ج1.
الضعفاء لأبي زرعة الرازي في أجوبته على أسئلة البرذعي
المجلد الأول مقدمة
الباب الأول الفصل الأول: أهم المراكز العلمية في بلاد خراسان وما جاورها
الفصل الثاني: اسمه ونسبه، وكنيته، ومولده، وعائلته.
الفصل الثالث: نشأته ورحلاته في طلب العلم
الفصل الرابع: شيوخه
الفصل الخامس: تلاميذه والرواة عنه
الفصل السادس: علومه ومؤلفاته
الفصل السابع: حفظه، ومكانته بين العلماء
الفصل الثامن: مذهبه، وعقيدته، وزهده، ووفاته.
الفصل التاسع: منهجه في بيان علل الحديث
المجلد الثاني التمهيد
كتاب الضعفاء لأبي زرعة الرازي في أجوبته على أسئلة البرذعي النص المحقق
المجلد الثالث الباب الثالث الفصل الأول: الرواة الذين جرحهم أبو زرعة
الفصل الثاني: الرواة الذين عدلهم أبو زرعة
الفصل الثالث: الرواة الذين روي عنه، تعديلهم وتجريحهم
الفصل الرابع: انتقاد أبي زرعة وتجريحه لبعض الأئمة والدفاع عنهم
قائمة المراجع
==================
ج1. الضعفاء لأبي زرعة الرازي في أجوبته على أسئلة البرذعي
مقدمة
أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية
تأليف: سعدي الهاشمي
مقدمة في اختيار الموضوع ومنهج البحث فيه
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وبعد..
فإن الله سبحانه وتعالى قد بعث محمداً صلى الله عليه وسلم خاتماً للنبيين والمرسلين، وبالرسالة الشاملة للناس أجمعين، وأنزل عليه القرآن الكريم، ومثله معه ليبين للناس ما نزل إليهم من أوامره ونواهيه، فصدع بالحق المبين واستقام بأمر الدين وجاهد ونافح حتى اكتمل التنزيل وأشهد أصحابه على ذلك بقوله في حجة الوداع: " ... ألا هل بلغت" والخلق من حوله وعلى مد البصر يقولون: " ... بلى قد بلغت" فيقول: "اللهم فاشهد " وانتقل إلى الرفيق الأعلى والقرآن قد اكتملت أحكامه ودونت سوره وآياته ووعته قلوب الرجال وحفظته صدورهم وذلك وعد الله سبحانه وتعالى بقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (1) .
أما الوحي الثاني وهو البيان المتمثل - بالسنة النبوية - بقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (2) ، فقد وعاها الصحابة رضي الله
عنهم وحرصوا عليها كل الحرص فهي الواقع العملي في حياتهم كافة، وهي
____ ______
(1) سورة الحجر: الآية 9.
(2) سورة النحل: الآية 44.
الترجمان والبيان لمجمل القرآن، وقد أمروا بالتثبت على أتباعها. قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1) . واشترط لمحبته اتباع نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام في جميع الأحكام، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (2) . وقرن طاعة الرسول بطاعته فقال {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (3) ، فكانت السنة النبوية محفوظة مصونة من التحريف والتزوير، وقد رأى بعض الصحابة رضي الله عنهم - من حرصهم على حفظها - أن يدونها لا سيما بعد أن اطمأنوا إلى أن القرآن الكريم اكتمل جمعه وتدوينه، وزال الخوف من التباسه واختلاطه بغيره، واستثنائاً بقوله عليه الصلاة والسلام يوم فتح مكة "اكتبوا لأبي شاة" (4) وغير ذلك. فكتبوا صحفاً ضمنوها بعض أقواله وأحكامه وأفعاله كصحيفة سعد بن عبادة الأنصاري، وصحيفة أبي هريرة، وصحيفة عبد الله بن أبي أوفى، وصحيفة جابر بن عبد الله، والصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص، والصحيفة الصحيحة لهمام بن منبه، إضافة إلى ما كان يكتبه الخلفاء لبعض القبائل أو العمال ككتاب أبي بكر الصديق لأنس بن مالك في فرائض الصدقة التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتاب عمر بن الخطاب لعتبة بن فرقد، وصحيفة علي بن أبي طالب التي كان فيها العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر (5) .
قال الحافظ ابن رجب: "اعلم أن العلم المتلقى من النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله، كان الصحابة رضي الله عنهم في زمن نبيهم صلى الله عليه وسلم يتداولونه بينهم حفظاً له ورواية، ومنهم من كان يكتب.." ثم
__________
(1) سورة الحشر: الآية 7.
(2) سورة آل عمران: الآية 31.
(3) سورة النساء: الآية 80.
(4) انظر: صحيح البخاري ج1، ص38 لكنه يذكر (لأبي فلان) بدل (لأبي شاه) وانظر كذلك: مسند أحمد ج 12، ص 235، وتقييد العلم للخطيب البغدادي ص89.
(5) انظر: بحوث في تاريخ السنة المشرفة للدكتور
الفاضل أكرم العمري، ص222-224، وانظر كذلك: تاريخ التراث العربي ج1، ص232-235،
254- 255.
قال: "ثم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان بعض الصحابة يرخص في كتابة العلم، وبعضهم لا يرخص في ذلك. ودرج التابعون أيضاً على مثل هذا الاختلاف" (1) .
ولما وقعت الفتنة الظلماء، والمحنة الدهياء بمقتل صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وثالث الخلفاء عثمان بن عفان شهيد الدار رضي الله عنه، ركب الناس الصعب والذلول، وهاجوا وماجو وولجوا الفتن وزين لهم إبليس - لعنه الله - المعاصي ملبّسة بثياب الطاعات، أخذ رؤوس الفتن ومشايعوهم يضعون الأحاديث لنصرة مذهبهم، ولزيادة سوادهم، وإضلال الناس عن دينهم، إضافة إلى ذلك دور الزنادقة والشعوبيين وأبناء المجوس وغيرهم ممن ادعى محبة أهل بيت النبي الكريم، وهم يضمرون للإسلام الشر الدفين، وكذا القصاص، والجهال من الصالحين (2) .
فهبّ رجال شرح الله صدورهم للتقوى، وجعل في قلوبهم الحمية والغيرة على سنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، فأخذوا يفتشون عن الرجال ويميزون الأصيل من الدخيل، والمستقيم من الإفك المبين، ونذروا أنفسهم لله، وتركوا الأهل والأحباب والديار والأتراب، وشدوا الرحال، وأخذوا بالأسباب، وبحثوا عن آثار المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث نزل الأصحاب - رضي الله عنهم- وصبروا على تدوينها، وصابروا على حفظها، وتظافرت الجهود، والتحمت الأفكار، فوضعوا قوانين للسنة النبوية، وميزوا بين الرجال العدول الثقات، عن المجروحين والكذابين وصنفوهم حسب الأمصار أو الطبقات، وميزوا بين من تشرف بمرتبة الصحبة، عمن انتحلها أو وهم فيه، واهتموا بالإسناد، وعدوه من عدتهم، حتى إن سفيان الثوري قال: " الإسناد سلاح المؤمن" (3) ، وقال ابن مبارك: "الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء" (4) .
__________
(1) انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب، ص64.
(2) انظر: المجروحين ج1، ص 62-88.
(3) المجروحين لابن حبان ج1، ص 27.
(4) المجروحين لابن حبان ج1، ص 27.
ومن ثمرة هذه الجهود المباركة ظهور علم الجرح والتعديل (1) بشكل منسق منضبط بقواعد وأصول، واستخدام مصطلحات وألفاظ دقيقة محكمة تعارف عليها أئمة هذا الشأن. فكان علماً مستقلاً متكاملاً، ومن أتقنه، فقد أتقن نصف العلم. قال علي بن المديني: " الفقه في معاني الحديث نصف العلم، ومعرفة الرجال نصف العلم" (2) .
لذلك لم يتقنه إلا نزر يسير في كل طبقة من طبقات حفاظ المحدثين. ومن هؤلاء الأئمة الذين عرفوا به شعبة بن الحجاج (ت 160 هـ) ، وسفيان الثوري (ت 161 هـ) والإمام مالك (ت 179 هـ) ، ثم بعدهم ابن المبارك (ت 181 هـ) ، ووكيع بن الجراح (ت 197 هـ) ويحيى بن سعيد القطان (ت198 هـ) والإمام الشافعي (ت 204 هـ) . وبعدهم يحيى بن معين (ت 233هـ) وعلي بن المديني (ت 234 هـ) ، وزهير بن حرب أبو خيثمة (ت234 هـ) ، وعبيد الله بن عمر القواريري (ت235 هـ) ، وإسحاق بن راهويه (ت238 هـ) وأحمد بن حنبل (ت241 هـ) . وبعدهم عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (ت255 هـ) ، ومحمد بن إسماعيل البخاري (ت256 هـ) ، ومحمد بن يحيى الدهلي النيسابوري (ت258 هـ) ، ومسلم بن الحجاج (ت261 هـ) وأبو زرعة الرازي (ت264 هـ) ، وأبوداود السجستاني (ت275) وغير هؤلاء، ولقد تميز هؤلاء المذكورون عن الكثير من الحفاظ المتقنين بالإمعان في الحفظ وكثرة الكتابة وأفرطوا في الرحلة، وواظبوا على السنة والمذاكرة والتصنيف والمدارسة.
وهكذا حفظ الله سبحانه وتعالى لنا المصدر الثاني في التشريع بعد كلامه
__________
(1) أن نقد الرجال والتحري عن ضبط الرواة للحديث ابتدأ منذ عمر الصحابة - رضي الله عنهم - فتكلم في الرجال عمر، وعلي، وابن عباس، وابن سلام، وابن الصامت، وأنس، وعائشة، وصرح كل منهم بتهذيب من لم يصدقه فيما قَال. وكذا من التابعين كالشعبي، وابن سيرين، وابن المسيب، وابن جبير. وأما بالشكل المنضبط بالقواعد والمصطلحات، فنشأ في القرن الثاني، واستمر واكتمل في القرن الثالث. انظر: الإعلان بالتوبيخ ص 706 وما بعدها والمجروحين لابن حبان ج1، ص 31- 58.
(2) انظر: المحدث الفاصل ص 320، ومقدمة الذهبي في تذهيب تهذيب الكمال.
(1/8)
العزيز الوجيز بتسخير الثقات العدول لخدمة السنة النبوية وحفظها، الذين قال فيهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" (1) .
فوصلت إلينا كاملة المعالم شاملة الأغراض، متعددة الطرق مبيناً ناسخها من منسوخها، وخاصها من عامها، ولا يماري في ذلك إلا جاهل ضيق التفكير، أو حاقد مغرض، أو رافضي معاند، أو كتابي مكابر.
ولقد خلد لنا سجل حفاظ الآثار النبوية الكثير منهم، ومن بين هؤلاء الذين جمعوا بين معرفة الرجال وصنفوا فيهم، وميزوا بينهم وعلى خبرة شاملة لعلل الحديث، ودراية واسعة بفقهه، محدثنا أبو زرعة عبيد الله ابن عبد الكريم الرازي، الذي حاز الرتبة المتقدمة بين أقرانه وشيوخه، فتواتر ثناؤهم عليه، ولذلك الثناء العاطر والمنزلة المرموقة بين جهابذة الحفاظ، ولما اجتمع فيه من علم غزير بالسنة النبوية بجميع فنونها وعلومها اخترته موضوعاً لنيل درجة الدكتوراه والذي شجعني على ذلك ما حازه كتابه الضعفاء من الشهرة الواسعة بين أوساط المحدثين، لما اشتمل عليه من المادة الغزيرة التي أسهمت إسهاماً واضحاً في دعم وترسيخ علم الرجال، وذلك بالكشف عن حال ودرجة الكثير من حملة السنة ورواة الآثار.
وقد جعلت الرسالة في مقدمة، وثلاثة أبواب، وخاتمة.
__________
(1) قال القسطلاني عن هذا الحديث: "رواه من الصحابة أسامة بن زيد، وابن عمر، وابن عمرو، وابن مسعود، وابن عباس، وجابر بن سمرة ومعاذ، وأبو هريرة- رضي الله عنهم- وأورده ابن عدي من طرق كثيرة كلها ضعيفة كما صرح به الدارقطنى وأبو نعيم، وابن عبد البر لكن يمكن أن يتقوى بتعدد طرقه ويكون حسناً كما جزم به ابن كيكلدي العلائي". انظر: إرشاد الساري ج 1، ص 4 ورواه الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث من طريق معاذ بن جبل، وأبي هريرة، وأسامة بن زيد، وروى بسنده إلى مهنأ بن يحيى أنه قال: "سألت أحمد - يعنى ابن حنبل- عن حديث معان بن رفاعة عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري ... " وذكر الحديث ... ، فقلت لأحمد: "كأنه كلام موضوع! قال: لا هو صحيح. فقلت: ممن سمعته أنت قال: من غير واحد. قلت: من هم؟ قال: حدثني به مسكين؟ إلا أنه يقول: معان، عن القاسم بن عبد الرحمن. قال أحمد: معان بن رفاعة لا بأس به". انظر: شرف أصحاب الحديث، ص11، 28، 29، 30، وانظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/17 حيث روى ابن أبي حاتم هذا الحديث بسنده وانظر كذلك: التمهيد لابن عبد البر، ج1، ص59.
(1/9)
تكلمت في المقدمة عن السنة وأهميتها، وجهود العلماء في المحافظة عليها وحرصهم عل تدوينها وخدمتها، وعن سبب اختياري لهذا الموضوع، وعن خطتي في البحث.
أما الباب الأول: فخصصته لدراسة حياة الإمام أبي زرعة الرازي، ويقع في تسعة فصول.
فالفصل الأول: هو عبارة عن التعريف بالمراكز العلمية في بلاد خراسان وما جاورها، وتعريف بمدينة الري، بلد أبي زرعة. وتكلمت عن طبقات المحدثين في الري ابتداء من عصر التابعين حتى عصر أبي زرعة، وكذلك ذكرت أهم العوائل العلمية، ثم تكلمت عن الفرق الكلامية والمذاهب الفقهية في البلد، وأثر ذلك على محدثنا، ودوره فيها. ثم ختمت الفصل بأهمية الريّ بالنسبة للمراكز العلمية الأخرى.
وأما الفصل الثاني: فقد تناول اسمه، ونسبه، وكنيته، وهو: عبيد الله ابن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ بن داود، مولى عياش بن مطرف بن عبيد الله بن عياش بن أبي ربيعة القرش المخزومي، أبو زرعة الرازي. وذكرت سبب تكنيته بهذه الكنية، والاختلاف في تحديد السنة التي ولد فيها، ورجحت أحد التواريخ الأربعة وهو عام 194هـ، مع سرد للمصادر التي ترجمت له. وذكرت أسرته، ومن اشتهر بها بطلب العلم.
أما الفصل الثالث: فخصصته بنشأته العلمية وتحصيله لعلوم الحديث مع ذكر رحلاته إلى المراكز العلمية في ذلك العصر، وذكر أخباره وأحواله في كل بلد.
أما الفصل الرابع: فهو خاص بمشيخته، حيث جمعت شيوخه من المصادر المخطوطة والمطبوعة، وأقول وبكل ثقة، أصبح هذا الفصل المصدر الرئيسي لشيوخه، حتى من تحمل عنهم الحديث بطريق المكاتبة، ثم بينت في هذا الفصل أيضاً الرواة الذين ترك الرواية عنهم. وختمته بمناقشة لقول ابن حجر حيث نص على أن كل من حدث عنه أبو زرعة يعد ثقة، وبينت بالأدلة أن هذا القول لا يؤخذ مطلقاً، بل قد يروي عن بعض الضعفاء وشأنه في هذا شأن الأئمة.
(1/10)
أما الفصل الخامس: فهو خاص بتلاميذه والرواة عنه، وقد جمعتهم من كتب الرجال والتواريخ مطبوعة ومخطوطة.
أما الفصل السادس: فهو خاص بعلومه ومؤلفاته. أما علومه فقد ذكرت نماذخ منها كمعرفته بعلم القراءات، ومعرفته وإتقانه لموطأ الإمام مالك، وكذلك بعض أقواله في مصطلح الحديث، وأما مؤلفاته فعددتها وتكلمت عنها وأقمت الأدلة على نسبتها إليه، ومصادره في بعضها كالتفسير مع ذكر بعض النماذج التي وقفت عليها من التفسير والمسند وأعلام النبوة وغيرها.
أما الفصل السابع: فأفردته بحفظه- باعتباره أحد الحفاظ القلائل الذين حازوا هذه الرتبة- فذكرت طائفة من أقوال وثناء العلماء عليه، ثم تكلمت عن مكانته أيضاً بين علماء عصره، وحبهم وتقديرهم له مع ذكر أقوال طائفة منهم وبعض رسائلهم التي كانوا يرسلونها إليه متضمنة الثناء العاطر والشكر المتواصل مع الدعاء.
أما الفصل الثامن: فتكلمت فيه عن مذهبه الفقهي، وإحاطته بالمذاهب الفقهية المشهورة، وذكرت عقيدته مع جملة من أقواله في المعتقد، واعتمدت في الدرجة الأولى على عقيدته التي ضمنها هبة الله اللالكائي في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة، وتكلمت فيه أيضاً عن زهده ومحبته لزهاد عصره وأدبه معهم، وختمت الفصل بذكر وفاته وبعض الأشعار التي قيلت في رثائه.
أما الفصل التاسع: فهو خاص بمنهجه في تعليل الأحاديث، فقدمته بكلام عن العلة وأهمية العلم بمعرفة علل الحديث، ومعرفة أبي زرعة فيه، وثناء بعض الأئمة عليه في ذلك، مع ذكر بعض الحوادث التي تشهد لتلك المعرفة، ثم شرعت في بيان منهجه، وذلك من خلال دراستي لكتاب علل الحديث لابن أبي حاتم، الذي هو عبارة عن أسئلة وجهها لأبيه وأبي زرعة في علل الحديث.
أما الباب الثاني: فيتكون من تمهيد، والنص الذي حققته، ويتضمن
(1/11)
كتاب أسماء الضعفاء والمتكلم فيهم لأبي زرعة المسمى بـ (كتاب الضعفاء) مع أجوبته على أسئلة البرذعي أيضاً.
أما التمهيد، فيتكون من اثنتي عشرة فقرة:
الأولى: في اسم الكتاب، ومؤلفه.
والثانية: في أهم الأسئلة المدونة.
والثالثة: في أهمية أجوبة أبي زرعة.
والرابعة: المصنفات التي نقلت عن الأجوبة.
والخامسة: منهج أبي زرعة في الأجوبة.
السادسة: الشيوخ الذين روى عنهم واستدل بأقوالهم في الأجوبة.
السابعة: الرجال الذين ذكرهم في الأجوبة.
الثامنة: ألفاظ التجريح التي أطلقها في الرواة.
التاسعة: ملاحظات حول كتاب أسامي الضعفاء له.
العاشرة:تراجم رواة الأجوبة.
الحادية عشرة: وصف المخطوطة.
الثانية عشرة: منهجي في التحقيق.
ثم بعد التمهيد حققت النص المذكور بالطريقة التي وصفتها في الفقرة الثانية عشرة من التمهيد.
أما الباب الثالث: فيتكون من أربعة فصول:
الفصل الأول: جمعت فيه أسماء الرواة الذين جرحهم أبو زرعة ولم يرد ذكرهم في أجوبته على أسئلة البرذعي، ولا في كتابه الضعفاء. وهذا الفصل يعتبر كالمستدرك للنص المحقق.
أما الفصل الثاني: فقد جمعت فيه أسماء الرواة الذين عدّلهم أبو زرعة مع ألفاظ التوثيق فيهم، من كتب الجرح والتعديل والطبقات والتواريخ.
أما الفصل الثالث: فذكرت فيه الرواة الذين جرحهم أبو زرعة مرة ووثقهم مرة أخرى وبينت السبب في ذلك.
أما الفصل الرابع: فهو خاص بالأئمة الذي انتقدهم أبو زرعة وجرحهم مع الدفاع عنهم، وحاولت التوفيق بين الأقوال والأسباب الداعية لذلك.
وأما الخاتمة، فقد ضمنتها النتائج التي توصلت إليها بعد دراستي لهذا الإمام الحافظ.
(1/12)
ولقد رأيت من إتمام الفائدة أن أضع خلاصة لهذه الرسالة باللغة الإنكليزية، كي يعلم من تهمهم الدراسات المتعلقة بالسنة النبوية وحفاظها ما احتوته الرسالة.
ولقد زودت الرسالة ببعض الصور التوضيحية وخارطة موضح فيها الأماكن التي رحل إليها أبو زرعة الرازي طلباً للسنة النبوية، وكذلك بعض لوحات من المخطوط كي يطلع القارئ الكريم على صعوبة خطها ومشكلاته وبعض الأماكن المهمة منه كبداية الكتاب مع سند روايته، ونهايته، وبداية كتاب الضعفاء. ووضعت بعد هذه المقدمة الرموز المستخدمة عند المحدثين التي تدل على المصنفات التي فيها أحاديث ذلك الراوي، لأني قد وضعت أمام كل راو الرمز المتعلق به.
وفي ختام هذه المقدمة أرى لزاماً علي أن أوفي صاحب الحق حقّه، وذا الفضل فضله، وأن من أولى الناس بهذا، فضيلة الأستاذ الدكتور الحسيني عبد المجيد هاشم المشرف على هذه الرسالة، لما قدمه لي من جهد وتوجيه كريم- على كثرة أعماله ومسؤولياته وضيق وقته. كما أسجل شكري وتقديري لأستاذي الفاضل الدكتور القدير أكرم ضياء العمري وكذلك الأستاذ الكريم الدكتور محمود الميرة لما أبدياه من ملاحظات قيمة نافعة أسهمت في خدمة الرسالة فجزاهما الله خير الجزاء ونفع بهما طلاب العلم.
وأشكر السيد الفاضل صبحي السامرائي الذي انتفعت بمكتبته العامرة، من الكتب المخطوطة والمطبوعة.
وكذلك أتوجه بخالص الشكر والتقدير للجامعة الإسلامية لسعيها في نشر هذا الكتاب وغيره من كتب السلف الصالح.
كما أشكر أيضاً إدارة وعمال الشركة المتحدة على جهودهم في إخراج الكتاب بهذه الصورة.
وأسأل الله أن يرزقني الإخلاص، وينظمنا في موكب خدام سنة نبيه الكريم، وأن يجنبنا الزلل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(1/13)
الرموز المستخدمة للدلالة على الكتب التي خرجت أحاديث الرواة الذين ورد ذكرهم في هذه الرسالة:
(ع) للسنة
(4) للأربعة
(خ) للبخاري
(م) لمسلم
(د) لأبي داود
(ت) للترمذي
(س) للنسائي
(ق) لابن ماجة
(خت) للبخاري في التعاليق
(بخ) للبخاري في الأدب المفرد
(ى) للبخاري في جزء رفع اليدين
(عخ) للبخاري في خلق أفعال العباد
(ز) للبخاري في جزء القراءة خلف الإمام
(مق) لمسلم في مقدمة كتابه (الجامع الصحيح)
(مد) لأبي داود في المراسيل
(قد) لأبي داود في القدر
(1/14)
(خد) لأبي داود في الناسخ والمنسوخ
(ف) لأبي داود في كتاب التفرد
(صد) لأبي داود في فضائل الأنصار
(ل) لأبي داود في المسائل
(كد) لأبي داود في مسند مالك
(تم) للترمذي في الشمائل
(سي) للنسائي في اليوم والليلة
(كن) للنسائي في مسند مالك
(ص) للنسائي في خصائص علي
(عس) للنسائي في مسند علي
(فق) لابن ماجة في التفسير
(أ) للإمام أحمد في المسند
(فه) للإمام أبي حنيفة في المسند
(فع) للإمام الشافعي
(ك) للإمام مالك في الموطأ
(1/15)
============
ج2.
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية المروذي وغيره ت وصي الله عباس
الباب الأول
الفصل الأول: أهم المراكز العلمية في بلاد خراسان وما جاورها
شهد فتوحات بلاد خراسان الكثير من الصحابة والتابعين، وحبذ بعضهم الاستقرار فيها حتى وفاته. قال الحاكم: "نزل خراسان من الصحابة وتوفي بها بريدة بن حصيب الأسلمي، مدفون بمرو، وأبو برزة الأسلمي والحكم بن عمرو الغفاري، وعبد الله بن خازم الأسلمي المدفون بنيسابور، وقثم بن العباس المدفون بسمرقند" (1) .
ويعني نزول أحد الصحابة، أو أحد كبار التابعين في بلد من هذه البلاد انتشار العلم فيها، وتبليغ سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وبمرور الزمن نشطت الحياة الفكرية في هذه المدن، وأصبحت مراكز علمية تقصد من قبل طلاب الحديث، ويرحل إليها. ومن أهم هذه المراكز:
1- الدينور: مدينة من أعمال الجبل قرب قرميسين وتقع أطلال مدينة الدينور على نحو خمسة وعشرين ميلاً من غربي كنكوار- مدينة إيرانية وعلى ستين ميلاً جنوب مدينة سحنة وهي القاعدة الحديثة لإقليم كردستان الفارسي أي الجهة الغربية الشمالية من إيران الحديثة. ينسب إليها خلق كثير من أهل الأدب والحديث كمحمد بن عبد العزيز، وأبي محمد بن قتيبة، وعبد الله بن وهب أبي محمد الدينوري الحافظ (2) .
__________
(1) انظر: معرفة علوم الحديث ص 194.
(2) انظر: علم التاريخ عند المسلمين لفرانز روزنثال ص 665، ومعجم البلدان مادة (الدينور) وبلدان الخلافة الشرقية ص 224- 225.
(1/19)
2- همذان: بالتحريك، والذال معجمة، وآخره نون همذان بينها وبين الري ستون فرسخاً (1) . وهي دار السنة صار بها علماء من سنة 200 هـ، وهلم جراً (2) .
3- قزوين: بالفتح ثم السكون، وكسر الواو، وياء مثناة من تحت ساكنة ونون، مدينة مشهورة بينها وبين الري سبعة وعشرون فرسخا. وتقع قزوين في الوقت الحاضر على نحو مائة ميل شمال غربي طهران وهي في أسفل الجبال العظيمة وينسب إليها خلق لا يحصون ومنها محمد بن سعد ابن سابق الرازي القزويني، والطنافسي، وعمرو بن رافع، وخلق غيرهم (3) .
4- جرجان: بالضم، وآخره نون، مدينة عظيمة مشهورة بين طبرستان، وخراسان وتسمى جرجان في الوقت الحاضر (كركان) وتمتد هذه المدينة في جنوب شرقي بحر قزوين في نهاية الخط الحديدي القادم من طهران. وقد خرج منها خلق من الأدباء، والعلماء، والفقهاء، والمحدثين (4) .
5- نيسابور: فتح أوله، مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة معدن الفضلاء ومنبع العلماء وتسمى في الوقت الحاضر نيشابور وتقع إلى الجنوب من (مشهد) وعلى بعد 125 كم منها. وقد خرج منها من أئمة العلم من لا يحصى، وتسمى دار السنة والعوالي، صارت بإبراهيم بن طهمان، وحفص بن عبد الله، ثم يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه (5) .
6- طوس: مدينة بخراسان بينها وبين نيسابور نحو عشرة فراسخ وطوس في الوقت الحاضر قرية صغيرة عامرة تقع إلى الشمال الغربي من (مشهد) وعلى بعد 20 كم منها على ضفة نهر هراة، ومشهد مدينة إيرانية مشهورة
__________
(1) انظر: معجم البلدان مادة (ساوة) .
(2) انظر: المصدرين السابقين ص 665، ومادة (همذان) ومادة (ساوة) .
(3) انظر: المصدرين السابقين ص 665، ومادة (قزوين) وبلدان الخلافة الشرقية ص253.
(4) انظر: المصدرين السابقين ص 665، ومادة (جرجان) وبلدان الخلافة الشرقية ص 417 وخراسان لمحمود شاكر ص 59.
(5) انظر: المصدرين السابقين ص 665، ومادة (نيسابور) ، وخراسان لمحمود شاكر ص61.
(1/20)
دفن بها الإمام الثامن عند الشيعة علي الرضا ت202 هـ بجانب قبر الخليفة هارون الرشيد ت193هـ رحمهما الله. وقد خرج منها من أئمة أهل العلم، والفقه ما لا يحصى كمحمد بن أسلم الطوسي، وأصحابه (1) .
7- هراة: بالفتح مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان وهي في الوقت الحاضر من المدن الأفغانية المشهورة تقع على مجرى نهر هاري ومن أئمتها عبد الله بن واقد، والفضل بن عبد الله الهروي (2) .
8- مرو: وتسمى مرو الشاهجان: وهي مرو العظمى أشهر مدن خراسان وقصبتها، بينها وبين نيسابور سبعون فرسخاً، وتقع مرو اليوم ضمن بلاد التركمان (تركمانستان) تحت السيطرة الشيوعية الروسية. وقد خرجت من الأعيان، وعلماء الدين، والأركان مالم تخرج مدينة مثلهم، وكان بها بريدة ابن الحصيب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطائفة من الصحابة، ثم عبد الله بن بريدة ويحيى بن يعمر، وعدة من التابعين ثم ابن المبارك، وسفيان، وأحمد وغيرهم (3) .
9- بلخ: مدينة مشهورة بخراسان وهي من أجلّ مدن خراسان، وأذكرها، وأكثرها خيراً، وأوسعها غلة وتقع على نهر يعرف باسمها. وهي إلى الغرب من مدينة مزار شريف- حيث دفن فيه على ما يقال الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو كذب صريح - على مسافة مائة كيلومتر تقريباً. وينسب إليها خلق كثير منهم محمد بن علي بن طرخان ابن عبد الله أبو بكر البلخي البيكندي، وكان حافظاً للحديث حسن التصنيف توفي سنة
__________
(1) انظر: المصدرين السابقين ص 665، ومادة (طوس) ، وخراسان لمحمود شاكر ص 61، وبلدان الخلافة الشرقية ص 430.
(2) انظر: المصدرين السابقين ص 665، ومادة (هراة) وخراسان لمحمود شاكر ص 55.
(3) انظر: المصدرين السابقين ص 665، ومادة (مرو الشاهجان) .
(1/21)
278 هـ، والحسن بن شجاع الحافظ وغيرهما (1) .
وهي من المدن الأفغانية المهمة في الوقت الحاضر.
10- بخارى: بالضم: من أعظم مدن ما وراء النهر، وأجلها، وينسب إليها خلق كثير من أئمة المسلمين في فنون شتى، منهم المسندي، والبخاري (2) . وتقع الآن في جمهورية أوزبكستان في الاتحاد السوفياتي.
11- سمرقند: بفتح أوله وثانيه، بلد معروف مشهور، قامت منذ عام 1871 مدينة روسية جديدة إلى الغرب من مدينة سمرقند ربطت بالسكة الحديدية مع الخط الحديدي الخاص ببلاد ما وراء بحر قزوين. وينسب إليها جماعة كثيرة كأبي عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومحمد ابن نصر المروزي (3) .
12- الشاش: بالشين المعجمة بالريّ قرية يقال لها شاش، النسبة إليها قليلة، ولكن الشاش التي خرج منها العلماء، ونسب إليها خلق من الرواة والفصحاء فهي بما وراء النهر، وهي آخر بلاد الإسلام التي بها الحديث وتسمى في الوقت الحاضر (تاشكند) أو (طاشقند) وهي عاصمة تركستان الروسية منها الحسن بن الحاجب، والهيثم بن كليب (4) ..
13- فرياب: بكسر أوله، وسكون ثانيه، ثم ياء مثناة من تحت، وآخره باء موحدة بلد من نواحي بلخ، إن خرائب مدينة فرياب (فارياب) قد تطابق ما يعرف اليوم بـ (خيراباد) حيث توجد قلعة قديمة تحيط بها تلول من الآجر وكانت من أجل مدن الجوزجان في العصور الوسطى
__________
(1) انظر: علم التاريخ عند المسلمين ص 667، ومعجم البلدان في مادة (بلخ) ، وخراسان لمحمود شاكر ص 55 وبلدان الخلافة الشرقية ص 464- 465.
(2) انظر المصدرين السابقين ص 667، ومادة (بخارى) .
(3) انظر: المصدرين السابقين ص 667، ومادة (سمرقند) ، ودائرة المعارف الإسلامية ج 12 ص 202.
(4) انظر: المصدرين السابقين ص 667، ومادة (الشاش) وبلدان الخلافة الشرقية ص 477، 518.
(1/22)
والجوزجان مدينة مشهورة في أفغانستان الحديثة. خرج منها جماعة من العلماء أقدمهم محمد بن يوسف الفريابي صاحب الثوري، ومنهم القاضي جعفر بن محمد الفريابي صاحب التصانيف سمع بفرياب في سنة 226 هـ (1) .
14- خوارزم: أوله بين الضمة والفتحة، والألف مسترقة مختلسة ليست بألف صحيحة هكذا يتلفظون به، بلد كبير وخوارزم في الوقت الحاضر في بلاد جمهورية أوزبكستان قريبة من بحيرة خوارزم التي تعرف الآن باسم بحر آرال. والذين ينسبون إليه من الأعلام والعلماء لا يحصون، منهم داود بن رشيد، أبو الفضل الخوارزمي توفي سنة 239 هـ (2) .
15- شيراز: بالكسر، وآخره زاي. بلد عظيم مشهور معروف مذكور وهو قصبة بلاد فارس. وتقع الآن جنوبي أصبهان وقد نسب إلى شيراز جماعة كثيرة من العلماء في كل فن، ومن محدثيها الحسن بن عثمان بن حماد بن حسان القاضي الشيرازي توفي سنة 272 هـ (3) .
16- أصبهان: منهم من يفتح الهمزة وهم الأكثر، وكسرها آخرون، مدينة عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها وهي الآن من أشهر المدن الإيرانية. وقد خرج منها من العلماء والأئمة في كل فن مالم يخرج من مدينة من المدن وعلى الخصوص علو الإسناد؛ فإن أعمار أهلها تطول، ولهم مع ذلك عناية وافرة بسماع الحديث، وبها من الحفاظ خلق لا يحصون (4) .
__________
(1) انظر: المصدرين السابقين ص 667، ومادة (فرياب) ، وبلدان الخلافة الشرقية ص 467.
(2) انظر: المصدرين السابقبن ص 667، ومادة (خوارزم) والمسلمون تحت السيطرة الشيوعية لمحمود شاكر ص 45.
(3) انظر: علم التاريخ عند المسلمين ص 667، ومعجم البلدان في مادة (شيراز) ودائرة المعارف الإسلامية، 14 ص 20.
(4) انظر: معجم البلدان في مادة (أصبهان) .
(1/23)
الريّ
قال ياقوت الحموي: "الري: بفتح أوله، وتشديد ثانيه، فإن كان عربياً فأصله من رويت على الراوية أروى رياً فأنا راو إذا شددت عليها الرواء" (1) .
قال أبو منصور: "أنشدني أعرابي، وهو يعاكمني: رياً تميمياً على المزايد" (2) .
وحكى الجوهري: "رويت من الماء بالكسر. أروى رَيّاً وَرِيّاً، وروى مثل رضىً" (3) ...
وهي مدينة في بلاد الجبال قد يشاهد الرائي أطلالها على مسيرة خمسة أميال تقريباً من الجنوب الشرقي من طهران- عاصمة إيران- وهي إلى الجنوب من طنف من جبال البرز يمتد إلى السهل. وتقع قرية شاه عبد العظيم وضريحه جنوبي الاطلال مباشرة (4) . فتحها المسلمون أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة (20) للهجرة وقيل سنة (19) (5) . واهتموا بها لموقعها الخطير من بلاد المشرق من الناحية العسكرية والإدارية، ولشهرتها التجارية وغير ذلك من الأسباب. فجمعت لتراثها القديم وشهرتها روعة الإسلام وتعاليمه القويمة حتى أضحت مركزاً علمياً هاماً خلد عبر العصور والأجيال.
وسنذكر في الصفحات القادمة من هذا الفصل لمحات عن جوانب لهذا المركز العلمي.
نماذج من طبقات المحدثين في الري
بعد أن دخل الإسلام إلى بلاد الري ورسخ في القلوب بدأ كثير من أبنائه يحرصون على تعلم أحكام الدين المختلفة وآدابه، فانتشرت في طول البلاد وعرضها
__________
(1) انظر: معجم البلدان مادة (الري) .
(2) انظر: تهذيب اللغة ج 15 ص 314.
(3) انظر: الصحاح للجوهري ج 6 ص 2364.
(4) انظر: دائرة المعارف الإسلامية ج 10 ص285.
(5) انظر: فتوح البلدان ق 2 ص 390.
(1/24)
بيوت الله حيث حلق العلم والتعلم والمذاكرة، ورحل الكثير منهم إلى المراكز العلمية الأخرى للاغتراف من مناهل العلم والتزود ثم الرجوع إلى الري لتعليم وتبليغ أهله العلم. فبرز الكثير من العلماء الأعلام ابتداء من عصر التابعين حتى بلغت عصرها الذهبي في القرن الثالث، ومن هؤلاء:
1- (ع) الزبير بن عدي الهمداني اليامي، أبو عدي الكوفي قاضي الري (ت 131 هـ) (1) .
2- (خت ت س) عنبسة بن سعيد بن الضريس الأسدي أبو بكر الكوفي قاضي الري الّذي روى عن ابن المبارك (ت 181 هـ) وطبقته (2) .
3- (د) شعيب بن خالد البجلي الرازي الذي روى عن الزهري (ت 124 هـ) وغيره (3) .
4- (ع) الحافظ الحجة جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي أبو عبد الله، الرازي، القاضي الذي رحل إليه المحدثون لثقته وحفظه وسعة علمه (ت 188 هـ) (4) .
5- (م ت) يحيى بن الضريس بن يسار البجلي مولاهم، أبو زكرياء، الرازي كان عنده عن حماد بن سلمة عشرة آلاف، وعن الثوري عشرة آلاف أو نحوه (ت 203 هـ) (5) .
6- (ع) هشام بن عبيد الله الرازي، السبتي الفقيه قال عن نفسه: لقيت ألف وسبعمائة شيخ، وأنفقت في العلم سبعمائة ألف درهم، ووصفه الذهبي بأنه كان داعية للسنة محطاً على الجهمية (ت 211هـ) (6) .
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 2/ 579، وتهذيب التهذيب ج 3 ص 317.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق 1/ 399، وتهذيب التهذيب ج 8 ص 155.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج 2/ ق 1/ 506، وتهذيب التهذيب ج 4 ص 352.
(4) انظر: الجرح والتعدبل ج 1/ ق1/ 506، وتهذيب التهذيب ج 2 ص 75.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 4/ ق2/158- 160، وتهذيب التهذيب ج 11، ص 232.
(6) انظر: تهذيب التهذيب ج11/ 47-48، وتذكرة الحفاظ ج1/ 387-388.
(1/25)
7- (ع) إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زاذان، التميمي أبو إسحاق الرازي الفراء، كتب عنه أبو زرعة مائة ألف حديث (ت 220 هـ) (1) .
العوائل العلمية في الريّ
ومن مظاهر الحركة العلمية في الري وجود عوائل علمية- بيوتات- حافظت على التراث العلمي وبثه بين أبناء الري وطلبة العلم فيها. وكانت هذه الظاهرة نتيجة لوسائل وأسباب أخذ بها العلماء الأعلام من أهل الري، فقد دأبوا على تربية أولادهم والذين تحت رعايتهم من عوائلهم تربية خاصة حرصاً منهم على تخريجهم علماء عاملين يحملون العلم عنهم ويبلغونه لغيرهم. فكانوا يصطحبون أبناءهم معهم في رحلاتهم كي يعتادوا على طلب الحديث وتدوينه من العلماء الكبار في المراكز العلمية الأخرى في بلاد المشرق وكذلك فقد كانوا يأخذونهم إلى مجالس العلم في المساجد وبيوت بعض الأمراء والرؤساء وبيوت العلماء حيث يرتادها فحول المحدثين الذين يقدمون للري فيدونون الأحاديث عنهم أو يأخذون الإذن بالرواية وهكذا تسلم الأمانة إلى الأبناء ومن بعدهم إلى الأحفاد، وكان رائدهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" (2) . فيورثونهم العلم والصلاح، وكان خير ما يعتز به المؤمن علم أبيه ومصنفاته فيحافظ عليها ويرويها ويميز بين صحيحها وضعيفها وذلك من خلال معرفته لمنهج أبيه أو جده. ومن هذه العوائل التي عنيت بالحديث:
1- عائلة يحيى بن الضريس بن يسار البجلي مولاهم أبو زكرياء الرازي (ت 253 هـ) (3) .
__________
(1) انظر: تهذيب التهذيب ج 1/ 170- 171، وتذكرة الحفاظ ج 2/ 449.
(2) انظر الحديث في: صحيح مسلم في الوصية حديث رقم (1631) ، وسنن أبي داود في الوصايا حديث رقم (14) ، وجامع الترمذي في كتاب الأحكام باب/36، وسنن النسائي ج6/ 210، وفضل الله الصمد ج1/ 113.
(3) انظر: تذكرة الحفاط ج2/ 643، والجرح والتعديل ج3/ ق2/ 198.
(1/26)
2- عائلة أبي عبد الله محمد بن عاصم النصر أباذي الرازي (ت 230 هـ) (1) .
3- عائلة سهل بن زنجلة الصغدى، السعدي، أبو عمرو الأشتر الرازي الحافظ (قدم بغداد في 231 هـ) (2) .
4- عائلة عبد المؤمن بن علي الزعفراني، الأسدي الكوفي (3) .
5- عائلة فرات بن خالد الضبي، أبو إسحاق الرازي الحافظ (4) .
6- عائلة أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف الهسنجاني الرازي (ت 301 هـ) (5) .
7- عائلة أبي زرعة وأبي حاكم (6) .
4 - المذاهب الفكرية والفقهية في الريّ
امتاز القرن الثاني والثالث بصورة خاصة بنشوء وظهور الفرق المنحرفة عن الطريق المستقيم الذي ارتضاه لنا رب العالمين وأمرنا بالتزام به بقوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (7) ولهذه الميزة أسباب ساعدت على نشاطها لا مجال لذكرها في هذا المقام:
منها: دخول شعوب كثيرة، وأمم مختلفة المعتقدات والديانات في المجتمع الإسلامي، وكان يضمر بعض رؤوس الفتن الشر المستطير، والشعوبية من أبناء المجوس الحقد الدفين، وكانوا يتحينون الفرصة بعد الأخرى ليعتموا نور الإسلام العظيم
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج 4/ ق1/ 46، والإرشاد للخليلي ج 6/ في علماء الري.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق2/ 277- 278، والإرشاد ج 6/ في علماء الري.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 444 وج 3/ ق1/ 66، 196 ج3/ ق2/ 228- 229.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 67، وج3/ق2/80، وتهذيب التهذيب ج1 ص 66- 67. وج 8 ص 258، وتذكرة الحفاظ ج 2 ص 544- 545.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 2/ 159، وج 3/ ق 1/ 181.
(6) سأذكر بعض الأخبار عنها عند الكلام عن الوسط العلمي لعائلة أبي زرعة.
(7) سورة الأنعام: الآية 153.
(1/27)
ويعكروا صفو بحره العميق، فأخذوا يدرسون الدين بعمق وشمول، ودخلوا من بعض المداخل تارة بل إن معظم وأخطر المداخل حب أهل بيت النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وتارة بتأويل بعض الآيات أو الأحاديث المتعلقة بالصفات أو الذات الإلهية.
ومنها: ترجمة كتب بعض العلوم التي أدخلت على الفكر الإسلامي الصافي شبهات الأمم ومعضلاتها التي كانت سبباً في تناحرها، وهلاكها، تلك كتب علم الكلام والمنطق والفلسفة التي أشار أحد طواغيت الروم وكهانهم على عظيمهم بعد تمنعه في الموافقة على ترجمتها إلى اللغة العربية - لما طلب منه الخليفة المأمون ذلك- وبرر هذا الحاقد اللئيم بأن هذه العلوم ما دخلت على أمة إلا أهلكتها، وقد تأثر بهذه النقول المعتزلة ومن والاهم، والجهمية ومن جاراهم، فبثت هذه السموم في أقطار الدولة الإسلامية.
ومنها: الري فأصابها ما أصاب غيرها من بعض المعتقدات وتأثر بها عدد غير قليل من الناس مما جعل المؤمنين المخلصين والأئمة العارفين ينافحون عن المعتقد الصحيح، ودعوة الناس وحملهم وترغيبهم للتمسك بكتاب الله وسنة رسوله. هذا من جهة، ومن جهة أخرى كانت هنالك المذاهب الفقهية واعتزاز كل فقيه بمذهبه، واعتقاده بصحة منهجه وحسن استنباطه واجتهاده، وكل هذه الآراء الفكرية والمذاهب الفقهية بلا شك تعمل على شحذ الهمم والبحث عن الحجج ودراسة الآراء والرد على المخالفين المعترضين وتفنيدها وتقعيد القواعد والأصول، ومن ثم تكوين أسس تلك المدرسة الفقهية أو الكلامية، وهذا بمجموعه عمل على تكوين تراث علمي، ونشاط فكري لمدينة الري، وسأذكر طرفاً من أخبار وأحوال أهل الري الفكرية والمذاهب الفقهية وما كان عليه الناس في عصر - إمامنا- أبي زرعة الرازي، وأختمه بدوره في ذلك.
(1/28)
المذاهب الفكرية في الريّ
أولاً - المرجئة (1) :
يقول عبد القاهر البغدادي عند كلامه عن المرجئة والفرق التي تفرقت إليها: "وأما النجارية فإنها اليوم بالريّ أكثر من عشر فرق ومرجعها في الأصل إلى ثلاث فرق: برغوثية، وزعفرانية ومستدركة. وأما البكرية والضرارية فكل واحدة منها فرقة واحدة ليس لها تبع كثير، والجهمية أيضاً فرقة واحدة" (2) . ثم فصل القول عن فرقها هذه فقال:
(أ) النجارية: هؤلاء أتباع الحسين بن محمد النجار (3) وقد وافقوا أصحابنا في أصول ووافقوا القدرية في أصول، وانفردوا بأصول لهم، وافترقوا بعد هذا فيما بينهم في العبارة عن خلق القرآن، وفي حكم أقوال مخالفيهم فرقاً كبيرة كل فرقة منها تكفر سائرها، والمشهورون منها ثلاث فرق وهي: البرغوثية، والزعفرانية، والمستدركة من الزعفرانية (4) . وقال الشهرستاني عن النجارية: وهؤلاء مثل أغلب المعتزلة يقولون إن القرآن مخلوق (5) ، ويقول: إن أغلب معتزلة الري على مذهب النجارية (6) .
1- البرغوثية: أتباع محمد بن عيسى الملقب ببرغوث، وكان على مذهب
__________
(1) يقول ابن حجر: "الإرجاء بمعنى التأخير، وهو عندهم على قسمين: منهم من أراد به تأخير القول في الحكم في تصويب إحدى الطائفتين اللتين تقاتلوا بعد عثمان. ومنهم من أراد تأخير القول في الحكم على من أتى الكبائر وترك الفرائض بالنار، لأن الإيمان عندهم الإقرار والاعتقاد ولا يضر ترك العمل مع ذلك" انظر: هدي الساري ص 459 ط السلفية.
(2) انظر الفرق بين الفرق ص 20.
(3) الحسين بن محمد النجار كان من أصحاب بشر المريسي، ناظر النظام فلم يفلح فمات متأثراً. وهو رأس الفرقة النجارية من المعتزلة ت 220 هـ. انظر: اللباب في تهذيب الأنساب ج 3 ص 298، الفهرست لابن النديم ص 254.
(4) انظر: الفرق بين الفرق ص 126.
(5) انظر: الملل والنحل ج1 ص 130.
(6) انظر: الملل والنحل ج1 ص 130.
(1/29)
النجار في أكثر مذاهبه، وخالفه في تسمية المكتسب فاعلاً فامتنع عنه، وخالفه، في غير ذلك أيضاً (1) .
2- الزعفرانية: أتباع الزعفراني الَّذي كان بالري وكان يتناقض بآخر كلامه أوله فيقول: إن كلام الله تعالى غيره، وكل ما هو غير الله تعالى مخلوق. ثم يقول مع ذلك الكلب خير ممن يقول كلام الله مخلوق. وذكر بعض أصحاب التواريخ أن هذا الزعفراني أراد أن يشهر نفسه في الآفاق فاكترى رجلاً على أن يخرج إلى مكة ويسبه ويلعنه في مواسم مكة ليشتهر ذكره عند حجيج الآفاق (2) .
3- المستدركة: هؤلاء قوم من النجارية يزعمون أنهم استدركوا ما خفي على أسلافهم لأن أسلافهم؛ منعوا إطلاق القول بأن القرآن مخلوق، وزعمت المستدركة أنه مخلوق ثم افترقوا فيما بينهم فرقتين. وذكر اختلافهم فيما بينهم في القول بخلق القرآن إلى أن قال: ومن هؤلاء المستدركة قوم بالري يزعمون أنَّ أقوال مخالفيهم كلها كذب حتى لو قال الواحد منهم في الشمس أنها شمس لكان كاذباً فيه (3) .
(ب) البكرية: أتباع بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد (4) وكان يوافق النظام (5)
__________
(1) انظر: الفرق بين الفرق ص 126.
(2) انظر: الفرق بين الفرق ص 127، وانظر عنهم أيضاً أحسن التقاسيم ص 392، واللباب في تهذيب الأنساب ج 2 ص 69.
(3) انظر: الفرق بين الفرق ص 127، واللباب في تهذيب الأنساب ج 3 ص 207- 208.
(4) بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد البصري الزاهد ذكره ابن حزم في الملل والنحل في جملة الخوارج. قال: "كان يقول في كل ذنب ولو صغر حتى الكذبة الخفيفة على سبيل المزاح ففاعله كافر مشرك بالله من أهل النار إلا إن كان من أهل بدر فهو كافر مشرك من أهل الجنة وقال: من سرق حبة خردل كان مخلداً في النار مع الكفرة". وبالغ ابن قتيبة في الرد عليه انظر: لسان الميزان ج2 ص 60- 61.
(5) إبراهيم بن سيار بن هانئ النظام أبو إسحاق البصري من رؤوس المعتزلة متهم بالزندقة وكان شاعراً أدبياً وله كتب كثيرة في الاعتزال والفلسفة، مات في خلافة المعتصم بعد 220 هـ. انظر: لسان الميزان ج1 ص 67.
(1/30)
في دعواه أن الإنسان هو الروح دون الجسد الذي فيه الروح.. إلى أن قال عبد القاهر عنه: "وانفرد بضلالات أكفرته الأمة فيها" (1) .
(جـ) وأما الضرارية: فهم أتباع ضرار بن عمرو ... (2) وقال عنه: "انفرد بأشياء منكرة" (3) . ولقد كان بعض الكذابين من المحدثين يضعون الأحاديث للمرجئة من أهل الري كي يستدلوا بها على مذهبهم الباطل، نقل ابن أبي حاتم في ترجمة محمد بن أبان ابن عائشة القصراني الرازي، عن أبي زرعة أنه قال عنه: "أول ما قدم الري قال للناس: أي شيء يشتهي أهل الري من الحديث؟ فقيل له: أحاديث في الإرجاء فافتعل لهم جزءً في الإرجاء" (4) فكان يفضحه أبو زرعة وأبو حاتم ويصرفان الناس عنه، قال ابن أبي حاتم في ترجمته: "قال أبو زرعة وأبو حاتم عنه هو كذاب كان يفتعل الحديث، وكان لا يحسن أن يفتعل كان يحدث بعد هشام في مسجد حرم ويجتمع عليه الناس" (5) .
ثانياً - الجهمية:
أتباع جهم بن صفوان (6) الذي قال بالإجبار والاضطرار إلى الأعمال وأنكر الاستطاعات كلها، وزعم أن الجنة والنار تبيدان وتفنيان (7) .
__________
(1) انظر: الفرق بين الفرق ص 129.
(2) ضرار بن عمرو القاضي معتزلي جلد، له مقالات خبيثة قال يمكن أن يكون جميع من يظهر الإسلام كفاراً في الباطن لجواز ذاك على كل فرد منهم في نفسه قال أحمد بن حنبل: "شهدت على ضرار عند سعيد بن عبد الرحمن الجمحي القاضي فأمر بضرب عنقه فهرب". وقيل: إن يحيى بن خالد البرمكي أخفاه، وذكره ابن النديم في الفهرست وقال: "إنه كان يكنى أبا عمرو" وذكر له ثلاثين كتاباً فيها الرد على المعتزلة والخوارج والروافض ولكنه كان معتزلياً له مقالات ينفرد بها وذكر ابن حزم أنه غطفاني من أنفسهم ... انظر: ميزان الاعتدال ج 2 ص 328 ولسان الميزان ج3 ص 203.
(3) انظر: الفرق بين الفرق ص 129- 130.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق 2/200 ولسان الميزان ج 5 ص 33.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق 2/200 ولسان الميزان ج 5 ص 33.
(6) جهم بن صفوان أبو محرز السمرقندي الضال المبتدع رأس الجهمية هلك في زمان صغار التابعين، أمر بقتله نصر بن سيار سنة 128 هـ. زرع شرا عظيما. انظر: لسان الميزان ج 2 ص 142..
(7) انظر: الفرق بين الفرق ص 128.
(1/31)
ويصف لنا المقدسي مذاهب أهل الري وعلاقة بعض المذاهب الفقهية بمعتقد الفرق الكلامية فيقول عند كلامه عن مذاهب إقليم الجبال: "أما بالري فالغلبة للحنفيين وهم نجارية إلا رساتيق القصبة فإنهم زعفرانية يقفون في خلق القرآن وسمعت بعض دعاة الصاحب (1) يقول: قد لان لي أهل السواد في كل شيء إلا في خلق القرآن، ورأيت أبا عبد الله بن الزعفراني قد عدل عن مذهب آبائه إلى مذهب النجار وتبرأ منه أهل الرساتيق، وبالري حنابلة كثير لهم جلبة. والعوام قد تابعوا الفقهاء في خلق القرآن" (2) .
ويقول: "يقع بالري عصبيات في خلق القرآن" (3) .
ثالثاً - الشيعة:
لقد استغل اليهود والمجوس وغيرهم محبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في تضليل الناس عن الصراط المستقيم، ولقد تستر بها الكثير من أصحاب الفرق الضالة، والمبادىء الخبيثة ابتداء من السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ اليهودي الذي أثار الفتنة الكبرى قي زمن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم ظهرت الفتن المظلمة بعدها، وأصحاب هذه الفرق المنحرفة هم أخذل الناس لأهل بيت النبي الكريم، وأقل خبثهم تكفير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ابن كثير: "وأما طوائف الروافض وجهلهم وقلة عقلهم، ودعاويهم أن الصحابة كفروا إلا سبعة عشر صحابيا، وسموهم فهو من الهذيان بلا دليل إلا مجرد الرأي الفاسد، عن ذهن بارد، وهوى متبع وهو أقل من أن يرد" (4) . ولقد كان بعض هؤلاء في مدينة الري إلا أنهم كانوا مخذولين مقهورين حتى تغلب أحمد بن الحسن المارداني عليها سنة 275 هـ (5) فأظهروا
__________
(1) إسماعيل بن عباد بن العباس أبو القاسم الطالقاني، لقب بالصاحب لصحبته مؤيد الدولة ابن بويه الديلمي، وزير غلب عليه الأدب فكان من نادرة الدهر علما وفضلاً وتدبيرا وكان مشتهرا بمذهب المعتزلة داعية إليه. ت 385 هـ. انظر: لسان الميزان ج 1 ص 413- 416، المنتظم ج 7 ص 179.
(2) انظر: أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ص 394- 395.
(3) انظر: المصدر السابق ص 396.
(4) انظر: الباعث الحثيث ص 182.
(5) انظر: معجم البلدان في مادة (الري) .
(1/32)
خبثهم، ومن هؤلاء داهر بن يحيى الرازي الذي قال عنه الذهبي: "رافضي بغيض لايتابع على بلاياه"، وقال العقيلي: "كان يغلو في الرفض وذكروا من أباطيله ما رواه عن الأعمش، عن عباية الأسدي، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا أم سلمة، إن علياً لحمه من لحمي ... " الخ الحديث (1) .
وكذلك ولده عبد الله بن داهر بن يحيى أبو سليمان المعروف بالأحمري، قال عنه العقيلي: "رافضي خبيث"، وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه في فضائل علي، وهو متهم في ذلك" (2) . والحسن بن عباس بن جرير العامري الحريشي الرازي الذي روى عن أبي جعفر الباقر، وذكره النجاشي في مصنفي الإمامية وقال: "هو ضعيف جداً"، وقال علي بن الحكم ضعيف: "لايوثق بحديثه" وقيل: أنه كان يضع الحديث (3) ، وغير هؤلاء.
رابعاً - أهل السنة والجماعة:
ذكرتهم في هذا الموضع لأنهم يمثلون السواد الأعظم ولهم الكلمة النافذة المسموعة وكانت لهم المنابر والمدارس والمجالس ومعتقدهم المعتقد الصحيح.
قال ياقوت: "وكان أهل الري أهل سنة وجماعة إلى أن تغلب أحمد ابن الحسن المارداني عليها فأظهر التشيع وأكرم أهله وقربهم فتقرب إليه الناس بتصنيف الكتب في ذلك فصنف له عبد الرحمن بن أبي حاتم كتاباً في
__________
(1) انظر: ميزان الاعتدال ج 2 ص 3، ولسان الميزان ج 2 ص 413- 414.
(2) انظر: ميزان الاعتدال ج 2 ص 416- 417، ولسان الميزان ج 3 ص 282- 283.
(3) انظر: لسان الميزان ج 2 ص 216- 217 ونسبه ابن حجر إلى (الحريشي) وورد اسمه في رجال الطوس في أسماء الرواة عن الجواد هكذا: الحسن بن عباس بن (حريش) الرازي. وورد في جامع الرواة ج 1 ص 205 الحسن بن عباس بن (جريش) الرازي ونسب الراوي الذي بعده بـ (الجريش) والصواب الحسن بن عباس بن (حريش) بالحاء المهملة المفتوحة والراء المهملة الكسورة والياء المثناة من تحت الساكنة والشين المعجمة انظر: تنقيح المقال للمامقاني ج 1 ص 286.
(1/33)
فضائل أهل البيت وغيره وكان ذلك في أيام المعتمد وتغلبه عليها في سنة 275 هـ ... " (1) .
أما المذاهب الفقهية في الري فكان المشهور المعروف بها مذهب أهل الرأي ومذهب أهل الحديث. وأهل الرأي فهم كما وصفهم الأستاذ الخضري بقوله: "أما أهل الرأي والقياس فإنهم رأوا الشريعة معقولة المعنى، رأوا أصولاً عامة نطق بها القرآن الكريم وأيدتها السنة، ورأوا كذلك لكل باب من أبواب الفقه أصولاً أخذوها من الكتاب والسنة، وردوا إليها جميع المسائل التي تعرض من هذا الباب ولو لم يكن فيها نص، وهم بالنسبة إلى السنة كالأولين- أي أهل الحديث متى وثقوا من صحتها" (2) .
وأما فقهاء الحديث فقد وصفهم ابن رجب بقوله: "وأما فقهاء أهل الحديث العاملون به، فإن معظم همهم البحث عن معاني كتاب الله عز وجل وما يفسره من السنن الصحيحة، وكلام الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحيحها وسقيمها، ثم الفقه فيها وتفهيمها والوقوف على معانيها، ثم معرفة كلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان في أنواع العلوم من التفسير والحديث ومسائل الحلال والحرام، وأصول السنة، والزهد والرقائق، وغير ذلك" (3) .
ولقد كانت تقع بينهم المناظرات ومجالس الجدل حتى خرج بهم ذلك إلى النفرة والمقاطعة. بل تعدى الأمر إلى الاستعانة بأمير البلد، ولقد ورثوا هذه
__________
(1) انظر: معجم البلدان في مادة (الري) ولعله لهذا اتهم البعض ابن أبي حاتم بالتشيع وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج 2 ص 587- 588 ووصفه بالحافظ الثبت ابن الحافظ الثبت وتكلم عنه ثم قال: "وما ذكرته لولا ذكر أبي الفضل السليماني له، فبئس ما صنع، فإنه قال ذكر أسامي الشيعة من المحدثين الذين يقدمون عليا على عثمان ... " وذكر، وانظر: لسان الميزان ج3 ص 432- 433.
(2) انظر: تاريخ التشريع ص 197.
(3) انظر: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد ص 45.
(1/34)
الخصومات أبناءهم حتى جاءهم عدوهم فاستباح بيضتهم بعد أن وجد الحالقة حلت بهم. ولقد لعب أبو زرعة دوراً بارزاً متميزاً عن غيره في هذه المناظرات ومجالس الجدل وكان نشيطاً في نشر السنة وحث الناس على الالتزام بها، ومما زاده حماساً لذلك صلته السابقة بأهل الرأي أيام كان حدثاً صغيراً يطلب العلم، فيصف حاله بقوله: "كان أهل الري قد افتتنوا بأبي حنيفة وكنا أحداثاً نجري معهم، ولقد سألت أبا نعيم عن هذا وأنا أرى أني في عمل، ولقد كان الحميدي يقرأ كتاب الرد ويذكر أبا حنيفة وأنا أهم بالوثوب عليه حتى منَّ الله علينا ... " (1) .
ويبدو أن السبب في تحوله عن مذهب أهل الرأي اتصاله بالأئمة المحدثين، واقتناعه برجحان مذهبهم، وخاصة اتصاله وصلته بالإمام أحمد ابن حنبل، إضافة إلى ذلك نفرته من بعض الآراء والأقوال في المعتقد التي كان أهل الرأي يوافقون بعض الفرق الكلامية فيها كالقول في مسألة خلق القرآن والتي أصبحت الحدَّ الفاصل بين الناس لاسيما إبان محنة الإمام أحمد (2) ، وكذلك اتهام الإمام أبي حنيفة وأتباعه باعتناق مذهب الجهمية وكذا القول بالإرجاء، قال ابن عبد البر: (كثير من أهل الحجاز استجازوا الطعن على أبي حنيفة لرده كثيراً من أخبار العدول، لأنه كان يذهب في ذلك إلى عرضها على ما أجمع عليه من الأحاديث ومعاني القرآن، فما شذ عن ذلك رده وسماه شاذاً، وكان مع ذلك يقول: الطاعات من الصلاة وغيرها لا تسمى إيماناً، وكل من قال من أهل السنة: الإيمان قول وعمل ينكرون قوله ويبدّعونه بذلك، وكان مع ذلك محسوداً لفهمه وفطنته" (3) ، لذا أصبح إمامنا يحمل راية أهل الحديث وكان يصدر الأوامر بمقاطعة الذين يلتحقون بجماعة أهل الرأي، والامتناع عن كتابة الحديث عنهم، فمثلاً يحيى بن محمد بن يحيى أبو بشر البصري نزيل الريّ قال عنه أبو حاتم: "قدم الري وكان صحيح الحديث، ولحق بابن مقاتل فنهى أبو
__________
(1) انظر: أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي ورقة (36- ب- 37- م) .
(2) سأذكرها في فصل الدفاع عن بعض الأئمة ...
(3) انظر: الانتقاء لابن عبد البر ص 149، وجامع بيان العلم ج 2 ص 148- 149.
(1/35)
زرعة أن يكتب عنه" (1) . ولقد كان شديدأ مع محمد بن مقاتل الرازي (2) إمام أهل الرأي في الري، ولقد صرح بذلك بقوله: "قال محمد بن مقاتل لما قدم الري: رأيت أسباب أبي حنيفة قد ضعفت بالعراق فلأنصرنَّه بغاية النصر قال أبو زرعة فسلط عليه منا ما قد علمت" (3) ، وكان أهل الرأي يظنون أن الحجج التي كان يجابه بها محمد بن مقاتل ليست من حفظه واستنباطه بل يلقن بها تلقيناً.
يقول ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول - وقلت له إنهم كانوا يقولون إن رجلاً بصرياً يحمل إليك الكلام الذي ترويه في ابن مقاتل- فقال: يفرغ ابن مقاتل من مجلسه يوم الجمعة إلى قرب المغرب وأرد عليه من الغد بكرة، من وضع لي؟ وددت أني كنت أرى في ذلك الوقت الذي دفع إلى ما روى في مجلسه رجلا" (4) ولقد كان يفتخر الأئمة الحفاظ بموقف أبي زرعة هذا، فكان يقول له أبو جعفر الجمال: ما لهم- يعني أصحاب الرأي- سواك (5) . ولقد كان غاية أبي زرعة من حملته هذه إظهار سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث الناس على الالتزام بها وأنها تغني عن آراء الرجال لشمولها وإحاطتها بما يحتاجه المؤمن فيقول: "ما رغبت قط في سكنى الري وما كاشفت القوم وأنا لا أريد مزاحمتهم في دنيا ولا مال ولا في ضيعة وقلت في نفسي أنا لست براغب في شيء من هذا فأقاسي إظهار السنن فإن كان كون خرجت وهربت إلى طرسوس" (6)
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج 4/ ق 2/ 185.
(2) محمد بن مقاتل الرازي لا المروزي حدث عن وكيع وطبقته، وعنه محمد بن جرير الطبري وغيره. روى الخليلي في الإرشاد من طريق بهثة بن سليم قال: "سمعت البخاري يقول: حدثنا محمد بن مقاتل. فقيل له الرازي؟ فقال: لأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أن أروي عن محمد بن مقاتل" وأظن ذلك من قبل الرأي، وقال عنه أبو الحسن بن بابويه في (تاريخ الري) فقال: "كان إمام أصحاب الرأي بالريّ ومات بها وكان مقدماً في الفقه". مات سنة 248 هـ. انظر لسان الميزان ج 5 ص 388.
(3) انظر: أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي ورقة (37- أ-) والمخاطب بالكلام البرذعي.
(4) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 347- 348.
(5) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 347.
(6) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 347. واختار طرسوس دون غيرها لأنها ثغر من ثغور المسلمين أمام الروم وكان أهل الحديث وخاصة المجاهدين منهم يتواجدون فيها.
(1/36)
وظل ملتزماً بمنهجه هذا ثابتا عليه مما جعل أهل الرأي يستعينون بأمير البلد ليمنعه من التحديث ونشر السنة.
يقول أبو زرعة: "قال لي السري بن معاذ: لو أني قبلت لأعطيت مائة ألف درهم قبل الليل فيك وفي ابن مسلم- أي محمد بن مسلم بن وارة- من غير أن أحبسكم ولا أضربكم أكثر من أن أمنعكم من التحديث" (1) ولقد كانوا يعمدون إلى بعض ألوان الاستفزاز له، وذلك أن منهم من كان يجلس في مجلسه، ويلقي عليه أحاديث موضوعة باطلة على سبيل الامتحان وإظهار إعجازه عن الجواب عنها، فقد روي عن الحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري المتوفى سنة 308 هـ أنه قال: حضرت أبا زرعة، وخراساني يلقي عليه الموضوعات وهو يقول: باطل، والرجل يضحك، ويقول: كل ما لا يحفظه يقول باطل، فقلت: يا هذا ما مذهبك؟ قال: حنفي، قلت: ما أسند أبو حنيفة عن حماد؟ فوقف، فقلت: يا أبا زرعة ما تحفظ لأبي حنيفة عن حماد فسرد أحاديث، فقلت للعلج: ألا تستحي؟ تقصد إمام المسلمين بالموضوعات وأنت لاتحفظ حديثاً لإمامك؟ فأعجب ذلك أبا زرعة وقبلني (2) .
وهكذا لقي في سبيل نشر السنة ما لقي وثبت عليها وثبت من معه، ولا يفوتني أن أذكر موقفه مع المعتدلين منهم فهؤلاء كان يعاملهم معاملة تختلف عن المتزمتين المتعصبين، فقد أثنى على المعلى بن منصور الرازي (3) على الرغم من معرفته لرأي شيخه الإمام أحمد فيه. يقول أبو زرعة: "رحم الله أحمد بن حنبل، بلغني أنه كان في قلبه غصص من أحاديث ظهرت عن المعلى بن منصور، كان يحتاج إليها، وكان المعلى أشبه القوم بأهل العلم؛ ذلك أنه كان
__________
(1) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 347.
(2) انظر: تذكرة الحفاظ ج 2 ص 754- 755 في ترجمة الدينوري.
(3) مضت ترجمته في نماذج من علماء الري والسبب الذي من أجله ترك أحمد الرواية عنه هو ما ذكره أبو حاتم حيث قال: "قيل لأحمد كيف لم تكتب عن معلى، قال: كان يكتب الشروط، ومن كتبها لم يخل من أن يكذب". انظر: الجرح والتعديل ج 4/ ق1/334 وتهذيب التهذيب ج 10 ص 239 وتاريخ بغداد ج13 ص 189. والشروط: كتابة الوثائق بالديون والمبيعات وغير ذلك. انظر: اللباب ج 2 ص 193.
(1/37)
طلابة للعلم ورحل وعنى به فصبر أحمد عن تلك الأحاديث، ولم يسمع منه حرفاً، وأما علي بن المديني، وأبو خيثمة، وعامة أصحابنا سمعوا منه ... " ثم قال بعد كلام: "المعلى صدوق" (1) وكذلك فقد كان يحترم آراء الحفاظ الآخرين، فلقد كان محمد بن عمير، أبو بكر الطبري (2) جليسه والمفتي في مجلسه، كان يفتي برأي أبي ثور (3) .
3- مكانة الري بالنسبة للمراكز العلمية الأخرى في بلاد المشرق
عد الرامهرمزي الري من المراكز العلمية التي رحل إليها العلماء طلباً للحديث وغيره من العلوم، وكذلك ذكرها السخاوي ضمن المدن التي اهتم أهلها بالحديث، وتدوينه، وروايته، ولا بد من معرفة الأسباب التي عملت في تكوين هذا المركز المهم الذي ساهم في نشر العلوم الإسلامية، وتنشيط المراكز الأخرى في بلاد المشرق، ويمكننا أن نحصر هذه الأسباب والعوامل بالنقاط التالية:
1- لقيت الري قبل الإسلام عناية كبيرة، وحظيت بقدسية ومهابة في نفوس المجوس من أبناء فارس باعتبارها المكان المقدس الثاني عشر عندهم ولأن زرادشت كان من أهلها.
__________
(1) انظر: أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي ورقة (32- ب) وميزان الاعتدال ج 4 ص 151، وتهذيب التهذيب ج 10 ص 239.
(2) محمد بن عمير أبو بكر الطبري قال ابن أبي حاتم في ترجمته ج 4/ ق 1/ 40 جليس أبي زرعة والمفتي في مجلسه روى عن الحميدي كتاب الرد على النعمان، وكتاب التفسير، وعن أبي جعفر الجمال، وسهل بن زنجلة، سمعت منه وهو صدوق، وكان يفتي بمذهب أبي ثور.
(3) أبو ثور هو (م دق) ابراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي الفقيه البغدادي. روي عن أبي عيينة والشافعي - وصحبه - وغيرهما، قال عنه أحمد: "أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة، وهو عندي في مسلاخ الثوري" وقال لرجل سأله عن مسألة: سل الفقهاء سل أبا ثور، وقال ابن حبان: "كان أحد أئمة الدنيا فقهاً وعلما وورعاً وفضلاً وديانة وخيراً ممن صنف الكتب وفرع على السنن"- توفي سنة 240 هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج 1 ص 118.
(1/38)
2- أصبحت مركزاً مهما في ظل الدولة الإسلامية، وإحدى القواعد الرئيسة للفتوحات الإسلامية، ونشر الدعوة بين شعوب وأمم تلك البلاد، وكذلك لعبت دوراً مهما في إخماد بعض الثورات والفتن التي قامت في أواخر العصر الأموي والعصر العباسي الأول ودهراً من الثاني، بل كانت مسرحاً لبعض المعارك والحروب.
3- كانت المركز التجاري الرئيسي حيث عمل على تنسيق التجارة بين دول المغرب ودول المشرق، إضافة إلى المواد التي كانت تصدرها.
4- مكانها الجغرافي، حيث كانت تقع في طريق قوافل الحجاج القادمة من نيسابور، ومرو، وبلخ، وهراة، وغيرها من البلاد، وهذا يعني نزولهم في خانات الري ودور الضيافة فيها (1) ، وعقد المجالس العلمية وروايتهم للحديث وتدوينهم لما فاتهم من سماعه وذلك حسب مدة إقامتهم فيها.
5- انتعاش الحالة الإقتصادية فيها، وهذا عامل مهم في دعم وتنشيط الحركة العلمية.
6- تشجيع بعض الخلفاء وأمرائهم لمجالس العلم وتقريب العلماء.
7- وجود العوائل العلمية التي كان العلماء المبرزون فيها يورثون أبناءهم علومهم، ومصنفاتهم، ومروياتهم، وهم بدورهم يحافظون عليها ويروونها لطلاب العلم من أبناء الري والقادمين إليهم من الأقاليم الأخرى.
8- اشتهار عدد من علمائها بالحفظ والإحاطة بالسنة النبوية ورواة الآثار والعلوم الأخرى.
9- نشوء بعض الفرق الكلامية فيها، ونشاط أصحابها في نشرها، مما كان يحمل العلماء الأعلام على رد وتفنيد مقالاتهم الباطلة بالحجة والبرهان وتصنيف الكتب ضدهم.
__________
(1) كدار البصريين، دار الطيالسة، دار أبي الأقوال، انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق 1/ 215 ج 4/ ق1/ 14 ج4/ ق2/ 253.
(1/39)
وبعد عرضنا لأهم الأسباب والعوامل التي جعلت من الري مركزاً مهما ظل فترة طويلة يمد التراث الإسلامي بالعلماء والمصنفات نذكر أهم العلماء الذين رحلوا إلى الري وحدثوا بها:
1- (ع) الإمام سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي مولاهم أبو محمد الكوفي الذي قال عنه أبو القاسم الطبري: "ثقة إمام حجة على المسلمين". قتل سنة 95 هـ (1) .
2- (4) الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو القاسم الخراساني، قال عنه ابن معين وأبو زرعة والعجلي والدارقطني: "ثقة". ولقي الضحاك سعيد بن جبير في الري وأخذ عنه التفسير. ت 105 هـ (2) .
3- (ع) عامر بن شراحيل بن عبدٍ الشعبي، الحميري، أبو عمرو الكوفي الذي قال عن نفسه: "أدركت خمسمائة من الصحابة"، قال عنه ابن معين وأبو زرعة وغير واحد: "ثقة"، دخل الري مع قتيبة بن مسلم الباهلي- رحمه الله- توفي الشعبي سنة 103 هـ وقيل غير ذلك (3) .
4- خباب بن نافع الضبي الكوفي الذي يروي عن نافع مولى ابن عمر (ت 117 هـ) قال ابن أبي حاتم في ترجمته: "قدم الري زائراً لجرير بن عبد الحميد (ت 188 هـ) ، روى عنه يحيى بن المغيرة". ولم أقف على تاريخ وفاة خباب (4) .
5- (بخ م 4) الحجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة النخعي أبو أرطأة الكوفي القاضي أحد الفقهاء وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس، شخص إلى الرّيّ بصحبة الخليفة المهدي- رحمه الله- 169هـ- قال خليفة بن خياط: "مات بالري". توفي الحجاج سنة145 هـ (5) .
__________
(1) انظر: تهذيب التهذيب ج 4 ص 11- 14، فتوح البلدان، ق 2 ص 392.
(2) انظر: تهذيب التهذيب ج 4 ص 453- 454، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج 2/ ق1/ 458-459.
(3) انظر: تهذيب التهذيب ج5 ص 65- 66، وفتوح البلدان ق 2/ ص 392.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج1/ ق2/ 395.
(5) انظر: تهذيب التهذيب ج2 ص 196- 198، وفتوح البلدان، ق 2/ ص 393.
(1/40)
6- الإمام محمد بن الحسن الشيباني أبو عبد الله أحد الفقهاء وصاحب الإمام أبي حنيفة- رحمه الله- كان من بحور العلم والفقه قوياً في مالك، وتفقه على أبي حنيفة وسمع الحديث من الثوري والأوزاعي ومسعر وغيرهم.
قال الشافعي: "حملت عن محمد وقر بعير كتباً". قال ثعلب: "توفي الكسائي ومحمد بن الحسن في يوم واحد فقال الناس: "دفن اليوم اللغة والفقه". وذلك سنة 180 هـ برنبوية من أعمال الريّ (1) .
7- (خت م 4) محمد بن اسحاق بن يسار المدني، أبو بكر المطلبي مولاهم. كان الزهري يتلقف المغازي منه وقال عنه شعبة: "أمير المؤمنين لحفظه".
وقال ابن عدي: "له حديث كثير وقد روى عنه أئمة الناس ولو لم يكن له من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شيء إلى الاشتغال بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه ومبدأ الخلق لكانت هذه فضيلة سبق إليها وقد صنفها بعده قوم فلم يبلغوا مبلغه". توفي سنة 152 أو 153 هـ (2) .
8- (ع) أمير المؤمنين في الحديث سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي الحافظ، الفقيه، العابد، الإمام، الحجة، حدث بالري ما لم يحدث بغيرها من الأمصار، وكان يستعين به القاضي الزبير بن عدي حيث كان يستفتى الثوري في قضايا ترد عليه، ويفتيه الثوري فيقضي بها الزبير، توفي سنة 161 هـ (3) .
9- علي بن حمزة بن عبد الله بن قيس الأسدي مولاهم الكوفي الكسائي أحد أئمة القراءة والتجويد في بغداد. وكان نحوياً لغوياً أدب الرشيد وولده
__________
(1) انظر: لسان الميزان ج 5 ص 121- 122، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج2 ص 172- 182، البداية والنهاية لابن كثير ج10 ص 202- 302.
(2) انظر: تهذيب التهذيب ج 9 ص 38- 46، والإرشاد ج 2، وتاريخ بغداد ج 1 ص 4 21- 234.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج 2/ ق1/ 222، وتهذيب التهذيب ج 4 ص 111، 115، والمحدث الفاصل ص 620.
(1/41)
الأمين.
قال الشافعي: "من أراد النحو فهو عيال على الكسائي" توفي سنة 180هـ وكان في صحبة الرشيد ببلاد الري (1) .
10- (ع) الإمام القدوة الزاهد المجاهد عبد الله بن المبارك المروزي، مولى بني حنظلة الثقة، الثبت، الفقيه الذي جمعت فيه خصال الخير. قال ابن أبي حاتم في ترجمة سعد بن عمرو الرازي: "كان ابن المبارك ينزل عليه إذا قدم الري". توفي سنة 181 هـ (2) .
11- أبو الفضل سلمة بن بشير النيسابوري توفي سنة 211 هـ الذي قال عن نفسه: "حدثت بالري أربعين ألف حديث فهل يتهيأ لأحد أن يعتب علي شيئاً؟ " (3) .
12- (خ د ت س فق) الإمام علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح، السعدي مولاهم، أبو الحسن، ابن المديني البصري، الثقة، الثبت، أعلم أهل عصره بالحديث، وعلله حتى قال البخاري: "ما استصغرت نفسي إلا عنده"، وقال النسائي: "كأن الله خلقه للحديث". توفي سنة 234 هـ (4) .
... وغير هؤلاء الأعلام، وحتى في مجال العلوم الأخرى فقد رحل إلى الري مثلاً الفزاري المنجم محمد بن إبراهيم بن حبيب الكوفي (5) .
ومما يدل على أهمية الري والرحلة إليها قول الإمام أحمد بن حنبل: "لو كان عندي خمسون درهماً، كنت قد خرجت إلى الري، إلى جرير بن عبد الحميد، فخرج بعض
__________
(1) انظر: تهذيب التهذيب ج 7 ص 313- 314، وفتوح البلدان ق 2/ ص 392.
(2) انظز: تهذيب التهذيب ج5 ص382- 387 والجرح والتعديل ج2/ ق 1/ 91.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج 2/ ق1/ 157.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 2/ ق1/ 169، وأجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي ورقة (5-ب) .
(5) انظر: المسالك والممالك ص122 والفزاري هو: محمد بن إبراهيم بن محمد بن حبيب بن سمرة الفزاري أول من عمل في الإسلام أسطرلابا كان عالماً بالفلك سماه ياقوت (في معجم البلدان) وكذا له (الزبج علي سني العرب) و (المقياس للزوال) و (العمل بالأسطرلاب المسطح) و (القصيدة في علم النجوم) توفي سنة 188هـ. انظر: أخبار الحكماء للقفطي 177 و 42 وتهذيب التهذيب، 11 ص 151- 153 والأعلام ج 6 ص 181.
(1/42)
أصحابنا ولم يمكني الخروج، لأنه لم يكن عندي" (1) ومن مجالس العلم المهمة، المجالس التي كان يعقدها وزير المهدي معاوية بن عبيد الله الأشعري (2) وكان يحدث في مجلسه محمد بن إسحاق صاحب السيرة النبوية" (3) .
__________
(1) انظر: آداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم ص 81.
(2) هو: معاوية بن عببد الله بن يسار، الأشعري بالولاء، أبو عبيد الله، من كبار الوزراء اشتغل بالحديث والأدب، واتصل بالمهدى يعظمه ولا يخالفه في شيء يشير به عليه وكان أوحد الناس في عصره حذقاً وخبرة وكتابة، دفن في مقبرة قريش ببغداد سنة 170 هـ. انظر تاريخ بغداد ج 13 ص 197.
(3) انظر: الإرشاد ج2 في ترجمة محمد بن إسحاق.
(1/43)
================
ج3.
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
الضعفاء لأبي زرعة الرازي في أجوبته على أسئلة البرذعي
الفصل الثاني: اسمه ونسبه، وكنيته، ومولده، وعائلته.
1- اسمه ونسبه
هو عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد (1) بن فروخ بن داود (2) مولى عياش بن مطرف بن عبيد الله بن عياش بن أبي ربيعة القرشي، المخزومي (3) ،
__________
(1) انفرد الداوودي صاحب طبقات المفسرين عن جميع الذين ترجموا له ونسبوه، فذكر اسم (بندار) بدل (يزيد) .
(2) زاد ابن أبي حاتم بعد فروخ (داود) وتابعه أبو نعيم الأصبهاني. انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق 1/ 61، وتاريخ أصبهان ج 2 ص 76.
(3) مصادر ترجمته، مرتبة حسب التقدم:
أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال (234- 311 هـ) في كتابه (طبقات أصحاب الإمام أحمد) قطعة من رقمها (3842) دار الكتب الظاهرية. ابن أبي حاتم الرازي (240- 327) تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل (328- 349) وكذلك في كتابه الجرح والتعديل ج 2/ ق2/ 324- 326.
أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني (277- 365) مقدمة (الكامل في ضعفاء الرجال) 212-214.
أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، (ت 405 هـ) : في تاريخ نيسابور مفقود، وفي كتابه الجامع لذكر أئمة الأمصار المزكين لرواة الأخبار) مفقود، أشار إليه الذهبي في سير أعلام النبلاء. وفي كتاب: (معرفة علوم الحديث) ص 75- 76. هبة الله بن الحسن بن القاسم اللالكائي ت 418 هـ. في كتابه (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) مخطوط.
(1/45)
__________
أبو يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد القزويني الخليلي الحافظ ت 446 هـ. في كتابه (الإرشاد في معرفة علماء الحديث) في المنتخب للسلفي ج 6 في علماء الري.
الخطيب البغدادي الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ت 463 هـ. في تاريخ بغداد ج10 ص 326-337.
ابن القيسراني، أبو الفضل محمد بن طاهر ت 57. هـ. في (الجمع بين رجال الصحيحين) ج1 ص 306- 307.
ابن أبي يعلى الفراء، أبو الحسين محمد بن الحسن (451- 526هـ) ، في (طبقات الحنابلة) ج1 ص199- 203.
السمعاني، أبو سعد عبد الكريم بن محمد التميمي (506- 562هـ) في كتابه (الأنساب) ج 6 ص33_ 36.
ابن عساكر، أبو الحسن علي بن الحسن بن هبة الله (499-571 هـ) في كتابه تاريخ مدينة دمشق) مخطوط مصور محفوظ في مكتبة الأوقاف ببغداد، وأيضاً في كتابه (المعجم المشتمل على شيوخ الأئمة النبل) مخطوط مصور في المكتبة المركزية ببغداد ورقة (50-أ-) .
أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ت 597 هـ. في كتابه (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم) ج 5 ص 47، وفي كتابه (مناقب الإمام أحمد) ص 122، وفي كتابه (طبقات الحفاظ) مخطوط نسخة دار الكتب الظاهرية رقم (3837) وفي كتابه (صفة الصفوة) ج 4 ص 69- 71.
عبد الغني بن عبد الواحد الجماعيلي ت 600 هـ. في كتابه (الكمال في أسماء الرجال) مخطوط في دار الكتب المصرية رقم (55) مصطلح الحديث.
أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي ت 742 هـ. في كتابه (تهذيب الكمال) مخطوط في دار الكتب المصرية رقم (25) مصطلح الحديث.
أبو القاسم عبد الكريم بن محمد القزويني، الرافعي ت 623 هـ. في كتابه (التدوين في ذكر أخبار قزوين) مخطوط في دار الكتب المصرية.
ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله ت 626 هـ. في كتابه (معجم البلدان) في مادة الري.
عز الدين، أبو الحسن علي بن محمد (ابن الأثير) ت630 هـ. في كتابه (الكامل في التاريخ) ج7 ص 321.
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الأزدي (ابن خلفون) ت 636 هـ. في كتابه (المعلم بأسماء شيوخ البخاري ومسلم) مخطوط مصور في معهد المخطوطات رقم (498) تاريخ.
الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن قايماز ت748 هـ. ترجم له في كثير من كتبه منها: (تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام) مخطوط مصور محفوظ في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد تحت رقم (5888) ، وفي تذكرة الحفاظ ج 8 ص 557- 558، و (العبر في أخبار من غبر) ج 2 ص 28- 29، و (دول الإسلام) مخطوط و (الإعلام بوفيات الأعلام) و (مختصر تاريخ الإسلام) مخطوط مصور محفوظ في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، وكذلك
(1/46)
__________
في (المعين في طبقات المحدثين) مخطوط مصور محفوظ في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، و (تذهيب التهذيب) مخطوط بدار الكتب المصرية و (سير أعلام النبلاء) مخطوط مصور في معهد المخطوطات رقم (287) تاريخ، وكتاب (العلو للعلي الغفار) ص137- 138.
خليل بن أيبك الصفدي ت 764 هـ، في كتابه (الوافي بالوفيات) مخطوط مصور في معهد المخطوطات الجزء 19.
اليافعي، أبو محمد عبد الله بن أسعد اليماني ت 768 هـ. في كتابه (مرآة الجنان، وعبرة اليقظان) ج 2 ص 176.
أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي ت 774 هـ. في كتابه (البداية والنهاية) ج 11 ص 37، وكذلك أشار في كتابه (التكميل في أسماء الثقات والضعفاء والمجاهيل) أشار إليه في البداية والنهاية. ولم أجد القسم الذي فيه ترجمة أبي زرعة التي أشار إليها في تاريخه، انظر: القسم الآخر مخطوط مصور بدار الكتب المصرية رقم (ب 24227) .
ابن رجب عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي ت 795 هـ. في كتابه (شرح علل الترمذي) 190- 192.
النابلسي، أبو عبد الله محمد بن عبد القادر بن عثمان، ت 798 هـ. في كتابه (طبقات الحنابلة) .
برهان الدين إبراهيم بن محمد بن مفلح المقدسي الصالحي ت 803 هـ. في كتابه (المقصد الأرشد في ذكر أصحاب أحمد) مخطوط بدار الكتب الظاهرية بدمشق تحت رقم (8750) عام، ورقة (77- أ-) .
أبو الوفاء إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي ت 841 هـ. في كتابه (نهاية السول في رواة الستة الأصول) مخطوط مصور في معهد المخطوطات عن نسخة رضا رامبور الهند. ضمن المخطوطات غير المفهرسة.
الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي ت 842 هـ. في كتابه (التبيان لبديعة البيان) مخطوط مصور في مكتبة الحاج صبحي السامرائي ببغداد عن نسخة مكتبة لاله لي في تركيا تحت رقم (5067) .
الحافظ ابن حجر أحمد بن علي العسقلاني ت 852 هـ. في كتابه (تهذيب التهذيب) ج 7 ص 30- 34، و (تقريب التهذيب) ج1 ص 536.
أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن تغري بردى ت 874 هـ. في كتابه (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة) ج 3 ص 38- 39.
الحافظ جلال الدين السيوطي ت 911 هـ. في كتابه (حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة) .
الخزرجي صفي الدين أحمد بن عبد الله توفي بحدود 923 هـ. في كتابه (خلاصة تذهيب الكمال) ج 2 ص 195.
العليمي أبو اليمن مجير الدين عبد الرحمن ت 928 هـ. في كتابه (المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد) 148- 151.
الحافظ شمس الدين محمد بن علي الداوودي ت 945 هـ. في كتابه (طبقات المفسرين) ج 1 ص 369- 371.
أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي ت 089اهـ. في كتابه (شذرات الذهب في أخبار من ذهب) ج 2 ص 148- 149.
الكتاني محمد بن جعفر ت 1345هـ. في كتابه (الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة) ص 64.
المباركفوري محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم ت 1353هـ. في كتابه (تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي) - المقدمة- ص466- 468.
الدكتور/ فؤاد سزكين في كتابه (تاريخ التراث العرب) ص 273- 374.
(1/47)
وروى ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى أبي زرعة أنه (من موالي عياش بن مطرف) فكان ينسب نفسه فيقول: عبيد الله ابن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ مولى عياش بن مطرف (1) ، ونسب الى مدينة الري لأنها مسقط رأسه، وفيها نشأ وطلب العلم، ودرس فيها في مسجده حتى وفاته- رحمه الله.
2- كنيته
أما كنيته (أبو زرعة) بضم الزاي فيشترك فيها معه ما ينيف على الخمسين علماً ممن سبقه، أو عاصره، أو أتى بعده (2) .
وكنيته هذه غطت من اشتهر بها، فإذا ذكرت مجردة من غير نسبة، فالمقصود بها هو، ولقد أطلق عليه هذه الكنية الرازيون الذين زاروا دمشق، والتقوا بأبي زرعة الدمشقي فكنوه بنفس الكنية تيمناً. ذكر ذلك ابن عساكر في تاريخه حيث روى بإسناده إلى أبي زرعة الدمشقي أنه قال: بكنيتى كنى أبا زرعة الرازي،
__________
(1) انظر: تاريخ دمشق المخطوط 7/ 250- ب- النسخة المصورة المحفوظة في مكتبة الأوقات ببغداد. ولقد نقل الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن أبي حاتم أنه قال: فروخ جد أبي زرعة هو مولى عياش بن مطرف القرشي.
(2) تركت الإشارة إلى المصادر التي ذكر فيها هؤلاء الأعلام لأنني أفردتهم ببحث خاص.
(1/48)
وذلك أن جماعة من أهل الري قدموا علينا بدمشق قديماً منهم أبو يحيى مزحويه (1) فلما انصرفوا إلى الري فيما أخبرني غير واحد، منهم أبو حاتم رأوا هذا الفتى قد كانوا يعنون أبا زرعة الرازي فقالوا له: نكنيك بكنية أبي زرعة الدمشقي ثم لقيني أبو زرعة الرازي فجالسني بدمشق، وكان يذكر لي هذا الحديث وقال لي: تكنيت بكنيتك (2) .
3 - ولادته
لقد اختلف في تاريخ ميلاده على أقوال هي:
ا- قال خليل بن إيبك الصفدي أنه: ولد سنة تسعين ومائة فيما قيل، ويقال سنة مائتين (3) .
2- روى الخطيب بسنده إلى أبي زرعة أنه قال: "ولدت سنة مائتين.." (4) .
3- ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء أن "مولده بعد نيف ومائتين.." (5) . ثم قال الذهبي: "وقد ذكر ابن أبي حاتم أن أبا زرعة سمع من عبد الله بن صالح العجلي (6) ، والحسن بن عطية بن نجيح (7) ، وهما ممن توفي سنة إحدى عشرة ومائتين فيما بلغني، فإما وقع غلط في وفاتهما، وإما في مولده،
__________
(1) لعل الصواب: زحموية وهو: زكرياء بن يحيى بن صبيح الواسطي المعروف بزحموية. انظر: الجرح والتعديل ج1/ ق 2/ 601.
(2) انظر: تاريخ دمشق المخطوط، وسير أعلام النبلاء للذهبي في ترجمة أبي زرعة الرازي.
(3) انظر: الوافي بالوفيات مخطوط مصور بمعهد المخطوطات ج 19 ترجمة أبي زرعة.
(4) انظر: تاريخ بغداد ج10 ص 328، وطبقات الحنابلة ج1 ص203، وتهذيب الكمال للمزي مخطوط ورقة (442- ب-) .
(5) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي ترجمة أبي زرعة.
(6) (خ) عبد الله بن صالح بن مسلم بن صالح العجلي الكوفي المقرىء، أبو صالح توفي سنة 211 هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج5 ص 262، الجرح والتعديل ج 2/ ق2/ 85- 86.
(7) (ت) الحسن بن عطية بن نجيح، القرشي، أبو علي البزاز، الكوفي توفي سنة 211 هـ. أو نحوها. انظر: تهذيب التهذيب ج 2 ص294، والجرح والتعديل ج1/ ق 2/ 27.
(1/49)
وأما في لقيه لهما.." ثم قال الذهبي في نفس الترجمة: "والظاهر أنه ولد سنة مائتين والله أعلم" (1) .
4- قال الحاكم في كتابه (الجامع لذكر أئمة الأمصار المزكين لرواة الأخبار) : "سمعت عبد الله بن محمد بن موسى سمعت أحمد بن محمد بن سليمان الرازي الحافظ يقول: (ولد أبو زرعة سنة أربع وتسعين ومائة.." (2) .
مناقشة الذهبي:
ذكر الذهبي احتمالات ثلاثة تتعلق بتأريخ ميلاد أبي زرعة هي:
1- احتمال وقوع الغلط في تأريخ وفاة عبد الله بن صالح العجلي، والحسن بن عطية بن نجيح. وهذا احتمال ضعيف، وذلك لأن تاريخ وفاتهما صحيح، فقد نص الحافظ جمال الدين المزي على أن العجلي توفي سنة 211 هـ (3) ، وقد نقل الذهبي نفسه عن أحمد العجلي أنه قال: "مات والدي سنة 211 هـ"، وقد أيد هذا التأريخ ابن حجر (4) ،
وكذلك تاريخ وفاة الحسن بن عطية، فقد نص عليه البخاري (5) ، وأقره المزي، والذهبي، وابن حجر، وغيرهم (6) .
2 -احتمال وقوع الغلط في لقيه لهما وهذا الآخر بعيد لأن من عادة المحدثين الذين صنفوا كتب الرجال إذا روى أحد الرواة عن آخر بواسطة- لعدم لقائه به مثلاً- يذكر ذلك، ولما لم يذكر أو يلمح المزي أو غيره أن أبا زرعة روى عنهما بواسطة، فإن الحجة مع من نص على الرواية المتضمنة للقيّ.
3- احتمال وقوع الغلط في تأريخ ميلاده، وهذا الاحتمال أراه قوياً.
__________
(1) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي في ترجمة أبي زرعة.
(2) انظر: المصدر السابق. وقول الحاكم هذا أورده الذهبي عقب قوله السابق.
(3) انظر: تهذيب التهذيب ج 5 ص 262.
(4) انظر: خلاصة تذهيب الكمال ص 201 ط 2- 1971م. وهو مختصر من كتاب تذهيب التهذيب للذهبي.
(5) انظر: خلاصة تذهيب الكمال ص 79 ط 2 بيروت.
(6) انظر: تهذيب التهذيب ج 2 ص 294، وخلاصة تذهيب الكمال ص 79.
(1/50)
4- نقل الذهبي قول أبي عبد الله الحاكم بعد أن ذكر الاحتمالات، ولم يعترض عليه أو يفند قوله، أو يعقب عليه، وهذا يشير إلى أنه قد تردد، ولم يجزم.
القول الراجح:
ترجح لي القول الرابع الذي ذكره الحاكم النيسابوري، وذلك للأسباب الآتية:
1- أن الحاكم ذكر هذا التاريخ عن شيخه عبد الله بن محمد بن موسى سماعا وشيخه أيضاً سمعه من شيخه أحمد بن محمد بن سليمان الرازي الحافظ التي عاصر أبا زرعة وهذا يجعل مجال التردد ضيقاً لقرب المدة ما بين الحاكم، وأحمد بن محمد الرازي الحافظ، والتصريح بالسماع.
2- ذكر الحاكم في تاريخ نيسابور (1) ، حادثة مهمة تتعلق بتحديد تاريخ ميلاد أبي زرعة، مفادها أن علياً الرضا بن موسى بن جعفر بن محمد الباقر - رضي الله عنهم- حينما قدم إلى نيسابور في السفرة التي نال فيها فضيلة الشهادة عرض له في السوق أبو زرعة الرازي، ومحمد بن أسلم الطوسي (2) ، ومن المعلوم أن علي الرضا توفي سنة 203 هـ في شهر صفر (3) ، وهذا الخبر الذي ذكره الحاكم في تاريخ نيسابور ينسجم مع
__________
(1) انظر: كشف الغمة في معرفة الأئمة لأبي الحسن الأربلي المتوفى سنة 693 هـ. ج 3 ص 101- 102، والفصول المهمة في معرفة الأئمة لعلي بن محمد بن أحمد المالكي ابن الصباغ المتوفى سنة 855 هـ. ص 235- 236، وكذا مخطوطة الكتاب المصورة عن مكتبة الأمير زيونا، المحفوظة في معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية.
(2) هو: محمد بن أسلم بن سالم الطوسي، أبو الحسن، روى عن يزيد بن هارون، وغيره، وروى عنه أحمد بن سلمة النيسابوري، وغيره. قال عنه أبو زرعة وأبو حاتم: ثقة. وقال ابن خزيمة حدثنا رباني هذه الأمة محمد بن أسلم. توفي في محرم سنة 242 هـ. وصلى عليه ألف ألف إنسان. انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق 2/201، وتذكرة الحفاظ ج 2 ص 532- 533.
(3) انظر: البداية والنهاية لابن كثير 10/ 249- 250 وذكر أنه قد روى الحديث عن أبيه، وغبره، ومروج الذهب للمسعودي ج 2ص 259 ط 1283 هـ. وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 453، وشذرات الذهب ج 2 ص 6.
(1/51)
تاريخ ولادته التي ذكرها في كتابه (الجامع لذكر أئمة الأمصار..)
وعليه يكون محدثنا يوم التقى بعلي الرضا بنيسابور ابن تسع وهذا يحتمل منه لاسيما وأنه قد وصف بالفطنة والحفظ، وطلبه للحديث في سن مبكرة، وكان يستقبله بعض الأئمة (1) بعد أن يعكف على دراسة مجموعة عظيمة من الأحاديث، وحينما يسأل عن سبب اعتكافه يقول: بلغني ورود هذا الغلام، والغلام هو الذي لم يبلغ الحلم، ولم ينبت شاربه. أما التاريخ الذي ذكره الصفدي أي سنة 190 هـ- فهو ضعيف ولكن يجعل النفس تميل إلى ترجيح سنة 194 هـ والله أعلم.
أما التاريخ الذي ذكره الخطيب البغدادي، وغيره فيتعارض مع التاريخ الراجح، وإن صح اتصال سند الرواية عن الخطيب حتى أبي زرعة من غير ضعف استبعد التاريخ الذي ذكره الحاكم في كتابه (الجامع لذكر أئمة الأمصار..) وبهذا أيضاً تنهار الحكاية أو الحادثة التي ذكرها الحاكم نفسه في كتابه تاريخ نيسابور لاستحالة احتمال سماع أبي زرعة من علي الرضا لأن عمر أبي زرعة يكون على التاريخ الذي ذكره الخطيب سنتان.
4- عائلته واهتمامها بالعلم
تعتبر عائلة أبي زرعة الرازي من أهم العوائل المشهورة التي كانت تعنى بالعلوم الإسلامية لا سيما الحديث الشريف، فقد خلف يزيد بن فروخ الرازي جد أبي زرعة ثلاثة من المحدثين هم:
1- إسماعيل بن يزيد (2) ، طلب الحديث فروى عن السندي عن عبدويه، واسحاق بن سليمان، وعبد الصمد العطار، ولعله هو نفسه
__________
(1) مثل إسحاق بن راهويه، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي كما سيأتي في رحلاته في طلب الحديث.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج1/ ق1/ 205.
(1/52)
عبد الصمد بن النعمان البزاز (1) ، وعبد الله بن هاشم الكوفي نزيل الري (2) ، وعثمان بن سعيد بن مرة القرضي المري، أبو عبد الله، كوفي قدم الري ثم رجع إلى الكوفة، وكتب عنه إسماعيل بن يزيد بالري (3) .
ولقد كان يصحب معه الفتيان من عائلته في رحلاته في طلب الحديث. نقل أبن أبي حاتم في ترجمة محمد بن حاتم الجرجرائي عن أبيه أنه قال: "قدمنا جرجرايا، وكان خالي إسماعيل معي وهو مريض، وكان بها محمد بن حاتم فاشتغلت بعلة خالي، ولم أسمع منه وكان صدوقاً" (4) .
2- محمد بن يزيد، أبو جعفر الأحدب، طلب الحديث أيضاً فروى عن حبويه إسحاق بن إسماعيل، والسندي عن عبدويه، وإسحاق ابن سليمان. قال ابن أبي حاتم في ترجمته: "روى عنه أبي (5) ووثقه بالعبادة والحفظ والفقه لرأي القوم" ثم قال: "سئل أبي عنه؟ فقال: صدوق" (6) .
3- عبد الكريم بن يزيد والد أبي زرعة. قال ابن أبي حاتم في ترجمته بعد أن ذكر اسمه ونسبه "روى عنه أبي سألت أبي عنه؟ فقال: شيخ" (7) . ولقد كان مقرباً عند العلماء حريصاًَ على مجالستهم، ومن حرصه على العلم وطلبه للحديث كان يربي ابنه أبا زرعة على نهج المحدثين فيأخذه إلى مجالس العلماء المحدثين كي يعتاد عليها، ويتعرف على روادها وهو لا يزال غلاماًَ صغيراً. فيحدثنا أبو زرعة عن نفسه حينما بدأ يدخل مجالس أهل العلم فيقول: "ذهب بي أبي إلى عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق 1/ 51.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 2/ ق2/ 196.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق1/ 152.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق2/ 238، وانظر مثالاً آخر يدل على رحلته مع خاله في الجرح والتعديل ج ا/ ق2/ 407.
(5) وقع خطأ في هذا الموضع من كتاب الجرح والتعديل فقد ورد فيه: روي عن أبي ... وسياق الكلام يقتضي قوله روى عنه وهو الصواب.
(6) انظر: الجرح والتعديل ج 4/ ق 1/ 130.
(7) انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق 1/ 61.
(1/53)
الدشتكي (1) فلما رأيته نفرت من هيبته فتقدم أبي إليه فسلم عليه، وقعد بجنبه فلم أزل أدنو، وأنظر إليه ولا أجسر من الهيبة أن أدنو منه، فلما رآني أتقدم قال لأبي: من هذا؟ فقال: هذا ابني قال: ادعه، فدعاني فجئت حتى دنوت من أبي فقال لي عبد الرحمن ادن مني، وأنا أدنو شيئاً بعد شيء، فلم يزل يقول ادن، حتى دنوت فأظنه أقعدني على فخذه أو أقعدني بجنبه ... "، ثم قال أبو زرعة: "فتفرس فيّ فقال لأبي: إن ابنك هذا سيكون له شأن ويحفظ القرآن، والعلم"، وذكر أشياء (2) .
ولقد استفاد أبو زرعة من أبيه، ونقل عنه ما يدل على معرفته بالرجال، وتمييز الأحاديث. قال ابن أبي حاتم في ترجمة العلاء بن الحصين، أبو الحصين قاضي الري: "سمعت أبا زرعة يقول: سمعت أبي يقول: كان العلاء بن الحصين قاضياً بالري نزل الأردان، وكان يقضي في حصن الأردان" (3) .
أشار ابن أبي حاتم في ترجمة عمرو بن حكام الأزدي، أبي عثمان إلى أخ لأبي زرعة كان معنياً بالحديث أيضاً فقال: سألت أبا زرعة عن عمرو ابن حكام؟ فقال: قدم الري وكتب عنه أخي أبو بكر ... (4) .
وهكذا نجد أمثلة تدل بوضوح على اهتمام عائلة أبي زرعة في الحديث النبوي الشريف مكنت وهيأت لأبي زرعة المكانة البارزة فيهم لخدمة السنة النبوية.، وكذلك فقد استفاد من عائلة إدريس بن المنذر الحنظلي زوج عمته فقد صحب أبا حاتم ابن عمته، ورحلا إلى أماكن كثيرة في طلب الحديث، وروى عنه وبعض من أقرانه.
__________
(1) هو (ع ز) عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن عثمان الدشتكي، أبو محمد الرازي المقرىء روى عن أبيه، وأبي خيثمة، وجرير بن عبد الحميد، وغيرهم، وعنه محمد ابن مهران الحمال، وعبد بن حميد، وهارون بن حيان القزويني قال عنه أبو حاتم: صدوق كان رجلاً صالحاً، وقال ابن معين: لا بأس به. انظر: تهذيب التهذيب ج 6 ص 207.
(2) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 339 باب ما ذكر من فراسة عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي في أبي زرعة وهو صغير.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق1/ 354، وانظر كذلك مثالاً آخر يدل على معرفته في تعليل إحدى روايات حديث أم معبد في الصفة في علل الحديث ج 2 ص 392.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق1/ 228.
(1/54)
ج4.
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
الضعفاء لأبي زرعة الرازي في أجوبته على أسئلة البرذعي
الفصل الثالث: نشأته ورحلاته في طلب العلم
1- نشأته وتحصيله العلمي
إن نضوج الحركة العلمية في مدينة الري كان لها أثر كبير على أبي زرعة في تحصيله العلمي، وخاصة جو الأسرة التي عاش وترعرع فيها حيث توجيهات أبيه، وأعمامه، ومن ثم الجهد الذي أبداه في رحلاته إلى المراكز العلمية الأخرى والصبر على طلب الحديث، ولقائه بكبار المحدثين، والمشهورين في سعة الرواية والدراية من علماء عصره كل ذلك مكنه من بلوغه مكانة الأئمة الحفاظ، وجعله يشار إليه بالبنان، ويحتج بأقواله في الجرح والتعديل وبيان علل الحديث سنداً ومتناً، وظل من بعده من الأئمة يستشهدون بآرائه الصائبة، ويستنبطون القواعد من فوائده رحمه الله.
ابتدأ أبو زرعة بطلب الحديث في سن مبكرة، وقد مر آنفاً اهتمام أبيه به وحمله إلى مجالس العلماء كالدشتكي، وغيره. وكان صاحب همة، طلابة للعلم حريصاً على مجالسه يقول عن نفسه "كنا نبكر بالأسحار إلى مجلس الحديث نسمع من الشيوخ، فبينما أنا يوماً من الأيام قد بكرت، وكنت حدثاً إذ لقيني في بعض طرق الري من سماه أبي ونسيته أنا شيخ مخضوب بالحناء فيما وقع لي فسلم عليّ فرددت السلام فقال لي: يا أبا زرعة سيكون لك شأن وذكر ... " (1) وكان يتتبع
__________
(1) انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر في ترجمة أبي زرعة، وسَيَرِدُ الخبر كاملا في زهده.
(1/55)
العلماء في مجالسهم، ويأخذ عنهم سواء عن الذين يمرون بالري، أو الذين نزلوا بها، ولقد كان علماء بلده يعرفون فضله وحفظه للحديث منذ نعومة أظفاره، ويفتخرون به أمام من يقدم عليهم من الحفاظ، فقد روى الخطيب بسنده إلى أبي العباس محمد بن إسحاق الثقفي أنه قال "لما انصرف قتيبة بن سعيد (1) إلى الري سألوه أن يحدثهم فامتنع وقال: أحدثكم بعد أن حضر مجالسي أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو خيثمة؟ قالوا له: فإن عندنا غلاماً يسرد كل ما حدثت به مجلساً مجلساً، قم يا أبا زرعة، فقام أبو زرعة فسرد كل ما حدث به قتيبة، فحدثهم قتيبة" (2) .
ومما يدل على تبكيره في طلب العلم وتقييد الحديث قوله عن نفسه "إن في بيتي ما كتبته منذ خمسين سنة ولم أطالعه منذ كتبته.." (3) . ولم أقف على نص يحدد لنا بالضبط السنة التي ابتدأ بها أبو زرعة تلقّيه العلم، وروايته للحديث إلا أن الحاكم النيسابوري ذكر أن أبا زرعة ارتحل من الري وهو ابن ثلاث عشرة سنة (4) .
ومن المعلوم أن طالب العلم قبل أن يبتدىء بالرحلة في طلب الحديث،
__________
(1) (ع) قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله الثقفي مولاهم أبو رجاء البغلاني، روى عن مالك والليث، وجرير بن عبد الحميد، وغيرهم، وعنه الجماعة سوى ابن ماجة، وروى له الترمذي أيضاً وابن ماجة بواسطة أحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، وابن المدينى، والحميدي وغيرهم. قال ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي: ثقة، وزاد النسائي صدوق، وقال أحمد بن سيار المروزي: "كان ثبتاً فيما روى صاحب سنة وجماعة ولد سنة 150 هـ، وتوفي سنة 0 24 هـ. روى له البخاري 308 أحاديث ومسلم 668، انظر: تهذيب التهذيب ج 8 ص 358- 361، والجرح والتعديل ج 3/ ق 2/140
(2) انظر: تاريخ بغداد ج 10 ص 332، وتاريخ دمشق لابن عساكر، في ترجمة أبي زرعة. وشرح علل الترمذي ص 190.
(3) انظر: تاريخ بغداد ج10 ص 332، وطبقات الحنابلة ج 1 ص 201، والمنهج الأحمد ج 1 ص 149، وتهذيب الكمال للمزي مخطوط (442- ب-) ، وتهذيب التهذيب ج 7 ص 33.
(4) انظر: سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي زرعة حيث نقل الذهبي الخبر من كتاب (الجامع لذكر أئمة الأمصار المزكين لرواة الأخبار) للحاكم.
(1/56)
يحفظ ويدون أحاديث شيوخ بلده (1) والقرى المجاورة لها، والقادمين إليها، ويعد من القلائل الذين رحلوا في طلب الحديث في مثل سنه، وبرحلته إلى المدن والمراكز القريبة والبعيدة عن بلده ابتدأ طوراً جديداً في حياته العلمية (2) إذ فيها يلتقي بمن كانت تشد الرحال إليهم لغزارة علمهم، وكثرة حفظهم.
سئل أبو زرعة في أي سنة كتبتم عن أبي نعيم- الفضل بن دكين-؟ قال: "في سنة أربع عشرة ومائتين ومات في سنة ثماني عشرة ومائتين" (3) ، وأخذ التفسير عن الأئمة الكبار المعنيين به والثقات في روايته (4) وكذلك علم القراءات أتقنه من عيسى بن ميناء، المعروف بقالون المقرىء، وحفص الدوري، وخلف البزار، وغيرهم (5) وكان يقول: "أنا أحفظ ستمائة ألف حديث صحيح وأربعة عشر ألف إسناد في التفسير والقراءات، وعشرة آلاف حديث مزورة، قيل له: ما بال المزورة تحفظ؟ قال: إذا مرّ بي منها حديث عرفته" (6) ، وأخذ ولعه وحبه لطلب الحديث يزداد كلما ازداد حفظه له، وكان رحمه الله يكثر من ملازمة الأئمة الأفذاذ ويستزيد منهم كتابة الحديث كأحمد بن حنبل (7) ، وابن أبي شيبة وغيرهم.
روى الخطيب بسنده إلى أبي زرعة أنه قال: "كتبت عن رجلين مائتي ألف حديث، كتبت عن إبراهيم الفراء مائة ألف حديث، وعن ابن أبي شيبة عبد الله
__________
(1) قال أبو زرعة: "كتبت بالري قبل أن أخرج إلى العراق عن نحو ثلاثين شيخاً ... " وذكرهم وانظر: رحلاته في طلب الحديث.
(2) انظر: فصل رحلاته في طلب الحديث.
(3) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 339، وكان الفضل بن دكين الملائي بالكوفة ويقصده كبار المحدثين كأحمد وغيره، وانظر: ترجمته في شيوخ أبي زرعة.
(4) انظر: فصل مؤلفاته عند الكلام عن معرفته بالتفسير.
(5) انظر: فصل معرفته بالقراءات.
(6) انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب ص 192.
(7) انظر: رحلته إلى بغداد.
(1/57)
مائة ألف حديث" (1) ، ولازم إبراهيم بن موسى الفراء ثماني سنين من سنة أربع عشرة في آخرها إلى سنة اثنتين وعشرين (2) ، وكتب عن أبي سلمة التبوذكي عشرة آلاف حديث، وعن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث أيضاً (3) . وكان إلى جانب تلقيه العلم وروايته للحديث وتقييده ينشر السنة النبوية ويعلمها للناس، ويدافع عنها ويرد على المخالفين المعترضين، وكان تقبل عليه جموع الطلبة فيروي لهم ويسمع منهم الحديث ويصوب الصحيح، ويعلل الضعيف، وكان ابن أبي حاتم يقول عنه: "كان أبو زرعة قل يوم ألا يخرج معه إلى المسجد كتابين أو ثلاثة كتب لكل قوم كتابهم الذي سألوه فيه فيقرأ على كل قوم ما يتفق له القراءة من كتاب ثم يقرأ للآخر كتابه الذي قد سأل فيه أوراقاً ثم يقرأ للثالث كمثل ذلك فإذا رجعوا أولئك في يومهم يكون قد أخرج معه كتابهم فيجيء إلى الموضع الذي كان قرأ عليهم إلى ذلك المكان فيقرأ من غير أن يسألهم: إلى أين بلغتم؟ وما أول مجلسكم؟ فكان ذلك دأبه كل يوم لا يستفهم من أحد منهم أول مجلسه وهذا بالغداة وبالعشي كمثل، ولا أعلم أحداً من المحدثين قدر على هذا" (4) .
2- رحلاته قي طلب العلم
يعد القرن الثالث الهجري العصر الذهبي للسنة النبوية حيث تضافرت فيه جهود المحدثين في مختلف مجالاتهم ضمن علومها الواسعة، من حيث تمييز الحديث الصحيح وإفراده بالتصنيف دون كلام الصحابة والتابعين. ووضعوا
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد ج10 ص 327، الأنساب للسمعاني ج 6 ص 35 وتاريخ دمشق، وطبقات الحنابلة ج 1 ص200 وتهذيب الكمال للمزي ورقة 442- 443، وتهذيب التهذيب ج7 ص 32، والمنهج الأحمد ج1 ص 149، وطبقات المفسرين ج1 ص 370.
(2) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 335.
(3) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 335.
(4) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 332 وهذا الخبر يدل على قوة حفظه أيضاً.
(1/58)
قواعد للجرح والتعديل لمعرفة الرجال، وكذا الجمع والتوفيق بين المتعارض الصحيح منه، والاعتناء بشرح غريبه، وغير ذلك، ومن هذه الجهود العظيمة التي يحق للمؤمنين أن يفتخروا بها رحلات العلماء في طلب الحديث حيث نشطت في القرن الثالث أكثر من ذي قبل، فكانوا يخرجون من بلادهم تاركين الأهل والأحبة ابتغاء مرضاة الله وحرصاً على تدوين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن أصحابه قد انتشروا في البلاد وسمع البعض منهم ما لم يسمعه البعض الآخر، وحرصاً على تنسيق وتدوين أقواله وأفعاله، حركاته وسكناته، وغزواته، وشمائله، حله، وترحاله، تحملوا الصعاب وقطعوا الفيافي والقفار، وأخذوا يصيبون على من لا يرحل حتى قال يحيى بن معين: "أربعة لا تؤنس منهم رشداً، منهم رجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث" (1) . وقال ابن أدهم: "إن الله تعالى يرفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث" (2) . ولم تكن رحلتهم لمجرد اللقاء بالشيوخ وتدوين أحاديثهم، بل كانوا يهدفون منها التعرف على الرواة وأحوالهم من حيث التوثيق والتجريح، واهتمامهم بالتصنيف وغير ذلك من أهل مدنهم وقراهم، وكذلك كانوا يحرصون على علو الإسناد ولقاء الحفاظ.
يقول الخطيب البغدادي: "المقصود بالرحلة في الحديث أمران: أحدهما: تحصيل علو الإسناد، وقدم السماع، والثاني: لقاء الحفاظ والمذاكرة لهم والاستفادة عنهم، فإذا كان الأمران موجودين في بلد الطالب، ومعدومين في غيره فلا فائدة في الرحلة فالاقتصار على ما في البلد أولى" (3) ، ولقد كان لأهل الري نصيب محمود في هذا السعي المبارك، فعدها الرامهرمزي من المراكز العلمية التي كان المحدثون يشدون الرحال إليها طلباً لتدوين الحديث عن علمائها (4) ، وكذلك ذكر ضمن الراحلين الذين جمعوا بين الأقطار، أبا زرعة،
__________
(1) انظر: الرحلة في طلب الحديث للخطيب ص 47، وفتح المغيث ج 2 ص 314.
(2) انظر: الرحلة في طلب الحديث ص 47، وفتح المغيث ج 2 ص 315.
(3) انظر: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب ورقة (168 ب، 169 أ) عن موارد الخطيب للدكتور أكرم العمري ص 34.
(4) انظر: المحدث الفاصل ص 229.
(1/59)
وأبا حاتم وعدهما من الذين جمعوا بين العراق، والحجاز، والجزيرة، والشام (1) ، ولقد حسدهم على هذه المكانة بعض أهل العلم مما حمل أبا حاتم على أن يرد عليه، وعلى أمثاله، قال ابن أبي حاتم في ترجمة داود بن خلف الأصبهاني إمام أهل الظاهر: "وأما أبي رحمه الله فحمل إليه كتاب له يسميه كتاب البيوع وقصد أهل الحديث وذمهم وعابهم بكثرة طلبهم للحديث ورحلتهم في ذلك فأخرج أبي كتابا في الرد عليه في نحو خمسين ورقة" (2) ولقد عد الحافظ المزي أبا زرعة من الجوالين المكثرين (3) ، وذكر الداوودي بعض المدن التي رحل إليها أبو زرعة وهي (الحرمان، والعراق، والشام، والجزيرة، وخراسان، ومصر) (4) ، وهذه البلاد كان فيها أهم المراكز العلمية. بعد هذه المقدمة نريد التعرف على رحلات أبي زرعة والمدن والبلاد التي دخلها، وكيف كان بعض الأئمة يستقبله ويتهيأ للقائه مع ذكر بعض أخباره في تلك البلاد.
من المعلوم أن المحدث حينما يبتدئ بطلب الحديث وتدوينه يحرص على تحمله وروايته عن علماء بلده، وعمن كان يمرّ عليهم من العلماء ثم يبتدئ بالخروج والتجوال في القرى المحيطة بهم. وهكذا كان أبو زرعة رحمه الله فقد لازم الشيوخ الكبار في مدينة الري وحرص على تدوين حديثهم، وكذلك حرص على ملازمة من يقدم إلى الري من المدن الأخرى فيستقر أو يمر بها، فيقول أبو زرعة عن نفسه: "وكتبت بالري قبل أن أخرج إلى العراق نحو ثلاثين شيخاً منهم عبد الله بن الجراح (5) وعبد العزيز بن المغيرة (6) ، وعبد الصمد بن
__________
(1) انظر: المحدث الفاصل ص 30.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج1 / ق 2/ 411.
(3) انظر: تهذيب الكمال ورقة (441- ب-) .
(4) انظر: طبقات المفسرين للداوودي ج 1 ص 369.
(5) هو (كن ق) عبد الله بن الجراح بن سعد التيمي أبو محمد القهستاني نزيل الري
ت 232 هـ. انظر: الجرح والتعديل ج2/ ق2/ 28، وتهذيب التهذبب ج 5 ص 169، وتاريخ قزوين ورقة (255- ب-) .
(6) هو (ق) عبد العزيز بن المغيرة بن أمي، المنقري، أبو عبد الرحمن البصري نزيل الري، انظر: تهذيب التهذيب ج 6 ص 359، والجرح والتعديل ج 2/ ق2/ 397.
(1/60)
حسان (1) وجعفر بن عيسى (2) ، وبشر بن يزيد (3) ، وسلمة بن بشير (4) ، وعبيد بن إسحاق" (5) ، وذكر شيوخاً كثيرة (6) ، وبعد اغترافه من منهل النبوة العذب الذي استقاه علماء الري، ومن نزل بها، شد الرحال على سنة الرجال، وكان قصده الكوفة التي كانت تموج بالعلماء والمحدثين، وقد اعتاد طلاب العلم السفر جماعة ومع رفقة مأمونة وذلك لمخاطر الطرق ووعورتها، والمفاوز والقفار، إضافة إلى اللصوص والأشرار.
يقول بعض الباحثين عند كلامه عن سفر العلماء وطلاب العلم: " (يندر سفر رجال بمفردهم إذ أن الطرق العامة كانت غير مأمونة، والطريقة الاعتيادية كانت أن يصاحب الفرد قافلة عند انتقاله من مكان إلى آخر والذي يقوي احتمال قيام الفرد بهذا الأمر هو كون كثير من العلماء إن لم نقل معظمهم كانوا يجمعون بين الدراسة والشغل، فكانوا يسافرون كتجار للاشتغال في تجارتهم ويشغلون أنفسهم بطلب العلم خلال بقائهم التي قد تطول أو تقصر مدته في المدن المختلفة ... " (7) . وهكذا ارتحل أبو زرعة (وهو ابن ثلاث عشرة سنة) (8)
__________
(1) هو عبد الصمد بن حسان، المروزي، أبو يحيى خادم سفيان الثوري، انظر: الجرح والتعديل ج3/ ق1/51.
(2) هو جعفر بن عيسى بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن، البصري قاضي الري، ت 219 هـ. انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 485- 486، وميزان الاعتدال ج 1 ص 413-414.
(3) هو بشر بن يزيد بن الأزهر، النيسابوري انظر: الجرح والتعديل ج1/ق1/ 370.
(4) هو سلمة بن بشير النيسابوري نزيل الري أبو الفضل الذي كان يقول: "حدثت بالري أربعين ألف حديث فهل يتهيأ لأحد أن يعتب على شيء" قال ابن أبي حاتم: "سمع منه أبي سنة إحدى عشرة ومائتين روى عنه أبي وأبو زرعة". انظر: الجرح والتعديل ج2/ق1/ 157.
(5) هو عبيد بن إسحاق العطار، أبو عبد الرحمن، الكوفي، انظر: الجرح والنعدبل ج2/ ق2/401.
(6) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 335.
(7) انظر: طريقة إحصائية لدراسة معاجم التراجم الإسلامية في العصور الوسطى بحث بقلم رجاردو. يلبت. نشر بالإنكليزية في مجلة تاريخ الشرق الاقتصادي والاجتماعي المجلد 13 الجزء2 نيسان 1970، ترجمة السيد شاكر نصيف لطفي العبيدي الأستاذ المساعد في قسم اللغات الأوروبية كلية الآداب/ جامعة بغداد.
(8) ذكر ذلك أبو عبد الله الحاكم في كتابه (الجامع لذكر أئمة الأمصار المزكين لرواة الأخبار) ونقله عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي زرعة
(1/61)
بصحبة مجموعة من أهل الري يطلبون الحديث، ولا شك أنهم قد مروا على بعض المراكز المهمة التي اشتهرت بعلمائها، ومجالس الحديث فيها قبل وصولهم إلى الكوفة، ولقد أقام أبو زرعة في رحلته الأولى هذه في الكوفة مدة عشرة أشهر (1) . والظاهر أنه سمع في إقامته هذه من أبي نعيم الفضل بن دكين فقد سئل في أي سنة كتبتم عن أبي نعيم؟ قال: "في سنة أربع عشرة ومائتين، ومات في سنة ثماني عشرة ومائتين" (2) .
رحلته الثانية:
تعتبر رحلته الثانية من أطول الرحلات مدة، ولعل أهمها فقد ابتدأ بها من سنة 227 هـ إلى أول سنة 232 هـ، فزار مراكز علمية كثيرة، ومدناً، وقرى. ولنستمع إليه حيث يحدثنا عن رحلته هذه فيقول: "خرجت من الري المرة الثانية سنة سبع وعشرين ومائتين، ورجعت سنة اثنتين وثلاثين في أولها، بدأت فحججت ثم خرجت إلى مصر فأقمت بمصر خمسة عشر شهراً، وكنت عزمت في بدو قدومي مصر أني أقل المقام بها، فلما رأيت كئرة العلم بها وكثرة الاستفادة عزمت على المقام ولم أكن عزمت على سماع كتب الشافعي، فلما عزمت على المقام وجهت إلى أعرف رجل بمصر بكتب الشافعي فقبلتها منه بثمانين درهماً أن يكتبها كلها وأعطيته الكاغد (3) وكنت حملت معي ثوبين ديبقيين لأقطعهما لنفسي فلما عزمت على كتابتها أمرت ببيعها فبيعا بستين درهماً واشتريت مائة ورقة كاغد بعشرة دراهم كتبت فيها كتب الشافعي. ثم خرجت إلى الشام فأقمت بها ما أقمت، ثم خرجت إلى الجزيرة (4) وأقمت ما أقمت، ثم رجعت إلى بغداد سنة ثلاثين في آخرها،
__________
(1) انظر: المصدر السابق في ترجمة أبي زرعة.
(2) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص339.
(3) الكاغد: فارسي محض بمعنى القرطاس. انظر: كتاب الألفاظ الفارسية المعرّبَة لادي شير ص 136.
(4) الجزيرة المَعْنِيّ بها: جزيرة أقوز وهي التي بين دجلة والفرات مجاورة الشام تشتمل على ديار مضر وديار بكر سميت الجزيرة لأنها بين دجلة والفرات، بها مدن جليلة، وحصون وقلاع كثيرة، ومن أمهات مدنها حران والرها والرقة ... وغير ذلك. انظر: معجم البلدان ج 2 ص 134.
(1/62)
ورجعت إلى الكوفة وأقمت بها ما أقمت، وقدمت البصرة فكتبت بها عن شيبان (1) وعبد الأعلى"، (2) ، (3) .
رحلته الثالثة:
ويحدثنا أبو زرعة عن رحلته الثالثة فيقول: "أقمت في خرجتي الثالثة بالشام، والعراق، ومصر أربع سنين وستة أشهر فما أعلم أني طبخت فيها قدراً بيد نفسي" (4) . فتبين من هذه النصوص أن أبا زرعة رحمه الله قام برحلات ثلاث الى بلاد العراق، وبلاد الشام ومصر وغيرها من المراكز المهمة تميزت بطول المدة، وتعدد الأماكن هذا عدا الرحلات القصيرة التي قد تستغرق الأسابيع أو الأيام بين مدينة الري ومدن المشرق الأخرى، وسأجتهد في ذكر جميع الأماكن التي رحل إليها ولقي فيها الشيوخ والأئمة مع ذكر بعض أحواله وأخباره في بعض تلك الأماكن لأنه كان حريصاً على السماع في كل بلد من بلاد المسلمين حتى إنه كان يذهب إلى ثغور (5) المسلمين فيسمع من العلماء المرابطين المجاهدين
__________
(1) شيبان هو (م دس) الإمام الثقة، محدث البصرة ومسندها شيبان بن فروخ وهو ابن أبي شيبة الحبطي مولاهم أبو محمد الإبلي كان عنده خمسون ألف حديث. قال عنه أبو زرعة صدوق مات سنة 236 هـ وله ست وتسعون سنة. انظر: تذكرة الحفاظ ج 2 ص 443، الجرح والتعديل ج 2/ ق1/ 357، وتهذيب التهذيب ج 4 ص 374- 375، وميزان الاعتدال ج 2 ص 285.
(2) عبد الأعلى هو (خ م دس) الحافظ الثقة مسند البصرة عبد الأعلى بن حماد بن نصر الباهلى مولاهم البصري أبو يحيى المعروف بالنرسي قال ابن معين وأبو حاتم وابن قانع والدارقطنى ومسلمة بن قاسم والخليلي (ثقة) ت 236 هـ. انظر: تذكرة الحفاظ ج 2 ص 467 وتهذيب التهذيب: ج 6 ص 93- 94.
(3) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 340 هذا وصف إجمالي لرحلته، ولقد ذكر الحاكم أبو عبد الله في كتابه الجامع لذكر أئمة الأمصار، إنه "ارتحل من الري وهو ابن ثلاث عشرة سنة وأقام بالكوفة عشرة أشهر ثم رجع إلى الري ثم خرج في رحلته الثانية، وغاب عن وطنه أربع عشرة سنة ... " فلعله أراد مجموع سنوات رحلاته في طلب الحديث، إضافة إلى هذا لم يذكر الرحلة الثالثة، والصواب ما ذكرنا.
(4) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 340.
(5) الثغر: (بالفتح ثم السكون وراء، كل موضع قريب من أرض العدو يسمى ثغراً كأنه مأخوذ من الثغرة، وهي الفرجة في الحائط وهو في مواضع كثيرة منها: ثغر الشام، وجمعه ثغور) انظر: معجم البلدان ج 2 ص 79.
(1/63)
فقد روى الخليلي بسنده إلى البرذعي أنه قال: "سمعت أبا زرعة الرازي يقول: لم أعرف لنفسي رباطاً خالصاً في ثغرة قصدت قزوين مرابطاً ومن همتي أن أسمع الحديث من الطنافسي (1) ومحمد بن سعيد بن سابق (2) ، ودخلت بيروت مرابطاً ومن همتي أن أسمع عن العباس ابن الوليد (3) ، ودخلت رها (4) مرابطاً ومن نيتي أن أسمع عن أيى فروة الرهاوي (5) فلا أعرف لنفسي رباطاً خلصت نيتي فيه، ثم بكى) (6) وزاد الذهبي قوله: "وأما عسقلان فأردنا محمد بن أبي السري" (7) .
__________
(1) الطنافسي هو (عس ق) علي بن محمد بن إسحاق بن أبي شداد أبو الحسن الطنافسي المتوفى في سنة 233 هـ. الحافظ الثبت محدث قزوين وعالمها. انظر: تذكرة الخفاظ ج 2 ص 445 وتهذيب التهذيب ج 7 ص 370.
(2) هو (دس) محمد بن سعيد بن سابق، أبو سعيد، الرازي المتوفى سنة 216 هـ. انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق 2/ 265، وتهذيب التهذيب ج 9 ص 188.
(3) هو (دس) عباس بن الوليد بن مزيد العذري البيروتي المتوفى في سنة 270 هـ. انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق 2/ 215، وتهذيب النهذبب ج5 ص 132.
(4) الرهاء: مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام بينهما ستة فراسخ، وتسمى في الوقت الحاضر بـ (أورفا) وتقع ضمن حدود تركيا والنسبة إليها رهاوي انظر. معجم البلدان مادة (رها) .
(5) هو يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي روى عن أبيه محمد بن يزيد ومحمد بن سليمان بن أبي داود الحراني وغيرهما، وحدث عنه أبو عروبة الحراني الحسين محمد بن مودود المتوفى سنة 318 هـ صاحب تاريخ حران والجزيرة. انظر: تهذيب التهذيب ج 11 ص 336، الجرح والتعديل ج 4/ ق 2/8، واللباب ج 2 ص 045 الإسلام بالتوبيخ ضمن علم التاريخ، لررزنثال ص 627.
(6) انظر: الإرشاد في تاريخ علماء الحديث ج 4 في ترجمة الوليد بن مزيد البيروتي.
(7) انظر: سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي زرعة ومحمد هو (د) محمد بن المتوكل ابن عبد الرحمن بن حسان الحافظ، العسقلاني، أبو عبد الله بن أبي السري ت 238 هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج 9 ص 424- 425، وتذكرة الحفاظ ج 2 ص 473.
(1/64)
3- رحلة أبي زرعة إلى بعض الأماكن القريبة
قرية وهبن: قال ابن أبي حاتم في ترجمة مغيرة بن يحيى بن المغيرة السعدي الرازي "من قرية وهبن (1) من رستاق القرج، وأبوه يحيى بن المغيرة صاحب جرير الذي رحل إليه أبي وأبو زرعة رحمهما الله" (2) .
أفرندين (3) : قال ابن أبي حاتم في ترجمة إسحاق بن الحجاج الطاحوني المقرىء: "سمعت أبي يقول: كنت عزمت أنا وأبو زرعة أن نخرج إليه من وهبن بعد فراغنا من يحيى بن المغيرة، وكتب إلينا أن محمد بن مقاتل المروزي (4) قد وافى أفرندين، فخرجنا من هناك إلى أفرندين" (5) .
__________
(1) قال ياقوت في معجم البلدان في مادة (وهبن) : "من رستاق القَرْج بالري" وفسر ياقوت كلمة (رستاق) بأنها "كل موضع فيه مزارع وقرى ولا يقال ذلك للمدن كالبصرة، وبغداد" انظر معجم البلدان ج 1 ص 38.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 4/ ق1/ 232، وكذلك انظر: معجم البلدان في مادة (وهبن) .
(3) قال ياقوت في مادة (أفرندين) : "موضع بين الري ونيسابور" وذكر أبو القاسم ابن خرداذبة أن المسافة بين الري وبين أفرندين هي ثمانية فراسخ، انظر المسالك والممالك ص 23.
(4) هو محمد بن مقاتل الرازي، ونسب في إحدى نسخ الجرح والتعديل بالمروزي. قال عنه أبو الحسن ابن بابويه في تاريخ الري: "كان إمام أصحاب الرأي بالري ومات بها وكان مقدماً في الفقه" ت 248 هـ. انظر: لسان الميزان ج 5 ص 388.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 217.
(1/65)
4- رحلته إلى قزوين (1)
ترجم صاحب تاريخ قزوين (2) لأبي زرعة وذكر بعض الذين روى عنهم أبو زرعة، وكذا أسماء من روى عنهم وبعض أخباره وثناء العلماء عليه، ومن المعلوم أنه قد ترجم في كتابه هذا لكل من دخل قزوين، قال الحافظ الخليلي في (الإرشاد) في ترجمة أبي زرعة: "وسمع منه من أهل قزوين، أبو عبد الله ابن ماجة، وموسى بن هارون بن حيان والحسين بن علي الطنافسي، وأحمد بن إبراهيم بن سمويه العجلي، وإسحاق بن محمد الكيساني، وأبو بكر بن هارون بن الحجاج ... " (3) .
وقال أيضاً في ترجمة أبي الحسن علي بن محمد الطنافسي المتوفى سنة 233 هـ، وأخيه الحسن المتوفى سنة 222 هـ: "إماما قزوين، وارتحل إليهما الكبار، أبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن مسلم بن وارة، ومحمد بن أيوب" (4) . وقال أيضاً في ترجمة محمد بن سعيد بن سابق المتوفى سنة 216هـ "ارتحل إليه أبو زرعة وأبو حاتم ومحمد بن أيوب، وسهل بن زنجلة وابنه" (5) . ولعله قد رحل إلى قزوين قبل سنة 214 هـ، وذلك لتقدم وفاة محمد بن سعيد، وأرجح إنها كانت سنة 213 هـ، لأن الخليلي نقل عن أبي حاتم أنه قال: "دخلت قزوين سنة ثلاث عشرة ومائتين مع خالي محمد بن يزيد ... " (6) ولقد كان أبو زرعة وأبو حاتم يرحلان مع بعض في كثير من الرحلات.
__________
(1) قزوين: قال ياقوت في معجم البلدان ج 4 ص 343 "مدينة مشهورة بينها وبين الري سبعة وعشرون فرسخاً ... ".
(2) انظر: (التدوين في ذكر أخبار قزوين) ، توجد منه نسخ بدار الكتب المصرية منها نسخة برقم (2648 تاريخ) عن نسخة مكتبة البلدية في الإسكندرية.
(3) انظر: الإرشاد في معرفة علماء الحديث ج 6 في علماء الري، وأما تراجم هؤلاء الرواة فانظرها في فصل تلاميذه ومن كتب عنه.
(4) انظر: الإرشاد في معرفة علماء الحديث ج 6 في علماء قزوين.
(5) انظر: المصدر السابق.
(6) انظر: الإرشاد ج 6 في علماء قزوين.
(1/66)
5- رحلته إلى ساوَهْ (1)
قال الخليلي في ترجمة عيسى بن موسى المعروف بغنجار المتوفى سنة 187 هـ "وروى عنه أهل بخارى وروى عنه محمد بن أمية الساوي (2) أحاديث ذوات عدد فقصده أبو زرعة وأبو حاتم لسماع ذلك" (3) .
6- رحلته إلى نيسابور
ذكر أبو عبد الله الحاكم في تاريخ نيسابور أن أبا زرعة الرازي التقى بعلي بن موسى الرضا هو ومحمد بن أسلم الطوسي مع طلبة العلم والحديث وحدثهم بحديث من طريق آبائه رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رب العزة سبحانه وتعالى أي حديث "كلمة لا إله إلا الله حصني. فمن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي" (4) .
__________
(1) سَاوَه: بعد الألف واو مفتوحة بعدها هاء ساكنة: مدينة حسنة بين الريّ وهمذان في وسط، بينها وبين كل واحدة من همذان والري ثلاثون فرسخاً. انظر: معجم البلدان مادة (ساوة) .
(2) هو (بخ ق) محمد بن أمية بن آدم بن مسلم القرشي أبو أحمد الساوي المتوفى سنة 226 هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج 9 ص 67.
(3) انظر: الإرشاد ج 10 في علماء بخارى.
(4) انظر: الفصول المهمة في معرفة الأئمة لابن الصباغ المالكي علي بن محمد المكي المتوفى سنة 855 ص 235- 236، وكشف الغمة في معرفة الأئمة لأبي الحسن علي بن عيسى أربلي المتوفى سنة 693 هـ. اعتمدت على هذين المصدرين في نقل هذا الخبر لأن تاريخ نيسابور من الكتب التى فقدت. ولم يصل إلينا منه إلا مختصراً ترجم عن الفارسية. كما يرى بعض الباحثين. انظر: تاريخ التراث للدكتور فؤاد سزكين ج 1 ص 46.
وهذا الحديث رواه ابن عساكر في تاريخه بسنده من طريق أبي القاسم عبد الله بن أحمد الطائي البصري الذي قال عنه ابن عساكر: "في حديثه ضعف". ثم قال ابن عساكر: "ورويناه عالياً على الصواب بسندنا إلى محمد بن علي ومنه بسنده إلى علي بن أيى طالب وقال لنا أبو سعد إسماعيل في كلام له لما دخل علي بن موسى نيسابور تعلق أحمد بن حرب الزاهد بلجام دابته والنضر بن ياسين فحدثهم بهذا الحديث". انظر: تهذيب تاريخ ابن عساكر ج 2 ص 82. ثم قال في ترجمة إبراهيم بن محمد الصباغ الطرسوسي (ت 387 هـ) : "وروينا من طريقه الحديث المسلسل بالإشراف المتقدم سابقا وهو الحديث القدسي ولفظه يقول الله عز وجل" وذكر الحديث. انظر: تهذيب تاريخ ابن عساكر ج ص 254- 255. ونقل السيوطي في اللالىء المصنوعة ج 1 ص 195- 196 عن نسخة جعفر بن نسطور المكذوبة والتي سمعها الحافظ السلفي ببغداد بعض الأحاديث، فذكر منها حديث لا اله إلا الله حصني. وجعفر بن نسطور قال عنه الذهبي: "الإسناد إليه ظلمات والمتون باطلة وهو دجال أو لا وجود له". انظر: اللالىء المصنوعة ج1 ص 195.
(1/67)
وقيل لإسحاق بن راهويه (1) : "إن هذا الصبي الرازي يعني أبا زرعة وارد عليك فكان يصلي يومئذ ثم يرجع إلى البيت ولا يأذن لأحد فقيل له في ذلك فقال: بلغني أن هذا الفتى وارد، وقد أعددت مائة وخمسين ألف حديث ألقيها عليه. خمسون ألفاً منها معلولات لا تصح" (2) .
7- رحلته إلى بغداد
قال الخطيب البغدادي في ترجمة أبي زرعة: "قدم بغداد غير مرة، وجالس أحمد بن حنبل وذاكره وحدث، فروى عنه من البغداديين إبراهيم ابن إسحاق الحربي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وقاسم بن زكريا المطرز ... " (3) ولما كانت بغداد دار الخلافة والعلم وملتقى علماء بلاد الإسلام نشط طلاب العلم للرحلة إليها والمكث الطويل فيها وأصبحت الرحلة إليها من الواجبات بالنسبة للمحدثين لذا حرص على القدوم إليها معظم العلماء الأعلام من أهل المشرق والمغرب وكان الكثير منهم لا يكتفي بزيارة واحدة إليها
__________
(1) إسحاق هو (خ مد د ت س) بن إبراهبم بن مخلد بن إبراهيم، أبو يعقوب الحنظلي المعروف بابن راهويه المروزي، نزيل نيسابور أحد الأئمة روى عن ابن عيينة، وابن المبارك وعبد الرزاق وغيرهم. قال نعيم بن حماد إذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق فاتهمه في دينه وقال أحمد: "لم يعبر الجسر إلى خراسان مثله"، وقال أبو حاتم: "ذكرت لأبي زرعة إسحاق وحفظه للأسانيد والمتون فقال أبو زرعة: ما رؤى أحفظ من إسحاق" توفي سنة 238 هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج 1 ص 216- 219، وتاريخ بغداد ج 6 ص 345- 355.
(2) انظر: الإرشاد ج 9 في ترجمة إسحاق بن راهويه.
(3) انظر: تاريخ بغداد ج 10 ص 326.
(1/68)
بل يكثر من المكوث فيها، وكان معظم علماء مدن بلاد خراسان ونيسابور وما وراء النهر يمرون بها حين ذهابهم إلى بلاد الشام ومصر والحجاز والعودة منها، فحرص أبو زرعة على ملازمة أئمتها والاغتراف من علمهم، ففي رحلاته الثلاث دخل بغداد، واستفاد من علمائها وأفاد وهذه بعض أخباره في بغداد.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "لما ورد علينا أبو زرعة نزل عندنا، فقال لي أبي: يا بني قد اعتضت بنوافلي مذاكرة هذا الشيخ" (1) ولقد استفاد الإمام أحمد على غزارة علمه من تلميذه أبي زرعة وصحح له بعض الأحاديث التي توقف في تصحيحها، فقد روى الخطيب بسنده إلى محمد بن صالح البغدادي أنه قال: "رأيت أبا زرعة دخل على أحمد بن حنبل وحدثه، ورأيته قد مجمج (2) على حديث كان حدثه عبد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى بين جنبيه. وقد مجمج عليه أحمد فقال له أبو زرعة أي شيء خبر هذا الحديث؟ فقال: أخاف أن يكون غلطاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن سفيان قد حدث عن منصور عن إبراهيم إنه كان إذا سجد جافى بين جنبيه. فقال له أبو زرعة: يا أبا عبد الله الحديث صحيح، فنظر إليه فقال أبو زرعة: حدثنا أبو عبد الله البخاري محمد بن إسماعيل حدثنا رضوان البخاري قال حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن سالم، عن جابر: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد ج 10 ص 327، والمنتظم ج 5 ص 47، وتاريخ دمشق لابن عساكر في ترجمة أبي زرعة، وسير أعلام النبلاء، وطبقات المفسرين ج 1 ص370 وقال أحمد: "ما صليت غير الفرض استأثرت بمذاكرة أبي زرعة على نوافلي" انظر: طبقات الحنابلة ج1 ص 199، والمنهج الأحمد وتهذيب الكمال ورقة (442- أ-) وتهذيب التهذيب ج 7 ص 31، والأنساب ج 6 ص 35.
(2) المجمجة: تغيير الكتاب وإفساده عما كتب وفي بعض الكتب مروا المجاج بفتح الميم أي مروة الكاتب يسوّده سمي به لأن قلمه يمج المداد، ومجمج لي ردني من حال إلى حال. انظر: لسان العرب ج 3 ص 186. ??
(1/69)
سجد جافى بين جنبيه". وحدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام بن يوسف الصنعاني أخبرنا معمر، عن سالم، عن جابر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى بين جنبيه".- فقال أحمد: هات القلم إليَّ فكتب صح، صح، صح، ثلاث مرات" (1) .
ولقد كان يجتمع عليه الحفاظ لامتحانه ومذاكرته قال أحمد بن خالد بن الحروري: "دخل أبو زرعة بغداد متوجهاً إلى الحج فاجتمع إليه الحفاظ يذاكرونه وهو يجيب ويغلبهم في المذاكرة حتى عجزوا عن مذاكرته فقام واحد منهم فقال في أذنه: "يا داماما" وشتمه بأقبح شتيمة فتبسم أبو زرعة وقال له: يا هذا اشتغل بالعلم فإن هذا بعيد مما نحن فيه" (2) .
8- دخوله لمدينة واسط
قال أبو يعلى الموصلي عن أبي زرعة: "كتبنا بانتخابه بواسط ستة آلاف" (3) .
9- إقامته في حديثة النورة
ومن المدن التابعة للعراق والتي دخلها محدثنا، واستفاد من أهل العلم فيها مدينة حديثة (4) فدخلها بعد رجوعه من مصر. قال أبو زرعة وهو يجيب على
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد ج10 ص 326- 327 والحديث في مصنف عبد الرزاق ج2 ص 168 رقم (2922) .
(2) انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر في ترجمته، وتهذيب الكمال ورقة (442- أ) واللفظة الأعجمية (يا داماما) لم اهتد إلى معناها.
(3) انظر: تاريخ بغداد ج10 ص 334، والمنتظم ج 5 ص 47، وتهذيب التهذيب ج 7 ص 32، وطبقات المفسرين ج 1 ص 370 وتاريخ دمشق لابن عساكر في ترجمته، وسير أعلام النبلاء للذهبي، وطبقات المفسرين للداوودي، وتهذيب الكمال ورقة (442- أ) .
(4) حديثة الفرات: وتعرف بحديثة النورة: وهي على فراسخ من الأنبار فوق هيت، وبها قلعة حصينة في وسط الفرات والماء يحيط بها. انظر: معجم البلدان في مادة (حديثة الفرات) ، ومراصد الاطلاع ج 1 ص 387.
(1/70)
البرذعي- حينما سأله عن سويد بن سعيد (1) : "لما قدمت من مصر مررت به فأقمت عنده، فقلت: إن عندي أحاديث لابن وهب، عن ضمام ليست عندك؟ فقال: ذاكرني بها، فأخرجت الكتب، وأقبلت أذاكره فكلما كنت أذاكره كان يقول: حدثنا بها ضمام، وكان يدلس حريز بن عثمان، وحديث نيار بن مُكرم، وحديث عبد الله بن عمرو (زر غبا) ؟ فقلت: أبو محمد لم يسمع هذه الثلاثة الأحاديث من هؤلاء فغضب، فقلت لأبي زرعة:- القائل البرذعي- فأيش حاله؟ قال: أما كتبه فصحاح، وكنت أتتبع أصوله، وأكتب منها، فأما إذا حدث من حفظه فلا" (2) .
10-رحلته إلى البصرة
لقد اهتم أبو زرعة بمدينة البصرة كاهتمامه بمدينة بغداد والكوفة وغيرهما من المراكز العلمية في العراق فتردد إليها أكثر من مرة وروى الكثير عن أئمتها وكانوا يكرمونه ويعرفون مكانته، قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول لنا أبو الوليد الطيالسي (3) : إذا كان عندنا قوم فلا تستأذنوا فليس عليكم حجاب. وربما دخلنا عليه وهو يأكل فيشدد علينا أن كلوا" (4) ، ولقد كتب عنه أبو زرعة
__________
(1) (م ق) سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار الهروي، أبو محمد الحدثاني الأنباري نزيل حديثة النورة روى عن الداروردي، وغيره. وعنه مسلم وابن ماجة، وأبو زرعة، وغيرهم. قال البغوي: "كان من الحفاظ وكان أحمد ينتقي عليه لولديه فيسمعان منه"، وقال أيضاً: "أرجو أن يكون صدوقاً"، وقال البخاري: "كان قد عمي فيلقن ما ليس من حديثه"، وقال ابن معين: "حلال الدم"، توفي سنة 240 هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج 4 ص 272- 275، والجرح والتعديل ج 2/ ق 2/ 240، وتاريخ بغداد ج 9 ص 228- 232.
(2) انظر: أجوبة أبي زرعة ورقة (9- أ، ب-) وتاريخ بغداد ج 9 ص 230 ومعجم البلدان مادة (حديثة) .
(3) أبو الوليد هو: (ع) هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم، أبو الوليد الطيالسي البصري الحافظ الإمام الحجة. قال العجلي: "بصري ثقة ثبت في الحديث وكانت الرحلة إليه بعد أبي داود" وقال عنه أبو زرعة: "أدرك نصف الإسلام وكان إمام زمانه جليلاً عند الناس" ت سنة 227 هـ. انظر: الجرح والتعديل ج 4/ ق2/ 65 وتهذيب التهذيب ج 11 ص 45.
(4) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 345.
(1/71)
الكثير وكان يُمَيّزُ وينتقي وينتخب من أحاديثه، ولا يدون كل حديث يسمعه قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول: قعدت إلى أبي الوليد يوماً فحملت عنه ثمانية عشر حديثاً، وحدثنا مذاكرة من غير أن كتبت منه حرفا وتحفظت عنه كله) (1) ، ولازم الحافظ موسى بن إسماعيل التبوذكي (2) وكتب عنه الكثير أيضاً.
قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول- كتبت عن أبي سلمة التبوذكي عشرة آلاف حديث، أما حديث حماد بن سلمة (3) فعشرة آلاف حديث وكنا نظن أنه يقرأ كما كان يقرأ قديماً فاستكتبنا الكثير، ومات فبقي علينا شيء نحو قوصرة (4) فوهبت لقوم بالبصرة" (5) . ولقد كان يتجنب في رحلاته أهل البدع فلا يقربهم ولا يكتب عنهم.
قال ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية: حدثنا أبي وأبو زرعة قال: "كان يحكى لنا أن هنا رجلاً من قصة هذا، فحدثني أبو زرعة قال: كان بالبصرة رجل وأنا مقيم في سنة ثلاثين ومائتين فحدثني عثمان بن عمرو بن الضحاك عنه أنه قال: إن لم يكن القرآن مخلوقا فمحا الله ما في صدري من
__________
(1) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 332.
(2) موسى هو (ع) ابن إسماعيل المنقري مولاهم أبو سلمة التبوذكي البصري سمع من حماد ابن سلمة تصانيفه، وكتب عنه يحيى بن معين خمساً وثلاثين ألف حديث ت 223 هـ. انظر: تذكرة الحفاظ ج 1 ص 394، وتهذيب التهذيب ج 10 ص 333- 335.
(3) حماد هو (خت م 4) ابن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة قال ابن حبان: (لم يكن من أقران حماد بن سلمة بالبصرة مثله في الفضل والدين والنسك والعلم والكتب والجمع والصلابة في السنة والقمع لأهل البدع..) وقال البيهقي: "هو أحد أئمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه فلذا تركه البخاري، وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ماسمع منه قبل تغيره وماسوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثاً أخرجها في الشواهد ... " ت 67 هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج 3 ص 11- 16.
(4) القوصرة: مخففة الراء أو مثقلها وعاء من قصب يرفع فيه التمر من البوازي انظر: لسان العرب ج 6 ص 4167.
(5) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 335.
(1/72)
القرآن وكان من قراء القرآن فنسى حتى كان يقال له: قل: "بسم الله الرحمن الرحيم" فيقول: معروف معروف ولا يتكلم به، قال أبو زرعة: فجهدوا بي أن أراه فلم أره" (1) ، ولقد كان يعقد مجالس لمناظرة بعض الحفاظ الذين يكذبون في بعض مجالسهم واكتفى بذكر أول مجلس له مع سليمان الشاذكوني (2) ، فقد روى الخطيب بسنده إلى أبي زرعة أنه قال: "دخلت البصرة فصرت إلى سليمان الشاذكوني يوم الجمعة وهو يحدث، وهو أول مجلس جلست إليه فقال: حدثنا يزيد بن زريع، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر عن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يموت له ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم" فقلت للمستملي: ليس هذا من حديث عاصم بن عمر، إنما هذا رواه محمد بن إبراهيم، فقال له فرجع إلى محمد ابن إبراهيم. قال: وذكر في هذا المجلس أيضاً فقال: حدثنا ابن أبي غنية، عن أبيه، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير، عن أبيه أنه قال: "لاحلف في الإسلام"، قال: فقلت هذا وهم، وهم فيه إسحاق بن سليمان، وإنما هو سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن جبير، قال من يقول هذا؟ قلت: حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء حدثنا ابن أبي غنية، عن أبيه، عن سعد ابن إبراهيم، عن أبيه، عن جبير، قال: فغضب ثم قال لي: ما تقول فيمن جعل الأذان مكان الإقامة؟ قلت: يعيد. قال: من قال هذا؟ قلت: الشعبي. قال: من عن الشعبي؟ قلت: حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن جابر، عن الشعبي، قال: ومن غير هذا؟ قلت: إبراهيم. قال من عن إبراهيم؟ قلت: حدثنا أبو نعيم حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن مغيرة عن إبراهيم. قال: أخطأت. قلت: حدثنا أبو نعيم حدثنا جعفر الأحمر عن مغيرة عن إبراهيم. قال: أخطأت، قلت حدثنا أبو نعيم حدثنا أبو كدينة عن مغيرة عن إبراهيم. قال: أصبت. قال أبو زرعة: كتبت هذه الأحاديث الثلائة عن أبي نعيم فما طالعتها منذ كتبتها فاشتبه علي ثم
__________
(1) انظر: العلو للعلي الغفار للذهبي ص 138- 139.
(2) سليمان هو ابن داود المنقري الشاذكوني البصري الحافظ أبو أيوب قال البخاري: "فيه نظر"، وقال صالح بن محمد الحافظ: "ما رأيت أحفظ من الشاذكوني، وكان يكذب في الحديث" ت 234 هـ. انظر: ميزان الاعتدال ج 2 ص 205- 206.
(1/73)
قال: وأي شيء غير هذا؟ قلت: معاذ بن هشام، عن أشعث، عن الحسن، قال: هذا سرقته مني- وصدق- كان ذاكرني به رجل ببغداد فحفظته عنه" (1) .
11- رحلته إلى الحرمين: مكة والمدينة
لا ندري كم مرة حج أبو زرعة الرازي إلا أنه قال حين الكلام عن رحلته الثانية التي ابتدأ بها من سنة 227 هـ، إلى أول سنة 232 هـ: "بدأت فحججت ثم خرجت إلى مصر" (2) ، وحج قبل هذه المرة أو اعتمر في حدود سنة 215 هـ، أو قبلها لأنه قد كتب عن محمد بن عاصم بن حفص المعافري مولاهم، أبو عبد الله المصري حيث قال ابن أبي حاتم في ترجمته "كتب عنه أبي وأبو زرعة بمكة" (3) وثبت في ترجمته أنه توفي سنة 215 هـ (4) ، ومن المعلوم أن مكة- حماها الله- كان العلماء ينتفعون بالرحلة إليها. فإضافة إلى أداء الحج والعمرة كانوا يحرصون على أخذ الحديث عن المجاورين لبيت الله الحرام- وما أكثرهم حينئذ- والاجتماع بالكثير من المحدثين في موسم الحج، ومن هناك يعلمون بوفيات علماء البلاد ومن بقي منهم كي يعدّوا أنفسهم للرحلة إليه. وقد أخذ أبو زرعة الحديث النبوي عن كثير من أولئك الأعلام والحفاظ منهم يعقوب بن إسحاق البصري. قال ابن أبي حاتم في ترجمته "روى عنه أبو زرعة وقال كتبت عنه بمكة وهو شيخ قديم" (5) ، وموسى بن حماد النخعي، أبو الحسن الذي روى
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد ج 0 1 ص 329، وتاريخ دمشق، وتهذيب الكمال للمزي ورقة (442) وسير أعلام النبلاء، وللشاذكوني مجالس أخرى ومناظرات مع محدثنا حيث عجز في بعضها عن مذكراته، فعمد إلى وضع حديث ليفحمه به انظر: المصادر السابقة وتاريخ بغداد ج 9 ص 46- 47.
(2) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 340.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج 4/ ق 1/ 45.
(4) انظر: ترجمته وتاريخ وفاته في تهذيب التهذيب ج 9 ص 240، وخلاصة تهذيب الكمال ص 343. وورد في الجرح والتعديل ج 4/ ق1/ 45 اسم جده (حفص) وفي المصادر المذكورة الأخرى إضافة إلى تقريب التهذيب باسم (جعفر) .
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 4/ ق 2/ 204.
(1/74)
عن شعبة. قال ابن أبي حاتم في ترجمته: "كتب عنه أبو زرعة بمكة وروى عنه" (1) ، ومحمد بن سلام بن عبد الله بن زياد بن عقيل، أبو عبد الله الأيلي. قال ابن أبي حاتم في ترجمته "روى عنه أبو زرعة كتب عنه بمكة" (2) ، وعمرو بن هاشم البيروتي الذي روى عن الأوزاعي (3) . قال أبو زرعة حدثنا عمرو بن هاشم بمكة عن الأوزاعي (4) .
أما مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمه فقد دخلها أبو زرعة ثلاث مرات كما صرح هو بذلك حينما سأله أبو عثمان البرذعي عن لقائه بإسماعيل بن أبي أويس حيث قال: "دخلت المدينة ثلاث مرات وهو حي ولم يقدر لي أن أكتب عنه شيئاً. قلت- القائل البرذعي- وكيف ذلك؟ قال: كان مرة عليلاً ومرة متوارياً وكان مرة غائباً" (5) .
12- رحلته إلى بلاد الشام
تشمل بلاد الشام عدة مدن. ولقد زارها أبو زرعة أكثر من مرة فنص على دخولها في رحلته الثانية، ورحلته الثالثة. ولعله دخلها أثناء سفره لبعض البلاد، ولقد كانت بلاد الشام تتمتع بمكانة علمية وفنية وخاصة مدينة دمشق ذلك لأنها شرفت بدخول العديد من الصحابة الذين التف حولهم الكثير من التابعين. قال السخاوي: "وكثر بها العلم في زمن معاوية، ثم في زمن عبد الملك وأولاده، وما زال بها فقهاء، ومحدثون، ومقرئون، في زمن التابعين وتابعيهم، إلى أيام أبي مسهر، ومروان بن محمد الطاطري، وهشام، ودُحيم، وسليمان بن بنت شرحبيل، ثم أصحابهم، وعصرهم، وهي دار قرآن وحديث وفقه" (6) .
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج 4/ ق 1/ 140.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 3/ ق2/ 278.
(3) انظر: تهذيب التهذيب ج 8 ص 112، وخلاصة التذهيب ص 294، والجرح والتعديل ج 3/ ق1/ 268.
(4) انظر: علل الحديث ج 2 ص 94.
(5) انظر: أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي ورقة (39) .
(6) انظر: الإعلان بالتوييخ ص 661- 662.
(1/75)
وسأذكر طرفا من أخباره- أي أبو زرعة- وأحواله في دمشق، ثم ما جاورها من مدن أخرى من بلاد الشام، وأبتدىء بدمشق لما ذكر من فضلها آنفا. وأبدأ بما ذكره ابن عساكر في تاريخه مقتصراً على أخباره فيها، حيث قال بعد نعته بما يستحق "سمع بدمشق من صفوان بن صالح، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، وعمران بن يزيد بن أبي جميل، والعباس بن الوليد ابن مزيد الخلال، وعبد الحميد بن بكار، وعمرو بن المغيرة بن الوليد بن يزيد البيروتي، وخلاد بن يحيى، وأيى نعيم، والقعنبي، وسعيد بن محمد الجرمي، وعيسى بن ميناء قالون، وسهل بن تمام بن بزيع، ومحمد بن سعيد بن سابق، وقرة بن حبيب القنوي" (1) ، وذكر غيرهم. ولقد التقى بأئمة حفاظ وأخذ عنهم والتقى ببعض القراء مثل عبد الله بن أحمد البهراني المقرىء (2) . وأخذ عن محمد بن عائذ القرشي الدمشقي صاحب المغازي (3) ، ولقد كان بعض الأئمة يعكف على مصنفاته ومصنفات غيره استعداداً لمذاكرته بها، نقل إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني عن سليمان بن عبد الرحمن أبي أيوب الدمشقي أنه قال: "بلغني ورود هذا الغلام الرازي يعني أبا زرعة فدرست للقائه ثلاثمائة ألف حديث" (4) . وحتى كان بعض المتشددين في الرواية ومن فيه الجفاء يعرف حقه وينزله منزلته.
يقول أبو زرعة: "لما أتيت محمد بن عائذ وكان رجلاً جافياً ومعي جماعة فرفع صوته فقال: من أين أنتم؟ قلنا من بلدان مختلفة من خراسان، من الري، من كذا وكذا. قال: أنتم أمثل من أهل العراق، قال ما تريدون؟ ورفع صوته. قلنا: شيئاً من حديث يحيى بن حمزة فلم أزل أرفق به وأداريه حتى حدثني بما معي ثم قال: خذ الكتاب فاذهب به معك. قال أبو زرعة: فدعوت له وشكرته على مافعل. قلت: أنا أجل كتابك عن حمله وأنا أصيب نسخة هذا عند
__________
(1) انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر في ترجمة أبي زرعة. وانظر تراجم هؤلاء في: الفصل المتعلق بشيوخه، وذكر ابن عساكر أيضاً بعض شيوخه الذين لم يسمع منهم في دمشق.
(2) انظر: تهذيب التهذيب ج 5 ص 140، والجرح والتعديل ج 2/ ق 2/ 5.
(3) انظر: تهذيب التهذيب ج 9 ص 241.
(4) انظر: تهذيب التهذيب ج 4 ص 208.
(1/76)
أصحابنا فذهبت فأخذت من بعض أصحاب الحديث فنسخته على الوجه، وسألته كتاب الهيثم بن حميد فأخرج إلي جزءاً عن الهيثم بن حميد وكان عند هشام بن عمار، عن الهيثم بن حميد شيء يسير فأخرج هو جزءاً عن الهيثم فاستغنمته وكتبته على الوجه، وسألته كتاب الفتن عن الوليد بن مسلم فأجابني، وتعجب الدمشقيون مما يفعل بي، ونسخت كتاب الفتن فأتيته مع رفقائي فقال: إنما أجبتك ولم أجب هؤلاء، فلم أزل أرفق به وأداريه حتى حدثنا به وسمعوا معي" (1) . ولقد سجل لنا محمد بن عوف تأريخ دخوله لحمص فقال: "كان أبو زرعة عندنا بحمص سنة ثلاثين ومائتين" (2) . ودخل مدينة حلب وسمع بها من عبيد بن هاشم الحلبي، أبي نعيم القلانسي (3) ، وكان يفتش عن المحدثين في القرى ويرحل إليهم، فيقول عن مخلد بن مالك بن جابر الحراني السلمْسِيني لا بأس به خرجت إلى قريته على فرسخين من حران فكتبت عنه" (4) ، ويقول ابن أبي حاتم في ترجمة أحمد بن شبويه المروزي، أبو الحسن الخزاعي المتوفى بطرسوس سنة 230 هـ: "سمعت أبا زرعة يقول: جاءنا نعيه وأنا بنجران ولم أكتب عنه" (5) .
وأختم أخبار رحلته بالشام بقول أهلها فيه: فقد روى الخطيب بسنده إلى يزيد بن عبد الصمد أنه قال: "قدم علينا أبو زرعة الرازي سنة ثمان وعشرين فما رأينا مثله، وكنا نجلس إليه، فلما أراد الخروج قلت له: يا أبا زرعة اجعلني خليفتك في هذه الحلقة، قال فقال لي: قد جعلتك" (6) ، وقال محمد بن عوف: "قدم علينا أبو زرعة فما ندري مما يتعجب منه؟ مما وهب الله له من الصيانة والمعرفة، مع الفهم الواسع" (7) .
__________
(1) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 343.
(2) انظر: المصدر السابق ص 340.
(3) انظر: الجرح والتعدبل ج 3/ ق 1/5.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 4/ ق 1/ 349.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 55 ونجران هذه (موضع بحوران من نواحي دمشق وهي بيعة عظيمة عامرة حسنة) . انظر:. معجم البلدان في مادة (نجران) .
(6) انظر: تاريخ بغداد ج 10 ص 328.
(7) انظر: تاريخ بغداد ج 10 ص 328.
(1/77)
13- رحلته إلى عسقلان
رحل أبو زرعة إلى عسقلان للسماع من محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن الحافظ العسقلاني (1) ، ولا نستغرب حينما نقرأ عن رحلات الأئمة الحفاظ أن أحدهم كان يقصد مدينة ما لكي يسمع من أحد الحفاظ. فقد كان اشتهار عالم واحد في مدينة ما يكفي لأن تجتذب إليها الأنظار، ويسعى إليها طلاب العلم من كل مكان (2) ، وهكذا كان أبو زرعة يحرص على اللقاء بكل حافظ وإن شطت مدينته. وسمع أيضاً في رحلته هذه من طيب بن زبان أبو زبان الفلسطيني العسقلاني في قريته سناجية (3) .
14- رحلته إلى بيروت
لقد مضى قول أبي زرعة في طلبه للحفاظ في الثغور ومنها بيروت حيث قال: "ودخلت بيروت مرابطاً ومن همتي أن أسمع من العباس ابن الوليد.." (4) ، ويحدثنا أيضاً عن شهادة بعض شيوخها فيه فيقول: "مررت يوماً ببيروت فإذا شيخ مخضوب متكىء على عصا فلما نظر إليّ قال الرجل: ترى هذا ليس في الدنيا أحفظ من هذا. قال أبو زرعة ما يدريه؟ عرف حفاظ الدنيا حتى يشهد لي بهذه الشهادة غير أن الناس إذا سمعوا شيئاً قالوه" (5) . وقوله هذا يدل على تواضعه.
__________
(1) انظر: سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي زرعة.
(2) انظر: موارد الخطبب للدكتور أكرم العمري ص 39.
(3) سناجية بوزن كراهية.. قال ياقوت في معجم البلدان في مادة (سناجية) "قرية بقرب عسقلان.. وقيل: هي من أعمال الرملة وهي قرية أبي قرصافة صاحب رسول الله- صل الله عليه وسلم-، وقد روى بعض المحدثين (سنّاجَيةُ) وذكر فيها لقاء أبي زرعة به". وانظر: الجرح والتعديل: ج 2/ ق 1/ 498.
(4) انظر: الإرشاد ج 4، في ترجمة الوليد بن مزيد البيروتي وكذا في سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي زرعة.
(5) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 334.
(1/78)
15- رحلته إلى مصر
رحل أبو زرعة الى مصر في خرجته الثانية من الري- من سنة 227- أول سنة 232 هـ- بعد أن أدى فريضة الحج وطوف في مدن عديدة. وكذلك دخلها في رحلته الثالثة كما مر في حديثه عن رحلاته. ولقد أثنى على الحركة العلمية في مصر وعلمائها، ولا شك في ذلك فهي كما يقول السخاوي: "بلد عظيم، وقطر متسع، شرقي وغربي، وصعيد أعلى وأدق، افتتحها عمرو في زمن عمر رضي الله عنهما، وسكنها خلق من الصحابة، وكثر العلم بها، زمن التابعين، ثم ازداد في زمن عمرو بن الحارث، يحيى بن أيوب، وحيوة بن شريح، والليث بن سعد، وابن لهيعة، وإلى زمن ابن وهب، والشافعي، وابن القسم، وأصحابهم. وما زال بها علم جم إلى أن ضعف ذلك باستيلاء العبيديين الرافضة عليها سنة 358هـ وبنوا القاهرة) (1) ، وهذه بعض أخبار أبي زرعة فيها حيث كان يستفيد ويفيد، روى الخطيب بسنده إلى أبي حفص عمر بن مقلاص أنه قال: "كان أبو زرعة ها هنا عندنا بمصر سنة تسع وعشرين ومائتين إذا فرغ من سماع ابن بكير وعمرو بن خالد والشيوخ اجتمع إليه أصحاب الحديث فيملي عليهم وهو ابن سبع وعشرين سنة" (2) ، ولقد أقام أبو زرعة بمصر في رحلته هذه خمسة عشر شهراً (3) ، حتى تمكن من سماع جميع كتب الشافعي من الربيع قبل موت البويطي بأربع سنين (4) ، والذي جعله يمكث هذه المدة وفرة العلماء، وغزارة علمهم.
يقول أبو زرعة: "وكنت عزمت في بدو قدومي مصر أني أقل المقام بها، فلما رأيت كثرة العلم بها وكثرة الاستفادة عزمت على المقام ولم أكن عزمت على سماع كتب الشافعي، فلما عزمت على المقام وجهت إلى أعرف رجل بمصر
__________
(1) انظر: الإعلان بالتوبيخ ص 662.
(2) انظر: تاريخ بغداد ج10/ 327، وتاريخ دمشق لابن عساكر.
(3) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 335.
(4) انظر: تهذيب التهذيب ج 3 ص 246، والربيع توفي سنة 256 هـ. وتوفي البويطي سنة 232 هـ. وانظر ترجمتهما: حين الكلام عن مذهب أبي زرعة الفقهي.
(1/79)
بكتب الشافعي فقبلتها منه بثمانين درهما أن يكتبها كلها وأعطيته الكاغد وكنت حملت معي ثوبين ديبقيين لأقطعهما لنفسي، فلما عزمت على كتابتها أمرت ببيعها فبيعا بستين درهماً، واشتريت مائة ورقة كاغذ بعشرة دراهم كتبت فيها كتب الشافعي" (1) .
ولقد درس حديث ابن وهب واعتنى به أثناء إقامته بمصر وأتقنه، وذلك لوجود مظانه يقول محدثاً: "نظرت في نحو من ثمانين ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر، وفي غير مصر ما أعلم أني رأيت له حديثا لا أصل له" (2) ، ولقد حفظ لنا ابن أبي حاتم نصا لطيفاً يدل على اهتمام العلماء والمحدثين بكتب الشافعي، وحرص المصريين على روايتها فيقول: "سمعت أبا زرعة وقلت لا إله أخبرت أنه قرأ عليك الربيع بالليل فقال: ما أعلم أني سمعت منه بالليل إلا مجلساً واحداً رافقني رجل فلما تهيأ خروجي امتنع عن الخروج قلت: مالك؟ قال: قد بقي عليَّ شيء من كتب الشافعي وكان قد سمع كتب الشافعي من حرملة (3) فقلت لرفيقي: ترضى أن يقرأ عليك الربيع؟ قال: نعم. قال أبو زرعة: فلقيت الربيع فأخبرته بالقصة وسألته أن يجيئنا ليلاً فيقرأ على رفيقي مابقي عليه فجاءنا ليلاً فقرأ علينا. قلت: أخبرت أن الربيع قرأها عليك في أربعين يوماً؟ قال: لا يا بني إنما كنت أسمع منه في وقت أتفرغ فيه إليه، وكنت آخذ ميعاده في مسجد الجامع فربما أبطأت عليه، وربما لم أجىء فلا ينصرف فيقول: إذا لم يمكنك المجيء فأكتب على الاسطوانة حتى أمضي" (4) .
وبعد أن قضى هذه الفترة بين السماع من الشيوخ وبين التدوين عزم
__________
(1) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 340.
(2) انظر: المصدر السابق ص 335.
(3) حرملة هو: (م س ق) ابن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي، أبو حفص المصري روى عن ابن وهب فأكثر، وعن الشافعي ولازمه، وعنه أبو زرعة وغيره. قال أحمد بن صالح: "صنف ابن وهب مائة ألف حديث وعشرين ألف حديث عند بعض الناس النصف يعنى نفسه، وعند بعض الناس منها الكل يعنى حرملة، ولقد حمل عليه والسبب في ذلك أن أحمد سمع في كتب حرملة من ابن وهب فأعطاه نصف سماعه، ومنعه النصف فتولد بينهما العداوة من هذا ... " ت 244 هـ. انظر: تهذيب التهذيب ج 2 ص 229- 231.
(4) انظر: مقدمة الجرح والتعديل ص 344- 345.
(1/80)
على الرحيل، فجاء ليودع يحيى بن عبد الله بن بكير، وهو أحد الشيوخ الذين أكثر عنهم- فيقول: "أردت الخروج من مصر، فجئت لأودع يحيى بن عبد الله بن بكير فقلت: تأمر بشيء؟ فقال: أخلف الله علينا بخير" (1) ، وهذا يدل على الحب العميق الذي تركه في قلوب محدثي مصر وعلمائها فهذا الربيع بن سليمان صاحب الشافعي يقول:"لم نلق مثل أبي زرعة وأبي حاتم ممن ورد علينا من العلماء" (2) ، وقال عنه حافظ مصر يونس بن عبد الأعلى: "أبا زرعة أشهر في الدنيا من الدنيا" (3) .
هذا ما وقفت عليه من أخبار رحلته رحمه الله ورحم الله أولئك الذين سبقوه وسنوا الرحلة في طلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) انظر: المصدر السابق ص 342، وتاريخ بغداد ج 10 ص 328- 329 وتاريخ دمشق لابن عساكر.
(2) انظر: الإرشاد ج 6 ترجمة أبي حاتم.
(3) انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر في ترجمة أبي زرعة.
ط=====
ج5.
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
الضعفاء لأبي زرعة الرازي في أجوبته على أسئلة البرذعي
الفصل الرابع: شيوخه
سنتناول في هذا الفصل ذكر أسماء شيوخه، ومن روى عنهم مكاتبة، والرواة الذين ترك الرواية عنهم، مع بيان قول ابن حجر في شيوخه.
1- أسماء شيوخه
تتلمذ الإمام أبو زرعة على عدد كبير من أعلام عصره ومحدثيه وها هي أسماؤ هم:
1- (دفق) أحمد بن إبراهيم بن خالد، أبو علي الموصلي نزيل بغداد ت 236 هـ (1) .
2- (م دث ق) أحمد بن إبراهيم بن كثير بن زيد الذورقي النكري البغدادي ت 246 هـ (2) .
3- (س ق) أحمد بن الأزهر بن منيع، أو الأزهر العبدي النيسابوري
ت 263 هـ (3) .
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 39، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 9.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 39، والإرشاد في معرفة علماء الحديث ج 5 في ترجمته.
(3) انظر: تهذيب التهذيب ج 1 ص 13.
(1/85)
4- أحمد بن أسد بن بنت مالك بن مغول البجلي أبو عاصم روى عن ابن المبارك (1) .
5- (بخ) أحمد بن أيوب بن راشد الضبي الشعري البصري (2) .
6- (ع) أحمد بن أبي بكر واسمه القاسم بن الحارث بن زرارة أبو مصعب الزهري المدني ت 242 هـ (3) .
7- (أ) أحمد بن جميل المروزي، أبو يوسف نزيل بغداد ت 230هـ (4) .
8- (م دس) أحمد بن جناب بن المغيرة المصيص، أبو الوليد الحدثي ت 230 هـ (5) .
9- (م د) أحمد بن جواس الحنفي، أبو عاصم الكوفي ت 238 هـ (6) .
10- أحمد بن حاتم بن مخش البصري (7) .
11- (خ ت) أحمد بن الحسن بن جنيدب، أبو الحسن الترمذي الحافظ ت قبل 250 هـ (8) .
12- (خ م دت ق) أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي، أبو جعفر السرخسي ت 253 هـ (9) .
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 41.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 40، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 17.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 43، وتهذيب التهذيب ج 1/ 20، الديباج المذهب ج 1 ص 140.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 44، وتعجيل المنفعة ص 21.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 45، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 22.
(6) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 45، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 22.
(7) انظر: الجرح والتعديل ج1/ ق1/ 48.
(8) انظر: الجرح والتعديل ج1 / ق1/ 47، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 24.
(9) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 53.
(1/86)
13- (خ ت) أحمد بن أبي الطيب سليمان البغدادي، أبو سليمان المعروف بالمروزي (1) .
14- (خ خدس) أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي، أبو عبد الله البصري، الجحدري ت 229 هـ (2) .
15- (خ دتم) أحمد بن صالح المصري، أبو جعفر الحافظ المعروف بابن الطبري ت 248 هـ (3) .
16- (خ دس) أحمد بن الصباح النهشلي، أبو جعفر بن أبي سريج الرازي ت بعد 240 هـ (4) .
17- (خ) أحمد بن عبد الله بن أيوب الحنفي، أبو الوليد بن أبي رجاء الهروي ت 232 هـ (5) .
18- (خ د) أحمد بن عبيد اللة، ويقال عبد الله مكبراً بن سهيل بن صخر الغداني أبو عبد الله البصري ت 224 هـ (6) .
19- (خ دت البخاري) أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب مسلم الحراني، أبو الحسن القرشي مولاهم ت 233 هـ (7) .
20- أحمد بن عبد الله البغدادي، المعروف بابن الطبري (8) .
21- (دق) أحمد بن عبد الله بن ميمون بن العباس بن الحارث التغلبي أبو
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 52، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 45.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 55، وتهذيب التهذيب ج1 ص 36.
(3) انظر: تهذيب التهذيب ج 1 ص 40، الإرشاد في معرفة علماء الحديث ج 3، في ترجمته.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 56، وتهذيب التهذيب ج1 ص 44، وتاريخ بغداد ج 4 ص 206 وطبقات الشافعية ج 2/ 25.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 57، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 46.
(6) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 58، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 59.
(7) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 57، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 47.
(8) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 59.
(1/87)
الحسن بن أبي الحواري، الدمشقي، الغطفاني الزاهد، كوفي الأصل ت 246 هـ (1) .
22- (ع) أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس التميمي اليربوعي الكوفي ت 227 هـ (2) .
23- (م) أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، أبو عبيد الله المصري يعرف بحشل ت 264 هـ (3) .
24- (خ س ق) أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني الأسدي مولاهم أبو يحيى ت 221 هـ (4) .
25- (م 4) أحمد بن عبدة بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري ت 245 هـ (5) .
26- (م ت س) أحمد بن عثمان بن أبي عثمان عبد النور بن عبد الله النوفلي، أبو عثمان البصري المعروف بأبي الجوزاء ت 246 هـ (6) .
27- (م ل) أحمد بن عمر بن حفص بن جهم بن واقد الكندي، أبو جعفر الجلاب الضرير المقدمي الوكيعي ت 235 هـ (7) .
28- (م دس ق) أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح الأموي مولاهم أبو الطاهر المصري ت 255 هـ (8) .
29- أحمد بن عمران الأخنس أبو عبد الله كتب عنه ببغداد (9) .
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 47، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 49.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 57، وتهذيب التهذيب ج1 ص 50.
(3) انظر: ميزان الاعتدال ج 1 ص 113.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 62، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 57.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 62، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 59.
(6) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 63، وتهذيب التهذيب ج 1/ 61.
(7) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 62، وتهذيب التهذيب ج1/ 63.
(8) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 65/1، وتهذيب التهذيب ج1/ 64، والديباج المذهب ج1 ص 166.
(9) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 65.
(1/88)
30- (خ م س ق) أحمد بن عيسى بن حسان المصري، أبو عبد الله العسكري التستري ت 243 هـ (1) .
31- (ع) أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي نزيل بغداد أبو عبد الله ت 241 هـ (2) .
32- (م دس) أحمد بن المفضل القرشي، الأموي أبو علي الكوفي الحفري ت 215 هـ (3) .
33- أحمد بن مقاتل بن مطلود السوسي (4) .
34- (خ ت س ق) أحمد بن المقدام بن سليمان بن الأشعث بن أسلم العجلي، أبو الأشعث البصري ت 253 هـ (5) .
35- (م) أحمد بن منصور بن راشد الحنظلي، المروزي، لقبه زاج ت 258 هـ (6) .
36- (ع) أحمد بن منيع بن عبد الرحمن البغوي، أبو جعفر الأصم الحافظ نزيل بغداد ت 244 هـ (7) .
37- (ل) أحمد بن هاشم بن أبي العباس الرملي (8) .
38- أحمد بن يعقوب بن محمد، الزهري، أبو إبراهيم (9) .
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 64، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 65، وتاريخ
بغداد ج 4 ص 273، وأسماء الضعفاء لابن الجوزي.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 68.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج1/ ق1/ 77، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 81، وميزان الاعدال ج1/ 157.
(4) انظر: ميزان الاعتدال ج 1 ص 158 وقال عنه ابن عساكر: لم يكن ثقة. كشط شيئاً وغير.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 78، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 81.
(6) انظر: الجرح والتعديل ج1/ ق1/ 78.
(7) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 78، وتهذيب الهذيب ج 1 ص 84.
(8) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 80، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 88.
(9) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 80.
(1/89)
39- (دت) إبراهيم بن بشار الرمادي، أبو إسحاق البصري ت في حدود 230 هـ (1) .
40- إبراهيم بن جابر القزاز أبو إسحاق البصري، الباهلي (2) .
41- (س) إبراهيم بن الحجاج بن زيد السامي الناجي أبو إسحاق البصري ت 231 هـ (3) .
42- (عب) إبراهيم بن الحسن بن نجيح الباهلي المقرىء التبان البصري ت 235 هـ (4) .
43- (خ دس) إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن عبد الله بن الزبير المدني أبو إسحاق ت 230 هـ (5) .
44- (م) إبراهيم بن دينار، البغدادي أبو إسحاق التمار ت 232 هـ (6) .
45- (م دس) إبراهيم بن زياد البغدادي، أبو إسحاق المعروف بسبلان ت 232 هـ أو 228 هـ (7) .
46- (ل فق) إبراهيم بن شماس الغازي، أبو إسحاق السمرقندي يُعدُّ في الخراسانيين ت 221 هـ (8) .
47- (ت ق) إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي، أبو إسحاق ت 244هـ (9) .
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج1/ ق1/ 89.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 92.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 93.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 92، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 115 وتعجيل المنفعة ص 16.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 95، وتهذيب التهذيب ج1/ 117.
(6) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/98، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 119.
(7) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 100، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 120.
(8) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 105، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 127.
(9) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 109، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 132.
(1/90)
48- (البخاري ق) إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي، العبسي، أبو شيبة بن أبي شيبة الكوفي ت 265 هـ (1) .
49- (د) إبراهيم بن العلاء بن الضحاك بن المهاجر بن عبد الرحمن الزبيدي الحمصي بن زبريق ت 235 هـ (2) .
50- إبراهيم بن الفضل بن أبي سويد الذارع البصري (3) .
51- (س ق) إبراهيم بن محمد بن العباس المطلبي المكي ابن عم الإمام الشافعي أبو إسحاق ت 237 أو 238 هـ (4) .
52- (د) إبراهيم بن محمد بن خازم، أبو إسحاق بن أبي معاوية الضرير الكوفي ت 236 هـ (5) .
53- (م س) إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن البرند السامي، أبو إسحاق البصري ت 231 هـ (6) .
54- إبراهيم بن محمد بن مافنة (7) .
55- (د) إبراهيم بن مروان بن محمد بن حسان الطاطري الدمشقي.
56- (خ ت س ق) إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة الأسدي الخزامي أبو إسحاق المدني ت 236 هـ (8) .
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 110، وتهذيب الهذيب ج 1 ص 136.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 121.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 123.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 130.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 130.
(6) انظر: الجرح والتعديل ج1 / ق 1/ 130، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 156، وميزان الاعتدال ج 1 ص 56.
(7) انظر: الجرح والتعديل ج1 / ق 1/ 131 وفي نسخة أخرى كما في الحاشية (ابن ماكينة) ونسبه ابن حجر في (تبصير المنتبه بتحرير المشتبه ج 4 ص 1338 بالماكيني.
(8) انظر: تهذيب التهذيب ج 1 ص 164.
(1/91)
57- (ع) إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زاذان التميمي، أبو إسحاق الرازي الفراء المعروف بالصغير ت 220 هـ (1) .
58- إبراهيم بن نصر، السورياني، النيسابوري (2) .
59- إبراهيم بن الوليد بن سلمة الأزدي، الطبراني (3) .
60- (دت س) إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي، أبو إسحاق السعدي، أبو إسحاق الجوزجاني ت 259 هـ (4) .
61- (خد) الأزرق بن علي بن مسلم الحنفي أبو الجهم (5) .
62- أزرق بن العذور بن دحين بن زبيب بن ثعلبة، بصري (6) .
63- إسحاق بن إبراهيم، أبو يعقوب، القرقساني (7) .
64- إسحاق بن إبراهيم بن موسى، أبو موسى، الهروي (8) .
65- إسحاق بن بشر البزار، الرازي (9) .
66- إسحاق بن بهلول الأنباري أبو يعقوب (10) .
67- (د) إسحاق بن الضيف، ويقال إسحاق بن إبراهيم بن الضيف الباهلي أبو يعقوب العسكري البصري (11) .
__________
(1) انظر: تهذيب التهذيب ج 1 ص 166.
(2) انظر: الجرح والتعديل ج1/ ق1/ 137، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 171، والإرشاد في معرفة علماء الحديث ج 6، في ترجمته.
(3) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 142.
(4) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/148، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 182.
(5) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 339، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 200.
(6) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 339.
(7) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 209.
(8) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق 1/ 210.
(9) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 214.
(10) انظر: الجرح والتعديل ج 1/ ق1/ 214.
(11) انظر: تهذيب التهذيب ج 1 ص 238.
(1/92)
68- (م صد) إسحاق بن عمر بن سليط الهذلي، أبو يعقوب البصري ت 229 هـ (1) .
69- إسحاق بن عمر القرشي المؤدب، مولى قريش، أبو يعقوب (2) .
70- إسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة، القرشي أبو يعقوب الفروي (3) .
71- (خ م ت س ق) إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، أبو يعقوب التميمي المروزي ت 251 هـ (4) .
72- (م ت س ق) إسحاق بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن يزيد الأنصاري الخطمي، أبو موسى ت 244 هـ (5) .
73- (خ ق) إسحاق بن وهب بن زياد العلاف، أبو يعقوب الواسطي ت 255 هـ (6) .
74- (خ مدت) إسماعيل بن أبان الوراق الأزدي أبو إسحاق، ويقال أبو إبراهيم الكوفي ت 216 هـ (7) .
75- (س) إسماعيل بن إبراهيم بن بسام البغدادي، أبو إبراهيم الترجماني ت 236 هـ (8) .