السؤال باسم الله الأعظم

وسمع آخر يقول في تشهده أيضا : ( أبو داود والنسائي وأحمد والبخاري في الأدب المفرد ) ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت [ وحدك لا شريك لك ] [ المنان ] [ يا ] بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم [ إني أسألك ] [ الجنة وأعوذ بك من النار ] . [ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( تدرون بما دعا ؟ ) قالوا الله ورسوله أعلم . قال : ( والذي نفسي بيده ] لقد دعا الله باسمه العظيم ( وفي رواية : الأعظم ) الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى}

الاثنين، 12 فبراير 2024

كتاب {الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة}{ج1وج2ج3.}+مقدمة المؤلف - حرمة رواية الحديث الموضوع - ذكر بعض القصص المشهورة -



الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة

مقدمة المؤلف - حرمة رواية الحديث الموضوع -


 ذكر بعض القصص المشهورة 


صلوات يوم السبت - صلوات يوم الأحد - صلوات يوم الاثنين - صلوات يوم الثلاثاء -

صلوات يوم الأربعاء - صلوات يوم الخميس - صلوات يوم الجمعة - في ذكر أحاديث صلوات أيام السنة ولياليها وما يتعلق بها -

صلاة ليلة السابع والعشرين من رجب - صلاة ليلة النصف من رجب - حديث صلاة الرغائب - ذكر عاشر رجب -

صلاة يوم السابع والعشرين من رجب - صلاة ليلة البراءة - القضاء العمري في رمضان - صلاة ليلة يوم الفطر -

صلاة يوم الفطر - صلاة يوم عرفة - صلاة ليلة النحر - صلاة أول ليلة من رجب - صلاة رجب -

صلاة يوم عاشوراء - أحاديث متعلقة بيوم عاشوراء وأحاديث - صيام يوم عاشوراء - فضل يوم عاشوراء وصيامه -

ذكر صلوات وأدعية مخصوصة - أقوال العلماء على هذه الصلوات - صلاة التسبيح -

كلام ابن تيمية رحمة الله عن صلاة التسبيح - كلام الشوكاني رحمه الله عن صلاة التسبيح - فائدة في كيفية صلاة التسبيح

المقدمة

الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

مُقَدّمَة الْمُؤلف

الْحَمد لله الَّذِي أخرج عباده عَن شفا حُفْرَة النَّار ببعثة خَاتم أنبيائه وَسيد أصفيائه الأخيار وَهدى بِهِ الْفرق الباغية، والطوائف الطاغية من الكُفّار والفُجّار، وَفضل أمته على الْأُمَم الْمَاضِيَة، فيالهم من عزّ وافتخار ووهب لَهُم علما غزيرا وفهما كَبِيرا فاقوا بِهِ على من مضى من الصغار والكبار، وَجعل مِنْهُم أصحابا ونقادا وأبدالا وأوتاداً اشتغلوا بتفسير كتاب رَبهم وتنقيد آثَار نَبِيّهم أناء اللَّيْل وأطراف النَّهَار، ووعد على لِسَان رَسُوله بِأَن يبْعَث فِي أمته على رَأس كل مائَة سنة من يجدد لَهَا دينهَا وينقيه من تخاليط الأشرار وَجعل نظم الشَّرِيعَة الْعلية منتظما محكماً لَا يُبطلهُ جور جَائِر وَلَا كيد سَاحر، وَلَا يُفْسِدهُ كذب كَذَّاب غدار ومكار، أشهد أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن سيدنَا ومولانا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله سيد الْأَبْرَار وعَلى آله وَصَحبه الَّذين هَاجرُوا لنصرته ونصروه فِي هجرته وعَلى من حمل عَنْهُم عُلُوم الشَّرْع من التَّابِعين وَمن تَبِعَهُمْ إِلَى يَوْم الْقَرار صَلَاة دائمة لَا تَنْقَطِع مَا دَار الدوار وَسَار السيار.

وَبعد فَيَقُول الراجي عَفْو ربه الْقوي أَبُو الْحَسَنَات مُحَمَّد الْمَدْعُو بِعَبْد الْحَيّ اللكنوي ابْن مَوْلَانَا الْحَاج الْحَافِظ مُحَمَّد عبد الْحَلِيم أدخلهُ الله دَار النَّعيم: إِنِّي قد كنت فِي سَابق الزَّمَان شرعت فِي تأليف رِسَالَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة نصْرَة للشريعة المطهرة المرفوعة قَاصِدا جمع مَا اتّفق المحدثون على وَضعهَا. وَمَا اخْتلفُوا فِيهِ مَعَ ذكر مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا، وَلم يَتَيَسَّر لي  إِتْمَامهَا لاشتغالي بإكمال التصانيف الْأُخَر الفائقة على أقرانها وأمثالها إِلَى أَن جرت بيني وَبَين بعض أعزتي وأحبابي مكالمة لَطِيفَة ومباحثة شريفة فِي يَوْم عَاشُورَاء من السّنة الْحَاضِرَة، وَهِي السّنة الثَّالِثَة بعد ثَلَاثمِائَة وَألف من الْهِجْرَة، وَهِي أَنه قد سَأَلَني بعض النَّاس عَن صَلَاة يَوْم عَاشُورَاء وكميتها وكيفيتها، وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا من ثَوَابهَا، فأجبت بِأَنَّهُ لم ترد فِي رِوَايَة مُعْتَبرَة صَلَاة مُعينَة كَمَا وكيفاً فِي هَذَا الْيَوْم وَغَيره من أَيَّام السّنة المتبركة، وكل مَا ذَكرُوهُ فِيهِ مَصْنُوع وموضوع لَا يحل الْعَمَل بِهِ مَعَ اعْتِقَاد ثُبُوته وَلَا الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ مَعَ اعْتِقَاد ترَتّب أجره الْمَخْصُوص عَلَيْهِ.

فعارضني بعض الأعزة قَائِلا: قد ذكر صلوَات يَوْم عَاشُورَاء وَلَيْلَته وَغَيرهمَا من أَيَّام السّنة ولياليها جمع المشائخ الصُّوفِيَّة فِي دفاترهم الْعلية وَذكروا فِيهَا أَخْبَارًا مروية، فَكيف لَا يعْمل بهَا وَيحكم بِكَوْنِهَا مُخْتَلفَة.

فَقلت: لَا عِبْرَة بذكرهم فَإِنَّهُم لَيْسُوا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَلا أَسْنَدُوا الْحَدِيثَ إِلَي أَحَدٍ مِنَ الْمُخَرِّجِينَ.

فَقَالَ لي: مَا تَقول تفكر فِيمَا فِيهِ تجول إِذا لم يعْتَبر بِنَقْل هَؤُلَاءِ الأكابر فَمن هُوَ يعْتَبر بنقله وَذكره.

فَقلت: لَا عجب، فَإِن الله تَعَالَى جعل لكل مقَام مقَالا وَخلق لكل فن رجَالًا، فكم من فَقِيه غائص فِي بحار الْعُلُوم القاسية عَاد عَن تنقيد الْأَدِلَّة الْأَصْلِيَّة، وَكم من مُحدث نقاد عَاد عَن تَفْرِيع الْفُرُوع الْفِقْهِيَّة وتأصيلها على الْقَوَاعِد الْأَصْلِيَّة، وَكم من مُفَسّر خائض فِي الْقُرْآن لَا تَمْيِيز لَهُ فِي معرفَة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة والسقيمة، وَلَا امتياز لَهُ بَين الْمَشْهُورَة وَبَين المصنوعة، وَكم من صوفي سابح فِي بحار الْعُلُوم اللدنية عَاجز عَن دَرك مَا يتَعَلَّق بالعلوم الظَّاهِرِيَّة، وَكم من عَالم متبحر جَامع للعلوم الظَّاهِرَة لَا مذاق لَهُ فِي اللطائف الْبَاطِنَة، فَإِذن الْوَاجِب أَن ننزل النَّاس مَنَازِلهمْ ونوفيهم حظهم ونعرف مرتبتهم وقدرهم، فَلَا نعرج الْأَدْنَى إِلَى رُتْبَة الْأَعْلَى، وَلَا ننزل الْأَعْلَى إِلَى مرتبَة الْأَدْنَى وتعرف  مَا يتَعَلَّق بِكُل فن من أهل ذَلِك الْفَنّ لَا من مهرَة غير ذَلِك الْفَنّ، فَإِن صَاحب الْبَيْت أدرى بِمَا فِيهِ، والماهر فِي شَيْء أعلم من غَيره بِمَا يتَعَلَّق بِهِ، وَقد نَص المحدثون على أَن أَحَادِيث أَمْثَال هَذِه الصَّلَوَات مَوْضُوعَة وَإِن ذكرهَا جمع من الصُّوفِيَّة.

فَعَاد قَائِلا: إِن الْعجب كل الْعجب أَن أحدا من المشائخ الْعِظَام كَالْإِمَامِ الْغَزالِيّ مؤلف إحْيَاء الْعُلُوم وَغَيره من التصانيف النافعة، ومولانا عبد الْقَادِر الجيلاني قدس سره مؤلف غنية الطالبين، وفتوح الْغَيْب وَغَيرهَا من التآليف الرافعة، وَأبي طَالب الْمَكِّيّ مؤلف قوت الْقُلُوب وَغَيره من الدفاتر الموصلة إِلَى حسن الْمَطْلُوب وَغَيرهم مِمَّن تقدمهم أَو تأخرهم، وهم من الصُّوفِيَّة الْكِبَار معدودون فِي طَبَقَات الْأَوْلِيَاء حَملَة ألوية الْأَسْرَار يضع حَدِيثا على رَسُول الله مَعَ اشتهار أَن الْكَذِب على رَسُول الله لَا يحل لمُسلم فضلا عَن مثل هَذَا الْمُسلم.

(1/9)

فَقلت: حاشاهم ثمَّ حاشاهم عَن أَن يضعوا حَدِيثا وَمن ينْسب الْوَضع إِلَى أَمْثَال هَؤُلَاءِ الأكابر عد شقيا وخبيثا قَدِيما كَانَ أَو حَدِيثا.

فَقَالَ: فَإِذا لم ينْسب الْوَضع إِلَى هَؤُلَاءِ فَمن هُوَ واضعها؟ .

فَقلت: قوم من جهلة الزهاد أَو قوم من أَرْبَاب الزندقة والإلحاد فَإِن الروَاة الَّذين وَقعت فِي رواياتهم المقلوبات والموضوعات والمختلفات والمكذوبات على مَا بَسطه ابْن الْجَوْزِيّ والسيوطي وَابْن الصّلاح والعراقي وَابْن حجر الْعَسْقَلَانِي وَعلي الْمَكِّيّ الْقَارِي وَغَيرهم من الْمُحدثين الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين منقسمون على أَقسَام:

(1/10)

الْقسم الأول: قوم غلب عَلَيْهِم الزّهْد والتقشف فغفلوا عَن الْحِفْظ والتمييز أَو ضَاعَت كتبهمْ أَو احترقت ثمَّ حدثوا من حفظهم.

الثَّانِي: قوم لم يعاينوا علم النَّقْل فَكثر خطأؤهم وفحش غلطهم.

الثَّالِث: قوم ثِقَات اخْتلطت عُقُولهمْ فِي أَوَاخِر أعمارهم فَوَقع الْخَلْط والخبط فِي رواياتهم.

وَقد ألف الْحَافِظ إِبْرَاهِيم الْحلَبِي الشهير بسبط ابْن العجمي تلميذ الْعِرَاقِيّ رِسَالَة ذكر فِيهَا جمعا من الْمُخْتَلطين أَخذهَا من ميزَان الِاعْتِدَال وَغَيره سَمَّاهَا بالاغتباط بِمن رمى بالاختلاط.

وَله رِسَالَة أُخْرَى مُسَمَّاة بالتبيين لأسماء المدلسين وَأُخْرَى مُسَمَّاة بالكشف الْحَثِيثِ عَمَّنْ رَمَى بِوَضْعِ الْحَدِيثِ وَكلهَا مَعَ اختصارها مفيدة.

الرَّابِع: قوم غلبت عَلَيْهِم الْغَفْلَة حَتَّى تلقنوا بالتلقين وَرووا من حَيْثُ لَا يعلمُونَ.

الْخَامِس: قوم رووا الْكَذِب من غير أَن يعلمُوا أَنه خطأ، فَلَمَّا عرفُوا الصَّوَاب وأيقنوا بِهِ أصروا على الْخَطَأ غيرَة وأنفة أَن ينسبوا إِلَى الْغَلَط.

السَّادِس: قوم رووا عَن كَذَّابين وضعفاء، وهم يعلمُونَ فدلسوا أسمائهم بِالْكَذِبِ من أُولَئِكَ وترويجه من هَؤُلَاءِ.

السَّابِع: قوم تعمدوا وَرووا الْكَذِب عمدا لَا لأَنهم أخطأوا أَو رووا عَن كَذَّابين فَمن هَؤُلَاءِ من يكذب فِي الْإِسْنَاد بِأَن يروي عَمَّن لم يسمع مِنْهُ أَو يَجْعَل إِسْنَاد حَدِيث لآخر، وَمِنْهُم من يسرق الْأَحَادِيث الَّتِي يَرْوِيهَا غَيره وَمِنْهُم من يضع الْأَحَادِيث بِنَفسِهِ.

(1/11)

ثمَّ انقسم هَؤُلَاءِ الوضاعون بِحَسب اخْتِلَاف أغراضهم وظنونهم على أَقسَام.

الأول: قوم من الزَّنَادِقَة قصدُوا إِفْسَاد الشَّرِيعَة وإيقاع الْخَلْط والخبط فِي الْأمة كَمَا نقل عَن عبد الْكَرِيم ابْن أبي العوجاء حَيْثُ أَخذ وَأمر بِضَرْب عُنُقه. قَالَ: وَالله لقد وضعت فِيكُم أَرْبَعَة آلَاف حَدِيثا أحرم فِيهَا الْحَلَال وأحلل الْحَرَام. وَعَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان قَالَ سَمِعت الْمهْدي يَقُول: أقرّ عِنْدِي رجل من الزَّنَادِقَة أَنه وضع أَرْبَعمِائَة حَدِيث تجول فِي أَيدي النَّاس، وَقَالَ حَمَّاد بن زيد: وضعت الزَّنَادِقَة أَرْبَعَة آلَاف حَدِيث، وَهَذِه الْفرْقَة شابهت الْيَهُود وَالنَّصَارَى حَيْثُ حرفوا الْكتب الإلهية، وأسقطوا مِنْهَا مَا شاؤا وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِم فِيهَا مَا شاؤا، وَقَالُوا: هَذَا من عِنْد الله ليشتروا بِهِ ثمنا قَلِيلا من أتباعهم ومقلديهم. وَقد حكى الله سُبْحَانَهُ عَمَلهم هَذَا فِي الْقُرْآن فِي غير مَوضِع مَعَ تقبيح أَعْمَالهم والتشنيع على أفعالهم، وَلما من الله على هَذِه الْأمة بِأَن تكفل لحفظ كَلَامه بِنَفسِهِ حَيْثُ قَالَ: {إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون} . لم يقدر أحد من الْكفَّار والأشرار على تَغْيِير حرف أَو نقطة من كَلَامه فضلا عَن تَحْرِيف زَائِد عَلَيْهِ وَمن آثَار ذَلِك التكفل مَا وهب الله لهَذِهِ الْأمة من قُوَّة الْحِفْظ فحفظ كَلَامه بِتَمَامِهِ فِي كل عصر جمع لَا يُحْصى عَددهمْ حَتَّى النِّسَاء وَالصبيان، فَمنع ذَلِك الْكَافرين والملحدين عَن تَحْرِيف كَلَامه بِزِيَادَة أَو نُقْصَان خوفًا من أَن تكذبهم حفاظ الصّبيان، وَمن ثمَّ ترى الْكفَّار وأعداء الدَّين الإسلامي يستكتبون الْقُرْآن ويكتبونه ويطبعونه وَلَا يُغير أحد مِنْهُم شَيْئا مِنْهُ مَعَ قدرتهم عَلَيْهِ وميل طبعهم إِلَيْهِ بل يهتمون فِي تَصْحِيحه أَزِيد من الاهتمام فِي الْكتب الْأُخَر العلمية خوفًا من أَن تتعقبهم أَطْفَال الْأمة المحمدية. وَلما كَانَ وُقُوع كل مَا ارتكبته الْأُمَم الْمَاضِيَة من الْأَفْعَال الردية بِنَفسِهِ أَو بنظيره فِي هَذِه الْأمة أمرا مُقَدرا كَمَا أخبر بِهِ النَّبِي بقوله ((لتركبن سنَن من كَانَ قبلكُمْ شبْرًا بشبرٍ وذراعاً بذراعٍ)) ]] ]] ]] ] الحَدِيث. تَوَجَّهت ملاحدة هَذِه الْأمة إِلَى أَمريْن

(1/12)

وَتَفَرَّقُوا شيعتين، فَمنهمْ من توجه إِلَى التحريف الْمَعْنَوِيّ فِي الْكَلَام الإلهي حِين عجزوا عَن التحريف اللَّفْظِيّ، ففسروا الْقُرْآن بآرائهم ونسبوا مَا ظنُّوا إِلَى رَبهم غافلين عَن قَوْله: ((من قَالَ فِي الْقُرْآن بِرَأْيهِ فقد كفر)) ]] ]] ]] ] . وَقد حدثت من زَمَاننَا فِي أول الْعشْرَة الْآخِرَة من عشرات الْمِائَة الثَّالِثَة بعد الْألف من الْهِجْرَة فرقة مِنْهُم أفسدت فِي الدَّين الْإِسْلَام مَعَ إِظْهَار أَنَّهَا مؤيدة لدين الْإِسْلَام اشتهرت بالنيجرية أنكر رَأسهَا ورئيسها، وَتَبعهُ من تبعه وجود الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ والأرواح وَالْعرش والكرسي وَغَيرهَا من السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع، وأنكروا الْجنَّة وَالنَّار وجزئيات النشر والحشر وَعَذَاب الْقَبْر وَقَالُوا إِنَّهَا أَوْهَام وخيالات وَألف رئيسهم تَفْسِيرا لِلْقُرْآنِ فاهتم فِي إبْقَاء مبانيه وَأدْخل آراؤه الْفَاسِدَة فِي مَعَانِيه ففسر جَمِيع الْآيَات الْوَارِدَة فِي تِلْكَ الْأُمُور بِمَا تقشعر مِنْهُ جُلُود الَّذين يخشونه رَبهم وتتنفر عَنهُ الصُّدُور، وَقَالُوا إِن الله لَا يعذب مُشْركًا وَلَو مَاتَ على الْكفْر، وَإِن من قَالَ بثالث ثَلَاثَة لَيْسَ بمشرك، وَإِن عِيسَى

(1/13)

ابْن مَرْيَم ابْن يُوسُف النجار لم يخلق بِغَيْر أَب وأباحوا شرب الْخمر وَالزِّنَا وَغير ذَلِك عِنْد الضَّرُورَة الشَّدِيدَة وَكَون النِّيَّة صَالِحَة. وأسقطوا الْعِبَادَات الشاقة بل السهلة أَيْضا وخالطوا النَّصَارَى أكلا وشرباً ومشياً وقياماً وقعوداً ولباساً ومسكناً، وحسنوا أطوارهم فِي حركاتهم ومسكناتهم وأباحوا التَّشَبُّه بهم فِي جَمِيع أطوارهم وَلَهُم غير هَذِه أَقْوَال خبيثة وأفعال ردية قد خالفوا دين الْإِسْلَام أصولاً وفروعاً وَمَعَ ذَلِك ظنُّوا أَن طريقهم هِيَ الَّتِي فطر الله الْخلق عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله وَأَنَّهَا هِيَ الْإِسْلَام حَقًا وَإِن الْمُسلمين كلهم أَوَّلهمْ وَآخرهمْ من عصر الصَّحَابَة إِلَى عصرهم قد أخطأوا فِي فهم مَعَاني الْقُرْآن وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة، وَلم يصلوا إِلَى فهم أسرار الشَّرِيعَة النقية ولعمري إِفْسَاد هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَة وإفساد إخْوَانهمْ الأصاغر الْمَشْهُورين بِغَيْر المقلدين الَّذين سموا أنفسهم بِأَهْل الحَدِيث وشتان مَا بَينهم وَبَين أهل الحَدِيث قد شاع فِي جَمِيع بِلَاد الْهِنْد وَبَعض بِلَاد غير الْهِنْد فخربت بِهِ الْبِلَاد وَوَقع النزاع والعناد فَإلَى الله المشتكى وَإِلَيْهِ المتضرع والملتجأ. ((بَدَأَ الدَّين غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا فطوبى للغرباء)) ]] ]] ]] ] . وَلَقَد كَانَ حُدُوث مثل هَؤُلَاءِ المفسدين والملحدين فِي الْأَزْمِنَة السَّابِقَة فِي أزمنة السلطنة الإسلامية غير مرّة فقابلتهم أساطين الْملَّة وسلاطين الْأمة بالصوارم المنكية وأجروا عَلَيْهِم الجوازم المفنية فاندفعت فتنتهم بهلاكهم وَلما لم تبْق فِي بِلَاد الْهِنْد فِي أعصارنا سلطنة إسلامية ذَات شَوْكَة وَقُوَّة عَمت الْفِتَن وأوقعت عباد الله فِي المحن فإنّا لله وإنّا إِلَيْهِ رَاجِعُون. وَمِنْهُم من توجهّوا إِلَى الافتراء على النَّبِي الْمُصْطَفى الَّذِي مَا نطق بالهوى ((إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى)) ]] ]] ]] ] . وحرفوا فِي كَلِمَاته الشَّرِيفَة بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان ونسبوا إِلَيْهِ مَا اخترعته خواطرهم تشكيكاً وتخليطاً وإفساداً فِي أهل الْإِيمَان. وَقد وفْق الله خدام حَدِيث نبيه وحملت ألوية شرعة بِإِبْطَال خبائثهم وَإِظْهَار مكائدهم فميزوا بَين الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة، وَبَين الْأَخْبَار الاختراعية وألفوا تَأْلِيفَات اضمحلت بهَا خزعبلاتهم وفنت بهَا مزخرفاتهم فَللَّه دِرْهَم ودر من سلك مسلكهم.

(1/14)

الثَّانِي: قوم كَانُوا يقصدون وضع الْأَحَادِيث نصْرَة لمذاهبهم وَهَذَا مَنْقُول عَن قوم من السالمية. وَرُوِيَ عَن عبد الله بن يزِيد المقرئي قَالَ: تَابَ رجل من أهل الْبدع عَن بدعته، فَجعل يَقُول إنظروا هَذَا الحَدِيث عَمَّن تأخذون، فَإنَّا كُنَّا إِذا ترائينا رَأيا جعلنَا لَهُ حَدِيثا. وَعَن ابْن لَهِيعَة قَالَ: سَمِعت شَيخا من الْخَوَارِج تَابَ وَرجع، فَكَانَ يَقُول: إِن هَذِه الْأَحَادِيث دين فأنظروا عَمَّن تأخذون دينكُمْ. إِنَّا كُنَّا إِذا هوينا أمرا صيرناه حَدِيثا، وَعَن حَمَّاد بن سَلمَة قَالَ: حَدثنِي شيخ من الرافضة قَالَ: كُنَّا إِذا استحسنا شَيْئا جَعَلْنَاهُ حَدِيثا. وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم كَانَ مُحَمَّد ابْن الْقَاسِم من رُؤَسَاء المرجئة يضع الحَدِيث على مَذْهَبهم.

الثَّالِث: قوم كَانُوا يضعون الْأَحَادِيث فِي التَّرْغِيب والترهيب ليحثوا النَّاس على الْخَيْر ويزدجروهم عَن الشَّرّ وَأكْثر الْأَحَادِيث صلوَات الْأَيَّام والليالي من وضع هَؤُلَاءِ. وَمن هَؤُلَاءِ من كَانَ يظنّ أَن هَذَا جَائِز فِي الشَّرْع لِأَنَّهُ كذب للنَّبِي لَا عَلَيْهِ، فَعَن أبي عمار الْمروزِي قيل لأبي عصمَة نوح بن أبي مَرْيَم الْمروزِي: من أَيْن لَك عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي فَضَائِل الْقُرْآن سُورَة سُورَة وَلَيْسَ عِنْد أَصْحَاب عِكْرِمَة شَيْء مِنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت النَّاس أَعرضُوا عَن الْقُرْآن وَاشْتَغلُوا بِفقه أبي حنيفَة وَمَغَازِي ابْن إِسْحَاق فَوضعت هَذَا الحَدِيث حسبَة. وَقَالَ أَبُو عبد الله النهاوندي قلت لغلام خَلِيل: هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي تحدث بهَا من الرقَاق فَقَالَ: وَضَعْنَاهَا لِتُرَقِّقَ بِهَا قُلُوبَ الْعَامَّةِ، وَعَن مُحَمَّد بن عِيسَى الطباع قَالَ: سَمِعت ابْن مهْدي يَقُول لِميسرَة بن عبد ربه: من أَيْن جِئْت بِهَذِهِ الْأَحَادِيث من قَرَأَ فَلهُ كَذَا. وَقَالَ: وَضَعتهَا أَرغب النَّاس فِيهَا. وَمن هَذَا الْقَبِيل أَحَادِيث النَّهْي عَن شرب دُخان التنباك فَإِنِّي رأيتُ فِي رِسَالَة لبَعض مانعيه أَخْبَار منسوبة إِلَى النَّبِي مِنْهَا ((كل دُخان حرَام)) ]] ]] ]] وَمِنْهَا: ((كل جَوف يدْخل الدُّخان فِيهِ من أوراق السمُوم يخرج من الْإِيمَان)) ]] ]] ]] . وَمِنْهَا: ((سَيَأْتِي على النَّاس زمانٌ يَأْكُل أمتِي الدُّخان قلوبها سود ووجوهها نَاقص وشفتاها أَخْضَر فَإِنَّهُ ذَرِيعَة الشَّيْطَان من زمَان نوح وَسقي من بَوْله من أكله مرّة لَا يدْخل الْجنَّة)) ]] ]] ]] وَمِنْهَا: ((دُخان كل شَيْء حرَام)) ]] ]] ]] . وَمِنْهَا ((سَيَأْتِي على النَّاس زمَان يشربون النَّار من ورق

(1/15)

الشّجر يحصل فيهم سِتّ خِصَال قُلُوبهم سَوْدَاء ألسنتهم خضر وفمهم رسوق ورغبتهم نَاقص وبصرهم قَلِيل يُعَذبُونَ فِي الْقَبْر أبدا)) ]] ]] ]] ] وَمِنْهَا ((من شرب الدُّخان وَلَا يَتُوب عِنْد الْمَوْت فَلَيْسَ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة)) ]] ]] ]] ] وَمِنْهَا ((تظهر شَجَرَة فِي بِلَاد الْهِنْد يشرب النَّاس دخانها يذهب الدَّين والعقول فِي الدُّنْيَا)) ]] ]] ]] ] . وَمِنْهَا: من شرب الدُّخان القاحك وَلَو كَانَ مرّة دخل النَّار فِي بَطْنه وَنَفس قلبه بالنَّار. وَهَذِه الْأَخْبَار يشْهد من لَهُ أدنى ممارسة بالمحاورات الْعَرَبيَّة فضلا عَمَّن لَهُ مهارة بالأحاديث النَّبَوِيَّة بِأَنَّهَا مَوْضُوعَة مختلقة وَضعهَا. المشددون من مانعي شرب الدُّخان وتبوأوا مَقَاعِدهمْ من النيرَان وَقد فصلت هَذِه الْمَسْأَلَة فِي ذكر أَقْوَال المانعين والمبيحين فِي رسالتي ترويح الْجنان بتشرير حكم شرب الدُّخان فلتطالع.

وَمن هَذَا الْقَبِيل أَحَادِيث الْقَضَاء الْعمريّ.

وَقد ذكرتها مَعَ مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا فِي رسالتي ردع الأخوان عَن محدثات آخر جُمُعَة رَمَضَان فلتطالع.

وَمن هَذَا الْقَبِيل أَكثر أَحَادِيث فَضَائِل صِيَام أَيَّام رَجَب وَأَيَّام الْمحرم وَغير ذَلِك على مَا بَسطه الْحَافِظ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي فِي تَبْيِين الْعجب فِي فضل رَجَب وَغَيره فِي غَيره.

الرَّابِع: قوم استجازوا وضع الْأَسَانِيد لكل كَلَام حسن زعما مِنْهُم أَن الْحسن كُله أَمر شَرْعِي لَا بَأْس بنسبته إِلَى رَسُول الله وَلم يفهموا أَن قَول الرَّسُول حسن صَادِق وَعكس الْكُلية لَا يصدق فَلَا يَصح كَون كل حسن قَول الرَّسُول فنسبته إِلَيْهِ كذب.

الْخَامِس: قوم حملهمْ على الْوَضع غَرَض من أغراض الدُّنْيَا، كالتقرب إِلَى السُّلْطَان وَغَيره كَمَا حُكيَ عَن غياث بن إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ حِين دخل على الْمهْدي أحد خلفاء بني الْعَبَّاس وَكَانَ يحب الْحمام فَقيل لَهُ: حدث أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ: حَدثنَا عَن فلَان عَن فلَان إِلَى النَّبِي أَنه قَالَ: ((لَا سبق إِلَّا فِي نصل أَو خف أَو حافر أَو جنَاح)) ]] ]] ]] ] فَزَاد

(1/16)

كلمة أَو جنَاح من عِنْد نَفسه ليطيب قلب الْمهْدي، فتفطن لَهُ الْمهْدي وَقَالَ: أشهد أَنه كَذَّاب على رَسُول الله وَقَالَ: أَنا حَملته على ذَلِك، فَأمر بِذبح الْحمام ورفض مَا كَانَ فِيهِ.

السَّادِس: قوم حملهمْ على الْوَضع التعصب المذهبي والتجمد التقليدي كَمَا وضع مَأْمُون الْهَرَوِيّ حَدِيث ((من رفع يَدَيْهِ فِي الرُّكُوع فَلَا صَلَاة لَهُ)) ]] ]] ]] ] ، وَوضع حَدِيث: ((من قَرَأَ خلف الإِمَام فَلَا صَلَاة لَهُ)) ]] ]] ]] ] ، وَوضع أَيْضا حَدِيثا فِي ذمّ الشَّافِعِي وحديثاً فِي منقبة أبي حنفية.

وَقد ذكرت قدرا من حَاله مَعَ ذكر بعض مصنوعاته فِي تَعْلِيق رسالتي إِمَام الْكَلَام، فِيمَا يتَعَلَّق بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام الْمُسَمّى بغيث الْغَمَام فليطالع.

السَّابِع: قوم حملهمْ على الْوَضع حبهم الَّذِي أعماهم وأصمهم كَمَا وضعُوا أَحَادِيث فِي مَنَاقِب أهل الْبَيْت ومثالب الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَمُعَاوِيَة وَغَيرهم وَوَضَعُوا أَحَادِيث فِي مَنَاقِب أبي حنفية.

وَمن هَذَا الْقَبِيل الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة فِي مَنَاقِب الْبلدَانِ وذمها، وَالْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة فِي فضل اللِّسَان الفارسية وذمها كَحَدِيث لِسَان أهل الْجنَّة الْعَرَبيَّة والفارسية الدرية، وسنبسط كَلَام فِي هَذِه الْأَخْبَار

(1/17)

فِي تحفة الثِّقَات فِي تفاضل اللُّغَات. وفقني الله لختمها كَمَا وفقني لبدئها.

الثَّامِن: قوم حملهمْ على الْوَضع قصد الإغراب والإعجاب وَهُوَ كثير فِي الْقصاص والوعاظ الَّذين لَا نصيب لَهُم من الْعلم وَلَا حَظّ لَهُم من الْفَهم.

وَهُنَاكَ أَقسَام أخر بِحَسب الْأَغْرَاض المتنوعة والمقاصد المتشتتة.

فَقَالَ: بَين لي كَيفَ يضع الزهاد الْأَحَادِيث مَعَ زهدهم وورعهم فَإِنِّي لفي عجب من ذَلِك.

فَقلت: لَا عجب فَإِن كثيرا من الزهاد كَانُوا جاهلين غير مميزين بَين مَا يحل لَهُم وَمَا يحرم عَلَيْهِم، فَكَانُوا يظنون أَن وضع الْأَحَادِيث ترغيباً وترهيباً لَا بَأْس بِهِ بل هُوَ وَاجِب لِلْأجرِ أَلا ترى إِلَى عباد زَمَاننَا مِمَّن لم يمارس الْعُلُوم وَلم يوفق لخدمة أَرْبَاب الْفَهم كَيفَ إنهمكوا فِي ارْتِكَاب البدعات ظنا مِنْهُم أَن ارتكابها من الْحَسَنَات، وَكثير مِنْهُم قد علمهمْ شيوخهم الصَّلَوَات بتراكيب مَخْصُوصَة لَا لِأَنَّهَا ثبتَتْ بالأخبار المروية، بل بِنَاء على أَن التطوعات لَا يضمر فِيهَا إختيار الكمية الْمعينَة والكيفية المشخصة، فعلموهم ليعملوا بهَا لَا يتكاسلوا عَنْهَا، فَظن المريدين أَنَّهَا كلهَا من الحضرة النَّبَوِيَّة فأسندوها إِلَى الحضرة الْعلية.

فَقَالَ: فَكيف قبل تِلْكَ الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة جمع من الْمَشَايِخ الجامعين بَين عُلُوم الْحَقِيقَة والشريعة وأدرجوها فِي تصانيفهم السلوكية.

فَقلت: لحسن ظنهم بِكُل مُسلم وتخليهم أَنه لَا يكذب على النَّبِي مُسلم.

فَعَاد قَائِلا: قد ذكر بعض الصُّوفِيَّة فِي دفاترهم أَسَانِيد لتِلْك الْأَحَادِيث فَكيف لَا يعْتَبر بهَا. فَقلت من ذكرهَا بِغَيْر إِسْنَاد لَا يعْتَمد عَلَيْهِ

(1/18)

بِنَاء على أَن بَينه وَبَين النَّبِي مفاوز تَنْقَطِع فِيهَا أَعْنَاق المطايا. وَمن ذكرهَا بأسانيدها يبْحَث عَن حَال رواتها.

فَعَاد قَائِلا: كثيرا من الْمَشَايِخ الذَّاكِرِينَ لَهَا قد كَانُوا مِمَّن يتشرف بِرُؤْيَة النَّبِي مناما ويقظة وَكَانُوا أَصْحَاب كرامات يُلْهمُون إلهاماً فلعلهم صححوا تِلْكَ الرِّوَايَات بمشافهة النَّبِي أَو بِرُؤْيَتِهِ مناما. وَمن رَآهُ فِي الْمَنَام فقد رَآهُ حَقًا أَو ألهموا بذلك إلهاما.

فَقلت: احْتِمَال هَذِه الْأُمُور لَا يَكْفِي وَمُجَرَّد ذكرهم تِلْكَ الرِّوَايَات لَا يدل عَلَيْهِ نعم لَو صرح أحد مِنْهُم بذلك لقبلنا قَوْله اعْتِمَادًا على صدقه ووثاقته وعلو مرتبته.

فَقَالَ: هلا يكون علو مرتبتهم وجلالة قدرهم مقتضيا لِأَن يقبل مَا ذَكرُوهُ وَإِن كَانَ بِغَيْر سَنَد، فَإِن حسن الظَّن بهم يحكم بِأَنَّهُم لم يذكرُوا ذَلِك إِلَّا بعد ثُبُوته بِسَنَد مُسْتَند.

فَقلت: هَذَا إِنَّمَا يكون إِذا عرف أَنهم من مهرَة الحَدِيث ونقاده وَذكرهمْ تِلْكَ الرِّوَايَات مَحْمُول على حسن الظَّن بِكُل مُسلم والاعتماد على قَوْله. هَذَا تَفْصِيل المكالمة الَّتِي وَقعت بيني وَبَين بعض أعزتي.

فَعِنْدَ ذَلِك أردْت أَن أكمل رسالتي فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وأقتصر فِيهَا على الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِي صلوَات أَيَّام السّنة ولياليها وَغير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهَا وَأبين اختلافها ووضعها لِئَلَّا يغتر بهَا الجاهلون وليتيقظ الْعَالمُونَ.

وَلَكِن اشتغالي بتعليق تَعْلِيق رسالتي أَمَام الْكَلَام فِي الْقِرَاءَة خلف الإِمَام الْمُسَمّى بغيث الْغَمَام قد عاقني عَن ذَلِك. وَلما فض بالاختتام ختامه وتيسر اتمامه تَوَجَّهت إِلَى إبراز الْمكنون. وَإِذا أَرَادَ الله شَيْئا قَالَ لَهُ كن فَيكون وَسميت هَذِه الرسَالَة بإسم يخبر عَن كَيْفيَّة الْمُسَمّى وَهُوَ:

(1/19)

الْآثَار المرفوعة فِي الْأَخْبَار الْمَوْضُوعَة راجيا من الله تَعَالَى أَن يَجْعَلهَا وَسَائِر تصانيفي خَالِصَة لوجهه الْكَرِيم بِلُطْفِهِ الْقَدِيم.

ولنقدم مُقَدّمَة تشْتَمل على ذكر أَحَادِيث التَّرْهِيب من الْكَذِب على النَّبِي وَذكر بعض الْقَصَص الْمَوْضُوعَة والحكايات المكذوبة مِمَّا ولع الوعاظ بذكرها فِي مجَالِس وعظهم واعتقد الْعَوام صدقهَا عِنْد سماعهَا عَن قصاصاتهم. وَذكر حكم نقل الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة ورواياتها وَالْعَمَل بهَا ثمَّ نذْكر الْأَحَادِيث الْمَقْصُود ذكرهَا مَعَ مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا فِي إيقاظتي، ثمَّ نختم الرسَالَة بخاتمة مُشْتَمِلَة على ذكر كثير من الصَّلَوَات المسطورة فِي كتب المشائخ الثِّقَات مَعَ مَا قيل فِيهَا وَمَا قيل لَهَا.

ثمَّ نذْكر تذنيباً لذكر بعض الْأَحَادِيث الشبيهة بالموضوعة مَعَ إِنَّهَا لَيست بموضوعة بل حَسَنَة أَو صَحِيحَة.

(1/20)

حُرْمَة رِوَايَة الحَدِيث الْمَوْضُوع

الْمُقدمَة فِي المطالب المعظمة.

اعْلَم أَنه قد صرح الْفُقَهَاء والمحدثون بأجمعهم فِي كتبهمْ بِأَنَّهُ تحرم رِوَايَة الْمَوْضُوع وَذكره وَنَقله وَالْعَمَل بِمَا فاده مَعَ اعْتِقَاد ثُبُوته إِلَّا مَعَ التَّنْبِيه على أَنه مَوْضُوع وَيحرم التساهل فِيهِ سَوَاء كَانَ فِي الْأَحْكَام والقصص أَو التَّرْغِيب والترهيب أَو غير ذَلِكَ، وَيحرم التَّقْلِيد فِي ذكره وَنَقله إِلَّا مَقْرُونا بِبَيَان وَضعه بِخِلَاف الحَدِيث الضَّعِيف فَإِنَّهُ إِن كَانَ فِي غير الْأَحْكَام يتساهل فِيهِ وَيقبل بِشُرُوط عديدة قد بسطتها فِي تعليقي على رسالتي تحفة الطّلبَة فِي مسح الرَّقَبَة الْمُسَمّى بتحفة الكملة، وَفِي رسالتي الْأَجْوِبَة الفاضلة للأسئلة الْعشْرَة الْكَامِلَة، وصرحوا أَيْضا بِأَن الْكَذِب على النَّبِي من أكبر الْكَبَائِر. بَالغ بعض الشَّافِعِيَّة فَحكم بِكُفْرِهِ، وَذَلِكَ لوُرُود الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة الدَّالَّة على مَا ذَكرْنَاهُ وأشهرها لفظ ((من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)) ]] ]] ]] وَله طرق كَثِيرَة حَتَّى قيل أَنه من الْأَحَادِيث المتواترة.

وَقد أوضحت هَذَا الْبَحْث بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ فِي ظفر الْأَمَانِي فِي الْمُخْتَصر الْمَنْسُوب إِلَى الْجِرْجَانِيّ فِي بحث الْمُتَوَاتر. وفقنا الله لختمه كَمَا وفقنا لبدئه وَلِأَن فسح الله فِي عمري وساعدني قدري لأكمله بعد الْفَرَاغ من تأليف هَذِه الرسَالَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

قَالَ على الْقَارِي الْمَكِّيّ فِي كتاب الموضوعات ثُمَّ مِمَّا تَوَاتر عَنهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام معنى وَكَاد أَن يتواتر مبْنى مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالْحَاكِم

(1/21)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالنِّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَه وَالدَّارقطني عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: ((مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] . وَلَهُمْ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ قَالَ، قَالَ النَّبِي: ((لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلْشَيْخَيْنِ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنِ الْمُغِيرِةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِي يَقُولُ: ((إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلْبُخَارِيُّ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنِّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَه وَالدَّارقطني، عَن عبد الله ابْن الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللِّهُ عَنْهُمَا قَالَ، قُلْتُ لِلْزُبَيْرِ إِنِّي لَا أَسْمَعُكَ تحدث عَن رَسُول الله كَمَا يُحَدِّثُ فُلانٌ وَفُلانٌ. قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار)) ]] ]] ]] ] وَزَاد الدَّارقطني، وَاللَّهِ مَا قَالَ مُتَعَمِّدًا وَأَنْتُمْ تَقولُونَ ((مُتَعَمدا)) ]] ]] ]] ] .

وللبخاري وَالدَّارقطني، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُول الله: ((مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

(1/22)

وللبخاري وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارقطني وَالْحَاكِمُ فِي الْمَدْخَلِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((حَدِّثُوا عَنِّي وَلا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ، وَصَحَّحَهُ وَابْنِ مَاجَهْ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((مَنْ كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَحْمَدَ وَالدَّارِمِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلدَّارِمِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ يَقُول على هَذَا الْمِنْبَرِ: ((إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ عَنِّي فَلا يُقِلُّ إِلا حَقًّا وَصِدْقًا وَمَنْ قَالَ عليَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلابْنِ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا قَالَ: ((لَا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا سِوَى الْقُرْآنِ مَنْ كَتَبَ شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ، وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلا تَكْذِبُوا عليَّ، فَمَنْ كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَبِي يَعْلَى وَالْعُقَيْلِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الأَوْسَطِ، عَنْ أبي بكر الصّديق

(1/23)

رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا أَوْ رَدَّ شَيْئًا أَمَرْتُ بِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي جَهَنَّمَ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَهُوَ فِي النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ وَأبي يعلى وَالدَّارقطني وَالْحَاكِمِ فِي الْمَدْخَلِ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أحدث عَن رَسُول الله أَنْ لَا أَكُونَ أَوْعَى أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَلَكِنِّي أَشْهَدُ إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((مَنْ قَالَ عَلَيَّ كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدٍ اللَّهِ مَرْفُوعًا: ((مَنْ كَذَبَ عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)) ]] ]] ]] ] .

وللبزار وَأبي يعلى وَالدَّارقطني وَالْحَاكِمِ فِي ((الْمَدْخَلِ)) ]] ]] ]] ] عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نوفيل رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ: ((إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَحْمَدَ وَهَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ فِي الزُّهْدِ وَالْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ فِي ((الْمَدْخَلِ)) ]] ]] ]] ] عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَرْفُوعًا ((إِنَّ الَّذِي يَكْذِبُ عَلَيَّ يُبْنَى لَهُ بَيْتٌ فِي النَّار)) ]] ]] ]] ] .

(1/24)

وَلأَحْمَدَ وَالْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ فِي ((مُسْنَدِهِ)) ]] ]] ]] ] وَالطَّبَرَانِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ ابْن أبي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: ((من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَحْمَدَ وْالْبَزَّارِ وَأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْفُطَةَ مَرْفُوعًا: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا وَفِي رِوَايَةٍ مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَحْمَدَ وَالْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ وَالْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ فِي ((الْمَدْخَلِ)) ]] ]] ]] ] عَنِ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْغَافَقِيَّ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَنْ رَسُول الله أَحَادِيثَ فَقَالَ أَبُو مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا لَحَافِظٌ أَوْ هَالِكٌ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ كَانَ آخِرَ مَا عَهِدَهُ إِلَيْنَا أَنْ قَالَ: ((عَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسَتَرْجِعُونَ إِلَى قَوْمٍ يُحِبُّونَ الْحَدِيثَ عَنِّي فَمَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَمَنْ حَفِظَ شَيْئًا فَلْيُحَدِّثْ بِهِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرقم مَرْفُوعا: ((من كذب عل مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)) ]] ]] ]] ] .

(1/25)

وَلأَحْمَدَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَضْجَعًا مِنَ النَّارِ أَوْ بَيْتًا فِي جَهَنَّمَ)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلْبَزَّارِ وَالْعُقَيْلِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلْطَبَرَانِيِّ فِي الأَوْسَطِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرو رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِنَّ رَجُلا لَبِسَ حُلَّةً مِثْلَ حُلَّةِ النَّبِي ثُمَّ أَتَى أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: إِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَمَرَنِي أَيَّ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ شِئْتُ اسْتَطْلَعْتُ فَأَعَدُّوا لَهُ بَيْتًا وَأَرْسَلُوا رَسُولا إِلَى رَسُول الله فَأَخْبِرُوهُ فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: انْطَلِقَا إِلَيْهِ فَإِنْ وَجَدْتُمَاهُ فَاقْتِلاهُ ثُمَّ حَرِّقَاهُ بِالنَّارِ وَإِنْ وَجَدْتُمَاهُ قَدْ كُفِيتُمَاهُ وَلا أَرَاكُمَا إِلا وَقَدْ كُفِيتُمَاهُ فَحَرِّقَاهُ بِالنَّارِ)) ]] ]] ]] ] فَأَتَيَاهُ فَوَجَدَاهُ قَدْ خَرَجَ مِنَ اللَّيْلِ يَبُولُ فَلَدَغَتْهُ حَيَّةٌ أَفْعَى فَمَاتَ فَحَرَّقَاهُ بالنَّار، ثمَّ رجعا إِلَيْهِ فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلابْنِ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: كَانَ حَيٌّ مِنْ بَنِي لَيْثٍ عَلَى مَيْلَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ خَطَبَ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يُزَوِّجُوهُ فَأَتَاهُمْ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ فَقَالَ إِن رَسُول الله كَسَانِي هَذِهِ الْحُلَّةَ وَأَمَرَنِي أَنْ أَحْكُمَ فِي أَمْوَالِكُمْ وَدِمَائِكُمْ، ثُمَّ انْطَلَقَ فَنَزَلَ عَلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَ خَطَبَهَا فَأَرْسَلَ الْقَوْمَ رَسُولا إِلَى رَسُول الله فَقَالَ: ((كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ)) ]] ]] ]] ] ثُمَّ أَرْسَلَ رَجُلا فَقَالَ: ((إِنْ وَجَدْتَهُ حَيًّا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَإِنْ وَجَدْتَهُ مَيِّتًا فَاحْرِقْهُ، فَوَجَدَهُ قَدْ لَدَغَتْهُ أَفْعَى فَمَاتَ، فَحَرَّقَهُ بِالنَّارِ فَذَلِكَ قَوْله: ((من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)) ]] ]] ]] ] .

(1/26)

وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ الْحَنَفِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إِلَى صِهْرٍ لَنَا مَنْ أَسْلَمَ من أَصْحَاب النَّبِي فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: ((أَرِحْنَا بِهَا يَا بِلالُ)) ]] ]] ]] ] يَعْنِي الصَّلاةَ قُلْتُ: أَسَمِعْتَ ذَا من رَسُول الله، فَغَضِبَ وَأَقْبَلَ يُحَدِّثَهُمْ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بَعَثَ رَجُلا إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَلَمَّا أَتَاهُمْ قَالَ: أَمَرَنِي عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَنْ أَحْكُمَ فِي نِسَائِكُمْ بِمَا شِئْتُ، فَقَالُوا سَمْعًا وَطَاعَةً لأمر رَسُول الله وَبَعَثُوا رُسُلا إِلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، فَقَالَ: إِنَّ فُلانًا جَاءَنَا فَقَالَ إِن رَسُول الله أَمَرَنِي أَنْ أَحْكُمَ فِي نِسَائِكُمْ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرِكَ فَسَمْعًا وَطَاعَةً وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَأَحْبَبْنَا أَنْ نُعْلِمُكَ فَغِضَبَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، وَبَعَثَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ أَوِ احْرِقْهُ بِالنَّارِ فَانْتَهَى إِلَيْهِ وَقَدْ مَاتَ وَقُبِرَ فَأَمَرَ بِهِ فَنُبِشَ ثُمَّ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ، ثُمَّ قَالَ، قَالَ رَسُول الله: ((من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] فَقَالَ: ((أَتَرَى إِنِّي كَذِبْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَ هَذَا

وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الأَوْسَطِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا رَفَعَاهُ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: ((مَنْ كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلْطَبَرَانِيِّ فِي ((الأَوْسَطِ)) ]] ]] ]] ] عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: ((مَنْ كَذَبَ عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)) ]] ]] ]] ] .

(1/27)

وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَكَذَا لِلطَّبَرَانِيِّ فِي الصَّغِيرِ عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ. وَكَذَا لِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ. وَكَذَا لَهُ عَنْ عَمْرو بن عبسة. وَكَذَا عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ. وَكَذَا لَهُ وَللِدَّارِمِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَذَا لَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ وَكَذَا لَهُ وَابْنُ عَدِيٍّ عَنِ الْعُرْسِ بْنِ عُمَيْرَةَ، وَكَذَا لَهُ وَللِدَّارِمِيِّ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، وَكَذَا لَهُ وَلِلْبَزَّارِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَاسْمُهُ طَارِقُ بْنُ أَيْشَمٍ، وَلَهُ وَلأَبِي نُعَيْمٍ وَالإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ ((مُعْجَمِهِ)) ]] ]] ]] ] عَنْ سلمَان بْنِ خَالِدٍ الْخُزَاعِيِّ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: ((من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ بَيْتا فِي النَّار)) ]] ]] ]] ] .

(1/28)

وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِنَّ بَنِي صُهَيْبٍ قَالُوا لِصُهَيْبٍ: يَا أَبَانَا أَبنَاء أَصْحَاب النَّبِي يُحَدِّثُونَ عَنْ آبَائِهِمْ، فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِي يَقُولُ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلْطَبَرَانِيِّ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَلَهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ بِلَفْظِ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار بَيْنَ عَيْنَيْ جَهَنَّمَ)) ]] ]] ]] ] وَلَهُ عَنْ أَبِي قِرْصَافَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ: ((حَدِّثُوا عَنِّي بِمَا تَسْمَعُونَ وَلا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ أَوْ قَالَ عَلَيَّ غَيْرَ مَا قُلْتُ يُبْنَى لَهُ بَيْتٌ فِي جَهَنَّمَ يُوقَعُ فِيهِ)) ]] ]] ]] ] . وَلَهُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَرْفُوعًا: ((لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذِبٌ عَلَيَّ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ)) ]] ]] ]] ] . وَلَهُ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ مَرْفُوعًا: ((مَنْ كَذَبَ عَلَى نَبِيِّهِ أَوْ عَلَى عَيْنَيْهِ أَوْ عَلَى وَالِدَيْهِ لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ)) ]] ]] ]] ] . وَلَهُ فِي الأَوْسَطِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: ((لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ إِنَّ الَّذِي يَكْذِبُ عَلَيَّ لَجَرِيءٌ)) ]] ]] ]] ] .

(1/29)

ولَهُ فِي الأَوْسَطِ عَنْ أَبِي خَلْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مَيْمُونَ الْكُرْدِيَّ وَهُوَ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: مَا لِلشَّيْخِ لَا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ فَإِنَّ أَبَاك قد أدْرك النَّبِي وَسَمِعَ مِنْهُ فَقَالَ: كَانَ أَبِي لَا يحدثنا عَنهُ مَخَافَةَ أَنْ يَزِيدَ أَوْ يَنْقُصَ فِي الْكَلامِ وَقَالَ سَمِعْتُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ يَقُولُ: ((مَنْ كَذَبَ عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّارِ)) ]] ]] ]] ] . وَلَهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ الْمِدْحَاسِ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ((مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلا يَكْتُمُهُ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتَا فِي جَهَنَّمَ)) ]] ]] ]] ] .

وَلأَبِي مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيِّ فِي كتاب ((الْمُحدث الْفَاصِل)) ]] ]] ]] ] عَنْ مَالِكِ بْنِ عَتَاهِيَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَهِدَ إِلَيْنَا فِي حُجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ وَسَتَرْجِعُونَ إِلَى أَقْوَامٍ يُحَدِّثُونَ عَنِّي فَمَنْ عَقَلَ شَيْئًا فَلْيُحَدِّثْ بِهِ وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي جَهَنَّم.

وللطبراني والرامهرمزي عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: مَرَّ علينا رَسُول الله يَوْمًا وَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ فَقَالَ: مَا تُحَدِّثُونَ.؟ فَقَالُوا: سَمِعْنَا مِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: ((تَحَدَّثُوا وَلْيَتَبَوَّأْ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مَقْعَدَهُ مِنْ جَهَنَّمَ)) ]] ]] ]] ] .

وَلابْنِ سَعْدٍ وَالطَّبَرَانِيِّ عَنِ الْمُقَنَّعِ التَّمِيمِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ بِصَدقَة إبلنا، فَأمر بهَا فقبضة، فَقُلْتُ إِنَّ فِيهَا نَاقَتَيْنِ هَدِيَّةٌ لَكَ فَأَمَرَ بِعَزْلِ الْهَدِيَّةِ مِنَ الصَّدَقَةِ فَمَكَثْتُ أَيَّامًا وَخَاضَ النَّاسُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ بَاعِثُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى رَقِيقِ مُضَرٍ يُصَدِّقُهُمْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ مَا عِنْد أهلنا من مَال

(1/30)

فَأَتَيْتُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ خَاضُوا فِي كَذَا، فَرفع النَّبِي حَتَّى نَظَرْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ فَقَالَ ((اللَّهُمَّ لَا أُحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَكْذِبُوا عَلَيَّ)) ]] ]] ]] ] . قَالَ الْمُقَنَّعُ: فَلَمْ أُحَدِّثْ بِحَدِيثٍ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ إِلا حَدِيثٍ نَطَقَ بِهِ كِتَابٌ أَو جَرَتْ بِهِ سُنَّةٌ يَكْذِبُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَكَيْفَ بعد مماته؟

وللدار قطني، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله فجَاء رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن النَّاس يحدثُونَ عَنْك كَذَا وَكَذَا مَا قلته. ((مَا أَقُولُ إِلا مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَيْحَكُمْ لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذِبٌ عَلَيَّ كَكَذِبٌ عَلَى غَيْرِي)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلْبَزَّارِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَرْفُوعًا مَنْ أَفْرَى الْفِرْيِ مَنْ أَرَى عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ وَمَنْ أَفْرَى الْفَرْيِ مَنْ قَالَ عَليّ مَا لَمْ أَقُلْ.

وَلِلْعُقَيْلِيِّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِلَفْظِ: من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. وَلِلْعَقِيلِيِّ عَنْ غَزْوَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَهُ وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الإِفْرَادِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ جَهَنَّمَ.

وَلابْنِ عَسَاكِرٍ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: ((إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ مَا لَمْ أَقُلْ)) ]] ]] ]] ] .

وَلابْنِ عَدِيٍّ وَالْحَاكِمِ فِي الْمَدْخَلِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، عَنْ وَاثِلَة بن الْأَسْقَع

(1/31)

مَرْفُوعًا: ((إِنَّ مِنْ أَفْرَى الْفَرْيِ مَنْ قَوَّلَنِي مَا لَمْ أَقُلْهُ أَوْ أَرَى عَيْنَيْهِ فِي الْمَنَامِ مَا لَمْ تَرَ)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلْخَطِيبِ فِي تَارِيخِهِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَلَفْظِهِ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلْطَبَرَانِيِّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِلَفْظِ: ((مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلْحَاكِمِ فِي الْمَدْخَلِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا.

وَلِلْحَاكِمِ فِي الْمَدْخَلِ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلْ مِنْهُ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ)) ]] ]] ]] ] . وَلَهُ أَيْضًا فِي الْمَدْخَلِ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] . وَلِلْحَاكِمِ فِي الْمَدْخَلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ وَلَفظه: ((مَنْ حَدَّثَ عَنِّي كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلبَزَّارِ وَابْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرْفُوعًا، ((ثَلاثَةٌ لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ رَجُلٌ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَرَجُلٌ كَذَبَ عَلَى نَبِيِّهِ وَرَجُلٌ كَذَبَ على عَيْنَيْهِ)) ]] ]] ]] ] .

(1/32)

وَلأَحْمَدَ وَهَنَّادِ وَالْحَاكِمِ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِلَفْظِ: ((مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] وَفِي لَفْظٍ: ((بَيْتًا فِي جَهَنَّمَ)) ]] ]] ]] ] .

وَلابْنِ صَاعَدٍ فِي جَمْعَهِ لِطُرِقِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَفْظُهُ: ((مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلِلْخَطِيبِ فِي التَّارِيخِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِلَفْظِ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)) ]] ]] ]] ] .

وَلابْنِ عَدِيٍّ، عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَفْظُهُ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَقْعُدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ)) ]] ]] ]] ] فَذَلِكَ الَّذِي يَعْنِي مِنَ الْحَدِيثِ وَكَذَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الإِفْرَادِ.

وَالْخَطِيبِ فِي التَّارِيخ، عَن سلمَان الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَذَا لابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَالْحَافِظِ يُوسُفَ بْنِ خَلِيلٍ فِي جَمْعِهِ لِطُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَكَذَا لابْنِ صَاعِدٍ وَغَيْرِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلابْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَعَلَى مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا)) ]] ]] ]] ] .

وَلابْنِ قَانِعٍ فِي ((مُعْجَمِهِ)) ]] ]] ]] ] عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] وَذَلِكَ أَنَّهُ بَعَثَ رَجُلا فِي حَاجَةٍ. فَكَذَبَ عَلَيْهِ، فَدَعَا عَلَيْهِ فَوُجِدَ مَيِّتًا قَدِ انْشَقَّ بَطْنه وَلم تقبله الأَرْض.

وللدار قطني وَابْنِ الْجَوْزِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. وَلابْنِ الْجَوْزِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه قَالَ يَوْمًا

(1/33)

لأَصْحَابِهِ: أَتَدْرُونَ مَا تَأْوِيلُ هَذَا الْحَدِيثِ ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] رَجُل عَشِقَ امْرَأَةً فَأَتَى أَهْلَهَا مَسَاءً، فَقَالَ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ أَنْ أَتَضَيَّفُ فِي أَيِّ بِيُوتِكُمْ شِئْتُ وَكَانَ يَنْتَظِرُ بَيُوتَةً مَسَاءً، فَأَتَى رَجُلٌ مِنْهُمُ النَّبِي فَقَالَ: إِنَّ فُلانًا أَتَانَا يَزْعُمُ أَنَّكَ أَمَرْتَهُ أَنْ يَبِيتَ فِي أَيِّ بِيُوتِنَا شَاءَ. فَقَالَ: كَذَبَ، يَا فُلانُ انْطَلِقْ مَعَهُ، فَإِنْ أَمْكَنَكَ اللَّهُ مِنْهُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، وَأَحْرِقَهُ بِالنَّارِ وَلا أَرَاكَ إِلا قَدْ كُفِيتَهُ، فَجَاءَتِ السَّمَاءِ فَصَبَّتْ، فَخَرَجَ لِيَتَوَضَّأَ فَلَسَعَتْهُ أَفْعَى فَمَاتَ فَلَمَّا بلغ ذَلِك النَّبِي قَالَ: ((هُوَ فِي النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلابْنِ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ، وَابْنِ الْجَوْزِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِلَفْظِ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)) ]] ]] ]] ] . وَكَذَا لَهُمَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَذَا لِلْحَاكِمِ عَنْ عَفَّانَ بْنِ حَبِيبٍ رَضِي الله عَنهُ، وللجوزقاني وَابْنِ الْجَوْزِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَفْظُهُ: ((مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْنَ عَيْنَيْ جَهَنَّمَ مَقْعَدًا)) ]] ]] ]] ] .

وَلابْنِ صَاعِدٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا بِلَفْظِ: ((مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار)) ]] ]] ]] ] .

وللدار قطني وَابْنِ الْجَوْزِيِّ عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ رَضِي الله عَنْهَا وَلَفْظهمَا: ((من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

وَلابْنِ الْجَوْزِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَفْظُهُ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ رَسُول الله فَإِنَّمَا يَدْمِثُ مَجْلِسَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] . وَلابْن الْجَوْزِيّ

(1/34)

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ عَرِيشًا تُكَلِّمُ النَّاسَ مِنْ فَوْقِهِ وَيَسْمَعُونَ، فَقَالَ: ((لَا أَزَالُ هَكَذَا يُصِيبُنِي غبارهم ويطأون عَقِبِي حَتَّى يُرِيحَنِي اللَّهُ مِنْهُمْ، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَمَقْعَدَهُ النَّارُ)) ]] ]] ]] ] .

وَلابْنِ عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار)) ]] ]] ]] ] . وَكَذَا لابْنِ خَلِيلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَذَا لَهُ عَنْ كَعْبِ بْنِ قُطْبَةَ، وَكَذَا لَهُ عَنْ وَالِدِ أَبِي الْعَشْرَاءِ. وَكَذَا لَهُ وَلأَبِي نُعَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُغْبٍ وَلأَبِي نُعَيْمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ حَابِسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِلَفْظِ: ((مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] .

قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ مِنِ الصَّحَابَةِ وَجَمَعَ طُرُقَهُ إِلَيْهِمْ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ النَّجَابَةِ. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بن أَحْمد بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الإِسْفَرِايِينِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا حَدِيثٌ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْعَشَرَةُ الْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ غَيْرَ حَدِيثِ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ ... .)) ]] ]] ]] ] . قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَا وَقَعَتْ لِي رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف رَضِي الله عَنهُ إِلَّا الآنِ. انْتَهَى.

وَمِنْ لَطِيفِ مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْعَلامَة أَبُو الْقَاسِم أَبُو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَوْرَانِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيفِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُؤَدَّبُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحسام السمر قندي قَالَ: سَمِعْتُ الْخَضِرَ وَإِلْيَاسَ يَقُولانِ سمعنَا رَسُول الله يَقُولُ: ((مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) ]] ]] ]] ] قَالَ الذَّهَبِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ أملاه أَبُو عَمْرو بن الصّلاح، وَقَالَ: هَذَا وَقَعَ لَنَا فِي نُسْخَةِ الْخِضْرِ وَإِلْيَاسَ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: هَذِهِ نُسْخَةٌ مَا أَدْرِي مَنْ وَضَعَهَا انْتَهَى كَلامُ عَلِيٍّ الْقَارِيِّ بِتَمَامِهِ.

(1/35)

قُلْتُ: قَدْ ثَبَتَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْوَضَّعَ عَلَى النَّبِيِّ وَنِسْبَةَ مَا لَمْ يَقُلْهُ إِلَيْهِ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَمُسْتَوْجِبٌ لِعَذَابِ النَّارِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الحَلالِ وَالْحَرَامِ أَوْ تَرِغِيبٍ أَوْ تَرْهِيبٍ. أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَبَطَلَ ظَنُّ بَعْضِ الْوَضَّاعِينَ الْجَهَلَةِ أَنَّ الْكَذِبَ عَلَيْهِ لِلْتَرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ يَجُوزُ لأَنَّهُ كَذِبٌ لَهُ لَا عَلَيْهِ وَأَيْضًا ثَبَتَ مِنَ الرِّوَايَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ كَمَا أَن الْكَذِب عَلَيْهِ قَوْلا وَعَمَلا بِأَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ قولا لم يقلهُ وَعَملا لَمْ يَفْعَلْهُ مِنْ أكبر الْكَبَائِر. وَكَذَلِكَ نسبوا فَضِيلَة أَو مرتبَة لم تثبت وجودهَا فِي الذَّات المقدسة النَّبَوِيَّة بِالْآيَاتِ أَو الْأَحَادِيث المعبرة إِلَّا ذَاته المطهرة أَيْضا من أكبر الْكَبَائِر، فليتيقظ الوعاظ المذكورون، وليحذر الْقصاص والخطباء الآمرون الزاجرون حَيْثُ ينسبون كثيرا من الْأُمُور إِلَى الحضرة المقدسة الَّتِي لم يثبت وجودهَا فِيهَا، ويظنون أَن فِي ذَلِك أجرا عَظِيما لإِثْبَات فضل الذَّات المقدسة وعلو قدرهَا وَلَا يعلمُونَ أَن فِي الْفَضَائِل النَّبَوِيَّة الَّتِي ثبتَتْ بالأحاديث الصَّحِيحَة غنية عَن تِلْكَ الأكاذيب الْوَاهِيَة، ولعمري فضائله خَارِجَة عَن حد الْإِحَاطَة والإحصاء ومناقبه الَّتِي فاق بهَا على جمع الورى كَثِيرَة جدا من غير انْتِهَاء فَأَي حَاجَة إِلَى تفضيله بالأباطيل بل هُوَ مُوجب للاثم الْعَظِيم وضلالته عَن سَوَاء السَّبِيل.

(1/36)

ذِكْرُ بَعْضِ الْقِصَصِ الْمَشْهُورَةِ

وَلْنَذْكُرُ هَهُنَا بَعْضَ الْقِصَصِ الَّتِي أَكْثَرَ وُعَاظُ زَمَانِنَا ذِكْرَهَا فِي مَجَالِسِهِمُ الْوَعْظِيَّةِ وَظَنُّوهَا أُمُورًا ثَابِتَةً مَعَ كَوْنِهَا مُخْتَلِقَةً مَوْضُوعَةً.

فَمِنْهَا؛ مَا يَذْكُرُونَ من أَن النَّبِي لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ إِلَى السَّمَوَات العلى وَوَصَلَ إِلَى الْعَرْشِ الْمُعَلَّى أَرَادَ خَلْعَ نَعْلَيْهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى لِسَيِّدِنَا مُوسَى حِينَ كَلَّمَهُ: ((فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طوى)) ]] ]] ]] ] . فَنُودِيَ مِنَ الْعَلِيِّ الأَعْلَى: يَا مُحَمَّدُ! لَا تَخْلَعْ نَعْلَيْكَ فَإِنَّ الْعَرْشَ يَتَشَرَّفُ بِقُدُومِكَ مُتَنَعِّلا وَيَفْتَخِرُ عَلَى غَيْرِهِ مُتَبَرِّكًا، فَصَعِدَ النَّبِيُّ إِلَى الْعَرْشِ وَفِي قَدَمَيْهِ النَّعْلانِ وَحَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ عِزٌّ وَشَأْنٌ.

وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمَدَائِحِ الشِّعْرِيَّةِ وَأَدْرَجَهَا بَعْضُهُمْ فِي تَأْلِيفِ السَّنِيَّةِ وَأَكْثَرُ وُعَاظِ زَمَانِنَا يَذْكُرُونَهَا مُطَوَّلَةً وَمُخْتَصَرَةً فِي مَجَالِسِهِمُ الْوَعْظِيَّةِ.

وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ الْمُقْرِي الْمَالِكِيُّ فِي كَتَابِهِ فَتْحِ الْمُتْعَالِ فِي مَدْحِ خَيْرِ النِّعَالِ، وَالْعَلامَةُ رَضِيُّ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْزُرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ عَلَى أَن هَذِه الْقِصَّة مَوْضُوع بِتَمَامِهَا قَبَّحَ اللَّهُ وَاضِعَهَا وَلَمْ يَثْبُتْ فِي رِوَايَةٍ مِنْ رِوَايَاتِ الْمِعْرَاج النَّبَوِيّ مَعَ كَثْرَة

(1/37)

طرقها أَن النَّبِي كَانَ عِنْدَ ذَلِكَ مُتَنَعِّلا، وَلا ثَبَتَ أَنَّهُ رُقِيَ عَلَى الْعَرْشِ وَأَنْ وَصَلَ إِلَى مَقَامٍ دَنَا مِنْ رَبِّهِ فَتَدَلَّى {فَكَانَ قَابَ قوسين أَو أدنى} ، فَأَوْحَى رَبُّهُ إِلَيْهِ مَا أَوْحَى.

وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلامَ فِي هَذَا الْمَرَامِ فِي رِسَالَتِي غَايَةُ الْمَقَالِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّعَالِ فَلْتُطَالِعْ.

وَمِنْهَا؛ مَا يَذْكُرُهُ الْوُعَّاظُ مِنْ أَنَّ النَّبِي أُعْطِيَ عِلْمَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مُفَصَّلا وَوُهِبَ لَهُ عِلْمُ كُلِّ مَا مَضَى وَمَا يَأْتِي كُلِّيًّا وَجُزْئِيًّا وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِهِ وَعِلْمِ رَبِّهِ مِنْ حَيْثُ الإِحَاطَةُ وَالشُّمُولُ، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ بِنَفْسِ ذَاتِهِ بِدُونِ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ بِخِلافِ عِلْمِ الرَّسُولِ فَإِنَّهُ حَصَلَ لَهُ بِتَعْلِيمِ رَبِّهِ، وَهَذَا زخرف من القَوْل وزور على مَا صرح بِهِ ابْن حجر الْمَكِّيّ فِي الْمنح المكية شرح القصيدة الهمزية وَغَيره من أَرْبَاب الشُّعُور، وَالثَّابِت من الْآيَات القرآنية وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة هُوَ من أَن الْإِحَاطَة والشمول وَعلم كل غيب مُخْتَصّ بجناب الْحق وَلم توهب هَذِه الصّفة من جَانب الْحق لآحد من الْخلق، نعم عُلُوم نَبينَا أَزِيد وَأكْثر من عُلُوم سَائِر الْأَنْبِيَاء وَالرسل، وَتَعْلِيم ربه الْأُمُور الغيبية لَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى تَعْلِيمه غَيره أكمل، فَهُوَ أكمل علما وَعَملا وَسيد الْمَخْلُوقَات رُتْبَة وفضلا.

وَمِنْهَا؛ مَا يَذْكُرُهُ الوعاظ من أَن النَّبِي كَانَ عَالِمًا بِالْقُرْآنِ بِتَمَامِهِ وَتَالِيًا لَهُ مِنْ حِينِ وِلادَتِهِ وَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فِي جَوَابِ قَوْلِ جِبْرِيلَ لَهُ عِنْدَ بَدْءِ الْوَحْيِ اقْرَأْ عَلَيَّ مَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ إِنِّي لَا أَقْرَأُ بِأَمْرِكَ فَإِنِّي عَالِمٌ بِهِ وَقَارِئٌ مِنْ قبل.

وَهَذَا فِرْيَة بِلَا مرية تكذبها الْآيَات القرآنية وَالْأَخْبَار النَّبَوِيَّة.

وَمِنْهَا؛ مَا يذكرُونَهُ من أَنه لَمْ يَكُنْ أُمِّيًّا بَلْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكِتَابَةِ وَالتِّلاوَةِ مِنَ ابْتِدَاءِ الْفِطْرَةِ وَهَذَا قَول مُخَالف للْكتاب وَالسّنة بل وَإِجْمَاع الْأمة فَلَا عِبْرَة بِهِ عِنْد أَرْبَاب الفطنه. وَمِنْهَا مَا يذكرُونَهُ عِنْد ذكر حسن

(1/38)

الْخلق المحمدي من قصَّة عكاشة وَهِي مَا أخرجه أَبُو النَّعيم فِي حلية الْأَوْلِيَاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِذَا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: ((يَا جِبْرِيلُ نَفْسِي قَدْ نُعِيَتْ)) ]] ]] ]] ] فَقَالَ جِبْرِيلُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى، فَأمر رَسُول الله بِلالا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلاةِ جَمَاعَةً فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَبَكَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، ثُمَّ قَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ نَبِيٍّ كُنْتُ لَكُمْ فَقَالُوا جَزَاكَ اللَّهُ مَنْ نَبِيٍّ خَيْرًا فَلَقَدْ كُنْتَ لَنَا كَالأَبِ الرَّحِيمِ وَكَالأَخِ النَّاصِحِ الْمُشْفِقِ أَدَّيْتَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَأَبْلَغْتَنَا وَحْيَهُ وَدَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَازَى عَنْ أُمَّتِهِ فَقَالَ لَهُمْ: ((مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ إِنِّي أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَبِحَقِّي عَلَيْكُمْ مَنْ كَانَتْ لَهُ قَبْلِي مَظْلَمَةٌ فَلْيَقُمْ فَلْيَقْتَصَّ مِنِّي قَبْلَ الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) ]] ]] ]] ] ، فَقَامَ مِنْ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ شَيْخٌ كَبِيرٌ يُقَالُ لَهُ عُكَّاشَةُ، فَتَخَطَّى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدي النَّبِي فَقَالَ: فِدَاكَ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْلا أَنَّكَ نَاشَدْتَنَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَا كُنْتُ بِالَّذِي أَتَقَدَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْكَ كُنْتُ مَعَكَ فِي غَزَاةٍ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَنَصَرَ نَبِيَّهُ وَكُنَّا فِي الانْصِرَافِ حَاذَتْ نَاقَتِي نَاقَتَكَ فَنَزَلْتُ عَنِ النَّاقَةِ وَدَنَوْتُ مِنْكَ لأُقَبِّلَ فَخِذَكَ فَرَفَعْتَ الْقَضِيبَ فَضَرَبْتَ خَاصِرَتِي فَلا أَدْرِي أَكَانَ ذَلِك عمدا مِنْك أم أردْت ضرب النَّاقة، فَقَالَ الرَّسُول أُعِيذُكَ بِجَلالِ اللَّهِ أَنْ يَتَعَمَّدَ رَسُول الله بِالضَّرْبِ. يَا بِلالُ انْطَلِقْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ وَأْتِنِي بِالْقَضِيبِ الْمَمْشُوقِ، فَخَرَجَ بِلالٌ مِنَ الْمَسْجِدِ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يُنَادِي هَذَا رَسُول الله يُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ فَقَرَعَ بَابَ فَاطِمَةَ وَقَالَ: يَا بِنْتَ رَسُول الله نَاوِلِينِي الْقَضِيبَ الْمَمْشُوقِ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا بِلالُ وَمَا يَصْنَعُ أَبِي بِالْقَضِيبِ وَلَيْسَ هَذَا يَوْمَ حَجٍّ، وَلا غَزَاةٍ، فَقَالَ: مَا أَغْفَلَكِ عَمَّا فِيهِ أَبُوكِ إِنَّ رَسُولَ الله يُوَدِّعُ الدِّينَ وَيُفَارِقُ الدُّنْيَا وَيُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَمن ذَا

(1/39)

الَّذِي تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ من رَسُول الله. يَا بِلالُ قُلْ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَقُومَانِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَيَقْتَصَّ مِنْهُمَا وَلا يَدَعَانِهِ يَقْتَصُّ مِنْ رَسُول الله فَدفع رَسُول الله الْقَضِيبَ إِلَى عُكَاشَةَ فَلَمَّا نَظَرَ أَبُو بكر وَعمر إِلَى ذَلِكَ قَالا يَا عُكَّاشَةُ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ فَاقْتَصَّ مِنَّا وَلا تقتص من رَسُول الله، فَقَالَ لَهما رَسُول الله: ((امْضِ يَا أَبَا بَكْرٍ، وَأَنْتَ يَا عُمَرُ فَامْضِ فَقَدْ عَرَفَ اللَّهُ مَكَانَكُمَا وَمَقَامَكُمَا)) ]] ]] ]] . فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا عُكَّاشَةُ إِنَّا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بَين يَدي رَسُول الله وَلَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ تَضْرِبَ رَسُول الله فَهَذَا ظَهْرِي وَبَطْنِي اقْتَصْ مِنِّي وَأَجْلِدْنِي مَائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَقْتَصْ من رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله ((يَا عَلِيُّ اقْعُدْ، فَقَدْ عَرَفَ الله مَكَانك ونيتك)) ]] ]] ]] ، فَقَامَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، فَقَالا: يَا عُكَّاشَةُ أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّا سِبْطَا رَسُول الله، فَالْقِصَاصُ مِنَّا كَالْقِصَاصِ مِنْ رَسُولِ الله، فَقَالَ لَهُمَا اقْعُدَا يَا قُرَّةَ عَيْنِي لَا نَسِيَ اللَّهُ هَذَا الْمَقَامَ لَكُمَا)) ]] ]] ]] ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ((يَا عُكَّاشَةُ! اضْرِبْ إِنْ كُنْتَ ضَارِبًا)) ]] ]] ]] . فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ضَرَبْتَنِي وَأَنَا حَاسِرٌ فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ، وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ وَقَالُوا: أَتُرَى عُكَّاشَةُ ضَارِبًا لِرَسُولِ اللَّهِ فَلَمَّا نَظَرَ عُكَّاشَةُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي مَنْ تَطِيقُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْك، فَقَالَ لَهُ النَّبِي: ((إِمَّا أَنْ تَضْرِبَ وَإِمَّا أَنْ تَعْفُوَ)) ]] ]] ]] ، فَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ رَجَاءَ أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنِّي يَوْم الْقِيَامَة، فَقَالَ النَّبِي ((مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا)) ]] ]] ]] ، فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ، فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَ مَا بَين عين عُكَّاشَةَ وَيَقُولُونَ: طُوبَى لَكَ طُوبَى لَك نلْت الدَّرَجَات العلى ومرافقة رَسُول الله.

الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الْمَوْضُوعَاتِ لابْنِ الْجَوْزِيِّ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هَذَا مَوْضُوعٌ وَآفَتُهُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ انْتَهَى. أَيْ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بن إِدْرِيسَ بْنِ سِنَانٍ الرَّاوِي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ. عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وَعنهُ مُحَمَّد ابْن أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ وَعَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، وَعَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ السُّيُوطِيُّ فِي الَّلآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ فِي الأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ

(1/40)

وَابْنُ عِرَاقِ فِي تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ عَن الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وَغَيرهمَا، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مِيزَانِ الاعْتِدَالِ فِي نَقْدِ الرِّجَالِ: عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ الْيَمَانِيُّ مَشْهُورٌ قَصَّاصٌ لَيْسَ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. تَرَكَهُ غَيْرُ وَاحِد. وأفصح أَحْمد ابْن حَنْبَلٍ، فَقَالَ: كَانَ يَكْذِبُ عَلَى وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ نَا مُحَمَّد ابْن الْحُسَيْنِ الأَنْمَاطِيُّ، نَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِي: مَا طَارَ ذُبَابٌ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ إِلا بِقَدَرٍ وَلَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبٍ عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ خَبَرٌ فِي وَفَاةِ رَسُولِ الله طَوِيلٌ وَأَنَّهُ دَفَعَ الْقَضِيبَ إِلَى عُكَاشَةَ لِيَقْتَصَّ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ حَبَّانَ: يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى أَبِيهِ وَعَلَى غَيْرِهِ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ انْتَهَى.

وَفِيهِ أَيْضًا إِدْرِيسُ بْنُ سِنَانٍ الصَّنْعَانِيُّ سِبْطُ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَقَالَ: الدَّارَ قُطْنِيُّ مَتْرُوكٌ وَعَنْهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَبَّانَ فِي تَارِيخِهِ انْتَهَى.

وَفِي لِسَان الْمِيزَان لِلْحَافِظِ ابْن حَجَرٍ الْعَسْقَلانِيِّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ نَقَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْكِرِيمِ مَاتَ إِدْرِيسُ وَعَبْدُ الْمُنْعِمِ رَضِيعٌ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ لَمَّا سُئِلَ عَنْهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا. وَقَالَ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ الْكَذَّابُ الْخَبِيثُ، وَعَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَاهِي الْحَدِيثِ وَقَالَ الْفَلاسُ مَتْرُوكٌ أَخَذَ كُتُبَ أَبِيهِ فَحَدَّثَ بِهَا، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ أَخَذَ كُتُبًا فَرَوَاهَا. وَقَالَ النِّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَقَالَ السَّاجِيُّ:

(1/41)

كَانَ يَشْتَرِي كُتُبَ السِّيرَةِ فَيَرْوِيهَا مَا سَمِعَهَا مِنَ أَبِيهِ وَلا بَعْضهَا انْتهى.

وَمِنْهَا: مَا يَذْكُرُونَهُ فِي ذِكْرِ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيّ أَن نور مُحَمَّد خُلِقَ مِنْ نُورِ اللَّهِ بِمَعْنَى أَنَّ ذَاتَهُ الْمُقَدَّسَةَ صَارَتْ مَادَّةً لِذَاتِهِ الْمُنَوَّرَةِ وَأَنَّهُ تَعَالَى أَخَذَ قَبْضَة من نوره فخلق من نُورَهُ، وَهَذَا سَفْسَطَةٌ مِنَ الْقَوْلِ، فَإِنَّ ذَاتَ رَبِّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ أَنْ تَكُونَ مَادَةً لِغَيْرَةٍ وَأَخْذُ قَبْضَةٍ مِنْ نُورِهِ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْهُ جُزْءٌ فَجَعَلَهُ نُورَ نَبِيِّهِ فَإِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْتَجَزِي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتْبَعَهُ فِي ذَاتِهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْهُ.

وَالَّذِي أَوْقَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْوَرْطَةِ الظَّلْمَاءِ هُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفَةٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ قَبْلَ الأَشْيَاءِ، فَقَالَ: يَا جَابِرُ! إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ قَبْلَ الأَشْيَاءِ نُورُ نَبِيِّكَ مِنْ نُورِهِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ النُّورِ يَدُورُ بِالْقُدْرَةِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَوْحٌ وَلا قَلَمٌ وَلا جَنَّةٌ وَلا نَارٌ وَلا مُلْكٌ وِلا سِمِاءٌ وَلا أَرْضٌ وَلا شَمْسٌ وَلا قَمَرٌ وَلا جِنِّيٌ وَلا إِنْسٌ. الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ بِتَمَامِهِ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ أخطأوا فِي فَهْمِ الْمُرَادِ النَّبَوِيِّ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ مِنْ نُورِهِ كَالإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ خَلْقِ آدَمَ ونفخت فِيهِ من روحي وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ قِصَّةِ سَيِّدِنَا عِيسَى وَرَوْحٌ مِنْهُ، وَكَقَوْلِهِمْ بَيْتُ اللَّهِ الْكَعْبَةُ وَالْمَسَاجِدُ وَقَوْلِهِمْ رَوْحُ اللَّهِ لِعِيسَى وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِهِ مِنْ نُورِهِ إِضَافَةَ تَشْرِيفٍ وَإِشْعَارٍ بِأَنَّهُ خَلْقٌ عَجِيبٌ، وَأَنَّ لَهُ شَأْنًا لَهُ مُنَاسَبَةٌ مَا إِلَى الْحَضْرَةِ الرُّبُوبِيَّةِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى وَنَفَخَ فِيهِ من روحه، وَهِيَ بَيَانِيَّةٌ أَيْ مِنْ نُورٍ هُوَ ذَاتُهُ لَا بِمَعْنَى إِنَّهَا مَادَةُ خَلْقِ نُورِهِ بَلْ بِمَعْنَى تَعَلُّقِ الإِرَادَةِ بِهِ بِلا وَاسِطَةِ شَيْء فِي وجوده. انْتهى.

(1/42)

وَقَالَ أَيْضًا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَوْرَاقٍ عَدِيدَةٍ أَمَّا مَا ذَكَر مِنْ أَنَّ اللَّهَ قَبَضَ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ قَبْضَةً وَنَظَرَ إِلَيْهَا فَعَرَقَتْ وَذَلَقَتْ فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْ كُلِّ نُقْطَةٍ نَبِيًّا وَإِنَّ الْقَبْضَةَ كَانَتْ هِيَ النَّبِي وَإِنَّهُ كَانَ كَوْكَبًا دُرِّيًّا وَإِنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ خُلِقَ مِنْهُ وَإِنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ أَبَوَاهُ، وَإِنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيهِ جِبْرِيلُ وَأَمْثَالُ هَذِهِ الأُمُورِ فَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ تَيْمِيَةَ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَارِيخِهِ وَأَقَرَّهُ كُلُّ ذَلِكَ كَذِبٌ مُفْتَرَى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِحَدِيثِهِ انْتِهَى.

تَنْبِيه:

قد ثَبت من رِوَايَة عبد الرَّزَّاق أولية النُّور المحمدي خلفا وسبقته على الْمَخْلُوقَات سبقا.

وَقد اشْتهر بَين الْقصاص حَدِيث أول مَا خلق الله نوري وَهُوَ حَدِيث لم يثبت بِهَذَا المبنى وَإِن ورد غَيره مُوَافقا لَهُ فِي الْمَعْنى. قَالَ السُّيُوطِيّ فِي تَعْلِيق جَامع التِّرْمِذِيّ المسمي بقوت المغتذي عِنْد شرح حَدِيث إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم. قَالَ زين الْعَرَب فِي شرح المصابيح يُعَارض هَذَا الحَدِيث مَا روى إِن أول مَا خلق الله الْعقل وَإِن أول مَا خلق الله نوري وَإِن أول مَا خلق الله الرّوح وَإِن أول مَا خلق الله الْعَرْش وَيُجَاب بِأَن الأولية من الْأُمُور الإضافية فيأول إِن كل وَاحِد مِمَّا ذكر خلق قبل مَا هُوَ من جنسه، فالقلم خلق قبل الْأَجْسَام ونوره عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قبل الْأَنْوَار وَيحمل حَدِيث الْعقل على إِن أول مَا خلق الله من الْأَجْسَام اللطيفة الْعقل، وَمن الكثيفة الْعَرْش فَلَا تنَاقض فِي شَيْء من ذَلِكَ. انْتهى. أَي كَلَام زين الْعَرَب. قلت حَدِيث الْعقل مَوْضُوع وَالثَّلَاثَة الْأُخَر لم ترد بِهَذَا اللَّفْظ فاستغنى عَن التَّأْوِيل. انْتهى.

قلت: نَظِير أول مَا خلق الله نوري من عدم ثُبُوته لفظا ووروده

(1/43)

معنى مَا اشْتهر عَليّ لِسَان الْقصاص والعوام والخواص من حَدِيث لَوْلاكَ لَمَا خَلَقْتُ الأَفْلاكِ.

قَالَ عَلِيٌّ الْقَارِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْمَوْضُوعَاتِ حَدِيثَ لَوْلاكَ لَمَا خَلَقْتُ الأَفْلاكِ. قَالَ الْعَسْقَلانِيُّ مَوْضُوعٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَة لَكِن مَعْنَاهُ صَحِيح فقد روى الديلمي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ، قَالَ اللَّهُ يَا مُحَمَّدُ! لَوْلاكَ مَا خَلَقْتُ الْجَنَّةَ وَلَوْلاكَ مَا خَلَقْتُ النَّارَ انْتَهَى.

ذكر الْقَسْطَلانِيُّ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ وَالزُّرْقَانِيُّ فِي شرح أَنَّ الْحَاكِمَ أَخْرَجَ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا: إِنَّ آدَمَ رَأَى اسْمَ مُحَمَّدٍ مَكْتُوبًا عَلَى الْعَرْشِ وَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لآدَمَ: لَوْلا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُكَ. وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ فِي طَبَقَاتِ الأَصْفَهَانِيِّينَ وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى آمِنْ بِمُحَمَّدٍ وَمُرْ أُمَّتَكَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ، فَلَوْلا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُ آدَمَ وَلا الْجَنَّةَ وَلا النَّارَ، وَلَقَدْ خَلَقْتُ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ فَاضْطَرَبَ فَكتبت عَلَيْهِ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَفِي سَنَدِهِ عُمَرُ وَابْنُ أَوْسٍ لَا يَدْرُي مَنْ هُوَ.

(1/44)

قَالَ الذَّهَبِيُّ وَعِنْدَ الدَّيْلَمِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لَوْلاكَ مَا خَلَقْتُ الْجَنَّةَ وَلَوْلاكَ مَا خَلَقْتُ النَّارَ.

وَكَذَا مَا اشْتهر على أَلْسِنَة الْقصاص من حَدِيث كنت نَبيا وآدَم بَين المَاء والطين. وفى رِوَايَة وَكنت نَبيا وَلَا آدم وَلَا مَاء وَلَا طين، فَإِنَّهُ صرح السخاوي فِي ((الْمَقَاصِد الْحَسَنَة فِي بَيَان كثير من الْأَحَادِيث المشتهرة على الْأَلْسِنَة)) ]] ]] ]] ] ، والسيوطي فِي ((الدُّرَر المشتهرة فِي الْأَخْبَار المشتهرة)) ]] ]] ]] ] ، وَغَيرهمَا بِأَنَّهُ مَوْضُوع بِهَذَا اللَّفْظ. نعم ثَبت عِنْد الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَصَححهُ، وَأبي نعيم فِي حلية الْأَوْلِيَاء، وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مَيْسَرَةَ الضَّبِّيِّ. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ {مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ الْعِرْبَاض ابْن سَارِيَةَ مَرْفُوعًا: إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ إِنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ} مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُّوَةُ؟ قَالَ: وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ.

وَمِنْهَا، مَا يَذْكُرُهُ الْوُعَّاظُ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدِيِّ أَنَّهُ فِي لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي سَقَطَتْ مِنْ يَدِ عَائِشَةَ إبرته فَفُقِدَتْ فَالْتَمَسَتْهَا وَلَمْ تَجِد فَضَحِكَ النَّبِيُّ وَخَرَجَتْ لَمْعَةُ أَسْنَانِهِ فَأَضَاءَتِ الْحُجْرَةَ وَرَأَتْ عَائِشَةُ بِذَلِكَ الضَّوْءِ إبرته.

وَهَذَا، وَإِن كَانَ مَذْكُورا فِي معارج النُّبُوَّة وَغَيره من كتب السّير

(1/45)

الجامعة للرطب واليابس فَلَا يسْتَند بِكُل مَا فِيهَا إِلَّا النَّائِم والناعس وَلكنه لم يثبت رِوَايَة ودراية.

وَمِنْهَا مَا يذكرُونَهُ عِنْد ذكر السَّمَاعِ الْمُحَمَّدِيِّ إِنَّهُ يَسْمَعُ صَلاةَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ نَائِيًا مِنْ قَبْرِهِ بِلا وَاسِطَةٍ.

وَهَذَا بَاطِلٌ لَمْ يَثْبُتْ بِرِوَايَةٍ بَلِ الثَّابِتُ خِلافُهُ، فَقَدْ قَالَ النَّبِي مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي سَمِعْتُهُ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ نَائِيًا أَيْ بَعِيدًا وَكَّلَ اللَّهُ بِهَا ملكا يبلغنِي وَكُفِيَ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ وَكُنْتُ لَهُ شَفِيعًا وَشَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَأَبُو الشَّيْخ فِي كتاب الثَّوَاب والعقيلى فِي كتاب الضُّعَفَاء، وَله شَوَاهِد بسط الْكَلَام فِيهَا السُّيُوطِيّ فِي اللالئ المصنوعة وَابْن عراق فِي تَنْزِيه الشَّرِيعَة.

وَمِنْهَا مَا يذكرُونَهُ من أَن النَّبِي يَحْضُرُ بِنَفْسِهِ فِي مَجَالِسِ وَعْظِ مولده عِنْد ذكر مَوْلِدِهِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ الْقِيَامَ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَوْلِدِ تَعْظِيمًا وَإِكْرَامًا.

وَهَذَا أَيْضا من الأباطيل لم يثبت ذَلِكَ بِدَلِيل، وَمُجَرَّد الِاحْتِمَال والإمكان خَارج عَن حد الْبَيَان وأمثال هَذِه الْقَصَص الَّتِي ذَكرنَاهَا كَثِيرَة تذكرها وعاظ الْفضل المحمدي والمولد الأحمدي مَعَ اختلاقها وَعدم ثُبُوتهَا ظنا مِنْهُم أَن فِي ذكر جلالة الْقدر المحمدي ثَوابًا عَظِيما، وفضلا جسيما غافلين عَمَّا يَتَرَتَّب من الْإِثْم الْعَظِيم على من كذب على النَّبِي عَلَيْهِ

(1/46)

الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم فِي قَول أَو فعل أَو وصف جمالي أَو كمالي، كَمَا دلّت عَلَيْهِ الْأَخْبَار الصَّرِيحَة والْآثَار الصَّحِيحَة.

وَبِالْجُمْلَةِ؛ فاللازم على كل مُسلم أَن يحْتَاط فِي أَمْثَال هَذِه الْأُمُور وَلَا يذكر شَيْئا لَا بعد تنقيحه وتحقيقه من الْكتب الْمُعْتَبرَة لأَصْحَاب العبور وَلَا يجترئ على ذكر مَا اخترعه طبعه أَو سطره كل من مضى قبله، وَإِن كَانَ من الغث والثمين وَلَا يفرقون بَين الشمَال وَالْيَمِين، فَإِنَّهُ جِنَايَة عَظِيمَة وخيانة جسيمة.

وَهَذَا أَوَان الشُّرُوع فِي الْمَقْصُود متوكلا على المفيض الْجواد المعبود.

الإيقاظ الأول: فِي ذكر أَحَادِيث صلوَات أَيَّام الْأُسْبُوع ولياليها.

الجزء الاول

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة

صَلَوَاتُ يَوْمِ السبت

حَدِيث: مَنْ صَلَّى يَوْمَ السَّبْتِ أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمد مرّة وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ ثَلَاث مَرَّات وَقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مَرَّةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ يَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ عِبَادَةَ سَنَةٍ صِيَامُ نَهَارِهَا وَقِيَامُ لَيْلِهَا. وَبَنَى اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ يَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ مَدِينَةً فِي الْجَنَّةِ وَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ بِكُلِّ يَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ رَقَبَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَكَأَنَّمَا قَرَأَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْفُرْقَانَ وَأَعْطَاهُ اللَّهُ بِكُلِّ يَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ ثَوَابَ أَلْفِ شَهِيدٍ، وَنَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ وَقَبْرَهُ بِأَلْفِ نُورٍ وَأَلْبَسَهُ أَلْفَ حُلَّةٍ، وَسَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَهُمْ وَزَوَّجَهُ اللَّهُ بِكُلِّ حَرْفٍ حَوْرَاءَ وَأَعْطَاهُ بِكُلِّ أَيَةٍ ثَوَابَ أَلْفِ صِدِّيقٍ وَأَعْطَاهُ بِكُلِّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ ثَوَابَ أَلْفِ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَكَتَبَ لَهُ بِكُلِّ يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ حِجَّةً وَعُمْرَةً. أَخْرَجَهُ الْجَوْزَقَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا.

قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ مَوْضُوع فِيهِ جمَاعَة مَجْهُولُونَ وَإِسْحَاق بْن يحيى أحد رُوَاته مَتْرُوك انْتهى.

(1/47)

وَأقرهُ عَلَيْهِ السُّيُوطِيّ وَغَيره. وَقد ذكره الْغَزالِيّ فِي إحْيَاء الْعُلُوم.

قَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ فِي تَخْرِيج أَحَادِيثه رَوَاهُ جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْفرْيَابِيّ فِي جزئه فِي فضل صلوَات الْأَيَّام من طَرِيق مُحَمَّد بْن حميد الرَّازِيّ. وَرَوَاهُ لحافظ أَبُو موسي الْمَدِينِيّ فِي وظائف اللَّيَالِي وَالْأَيَّام من وَجه آخر وَهُوَ بَاطِل مركب على الْإِسْنَاد الَّذِي رَوَاهُ انْتهى.

حَدِيثُ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ السَّبْتِ أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَرَّةً وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أحد خمْسا وَعشْرين مرّة حَرَّمَ اللَّهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ.

أَخْرَجَهُ الْجَوْزَقَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: مَوْضُوع غَالب رُوَاته مَجْهُولُونَ. وَمن رُوَاته يزِيد ضَعِيف. والهيثم مَتْرُوك، وَبشر لَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ، وَأحمد بْن عبد الله هُوَ الجويباري الوضاع. انْتهى.

وَأقرهُ عَلَيْهِ السُّيُوطِيّ وَابْنُ عِرَاقِ فِي تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ عَن الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وَغَيرهمَا.

حَدِيث: مَنْ صَلَّى يَوْمَ السَّبْتِ عِنْدَ الضُّحَى أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَرَّةً وَقل هُوَ الله أحد خَمْسَة عشر مَرَّةً أَعْطَاهُ اللَّهُ بِكُلِّ رَكْعَةٍ أَلْفَ قَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةٍ بالدر والياقوت. فِي كُلِّ قَصْرٍ أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرٌ مِنْ مَاءٍ، وَنَهْرٌ مِنْ لَبَنٍ، وَنَهْرٌ مِنْ خَمْرٍ وَنَهْرٌ مِنْ عَسَلٍ عَلَى شَطِّ تِلْكَ الأَنْهَارِ أَشْجَارٌ مِنْ نُورٍ كُلُّ شَجَرَةٍ بِعَدَدِ أَيَّامِهَا الدُّنْيَا أَغْصَانٌ عَلَى كُلِّ غُصْنٍ بِعَدَدِ الرَّمْلِ وَالثَّرَى ثِمَارٌ غُبَارُهَا الْمِسْكُ، وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ مَجْلِسٌ مُظَلَّلٌ بِنُورِ الرَّحْمَنِ تُجْمَعُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ تَحْتَ تِلْكَ الأَشْجَارِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ.

(1/48)

أَخْرَجَهُ الْجَوْزَقَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ قَالَهُ ابْن الْجَوْزِيّ والسيوطي وَغَيرهمَا.

حَدِيث؛ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الاثْنَيْنِ سِتَّ رَكْعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَرَّةً وَعِشْرِينَ مَرَّةً قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَيَسْتَغْفِرُ بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوَابَ أَلْفِ صِدِّيقٍ وَأَلْفِ عَابِدٍ وَأَلْفِ زَاهِدٍ وَيُتَوَّجُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِتَاجٍ مِنْ نُورٍ يَتَلأْلأُ وَلا يَخَافُ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَيَمُرُّ عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ.

أخرجه الجوزقاني قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ والسيوطي وَابْن عراق مَوْضُوع.

صلوَات يَوْم الْأَحَد

حَدِيث؛ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الأَحَدِ أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَرَّةً وَخَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوَابَ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَعَمِلَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَيَخْرُجُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قَبْرِهِ وَوَجْهُهُ مِثْلُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَيُعْطِيهِ اللَّهُ بِكُلِّ رَكْعَةٍ أَلْفَ دَارٍ مِنَ الْيَاقُوتِ فِي كل دَار بَيْتٍ مِنَ الْمِسْكِ فِي كُلِّ بَيْتٍ أَلْفُ سَرِيرٍ فَوْقَ كُلِّ سَرِيرٍ حَوْرَاءُ بَيْنَ يَدِ كُلِّ حَوْرَاءَ أَلْفُ وَصِيفَةٍ وَأَلْفُ وَصِيفٍ.

أَخْرَجَهُ الْجَوْزَقَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ مُظْلَمُ إِسْنَادِهِ عَامَّةُ رِوَاتِهِ مَجْهُولُونَ، وَفَيهِ سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ كَذَّابٌ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ والسيوطي وَغَيرهمَا.

(1/49)

حَدِيث؛ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الأَحَدِ عِشْرِينَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ خَمْسِينَ مَرَّةً وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ مَرَّةً وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَاسْتَغْفَرَ لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ مِائَةَ مَرَّةٍ وَتَبَرَّأَ مِنْ حَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ وَالْتَجَأَ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ آدَمَ صَفْوَةُ اللَّهِ وَفِطْرَتُهُ وَإِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ، وَمُوسَى كَلِيمُ اللَّهِ، وَعِيسَى روح الله ومحمدا حَبِيبُ اللَّهِ كَانَ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ بِعَدَدِ مَنِ ادَّعَى لِلَّهِ وَلَدًا وَمَنْ لَمْ يَدَّعِ لِلَّهِ وَلَدًا وَبَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الآمِنِينَ وَكَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ مَعَ النَّبِيِّينَ.

ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي إِحْيَاءِ الْعُلُومِ مَنْسُوبًا إِلَى أَنَسٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِهِ ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ وَهُوَ مُنكر، وروى أَبُو مُوسَي الَمَدِينِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي فَضْلِ الصَّلاةِ فِيهَا سِتُّ رَكْعَاتٍ وَأَرْبَعُ رَكْعَاتٍ وَكِلاهُمَا ضَعِيف جدا انْتهى.

حَدِيثُ؛ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الأَحَدِ أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَرَّةً وَقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ خَمْسِينَ مَرَّةً حَرَّمَ اللَّهُ لَحْمَهُ عَلَى النَّارِ وَبَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ آمِنٌ مِنَ الْعَذَابِ وَيُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَمُرُّ عَلَى الصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ اللامِعِ.

أَخْرَجَهُ الْجَوْزَقَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ فِي سَنَدِهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ كَذَّابٌ وَمَجْهُولانِ. كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالسُّيُوطِيُّ وَغَيرهمَا.

(1/50)

حَدِيث؛ من صلى يَوْم الْأَحَد أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمْدَ مَرَّةً وآمن الرَّسُول إِلَى آخِرِهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ نَصْرَانِيٍّ وَنَصْرَانِيَّةٍ أَلْفَ حِجَّةٍ وَأَلْفَ عُمْرَةٍ وَبِكُلِّ رَكْعَةٍ أَلْفَ صَلاةٍ وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ أَلْفَ خَنْدَقٍ وَفَتَحَ لَهُ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ وَقَضَى حَوَائِجَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

أَخْرَجَهُ الْجَوْزَقَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ. هَذَا مَوْضُوعٌ فِي إِسْنَادِهِ مَجَاهِيلُ. قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالسُّيُوطِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الإِحْيَاءِ بِلَفْظٍ كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ نَصْرَانِيٍّ وَنَصْرَانِيَّةٍ حَسَنَاتٌ وَأَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ نَبِيٍّ وَكَتَبَ لَهُ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَكَتَبَ لَهُ بِكُلِّ رَكْعَةِ أَلْفَ صَلاةٍ وَأَعْطَاهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ بِكُلِّ حَرْفٍ مَدِينَةً مِنْ مِسْكٍ أَذْفَرَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ رَوَاهُ أَبُو مُوسَي الَمَدِينِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَأَلانَ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَي الْقَوْلَ فِي تَضْعِيفِهِ، وَهُوَ كذب مَوْضُوع انْتهى.

صلوَات يَوْمِ الاثْنَيْنِ

حَدِيثُ؛ مَنْ صَلَّى يَوْمَ الاثْنَيْنِ أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ مرّة وَآيَة الْكُرْسِيّ مَرَّةً وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مرّة وَقل أعوذ بِرَبّ الفلق مرّة وَقل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَرَّةً وَإِذَا سَلَّمَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَشْرَ مَرَّاتٍ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ كُلُّهَا وَأَعْطَاهُ اللَّهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ فِي جَوْفِ الْقَصْرِ سَبْعَةُ أَبْيَاتٍ طُولُ كُلِّ بَيْتٍ ثَلاثَةُ آلافِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهُ مِثْلُ ذَلِكَ الْبَيْتُ الأَوَّلُ مِنْ فِضَّةٍ بَيْضَاءَ. وَالْبَيْتُ الثَّانِي مِنْ ذَهَبٍ، وَالْبَيْتُ الثَّالِثُ مِنْ لُؤْلُؤٍ، وَالْبَيْتُ الرَّابِع من الزمرد وَالْبَيْتُ الْخَامِسُ مِنْ زَبَرْجَدٍ، وَالْبَيْتُ السَّادِسُ مِنْ دُرٍّ وَالْبَيْتُ السَّابِعُ مِنْ نُورٍ يَتَلأْلأُ، وَأَبْوَابُ الْبُيُوتِ مِنَ الْعَنْبَرِ عَلَى كُلِّ بَابٍ أَلْفُ سِتْرٍ مِنْ زَعْفَرَانَ، وَفِي كُلِّ بَيْتٍ أَلْفُ سَرِيرٍ مِنْ كَافُورٍ فَوْقَ كُلِّ سَرِيرٍ أَلْفُ فرَاش فَوق كل

(1/51)

فِرَاشٍ حَوْرَاءُ خَلَقَهَا اللَّهُ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ مِنْ لَدُنْ رِجْلَيْهَا إِلَى رُكْبَتَيْهَا مِنَ الزَّعْفَرَانِ الرَّطَبِ وَمِنْ لَدُنْ رُكْبَتِهَا إِلَى ثَدْيَيْهَا مِنَ الْمِسْكِ الأَذْفَرِ وَمِنْ لَدُنْ ثَدْيَيْهَا إِلَى عُنُقِهَا مِنَ الْعَنْبَرِ الأَشْهَبِ، وَمِنْ لَدُنْ عُنُقِهَا إِلَى مَفْرَقِ رَأْسِهَا مِنَ الْكَافُورِ الأَبْيَضِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ أَلْفُ حُلَّةٍ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ كَأَحْسَنِ مَا رَأَيْتُ.

أَخْرَجَهُ الْجَوْزَقَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْبَزَّارِ عَنِ الْمُخَلِّصِ عَنِ الْبَغَوِيِّ عَنْ مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ طَرِيقِهِ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ بنْدَار عَن المخلص بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ، وَاتُّهِمَ بِهِ الْجَوْزَقَانِيُّ قَائِلا الْمُتَّهم بِهِ الْجَوْزَقَانِيُّ لأَنَّ الإِسْنَادَ كُلَّهُ ثِقَاتٌ وَإِنَّمَا هُوَ الَّذِي وَضَعَ هَذَا وَعَمَلَ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ. وَقَدْ ذَكَرَ الثُّلاثَاءَ وَمَا بَعْدَهُ، فَأَضْرَبْتُ عَنْ سَيِّئَاتِهِ إِذْ لَا فَائِدَةَ مِنْ تَضْيِيعِ الزَّمَانِ بِمَا لَا يَخْفَى وَضْعُهُ، وَلَقَدْ كَانَ لِهَذَا الرَّجُلِ حَظٌّ عَظِيمٌ مِنْ عِلْمِ الْحَدِيثِ، فَسُبْحَانَ مَنْ يَطْمِسُ عَلَى الْقُلُوب. انْتهى.

وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي لِسَان الْمِيزَان: الْعجب من ابْن الْجَوْزِيّ يتهم بِوَضْع هَذَا الْمَتْن على هَذَا الْإِسْنَاد الجوزقاني ويسوقه من طَريقَة الَّذِي هُوَ عِنْده مركب ثُمَّ يعليه بِالْإِجَازَةِ، عَن على بْن عبيد الله وَهُوَ ابْن الزغوني عَن عَليّ بْن بنْدَار وَلَو كَانَ حدث بِهِ لَكَانَ على شَرط الصَّحِيح إِذْ لم يبْق للجوزقاني الَّذِي اتهمه بِهِ فِي الْإِسْنَاد مدْخل وَهَذِه غَفلَة عَظِيمَة فَلَعَلَّ الجوزقاني دخل عَلَيْهِ إِسْنَاد فِي إِسْنَاد لِأَنَّهُ كَانَ قَلِيل الْخِبْرَة بأحوال الْمُتَأَخِّرين وَجعل اعْتِمَاده فِي كتاب الأباطيل عَن الْمُتَقَدِّمين إِلَيّ عهد ابْن حبَان، وَأما من تَأَخّر عَنهُ فيعل الحَدِيث بِأَن رُوَاته مَجَاهِيل، وَقد يكون أَكْثَرهم مشاهير وَعَلِيهِ فِي كثير مِنْهُ مناقشات انْتهى.

حَدِيثُ مَنْ صَلَّى يَوْمَ الاثْنَيْنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابَ وَآيَةَ الْكُرْسِيَّ مَرَّةً، فَإِذَا فَرَغَ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اثْنَتَيْ

(1/52)

عَشْرَةَ مَرَّةً وَاسْتَغْفَرَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً يُنَادَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ لِيَقُمْ فَلْيَأْخُذْ ثَوَابَهُ فَأَوَّلُ مَا يُعْطَى أَلْفُ حُلَّةٍ وَيُتَوَّجُ وَيُقَالُ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ فَيَسْتَقْبِلُهُ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ مَعَ كُلِّ مَلَكٍ هَدِيَّةٌ يُشَيِّعُونَهُ حَتَّى يَدُورَ عَلَى أَلْفِ قَصْرٍ مِنْ نُورٍ يَتَلأْلأُ.

ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي إِحْيَاءِ الْعُلُومِ مَنْسُوبًا إِلَى أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي تَخْرِيجِهِ ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَي الْمَدِينِيُّ وَهُوَ مُنْكَرٌ جدا.

صلوَات يَوْمِ الثُّلاثَاءِ

حَدِيثُ مَنْ صَلَّى يَوْمَ الثُّلاثَاءِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ عِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ. وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابَ وَآيَةَ الْكُرْسِيَّ مَرَّةً وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ إِلَى سَبْعِينَ يَوْمًا فَإِنْ مَاتَ إِلَى سَبْعِينَ يَوْمًا مَاتَ شَهِيدًا وَغُفِرَ لَهُ ذُنُوبُ سَبْعِينَ سنة.

ذكره الْغَزالِيّ، قَالَ الْعِرَاقِيّ أَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيف.

حَدِيثُ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أحد والمعوذتين خمس عشر مَرَّةً وَيَقْرَأُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً كَانَ لَهُ ثَوَابٌ عَظِيمٌ وَأَجْرٌ جَسِيمٌ.

ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَهُوِ َحَدِيثٌ مَوْضُوعٌ.

كَذَا حَدِيثُ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَرَّةً وَإِنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعْتَقَ اللَّهُ رَقَبَتَهُ مِنَ النَّارِ وَيَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَائِدَهُ وَدَلِيلَهُ إِلَى الْجنَّة.

(1/53)

ذكره الْغَزالِيّ مَنْسُوبا إِلَى رِوَايَة عُمَرَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَي بِغَيْرِ إِسْنَادٍ حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ الْمُصَنِّفِينَ وَأَسْنَدَ مِنْ حَدِيثٍ أَبُو مَسْعُودَ وَجَابِرٌ حَدِيثًا فِي صَلاةِ أَرْبَعِ رَكْعَات فِيهَا وَكلهَا مُنكرَة.

الجزء الثاني

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة

صلوَات يَوْمِ الأَرْبِعَاءِ

حَدِيثُ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي الأولى فَاتِحَة الْكتاب وَقل أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ إِذَا سَلَّمَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ عَشْرَ مَرَّاتٍ نَزَلَ مِنْ كُلِّ سَمَاء سَبْعُونَ ألف ملكا يَكْتُبُونَ ثَوَابَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ رِوَايَةِ فَاطِمَةَ وَفِى رِوَايَةٍ أُخْرَي ذَكَرَهَا أَيْضًا سِتَّ عَشَرَ رَكْعَةً يَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ مَا شَاءَ اللَّهُ وَيَقْرَأُ فِي آخِرِ الرَّكْعَتَيْنِ آيَةَ الْكُرْسِي ثَلَاثِينَ مرّة وَفِي الْأَوليين ثَلاثِينَ مَرَّةً قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُشَفَّعُ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ كُلُّهُمْ وَجَبَتْ لَهُمُ النَّارُ.

قَالَ الْعِرَاقِيُّ: رَوَاهُ أَبُو مُوسَي الْمَدِينِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا.

حَدِيث مَنْ صَلَّى يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً عِنْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكتاب وَآيَة الْكُرْسِيّ مَرَّةً وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ نَادَى مُنَادٍ عِنْدَ الْعَرْشِ يَا عَبْدَ اللَّهِ اسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَرَفَعَ اللَّهُ عَنْكَ عَذَابَ الْقَبْرِ وَضِيقَهُ وَظُلْمَتَهُ. وَرَفَعَ عَنْكَ شَدَائِدَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَرَفَعَ لَهُ مِنْ يَوْمِهِ عَمَلَ نَبِيٍّ.

ذَكَرَهُ الْغَزالِيّ مِنْ رِوَايَةِ مُعَاذٍ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: أَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ وَقَالَ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ وَهُوَ مُرَكَّبٌ وَفِي رُوَاته أحد الْكَذَّابين.

(1/54)

صلوَات يَوْمِ الْخَمِيسِ

حَدِيثُ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الْخَمِيسِ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَة الْفَاتِحَة وَآيَة الْكُرْسِيّ خمس مَرَّات وَقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَإِذَا فَرَغَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَجَعَلَ ثَوَابَهُ لِوَالِدَيْهِ فَقَدْ أَدَّى حَقَّ وَالِدَيْهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَاقًّا لَهُمَا وَأَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يُعْطِي الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءَ.

ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ الْعِرَاقِيّ: أَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ وَأَبُو مَنْصُورٍ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا وَهُوَ مُنكر.

حَدِيث مَنْ صَلَّى يَوْمَ الْخَمِيسِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي الأُولَى الْفَاتِحَةَ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ مِائَةَ مرّة وَفِي الثَّانِيَة الْفَاتِحَة وَقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مِائَةَ مَرَّةٍ وَيُصلي على النَّبِي مِائَةَ مَرَّةٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ من صَامَ رَجَب وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَكَانَ لَهُ مِنْ الثَّوَاب مِثْلُ حَاجِّ الْبَيْتِ وَكَتَبَ لَهُ بِعَدَدِ كُلِّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ حَسَنَةً.

ذكره الْغَزالِيّ. قَالَ الْعِرَاقِيّ: أَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ بِسَنَد ضَعِيف جدا.

صلوَات يَوْمِ الْجُمُعَةِ

حَدِيثُ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَرَّةً وَقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً فَكَأَنَّمَا عَبَدَ اللَّهَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً صِيَامَ نَهَارِهَا وَقِيَامَ لَيْلِهَا.

ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: بَاطِلٌ لَا أصل لَهُ.

(1/55)

حَدِيثُ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ صَلاةَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ فِي جَمَاعَةٍ وَصلى رَكْعَتي السّنة ثمَّ صلى بَعْدَهُمَا عَشْرَ رَكَعَاتٍ قَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ مَرَّةً مَرَّةً ثُمَّ أَوْتَرَ بِثَلاثِ رَكْعَاتٍ وَنَامَ عَلَى جَنْبِهِ الأَيْمَنِ وَوَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ.

ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ: بَاطِلٌ لَا أصل لَهُ.

حَدِيثُ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِيهِمَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَإِذا زُلْزِلَتِ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَفِي رِوَايَةٍ خَمْسِينَ مَرَّةً آمَنَهُ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

أَخْرَجَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُفْطِرِ فِي كِتَابِ وُصُولِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ لِلْمَيِّتِ وَالمُظَفَّرُ بْنُ الْحُسَيِّنِ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَأَبُو مَنْصُورٍ الدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ مُنْكَرَةٌ وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي صَلاةِ أَيَّامِ الأُسْبُوعِ وَلَيَالِيهِنَّ شَيْءٌ انْتَهَى.

حَدِيثُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ صَلاةٌ كُلِّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ قَامَ إِذَا اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ وَارْتَفَعَتْ قَدْرَ رُمْحٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ أَسْبَغَ الْوُضُوءَ فَصَلَّى سُبْحَةَ الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا إِلا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِائَتَيْ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ مِائَتَيْ سَيِّئَةٍ. وَمَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ رَفَعَ اللَّهُ لَهُ فِي الْجنَّة أَرْبَعمِائَة دَرَجَةٍ، وَمَنْ صَلَّى ثَمَانِ رَكْعَاتٍ رَفَعَ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ ثَمَانمِائَة دَرَجَةٍ وَغَفَرَ لَهُ ذُنُوبَهَ كُلَّهَا وَمَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَيْنِ وَمَائَتَيْ حَسَنَة ومحا عَنهُ ألفي وَمِائَتَيْ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ فِي الْجَنَّةِ أَلْفَيْ وَمِائَتَيْ دَرَجَةٍ.

ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَمْ أَجِدْ لَهُ أَصْلا وَهُوَ بَاطِل.

حَدِيث مَنْ صَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ مَرَّةً وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقل هُوَ الله أحد وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس

(1/56)

خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً. فَإِذَا سَلَّمَ قَالَ لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ خَمْسِينَ مَرَّةً لَا يَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَرَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمَنَامِ وَيَرَى مَكَانَهُ فِي الْجَنَّةِ أَوْ تُرَى لَهُ.

أَخْرَجَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ مَوْضُوعٌ وَفِيهِ مَجَاهِيلُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ السُّيُوطِيُّ وَغَيْرُهُ.

حَدِيثُ مَنْ دَخَلَ الْجَامِعَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ قَبْلَ صَلاةِ الْجُمُعَةِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الْحَمد لله وَقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ خَمْسِينَ مَرَّةً لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ يُرَى لَهُ.

ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: أخرجه الدَّارقطني من غرائب مَالك والخطيب فِي الروَاة عَن مَالك. قَالَ الدَّارقطني لَا يَصِحُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَحَدُ رُوَاتِهِ مَجْهُولٌ. وَقَالَ الْخَطِيب غَرِيب جدا انْتهى.

وَذكر على الْقَارِي الْمَكِّيّ فِي كتاب الموضوعات حَدِيث من صلى يَوْمَ الأَحَدِ أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَة إِلَيّ آخِره، وَقَالَ قبح الله وَاضعه مَا أجرأه على الله وَرَسُوله.

وَقَالَ، بعد ذكر حَدِيث صَلَاة أَربع رَكْعَات لَيْلَة الْأَحَد اسْتمرّ هَذَا الْكذَّاب الأشر على الْألف وَقَالَ، بعد ذكر حَدِيث صَلَاة سِتّ رَكْعَات لَيْلَة الِاثْنَيْنِ قبح الله وَاضعه ومختلقه على رَسُول الله وَهُوَ من عمل الجويباري الْخَبيث وَذكر حَدِيث صَلَاة أَربع رَكْعَات يَوْم الِاثْنَيْنِ الَّذِي فِيهِ ثَوَاب طَوِيل إِلَّا أَنه ذكر فِيهِ لَيْلَة الِاثْنَيْنِ على خلاف فَأقر نَقله من ابْن الْجَوْزِيّ، وَقَالَ حَدِيث طَوِيل فِيهِ من هَذِه المجازفات وَهُوَ عمل الْحُسَيْن ابْن إِبْرَاهِيم دجال كَذَّاب يروي عَن مُحَمَّد بْن طَاهِر وَوضع من هَذَا الضَّرْب أَحَادِيث صَلَاة يَوْم الْأَحَد وَلَيْلَة الْأَحَد وَيَوْم الِاثْنَيْنِ وَلَيْلَة الِاثْنَيْنِ

(1/57)

وَلَيْلَة الثُّلَاثَاء. وَهَكَذَا فِي سَائِر أَيَّام الْأُسْبُوع ولياليه. وَهَذَا بَاب وَاسع جدا، وَإِنَّمَا ذكرت مِنْهُ جُزْء يَسِيرا لتعرف أَن هَذِه الْأَحَادِيث وأمثالها مِمَّا فِيهِ هَذِه المجازفات القبيحة الْبَارِدَة كلهَا كذب على رَسُول اللَّهِ فقد اعتني بهَا كثير من الْجُهَّال بِالْحَدِيثِ من المنتسبين إِلَى الزّهْد والفقر وَكثير من المنتسبين إِلَى الْفِقْه. وَالْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة عَلَيْهَا ظلمَة وركاكة ومجازفات بَارِدَة تنادى على وَضعهَا واختلاقها انْتهى.

وَقَالَ فِي مَوضِع آخر من كتاب الموضوعات وَمِنْهَا أَحَادِيث صلوَات الْأَيَّام والليالي كَصَلَاة يَوْم الْأَحَد وَلَيْلَة الْأَحَد وَيَوْم الِاثْنَيْنِ وَلَيْلَة الِاثْنَيْنِ؛ إِلَى آخر الْأُسْبُوع كل أحاديثها كذب وَقد تقدم بعض ذَلِكَ. وَمن ذَلِكَ أَحَادِيث صَلَاة الرغائب أول الْجُمُعَة من رَجَب كلهَا كذب، وَمن ذَلِكَ أَحَادِيث لَيْلَة النّصْف من شعْبَان انْتهى كَلَامه.

فِي ذِكْرِ أَحَادِيثِ صَلَوَاتِ أَيَّامِ السَّنَةِ وَلَيَالِيهَا وَمَا يتَعَلَّق بهَا

الجزء الثالث

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة

صَلَاة لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من رَجَبٍ

حَدِيثُ إِنَّ فِيَ رَجَبٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً مَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَقَامَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ كَمَنْ صَامَ مِائَةَ سَنَةٍ وَقَامَ لَيَالِيهَا وَهِيَ لثَلَاثَة بَقينَ إِن رَجَبٍ وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِ مُحَمَّد.

ذكره قطب الأقطاب غوث الأنجاب الجيلاني رَئِيس السلسة الْقَادِرِيَّةِ فِي غُنْيَةِ الطَّالبِيِنَ قَائِلا: أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وسلمان الْفَارِسِي قَالَا، قَالَ رسو الله: ((إِنَّ فِي رَجَبٍ إِلخ)) ]] ]] ]] ] . وَأَخْرَجَهُ الْحَافِظ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي فِي كِتَابِهِ تَبْيِينِ الْعَجَبِ مِمَّا وَرَدَ فِي فَضْلِ رَجَبٍ، وَأَدْخَلَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَولا أَمَّا الْأَحَادِيث

(1/58)

الْوَارِدَةُ فِي فَضْلِ رَجَبٍ أَوْ صِيَامِهِ أَوْ صِيَامِ شَيْءٍ مِنْهُ فَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ ضَعِيفَةٌ وَمَوْضُوعَةٌ، ونَحْنُ نَسُوقُ الضَّعِيفَةَ، وَنُشِيرُ إِلَى الْمَوْضُوعَةِ بِإِشَارَةٍ مُفْهَمَةٍ، فَذَكَرَ مِنَ الضَّعِيفَةِ حَدِيثَ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: إِنَّ فِي الْجنَّة نَهرا يُقَالُ لَهُ رَجَبٌ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ مَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ رَجَبٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ.

وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَان وبلغنا رَمَضَان.

وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله لَمْ يَصُمْ بَعْدَ رَمَضَانَ إِلا رَجَب وَشَعْبَانَ ثمَّ قَالَ بعد الْبَحْث فِي أَسَانِيد هَذِه الْأَحَادِيث وَورد فِي فضل رَجَب من الْأَحَادِيث الْبَاطِلَة لَا بَأْس بالتنبيه عَلَيْهَا لِئَلَّا يغتر بِهِ انْتهى. فَذكر أَحَادِيث كَثِيرَة وَبَعضهَا مَذْكُورَة فِي غنية الطالبين وإحياء الْعُلُوم وقوت الْقُلُوب لأبي طَالب الْمَكِّيّ وَغَيرهَا من كتب المشائخ المعتبرين فِي السلوك والتصوف، وَذَكَرَ فِي أَثْنَائِهَا هَذَا الْحَدِيثَ قَائِلا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُرَادِيُّ بِصَالِحِيَّةِ دِمِشْقٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَزْرِيُّ وَعَائِشَةُ بنت مُحَمَّد ابْن مُسْلِمٍ قَرَأْتُ عَلَيْهِمَا وَأَنَا حَاضِرٌ وَأَجَازَهُ. أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ الآدَمِيُّ، أَنْبَأَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْجَبَارِ بْنِ مُحَمَّدِ الْفَقِيهِ، أَنْبَأَنَا الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، أَنبأَنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظِ، أَنَا أَبُو نَصْرٍ رَشِيقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِمْلاءً مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ بِطَابْرَانَ، أَنَا الْحُسَيْنُ بن إِدْرِيس، أَنا

(1/59)

خَالِد ابْن الْهَيَّاجِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان، عَن سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ قَالَ، قَالَ رَسُولُ الله فِي رَجَب يَوْم وَلَيْلَة. الحَدِيث.

ثمَّ قَالَ: هَذَا الحَدِيث مُنكر إِلَى الْغَايَة وَهياج هُوَ ابْن بسطَام التَّيْمِيّ الْهَرَوِيّ وروى عَن جمَاعَة من التَّابِعين، وَضَعفه ابْن معِين، وَقَالَ أَبُو دَاوُد تَرَكُوهُ، وَقَالَ الْحَافِظ الملقب بجزرة مُنكر الحَدِيث لَا يكْتب من حَدِيثه إِلَّا للاعتبار وَلم أكن أعلمهُ بِهَذَا حَتَّى قدمت هراة فَرَأَيْت عِنْدهم أَحَادِيث مَنَاكِير كَثِيرَة. وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي رَوَاهَا صَالح من حَدِيث الْهياج الذَّنب فِيهِ لِابْنِهِ خَالِد وَالْحمل فِيهَا عَلَيْهِ وَقَالَ يحيى بْن أَحْمد بْن زِيَاد الْهَرَوِيّ كل مَا أنكرهُ على الْهياج فَهُوَ من جمع ابْنه انْتهى كَلَامه.

صَلَاة لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ

حَدِيثُ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَقل هُوَ الله أحد أحد عشرَة مرّة وَقل أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَقل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ صَلَّى عَلَيَّ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يُسَبِّحُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيُكَبِّرُهُ وَيُهَلِّلُهُ ثَلاثِينَ مَرَّةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ أَلْفَ مَلَكٍ يَكْتُبُونَ لَهُ الْحَسَنَاتِ وَيَغْرِسُونَ لَهُ الأَشْجَارَ فِي الْفِرْدَوْسِ وَمُحِيَ عَنْهُ كُلُّ ذَنْبٍ أَصَابَهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْقَابِلِ وَيُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ قَرَأَهُ فِي هَذِه الصَّلَاة سَبْعمِائة حَسَنَةٍ وَتُبْنَى بِكُلِّ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ عشرَة قُصُورٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ زَبَرْجَدٍ أَخْضَر وَأعْطِي بِكُل رَكْعَة عشر مَدَائِنَ فِي الْجَنَّةِ كُلُّ مَدِينَةٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَيَأْتِيهِ مَلَكٌ فَيَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَيَقُولُ اسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ.

أخرجه الجوزقاني وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ والسيوطي وَابْن عراق وَغَيرهم مَوْضُوع وَرُوَاته مَجَاهِيل.

(1/60)

حَدِيث مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَصْبَحَ صَائِمًا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ ذُنُوبَ سِتِّينَ سَنَةً وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي بعث فِيهَا مُحَمَّد.

أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَبْيِينِ الْعَجَبِ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَفِى بَعْضِ النُّسَخِ مَرْفُوعا وَحكم بِوَضْعِهِ.

حَدِيث مَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ رَجَبٍ وَصَلَّى فِيهِ أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ يَقْرَأُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِائَةَ مَرَّةٍ وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِائَةَ مَرَّةٍ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ يُرَى لَهُ.

أَخْرَجَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِسَنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا وَقَالَ: مَوْضُوعٌ وَأَكْثَرُ رِوَاتِهِ مَجَاهِيلُ وَعُثْمَانُ أَيِ ابْنِ عَطَاءٍ الرَّاوِي لَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَتْرُوكٌ، وأَقَرَّهُ السُّيُوطِيُّ وَغَيْرُهُ.

حَدِيث فِي رَجَبٍ لَيْلَةٌ يُكْتَبُ لِلْعَامِلِ فِيهَا حَسَنَاتُ مِائَةِ سَنَةٍ وَذَلِكَ لِثَلاثٍ بَقَيْنَ مِنْ رَجَبٍ فَمَنْ صَلَّى فِيهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ

(1/61)

الْكِتَابِ وَسُورَةً وَيَتَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ فِي آخِرِهِنَّ، ثُمَّ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِائَةَ مَرَّةٍ وَيَسْتَغْفِرُ مِائَةَ مرّة وَيُصلي على النَّبِي مِائَةَ مَرَّةٍ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ مَا شَاءَ وَيُصْبِحُ صَائِمًا فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءَهُ كُلَّهُ إِلا أَنْ يَدْعُوَ فِي مَعْصِيَةٍ.

أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ من طَرِيق عِيسَى غُنْجَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ وَهُوَ مِنَ الْمُتَّهَمِينَ بِالْكَذِبِ عَنْ أَبَانٍ وَهُوَ أَيْضًا مُتَّهَمٌ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا، وَأَدْخَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَبْيِنِ الْعجب فِي الموضوعات.

حَدِيث صَلاةِ الرَّغَائِبِ

وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ غَوْثُ الثَّقَلِّينَ فِي غِنْيَةِ الطَّالِبِينَ بِقَوْلِهِ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْبَرَكَاتِ هِبَةُ اللَّهِ السَّقْطِيُّ، أَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنُ كَمَالٍ الْمَكِّيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَزْرِيُّ بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَهْضَمٍ الْهَمْدَانِيُّ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ الْبَصْرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: أَنَا خَلَفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ حُمَيْدِ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ، قَالَ رَسُول الله: رَجَبٌ شَهْرُ اللَّهِ وَشَعْبَانُ شَهْرِي وَرَمَضَانُ شَهْرُ أُمَّتِي. قِيلَ مَا مَعْنَى قَوْلِكَ شَهْرُ اللَّهِ قَالَ لأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْمَغْفِرَةِ وَفِيهِ تُحْقَنُ الدِّمَاءُ وَفِيهِ تَابَ اللَّهُ عَلَى أنبيائه وَفِيه أنقذ أوليائه مِنْ يَدِ أَعْدَائِهِ، مَنْ صَامَهُ واستوجب عَلَى اللَّهِ ثَلاثَةَ أَشْيَاءَ، مَغْفِرَةً لِجَمِيعِ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَعِصْمَةً فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ وَأَمَّا الثَّالِثُ يَأْمَنُ مِنَ الْعَطَشِ يَوْمَ الْعَرْضِ الأَكْبَرِ، فَقَامَ شَيْخٌ ضَعِيفٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أَعْجَزُ عَنْ صِيَامِهِ كُلِّهِ، فَقَالَ صُمْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ وَأَوْسَطَ يَوْمٍ مِنْهُ وَآخِرَ يَوْمٍ مِنْهُ فَإِنَّكَ تُعْطَى ثَوَابَ مَنْ صَامَ كُلَّهُ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا وَلَكِنْ لَا تَغْفُلُوا عَنْ أَوَّلِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ فِي رَجَبٍ فَإِنَّهَا لَيْلَةٌ تُسَمِّيهَا الْمَلائِكَةُ لَيْلَةَ الرَّغَائِبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ لَا يَبْقَى مَلَكٌ من جَمِيع السَّمَوَات وَالْأَرضين

(1/62)

إِلا وَيَجْتَمِعُونَ فِي الْكَعْبَةِ وَحَوَالَيْهَا فَيَطَّلِعُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ اطِّلاعَةً فَيَقُولُ: مَلائِكَتِي سَلُونِي مَا شِئْتُمْ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا حَاجَتُنَا أَنْ تَغْفِرَ لِصُوَّامِ رَجَبٍ فَيَقُولُ اللَّهُ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: فَمَا مِنْ أَحَدٍ يَصُومُ أَوَّلَ خَمِيسٍ مِنْ رَجَبٍ ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يَعْنِي لَيْلَة الْجُمُعَة اثْنَتَيْ عشر رَكْعَةً يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَة الْكتاب مرّة وَإِن أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ثَلاثَ مَرَّات وَقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً وَيَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ صَلَّى عَلَيَّ سَبْعِينَ مَرَّةً يَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَةً يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ سَبْعِينَ مَرَّةً ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الأَعْظَمُ سَبْعِينَ مَرَّةً ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ فَيَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ فِي الأولى يسْأَل الله حَاجَتَهُ فِي سُجُودِهِ فَإِنَّهَا تُقْضَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ عَبْدٍ وَلا أَمَةٍ صَلَّى هَذِهِ الصَّلاةَ إِلا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ جَمِيعَ ذُنُوبِهِ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زبد البجر وَعَدَدِ الرَّمْلِ وَوَزْنِ الْجِبَالِ وَعَدَدِ قَطْرِ الأَمْطَارِ وَوَرَقِ الأَشْجَارِ وَشُفِّعَ يَوْم الْقِيَامَة فِي سَبْعمِائة مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ فِي قَبْرِهِ جَاءَ ثَوَابُ هَذِهِ الصَّلاةِ بِوَجْهٍ طَلْقٍ وَلِسَانٍ زَلَقٍ فَيَقُولُ لَهُ: يَا حَبِيبِي أَبْشِرْ فَقَدْ نَجَوْتَ مِنْ كُلِّ شِدَّةٍ فَيَقُولُ مَنْ أَنْتَ؟ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَحْسَنَ وَجها من وَجهك وَلا سَمِعْتُ كَلامًا أَحْلَى مِنْ كَلامِكَ وَلا شَمِمْتُ رَائِحَةً أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَتِكَ فَيَقُولُ لَهُ: يَا حَبِيبِي أَنَا ثَوَابُ تِلْكَ الصَّلاةِ الَّتِي صَلَّيْتَهَا فِي لَيْلَةِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا جِئْتُ اللَّيْلَةَ لأَقْضِيَ حَاجَتَكَ وَآنِسَ وَحْدَتَكَ وَأَدْفَعَ عَنْكَ وَحْشَتَكَ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ أَظْلَلْتُكَ فِي عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ عَلَى رَأْسِكَ فَأَبْشِرْ فَلَنْ تَعْدَمَ الْخَيْرَ مِنْ مَوْلاكَ أَبَدًا.

وَذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي إِحْيَاءِ الْعُلُومِ.

هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ وَرُواةِ السَّنَدِ الْمَذْكُورِ فِي الغنية وَغَيرهَا كُلُّهُمْ سِوي حُمَيْدٍ وَأَنَسٍ مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ بِلْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مَجْهُولُونَ وَبَعْضُهُمْ كَذَّابَونَ كَمَا سَنَقِفُ عَلَيْهِ مُفَصَّلا. قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي تَخْرِيج

(1/63)

أَحَادِيثِ الإِحْيَاءِ أَوْرَدَهُ رَزِينٌ فِي كِتَابِهِ وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ. انْتَهَى.

وَأخرجه ابْن الْجَوْزِيّ قَائِلا: أخبرنَا مُحَمَّد بْن نَاصِر الْحَافِظ، أَنبأَنَا أَبُو الْقَاسِم بْن مَنْدَه، أَنبأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله بْن جَهْضَم بِمثل مَا فِي الغنية سندا ومتنا.

وَقَالَ: اتهموا بِهِ ابْن جَهْضَم وَسمعت شَيخنَا عبد الْوَهَّاب يَقُول: رِجَاله مَجْهُولُونَ وَقد فتشت عَلَيْهِم جَمِيع الْكتب فَمَا وَجَدتهمْ انْتهى.

وَقَالَ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي فِي تَبْيِين الْعجب قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَلَقَد أبدع من وَضعهَا فَإِنَّهُ يحْتَاج من يُصليهَا إِلَى أَن يَصُوم وَرُبمَا كَانَ النَّهَار شَدِيد الْحر فَإِذا صَامَ لم يتَمَكَّن من الْأكل حَتَّى يصلى الْمغرب ثُمَّ يقف فِيهَا وَيَقَع فِي ذَلِكَ التَّسْبِيح الطَّوِيل وَالسُّجُود الطَّوِيل فَيَتَأَذَّى غَايَة الْإِيذَاء وَإِنِّي لأغار لرمضان ولصلاة التَّرَاوِيح كَيفَ رحم بِهَذِهِ الصَّلَاة بل هَذِه عِنْد الْعَوام أعظم وَأجل فَإِنَّهُ يحضرها من لَا يحضر الْجَمَاعَات.

قلت: وَأخرج هَذَا الحَدِيث أَبُو مُحَمَّد عبد الْعَزِيز الْكِنَانِي فِي كتاب فضل رَجَب لَهُ فَقَالَ ذكر على بْن مُحَمَّد سعيد الْبَصْرِيّ، أَنا أبي فَذكره بِطُولِهِ واخطأ عبد الْعَزِيز فِي هَذَا فَأَنَّهُ أوهم أَن الحَدِيث عِنْده عَن غير عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَهْضَم وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَخذه عَنهُ فَحَذفهُ لشهرته بِوَضْع الحَدِيث وارتقى إِلَى شَيْخه مَعَ إِن شَيْخه مَجْهُول وَكَذَا شيخ شَيْخه وَكَذَا خلف انْتهى كَلَامه.

وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي ميزَان الِاعْتِدَال فِي نقد الرِّجَال على بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَهْضَمٍ الزَّاهِد أَبُو الْحسن شيخ الصُّوفِيَّة بحرم مَكَّة ومصنف كتاب بهجة الْأَسْرَار مُتَّهم بِوَضْع الحَدِيث. وروى عَن أبي الْحسن على بْن إِبْرَاهِيم وَأحمد بن عُثْمَان الْآدَمِيّ والخلدي وطبقتهم. قَالَ ابْن خيرون تكلم فِيهِ قَالَ

(1/64)

وَقيل إِنَّه يكذب وَقَالَ غَيره اتَّهَمُوهُ بِوَضْع صَلَاة الرغائب توفى سنة 414 انْتهى.

زَاد الْحَافِظ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي فِي لِسَان الْمِيزَان الْقَائِل بذلك هُوَ ابْن الْجَوْزِيّ مَعَ أَن فِي الْإِسْنَاد إِلَيْهِ مَجَاهِيل. وَقد رُوِيَ عَنِ ابْنِ سهل بْن زِيَاد أَحْمد بْن الْحسن الرَّازِيّ وَعبد الرَّحْمَن بْن حمدَان وَطَائِفَة وَخلق كثير قَالَ شيرويه: كَانَ ثِقَة صَدُوقًا عَاملا زاهدا حسن الْمُعَامَلَة حسن الْمعرفَة وَقَالَ المُصَنّف أَي الذَّهَبِيّ فِي تَارِيخ الْإِسْلَام لقد أَتَى بمصائب فِي كِتَابه بهجة الْأَسْرَار يشْهد الْقلب ببطلانها وروى عَن أبي بكر النجار عَنِ ابْنِ أبي الْعَوام، عَن أبي بكر الْمروزِي فَأتى بعجائب وقصص لَا يشك من لَهُ أدني ممارسة ببطلانها وَهِي شَبيهَة بِمَا وَضعه البلوي فِي محبَّة الشَّافِعِي، وَكَانَ شيخ الْحرم وإمامه انْتهى كَلَامه.

قَالَ التقي الفاسي فِي العقد الثمين من تَارِيخ الْبَلَد الْأمين عَليّ بْن عبد الله بْن الْحسن بْن جَهْضَم بْن سعيد الْهَمدَانِي الصُّوفِي أَبُو الْحسن نزيل مَكَّة صَاحب كتاب بهجة الْأَسْرَار حدث عَن أبي الْحسن على بْن إِبْرَاهِيم ابْن سَلمَة الْقطَّان وَأبي عَليّ بن زِيَاد الْقطَّان وَأحمد بن الْحسن بن عتبَة الزازي وَأحمد بن إِبْرَاهِيم بن عَطِيَّة الْحداد وَأحمد بْن عُثْمَان الْآدَمِيّ وَعبد الرَّحْمَن بْن حمدَان وَعلي بْن أبي الْعقب وَأبي بكر بْن دُجَانَة وجمح بْن الْقَاسِم الْمُؤَذّن وَطَائِفَة. وروى عَنهُ عبد الْغَنِيّ بْن سعيد الْحَافِظ وَإِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الحنائي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بْن سَلامَة الْقُضَاعِي وَأَبُو على الْأَهْوَازِي وَأَبُو الْحسن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد وَخلق كثير من المغاربة وَالْحجاج وصنف بهجة الْأَسْرَار فِي أَخْبَار الصُّوفِيَّة قَالَ ابْن خيرون تكلم فِيهِ. قَالَ قيل إِنَّه يكذب وَقَالَ غَيره شيرويه الديلمي كَانَ ثِقَة صَدُوقًا عَالما زاهدا حسن الْمُعَامَلَة مَذْكُورا فِي الْبلدَانِ حسن الْمعرفَة. انْتهى.

وَذكره صَاحب الْمرْآة وَقَالَ ذكره جدي فِي المنتظم قَالَ، وَقد ذكرُوا أَنه كَانَ كَاذِبًا وَيُقَال إِنَّه وضع حَدِيث صَلَاة الرغائب وَذكر أَن جده ذكر

(1/65)

الحَدِيث فِي الموضوعات وَذكر أَنه مَاتَ بِمَكَّة سنة أَربع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة. وَهَكَذَا ذكر وَفَاته الذَّهَبِيّ فِي تَارِيخ الْإِسْلَام وَمِنْه كتبت أَكثر هَذِه التَّرْجَمَة وَأورد فِي تَرْجَمته حَدِيث صَلَاة الرغائب وَقَالَ لَا يعرف إِلَّا من رِوَايَته واتهموه بِوَضْعِهِ وَكَذَا ذكر وَفَاته الذَّهَبِيّ فِي العبر وترجمة بشيخ الصُّوفِيَّة فِي الْحرم انْتهى.

قلت قد توهم بعض أَبنَاء عصرنا بمطالعة الْمِيزَان وَلسَانه إِن وَاضع حَدِيث صَلَاة الرغائب هُوَ مؤلف بهجة الْأَسْرَار الَّذِي هُوَ عُمْدَة الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي مَنَاقِب السَّيِّد عبد الْقَادِر الجيلاني وَغَيره من الأكابر وَهُوَ توهم فَاسد فَإِن ابْن جَهْضَم الَّذِي اتهمَ بِوَضْع ذَلِكَ الحَدِيث تقدم على السَّيِّد الجيلاني مندرج فِي سلسلة أسانيده كَمَا مر منا نَقله وَهُوَ من رجال الْمِائَة الْخَامِسَة ومؤلف بهجة الْأَسْرَار الْمُشْتَمل على مَنَاقِب السَّيِّد الجيلاني وَغَيره من الْأَبْرَار من رجال الْمِائَة السَّابِعَة مُتَأَخّر عَن السَّيِّد الجيلاني كَمَا لَا يخفى على من طالع الْبَهْجَة فَإِن كَانَ مُرَاد الذَّهَبِيّ من بهجة الْأَسْرَار هُوَ هَذَا فَهُوَ غلط فَاحش مِنْهُ، وَإِن كَانَ مُرَاده غَيره فَتوهم من توهم الِاتِّحَاد خبط مِنْهُ.

وَقد ذكر فِي كشف الظنون أَن بهجة الْأَسْرَار ومعدن الْأَنْوَار فِي مَنَاقِب السَّادة الأخيار من المشائخ الْأَبْرَار أَوَّلهمْ الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَآخرهمْ الإِمَام احْمَد بْن حَنْبَل للشَّيْخ نور الدَّين أبي الْحسن على بن يُوسُف اللَّخْمِيّ الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن جَهْضَم الْهَمدَانِي مجاور الْحرم أَلفه فِي حُدُود سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة وَجعل على أحد وَأَرْبَعين فصلا الأول فِي مَنَاقِب الشَّيْخ عبد الْقَادِر وَهُوَ طَوِيل جدا يتنصف الْكتاب بِهِ أَوله استفتح بَاب العون بأيدي محامد الله أَلفه لما سُئِلَ عَن قَول شَيْخه قدمي هَذِه على رَقَبَة كل ولي الله فَجمع مَا وَقع لَهُ مَرْفُوع الْأَسَانِيد وَفصل بِذكر أَعْيَان الْمَشَايِخ وأفعالهم وأقوالهم، ثُمَّ اخْتَصَرَهُ بعض الْمَشَايِخ بِحَذْف الْأَسَانِيد. قَالَ الشَّيْخ عمر بْن عبد الْوَهَّاب الفرضي الْحلَبِي فِي ظهر نُسْخَة من نسخ الْبَهْجَة. ذكر ابْن الوردي فِي تَارِيخه إِن فِي الْبَهْجَة أمورا لَا تصح ومبالغات فِي شَأْن الشَّيْخ عبد الْقَادِر لَا تلِيق إِلَّا بالربوبية انْتهى. أَي كَلَام ابْن الوردي وبمثله نقل عَن الشهَاب ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي.

(1/66)

وَأَقُول مَا المبالغات الَّتِي عزيت إِلَيْهِ مِمَّا لَا يجوز على مثله، وَقد تتبعتها فَلم أجد فِيهَا نقلا إِلَّا وَله فِيهِ متابعون وغالب مَا أوردهُ فِيهَا نَقله اليافعي فِي أسى المفاخر وفى نشر المحاسن وَروض الرياحين وشمس الدَّين الزكي الْحلَبِي أَيْضا فِي كتاب الْأَشْرَاف وَأعظم شَيْء نقل عَنهُ إِنَّه أحيي الْمَوْتَى كإحيائه الدَّجَاجَة، ولعمري أَن هَذِه الْقِصَّة نقلهَا تَاج الدَّين السُّبْكِيّ، وَنقل أَيْضا عَنِ ابْنِ الرِّفَاعِي وَغَيره وَأَنِّي لغبي جَاهِل حَاسِد ضيع عمره فِي فهم مَا من السطور وقنع بذلك عَن تَزْكِيَة النَّفس وإقبالها على الله أَن يفهم مَا يُعْطي الله أولياءه من التصريف فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَلِهَذَا قَالَ الْجُنَيْد: التَّصْدِيق بطريقتنا ولَايَة انْتهى. أَي كَلَام الْحلَبِي انْتهى.

وَذكر مؤلف زبدة الْآثَار منتخب بهجة الْآثَار أَن كتاب بهجة الْأَسْرَار كتاب عَظِيم شرِيف مَشْهُور ومصنفة من عُلَمَاء الْقِرَاءَة وَقد ذكره الذَّهَبِيّ فِي طَبَقَات الْقُرَّاء بقوله: على بْن يُوسُف بن جرير اللَّخْمِيّ الشطنوفي، الإِمَام الأوحد المقرئي نور الدَّين شيخ الْقُرَّاء بالديار المصرية أَبُو الْحسن أَصله من الشَّام ومولده بِالْقَاهِرَةِ سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وتصدر للإقراء والتدريس بالجامع الْأَزْهَر، وَذكر الذَّهَبِيّ أَيْضا إِنِّي حضرت مجْلِس إقرائه فَأَعْجَبَنِي سمته وسكوته وَكَانَت لَهُ غَايَة غرام وعشق بالشيخ عبد الْقَادِر وَقد جمع فِي أخباره ومناقبه انْتهى كَلَام الذَّهَبِيّ بمحصله. وَذكر مؤلف الْحصن الْحصين مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْجَزرِي فِي تذكرة الْقُرَّاء أَن مؤلف بهجة الْأَسْرَار كَانَ من أجلة مَشَايِخ مصر وَكَانَ من بَينه وَبَين الشَّيْخ عبد الْقَادِر واسطتان انْتهى مَا فِي الزبدة معربا.

وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي حسن المحاضرة بأخبار مصر والقاهرة عِنْد ذكر الْقُرَّاء الَّذين كَانُوا بِمصْر على بْن يُوسُف بن جرير اللَّخْمِيّ الشطنوفي الْأَمَام الأوحد نور الدَّين أَبُو الْحسن شيخ الْقُرَّاء بالديار المصرية ولد بِالْقَاهِرَةِ سنة أَربع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَقَرَأَ على التقي الجرائدي والصفي خَلِيل وَسمع من النجيب عبد اللَّطِيف وتصدر للإقراء بالجامع الْأَزْهَر وتكاثر عَلَيْهِ الطّلبَة مَاتَ سنة ثَلَاث عشرَة وَسَبْعمائة انْتهى.

(1/67)

وَقَالَ السُّيُوطِيّ أَيْضا فِي بغية الوعاة فِي طَبَقَات النُّحَاة على بن يُوسُف بن جرير بْن معضاد بْن فضل اللَّخْمِيّ الشطنوفي نور الدَّين أَبُو الْحسن المقرئي النَّحْوِيّ كَذَا ذكره الأدفوي. وَقَالَ: قَرَأَ الْقرَاءَات على التقي يَعْقُوب والنحو على الضياء صَالح بْن إِبْرَاهِيم إِمَام جَامع الْحَاكِم، وَسمع من النجيب وَتَوَلَّى التدريس بالجامع الطولوني وتصدر للإقراء بِجَامِع الْحَاكِم وَكَانَ كثير من النَّاس يَعْتَقِدهُ والقضاة تكرمه. مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ يَوْم السبت تَاسِع عشر من ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث عشرَة وَسَبْعمائة. وَقَالَ ابْن مَكْتُوم كَانَ رَئِيس المقرئين بالديار المصرية ومعدودا فِي الْمَشَايِخ من النُّحَاة وَله الْيَد الطولي فِي علم التَّفْسِير وعلق فِيهِ تَعْلِيقا وَله كتاب فِي مَنَاقِب الشَّيْخ عبد الْقَادِر الكيلاني مولده سنة سبع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة انْتهى.

وَقَالَ اليافعي فِي مرْآة الْجنان فِي حوادث سنة أَربع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة فِيهَا توفّي الشَّيْخ أَبُو الْحسن الْمَعْرُوف بِابْن جَهْضَم الْهَمدَانِي شيخ الصُّوفِيَّة بِالْحرم الشريف ومؤلف كتاب بهجة الْأَسْرَار فِي التصوف انْتهى.

فَعلم من هَذِه الْعبارَات أَن ابْن جَهْضَم وَاضع حَدِيث صَلَاة الرغائب غير مؤلف بهجة الْأَسْرَار فِي مَنَاقِب السَّيِّد الجيلاني وَغَيره وَأَن بهجة الْأَسْرَار الَّذِي هُوَ من تأليف ابْن جَهْضَم غَيره فاحفظ هَذِه الْفَائِدَة الغريبة وانظمها فِي سلك النفائس العجيبة.

ولنرجع إِلَيّ مَا كُنَّا بصدده فَأعْلم أَنه قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي لِسَان الْمِيزَان على بْن مُحَمَّد بْن سعيد الْبَصْرِيّ شيخ لعلى بْن جَهْضَم عَنهُ عَن أَبِيه عَن خَلَفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيُّ عَن حميد عَن أنس رَفعه ذكر صَلَاة الرغائب فِي أول لَيْلَة من رَجَب أخرجه أَبُو موسي فِي وظائف الْأَوْقَات وَابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات. قَالَ أَبُو موسي غَرِيب لَا أعلم أَنِّي كتبته إِلَّا من رِوَايَة ابْن جَهْضَم وَرِجَاله غير معروفين إِلَى حميد وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ

(1/68)

اتهموا بِهِ ابْن جَهْضَم انْتهى. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان هبة الله بْن الْمُبَارك السَّقطِي أَبُو البركات رَحل إِلَى أَصْبَهَان وَحصل وَجمع مُعْجَمه فِي مُجَلد قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ غير أَنه ادّعى السماع من شُيُوخ لم يرهم قَرَأت فِي مُعْجَمه أخبرنَا أَبُو مُحَمَّد الْجَوْهَرِي وَهَذَا محَال فَإِنَّهُ مَا لحقه وَلَا مِنْهُ يحْتَملهُ. وَقَالَ ابْن نَاصِر لَيْسَ بِثِقَة ظهر كذبه. مَاتَ سنة تسع وَخَمْسمِائة انْتهى. وَقَالَ ابْن حجر فِي لِسَانه اسْم جده موسي بْن على بْن تَمِيم بْن خَالِد كَانَ قَلِيل الإتقان ضَعِيفا لَا يوثق بِهِ وَرَأَيْت بِخَط السلَفِي خبر هَذَا الرجل مفتعل، وَأَسَانِيده مركبة وَلم أجد فِيهِ إِسْنَادًا صَحِيحا بل كُله ظَاهر الضعْف وَله مُعْجم فِي مُجَلد ادّعى فِيهِ أَنه لَقِي أنَاس لم يدركهم وَلم يرهم. وَقَالَ شُجَاع الذهلي كَانَ ضَعِيفا وَمَعَ هَذَا، كَانَ فَاضلا عَارِفًا باللغة رَحل إِلَى أَصْبَهَان والكوفة وَالْبَصْرَة وواسط وتعب وَحصل وَخرج. رُوِيَ عَنهُ ابْنه أَبُو الْعَلَاء والمعتمر وَالشَّيْخ عبد الْقَادِر وَآخَرُونَ انْتهى.

وفى لطائف المعارف فِيمَا لمواسم الْعَام من الْوَظَائِف لِابْنِ رَجَب الْحَنْبَلِيّ. أما الصَّلَاة فَلم تصح فِي شهر رَجَب صَلَاة مَخْصُوصَة تخْتَص بِهِ وَالْأَحَادِيث المروية فِي فضل صَلَاة الرغائب فِي أول لَيْلَة جُمُعَة من رَجَب كذب وباطل لَا تصح، وَهَذِه الصَّلَاة بِدعَة عَن جُمْهُور الْعلمَاء وَمِمَّنْ ذكر ذَلِكَ من أَعْيَان الْعلمَاء من الْمُتَأَخِّرين من الْحفاظ أَبُو إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ وَأَبُو بكر السَّمْعَانِيّ وَأَبُو الْفضل ابْن نَاصِر وَأَبُو الْفرج بْن الْجَوْزِيّ وَغَيرهم وَإِنَّمَا لم يذكرهَا المتقدمون لِأَنَّهَا أحدثت بعدهمْ وَإِنَّمَا أظهرت بعد الأربعمائة فَلذَلِك لم يعرفهَا المتقدمون وَلم يتكلموا فِيهَا انْتهى.

وَفِي الْإِيضَاح وَالْبَيَان لما جَاءَ فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان لِابْنِ حجر

(1/69)

الْمَكِّيّ الهيثمي عبارَة نووي إِمَام أَئِمَّتنَا الْمُتَأَخِّرين فِي أجل كتبه وَهُوَ شرح الْمُهَذّب، أما صَلَاة الرغائب وَهِي اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة بَين الْمغرب وَالْعشَاء لَيْلَة أول جُمُعَة من رَجَب، وَصَلَاة لَيْلَة النّصْف من شعْبَان مائَة رَكْعَة فليستا بِسنتَيْنِ بل هما بدعتان قبيحتان مذمومتان وَلَا تغتر بِذكر أَبى طَالب الْمَكِّيّ لَهما فِي قوت الْقُلُوب وَلَا بِذكر حجَّة الْإِسْلَام الْغَزالِيّ لَهما فِي إحْيَاء عُلُوم الدَّين وَلَا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور فيهمَا فَإِن كل ذَلِكَ بَاطِل وَلَا تغتر أَيْضا بِبَعْض من اشْتبهَ عَلَيْهِ حكمهمَا من الْأَئِمَّة فصنف وَرَقَات فِي استحبابهما فَإِنَّهُ غالط فِي ذَلِك. وَقد صنف الْعِزّ بْن عبد السَّلَام كتابا نفسيا فِي إبطالهما فَأحْسن فِيهِ وأجاد. انْتهى.

وفى الْإِيضَاح وَالْبَيَان أَيْضا أَطَالَ النَّوَوِيّ فِي فَتَاوَاهُ الْكَلَام فِي ذمهما وتقبيحهما وإنكارهما فَقَالَ هِيَ أَي صَلَاة الرغائب بِدعَة مذمومة قبيحة مُنكرَة أَشد الْإِنْكَار مُشْتَمِلَة على مُنكرَات، فَيَنْبَغِي تَركهَا والإعراض عَنْهَا وَالْإِنْكَار على فاعلها وعَلى ولى الْأَمر وَفقه الله منع النَّاس من فعلهَا فَإِنَّهُ رَاع، وكل رَاع مسؤول عَن رَعيته. وَقد صنف الْعلمَاء كتبا فِي إنكارها وذمها وتسفيه فاعلها وَلَا تغتر بِكَوْن الفاعلين لَهَا فِي كثير من الْبلدَانِ وَلَا بِكَوْنِهَا مَذْكُورَة فِي قوت الْقُلُوب وإحياء عُلُوم الدَّين فَإِنَّهَا بِدعَة بَاطِلَة انْتهى.

وَفِيه أَيْضا اخْتلف فَتَاوَى ابْن الصّلاح فيهمَا وَقَالَ فِي آخر عمره هما وَإِن كَانَتَا بدعتين لَا مَانع مِنْهُمَا لدخولهما تَحت الْأَمر الْوَارِد بِمُطلق الصَّلَاة انْتهى. ورده عَلَيْهِ الإِمَام الْمُجْتَهد تَقِيّ الدَّين السُّبْكِيّ بِأَن مَا لم يرد فِيهِ إِلَّا مُطلق طلب الصَّلَاة وَأَنَّهَا خير مَوْضُوع، فَلَا يطْلب مِنْهُ شَيْء بِخُصُوصِهِ فَمن جعل شَيْئا مُقَيّدا بِزَمَان أَو مَكَان دخل فِي قسم الْبِدْعَة وَإِنَّمَا الْمَطْلُوب عُمُومه فيفعل لما فِيهِ من الْعُمُوم لَا لكَونه مَطْلُوبا بالخصوص انْتهى.

(1/70)

وَفِيه أَيْضا الْحق مَعَ ابْن عبد السَّلَام لَا مَعَ ابْن الصّلاح بل قد وجد مِنْهُ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة تحامل كثير على ابْن عبد السَّلَام لَيْسَ مِنْهُ فِي مَحَله وَمن ثُمَّ اضْطربَ كَلَامه وَاخْتلف فَتَاوَاهُ وَلم يثبت فِي ذَلِكَ على شَيْء وَاحِد بل وَافق ابْن عبد السَّلَام فِي بعض فَتَاوَاهُ ثُمَّ رَجَعَ لما تفاقم الْأَمر بَينهمَا وَاشْتَدَّ. وَلَقَد انصف الْعِزّ الْعلمَاء فِي عصرهما وَمن بعدهمَا فَشَهِدُوا لَهُ بِأَنَّهُ على الْحق وَإِن مخالفه غالط فِي جَمِيع مَا أبدأه وانتحله حَتَّى أخص جمَاعَة ابْن الصّلاح وتلامذته وَهُوَ الْعَالم الْكَبِير والحافظ الشهير الشَّيْخ أَبُو شامة الْمُقْرِئ الْمُحدث فَإِنَّهُ تعجب مِمَّا قَالَه شَيْخه ابْن الصّلاح وَبَالغ فِي تغليطه وإنكاره وَذكر الإِمَام الْمُجْتَهد تَقِيّ الدَّين بْن دَقِيق الْعِيد فِي شرح الْعُمْدَة أَن بعض الْمَالِكِيَّة مر على قوم فِي إِحْدَى ليَالِي الرغائب وهم يصلونها وَقوم آخَرين عاكفين على محرم فَحسن حَال هَؤُلَاءِ على أُولَئِكَ لآن هَؤُلَاءِ عالمون بارتكاب الْمعْصِيَة وترجى لَهُم التَّوْبَة وَأُولَئِكَ يَعْتَقِدُونَ أَنهم فِي طَاعَة فَلَا يتوبون. انْتهى.

وَفِيه أَيْضا أَن ابْن الصّلاح أفتى مرّة عَن سُؤال صورته، مَا تَقول السَّادة الْفُقَهَاء الْأَئِمَّة فِي الصَّلَاة المدعوة بِصَلَاة الرغائب هَل هِيَ بِدعَة أم لَا، وَهل ورد فِيهَا حَدِيث صَحِيح أم لَا؟ فَأجَاب بقوله: حَدِيثهَا مَوْضُوع، وَهِي بِدعَة حدثت بعد الأربعمائة من الْهِجْرَة ظَهرت بِالشَّام وانتشرت فِي سَائِر الْبِلَاد، وَلَا بَأْس أَن يُصليهَا الْإِنْسَان بِنَاء على أَن الْإِحْيَاء فِي مَا بَين العشاءين مُسْتَحبّ كل لَيْلَة وَلَا بَأْس بِالْجَمَاعَة بالنوافل مُطلقًا واتخاذ هَذِه الصَّلَاة من شَعَائِر الدَّين الظَّاهِرَة من الْبدع الْمُنكرَة مَا أسْرع النَّاس إِلَى الْبدع انْتهى. وَأفْتى مرّة أَيْضا بِنَحْوِ ذَلِك، فَإِنَّهُ سُئِلَ مَا تَقولُونَ فِيمَن يُنكر على من يصلى صَلَاة الرغائب وَنصف شعْبَان وَيَقُول إِن الزَّيْت الَّذِي يسْتَعْمل فيهمَا أَي فِي نَحْو مَسْجِد الْقُدس وَالْجَامِع الْأَزْهَر

(1/71)

حرَام وَيَقُول إِن ذَلِكَ بِدعَة وَلَا لَهَا فضل وَلَا ورد فِي الحَدِيث فِيهَا فضل وَشرف، فَهَل على الصَّوَاب أَو على الْخَطَأ. أفتونا مَأْجُورِينَ مثابين، فَأجَاب بِمَا لَفظه: أما الصَّلَاة الْمَعْرُوفَة بِصَلَاة الرغائب فَهِيَ بِدعَة وحديثها مَوْضُوع وَمَا حدث إِلَّا بعد الأربعمائة من الْهِجْرَة وَلَيْسَ لليلتها تَفْضِيل على أشباهها من ليَالِي الْجمع وَأما لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فلهَا فَضِيلَة وإحياؤها بِالْعبَادَة مُسْتَحبّ وَلَكِن على الِانْفِرَاد من غير جمَاعَة واتخاذ النَّاس لَهَا وَلَيْلَة الرغائب موسما وشعارا بِدعَة مُنكرَة وَمَا يزِيدُونَ فِيهِ على الْعَادة من الوقيد غير مُوَافق للسّنة وَمن الْعجب حرص النَّاس على الْبدع فِي هَاتين الليلتين وتقصيرهم فِي المؤكدات الثَّابِتَة عَن رَسُول الله وَالله الْمُسْتَعَان وَهُوَ أعلم. انْتهى بِحُرُوفِهِ وَهُوَ الْحق الْوَاضِح الَّذِي مر عَن الْعلمَاء وَإِذا حفظته وتأملته بَان لَك واتضح أَن مَا وَقع لَهُ من الْإِنْكَار عَليّ سُلْطَان الْعلمَاء الْعِزّ حِين أفتى بِمَا يُوَافق افتائيه هذَيْن لَيْسَ فِي مَحَله وَلَا ينظر لإنكاره هَذَا وَلَا يعول عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَفسه وَافق الْعلمَاء على أَن مَا يفعل فِي هَاتين الليلتين من الشعار المخترع بِدعَة وضلالة وَأَن حَدِيثهمَا باطلان موضوعان لَا أصل لَهما فَلَا يقبل مِنْهُ بعد ذَلِكَ الرُّجُوع لداع دعى إِلَيْهِ انْتهى.

وَفِيه أَيْضا نقلا عَن عز الدَّين بْن عبد السَّلَام أَن الْبدع عَليّ ثَلَاثَة أضْرب مُبَاح كالتوسع فِي المآكل والمناكح فَلَا بَأْس بِهِ وَحسن وَهُوَ كل مَا وَافق الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة وَلم يُخَالف شَيْئا مِنْهَا كَصَلَاة التَّرَاوِيح وَبِنَاء الرَّبْط والخانات والمدارس وَغير ذَلِكَ من أَنْوَاع الْبر الَّتِي لم تعهد فِي الصَّدْر الأول وَالضَّرْب الثَّالِث مُخَالف للشَّرْع صَرِيحًا واستلزاما كَصَلَاة الرغائب فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة وَكذب عَلَيْهِ ذكر ذَلِكَ أَبُو الْفرج بْن الْجَوْزِيّ وَكَذَا قَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد الطرطوشي أَنَّهَا لم تحدث بِبَيْت الْمُقَدّس إِلَّا بعد ثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة من الْهِجْرَة وَهِي مَعَ ذَلِكَ مُخَالفَة للشَّرْع يخْتَص الْعلمَاء بِبَعْضِهَا وَبَعضهَا يعم الْجَاهِل والعالم انْتهى مُلَخصا.

وَإِن شِئْت الإطلاع على مناظرة وَقعت بَين الْعِزّ بن عبد السَّلَام وَبَين ابْن الصّلاح وعَلى عباراتهما التَّامَّة وعَلى مَا رد السُّبْكِيّ وَغَيره على ابْن الصّلاح فَارْجِع إِلَى الرسَالَة الْمَذْكُورَة وَلَوْلَا خوف الإطالة لنقلتها بِالْكُلِّيَّةِ

(1/72)

وَإِنَّمَا اكتفيت على نقل قدر من عِبَارَات الْعِزّ وَابْن الصّلاح لحُصُول الْمَقْصُود بِهِ وَهُوَ كَون صَلَاة الرغائب مَوْضُوعَة وروايتها بَاطِلَة وَقد اتَّضَح مِمَّا ذكرنَا أَن الْمُحدثين كلهم اتَّفقُوا على كَون حَدِيثهَا مَوْضُوعا ثُمَّ مِنْهُم وهم الْجُمْهُور من منع عَنْهَا قطعا وَجعل أداءها بِدعَة وضلالا وَمِنْهُم من جوز أداءها لمن شَاءَ من غير اعْتِقَاد صِحَة حَدِيثهَا وَالْحق مَعَ الْجُمْهُور وَهُوَ قَول الْمَنْصُور.

وفى الْمدْخل لِابْنِ الْحَاج الْمَالِكِي عِنْد ذكر المواسم الَّتِي نسبوها إِلَى الشَّرْع وَلَيْسَت مِنْهُ بعد ذكر مَا أحدثوه من أول لَيْلَة من رَجَب وَمن الْبدع الَّتِي أحدثوها فِي هَذَا الشَّهْر الْكَرِيم أَن أول لَيْلَة جُمُعَة مِنْهُ يصلونَ فِي الْجَوَامِع والمساجد صَلَاة الرغائب ويجتمعون فِي جَوَامِع الْأَمْصَار ومساجدها ويظهرونها فِي مَسَاجِد الْجَمَاعَات بِإِمَام وَجَمَاعَة كَأَنَّهَا صَلَاة مَشْرُوعَة وانضم إِلَى هَذِه الْبِدْعَة مفاسد مُحرمَة وَهِي اجْتِمَاع النِّسَاء وَالرِّجَال فِي اللَّيْل على مَا علم مَا اجتماعاتهم وَأَنه لَا بُد أَن يكون مَعَ ذَلِكَ مَا لَا يَنْبَغِي مَعَ زِيَادَة وقود الْقَنَادِيل وَغَيرهَا، وفى زِيَادَة وقودها إِضَاعَة المَال لَا سِيمَا إِذا كَانَ الزَّيْت من الْوَقْف فَيكون ذَلِكَ جرحه فِي حق النَّاظر لَا سِيمَا إِن كَانَ الْوَاقِف لم يذكرهُ، وَإِن ذكره لم يعْتَبر شرعا، وَزِيَادَة الْوقُود مَعَ مَا فِيهِ من إِضَاعَة المَال سَبَب لِاجْتِمَاع من لَا خير فِيهِ. وَقد ذكر الإِمَام أَبُو بكر الفِهري الْمَعْرُوف بالطرطوشي تقبيح اجْتِمَاعهم وفعلهم صَلَاة الرغائب فِي جمَاعَة وَأعظم النكير على فَاعل ذَلِكَ، وَقَالَ فِي كِتَابه أَنَّهَا بِدعَة قريبَة الْعَهْد حدثت فِي زَمَانه وَأول مَا حدثت فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى أحدثها فلَان سَمَّاهُ فالتمسه هَذَا قَوْله فِيهَا وَهِي على دون مَا يَفْعَلُونَهُ الْيَوْم فَإِن قَالَ قَائِل قد ورد الحَدِيث عَن النَّبِي فِي النّدب إِلَى الصَّلَاة ذكره أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ فِي كتاب الْإِحْيَاء لَهُ.

(1/73)

فَالْجَوَاب أَن الْكَلَام إِنَّمَا وَقع فِي فعلهَا فِي الْمَسَاجِد وإظهارها فِي الْجَمَاعَات وَمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي وَأما الرجل يَفْعَلهَا فِي خَاصَّة نَفسه فيصليها سرا كَسَائِر النَّوَافِل فَلهُ ذَلِكَ، وَيكرهُ لَهُ أَن يتخذها سنة دائمة لَا بُد من فعلهَا لآن هَذِه الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي فَضَائِل الْأَعْمَال بالسند الضَّعِيف قد قَالَ الْعلمَاء فِيهَا أَنه يجوز الْعَمَل بهَا وَلكنهَا لَا تفعل على الدَّوَام انْتهى كَلَامه.

قلت؛ لقد تساهل فِي آخر كَلَامه، فَإِن حَدِيث صَلَاة الرغائب مَوْضُوع بِاتِّفَاق أَكثر الْمُحدثين أَو كلهم وَلَا عِبْرَة بِمن خالفهم كَائِنا من كَانَ وَلَا بِذكر من ذكره كَائِنا من كَانَ، والموضوع لَا يجوز الْعَمَل بِهِ على أَن الضَّعِيف الَّذِي صَرَّحُوا بِجَوَاز الْعَمَل بِهِ وقبوله هُوَ الَّذِي لَا يكون شَدِيد الضعْف بِأَن لَا يَخْلُو سَنَد من أسانيده من كَذَّاب أَو مُتَّهم أَو مَتْرُوك أَو نَحْو ذَلِكَ على مَا بسطته فِي رسالتي الأجوبه الفاضلة للأسئلة الْعشْرَة الْكَامِلَة والْحَدِيث الَّذِي نَحن فِيهِ إِن لم يكن مَوْضُوعا فَلَا شُبْهَة فِي كَونه شَدِيد الضعْف غير قَابل للاحتجاج بِهِ، فَلَا يجوز الْعَمَل بِهِ فِي فَضَائِل أَيْضا لأحد لَا فِي خَاصَّة نَفسه وَلَا بِأَمْر غَيره.

وَإِن شِئْت زِيَادَة التَّفْصِيل فِي هَذَا الْبَحْث الْجَلِيل فَارْجِع إِلَى تحفة الجنائب بِالنَّهْي عَن صَلَاة الرغائب وَإِلَى البزق اللموع لكشف الحَدِيث الْمَوْضُوع وَكِلَاهُمَا لقطب الدَّين مُحَمَّد الخيضري المتوفي على مَا قيل سنة 894 وَإِلَى الرَّد الصائب على مصلى الرغائب فِي فَضَائِل الْأَعْمَال لإِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي وَإِلَى التَّرْغِيب عَن صَلَاة الرغائب لخطيب جَامع دمشق عبد الْعَزِيز وَإِلَى غَيرهَا من رسائل الْفُضَلَاء.

وَقَالَ الشَّيْخ الدهلوي فِي رسَالَته مَا ثَبت بِالسنةِ فِي أَيَّام السّنة

(1/74)

بعد ذكر قدر من عِبَارَات النَّوَوِيّ وَغَيره وَهُوَ عشر عشير بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا نقلنا. قَالَ العَبْد الضَّعِيف أصلح الله حَاله وَجعل إِلَى كل خير مآله , هَذَا مَا ذكره المحدثون على طريقتهم فِي تَحْقِيق الْأَسَانِيد وَنقد الْأَحَادِيث وعجبا مِنْهُم أَن يبالغوا فِي هَذَا الْبَاب هَذِه الْمُبَالغَة ويكفيهم أَن يَقُولُوا لم يَصح ذَلِكَ عندنَا وأعجب من الشَّيْخ مُحي الدَّين النَّوَوِيّ مَعَ سلوكه طَرِيق الْإِنْصَاف فِي الْأَبْوَاب الْفِقْهِيَّة وَعدم تعصبه مَعَ الْحَنَفِيَّة كَمَا هُوَ دأب الشَّافِعِيَّة فَمَا نَحن فِيهِ أولى بذلك لنسبته إِلَى الْمَشَايِخ الْعِظَام والمشايخ الْكِرَام، وَقد ذكر صَاحب جَامع الْأُصُول فِي كِتَابه حَدِيثا من كتاب رزين مَعَ أَن مَوْضُوع ذَلِكَ الْكتاب جمع أَحَادِيث الْكتب السِّتَّة الْمُسَمَّاة بالصحاح السِّت وَإِذا لم يجد فِي هَذِه الْكتب حَدِيثا فِي ذَلِكَ أوردهُ من كتاب آخر اسْتِيفَاء وتكميلا، وَقَالَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ الله ذَكَرَ صَلاةَ الرَّغَائِبِ وَهِيَ أَوَّلُ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ يُصَلِّي فِيهَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء اثْنَتَيْ رَكْعَةً بِسِتِّ تَسْلِيمَاتٍ كُلُّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَة الْكتاب وَالْقدر ثَلَاثًا وَقل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِي الْأُمِّي ولعلى آلِهِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ سَبْعِينَ مَرَّةً ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَةً وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ سَبْعِينَ مَرَّةً ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيُّ الأَعْظَمُ، وَفِي أُخْرَى الأَعَزُّ الأَكْرَمُ سَبْعِينَ مَرَّةً ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ فِي السَّجْدَةِ الأُولَى، ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ وَهُوَ سَاجِدٌ حَاجَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرُدُّ سَائِلَهُ قَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الأُصُولِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ رَزِينٍ وَلَمْ أَجِدْهُ فِي وَاحِدٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَالْحَدِيثُ مَطْعُونٌ فِيهِ انْتَهَى. أَيْ كَلامُ صَاحِبِ جَامِعِ الأُصُولِ وَقد وَقع فِي كِتَابه بَهْجَةِ الأَسْرَارِ ذَكَرَ لَيْلَةَ الرَّغَائِبِ فِي ذِكْرِ سَيِّدِنَا وَشَيْخِنَا الْقُطْبِ الرَّبَّانِيِّ وَالْغَوْثِ الصَّمَدَانِيِّ الشَّيْخِ مُحْيِ الدِّينِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْحَسَنِيِّ الْجِيلانِيِّ، وَقَالَ: اجْتَمَعَ الْمَشَايِخُ وَكَانَتْ لَيْلَةُ الرَّغَائِبِ إِلَى آخِرَ مَا ذَكَرَ مِنَ الْحِكَايَةِ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ نَقَلَ عَنِ الشَّيْخَيْنِ الْقُدْوَتَيْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْوَهَّاب وَالشَّيْخ عبد الرَّزَّاق أَنَّهُمَا قَالَا  بَكَّرَ الشَّيْخُ بَقَا بْنُ بُطُو صَبِيحَةَ يَوْمِ الْجُمْعَةِ الْخَامِسِ مِنْ رَجَب سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة إِلَى مَدْرَسَةِ َوالِدِنَا الشَّيْخِ مُحْيِ الدِّينِ عَبْدِ الْقَادِرِ وَقَالَ لَنَا: أَلا سَأَلْتُمُونِي عَنْ سَبَبِ بُكُورِي الْيَوْمَ إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ نُورًا أَضَاءَتْ بِهِ الآفَاقُ وَعَمَّ أَقْطَارَ الْوُجُودِ رَأَيْتُ أَسْرَارَ ذَوِي الأَسْرَارِ فَمِنْهَا مَا يَتَّصِلُ بِهِ وَمِنْهَا مَا لَهُ مَانِعٌ مِنَ الاتِّصَالِ بِهِ وَمَا اتَّصل بِهِ سِرٌّ إِلا تَضَاعَفَ نُورُهُ فَتَطَلَّبْتُ يَنْبُوعَ ذَلِكَ النُّورِ فَإِذَا هُوَ صَادِرٌ عَنِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ فَأَرَدْتُ الْكَشْفَ عَنْ حَقِيقَتِهِ فَإِذَا هُوَ نُورٌ شُهُودٌ قَابَلَ نُورَ قَلْبِهِ وَتَقَادَحَ هَذَانِ النُّورَانِ واَنْعَكَسَ ضِيَاؤُهُمَا عَلَى مِرْآةِ حَالِهِ وَاتَّصَلَتْ أَشِعَةُ الْمُقَادَحَاتِ مِنْ مَحَطِّ جَمْعِهِ إِلَى وَصْفِ تَفْرِقَةٍ فَأَشْرَقَ بِهَا الْكَوْنُ وَلَمْ يَبْقَ مَلَكٌ نَزَلَ اللَّيْلَةَ إِلا أَتَاهُ وَصَافَحَهُ وَاسْمُهُ عِنْدَهُمُ الشَّاهِدُ وَالْمَشْهُودُ. قَالَ فَأَتَيْنَاهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقُلْنَا لَهُ: أَصَلَّيْتَ اللَّيْلَةَ صَلاةَ الرَّغَائِبِ؟ فَأَنْشَدَ:

(إِذَا نَظَرَتْ عَيْنِي وُجُوهَ جَبَائِبَ ... فَتِلْكَ صَلاتِي فِي لَيَالِي الرَّغَائِبِ)

(وُجُوهٌ إِذَا مَا اسْتَبْصَرْتَ عَنْ جَمَالِهَا ... أَضَاءَتْ بِهَا الأَكْوَانُ مِنْ كُلِّ جَانِبِ)

(وَمَنْ لَمْ يُوَفِّ الْحُبَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ ... فَذَلِكَ الَّذِي لَمْ يَأْتِ قَطُّ بِوَاجِبِ)  انْتَهَى كَلامُ الدَّهْلَوِيُّ.

قُلْتُ: ذَكَرَ لَيْلَةَ الرَّغَائِبِ فِي بَهْجَةِ الأَسْرَارِ وغَيْرُهُ لَا يُثْبِتُ إِلا فَضْلَهَا، وَهُوَ لَيْسَ بِمُسْتَنْكَرٍ وَإِنَّمَا الْمُنْكَرُ هُوَ أَدَاءُ صَلاةِ الرَّغَائِبِ فِيهَا أَخْذًا بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهَا وَلا اعْتِبَارَ لِوُقُوعِ حَدِيثِهَا فِي الْغِنْيَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الصُّوفِيَّةِ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِي بَابِ ثُبُوتِ الْحَدِيثِ هُوَ نَقْدُ الرِّجَالِ لَا كَشْفُ الرِّجَالِ وَمُبَالَغَةُ الْمُحَدِّثِينَ فِي هَذَا الْبَابِ وَاقِعٍ فِي مَوْضِعِهَا فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا شُيُوعَ هَذِهِ الصَّلاةِ فِيمَا بَيْنَ الْخَوَاصِّ وَالْعَوَامِّ وَظَنُّهُمْ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ عَنْ سَيِّدِ الأَنَامِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ ذِكْرُ وَضْعِ حَدِيثِهَا وَشَنَاعَتِهَا وَلَوْلا ذَلِك لَا غتر كَثِيرٌ مِنَ الْخَوَاصِّ فَضْلا عَنِ الْعَوَامِّ بِوُقُوعِ ذِكْرِهَا فِي كُتُبِ الصُّوفِيَّةِ الْكِرَامِ وَأَمَّا ذِكْرُ صَاحِبِ جَامِعِ الأُصُولِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِهِ فَلا يَنْفَعُ شَيْئًا بَعْدَ قَوْله إِنَّه مطعون فِيهِ.

فَائِدَةٌ؛ قَدِ اشْتَهَرَ بَيْنَ الْعَوَامِّ أَنَّ لَيْلَةَ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ هِيَ لَيْلَةُ الْمِعْرَاجِ النَّبَوِيِّ وَمَوْسِمُ الرَّجَبِيَّةِ مُتَعَارَفٌ فِي الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ يَأْتِي النَّاسُ فِي رَجَبٍ مِنْ بَلادٍ نَائِيَةٍ لِزِيَارَةِ الْقَبْرِ النَّبَوِيِّ فِي الْمَدِينَةِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْمُؤَرِّخِينَ فَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ، وَقِيلَ فِي رَبِيعٍ الآخِرَةِ، وَقِيلَ فِي ذِي الْحَجَّةِ وَقِيلَ فِي شَوَّالٍ، وَقِيلَ فِي رَمَضَانَ، وَقِيلَ فِي رَجَبٍ فِي لَيْلَةِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ وَقَوَّاهُ بَعْضُهُمْ. وَقَدْ بَسَطَ الْكَلامَ فِيهِ الْقَسْطَلانِيُّ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ وَغَيْرُهُ فِي غَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا فَيُسْتَحَبُّ إِحْيَاءُ لَيْلَةَ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ وَكَذَا سَائِرِ اللَّيَالِي الَّتِي قِيلَ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْمِعْرَاجِ بِالإِكْثَارِ فِي الْعِبَادَةِ شُكْرًا لما مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ فَرْضِيَّةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَجعلهَا فِي الثَّوَاب خمسين، وَلَمَّا أَفَاضَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا فِيهَا مِنْ أَصْنَافِ الْفَضِيلَةِ وَالرَّحْمَةِ وَشَرَّفَهُ بِالْمُوَاجَهَةِ وَالْمُكَالَمَةِ وَالرُّؤْيَةِ، وَكَذَا قِيلَ أَنَّ لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي حَقِّ نَبينَا لَا فِي حَقِّ الأُمَّةِ وَأَمَّا كَيْفيَّة الْإِحْيَاء فمفوضة إِلَى رَأْيِ الْعَبْدِ لَمْ يَرِدْ فِيهَا حَدِيث متعمد وَمَا وَرَدَ فِيهَا فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَلَى مَا مَرَّ ذِكْرُهُ وَكَذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَ صَبَاحَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَقَدْ وَرَدَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ لَا تَخْلُو من طَعْنٍ وَسُقُوطٍ كَمَا بَسَطَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَبْيِينِ الْعَجَبِ مِمَّا وَرَدَ فِي فَضْلِ رَجَبٍ وَمَا اشْتَهَرَ فِي بِلادِ الْهِنْدِ وَغَيْرِهِ أَنَّ صَوْمَ صَبَاحِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ يعد أَلْفَ صَوْمٍ فَلا أَصْلَ لَهُ.

ذِكْرُ عَاشِرِ رَجَبٍ

فَائِدَةٌ؛ ذَكَرَ ابْنُ رَجَبٍ فِي لَطَائِفِ الْمَعَارِفِ رُوِيَ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ أَنَّهُ قَالَ فِي يَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ رَجَبٍ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَحَرَّوْنَ الدُّعَاءَ فِيهِ عَلَى الظَّالِمِ فَكَانَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ مَشْهُورَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ مُجَابِي الدَّعْوَةِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللَّهَ يَصْنَعُ بِهِمْ ذَلِكَ لِيَحْجُزَ بَعْضَهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ السَّاعَةَ مَوْعِدَكُمْ والساعة أدهى وَأمر انْتهى.

فَائِدَة؛ قد كنت لما سَافَرت من الوطن مَعَ الْوَالِدين المرحومين إِلَى حيدر آباد الدكن فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ بعد الْألف والمائتين من الْهِجْرَة على صَاحبهَا أفضل الصَّلَوَات والتحية دخلت بَلْدَة حيدر أباد فِي الْيَوْم الْخَامِس عشر من رَجَب فلقيني بعض مشايخها وَقَالَ: مرْحَبًا نعم الْمَجِيء جِئْت مَا أحسن وصولك فِي الْيَوْم الْمُبَارك يَوْم الاستفتاح فَقلت فِي نَفسِي لَعَلَّ لهَذَا الْيَوْم فضلا ثَابتا بالرويات ثُمَّ طلبت ذَلِكَ من مظانه فَلم أجد لذَلِك أصلا، ثُمَّ وقفت على كَلَام الشَّيْخ الدهلوي فِي مَا ثَبت بِالسنةِ أعلم أَنا لم نجد فِي كتب الْأَحَادِيث لَا إِثْبَاتًا وَلَا نفيا مَا اشْتهر بَينهم من تَخْصِيص الْخَامِس عشر من رَجَب بالتعظيم وَالصَّوْم وَالصَّلَاة وتسميته بِيَوْم الاستفتاح وتسميته بمريم دوزه انْتهى. فَعلمت أَنه لَيْسَ إِلَّا من جنس الْأُمُور الْمَشْهُورَة بَين الصُّوفِيَّة مِمَّا لَيْسَ لَهُ أصل فِي كتب الشَّرِيعَة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج2. باقي صحيح السيرة النبوية تحقيق الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.}

  ج2. صحيح السيرة {ج2. باقي صحيح السيرة النبوية  تحقيق  الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.} صفحة رقم -130 - قال : قلت : من غف...