
قال ابن معين: ((ليس بشيء)) .
وقال مرة: ((لا يكتب حديثه، كان يكذب)) .
فالحاصل أن عبارة: ((ليس بشيء)) لا يمكن حملها في حق ابن معين على أن الراوي أحاديثه قليلة.
فإذا نظرنا إلى حال أبي بكر الداهري، وجدنا أن ابن معين قال: ((ليس بشيء)) وكان كلام بقية الأئمة فيه شديداً، علمنا أن ابن معين يجرحه بغير شك.
أما الإمامان أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، فلا يمكن حمل قولهما: ((ليس بشيء)) على أن أحاديث الرواي قليلة كما فهم هذا المسكين، بل لا بد من نص عن الإمام، وعلى الأقل استقراء لأحد كبار الأئمة في هذا الشأن.
على أن محمد بن أبي شيبة نقل في ((سؤالاته)) (205) عن علي بن المديني أنه قال: ((ليس بشيء، لا يكتب حديثه)) فهذا طرح له.
ثم قال (ص 20) : ((أما قول النسائي: ليس بثقة، تقليداً لابن معين، وإلا فكيف يروي عنه في ((سننه)) وهو متعنت في الرجال)) .
قلت: ومن أين لك أن النسائي روى عنه، بل ما روى عنه أحد من الستة إطلاقاً!!. ... =
= ثم قوله: ((تقليداً لابن معين)) فهذه دعوى باردة، والنسائي إمام مجتهد، فمن أين لك أنه قلده.
وهكذا حال الذي يدعي الاجتهاد وإعمال النظر، يؤول به الحال إلى اتهام المجتهدين بالتقليد.
فقد رأيت هذا المسكين يدافع عن أحمد بن الفرج في أول جزئه المذكور فقال: ((إن محمد بن عوف أول من تكلم فيه وضعف أمره وكذبه....)) ثم قال بعد ذلك بصفحتين (ص 13) : ((ومن طعن فيه بعده فإنما قلده ونقله عنه. والمقلد إنكاره لا يعتبر لأنه عن غير دليل ولا حجة، وما كذلك فهو ساقط مطروح)) . أهـ‍.
وهذا هو دأب الرجل، فالمتأخر عنده يقلد المتقدم. فلو أسقط كلام المتقدم، فكلام المتأخر ساقط تبعاً لأنه يقلده!!.
فوالله ما رأيت كاليوم عجبا! .
ثم قال: ((وتكذيب الجوزجاني له فلم يقله غيره. فمعلوم من الجوزجاني بغضه وتعصبه ضد أهل الكوفة.... وجرحه لأبي بكر الداهري لأنه يروي عن أساطين الكوفة)) !!
قلت: وهذا كلام ساقط لثلاثة وجوه:
الأول: أن الجوزجاني لم يتفرد بقوله. فقد قال ابن حبان: ((كان يضع الحديث على الثقات)) . فلا جرم أنه لم يتعرض له.
الثاني: أن أبا بكر الداهري بصري، وليس كوفياً. فأين موقع كلامك؟!!
الثالث: أنني لا أعلم أحداً إطلاقاً زعم أن الجورجاني يخرج من يروي عن أهل الكوفة. وهذا لا يستقيم أبدا إلا لمن: ((سلك مسلك أهل القدم الراسخ في علم الحديث من ذوي الاجتهاد والنظر ... )) !!
فوا غوثاه بالله - عز وجل -.
ثم قال المسكين: ((وكلام يعقوب بن شيبة والدارقطني فيه فهو جرح مبهم لا يقبل ... أما قول ابن عدي والعقيلي: لا يتابع على حديثه. فعادتهم أن يضعفوا الراوي لاستنكارهم لحديث رواه.... ومشهور عنهم الإفراط في الجرح.... أما جرح أبي نعيم الأصبهاني فهو مضارع لطعن العقيلي وابن عدي، وتقليداً لهما فهو مردود)) .
قلت: فانظر إلى صاحب ((القدم الراسخ)) كيف يعالج نصوص أئمة الجرح والتعديل. وزعم أن ابن عدي مشهور بالإفراط في الجرح، مع أن ابن عدي معروف بأنه وسط، وجانب التسامح عنده أظهر جداً من جانب الجرح. ثم إن الجرح المبهم معمول به عند علماء الحديث إن لم يكن هناك تعديل معتبر. وهو الواقع في هذا المسألة كما يأتي، فكيف والجرح إلى مفسر هنا؟!.
وَبَعدَ أن فرغ هَذَا المسكين ? يزعمه ? من رد الجرح إلى نحور الجارحين وأفحمهم وأقام عليهم الحجة، قَالَ: ((فصل: موثق الداهري)) فَهَذَا يوهم أن الذين وثقوه عدد لا بأس بِهِ. فإذا بِهِ يعقد صفحتين إلا= = قليلاً في أن يحيى بن سعيد روى عنه. وهذا توثيق له. ثم قال ووثقه الحافظ سعيد بن سليمان كما ذكر ابن عدي في ((الكامل)) !! .
قلت: والجواب من وجهين:
الأول: أن سعيد بن سليمان وإن كان من الحفاظ لكنه غير معروف بنقد الرواة، فلا يساوي توثيقه شيئاً أمام الجرح الصادر من أئمة هذا الفن. بل لو كان من أئمة الفن لما قبل منه مع تجريح الكافة له. وكأن الذهبي أشار إلى توثيقه بقوله: ((وبعض الناس قد مشاه وقواه، فلم يلتفت إليه)) .
الثاني: أن رواية العدل عمن سماه ليست بتعديل له، وهو المذهب الراجح المعمول به عند كافة أهل الحديث.
وإلا فقد روى الشافعي عن إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي وقد كذبه أحمد وتركه غيره.
وروى مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق وهو متروك.
وروى شعبة عن محمد بن عبيد الله العرزمي مع أن الذهبي قال: ((هو من شيوخ شعبة المجمع على ضعفهم)) .
وروى أحمد عن عامر بن صالح وقد كذبه يحيى بن معين.
وقال الذهبي: ((لعل ما روى أحمد بن حنبل عن أحد أوهى من هذا)) .
قلت: بل روى أحمد عن علي بن مجاهد الكابلي، وقال فيه يحيى بن معين: ((كان يضع الحديث. وصنف كتاب المغازي فكان يضع للكل إسناداً)) .
فلا يمكن أن يقال: هؤلاء ثقات؛ الذين رووا عنهم لا يروون إلا عن ثقات، لا يقول هذا عاقل.
ولو فرضنا أن يحيى بن سعيد نص على توثيق الداهري لما قبل منه أمام الجرح المفسر الذي وقع في كلام الأئمة. والله المستعان.
فليرى القارئ هل هذا المسكين: ((قد أحسن الاحتجاج ... )) كما زعم الغماري عندما قرظ له كتابه. وهل يدل هذا إلا على أن تزكيه أمثال هؤلاء لا قيمة لها؟! .

(2/36)


150- ((لاَ تَقرأِ الحَائضُ، وَلاَ الجُنُبُ شَيئاً مِنَ القُرآنِ)) . (1)
__________
(1) 150- ضعيف.
أخرجه الترمذي (131) ، وابن ماجة (595) ، وعبد الله بن أحمد في ((العلل)) (2/ 300) ، والدارقطني (1/ 117) ، والحسن بن عرفة في ((جزئه)) (60) ، وابن عدي في ((الكامل)) (1/ 294) (4/ 1391) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (1/ 90) ، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (1/ 108-109) ، والبيهقي (1/ 89) ، والخطيب (2/ 145) من طريق إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً.. فذكره.
قال الترمذي: ((حديث ابن عمر، لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة)) .
وقال عبد الله بن أحمد عقبه: ((سألت أبي عن حديث..... فذكره. قال: فقال أبي: هذا باطل، أنكره على إسماعيل بن عياش. يعني أنه وهم من إسماعيل بن عياش)) .
وقال ابن أبي حاتم في ((العلل)) (1/ 49/ 116) : ((سألت أبي ... وذكر الحديث. فقال أبو حاتم: هذا خطأ، إنما هو عن ابن عمر قوله)) . أهـ‍.
يعني أنه وهم في رفعه.
وقال البيهقي: ((فيه نظر، قال محمد بن إسماعيل فيما بلغني عنه: إنما روى هذا إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة. ولا أعرفه من حديث غيره. وإسماعيل منكر الحديث عن أهل الحجاز وأهل العراق)) .
قلت: هكذا علل المتقدمون هذا الحديث.
وخالفهم الشيخ أبو الأشبال - رحمه الله - في ((شرح الترمذي)) ، وأطال في الدفاع عن إسماعيل بن عياش فيما لا تختلف معه فيه، من أنه ثقة إذا روى عن أهل الشام، وإن روى عن غير أهل بلده، فلا يقبل منه ولم يتعرض الشيخ - رحمه الله - لكون موسى بن عقبة ليس من أهل الشام، بل هو مدني. ورواية إسماعيل عن أهل الحجاز تكثر فيها المنكير.
وقد رواه إسماعيل أيضاً عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً به.
قال ابن عدي: ((وليس لهذا الحديث أصل من حديث عبيد الله)) .

قلت: ولو صح أن إسماعيل بن عياش بن رواه عن عبيد الله بن عمر، لما أغنى. فإن عبيد الله بن عمر مدني أيضاً.
ولم يتفرد به إسماعيل.
فقد تابعه مغيرة بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة به.

أخرجه الدارقطني (1/ 117) من طريق عبد الملك بن مسلمة، حدثني المغيرة بن عبد الرحمن به وقال: ((عبد الملك هذا كان بمصر. وهذا غريب، عن مغيرة بن عبد الرحمن، وهو ثقة)) . ... =
=قلت: وهذا سند أضعف من الأول وعبد الله بن مسلمة، ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (2/ 2/ 371) ونقل عن أبيه قال: ((كتبت عنه، وهو مضطرب الحديث ليس بقوي، حدثني بحديث موضوع)) .
وقال أبو زرعة: ((ليس بالقوي، هو منكر الحديث)) .
وقال ابن يونس: ((منكر الحديث)) .
وقال ابن حبان في ((الضعفاء)) (2/ 134) : ((يروي عن أهل المدينة المناكير الكثيرة التي لا تخفى على من عني بعلم السنن)) .
وأغرب ابن الجوزي - رحمه الله - فقال في ((التحقيق)) (1/ 109) : ((مغيرة بن عبد الرحمن ضعيف مجروح)) !!
قال الحافظ في ((التلخيص)) (1/ 138) : ((ولم يصب في ذلك، فإن مغيرة ثقة)) .
وقال ابن عساكر في ((الأطراف)) : ((قد رواه عبد الله بن حماد، عن القعنبي، عن المغيرة بن
عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة.
قال الحافظ في ((التلخيص)) : ((وصحح ابن سيد الناس طريق المغيرة، وأخطأ في ذلك، فإن فيها عبد الملك بن مسلمة وهو ضعيف، فلو سلم منه لصح إسناده.... وكأن ابن سيد الناس تبع ابن عساكر في قوله في ((الأطراف)) أنه القعنبي..)) ثم قال في ((النكت الظراف)) (6/ 239) يعقب على قول ابن عساكر: ((وهذا خطأ فاحش، إنما رواه عبد الله بن حماد، عن عبد الملك بن مسلمة المصري، وكذا هو عند الدارقطني وابن عدي وغيرهما)) .
فمما يتعجب منه أن الحافظ - بعد كلامه السابق - يقول في ((الدراية)) (ص 86) : ((ظاهره
الصحة)) !!
فكأنه وقع فيما أنكره على ابن سيد الناس. والله أعلم.
أما الشيخ أبو الأشبال - رحمه الله - فله مع هذا الإسناد شأن آخر. فقال: ((ورواه الدارقطني أيضاً من طريق عبد الملك بن مسلمة.... وهذا الإسناد متابعة جيدة لرواية إسماعيل بن عياش. وهو إسناد صحيح. فإن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي ثقة. وعبد الملك بن مسلمة وثقه الدارقطني فقد قال بعد ذكر الحديث: ((عبد الملك هذا كان بمصر. وهذا غريب عن مغيرة بن عبد الرحمن، وهو ثقة)) والتوثيق هنا من الدارقطني واضح أنه يريد به عبد الملك ... )) . أهـ‍.
قلت: وهذا الوضوح الذي ظهر للشيخ - رحمه الله - غير واضح لأمرين:
الأول: أن قول الدارقطني (( ... غريب، عن مغيرة، وهو ثقة)) فزعم الشيخ أن هذا التوثيق من الدارقطني هو لعبد الملك بن مسلمة. وهو بعيد، والأصل أن يعود الضمير إلى أقرب متعلق كما لا يخفى. فكأنه يريد أن يقول: هذا غريب عن مغيرة مع كونه ثقة. ... =
= الثاني: أنهم لما ترجموا لعبد الملك لم يذكروا فيه توثيقاً قط، وسبق أن نقلت حاله قريباً.
ثم وجه الثالث: وهو إن سلمنا جدلاً أن الدارقطني وثق عبد الملك، فلا ينفعه هذا التوثيق أمام الجرح المفسر.
وقد قال ابن حبان فيما مضى: ((يروي عن أهل المدينة المناكير الكثيرة)) .
وشيخه مغيرة بن عبد الرحمن مدني.
وتابعه أبو معشر، عن موسى بن عقبة به.
أخرجه الدارقطني (1/ 118) من طريق رجل عن أبي معشر.
قال الحافظ: ((فيه مبهم، وأبو معشر ضعيف)) .
وله شاهد من حديث جابر - رضي الله عنه -.
أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (4/ 22) من طريق محمد بن الفضل بن عطية، عن أبيه، عن طاووس، عن جابر مرفوعاً به.
ومن هذا الوجه:
أخرجه الدارقطني (2/ 87) ، وابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2173) ولكن بلفظ: ((لا تقرأ النفساء ولا الحائض من القرآن شيئاً)) .
قال ابن عدي: ((وهذا لا يروي إلا عن محمد بن الفضل، عن أبيه، عن طاووس)) وسنده ضعيف جداً. ومحمد بن الفضل كذاب يضع الحديث.

(2/37)










ج666666666666666666666666666666














































( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )


النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة





151- ((يَا عَليُّ! فِيكَ مَثلٌ مِن عِيسَى، أبغَضتهُ اليَهودُ، حَتَّى بَهتوا أُمَّهُ. وَأحبَّتهُ النَّصارَى حَتى أنزَلُوه المَنْزلَ الذي لَيسَ بِهِ)) . (1)
__________
(1) 151- منكر.
أخرجه النسائي في ((خصائص علي)) (رقم 100- بتحقيقي) ، وأحمد في ((فضائل الصحابة)) (1025- 1221) ، وابنه عبد الله في ((زوائد الفضائل)) (1087) ، وفي ((زوائد المسند)) (1/160) ، وفي ((السنة)) (1263) ، والبخاري في ((التاريخ)) (2/ 1/ 281- 282) ، وأبو يعلى (1/ 406- 407) ، والبزار (3/ 202) ، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (1004) ، والبلاذري في ((أنساب الأشراف)) (2/ 120) ، وأبو سعيد بن الأعرأبي في ((معجمه)) (ج2/ ق125 /1) ، والحاكم (3/123) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 227) ، وابن المغازلي في ((مناقب علي)) (104) من طريق الحكم بن عبد الملك، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجذ، عن علي مرفوعاً به.
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) !! ... =
= فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: وجرحه عامتهم. وما وثقه سوى العجلي - فيما أعلم - وهو متساهل. فقول الشيخ أبي الأشبال رحمه الله في ((شرح المسند)) (2/ 355) : ((نرى تحسين حديثه)) ، قول لا يجري على قواعد أهل الحديث. والله أعلم.
ولكن لم يتفرد به الحكم، فتابعه محمد بن كثير الملائي، ثنا الحارث به.
أخرجه البزار (3/ 202) ، وقال: ((لا نعلمه عن علي مرفوعاً، إلا بهذا الإسناد)) .
قلت: ومحمد بن كثير الساجي. وضعفه غيره.
وقال البخاري: ((منكر الحديث)) . وهذا جرح شديد عنده.
فهذه علة.
والثانية: ربيعه بن ناجذ، قال الذهبي في ((الميزان)) : ((لا يكاد يعرف)) .
وقال في ((المغني)) : ((فيه جهالة)) .

فكأنه لم يعتد بتوثيق ابن حبان والعجلي له، لما عرف من تساهلهما أما الحافظ، فقال في ((التقريب)) : ((ثقة)) !!
وهذا تسامح منه بلاشك.
وللحديث طريق آخر.

أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 122) ومن طريقة ابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 227- 228) من طريق عيسى بن عبد الله، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده بن أبي طالب قال: ((جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً، فوجدته في ملأ من قريش. فنظر إليَّ وقال: ((يا علي! إنما مثلك في هذه الأمة، كمثل عيسى بن مريم، أحبه قوم فأفرطوا فيه. وأبغضه قوم فأفرطوا فيه)) . قال: فضحك الملأ الذين عنده وقالوا: انظروا كيف شبه ابن عمه بعيسى؟!! . قال: ونزل القرآن:
{وَلَمَّا ضُرِبَ ابن مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} 43/ 57.
قلت: وهذا كذب، قبح الله من افتراه. وآفته عيسى بن عبد الله هذا.
قال ابن حبان: ((يروي عن أبيه عن آبائه أشياء موضوعة. لا يحل الاحتجاج به. كأنه كان يهم ويخطئ حتى يجيء بالأشياء الموضوعة عن أسلافه، فبطل الاحتجاج بما يرويه لما وصفت ... ثم قال: هذه النسخة أكثرها معمولة)) أهـ‍.
قلت: يعني مكذوبة. والله أعلم.

(2/38)


152- ((انطَلقتُ مَعَ رَسولِ اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلمَ حَتى أتَينَا الكَعبةَ، فَصَعدَ رَسولُ اللهِ صَلى الله عَليهِ وَآلهِ وَسلمَ عَلى مِنكَبي (فَنَهضَ بِهِ عَليَّ) ، فَلمَا رَأى رَسولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسَلمَ ضَعفِي، قَالَ لِي: ((اجلِسْ)) . فَجلستُ. فَنَزلَ النبيُّ صَلَى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلمَ، وَجَلسَ لِي، وَقالَ لي: ((اصعَدْ عَلى مِنكَبي)) فَصَعدتُ عَلَى مِنكَبيهِ. فَنَهضَ بي. فَقالَ عَليٌّ - رضي الله عنه -: إنَّهُ يُخيَّلُ إليَّ أني لَو شِئتُ، لَنِلتُ أفقَ السَّماءِ. فَصعدتُ عَلَى الكَعبةِ وَعَليها تِمثالٌ مِن صفرٍ، أو نُحاسٍ. فَجَعلتُ أُعالِجَهُ لأُزيلَهُ. يَميناً وَشِمالاً، وَقُدَّاماً، وَمِن بَينِ يَديهِ، وَمِن خَلفِهِ حَتى استَمكَنتُ مِنهُ. فَقالَ نَبيُّ اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلمَ: ((اقذِفهُ)) . فَقَذفتُ بِهِ، فَكسرتُهُ كَمَا يُكسر القَواريرٌ، ثُم نَزلتُ، فانطَلقتُ أنَا وَرسولُ اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلمَ نَستَبِقُ حَتى تَوارَينا بِالبُيوتِ، خَشيةَ أنْ يَلقانَا أحَدٌ)) . (1)
__________
(1) 152- منكر.
أخرجه النسائي في ((الخصائص)) (119) ، وأحمد (1/ 84/ 644) ، وابن جرير في ((تهذيب الآثار)) (ص 237- مسند علي) من طريق أسباط بن محمد، ثنا نعيم بن حكيم المدائني، قال: حدثنا أبو مريم، قال: قال علي بن أبي طالب ... فذكره.
وقد رواه عن نعيم بن حكيم جماعة منهم:
شبابة بن سوار، عن نعيم.
أخرجه الحاكم (2/ 366- 367) وقال: ((صحيح الإسناد)) !!
فتبعه الذهبي: ((قلت: إسناده نظيف، ومتنه منكر)) !!
وهو متعقب في بعض قوله كما يأتي إن شاء الله.
2- عبد الله بن داود، عن نعيم.

أخرجه عبد الله بن أحمد في ((زوائد المسند)) (1/ 151) ، وابن جرير في ((التهذيب)) (ص 236- مسند علي) ، والحاكم (3/ 5) ، والخطيب في ((التاريخ)) (13/ 302) ، وفي ((الموضح)) (2/ 432) .
3- عبيد الله بن موسى، عن نعيم.
أخرجه ابن جرير (237) ، وأبو يعلى (251- 1) ، والبزار (ج 3/ رقم 2401) .
قلت: وهذا سند ضعيف، والمتن غريب جداً. ... =

= فأما نعيم بن حكيم، فهو وإن كان صدوقاً لكن ضعفه ابن معين في رواية، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) .
وقال الأزدي: ((أحاديثه مناكير)) .
ولم يتابعه أحد فيما أعلم. فيتوقف فيما يتفرد به.
وأما أبو مريم: فهو الثقفي المدائني مجهولاً كما قال الدارقطني، ووافقه الحافظ في ((التقريب)) . ولم يوثقه النسائي، وإنما وثق أبا مريم الحنفي، وهذا غير الثقفي، ولم يفرق بينهما الذهبي فقال: ((ثقة)) !!
ولعله لذلك - أيضاً - قال الهيثمي (6/ 23) : ((رجال الجميع ثقات)) .
والصواب التفريق بينهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في ((منهاج السنة)) (3/ 7) : ((وهذا الحديث - إن صح - فليس فيه شيء من خصائص الأئمة، ولا خصائص علي. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أمامة بنت أبي العاص على منكبه، وإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها. وكان إذا سجد جاء الحسن، فارتحله، ويقول: إن ابني ارتجلني، وكان يقبل زبيبة الحسن. فإذا كان يحمل الطفل والطفلة لم يكن حمله لعلي ما يوجب أن يكون ذلك من خصائصه، وإنما حمله لعجز علي عن حمله. فهذا يدخل في مناقب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفضيلة من يحمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم من فضيلة من يحمله النبي - صلى الله عليه وسلم -،، كما حمله يوم أحد من الصحابة، مثل طلحة بن عبيد، فإن هذا نفع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذاك نفعه النبي - صلى الله عليه وسلم -. ومعلوم أن نفعه بالنفس والمال، أعظم من انتفاع الإنسان بنفس النبي - صلى الله عليه وسلم - وماله)) . أهـ‍.

(2/39)


153- ((يَا بُنَيةُ! لَكِ رِقةُ الوَلدِ، وَعَليّ أعزُّ عَليَّ مِنكِ)) . (1)
__________
(1) 153- ضعيف.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 11/ رقم 11063) قال:
حدثنا عبد الرحمن بن خلاد الدورقي، ثنا ملحان بن سليمان الدورقي، ثنا عبد الله بن داود الخريبي، ثنا الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على علي وفاطمة، وهما يضحكان، فلما رأيا النبي - صلى الله عليه وسلم - سكتا، فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما لكما كنتما تضحكان، فلما رأيتماني سكتما؟! فبادرت فاطمة فقالت: بأبي أنت يا رسول الله! ، قال هذا: أنا أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منك؟! فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((يا بنية! .... الحديث)) .
قال الهيثمي (9/ 202) : ((رجاله رجال الصحيح)) !!
قلت: لا، وشيخ الطبراني وشيخه ليسا من رجال الصحيح، بل لم أقف لأحدهما على ترجمة. ثم في الإسناد عنعته الأعمش.
وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. =

= أخرجه النسائي في ((الخصائص)) (142) ، وأحمد (1/ 80) ، وابنه في ((زوائده على فضائل الصحابة)) (1076) ، وابن معين في ((حديثه)) (ج 2/ ق 80/ 2) ، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (325/ 2) ، وسعيد بن منصور في ((سنته)) (3/1/114) ، والحميدي (38) ، والكلاباذي في ((مفتاح المعاني)) (1/129/1) مختصراً، عن علي - رضي الله عنه -، قال أردت أن أخطب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنته، ثم ذكرت أنه لا شيء لي، فذكرت عائدته، وفضله، فخطبتها. فقال لي: هل عندك شيء تعطيها إياه؟ قلت: لا قال: ((فأين درعك الحطمية التي أعطيتكها يوم كذا وكذا)) ؟ . قلت: هي عندي. قال: ((فأت بها)) قال: فجئت بها فأعطيته إياها، فزوجنيها. فلما أدخلها عليَّ، قال: ((لا تحدثا شيئا حتى آتيكما)) ، وعلينا كساء أو قطيفة. فلما رأيناه تخشخشنا. فقال: ((مكانكما)) . فدعا بإناء فيه ماء، ثم رشه علينا. فقلت: يا رسول الله! أهي أحب إليك أم أنا؟!!
قال: ((هي أحب إلي منك، وأنت أعز علي منها)) .
وهذا سياق الحميدي. وهو عند بعضهم مختصر.
قلت: وهذا سند ضعيف.

وعبد الله بن أبي نجيح كان يدلس، ولم يصرح بالتحديث، ثم جهالة الراوي عن علي.
وللجزء الأول منه شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
أخرجه أبو داود (2125) ، والنسائي (6/ 129- 130) ، والبيهقي (7/ 234، 252) (10/ 269) ، والخطيب (4/ 193) من طريق أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما تزوج علي فاطمة قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطها شيئاً)) قلت: ما عندي من شيء. قال: ((فأين درعك الحطمية)) ؟ قلت: هي عندي قال: ((فأعطها إياه)) وسنده صحيح.

(2/40)


154- ((المُتمُ الصَلاةِ في السَّفرِ، كَالمُفطِرِ في الحَضَرِ)) . (1)
155- ((لاَ يَحقُّ العَبد حقَّ صَريح الإيمان، حَتى يُحبَّ للهِ تَعالَى، وَيُبغضَ للهِ. فَإذا أحَبَّ للهِ تَباركَ وَتَعالَى، وَأبَغَضَ للهِ تَباركَ وَتَعالَى، فَقَدِ استَحقَّ الوَلاءَ مِنَ اللهِ، وَإنَّ أولِيائِي مِن عِبادي، وَأحبَائي مِن خَلقِي الذينَ يَذكرونَ بِذكرِي، وَأذكرُ بِذِكرِهِم)) . (2)
__________
(1) 154- باطل.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 162) ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) من طريق عمر بن سعيد عن أبي سلمه، عن أبي هريرة مرفوعاً ... فذكره.
قال العقيلي: ((عمر بن سعيد مجهول بالنقل، وحديثه غير محفوظ، وليس في هذا المتن شيء يثبت. فإنما روى هذا الحديث بأنه: ((الصائم في السفر كا لمفطر في الحضر)) ، فخالف هذا أيضا لفظ الحديث على ضعف الرواية فيه، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد يثبت أنه سئل عن الصوم في السفر فقال: ((إن شئت فصم وإن شئت فافطر)) . أهـ‍.
[وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم، وقد خرجته في ((غوث المكدود)) (397) ] . ... =
=وأخرجه الدارقطني في ((الأفراد)) ، وعنه ابن الجوزي في ((الواهيات)) من طريق أحمد بن محمد بن المفلس، ثنا أبو همام قال: حدثني بقية بن الوليد، عن أبي يحيى المدني، عن عمرو بن شعيب، عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. فذكره.
قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح. قال العقيلي: تفرد به بقية عن أبي يحيى. ثم إن ابن المغلس كذاب)) أهـ‍. ...
(2) 155- ضعيف.
أخرجه أحمد (3/ 430) حدثنا الهيثم بن خارجة - قال عبد الرحمن: وسمعته أنا من الهيثم - ثنا رشدين بن سعد، عن عبد الله بن الوليد، عن أبي منصور مولى الأنصار، عن عمرو بن الجموح مرفوعا.. فذكره.

وعزاه الهيثمي في ((المجمع)) (1/ 89) للطبراني في ((الكبير)) ، والسيوطي في ((الدر المنثور)) (3/310) للحكيم الترمذي من حديث عمرو بن الجموح..
قلت: وهذا سند ضعيف مسلسل بالعلل:
الأولى: ضعف رشدين بن سعد.
ضعفه ابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي وغيرهم.

وضعفه أحمد في رواية، وقال مرة: ((لا بأس به في أحاديث الرقائق)) وهذا يدل على أنه ليس بعمدة عنده.
الثانية: عبد الله بن الوليد، هو ابن قيس بن الأخرم. وضعفه الدارقطني، فقال: ((لا يعتبر بحديثه)) .
وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (7/ 11) !!
الثالثة: أبو منصور، مولى الأنصار مجهول كما يعلم من ترجمته في ((التعجيل)) (1405) .
الرابعة: أنه لم يلق عمرو بن الجموح كما قال البخاري، وأيده الحافظ. ولذا قال الهيثمي: ((وفيه رشدين بن سعد، وهو منقطع ضعيف)) .

(2/41)


156- ((لاَ يَكمثلُ الإيمانُ بِاللهِ، حَتى يَكونَ فِيهِ خَمسُ خِصالٍ: التَّوكُلُ عَلَى اللهِ، وَالتَّفويضُ إلى اللهِ، وَالتَّسلِيمُ لأمرِ اللهِ، وَالرِّضَا بِقَضاءِ اللهِ، وَالصَّبرُ عَلَى بَلاءِ اللهِ. إنَّهُ مَن أحبَّ للهِ، وَأبغضَ للهِ، وَأعطَى للهِ، وَمَنعَ للهِ فَقدِ استَكملَ الإيمانَ)) . (1)
__________
(1) 156- ضعيف جداً.
أخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (9/ 444) وعنه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1/ 136) ، من طريق أبي القاسم زيد رفاعة الهاشمي، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن المعتز، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن رجل، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً فذكره.
قال الخطيب: ((هذا الحديث باطل بهذا الإسناد، وابن المعتز لم يكن ولد في وقت عفان بن مسلم، فضلا عن أن يكون سمع منه، وأراه من صنعة زيد بن رفاعة، فإنه كان يضع الحديث)) أهـ‍.
ولجزئه الأول طريق آخر عن ابن عمر مرفوعاً.
أخرجه البزار (ج 1/ رقم 29) من طريق سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر مرفوعاً: ((خمس من الإيمان، من لم يكن فيه شيء منه، فلا إيمان له: التسليم لأمر الله، والرضا بقضاء الله، والتفويض إلى أمر الله، والتوكل على الله، والصبر عند الصدمة الأولى..... الحديث)) .
قال البزار: ((علته سعيد بن سنان)) .
قلت: وسنده واه.
وسعيد بن سنان ضعفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم.
وقال البخاري ومسلم وابن حبان، وأحمد بن صالح. ((منكر الحديث)) .
وتركه النسائي، بل اتهمه الدارقطني بوضع الحديث.
وقال ابن معين: ((لا يعتبر بحديثه)) .
أما آخر الحديث: ((أنه من أحب الله..... الخ)) فهو صحيح، وله شواهد منها:
عن أبي أمامة، - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنح لله، فقد استكمل الإيمان)) .

أخرجه أبو داود (4681) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 8/ رقم 7613، 7737، 7738) ، والبيهقي في ((الاعتقاد)) (178-179) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (13/ 54) ، والشجري في ((الآمالي)) (2/ 140، 150، 152) من طريق يحيى بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة مرفوعاً به.
وهذا سند حسن لأجل القاسم بن عبد الرحمن 0

عن معاذ بن أنس مرفوعاً بنحوه وفيه: ((وأنكح لله)) .
أخرجه الترمذي (2521) ، وأحمد (3/ 440) ، والحاكم (2/ 164) من طريق أبي مرحوم،
عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه به.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) .
قلت: يعني لأجل شواهده. ... =
= وأبو مرحوم يضعف من قبل حفظه. وسهل بن معاذ ضعفه ابن معين وابن حبان، ووثقه العجلي. فمثله يقوى في الشواهد.
ومع ذلك يقول الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) !! والغريب أن يوافقه الذهبي!! فسبحان من لا يضل ولا ينسى.
وقد رواه زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ به.
أخرجه أحمد (3/ 438) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 20/ رقم 412) من طريق ابن لهيعة، عن زبان به.
وسنده ضعيف لأجل ابن لهيعة، وزبان. وتقدم الكلام في سهل بن معاذ.
عن ابن مسعود، - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((أوثق عرى الإيمان، الحب في الله، والبغض في الله)) .
أخرجه الطيالسي (378) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 10/ رقم 10531) ، وفي ((الصغير)) (1/ 223- 224) ، والحاكم (2/ 480) من طريق الصعق بن حزن، عن عقيل بن يحيى، عن أبي إسحاق الهمداني، عن سويد بن غفلة، عن ابن مسعود وساق حديثا طويلا.
قال الطبراني: ((لم يروه عن أبي إسحاق إلا عقيل، تفرد به الصعق)) .
وقال الحاكم: ((صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) !!
فتعقبه الذهبي: ((قلت: ليس بصحيح، فإن الصعق وإن كان موثقاً فإن شيخه منكر الحديث، قاله البخاري)) .
قلت: وأبو إسحاق: هو السبيعي، مدلس، وكان اختلط.
ولكن أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 10/ رقم 10357) من طريق بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه عبد الله بن مسعود مرفوعاً بنحوه.
قال الهيثمي (7/ 260- 261) : ((رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح، غير بكير بن معروف. وثقه أحمد وغيره، وفيه ضعف)) .
فهذا يصلح في الشواهد والمتابعات.
وله شاهد من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه -.
أخرجه أحمد (4/ 286) ، والطيالسي (747) ، وابن أبي شيبة في ((الإيمان)) (110) ، وابن قدامة في ((المتحابين في الله)) (رقم 5) من طريق ليث بن أبي سليم، عن عمرو بن مرة، عن معاوية بن سويد بن مقرن، عن البراء بن عازب مرفوعاً بنحوه.
قال العراقي في ((المغني)) (2/ 157) : ((فيه ليث بن أبي سليم، مختلف فيه)) .
وفي الباب عن أبي ذر - رضي الله عنه -.
أخرجه أبو داود (4599) ، وأحمد (5/ 146) بسند ضعيف. ... =
= وجملة القول: أن آخر الحديث صحيح لأجل هذه الشواهد. والله أعلم.

(2/42)


157- ((لاَ يُغرَّمُ صَاحِبُ سَرقةٍ، إذَا أُقيمَ عَليهِ الحَدُّ)) 0 (1)
__________
(1) 157- منكر.
أخرجه النسائي (8/ 92- 93) ، والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((نصب الراية)) (3/ 376) ، والدولابي في ((الكنى)) (2/ 139) ، والدارقطني (3/ 182) ، والبيهقي (8/ 277) ، وأبو نعيم في
((الحلية)) (8/ 322) من طريق المفضل بن فضالة، عن يونس بن يزيد، عن سعد بن إبراهيم، حدثني أخي المسور بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن عوف مرفوعاً به.
قال النسائي: ((هذا مرسل، وليس بثابت)) .
وقال الطبراني: ((لا يروي عن عبد الرحمن بن عوف، إلا بهذا الإسناد، وهو غير متصل؛ لأن المسور لم يسم من جده عبد الرحمن)) وكذا قال البزار.
وقال أبو حاتم: ((هذا حديث منكر، ومسور لم يلق عبد الرحمن، وهو مرسل أيضاً)) . ذكره ولده في ((العلل)) (1/ 452/ 1357) .
وقال الدارقطني: ((المسور لم يدرك عبد الرحمن بن عوف، فإن صح إسناده فهو مرسل، وسعد بن إبراهيم مجهول)) .
قال ابن القطان: ((وصدق فيما قال)) ، ثم قال: ((وفيه مع الانقطاع بين المسور وجده
عبد الرحمن بن عوف، انقطاع آخر، بين المفضل ويونس، فقد رواه إسحاق بن الفرات عن المفضل بن فضالة، فجعل فيه الزهري، بين يونس بن يزيد وسعد بن إبراهيم. قال: وفيه مع ذلك الجهل بحال المسور، فإنه لا يعرف له حال)) أهـ‍.
قلت: وقد اختلف فيه عن المفضل بن فضالة اختلافاً كثيراً.
فرواه سعيد بن عفير - عنه، عن يونس بن يزيد، عن سعد بن إبراهيم، حدثني أخي المسور، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف به.
أخرجه ابن حرير في ((تهذيب الآثار)) ، ومن طريقه ابن عبد البر في ((التمهيد)) - كما في ((الجوهر النقي)) (8/ 277) لابن التركماني.
ولكن قال الدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 113/ 1) : ((ولا يثبت هذا القول)) .
يعني لا يثبت ذكر والد المسور في الإسناد.

وراوه إسحاق بن الفرات، عن المفضل، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سعد بن إبراهيم، عن المسور بن مخرمة، عن عبد الرحمن بن عوف به.
أخرجه الدارقطني (3/183) وقال: ((هذا وهم من وجوه عدة)) . ... =

=وقال في ((العلل)) : ((ولا يصح هذا القول)) . ((وفي هذا ردٌّ على ابن القطان في إثبات الانقطاع بين يونس وسعد بن إبراهيم بمثل هذا السند.
وقال الدارقطني في ((العلل)) : ((وقال ابن لهيعة، عن سعد بن إبراهيم، عن المسور بن محزمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يصح هذا، وهو مضطرب غير ثابت)) أهـ‍.
وقال البيهقي: ((فإن كان سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، فلا نعرف بالتواريخ له أخاً معروفاً بالرواية يقال له المسور. ولا يثبت للمسور الذي ينسب إليه سعد بن محمد بن المسور بن إبراهيم سماع من جده عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -، ولا رؤية، فهو منقطع....)) .
فتعقبه ابن التركماني بقوله: ((قلت: في كتاب ابن أبي حاتم: مسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أخو سعد وصالح ابني إبراهيم روى عن عبد الرحمن بن عوف مرسلاً، ورى عنه أخوه سعد بن إبراهيم. سمعت أبي يقول ذلك)) . وذكر ذلك صاحب الكمال.... فظهر بهذا أن سعداً هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وأنه لا وجه لترديد البيهقي....)) أهـ‍.
قلت: وكلام ابن التركماني - رحمه الله - متجه، لكن لي نظر وذلك أن البيهقي قال: ((لا نعرف له أخاً معروفاً بالرواية)) ، وهذا القول حق، فإن المسور، وإن كان لسعد بن إبراهيم لكنه غير معروف بالرواية كما يُعلم من قول الدارقطني: ((مجهول)) وكذا قول ابن القطان. وقد ترجم له ابن أبي حاتم (4/ 1/ 298) فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. فهو مجهول الحال.
وحاصل القول أن هذا الحديث لا يصح للاضطراب في سنده، ثم للانقطاع الذي فيه. والله أعلم.

(2/43)


158- ((سُئلَ رَسولُ اللهُ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلمَ عَن قَولِهِ تَعالَى {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} ، قَالَ: إضَاعَةُ الوَقتِ)) . (1)
159- ((لاَ يَبولنَّ أحَدكُم في الجُحرِ)) . قِيل لِقَتادَةَ: مَا تَكرهُ مِنَ البَولِ فِي الجُحرِ؟ قَالَ: يُقالُ إِنَّها مَساكِنُ الجِنِّ)) . (2)
__________
(1) 158- ضعيف.
أخرجه البزار (ج 1/ رقم 392) ، وابن أبي حاتم في ((العلل) (1/ 187/ 536) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (30/ 311) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 377) ، والدولأبي في ((الكنى)) (2/ 58) ، والبيهقي (2/ 214، 215) ، والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (7/ 143) -، والبغوي في ((شرح السنة)) (2/ 246) من طرق عن عكرمة بن إبراهيم؛ ثنا
عبد الملك بن عمير، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص -. فذكره.
قال البزار: ((لا نعلم أحداً أسنده إلا عكرمة، وهو لين الحديث، وقد رواه الثقات الحفاظ عن عبد الملك عن مصعب بن سعد، عن أبيه موقوفاً)) . وقال أبو زرعة: ((هذا خطأ والصحيح موقوف)) .
قال العقيلي: ((الموقوف أولى)) .
قلت: وهذا حديث ضعيف، وله علتان:
الأولى: ضعف عكرمة بن إبراهيم. ضعفه النسائي، وابن حبان. وقال ابن معين وأبو داود: ((ليس بشيء)) . وقال العقيلي: ((في حفظه اضطراب)) .
العلة الثانية: أن عكرمة بن إبراهيم خولف فيه.
فقد أخرجه ابن جرير (30/ 311) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج2/ رقم 704، 705) ، والعقيلي، والبيهقي (2/ 214) من طريق عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، قال: قلت لأبي: يا أبتاه! أرأيت قوله: {الذين هم عن صلاتهم ساهون} أسهو أحدنا في صلاته، حديث نفسه؟!! قال سعد: أو ليس كلنا يفعل ذلك؟! ولكن الساهي عن صلاته الذي يصليها لغير وقتها، فذلك الساعي عنها.
قلت: وسنده حسن كما قال الهيثمي (1/ 325) .
وقد رواه مع عاصم بن بهدلة جماعة منهم طلحة بن مصرف، وسماك بن حرب، وموسى الجهني. كل هؤلاء رووه عن مصعب بن سعد موقوفاً فروايتهم أرجح بغير شك.

فالصواب أن الحديث موقوف.
وهو الذي صوبه الدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 116/ 1) . والله أعلم.
(2) 159- ضعيف. ... =

=أخرجه أبو داود (1/ 51- عون) ، والنسائي (1/ 33- 34) ، وأحمد (5/ 82) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (34) ، والحاكم (1/ 186) ، والبيهقي (1/ 99) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (1/ 385) من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن عبد الله بن سرجس، مرفوعاً فذكره.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين)) ووافقه الذهبي!!
قلت: لا، فقد ذكر ابن أبي حاتم بن حنبل، قال: ((ما أعلم قتادة روى عن أحد الصحابة غير أنس. قيل: فابن سرجس؟ فكأنه لم يره سماعاً)) .
وخالف في ذلك أبو زرعة، وأبو حاتم - كما في ((المراسيل)) (ص -175) .
قال أبو حاتم: ((لم يلق أحدا من الصحابة غير أنس وابن سرجس)) .
وأفاد الحافظ في ((التلخيص)) (1/ 116) أنه صحيح سماع قتادة من ابن سرجس: علي بن المديني وابن خزيمة وابن السكن. وهو اختيار الحافظ العراقي - كما في ((زهر الربي)) (1/ 33) - أما الحاكم فقد اختلف رأيه.
فقال في ((علوم الحديث)) (ص- 111) : ((لم يسمع من صحأبي غير أنس)) .
ثم قال في ((المستدرك)) عقب تخريجه لهذا الحديث: ((ولعل متوهما يتوهم أن قتادة لم يذكر سماعا من عبد الله بن سرجس وليس هذا بمستبعد [الأصل: بمستبدع] فقد سمع قتادة من جماعة من الصحابة لم يسمع منهم عاصم بن سليمان الأحول، وقد احتج مسلم بحديث عاصم، عن عبد الله بن سرجس. وهو من ساكني البصرة)) أهـ‍.
قلت: الذي يظهر أن قتادة سمع من ابن سرجس في الجملة، فقد كانا متعاصرين كما يفهم من كلام أبي حاتم السابق. ولكن قتادة مدلس كما قال غير واحد، حتى قال ابن جرير في مواضع من ((تهذيب الآثار)) أنه مشهور بالتدليس عندهم.

وقد تقرر في الأصول أن المدلس إذا عنعن عن شيخ له، لا يرتاب أحد في أنه يروي عنه، فأنه لا يقبل منه، لاحتمال أنه دلسه عنه، فكيف إذا كان في سماعه من شيخه اختلاف؟!!

(2/44)


160- ((كَانَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمسحُ أعَلى الخُفَّ وأَسفَلَهُ)) . (1)
__________
(1) 160- منكر.
أخرجه أبو داود (1/ 280- 281 عون) ، والترمذي (97) ، وابن ماجة (550) ، وأحمد (4/ 251) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (84) ، والدارقطني (1/ 195) ، والبيهقي (1/ 290) من طريق الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن المغيرة بن شعبة ... فذكره.
قال الترمذي: ((هذا حديث ذكروا له عللا أربعة: ... =
=الأولى: أن ثور بن يزيد، لم يسمعه من رجاء بن حيوة.
الثانية: أنه مرسل.
الثالثة: أن الوليد بن مسلم مدلس وقد عنعنه.
الرابعة: أن كاتب المغيرة مجهول لا يعرف.
فأما العلة الأولى:
فأجاب عنها ابن القيم في ((تهذيب سنن أبي داود)) ، وابن التركماني في ((الجوهر النقي)) ، وحاصل جوابهما أن الدارقطني أخرج في ((سنته)) من طريق داود بن رشيد، حدثنا الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، حدثنا رجاء بن حيوة ... فصرح ثور بالتحديث عن رجاء، فزالت العلة. وتابعهما الشيخ أبو الأشبال - رحم الله الجميع - في ((شرح الترمذي)) (1/ 164) .
قلت: وفيما ذهبوا إليه نظر.
فقد رواه البيهقي (1/ 290- 291) عن أحمد بن عبيد الصفار، وهذا في ((مسنده)) ، من طريق أحمد بن يحيى الحلواني، عن داود بن رشيد، فقال: ((عن رجاء)) ، ولم يقل ((حدثنا رجاء)) .
قال الحافظ في ((التلخيص)) (1/ 160) : ((فهذا اختلاف على داود، يمنع القول بصحة وصله، مع ما تقدم في كلام االأئمة)) أهـ‍.
ويؤيده: أن عبد الله بن المبارك خالف الوليد بن مسلم في وصله.

فأخرجه عبد الله بن أحمد في ((كتاب العلل)) ، وابن حزم في ((المحلى)) (2/ 114) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن ابن المبارك، عن ثور بن يزيد، قال: حدثت عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. مرسلاً، ليس فيه ((المغيرة)) .
هكذا روى ابن المبارك، وهو ثقة إمام حجة، لا يرتاب أحد في تقديمه على الوليد بن مسلم.

وحاول الشيخ أبو الأشبال - رحمه الله - أن يتقصى من ذلك، فقال في ((شرح الترمذي)) : ((الوليد بن مسلم كان ثقة، حافظاً، متقناً، فإن خالفه ابن المبارك فإنما زاد أحدهما على الآخر، وزيادة الثقة مقبولة)) أهـ‍.
قلت: هذا ليس من باب زيادة الثقة على الآخر، بل من باب المخالفة. أما في الإسناد: فقد تفرد الوليد بوصله، كما حكاه الترمذي وغيره.
فإن قلت: بل تابعه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن ثور مثله.
قلنا: ما أوهن ما تعلقت به. فإن إبراهيم متروك، وقد كذبه بعض الأئمة.
ومما يتعجب منه حقاً أن أبا الأشبال - رحمه الله - يعتد بمثل هذه المتابعة، فيقول: ((إبراهيم بن أبي يحيى ضعفه عامة المحدثين، لأنه كان من أهل الأهواء، بل رماه بعضهم بالكذب. لكن تلميذه الشافعي أعرف= = به!! . وفي ((التهذيب)) : قيل للربيع: ما حمل الشافعي أن يروي عنه؟؟ قَالَ: كَانَ يقول: لأن يخر إبراهيم من بُعد، أحب إليه من أن يكذب، وكان ثقة في الحديث)) .
قلت: هذا رأي الشيخ رحمه الله في إبراهيم! ، وهو رأي غريب لا يجري على أصول المحدثين.
ومن المعلوم: أن الجرح مقدم على التعديل إن كان مفسراً، والجرح بالكذب من أعظم دوافع ترك الرواية عن المجروح. وإبراهيم هذا، كذبه يحيى القطان، وابن معين. وتركه النسائي وغيره.
ثم أنه مدني. وقد سئل عنه مالك: أكان ثقة؟؟
قال: لا، ولا ثقة دينه!!
وكثيراً ما ينازع الشيخ خصومه في مثل هذا، فيقول: ((مالك هو الحجة على أهل المدينة)) .
وقد جئناك بقول مالك. ونزيد أيضاً: قال بشر بن المفضل: ((سألت فقهاء المدينة عنه، فكلهم يقولون: كذاب، أو نحو هذا)) .
ولا يعقل أن يقدم قول الشافعي - رحمه الله على قول أهل الاختصاص، لا سيما إن اتفقوا، واجتماع المحدثين على الشيء يكون حجة، كما قال أبو حاتم - رحمه الله تعالى -.
فإن قيل: ما الحامل للشافعي على الرواية عنه؟! .
أجاب ابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 107) بقوله: ((وأما الشافعي فأنه كان يجالسه في حداثته، ويحفظ عنه حفظ الصبي، والحفظ في الصغر، كالنقش في الحجر. فلما دخل مصر في آخر عمره، فأخذ يصنف الكتب المبسوطة، احتاج إلى الأخبار، ولم تكن معه كتبه، فأكثر ما أودع الكتب من حفظه، فمن أجله ما روى عنه، وربما كنى عنه ولا يسميه في الكتب)) . أهـ‍.
وبالجملة: فإن متابعة إبراهيم للوليد بن مسلم ساقطة لا يُفرح بها.
فإن قلت: قد تابعها محمد بن عيسى فصدوق، ولكن في حفظه مقال.
قال ابن حبان: ((مستقيم الحديث إذا بين السماع في خبره)) .
فيستفاد من قوله أنه كان مدلساً. وقد جزم بذلك الحافظ في ((التقريب)) . وقد رواه بالعنعنة.
هذا ما يتعلق بالإسناد، وابن المبارك يترجح عليهم.
فإن قلت: قد رواه ابن المبارك موصولاً كما رواه الوليد بن مسلم. فهذا إن لم يكن فيه ترجيح لرواية الوليد، فليس أقل من أن يكون اختلافاً على ابن المبارك؛ تضعف به مخالفته.
قلت: هذا آخر سهم في جعبتكم، وما أصبتم الرمية!!
فقد قال الأثرم: ((كان أحمد يضعف هذا الحديث ويقول: ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي، فقال: عن ابن المبارك، عن ثور، حدثت عن رجاء، عن كاتب المغيرة. ولم يذكر ((المغيرة)) . قال أحمد: وكان حدثني به نعيم بن حماد، حدثني به عن ابن المبارك حدثني الوليد مسلم به عن ثور. ... =
= فقلت له: إنما يقول هذا الوليد. فأما ابن المبارك فيقول: ((حدثت عن رجاء)) ولا يذكر ((المغيرة)) . فقال لي نعيم: هذا حديثي الذي أسأل عنه!!
فأخرج إليَّ كتابه القديم بخط عتيق، فإذا فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم: ((عن المغيرة)) . فأوقفته عليه، وأخبرته أن هذه زيادة في الإسناد لا أصل لها. فجعل يقول للناس بعد، وأنا أسمع: اضربوا على هذا الحديث)) . أهـ‍.
ذكره الحافظ في ((التلخيص)) (1/ 159) .
أما من ناحية المتن: فقد تضافرت الأحاديث الصحيحة على ذكر المسح على ظاهر الخف، وليس على باطنه.
ومما يشعر أن المسح على باطن الخف لم يكن معروفاً، قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ((لو كان الدين بالرأي، لكان باطن الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهر خفيه)) .
أخرجه أبو داود (162) ، والدارقطني (1/ 199) ، والبيهقي (1/ 292) ، وابن حزم في ((المحلى))
(2/ 111) ، وابن الجوزي في ((مناقب علي)) (ق 33/ 1) من طريق عبد خير، عن علي.
وسنده صحيح ...
قال ابن القيم: ((والأحاديث الصحيحة كلها تخالفه)) .
يعني حديث مسح باطن الخف.
وقد قال البخاري في ((التاريخ الأوسط)) : ((ثنا محمد بن الصباح، ثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن المغيرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وإله وسلم يمسح على خفيه، ظاهرهما)) .
قال البخاري: ((وهذا أصح من حديث رجاء، عن كاتب المغيرة)) . أهـ‍.
وقال ابن أبي حاتم في ((العلل)) (1/ 54/ 135) : ((سمعت أبي يقول في حديث الوليد، عن ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن المغيرة.... فذكره.
فقال: ((ليس بمحفوظ، وسائر الأحاديث عن المغيرة أصح)) .
قلت: فظهر من كلام هذين الإمامين أن زيادة: ((باطن الخف)) منكرة؛ لمخالفتها للأحاديث الصحيحة عن المغيرة، وغيره في الاقتصار على ظاهر الخف فحسب. والله أعلم.
أما العلة الثانية:
فقد ذكروا أنه مرسل. يعني أن كاتب المغيرة يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يدركه. وقد تقدم شيء من هذا في كلام الإمام أحمد مع نعيم بن حماد.
وهذا ما رجحه البخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم. ... =
= فأما البخاري، فنقل ذلك الترمذي عنه، وعن أبي زرعة، فقال: ((سألت أبا زرعة ومحمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقالا: ليس بصحيح؛ لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور، عن رجاء بن حيوة، قال: حدثت عن كاتب المغيرة مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر فيه المغيرة)) . أهـ‍.
وفي ((علل الحديث)) (1/ 38/ 78) لابن أبي حاتم أنه سأل أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا: ((هذا أشبه)) .
يعني عدم ذكر ((المغيرة)) .
العلة الثالثة:
وهي أن الوليد بن مسلم عنعن الحديث.
قلت: نعم صرح الوليد بالتحديث عن ثور عند أحمد وأبي داود، ولكنه - أعني الوليد - كان يدلس تدليس التسوية، وهذا يقتضيه أن يصرح في كل طبقات السند، ولم يفعل.
وقد قال الحافظ في ((الفتح)) (2/ 318) في تخريج حديث: ((وأخرجه أيضاً من رواية الوليد بن مسلم.... وصرح بالتحديث في جميع الإسناد)) .
فبقيت العلة.
أما العلة الرابعة:
فهي جهالة كاتب المغيرة.
ذكر ذلك ابن حزم في ((المحلى)) (2/ 114) ، وقوله مردود؛ لأن كاتب المغيرة اسمه ((وراد)) وهو مشهور، وله أحاديث اتفق البخاري ومسلم على ثلاثة منها من روايته عن المغيرة.
وجملة القول: أن هذا الحديث ضعفه جهابذة الحديث ونقاده مثل البخاري وأبو حاتم، وأحمد، وأبو زرعة، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم. فمن الناس بعدهم؟!!

(2/45)


161- ((أحبُّ النَاسِ إلى اللهِ تَعالى، أنفَعُهُم لِلنَّاسِ، وَأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ تَعالى تُدخِلُهُ عَلى مُسلِمٍ، أو تَكشِفَ عَنهُ كُربةً، أو تَقضِي عَنُه دَيناً، أو تَطردَ عَنهُ جُوعاً. ولأن أمشِي مَعَ أخٍ في حَاجةٍ، أحبُّ إليَّ مِن أنْ أعتَكِفَ في هَذا المَسجدِ - يَعني مَسجدَ المَدينةِ - شَهراً. وَمَنْ كَفَّ غَضبَهُ، سَترَ اللهُ عَورَتَهُ، وَمَنْ كَظمَ غَيظَهُ، وَلوْ شَاءَ أنْ يَمضِيَهُ أمضَاهُ، مَلأَ اللهُ قَلبَهُ رَجاءً يَومَ القِيامَةِ. وَمَنْ مَشى مَعَ أخِيهِ في حَاجَةٍ حَتى يَتَهيأَ لَهُ، أثبَتَ اللهُ قَدمَهُ يَومَ تَزولُ الأَقدَامُ)) . (1)
__________
(1) 161- ضعيف، وفي متنه نكارة. ... =
= أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 13646) وفي ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (8/ 194) -وفي ((الصغير)) (2/ 35) ، والشجري في ((الآمالي)) (2/ 177) ، وابن حبان في ((المجروحي)) (1/360) مختصرا من طريق عبد الرحمن بن قيس الضبي، ثنا سكين بن سراج، ثنا عمرو بن دينار، عن ابن عمر، أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! أي الناس أحب إلى الله تعالى؟ وأي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟! .
قال ... فذكره.
قال الطبراني: ((لم يروه عن عمرو بن دينار، إلا سكين بن سراج، ويقال: ابن أبي سراج البصري، تفرد به عبد الرحمن بن قيس)) .
قلت: وهذا سند واه جدا.
أما عبد الرحمن بن قيس كذبه ابن مهدي. وقال صالح بن محمد: ((كان يضع الحديث)) . وتركه أحمد والنسائي.
وسكين بن سراج قال فيه ابن حبان: ((يروي الموضوعات عن الإثبات، والملزقات عن الثقات)) . وقال الهيثمي: ((ضعيف)) !!
ولكن له طريق آخر.

أخرجه ابن أبي الدنيا في ((قضاء الحوائج)) (36) من طريق بكر بن خنيس، عن عبد الله بن دينار، عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره وفيه زيادة: ((وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل)) .
قلت: وهذا سند ضعيف.
وبكر بن خنيس ضعفه النسائي، وعمرو بن علي، ويعقوب بن شيبة وقال ابن معين في رواية: ((ليس بشيء)) .
وتركه الدارقطني، وابن خراش، وأحمد بن صالح المصري.
ولكن قال أبو حاتم: ((لا يبلغ به الترك)) .

كما في ((الجرح والتعديل)) (1/ 1/384) .
وقال الحافظ: ((صدوق له أغلاط)) .
وهذا تسامح منه. لا سيما وقد قال في ((الفتح)) (9/ 243) : ((ضعيف)) . وهو الصواب.
ثم بعد كتابة ما تقدم بزمان رأيت هذا الحديث في ((الصحيحة)) (906) لشيخنا حافظ الوقت ناصر الدين الألباني. فرأيته خرج من الطريقين المذكورين وقال عن الطريق الثاني: ((لكن جاء بإسناد خير من هذا ... . فذكره ثم قال: وهذا إسناد حسن فان بكر بن خنيس صدوق له أغلاط كما قال للحافظ. وعبد الله بن دينار ثقة من رجال الشيخين فثبت الحديث الحمد لله تعالى)) .
قلت: كذا قال شيخنا حفظه الله تعالى! ... =
=والصواب أن هذا الإسناد كان خيراً من الأول. فهو ضعيف؛ لما ذكرته من حال بكر بن خنيس. وقد قدمت ما في قول الحافظ وأنه تسامح فيه. لاسيما فقد ضعف شيخنا بكر بن خنيس في بعض تحقيقاته وانظر مثلا ((الصحيحة)) (رقم 491) و ((الضعيفة)) (رقم 11، 821، 1291) . فلو جعلنا هذا الإسناد أصلا - وهو ضعيف - والتمسنا له الشواهد المجدية لكان حسنا، أما وشاهده ساقط فإن الحديث يظل ضعيفا.
وعليه فهذا الحديث يجب أن يكون من جملة الكتاب الآخر للشيخ وهو ((الضعيفة)) . والله أعلم.

(2/46)


162- ((لَمَّا أتَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أبَا طَالِبٍ في مَرَضِهِ، قَالَ لَهُ: يَا عمُّ! قُل لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، كَلمةً أستَحِلُّ بِهَا لَكَ الشَّفاعَةَ. قَالَ: يَا ابنَ أخِي! وَاللهِ لَولاَ أنْ تَكُونَ سُبَّةً عَلَيَّ وَعَلى أهلِي مِن بَعدِي، يَرونَ أنِّي قُلتُها جَزعاً مِنَ المَوتِ، لَقُلتُها، لاَ أقُولُها إلاَّ لأسُرَّكَ بِها!! فَلمَّا ثَقُلَ أبُو طَالِبٍ رُؤيَ يُحرِّكُ شَفَتيِهِ فَأصغَى إليهِ العَباسُ فَسمِعَ قَولَهُ، فَرفَعَ رَأسَهُ عَنهُ فَقالَ: قَد قَالَ وَاللهِ الكَلِمةَ التي سَألتَهُ عَنها. فَقالَ النبيُ صَلى اللهُ عَليِهِ وَآلهِ وَسَلمَ: ((لَمْ أسمَعْ)) . (1)
__________
(1) 162- باطل بهذا السياق.
أخرجه ابن إسحاق في ((السيرة)) قال: حدثني العباس بن عبد الله بن معبد، عن بعض أهله، عن ابن عباس ... فذكره. ومن طريقه أخرجه البيهقي في ((الدلائل)) (2/ 346) .
قلت: وهذا سند ضعيف لأجل الذي لم يسم، أما الحديث فهو باطل بهذا التمام. فإن أبا طالب مات كافراً بنص الأحاديث الصحيحة كما يأتي أن شاء الله تعالى.
[ثم رأيت الحافظ ابن كثير قال في ((السيرة النبوية)) (2/ 125) : ((إن في السند مبهم لا يعرف حإله وهو قوله: ((عن بعض أهله)) وهذا إبهام في الاسم والحال، ومثله يتوقف فيه لو انفرد)) أهـ‍وقال البيهقي: ((هذا إسناد منقطع، ولم يكن أسلم العباس في ذلك الوقت أهـ‍.

وقد رواه سعيد بن جبير، عن ابن العباس فلم يذكر هذه الزيادة الباطلة، أخرجه النسائي في ((التفسير)) - كما في ((أطراف المزي)) (4/ 456) ، والترمذي (3232) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (23/ 79) ، والحاكم (2/ 432) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (2/ 345) وفي ((السنن)) (9/ 188) من طريق سفيان، عن الأعمش، ثنا يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: مرض أبو طالب فجاءته قريش وحائه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعند أبي طالب مجلس رجل، فقام أبو جهل كي يمنعه كي وشكوه الى أبي طالب. فقال: يا ابن أخي ما تريد من قومك! قال: إني أريد منهم كلمة واحدة تدين لهم به العرب، وتؤدي إليهم العجم الجزية. قال: كلمة واحدة؟!! قَالَ: كلمة واحدة. قَالَ: ((يا عم! = =يقولوا: لا إله إلا الله)) . فقالوا: إلهاً واحداً،؟!! ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق. قال: فنزل فيهم القرآن: {ص * وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ... } إلى قوله: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ} .
قال الترمذي: وفي ((تحفة الأشراف)) : ((حسن صحيح)) .
وقد اختلف عن الأعمش في شيخه.
فرواه أسامة، عن الأعمش، عن عباد بن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.
أخرجه أحمد (1/ 362) ، وابن جرير (23/ 79) .
قلت: وهو اختلاف تنوع. ويحيى بن عمارة مجهول. لم يرو عنه غير الأعمش، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) وقد توبع وقال عبد بن حميد - كما عند الترمذي -: ((يحيى بن عباد)) .
وجزم البخاري ويعقوب بن شيبة، وابن حبان بأنه ((يحيى بن عمارة)) .
وقال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي!! وليس كما قالا، لما تقدم من حال يحيى بن عمارة، وان كان الحديث صحيحاً. والله أعلم.
فثبت من هذا الحديث أن أبا طالب لم يقل الشهادة؛ ويؤيده أن ابن جرير زاد في روايته: فلما خرجوا دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمه إلى قول: ((لا إله إلا الله)) فأبى، وقال: بل على دين الأشياخ! ونزلت {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} .
أخرجه في ((تفسيره)) (23/ 80- 81) بسند معضل أو مرسل، وله شواهد تؤيده كما يأتي.
وأما الأحاديث التي ثبت فيها أن أبا طالب مات كافراً فكثيرة منها:
عن العباس بن عبد المطلب أنه قال: يا رسول الله! هل نفعت أبا طالب بشيء، فأنه كان يحوطك ويغضب لك، قال: ((نعم، هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار)) .
أخرجه البخاري (7/ 193- فتح) ، ومسلم (357) ، وأحمد (1/ 206، 207، 21.) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (2/ 346) .
وهذه الرواية تبين بطلان ما نسب إلى العباس من أنه سمع أبا طالب يقول كلمة التوحيد. فلو كان سمع لما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا السؤال. وهذا واضح جداً.
عن المسيب بن حزن، قال: ((لما حضرت أبا طالب الوفاة، دخل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي عم! قل لا إله إلا الله، أحاج لك بها عند الله. فقال أبو جهل، وعبد الله بن أمية: يا أبا طالب! أترغب عن ملة عبد المطلب؟!! فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنك)) فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} التوبة. ... =
= أخرجه البخاري (8/341، 506- فتح) ، ومسلم (24/ 39- 4.) ، وأبو عوانة (1 / 14-15) ، والنسائي في ((المجتبى)) (4/ 90- 91) ، وفي ((التفسير)) - كما في ((الأطراف)) (8/ 387) -، وأحمد (5/ 433) ، وابن حبان (ج2/ رقم 978) ، والطحاوي في ((المشكل)) (3/ 187) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (11/30-31 و20/59) ، وابن مندة في ((الإيمان)) (37) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (2/ 342- 343) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (5/ 55- 56) من طريق عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه المسيب بن حزن به. وقد رواه عن الزهري جماعة منهم معمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد في آخرين.
وخالفهم سفيان بن حسين، فرواه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به أخرجه الحاكم (2/ 335- 336) وقال: ((صحيح إسناد)) ووافقه الذهبي!!
وسفيان بن حسين ثقة إلا في الزهري، وقد خالف أصحاب الزهري الأثبات فجعله من ((مسند أبي هريرة)) بينما هو من ((مسند المسيب بن حزن)) .
عن أبي سعيد الخدري قال: ((ذُكر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمه أبو طالب، فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجل في ضحضاح من نار، يبلغ كعبيه، يغلي منه دماغه)) .
أخرجه البخاري (7/ 193- 11/ 417 فتح) ، ومسلم (360) ، وأحمد (3/ 9، 5.، 55) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج2/ رقم 6238) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (2/ 347) من طريق يزيد بن الهاد، عن عبد الله بن خياب، عن أبي سعيد الخدري به.
عن أبي هريرة، قال: ((لما حضرت وفاة أبي طالب، أتاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا عماه، قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة. فقال: لولا أن تعيرني قريش، يقولون: ما حمله عليها جزعه من الموت لأقررت عينك بها. فأنزل الله - عز وجل - على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أعلم بِالْمُهْتَدِينَ} القصص / 56.
أخرجه مسلم (25/ 41- 42) ، وأبو عوانة (1/15) ، والترمذي (3188) ، وأحمد (2/434) ، وابن حبان (ج 8/ رقم 6237) ، وابن جرير في ((تفسيره)) (20/ 58) ، وابن مندة في ((الإيمان))
(38، 39) والبيهقي في ((الدلائل)) (20/ 344، 345) من طريق يزيد بن كيسان، قال: حدثني أبو حازم، عن أبي هريرة ... فذكره.
[وعزاه ابن كثير في ((السيرة)) (2/ 127) للنسائي، وهو وهم، ونسبه في ((تحفة الأشراف)) المسلم والترمذي فقط.
قال الترمذي: ((حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن كيسان)) .
وقال ابن مندة: ((هذا حديث ثابت صحيح، أخرجه الجماعة إلا البخاري، لم يخرج في كتابه عن يزيد بن كيسان، استغناء بغيره)) . أهـ‍. ... =
=قلت: وليس مقصود ابن مندة بـ ((الجماعة)) أصحاب الكتب الستة كما هو معروف لدى المتأخرين.
عن علي بن أبي طالب، - رضي الله عنه - قال: ((لما مات أبو طالب، أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله! إن عمك الشيخ الضال قد مات. فقال: اذهب فواره. فقلت: أنه مات مشركاً. فقال: اذهب فواره، ولا تحدثن شيئاً حتى تأتيني. قال: فواريته، ثم أتيته، فأمرني فاغتسلت، ثم دعا لي بدعوات، ما يسرني أن لي بهن ما على الأرض من شيء)) .
أخرجه أبو داود (9/ 32- 33 عون) ، والنسائي (1/ 11. و4/ 79- 80) ، وفي ((الخصائص))
(رقم 143- بتحقيقي) ، وأحمد (1/ 97، 131) ، والطيالسي (12.، 122) ، وابن أبي شيبة (3/ 269) ، وابن الجارود في ((المنتقى)) (550) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (1/ 334- 335) ، وابن خزيمة كما في ((الإصابة)) (7/ 114) -، والبيهقي في ((السنن)) (1/ 304) ، وفي ((الدلائل))
(2/ 348، 349) ، والدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 139/ 2) ، والخطيب في ((التلخيص)) (632/ 2) من طرق عن أبي إسحاق، قال: ناجية بن كعب، يحدث عن على ... فذكره.
قلت: وهو حديث صحيح. وقد أعله بعضهم بعدة علل لا تثبت على النقد، أجبت عنها تفصيلاً في ((جنة المرتاب، بنقد المغني عن الحفظ والكتاب)) (باب رقم 25) .
وهذا الحديث صريح الدلالة في أن أبا طالب مات كافراً.
حديث أنس - رضي الله عنه - في ذكر إسلام أبي قحافة؛ قال: ((فلما مد يده بيايعه، بكى أبو بكر. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما يبكيك؟ قال: لأن تكون يد عمك مكان يده، ويسلم، ويقر الله عينك أحب إلى من أن يكون)) .
أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) ، وعمر بن شبة في ((كتاب مكة)) ، وأبو بشر سمويه في ((فوائده)) من طريق محمد بن سلمة، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أنس به.
قال الحافظ في ((الإصابة)) (7/ 238) : ((سنده صحيح)) .
قلت: ومن هذا الوجه أخرجه:
أحمد (3/ 160) ، والبزار (3/ 373- 374) ، وأبو يعلى (ج 5/ رقم 2831) ، وابن حبان (1476) ، والحاكم (3/ 244- 245) فذكروا قصة إسلام أبي قحافة دون محل الشاهد.
قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) .
فقال الذهبي: (خ) يعني على شرط البخاري.
قلت: وهو وهم منها، فإن محمد بن سلمة هو ابن عبد الله الباهلي لم يخرج له البخاري لم يخرج له البخاري شيئا، فالحديث على شرط مسلم وحده. والله أعلم.
قال الحافظ في ((الإصابة)) (7/ 240) : ((وأما قول أبي بكر، فمراده لأنا كنت أشد فرحاً بإسلام أبي طالب منى بإسلام أبي - أي لو أسلم - ويبين ذلك ما أخرجه أبو قرة موسى بن طارق، عن موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: جاء أبو بكر بأبي قحافة يقوده يوم فتح مكة، = =فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا تركت الشيخ حتى نأتيه؟! قال أبو بكر: أردت أن يأجره الله، والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحاً بإسلام أبي طالب - لو كان أسلم - منى بأبي)) .
ثم قال الحافظ (7/ 241) : ((ونحن نرجو أن يدخل عبد المطلب وآل بيته في جملة من يدخلها طائعاً فينجو، لكن ورد في أبي طالب ما يدفع ذلك ... ثم ساق حديث العباس الفائت وقال: فهذا شأن من مات على الكفر، فلو كان مات على التوحيد لنجا من النار أصلاً، والأحاديث الصحيحة، والأخبار المتكاثرة طافحة بذلك..)) أهـ‍.
وقد استدل بعض الروافض لنجاة أبي طالب بقول الله - عز وجل -: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فقال: وقد عزره أبو طالب بما اشتهر وعلم ونابذ قريشا وعاداهم بسببه مما لا يدفعه أحد من نقلة الأخبار فيكون من المفلحين)) . أهـ‍.
قال الحافظ: ((وهذا مبلغهم من العلم!! ، وأنا نسلم أنه نصره، وبالغ في ذلك، ولكنه لم يتبع النور الذي أنزل معه وهو الكتاب العزيز الداعي إلى التوحيد ولا يحصل الفلاح إلا بحصول ما رتب عليه من صفات كلها)) . أهـ‍‍.
وصدق الحافظ رحمه الله ورضي عنه.
7-حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ((سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل له: هل نفعت أبا طالب؟! قال: ((أخرجته من النار إلى ضحضاح منها)) .
أخرجه البزار (ج 4/ رقم 3472) قال: حدثنا عمرو، ثنا أبي، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر ... فذكره.
وقال الحافظ ابن كثير في ((السيرة)) (2/128) : ((تفرد به البزار)) .
وقال الهيثمي في ((المجمع)) (10/395) : ((فيه من لم أعرفه)) .
قلت: كذا قال يرحمه الله تعالى. وهو يعني بذلك شيخ البزار وأباه. وإلا فباقي رجال السند لا يجهلهم الهيثمي.
وشيخ البزار هو عمر بن إسماعيل بن مجالد كما نص على ذلك ابن كثير رحمه الله.
ووقع في النسخة ((عمرو بن إسماعيل)) وهو خطأ، صوابه ما أتثبته ولعله لذلك لم يعرفه الهيثمي والله أعلم.
وعمر هذا، كذبه ابن معين، وتركه النسائي والدارقطني واتهمه ابن عدي بسرقة الحديث.
وأبوه خير منه، فقد وثقه ابن معين وضعفه الدارقطني، ولينه النسائي.
ولذلك قال أبو زرعة: ((هو وسط)) .
ومجالد فيه مقال.
فالسند واه جدا لأجل شيخ البزار. ... =
= والعمدة على الأحاديث السابقة، وإنما ذكرت هذا تنبيها. والله المستعان.
وقد رأيت بعض المحترقين من غلاة الشيعة وهو الشيخ محمد باقر المحمودي جعل يدفع تهمه الكفر عن أبي طالب في تعليقه على ((خصائص علي)) (ص 266 - 273) بأمور تضحك منها الثكلى فيأتي بالروايات التي لا خطم لها ولا أزمة فيعارض بها الروايات الصحيحة مما يدل على أنه جأهل، وقد رأيت له كلاما يفسق فيه أبا بكر وعمر بل ويشتم منه تكفيرهما. ومع ذلك ينادي بعض الغافلين بالتقريب بين أهل السنة والشيعة.
وقد رأيت كتابا لبعض غلاة الروافض سماه: ((أسنى المطالب في نجاة أبي طالب)) ملأه بالحشو، والبهت والافتراء على أهل السنة، وردّه يحتاج إلى كتاب مستقل.
وحاصل الأمر أن الروايات الصحيحة نصت على كفر أبي طالب وعليه أهل السنة.
وقد ترجم له ابن عساكر في ((تاريخه)) وصدر ترجمته بقوله: ((قيل أنه اسلم ولا يصح إسلامه)) .
وقال الحافظ ابن كثير في ((السيرة)) (2/ 132) بعد أن تكلم على أن أبا طالب مات كافرا قال:
((ولولا ما نهانا الله عنه من الاستغفار للمشركين، لاستغفرنا لأبي طالب وترحمنا عليه)) . أهـ‍.

(2/47)


163- ((صَلاةٌ بِسواكٍ خَيرٌ مِن سَبعينَ صَلاةٍ بِغَيرِ سِواكٍ)) . (1)
__________
(1) 163- باطل.
أخرجه أحمد (6/ 272) ، وابن خزيمة (1/ 71) ، والبزار (1/ 244) ، والحاكم (1/ 146) ، والبهيقي (1/ 4.) من طريق محمد بن إسحاق قال: وذكر محمد بن مسلم الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا به.
قال البزار: ((لا نعلم أحدا رواه بهذا اللفظ إلا ابن إسحاق)) .
وقال ابن خزيمة: ((أنا استثنيت صحة هذا الخبر، لأني أخاف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم، وإنما دلسه عنه)) .
وقال البهيقي: ((وهذا الحديث، أحد ما يخاف أن يكون من تدليسات محمد بن إسحاق بن يسار وأنه لم يسمعه من الزهري)) .
قلت: فعلة هذا الإسناد هي عنعنة ابن إسحاق.
أما الحاكم فقال: ((صحيح على شرط مسلم)) ووافقه الذهبي!!
وليس كما قالا، بل هو وهم عجيب منها لا سيما الذهبي. فان ابن إسحاق لم يحتج به مسلم، وقد نبه الذهبي على هذا، ثم نسى. فسبحان من لا يضل ولا ينسى.
قال النووي في ((المجموع)) (1 / 331) : ((وأما حديث عائشة فضعيف رواه البهيقي من طرق وضعها كلها وكذا ضعفه غيره. وذكر الحاكم في ((المستدرك)) وقال: هو صحيح على شرط مسلم، = = وأنكروا ذلك على الحاكم، وهو معروف عندهم بالتساهل في التصحيح. وسبب ضعفه أن مداره على ابن إسحاق وهو مدلس، ولم يذكر سماعه. والمدلس إذا لم يذكر سماعه لا يحتج به بلا خلاف كما هو مقرر لأهل الفن. وقوله أنه ليس على شرط مسلم ليس كذلك، فإن محمد بن إسحاق لم يرو له مسلم شيئاً محتجا به، وإنما روى له متابعة. وقد علم من عادة مسلم وغيره من أهل الحديث أنهم يذكرون في المتابعات من لا يحتج به للتقوية، لا للاحتجاج. ويكون اعتمادهم على الإسناد الأول، وذلك شيء مشهور عندهم. والبيهقي أتقن في هذا الفن من شيخه الحاكم، وقد ضعفه. والله أعلم)) . أهـ‍.

وتعقبه في بعض ما قال، صاحب ((طرح التثريب)) (2/ 65) فقال: ((قوله: والمدلس إذا لم يذكر سماعه.... الخ قال: وقوله: بلا خلاف ليس بجيد، بل فيه الخلاف في الاحتجاج بالمرسل، وأولى بالصحة لاحتمال عدم سقوط أحد، وممن صرح بجريان الخلاف فيه ابن الصلاح. وغيره. والله أعلم. وضعف يحيى بن معين أيضاً الحديث المذكور، وقال: أنه باطل)) . أهـ‍.
وقال ابن مفلح في ((المبدع)) (1/ 99) : ((رواه الحاكم وصححه، وقال: على شرط مسلم، وهذا مما أنكر عليه، وضعفه البيهقي بسبب أن ابن إسحاق مدلس ولم يسمعه من الزهري)) . أهـ‍.
أما الصنعاني فقال في ((العدة)) (1/ 278) : ((وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وتعقب بأن مسلماً لم يخرج له - يعني ابن إسحاق - إلا في المتابعات. قلت: على كل حال، وإن خرج عن رتبة الصحيح فأنه حسن معمول به. ويشهد له حديث جابر مرفوعاً: ((ركعتان بسواك.....)) أخرجه أبو نعيم بإسناد حسن كما قال المنذري. وأخرج أيضاً مثله موقوفاً على ابن عباس بإسناد قال فيه الحافظ المنذري: جيد)) . أهـ‍.
قلت: وهذا التعقيب يستغرب من الصنعاني؛ لأنه لم يأت عليه بدليل سوى مجرد الدعوى. ومثله لا يقبل، فذلك لم يتعرض بالجواب عن العلة الحقيقية، وهي عنعنة ابن إسحاق. وإنما يحسن حديث ابن إسحاق إذا صرح بالتحديث، وعليه استقر عمل كثير من الحفاظ، والشواهد التي ذكرها أسانيدها معلولة كما قال الحافظ ابن حجر في ((التلخيص)) (1/ 67) . والمنذري رحمه الله نفسه رخو في التصحيح كما علمته بأدلة كثيرة بعد مطالعتي لكتابه ((الترغيب والترهيب)) .
وقال الشيخ عبد الرحمن البنا في ((الفتح الرباني)) (1/ 294) بعد ذكر تصحيح الحاكم: ((وحديث عائشة لم يتعقبه الذهبي بسيء في تلخيصه على المستدرك، فلو كان معلولاً لذكر علته)) !! .
قلت: وهذا جواب هزيل، وعذر الشيخ أنه لم يكن من أهل الفن، وإلا فالذهبي وقع في كثير من الوهم في تلخيصه على المستدرك، علمت ذلك بعد دراستي لكتاب المستدرك، مما قوى عندي الرغبة في تتبع المواضع التي أخطأ فيها الحاكم ووافقه الذهبي، فتجمع لديَّ حتى الآن أكثر من ألف موضع؛ أودعتها في كتابي: ((إتحاف الناقم بوهم الذهبي والحاكم)) يسر الله إتمامه بخير. وَلَهُ قصة ذكرتها في مقدمة الكتاب المشار إليهِ. ... =
= نعم، توبع ابن إسحاق.
تابعه معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً: ((ركعتان بسواك، أفضل من سبعين ركعة بغير سواك)) .
أخرجه أبو يعلى (252- زوائده) ، وبحشل في ((تاريخ واسط)) (200) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (3/ 5) ، والبزار (1/ 245) ، وابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2395) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 336) .
قال البزار: ((لا نعلم رواه إلا معاوية)) .
قلت: وهو ابن يحيى الصدفي.
قال ابن معين: ((هالك، ليس بشيء)) .
وضعفه أبو حاتم، والنسائي، والساجي وقال: ((جداً)) .
وقال أحمد: ((تركناه)) .
وله طريق آخر عن عائشة.
أخرجه البيهقي (1/ 40) من طريق محمد بن عمر، ثنا عبد الله بن أبي يحيى الأسلمى، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً: ((الركعتان بعد السواك، أحب إلي من سبعين ركعة قبل السواك)) .
قال البيهقي: ((الواقدي، لا يحتج به)) .
قلت: لأنه متروك، بل كذبه غير واحد.
قال الحافظ يرد على مغلطاي: ((وقد تعصب مغلطاي للواقدي، فنقل كلام من قواه ووثقه، وسكت عن ذكر من وهاه واتهمه، وهم أكثر عددا وأشد إتقانا، وأقوى معرفة به من الأولين. ومن جملة ما قواه به: أن الشافعي روى عنه. وقد أسند البيهقي عن الشافعي أنه كذبه. ولا يقال: فكيف روى عنه؟! لأنا نقول: رواية العدل ليست بمجردها توثيقا، فقد روى أبو حنيفة عن جابر الجعفي، وثبت عنه أنه قال: ما رأيت اكذب منه)) أهـ‍.
قلت: ومع وضوح كلام الحافظ وقوته، فقد رد عليه التهانوي الحنفي في ((قواعده)) (347 - 35.) فقال: ((هذا، ولم يتعصب مغلطاي للواقدي بل استعمل الإنصاف!! فان الصحيح في أمر الواقدي التوثيق!! . قال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في ((الإمام)) : جمع شيخنا أبو الفتح الحافظ في أول كتابه: ((المغازي والسير)) أقوال من ضعفه، ومن وثقه، ورجح توثيقه، وذكر الأجوبة عما قيل. وهذا يردُّ على النووي والذهبي قولهما: الواقدي ضعيف باتفاقهم أو: استقر الإجماع على وهنه. وأين الإجماع من الاختلاف في ترجيح توثيقه وتضعيفه؟!)) . أهـ‍.
وَقَالَ ابن الهمام - وهو من أكابر محققي الأحناف -: ((الواقدي حسن الحديث عندنا)) . ... =
= قلت: وهو ذهول من هؤلاء الفضلاء عن القاعدة المقررة عند العلماء، وهي أن الجرح مقدم على التعديل إن كان مفسرا، وجرح الواقدي مفسر وظاهر، فقد كذبه أحمد بن حنبل، والشافعي، والنسائي، وابن المدني، وأبو داود، ومحمد بن بشار.
واتهمه أبو حاتم، وابن راهويه بالوضع وكذا الساجي. وتركه أحمد، وابن المبارك، وابن نمير، وإسماعيل بن زكريا، والبخاري، وأبو زرعة والعقيلي والدولابي وغيرهم.
وهذا هو الذي حدا بالنووي أن يقول: ((الواقدي ضعيف باتفاقهم)) .
والمقصود من عبارته باتفاق النقاد العارفين، لأن الذين وثقوه لا يرقون في النقد إلى مستوى الجارحين.
فمن قيل فيه هذا كيف يقال: الراجح فيه التوثيق؟!! أو: هو حسن الحديث عندنا!!
وهل هذا إلا قلب للأصول؟!
وقد قال الكوثري - وهو حنفي جلد - في ((مقالاته)) (41- 44) بعد ذكر حديث: ((اتقوا خضراء الدمن -.)) قال: ((انفرد به من كذبه جمهرة أئمة النقد بخط عريض. فقال النسائي: الكذابون المعروفون بالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة: الواقدي بالمدينة.. وقال البخاري: قال أحمد: كذاب -.. ثم قال: وجرح هؤلاء مفسر، لا يحتمل أن يحمل التكذيب في كلامهم على ما يحتمل الوهم كما ترى، وإنما مدار الحكم على الخبر بالوضع أو الضعف الشديد من حيث الصناعة الحديثية هو انفراد الكذاب، أو المتهم بالكذاب، أو الفاحش الخطأ، لا النظر إلى ما في نفس الأمر، لأنه غيب، فالعمدة في هذا الباب هي علم أحوال الرجال. واحتمال أن يصدق الكذاب في هذه الرواية مثلاً، احتمال لم ينشأ من دليل، فيكون وهما منبوذاً..)) . أهـ‍.
قلت: وهذا تحقيق حسن، ولكن الكوثري لم يثبت عليه، فقد رأيته وثق الواقدي في تعليقه على كتاب ((شروط الأئمة)) (ص 37) !! وكان الكوثري مشهوراً بذلك.
قال الذهبي في ((السير)) (9/ 469) : ((وقد تقرر أن الواقدي ضعيف، يحتاج إليه في الغزوات والتاريخ، ونورد آثاره من غير احتجاج، وأما في الفرائض، فلا ينبغي أن يذكر. فهذه الكتب الستة، ومسند أحمد، وعامة من جمع في الأحكام، نراهم يترخصون في إخراج أحاديث أناس ضعفاء، بل ومتروكين، ومع هذا لا يخرجون لمحمد ابن عمر شيئاً. مع أن وزنه عندي أنه مع ضعفه يكتب حديثه ويروي، لأني لا أتهمه بالوضع. وقول من أهدره، وفيه مجازفة من بعض الوجوه، كما أنه لا عبرة بتوثيق من وثقه، كيزيد، وأبي عبيد، والصاغاني، والحربي، ومعن، وتمام، عشرة محدثين، إذ قد انعقد الإجماع اليوم على أنه ليس بحجة وأن حديثه في عداد الواهي، رحمه الله)) . أهـ‍.
قلت: وقول الذهبي - رحمه الله -: (( ... مع ضعفه يكتب حديثه ويروي.... الخ)) فيه نظر، ولعل الدافع إلى هذا القول هو أن الواقدي كان واسع العلم في المغازي كما صرح الذهبي في مطلع كلامه، فيحتاج إليه. ولكن كلام أئمة النقد لا يساعد عليه. ثم كيف يكتب حديث الواقدي مع ضعفه = =الشديد؟! والحاصل أنه لا يُحتج به إذا انفرد، ولا يصلح أيضاً في الشواهد ولا المتابعات. فعلى أي أساس يكتب حديثه؟!
إلا أن يقال: يكتب حديثه على سبيل التعجب!!
وزعم الشيخ عبد الغني عبد الخالق في تعليقه على ((مناقب الشافعي)) لابن أبي حاتم (2/ 220) : ((أن الإجماع استقر على وهن الواقدي كما قال الذهبي، ولكن في غير السير والمغازي، فهو فيها ثقة بالإجماع)) !!
ولا أدري ما مستنده في دعواه؟ ولم أقف على كلام لأحد الأئمة أطلق فيه دعوى الإجماع.
نعم قال الذهبي في ((السير)) (9/454 - 455) : ((وجمع فأوعى، وخلط الغث بالسمين، والخرز بالدر الثمين، فاطرحوه لذلك، ومع هذا فلا يستغني عنه في المغازي، وأيام الصحابة وأخبارهم)) .
فكلام الذهبي هذا فسره هو فيما نقلته عنه سابقاً وهو قوله: ((نورد آثاره من غير احتجاج)) .
وليس في هذا ما يفيد أنه ثقة في المغازي والسير.
وحاصل البحث أن الواقدي متروك مع سعة علمه كما قال الحافظ في ((التقريب)) .
وفي الباب عن ابن عمر، رضي الله عنهما.
أخرجه بحشل في ((تاريخ واسط)) (234) قال: ثنا الحسن بن راشد بن عبد ربه بن راشد، قال: ثنا أبو راشد بن عبد ربه، قال: ثنا نافع مولى ابن عمر قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك)) .
قلت: والحسن بن راشد، وأبوه لم أقف على حالهما. ولا أدري هل ذكرهما السلفي في سؤالا ته لخميس الحوزي بشأن جماعة من أهل واسط أم لا؟! فإن الكتاب ليس معي الآن. وعلى كل إن ثبتت ثقتهما فإن الحديث مرسل ضعيف. والله أعلم.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة، وأحاديثهم كلها معلولة، وراجع لذلك: ((التلخيص الحبير)) (1/ 67) للحافظ.
أما معنى الحديث فإنه باطل، إذ كيف تترجح صلاة المتسوك على غير المتسوك بسبعين ضعفاً، مع أن السواك يعدو كونه مستحباً؟!!
وقد طعن في الحديث ابن معين، والبزار، وابن حبان، والبيهقي، والعراقي، وابن حجر.
والله أعلم. ...

(2/48)


164- ((الجَنَّةُ دَارُ الأسخِياءِ)) . (1)
__________
(1) 164- منكر. ... =
= أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (1/ 190) ، وعنه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (2/ 185) ، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (117) ، عن الخرائطي، وهذا في ((المكارم)) (60) ، من طريق جحدر، ثنا بقية، ثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً به.
قلت: وجحدر: هو أحمد بن عبد الرحمن الكفرتوني، وهو ضعيف يسرق الحديث كما قال ابن عدي.
وذكره ابن حبان في ((الثقات)) وقال: ((لم أر في حديثه ما في القلب منه إلا ما حدثناه زيد بن عبد العزيز....)) فذكر هذا الحديث ثم قال: ((هذا حديث منكر)) .
قال الحافظ في ((اللسان)) (1/ 211) : ((فكأنه ما عرفه؛ لأنه سماه عبد الله بن الحارث)) .
[وقال الهيثمي في ((المجمع)) (3/ 128) : ((ولم أجد من ترجم جحدر بن عبد الله)) وقد أخطأ الهيثمي - رحمه الله - في نسبه، فلذلك لم يجده. والله أعلم] .
قال الذهبي في ((الميزان)) : ((وقد روى هذا عن بقية، عن يوسف بن السفر، عن الأوزاعي، ويوسف ساقط. ورواه البابلتي - وهو واه - عن الأوزاعي)) .
قال السيوطي في ((اللآلئ)) (2/ 96) : ((وقد توبع - يعني جحدر - فرواه أبو الشيخ عن أبي التحريش أحمد بن عيسى الكلابي، حدثنا محمد بن عوف، عن بقية..)) .
قلت: وأبو التحريش هذا لم أقف له على ترجمة. وأخاف أن يكوم مصحفاً.
ثم رأيت الشيخ العلامة ذهبي العصر المعلمي اليماني - رجمه الله - قال في تعليقه على ((الفوائد المجموعة)) (ص -80) : ((ولم أجد أبا الحريش، ولا أدري أبلا واسطة رواه أبو الشيخ عنه، أم بواسطة. وقد يصح عن بقية: ((عن الأوزاعي)) فإن بقية يدلس عن كل أحد. فأما: بقية، ثنا الأوزاعي)) فهيهات. أهـ‍.

قلت: وحتى لو صرح بقية بالتحديث عن الأوزاعي، فإن تدليسه لم يرتفع؛ لكونه كان يدلس تدليس التسوية كما حررته في أول أحاديث الكتاب. ومدلس التسوية يجب أن يصرح في كل طبقات السند إلا في صور ضيقة، كأن يروي مدلس التسوية عن راو له صحيفة، مثل عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. فالمدلس بطبيعة الحال ليس مسؤولاً عن عنعنة شيخه، فيكتفي أن يصرح بالتحديث عن شيخه فقط. والله أعلم.
وقد أسقط بقية رجلاً من الإسناد.

قال الدارقطني في ((العلل)) (ج 5/ ق 27/ 2) : ((وخالفهما محمد بن مصفى، فرواه عن بقية، عن أبي الفيض، عن الأوزاعي، عن ابن شهاب، عن عروة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.... ولا يصح هذا الحديث)) . أهـ‍.
وله شاهد من حديث أنس، - رضي الله عنه -. ... =
= أخرجه ابن عدي (6/ 2350) ومن طريقه ابن النجار في ((ذيل تاريخ بغداد)) قال: سمعت أبا جعفر، شيخ سمعته ببغداد يعظ على رؤوس الناس يقول: ثنا محمد بن مسلمة، ثنا موسى الطويل، عن أنس مرفوعاً: ((الجنة مأوى الأسخياء)) ثلاثاً.
ثم قال: وهذه الأحاديث كلها مناكير لموسى هذا)) . أهـ‍.
وموسى هذا: هو ابن عبد الله الطويل متهم، وقد روى عن أنس أشياء موضوعة كما قال ابن حبان.
ومن أبشع ما افتراه قوله: ((رأيت عائشة بالبصرة على جمل أورق في هودج أخضر)) !!
قال الذهبي: ((أنظر إلى هذا الحيوان المتهم! كيف يقول في حدود سنة مائتين أنه رأى عائشة؟! فمن الذي يصدقه؟؟!
وله طريق آخر عن أنس..
أخرجه الخطيب في ((البخلاء)) (ص - 51) من طريق الدينوري؛ حدثنا محمد بن المغيرة الجرمي، حدثنا إبراهيم بن بكر الشيباني، حدثنا العلاء بن خالد القرشي، حدثنا ثابت البناني، عن أنس مرفوعاً به.
قلت: وهذا سند تالف.
والدينوري هو عبد الله بن محمد بن وهب الحافظ، تركه الدارقطني وقال: ((كان يضع الحديث)) . وكذبه عمر بن سهل، واتهمه ابن عقدة، وإبراهيم بن بكر. متروك كما قال الدارقطني وغيره.
وقال أحمد: ((أحاديثه موضوعة)) .
والعلاء بن خالد القرشي قواه ابن حبان وكذبه أبو سلمة التبوذكي.

(2/49)


165- ((مَا عَظُمتْ نِعمةُ اللهِ عَلَى عَبدٍ، إلا عَظُمتْ مَؤونَةُ النَّاسِ عَليهِ، فَمَنْ لَمْ يَحتَمِلْ تِلكَ المَؤونَةَ، فَقَدْ عَرَّضَ النِّعمةَ لِلزوَالِ)) . (1)
__________
(1) 165- ضعيف.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (1/ 178) وأبو يعلى - كما في ((كشف الخفاء)) (2/ 266) - وابن حبان في ((الضعفاء)) (1/ 142) ، والخطيب في ((التاريخ)) (5/ 181- 182) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 517- 518) من طريق أحمد بن معدان، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل مرفوعاً فذكره.
قال ابن عدي: ((أحمد بن معدان شيخ، يروي عن ثور بن يزيد الأوابد التي لا يجوز الاحتجاج بمن يروي مثلها.... ثم قال وهذا ما رواه عن ثور إلا واهيان، ضعيفان: أحمد بن معدان، وابن عُلاثة)) .
قلت: وحديث ابن عُلاثة أخرجه ابن حبان أيضاً في ترجمته (2/ 280) قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا عمرو بن الحصين، قال: حدثنا ابن علاثة به. ... =
=وهذا سند ضعيف جداً.
وعمرو بن الحصين تركه الدارقطني، وكذبه الخطيب. أما محمد بن علاثة فليس واهياً كما قال ابن حبان وإن تركه الدارقطني، واتهمه الأزدي بالكذب.
وقد رد الخطيب على الأزدي فقال: ((أفرط الأزدي، وأحسبه رُفعت إليه روايات عمرو بن الحصين عنه فكذبوه لأجلها، وإنما الآفة من ابن الحصين فأنه كذاب، وأما ابن علاثة وصفه يحيى بن معين بالثقة.... ولم أحفظ لأحد من الأئمة خلاف ما وصفه به يحيى)) . أهـ‍.
قلت: بل قال فيه البخاري: ((في حفظة نظر)) .
وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) .
وحاصل البحث في ابن علاثة أنه صدوق في حفظه ضعف.
فآفة الإسناد من جهة عمرو بن الحصين. ولذا قال أبو حاتم: ((حديث باطل)) . نقله عنه العراقي في ((المغني)) (3/ 245) .
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 119/ 2) ، وعنه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 518) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عطية، عن ابن جريج، عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً: ((أيما عبد أنعم عليه نعمة فأسبغها، ثم جعل إليه شيئاً من حوائج الناس، فتبرم بها، كان قد عرض تلك النعمة للزوال)) .

قال العقيلي: ((عبد الرحمن بن عبد الله بن عطية، عن ابن جريج، مجهول بنقل الحديث، ولا يتابع على هذا..... وفي هذا الباب أحاديث متقاربة في الضعف، ليس منها شيء يثبت)) . أهـ‍.
قلت: وابن جريج مدلس، وقد عنعنه.
فقول المنذري في ((الترغيب)) (3/ 251) ، والهيثمي في ((المجمع)) (8/ 192) ، ((إسناده جيد)) ليس بجيد إلا أن يكون طريق الطبراني في ((الأوسط)) بخلاف هذا، فإن كان كذلك ففي القلب شيء من حكمها لما عرفت عنهما من التسأهل في النقد. والله أعلم.
وشاهد آخر من حديث عائشة رضي الله عنها.
أخرجه ابن أبي الدنيا في ((قضاء الحوائج)) (ص - 82) من طريق الحارث بن محمد التميمي، ذكر عمرو بن الصلت خالى، عن سعيد بن أبي سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً بلفظ حديث الباب.
قلت: والحارث: هو ابن أبي أسامة صاحب المسند، وهو صدوق، وعمرو بن الصلت، لعله المترجم في ((الجرح والتعديل)) (3/ 1/ 241) ولم يترجح لدي. فإن يكنه، فهو صدوق، وسعيد بن أبي سعيد: هو الزبيدي. ... =
=قال ابن عدي: ((أحاديثه ليست محفوظة)) .
وقال الذهبي: ((لا يعرف، وأحاديثه ساقطة)) .
وشاهد آخر من حديث ابن عمر، رضي الله عنهما.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) و ((الأوسط)) ، وابن أبي الدنيا في ((قضاء الحوائج)) (74) من طريق محمد بن حسان السمتي، نا أبو عثمان عبد الله بن زيد الكلبي، ذكر الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة، عن ابن عمر مرفوعاً: ((إن لله قوماً يختصهم بالنعم لمنافع العباد، ويقرها فيهم ما بذلوها، فإن منعوها نزعها منهم، فحولها إلى غيرهم)) .
قال المنذري: ((لو قيل بتحسين سنده لكان ممكناً)) !!
قلت: لا، ومحمد بن حسان قال أبو حاتم والدارقطني: ((ليس بالقوى)) .
وقال ابن معين: ((لابأس به)) .
وشيخه عبد الله بن زيد ضعفه الأزدي.
وكذا قال الهيثمي (8/ 195) .
فإن كان مقصد المنذري أنه حسن في الشواهد والمتابعات، لعله يحتمل، ولكن أين الشواهد المجدية، أو المتابعات القوية؟!!
وشاهد رابع، عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
أخرجه الخرائطي في ((المكارم)) (89) قال: حدثنا علي بن حرب الطائي، حدثنا حلبس بن محمد، حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((ما أنعم الله على عبد نعمة، إلا كثرت مؤنة الناس عليه، فإن لم يتحمل مؤنهم، عرض تلك النعمة لزوالها)) .
قلت: وسنده ضعيف جداً.
قال الحافظ العراقي في ((المغني)) (3/ 245) : ((إسناده منقطع، وحلبس بن محمد أحد المتروكين)) .

(2/50)


166- ((لا تَسبُّوا البَراغِيثَ، فَنِعمَ الدَّابةُ تُوقِظكُم لِذكرِ اللهِ)) قَالَ عَلي: فَبِتنا تِلكَ الليلَةَ مُتَهجدِينَ)) . (1)
__________
(1) 166- ضعيف.
أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (8/ 78) -، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 80/ 1) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 713) من طريق سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب، قال: بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فآذتنا البراغيث، فسببناها! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تسبوا..... الحديث)) !
قال العقيلي: لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في البراغيث شيء)) . ... =
=قلت: وهذا السند ساقط جداً.
وسعد بن طريف تالف، وقد أجمعوا على ضعفه الإعراض عن حديثه. بل اتهمه ابن حبان بالوضع.
والأصبغ بن نباتة مثله أيضاً.
قال ابن معين: ((ليس بثقة)) .
وتركه النسائي وابن حبان.
بل كذبه أبو بكر بن عياش.
وله شاهد حديث أنس - رضي الله عنه -، هو خير من الأول لكنه منكر.
أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1237) ، والبزار (2/ 434) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج5/ رقم 2959) ، والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (8/ 77) ، والحكيم الترمذي في ((نوادر الأصول)) (70/2) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 87/2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (3/1257- 1258) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 350) ، والسلمي في ((طبقات الصوفية)) (ص - 181) من طريق سويد بن إبراهيم أبي حاتم، عن قتادة، عن أنس أن رجلاً سب برغوثاً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((لا تسبه فإنه أيقظ نبياً من الأنبياء للصلاة)) .
قال العقيلي: ((لا يصح في البراغيث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء)) .
قلت: وسند هذا الحديث ضعيف.
وعلته سويد بن إبراهيم.

قال الساجي: ((حدث عن قتادة بحديث منكر)) .
فلعله يعني هذا.
وقال ابن عدي: ((حديثه في قتادة ليس بذاك)) .
وقال ابن معين والبزار: ((لا بأس به)) .
وقال أبو زرعة: ((ليس بقوي، وحديثه حديث أهل الصدق)) .
وأسرف فيه ابن حبان كما قال الذهبي (2/ 247) .

قلت: فحاصل الكلام فيه أنه صدوق، في حديثه عن قتادة ضعف، وهذا الحديث من روايته عن قتادة.
ولكنه توبع.
قال ابن عدي: ((وقد حدث به قتادة، عن أنس - كما حدث سويد: سعيد بن بشير)) وكذا قال البزار.
ولكن سعيد بن بشير ضعيف في قتادة خاصة.
قال محمد بن عبد الله بن نمير، والساجي: ((حدث عن قتادة بمناكير)) .
وقال البزار وابن عدي: ((لا بأس به)) . ... =
=وقال أبو حاتم وأبو زرعة: ((محله الصدق عندنا)) .
فحاله مثل سويد بن إبراهيم، وكلاهما يروي عن قتادة المناكير.
وخلاصة البحث أن الحديث ضعيف. والله أعلم.

(2/51)


167- ((نَجاءُ أولِ هَذِهِ الأُمَّةِ بِاليَقينِ وَالزُهدِ، وَيَهلكُ آخرُهَا بِالبُخلِ وَالأمَلِ)) . (1)
168- ((مَا أخافُ على أمَّتِي إلاَّ ضَعفُ اليَقِينِ)) . (2)
169- ((مَنْ أهديتْ لَهُ هَديةً وَمَعهُ قَومٌ جُلوسٌ، فَهُم شُركَاؤهُ فِيها)) . (3)
__________
(1) 167- ضعيف.
أخرجه ابن أبي الدنيا في ((اليقين)) (ق 1/ 2) ، وابن شاهين في ((الترغيب)) (ق 18/ 2) ، وابن لال - كما في ((الفيض)) (6/ 282) - من طريق سلمة بن شبيب، ثنا مروان بن محمد، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً به.
قال المناوي في ((الفيض)) : ((قال العلائي: هو من حديث ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وابن لهيعة لا يحتج به)) .
قلت: وابن لهيعة مع كون حديثه هنا من رواية مروان بن محمد عنه، وليس من القدماء، فإنه رواه بالعنعنة، وكان يدلس.
قال عبد الرحمن بن مهدي: ((كتب إليّ ابن لهيعة كتاباً فيه حديث عمرو بن شعيب، فقرأته على ابن المبارك، فأخرجه إلي ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة قال: أخبرني إسحاق بن أبي فروة، عن عمرو بن شعيب)) . أهـ‍.
قلت: فأسقط ابن لهيعة ابن أبي فروة، وهو متروك، رواه عن عمرو بن شعيب.
(2) 168- ضعيف.
أخرجه البخاري في ((الكبير)) (3/ 1/ 264) ، والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (1/ 107) - وابن أبي الدنيا في ((اليقين)) (ق 2/ 1) ، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) ، من طريق عبد الله بن وهب، عن سعيد بن أبي أيوب، عن عبد الرحمن بن بزرج، أنه سمع أبا هريرة ... فذكره مرفوعاً.
قال الهيثمي: ((رجاله ثقات)) !!
قلت: كيف؟! وعبد الرحمن بن بزرج ترجمه البخاري، وكذا ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (2/ 2/ 216) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
فهو مجهول الحال. والله أعلم.
(3) 169- منكر. ... =

=أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 130/ 1) ، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 92) من طريق عبد السلام بن عبد القدوس، قال: حدثني ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً به.
قلت: وسنده ضعيف، وله علتان:
الأولى عنعنة ابن جريج.
الثانية: ضعف عبد السلام هذا.
قال العقيلي: ((لا يتابع على شيء من حديثه، وليس ممن يقيم الحديث)) .

وقال ابن حبان (2/ 150) : ((شيخ يروي الموضوعات)) .
ولكن تابعه مندل بن علي، لكنه خالفه في إسناده.
أخرجه عبد حميد - كما في ((الفتح)) (5/ 227) -، وأبو نعيم في ((الحلية)) (3/ 351- 352) ، وابن الجوزي (3/ 92) ، والحافظ في ((التغليق)) (3/ 362- 363) من طريق مندل بن علي، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس مرفوعاً.
فصار شيخ ابن جريج: ((عمرو بن دينار)) بدلا من ((عطاء)) .
قال أبو نعيم: ((غريب من حديث عمرو، تفرد به مندل عن ابن جريج)) .
قلت: ومندل ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم.
وقال الحافظ في ((التغليق)) : ((ضعيف جداً)) .
[وقال في ((التقريب)) و ((الفتح)) : ((ضعيف)) ] .
وقال البخاري في ((الصحيح)) (5/ 227) : ((لا يصح)) .
وكذا قال العقيلي.
وقد رواه محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، واختلف عليه فيه. فرواه محمد بن أبي السري، وأبو الأزهر، عن عبد الرزاق، عن الطائفي به مرفوعاً. وخالفهما أحمد بن يوسف السلمي، عن عبد الرزاق به موقوفاً.
قال الحافظ: ((وهو أصح)) يعني الموقوف.
وهذه الصحة نسبية، يعني بالنظر إلى المرفوع، وإلا فمحمد بن مسلم الطائفي ضعفه أحمد ومشاه غيره. وحاصل الكلام فيه أنه كان يخطئ إذا حدث من حفظه. ثم اضطرابه في الرفع والوقف يوجب عدم قبول روايته. والله أعلم.
وله شاهد من حديث عائشة، رضي الله عنها.
أخرجه العقيلي (ق 225/ 1) ، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 92- 93) من طريق وضاح بن خيثمة، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: أهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هدية، = =وعنده أربعة نفر من الصحابة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنتم شركائي فيها، إن الهدية إذا أهديت للرجل وعنده جلساؤه، فهم شركاؤه فيها)) .
قال العقيلي: ((وضاح لا يتابع على حديثه هذا، ولا يصح في هذا المتن حديث)) .
وفي ((الفتح)) (5/ 227- 228) : ((قال ابن بطال: لو صح حديث ابن عباس لحمل على الندب فيما خف من الهدايا، وما جرت العادة بترك المشاحة فيه)) .
قلت: وقد عرفت أنه لم يصح شيء من هذه الأحاديث مرفوعا. وأما موقوفاً فإطلاق الحافظ الصحة عليه، هو بالنسبة إلى المرفوع وهذا لا يخرجه عن حيز الضعف، ولذلك قال البخاري عن الموقوف: ((لا يصح)) .
قال الحافظ في ((الفتح)) ، و ((التغليق)) والسياق له: ((وللمتن شاهد من حديث الحسن بن علي رويناه بإسناد ضعيف في ((مسند إسحاق بن راوية)) وفي ((الغيلانيات)) .

(2/52)


170- ((مَنْ شَابَ في الإسلامِ شَيبةً، لاَ يَنتفُها، وَلاَ يُغيُرَها، كَانتْ لَهُ نُوراً يَومَ القِيامَةِ)) . (1)
__________
(1) 170- منكر بهذا اللفظ.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (6/ 21367) من طريق بن عبد الملك الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً.. فذكره.
قلت: وسنده ضعيف جداً.
ومحمد بن عبد الملك تركه النسائي وقال: ((لا يكتب حديثه)) .
وقال مرة، هو ومسلم والشافعي: ((منكر الحديث)) .
والحديث بهذا السياق منكر، وإنما الصحيح منه: ((لا تنتفوا الشيب، فإنه نور المسلم، ومن شاب في الإسلام شيبة كتب الله له بها حسنة؛ وكفر عنه بها خطيئة، ورفعه بها درجة)) .
أخرجه أبو داود (4/ 85- عون) ، والنسائي (8/ 136) ، والترمذي (8/ 108- تحفة) ، وابن ماجة (2/ 402- 403) ، وابن سعد في ((الطبقات)) (1/ 441) ، وابن حبان - كما في ((نيل الأوطار)) (1/ 139) -، وابن عدي (3/1061) ، والبيهقي في ((الشعب)) (2/157/1) ، وفي السنن (7/ 311) ، والخطيب في ((التاريخ)) (4/57) ، وكذا وفي ((السابق واللاحق)) (ص - 125) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (12/ 95) من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً به.
قال الترمذي: ((حديث حسن)) . ... =
= وقد رواه عن عمرو بن شعيب جماعة منهم: ((محمد بن إسحاق، وابن عجلان، وعمارة بن غزية، وليث بن أبي سليم، وعبد الرحمن بن الحارث، وعبد الحميد بن جعفر الأنصاري، وغيرهم)) .
أما قوله: ((ولا يغبرها)) فهي منكرة، فقد ثبت الأمر بتغيير الشيب في غير ما حديث، من ذلك:
حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم)) .
أخرجه البخاري (6/ 496 و10/ 354- فتح) ، ومسلم (2103) ، وأبو داود (4203) ، والنسائي (8/137) ، وابن ماجة (3621) ، وأحمد (2/240، 260، 309، 401) ،

وعبد الرزاق (20175) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (12/88-89) من طريق ابن ششهاب، عن أبي سلمة، (وسليمان بن يسار) ، عن أبي هريرة.
ورواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا: ((غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود والنصارى)) .

أخرجه أحمد (2/ 261، 499) ، وابن سعد (1/ 439) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) ، ومن طريقه البغوي (12/ 89) وتابعه عمر بن أبي سلمة، عن أبيه به.
أخرجه الترمذي (1752) وقال: ((حسن صحيح)) .
حديث أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((إن أحسن ما غيرتم به الشيب، والحناء والكتم)) .
أخرجه أبو داود (4205) ، والنسائي (8/ 139) ، والترمذي (1753) وابن ماجة (3622) ، وأحمد (5/ 147، 150، 154، 156، 169) ، وابن سعد (1/ 439) ، وعبد الرزاق (20174) ، وابن حبان (1475) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 2/ رقم 1638) ، والخطيب (8/ 34- 35) من طريق عبد الله بن بريدة، عن أبي الأسود، عن أبي ذر مرفوعاً.
قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)) .
فالأحاديث المصرحة بتغيير الشيب تدل على أن هذه الكلمة منكرة. نعم، أخرج الخطيب في ((الموضح)) ((2/ 316)) من طريق الطيالسي، وهذا في ((مسنده)) (1152) حدثنا عبد الجليل بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن عمرو بن عبسة، مرفوعاً: ((من شاب في الإسلام شيبة، كانت له نورا يوم القيامة، ما لم يخضبها أو ينتفها)) .
قلت لشهر: إنهم يصفرون ويخضبون بالحناء؛ قال: أجل، قال: كأنه يعني السواد.
قلت: وسنده ضعيف، لأجل شهر بن حوشب.
وقد رواه شرحبيل بن السمط، عن عمرو بن عبسه مرفوعا فلم يذكر ما ذكره شهر بن حوشب.
أخرجه النسائي (6/ 26) ، والترمذي (1635) ، وأحمد (4/ 386) من طريق بقية بن الوليد، حدثني صفوان، حدثني سليم بن عامر، عن شرحبيل:
قال الترمذي: ((حسن صحيح غريب)) . ... =
= قلت: وبقية بن الوليد صرح بالتحديث عند أحمد.

(2/53)


171- ((الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، مَنْ أقَامَها فَقدْ أقَامَ الدِّينَ، وَمنْ هَدمَها فَقَد هَدَمَ
الدِّينَ)) . (1)
172- ((إذَا قُلتَ: الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ فَقدْ شَكرتَ اللهَ فَزادَكَ)) . (2)
__________
(1) 171- لم اقف عليه بهذا التمام.
وهو مشهور على ألسنة الناس بهذا السياق، ويلهج به الواعظون ووقفت على أوله: ((الصلاة عماد الدين)) .
أخرجه البيهقي في ((الشعب)) بسند ضعيف من حديث عكرمة، عن عمر مرفوعاً، ونقل عن شيخه الحاكم أنه قال: ((عكرمة لم يسمع من عمر)) كذا في ((المقاصد)) (632) .
وقال ابن الصلاح في ((مشكل الوسيط)) : ((غير معروف)) .
وقال النووي في ((التنقيح)) : ((منكر باطل)) .
فتعقبه الحافظ في ((التلخيص)) (1/ 173) : ((قلت: ليس كذلك، بل رواه أبو نعيم شيخ البخاري في ((كتاب الصلاة)) عن حبيب بن سليم، عن بلال بن يحيى، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأله، فقال: ((الصلاة عمود الدين)) ، وهو مرسل رجاله ثقات)) .
قلت: كذا قال! وفيه تسامح؛ لأن حبيب سليم ترجمه البخاري في ((الكبير)) (1/ 2/ 319) وابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (1/2/ 102) ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال، وإن وثقه ابن حبان. وقد قال الحافظ نفسه في ((التقريب)) ، ((مقبول)) يعني عند المتابعة وإلا فلين الحديث.
وحسن له الترمذي (986) حديثا ضعيفا في كراهية النعي من كتاب الجنائز.
ويؤدى معناه ما أخرجه الترمذي (2616) وابن ماجه (3973) ، وأحمد (5/ 231، 237) من حديث معاذ بن حبل الطويل وفيه: (( ... . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده، وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله! قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد ... )) .
قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)) !
قلت: وهو حديث حسن كما حققته في ((تخريج كتاب الصمت)) لابن أبي الدنيا رقم (6) .
(2) 172- ضعيف جداً.
أخرجه ابن جرير في ((تفسير)) (1/38) قال: حدثني سعيد بن عمرو السكوني، حدثنا بقية بن الوليد، حدثني عيسى بن إبراهيم، عن موسى بن أبي حبيب، عن الحكم بن عمير وكانت له صحبه مرفوعاً به.

قلت: وهذا سند ضعيف جداً وله علل: ... =
= الأولى: عنعنة بقية بن الوليد.
الثانية: عيسى بن إبراهيم: هو ابن طهمان تركه النسائي وأبو حاتم.
وقال البخاري: ((منكر الحديث)) .
الثالثة: ضعف موسى بن أبي حبيب فقد ضعفه أبو حاتم.
الرابعة: قال الذهبي (4/202) : ((وله - يعني لموسى هذا - عن الحكم بن عمير، رجل قيل له صحبة؛ والذي أرى أنه لم يلقه، وموسى مع ضعفه متأخر عن لقي صحابي كبير، وإنما أعرف له رواية عن علي بن الحسين....)) . أهـ‍.
وهذا الحديث أورده ابن كثير في ((تفسيره)) (1/ 38) وسكت عنه!!

(2/54)


173- ((أما إن ربك يحب الحمد)) . (1)
__________
(1) 173- ضعيف.
أخرجه النسائي في ((النعوت)) - من ((الكبرى)) عن يونس بن عبيد، وأحمد (3/ 435) عن عوف، والحاكم (3/ 614) عن عبد الله بن أبي بكر المزني، ثلاثتهم عن الحسن البصري، عن الأسود بن سريع قال: ((يا رسول الله! ألا أنشدك محامد حمدتُ بها ربي تبارك وتعالى؟ فقال: إن ربك تبارك وتعالى يحب الحمد. ولم يستزده على ذلك)) .
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي!!
قلت: لا،
فقد قال علي بن المديني، وابن مندة: ((لا يصح سماع الحسن من الأسود)) .
قال ابن المديني: ((الأسود بن سريع قتل أيام الجمل، وإنما قدم الحسن البصرة بعد ذلك)) .
ذكره يعقوب بن سفيان في ((المعرفة)) (2/ 54) .
وقال الحافظ في ((التهذيب)) (1/ 339) بعد ذكر أشياء عن الأسود أنه غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع غزوات)) .

قلت: وهذا سند صحيح، يثبت سماع الحسن من الأسود في الجملة.
ولكن الحسن مدلس، فنحتاج إلى تصريحه بالسماع وهذه هي العلة.
ولم يتفرد به الحسن، بل تابعه عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن الأسود بن سريع التميمي قال: قدمت على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا نبي الله قد قلت شعراً، أثبت فيه على الله تبارك وتعالى، ومدحتك. فقال: أما ما أثنيت على الله تعالى فهاته، وما مدحتني به فدعه. فجعلت أنشده. فدخل رجل طوال أقني. فقال لي: ((أمسك)) . فلما خرج قال: هات. فقلت: من هذا يا نبي الله الذي إذا دخل، قلت: أمسك، وإذا خرج قلت: هات؟! قَالَ: ((هَذَا عمر بن الخطاب، وَلَيسَ من الباطل في شيء)) . معمر بن بكار السعدي، ثنا إبراهيم ابن سعد، عن الزهري عن عبد الرحمن بن أبي بكرة بِهِ. ... =
= وقال: ((هذا حديث صحيح الإسناد)) !!
فرده الذهبي: ((قلك: معمر له مناكير)) .
قلت: ومعمر بن بكار ذكره العقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 207) وقال: ((في حديثه وهم، ولا يتابع على أكثره)) .
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: ((مجهول)) .
ذكره في ((الجرح)) (4/2/69) في ترجمة هشام بن أبي هشام الحنفي. ولكنه توبع.

أخرجه البخاري في ((الأدب)) (342) قال: حدثنا حجاج، قال حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن الأسود فساقه بنحوه.
قلت: وسنده ضعيف.
وعلي بن زيد: هو ابن جدعان ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وابن سعد وآخرون.
ثم علة أخرى.
قال ابن مندة: ((عبد الرحمن بن أبي بكرة لا يصح سماعه من الأسود)) .
قلت: ولم يذكر ابن مندة دليلاً سائغاً على النفي.
فإن الأسود بن سريع أول من قص بالبصرة، وتوفي في أيام الجمل سنة (42 هـ‍) كما ذكره جماعة منهم أحمد وابن معين والبخاري. وعبد الرحمن بن أبي بكرة بصري أيضاً، بل قال ابن سعد: ((هو أول مولود ولد بالبصرة)) ولد سنة (14) ومات سنة (96 هـ‍) فقد أدرك الأسود طويلاً، ولا يعرف بتدليس. فالجمهور على أن الرواية متصلة. إلا إن ثبت أن هناك دليلاً صريحاً بالنفي. فعندئذ نقدم الدليل الخاص على القاعدة العامة. والله أعلم.
ثم إني أرى أن في المتن نكارة، وهي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأسود بإمساك عن إنشاد الشعر عند دخول عمر معللاً ذلك بأنه رجل لا يحب الباطل! فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أولى بهجر الباطل، فإن هذا الشعر لا يخلو أن يكون حقاً أو باطلاً، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن من الشعر حكمه)) .
أخرجه البخاري (10/ 537- فتح) ، وابن ماجه (3755) ، وأحمد (5/ 125) ، والطيالسي (556) وغيرهم عن أبي بن كعب.
وفي الباب عن ابن عباس.
أخرجه أبو داود (5011) ، والبخاري في ((الأدب)) (872) ، وابن ماجه (3756) ، وأحمد (1/ 269، 273، 303، 309، 313، 327، 332) وابن حبان (2009) .
وفي الباب عن ابن مسعود وبريدة وغيرهما.

(2/55)


174- ((لَقدْ مَرَّ بِالصخرَةِ مِنَ الرَوحَاءِ سَبعونَ نَبياً حُفاةً، عَليهِمُ العَباءَةُ، يُؤمُّونَ بَيتَ اللهِ العَتيقَ. مِنهُم مُوسَى، نَبِيُّ اللهِ صَلَى اللهُ عَليِهِ)) . (1)
175- ((قَرأَ أنسُ هَذِهِ الآيةَ: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَصوب قِيلاً} ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ: إنَّمَا نَقرَؤهَا: {وَأَقْوَمُ قِيلاً} فَقَالَ: إنَّ أقومَ، وأصوبَ، وأهيأ، وأشباهُ ذَلِكَ وَاحِدٌ)) . (2)
__________
(1) 174- ضعيف جداً.
أخرجه أبو يعلى في ((مسنده (548- زوائده) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا يونس بن بكير، عن سعيد بن ميسرة، وهو ضعيف)) !!
قلت: كذا قال!! ولو أضاف ((جداً)) لأصاب؛ لأن سعيد بن ميسرة كذبه يحيى القطان.
وقال البخاري: ((منكر الحديث)) .
وهو جرح شديد عنده.
وقال الحاكم: ((روى عن أنس موضوعات)) .
وسبقه ابن حبان (1/ 316) إلى ذلك.
وقال ابن عدي: ((مظلم الأمر)) .
وله شاهد من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -.
أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (1/ 259- 260) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن صالح بن كيسان، عن يزيد الرقاشي، عن أبيه عن أبي موسى الأشعري فذكره مرفوعاً حتى قوله: ((عليهم العباء)) .
قلت: وسنده واه.
إبراهيم بن إسماعيل ضعيف كثير الوهم.
ويزيد الرقاشي ضعفه الأكثرون.
وتركه أحمد والنسائي والحاكم وأبو أحمد..
وأبو أبان بن عبد الله ضعفه ابن معين والدارقطني.
وقال ابن عدي: ((حدث عنه ابنه بأحاديث مخارجها مظلمة)) .
وليس له عند ولده عنه غير هذا الحديث الواحد.
(2) 175- باطل.

أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) - كما في ((ابن كثير)) (4/ 380) - وابن جرير (29/ 82) ، والبزار - كما في ((المجمع)) (7/ 156) -، والخطيب في ((التاريخ)) (9/4) ، ومحمد بن نصر، = =وابن الأنباري في ((المصاحف)) - كما في ((الدر المنثور)) (6/278) من طريق الأعمش، عن أنس،.. فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف؛ لأن الأعمش لم يسمع من أنس.
قال ابن معين: ((كل ماروى الأعمش عن أنس، فهو مرسل)) .
وكذا قال علي بن المديني وابن المنادي وغيرهما.

ثم إن معنى هذا الحديث باطل جداً؛ لأنه يحيل لفظ القرآن. ولابن الأنباري كلام شريف جليل حول هذا الحديث، نقله عنه القرطبي في ((تفسيره)) (19/ 41- 42) قال: ((وقد ترامى ببعض هؤلاء الزائغين إلى أن قال: من قرأ بحرف يوافق معنى القرآن فهو مصيب، إذا لم يخالف معنى، ولم يأت بغير ما أراد الله وقصد له، واحتجوا بقول أنس هذا، وهو قول لا يعرج عليه، ولا يلتفت إلى قائله؛ لأنه لو قرأ بألفاظ تخالف ألفاظ القرآن، إذا قاربت معانيها، واشتملت على عامتها، لجاز أن يقرأ في موضع: ((الحمد لله رب العالمين)) الشكر للباري ملك المخلوقين!! ويتسع الأمر في هذا حتى يبطل لفظ جميع القرآن، ويكون التالي له مفترياً على الله - عز وجل -، كاذباً على رسوله - صلى الله عليه وسلم -.... ثم قال: والحديث الذي جعلوه قاعدتهم في الضلال حديث لا يصح عن أحد من أهل العلم؛ لأنه مبني على رواية الأعمش عن أنس، فهو مقطوع ليس بمتصل، فيؤخذ به قبل أن الأعمش رأى أنسا ولم يسمع منه)) . أهـ‍.
قلت: وقوله: ((فهو مقطوع)) يعني منقطع، والتعبير عن المنقطع بـ ((المقطوع)) وقع في كلام الشافعي رحمه الله، وذلك قبل استقرار علوم الاصطلاح. واستخدمه الدارقطني أيضاً.

(2/56)


176- ((قَالَ رَبكُم - عز وجل -: أنَا أهلٌ أنْ أتَّقَى، فَلاَ يُشركَ بِي غَيري، وَأنَا أهلٌ لِمنْ اتَّقَى أنْ يُشركَ بِي غَيرِي أنْ أغْفِرَ لَهُ)) . (1)
177- ((مَا مَحقَ الإسلامَ الشُحَّ شَيءٌ)) . (2)
178- ((مَا مِنْ ذِي غَنًى إلا يَسُرُّهُ يَومَ القِيامَةِ أنَّ مَا أُوتِي مِنَ الدُّنيَا يَكونُ قُوتَاً)) . (3)
__________
(1) 176- ضعيف.
أخرجه النسائي - كما في ((ابن كثير)) (4/ 391) -، والترمذي (3328) ، وابن ماجه (4299) ، والدارمي (2/ 302- 303) ، وأحمد (3/ 142، 243) ، والطبراني في ((الأوسط)) ، وابن عدي في ((الكامل)) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (2/ 154) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) ، - كما في ((ابن كثير)) ، والحاكم (2/ 508) ، والبغوي في ((تفسيره)) (4/ 420) من طريق سهيل بن أبي حزم القطعي، عن ثابت، عن أنس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في هذه الآية: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} المدثر/ 56، فقال ربكم - عز وجل -.... الحديث)) .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي!!
قلت: وهذا من العجائب، لا سيما من الذهبي لأنه أورد هذا الحديث تبعاً للعقيلي في ترجمة سهيل بن أبي حزم، وفيه قول العقيلي: ((لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به)) . ... =
=وسهيل هذا ضعفه ابن معين في رواية، وقال البخاري، وأبو حاتم والنسائي: ((ليس بالقوي، ولذا قال الترمذي: هذا حديث غريب وسهيل ليس بالقوي في الحديث وقد نفرد سهيل بهذا الحديث عن ثابت)) .
وعزاه الحافظ في ((الكافي الشاف)) (108) للحكيم الترمذي في السابع والسبعين بعد المائة من ((نوادر الأصول)) .
(2) 177- ضعيف جداً.
أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) كما في ((المطالب العالية)) (3/ 181) - ثم رأيته في ((زوائده)) (رقم 47) ، والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (10/ 242) - من من طريق عمرو بن الحصين، حدثنا علي بن أبي سارة، عن أنس مرفوعاً به.

قال الهيثمي: ((فيه عمرو بن الحصين وهو مجمع على ضعفه)) .
قلت: وعلي بن أبي سارة ضعفه أبو حاتم.
وقال البخاري: ((في حديثه نظر)) .
وقال أبو داود: ((تركوا حديثه)) .
(3) 178- موضوع.

أخرجه ابن ماجه (4140) ، وأحمد (3/ 117، 167) ، وعبد بن حميد في ((المسند)) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج 6/ رقم 3713) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (10/ 69- 70) ، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) من طريق ابن حبان، وهذا في ((الضعفاء)) (3/ 56) عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي داود نفيع بن الحارث، عن أنس مرفوعاً.
قلت: وهذا سند تالف.
نفيع بن الحارث كذبه ابن معين واتهمه بوضع الحديث.
وكذا كذبه الساجي.
وتركه الدولابي والدارقطني.
قال ابن عبد البر: ((أجمعوا على ضعفه وكذبه بعضهم، وأجمعوا على ترك الرواية عنه)) .
قال المدارسي - رحمه الله - في ((ذيل القول المسدد)) (ص 61) بعد ذكر الحديث: ((أبو داود رماه بعضهم بالوضع، وبعضهم بأنه متروك، وبعضهم بأنه ليس بشيء، وبعضهم بأنه ضعيف. وذكره ابن = =حبان في ((الثقات)) ، وقال في ((كتاب الضعفاء)) : يروي عن الثقات الموضوعات، فلا يحكم على حديثه بالوضع نظراً لذلك)) . أهـ‍.
قلت: وهذا جواب في غاية الضعف؛ لأنه مبني على لا شيء فقد ظن الشيخ - رحمه الله - أن ذكر ابن حبان له في ((الثقات)) ينفعه! وما هو بنافعه أبداً لأن ابن حبان ترجم في ((الثقات)) لـ ((نفيع بن الحارث)) وترجم في ((المجروحين)) لـ ((أبي داود النخعي نفيع بن الحارث)) فكأنه جعله اثنين.
قال الحافظ: ((هو أن منه بلا ريب، وهو هو)) .
فظهر أن ذكر ابن حبان له في ((الثقات)) وهم منه، فلا يجوز أن يتعلق به أحد.
وإذا كذب بعض الأئمة روايا، وتركه آخرون، وضعفه بعضهم فيؤخذ بالجرح المفسر، ولا شك أن الاتهام بالكذب يعد من الجرح المفسر الذي الاعتداد به.
قال السيوطي في ((اللآلئ)) (2/ 313) : ((وله شاهد عن ابن مسعود)) .

أخرجه الخطيب في ((تاريخه)) من طريق ابن نافع، حدثنا عمر بن إبراهيم الحافظ، حدثنا أحمد بن إبراهيم القطيعي، حدثنا عباد بن العوام، حدثنا سفيان بن حسين، عن يسار، عن أبي وائل، عن عبد الله مرفوعاً: ((ما من أحد إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه كان يأكل في الدنيا قوتاً)) .

(2/57)


179- ((أبْدِ المَودَّةَ لِمنْ وَادَّكَ تَكُنْ أَثبتَ)) . (1)
180- ((إذَا سَبقتْ لِلعَبدِ مِنَ اللهِ تَعالَى مَنْزلَةً لَمْ يَبلُغَها بَعَمَلِهِ، ابتَلاهُ اللهُ في جَسَدِهِ، وَفِي أهلِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ صَبرَهُ عَلَى ذَلِكَ، حَتى يَنالَ المَنْزلَةَ التي سَبَقتْ لَهُ مِنَ اللهِ - عز وجل -)) . (2)
__________
(1) 179- ضعيف.
أخرجه الطبراني في ((معجمه)) ، وابن أبي الدنيا في ((كتاب الإخوان)) (ق 5/ 1) ، من طريق محمد بن جعفر، عن أبي محمد الأنصاري، عن يزيد بن أبي يزيد، عن أبي حميد الساعدي مرفوعاً فذكره.
قال الهيثمي (10/ 282) : ((فيه من لم أعرفهم)) .
قلت: لعله يقصد محمد بن جعفر وشيخه، فلم أقف لهما على ترجمة.
وعزاه في ((كشف الخفا)) (1/ 24) للحارث بن أبي أسامة في ((مسنده)) ، وأبي الشيخ في ((الثواب)) .
ويغني عنه فوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أحب أحدكم أخاه، فليعلمه أنه يحبه)) .
أخرجه أبو داود (5124) ، والنسائي في ((اليوم والليلة)) (206) ، والترمذي (7/ 71- تحفة) ، والبخاري في ((الأدب)) (542) ، وأحمد (4/ 130) ، وابن أبي للدنيا في ((كتاب الإخوان)) (ق5/1) ، وابن حبان (2514) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) ، والحاكم (4/ 171) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (6/ 99) ، والخطيب في ((التاريخ)) (4/ 59) من طريق يحيى القطان، ثنا ثور بن يزيد، ثنا حبيب بن عبيد، عن المقدام بن معدي كرب مرفوعاً به.
قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح غريب)) .
وقال أبو نعيم: ((غريب من حديث ثور، لم نكتبه إلا من حديث يحيى عنه)) . ... =
= قلت: وهذا سند حسن، وثور بن يزيد ثقة، لكنهم نقموا عليه رأيه في القدر، وهذا لا يضر روايته ما دام صادقاً حافظاً. والله أعلم.
(2) 180- ضعيف.

أخرجه أبو داود - من رواية ابن داسة عنه كما في ((الجامع الصغير)) ، وكذا البخاري في ((الكبير)) ، وأحمد (5/ 272) ، وأبو يعلى (ج 2/ رقم 923) ، والطبراني في ((المعجم الكبير)) - كما في ((المجمع)) (ج 2/ رقم 923) ، - والدولابي في ((الكنى)) (1/ 27) ، وابن أبي الدنيا، والبيهقي - كما في ((الدر المنثور)) (2/ 228) ، والبغوي في ((الكنى)) - كما في ((الإصابة)) (7/ 104) -، من طريق أبي المليح الرقي، عن محمد بن خالد، عن أبيه، عن جده. وكانت له صحبة أنه خرج زائراً فلم ينته إليه حتى بلغه أنه مريض. فلما دخل عليه قال: أتيتك زائراً، أو أتيتك عائداً، أو مبشراً. قال: وكيف جمعت هذا كله؟! قال: خرجت وأنا أريد زيارتك، فلم أصل إليك حتى بلغني شكاتك، فكانت عيادة!! وأبشرك بشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا سبقت للعبد..... الحديث.
قلت: وهذا سند ضعيف.
قال الهيثمي: ((محمد بن خالد وأبوه، لم أعرفهما)) .

(2/58)


181- ((نَهَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ نَقُصَّ الرُؤيَا عَلَى النِّساءِ)) . (1)
182- ((يَشفعُ يَومَ القِيامَةِ ثَلاثَةٌ: الأنبياءُ، ثُمَّ العُلماءُ، ثُمَّ الشُهداءُ)) . (2)
183- ((إنَّ اللهَ طَيبٌ يُحبُّ الطَّيبَ، نَظيفٌ يُحبُّ النَّظافَةَ، كَريمٌ يُحبُّ الكَرمَ، جَوادٌ يُحبُّ الجُودَ)) . (3)
__________
(1) 181- منكر جداً.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 126/ 2) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 70) من طريق عبد الملك بن مهران، عن عبد الوارث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
قال العقيلي: ((عبد الملك بن مهران صاحب مناكير، غلب على حديثه الوهم، لا يقيم شيئاً من الحديث. وهذا الحديث ليس له أصل، ولا يعرف من وجه يصح)) . أهـ‍.
وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة: ((أريتك في المنام مرتين: إذا رجل يحملك في سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك، فأكشفها فإذا هي أنت، فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه)) .
أخرجه البخاري (12/ 399، 400) ، ومسلم (15/ 202- نووي) ، وأحمد (6/ 41، 138، 161) .
فهذا يدل على نكارة حديث الباب.
(2) 182- موضوع. ... =
=أخرجه ابن ماجه (4313) ، والعقيلي (ق 168/ 1) وابن عبد البر في ((الجامع)) (1/ 30) ، في
((الشريعة)) (350) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن، عن علاق بن أبي مسلم، عن أبان بن عثمان، عن عثمان بن عفان مرفوعاً.
قال العقيلي: ((عنبسة بن عبد الرحمن لا يتابع عليه)) .
قلت: لأنه هالك.
وقد اتهمه أبو حاتم بوضع الحديث.
وقال البخاري: ((تركوه)) .
وقال مرة: ((ذاهب الحديث)) .
وعلاق بن أبي مسلم مجهول.
وقال الأزدي: ((ذاهب الحديث)) .
فرده الذهبي بقوله: ((ما لينه القدماء)) .
وبه اقتصر البوصيري في إعلال الحديث كما في ((الزوائد)) وهو قصور ظاهر.
قال الحافظ العراقي في ((المغني)) (1/ 6) : ((إسناده ضعيف)) !!
ولا يخفى ما فيه.
(3) 183- ضعيف.
أخرجه الترمذي (2799) ، وابن عدي (878/ 3) ، والخطيب في ((الجامع)) (ق 86/ 2) من طريق خالد بن إلياس، عن مهاجر بن مسمار، حدثني عامر بن سعد، عن أبيه مرفوعاً ... فذكره.

زاد ابن عدي: ((فنظفوا بيوتكم، ولا تشبهوا بيهود التي تجمع الأكباء في دورها)) .
وهي للترمذي بدون قوله: ((التي تجمع.... الخ)) .
قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، خالد بن إلياس يضعف)) .
قلت: تركه أحمد، وقال البخاري: ((منكر الحديث)) .
ويشهد لأوله قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً....)) .
أخرجه الشيخان وغيرهما.

(2/59)


184- ((مَنْ قَرضَ بَيتَ شِعرٍ بَعدَ العِشاءِ الآخِرةِ، لَمْ تُقبلْ لَهُ صَلاةٌ تِلكَ الليلَةَ)) . (1)
__________
(1) 184- منكر. ... =
=أخرجه أحمد (4/ 125) ، والبزار (2/ 453-454) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 164/ 2) ، والطبراني في ((الكبير)) - كما في ((المجمع)) (1/ 315) -، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1/261) من طريق بن سويد، عن عاصم بن مخلد، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن شداد بن أوس مرفوعاً فذكره.
قال البزار: ((لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه، وعاصم لا نعلم روى عنه إلا قزعة. وقزعة ليس به بأس، ولكن ليس بالقوي، وقد حدث عنه أهل العلم)) .
وقال العقيلي: ((عاصم بن مخلد لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به)) .
قلت: وهذا سند ضعيف، وفيه علتان:
الأولى: ضعف قزعة بن سويد.
ضعفه ابن معين في رواية، وأبو داود، والعباس العنبري، والنسائي.
وقال أحمد: ((مضطرب الحديث، هو شبه المتروك)) .
وقال أبو حاتم والبخاري: ((ليس بذاك القوي)) زاد أبو حاتم: ((محله الصدق، وليس بالمتين يكتب حديثه ولا يحتج به)) .

وقال العجلي: ((لا بأس به، وفيه ضعف)) .
قال الحافظ في ((القول المسدد)) (ص - 30) : ((فالحاصل من كلام هؤلاء الأئمة فيه، أن حديثه في مرتبة الحسن)) ! مع أنه صرح في ((التقريب)) بأنه: ((ضعيف)) وهو الصواب، ولا ينفي هذا أن يتقوى حديثه في المتابعات والشواهد)) .
ولم أقف له على شيء من ذلك.
الثانية: عاصم بن مخلد لا يعرف كما قال الذهبي، فقد تفرد عنه قزعة المذكور.
ولكنه توبع.
تابعه عبد القدوس بن حبيب، عن أبي الأشعث به.
أخرجه البغوي أبو القاسم في ((الجعديات)) قال: حدثني علي بن الجعد، ثنا عبد القدوس به.
قال الحافظ في ((القول)) : ((ولكن عبد القدوس ضعيف جداً، كذبه ابن المبارك، فكان العقيلي لم يعتد بمتابعته)) .
وقد سلك الحافظ طريقاً آخر فقال: ((وعاصم ما هو من المجهولين، بل ذكره ابن حبان في الثقات)) !!
قلت: وهذا جواب غريب صدوره من مثل الحافظ، فإن تحقيقاته طافحة بأن ذكر ابن حبان للرجل في ((الثقات)) لا يخرجه عن حد الجهالة. ... =

=وقد قال الذهبي في ترجمة عمارة بن حديد من ((الميزان)) (3/ 175) : ((وعمارة مجهول كما قال الرازيان، ولا يفرح بذكر ابن حبان له في ((الثقات)) ، فإن قاعدته معروفة من الاحتجاج بمن لا يُعرف)) . أهـ‍.
وللحافظ نفسه تحقيق في رد مذهب ابن حبان تجده في مقدمته على ((لسان الميزان)) .
وقد اختلف على أبي الأشعث في إسناده.
فرواه موسى بن أيوب، عن الوليد بن مسلم، عن الوليد بن سليمان، عنه، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً به.
ذكره ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2/ 263/ 2285) ونقل قول أبيه: ((هذا خطأ، الناس يروون هذا الحديث ولا يرفعونه، يقولون: عبد الله بن عمرو، فقط. قلت: الغلط ممن هو؟ قال: من موسى، لا أدري من أين جاء به مرفوعاً؟! . أهـ‍.
قلت: والوليد بن مسلم كان يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بتحديث.
أما متن الحديث ففيه نكارة من جهة أن قرض الشعر مباح، فكيف يعاقب فاعله بأن لا يقبل له صلاة.
قال الحافظ يرد على ابن الجوزي: ((فلو علل بهذا لكان أليق)) .
وعلى كل حال، فليس في الحديث ما يقتضي أن يكون موضوعاً كما فعل ابن الجوزي رحمه الله تعالى.

(2/60)


185- ((أقِلُّوا الدُخولَ عَلَى الأغنياءِ، فَإنَّهُ أجدرُ أنْ لاَ تَزدَروا نِعمةَ اللهِ - عز وجل -)) . (1)
186- ((مَنْ مَاتَ في طَريقِ مَكةَ، لَمْ يَعْرِضهُ اللهُ يَومَ القِيامَةَ وَلَمْ يُحاسِبهُ)) . (2)
187 - ((ثَلاثَةٌ في ظِلِّ العَرشِ: القُرآنُ يُحاجُّ العِبادَ، وَالرَّحِمُ يُنادِي: صِلْ مَنْ وَصلَني وَاقطَعْ مَن قَطَعني، وَالأمَانةُ)) . (3)
__________
(1) 185- ضعيف جداً.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 163/ 1- 2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (5/ 1731) من طريق عمار بن زربي، قال: حدثنا بشر بن منصور، عن شعيب بن الحبحاب، عن أبي العالية عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه فذكره مرفوعاً.
وأخرجه الحاكم (4 / 312) وقال: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي!!
قلت: ولكن الإسناد ساقط من نسخة المستدرك، وإن كنت أرجح أنه عين الإسناد المتقدم، بدليل قول العقيلي: ((عمار بن زربي، لا يعرف الحديث إلا به)) .
وقد وهم الحاكم والذهبي في تصحيحه، لا سيما الأخير، فإنه أورد الحديث في ((الميزان)) تبعا للعقيلي وابن عدي: وقال: ((وقد سمع من عمار بن زربي، عبدان الأهوازي وتركه ورماه بالكذب)) .
قال العقيلي: ((الغالب على حديثه الوهم)) .
وقال ابن عدي: ((هذا غير محفوظ بهذا الإسناد)) .
(2) 186 - باطل.
أخرجه العقيلي (ق 173 / 2) ، وابن عدي (5 / 1992) أبو نعيم في ((الحلية)) (8 / 215 - 216) ، والخطيب في ((التاريخ)) (2 /170 و5 / 369) من طريق عائذ بن نُسير، عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة مرفوعاً به.
قلت: وهذا سند ضعيف.
وعائذ بن نسير ضعيف كثير الوهم.
وقد اختلف عليه في إسناده.
فأخرجه العقيلي من طريق مندل بن علي، عنه، عن محمد البصري، عن عطاء مرسلا ثم قال: ((هذا أولى)) .
أما معناه فباطل، كما يعرف بأقل تدبر.
وقد تكلم على هذا الحديث الشيخ العلامة ذهبي العصر المعلمي اليماني رحمه الله تعالى في تعليقه على ((الفوائد المجموعة)) (110 - 111) للشوكاني. فانظره لزاما.
(3) 187- ضعيف. ... =

= أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 185 / 2) ، ومحمد بن نصر، والحكيم الترمذي في ((نوادره)) - كما في ((الجامع الصغير)) - والبغوي في ((شرح السنة)) (13 / 22 - 23) من طريق كثير بن عبد الله اليشكري، حدثني الحسن بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه.. فذكره مرفوعاً.
قال العقيلي: ((الرواية في الرحم والأمانة من غير هذا الوجه بأسانيد جياد، بألفاظ مختلفة.
وأما القرآن فليس بمحفوظ)) . أهـ‍.
قلت: وآفة هذا الإسناد كثير بن عبد الله.
قال العقيلي: ((لا يصح إسناده)) .
واعتمده الذهبي في ((الميزان)) .
لكنه قال في ((المغني)) (5085) : ((كثير بن عبد الله اليشكري عن الحسن. لم يضعفه أحد بل ذكره العقيلي في حديث استنكره)) . أهـ‍.
ولم أر أحداً عدله. فقد ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح)) (3/ 2/54) ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً. فهو مجهول الحال. والله اعلم.
وما أشار إليه العقيلي بخصوص الرحم والأمانة فقد ثبت الحديث في ذلك عند مسلم وغيره.

(2/61)


188 - ((كُنْ مُؤذناً)) . قَالَ: مَا أقدرُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: ((فَكُنْ إمَاماً)) قَالَ: لاَ أقدرُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: ((فَقُمْ بِإزاءِ الإمامِ)) . (1)
189 - ((مَنْ سَرَّ مُؤمِناً، فَإنَّما يَسُرُّ اللهَ - عز وجل - وَمَنْ عَظَّمَ مُؤمِناً فِإنَّما يُعظِّمُ اللهَ - عز وجل -، وَمَنْ أكْرَمَ مُؤمِناً، فِإنَّما يُكرِمُ اللهَ - عز وجل -)) . (2)
190 - ((إنَّ للهِ فِي كُلِّ يَومٍ ثَلاثَمائةٍ وَسِتُّونَ نَظرَةً، لاَ يَنظُرُ فِيهَا إلَى صَاحِبِ الشَّاةِ - يَعنِي الشِطرَنج)) . (3)
__________
(1) 188- منكر.
أخرجه البخاري في ((الكبير)) (1/ 1 / 37) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 187 / 1) والطبراني في ((الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (1 / 327) و ((الترغيب)) (1/ 111) - من طريق محمد بن إسماعيل الضبي، عن أبي المعلي العطار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! علمني عملاً أدخل به الجنة. فقال: كن مؤذنا ... . الحديث)) .

قال العقيلي: ((محمد بن إسماعيل لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به)) .
قلت: قال فيه البخاري: ((منكر الحديث)) .
وهي جرح شديد عنده.
قال الذهبي في ((الميزان)) (1 / 6، 202) : ((قال البخاري: من قلت فيه هذه العبارة فلا تحل الرواية عنه)) .
(2) 189- موضوع. ... =
= أخرجه العقيلي (ق 188 / 2) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (2 / 284) ، وأبو نعيم في
((الحلية)) (3 / 56 - 57) من طريق محمد بن إسحاق العكاشي، عن الأوزاعي، عن هارون بن رئاب، عن قبيصه بن ذؤيب، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - مرفوعاً.
قال العقيلي: ((باطل لا أصل له)) .
وقال أبو نعيم: ((غريب من حديث الأوزاعي، عن هارون، لم نكتبه إلا من حديث العكاشي)) .
قلت: وهو كذاب كما قال ابن معين.
وقال الدارقطني: ((يضع الحديث)) .
وسبقه إليه ابن حبان.
وللحديث شواهد من حديث جابر، وأبي الدرداء، وغيرهما لا يصح منها شيء.
وانظر ((تنْزيه الشريعة)) (2/143) ، و ((المغني)) (2 /11) للعراقي، و ((المصنوع)) (185) وغيرها.
(3) 190- ضعيف جداً.

أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 297) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 783) عن محمد بن الحجاج المصفر، قال: ثنا خذام بن يحيى، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً به.
قلت: وهذا سند واه.
ومحمد بن الحجاج تركه ابن حنبل والنسائي.
وقال ابن معين: ((ليس بثقة)) .
وقال ابن حبان: ((منكر الحديث جداً، يروي عن شعبة أشياء كأنه شعبة آخر! ، لا تحل الرواية)) .
وقال البخاري: ((سكتوا عنه)) .
وهو جرح شديد عنده.
وحذام شاهد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

علقه ابن حبان في ((المجروحين)) (3/ 26) ، ووصله العيقلي (ق 218/ 1) من طريق مطهر بن الهيثم، حدثنا شبل البصري، عن عبد الرحمن بن يعمر، عن أبي هريرة، قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قوم يلعبون الشطرنج. فقال: ما هذه الكوبة؟! ألم أنه عنها؟ لعن الله من يلعب بها)) .
قال العقيلي: ((مطهر بن الهيثم، عن شبل، لا يصح حديثه، وهما مجهولان)) .
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا لأصل له)) .

(2/62)


191- ((مَنْ سَلَّمَ عَلَى قَومٍ، فَقدْ فَضلَهُم بِعَشرِ حَسنَاتٍ، وَإنْ رَدُّوا عَليهِ)) . (1)
192- ((غَطِّ رَأسَكَ، وإنْ لَمْ تَجدْ إلاَّ خَيطاً)) . (2)
193- ((مَنْ أحيَا سُنَّتي، فَقدْ أحبَّني، وَمَنْ أحبَّني كَانَ مَعي فِي الجَنةِ)) . (3)
__________
(1) 191- ضعيف.
أخرجه العقيلي (ق 218/ 2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2035، 2439) من طريق مرجى بن وادع، عن طالب القطان، قال: كنا في حلقة فجاء أعرابي فقال: حدثني أبي عن جدي.. فذكره مرفوعاً.
قلت: وهذا سند ضعيف؛ لجهالة الأعرابي وأبيه وجده.
وقال ابن عدي: ((غالب بن خطاف، الضعف على أحاديثه بين)) .
فتعقبه الذهبي: ((لعل الذي ضعفه ابن عدي غالب آخر)) .
وقول الذهبي متجه، لا سيما وقد قال ابن معين: ((غالب بن خطاف ثقة)) .
أما ما رواه ابن عدي، عن عثمان الدارمي، عن ابن معين قال: ((لا أعرفه)) .
فهو معارض برواية التوثيق. ولعل يحيى قال هذا القول قديماً، ثم وقف على روايته فوثقه. والله أعلم.
وأعل العقيلي الحديث بـ ((مرجى بن وداع)) وساق فيه تضعيف ابن معين.
ولكن قال أبو حاتم: ((لا بأس به)) .
ورضية غيره.
فآفة الحديث هي الجهالة كما قدمت. والله أعلم.
(2) 192- ضعيف.
أخرجه العقيلي (ق 127/ 1) من طريق عبد الحميد بن يحيى، عن عبد الله بن زيد، عن زيد بن ثابت مرفوعاً.
قال العقيلي: ((عبد الحميد بن يحيى مجهول بالنقل، ولا يتابع عليه، ولا يعرف من غير هذا اللفظ بغير هذا الإسناد من وجه يثبت)) .
(3) 193- منكر.
أخرجه العقيلي (166/ 1) ، من طريق نعيم حماد، حدثنا بقية، عن عياض بن سعيد المازني، قال: حدثني سعيد بن خالد بن أنس بن مالك، عن أنس مرفوعاً.
قلت: وهذا سند واه.
نعيم بن حماد فيه مقال. ... =

=وبقية بن الوليد يدلس التسوية، ولم يصرح بالتحديث. وعياض بن سعيد مجهول بالنقل كما قال العقيلي والذهبي. وخالد بن أنس، قال الذهبي: ((لا يعرف، وحديثه - يعني هذا - منكر جداً)) .
وأخرجه العقيلي (59/ 2) في ترجمة خالد بن أنس وقال: ((وفي هذا الباب أسانيد لينة من غير هذا الوجه)) .
وللحديث وجه آخر عن أنس.

أخرجه الترمذي (2678) ، مختصراً، والطبراني في ((الصغير)) (2/ 32- 33) مطولاً من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أبيه عبد الله بن المثنى، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أنس ... فساق حديثا طويلاً يوصيه فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بوصايا منها: ((يا بني إن قدرت أن تصبح وتمسي، وليس في قلبك غش لأحد فافعل، يا بني وذلك من سنتي، ومن أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة.... الخ)) .
قال الترمذي: ((حسن غريب)) !!
وحقه أن يقال فيه: ((غريب)) والمتن فيه نكارة في مواقع منه وعلي بن زيد ضعيف؛ لسوء حفظه.
قال الترمذي: ((وذاكرت بالحديث محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - فلم يعرفه)) .

(2/63)


194- ((إنَّ لِكُلِّ شَيءٍ شَيخاً، وَشَيخُ الجِهادِ: الرِّبَاطُ في سَبِيلِ اللهِ)) . (1)
195- ((إسْمَاعُ الأصمِّ صَدقَةٌ)) . (2)
196- ((لَو يَربي أحَدكُم بَعدَ سَنةَ سِتينَ وَمَائة جَرْوَ كَلبٍ، خَيرٌ لَهُ مِنْ أنْ يُرَبِّي وَلداً لِصُلبِهِ)) . (3)
197- ((لاَ تَقومُ السَّاعَةُ حَتى يَكونَ الوَلدُ غَيظاً، وَالمَطرُ قَيظاً، وَتَفيضَ اللِّئامُ فَيضاً، وَيَغيضَ الكِرامُ غَيظاً، وَيَجتَرِئ الصَّغيرُ عَلَى الكَبِيرِ، وَاللَّئيمُ عَلَى الكَريمِ)) . (4)
__________
(1) 194- منكر.
أخرجه العقيلي (80/2) من طريق سليمان بن الحجاج الطائفي، عن خالد بن سعيد، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد مرفوعاً.
قال العقيلي: ((سليمان بن الحجاج الغالب على حديثه الوهم، وهذا الحديث لا أصل له)) .
ووافقه الذهبي في ((الميزان)) (2/ 199) في حكمه على الحديث، ولكنه قال ((سليمان بن حجاج لا يعرف، غداده في أهل الطائف)) .
(2) 195- منكر.
أخرجه الخطيب في ((الجامع)) (97/ 1) من طريق أحمد بن عبد الصمد، نا إسماعيل بن قيس بن سعد، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد مرفوعاً.
قلت: وسنده ضعيف.
وإسماعيل بن قيس، قال فيه البخاري: ((منكر الحديث)) .
وهو جرح شديد عنده كما تقدم غير مرة. والله أعلم.
(3) 196- باطل.
أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 249) من طريق الحكم بن مصعب، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس مرفوعاً به.
قال ابن حبان: ((لا أصل له.... والحكم ينفرد بأشياء لا ينكر نفي صحتها من عنى بهذا الشأن، لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه على سبيل الاعتبار)) . أهـ‍.
فمما يتعجب منه أن ابن حبان ذكره في ((الثقات)) !!
وانظر ((الموضوعات)) (2/ 279) ، ((تنْزيه الشريعة)) (2/ 211) ، و ((الفوائد المجموعة)) (134) ، و ((مجمع الزوائد)) (4/ 257) .
(4) 197- ضعيف.

أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) من حديث ابن مسعود.
قال الهيثمي في ((المجمع)) (7/ 325) : ((فيه جماعة لم أعرفهم)) .
وقال الحافظ العراقي في ((المغني)) (2/ 196) : ((رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عائشة، والطبراني من حديث ابن مسعود وإسنادهما ضعيف)) .

(2/64)


198- ((الفُقراءُ مَنادِيلُ الأغنِياءِ، يَمسَحُونَ بِهِمْ ذُنوبَهُمْ)) . (1)
199- ((الآياتُ بَعدَ المَائَتينِ)) . (2)
200- ((إذَا كَانَ سَنةُ سِتينَ وَمَائةَ كَانَ الغُرباءُ فِي الدُّنيا أربعةً: قُرآنٌ فِي جَوفِ ظَالِمٍ، وَمُصحفٌ فِي بَيتِ قَدَري لاَ يَقرأُ فِيهِ، وَمسجدٌ فِي نَادِي لاَ يُصلُّونَ فِيهِ، وَرَجُلٌ صَالِحٌ بَينَ قَومِ سُوءٍ)) . (3)
__________
(1) 198- موضوع.
أخرجه العقيلي (165/ 1) من طريق العلاء بن زيدل، قال: حدثنا أنس بن مالك مرفوعاً به.
قلت: والعلاء هذا، كان يضع الحديث كما قال ابن المديني. وتركه أبو حاتم والدارقطني.
وقال البخاري والعقيلي: ((منكر الحديث)) .
(2) 199- موضوع.
أخرجه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 197- 198) من طريق محمد بن يونس الكديمي، حدثنا عون بن عمارة، ثنا عبد الله بن المثنى بن ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أبيه، عن جده، عن أبي قتادة مرفوعاً به. ... =
= قال ابن الجوزي: ((هذا حديث موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعون وابن المثنى ضعيفان، غير أن المتهم به الكديمي.
قلت: وهو كما قال.
فقد تابعه الحسن بن علي الخلال، ثنا عون بن عمارة به.
أخرجه ابن ماجة (4057) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (163/ 2) ، والدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 467/ 2) .
وتابعه إبراهيم بن عبد الله بن سليمان السعدي، ثنا عون به.
أخرجه الحاكم (4/ 428) وقال: ((صحيح على شرط الشيخين)) !!
فتعقبه الذهبي بقوله: ((أحسبه موضوعا، وعون ضعفوه)) .
وقال العقيلي: ((هذا الحديث لا يعرف إلا بعون، وقد يروي هذا عن ابن سيرين قوله)) .
قلت: وعبد الله بن المثنى ضعفه ابن معين، وغيره. ومشاه آخرون.
قال الأزدي: ((من مناكيره روايته عن أنس عن أبي قتادة: ((الآيات بعد المائتين)) وقال الحافظ ابن كثير في ((النهاية)) (1/ 11) : ((لا يصح)) .
وقد استدل الإمام البخاري رحمه الله بطلانه بأن شواهد الحال تكذبه، فقال: ((قد مضى مائتان ولم يأت من الآيات شيء)) .
نقله الذهبي والمزىء في ترجمة عون هذا.
وبالجملة فالحديث موضوع كما قال ابن الجوزي.
(3) 200- موضوع.

أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (3/ 128) ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 194) من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً به.
قال ابن حبان: ((هذا بلا شك معمول)) .
يعني موضوع وآفته البابلتي، فإنه ساقط الاحتجاج إذا تفرد.
وقال الدارقطني: ((البلية في هذا الحديث الراوي عن البابلتي، لا منه)) . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج2. باقي صحيح السيرة النبوية تحقيق الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.}

  ج2. صحيح السيرة {ج2. باقي صحيح السيرة النبوية  تحقيق  الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.} صفحة رقم -130 - قال : قلت : من غف...