السؤال باسم الله الأعظم

وسمع آخر يقول في تشهده أيضا : ( أبو داود والنسائي وأحمد والبخاري في الأدب المفرد ) ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت [ وحدك لا شريك لك ] [ المنان ] [ يا ] بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم [ إني أسألك ] [ الجنة وأعوذ بك من النار ] . [ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( تدرون بما دعا ؟ ) قالوا الله ورسوله أعلم . قال : ( والذي نفسي بيده ] لقد دعا الله باسمه العظيم ( وفي رواية : الأعظم ) الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى}

الاثنين، 12 فبراير 2024

ج3زج4.النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة


ح3333333333333333333333
 
النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة
1- ((اقرَءوا القُرآنَ بِلُحونِ العَرَبِ وَأصواتِها، وإيَّاكُم وَلُحُونَ أهلِ الكِتابِ، وَأهلِ الفِسقِ، فإنَّهُ سَيجيءُ مِنْ بَعدِي قَومٌ يُرجِّعوُنَ بِالقرآنِ تَرجِيعَ الرَّهبانِيةِ، وَالنَّوْحِ وَالغِناءِ، لا يُجاوِزُ حَناجِرَهُم، مَفتونَةٌ قُلوبُهُم، وَقُلُوبُ الذينَ يُعجِبُهُمْ شَأنُهُمْ)) . (1)
_________
(1) 1- منكر.
أخرجه الطبراني في (الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (7/ 169) - وابن عدي في (الكامل))
(2/ 510-511) ، والجوزقاني في ((الأباطيل)) (723) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 118) من طريق بقية بن الوليد، عن الحصين بن مالك الفزاري، عن أبي محمد، عن حذيفة مرفوعاً.. فذكره. وعزاه التبريزي في ((المشكاة)) (1/ 676) للبيهقي في ((شعب الإيمان)) ، ولرزين في كتابه. وعزاه القرطبي في
((تفسيره)) (1/ 17) للحكيم في ((نوادر الأصول)) ووقع عنده: ((وأهل العشق)) بدل: ((الفسق)) .
قلت: وإسناده تالف، مسلسل بالعلل:
الأولى: تدليس بقية، فقد كان يدلس التسوية، فتحتاج منه أن يصرح لنا بالتحديث في كل طبقلت السند، وكنت ذهلت عن هذا قديماً، فكنت أجعل عنعنته كعنعنة الأعمش ونحوه ممن يدلسون تدليس الإسناد. وقال لي شيخنا حافظ الوقت ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى، وأمتع المسلمين بطول حياته: ((إنه يقع لي تدليس بقية هو من التدليس المعتاد)) أ. هـ‍. لكن ثبت أن بقية بن الوليد يدلس التسوية، فذكر ابن أبي حاتم في ((العلل)) (1957) من طريق إسحاق بن راهويه، عن بقية، قالَ: حدثني أبو وهب الأسدي، قالَ: حدثنا نافع، عن ابن عمر، قالَ: لا تحمدوا إسلام امرئ، حتى تعرفوا عقدة رأيه. وقال أَبي: هذا الحديث لهُ علة، قل من يفهمها.!! روى هذا الحديث عبيد الله ابن عمرو، عن إسحاق بن أبي فروة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليهِ وعلى آله وسلم. وعبيد الله بن عمرو، وكنيته أبو وهب، وهوَ أسدي. فكأن بقية بن الوليد كنى عبيد الله بن عمرو، ونسبه إلى بني أسد لكيلا يتفطن بهِ، حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدى لهُ 0!! وكانَ بقية من أفعل الناس لهذا، وأما ما قالَ إسحاق في روايته عن بقية، عن أبي وهب: ((حدثنا نافع)) فهوَ وهوَ ... إلخ) .
قلت: فقول أبي حاتم: (( ... حتى ترك إسحاق من الوسط لا يهتدي إليه)) هذه هي صورة تدليس التسوية، ثم وصفه بأنه كان: ((من أفعل الناس [ويرى ابن حبان في ((المجروحين)) أن بقية ابتُليَ بتلاميذ سوء كانوا يسوون حديثه، وهذا لا يمنع أنه كان يفعله] . وهذا يعني أنه صار معروفاً به ولا يغنى في دفع هذا التدليس ما قاله ابن عدي: سمعت الحسين [يعني ابن عبد الله العطار] يقول: سمعت محمد بن عوف [وقع في
((الكامل)) : ((عون)) وهو خطأ. والنسخة المطبوعة من الكامل سيئة للغاية، لكثرة التصحيف فيها. فالله المستعان] يقول: روى هذا الحديث شعبة، عن بقية)) أ. هـ‍. فيفهم من سوق ابن عدي لهذه المقالة أن شعبة كان يشدد النكير على المدلسين، ويتحرى منهم السماع، فهذا يرجح أنه لم يأخذ من بقية إلا ما علم= =أنه سمعه. والجواب عن ذلك أن يقال: إننا لا ندري من شيخ بقية الواقع في طريق شعبة، فلعل بقية دلس اسم شيخه، وصرح عنه بالتحديث، فقنع شعبة منه بذلك. هذا أولاً.
ثانيا: يحتمل أن شعبة لم يكن يعلم بتدليس أصلاً، ويؤيده أنهم لم ينقلوا عن شعبة أنه أنكر على بقية تدليسه، ولو علم لما ترك النكير أبداً.
ثالثاً: قد صح عن شعبة أنه قال: ((كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وقتادة، وأبي إسحاق السبيعي)) رواه البيهقي في ((المعرفة)) . وليس بقية من أولئك [ثم رأيت الحافظ في ((التلخيص)) (2/ 40) اتهم بقية بتدليس التسوية، وأقره الشيخ الألباني كما في الإرواء (3/ 89) والله أعلم.
العلة الثانية: شيخ بقية ((حصين بن مالك)) . قال الجوزقاني: ((مجهول)) وقال الذهبي: ((ليس بمعتمد)) .
العلة الثالثة: الراوي عن حذيفة، وهو: ((أبو محمد)) مجهول أيضاً كما قال وابن الحوزي، وكذا الهيثمي لكنه قال في ((المجمع)) (7/ 169) : ((فيه راو لم يسم)) ووقع في ((الميزان)) : (( ... حصين بن مالك، عن رجل، عن حذيفة)) فلعل الذهبي أخذ الإسناد من ((المعجم الأوسط)) للطبراني. والله أعلم 0
وقال الجوزقاني: ((هذا حديث باطل وأبو محمد شيخ مجهول، وحصين أيضاً مجهول، وبقية بن الوليد ضعيف.
قلت: أما أن بقية ضعيف، فلا، إنما ضعفه من روايته، لا من نفسه. والله أعلم. وقال ابن الجوزي:
((هذا حديث لا يصح، وأبو محمد مجهول، وبقية يروي الضعفاء ويدلسهم.)) أ. هـ‍. وقال الذهبي:
((الخبر منكر)) .
أما القراءة بالألحان، فقد اختلف فيها العلماء. والأكثرون على المنع، فقد حكى ابن أبي حاتم عن أبيه أن السماع يكره ممن يقرأ بالألحان، ونص مالك في المدونة على أن القراءة في الصلاة بالألحان الموضوعة والترجيع ترد به الشهادة، حكاه السخاوي في ((فتح المغيث)) (1/ 281) . وقال الحافظ في ((الفتح)) (9/ 72) :
((وحكى عبد الوهاب المالكي عن مالك تحريم القراءة بالألحان، وحكاه أبو الطيب الطبري، والماوردي. وابن حمدان الحنبلي، وجماعة من أهل العلم، وحكى ابن بطال وعياض والقرطبي من المالكية، والماوردي، والبندنيجي والغزالي من الشافعية، وصاحب ((الذخيرة)) من الحنفية الكراهة. واختاره أبو بعلي وابن عقيل من الحنابلة، وحكى ابن بطال عن جماعة من الصحابة والتابعين والجواز ... ومحل هذا الخلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير، قال النووي في ((التبيان)) : أجمعوا على تحريمه)) أ. هـ‍. وقال السخاوي في ((فتح المغيث)) (1/ 281) : ((والحق في هذه المسألة أنه إن خرج بالتلحين لفظ القرآن عن صيغته بإدخال حركات فيه، أو إخراج حركات منه، أو قصر ممدود، أو مد مقصور، أو تمطيط يخفى به اللفظ، ويلتبس به المعنى، فالقارئ فاسق، والمستمع آثم وان لم يخرجه اللحن عن لفظه، وقراءته على ترتيله فلا كراهة لأنه بألحانه في تحسينه)) أ. هـ‍. ... =
=قلت: وقد تبغ بعض أهل الأهواء من قرأة زماننا، فزعموا أن المراد بالألحان هو أن يقرأ القرآن مع لحن الموسيقى!! ، وصار يطالب بحق الأداء العلني فيه أسوة بالمغنين والمغنيات، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا الذي ذهب إليه هذا القارئ لم يقل به أحداً أصلا. بل اللحن المقصود هو تحسين الصوت بالقرآن وتحزينه، لا ما تعارف عليه الناس في هذه الأزمنة المتأخرة من أن التلحين إنما يكون بالموسيقى!! وإذا كان العلماء يحرمون، أو يكرهون أن يمطط القارئ في قراءته، وأن يزيد في تحسين صوته عن طريق الإغراق في التلحين الذي هو من كسب حنجرته، ويرد به مالك الشهادة، بل يُفسق كما وقع كلام السخاوي، فكيف إذا سمعوا ذلكَ الذي يطالب بقراءة القرآن على لحن الموسيقى؟! ولا شك أنهم إما أن يُكفروه، لأن الاستحلال ظاهر من قولُهُ ودعوته فإن لم يكن، فأحسن أحواله أن يكون فاسقاً. وقدْ صح عن النبي صلى الله عليهِ وآله وسلم: أنه قالَ: ((بادروا بالأعمال خصالاً ستا..)) فذكر منها: ((ونشوا يتخذون القرآن مزامير، يقدمون الرجل ليس بأفقههم، ولا أعلمهم، ما يقدمونه إلا ليغنيهم)) . أخرجه أحمد (3/ 494) ، والطبراني في الأوسط (ج1/ رقم 689) وغيرهما، وانظر ((الصحيحة)) (979) لشيخنا الألباني حفظه الله تعالى.
(1/19)
2- ((لا تَسأَلِ الرَّجُلَ، فِيمَ ضَرَبَ امرَأتَهُ، وَلا تَنَمْ إلا عَلَى وِترٍ)) . (1)
_________
(1) 2- ضعيف.
أخرجه أبو داود (6/ 185- عون) ، والنسائي في ((عشرة النساء - من الكبرى)) كما في ((أطراف المزي)) (8/11) -، وابن ماجه (1/ 62) ، وأحمد (1/ 20) ، والطيالسي (ص -10) ، والطحاوي في ((المشكل)) (3/211) ، والحاكم (4/175) ، والبيهقي (7/ 105) ، من طريق داود بن عبد الله الأودي، عن عبد الرحمن المسلي، عن الأشعث بن قيس، عن عمر بن الخطاب، فذكره مرفوعاً. ووقع عند ابن ماجه: قال الأشعث:.. ضفت عمر ليلة، فلما كان في جوف الليل، قام عمر إلى آمراته يضربها، فحجزت بينهما 0!! فلما أوى إلى فراشه قال لي: يا أشعث احفظ عني شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته، ولا تنم إلا على وتر، ونسيت الثالثة)) أ. هـ‍ ووقع في رواية الحاكم أن الثالثة: ((ولا تسأله عمن يعتمد من أخواته ومن لا يعتمدهم ((قال الحاكم ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي!!
قلت: وهما ذلك، لا سيما الذهبي، فإنه ذكر عبد الرحمن المسلى - بضم الميم وسكون السين- في ((الميزان)) (2/ 602) : ((لا يعرف إلا حديثه عن الأشعث، عن عمر، تفرد عنه داود بن عبد الله والأودي)) أ. هـ‍. فكيف يصح إسناده؟!! وأيضاً ضعفه أبو الفتح الأزدي وَقَالَ: ((فيهِ نظر)) . ثمَّ أورد لهُ هَذَا الحديث. والعجب من الحافظ، إذ يقول فيهِ ((مقبول)) ، وَكَانَ الأولى أن يقول: ((مجهول)) لأَنَّهُ لم يرو عَنهُ سوى واحد، وَقَدْ غمزه الأزدي:!! ... =
= وأما الشيخ الحدث العلاقة أبو الأشبال أحمد بن محمد شاكر فاعل الحديث بعلة أخرى، فقال في ((تخريج المسند)) (1/ 209) : ((إسناد ضعيف، داود بن يزيد الأودي: ليس بقوى، يتكلمون فيه)) . وهذا وهم من الشيخ، نتج عن سبق النظر، فالذي في الإسناد هو: ((داود بن عبد الله الأودي)) وهو ثقة والله المستعان.
تنبيه وقع الإسناد عند الطحاوى هكذا: (( ... أبو وضاح بن عبد الله الأزدي ... )) . وهو خطأ، نتج عن تصحيف، وصوابه: (( ... وضاح عن داود بن عبد الله الأودي)) .
(1/21)
3- ((بَادِرُوا بالأعمالِ سبعاً: هَل تَنْتَظِرونَ إلا فَقراً مُنسياً، أو غِنى مُطغياً، أو مَرَضاً مُفسِداً، أو هَرَماً مُفيِّداً، أو مَوتاً مُجهِزاً، أو الدَّجالَ؟! ، فَشرُّ غَائِبٍ يُنتظَرُ، أو الساعَةَ؟! فالسَّاعةُ أدهَى وأمرُّ)) . (1)
_________
(1) 3- ضعيف.
أخرجه الترمذي (2306) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (215/1) . وابن عدي في ((الكامل)) (2434) /6) . وابن الجوزي في ((مشيخته)) (197/ 198) من طريق محرز بن هارون، عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً ... فذكره..
قلت: ومحرز بن هارون قالَ فيه البخاري والنسائي: ((منكر الحديث)) . وهذا في اصطلاح البخاري يعني: لا تحل الرواية عنه. وقال ابن حبان: ((يروي عن الأعرج ما ليس من حديثه، لا تحل الرواية ولا الاحتجاج به)) . لكن قال العقيلي: ((وقد روى هذا الحديث بغير الإسناد، من طريق أصلح من هذه)) .
قلت: يشير العقيلي بذلك إلى ما أخرجه الحاكم (4/ 320- 321) من طريق معمر بن راشد، عن سعيد المقبري، فالحديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ووافقه الذهبي. قلت: لم يسمع معمر من المقبري، وقد أشار الترمذي إلى ذلك بقوله: ((وروى معمر هذا الحديث عمن سمع سعيداً المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا)) .
وهذا الذي ذكره الترمذي قد أخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (7) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (14/ 224- 225) . ثم وقفت الواسطة عن أبي هريرة بنحوه. قال الحاكم: ((إن كان معمر بن راشد سمع من المقبري؛ والحمد لله. فإذا هو محمد بن عجلان. أخرجه الخطيب في ((السابق اللاحق (102- 103) من طريق محمد بن حميد الرازي، ثنا إبراهيم بن المختار، عن إسرائيل، عن إبراهيم بن أعين، عن معمر بن راشد، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعاً بهِ. وابن عجلان، ولكن في الطريق إليه محمد بن حميد الرازي وهوَ واه، بل كذبه بعضهم. وإبراهيم بن المختار: فيهِ نظر)) . وهذا جرح شديد عنده. وقال ابن معين: ((ليس بذاك)) . ووثقه ابن حبان وقال: ((يتقي من حديثه ما كان من رواية ابن حميد عنه)) وهذا منها. والله أعلم.
(1/22)
4- ((مَا أكرَمَ شَابٌ شَيخاً عِندَ سِنِّهِ، إلا قَيَّضَ اللهُ - عز وجل - مَنْ يُكرِمُهُ عِندَ سِنِّهِ)) . (1)
5 - ((مَنْ خَرجَ في طَلبِ العلمِ، فَهُو في سَبيلِ اللهِ حَتى يَرجعَ)) . (2)
_________
(1) 4- ضعيف.
أخرجه الترمذي (6/166- 167 تحفة) ، وأبو القاسم القشيري في ((الرسالة)) (ص 633) ويعقوب بن سفيان في ((المعرفة)) (3/ 411) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 230/1) ، وابن عدي في ((الكامل))
(3/ 898-7/ 2733) ، والخطيب في ((الفقيه والمتفقه)) (277/ 1) ، وابن السمعاني في ((أدب الإملاء (ص- 135) ، والبغوي في ((شرح السنة)) ، (13/ 40) ، والشجري في ((الأمالي)) (244/2) من طريق يزيد ابن بيان العقيلي، حدثنا أبو الرحال، الأنصاري، عن أنس مرفوعاً.. فذكره قال العقيلي:
((يزيد ابن بيان لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به)) وقال ابن عدي: ((وهذا لا يعرف لأبي الرحال، عن أنس غير هذا، ولا أعلم يرويه عنه غير يزيد بن بيان) .
قلت: فتتلخص علة الحديث في أمرين:
الأول: ضعف يزيد بن بيان. قال البخاري: فيه نظر. وهذا جرح شديد عنده. وقال ابن حبان:.. لا يجوز الاحتجاج به))
الثاني: أبو الرحال - بتشديد الراء والحاء المهملتين - اسمه خالد بن محمد الأنصاري. قال البخاري: ((عنده عجائب)) . وقال أبو حاتم: ليس بقوي، منكر الحديث)) . وقال ابن عدي: أنكرت عليه هذا الحديث)) .
(2) 5- ضعيف.
أخرجه الترمذي (7/ 405- 406- تحفة) ، والطبراني في ((الصغير)) (1/ 136) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 63/ 1) ، وابن عبد البر في ((الجامع)) (1/ 55) من طريق نصر بن علي الجهضمي، حدثنا خالد بن يزيد اللؤلؤي، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك مرفوعاً فذكره. قال الطبراني: لا يروي عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو جعفر الرازي وخالد بن يزيد)) .
قلت: خالد بن يزيد قال أبو زرعة: ((لا بأس به)) . ولكن قال العقيلي: ((لا يتابع على كثير من حديثه)) . وأبو جعفر الرازي سيئ الحفظ كما قدمت قبل ذلك في حديث القنوت: قال الترمذي: ((حديث حسن غريب، وقد رواه بعضهم فلم يرفعه)) أ. هـ‍. وهذا أحد أوجه ضعفه أيضاً. والله أعلم.
(1/23)
6- إنَّ أولَ مَا دخلَ النقصُ على بني إسرائيلَ كانَ الرجلُ يَلقى الرجلَ فيقولُ: يا هذا،! اتَّقِ اللهَ وَدَعَ ما تَصنعُ، فإنَّهُ لا يَحِلُ لَكَ، ثُم يَلقاه مِنَ الغَدِ، فَلا يَمنَعُهُ ذَلكَ أنْ يَكونَ أكيلَهُ، وَشَرِيبَهُ، وَقَعِيدَهُ، فَلمَّا فَعلوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللهُ قُلوبَ بَعضِهِم بِبعضٍ. كَلا واللهِ، لتأمُرُنَّ بالمعروفِ، ولَتنهُونَّ عَنِ المُنكَرِ، ولَتَأخُذنَّ على يَدِ الظالِمِ، ولَتَأطرُنَّهُ على الحقِ أَطرا، أو لَيَضرِبَنَّ اللهُ بِقلوبِ بَعضِكُم على بَعضٍ، ثُمَّ يَلعنُكُم كَمَا لَعَنهُم)) . (1)
_________
(1) 6- ضعيف.
أخرجه الترمذي (3047) ، وأحمد (1/ 391) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 10/ رقم 10265) ، من طريق شريك بن عبد الله، عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن أبيه عبد الله بن مسعود.
قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان:
الأولى: ضغف شريك النخعي، فإنه سيئ الحفظ.
الثانية: الانقطاع بين عبيدة وأبيه، فإنه لم يسمع منه على أرجح أقوال العلماء المحققين.
أما العلة الأولى، فإن شريكاً لم ينفرد بالحديث عن علي بن بذيمة، بل تابعه جماعة عنه، منهم:
يونس بن راشد، أخرجه أبو داود (4336) ، وعنه البيهقي (10/ 93) .
الأعمش. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 10/ رقم 10264) ، ومن طريقه الشجري في ((الأمالى))
(2/ 231)
مسعر بن كدام. أخرجه الطبراني (10266)
موسى بن أعين. أخرجه الطحاوي في ((المشكل)) (2/ 61- 62) .
محمد بن مسلم بن أبي الوضاح. أخرجه الترمذي (5 / 253) ، وابن ماجه (4006/ 2) ، وكذا جرير
(6/ 206) .
عمرو بن قيس الملائي، أخرجه ابن جرير، ولكن في السند إليه محمد بن حميد وقد خالفهم سفيان الثوري، فقال: ثنا علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، أظنه عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً فذكره. أخرجه ابن جرير (6/ 205) من طريق مؤمل بن إسماعيل، ثنا سفيان به.
قلْتُ: وهذا سند متصل، غير أنني أرى أن ذكر ((مسروق)) فيه غير محفوظ. والآفة - عندي - هي من مؤمل هذا، فإنه كان كثير الخطأ كما قال أبو حاتم وأبو داود وغيرهما، حتى قال فيه البخاري: ((منكر الحديث)) وهو مع ضعفه، فقد خالفه عبد الرحمن بن مهدي - وهو من جبال الحفظ - فرواه عن سفيان، عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. فذكره مرسلاً. أخرجه الترمذي (3048) ، وابن ماجه (4006) ، وابن جرير (6/ 205- 206) ، وتابعه وكيع بن الجراح - الجبل الراسخ -، عن سفيان بمثله. أخرجه ابن جرير أيضاً (6/ 206) من طريقين عنه، فالصحيح في رواية سفيان، هو الإرسال. ولكن رواية الجماعة الذين ذكرناهم تترجح على رولية سفيان، ويكون الصواب هو: (( ... علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن أبيه)) . أما علي بن بذيمة - بفتح الباء الموحدة، وكسر المعجمة الخفيفة، بعدها تحتية - فقد وثقه غير واحد منهم ابن معين، وأبو زرعة والنسائي والعجلي وغيرهم، = =وجرحه الجوزجابي لكونه متشيعاً، والجرح لمجرد المذهب قول ضعيف، ثم إنه توبع على الحديث. تابعه سالم الأفطس، عن أبي عبيدة، عن أبيه به. أخرجه أبو داود (4337) ، والطبراني في ((الكبير))
(10268) من طريق أبي شهاب الحناط، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن سالم الأفطس به.
قلت: وأبو شهاب الحناط اسمه عبد ربه بن نافع وقد وثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن شيبة وابن سعد وغيرهم ورضيه أحمد، ولينه النسائي وغيره. وذكر له في ((التهذيب)) حديثاً دلس فيه، ولكنه غير مشهور بالتدليس، لذا أهمل الحافظ ذكر التدليس عندما ترجم له في ((التقريب)) . وقد خالفه عبد الرحمن بن محمد المحاربي، فرواه عن العلاء بن المسيب عن عبد الله بن عمرو بن مرة، عن سالم الأفطس به فجعل شيخ العلاء فيه هو: ((عبد الله بن عمرو بن مرة)) بدل: ((عمرو بن مرة)) !! أخرجه ابن جرير (6/ 205) ، وابن أبي حاتم - كما في ((تفسير ابن كثير)) (2/ 74) . - وأبو يعلى (ج 8/ رقم 5035) .
قلت: والمحاربي حاله من حال أبي شهاب الحناط، ولكن اتهمه غير واحد بالتدليس، ورواية أبي شهاب الحناط ارجح من رواية المحاربي، لمتابعة عبار بن القاسم. ذكرها المزي في ((الأطراف)) (7/ 160) . وقد اختلف على العلاء بن المسيب في سنده، وقد مر وجهان لذلك. فأخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (8/ 299) من طريق خالد بن عمرو الأموي، حدثنا العلاء بن المسيب، عن عمرو ابن مرة، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود. فاسقط ذكر: ((سالم الأفطس)) ولكن خالد بن عمرو كذبه ابن معين، واتهمه أحمد بن صالح بالوضع، غير أنه لم ينفرد بإسقاط ((سالم)) من السند، فتابعه جعفر بن زياد، عن العلاء به أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 10/ رقم 10267) من طريق عثمان بن أبي شيبة، ثنا إسحاق بن منصور، ثنا جعفر به.
قلت: وجعفر بن زياد، هو الأحمر، وثقه ابن معين في رواية. وقال أحمد وابن عدي: ((صالح الحديث)) وقال أبو داود: ((صدوق)) . فهذا لون ثالث من الخلاف ... ولون رابع.!! فخالفهم جميعاً خالد بن عبد الله الواسطي، فرواه عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي موسى الأشعري ... فذكره. فجعله من مسند ((أبي موسى)) ، أخرجه الطحاوي في ((المشكل)) ، (2/ 61) من طريق عمرو بن عون الواسطي، ثنا خالد.. فذكره.
قلت: كذا وقع الإسناد عند الطحاوي: (( ... عمرو بن مرة، عن أبي موسى)) ، وهو عندي خطأ، فقد سقط ذكر: ((أبي عبيدة بينهما، يدل على ذلك أن المزي قال في ((الأطراف)) (7/ 161) : ((وخالفهم خالد بن عبد الله الواسطي، فرواه عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى)) ونقل الحافظ ابن كثير في ((تفسيره)) (2/ 74) مثل هذا عن شيخه المزي. وعمرو بن عون ثقة، ولكنه خولف فيه، خالفه وهب بن بقية، فرواه عن خالد بن عبد الله، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود. فوافق الجماعة على جعله في مسند ((عبد الله بن مسعود)) . أخرجه البغوي في ((تفسيره)) . فهذا اضطراب شديد في السند، والوجه الذي اتفق عليه الجماعة هو الراجح، وهو: (( ... علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن أبيه)) . أما علة هذا الإسناد، فهو الانقطاع بين أبي عبيدة، = =وبين أبيه عبد الله بن مسعود كما سبق وذكرت. ولكنى رأيت البدر العيني رحمه الله تعالى جعل يناطح في هذا، فقال في ((العمدة)) (2/ 302) يرد على الحافظ ابن حجر: ((وأما قول القائل: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، فمردود بما ذُكر في ((المعجم الأوسط)) للطبراني من حديث زياد بن سعد، عن أبي الزبير، قال: حدثني يونس بن عتاب (أ) الكوفي، سمعت أبا عبيدة بن عبد الله يذكر أنه سمع أباه يقول: ((كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ... الحديث. وبما أخرجه الحاكم في ((مستدركه)) من حديث أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن أبيه، في ذكر يوسف - عليه السلام -، وصحح إسناده (أ) ، وبما حسن الترمذي عدة أحاديث رواها الترمذي عن أبي عبيدة، عن أبيه، ومن شرط الحديث الحسن إن يكون إسناده متصلاً عند المحدثين)) أ. هـ‍.
قلت: كذا قال العيني رحمه الله تعالى، وقد كرهت له أن يجيب بهذا الجواب الواهي، ويمكن إجمال حججه في ثلاثة أمور:
الأول: ما وقع في ((الأوسط)) من التصريح بالسماع.
الثاني: تصحيح الحاكم لحديث فيه: (( ... أبو عبيدة، عن أبيه)) .
الثالث: تحسين الترمذي لأحاديث رواها أبو عبيدة عن أبيه، ولولا أن الإسناد متصل ما حسنها، إذ شرط الحديث الحسن اتصال السند.
والجواب عن ذلك من وجوه:
الأول: أن التصريح بالسماع الذي وقع في ((الأوسط)) للطبراني لا يصح. وبنظرة إلى السند الذي ساقه البدر العيني رحمه الله تظهر لك الحجة. فأما زياد بن سعد، وأبو الزبير، فكلاهما ثقة، وقد صرح أبو الزبير بالسماع. وأما يونس بن عتاب، فلم أعرفه، ثم ترجح لديّ أنه ((يونس بن خباب)) بالخاء المعجمة، بعدها باء. وقد ذكر المزي في ((تهذيب الكمال)) (ج 3/ لوحة 1567) في ترجمة ((يونس)) أنه ((روى عن أبي عبيدة بن عبد الله مسعود ... وروى عنه ... وأبو الزبير المكي، وهو من أقرانه)) أ. هـ‍. فنظر في حال يونس. قال ابن معين: ((رجل سوء يشتم عثمان، ... لا شيء)) . وقال البخاري: ((منكر الحديث)) . وهذا جرح شديد عنده. وقال النسائي: ((ليس بثقة)) . وكذبه الجوزجاني وقال: ((مفتر)) . ووثقه ابن معين، وابن شاهين، وعثمان بن أبي شيبة.
فإن قلت: فالعمل على التوثيق، وقد أظهر الساجي العلة في جرحه فقال: ((صدوق في الحديث، تكلموا من جهة رأيه السوء)) ، والجرح لمجرد المذهب قول ضعيف كما ذكرتم من قبل.
نقول: أما الجرح لمجرد لمذهب، فنعم هو ضعيف، ولذلك فنحن لا نعتد بتكذيب الجوزجاني له، لما عرف عنه من الشدة على كل متشيع، وأما أنه ضعفوه لأجل المذهب، فغير صحيح. يدل عليه قول أبي حاتم:
((ليس بقوي في الحديث)) . واعتمد ذلك الحافظ في ((التقريب)) فقال: ((صدوق يخطئ)) . وعليه فلا يمكن الاعتداد بذكر السماع لأجل يونس بن خباب، فإنه كان يخطئ ويخالف، ومن كان هكذا، فلا يستغرب منه أن يقلب العنعنة إلى تصريح بالسماع، وهذا معروف ظاهر لكل مشتغل بهذا الفن. والله أعلم. = = [هنا قاعدة هامة، فقد سألت شيخنا الألباني حفظه الله تعالى: ما وجه الحجة في قولكم في ((الضعيفة))
(1/ 68/ رقم 51) : ((محمد بن سيرين لم يسمع من عمران بن حصين كما قال الدارقطني خلافاً لأحمد)) . مع أن محمد بن سيرين صرح بالتحديث عن عمران - كما في ((صحيح مسلم)) (1/ 198) - في حديث: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب....)) ؟! .
فقال حفظه الله: عهدي بعيد بهذا الأمر، غير أننا نلاحظ كيفية رواية مسلم لهذا الحديث هل أورده في الأصول، أم في الشواهد والمتابعات، لأنه إن أورده في الشواهد والمتابعات فحينئذ لا يحتج فيها بمسألة التحديث لأن في رواة الشواهد والمتابعات ضعفاً، والإمام مسلم إنما يسوق الشواهد والمتابعات لقوية حديث الباب، وليس بغرض إثبات سماع راو من راو، والراوي الضعيف قدْ يهم في هذا البحث فيقلب العنعنة إلى تصريح بالسماع، وهذا معروف مشهور)) أ. هـ‍.
قلت: وهذه قاعدة هامة جداً، لم أر من نبه عليها قبل الشيخ فجزاه الله خيراً، غير أنني أرى أن القاعدة وإن كانت عامة، فسماع محمد بن سيرين من عمران لا شك في صحته، مع أن الإمام مسلماً رحمه الله ذكر سماع ابن سيرين من عمران في ((باب الشواهد)) فقال: حدثنا يحيى بن خلف الباهلي، ثنا المعتمر، عن هشام بن حسان، عن محمد ين سيرين، حدثني عمران.... فذكره. وشيخ مسلم وثقه ابن حبان وحده، على ما ذكره في ((التهذيب)) . قال لي شيخنا: ((فهذا قد يكون المانع من اعتبار قبول السماع)) . قلت له: ولكن توثيق ابن حبان لمثل هذه الطبقة مقبول لا شك فيه وتساهله إنما يقع في طبقة التابعين ونحوها كما ذكرتم أنتم ذلك في بعض تعليقاتكم. قال: صحيح، ولكنه يظل أدنى من توثيق غيره كابن معين واضرابه)) .
قلت: ثم لما بحثت، وجدت الحديث له طريقاً آخر عن ابن سيرين فأخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج18/ رقم 326) من طريقين عن أبي علي الحنفي، ثنا أبو حرة، عن محمد بن سيرين، ثنا عمران به، وأخرجه أبو عوانة قي ((صحيحه)) (1/ 87) من طريقين آخرين عن أبي علي الحنفي به ولكن بالعنعنة. فالسند حسن، وأبو حرة، واصل بن عبد الرحمن فيه كلام، وهو صدوق كما قال الحافظ، فإذا انضمت روايته لرواية هشام بن حسان، لم يعد شك في ثبوت السماع بين ابن سيرين وعمران. وتأيد ذلك بقول أحمد:
((سمع ابن سيرين من عمران)) ، فهو مقدم على قول الدارقطني: ((لم يسمع)) إذ المثبت معه زيادة علم، فهو مقدم على النافي. أما إدراك ابن سيرين لعمران، فلا يشك فيه محقق، فقد ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان يعني في حدود سنة (33) : وتوفي عمران، - رضي الله عنه - سنة (52) ، فقد كان لابن سيرين تسعة عشر عاماً، ثم كلاهما بصري، وابن سيرين كان بريئاً من التدليس، نعم كان مقلا عن عمران، بخلاف الحسن وغيره، فقد روى له مسلم عن عمران ثلاثة أحاديث، وزاد أحمد ثلاثة أحاديث آخر)) فالحاصل أن أحاديث ابن سيرين عن عمران نحو العشرة أو فوقها بقليل كما يعلم من النظر في رواياته. ولي جزء صغير في إثبات سماع ابن سيرين من عمران، حققت من خلاله كل الأحاديث التي رواها ابن سيرين عن عمران، فالله المستعان] . =
=فإن قلت: قد روى ابن أبي حاتم في ((المراسيل)) بسنده إلى سلم بن قتيبة قال: قلت: لشعبة: إن البُري يحدثنا عن أبي إسحاق، أنه سمع أبا عبيدة، أنه سمع ابن مسعود. فقال (يعني شعبة) : أوه! كان أبو عبيدة ابن سبع سنين، وجعل يضرب جبهته)) أ. هـ‍. فابن سبع سنين يمكن أن يسمع، بل يحفظ كما هو معروف ومثبوت في بطون الكتب. فهذا دليل في إثبات السماع.
نقول: أما ابن سبع سنين يمكن أن يسمع، بل ويحفظ فنعم ولكن البري واسمه عثمان بن مقسم كذبه ابن معين والجوزجاني، وتركه يحيى القطان وابن المبارك والنسائي والدارقطني، فالدليل غير قائم.
فإن قلت: قد قال الدارقطني: ((أبو عبيدة أعلم بحديث أبيه من حنيف بن مالك ونظرائه)) نقول: أما حنيف بن مالك، فصوابه: خشيف بن مالك - بخاء معجمة، ثم شين، فباء - وقد ذكر في ((الجرح والتعديل)) (1/ 2/ 401- 402) أنه روى عن عمر، وابن مسعود)) فهذا يدل على أنه قديم، ولكن ليس هناك تلازم بين أن يكون الأعلم قد سمع، فيكون أبو عبيدة هو الأعلم بمذهب أبيه، وفتواه، فما دخل السماع هنا؟!!
فإن قلت: قد روى عبد الواحد بن زياد، عن أبي مالك الأشجعي، عن عبد الله بن أبي هند، عن أبي عبيدة قال: خرجت مع أبي لصلاة الصبح. فهذا يدل على أنه أدركه ووعاه.
نقول: قال ابن أبي حاتم في ((المراسيل)) . ص 256) بعد أن ذكر لأبيه هذه الرواية: ((قال أبي: ما أدري ما هذا؟! عبد الله بن أبي هند من هو؟!
فإن قلت: قد روى البخاري في ((الكنى)) (رقم 447) قال: مسلم، نا أبان، عن قتادة، عن أبي عبيدة أنه فيما سأل أباه عن بيض الحمام؟! فقال: ((صوم يوم)) . فهذا يدل على أنه رعاه حتى صار يسأله عن مثل هذا السؤال. نقول: أما مسلم بن إبراهيم، أبان بن يزيد فكلاهما ثقة ولكن في السند عنعنة قتادة، فقد كان مدلساً.
فإن قلت: قال الذهبي في ((سير النبلاء)) (4/ 363) : ((روى عن أبيه شيئاً، وأرسل عنه أشياء)) أ. هـ‍. فهذا التفريق من الذهبي يدل على أنه سمع، وإلا لما كان هناك معنى لقول الذهبي: ((روى.. وأرسل)) . نقول: الذهبي - يرحمه الله - يعتمد في التراجم على الكتب المتقدمة عليه، ولعله قال: ((روى عن أبيه شيئاً)) يقصد به ما ذكره البخاري في ترجمته، وقد سبق وأجبنا عنه. ثم الرواية لا تستلزم السماع، لا سيما والدليل الصحيح قائم على النفي كما سيأتي - إن شاء الله تعالى.
قلت: وإذ قد فرغنا من الإجابة عما قيل في سماع أبي عبيدة من أبيه، نسوق أقوال العلماء في نفي السماع. فقد أخرج الترمذي (17) ، وابن أبي حاتم في ((المراسيل)) (ص- 256) من طريق محمد بن جعفر، نا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: قلت: أبا عبيدة، هل تذكر من عبد الله شيئاً؟! قالَ: لا أذكر مِنْهُ شيئاً)) . وتابعه أبو داود الطيالسي، قالَ: أخبرنا شعبة ... فذكره. ... =
=أخرجه ابن سعد في.. الطبقلت)) (6/ 210) ، عن الطيالسي. وهذا سند صحيح حجة، وهو وحده كاف في الحكم بالانقطاع. وقال جماعة من العلماء بأنه لم يسمع من أبيه، منهم:
أبو حاتم الرازي.
ابن سعد، قال: ((ذكروا أنه لم يسمع من أبيه)) .
الترمذي. - كما سيأتي.
النسائي في ((السنن)) (3/ 105) .
البيهقي - كما في ((نصب الراية)) (1/ 146) .
المنذري.
العراقي.
الحافظ ابن حجر.
البوصيري. في ((الزوائد))
نور الدين الهيثمي في ((المجمع)) انظر مثلاً (2/ 60 و6/ 71 و7 / 193) .
النووي في ((المجموع)) (3/ 69) .
الشيخ أحمد شاكر في مواضع كثيرة من ((المسند)) . وانظر (6/ 4، 23، 24، 32، 44، 45، 67، 68، 81، 89، 95، 99، 119، 123، 124، 125، 156، 181، 199، 201) وكذا في تعليقه على ((الروضة الندية)) (ص - 173) .
شيخنا الألباني. في مواضع، منها ((الضعيفة)) رقم (175، 334، 615، 965) .
قلت: فهذا ما حضرني ساعة كتابة هذا البحث، ولو أني أمعنت النظر لوقفت على نماذج كثيرة. فهذا هو الوجه الأول في الرد على البدر العيني.
أما الوجه الثاني أن العيني - رحمه الله - اعتمد على حديث أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) (2/ 572) من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن أبيه قال: ((إنما اشترى يوسف بعشرين درهما ... الحديث)) قال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي!! .
قلت: كلا، وفي الإسناد، دون الانقطاع.
الأول: أن أبا إسحاق السبيعي كان قد اختلط، وزهير بن معاوية سمع منه الاختلاط، كما قال ابن معين وأحمد والترمذي.
الثانية: أن أبا إسحاق مدلس وقد عنعنه. فلو صرح أبو عبيدة بالسماع من أبيه في ذلك الخبر لم ينفعه، لكونه ما سلم من الخدش. والله أعلم. ثم إني - جد - متعجب من العيني رحمه الله تعالى، كيف طابت نفسه باعتبار أن هذا الذي رواه الحاكم دليل على السماع، مع كونه من العالمين - قطعاً - بكثرة أوهام الحاكم في المستدرك، والذهبي يتبعه في كثير من هذا الوهم؟!! وَهَذَا ما حدا بي - قديماً - إلى تتبع كل ما = =وهم فيهِ الحاكم وتبعه عليهِ الذهبي، وأظهرت وجه الصواب فيهِ، وسميته: ((إتحاف الناقم بوهم الذهبي والحاكم، قطعت فيهِ شوطاً لا بأس بهِ، وله قصة ذكرتها في ((مقدمته)) ، فلله الحمد.
الوجه الثالث: وهوَ أعجب الثلاثة الوجوه على الإطلاق. وأكثرها طرافة. فقد زعم العيني رحمه الله أن الترمذي ممن يصححون سماع أبي عبيدة من أبيه اعتماداً على تحسينه لكل الأحاديث التي أخرجها لهُ: ((إذ من شرط الحديث الحسن أن يكون اسناده متصلاً عند المحدثين.
قلت: قد أخرج الترمذي عقبه، والله المستعان.
رقم (17) في ((الاستنجاء بحجرين)) . وقال: ((وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه)) .
رقم (179) كتاب الصلاة باب ((ما جاء في الرجل تفوته الصلوات يأيتهن يبدأ)) . وقال: ((حديث عبد الله [يعني ابن مسعود] ليس بإسناده بأس، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله)) .
رقم (366) كتاب الصلاة باب: ((ما جاء في مقدار القعود في الركعتين الأوليين)) وقال: ((هذا حديث حسن، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه)) .
رقم (622) كتاب الزكاة، باب: ((ما جاء في زكاة البقر)) وقال: ((أبو عبيدة بن عبد الله لم يسمع من عبد الله)) .
رقم (1061) كتاب الجنائز باب: ((ما جاء في ثواب من قدم ولدا. ((وقال: ((هذا حديث غريب، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه)) .
رقم (1714) كتاب الجهاد، باب: ((ما جاء في المشورة)) . قال: ((وهذا حديث حسن، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه)) . ثم أخرجه الترمذي (3084) في كتاب ((تفسير القرآن)) في ((سورة الأنفال)) .
رقم (3011/ 29) كتاب ((تفسير القرآن - آل عمران)) . وقال: ((هذا حديث حسن)) .
قلت: فظهر من كلام الترمذي على هذه الأحاديث أنه لم يقل: ((حديث حسن)) ويسكت، بل يعقبه بأن: ((أبا عبيدة لم يسمع من أبيه)) : فأين محل قول العيني: ((ومن شرط الحديث الحسن أن يكون إسناده متصلاً..)) ؟!
ثمَّ إن الترمذي قالَ: ((حديث حسن، فلا يمكن أن يحسن الحديث ثمَّ يردفه بذكر الانقطاع في سنده، إلا أن قدْ قصد أنه ((حسن لغيره)) لمجيئه من طرق أخرى بخلاف المنقطعة، أو يكون له شواهد.
فإن قلت: قد قال الترمذي في الحديث (179) : ((ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه)) فهذا يدل على أن الإسناد المنقطع ليس به بأس.
قلت: الجواب من وجهين:
الأول: أن يُحمل كلام الترمذي على أنه لا بأس به في الشواهد والمتابعات، وإلا فالمنقطع عند جمهور المحدثين قسم من الحديث الضعيف. ... =
=الثاني: أن هذه العبارة يستخدمها كثير من المحدثين، فيقولون: ((إسناده صحيح لولا الانقطاع بين مكحول وأبي هريرة)) قال ذلك البيهقي في حديث: ((صلوا خلف كل بر وفاجر)) - فتخرج كلمة الترمذي هذا المخرج.
فإن قلت: قد قال في الحديث (3011/ 2) : ((هذا حديث حسن)) فلم يذكر الانقطاع.
قلت: قد ذكر الانقطاع في مواضع كثيرة، والأخذ بالمفسر الزائد كما هو معروف. وبالجملة: فقد أطلت في هذا البحث، رجاء رفع الشبهة، وحسم مادة الجدل، وظهر منه أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه على الصحيح من أقوال المحققين، أما البدر العيني رحمه الله تعالى، فما تعلق بشيء له طائل والله أعلم.
(1/24)
((اكتُم الخِطْبَةَ، ثُم تَوضأ فأحْسِن وُضوءَكَ، ثُم صَلِّ مَا كَتَبَ اللهُ لَكَ، ثُم احْمِدْ رَبَّكَ وَمَجِّدهُ، ثُم قُلْ: اللَّهُمَّ إنكَ تَقدِرُ ولا أَقدِرُ، وتَعلمُ ولا أعلَمُ، وأنتَ علاَّمُ الغيوبِ، فإنْ رأيتَ لي في فُلانةٍ - تُسمِّيها باسْمِها -
(1/31)
خيراً لي في دِيني ودُنيَايَ، وآخِرَتي، فَاقْدِرها لي، وإنْ كَانَ غَيرَها خَيراً لي مِنها في دِيني، ودُنيايَ، وآخِرَتي، فاقضِ لي بِهَا - أوْ قَالَ -: اقدُرهَا لي)) . (1)
_________
(1) 7- ضعيف.
أخرجه أحمد (5/ 4239، وابن خزيمة (2/ 226) واللفظ له، وابن حبان (685) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 4/ رقم 3901) ، والحاكم (1/ 314- 315) ، والبيهقي (7/ 147- 148) من طريق أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري، عن أبيه، عن جده، فذكره مرفوعاً
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي (!)
قلت: وهما في ذلك من وجهين:
الأول: أيوب بن خالد ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (1/ 1/ 245) ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو على ذلك مجهول الحال. ولكن رأيت شيخنا الألباني - حفظه الله تعالى - إشارة في تعليقه على (صحيح ابن خزيمة)) إلى أن فيه ليناً. ويقال: هو أيوب بن خالد بن صفوان الأنصاري. وانظر ((التاريخ الكبير)) (1/ 1/ 413) للبخاري.
الثاني: أبوه لا يعرف أصلاً، فهو مجهول العين والصفة [قلت: وفي هذا - وغيره مما هو مثله - رد على الحافظ ابن حجر رحمه الله إذ يقول إن من أخرج له ابن خزيمة في ((صحيحه)) يكون عنده ثقة. صرح بذلك في ((تعجيل المنفعة)) (رقم 618) في ترجمة عبد الرحمن بن خالد بن جبل.
مع أني رأيت الحافظ لا يعتمد بمثل ذلك في نقده في ((التلخيص)) وغيره وسيأتي أمثلة لذلك - إن شاء الله تعالى] . ... =
7- =ويُغْني عنه حديث جابر بن عبد الله الأنصاري قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، ويقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل:
((اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم عن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجاله فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه وأن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كنت، ثم أرضني به. قال: ويسمى حاجته)) . أخرجه الجماعة إلا مسلماً، وقد خرجته في ((الانشراح في آداب النكاح)) (رقم 3) مع ذكر الفوائد التي فيه فالحمد لله.
(1/32)
8- ((اللهمُ خِرْ لي، واختَرْ لي)) . (1)
9- ((يا أنسُ، إذا هممتَ بأمرٍ، فاستخرْ ربكَ فيهِ سبعَ مراتٍ، ثمَّ انظرْ إلى الذي يسبقُ إلى قلبكَ، فإنَّ الخيرَ فيهِ)) .
10- ((خيركُمْ في المائتينِ، كلُّ خفيفٍ الحاذِّ. قالوا: يا رسولَ اللهِ! ، وما الخفيفُ الحاذِّ؟! قالَ: الذي لا أهلَ لهُ ولا ولدَ)) .
_________
(1) 8- منكر.
أخرجه الترمذي (9/ 497- تحفة) ، وأبو يعلى (ج1/ رقم 44) ، والسهمي في ((تاريخ جرجان)) (1/ 11/ 444) من طريق الإسماعيلي، وهذا في ((معجمه)) (ج 1/ ق 39/ 2- ق 40/ 1) ، والدارقطني في ((المؤتلف والمختلف)) (3/ 1721) وابن السني (602) ، وأبو بكر أحمد بن سعيد الأموي في ((مسند أبي بكر)) (ص - 81) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (4/ 155) من طريق زنفل بن عبد الله، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، عن أبي بكر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أمراً قال.... فذكره. قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث زنفل، وهو ضعيف عند أهل الحديث)) . وقال أبو زرعة الرازي: ((هذا حديث منكر، وزنفل ضعيف ليس بشيء)) . نقله عنه، ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2/ 203- 204/ 2101) .
قلت: وهو كما قال، وزنفل ضعفه أيضاً ابن معين، والدارقطني وغيرهم. والحديث ضعفه الحافظ في
((الفتح)) (11/ 184) . وقال العجلوني في ((كشف الخفاء)) (1/ 215) عقب هذا الحديث: قال النجم: ومما جربته كثيراً أن يقال ذلك في الاستخارة سبع مرات، وما سبق إلى قلبي فعلته، فيكون فيه النجاح والسداد، موافقاً لما عند ابن السني، وهو الحديث الآتي.
9- ضعيف جداً.
أخرجه ابن السني في ((اليوم والليلة)) (603) من طريق عبيد الله الحميري، ثنا إبراهيم بن العلاء عن النضر بن أنس بن مالك، ثنا أبي، عن أبيه، عن جده مرفوعاً ... فذكره.
قلت: وهذا سند ساقط لا يفرح به!! عبيد الله الحميري، مجهول، والنضر بن أنس قال الذهبي: ((لا يعرف)) ، وهو النضر بن حفص بن النضر بن أنس بن مالك. وقال النووي في ((الأذكار، (ص 102) : ((إسناده غريب، وفيه لم أعرفهم)) . وقال الهيثمي: ((إسناده غريب)) . نقله عنه الألوسي في ((غاية الأماني)) (1/ 244) . وقال الحافظ في ((الفتح)) (11/ 187) : ((سنده ضعيف جداً)) .
10- منكر.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء (69/ 2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (3/ 1037) ، وابن المقرى في
((معجمه)) (721) ، والخطابي في ((العزلة)) (ص - 36) ، والخطيب في ((التاريخ)) .
(1/33)
11- ((أغبطُ أوليائي عندي منزلةً، رجلٌ مؤمنٌ خفيفُ الحاذِّ، ذو حَظٍ منْ صَلاةٍ، غامضاً في الناسِ، فعجلتُ منيتَهُ، وَقلَّتْ بواكيِهِ، وَقلَّ تراثهُ)) . (1)
_________
(1) (6/ 197- 198، 11/ 225) ، وفي ((الجامع)) (ق 8/ 1) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 635) من طريق رواد بن الجراح. عن سفيان الثوري، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة مرفوعاً به.
قلت: وسنده ضعيف، وآفته رواد بن الجراح قال البخاري: ((كان قد اختلط، لا يكاد يقوم حديثه ليس له كثير حديث قائم)) . وقال الساجي: ((يتفرد بحديث ضعفه الحفاظ فيه وخطأوه وهو: خيركم بعد المائتين ... )) وقال ابن أبي حاتم في ((العلل)) (2/ 132) عن أبيه: ((حديث باطل)) .
وقال في موضع آخر (2/ 420) : ((حديث منكر)) . وحكى الذهبي في ((الميزان)) عن أبي حاتم قال:
((منكر لا يشبه حديث الثقات. وإنما كان بدو هذا الخبر فيما ذكر لي أن رجلاً جاء إلى رواد فذكر له هذا الحديث واستحسنه وكتبه، ثم بعد حدث به يحسبه من سماعه)) !! وله شاهد، وهو الحديث الذي بعده.
11- ضعيف جداً.
أخرجه أحمد في ((المسند)) (5/ 252) ، وفي ((الزهد)) (ص - 11) ، والخطابي في ((العزلة)) (ص - 36) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 636) عن مطرح أبي المهلب.. وأخرجه الترمذي (2347) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (14/246) ، والطبراني (ج8/7829) ، والحاكم (4/123) ، عن يحيى بن أيوب، كلاهما عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة مرفوعاً. وأخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (رقم 196- زوائد نعيم) قال: أنا عبيد الله بن زحر.... إلخ.
قلت: كذا في ((المطبوعة)) ! وابن المبارك لم يدرك عبيد الله بن زحر، فقد سقط من الإسناد: ((يحيى بن أيوب)) شيخ ابن المبارك فيه. فقد رواه سويد بن نصر، وإبراهيم بن عبد الله الخلال عن ابن المبارك، عن يحيى بن أيوب به. وأستبعد أن يكون من أوهام نعيم بن حماد. والله أعلم.
قلت: وهذا سند ضعيف جداً، وفيه علل:
عبيد الله بن زحر. قال ابن المديني: ((منكر الحديث)) ، وضعفه أحمد والدارقطني وغيرهما. قال ابن معين: (عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، ضعاف كلها)) .
قلت: لكن ابن زحر، توبع، تابعه أبو عبد الرحيم، عن أبي عبد الملك، عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعاً به.
أخرجه الآجري في ((الغرباء)) (رقم 35) قال: حدثنا الفرياني، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني، قال: حدثنا محمد بن سلمة الحرناني، عن أبي عبد الرحيم به. فأما الفريابي، وإسماعيل بن عبيد ومحمد بن سلمة الحراني فمن الثقات، وأبو عبد الرحيم، هو خال محمد بن سلمة واسمه خالد بن أبي يزيد بن سماك، وهو ثقة. وأبو عبد الملك هو علي بن يزيد الألهاني - والله اعلم. =
=علي بن يزيد الألهاني ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم وغيرهم. قال البخاري: ((منكر الحديث)) . يعني: لا تحل الرواية عنه، كما هو مصطلحه0 وتركه النسائي والدارقطني والبرقي والأزدي وقال الحاكم أبو أحمد: ((ذاهب الحديث)) .
القاسم أبو عبد الرحمن مولى يزيد بن معاوية. كان أحمد بن حنبل يحمل عليه: ويجعل البلاء في الأحاديث منه. قال ابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 62- 63) : ((إذا اجتمع في إسناد خبر: عبيد الله بن زحر، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبد الرحمن، لا يكون متن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم!! فلا يحل الاحتجاج بهذه الصحيفة)) .
قلت: قد توبع ابن زحر والقاسم أخف ضعفاً من علي بن يزيد. ولم أر أحداً إتهم ابن زحر أو القاسم بالكذب.
مطرح أبو المهلب هو ابن يزيد. فإنه مجمع على ضعفه كما قال الحافظ الذهبي. ولكن تابعه يحيى بن أيوب كما هو ظاهر من التخريج، ويحيى فيه مقال أيضاً. قال ابن عدي: ((ولا أرى له - إن روى عن ثقة - حديثاً منكر)) . وهذا الشرط مفقود هنا، فإنه يروي عن ابن زحر، وقد عرفت حالة فيظهر من التحقيق مدى قول الحاكم: ((هذا إسناد للشاميين صحيح عندهم، ولم يخرجاه)) !! فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: لا، بل إلى الضعف هو)) . ورواه ليث بن أبي سليم، عن عبيد الله بن زحر، واختلف عن ليث فيهِ. وأخرجه أحمد (5/255) ثنا إسماعيل بن إبراهيم، أن ليث، عن عبيد الله [وقع في ((المطبوعة)) : ((عبد الله)) وهو خطأ.] عن القاسم، عن أبي أمامة. فسقط ذكر: ((علي بن يزيد الألهاني)) . وتابعه همام بن يحيى، عن ليث به. أخرجه الطيالسي (1133) ومن طريقه البيهقي في ((الزهد)) (198) وهكذا روى ابن علية وهمام بن يحيى الحديث عن ليث بن أبي سليم، بإسقاط (علي بن يزيد) . وخالفهما عبد العزيز بن مسلم القسملي، فرواه عن ليث بن أبي سليم، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة. فأثبت ((علي بن يزيد)) في السند كرواية يحيى بن أيوب وغيره أخرجه الطبراني في ((الكبير))
(ج 8/ رقم 7860) ، وعنه أبو نعيم في ((الحلية)) (1/ 25) ، وتابعه جرير بن عبد الحميد، عن ليث، عن عبيد الله [وقع في ((المطبوعة)) من ((زهد البيهقي)) في الموضع الأول: ((عبد الله)) وفي الموضع الثاني: ((علي بن زيد)) وكلاهما خطأ، والصواب ما أثبته. والله أعلم.] الأفريقي، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة. أخرجه البيهقي في ((الزهد)) (199) .
قلت: وهذا الاضطراب هو عندي من ليث بن أبي سليم لثقة من رووا عنه الوجهين. والصواب إثبات:
((علي بن يزيد)) في إسناد. وله طريق أخرى عن أبي أمامة، - رضي الله عنه - 0 أخرجه ابن ماجه (2/ 527- 528) ، والأصبهاني في ((الترغيب)) (ق 4/ 1) من طريق صدقة بن مرة، عن أيوب بن سليمان، عن أبي أمامة.... فذكره. ... =
= قلت: وهذا سند واه. قال البوصيري في ((الزوائد)) : ((أيوب بن سليمان ضعيف، قال فيه أبو حاتم: ((مجهول)) وتبعه على ذلك الذهبي في ((الطبقات)) . وصدقة بن عبد الله، متفق على ضعفه أ. هـ‍. وله طريق ثالث عن أبي أمامة مرفوعاً: أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (5/1865) من طريق هلال بن العلاء، ثنا أبي، عن أبيه، قال: حدثني أبي، عن أبي غالب عن أبي أمامة مرفوعاً. فذكره.
قلت: وسنده ضعيف لأجل العلاء بن هلال ((ضعفه أبو حاتم وابن حبان وغيرهما. ويقع لي أن في هذا السند خطأ، لم أتفرغ لتحريره. فالله أعلم. قال ابن حزم في ((المحلى)) (9/ 441) : ((هذا حديث موضوع، وبيان وضعه أنه لو استعمل الناس ما فيه من ترك النسل، لبطل الإسلام، والجهاد وغلب أهل الكفر)) أ. هـ‍.
قلت: لله در ابن حزم رحمه الله، فليس الشأن في إشاعة هذه الأحاديث إلا ما ذكر. وله شاهد آخر من حديث معاذ مرفوعاً وهو الحديث التالي.
(1/34)
12- إنَّ اللهَ يُحبُ المسلمَ الخفيفَ الحاذِّ، ذو حظٍ منَ الصلاةِ، لا يُشار إليهِ بالأصابعِ، وأطاعَ ربَّهُ سراً، قَسمتْ معيشتَهُ كِفافاً، فَصبَرَ عَليها، وَرَضيَ بها)) . (1)
13- ((إنْ كُنتَ تُحِبُّني، فأعِدَّ للفقرِ تِجفافاً، فإنَّ الفقرَ أسرعُ إلى مَنْ يُحبني، من السيلِ إلى مُنتهاهُ)) 0 (2)
_________
(1) 12- موضوع.
أخرجه وكيع في ((أخبار القضاة)) (3/ 17) من طريق عبد العزيز بن أبان، ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن ابن أوشع، عن معاذ بن جبل، مرفوعاً:.... فذكره.
قلت: وهذا سند تالف. وعبد العزيز بن أبان قال ابن معين: ((كذاب خبيث، يضع الحديث)) . وكذبه أيضاً ابن نمير. وتركه أبو حاتم وأبو زرعة والنسائي 0
قال البغوي (14/246) : قولُهُ: ((خفيف الحاذ)) أي: خفيف الحال، قليل المال، وأصله قلة اللحم والحال. والحاذ واحد وهو ما وقع عليه اللبد من متن الفرس)) أ. هـ‍.
(2) 13- ضعيف.
أخرجه الترمذي (7/ 16- 17 تحفة) ، من طريق روح بن أسلم، أخبرنا شداد أبو طلحة الراسبي، عن أبي الوازع، عن عبد الله بن المغفل قال: ((قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول! ، والله إني لأحبك! فقال له:
((انظر ما تقول)) قال: والله إني لأحبك، ثلاث مرات. فقال: إن كنت تحبني، فأعد.... الحديث. قال الترمذي ((حديث حسن غريب)) .
قلْتُ: لا، وروح بن أسلم كذبه عفان، ولكن قالَ ابن معين: ((ليس بذاك، لم يكن من أهل الكذب)) . وضعفه البخاري، وأبو حاتم، والدراقطني. ولكن تابعه حجاج بن نصير، عن شداد بهِ. أخرجه البغوي في ((شرح السنة)) (14/368) . لكن حجاج بن نصير ضعيف كما قالَ ابن معين وغيره. ثمَّ أبو الوازع، = =واسمه جابر بن عمرو، قالَ ابن معين: ((ليس بشيء)) ووثقه مرة. وقال النسائي: ((منكر الحديث)) . وقال ابن عدي: ((أرجو أنه لا بأس بهِ)) .
(1/36)
14- ((إنَّ مِنْ أعفِّ الناسِ قِتلةً، أهلُ الإيمانِ)) . (1)
_________
(1) 14- ضعيف.
أخرجه أبو داود (2666) ، وابن الجارود (840) ، وأبو يعلى (ج 8/ رقم 4973) ، والبيهقي (9/ 71) من طريق هشيم بن بشير، أخبرنا مغيرة بن مقسم، عن شباك، عن إبراهيم، عن هني بن نويرة، عن علقمة، عن ابن مسعود فذكره مرفوعاً. وقد رواه عن هشيم جماعة منهم: ((محمد بن عيسى، وزياد أيوب، وزهير بن حرب)) . وخالفهم يعقوب بن إبراهيم الدورقي، فرواه عن هشيم به. لكنه أسقط ((هني بن نويرة)) من الإسناد. أخرجه ابن ماجه (2681) . فهذان وجهان في الاختلاف عن هشيم به. ووجه ثالث: رواه جرير بن عبد الحميد، عن هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن هني بن نويرة، عن علقمة، عن ابن مسعود، مرفوعاً. أخرجه ابن حبان (ج7/ رقم 5962) . فسقط ذكر ((شباك الضبي)) . ووجه رابع: رواه سريج بن النعمان، عن هشيم، أنبأنا المغيرة، عن إبراهيم بن علقمة، عن ابن مسعود، مرفوعاً. أخرجه أحمد (1/ 393) ثنا سريج به.
فسقط ذكر ((شباك الضبي)) ، و ((هني بن نويرة)) .
قلت: فهذا اختلاف شديد عن هشيم فيه. يترجح عندي من هذا الاختلاف الوجه الأول الذي رواه محمد بن عيسى وغيره، لا سيما وقد توبع هشيم عليه، تابعه شعبة بن الحجاج، فرواه عن مغيرة، عن شباك، عن إبراهيم، عن هني بن نويرة، عن علقمة، عن ابن مسعود مرفوعاً. أخرجه ابن ماجه (2682) وأبو يعلى
(ج 8/ رقم 4974) قالا: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا غندر، عن شعبة به. وقد خولف عثمان فيه. خالفه الإمام أحمد بن حنبل، فرواه في ((مسند)) (1/ 393) قال: حدثنا محمد، عن شعبة، به إلا أنه أسقط ((شباك الضبي)) ومحمد هو ابن جعفر، غندر. وأحمد بن حنبل أوثق من عثمان بن أبي شيبة لا شك في ذلك، غير أنه رواية عثمان هي المحفوظة في نظري، لمطابقتها لرواية جماعة من الثقات عن هشيم كما عند أبي داود وغيره. أما رواية الإمام أحمد، فالشأن فيها إنما هو في تدليس المغيرة بن مقسم، وأرى أنه دلس شباكاً فأسقطه، والأخذ بالزائد أولى. والله أعلم.
واغتر الشيخ أبو الأشبال أحمد بن محمد شاكر بظاهر الإسناد الذي وقع في المسند فقال (5/ 275) :
((إسناده صحيح)) !! وإذ قد رجحنا الوجه الأول من الخلاف فلننظر فيه، فنرى فيه عنعنة المغيرة، وشباك الضبي، ثمَّ هني بن نويرة، وثقه ابن حبان، وما روى عنه غيرإبراهيم النخعي ورجل يكنى بـ ((أبي جبيرة)) ، ولم أعرفه، فتوثيق ابن حبان لهذه الطبقة وما فوقها مما يتوقف فيهِ الباحث لتساهله المعهود. وأما قول أبي داود: ((كانَ من العباد)) فلا يعني أنه وثقه كَمَا هو جلي ظاهر، فقول الشيخ أبي الشبال فيهِ أنه ((ثقة)) ، هِيَ= =من تجاوزاته المعروفة لدى أهل العلم بالحديث. ثمَّ رأيت للحديث طريقاً آخر عن إبراهيم. فأخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (18232) ، ومن طريقه الطبراني في ((الكبير)) (ج 9/ رقم 9737) عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قالَ: قالَ ابن مسعود ... فذكره موقوفاً.
قلت: فهذا سند صحيح، إن كان الأعمش سمعه من إبراهيم، وعلى كل حال، فعنعنة الأعمش عن إبراهيم مشَّاها الذهبي في ((الميزان)) . فالسند قوي. وقد قال الهيثمي (6/ 291) : ((رجاله رجال الصحيح)) .
هذا وكنت قد خلطت الطرق بعض الطرق ببعض، ذهولا منى، في ((غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود)) (840) فليصحح من هنا. والله الموفق. وبالحملة، فالحديث إنما يصح موقوفاً على ابن مسعود، أما مرفوعاً فلا، وقد تقدم التحقيق. والله الموفق.
أما الحديث فيشير إلى أن أهل الإيمان هم أعف الناس وأشدهم إحسانا إذا قتلوا، فإن ذبحوا، فهم يحسنون الذبح، وإن قتلوا، كانوا أبعد الناس عن التمثيل بالمقتول والله أعلم.
15- ضعيف.
أخرجه عبد الله بن أحمد في ((زوائد الزهد)) (22-23) ، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج1/ق2/2) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 23/ رقم 484) ، والحاكم (2/512- 513) ، والخطيب في ((التاريخ)) (12/ 321، 433- 434) من طريق محمد بن يزيد بن خنيس، قال: سمعت سفيان الثوري ودخلنا نعوده، فقال لسعيد بن حسان المخزومي،: كيف الحديث الذي حدثتني؟! قالَ: حدثتني أم صالح، عن صفية بنت شيبة، عن أم حبيبة زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ... فذكره. فَقَالَ: رجل لسفيان ما أشد هَذَا الحديث!! قالَ سفيان: وما شدته؟! قالَ: قالَ الله تعالى {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} وقال الله - عز وجل - {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} . وقال عز وجل {إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً} وقال سفيان: ((هذا كلام ربي عز وجل الذي جاء بهِ جبريل عليهِ السلام)) هذا السياق لعبد الله بن أحمد. وأخرجه ابن السني في ((اليوم والليل)) (رقم 5) من هذا الوجه وذكر القصة، لكنه لم يذكر الآيات. وأخرجه الترمذي
(2412) وابن ماجه (3974) ، وبحشل في ((تاريخ واسط)) (245- 246) ، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (305) (من طريق ابن خنيس بهِ، بالمرفوع وحده ولم يذكروا قصة ((عيادة سفيان)) . قال الترمذي: ((حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث محمد بن يزيد بن خنيس)) . وسكت عنه الحاكم والذهبي!!
قلت: أما محمد بن يزيد، فقد قال أبو حاتم: ((شيخ صالح)) . وذكره ابن حبان في ((الثقات))
وقال: ((ربما أخطأ، يجب أن يعتبر بحديثه إذا بين السماع في خبره)) . ولخص الذهبي حاله فقال: ((هو وسط)) . وأم صالح هذه مجهولة، لم يرو عنها سوى سعيد بن حسان. وقال الحافظ: ((لا يعرف حالها)) . فالحديث معل بها. والله أعلم.
(1/37)
15- ((كلُّ كلامِ ابنِ آدمَ عليهِ، لاَ لهُ، إلا أمرٌ بمعروفٍ، أوْ نهيٍ عنْ منكرٍ، أوْ ذِكرُ اللهِ تعالى)) .
(1/38)
16- ((ليسَ شيءٌ منَ الجسدِ إلا وهُوَ يَشكُو ذِربَ اللسانِ. وفي روايةٍ: إلا وَهوَ يَشكُو إلى اللهِ - عز وجل - اللسانَ عَلَى حِدَّتِهِ)) . (1)
_________
(1) 16- ضعيف مرفوعاً.
أخرجه أبو يعلى (ج 1/ رقم 5) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (7) ، وابن أبي الدنيا في ((الصمت))
(ج 1/ ق2/ 2) ، وفي ((الورع)) (ق 9/ 1) ، وابن المقرئ في ((معجمه)) (ج 4/ ق 2/ 2) ، من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، أخبرنا الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر اطلع على أبي بكر، رضي الله عنهما وهو يمد لسانه، فقال: ما تصنع يا خليفة رسول الله صلى الله عليهِ وآله وسلم؟! قالَ: إن هذا أوردني الموارد، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:.... فذكره.
قلت: قد خولف عبد الصمد في ذكر المرفوع من هذا الحديث. وقد رواه جماعة عن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عمر أنه دخل على أبي بكر وهو يجبذ لسانه فقال له عمر: مه! ، غفر الله لك!! فقال أبو بكر: ((إن هذا أوردني الموارد)) . فلم يرفعوا شيئاً من الحديث، منهم:
مالك بن أنس، عنه. أخرجه في ((موطئه)) (2/ 988/12) ، ومن طريق أبو نعيم في ((الحلية)) (1/33) .
محمد بن عجلان، عنهُ. أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (9/ 66/ 6551) ، وعنه ابن أبي عاصم في ((الزهد)) (18) .
أسامة بن زيد، عنه. أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (9/ 17) .
عبيد الله بن عمر، عنه. أخرجه عبد الله بن أحمد في ((زوائد الزهد)) (112)
هشام بن سعد، عنه. ذكره الدارقطني في ((العلل)) (ج 1/ ق 3/ 1) .
قلت: فهؤلاء جمعياً قد خالفوا عبد الصمد بن عبد الوارث في رفعه إياه، ولا شك في أنهم يترجحون عليه بأمرين: أولاً: لكثرتهم. ثانياً لأنه مع كونه من الثقات إلا أن ابن قانع قال فيه: ((ثقة يخطئ)) . ويقويه قول ابن سعد: ((كان ثقة إن شاء الله)) . وقد رجح الدارقطني في ((العلل) 0 (ج1/ ق 3/1) الموقوف. ووهم عبد الصمد، في روايته المرفوع عن الداوردي. وخالفهم سفيان الثوري، فرواه عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي بكر. فأسقط ذكر ((عمر بن الخطاب)) .
أخرجه ابن المبارك (369) ، ووكيع (287) ، وأحمد (109) ، وابن أبي عاصم (19) جميعاً في ((كتاب الزهد)) . ورواه جماعة من الثقات عن سفيان كذلك منهم: عبد الرحمن بن مهدي، وابن المبارك، ووكيع، وأبو داود الحفري فيظهر أن الوهم من سفيان، لاتفاق هؤلاء جميعاً عنه وقد خالفه جماعة عن زيد بن أسلم، منهم مالك وغيره كما تقدم ذكره. وخالفهم ابن وهب أيضاً، فرواه عن هشام بن سعد، وداود بن قيس، = = ويحيى بن عبد الله بن سالم، وعبد الله بن عمر العمري، عن زيد بن أسلم، عن عمر. فأسقط ذكر ((أسلم)) . وهذه الرواية خطأ، والمحفوظ ذكر ((أسلم)) .
ثم رأيت للحديث طريقاً آخر. أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج1/ ق 4/2) ، وأحمد في ((العلل))
(1/ 263- 264) ومن طريقه العقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 290) عن أبي المغيرة، النضر بن إسماعيل القاص، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي بكر به. قال أحمد: ((هو حديث منكر، وإنما هو حديث زيد بن أسلم)) . وفي ((التهذيب)) (10/ 435) أن البخاري روى عن أحمد نحو ذلك.
قلت: والنضر بن إسماعيل، شيخ أحمد فيه، تكلم فيه أحمد وابن معين، وأبو داود والنسائي وغيرهم بما حاصله أنه ضعيف الحفظ، فالوهم منه. والله أعلم. وبالجملة، فالحديث لا يصح مرفوعاً. والله أعلم.
(1/39)
17- ((مَا مِنْ عَبدٍ يَقولُ حِينَ رَدَّ اللهُ إليهِ رُوحَهُ: لا إلهَ إلا الله، وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ، وَلهُ الحمدُ، وَهو عَلى كلِّ شيءٍ قَديرٌ، إلا غَفرَ اللهُ لَهُ ذُنوبَهُ، وَلوْ كَانَتْ مِثلَ زَبَدِ البَحرِ)) . (1)
_________
(1) 17- ضعيف جداً.
أخرجه ابن السني (رقم 10) قال: حدثني أبو عروبة، قال: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق، عن موسى بن وردان، عن نابل صاحب العباء، عن عائشة مرفوعاً 0
قلت: وهذا سند ساقط، مسلسل بالعلل. أما شيخ المصنف، أبو عروبة الحراني، فهو الحسين بن محمد بن أبي معشر، مودود السلمي. قال ابن عدي: ((كان عارفاً بالرحال وبالحديث.... شفاني حين سألته عن قوم من المحدثين)) . وقال أبو أحمد الحاكم في ((الكنى)) : كان من أثبت من أدركناه، وأحسنهم حفظاً)) . وهو مترجم في ((السير) 9 (14/ 510) ، وتذكره الحفاظ (2/ 774- 775) وغيرهما. ووهم من قال إنه: ((الحسين بن محمد بن أبي معشر السندي)) المترجم في ((الميزان)) (1/ 547) لأمرين: الأول: أن المترجم في ((الميزان)) يروي عن وكيع، وأبو عروبة لم يرو عن وكيع شيئاً، كما يعلم من ترجمة. الثاني: أن المترجم في ((الميزان)) قال فيه الذهبي: ((فيه لين)) . ثم نقل قول ابن المنادي: ((لم يكن بثقة)) وقول ابن قانع: ((ضعيف)) . أما أبو عروبة الحراني شيخ المصنف فقد مضى الكلام عليه، وأنه كان ثقة حافظاً. والله أعلم. وعبد الوهاب بن الضحاك، كذبه أبو حاتم، وصالح بن محمد، ورماه أبو داود بوضع الحديث. وإسماعيل بن عياش، إن روى عن المدنيين، فليس بشيء، وهذه الرواية منها. فإن ابن إسحاق مدني ثمَّ ابن إسحاق مدلس، وقدْ عنعنه. وموسى بن وردان، ونابل، مختلف فيهما.
والحديث عزاه في ((المطالب)) (3362) للحارث بن أبي أسامة. ثم رأيته في ((نتائج الأفكار)) (112) للحافظ ابن حجر، فذكر نحو ما ذكرت، فرواه من طريق المصنف هنا، ثم قال: هذا ((هذا حديث ضعيف= = جداً، أخرجه الحسن بن سفيان في ((مسنده)) عن عبد الوهاب بن الضحاك به)) . ثم قال: ((وقد وجدت الحديث في مسند الحارث بن أبي أسامة أخرجه من طريق الليث بن سعد، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن موسى بن وردان بهِ، وإسحاق ضعيف جداً، ولعل إسماعيل سمعه منه، فظنه عن ابن إسحاق)) أ. هـ‍. وأخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (8/ 301) من طريق الحارث بن أبي أسامة، حدثنا خالد بن القاسم، حدثنا الليث بن سعد بمثل ما ذكره الحافظ. وخالد بن القاسم هو المدائني، وكان يُدخل الحديث على الشيوخ، تركه غير واحد منهم ابن المديني في رواية، والبخاري ومسلم والنسائي. وقال الساجي: ((أجمع أهل الحديث على ترك حديثه)) . وقال يعقوب بن شيبة: ((صاحب حديث متقن، متروك الحديث، كل أصحابنا يجمع على تركه، غير علي بن المديني، فإنه كان حسن الرأي فيه)) .
قلت: وقد روى البخاري عن ابن المديني أنه تركه أيضاً، فالظاهر أنه كان حسن الرأي فيه أولاً، ثم سيره، فعرف حقيقته. وقد أخرج ابن حبان (ج 7/ رقم 5503) ، وعنه الحافظ في ((نتائج الأفكار)) (114) من طريق مسعر بن كدام، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الله بن باباه، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((من قال حين يأوى إلى فراشه: لا آله إلا الله له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله. سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر، غفرت له ذنوبه - أو قال: خطاياه، شك مسعر - وإن كانت مثل زبد البحر)) . وخالفه سفيان الثوري وشعبة، فروياه عن حبيب بن أبي ثابت، به موقوفاً. أخرجه النسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (816، 817) وقال: ليس في حديث شعبة: ((عند منامه)) . قال الحافظ في ((النتائج)) (144) : وهذا حديث حسن)) .
قلت: والخلاف بين هذه الرواية وبين حديث الباب، أن هذا صريح في أنه في الصباح، وحديث أبي هريرة يقال في المساء، وعلى كل حال فهو يُغني عنه. والله أعلم.
(1/40)
18- ((إنَّ الرجلَ ليبتاعُ الثوبَ بالدينارِ، أوْ بِنصفِ دينارٍ، فيلبسهُ، فَمَا يبلغُ كَعبيهِ، حتى يُغفرُ لهُ - يَعني معَ الحمدِ)) . (1)
_________
(1) 18- ضعيف.
أخرجه ابن السني في ((اليوم والليلة)) (رقم 15) من طريق القاسم بن مالك، حدثنا أبو مسعود الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مرفوعاً فذكره.
قلْتُ: وهذا سند ضعيف. والقاسم بن مالك، فيه لين. والجريري اختلط ولم يسمع فيه القاسم في حال الضبط وله شاهد من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 8/ رقم 7956) من طريق جعفر بن الزبير، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة مرفوعاً: ((إن من أمتي من يأتي السوق، فيبتاع القميص بنصف دينار، أو ثلث دينار، فيحمد الله إذا لبسه، فلا يبلغ ركبتيه، حتى يغفر له)) . ... =
= قلت: وسنده ضعيف جداً، وجعفر بن الزبير متروك كما قال الهيثمي (5/ 119) . بل كذبه شعبة وقال: ((وضع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعمائة)) !! وله شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها. أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الشكر)) (47) ومن طريقة الحافظ في ((نتائج الأفكار)) (1/ 129- 130) والخرائطي في
((فضلية الشكر)) (41) ، والحاكم (4/ 253) ، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (2/ 1/ 119) من طريق هشام بن زياد، عن أبي الزناد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة مرفوعاً: ((ما أنعم الله - عز وجل - من عبد ندامة على ذنب إلا غفر له قبل أن يستغفره. وإن الرجل ليشتري الثوب بالدينار، فيلبسه فيحمد الله - عز وجل - فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر له)) . وعند الحاكم الفقرة الثانية منه. وعند الخرائطي الفقرة الأولى. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد)) !! فرده الذهبي بقوله: ((قلت: هشام متروك)) . وقال الحافظ ابن حجر: ((هذا حديث غريب، ولم يصب - يعني الحاكم - في تصحيحه، فإن هشام بن زياد هو ابن المقدام ضعيف عندهم)) ! وله طريق آخر عن القاسم. أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (399، 461- مجمع البحرين) ، ومن طريق الحافظ في ((النتائج)) (1/ 130) والحاكم (1/ 514) من طريق السكن بن أبي السكن البرجمي، ثنا الوليد بن أبي هشام، عن القاسم بن محمد، عن عائشة مرفوعاً بمثل اللفظ السابق. قال الحاكم: ((هذا حديث لا أعلم في إسناده أحداً ذكر بجرح)) . فرده الذهبي بقوله: ((قلت: بلى! ، قال ابن عدي محمد بن جامع العطار هو الرواي عن السكن بن أبي السكن عند الحاكم، وقد ضعفه أبو حاتم وغيره. ولكن تابعه سليمان الشاذكوني عند الطبراني في ((الأوسط)) . غير أن هذه المتابعة لا تجدي شيئاً، فسليمان منهم. وله طريق آخر عن عائشة. أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (460- مجمع البحرين) من طريق بزيع أبي خليل، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة بنحوه، قال: ((تفرد به بزيع)) . قال الحافظ في ((النتائج)) (1/ 131) . ((وهو ضعيف عندهم أيضاً)) .
(1/42)
19- ((اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجسِ النَّجسِ، الخبيثِ المُخبثِ، الشيطانِ الرَّجيمِ)) . (1)
_________
(1) 19- ضعيف.
أخرجه ابن السني (18) ، والطبراني في ((الدعاء)) (ج 2/ ق 45/ 1) ، وفي ((الأوسط)) (ج 2/ ق 261/ 2) - كما في ((نتائج الأفكار)) (1/ 198) - من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن أنس قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الغائط قال.... فذكره. قال الطبراني في ((الأوسط)) : ((لم يرو هذا الحديث عن الحسن وقتادة إلا إسماعيل بن مسلم تفرد به عبد الرحيم بن سليمان)) وله طريق آخر عن أنس طص (1/44) .
قلْتُ: وإسماعيل بن مسلم هو المكي، متفق على ضعفه. ثم عنعنه الحسن البصري. وله شاهد من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -. أخرجه ابن ماجه (299) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج8/ رقم 7849) ، وفي ((الدعاء)) -= = (ج2/ ق45 /1) كما في ((نتائج الأفكار)) (1/200) من طريق يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة مرفوعاً: ((لا يعجزن أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس، الخبيث المخبث الشيطان الرجيم)) .
قلت: وهذا سند واه، وقدْ تقدم ذكر ما فيه في الحديث رقم (11) . وله شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. أخرجه الطبراني في ((الدعاء)) . ومن طريقه الحافظ في ((النتائج)) (1/ 198) من طريق حبان بن علي، عن إسماعيل بن رافع، عن دويد، وهو ابن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً: فذكره بدون ((المخبث)) . قال الحافظ: ((هذا حديث حسن غريب ن وحبان - بكسر المهلة وتشديد الموحدة - فيه ضعف وكذا في شيخه)) .
قلت: حبان بن علي وإن كان ضعيفاً فإنه أمثل من شيخه إسماعيل بن رافع؛ فقد تركه النسائي وابن خراش والدارقطني. وقال ابن معين، وعمرو بن علي، وأبو حاتم: ((منكر الحديث)) .
والأكثر ون على تضعيفه.
وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب وبريدة بن الحصيب، رضي الله عنهما. أخرجه ابن عدي في
((الكامل)) (2/ 794) ومن طريقة الحافظ في ((النتائج)) (1/ 199) من طريق حفص بن عمر بن ميمون، عن المنذر بن ثعلبة، عن علباء بن أحمر، عن علي بن أبي طالب. وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه.... فذكره بمثل حديث ابن عمر السابق وزاد فيه: ((وإذا خرج قال: ((غفرانك ربنا وإليك المصير)) . قال ابن عدي: ((وهذا الحديث قد جمع فيه صحابيين، علياً، وبريدة، وجميعاً غيربان في هذا الباب وما أظن رواه غير حفص بن عمر هذا، ولحفص بن عمر الفرخ أحاديث غير هذا، وعامة حديثه غير محفوظ، وأخاف أن يكون ضعيفاً كما ذكره النسائي)) أ. هـ‍. وقال الحافظ: ((هذا حديث غريب)) . قلت: وحفص هذا، الأكثرون على تضعيفه، بل تركه الدارقطني. وقال ابن معين والنسائي: ((ليس بثقة)) .
فالحاصل أن الحديث من جميع وجوهه ضعيف كما ذكرنا، فقول الحافظ: ((حسن غريب)) لا يُسلم له والله أعلم. أما الزيادة التي أوردها: ((وإذا خرج قال: غفرانك ربنا وإليك المصير)) . فالمحفوظ من ذلك أن يقول: ((غفرانك)) فقط. كما أخرجه أبو داود (30) ، والنسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (79) ، والترمذي (7) ، وابن ماجه (300) ، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (693) ، والدارمي (1/ 139) ، وأحمد (6/ 155) ، وابن أبي شيبة (1/ 2) وابن الجارود (42) ، والطبراني في ((الدعاء)) (ج 2/ ق 45/ 2، وابن أبي شبية (1/ 2، 10/ 454) ، وابن السني (23) ، وابن خزيمة (1/ 48) ، وابن حبان (ج 2/ رقم 1441) ، والحاكم (1/ 158) ، والبيهقي (1/ 97) من طريق إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة قالت: ما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الغائط إلا قال: ((غفرانك)) . قال الترمذي: ((حديث حسن غريب)) . ... =
= قلت: وهو كما قال، وقد تكلمت عليه في ((غوث المكدود بتخرج منتقى ابن الجارود)) (42) يسر الله طبعه.
(1/43)
20- ((كانَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ إذا خرجَ من الغائطِ قال: الحمدُ للهِ الذي أحسنَ إليَّ في أولهِ وآخرهِ)) . (1)
_________
(1) 20- موضوع.
أخرجه ابن السني في ((اليوم والليلة)) (24) قال: حدثني محمد بن الحسن بن صالح بن شيخ بن عميرة، حدثنا أبو زرعة الرازي، حدثنا أحمد بن سليمان، حدثنا الوليد بن بكير، أبو جناب، عن عبد الله بن محمد العدوي حدثني عبد الله الداناج، عن أنس بن مالك فذكره.
قلْتُ: أما شيخ المصنف فإني لم أهتد إِلى معرفته، وقد روى عنه ابن السني حدثين آخرين برقم (173، 174) باب: ((التسمية إذا ادَّهن)) ويقع لي أنه مصحف، والكتاب ملآن بذلك، نسأل الله السلامة. وفي ترجمة أبي زرعة الرازي من ((تهذيب الكمال)) (ج 2/ لوحة 882) وجدت في الرواة عنه: ((محمد بن الحسين بن الحسن القطان)) فهل هو؟! وأحمد بن سليمان، هو ابن أبي الطيب، وأبو الطيب هِيَ كنية والده سليمان. قَالَ الذهبي في الميزان (1/ 102) : ((وثق ضعفه أبو حاتم وحده، وَقَالَ أبو زرعة: حافظ محله الصدق)) . والوليد بن بكير، أبو جناب الكوفي، قالَ أبو حاتم: ((شيخ)) . ووثقه ابن حبان. ولكن قَالَ الدارقطني: ((متروك)) . وعبد الله بن محمد العدوي. قَالَ الحافظ في ((نتائج الأفكار)) (1/ 222) :
((العدوي ضعيف)) .
قلت: تساهل الحافظ فيهِ هنا، في حين أنه قال في ((التقريب)) : ((متروك، رماه وكيع بالوضع)) وله شاهد مرسل. أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 2) ، والطبراني في ((الدعاء)) - كما في ((نتائج الأفكار)) (1- 222) -، من طريقين عن زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن طاووس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((إذا خرج أحدكم من الخلاء فليقل: الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني، وأمسك علي ما ينفعني)) . قال الطبراني: ((لم نجد من وصل هذا الحديث)) وقال الحافظ: ((وفيه مع إرساله ضعف من أجل زمعة)) .
(1/44)
21- ((مَا زالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقنتُ في صلاةِ الصبحِ حتى فارقَ الدنيا)) (1)
_________
(1) 21- منكر جداً.
أخرجه أحمد (3/ 162) ، وابن أبي شيبة (2/ 312) ، وكذا عبد الرزاق في ((مصنفه)) (3/ 110/ 4964) ، والطحاوي في ((شرح الآثار)) (1/244) ، والدارقطني (2/39) ، والبيهقي (2/201) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (3/ 123- 124) ، والحازمي في ((الاعتبار)) (188) ، وأبو حفص بن شاهين في ((الناسخ والمنسوخ)) (ق 35/ 2) ، وابن الجوزي في ((العلل المتناهية)) (1/ 441) من طريق= =أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس.... فذكره. وعزاه ابن القيم في ((الزاد)) (1/ 275) للترمذي، والنووي في ((الخلاصة)) - كما في ((نصب الراية)) (2/132) للحاكم في ((المستدرك)) ، فوهما. فلم يروه في ((المستدرك)) بعد البحث والتتبع ثم وجدت الحافظ قال في ((التلخيص)) (1/ 245) : (وعزاه النووي إلى ((المستدرك)) للحاكم، ليس هو فيه، وإنما أورده وصححه في جزء له مفرد في القنوت، ونقل البيقي تصحيحه عن الحاكم، فظن الشيخ أنه في المستدرك.)) أ. هـ‍.
وهذا الحديث اختلف فيه أنظار العلماء: فقواه جماعة من أهل العلم: قال البغوي: ((قال الحاكم: إسناده هذا الحديث حسن)) . وقال البيهقي: ((قال أبو عبد الله - يعني الحاكم -: هذا حديث صحيح سنده، ثقة رواته. والربيع بن أنس تابعي معروف، من أهل البصرة، سمع أنس بن مالك، وروى عنه سليمان التيمي، وعبد الله بن المبارك، وغيرهما. وقال أبو محمد بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن الربيع بن أنس فقالا: صدوق ثقة)) أ. هـ‍. وقال الحازمي: ((هذا إسناد متصل، ورواته ثقات ((!! وقال النووي في
((المجموع)) (3/ 504) : ((حديث صحيح!! ، رواه جماعة من الحفاظ وصححوه، وممن نص على صحته أبو عبد الله محمد بن علي البلخي، والحاكم أبو عبد الله في مواضع من كتبه، والبيهقي)) أ. هـ‍.
قلت: وهذا التصحيح عري عن الدليل. أما الحاكم رحمه الله فجعل يطيل الكلام حول الربيع بن أنس، ومالنا عليه من نقد، بل هو صدوق في نفسه، لا بأس به، ولكن قال ابن حبان: ((الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه، لأن في أحاديثه عنه اضطراباً كثيراً)) أ. هـ‍. وهذا الحديث منها. وقد تفرد به أبو جعفر الرازي، وأسمه عيسى بن ماهان، وقد تكلموا فيه طويلاً بما حاصله أنه صدوق سيئ الحفظ، كما قال ابن خراش، أو ((صدوق ليس بالمتقن)) كما قال زكرياء الساجي. ومعروف أن سيئ الحفظ لا يحسن حديثه، فضلاً عن أن يصحح لا سيما إذا تفرد به، بل يضعف. وقد تفرد به المذكور فهو ضعيف بغير شك، وروايته عن الربيع فيها اضطراب كثير كما وقع في كلام ابن حبان. وقد تعقب ابن التركماني البيهقي في إقراره تصحيح الحاكم، بقوله: ((كيف يكون سنده صحيحاً وراويه عن الربيع أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي، متكلم فيه، قال ابن حنبل والنسائي ((ليس بالقوي)) :. وقال أبو زرعة: ((يهم كثيراً)) . وقال الفلاس: سيئ الحفظ. وقال ابن حبان: يحدث بالمناكير عن المشاهير)) أ. هـ‍. وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح، قال أحمد: أبو جعفر الرازي مضطرب الحديث. وقال ابن حبان: ينفرد بالمناكير عن المشاهير)) أ. هـ‍. ونقل الزيلعي في ((نصب الراية)) (2/ 132) أن البيهقي قال في كتاب ((المعرفة)) : وله شواهد عن أنس التي ذكرناها في السنن)) أ. هـ‍.
قلت: يرحم الله البيهقي، وقد غلبه تعصبه للمذهب الشافعي، فأوهم غير الحق. فإن الطرق التي ساقها عن أنس ساقطة لا يعول على شيء منها. فسأعرضها، مع النظر فيها. والله المستعان. =
=الحسن البصري، عنه. أخرجه الدارقطني (2/40) والبيهقي (2/ 302) من طريق إسماعيل بن مسلم المكي، وعمرو بن عبيد، عن الحسن، عن أنس قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم وأبو بكر وعمر، وعثمان - رضي الله عنهم - وأحسبه قال رابع حتى فارقهم.... في صلاة الغداة)) .
قال البيهقي: أنا لا نحتج بإسماعيل المكي، ولا يعمرو بن عبيد)) !!
قلت: فلم أوردت حديثهما يا إمام؟!! وإسماعيل بن مسلم المكي تركه النسائي، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) . وقال ابن المديني: ((لا يكتب حديثه)) . وأما عمرو بن عبيد، فقال النسائي ((متروك)) . وقال حميد: ((كانَ يكذبُ على الحسن)) . وقال ابن معين: ((لا يكتب حديثه)) . وقال الحافظ في ((التلخيص)) (1/ 245) : ((عمرو بن عبيد، رأس القدرية، ولا يقوم بحديثه حجة)) أ. هـ‍.
فاقترانهما لا يعطي الحديث قوة. والحسن البصري، صحح أحمد وأبو حاتم سماعه من أنس، كما في
((المراسيل)) (45، 46) ولكنه مدلس وقد عنعنه.
قتادة، عنه. أخرجه البيهقي من طريق خليد بن دعلج، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - قال: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقنت، وخلف عمر فقنت، وخلف عثمان فقنت فتعقبه ابن التركماني بقوله، ونعم ما قال:
((قلت: يحتاج أن ينظر في أمر خليد، وهل يصلح أن يستشهد به أم لا؟! فإن ابن حنبل، وابن معين والدارقطني ضعفوه وقال ابن معين مرة: ((ليس بشيء)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ولم يخرج لهُ أحد الستة. وفي ((الميزان)) عده الدارقطني من المتروكين. ثمَّ إن المستغرب من حديث أنس المتقدم قولُهُ: ((ما زال يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا)) وليس ذلكَ في حديث خليد، وإنما فيهِ أنه - عليه السلام - قنت. وذلك معروف. وإنما المستغرب دوامه حتى فارق الدنيا. فعلى تقدير صلاحية خليد للاستشهاد بهِ كيف يشهد حديثه لحديث أنس)) أ. هـ‍.
قلت: فهذا ما أوهم البيهقي أن له: ((شواهد)) !! وليس إلا ما ذكرت.
خادم أنس، عن أنس قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقنت في صلاة الصبح حتى مات. ذكره في ((نصب الراية)) (2/ 136) وقال: ((قال - يعني ابن الجوزي يرد على الخطيب - وسكوته عن القدح في هذا الحديث، واحتجاجه به وقاحة عظيمة وعصبية باردة، وقلة دين!! لأنه يعلم أنه باطل. قال ابن حبان: دينار يروي عن أنس آثار موضوعة، لا يحل ذكرها في الكتب إلا على سبيل القدح فيه. فوا عجباً للخطيب!! أما سمع في ((الصحيح)) [بل رواه مسلم في ((المقدمة)) فينبغي التقييد] : ((من حديث عني حديثاً وهو يرى أنه كذب، وهو أحد الكاذبين)) ؟ ! وهل مثله ألا كمثل من أنفق بهرجا ودلسه؟ ! فإن أكثر الناس لا يعرفون الصحيح من السقيم، وإنما يظهر ذلكَ لالنقاد. فإذا أورد الحديث محدث، وأحتج بهِ حافظ لم يقع في النفوس إلا أنه صحيح، ولكن عصبيته!! ومن نظر كتابه الذي صنفه في ((القنوت)) ... واحتجاجه بالأحاديث التي يعلم بطلانها اطلع على فرط عصبيته، وقلة دينه)) أ. هـ‍. ... =
= قلت: يرحمك الله يا ابن الجوزي!! ويأبى الله إلا أن يرتد السهم على المتجني!! فإن لك المكيال الأوفى في كل ما وجهته للخطيب. فإن كنت ترى أن ذكر الحديث الموضع أو غيره مما لا يحتج به، من غير تنبيه على علته عصبيه ورقة في الدين، فأنت من أكثر الناس ارتكاباً لهذا، غير أنا لا أتهمك برقة الدين، ونسأل الله لنا ولك المغفرة، وقد عاد عليك العلماء أنك تخرج الأحاديث الموضوعة من كتب الناس، ثم تحشرها في كتبك، وحسبك منالاً منها كتاب ((تلبيس إبليس)) . ثم قولك: ((واحتجاجه بالأحاديث التي يعلم بطلانها)) من أدراك أنها باطلة من وجهة نظر الخطيب؟! ثمَّ هب أنها باطل، فإن الخطيب قدْ ساق سنده وهذا مما يبرئ عهدته من التهمة، ومن عادة العلماء إنهم إذا صنفوا في مسألة فإنهم يجمعون كل ما يقع تحت أيديهم من روايات حتى ولو كانت باطلة ليغنى الواقف على الكتاب عن محاولة البحث عن الطرق التي غابت، لعل فيها ما يمكن أن يحتج بهِ، أيُلام الخطيب على هذا الجهد المشكور فضلاً عن أن يتهم بأنه رقيق الدين؟ ! فواغوثاه بالله - عز وجل -! إذا محاسني اللاتي أدل بها عدت ذنوباً فقل لي: كيف أعتذر؟!!
وبالجملة فَلَيسَ في شيء من الطرق عن أنس، ما يمكن للبيهقي أو غيره أن يتشبث بهِ. فالصواب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن من عادته المداومة على القنوت في صلاة الصبح، فليت الشافعية يقفون على ما صح من الحديث في هَذهِ المسألة، وكنت قديماً سألت شيخنا محمد نجيب المطيعي رَحِمَهُ الله تَعَالى - وهوَ شافعي - عن رجل تعمد ترك القنوت في صلاة الصبح فَقَالَ لي: تبطل صلاته، وَكَذَلِكَ أن تعمد البكاء. وأن نسى القنوت يسجد للسهو.!! فانظر يرحمك الله إلى هَذهِ الفتوى، وإلى ما فيها من الخطأ، مع أن الزيلعي ساق حديثاً في
((نصيب الراية)) (2/ 130) وعزاه لابن حبان من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن سعيد وابن سلمى، عن أبي هريرة قالَ: كانَ رسول الله صلى الله عليهِ وآله وسلم لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن يدعو لقومٍ أو على قوم ثمَّ نقل عن ابن عبد الهادي أنه قالَ: ((سنده صحيح)) وقال الحافظ في ((الدراية)) (1/ 195) : ((ويأخذ من جميع الأخبار أنه - صلى الله عليه وسلم - كانَ لا يقنت إلا في النوازل، وقدْ جاء ذلكَ صريحاً)) أ. هـ‍. فهذا يدل على نكارة الحديث. وراجع بحث ابن القيم في ((الزاد)) (1/ 277-285) فقد استدل هناك بدلائل قوية وقدْ ذكرت قولُهُ وقول غيره من أهل العلم - مع الترجيح بالأدلة العلمية - في ((بذل الإحسان)) (1083) يسر الله أتمامه بالخير.
(1/45)
22- ((لا يُبلغني أحدٌ منْ أصحابي عنْ أحدٍ شيئاً فإني أُحبُ أنْ أُخرجَ إليكمْ وأنا سَليمُ الصدرِ)) . (1)
23- ((لا تنظروا في صغرِ الذنبِ، ولكنِ انظُروا على منِ اجترأتُمْ)) . (2)
24- ((رَحِمَ اللهُ رجلاً أصلحَ مِنْ لِسانِهِ)) . (3)
_________
(1) 22- ضعيف.
أخرجه أبو داود (13/206- عون) والترمذي (3897) وأحمد (1/396) وأبو الشيخ في ((أخلاق النبي)) (1/2/50) وفي ((التوبيخ)) (رقم 145) والبخاري في ((الكبير)) (2/1/394) ، والخطيب في
((التاريخ)) (11/10) وفي ((التلخيص)) (2/604) وابن عدي (1/275-276) ، وأبو زرعة = =الدمشقي في تاريخه (2/676) والبيهقى (8/167، 166) والبغوى في ((شرح السنة)) (13/148) من طريق الوليد بن أبي هشام، عن زيد بن أبى زائدة، عن ابن مسعود، فذكره، مرفوعا. قال الترمذي:
((هذا حديث غريب من هذا الوجه)) .
قلت: وعلته الوليد هذا؛ فقد ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (4/2/20) وحكى عن أبيه أنه قالَ ((ليس بالمشهور)) وقال الحافظ: ((مستور)) . وقدْ تفرد بالحديث فيما أعلم. والله أعلم. ثمَّ رأيت الخطيب روى الحديث في ((التلخيص)) (604/2) من هذا الوجه مطولآ وقال: ((لا أعلم روى عن زائدة سوى هذا الحديث))
وقع في كتاب ((أخلاق النبي)) : الوليد بن أبي هاشم والصواب (( ... هشام)) .
(2) 23- موضوع.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2177) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (6/ 78) من طريق محمد بن إسحاق العكاشي، حدثني الأوزاعي، حدثني حسان بن عطية، قال: سمعت أبا كبشة يقول: سمعت عمرو بن العاص.... فذكره مرفوعاً. قال أبو نعيم: ((غريب من حديث الأوزاعي عن حسان، تفرد برفعه محمد بن إسحاق، وفيه ضعف، ومشهوره من قبل بلال بن سعد)) .
قلْتُ: تسامح أبو نعيم في حال محمد بن إسحاق، وقدْ كذبه ابن معين وأبو حاتم، ورماه ابن حبان والدارقطني بوضع الحديث. وله شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 176/ 2) من طريق غالب بن عبيد الله، عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعاً: ((لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى من عصيت)) .
قلت: وسنده واه. وآفته غالب هذا. قال البخاري في ((الكبير)) (4/ 1/ 101) : ((منكر الحديث)) . وقال العقيلي: ((ليس له أصل مسند، ولا يتابع عليه، ولا يعرف به. وإنما يروي هذا عن بلال بن سعد))
أ. هـ‍. ثم رواه عن بلال بن سعد بسند صحيح إليه. والله أعلم.
(3) 24- موضوع.
أخرجه العقيلي (ق 171/ 2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (5/ 1891) من طريق عيسى بن إبراهيم، عن الحكم بن عبد الله الأيلى، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: مر عمر بقوم يرمون رشقاً، فقال: بئس ما رميتم. قالوا: نحن متعلمين يا أمير المؤمنين!! : لذنبكم في لحنكم أشد على من ذنبكم في رميكم!! سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:.... فذكره. قال ابن عدي: ((هذا حديث منكر لا = =أعلم رواه عن الزهرىء غير الحكم الأيلى، وهو منكر متروك الحديث. ولا يروي عن الحكم غير عيسى هذا)) .
قلت: أما عيسى فإنه تلف. قال البخاري: ((منكر الحديث)) . يعني لا تحل الرواية عنه كما هو مصطلحه. وقال النسائي: متروك الحديث)) . وأما الحكم بن عبد الله، فقد قالَ أحمد: ((أحاديثه كلها موضوعة)) . وكذبه أبو حاتم وغيره. وقول عمر - رضي الله عنه -: ((لذنبكم في لحنكم....)) .
يقصد به أنهم لحنوا في كلامهم وأخطئوا إذ قالوا: ((نحن متعلمين)) !! والصواب أن يقولوا: ((نحن متعلمون)) . والله أعلم.
(1/48)
25- ((ما نحل والد ولدا نحلاً، أفضل من أدب حسن)) . (1)
_________
(1) 25- ضعيف جداً.
أخرجه الترمذي (1952) ، وأحمد (4/ 77) ، والبخاري في ((الكبير)) (1/ 1/ 422) ، وابن عدي
(5/ 1740) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 308) ، والحاكم (4/ 263) ، والبيهقي (2/ 18) ، والخطيب في ((الموضح)) (2/ 316) وفي ((التلخيص)) (675- 676- 2) ، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (1295، 1296، 1297) ، من طريق عامر بن أبي الخزار، حدثنا أيوب بن موسى، عن أبيه، عن جده مرفوعاً فذكره. قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عامر بن أبي عامر الخزار 000 وهذا عندي حديث مرسل)) . أما الحاكم فقال: ((صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) !! فتعقبه الذهبي بقوله: ((بل مرسل ضعيف، وفي إسناده عامر بن صالح، واه)) .
قلت: وهذا الحديث ضعيف جداً، وله ثلاثة علل:
الأولى: عامر بن أبي عامر الخزار. ضعفه أبو داود في رواية، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) . وقال العقيلي: ((لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به.... ورأيت في كتاب محمد بن مسلم ابن وارة، أخرجه إلى ابنه بالرىء: سألت أبا الوليد عن عامر بن أبي عامر الخزار فقال: كتبت عنه حديث أيوب بن موسى، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ما نحل ... الحديث)) ، فبينما نحن عنده يوماً إذ قالَ: حدثنا عطاء بن أبي رباح، أو سعيد بن عطاء بن أبي رباح، وسئل عن كذا وكذا فقلت: في سنة كم؟! قالَ في سنة أربع وعشرين. قلنا: فإن عطاء توفي في سنة بضع عشرة)) أهـ‍. فعلق الذهبي على هذه الحكاية بقوله: ((إن كان تعمد، فهو كذاب، وإن كان شبه له بعطاء بن السائب، فهو متروك لا يعي)) .
الثانية: الإرسال. قال البخاري: ((مرسل، ولم يصح سماع جده من النبي - صلى الله عليه وسلم -)) . قلت: وجدُّ أيوب هو عمرو بن سعيد بن العاص. قال الحافظ في ((الإصابة)) (5/ 294) : ((تابعي 000 وقال ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) : يقال إنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتبعه عبد الغني المزي، وهو من المحال المقطوع ببطلانه، فإن أباه سعيدا كان له عند موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثمان سنين أو نحوها، فكيف يولد له قبل عمرو، سنة سبعين من الهجرة؟!)) .
الثالثة: موسى بن عمرو. لم يرو عَنهُ سوى ولده أيوب، ووفقه ابن حبان فهو إلى الجهالة أقرب. وَلَهُ شاهد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - 0 أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 228) من طريق مهدي بن هلر، قَالَ: حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعا بِهِ قلت: وسنده ساقط. ومهدي بن هلال، كذبة ابن معين وغيره قَالَ العقيلي: ((وَهَذَا الحديث لَيسَ بمحفوظ، من حديث هشام بن حسان، وإنما يعرف هَذَا الحديث من رواية عامر [في ((المطبوعة)) : ((عاصم)) وهو خطأ] = =بن أبي عامر الخزار عن أيوب بن موسى، عن أبيه، عن جده. وليس الحديث بثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه أيضاً مقال)) .
وله شاهد من حديث ابن عمر، رضي الله عنهما. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 13234) ، وابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2217) من طريق محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام بن زيد، ثنا محمد بن موسى السعدي، عم عمرو بن دينار، عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعا: ((ما ورث والد والدا خيرا من أدب حسن)) . قال ابن عدي: ((هذا الحديث بهذا الإسناد منكر)) .
قلت: وعمرو بن دينار هو قهرمان آل الزبير، لينة ابن عدي وقال الهيثمي (8/ 159) : ((متروك)) .
(1/49)
26- ((إن الله - عز وجل - لينفع العبد بالذنب يذنبه)) . (1)
_________
(1) 26- ضعيف.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 218/ 1) من طريق مضر بن نوح السلمي. قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا 000 فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف. ومضر بن نوح، قال الذهبي: ((فيه جهالة)) . وقال العقيلي: ((مضر بن نوح، عن عبد العزيز بن أبي رواد، لا يعرف بالنقل، وحديثه غير محفوظ)) . وأقره الحافظ العراقي في
((المغنى)) (4/ 14) ، وعزا الحديث إلى ابن أبي الدنيا في ((كتاب التوبة)) .
ولكن للحديث شاهد من حديث أبي هريرة، رضى الله عنه. أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (6/ 176، 275) من طريق عيسى بن خالد اليماني، ثنا صالح المري، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعا: ((إن العبد ليعمل لذنب، فإذا ذكره أحزنه، فإذا نظر الله إليه أحزنه، غفر له ما صنع، قبل أن يأخذ في كفارته، بلا صلاة ولا صيام)) . قال أبو نعيم. ((غريب من حديث هشام، وصالح. لم نكتبه إلا من حديث عيسى)) .
قلت: أما عيسى، فقد ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح)) (3/ 1/ 275) وحكى عن أبيه أنه قال: ((لا بأس بحديثه، محله الصدق)) . ولكن آفة الإسناد هي صالح المري؛ قالَ الحافظ العراقي في ((المغنى)) (4/ 14) : ((رجل صالح، لكنه مضعف في الحديث)) . وشاهد آخر من مرسل الحسن البصري، رحمه الله. أخرجه ابن المبارك (162) ، وأحمد (396- 397) كلاهما في ((الزهد)) ، من طريق المبارك بن فضالة، عن الحسن قال: فذكره مرسلا بنحوه. قلت: وهذا مع كونه من مراسيل الحسن، والتي هي شبه الريح، فإن المبارك بن فضالة يضعف في الحديث، ومع ضعفه كان مدلساً كما قال أحمد وأبو داود. والله أعلم.
(1/50)
27- ((كفارة الذنب الندامة، ولو لم تذنبوا، لأتى الله - عز وجل - بقوم يذنبون، فيغفر لهم)) . (1)
_________
(1) 27- ضعيف بهذا السياق. =
=أخرجه أحمد (1/ 289) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 12795) ، وفي الأوسط)) (460- مجمع البحرين) ، والبيهقي في ((الشعب)) - كما في ((المغني (4/ 14) للعراقي -، والقضاعي في
((مسند الشهاب)) (رقم 77) من طريق يحيى بن عمرو بن مالك النكري، عن أبيه، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، فذكره مرفوعا0
قلت: وسند ضعيف. ويحيى بن عمرو ضعفه ابن معين، وأبو زرعة، وأبو داود، والنسائي وغيرهم، بل رماه حماد بن زيد بالكذب، فيما قيل. وأورد له الذهبي هذا الحديث من مناكيره. وقال ابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2379) : ((حديث غير محفوظ)) . قلت: والشطر الثاني من الحديث صحيح، أخرجه مسلم وغيره من حديث أبي أيوب الأنصاري مرفوعاً: ((لولا أنكم تذنبون)) لخلق الله خلقاً يذنبون، فيغفر لهم)) . أخرجه مسلم (2748/ 9) ، والترمذي (2526) ، وأحمد (5/ 414) وللحديث شواهد أخرى فانظرها في ((الصحيحة)) (967- 970) . ويغني عن الشطر الأول منه، قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((الندم توبة)) . وهو حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة (4252) ، وأحمد
(376، 423، 433) ، والبخاري في ((الكبير)) (2/ 1/ 374) ، والحميدي (105) ، والحاكم (4/243) ، والطبراني في ((الصغير)) (1/ 66- 67) ، والإسماعيلي في ((معجمه)) (ج3/ ق 137/1) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (8/ 312) ، والخطيب في ((الموضح)) (1/ 248- 250) ، والبغوي في
((شرح السنة)) (5/ 91) من حديث ابن مسعود وقد اختلف في سنده، وفي تسمية بعض رواته، وقد أشبعت الكلام عليه في ((مسيس الحاجة إلى تقريب سنن ابن ماجة)) (4252) . وله شاهد من حديث أنس. أخرجه البزار (ج 4/ رقم 3239) ، والحاكم، والبيهقي في ((الشعب)) وسنده لابأس به في الشواهد. وشاهد آخر من حديث جابر، أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (ج 1/ رقم 101) وفي سنده ابن لهيعة، وعنعنه أبي الزبير. وشاهد من حديث أبي بن كعب، أخرجه الإسماعيلي، في ((معجمه)) (ج 1/ ق 47/2) . ومن حديث وائل بن حجر، أخرجه الإسماعيلي: أيضاً (ج 2/ ق 62/ 2) . وآخر من حديث أبي هريرة، عند الطبراني في ((الصغير)) رقم (186) .
(1/51)
28- ((إذا رأيت أمتي تهاب الظالم، أن تقول له: أنت ظالم، فقد تودع منهم)) 0 (1)
_________
(1) 28- ضعيف.
أخرجه أحمد (2/ 163، 190) ، والبزار (ج 4/ رقم 3303) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 220/ 1- 2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (3/ 1267، 1276) ، والحاكم (4/ 96) ، والشجري في
((الأمالي)) (2/ 230- 231) من طريق الحسن بن عمرو، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. ورواه عن الحسن بن عمرو جماعة منهم سفيان الثوري، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، = =وعبد الله بن نمير. ووقع عند العقيلي: ((000 سفيان بن هارون البرجمى، عن الحسن بن عمرو الفقيمى، عن أبي الزبير قال: سمعت عبد الله بن عمرو....)) .
قلت: أما سفيان بن هارون البرجمي، فلا أدري من هو، والصواب أنه سفيان الثوري، فإن أبا نعيم، الفضل بن دكين الراوي عنه مكثر عن الثوري. وفي ترجمة الحسن بن عمرو، يروي عنه سفيان الثوري. وأما قول أبي الزبير: سمعت عبد الله بن عمرو، فلا أدري أهذا خطأ من بعض الرواة، أم من الناسخين؟ وذلك أن أبا الزبير لم يلق عبد الله عمرو كما صرح بذلك ابن معين، وأبو حاتم على ما في ((المراسيل)) (ص - 193) . ولما سمع ابن معين هذا الحديث قالَ: ((لم يسمع أبو الزبير من عبد الله بن عمرو، ولم يره)) . رواه ابن عدي ((الكامل)) (6/ 2135) عن يحيى. وقدْ اختلف على الحسن بن عمرو فيهِ. فأخرجه البزار (ج 4/ رقم 3302) ، والعقيلي (ق 220/ 1) من طريقين عن الحسن بن عمرو، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وقدْ رواه عن الحسن، النظر بن إسماعيل عند العقيلي، وعبيد الله بن عبد الله الربعي، وعند البزار. وقد رجّح البزار والعقيلي رواية سفيان ومن معه على هذه الرواية، وهو ظاهر (والنظر بن إسماعيل يضعف من قبل حفظه، وقد تقدم بيان حاله في الحديث رقم (16) وعبيد الله بن عبد الله الربعي لم أعرفه الآن فرواية أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو هي المحفوظة. وقد اختلف على أبي الزبير فيه. فرواه أبو شهاب الحناط، ثنا الحسن بن عمرو، عن أبي الزبير، عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن عمرو، أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2135) . وعمرو بن شعيب لم يلق عن عبد الله بن عمرو وأظن أن الوهم في جعل ((عمرو بن شعيب)) بين أبي الزبير وعبد الله بن عمرو هو من أبي شهاب الحناط واسمه عبد ربه بن نافع، فقد ذكروا أنه كان يخطئ، لا سيما قد خولف كما يظهر من البحث. وخالفهم جميعاً سنان بن هارون، فرواه عن الحسن بن عمرو، عن أبي الزبير عن جابر فذكره مرفوعاً فجعله من ((مسند جابر)) أخرجه ابن عدي (3/ 1276) وقال: ((وهذا لا نعرفه إلا من حديث سنان، وأبو الزبير لا يروي هذا عن جابر، إنما يرويه عن عبد الله بن عمرو 000)) أهـ‍.
قلت: وسنان بن هارون ضعيف وبالجملة فلا يصح من هذه الطرق غير الطريق الأولى، والتي رواه أحمد وغيره، وهي مع ذلك منقطعه كما قدمت: والله أعلم.
(1/52)
29- ((الشعر في الأنف أمان من الجذام)) 0 (1)
_________
(1) 29- موضوع.
وقد ورد من حديث أبي هريرة، وجابر، وأنس، وعائشة - رضي الله عنهم -. وكل الطرق ساقها ابن الجوزي في
((الموضوعات)) (1/ 167-170) . ونقدها. فتعقبه السيوطي في ((اللآلئ)) (1/ 122-123) على عادته بما لا طائل تحته وقال: ((الأشبه أنه ضعيف لا موضوع، وأصلح طرقه طريق رشدين وطريق أبي ربيع السمان، واسمه أشعث بن سعيد، روى له الترمذي وابن ماجة 000 الخ)) . ... =
=قلت: فننظر في خير الطرق عند السيوطي، ثم نحكم على الباقي من خلال التحقيق 0
أما طريق الرشدين فقد أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (1011/ 3) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1/ 168) من طريق أبي صالح حدثني الرشدين عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمى عن أبي هريرة. مرفوعاً. فذكره وإسناده ضعيف جداً ورشدين بن سعد ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم، والساجي، وابن القانع، والدارقطني، وغيرهم، وتركه النسائي أما قول السيوطي في ((اللآلئ)) (1/122) : ((ورشدين لم ينته حاله إلى أن يحكم عن حديثه بالوضع)) أ. هـ‍.
قلت: لا يخفى ما في كلام السيوطي من الخلل، وهل لا يحكم بالوضع إلا على حديث الكذاب وحده؟! والذي يتدبر صنيعه في ((اللآلئ)) يجده يستلزم في الغالب أن يوجد في السند كذاب حتى يحكم على الحديث بالوضع، وليس بلازم كما هو معروف، بل الثقة قدْ يروي الحديث الموضوع، يشبه لهُ والله أعلم. أبو صالح، هو عبد الله بن صالح كاتب الليث، أدركته غفلة الصالحين فكثرت المناكير في حديثه ولذا قالَ: ابن عدي ((هذا الحديث منكر بهذا الإسناد وهوَ غير محفوظ)) . وقال الشيخ العلامة، ذهبي العصر، المعلم اليماني رحمه الله تعالى في تعليقه على ((الفوائد المجموعة)) (475) للشوكاني: ((إذا كانَ مثل هذا الخبر فإن متنه منكر، وكذلك سنده إذ تفرد بهِ رشدين عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمى، عن أبي هريرة مرفوعاً ولو تفرد بمثل هذا الثقة، لقالوا: باطل، اعتذروا بأنه أدخل، أو نحو ذلكَ، مع أنه من رواية أبي صالح عنهُ، وحال أبي صالح معروفة ... )) أ. هـ‍
أما طريق أبي الربيع السمان، فقد: أخرجه ابن عدي (1/ 368) ومن طريقه ابن الجوزي (1/ 169) وابن السني وأبو نعيم كلاهما في ((الطب)) وأبو يعلى في ((مسنده)) والطبراني في ((الأوسط)) من طرق عن أبي الربيع السمان حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. بهِ. قالَ ابن عدي: ((قالَ لنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز: هذا الحديث عندي باطل)) .
قلت: وأبو الربيع السمان، اسمه أشعث بن سعيد البصري. كذبه هشيم. وقال ابن معين: ((ليس
بثقةٍ)) . وتركه الفلاس، والدارقطني، وعلي بن جنيد. والكلام فيهِ طويل. قالَ الدارقطني: ((رأى شعبه يوماً راكباً، فقيل: إلى أين؟ ‍! فقال: إذهب إِلى أبي الربيع السمان، أقول لهُ: لا تكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) !
وقال ابن عدي: ((وهذا الحديث قدْ سرقه من أبي الربيع السمان جماعة من الضعفاء، منهم نعيم بن مورع، ويعقوب بن الوليد الودي، ويحيى بن هاشم الغساني، وغيرهم)) أ. هـ‍. وطريق نعيم بن مورع، أخرجه العقيلي (ق 220/2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (7/2481) ، وابن الجوزي (1/170) عنهُ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. ونعيم هذا قالَ فيهِ البخاري: ((منكر الحديث)) . وقال النسائي: ((ليس بثقة)) . ولذا قالَ ابن عدي: ((هذا يُعرف بأبي الربيع السمان، وإن كانَ فيهِ ضعف، سرقه منه نعيم هذا ... )) . ... =
=وبالجملة: فإن هذين الطريقين هما خير الطرق باعتراف السيوطي نفسه، وقدْ سقت لك ما فيها، فما بالك بما غاب عنك؟! والسيوطي رحمه الله متسامح جداً في تعقباته على ابن الجوزي. وكتابه ((اللآلئ)) يحتاج إِلى مراجعة دقيقة وتحقيق. فعسى أن يتسير ذلكَ لي، أو لأحد من الناس. والله الموفق.
وقدْ حكم على الحديث بالبطلان يحيى بن معين، والبغوي. وقال ابن حيان: ((هذا المتن لا أصل لهُ)) . وسُأل أحمد بن حنبل عنهُ، فقال: ((ليس من ذا شيء)) يعني يصح. والله أعلم.
(1/53)
30- ((إذا طنت إذن أحدكم فليذكرني، وليصل على، وليقل: ذكر الله من ذكرني بخير)) . (1)
_________
(1) 30- ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في ((الصغير)) (2/120) ، والبزار (ج 4/ رقم 3125) ، والعقيلي (4/ 261) ، وابن عدي (6 / 2443) ، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3 / 76) ، من طريق معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه محمد، عن أبيه عبيد الله، عن أبي رافع مرفوعاً به قال الطبراني: ((لا يروي عن أبي رافع إلا بهذا الإسناد، تفرد به معمر بن محمد)) .
قلت: وهذا سند واه. ومعمر بن محمد، قال فيه البخاري: ((منكر الحديث)) . وهذا جرح شديد عنده. وقال العقيلي: ((لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به)) . وأبوه محمد بن عبيد. قال ابن معين في ((تاريخه)) (2/ 529) : ((ليس بشيء)) . ونقل العقيلي عنه: ((هو ولا ابنه معمر)) .
وقال البخاري في ((التاريخ)) (1/ 1/ 171) : ((منكر الحديث)) . وكذا قال أبو حاتم وزاد: ((جداً، ذاهب)) ، ولكن معمر لم يتفرد به، بل تابعه حبان بن علي، حدثنا محمد بن عبيد الله بن أبي رافع. أخرجه ابن السني في ((اليوم والليلة)) ، (166) ، والخرائطي في ((المكارم)) ((437)) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (2/250) وحبان هذا ضعيف عندهم. وتابعه أخوه مندل بن علي، أخرجه الخرائطي أيضاً، ومندل أحسن حالاً من أخيه. وقد اختلف على محمد بن عبيد الله بن أبي رافع فيه: فرواه مرة عن أبيه، كما مرَّ في الوجه السابق. ومرة يرويه عن أخيه عبد الله بن عبيد الله. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 1/ رقم 958) ، وابن عدي (6/ 2126) . وعبد الله روى لهُ مسلم والنسائي حديثاً واحداً، ووثقه ابن حبان. ولكن تبقى الآفة، وهي محمد بن عبيد الله بن أبي رافع. ولذا قال العقيلي (ق 197/ 2) . ((ليس له أصل)) . يعني الحديث.
ومما يتعجب منه حقاً قول الحافظ الهيثمي في ((المجمع)) (10/ 138) : ((رواه الطبراني في الثلاثة 000 وإسناد الطبراني في الكبير حسن!! فهذه غفلة من الهيثمي رحمه الله - وكم له من مثلها - عن حال محمد بن عبيد الله - فإنه متروك وأضعف منه قول السيوطي في ((اللآلئ)) متعقباً ابن الجوزي: ((محمد بن عبيد الله بن أبي رافع من رجال ابن ماجة، ولم يتهم بكذب)) أ. هـ‍. وقد أقر الحافظ ابن حجر بأنه= =متهم كما قال ابن عراق في ((تنزيه الشريعة)) (2/ 293) . ثم سعى ابن عراق إلى تقوية الحديث بما لا طائل تحته، فقال: ((احتج به النووي في ((الأذكار)) لاستحباب ذلك عند طنين الأذن، فهو عنده ضعيف لا موضوع. وذكره ابن الجوزي في ((الحصن الحصين)) وقدْ قالَ في أوله: أرجو أن يكون جميع ما فيهِ صحيحاً، ويؤيده أن ابن خزيمة أخرجه في ((صحيحة)) وهو عجب، فإن الحديث ليس على شرط الصحيح، والله تعالى أعلم)) أ. هـ‍. قلت: احتجاجه بصنيع النووي رحمه الله احتجاج ضعيف. والنووي نفسه رخو في الحكم على الحديث في ((كتاب الأذكار)) خلافاً لطريقته في ((المجموع)) . وأوقعه في غالب أحكامه اعتباره العمل بالضعيف في فضائل الأعمال، خلافاً لأهل التحقيق من العلماء كما ذكرته في كتابه: ((الظل الوريف في حكم العمل بالحديث الضعيف)) وابن الجوزي على جلالته لم يكن من أهل الفن، ومع ذلكَ فهوَ لم يقطع بصحة كل ما هو في كتابه. وأما ابن خزيمة فلا نعلم هل أعلَّ الحديث أم لا؟! وحتى وأن لم يعله فليس كل ما في ((صحيح ابن خزيمة)) ويكون صحيحاً، ولا حسناً كما يعلمه من أدمن النظر في القسم المطبوع من ((صحيحه)) . والله الموفق.
(1/54)
31- ((اعتموا تزدادوا حلماً)) (1)
_________
(1) 31- ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 1/ رقم 517) ، وابن عدي في ((الكامل)) (ق 274/ 2) من طريق يونس بن أبي إسحاق، حدثني ابني عيسى، عن عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي المليح، عن أبيه أسامة بن عمير مرفوعاً. قال الهيثمي (5/ 119) : ((فيه عبيد الله بن أبي حميد، وهو متروك)) .
قلت: وقد اختلف على أبي المليح فيه. فأخرجه الخطيب (11/ 394) ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/45) من طريق سعيد بن سلام ثنا عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح عن أبي عباس مرفوعاً فجعله من ((مسند ابن عباس)) قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح قال أحمد بن حنبل: سعيد بن سلام كذاب، كذاب ... )) . ولكنه لم يتفرد به فأخرجه البزار (3/362) وأبو الشيخ في ((الأمثال)) (248) عن عتاب بن حرب، والحاكم (4/193) عن أبي الوليد كلاهما عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح عن ابن عباس مرفوعاً قال البزار: ((لا نعلم له طريق عن ابن عباس إلا هذا واختلف فيه عن ابن المليح فرواه عيسى بن يونس عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح عن أبيه وإنما أبي الاختلاف من عبيد الله لأنه لم يكن حافظاً)) قلت: وقوله: ((لا نعلم له طريقاً عن ابن عباس إلا هذا)) متعقب بما أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 12946) قال: حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي ثنا هلال بن بشر، ثنا عمران بن تمام، عن أبي جمرة عن ابن عباس مرفوعاً فذكره بلفظه قال الهيثمي (5/ 119) : ((فيه عمران بن تمام ضعفه أبو حاتم بحديث غير هذا وبقية رجاله ثقات)) نقل الأخ حمدي السلفي تعليقه على ((المعجم)) أن شيخنا حافظ الوقت الألباني حفظه الله نشر مقالاً في ((مجلة= =المسلمون)) (ص 80 عدد 9ج 6) وقال: ((لم أجد لشيخ الطبراني ترجمة فيهما لديّ من كتب الرجال أ. هـ‍.
فهذا طريق ضعيف أيضاً فلا يتعجب حينئذ من قول الحاكم في طريق ابن عباس السابق ((إسناده
صحيح)) ! فإن للحاكم أوهام كثيرة في ((المستدرك)) يعرفها من أدمن النظر فيه ويتبعه الذهبي كثيراً لكنه تعقبه في هذا الحديث بقوله: ((عبيد الله تركه أحمد)) وقال الحافظ في ((الفتح)) (10/ 273) :
((أخرجه الطبراني والترمذي في ((العلل المفرد)) وضعفه البخاري وقد صححه الحاكم فلم يصب أ. هـ‍.
وقد حاول السيوطي في اللآلئ)) - كما هو دأبه - أن يتعقب ابن الجوزي فلم يصب في بحثه وأورد للحديث شواهد ليس فيها محل الشاهد المتنازع عليه ومع ذلك فليس فيها شيء يصح النظر لذلك ((تنزيه الشريعة)) (2/ 271 - 272) لابن عراق والله أعلم.
(1/55)
32- ((خلق الله ألف أمة ستمائة في البحر، وأربعمائة في البر 0 فأول شيء يهلك من هذه الأمة الجراد، فإذا هلكت، تتابعت مثل النظام إذا قطع سلكه 00)) 0 (1)
_________
(1) 32- موضوع.
أخرجه أبو يعلي - كما في ((اللآلئ)) (1/ 81) ، و ((المطالب)) (2339) - وابن عدي (5/ 1990، 6/ 2249) ، والدولابي في ((الكنى)) (2/ 25) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 256- 257) ، وابن أبي عاصم في ((الأوائل)) (ق 13/ 1-2) ، وأبو الشيخ في ((العظمة)) ، والبيهقي في ((الشعب)) - كما في ((اللآلئ)) (1/ 82) - وكذا الحكيم الترمذي في ((نوادر الأصولي)) - كما في ((تنزيه الشريعة)) (1/ 190) - من طرق عبيد بن واقد، حدثنا محمد بن عيسى بن كيسان الهذلى، ثنا محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: ((قل الجراد في سنة من سنى عمر التي وُلي فيها، فسأل عنه فلم يخبر بشيء. فأغتم لذلك. فأرسل راكباً يضرب إلى كذا، وآخر إلى الشام، وآخر إلى العراق، يسأل عن الجراد، قال: فأتاه الراكب الذي من قبل اليمن بقبضة من جراد فألقاها بين يديه، فلما رآها قال: 000 فذكره مرفوعاً. وأخرجه الخطيب (11/217 - 218) من طريق عبيد بن واقد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن ابن عمر قال: 000 فذكره. وأرى أن ذكر ((ابن عمر)) خطأ في هذا الإسناد، فليس له ذكر في شيء من طرق الحديث، ومما يؤكد ذلك أن ابن الجوزي روى الحديث في ((الموضوعات)) (3/ 13) من طريق الخطيب، كرواية الجماعة. والله أعلم.
قلت: وهذا حديث موضوع لا شك فيه - كما قال ابن حبان رحمه الله تعالى - وعبيد بن واقد، ضعفه أبو حاتم الرازي كما في ((الجرح)) (3/ 1/ 5) . ومحمد بن عيسى بن كيسان تناولوه قال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/ 1/ 204) . ((منكر الحديث)) . وضعفه الدارقطني. وقال أبو زرعة الرازي: =
= ((لا ينبغي أن يحدث عنه)) . وقال ابن عدي: ((أنكر على محمد بن عيسى هذا الحديث)) . وقال الذهبي في ((الميزان)) (3/ 677 (: ((وثقة بعضهم 00)) ، فركن السيوطي إلى هذا القول فقال في
((اللآلئ)) (1/ 82) : ((لم يتهم محمد بن عيسى بكذبه، بل وثقه بعضهم فيما نقله الذهبي)) . ومراد السيوطي من هذا أن يقول أن الحديث ضعيف لا موضوع. كما صرح بذلك في خاتمة كلامه.
ولم يصيب السيوطي رحمه الله في تسديد قوسه. كعادته في تعقباته لابن الجوزي - وذلك أن محمد بن عيسى ساقط، وعبارة البخاري فيه تفيد أنه لا تحل الرواية عنه. وإذا الراوي كان من المقلين ومع ذلك فأحاديثه منكرة، وتناوله النقاد، فلا شك أنه تالف، وحال محمد بن عيسى كذلك وأما التوثيق الذي نقله الذهبي عن بعضهم!! فلسنا نعتد به أمام الجرح المحقق الصادر من عدة أئمة، ويظهر أنه توثيق واهن ولذا لم يصرح الذهبي بأسماء من وثق. والذي يتدبر صنيع السيوطي في ((اللآلئ)) يجده يستلزم أن يكون في الإسناد كذاب حتى يحكم على الحديث بالوضع، وليس هذا بلازم لما هو معروف إن الثقة قدْ يروي الحديث الموضوع يشبه عليهِ، واعتبار معنى المتن أمر ضروري. لا يكاد السيوطي يلتفت إليه. والحكم بالوضع قد يكفي فيه غلبة الظن كما لا يخفى، والله أعلم.
والحديث عزاه الهيثمي في ((المجمع)) (7/322) لأبي يعلي وقال: ((فيه عبيد بن واقد القيسي وهو ضعيف!! كذا قال!! وذهل عن حال محمد بن عيسى وهو شر منه وأضعف وكتاب الهيثمي يحتاج إلى مراجعة دقيقة لكثرة الأوهام فيه، وكان الحافظ ابن حجر قد تعقبه في أوهامه في ((المجمع)) قال الحافظ بعد أن أثنى على الهيثمي: ((وبلغه أنني تتبعت أوهامه في مجمع الزوائد فعاتبني، فتركت ذلك إلى الآن، رعاية له)) . فيا ليته تعقبه!!
(1/56)
33- ((إن عثمان أول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط)) 0 (1)
_________
(1) 33- منكر.
أخرجه يعقوب بن سفيان في ((المعرفة)) (3/ 255) ، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (2/ 596) ، وفي ((الأوائل)) ) ق 15/ 1) ، والطبراني في ((الكبير)) (143/ 1/ 47) ، والبيهقي في ((الدلائل)) - كما في ((البداية والنهاية)) (3/ 66) - وكذا أبو يعلى في ((مسنده)) ، وابن مردويه - كما في ((الدر المنثور)) (5/ 144) - من طريق بشار بن موسى الحفاف، ثنا الحسن بن زياد، إمام مسجد محمد بن واسع، قال: سمعت قتادة يقول: ثنا النضر بن أنس، عن أنس قال: خرج عثمان مهاجر إلى أرض الحبشة ومعه ابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما احتبس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خبرهم فكان يخرج فيتوكف عنهم الخبر، فجاءته امرأة فأخبرته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحبهما الله، إن عثمان 000 فذكره. ... =
=قلت: وسنده ضعيف جداً. فأما بشار بن موسى فضعفه الأكثرون. قال ابن معين، والنسائي: ((ليس بثقة)) . وزاد ابن معين ((من الدجالين)) ! وضعفه أبو زرعة، وأبو داود، وابن المديني، وعمرو بن علي وقال البخاري: ((منكر الحديث، قد رأيته، وكتبت عنه، وتركت حديثه)) . وأما أحمد فكان حسن الرأي فيهِ، هذا لا يقدم إِلى قول الجارحين وإن جنح إليه ابن عدي. والحسن بن زياد ليس هو اللؤلؤي الكذاب، صاحب أبي حنيفة، وإنما هو البرجمي، قال الهيثمي في ((المجمع)) (9/ 81) : ((لم أعرفه)) . وله شاهد من حديث أسماء بنت أبي بكر، قالت: ((كنت أحمل الطعام إلى أبي وهو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالغار، فاستأذنه عثمان في الهجرة، فأذن له في الهجرة إلى الحبشة، فحملت الطعام فقال لي: ما فعل عثمان ورقية؟ قلْتُ:: قدْ سار، فالتفت إلى أبي بكر وقال: ((والذي نفسي بيده، إنه أول من هاجر بعد إبراهيم ولوط. ((أخرجه ابن منده في ((الصحابة)) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عنها قالَ الحافظ في ((الإصابة)) (7/ 649- 650) : ((سنده واه، وفي هذا السياق من النكارة أن هجرة عثمان إِلى الحبشة كانت حين هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وهذا باطل؛ إلا أن كان المراد بالغار غير الذي كانا فيه لما هاجرا إلى المدينة!! ، والذي عليه أهل السير أن عثمان رجع إلى مكة من الحبشة مع من رجع، ثم هاجر بأهله إلى المدينة، ومرضت بالمدينة لما خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر، فتخلف عثمان عليها عن بدر، فماتت يوم وصول زيد بن حارثة مبشراً بوقعة بدر 00)) أ. هـ‍. قلت: وهذا تحقيق بديع من الحافظ رحمه الله، غير قوله: ((إلا أن كان المراد بالغار 000 الخ)) . فهذا احتمال فيه تعسف وتكلف، لأنه يخالف الحقائق الثابتة في السيرة. والله أعلم.
وبالجملة: فالحديث منكر. ولا يغتر بإيراد الحافظ له في ((الفتح)) (7/ 188) ساكتاً عليه، بل كأنه احتج به!! فإنه خلاف التحقيق. والذي تحرر عندي أنه ليس كل حديث يسكت عليه الحافظ في
((الفتح)) يكون حسناً أو نحوه كما صرح هو بذلك، فقد أخل بشرطه هذا في مواضع كثيرة 00 وعذره: أن الشارح قد يشترط على نفسه شرطاً فيوفى به زمناً ثم لا ينشط لتحقيق كل حديث لا سيما في مثل
((فتح الباري)) فإن فيه جمهرة كثيرة من الأحاديث، وتحرى إيراد الثابت منها أمر لعله يصعب حتى على مثل الحافظ ابن حجر مع سعة دائرة حفظه، وجودة علمه، والإحاطة لله تعالى وحده. ولعله يكون عذراً مقبولاً. والله تعالى أعلم.
(1/58)
34- ((أول من يكسى بعد النبيين والشهداء، بلال؛ وصالحوا المؤمنين)) 0 (1)
35- ((أول الوقت رضوان الله، وآخر الوقت عفو الله)) 0 (2)
_________
(1) 34- موضوع.
أخرجه ابن أبي عاصم في ((الأوائل)) (ق 19/ 2) قال: حدثنا محمد بن مرزوق، ثنا عبد العزيز بن الخطاب، ثنا محمد بن الفضل بن عطية الخراساني، عن أبيه، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه مرفوعاً 00 فذكره. ... =
=قلْتُ: وسنده ضعيف جداً، بل موضوع. ومحمد بن الفضل، لا فضل له ولا كرامة فقد كان كذاباً. وصمه بذلك أحمد، وابن معين، والجوزجاني، وعمرو بن علي، والنسائي، وابن خراش، ويحيى بن الضريس، وغيرهم.
(2) 35- باطل.
أخرجه الترمذي (172) ، والدارقطني (249) ، وابن عدي في ((الكامل)) (7/ 2606) ، والحاكم (1/ 189) ، والبيهقي (1/ 435) ، وابن الجوزى في ((الواهيات)) (1/ 388) من طريق يعقوب بن الوليد، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً 00 فذكره. قال ابن حبان في ((المجروحين)) (3/ 138) : ((ما رواه إلا يعقوب بن الوليد المدني)) . قلت: وهو كذاب كان يضع الحديث على الثقات. قال أحمد ((كان من الكذابين الكبار)) . وقال الحاكم: ((يعقوب بن الوليد هذا شيخ من أهل المدينة، سكن بغداد، وليس من شرط هذا الكتاب، إلا أنه شاهد.)) قلت: وهذا مما يعاب عليكم، فالشاهد كالعاضد لا يستشهد به إلا أن كان فيه قوة، أو بعضها، ولكن هذا ساقط، ولذا تعقبه الذهبي بقوله: ((يعقوب كذاب)) وقال ابن عدي ((هذا حديث بهذا الإسناد باطل 0)) . ولكن له شاهد من حديث أنس. أخرجه ابن عدي (2/ 509) وعنه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 388) من طريق بقية بن الوليد، عن عبد الله مولى عثمان بن عفان، حدثني
عبد العزيز، حدثني محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك، فذكره مرفوعاً. قال ابن عدي: ((وهذا بهذا الإسناد لا يرويه غير بقية وهو من الأحاديث التي يحدث بها بقية عن المجهولين؛ لأن عبد الله مولى عثمان، وعبد العزيز الذي ذكر في هذا الإسناد لا يعرفان 00)) . وتبعه ابن الجوزى. وشاهد آخر من حديث أبي محذورة - رضي الله عنه - 0 أخرجه ابن عدي (1/ 255) من طريق إبراهيم بن زكريا، ثنا إبراهيم بن أبي محذورة، مؤذن مسجد مكة، قالَ حدثني أبي، عن جدي مرفوعاً 00 فذكره. قالَ ابن عدي: ((وهذا الحديث بهذا الإسناد يرويه إبراهيم بن زكريا)) . قلْتُ: وإبراهيم كانَ يحدث عن الثقات بالبواطيل كما قالَ ابن عدي. قالَ ابن حبان: ((يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الإثبات، إن لم يكن بالمتعمد، فهوَ المدلس عن المكذبين 00)) ثمَّ ساق لهُ أباطيل. وبالجملة: فالحديث ضعيف جداً، بل قالَ أبو حاتم: ((موضوع)) كما في ((نصب الراية)) (1/ 127) فلذا عجب الشيخ أبو الأشبال المحدث رحمه الله في ((شرح الترمذي)) (1/ 322) من الإمام الشافعي أن يورده بغير إسناد في عدة كتب لهُ، محتجاً بهِ، ثمَّ قالَ الشيخ أبو الأشبال: ((هو حديث باطل كما نص عليهِ العلماء الحفاظ 00)) أ. هـ‍. والله أعلم.
(1/59)
36- ((إن أهل السماء لا يسمعون شيئاً من أهل الأرض، إلا الأذان 0)) 0 (1)
37- ((إن الله لا يأذن لشيء من أهل الأرض، إلا لأذان المؤذنين، والصوت الحسن بالقرآن 000)) 0 (2)
_________
(1) 36- ضعيف جداً. ... =
=أخرجه أبو يعلى - كما في ((المطالب العالية)) (235) -، وابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 63- 64) ، وابن عدي في ((الكامل)) (4/ 1630) ، وأبو أمية الطرسوسي في ((مسند ابن عمر)) (24/ 12) ، وابن الجوزى في ((الواهيات)) (1/ 392) ، وأبو الشيخ في ((كتاب الأذان)) - كما في ((الحبائك)) (148) - من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعاً. قالَ ابن عدي: ((عبيد الله بن الوليد الوصافي لا يتابع على هذا الحديث)) قلت: وهو واه ضعفه أبو زرعة والدارقطني، وتركه النسائي والفلاس. وقال ابن حبان: ((منكر الحديث جداً)) . ولذا ابن الجوزى: ((هذا حديث لا يصح)) .
(2) 37- ضعيف جداً.
أخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (9/ 195) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 392) من طريق سلام الطويل، عن زيد العمى، عن معاوية بن قرة، عن معقل بن يسار مرفوعاً 000 فذكره.
قلت: وسنده ضعيف جداً. فأما سلام بن سلم الطويل فضعفه علي بن المديني جداً، وتركه النسائي والبخاري، بل كذبه ابن خراش كما في ((تاريخ بغداد)) (9/ 197) . وقال أحمد: ((منكر الحديث، ولم يرضه)) . وزيد العمي هو زيد بن الحواري ضعيف يكتب حديثه عند المتابعات، ولا متابعة له هنا فيتحقق ضعفه. أما الشطر الثاني فله شواهد لمعناه 00 منها: ما أخرجه البخاري (9/ 68 فتح) ، ومسلم (1/ 545- عبد الباقي) ، وأبو داود (1473) ، والنسائي (2/ 180) ، والدارمي (2/ 338- 339) ، وأحمد (2/ 271-450) ، والبيهقي (2/ 54، 3/ 12، 10/ 229) ، والبغوي في
((شرح السنة)) ) 4/ 484، 485) ، من طرق عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((ما أذن الله لشيء، ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن، يجهر به ((هذا لفظ مسلم. والمقصود بالتغني، هو تحسين الصوت وتحزينه، لأنه أوقع في النفوس، وأنجع في القلوب 00 قاله البغوي.
قلت: ويؤيده ما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي موسى الأشعري قال / قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لو رأيتني وأنا أسمع قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود 00 فقال: لو علمت لحبرته لك تحبيراً. هذا لفظ مسلم، وهو عند البخاري مختصر 00 وقوله: ((لحيرته لك تحييراً)) يعني لحزنت صوتي وجملته. وقال سفيان بن عيينة: ((التغني هو الاستغناء، ومعناه: ليس منا من لم يستغن بالقرآن عن غيره.)) . وهو تفسير غريب، ومخالف لمفهوم الأحاديث الكثيرة في هذا الباب، ولم يقبله الشافعي فقال: ((لو كان معنى: ((يتغنى بالقرآن)) على الاستغناء، لكان ((يتغاني)) ، وتحسين الصوت هو يتغنى.)) . ... =
=أما قراءة القرآن بالألحان فيها خلاف بين السلف، والراجح منعه ولو اختل شيء من الحروف عن مخرجه فتحرم - كما حكاه النووي في ((التبيان)) - فإلى الله المشتكى من القراء الذين يمططون الحروف حتى يظن المرء أنها ليست عربية 00 فالله المستعان 00 وانظر ((فتح المغيث)) (1/ 281) للحافظ السخاوي 00 وانظر أيضاً الحديث الأول من هذا الكتاب. والله المستعان.
(1/60)
38- ((من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفاراً 00 والذي يقول له أنصت، ليس له جمعة 00)) 0 (1)
39- ((يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل، يطلبون العلم فلا تجدون أحدا أعلم من عالم المدينة)) 0 (2)
_________
(1) 38- ضعيف.
أخرجه أحمد (1/ 230) ، والبزار (1/ 309) ، والطبراني في ((الكبير)) (12563/ 12/90) ، وابن الحوزى في ((الواهيات)) (1/ 463) من طريق عبد الله بن نمير، ثنا مجالد، عن الشعبي، عن ابن عباس 00 فذكره مرفوعاً 00 قال البزار: ((لا نعلمه بهذا اللفظ، إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن نمير عن مجالد)) . قلت: ابن نمير ثقة، ولكن الآفة من مجالد بن سعيد. قال الهيثمي في ((المجمع)) (2/ 184) : ((000 فيه مجالد بن سعيد وقد ضعفه الناس، ووثقه النسائي في رواية.)) . فأعتز بهذا الشيخ المحدث أبو الأشبال رحمه الله تعالى، فصرح في ((شرح المسند)) (2033) أن: ((إسناده حسن)) ! ! والواقع أن مجالد بن سعيد ضعيف، وللنسائي رواية أخرى في تضعيفه وهي تتفق مع رأي بقية الأئمة أنه لا يحتج به إذا انفرد، وما علمت أحداً تابعه على هذا اللفظ. والله أعلم.
(2) 39- ضعيف.
أخرجه الترمذي (2680) ، وأحمد (2/ 299) ، وابن أبي حاتم في ((تقدمة الجرح والتعديل)) (ص 11- 12) ، وابن عدي في ((الكامل)) (1/ 101) ، والحاكم (1/ 90- 91) ، والبيهقي (1/ 386) ، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (5/ 306- 307) (6/ 376- 377) (13/ 17) من طرق عن سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً به قال الترمذي: ((حديث حسن)) وقال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ووافقه الذهبي.
قلت: كذا قال! والسند ضعيف وذلك أن ابن جريج وأبا الزبير من المشهورين بالتدليس ولم يصرح أحدهما بتحديث في شيء من الطرق التي وقفت عليها 00 قال الدارقطني: ((تجنب التدليس ابن جريح فإن تدليسه قبيح لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح)) ومعروف أن حكم حديث المدلس هو التضعيف إذا لم يصرح بالسماع من شيخه لاحتمال أنه أسقط رجلاً ضعيفاً بينه وبين شيخه وهذا القدر متفق عليه = = بَينَ علماء الحديث إلا من شذ ممن لا يعتد به 00 ولذا فيتعجب من صنيع الشيخ المحدث العلامة أبي الأشبال أحمد بن محمد شاكر رحمه الله تعالى إذ قال في ((تحقيق المسند)) (15/ 135) (إسناده صحيح) !!
(1/61)
40- ((بسم الله لا حول ولا قوة إلا بالله، التكلان على الله)) 0 (1)
41- ((من تركه جمعة من غير عذر، فليتصدق بدينار، فإن لم يجد فبنصف دينار..)) . (2)
_________
(1) 40- ضعيف.
أخرجه ابن ماجة (3885) وابن أبي الدنيا في ((التوكل)) رقم (24) وابن السني في ((اليوم الليلة))
(177) من طريق عبد الله بن حسين عن عطاء بن يسار عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كان إذا خرج من بيته فقال 000 فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف وقال البوصيري في ((الزوائد)) (211/ 3) ((هذا إسناد فيه عبد الله بن حسين بن عطاء وقد ضعفه أبو زرعه والبخاري وابن حبان)
(2) 41- ضعيف.
أخرجه أبو داود (1053) والنسائي (3/ 89) وأحمد (5/ 8) وابن خزيمة (3/ 178) وابن حبان
(582، 583) والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 184/ 2) وابن أبي شيبة (2/ 154) والطبراني في
((الكبير)) (7/ 235) والحاكم 1/280) والبيهقي (3/ 248) وابن الجوزي في ((الواهيات)) (466/ 1) من طرق عن همام عن قتادة عن قدامة بن وبرة عن سمرة بن جندب فذكره مرفوعاً.
قلت: وهذا سند ضعيف 00 وله علتان الأولى: قدامة بن وبرة. مجهول كما قال الذهبي والحافظ ابن حجر. فإن قلت: ما فعل بتوثيق ابن معين له؟ فالجواب: أن الصواب قول أحمد وابن خزيمة ومن تبعهما، وابن معين ربما تسامح في توثيق المجاهيل من القدماء، فكان يوثق من كان من التابعين أو أتباعهم، إذا وجد رواية أحدهم مستقيمة عنده، بأن يكون له فيما يرويه متابع، أو شاهد، وإن لم يرو عنه إلا واحد، ولم يلغه عنه إلا حديث واحد، فمن أولئك مثلاً: الأسقع بن الأسلع، والحكم بن عبد الله البلوى، ووهب بن جابر الخيواني وغيرهم.
وهناك علة ثانية إن ثبتت، وهي قول البخاري فيما نقله العقيلي عنه ((لم يصح سماع قدامة من سمرة)) ولكن حمل ابن عدي في ((الكامل)) (6/ 2074) مقالة البخاري على حديث آخر رواه قتادة، عن قدامة، عن سمرة مرفوعاً في التخلف عن الجمعة، وليس في ترك الجمعة. فإن لم يثبت كلام ابن عدي فتكون هذه علة ثانية. وأبدى ابن خزيمة علة أخرى فقال: ((00 إن صح الخبر، فإني لا أقف على سماع قتادة من قدامة بن وبرة، ولست أعرف قدامة بعدالة ولا جرح)) قلت: وأما سماع قتادة من قدامة بن وبرة، فوقع في ((مسند أحمد)) (5/ 14) وعليه فلا يبقى مسوغ لقول الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد..، ووافقه الذهبي ورواه خالد بن قيس، عن قتادة فوافق هماماً في متنه وخالفه في إسناده أخرجه = =ابن ماجه (1128) ، والبيهقي (3/ 248) من طريق نوح بن قيس، عن أخيه خالد بن قيس، عن قتادة عن الحسن، عن سمرة بن جندب به مرفوعاً. قلت: وقتادة مدلس، والحسن في سماعه من سمرة اختلاف، وعلى فرض أنه سمع منه في الجملة فنحتاج إلى إثبات أنه سمع منه هذا الحديث إذ هو مدلس معروف.
وقد اختلف في إسناده ومتنه. فأخرج أبو داود (1054) والبيهقي (3/ 248) عن أيوب أبي العلاء، والحاكم (1/ 280) عنه وعن سعيد بن بشير، كليهما عن قتادة، عن قدامة بن وبرة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرسلاً وزاد في متنه: ((000 فليتصدق بدرهم، أو نصف درهم، أو صاع حنطة، أو نصف صاع 00)) . قال أبو داود: ((ورواه سعيد بن بشير عن قتادة هكذا إلا أنه قال: ((مدا أو نصف مد. وقال: عن سمرة.)) أ. هـ‍. أي وصله مخالفاً أيوب أبو العلاء. وروى الحاكم وعنه البيهقي عن أحمد وسأل عن الحديث همام عن قتادة، وعن خلاف أَبي العلاء إياه فيهِ فقالَ: ((همام عندنا أحفظ من أيوب أبي العلاء)) . قلْتُ: نعم، والراجح حديث همام عن قتادة، ولكن فيه جهالة قدامة بن وبرة، وهذا إن أخطأ طريق الحسن، وإلا فخالد بن قيس ثقة، وبه يثبت الاختلاف في الإسناد. والله أعلم.
(1/62)
42- ((سلمان منا آل البيت)) 0 (1)
_________
(1) 42- ضعيف جداً.
أخرجه ابن سعد في ((الطبقات)) (4/ 82- 83) (7/ 319) والطبراني في ((الكبير)) وأبو الشيخ في
((طبقات المحدثين)) رقم (6) ، وأبو نعيم في ((أخبار أبهان)) (1/ 54) ، والبيهقي في ((الدلائل)) (3/ 418) ، (6/ 212- 213/ 6040) ، والطبري في ((تفسيره)) (21/ 85) والحاكم (3/ 598) ، من طريق كثير ابن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم خط الخندق عام حرب الأحزاب حتى بلغ المذابح، فقطع لكل عشرة أربعين ذراعاً، فاحتج المهاجرون والأنصار: في سلمان الفارسي، وكان رجلاً قوياً، فقال المهاجرون: سلمان منا، وقالت الأنصار: سلمان منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم 000 سلمان منا 000
الحديث. قال الهيثمي في ((المجمع)) (6/130) : ((فيهِ كثير بن عبد الله المزني، وقدْ ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حديثه، وبقية رجاله ثقات 00) .
قلت: رحم الله الهيثمي، فحال كثير بن عبد الله لا تحتاج للذكر تحسين الترمذي له، وقد رد الذهبي وغيره تحسين الترمذي لحديثه: ((الصلح جائز بين المسلمين)) . وقال: ((فلذا لا يعتمد العلماء على تحسين الترمذي)) يعني لتساهله. وكثير هذا ضعيف جداً بل نسبة الشافعي وأبو داود للكذب فحديثه ساقط. والله أعلم. والحديث سكت عليه الحاكم فتعقبه الذهبي بقوله: ((سنده ضعيف)) . والله أعلم. =
=وله شاهد أخرجه أبو الشيخ في ((الطبقات)) رقم (5) وأبو يعلي والبزار - كما في ((إتحاف المهرة))
(54/ 3) من طريق النضر بن حميد، عن سعد الإكاف عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جده مرفوعاً به. وجده هو الحسين بن علي - رضي الله عنهما - وسنده ضعيف جداً.
والنضر بن حميد تركه أبو حاتم، وقال البخاري: منكر الحديث. وسعد الإسكاف تركه النسائي والدارقطني. وقال ابن حبان: ((كان يضع الحديث على الفور)) !! نسأل الله السلامة ولذا قال ابن معين ((لا يحل لأحد أن يروي عنه)) .
(1/63)
43- ((من سمى المدينة يثرب، فليستغفر الله 0 هي طابة، هي طابة)) 0 (1)
_________
(1) 43- ضعيف.
أخرجه أحمد (4/ 285) ، وأبو يعلى (3/ 247- 248) وابن عدي (7/ 2730) ، وعمر بن شبة في ((تاريخ المدينة)) (165/ 1) ، وابن أبي حاتم، وابن مردوية في ((تفسيرهما)) - كما في ((الدر المنثور)) (5/ 188) - وابن الجوزى في ((الموضوعات)) (2/ 220) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب مرفوعاً به. قال ابن الجوزي ((هذا حديث لا يصح، تفرد به صالح عن يزيد. قال ابن المبارك: ارم بيزيد، وقال أبو حاتم الرازي: كل أحاديثه موضوعة. وقال النسائي: متروك الحديث)) .
قلت: أخطأ ابن الجوزي رحمه الله مرتين: الأولى: أنه جعل هذا الحديث موضوعاً، ولا حجة له. والثانية: أنه نقل ما قيل في يزيد بن أبي زياد القرشي، وليس هو راوي الحديث. فإن راوي الحديث هنا هو يزيد بن أبي زياد القرشي الكوفي وهو صدوق، لكنه كان تغير، فضعف لذلك.
أما الدمشقي، فحاله أسوأ من الكوفي، فقال فيه النسائي ((متروك الحديث)) وقال أبو حاتم - كما في
((الجرح)) (4/ 2/ 262- 263) - ((كأن حديثه موضوع)) ، فصحفه ابن الجوزي: ((كل حديثه موضوع)) . لذلك رد عليه الحافظ ابن حجر، فقال في ((القول المسدد)) (50) : ((ولم يصب - يعني ابن الجوزى - فإن يزيد وإن ضعفّه بعضهم من قبل حفظه وبكونه كانَ يُلقن فيتلقن في آخر عمره، فلا يلزم من شيء من ذلك أن يكون كل ما يحدث به موضوعاً)) . أما الحافظ الهيثمي فقال في ((المجمع))
(3/300) : ((رجاله لقات)) !! كذا قال!! وما تقدم من الكلام يرده.
وأخرج مسلم (1385) ، وأحمد (5/ 89، 94، 96، 97، 98، 101- 102، 106، 108) ، والطيالسي - كما في ((الفتح)) ، وكذا الطبراني في ((الكبير)) (2/ 217، 233، 234، 236) وغيرهم من حديث جابر بن سمرة مرفوعاً: ((إن الله تعالى سمى المدينة طابة)) . وفي لفظ الطبراني: ((إن الله أمرني أن أسمى المدينة طابة)) . ... =
=قال الحافظ في (الفتح) ((4/ 87)) : ((فهم بعض العلماء من هذا كراهة تسمية المدينة يثرب، وقالوا: ما وقع في القرآن، إنما هو حكاية عن قول غير المؤمنين، ولهذا قال عيسى بن دينار من المالكية: من سمى المدينة يثرب كتبت عليه خطيئة. قال: وسبب هذه الكراهة لأن يثرب إما من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة، وإما من الثرب وهو الفساد، وكلاهما مستقبح، وكان النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يحب الاسم الحسن، وهو يكره الاسم القبيح)) أ. هـ‍. وفي البخاري (4/ 88) من حديث أبي حميد قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك حتى أشرفنا على المدينة، فقال: هذه طابة ((. وهناك بعض أحاديث أخرى في كراهة تسمية المدينة بـ ((يثرب)) .
(1/64)
44- ((سبحى الله عشرا، واحمديه عشرا، وكبريه عشرا، ثم سليه حاجتك يقل: نعم نعم)) . (1)
_________
(1) 44- ضعيف.
أخرجه النسائي (3/ 51) ، والترمذي - كما في ((أطراف المزي)) (1/ 85) ، وابن خزيمة (2/31) ، وابن حبان (2342) ، والحاكم (1/255) من طريق عكرمة بن عمار، حدثني إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فقالت: يا رسول الله علمني شيئاً أدعو به في صلاتي فقال 000 فذكره. قال الترمذي ((حسن غريب)) . وقال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. ((ووافقه الذهبي)) !!
قلت: ولكن عكرمة بن عمار قد خولف في إسناده. قال الحافظ في ((النكت الظراف)) (85/ 1) قال ابن أبي حاتم عن أبيه: رواه الأوزاعي، عن إسحاق بن أبي طلحة، عن أم سليم وهو مرسل، وهو أشبه من حديث عكرمة بن عمار)) أ. هـ‍. ورواه عامر بن سعيد عن القاسم بن مالك المزني عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد بن أبي حسين عن أنس بن مالك قال: زار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أم سليم فصلى في بيته تطوعاً ثم قال: يا أم سليم إذا صليت فقولي: سبحان الله عشرا 000 الحديث. في
((علل الحديث)) (2/ 191) : ((سئل أبو زرعة عن هذا الحديث فقال: حدثنا فروة بن أبي المغراء عن القاسم بن مالك عن عبد الرحمن بن إسحاق عن حسين بن أبي سفيان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذا رواه ابن فضيل عن عبد الرحمان بن إسحاق عن حسين بن أبي سفيان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.)) أ. هـ‍.
قلت: فأبو زرعة يكشف لنا الاختلاف في إسناد هذا الحديث؛ فرواه عامر بن سعيد، فجعله عن رواية سعيد بن أبي أنس. وحسين هذا آت لم يتصحف فلم أقف له على ترجمة، ثم رواه بن أبي المغراء فخالف عامر بن سعيد فجعله عن حسين بن أبي سفيان عن أنس، وفروة ابن أبي المغراء أوثق من عامر بن سعيد، فالأول وثقه الدارقطني وابن حبان وقال أبو حاتم: ((صدوق)) وهو من رجال البخاري. أما عامر بن سعيد فهو الخراساني. ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (3/ 1/ 322) وحكى عن أبيه: ((صدوق)) . وخالفه محمد بن فضيل عن عبد الرحمن عن حسين بن أبي سفيان مرسلاً وهو ضعيف كيفما دار لأن حسين بن أبي سفيان مجهول. قال أبو حاتم: ((مجهول، ليس بالقوى)) - كما في ((الجرح والتعديل)) (1/ 2/ 54) لولده 0
(1/65)
45- ((إن الله - عز وجل - يحب الصمت عند ثلاث، عند تلاوة القرآن وعند الزحف، وعند الجنازة ... )) . (1)
46- ((من اعتذر إلى أخيه معذرة فلم يقبلها فإنه عليه مثل خطيئة صاحب مكس)) 0 (2)
_________
(1) 45- ضعيف. ... =
=أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (5130/ 5/ 213) وابن أبي شيبة في ((الدر)) (3/ 189) وأبو يعلى في ((مسنده)) - كما في ((المطالب العاية)) (165- 166/ 2) - من طريق معتمر بن سليمان، ثنا ثابت بن زيد، عن رجل، عن زيد بن أرقم مرفوعاً. قال الهيثمي في ((المجمع)) (3/ 29) : ((وفيه رجل لم يسم)) . وكذا قال البوصيري في ((إتحاف السادة المهرة)) ثم قال: ((لكن المتن له شاهد من حديث أبي موسى الأشعري. رواه أبو داود في ((سننه)) وسكت عليه 0)) أ. هـ‍.
قلت: كذا قال البوصيري يرحمه الله،!! وفي قوله هذا تساهل إنما روى أبو داود (2657) من حديث أبي موسى الجملة الثانية وهي ((الصمت عند القتال)) ولكنه من رواية مطر الوراق عن قتادة عن أبي بردة عن أبيه مرفوعاً. ومطر الوراق ضعيف، وقتادة مدلس وقدْ عنعن، وشاهد آخر عند أبي داود (2656) من طريق قتادة عن الحسن عن قيس بن عباد قالَ: كانَ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرهون الصوت عند القتال. وأخرجه الحاكم وغيرهوسنده ضعيف، قتادة مدلس، وكذا الحسن. والله أعلم.
(2) 46- ضعيف.
أخرجه أبو داود في ((المراسيل)) - كما في ((أطراف المزي)) (447/ 2) . والإصابة (1/ 525) - وابن ماجه (3718) ، والطبراني في ((الكبير)) (2/ 275- 276) وابن حبان في ((روضة العقلاء)) (ص 182- 183) ، والضياء في ((المختارة)) - كما في ((الجامع الصغير)) (6/ 73) والخطيب في ((السابق واللاحق)) (ص - 104) من طريق ابن جريج عن العباس بن عبد المطلب عن مينا عن جودان مرفوعاً 00 فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف وله علتان الأولى: تدليس ابن جريج 00 قال ابن حبان: ((أنا خائف أن يكون ابن جريج رحمه الله ورضوانه عليه دلس هذا الخبر، وإن كان سمعه فهو حديث حسن غريب)) . الثانية: جودان هذا مختلف في صحته كما قال الحافظ العراقي ونقله المناوي في ((الفيض)) (6/ 73) عنه 00 وجزم بأنه لا صحبة له أبو داود إذ أورد حديثه هذا في ((المراسيل)) ، وكذا أبو حاتم: ((مجهول، وليست له صحبه)) . وراجعت ((الجرح والتعديل)) (1/ 1/ 545)) ولم أجد هذه العبارة فيه فلعلها في كتاب آخر وأورد الحافظ احتمالاً آخر 00 فقال في ((الإصابة)) (1/ 525) : ((ويحتمل أن يكون جودان العبدي غير هذا الراوي الذي اتفق أبو داود وأبو حاتم على أن حديثه مرسل.)) أ. هـ‍. وهذا احتمال لا يخفى بعده، ولا دليل عليه.. والله أعلم. وقدْ أيد الإرسال الحافظ البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (175/3) ، وعليه فقول الحافظ المنذري في ((الترغيب)) (3/ 293) : ((رواه أبو داود في المراسيل وابن ماجه بإسنادين جيدين)) لا يخفى ما فيه من البعد وقد ذكرت ما يمنع من صحة كلام المنذري رحمه الله، والله أعلم.
(1/66)
47- ((الرفق فيه الزيادة والبركة، ومن يحرم الرفق يحرم الخير 000)) 0 (1)
48- ((كل طلاق جائز، إلا طلاق المعتوه والمغلوب على عقله)) 0 (2)
_________
(1) 47- ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (2458/ 2 / 348) من طريق عمرو بن ثابت عن عمه عن أبي بردة عن جرير بن عبد الله فذكره مرفوعاً.
قلت: وهذا سند ساقط، وعمرو بن ثابت تالف. تركه النسائي، وقال ابن معين: ((ليس بثقة ولا مأمون)) . وقال ابن حبان: ((يروى الموضوعات)) .
(2) 48- ضعيف جداً.
أخرجه الترمذي (1191) وابن عدي (2003/ 5) من طريق عطاء بن عجلان عن عكرمة بن خالد المخزومي، عن أبي هريرة فذكره مرفوعا:. قال الترمذي: ((هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث عطاء بن عجلان، وعطاء بن عجلان ضعيف ذاهب الحديث.))
قلت: بل كذبه ابن معين وعمرو بن علي والجوزجاني والفلاس. وتركه أبو حاتم وعلي وعلي بن الجنيد والأزدي والدارقطني. وقال البخاري وأبو حاتم والساجي: ((منكر الحديث)) . والكلام فيه طويل، ولكن أرى أنه لم يكن يتعمد الكذب، ولكنه - كما قال ابن حبان - كان يتلقن كلما لقن، ويجب فيما يسئل حتى صار يروي الموضوعات عن الثقات، والله أعلم. والحديث ضعفه الحافظ في ((الفتح)) (9/ 393) .
(1/67)
49- ((ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة 00)) 0 (1)
50- ((مثل الذي يفر من الموت كمثل الثعلب تطلبه الأرض بدين، فجعل يسعى حتى إذا أعيى، وأنتهر؛ دخل جحره 0 فقالت له الأرض: يا ثعلب ديني!! فخرج وله حصاص فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه فمات 0)) 0 (2)
_________
(1) 49- ضعيف.
أخرجه أبو داود (1514) ، والترمذي (3559) وبحشل في ((تاريخ واسط)) (ص64) ، وأبو بكر المروزي في ((مسند أبي بكر)) (121، 122) ، وأبو يعلى (124، 125) /1) ، والطبري في ((تفسيره))
(4/ 64) ، والبزار في ((مسنده)) - كما في ((تفسير ابن كثير)) (1/ 408) - وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (363) ، والبيهقي (10/ 188) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (5/ 79- 80) ، وعبد بن حميد في ((مسنده)) ، وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) ، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) - كما في ((الدر المثئور)) (2/ 78) - من طريق عثمان بن واقد العمري، عن أبي نصيرة، عن مولى لأبي بكر الصديق، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فذكره مرفوعاً ... قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، إنما تعرفه من حديث أبي نصيرة، وليس إسناده بالقوي 000)) .
قلت: وهو كما قال، وتبعه الحافظ العراقي في ((المغني)) (1/ 312) أما قول الحافظ ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (1/ 408) : ((وقول علي بن المديني والترمذي: ليس إسناد هذا بذاك، فالظاهر أنه= =لأجل جهالة مولى أبي بكر، ولكن جهالة مثله لا تضر لأنه تابعي كبير، ويكفيه نسبته إلى أبي بكر، فهو حديث حسن)) أ. هـ‍. فهذا كلام غريب، ويتعجب أن يصدر من مثل الحافظ ابن كثير لأنه مخالف لأصول أهل الحديث من أن مجهول الحال لا تثبت بخبره حجة فضلاً عن مجهول العين 00 ومولى أبي بكر رضيَ الله عنهُ لا يُعرف من هو أصلاً، ونسبته لأبي بكر لا تنفعه وإن تجوز الحافظ ابن كثير رحمه الله في هذا خلافاً للقاعدة.. ومما يُستغرب أيضاً أن ينقل الشيخ العلامة المحدث أبو الأشبال رحمه الله قول الحافظ ابن كثير في تعليقه على ((تفسير الطبري)) (7/ 225- 226) ويقره عليه، ولا يتعقبه، وهذا من الأدلة الكثيرة على تسامح الشيخ أبى الأشبال يرحمه الله.
(2) 50- ضعيف.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 211/ 2) ، والطبراني في ((الكبير)) (6922/ 7) 222) ، وفي الأوسط)) - كما في ((المجمع)) (2/ 320) - من طريق معاذ بن محمد الهزلي، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن سمرة بن جندب مرفوعاً 00 فذكره. قال العقيلي، ((معاذ بن محمد الهزلي، عن يونس بن عبيد في حديثه نظر، ولا يتابع على رفعه)) .
قلت: وخالفه إسحاق بن الربيع فرواه عن الحسن، عن سمرة بن جندب، موقوفاًعليه من قوله وفي آخره: ((فكذاك ابن آدم لا يجد من الموت مفراً، أينما توجه لم يجد للموت مفرا.)) أخرجه العقيلي والرامهرمزي في ((الأمثال)) (ص - 110) . قال العقيلي / ((هذا أشبه من حديث معاذ)) وأولى؛ وإسحاق فيه لين أيضاً)) . فالعقيلي بهذا يرجح الموقوف على المرفوع، وفي كليهما الحسن البصري وقد اختلفوا في سماعه من سمرة، وعلى أي وجه فهو مدلس عنعنة، فلا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع. والله أعلم.
(1/68)
ج44444444444444444444444444444
( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )
النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة
51- ((من لم يستحي بما قال، أو قيل له فهو لغير رشده، حملته أمه على غير طهر)) . (1)
52- ((هم خدم أهل الجنة)) 0 (2)
_________
(1) 51- موضوع.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (7236/ 7/314-315) ، والشجري في ((الأمالى)) (2/ 196) من طريق أبي ميسرة النهاوندي، ثنا الوليد بن سلمة الحراني، ثنا عبيد الله بن عبد الله بن عمرو بن شويفع عن أبيه عن جده فذكره مرفوعا: 00 قال الحافظ الهيثمي في ((المجمع)) (10/ 284) : ((وفيه من لم أعرفهم)) . ... =
= قلت: وترك التنبيه على حال الوليد بن سلمة، وقد كذبه دحيم وغيره وقال ابن حبان: ((يضع الحديث على الثقات)) . وقال أبو حاتم: ((ذاهب الحديث)) .
(2) 52- ضعيف.
أخرجه البزار (31- 32/ 3) والبخاري في ((الكبير)) (3/ 2/ 407- 408) ، والطبراني في ((الكبير)) (6993/ 7/ 244) ، وفي ((الأوسط)) (287- مجمع البحرين) ، من طريق عيسى بن شعيب، عن عباد بن منصور، عن أبي رجاء، عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن أطفال المشركين، فقال: 000 فذكره. قال البزار: ((لا نعلم روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا سمرة، ولا عنه إلا أبو رجاء)) .
قلت: آفة هذا الإسناد هو عباد بن منصور. قال الهيثمي في ((المجمع)) (7/ 219) : ((فيه عباد بن منصور، وثقه يحيى القطان، وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات)) . والصواب في عباد أنه ضعيف، ضعفه عامة النقاد، وليحيى القطان رأي آخر في تضعيفه يتفق معهم. ففي الجرح والتعديل (3/ 1/ 86) قال علي بن المديني: ((قلت ليحيى بن سعيد: عباد بن منصور كان قد تغير؟ قالَ: لا أدرى، إلا أنا حين رأيناه نحن كان لا يحفظ، ولم أر يحيى يرضاه)) . ويضاف إلى أن عباد مدلس، ولم أره صرح بتحديث عن أبي رجاء. والله أعلم 00 وكذلك عيسى بن شعيب ضعفه ابن حبان (2/ 120)
أما قول البزار: ((لم يرو هذا الحديث إلا سمرة)) فمتعقب بأن أنسا رواه أيضاً أخرجه البزار (3/ 31) من طريق الحجاج بن نصير، عن مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد، عن أنس مرفوعاً ((أطفال المشركين خدم أهل الجنة)) . قلْتُ: ومبارك بن فضالة ضعيف، وكان يدلس كما قالَ أحمد وأبو زرعة وغيرهما وعلي بن زيد وهوَ ابن جدعان ضعيف.. أما الحجاج بن نصير فقد ضعفه ابن معين والنسائي وابن المديني والدارقطني وغيرهم. وقد خالفه معلى بن عبد الرحمن فرواه عن مبارك عن علي بن زيد، عن أنس موقوفاً ولم يرفعه ولكن معلياً هذا متروك الحديث؛ كذبه علي بن المديني والدارقطني، وقال ابن المديني: ((كان يضع الحديث)) .
ولكن للحديث طريق آخر عن أنس. أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (6/ 308) والطياليسى (2111) من طريق الربيع بن صبيح، عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذراري المشركين لم يكن لهم ذنوب يعاقبون بها فيدخلون النار، ولم تكن لهم حسنة يجاوزون بها فيكونوا من ملوك الجنة؟ فَقَالَ النبي صلى الله عَلَيهِ وآله وسلم: هم خدم أهل الجنة؟)) . قلت: - وَهَذَا سند ضعيف أيضاً 00 والربيع بن صبيح ضعفوه لكثرة خطئه، ويزيد ابن أبان الرقاشي ضعفه ابن معين والساجي وابن حبان وتركه النسائي والحاكم وأبو أحمد وتناوله شعبة شديداً، =
= فكان يقول: ((لأن أزني أحب إلي من أروي عن يزيد)) !! وبالجملة فالحديث ضعيف من رواية عباد بن منصور، شديد الضعف من حديث أنس وحديث أنس هذا عزاه السيوطي في ((الدر المنثور)) (4/ 168) لقاسم بن أصبغ وابن عبد البر وأما حديث سمرة فضعفه الحافظ العراقي كما في ((المغني)) (4/ 31) . والله أعلم.
أما مآل أولاد المشركين ففيهم عشرة أقوال. قال العجلوني في ((كشف الخفاء)) (1/ 152) ((أصحها ما دل عليه الحديث من أنهم في الجنة، ذكرها الحافظ ابن حجر في ((شرح البخاري)) وغيره 000)) أ. هـ‍. وانظر بحث الحافظ عن ذلك في ((الفتح)) (3/ 246- 247) .
(1/69)
53- ((إذا صليتم، فارفعوا سبلكم. فكل شئ أصاب الأرض من سبلكم، ففي
النار)) . (1)
_________
(1) 53- ضعيف جداً.
أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 118) معلقاً، ووصله البخاري في ((الكبير)) (3/ 2/ 402) والطبراني في ((المعجم الكبير)) ) ج 11/ رقم 11677) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (ق 171/ 2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (1891/ 5) من طريق أبي نعيم، عن عيسى بن قرطاس، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً فذكره.
قلت: وهذا سند واه. وابن قرطاس تركه النسائي وغيره؛ بل كذبه الساجي وقال ابن معين: ((لا يحل لأحد أن يروى عنهُ)) . قالَ العقيلي: ((وقدْ روى في كراهية السبل، أحاديث من غير هذا الوجه صالحة الأسانيد)) أ. هـ‍.
أما إسبال الإزار، فإنه لا يجوز للمسلم فعله، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم النهى عن ذلك في غير ما حدث، كما أشار العقيلي. فمن ذلك:
عن أبي هريرة مرفوعاً: ((ما أسفل الكعبين من الإزار، ففي النار)) . أخرجه البخاري (10/ 256- فتح) ، والنسائي (8/ 207) ، وأحمد (2/ 410، 461) وأبو نعيم في ((الحلية)) (7/ 192) ، والخطيب (9/ 385) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (12/ 12) .
عن أبي جرى، جابر بن سليم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ((وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت، قال الكعبين. وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المخيلة)) أخرجه أبو داود (4084) ، والترمذي (2722) ، وأحمد (5/ 63، 64) ، وابن حبان (1450) ، والطحاوي في ((المشكل))
(4/ 324) ، والبيهقي (10/ 236) ، والبغوي (13/ 82- 84) بسند صحيح.
عن المغيرة بن شعبة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخذ بحجزه سفيان ابن أبي سهل، فقال: ((يا سفيان، لا تسبل إزارك، فإن الله لا يحب المسبلين)) ،. أخرجه ابن ماجة (3574) ، = =وابن حبان (1449) ، وأحمد (4/ 246، 250) من طريق شريك، عن عبد الملك بن عمير، عن حصين بن قبيصة، عن المغيرة به. وسنده حسن في الشواهد. أما البوصيري رحمه الله، فصححه!! كما في ((الزوائد)) .
(1/70)
54- ((من كف غضبه، كف الله جل ثناؤه عنه عذابه، ومن خزن لسانه، ستر الله عورته، ومن اعتذر إلى الله، قبل الله عذره) 9 0 (1)
_________
(1) 54- ضعيف.
أخرجه الدولابي في ((الكنى)) (2/ 44) قال: حدثنا إسحاق بن سيار النصيبي، قال حدثنا عمرو بن عاصم الكلابي، قال: حدثنا الربيع بن مسلم، قال: حدثني أبو عمرو، مولى أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 00 فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف. وأبو عمرو، مولى أنس ترجمه البخاري في ((الكنى)) (474) وابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (4/ 2/ 410) ، وهو مجهول. ثم هو لم يدرك النبي صلى الله عليه وأله وسلم فالحديث مرسل. والربيع بن مسلم، كذا!! والصواب: ((الربيع بن سليم)) كما عند البخاري وابن أبي حاتم. وهو ضعيف أيضاً. قال ابن معين: ((ليس بشيء)) وقال الأزدي: ((منكر الحديث)) . ثم رأيت الدولابي رواه في ((الكنى)) في موضع آخر (1/ 195) بنفس غير أنه ذكر فيه: ((أنس بن مالك)) فصار بذلك موصولاً، وأظن أن سقوطه من هذا السند كان سهواً فانتفى الإرسال، وبقيت العلل الأخرى وله شاهد عن حديث ابن عمر رضي الله عنهما. أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج 1/ ق / 4/ 2- 5/ 1) من طريق المغيرة بن مسلم، عن هشام بن إبراهيم، عن ابن عمر مرفوعاً.. فذكره. مع تقديم وتأخير. قلت: وهذا سند ضعيف. هشام بن إبراهيم، كذا وقع في ((الأصل)) ، وقد ترجم له البخاري (4/ 2/ 192) ، وابن أبي حاتم (4/ 2/ 53) باسم (0 هشام بن أبي 'إبراهيم)) . وقد ترجم له البخاري (4/ 2/ 192) ، وابن أبي حاتم (4/ 2/ 53) باسم ((هشام بن أبي إبراهيم)) . وقد نبه المحقق في حاشية ((الجرح والتعديل)) أن في إحدى نسخ الكتاب ((هشام بن إبراهيم)) . وهو على كل حال مجهول كما قال أبو حاتم. قال الحافظ العراقي في ((المغني)) (3/ 110) . ((رواه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) بسند حسن)) !! قلت: كذا قال! وهو متعقب فيه ذكرت. والحديث عزاه الزبيدي في ((الإتحاف)) (7/ 452- 453) إلى أبي يعلى، وابن شاهين، والخرائطي في ((مساوئ الأخلاق)) والضياء في ((المختارة)) . والله أعلم.
وله شاهد ضعيف جداً. أخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (745) قال: أخبرنا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن أبي جعفر، قال رسول - صلى الله عليه وسلم - فذكره بنحوه. وعبيد الله بن الوليد =
= ضعفه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعه وتركه النسائي وعمرو بن على. وأبو جعفر هو محمد بن على بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(1/71)
55- ((من كسب طيباً، وعمل في سنة، وأمن الناس بوائقه، دخل الجنة)) 0 (1)
56- ((طوبى لمن تواضع من غير منقصة، وذل في نفسه من غير مسكنة، وأنفق مالا جمعه من غير معصية، ورحم المساكين أهل المسكنة، وخالط أهل الفقه والحمكة، وطوبى لمن ذل في نفسه، وطاب كسبه، وأصلح سريرته، وعزل عن الناس شره، طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله)) 0 (2)
_________
(1) 55- منكر.
أخرجه الترمذي (2520) وهناد في ((الزهد)) (1136) ، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج 1/ ق 5/ 1-2) ، والحاكم (4/ 104) من طريق إسرائيل بن يونس، عن هلال، عن أبي بشر، عن أبي وائل، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً به. قال ابن الجوزى في ((الواهيات)) (2/ 749) ((روى أحمد عن قبيصة 000 فذكر الحديث ثم قال: قال أحمد: ما سمعت بأنكر من هذا الحديث. لا أعرف هلال بن مقلاص، ولا أبا بشر. وأنكر الحديث إنكاراً شديداً)) أ. هـ‍.
قلت: أما هلال بن مقلاص بن الوزان فهو ثقة الوزان فهو ثقة معروف. أخرج له البخاري ومسلم، ووثقه ابن معين والنسائي وابن حبان. وقال أبو داود: ((لا بأس به)) . أما أبو بشر، فهو مجهول فقول الحاكم: ((صحيح الإسناد)) وموافقة الذهبي له من العجائب! وقال الترمذي: ((حديث غريب وسألت محمداً بن إسماعيل عن هذا الحديث فلم يعرفه إلا من حديث إسرائيل، ولم يعرف اسم أَبي بشر)) .
قلْتُ: فلعل الحاكم ظن أن أبا بشر هو جعفر بن إياس، فصححه لذلك، وهو غيره بلا شك كما تقدم. والله أعلم.
(2) 56- ضعيف.
أخرجه البخاري في ((التاريخ)) (2/ 1/ 338- 339) ، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج 1/ ق 6/ 2، /ق 9/ 1) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 5/ رقم 4615، 4616) ، والبيهقي (4/ 182) ، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (615) ، وأبو عبد الرحمن السلمي في ((طبقات الصوفية)) (391- 392) ، والبغوي، والبارودي، وابن شاهين - كما في ((الإصابة)) ، (2/ 498) -، وابن الأثير في ((أسد الغابة)) (2/ 189) من طريق عن نصيح العنسي، عن ركب المصري مرفوعاً: ((طوبى لمن تواضع في غير منقصة، وذل في نفسه من غير مسكنة، فذكره. قال ابن عبد البر في ((الاستيعاب))
(2/ 508) : ((حديث حسن)) ! فقال الحافظ في ((الإصابة)) (2/ 498) : ((إسناد حديثه ضعيف، ((مراد ابن عبد البر أنه حسن لفظه)) . ... =
= قلت: وقد اختلفوا في صحبة ركب المصري. فممن أثبت له الصحبة عباس الدوري. وقال ابن عبد البر: ((هو كندي، له حديث واحد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس بمشهور في الصحابة، وقد أجمعوا على ذكره فيهم)) أ. هـ‍. قلت: أما إجماع فلا، فإن الأكثرين على نفي صحبته وممن نفاها:
ابن مندة، وقال: ((هو مجهول، لا تعرف له صحبة))
ابن حبان في ((الثقات)) (3/ 130) وقال: ((لا يقال: إن له صحبة، إلا أن إسناده ليس مما يعتمد عليه)) .
البغوي: وقال ((لا أدري أسمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم لا)) ؟ .
وفي ((فيض القدير)) (4/ 278) للمناوي قالَ: ((قالَ الذهبي في ((المهذب)) : ركب يجهل، ولم يصح لهُ صحبة، ونصيح ضعيف. وقال المنذري. رواته إلى نصيح ثقات)) 000 وأقرهم العراقي)) أ. هـ‍ ((المغني)) (3/114) . وله شاهد من حديث أنس رضي الله عنه، وهو الآتي:
(1/72)
57- ((يا أيها الناس! كأن الحق فيها غيرنا وجب، وكأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الذين نشيع من الأموات سفر، عما قليل إلينا عائدون! ، نبوئهم أجداثهم، ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم، قد نسينا كل واعظة، وأمنا كل جائحة 0 طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وأنفق من مال اكتسبه من غير معصية، وخالط أهل الفقه والحكمة، وجانب أهل الذل والمعصية 0 طوبى لمن ذل في نفسه، وحسنت خليقته، وأنفق
(1/73)
الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة، ولم يعدها إلى
البدعة)) . (1)
_________
(1) 57- ضعيف جداً.
أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 97) ، وابن عدي في ((الكامل)) (1/ 375) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 178) ، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (614) من طريق، أبان بن أبي عياش، عن أنس قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ناقته الجدعاء، فقال في خطبته 000 فذكره. قال ابن حبان: ((هذا الحديث سمعه أبان من الحسن، فجعله عن أنس، وهو لا يعلم)) . وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففي إسناده أبان، وهو متروك. وقد ذكرنا عن شعبة أنه قال: لأن أزني، أحب إلي من أن أحدث عن أبان)) .
قلت: قد توبع أبان عليه، تابعه محمد بن المنكدر، عن أنس مرفوعاً به. أخرجه البزار (ج 4/ رقم 3225) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (3/ 50) ، وابن عدي (7/ 2543) من طريق الوليد بن المهلب، عن النضر بن محرز، عن محمد بن المنكدر. وأخرجه الأزدي في ((الضعفاء)) ، ومن طريقه = =ابن الجوزي (3/ 179) من طريق الوليد بن المهلب، عن النضر بن محرز، عن محمد بن المنكدر، عن جابر 00 فذكره. ولا أدري هل هذا خطأ من ((النسخة)) أم هو مروي عن جابر بنفس السند إلى أنس؟! ولعل الأول أقرب.
قال البزار: ((لا نعلمه يروي بهذا اللفظ عن أنس إلا من هذا الوجه، ووجه آخر ضعيف)) . قلت: وهذا سند واه. الوليد بن مهلب، قال في ((الميزان)) : ((عن النضر بن محرز، لا يعرف، وله ما ينكر)) . والنضر بن محرز، لا يعرف، وله ما ينكر)) والنضر بن محرز. قال ابن حبان: ((منكر الحديث جداً، لا يجوز الاحتجاج به ((. وقال الذهبي: ((مجهول)) . وأورد له السيوطي في ((اللآلئ)) (2/ 358- 359) طرقاً أخرى، منها عن أنس، وعن غيره، وكلها ساقطة منها عند الحكيم الترمذي في ((نوادر الأصول)) وفي سنده زكريا بن حازم الشيباني. قال ابن عراق في ((تنزيه الشريعة)) (2/ 341) : ((لم أعرفه)) . وأخرجه القاسم بن الفضل الثقفي في ((الأربعين)) من حديث أبي أمامة، وفي سنده فضال بن جبير. قال فيه ابن حبان: ((يروي عن أبي أمامة ما ليس من حديثه لا يحل الاحتجاج به بحال ((. وقال ابن عدي: ((له عن أبي أمامة قدر عشرة أحاديث كلها غير محفوظة)) .
وأخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (3/ 202- 203) من حديث الحسين بن علي رضي الله عنهما وقال: ((هذا حديث غريب من حديث العترة الطيبة، لم نسمعه إلا من القاضي الحافظ)) .
والحاصل أن هذا الحديث ليس له وجه يعتد به، وهو باطل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يشبه مواعظ الحسن البصري رحمه الله، فلعله اختلط على أبان بن أبي عياش كما وقع في كلام ابن حبان، وسرقة منه قوم ونوعوا في أسانيد. والله أعلم 0
(1/74)
58- ((من كثر كلامه، كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه، فالنار أولى به، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً أو ليصمت)) 0 (1)
_________
(1) 58- منكر بهذا التمام.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 384) ، وابن عدي (5/ 1676) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (3/ 74) من طريق عيسى بن موسى قال: ثنا عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن نافع، عن أبن عمر مرفوعاً فذكره.
قلت: وهذا سند واه. عيسى بن موسى مجهول كما قال العقيلي. وعمر بن راشد. قال النسائي:
((ليس بثقة)) . وضعفه أحمد وابن معين وغيرهما. ولكن تابعه عمر بن صبح، عن يحيى بن أبي كثير به. أخرجه الدولابي في ((الكنى)) (2/ 138- 139) من طريق النسائي ونقل عنه قوله: ((هذا حديث منكر، وعمر بن صبح ليس بثقة)) . قال العقيلي: ((إن كان هذا عمر بن راشد فهو ضعيف، وإن كان غيره فمجهول، وأول الحديث معروف من قول عمر، وآخره يروي بإسناد جيد، بغير هَذَا = =الإسناد)) أ. هـ‍. قلت: أما أول الكلام، فقد روي عن عمر من قوله كما قال العقيلي. أخرجه القضاعي في ((مسند الشهاب)) (1/ 238) من طريق حجاج بن نصير، نا صالح المري، عن مالك بن دينار، عن الأحنف بن قيس قال: قال لي عمر: يا أحنف! من كثر ضحكه، قلت هيبته، ومن فرح استخف به. ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه. ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه)) . قلت: وسنده واه.. حجاج بن نصير ليس بثقة، وصالح المري ضعيف. ولكنهما توبعا. فأخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج 1/ ق 7/ 2) قال: حدثني أحمد بن عبيد التميمي، حدثنا عبيد الله بن محمد التميمي، حدثنا دريد بن مجاشع، عن غالب القطان، عن مالك بن دينار، عن الأحنف عن عمر فذكره مقتصراً على قوله: ((من كثر كلامه كثر سقطه)) . قلت: أما شيخ ابن أبي الدنيا فلم أهتد إليه، ولم يذكره المزي في شيوخ ابن أبي الدنيا في
((تهذيب الكمال)) (ج2/ لوحة 736) ، فلا أدري هل تصحف أم لا؟! ودريد بن مجاشع. قالَ الهيثمي (10/302) : ((لم أعرفه)) . فلا يصح أيضاً عن عمر. والله أعلم.
أما آخر الحديث، فقد صح من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت)) . أخرجه البخاري (10/ 245، 532- فتح) ، ومسلم (1/ 68) ، وأحمد (2/ 267) وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج 1/ ق 6/ 2- ج 4/ ق 55/ 1- 2) ، والبيهقي (8/ 164) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (9/ 162) .
وله شاهد من حديث أبي شريح. أخرجه البخاري (10/ 531- فتح) ، ومسلم (1/ 69- عبد الباقي) ، والخطيب (11/ 139) وآخرون.
(1/75)
59- ((وما يدريك، لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه، ويمنع مالا يضره)) 0 (1)
60- ((إن أول من يدخل هذا الباب رجل من أهل الجنة)) فدخل عبد الله بن سلام 0 فقام إليه ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبروه بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: فأخبرنا بأوثق عملك في نفسك ترجو به؟! قال: أنى لضعيف، وإن أوثق ما أرجو به سلامة الصدر، وترك ما لا يعنيني)) 0 (2)
_________
(1) 59- ضعيف.
أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج 1/ ق 13/ 1) ، والطحاوي في ((المشكل)) (3/ 154) من طريق عبد الرحمن [وقع عند الطحاوىء: ((عبد الله)) وهو خطأ] بن صالح الأزدي، ثنا يحيى بن يعلى الأسلمي، عن الأعمش، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: استشهد غلام منا يوم أحد، فوجد على بطنه صخرة مربوطة من الجوع، فمسحت أمه التراب عن وجهه، وقالت؛ هنيءً لك يا بني الجنة!، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: 000 فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف لأمرين: الأول: يحيى بن يعلى ضعفه أبو حاتم. وقال البخاري: ((مضطرب الحديث)) . وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) . لكنه توبع تابعه حفص بن غياث عن الأعمش به نحوه. أخرجه الترمذي (2316) من طريق عمر بن حفص عن أبيه قال: ((هذا حديث غريب)) . والثاني. = =أنه لا يصح للأعمش لقاء بأنس، إنما رآه فقط كما قال ابن المديني. ومن الغرائب قول الأعمش:
((رأيت أنس بن مالك، وما منعني منه إلا استغنائي بأصحابي)) فهذا قول غريب من الأعمش، فإن ابن عبد البر في ((الجامع)) : ((ليس بالقوي)) . والله أعلم.
(2) 60- ضعيف.
أخرجه إسحاق بن راهويه في ((مسنده)) - كما في ((المطالب)) (4/ 120- 121) - وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج 1/ ق 13/ 2) من طريق أبي معشر، عن محمد بن كعب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قال الحافظ: ((فيه ضعف، وانقطاع، وأصله في الصحيح)) .
قلت: أما الضعف، آت من أبي معشر واسمه نجيح بن عبد الرحمن، ضعفه ابن معين، وابن المديني، والنسائي، وأبو داود وغيرهم. وأما الانقطاع، فالصواب أن يقال: الإرسال، وذلك أن محمد بن كعب القرظي لم يدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال الحافظ العراقي في ((المغني)) (3/ 113) :
((وأخرجه ابن أبي الدنيا هكذا مرسلا:، وفيه نجيح، واختلف فيه)) . قلت: كذا في ((المطبوعة)) ، والظاهر أن العبارة كانت: ((وفيه أبو معشر نجيح)) فقط اسم ((معشر)) .
وأما قوله: ((وأصله في الصحيح)) ، فيشير إلى ما أخرجه البخاري (7/ 129- فتح) ، ومسلم
(2484/ 148- 149) واللفظ له، وأحمد (5/ 452) عن قيس بن عباد قال: كنت بالمدينة في ناس فيهم بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رجل في وجهه أثر من خشوع فقال بعض القوم: هذا رجل من أهل الجنة، هذا رجل من أهل الجنة. فصلى ركعتين يتجوز فيهما، ثم خرج فاتبعته، فدخل منزله، ودخلت، فتحدثنا، فلما استأنس قلت له: إنك لما دخلت قبل، قال رجل كذا وكذا قال سبحان الله! ، ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم. وسأحدثك لم ذاك؟ رأيت رؤيا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصصتها عليهِ. رأيتني في روضة - ذكر سعتها وعشبها وخضرتها - ووسط الروضة عمود من حديد أسفله في الأرض، وأعلاه في السماء. في أعلاه عروة، فَقِيلَ لي: ارفعه! فقلت لهُ: لا أستطيع. فجاءني منصف [قالَ ابن عوف: المنصف الخادم] فَقَالَ بثيابي من خلفي [يعني فأخذ بثيابي ورفعني] وصف أنه رفعه من خلفه بيده - فرقيت حتى كنت في أعلى العامود، فأخذت بالعروة، فَقِيلَ لي: استمسك. فلقد استيقظت وإنها لفي يدي!! . فقصصتها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: ((تلك الروضة الإسلام، وَذَلكَ العمود الإسلام، وتلك العروة عروة الوثقى، وأنت على الإسلام حتى =
= تموت)) . قالَ: والرجل عبد الله بن سلام. وفي رواية لمسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((يموت عبد الله وهوَ آخذ بالعروة الوثقى)) . وأخرجه مسلم (2484- 150) ، والنسائي في ((الرؤيا - من الكبرى)) - كما في ((أطراف المزي (4/ 353) -، وابن ماجة (3920) ، وأحمد (5/ 452- 453) من طريق خرشة بن الحر الفزاري نحوه.
وظاهر من السياق أنه ليس فيهِ تشابه مع حديث الباب سوى أن عبد الله بن سلام من أهل الجنة. وهذا ما عناه بقوله: ((أصله في الصحيح)) ، فلذا لا يصلح شاهداً له لافتراقهما. والله أعلم.
(1/76)
61- ((أن أول ما عهد إلى ربي، ونهاني عنه بعد عبادة الأوثان، وشرب الخمر: ملاحاة الرجال)) 0 (1)
_________
(1) 61- ضعيف.
أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج 1/ ق 15/ 2) ، وكذا الطبراني في ((الكبير)) (ج 23/ رقم 505) ، والبيهقي (10/ 194) من طريق أبي عقيل، يحيى بن المتوكل، عن إسماعيل بن رافع، عن ابن أم سلمة، عن أم سلمة مرفوعاً به.
قلت: ويحيى بن المتوكل ضعيف عند الجمهور كما قال الهيثمي في ((المجمع)) (5/ 53- 8/ 27) . وقد اختلف عليه في إسناده. فأخرجه الطبراني (ج 23/ رقم 552) من طريق عبد الله بن داود الواسطي، ثنا يحيى بن المتوكل عن إسماعيل بن مسلم، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أم سلمة مرفوعاً به فصار شيخ يحيى بن المتوكل هو: ((إسماعيل بن مسلم المكي)) . والجمهور على تضعيفه أيضاً. والحاصل أن الحديث ضعيف من الوجهين. والله أعلم. وقال الحافظ العراقي في ((المغني)) (3/ 116) وسنده ضعيف)) .
(1/77)
62- ((إن هاتين صامتا مما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما، جلست أحداهما إلى الأخرى، فجعلتا تأكلان لحوم الناس)) 0 (1)
_________
(1) 62- منكر.
أخرجه أحمد (5/ 431) ، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج 1/ ق 19/ 2) وفي ((ذم الغيبة))
(ق 4/ 1) ، والبيهقي - كما في ((تفسيره ابن كثير)) (4/ 190) - وابن منده، وابن السكن كما في
((الإصابة)) (4/ 422) - من طريق يزيد بن هارون، (وعند أحمد: وابن أبي عدي) كلاهما عن سليمان التيمي قال: سمعت رجلاً يحدث في مجلس أبي عثمان الهندي، عن عبيد مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امرأتين من الأنصار صامتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجلست إحداهما إلى الأخرى، فجعلتا تأكلان من لحوم الناس فجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن هاهنا امرأتين صامتا، وقد كادتا أن تموتا من العطش فأعرض عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: فسكت. = =قال: ثم جاءه بعد ذلك، أحسبه قال: في الظهيرة فقال: يا= =رسول الله! إنهما والله لقد ماتتا، أو كادتا أن تموتا!! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ائتوني بهما)) ، فجاءتا فدعا بعس، أو قدح، فقال لأحدهما:: ((قيئي ((فقاءت من قيح، ودم، وصديد، حتى ملأت القدح. وقال للأخرى: ((قيئي)) من قيح، ودم، وصديد، فقال: ((إن هاتين صامتا 000 الحديث)) وقد اختلف على سليمان التيمي فيه. فرواه ابن عدي، ويزيد بن هارون عنه عن رجل عن عبيد مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وتابعهما شعبة، عن سليمان، قرأ علينا رجل في مجلس عثمان الهندي، حدثنا عبيد 000 فذكره. أخرجه أحمد (5/431) ، وابن منده كما في ((الإصابة)) (4/421) . وخالفهم حماد بن سلمة، فرواه عن سليمان، عن عبيد. فأسقط الواسطة بينهما. أخرجه ابن أبي خيثمة - كما في ((الإصابة)) ((والبخاري)) في ((الكبير)) (3/ 1/440) ، وابن الأثير في ((أسد الغابة)) (3/ 349) ، من طريق أبي يعلى، وهذا في ((مسنده)) (ج 3/ رقم 1576) - قلت: ولا شك أن رواية الجماعة أرجح، ولذلك قال ابن عبد البر في ((الاستيعاب)) (7/ 113- بهامش الإصابة) في ترجمة عبيد هذا: ((روى عنه سليمان التيمي، ولم يسمع منه، بينهما رجل)) ويؤيده قول أبي حاتم - كما في ((الجرح والتعديل)) (3/ 1/ 6) - ((عبيد 000 روى سليمان التيمي عن رجلي عنه)) . فكأنه لم يلتفت إلى رواية حماد بن سلمة. قال الحافظ في ((الإصابة)) (4/ 422) : ((وقد رواه عثمان بن غياث، عن سليمان التيمي، فخالف الجماعة في اسمه فقال عن سليمان، حدثنا رجل في حلقة أبي عثمان الهندي، عن سعد مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: السند في ((مسند أحمد)) (5/ 431) هكذا: حدثنا محمد بن جعفر ثنا عثمان بن غياث، قال كنت مع أبي عثمان قال: فقال رجل من القوم، ثنا سعد، أو عبيد - عثمان بن غياث الذي يشك - ثم ذكره. وأخرجه أيضاً الحسن بن سفيان كما في ((الإصابة)) (3/ 91- 92) من طريق يحيى القطان، عن عثمان بن غياث قال: حدثنا رجل في حلقة أبي عثمان عن سعد مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قلت: فالذي يظهر من التخريج أن عثمان بن غياث إنما خالف سليمان التيمي، خلاف ما ذكره الحافظ أن عثمان يروي هذا الحديث عن سليمان، فخالف الجماعة في تسمية مولى النبي صلى الله عليه ويلم هل هو عبيد أم سعد؟! وعلى كل حال، فالصواب أنه ((عبيد)) . والحاصل أن السند ضعيف لجهالة شيخ سليمان التيمي والمتن فيهِ نكارة ظاهرة. وثمة علة أخرى. فَقَالَ البخاري في ((التاريخ الكبير)) (3/ 1/440) : ((عبيد مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديثه مرسل)) فَكأًنهُ بهذا القول لم يعتمد صحبته. وَقَالَ كذلكَ أبو حاتم، وتبع في ذلكَ البخاري كعادته [كَمَا يقول الحافظ في ((الإصابة)) (4/ 431) . وصرح ابن السكن بأنه لم تثبت لهُ صحبة. قالَ الحافظ في ((الإصابة)) : ولعل هَذهِ الطريق - يعني التي رواها حماد بن سلمة، عن سليمان عن عبيد هِيَ التي أشار إليها البخاري بِقَولِهِ: مرسل، فظن ابن السكن إن الإرسال بَينَ عبيد، والنبي - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ لأجل ذلكَ: لا تثبت صحبته / وَكَانَ البخاري يسمى السند الذي فيهِ راو منهم مرسلاً، كَمَا قالَ جماعة من المحدثين)) أ. هـ‍. ... =
=قلت: وهذا القول حسن رائق، من الحافظ رحمه الله ومما يدل على صحة تفهم الحافظ أن البخاري أشار إلى الحدثين اللذين رواهما عبيد. فقال: ((عبيد مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديثه مرسل. قال شهاب، حدثنا حماد بن سلمة، عن التيمي، عن عبيد مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصوم مسدد، حدثنا معتمر، حدثنا أبي، عن يعلى، عن عبيد مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالصلاة بعد المكتوبة؟! قالَ: نعم بين المغرب والعشاء)) أ. هـ‍.
قلت: ففي الحديث الأول يرويه سليمان التيمي عن عبيد، وفي الثاني يرويه سليمان عن يعلى، عن عبيد، فيهما واسطة. وقد قال ابن حبان: ((له صحبة)) . والله أعلم.
وله شاهد من حديث أنس رضي الله عنه. أخرجه الطيالسي (2107) ، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج 1/ ق 19/ 1) ، وفي ((ذم الغيبة)) (ق 4/ 2) ، وابن مردويه في ((تفسيره)) - كما في ((تخريج الإحياء)) (3/ 142) - من طريق يزيد الرقاشي، عن أنس قال: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بصوم يوم، وقال: ((لا يفطرن أحد حتى آذن له)) . فصام الناس، حتى إذا أمسوا جعل الرجل يجيء، فيقول: يا رسول الله! إني ظللت صائماً، فأذن لي فأفطر، فيأذن له، والرجل، والرجل. حتى جاء رجل فقال: يا رسول الله! فتاتان من أهلك ظلتا صائمتين، وإنهما تستحيان أن تأتياك، فإذن لهما أن تفطرا!! ، فأعرض عنهُ. ثمَّ عاوده فأعرض عنهُ، ثمَّ عاوده، فقال لهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وكيف صام من ظل هذا اليوم يأكل لحوم الناس؟!! إذهب فمرهما إن كانتا صائمتين فليستقيئا)) . فرجع إليهما، فأخبرهما فاستقائتا، فقائت كل واحدة منهما عقلة من دم!! . فرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال: ((والذي نفسي بيده، لو بقينا في بطونهما لأكلتهما النار)) . قلت: وهذا سند واه. ويزيد بن أبان الرقاشى تركه النسائي والحاكم أبو أحمد، وكان شعبة شديد الحمل عليه. قال الحافظ ابن كثير في ((تفسيره)) (4/ 190) : ((إسناده ضعيف، ومتن غريب)) .
(1/78)
63- ((إن عدو الله إبليس، لما علم أن الله عز وجل، قد استجاب دعائي، وغفر لأمتي، أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه، ويدعو بالويل والثبور، فأضحكني ما رأيت من جزعه)) 0 (1)
_________
(1) 63- ضعيف.
أخرجه أبو داود (5234) مختصراً جداً، وابن ماجه (3013) ، والبخاري في ((الكبير)) (4/ 1/ 3) ، وعبد الله بن أحمد في ((زوائد المسند)) (4/ 14- 15) ، وأبو يعلى (ج 3/رقم 1578) ويعقوب بن سفيان في ((المعرفة)) (1/ 295- 296) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 10) ، وابن عدي في
((الكامل)) (6/ 2094) ، والبيهقي (5/ 118) من طريق عبد القاهر بن السري، ثنا عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي، أن أباه أخبره عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة، = =فأجيب: إني قد غفرت لهم، ما خلا الظالم، فإني آخذ للمظلوم منه. قال: ((أي رب، إن شئت أعطيت المظلوم من الجنة، وغفرت للظالم)) ! فلم يجب عشيته. فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء، فأجيب إلى ما سأل. قال: فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قال: تبسم، فقال له أبو بكر وعمر: بأبي أنت وأمي! إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي أضحكك، أضحك الله سنك؟! قال 000 فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف. عبد الله بن كنانة، وأبوه مجهولان كما في ((التقريب)) . بل قال ابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 229) : ((كنانة بن العباس 000 يروى عن أبيه، روى عنه ابنه،
(1/80)
64- ((لا شيءَ في الهامِّ، وَالعينُ حقٌ، وأصدقُ الطيرِ الفالُ)) . (1)
_________
(1) منكر الحديث جداً، فلا أدري الخليط في حديثه منه أو من ابنه؟! ومن أيهما فهوَ ساقط الاحتجاج بما روى، لعظيم ما أتى من المناكير، عن المشاهير،. قلْتُ: هول ابن حبان في حق الرجل!! فإن كنانة مقل الحديث جداً، وكذلك ابنه، وقول ابن حبان ((لعظيم ما أتى من المناكير عن المشاهير)) ، يدل على أنه مكثر الرواية، والواقع غير ذلكَ، ولم يسبق ابن حبان حديثاً واحداً يؤيد دعواه. ومع ذلكَ فقد وثقه. فانظر إلى هذا الخلط؟! وقال البخاري: ((لم يصح حديثه)) . بعني كنانة. ويقصد حديثه هذا. وقال ابن عدي: ((وعبد القاهر بن السري لم يحدث بهذا الحديث غيره ... ولعبد القاهر غير هذا يسير)) . قلت: وعبد القاهر، وثقه ابن شاهين، وقال ابن معين: ((صالح)) . وضعفه يعقوب بن سفيان بذكره في باب ((من يرغب عن الرواية عنهم)) . وعلى كل حال، فهو أحسن حالاً من عبد الله وأبيه وجملة القول: أن الحديث ضعيف. والله أعلم.
64- ضعيف بهذا التمام.
أخرجه الترمذي (2061) ، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (914) ، وفي ((التاريخ)) (2/ 1/ 107- 108) ، وأحمد (4/ 67، 5/ 70، 379) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج 3/ رقم 1582) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 4/ رقم 3561، 3562) ، وابن الأثير في ((أسد الغابة)) (1/ 313) من طريق يحيى بن أبي كثير قال: حدثني حبة بن حابس التميمي، أن أباه أخبره أنه سمع النبي صلى الله عليه وأله وسلم.. فذكره. وقد رواه عن يحيى على هذا الوجه علي بن المبارك، وحرب بن شداد. وخافلهما شيبان بن عبد الرحمن، فرواه عن يحيى بن أبي كثير، عن حبة، حدثه عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً بهِ. فجعله من مسند أبي هريرة. أخرجه أحمد (5/ 70) ، والبخاري في ((التاريخ)) (2/ 1/ 108) وقد اختلف عن حرب بن شداد فيهِ، فأخرجه ابن الأثير (1/314) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، أخبرنا حرب بن شداد، أخبرنا يحيى بن أبي كثير، عن حبة بن حابس التميمي، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقول ... فذكره. وقال ابن الأثير عقبه: ((أخرجه الثلاثة)) . ويعني بهم أبا نعيم، وابن منده، وابن عبد البر 0وعزاه الحافظ في ((الإصابة)) (1/ 559) إلى ابن عاصم وأبي يعلى. فسقط ذكر ((أبيه)) من هذه الرواية. قال محقق مسند أبي يعلى عقب كلام الحافظ السابق: ((نقول: إن رواية أبي يعلى كما هي ظاهرة: ((حبة بن حابس أن أباه ... )) ولعل الحافظ رحمه الله قرأ: ((حبة بن حابس)) في بداية الحديث فظن أنه هو الرواي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يتم قراءة السند، والله أعلم) أ. هـ‍.
قلت: هذا تعليق بارد! ، لأن ابن الأثير ساق هذه الرواية من طريق ابن أبي عاصم وفيها ((حبة بن حابس قال: سمعت رسول الله ... )) فما وهم الحافظ. وقوله: ((سمعت)) وهم من بعض الرواة. =
= وليس معنى أن الحافظ عزا الرواية لأبي يعلى أنك لا بد واجدها في ((مسنده)) الذي تعمل فيه، فإن هذا هو ((المسند المختصر)) أما ((المسند الكبير)) فلا أدري أهو موجود أم لا؟ ! وأراك تنقل كلمة إسماعيل بن محمد التميمي الحافظ: التي يقول فيها: ((قرأت المسانيد كمسند العدني ومسند أحمد بن منيع، وهي كالأنهار ومسند أبي يعلى كالبحر يكون مجتمع الأنهار)) .
أقول: هذه الكلمة التي دأبت على كتابتها في أول كل جزء من أجزاء المسند إنما يصح أن تقال في
((المسند الكبير)) ومما يدل على ذلك أن الحافظ الذهبي قال في ((سير النبلاء)) (14 / 180) عقب هذه الكلمة: ((قلت: صدق ولاسيما في مسنده الذي عند أهل أصفهان من طريق ابن المقرئ عنه فإنه كبير جداً بخلاف المسند الذي رويناه من طريق أبي عمرو بن حمدان عنه فإنه مختصر)) أ. هـ‍. فدلت كلمة الذهبي رحمه الله على أن كلمة إسماعيل بن محمد إنما تقال في ((المسند الكبير)) . فلا توهم مثل الحافظ إلا بحجة واضحة.. والله المستعان. ووجه آخر من الخلاف على يحيى بن أبي كثير فيه. فرواه أبان العطار عنه أن رجلاً حدثه عن أبي هريرة آن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فذكره. ورواه الأوزاعي، عن يحيى، عن حبة بن حابس، أو عائش، عن أبيه، عن أبي هريرة)) . ذكره ابن الأثير أيضا. قلت: فهذا اختلاف شديد على يحيى بن أبي كثير مما دعا ابن عبد البر إلى القول بأن: ((في إسناد حديثه اضطراب)) . وقال ابن السكن: ((اختلف فيه على يحيى بن أبي كثير ولم نجده إلا من طريقه)) . وقد رجح أبو حاتم من هذا الخلاف - كما في ((العلل)) (2239) - الوجه الأول وهو: (( ... يحيى حدثني حبة بن حابس عن أبيه مرفوعا)) . ورجح أبو زرعة الرازي (( ... يحيى عن حبة بن حابس عن أبيه عن أبي
هريرة)) .
قلت: ويترجح عندي الوجه الذي رجحه أبو حاتم وذلك أنه قد رواه عن يحيى بن أبي كثير اثنان من الثقات الإثبات وهما حرب بن شداد وعلي بن المبارك. فإن قلت: قد رجح أبو زرعة الطريق الذي رواه شيبان النحوي ... وفيه ((عن أبي هريرة)) وعلل ذلك بقوله: ((لأن أبان قد رواه فقال: يحيى عن رجل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -)) . وشيبان النحوي ثقة وكذا أبان ثقة له أفراد فبأي حجة ترجح قول أبي حاتم؟! أقول: يترجح عندي قول أبي حاتم لأمرين:
الأول: أننا لو افترضنا تساوي حرب بن شداد وعلي بن المبارك في الثقة شيبان وأبان العطار لرجحنا كفة علي بن المبارك فَقَدْ كَانَتْ لهُ خصوصية بيحيى بن أبي كثير. قالَ الحافظ في ((التقريب)) في ترجمته:
(( ... ثقة كانَ لهُ عن يحيى بن أبي كثير كتابان، أحدهما سماع والآخر إرسال، فحديث الكوفيين عنهُ فيهِ شيء)) أ. هـ‍. والذين رووا عنهُ هَذَا الحديث بصريون كعبد الملك بن عمرو والقيسي وعبد الصمد بن عبد الوارث، ويحيى بن كثير العنبري. الثاني: أن أبان العطار لم يتابع شيبان النحوي وبيانه: أن شيبان يرويه، عن يحيى، عن حبة، عن أبيه، عن أبي هريرة. وأبان بن يزيد العطار يرويه عن يحيى أن رجلا حدثه عن أبي هريرة كذا وقع في ((التاريخ)) للبخاري. ثمَّ رأيت الحافظ في ((الإصابة)) (1/ 559) = = قدْ رجح الوجه الذي اخترناه. فالحمد لله على التوفيق. وإذا قدْ رجحنا الوجه الأول. فإنه ضعيف أيضا ذلكَ أن ((حبة)) بالموحدة أو ((حية)) بالمثناة التحتانية مجهول العين والصفة، لم يرو عنهُ إلا يحيى بن أبي كثير. وهذا هو علة الحديث. والله أعلم. ولذا قالَ الترمذي: ((حديث غريب)) وله شاهد من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 8/ رقم 7686) من طريق عفير بن معدان، وهوَ ضعيف)) . وقال مرة (1/300) : ((ضعيف جداً؛!! ولفقرات الحديث شواهد. بعضها في ((الصحيحين)) . والله أعلم.
(1/81)
65- ((إنَّ منْ أمتي لمَنْ يشفع لأكثرَ منْ ربيعةَ ومضرَ، وإنَّ منْ أمتي لمنَ يُعظمُ للنَّارِ حَتى يَكونَ زاويةً مِنْ زَواياهَا. وَمَا مِنْ مُسلِمَينِ يموتُ لَهُما أربعةٌ منَ الوَلَدِ إلا أدخَلهما اللهُ الجنةَ بِفضلِ رحمتِهِ إياهُمْ أو ثَلاثةٌ أوِ اثنَانِ)) . (1)
66 - ((أربعةٌ يؤذونَ أهلَ النارِ، على ما بهم منَ الأذى. يَسعونَ بين الحميمِ والجحيمِ، يَدعونَ بالويلِ والثبورِ. يَقولُ بعضُ أهلِ النارِ لبعضٍ: ما بالُ هؤلاءِ قد آذونا، عَلى مَا بنا مِنَ الأذى؟! قالَ: فرجلٌ مغلقٌ عليهِ تابوتٌ منْ جمرٍ، ورجلٌ يجرُ أمعاءه، ورجلٌ يسيلُ فوهُ قيحاً ودماً، ورجلٌ يأكلُ لحمَهُ!! . فَيُقالُ لِلذي يأكلُ لحمهُ: ما بَالُ الأبعدِ قدْ آذانا عَلى مَا بِنا منَ الأذى؟ فيقولُ: إنَّ الأبعدَ كانَ يأكلُ لحومَ الناسِ بالغيبةِ، ويمشي بالنميمةِ)) . (2)
_________
(1) 65- ضعيف.
أخرجه ابن ماجة (4323) ، والبخاري في ((الكبير)) (1/ 2/ 261) ، وأحمد (4/ 212) ، وابنه في ((زوائد المسند)) (5/ 312- 313) ، وابن خزيمة في ((التوحيد)) (313- 314) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 3/ رقم 3359، 3360، 3361، 3362، 3363، 3364، 3365، 3366) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (ج 3/ رقم 1581) ، والحاكم (1/ 71 و4/ 593) من طريق داود بن أبي هند، عن عبد الله بن قيس، عن الحارث بن أقيش، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكره. وهو عند بعضهم مختصر. قال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)) !! ووافقه الذهبي في الموضع الأول، وسكت في الثاني.
قلت: وهما في ذلك، لا سيما الذهبي لأنه أورد عبد الله بن قيس في ((الميزان)) وقال: ((تفرد عنه داود بن أبي هند)) فهو مجهول العين والصفة. وقال الحافظ في ((التقريب)) ((مجهول)) ومع ذلك فقد قال في ((الإصابة)) (1/ 562) : ((إسناده صحيح)) . فسبحان من لا يسهو. وقال البخاري عقب تخريجه: ((إسناده ليس بذاك المشهور)) . وقال علي بن المديني: ((عبد الله بن قيس الذي روى عنهُ داود بن أبي هند، سمع الحارث بن وقيش، وعنه داود بن أبي هند، مجهول لم يرو عنهُ غير داود، وليس إسناده بالصافي)) أ. هـ‍.
(2) 66- ضعيف.
أخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (328- زوائد نعيم) ، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ج 1/ ق 21/ 2) ، وفي ((ذم الغيبة)) (ق 6/ 1) والطبراني في ((الكبير)) (ج 7/ رقم 7226) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (5/ 167- 168) ، وابن الأثير في ((أسد الغابة)) (2/ 399- 400) وبقيُّ بن مخلد في
((مسنده)) ، وكذا ابن شاهين - كما في ((الإصابة)) (3/399) -، من طريق إسماعيل بن عياش، حدثني ثعلبة بن مسلم الخثعمي، عن أيوب بن بشير العجلي، عن شفي بن مانع الأصبحي مرفوعاً ... فذكره.
قلْتُ: وشفي بن مانع مختلف في صحبته كما قالَ الطبراني وابن الأثير. ويظهر أن أبا نعيم اعتمد صحبته، ولكن جزم البخاري، وأبو حاتم، وابن حبان بأنه تابعي، فالحديث ضعيف لإرساله. وثمة علة أخرى، وهي: ((أيوب بن بشير العجلي)) . فترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (1/1/242) ولم يذكر فيهِ جرحاً ولا تعديلاً، فهوَ مجهول الحال. قالَ الهيثمي (1/209) : ((رجاله موثقون)) . وهو يشير بقوله هذا إلى ضعف التوثيق في بعضهم فلعل أيوب وثقه بن حبان. والله أعلم.
(1/83)
67- ((صلَّوا خلفَ كلِّ بَرٍ وفاجرٍ، وصلَّوا عَلى كُلِّ بَرٍ وفاجرٍ. وَجاهدوا مَعَ كُلِّ بَرٍ وفاجرٍ)) . (1)
_________
(1) 67- ضعيف.
روي من حديث علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وابن مسعود، وابن عمر، وأبي الدرداء، وواثلة ابن الأسقع، - رضي الله عنهم - جميعاً.
أولاً: حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
أخرجه الدارقطني (2/ 57) ، ومن طريق ابن الجوزي في ((الواهيات)) (710) من طريق أبي إسحاق القنسريني، ثنا فرات بن سليمان، عن محمد بن علوان، عن الحارث، عن علي مرفوعاً: ((من أصل الدين الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد مع كل أمير، ولك أجرك والصلاة على كل من مات من أهل القبلة)) . قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح)) . والحارث قال ابن المديني: كان كذاباً. وفرات بن سليمان، قال ابن حبان: منكر الحديث جداً؛ يأتي بما لا شك أنه معمول)) .
قلت: هكذا يكون الغلو!! والحارث لَيسَ بكذاب، وإن كَانَ واهياً. وأما فرات بن سليمان، كذا والصواب: سلمان، بغير ياء، فَقَدْ ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (3/ 2/ 80) وحكى عن أبيه أنه قَالَ: ((لا بأس بهِ، ومحله الصدق، وصالح الحديث)) . وإنما قالَ ابن حبان مقالته هَذهِ في = = ((فرات بن سليم)) كما في ((المجروحين)) (2/ 207) ، فهذا من أوهام ابن الجوزي الناتجة عن تسرعه [ولم ينتبه الزيلعي لذلك فتبعه كما في ((نصب الراية)) (2/ 28) ] ومما يدل على ذلك أنه ذكر في كتابه ((الضعفاء)) فرات بن سليم رقم (2696) ، دون ((فرات بن سلمان)) وذهل ابن الجوزي عن حال أبي إسحاق القنسريني فإنه مجهول كما قال الذهبي في ((الميزان)) (4/ 489) وكذا محمد بن علوان فإنه مجهول كما قال أبو حاتم، على ما ذكره ولده في ((الجرح والتعديل)) (4/ 1/ 49) . فالسند ساقط.
ثانياً: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
وله عنه طريقان: الأول: مكحول، عنهُ، أخرجه أبو داود (2/ 304- 7/ 207 عون) ، والدارقطني (2/ 57) ، والبيهقي (3/ 121) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 418- 419) من طريق معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ حديث الباب. قالَ الدارقطني: ((مكحول لم يسمع من أبي هريرة، ومن دونه ثقات)) . وقال البيهقي. ((إسناده صحيح، إلا أن فيه إرسالا بين مكحول، وأبي هريرة)) . وكذا أعله ابن الجوزي، والمنذري، وابن التركماني، وغيرهم. غير أن ابن الجوزي انفرد عنهم بذكر علة أخرى، هي عجيبة من الأعاجيب، وهي قوله: ((ومعاوية بن صالح، قال الرازي: لا يحتج به)) . قلت: أما معلوية بن صالح فإنه ثقة وله أفراد، فلا يليق إعلال الحديث به، أو كلما رأيت غمزا في الثقة سارعت بإحضاره؟! وقدْ رد عليهِ ابن عبد الهادي هذه العلة. وله طريق آخر عن مكحول. أخرجه الدارقطني (2/56) ، وعنه ابن الجوزي (1/422) من طرق بقية، سمعت الأشعث، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((الصلاة واجبة عليكم مع كل أمير، براً كانَ أو فاجراً، وإن عمل بالكبائر، والجهاد واجب عليكم مع كل أمير، براً كانَ أو فاجراً، وإن عمل بالكبائر، والصلاة واجبة على كل مسلم يموت، برا كانَ أو فاجراً، وإن عمل بالكبائر)) . قال ابن الجوزي: ((أشعث مجروح، وبقية لا يقوم على روايته، وقال الدارقطني: مكحول لم يلق أبا هريرة)) .
الثاني: أبو صالح، عنه - أخرجه الدارقطني (2/ 55) ، وعنه ابن الجوزي (1/ 421- 422) من طريق عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((سيليكم بعدي ولاة، فيليكم البر ببره، والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا فيما وافق الحق، وصلوا وراءهم، فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم)) . قال ابن الجوزي: ((عبد الله بن محمد بن يحيى، قال أبو حاتم الرازي: ((متروك الحديث)) ، وقال ابن حبان: ((لا يحل كتب حديثه)) أ. هـ‍. قلت: وذكره ابن عدي في ((الكامل)) (4/ 1501- 1502) ، وقال: ((ولعبد الله بن محمد بن عروة غير ما ذكرت من الحديث، وأحاديثه عامتها مما لا يتابعه الثقات عليه، ولم أجد من المتقدمين فيه كلاماً، ولم أجد بدأ من ذكره لما رأيت من أحاديثه أنها غير محفوظة، لما شرطت في أول الكتاب)) . =
=قلت: فكأنه لم يقف على كلام أبي حاتم الرازي غير أن آخر الحديث قد صح من وجه آخر. أعني قوله: ((فإن أحسنوا فلكم ولهم ... الخ) . فأخرجه أبو داود (580) ، وابن ماجه (983) ، وأحمد ( ... ) ، والطيالسي (1004) ، وابن خزيمة (1513) ، وابن حبان (ج 3/ رقم 2218) ، والطحاوي في ((المشكل)) (3/ 54) ، والحاكم (1/ 209، 213) ، والبيهقي (3/ 127) من طريق أبي علي الهمداني، قال سمعت عقبة بن عامر مرفوعاً: ((من أمّ الناس فأصاب، فالصلاة لهُ ولهم، ومن انتقص من ذلكَ شيئاً، فعليه ولا عليهم)) . وقال الحاكم: ((صحيح على شرط البخاري شيئاً. ومن اختلف في سند هذا الحديث، وهل الذي رواه عن أبي علي هو عبد الرحمن بن حرملة، أو حرملة بن عمران
[وانظر ((التاريخ الكبير)) للبخاري (1/ 1/160) ] ؟! وليس ههنا موضع شرح ذلكَ. والحاصل أن الحديث صحيح. وأخرج البخاري (2/187 - فتح) من حديث أبي هريرة مرفوعاً. ((يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم)) . وأخرجه البيهقي (3/ 126- 127) وغيره. وهناك غير ما حديث في هذا الباب.
ثالثاً: حديث ابن مسعود، - رضي الله عنه -.
أخرجه الدارقطني (2/ 57) وعن طريقه ابن الجوزي (1/ 419- 420) من طريق عمر بن صبح، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود، عن ابن مسعود مرفوعاً: ((ثلاث من السنة: الصف خلف كل إمام، لك صلاتك، وعليه أثمة. والجهاد مع كل أمير، لك جهادك، وعليه شره. والصلاة على كل ميت من أهل القبلة، وإن كان قاتل نفسه)) .
قلت: وسنده ضعيف جداً. وعمر بن صبح كذبه الأزدي، وقال ابن حبان: ((كان ممن يضع الحديث)) . وتركه الدارقطني وغيره.
رابعاً: حديث ابن عمر، رضي الله عنهما.
وله عنه طرق:
الأول: مجاهد، عنه مرفوعاً: ((صلوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلوا وراء من قال: لا إله إلا الله)) . أخرجه الدارقطني (2/ 56) ، والخطيب (6/ 309و 11/ 293) وابن الجوزي (1/ 420) من طريق محمد بن الفضل، نا سالم الأفطس، عن مجاهد.
قلت: وسنده واه جداً. محمد بن الفضل كذبه ابن معين، واتهمه أحمد، وتركه النسائي. وخالفه سويد بن عمرو، فرواه عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر. فجعل شيخ سالم الأفطس:
((سعيد بن جبير)) بدل ((مجاهد)) - أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (10/ 320) من طريق نصر بن الحريش، عن المشمعل بن ملحان، عن سويد به. وسنده ضعيف. نصر، ضعفه الدارقطني كما في
((تاريخ بغداد)) (13/ 286) والمشمعل قال ابن معين: ((ما أرى به بأساً)) . ووثقه بن حبان. وضعفه الدارقطني. فطريق سويد أرجح من طريق محمد بن الفضل.
الثاني: عطاء بن أبي رباح، عنهُ. أخرجه الدارقطني (2/56) ، وأبو نعيم في ((أخبار أصبهان))
(2/317) ، وابن الجوزي (1/420) من طريق عثمان بن عبد الرحمن، عن عطاء، قالَ ابن الجوزي: ((وعثمان، قالَ يحيى: ليس بشيء كانَ يكذب، وقال البخاري والنسائي وأبو داود: ليس بشيء. وقال الدارقطني: متروك)) .
قلت: وله طريق آخر، عن نافع، عن ابن عمر ومداره على بعض الكذابين كوهب بن وهب، وخالد بن إسماعيل.
خامساً: حديث أبي الدرداء، - رضي الله عنه -.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 90) ومن طريقه ابن الجوزي (1/ 423) من طريق
عبد الجبار بن الحجاج بن ميمون، عن مكرم بن حكيم، عن منير بن سيف، عن أبي الدرداء مرفوعاً:.. صلوا خلف كل إمام، وقاتلوا مع كل أمير)) . قال العقيلي: ((عبد الجبار، عن مكرمة بن حكيم، إسناده مجهول غير محفوظ، وليس في هذا المتن إسناده ثابت)) .
قلت: وعبد الجبار هذا تركه الأزدي. ومكرم بن حكيم قالَ في ((الميزان)) : ((روى خبراً باطلاً، قال الأزدي: ليس حديثه بشيء)) . ومنير بن سيف، كذا وقع عند العقيلي، والصواب: ((سيف ابن منير)) . قال في ((الميزان)) : ((سيف بن منير عن أبي الدرداء، يجهل، وضعفه الدارقطني لكونه أتى بأمر معضل عن أبي الدرداء مرفوعاً: لا تكفروا أهل ملتي وإن عملوا الكبائر. لكنه من رواية مكرم بن حكيم أحد الضعفاء عنه)) . فالسند ساقط لأنه مسلسل بالعلل.
سادساً: حديث واثلة بن الأسقع، - رضي الله عنه -.
أخرجه الدارقطني (2/ 57) ، وابن الجوزي (1/ 422- 423) من طريق الحارث بن نبهان، ثنا عتبة بن اليقظان، عن أبي سعيد، عن مكحول، عن واثلة مرفوعاً. ((لا تكفروا أهل قبلتكم وإن عملوا الكبائر، وصلوا مع كل إمام، وجاهدوا مع كل أمير، وصلوا على كل ميت)) . قال ابن الجوزي:
((عتبة بن اليقظان قال علي بن الحسين بن الجنيد: لا يساوي شيئاً. وفيه الحارث بن بنهان. قال يحيى: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك. وقال ابن حبان: لا يحتج به. وأبو سعيد قال الدارقطني: مجهول)) أ. هـ‍. وقد أختلف على الحارث بن نبهان في إسناده كما في ((سنن الدارقطني)) .
وبالجملة فالحديث ضعيف جداً ولذا قال الدارقطني: ((ليس فيه شيء يثبت)) . وقال أحمد: ((ما سمعنا بهذا)) .
أما الصلاة خلف الفاسق فجائزة بالإجماع، ولها قيود ذكرتها في ((بذل الإحسان)) . (772) فالحمد لله على التوفيق.
(1/84)
68- ((إنَّ للوُضوءِ شيطاناً يُقالُ لَهُ: الولَهان، فاتَّقوا وَسواسَ الماءِ)) . (1)
69- ((إنَّ هَذا القرآنَ مآدبةُ اللهِ، فاقبلوا من مأدبتِهِ ما استَطعتُمْ، إنَّ هذا القرآنَ هُو حبلُ اللهِ، والنورُ المبينُ، والشفاءُ النافعُ، عصمةٌ لِمنْ تَمسَّكَ بِهِ، ونجاةٌ لِمنْ تَبعَهُ، لا يَزيغُ فَيُستعتبُ، ولا يَعوجُّ فَيقومُ، ولا تَنقضِي عَجائِبَهُ، ولا يَخلقُ مِنْ كَثرةِ الرَّدِّ. اتلُوهُ فإنَّ اللهَ يَأجُرُكمْ عَلَى تِلاوتِهِ، كُلُّ
_________
(1) 68- ضعيف.
أخرجه الترمذي (1/ 188- 189 تحفة) ، وابن ماجه (1/ 163) وأحمد (5/ 125، 136) ، والطيالسي (547) ، وابن خزيمة (1/ 63- 64) ، وابن عدي في ((الكامل)) (3/ 923) ، والدارقطني في ((المختلف والمؤتلف)) (1/ 303) ، والحاكم (1/ 162) ، والبيهقي (1/ 197) ، والخطيب في ((الموضح) (2/ 383) ، وابن الجوزي في ((العلل)) (1/ 345) من طريق خارجة بن مصعب، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عتي بن ضمرة، عن أُبي بن كعب مرفوعاً فذكره. قال الترمذي: ((حديث أبي بن كعب حديث غريب، وليس إسناده بالقوي، لأنا لا نعلم أحداً أسنده غير خارجة، وخارجة ليس بالقوي عند أصحابنا. وضعفه ابن المبارك)) أ. هـ‍. وقال الحاكم: ((وأنا أذكره محتسباً، لما أشاهده من كثرة وسواس الناس في صب الماء)) .
قلت: مهما كان الدافع محموداً، فلا يليق أن يذكر هذا الحديث في ((المستدرك على الصحيحين)) !! وقال البيهقي: ((وهذا الحديث معلول برواية الثوري عن بيان عن الحسن بعضه من قوله غير مرفوع. وباقيه عن يونس بن عبيد من قوله غير مرفوع ... )) . ثم ساقه وقال: ((هكذا رواه خارجة بن مصعب، وخارجة ينفرد بروايته مسنداً وليس بالقوي في الرواية)) . قلت: ويضاف إلى ذلك أيضاً عنعنة الحسن البصري. ولذلك ضعفه البغوي كما في ((شرح السنة)) (2/ 53) ، وقال أبو زرعة الرازي: ((حديث منكر)) . ذكره ابن أبي حاتم في ((العلل)) (1/ 60) . والله أعلم.
(1/88)
حَرفٍ عَشرَ حَسنات أمَّا إنِّي، أقُولُ، آلم حرفٌ، ولَكنْ ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ)) . (1)
70 - ((كَانَ الكتابُ الأولُ نَزلَ منْ بَابٍ واحدٍ، عَلَى وجهٍ واحدٍ، ونَزلَ القرآنُ منْ سبعةِ أبوابٍ: زاجرٍ، وآمرٍ، وحلالٍ، وحرامٍ، ومحكمٍ، ومتشابهٍ، وأمثال. فاحلوا حلالَهُ، وحرِّموا حَرامَهُ، واعتَبِروا بأمثَالِهِ، وآمِنوا بِمُتشابهِهِ، وقُولوا {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} 3/ 7.
_________
(1) 69- ضعيف.
أخرجه محمد بن نصر في ((قيام الليل)) (72) ، والحاكم (1 / 555) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 100) من طرق عن إبراهيم بن مسلم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود مرفوعا، وقد رواه عن إبراهيم هكذا مرفوعا جماعة منهم ابن فضيل وأبو معاوية وابن الأجلح وصالح بن عمر.
وخالفهم ابن عيينة وجعفر بن عون فرويا الحديث عن إبراهيم الهجري بسنده لكن أوقفاه. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 9 / رقم 8646) من طريق عبد الرزاق وهذا في ((مصنفه)) (3/375 - = = 376) والدارمي (2 / 310) والشجري في ((الأمالي)) (1/84) . والاختلاف في الدفع والوقف إنما هو من إبراهيم الهجري قال الحافظ: ((لين الحديث رفع موقوفات)) أ. هـ‍.
قلت: والموقوف أشبه والطرق عند الدارمي والطبراني تدل على ذلك. وأما قول الحاكم: ((صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) !! فرده الذهبي بقوله: ((إبراهيم بن مسلم ضعيف)) .
وأما آخر الحديث ((اتلوه، فإن الله يأجركم ... الخ)) فقد صح عن ابن مسعود مرفوعا وقد خرجته في ((الانشراح في آداب النكاح)) (رقم 147) . فالحمد لله على التوفيق.
70 - منكر.
أخرجه ابن جرير في ((تفسيره)) (1/ 30) وابن حبان (1782) ، والطحاوي في ((المشكل)) (4/ 184 - 185) ، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (8 / 275) من طريق حيوة بن شريح عن عقيل بن خالد عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود مرفوعا فذكره.
وخالفه الليث بن سعد فرواه، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سلمة بن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم)) .
أخرجه الطحاوي (4/ 185) . قال ابن عبد البر: ((وهذا حديث عند أهل العلم لا يثبت لأنه يرويه حيوة عن عقيل عن سلمة هكذا ويرويه الليث عن ابن شهاب عن سلمة ليس ممن يحتج به وهذا الحديث مجمع على ضعفه من جهة إسناده)) . وسبقه الطحاوي إلى مثل ذلك فقال: ((فاختلف حيوة والليث عن عقيل في إسناد هذا الحديث فرواه كل واحد منهما على ما ذكرناه في روايته أباه. وكان أهل العلم بالأسانيد يدفعون هذا الإسناد بانقطاعه في إسناده لأن أبا سلمة لا يتهيأ في سنة لقاء عبد الله بن مسعود ولا أخذه إياه عنه)) .
هذا من جهة إسناده.
وأما من جهة متنه فقال ابن عبد البر: ((وقد رده قوم من أهل النظر منهم أحمد بن أبي عمران قال: من قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد. ومحال أن يكون الحرف منها حراما إلا ما سواه. لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله أو حرام كله أو أمثال كله. ذكره الطحاوي عن أحمد بن أبي عمران سمعه منه وهو كما قال ابن أبي عمران ... )) .
(1/89)
71 - ((إنَّ اللهَ - عز وجل - اختارَنِي، واختارَ لِي أصحاباً، فجعَلَ لِي مِنهُم وزراءَ وأنصاراً وأصهاراً فَمَنْ سبَّهُم فَعليهِ لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ لا يقبلُ اللهُ منهُ يومَ القيامةِ صرفاً ولا عدلاً)) . (1)
_________
(1) 1- ضعيف.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 17 / رقم 349) وفي ((الأوسط)) (ج 1 / رقم 459) والآجري في ((الأربعون)) (ص - 45) وأبو نعيم في ((الحلية)) (2/ 11) والخطيب في ((تلخيص المتشابه)) (2/ 631) من طريق الحميدي، نا محمد بن طلحة التيمي، حدثني عبد الرحمن بن سالم، عن عبد الرحمن بن عتبة بن عويم بن ساعدة، عن أبيه، عن جده مرفوعا فذكره. قال الطبراني: ((لا يروي هذا الحديث عن عويم بن ساعدة إلا بهذا الإسناد تفرد به محمد بن طلحة)) .
قلت: وسنده ضعيف وله آفتان: الأولى: عبد الرحمن بن سالم مجهول العين والصفة لم يرو عنه غير محمد بن طلحة. وقد صرح الحافظ في ((التقريب)) بأنه ((مجهول)) الثانية: سالم بن عبد الرحمن، أيضا لم يرو عنه غير ولده عبد الرحمن، فهو مجهول مثله. وقد قال البخاري عن الحديث: ((لم يصح)) . نقله الحافظ في ترجمة عبد الرحمن بن سالم من ((التهذيب)) .
وله شاهد من حديث أنس - رضي الله عنه -. أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (1 / 126) من طريق أحمد بن عمران الأخنسي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، قال: حدثنا عبيدة بن أبي رائطة الخزاعي، عن أبي جعفر عن أنس مرفوعا: ((إن الله اختارني، فاختار لي أصحابي وأصهاري. وسيأتي قوم يسبونهم وينتقصونهم فلا تجالسوا، ولا تشاربوهم، ولا تؤكلهم، ولا تناكحوهم)) .
وهو باطل، وأحمد بن عمران قال البخاري: ((منكر الحديث)) وتركه أبو حاتم وأبو زرعة: وفيه مجاهيل، وقد اختلف في إسناده كثيرا، وقد روى العقيلي كل ذلك. أخرجه الخطيب في ((التاريخ)) (2/99 و13/443) من وجهين آخرين عن أنس مرفوعا وزاد في أحد اللفظيين: (( ... ألا لاتصلوا معهم، ألا ولا تصلوا عليهم، عليهم حلت اللعنة)) . وكلا الوجهين لا يصح. وله لفظ آخر من حديث جابر وهو الآتي.
(1/90)
72- ((إنَّ اللهَ اختارَ أصحابي عَلى العالَمينَ، سِوى النبيينَ والمرسلينَ، واختارَ لي مِنْ أصحابي أربعةً - يعني أبا بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعلياً، رَحمهُمُ الله - فَجعلَهُمْ أصحَابِي، وقالَ في أصحابي: كُلهُم خيرٌ، واختارَ أمتي عَلى الأممِ، واختارَ أمتي أربَعَ قُرونٍ، القَرنَ الأولَ، والثاني، والثالثَ، والرابعَ)) . (1)
73- ((مَنْ مَلكَ زَاداً ورَاحِلةً، فَلمْ يَحجَ إلى بَيتِ اللهِ - عز وجل - فلا يَضرُّهُ يهودياً ماتَ أوْ نَصرانياً)) . (2)
_________
(1) 72- باطل.
أخرجه البزار (ج 3/ رقم 2763) ، وابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 41) ، والخطيب في ((التاريخ)) (3/ 162) ، وفي ((الموضح)) (2/ 280) من طريق عبد الله بن صالح، ثنا نافع بن يزيد، حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد، عن سعيد بن المسيب، عن جابر مرفوعاً فذكره. قال البزار ((لا نعلمه يروي عن جابر إلا بهذا الإسناد، ولم يشارك عبد الله بن صالح في روايته هذه عن نافع بن يزيد أحد نعلمه)) .
قلت: قد توبع عبد الله بن صالح عليه. أخرجه الخطيب في ((الموضح)) (2/ 280) من طريق أبي العباس الأثرم، محمد بن أحمد، حدثنا علي بن داود القنطري، حدثنا سعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح، عن نافع فذكره. ولكن يبدو أن هذه المتبعة لا تثبت؛ فَقَدْ قالَ أحمد بن محمد التستري:
((سألت أبا زرعة عن حديث زهرة بن معبد في الفضائل، فقال: باطل، وضعه خالد المصري، ودلسه في كتاب أبي صالح فقلت: فمن رواه عن سعيد بن أبي مريم؟ قالَ: هذا كذاب، قدْ كانَ محمد بن الحارث العسكري حدثني بهِ عن أبي صالح وسعيد)) . فعلق الذهبي بقوله: ((قلْتُ:: قدْ رواه ثقة عن الشيخين، فلعله مما أدخل على نافع، مع أن نافع بن يزيد صدوق يقظ)) أ. هـ‍. قلْتُ:: فيظهر مما سبق أن متابعة سعيد بن أبي مريم لا تصح، إنما هي مفتعلة ثمَّ ألصقت بالثقات، وبقى عبد الله بن صالح وقدْ تفرد بالحديث، وكما يظهر أنه أدخل عليهِ بسبب غفلته فحدث بهِ. قالَ الذهبي: ((فقامت عليهِ القيامة)) قالَ أبو زرعة: ((بُلي أبو صالح بخالد بن نجيح في حديث زهرة بن معبد، عن سعيد وليس له أصل)) . وقال النسائي: ((حديث موضوع)) . أما الحافظ ابن حجر فقال في ((الإصابة)) (1/ 13) : ((رجاله موثقون)) . وقال الهيثمي (10/ 16) : ((رجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف)) . فهذا لا يعارض ما تقدم. والله أعلم.
(2) 73- ضعيف جداً.
روى عنه علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وأبي أمامة، وعمر بن الخطاب موقوفاً عليه.
أولاً: حديث علي بن أبي طالب، - رضي الله عنه -.
أخرجه الترمذي (812) والبزار - كما في ((نصب الراية)) (4/ 411) - وابن أبي حاتم، وابن مردويه، في ((تفسيرهما)) - كما في ((ابن كثير)) (1/ 332) - وابن جرير (رقم 7487، 7489) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 438) ، والسهمي في ((تاريخ جرجان)) (1/11/434) ، وابن عدي= = في ((الكامل)) (7/ 2580) ، وكذا ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (2/ 209) من طرق عن هلال بن عبد الله، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث الأعور، عن علي مرفوعاً ... فذكره. قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وفي إسناده مقال. وهلال بن عبد الله مجهول، والحارث يضعف في الحديث)) . وقال البزار: ((هذا حديث لا نعلم له إسناداً عن علي إلا هذا الإسناد، وهلال هذا بصري حدث عنه غير واحد من البصريين: عفان بن مسلم، ومسلم بن إبراهيم، وغيرهما، ولا نعلمه يروي عن على إلا من هذا الوجه)) أ. هـ‍.
قلت: وهذا سند ضعيف جداً. أما هلال بن عبد الله الباهلي، فمع تجهيل الترمذي له، فقد قال البخاري: ((منكر الحديث)) . وقال الحاكم أبو أحمد: ((ليس بالقوي عندهم)) . وقال إبراهيم الحربي: ((لا يعرف)) . وقال العقيلي: ((لا يتابع على حديثه)) ، ولذلك قال الحافظ فيه: ((متروك)) !
[قلت: وتوجيه قول الحافظ أن المجهول إذا تفرد برواية خبر منكر فهو تالف، فإن انضم إلى ذلك قول مثل البخاري فيه: ((منكر الحديث)) فحاله أردأ، ولا تنفعه الجهالة حينئذ. والله أعلم] . وأما الحارث، فقال ابن الجوزي: ((كذبه الشعبي)) . والحارث ليس بكذاب، وإن كان ضعيفاً واهياً. ولذلك قال ابن عدي: ((الحديث غير محفوظ)) . وقال العقيلي: ((وهذا يروي عن علي موقوفاً، ولم يرو مرفوعا: من طريق أصلح من هذه)) . فالحاصل أن السند ضعيف جداً، وله ثلاث علل. العلتان السابقتان، والثالثة: هي اختلاط أبي إسحاق الهسبيعي، وتدليسه. والله أعلم، وإنما سمع من الحارث أربعة أحاديث، وليس هذا منها، فلعله دلس من هو شر من الحارث.!!
ثانياً: حديث أبي أمامة، - رضي الله عنه -.
أخرجه الدارمي (1/ 360) واللفظ له، وسعيد بن منصور في ((سننه)) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) - كما في ((التلخيص)) (2/ 222) -، والبيهقي (4/ 334) ، وأبو نعيم في ((الحلية))
(9/251) ، وابن الجوزي (2/210) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن ليث، عن
عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أمامة مرفوعاً: ((من لم يمنعه عن الحجاج حاجة ظاهرة، أو سلطان جائر، فمات ولم يحج، فليمت إن شاء يهودياً، وإن شاء نصرانياً)) . قال البيهقي: ((إسناده غير قوي)) .
قلت: أما شريك النخعي، فهو سيئ الحفظ كما هو معروف، وقد خولف في إسناده كما يأتي - إن شاء الله - وليث، هو ابن أبي سليم اختلط في آخر عمره، ولم يتميز حديثه القديم من الذي بعد الاختلاط. أما شريك، فقد خالفه سفيان النووي [وتابعه إسماعيل بن علية، عن ليث مرسلاً. أخرجه أحمد في ((كتاب الإيمان)) (ق 140/ 1) فرواه عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. فذكره مرسلاً. أخرجه أحمد في ((كتاب الإيمان)) (ق 140/ 1) حدثنا وكيع، عن سفيان به. وسفيان أثبت من شريك بلا شك، لكن الشأن في ليث بن أبي سليم. وقدْ خُولف وكيع. خالفه نصر بن مزاحم، عن سفيان، عن ليث، عن ابن سابط، عن أبي أمامة= =مرفوعاً. أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (7/ 2502) . وهذه المخالفة ساقطة، فنصر بن مزاحم تالف. تركه أبو حاتم وأوهاه، بل كذبه أبو خيثمة. فأنى يناطح وكيعا، الثقة الجبل؟!! فالصواب أن الحديث من جهة سفيان مرسل، لا سيما وقدْ توبع وكيع عليهِ. قالَ في ((نصب الراية)) (4/411) : ((قالَ ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) : حدثنا أبو الأحوص، عن سلام بن سليم، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ ... فذكره)) . قلْتُ:: كذا وقع في ((نصب الراية)) : (( ... أبو الأحوص، عن سلام بن سليم ... )) . وهوَ خطأ لأشكال فيهِ. وأبو الأحوص هو سلام بن سليم، شيخ أبي بكر بن أبي شيبة فيهِ. فالصواب أن زيادة: ((عن مقحمة لامعنى لها وأخرجه ابن أبي عمر العدني في ((كتاب الإيمان)) (37) قالَ: حدثنا هشام، عن ابن جريج قالَ: وحدثت عن عبد الرحمن بن سابط أن النبي صلى الله عليهِ وآله وسلم ... فذكره وفي آخره: ((أو ميتة الجاهلية)) . لكن إسنادها ضعيف، وهشام هو ابن سليمان. قالَ فيهِ الحافظ: ((مقبول)) والانقطاع بين ابن جريج وابن سابط، فالحاصل أن رواية سفيان وأبي الأحوص وابن علية عن ليث بالإرسال، أثبت من رواية شريك عنهُ موصولاً. لا سيما وقدْ اختلف على شريك فيهِ. فرواه عنهُ على الوجه الأول يزيد بن هارون، وعند الدارمي، وأبي نعيم، وشاذان، والأسود بن عامر عند البيهقي وبشر بن الوليد الكندي، عند أبي يعلى. والمغيرة بن عبد الرحمن [وبه أعل ابن الجوزي طريق حديث أبي أمامة السابق مع علل أخرى والصواب عدم الإعلال بهِ للمتابعات] ، وخالفهم عمار بن مطر، فرواه عن شريك، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي أمامة مرفوعاً فذكره. أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) - كما في ((اللآلئ)) (2/ 118) - وعنه ابن عدي في ((الكامل)) (5/ 1728) ، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (2/ 209) . قال ابن عدي: ((هذا الحديث عن أبي هلال وشريك غير محفوظ)) . وقال ابن الجوزي: ((عمار بن مطر قال العقيلي: يحدث عن الثقات بالمناكير. وقال ابن عدي: متروك الحديث)) . قلْتُ: فمثل مخالفته ليزيد بن هارون ومن معه، لا تساوي شيئاً. وبالجملة، فالصواب في حديث أبي أمامة هو الإرسال كما رجحه البيهقي وابن عبد الهادي في ((التنقيح)) - كما في ((نصب الراية)) (4/ 412) - ولذلك قال ابن دقيق العيد في ((الإمام)) : ((وحديث أبي أمامة على ما في أصلحها)) . وسبقه إلى ذلكَ شيخه المنذري رحمه الله، فقال - كما في ((التلخيص)) (12/223) -: ((وطريق أبي أمامة على ما فيها أصلح من هذه)) يعني من حديث علي بن أبي طالب السابق.
ثالثاً: حديث أبي هريرة، - رضي الله عنه -.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (4/ 1620) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (2/ 209) من طريق عبد الرحمن القطامي، حدثنا أبو المهزم، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((من مات ولم يحج حجة الإسلام في غير وجع حابس، أو حجة ظاهرة، أو سلطان جائر، فليمت أي الميتين إما يهودياً أو نصرانياً.)) قال ابن الجوزي: ((أبو المهزم واسمه يزيد بن سفيان. قال يحيى ليس حديثه بشيء. = =وقال النسائي: متروك الحديث. وفيه عبد الرحمن القطامي، وقال عمرو بن علي الفلاس: كان كذاباً، وقال ابن حبان: يجب تنكب رواياته)) أ. هـ‍. وقال الحافظ في ((التلخيص)) (2/ 223) : ((عبد الرحمن القطامي، عن أبي المهزم، وهما متروكان)) .
رابعاً: حديث عمر بن الخطاب، - رضي الله عنه -، الموقوف.
وله عنه طرق:
الأول: الحسن البصري، عنه. أخرجه سعيد بن منصور في ((سنته)) - كما في ((نصب الراية)) (4/ 411) - قال: ثنا هشيم، ثنا منصور، عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار، فينظروا كل من كانت له جدة ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية. ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين)) . قلت: وسنده ضعيف. ولم يختلف أحد أن الحسن البصري لم يدرك عمر بن الخطاب.
الثاني: عبد الرحمن بن غنم، عنه. أخرجه ابن أبي عمر العدني في ((الإيمان)) (38) ، والبيهقي (4/ 334) من طريق عن ابن جريج أخبرني عبد الله بن نعيم، أن الضحاك بن عبد الرحمن الأشعري، أخبره أن عبد الرحمن بن غنم أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: ((ليمت يهودياً أو نصرانياً - يقولها ثلاث مرات - رجل مات ولم يحج، وجد لذلك سعة، وخليت سبيله ... )) . وسنده صحيح. وأخرجه الإسماعيلي كما في ((ابن كثير)) (1/ 332) - وكذا أبو نعيم في ((الحلية)) (9/ 252) من طريق الأوزاعي، حدثني إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، حدثني عبد الرحمن بن غنم، أنه سمع عمر بن الخطاب، فذكره. قال الحافظ ابن كثير: ((هذا إسناد صحيح)) . وكذا صححه الحافظ في ((التلخيص)) (2/ 223) .
الثالث: حسن بن محمد بت الحنفية، عنه أخرجه ابن أبي عمر العدني في ((كتاب الإيمان)) (39) حدثنا هشام، عن ابن جريح، قال: أخبرني عمرو بن دينار، أن حسن بن محمد أخبره أن عمر بن الخطاب رأى ناساً بعرفة في الحج، عليهم قمص وعمائم، فضرب عليهم الجزية. وسنده ضعيف للانقطاع بين حسن بن محمد وعمر.
الرابع: عبد الله بن المسيب، عنه. أخرجه البخاري في ((الكبير)) (3/ 1/ 202) إشارة، وابن أبي عمر في ((الإيمان)) (40) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني سليمان، مولى لنا، عن عبد الله بن المسيب، قال سمعت عمر بن الخطاب يقول: ((من لم يكن حج، فليحج العام، فإن لم يستطع، فعام قابل، فإن لم يستطع، فعام قابل، فإن لم يفعل، كتبنا في يده: يهودياً أو نصرانياً)) قلت: وسنده حسن في الشواهد. وسليمان هو ابن بابيه، قال الحافظ: ((مقبول)) . يعني حيث توبع. وقد توبع كما ترى. فالحاصل أن هذا الحديث واه، والصواب أنه موقوف على عمر - رضي الله عنه -. والله أعلم.
(1/91)
74- ((منْ قالَ في السوقِ: لا إلهَ إلا اللهُ، وحدهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ، ولَهُ الحَمدُ، يُحيي ويُميتُ، وَهُو حيٌ لا يموتُ، بِيدِهِ الخيرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ. كَتَبَ اللهُ لَهُ ألفَ ألفَ حسنةٍ، وَمَحَا عَنهُ ألفَ ألفَ سَيئةٍ، وَبنى لَهُ بَيتاً في الجنَّةِ)) . (1)
_________
(1) 74- منكر.
أخرجه الترمذي (3429) ، وابن ماجه (2235) ، وأحمد (1/ 47) ، والطيالسي (ص - 4) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (181) ، وابن عدي في ((الكامل)) (5/ 1785) من طريق عمرو بن دينار، قهرمان آلي الزبير، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب مرفوعاً ... فذكره. ورواه عن عمرو بن دينار جماعة منهم: ((حماد بن يزيد، ومعتمر بن سليمان، وغيرهما)) . وتابعهما هشام بن حسان، ولكن اختلف عليه فيه: فرواه فضيل بن عياض، عنه، كرواية حماد بن زيد. أخرجه ابن عدي (5/ 1786) ، وأبو نعيم في ((أخبار أصبهان)) (2/ 180) . والراوي عن فضيل عند ابن عدي هو يحيى بن طلحة اليربوعي، وقد كذبه ابن الجنيد، وقال النسائي: ((ليس بشيء)) .
ووثقه ابن حبان وقال: ((يُغرب)) . فأما تكذيب ابن الجنيد)) فقد خطأه الصغاني، ولم يعتمده الحافظ في ((التقريب)) ، فقال فيه: ((لين الحديث)) . ولست أدري هل توبع عند أبي نعيم أم لا، فإن كتابه ليس معنى الآن، وكنت قد خرجت الحديث منه قديماً في أوراقي فبدأت نقل السند من عند ((فضيل بن عياض)) . وعلى كل حال، فلا نعصب الجناية برقبة يحيي بن طلحة، لوجود من هو أضعف منه. وقد خولف الفضيل بن عياض، فيه عن هشام، خالفه حفص بن غياث، فرواه عن هشام عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً. أخرجه الحاكم (1/ 539) من طريق مسروق بن المرزبان، ثنا حفص به والمخالفة من وجهين: الأول: أنه جعل شيخ هشام فيه هو: عبد الله بن دينار)) . الثاني: أنه أسقط ذكر ((عمر)) فصار الحديث من مسند ((ابن عمر)) . أما الحاكم فقال: ((صحيح على شرط
الشيخين)) !! قلت: وهو وهم فاحش. ومسروق بن المرزبان لم يخرج لهُ أحد الشيخين أصلاً، بل ابن ماجه وحده من الستة، وقدْ تعقبه الذهبي بقوله: ((مسروق بن المرزبان ليس بحجة)) أ. هـ‍. قلت: ومسروق وثقه ابن حبان، وقال صالح بن محمد: ((صدوق)) . وقال أبو حاتم: ((ليس بالقوي، يكتب حديثه)) . ويبدو أنه وهم في قوله: ((عبد الله بن دينار)) . على أنه توبع، ولكن ممن هو أضعف منه كما يأتي. وقد تابع هشام بن حسان على الوجه الثاني الذي فيه عبد الله بن دينار، تابعه عمران بن مسلم واختلف عنه فيه. فرواه يحيى بن سليم الطائفي، عنه، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر مرفوعاً. أخرجه الحاكم (1/ 539) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (3/ 304- 305) ، وكذا ابن عدي (5/ 1745) . ويحيى بن سليم الطائفي، كان كثير الوهم في الأسانيد، وقد خالفه بكير بن شهاب الدامغاني، فرواه عن عمران بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن سالم، عن أبيه، عن فذكره. فسقط ذكر =
= ((عمر)) . وعمر بن المغيرة، قال البخاري: ((منكر الحديث، مجهول)) . ولكن تابعه أبو إسماعيل بن حكيم الخزاعي، وقال: ثنا عمرو بن دينار به. أخرجه الدولابي في ((الكنى)) (1/ 129) حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو بشر إسماعيل ... الخ. إسماعيل بن حكيم الخزاعي، هو صاحب الزيادي. ترجمه ابن أبي حاتم (1/ 1/ 165) ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً. وعندي أن هذا الاضطراب هو من عمرو بن دينار. وأخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 13175) ، وعنه أبو نعيم في ((الحلية)) (8/ 280) من طريق سلم بن ميمون الخواص، عن علي بن عطاء، عن عبيد الله العمري، عن سالم، عن ابن عمر مرفوعاً فذكره. قال أبو نعيم: ((غريب من حديث سالم)) . قلت: أما سلم بن ميمون، فإنه كان مع عبادته، رديء الحفظ قال أبو حاتم: ((لا يكتب حديثه)) . وعلي بن عطاء لم أقف عليه الآن. وعبيد الله العمري ثقة، ولكن وقع في ((الحلية)) : ((عبد الله العمري)) المكبر فإن يكن هو، فهو ضعيف، وأخرجه البخاري في ((الكنى)) (ص - 50) من طريق الدراوردي، عن أبي عبد الله الفراء)) عن سالم، عن أبيه، عن جده ... فذكره مرفوعاً بنحوه. وأبو عبد الله الفراء لم أعرفه. ثم راجعت
((الجرح والتعديل)) (4/ 2/ 401) فوجدت فيه: ((أبو عبد الله القزاز.... قال أبي: مجهول)) .
وله طرق أخرى منها: ما أخرجه عبد الله بن أحمد في ((زوائد الزهد)) (214) من طريق أبي خالد الأحمر، عن مهاجر، سمعت ابن عمر فذكره مرفوعاً. قلت: وسنده ضعيف أبو خالد الأحمر واسمه سليمان بن حبان، كان في حفظه شيء، وصفه ابن عدي بأنه ممن ساء حفظه، ومهاجر هو ابن عمرو الشامي وثقه ابن حبان. وتوثيقه لين لهذه الطبقة. وأظن أن سليمان بن حبان لم يدرك مهاجراً الشامي. والله أعلم.
ثم أوقفني أخ كريم على الحديث في كتاب ((الدعاء للطبراني فإذا فيه: ((المهاجر بن حبيب)) ، وليس
((ابن عمر)) كما ذكرت، ثم تبين أن هذا خطأ أيضاً، وصوابه المهاصر بن حبيب كما في ((علل الدارقطني)) (ج 1/ ق 33/ 2) ، والمهاصر وثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) .
ومنها: ما أخرجه الخطيب في ((التلخيص)) (169/ 1) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعاً به. قلت: وهذا سند ضعيف جداً. وعبد الرحمن متروك الحديث. ولكن تابعه خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم. أخرجه الخطيب في ((التلخيص)) أيضاً (321/ 1) من طريق على يزيد الصدائي، عن خارجة. وعلي بن يزيد الصدائي، قال أحمد: ((ما كان به بأس)) . وقال أبو حاتم: ((ليس بقوي، منكر الحديث عن الثقات)) . أما خارجة بن مصعب فضعيف.
وبالجملة، فالحديث منكر كما قال أبو حاتم، وأسانيده مضطربة جداً كما حققت. والله أعلم. وقد قال الحافظ في ((الفتح)) (11/ 206) : ((في سنده لين)) !!
(1/95)
75- ((الموتُ كَفارَةٌ لِكُلِ مُسلِمٍ)) . (1)
_________
(1) 75- ضعيف جداً.
أخرجه العقيلي (ق 220/ 2) ، ومن طريقه القضاعي في ((مسند الشهاب)) (173) ، وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (3/ 319) من طريق داود بن المحبر، قال: حدثنا نصر بن جميل، قال: حدثنا حفص بن عبد الرحمن، قالَ: أتينا عاصماً الأحول نعزيه حين قتل ابنه، وقلنا: إنا نرجوا له الشهادة فقال وما أوسع من ذلك! سمعت أنس بن مالك يقول ... فذكره مرفوعا. قال العقيلي نصر بن جميل وحفص بن عبد الرحمن مجهولان بالنقل، وحديثهما غير محفوظ)) .
قلت: وداود بن المحبر تالف ألبتة، فإنه كذاب، وله طريق آخر عن عاصم. فأخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (3/121) ، وعنه الخطيب في ((التاريخ)) (1/347) وابن الجوزي (3/ 218) من طريق أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد، أبنانا أحمد بن عبد الرحمن السقطي، أنبأنا يزيد بن هارون، نا عاصم، عن أنس. قلت: وهذا سند ساقط؛ أما أبو عبد الرحمن السقطي، أما أبو بكر المفيد، فقال ابن الجوزي: ((ضعيف جداً)) قالَ الخطيب في ((التاريخ)) (1/348) : ((وكان شيخنا أبو بكر البرقاني قد أخرج في ((مسنده الصحيح)) عن المفيد حديثاً واحداً، وكان كلما قريء عليه اعتذر من روايته عنه، وذكر أن هذا الحديث لم يقع إليه إلا من جهته فأخرجه عنه، وسألته عنه فقال: ليس بحجة. وقال لنا البرقاني أيضاً: رحلت إلى المفيد فكتبت عنه الموطأ، فلما رجعت إلى بغداد قال لي أبو بكر بن أبي سعد: أخلف الله عليك نفقتك، فدفعته إلى بعض الناس، وأخذت بدله بياضاً!! قال الخطيب: روى المفيد الموطأ عن الحسن بن عبد الله العبدي، عن القعنبي، فأشار ابن أبي سعد إلى أن نفقة البرقاني ضاعت في رحلته، وذلك أن العبدي مجهول لا يعرف)) أ. هـ‍. وقال الذهبي: ((هو متهم)) . أما أحمد بن عبد الرحمن السقطي، فقال الذهبي: ((شيخ لا يعرف إلا من جهة المفيد، يروي عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس ... فذكر خبراً موضوعاً) أ. هـ‍. وهو يعني حديث الباب. وقال الخطيب (1/ 347) : ((لا أعلم أحداً من البغداديين، ولا غيرهم عرف أحمد بن عبد الرحمن السقطي هذا ولا روى عنه سوى المفيد ... قال: وهذا الحديث إنما يحفظ من رواية مفرج بن شجاع الموصلي واهي الحديث. ثم قال: إنما عني الأزدي هذا الحديث خاصة، ومفرج في عداد المجهولين والحديث عن يزيد شاذ مع أنه قد روى عن نصر بن على الجهضي أيضاً، عن يزيد وليس بثابت عنه [وأخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج1/ ق48 /2) قالَ: حدثنا محمد بن صالح بن شعيب إملاء، قالَ: حدثني نصر بن علي، عن يزيد بن هارون، عن عاصم الأحول، عن أنس بهِ. قلْتُ:: وشيخ الإسماعيلي بصري لم أقف على ترجمته، فلعل الخلل من جهة كما يفهم من قول الخطيب. والله أعلم.] . ورواه إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله= =التيمي، عن الحسن بن صالح، عن عاصم الأحول. وإسماعيل كان كذاباً. ورواه أصرم ابن غياث النيسابوري عن عاصم، وأصرم لا تقوم به حجة)) أ. هـ‍.
قلت: جزى الله الخطيب خيراً، فقد أوجز لنا الطرق التي لم نقف عليها، ثم شفعها بالحكم عليها. وواضح أن الحديث ليس له طريق ضعفه يسير، فضلاً عن الصحة والحسن. ومع ذلك فإن السيوطي رحمه الله ناطح في هذا، فقال في ((اللآلئ)) (2/ 415) : ((أنكر على المصنف توهينه لهذا الحديث. فقد صححه الإمام أبو بكر بن العربي، وجمع الحافظ أبو بكر العراقي طرقه في جزء، وقال إنه يبلغ رتبة الحسن)) أ. هـ‍. قلت: وصرح الحافظ العراقي في ((المغني)) (4/ 450) أنه جمع طرق الحديث في جزء وقال. ((قال ابن العربي في ((سراج المريدين)) : إنه حديث حسن صحيح. وضعفه ابن الجوزي)) أ. هـ‍. وهذا القول لا برهان عليه، وأحسن طرق الحديث ما أخرجه الإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 1/ ق 48/ 2) قال: حدثنا محمد بن صالح بن شعيب، حدثنا نصر [الأصل: يحيى!!] بن على، عن يزيد بن هارون، عن عاصم الأحول، عن أنس. قال الحافظ في ((اللسان)) (5/ 201) : ((رواته إثبات إلا هذا - يعني شيخ الإسماعيلي - فما علمت حاله، وقال الخطيب: ليس بمحفوظ عن نصر بن علي)) أ. هـ‍. ثم قال: ((والحديث أورده ابن الجوزي في ((الموضوعات)) وقال: هذا حديث لا يصح. قلت: سبقه إلى ذلك ابن طاهر فبالغ في إنكاره ... ثم قال: وقد جمع شيخنا الحافظ أبو الفضل بن العراقي طرقه في جزء ... والذي يصح في ذلك حديث حفصة بنت سيرين عن أنس - رضي الله عنه - بلفظ: ((الطاعون كفارة لكل مسلم. أخرجه البخاري)) أ. هـ‍.
قلت: وعزو الحديث إلى البخاري بهذا اللفظ وهم بلا شك فإني لم أجده لا في البخاري ولا في غيره من الكتب التي عندي وإنما اللفظ الذي في ((الصحيحين)) : ((والطاعون شهادة لكل مسلم)) .
أخرجه البخاري (10/ 180/ - فتح) ، ومسلم (1916) ، وأحمد (3/ 150، 220، 223، 258) ، والطيالسي (1785) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (5/ 252) من طريق عاصم الأحول، عن حفصة بنت سيرين، عن أنس - رضي الله عنه - به.
(1/96)
76- ((ما أنعمَ اللهُ - عز وجل - عَلى عبدٍ نِعمةً في أهلٍ ومالٍ. وَوَلدٍ، فَيقولُ: مَا شاءَ اللهُ، لا قوةَ إلا باللهِ، فَيرَى فِيهِ آفةً دُونَ الموتِ)) . (1)
77- ((يَا عائشةَ! أحسني جِوارَ نِعَمِ اللهِ، فإنها قَلَّ مَا نَفَرتْ عَن أهلِ بيتٍ، فَكادتْ أنْ تَرجعَ إليهمْ)) . (2)
_________
(1) 76- ضعيف.
أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الشكر)) (رقم 1) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (359) ، والطبراني في ((الصغير)) (1/ 212) ، والبيهقي في ((الأسماء)) (161) ، والخطيب في ((التاريخ)) (3/ 198- 199) ، وابن أبي يعلى في ((طبقات الحنابلة)) (1/ 193) من طريق عمر بن يونس، ثنا عيسى بن عون الحنفي، عن عبد الملك بن زرارة الأنصاري، عن أنس بن مالك مرفوعاً به. وزاد الطبراني: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} . قال الطبراني: ((لا يروى هذا الحديث عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمر بن يونس)
قلت: وكلهم ثقات، ولكن عبد الملك بن زرارة ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (2/ 2/ 350) ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً فهو مجهول الحال. وقال الهيثمي في ((المجمع)) (10/ 140) :
((وعبد الملك بن زرارة ضعيف)) . وفي ((الميزان)) : قال الأزدي: لا يصح حديثه)) .
(2) 77- ضعيف جداً.
أخرجه ابن ماجه (3353) ، وابن أبي الدنيا في ((الشكر)) (رقم 2) من طريق الوليد بن محمد الموقري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرأى كسرة ملقاة فمسحها، وقال ... فذكره. قال البوصيري في ((الزوائد)) ((في إسناده الوليد بن محمد. وهو ضعيف)) .
قلت: تساهل البوصيري رحمه الله في شأن الوليد. وقد كذبه ابن معين ومحمد بن عوف. وتركه النسائي وغيره. وقال ابن حبان: ((روى عن الزهري أشياء موضوعة لم يروها الزهري قط)) . فالسند ضعيف جداً. ولكنه توبع، تابعه خالد بن إسماعيل المخزومي، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً به. أخرجه ابن عدي (3/ 912) ، والخطيب في ((التاريخ)) (11/ 229) قلت: وهذا سند ساقط. وخالد بن إسماعيل كان يضع الحديث على ثقات المسلمين. قال ابن عدي: ((وهذا الحديث يروى أيضاً عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رواه عن الزهري الوليد بن محمد الموقري، وهو شر من خالد بن إسماعيل)) أ. هـ‍. وتابعه أيضاً القاسم بن غصن، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً به. أخرجه ابن عدي (3/912) ، والخطيب في ((التاريخ)) (11/229) قلْتُ: هذا سند ساقط. وخالد بن إسماعيل كانَ يضع الحديث على ثقات المسلمين. قالَ ابن عدي: ((وهذا الحديث يروى أيضاً عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رواه عن الزهري الوليد بن محمد الموقري وهو شر من= =خالد بن إسماعيل)) أ. هـ‍. وتابعه أيضاً القاسم بن غضن، عن هشام بن عروة بهِ. أخرجه الخرائطي في ((فضيلة الشكر)) (68) . وسنده ضعيف. والقاسم ضعفه أبو حاتم. وقال أحمد: ((حدث بأحاديث مناكير)) . وقال ابن حبان: ((يروى المناكير عن المشاهير)) .
وله طريق آخر عن عائشة (أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (3/ 154) ومن طريقه ابن الجوزي في ((الموضوعات)) (2/ 291) من طريق أبي أشرس الكوفي، عن شريك، عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن آبائه، قالوا مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على كسرة ملقاة، فقال: ((يا شقيراء! يا حميراء! أحسني جوار نعمة الله. فبالخبز أنزل الله المطر من السماء، وبالخبز أنبت النبات من الأرض، وبالخبز صمنا وصلينا، وبالخبز حججنا بيت ربنا، وبالخبز جاهدنا عدونا، ولولا الخبز ما عبد الله في الأرض)) . قلت: وهذا حديث باطل، ومتنه في غاية النكارة. قال ابن حبان: ((أبو أشرس الكوفي شيخ يروى عن شريك الأشياء الموضوعة التي ما حدث بها شريك قط، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الإنباء عنه)) أ. هـ‍. وذكره ابن حاتم في ((العلل)) (2/ 312/ 2480) عن ابن مسعود موقوفاً. وحكى عن أبيه أنه قال: ((هذا حديث موضوع)) .
(1/98)
78- ((مَنِ ابْتُليَ فَصَبرَ، وأعطَى فَشَكرَ، وَظُلِمَ فَغَفرَ، وَظَلمَ فاسْتَغفَرَ.)) ثُمَّ سَكَتَ.! قَالوا: مَا لَهُ يَا رسولَ اللهِ؟! قَالَ: {أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [6/82] . (1)
_________
(1) 78- ضعيف جداً.
أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الشكر)) (165) ، والخرائطي في ((فضلية الشكر)) (37) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 7/ رقم 6614) ، وأبو نعيم في ((أخبار أصبهان)) (2/ 225- 226) ، والشجري في ((الأمالي)) (2/ 188) من طريق محمد بن المعلى الكوفي، عن زياد بن خيثمة، عن أبي داود، عن عبد الله بن سخيرة، عن سخيرة، مرفوعاً فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف جداً، وله علتان: الأولى: أبو داود وهو الأعمى واسمه نفيع بن الحارث تركه النسائي والدولابي والدراقطني. وقال أبو حاتم والساجي: ((منكر الحديث)) وزاد الساجي: ((يكذب)) ولذا قال ابن عبد البر: ((أجمعوا على ضعفه، وكذبه بعضهم، وأجمعوا على ترك الرواية عنه)) الثانية: أن عبد الله بن سخيرة مجهول كما في ((التقريب)) والله أعلم.
(1/99)
79- ((مَنْ قَالَ حِينَ يُصبِحُ: اللَّهُمَّ مَا أصبَحَتْ بِي مِنْ نِعمَةٍ، أو بِأحدٍ مِنْ خَلقِكَ، فَمِنكَ وَحدكَ لا شَريكَ لَكَ، فَلَكَ الحَمدُ وَلَكَ الشكرُ، إلا أدَّى شُكرَ ذَلِكَ اليَوم)) . (1)
_________
(1) 79- ضعيف.
أخرجه أبو داود (5073) ، والنسائي في ((اليوم والليلة)) (رقم 7) ، وابن أبي الدنيا في ((الشكر)) (رقم 164) ، والفريابي في ((الذكر)) - كما في ((الفتوحات الربانية)) (3/107) -، وابن االأثير في= = ((أسد الغابة)) (3/241) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (5/ 115- 116 (من طرق عن سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عنبسة، عن عبد الله بن غنام.
وقد رواه عن سليمان بن بلال جماعة منهم: ((يحيى بن حسان، وابن أبي أويس، والقعنبي، ويحيى ابن صالح الوحاظي)) . وخالفهم ابن وهب،، فرواه عن سليمان بن بلال بسنده سواء ولكنه قال فيه: ((ابن عباس)) . فجعله من مسند ((ابن عباس)) . أخرجه النسائي في ((اليوم والليلة)) - كما في ((أطراف المزي)) (6/ 404) - وعنه ابن السني (41) ، وابن حبان (ج 2/ رقم 858) ، من طرق عن ابن وهب. ولم يتفرد به ابن وهب، فتابعه سعيد بن أبي مريم، فرواه عن سليمان بن بلال به فذكر ((عن ابن عباس)) . أخرجه الطبراني في ((الدعاء)) من طريق يحيى بن نافع المصري، عن سعيد به، وقال:
((هكذا رواه ابن أبي مريم، وخالفه ابن وهب وغيره. ثم رواه عن أحمد بن محمد بن نافع الطحان المصري، عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، عن سليمان بن بلال وقال: ((عن ابن غنام)) .
قلت: فيظهر من هذا أنه قد اختلف عن وهب فيه وقد روى أبو داود هذا الحديث عن أحمد بن صالح عن غير ابن وهب فقال: ((عن ابن غنام)) . قال الحافظ في ((النكت الظراف)) : ((يحتمل أنه كان عند أحمد بن صالح عن غير واحد)) . والحاصل أن ذكر ((ابن عباس)) في السند غير محفوظ، بل قال أبو نعيم في ((المعرفة)) : من قال فيه: ((ابن عباس)) فقد صحف)) . وخطأ ابن عساكر وتبعه المزي من جعله من مسند ((ابن عباس)) . ثم إن سند هذا الحديث ضعيف، لتفرد عبد الله بن عنبسة بهِ قالَ الحافظ فيهِ: ((مقبول)) يعني حيث يتابع، ولم يتابعه أحد - فيما أعلم - ولم يذكر له الحافظ متابعاً في ((نتائج الأفكار)) عند كلامه عليه، فمن الغريب أن يقول: ((حديث حسن)) !! كما في ((الفتوحات)) (3/ 107) . والله أعلم. ومثله قول النووي رحمه الله في ((الأذكار)) : وروينا في سنن أبي داود بإسناد جيد لم يضعفه ... )) وهذا اعتماداً منه على سكوت أبي داود، وقد سكت أبو داود عن أحاديث كثيرة ضعيفة وللنووي بحث في ذلك يرد قوله الأول. والله أعلم.
(1/100)
80- ((كَانَ رسولُ اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وآلهِ وَسلمَ إذا نَظَرَ في المِرآةِ قَالَ: الحَمدُ للهِ الذي خَلَقني، فَأحسَنَ خَلقِي وَخُلُقي، وزَانَ متى مَا شَانَ مِن غيري)) . (1)
_________
(1) 80- ضعيف.
أخرجه ابن السني في ((اليوم والليلة)) (163) ، وأبو الشيخ في ((الأخلاق)) (1/ 5/ 184- 185) ، من طريق أبي يعلى الموصلي، وهذا في ((مسنده)) كما في ((المجمع)) (5/ 171) ، قال: حدثنا عمرو بن الحصين، ثنا يحيى بن العلاء، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس فذكره بلفظه.
قلت: وهذا سند ساقط، وعمرو بن الحصين، وشيخه يحيى بن العلاء من الكذابين. ... =
=وله شاهد من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -. أخرجه ابن السني (164) ، وابن أبي الديا في ((الشكر)) (119) ، وأبو الشيخ في ((الأخلاق)) (1/ 5/ 185) ، والخطيب في ((الجامع)) (1/ 389 -390) والبيهقي في ((الشعب)) (2/ 1/ 127) ، من طريق أبي معاوية هاشم بن عيسى اليزني، نا الحارث بن مسلم، عن الزهري، عن أنس فذكره بنحوه وعنده: ((وجعلني من المسلمين)) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان:
الأولى: أبو معاوية هذا، مجهول كما قال العقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 343) بل قال: ((منكر الحديث)) . وتبعه الذهبي فقال: ((لا يعرف)) . وكذلك قال الهيثمي (10/ 139) : ((لم أعرفه)) ، وقد يفهم من عبارة الهيثمي أنه لم يطلع على ((الضعفاء)) للعقيلي، أو حتى على ((الميزان)) أثناء حكمه إذ العادة أن يصرح بأنه مجهول أو نحو ذلك، ولا ينسب عدم المعرفة إلى نفسه إلا لأنه لم ير ترجمة له. والله أعلم.
الثانية: الحارث بن مسلم لا أعرف عن حاله شيئاً، ولكن هل هو ((الحارث بن مسلم الرازي الذي قال فيه السليماني: منه نظر؟!
وله طريق آخر عن أنس. أخرجه المروزي في ((زوائد الزهد)) (1174) أخبرنا الهيثم بن جميل، قالَ: أخبرنا عبد الله بن المثنى بن أنس بن مالك، قالَ: حدثني رجل من آل أنس، عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتناول المرآة فينظر فيها، ويقول: الحمد لله، أكمل خلقي، وحسن صورتي، وزان مني ما شان من غيري!! . قلت: وسنده ضعيف، لأجل الرواي عن أنس فإنه غير معروف. ثم وقعت عليه. فأخرجه البزار (ج 4/ رقم 3124) من طريق داود بن المحبر، ثنا عبد الله بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس فذكره. قال البزار: ((لا نعلمه يروي مرفوعاً إلا بهذا الإسناد، وداود بن المحير ليس بالحافظ)) . قلت: تساهل البزار في حال داود، وهو متروك، بل اتهم بالكذب ووضع الحديث، فالسند تالف.
وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. أخرجه ابن السني (162) من طريق الحسين بن أبي السري، ثنا محمد بن الفضيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نظر في المرآة قال: ((الحمد لله، اللهم كما حسنت خلقي، فحسن خلقي)) . قلت: وإسناده تالف. والحسين بن أبي السري ضعفه أبو داود، بل كذبه أبو عروبة الحراني، وأخوه محمد بن أبي السري. وعبد الرحمن بن إسحاق قال البخاري: ((فيه نظر)) .
وقال أحمد وأبو حاتم ((منكر الحديث)) . زاد أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يُحتج بهِ)) . وضعفه ابن معين، وأبو داود، والنسائي، وابن سعد، وابن حبان وغيرهم. ... =
=وله شاهد من مرسل جعفر بن محمد. أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الشكر)) (175) عن ابن أبي فديك، قال بلغني عن جعفر بن محمد قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره وسنده ضعيف للانقطاع بين ابن أبي فديك وجعفر، ثم لأنه مرسل. والله أعلم.
(1/101)
81- ((مَنِ استعمَلَ رَجُلاً مِنْ عِصَابةٍ، وَفِيهمْ مَنْ هُوَ أرضَى للهِ مِنهُ، فَقَدْ خَانَ اللهَ، وَرَسُولَهُ، وَالمُؤمِنينَ)) . (1)
_________
(1) 81- ضعيف.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 47/ 2) ، وابن عدي في ((الكامل)) (763/ 2) ، والحاكم (4/ 92- 93) من طريق حسين بن قيس، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً به. قال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) !! وسكت عنه الذهبي.
قلت: وليس كما قال، فإن حسين بن تركه أحمد والنسائي، والدارقطني. وضعفه ابن معين، وقال البخاري: ((لا يكتب حديثه)) . وقال الجوزجاني: ((أحاديثه منكرة جداً)) . فكيف يكون الإسناد صحيحاً؟! ثمَّ رأيت الذهبي تعقبه؛ قالَ الزيلعي في ((نصب الراية)) (4/ 62) بعد أن حكى تصحيح الحاكم: ((وتعقبه شيخنا شمس الدين الذهبي في ((مختصره)) وقال: حسين بن قيس ضعيف)) أ. هـ‍. فهذا يبين أن تعليقه سقط من نسخة المستدرك المطبوعة، فيؤخذ من هنا. والحمد لله. ولكن حسيناً لم يتفرد بهِ، فقد تابعه اثنان ممن وقفت عليهما: الأول: يزيد بن أبي حبيب، عن عكرمة بهِ. أخرجه البيهقي (10/ 118) من طريق ابن لهيعة ثنا يزيد بهِ. قلْتُ:: وابن لهيعة سيئ الحفظ، والراوي عنهُ عثمان بن صالح سمع منه بد احتراق كتبه. والله أعلم. الثاني: خصيف بن
عبد الرحمن، عن عكرمة، أخرجه الخطيب في ((تاريخ بغداد)) (6/ 76) من طريق إبراهيم بن زياد القرشي، عن خصيف. وهذا سند ضعيف. وإبراهيم بن زياد لا يعرف كما قالَ ابن معين والذهبي. وقال الخطيب: ((في حديثه نكرة)) . ثمَّ خصيف بن عبد الرحمن في حفظه مقال. وأخرجه الطبراني في
((معجمه)) - كما في ((نصب الراية)) (4/ 62) - من طريق حمزة النصيبي، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس فساقه مرفوعاً. وسنده ضعيف جداً. وحمزة هو ابن أبي حمزة، تناولوه؛ قالَ ابن معين: ((لا يساوي فلساً!! وَقَالَ البخاري: ((منكر الحديث)) . وَهَذَا جرح شديد عنده. وتركه الدارقطني. وَقَالَ ابن عدي: ((عامة ما يرويه موضوع)) . والحديث أخرجه مسدد في ((مسنده)) كَمَا في ((المطالب العالية)) (2/ 233) - ونقل محققه عن البوصيري أنه قالَ: ((رواه مسدد بإسناد حسن، والطبراني، والحاكم وعنهُ البيهقي)) . قلت: لم أقف على ((مسند مسدد)) ، والبوصيري - عندي - من المتساهلين في النقد، فلست أركن تحسينه لهذا الإسناد. ... =
=وللحديث شاهد عن حذيفة - رضي الله عنه -. أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) قال: حدثنا أبو وائل خالد بن محمد البصري، ثنا عبد الله بن بكر السهمي، ثنا خلف بن خلف، عن إبراهيم بن سالم، عن عمرو بن ضرار، عن حذيفة مرفوعاً ((أيما رجل استعمل رجلاً على عشرة أنفس، وعلم أن في العشرة من هو أفضل منه، فقد غش الله ورسوله، وجماعة المسلمين)) . وفي السند بعض من لم أهتد إلى ترجمته، ويغلب على ظني أن ذلك بسبب التصحيف. والله أعلم.
(1/102)
82- ((مَنْ وُلِّيَ مِنْ أمرِ المُسلِمينَ شَيئاً، فأمَّرَ عَلَيهِم أحَداً مُحَاباةً، فَعَليهِ لَعنةُ اللهِ، لا يَقبلُ اللهُ مِنهُ صَرفاً، ولا عدلاً، حَتى يُدخِلَهُ جَهَنَّمَ)) . (1)
_________
(1) 82- ضعيف.
أخرجه الحاكم (4/ 93) من طريق بكر بن خنيس، عن رجاء بن حيوة، عن جنادة بن أبي أمية، عن يزيد بن أبي سفيان قال، قال لي أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - حين بعثنى إلى الشام: يا يزيد، إن لك قرابة، عساك أن تؤثرهم بالإمارة، ذلك أكثر ما أخاف عليك، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قال الحاكم: ((حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) !! فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: بكر، قالَ الدارقطني: متروك)) . وأخرجه أحمد (21) من طريق بقية بن الوليد، قالَ: حدثني شيخ من قريش، عن رجاء بن حيوة؛ وبالإسناد السابق. وسنده ضعيف لجهالة شيخ بقية فيه. وأخرجه أبو بكر المروزي في ((مسند أبي بكر)) (133) من طريق الوليد بن الفضل العنْزي، قال: ثنا القاسم بن أبي الوليد التميمي، عن عمرو بن واقد، عن موسى بن يسار، عن مكحول، عن جنادة بن أبي أمية، عن يزيد بن أبي سفيان به - قلت: وهذا سند ساقط؛ أما الوليد بن الفضل، فضعفه الدارقطني، وقال ابن حبان: ((يروي موضوعات، لا يجوز الاحتجاج به بحالي)) . وعمرو بن واقد، قال البخاري: ((منكر الحديث)) . وكذبه مروان بن محمد، واتهمه دحيم، وتركه الدارقطني. فالحديث ساقط عن حد الاعتبار. والله أعلم.
(1/103)
83- ((مَنْ أعَانَ ظَالِماً بِبَاطِلٍ لِيَدحَضَ بِهِ حَقاً، فَقَدْ برئ مِنَ اللهِ وَرَسولِهِ)) . (1)
_________
(1) 83- ضعيف.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (11/ 215/ 11539) ، والحاكم (4/ 100) من طريق معتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي، يحدث عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعا به. قال الهيثمي في ((المجمع)) (4/ 205) : ((في إسناده حنش، وهو متروك، وزعم أبو محصن أنه شيخ صدق)) .
قلت: حنش هذا لقب لحسين بن قيس الرحبي، وقد تركه جماعة، بل كذبه أحمد. فشهادة أبي محصن له لا تنفعه؛ ولذا يُستغرب أن يقول الحاكم: ((حديث صحيح الإسناد)) !! لكن حسين لم يتفرد بهِ؛ بل تابعه إبراهيم بن أبي عبلة، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً: ((من أعان ظالما بباطل ليدحض بباطله حقاً، فقد برئ من ذمة الله - عز وجل -، وذمة رسوله صلى الله عليهِ وآله وسلم. ومن أكل درهما من ربا، فهوَ مثل ثلاثة وثلاثين زنية، ومن بنت لحمه من سحت فالنار أولى بهِ)) . أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (1/ 191/ 2) ، وفي ((الصغير)) (1/ 82) وابن حبان في ((المجروحين)) (1/ 328) من طريق سعيد بن رحمة المصيصي، حدثنا محمد بن حمير، عن إبراهيم بن أبي عبلة بهِ قالَ الطبراني: ((لم يروه عن إبراهيم بن أبي عبلة، واسم أبي عبلة: شمر، وقدْ قيل: طرخان، والصواب: شمر، إلا محمد بن حمير، تفرد بهِ سعيد بن رحمة)) . قلت: محمد بن حمير وثقه ابن معين، ودحيم، وتكلم فيه أبو حاتم بما لا يضر كثيراً إن شاء الله. أما سعيد بن رحمة، فقال فيه ابن حبان: ((لا يجوز الاحتجاج به لمخالفته الأثبات في الروايات)) . وساق له الذهبي هذا الحديث من مناكيره. وتابعه خصيف، عن عكرمة. أخرجه الخطيب (6/ 76) ومر قبل حديث.
ورواه عمرو بن دينار، عن ابن عباس مرفوعاً: ((من أعان بباطل ليدحض بباطله حقاً فقد برئ من ذمة الله، وذمة رسوله. ومن مشى إلى سلطان الله ليذله، أذله الله مع ما يدخر له من الخزي يوم القيامة، سلطان الله: كتاب الله وسنة نبيه. ومن تولى من أمراء المسلمين شيئاً فاستعمل عليهم رجلاً وهو يعلم أن فيهم من هو أولى بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسنة رسوله، فقد خان الله ورسوله وجميع المؤمنين ومن ترك حوائج الناس لم ينظر الله في حاجته حتى يقضي حوائجهم ويؤدي إليهم بحقهم، ومن أكل درهم ربا فهوَ ثلاث وثلاثين زنية، ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى بهِ)) . أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (11/ 114/ 11216) ومن طريقه الشجري في ((الأمالي)) (2/ 229) من طريق أبي محمد الجزرى. وهو حمزة النصيبي، عن عمرو بن دينار. قال الهيثمي (5/ 212) : ((فيه أبو محمد الجرزي، وحمزة النصيبي، ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح)) . قلت: أما أبو محمد الجزرى، فأظنه حمزة بن أبي حمزة النصيبي، وهو تالف كما في الحديث (81) - والله أعلم.
وله شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. أخرجه الخطيب (8/ 379) من طريق لاحق بن الحسين بن عمران بن أبي الورد، حدثنا أبو سليمان داود بن سليمان الأصبهاني - قدم بغداد - حدثنا أبو الصلت سهل بن إسماعيل المرادي، حدثنا مالك بن أنس، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه مرفوعاً. قال الخطيب: ((حديث باطل عن مالك ومن فوقه، وكان لاحق غير ثقة)) .
(1/104)
84- ((لا قَلِيل مِنْ أذَى الجَارِ)) . (1)
85- ((إذَا رَأيتُمُ الرَّجُلَ يَعتادُ المساجدَ، فاشْهَدُوا لَهُ بِالإيِمانِ)) . (2)
_________
(1) 84- ضعيف جداً.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 23/ رقم 535) ، وعنه أبو نعيم في ((الحلية)) (10/ 27) من طريق أحمد بن رشدين، ثنا أحمد بن أبي الحواري، ثنا الوليد، ثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أم سلمة مرفوعاً. قال الهيثمي (8/ 170) : ((رجاله ثقات)) !!
قلت: كيف هذا؟! وأحمد بن رشدين شيخ الطبراني قال ابن عدي: كذبوه، وأنكرت عليه أشياء. وساق له الذهبي حديثاً باطلاً في ترجمته. والوليد هو ابن مسلم، وكان يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بالتحديث. ويحيى بن أبي كثير مدلس.
(2) 85- ضعيف.
أخرجه الترمذي (7/ 365- 366 و8/490- تحفة) ، وابن ماجه (802) ، والدارمي (1/ 222) ، وأحمد (3/ 50- 51- الفتح الرباني) ، وابن خزيمة (2/ 379) ، وابن حبان (310) ، وابن عدي في ((الكامل)) (3/ 981، 1013) ، والحاكم (1/ 212- 213 و2/ 332) ، والبيهقي (3/ 66) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (8/ 327) ، والخطيب في ((التاريخ)) (5/ 456- 457) من طريق دراج بن سمعان، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري مرفوعا فذكره. قال الترمذي حديث حسن)) . وقال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي!!
قلت: لا، ودرّاج ضعيف في روايته عن أبي الهيثم. أما الذهبي فحاله متضارب؛ فقد رأيته أقر الحاكم على تصحيحه في الموضع الثاني المشار إليه، ثمَّ وجدته في الموضع الأول تعقب الحاكم بقوله: ((قلْتُ:: دراج كثير المناكير)) . وأقره الشيخ القاري في ((المرقاة)) (1/ 461) . وفي ((فيض القدير)) (1/ 358) ضعفه المناوي، ونقل عن الحافظ العراقي أنه قالَ: ((حديث ضعيف)) . والله أعلم.
(1/105)
86- ((وَسِّطُوا الإمامَ، وَسَدُّوا الخَلَلَ)) . (1)
87- ((لَسِقطٌ أُقَدِّمُهُ بَينَ يَدَيَّ، أحَبُّ إليَّ مِنْ فَارِسٍ أُخَلفُهُ وَرَائِي)) . (2)
88- ((ذَرُوا الحَسنَاءَ العَقيمَ، وَعَليكُمْ بِالسودَاءِ الوَلُودِ، فإنِّي مُكاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ، حَتَى السّقطَ مُحنَّطاً عَلَى بَابِ الجَنةِ، فَيُقالُ لَهُ: ادخُلِ الجَنةَ؟ !
_________
(1) 86- ضعيف.
أخرجه أبو داود (2/ 375- عون) ، ومن طريقه البيهقي (3/ 104) من طريق يحيى بن بشير بن خلاد، عن أمه أنها دخلت على محمد بن كعب القرظي، فسمعته يقول: حدثني أبو هريرة مرفوعاً ... فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف. ويحيى بن بشير، قال ابن القظان: ((مجهول)) - وأمه، واسمها ((أمة الواحد بنت يامين)) ، مجهولة أيضاً. والله أعلم.
(2) 87- منكر.
أخرجه ابن ماجه (1607) من طريق خالد بن مخلد، ثنا يزيد بن عبد الملك، عن يزيد بن رومان، عن أبي هريرة مرفوعا ... فذكره.
قلت: وهذا سند واه، وله ثلاث علل: ... =
=الأولى: ضعف يزيد بن عبد الملك؛ قال البخاري: ((ضعفه أحمد)) وتركه النسائي. وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على ضعفه)) . ويعني بالإجماع: الأكثر، وإلا فقد مشى ابن معين أمره، فقال في رواية: ((لا بأس به)) .
الثانية: الانقطاع بين يزيد بن رومان، وأبي هريرة. صرح بذلك المزي في ((تحفة الأشراف)) (10/ 419) .
الثالثة: الاختلاف على يزيد بن عبد الملك في إسناده؛ فمرة يرويه عن يزيد بن رومان، عن أبي هريرة كما مر ذكره - ومرة يرويه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا. أخرجه العقيلي في ((الضعفاء)) (ق 231/ 1) ، وابن عدي في ((الكامل)) (7/ 27162715) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 906) - ومرة يرويه عن يزيد بن خصيفة، عن السائب، عن عمر بن الخطاب مرفوعا. أخرجه ابن عدي (7/ 2716) وهذا الاختلاف إنما هو من يزيد النوفلي وهوَ ضعيف كما سبق ذكره. وهنذا يوجب ضعف الحديث، والله أعلم. ولذا قال العقيلي: ((لا يتابع حديثه، إلا جهة لا تصح)) . وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح)) . والسقط: هو الجنين الذي يسقط قبل تمامه. وفي فضيلة السقط حديث آخر، وهو الآتي.
(1/106)
فَيقولُ: حتَى يَدخُلَ والِديَّ مَعِي)) . (1)
_________
(1) 88- موضوع.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (2/780) أخبرنا أبو يعلى، وهذا في ((مسنده)) - كما في ((فيض القدير)) (3/562) - حدثنا عمرو بن الحصين، ثنا حسان بن سياه، ثنا عاصم، عن زر، عن عبد الله، مرفوعا فذكره. قال ابن عدي: ((وحسان بن سياه له أحاديث غير ما ذكرته وعامتها لا يتابعه غيره عليه. والضعف يتبين على رواياته وحديثه)) .
قلت: وكذلك شيخ أبي يعلى فيه، وهو عمرو بن الحصين، فإنه أتلف من ابن سياه، وقد ذكرت قريبا أنه كذاب.
وله شاهد من حديث معاوية بن حيدة - رضي الله عنه -. أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (2/111) من طريق علي بن الربيع، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده مرفوعا: ((سوداء ولود خير من حسناء لاتلد، إني مكاثر بكم الأمم، حتى أن السقط ليظل محنطئا على باب الجنة، فيقال له ادخل الجنة! فيقول: أنا وأبواي! فيقال: أنت وأبواك)) قال ابن حبان: ((هذا حديث منكر لا أصل له وعلي بن الربيع يروي المناكير، فلما كثرت في روايته بطل الاحتجاج به)) . وأخرجه العقيلى (ق 152/2) من طريق علي بن= = نافع قال: حدثنا بهز بن حكيم به، وقال: ((علي بن نافع عن بهز بن حكيم مجهول بالنقل، وحديثه غير محفوظ)) قلت: كذا وقع عند العقيلي ((علي بن نافع)) ويقع لي أنه هو ((علي بن الربيع)) ولا فرق بينهما، فإما أن يكون أخطأ فيه بعض الرواة، أو نسب في إحدى التسميتين إلى جده الأعلى أو نحو ذلك.
وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. أخرجه ابن ماجه (1608) من طريق مندل بن علي، عن الحسن بن الحكم النخعي، عن أسماء بنت عايس، عن أبيها، عن علي مرفوعاً: ((إن السقط ليراغم ربه إذا أدخل أبويه النار!! فيقال: أيها السقط المراغم ربه! أدخل أبويك الجنة، فيجرهما بسرره حتى يدخلهما الجنة)) قال أبو علي: ((يراغم ربه: يغاضب)) - قلت: وهذا سند واه؛ مندل بن علي ضعيف، وحكى البوصيري في ((الزوائد)) الاتفاق على ضعفه، وهو غلط، فلم يتفقوا كما يظهر من مطالعة ترجمته، وإن كان ضعيفاً. والحكم بن الحسن وثقه أحمد، لكن قال ابن حبان: ((يخطئ كثيراً، ويهم شديداً، لا يعجبني الاحتجاج بخيره إذا انفرد)) . وأسماء بنت عايس مجهولة، لم يرو عنها سوى الحكم.
وله شاهد من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه -. أخرجه ابن ماجه أيضاً (1609) من طريق يحيى بن
عبيد الله، عن عبيد الله بن مسلم الحضرمي، عن معاذ مرفوعاً، ((والذي نفسي بيده! إن السقط ليجر أمه إلى الجنة، إذا احتسبه)) . قال البوصيري في ((الزوائد)) : ((في إسناد يحيى بن عبيد الله بن موهب، اتفقوا على ضعفه)) .
وأما قوله ((فإني مكاثر بكم الأمم)) فقد صح من وجه آخر بلفظ: ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)) . وقد خرجته في ((الانشراح في أدب النكاح)) (رقم 10) . والحمد لله على التوفيق.
(1/107)
89- ((أيُّمَا امرَأةٍ مَاتَتْ وَزَوجُها رَاضٍ عَنهَا، دَخَلَتِ الجَنَّةَ)) . (1)
90- ((لا يَبلُغُ العبدُ أنْ يَكونَ مِنَ المُتقِينَ، حَتَّى يَدَعَ مَالا بَأسَ بِهِ، حَذَراً مِمَّا بِهِ
بَأسٌ)) . (2)
_________
(1) 89- منكر.
أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 303) ، والترمذي (4/ 325- تحفة) ، وابن ماجه (1/ 570- 571) ، والحاكم (4/ 173) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 630) ، من طريق مساور الحميري، عن أمه، عن أم سلمة. مرفوعاً به. قال الترمذي: ((حديث حسن غريب)) . وقال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) ، ووافقه الذهبي!! .
قلت: كلا، وموافقة الذهبي له من العجائب؛ فإنه قال في ((الميزان)) (4/ 95) ((هذا خبر منكر)) . وعلة ذلك هي جهالة مساور وأمه، كما صرح ابن الجوزي رحمه الله تعالى، وتبعه في هذا الحكم الذهبي.
ويُغني عن هذا الحديث ما رواه بشير بن يسار، أن حصين بن محصن أخبره عن عمته، أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لها: ((أذاتُ زوج أنت؟!)) قالت: نعم. قَالَ: كيف أنت= =له؟)) قالت: ما آلوه يعني لا أأقصر على طاعته إلا ما عجزتُ عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((انظري أين أنت منه، فإنه جنتك ونارك)) . أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (4/ 304) ، والنسائي في ((العشرة - من الكبرى)) - كما في ((أطراف المزي)) (13/ 114) -، وأحمد (4/ 341، 6/ 419) ، والحميدي (335) ، والطبراني في ((الأوسط)) (ج 1/ رقم 532) ، والحاكم (2/ 189) ، والبيهقي (7/ 291) من طريق يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار. قال الهيثمي في ((المجمع)) (4/ 306) : ((رجاله الصحيح، خلا حصين، وهو ثقة)) .
(2) 90- ضعيف.
أخرجه الترمذي (2451) ، وابن ماجه (4215) ، والحاكم (4/ 319) ، والبيهقي في (شعب الإيمان) - كما في ((الإصابة)) (5/ 276) - وفي ((السنن)) (5/ 335) من طريق أبي عقيل الثقفي، عبد الله بن عقيل، حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثني بن يزيد، وعطية بن قيس، عن عطية السعدي، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكره مرفوعاً. قال الترمذي ((حديث حسن غريب لا نعلافه إلا من هذا الوجه ((وقال الحاكم ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي ‍‍!! .
قلت: كلا، فإن عبد الله بن يزيد هذا، قال فيه الجوزجاني: ((روى عنه ابن عقيل أحاديث منكرة)) . واعتمدها الذهبي في ((الضعفاء)) (1/ 363) .
(1/108)
91- ((أَفَعَميَاوَانِ أَنتُمَا؟ ‍، أَلَستُمَا تُبْصِرانِهِ؟)) . (1)
_________
(1) 91- ضعيف.
أخرجه أبو داود (4112) ، والترمذي (2778) ، وأحمد (6/ 296) ، وابن سعد في ((الطبقات)) (8/ 126- 127) ، وابن حبان (1457، 1968) ، والطحاوي في ((المشكل)) (1/ 115- 116) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج 23/ رقم 676) ، والبيهقي (7/ 91) ، والخطيب في ((التاريخ)) (3/ 17) ، (8/ 338- 339) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (9/ 34) من طريق الزهري، عن نبهان مولى أم سلمة، أن أم سلمة وميمونة قال: فبينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ أقبل ابن أم مكتوم، فدخل عليه، وذلك بعد ما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((احتجبنا منه)) فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‍أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ ‍فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ? فذكره. قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)) ‍‍!! .
قلت: وهذا مما يتعجب منه ‍‍!! فإن نبهان هذا مجهول كما قال ابن حزم، ونقله عنه الذهبي في ((ذيل الضعفاء)) وأقره، ولم يرو عنه سوى الزهري، وأما رواية محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عنه، = =فقد شكك فيها البيهقي في ((سننه)) (10/ 327) فقال: ((إن كان محفوظاً)) . وتوثيق ابن حبان له لا ينفعه لما علم عنه من التساهل في التوثيق. وقال الحافظ في ((الفتح)) (1/ 550) : ((حديث مختلف في صحته)) . وقال في ((التلخيص)) (3/ 148) : ((ليس في إسناده سوى بنهان مولى أم سلمة، شيخ الزهري، وقد وثق)) : قلت: فكأنما يقويه، وأذكر أنه ذكر ذلك صراحة في ((الفتح)) ، مع أنه قال في ((نبهان)) هذا: ((مقبول)) . يعني حيث يتابع، ولم يتابع فيما نعلم بل لحديثه معارض: وهو ما أخرجه مسلم (1480) ، وأبو داود (2284) ، والنسائي (6/ 75- 76، 208) ، وأحمد (6/ 412) ، والطحاوي في ((شرح المعاني)) (3/ 65) ، وابن حبان (ج 6/ رقم 4276) ، والبيهقي (7/ 432) ، والخطيب في ((الكفاية)) (ص 39- 40) جميعاً من طريق مالك، وهذا ((موطأه)) ، (2/ 580/ 67) من حديث فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة ... وفي الحديث قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك ... )) .
وله طرق فصلتها في ((غوث المكدود بتخرج منتقى ابن الجارود)) (رقم 760) . وقال ابن عبد البر: ((حديث فاطمة بنت قيس يدل على جواز نظر المرأة إلى الأعمى، وهو أصح من هذا)) يعني من حديث أم سلمة، وكذا حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد بحرابهم. أخرجه الشيخان، والنسائي (3/ 195- 196) ، وأحمد (6/ 84، 85) ، والطحاوي (1/ 116) ، والطيالسي (1442) ، وعبد الرزاق (19721) ، والبيهقي (7/ 92) ، وأبو الشيخ في ((الأخلاق)) (26) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (9/ 168) .
وقد جمع أبو داود بين الحدثين فقال عقب تخريجه لحديث أم سلمة: ((هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، ألا ترى إلى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة بنت قيس: اعتدي عند ابن مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده)) . قال الحافظ في ((التلخيص)) (3/ 148) : ((قلت: هذا جمع حسن، وبه جمع المنذري في حواشيه واستحسنه شيخنا)) أ. هـ‍. قلت: وهذا الجمع - إن صح- يرفع عن الحديث النكارة، أما الضعف فلا. والله أعلم. والحديث ضعفه ضعفه شيخنا الألباني - حفظه الله - في ((تخريج فقه السيرة)) (ص 44- 45) لمحمد الغزالي.
(1/109)
92- ((لا يُسأَلُ بِوَجهِ اللهِ إلاَّ الجَنةَ)) . (1)
93- ((مَنْ صَلى عَليِهِ ثَلاَثَةُ صُفُوفٍ، فَقَدْ أَوْجَبَ)) . (2)
_________
(1) 92- ضعيف.
أخرجه أبو داود (5/ 88- عون) ، ومن طريقه الخطيب في ((الموضح)) (1/ 352- 353) من طريق يعقوب بن إسحاق الحضرمي، عن سليمان بن معاذ، أخبرنا ابن المنكدر، عن جابر مرفوعاً ... فذكره. وأخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (3/ 1107) من طريق يعقوب، عن سليمان بن قرم، عن ابن = =المنكدر به. فاختلف العلماء: هل سليمان بن قرم، وسليمان بن معاذ رجل واحد أم أثنان؟ ‍! ففرق بينهما البخاري والعقيلي (ق 83/02) ، وابن عدي. وقال أبو حاتم، والطبراني، والدارقطني: ((هما واحد)) . قال عبد الغني بن سعيد في ((إيضاح الإشكال)) : ((من فرق بينهما فقد أخطأ)) .
قلت: وهذا ما أميل إليه، ولعل من قال: ((سليمان بن معاذ)) يكون قد نسب ((سليمان بن قرم)) إلى جده؛ فإن اسمه ((سليمان بن قرم بن معاذ)) والله أعلم. وسليمان هذا ضعيف. قال ابن معين: ((ليس بشيء)) . وضعفه ابن القطان وغيره، وقد تفرد بالحديث. قال ابن عدي: ((وهذا الحديث لا أعرفه عن محمد بن المنكدر إلا من رواية سليمان بن قرم)) أ. هـ‍.
(2) 93- ضعيف.
أخرجه أبو داود (8/ 448- عون) ، والترمذي (4/ 112- 113 تحفة) ، وابن ماجه (1/ 454) ، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (4/ 1/ 303) ، وأحمد (4/ 79) ، والحاكم (1/ 362- 363) من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزني، عن مالك بن هبيرة، وكانت له صحبة، قال: كان إذا أتى بجنازة، فقال من تبعها، جزأهم ثلاثة صفوف ثم صلى عليها وقال ... فذكره. قال الترمذي: ((حديث حسن)) . وقال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)) ووافقه الذهبي ‍‍!! .
قلت: ومحمد بن إسحاق مع كون مسلم لم يحتج به فإنه مدلس عنعنه. وقد اختلف على ابن إسحاق فيه؛ فرواه عَنهُ إبراهيم بن سعد فأدخل بَينَ مرثد ومالك بن هبيرة رجلاً. ذكره الترمذي وسماه الحافظ في
((الإصابة)) (5/ 757) : ((الحارث بن مالك؛ وقال: كذا وقع في ((المعرفة)) لابن منده ((ورجح الترمذي الرواية الأولى، والخالية من الواسطة ولكن فيها عنعنة ابن إسحاق. والله أعلم.
(1/110)
94- ((مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ)) . (1)
_________
(1) 94- ضعيف.
أخرجه ابن حبان في ((الصحيح)) (2075) ، وفي ((روضة العقلاء)) (70) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (327) ، وأبو الشيخ في ((الأمثال)) (80/ 1) ، وابن عدي في ((الكامل)) (2614/ 7) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (8/ 246) ، وفي ((أخبار أصبهان)) (2/ 9) ، وابن السمعاني في ((أدب الإملاء)) (145) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 729- 730) من طريق المسيب بن واضح، نا يوسف بن أسباط، عن سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر مرفوعاً.
قلت: وهذا سند ضعيف. والمسيب بن واضح، ضعفه الدارقطني. وقال أبو حاتم: ((صدوق يخطئ كثيراً)) . أما ابن الجوزي، فزعم زعماً آخر، فقال: ((هو في مقام المجهول)) ‍‍!! مع أنه قال في =
= ((الضعفاء)) (3324) : ((كثير الوهم، وقال الدارقطني: ضعيف)) ‍وأما يوسف بن أسباط، فوثقه ابن معين، ولكن قال أبو حاتم: ((لا يحتج به)) . وقال البخاري: ((كان قد دفن كتبه، فصار لا يجيء بالحديث كما ينبغي. وفي ((علل الحديث)) (2359 / 2 / 285) : ((قال أبو حاتم: هذا حديث باطل لا أصل له، ويوسف بن أسياط دفن كتبه)) أ. هـ‍. وقال ابن عدي: ((وهذا يعرف بالمسيب بن واضح، عن يوسف بن أسباط، عن سفيان بهذا الإسناد. وقد سرقه منه جماعة من الضعفاء رووه عن يوسف. ولا يرويه غير يوسف عن الثوري)) . قلت: سرقه من المسيب: الحسن بن عبد الرحمن الاحتياطي، ثنا يوسف بن أسباط به. أخرجه ابن عدي (746/ 2) ، والخطيب في ((التاريخ)) (8/ 58) . قال ابن عدي: ((وهذا الحديث حديث المسيب بن واضح عن يوسف بن أسباط، سرقه منه الاحتياطي هذا، وغيره من الضعفاء)) . والاحتياطي هذا قال فيه أحمد: ((أعرفه بالتخليط)) ! وقال ابن عدي: ((لا يشبه حديثه حديث أهل الصدق)) . وأخذه أبو الأخيل، خالد بن عمرو، فرواه عن سفيان بن عيينه، عن محمد بن المنكدر، عن جابر به. أخرجه ابن عدي (904/ 3) ، وقال: ((قد روى هذا عن مهدي بن جعفر، عن ابن عيينه ‍‍!! ومهدي هذا ممن يروي عن الثقات أشياء لا يتابع عليها، وكنا في شغل من حديث الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ... ويرويه عنه يوسف بن أسباط، حتى جاءنا أبو الأخيل، فحدث به ابن عيينه)) أ. هـ‍. وأبو الأخيل، قال ابن عدي: ((روى أحاديث منكرة عن ثقات الناس)) . وأخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (ج 1/ رقم 466) من طريق موسى بن عيسى الطباع. ثنا يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر مرفوعاً به. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن يوسف بن محمد إلا موسى بن عيسى)) . قلت: آفة الحديث هذا، فإنه متروك، تركه غير واحد. وموسى بن عيسى لم يتفرد به. بل تابعه عبد الرحمن الحلبي، ثنا يوسف به. أخرجه ابن عدي (2613/ 7) . وعبد الرحمن هو ابن عبيد الله، صدوق، لكن الشأن في يوسف. والله أعلم (وجملة القول: أن الحديث ضعيف زلم يرو من وجه يعتمد.
(1/111)
95- ((لا حَليمَ إلا ذُو عَثرَةٍ، وَلا حَكيمَ إلا ذُو تَجرِبَةٍ)) . (1)
96- ((رَجُلانِ جَثَيا بَينَ يَدَي رَبِّ العِزةِ - عز وجل -، فَقَالَ أحَدُهُمَا: خُذ لي بِمَظلمَتي مِنْ أخِي! فَقَالَ - عز وجل - لِلطَالبِ: كَيفَ تَصنَعُ بِأخيكَ، وَلَم يَبقَ مِنْ حَسنَاتِهِ شيءٌ؟! قَالَ: يَا رَبِّ! ، فَيَحملُ مِنْ أوزاري. فَفَاضَتْ عَينَا رَسولِ اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسلَّمَ بِالبُكاءِ ثُمَّ قَالَ: ((إنَّ ذَلكَ لَيَومٌ عَظيمٌ، يَحتَاجُ فِيهِ النَّاسُ إلى مَنْ يَحمِلُ عَنهُمْ أوزَارَهُم)) . فَقَالَ اللهُ - عز وجل - لِلطالِبِ: ارْفَعْ بَصَرَكَ، فانْظُر في الجِنَانِ. فَرَفَعَ رَأسَهُ فَقَالَ: أرَى مَدَائِنَ مِنْ فِضةٍ، وَقُصوراً مِنْ ذَهَبٍ، مُكَلَّلةً بِاللُؤلُؤ، لأيِّ نَبِيٍّ هَذَا؟! ، لأيِّ صِدِّيقٍ هَذَا،؟! لأيِّ شَهِيدٍ هَذَا؟! قَالَ: لِمَنْ أعطَاني الثَّمَنَ! قَالَ: يَا رَبِّ! وَمَنْ يَملِكُ الثَّمَنَ؟ قَالَ: أنتَ تَملِكُ. قَالَ: بِمَ؟! قَالَ: بِعَفوكَ عَنْ أَخيكَ. قَالَ: يَا رَبِّ، قَدْ عَفَوتُ عَنهُ. فَيَقُولُ: خُذْ بِيَدِ أَخِيكَ، وَأدخِلهُ الجَنَّةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ:
((فَاتَّقُوا اللهَ، وأَصلِحُوا
_________
(1) 95- ضعيف.
أخرجه الترمذي (2033) ، وأحمد (3/ 8- 9، 69) ، وابن حبان في ((الصحيح)) (2078) ، وفي ((روضة العقلاء)) (208) ، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (565/ 2) ، وابن أبي الدنيا في ((الحلم)) (ص - 17) ، وأبو الشيخ في ((الأمثال)) (1/ 26- 27) ، وابن عدي في ((الكامل)) (1/ 186) ، والحاكم (4/ 293) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (8/ 324) ، والخطيب في ((التاريخ)) (5/ 301) ، وابن الجوزي في ((الواهيات)) (1/ 54) من طريق دراج بن سمعان، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد مرفوعاً. قلت: وهذا سند ضعيف؛ ورواية دراج عن أبي الهيثم ضعيفه كَمَا صرح بِذَلكَ أحمد =
=وأبو داود، وخالف في ذلك ابن شاهين. واختلف فيه رأي النقاد، هو صدوق مقبول الرواية إذا ماروى عن غير أبي الهيثم، وأنكر عليه ابن عدي هذا الحديث، وخالفه عبيد الله بن زحر، فرواه عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد فأوقفه. أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (565) من طريق يحيى بن أيوب، عن ابن زحر. ويحيى وابن زحر فيهما مقال. ((تنبيه)) هذا الحديث عزاه العجلوني في ((كشف الخفاء)) (2/ 354) لابن ماجه فوهم.
(1/112)
ذاتَ بَينِكُمْ فإنَّ اللهَ يُصلِحُ بَينَ المُؤمِنينَ يَومَ القِيامَةِ)) 0 (1)
97- ((إنَّ القُلُوبَ لَتَصدَأُ كَمَا يَصدَأُ الحَدِيدُ؛ إذا أصَابَهُ المَاءُ! قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا جَلاؤُهَا؟ قَالَ: كَثرَةُ ذِكرِ اللهِ)) . (2)
_________
(1) 96- ضعيف.
أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) - كما في ((ابن كثير)) (3/ 550- 551) -، والبخاري في ((الكبير)) (2/ 1/ 459) إشارة، وابن أبي الدنيا في ((حسن الظن بالله)) (66/ 116) ، وابن أبي داود في
((البعث)) (32) ، والحاكم (4/ 576) ، والبيهقي في ((البعث)) - كما في ((الترغيب)) (3/ 210) -، والخرائطي في ((المكارم)) - كما في ((المغني)) (2/ 199) للعراقي -، من طريق عبد الله بن بكر، ثنا عباد بن شيبة، عن سعيد بن أنس، عن أنس بن مالك قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالس إذ رأيناه ضحك، حتى بدت ثناياه. فقال عمر: ما أضحكك يا رسول الله. بأبي أنت وأمي -؟! قَالَ رسول الله صلى الله عَلَيهِ وآله وسلم ? فذكره. قَالَ الحاكم: ((صحيح الإسناد)) !! فَقَالَ المنذري: ((كذا قَالَ)) !! يعني يستنكره عَلَيهِ، وَكَذَلِكَ فعل الذهبي، فَقَالَ متعقباً لَهُ: ((عباد ضعيف، وشيخه لا يعرف)) . أما عباد، فَقَدْ قَالَ ابن حبان في ((المجروحين)) (2/ 171) : ((منكر الحديث جداً على قلة روايته، لا يجوز الاحتجاج بِهِ لما انفرد بِهِ من المناكير)) . وأما سعيد بن أنس، = =فإنه لا يعرف كما قال الذهبي. وقال البخاري عند الإشارة إلى الحديث في ترجمته: ((لا يتابع عليه)) . ونقله ابن عدي في ((الكامل)) (3/ 1243) عن البخاري وأقره. والله أعلم.
(2) 97- موضوع.
أخرجه ابن عدي في ((الكامل)) (1/ 258) ، ومن طريقه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (2/ 832) من طريق إبراهيم بن عبد السلام، ثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً فذكره. قال ابن عدي: ((وهذا الحديث رواه غير إبراهيم بن عبد السلام هذا، عن
عبد العزيز بن أبي رواد، عن أبيه. وهو معروف بعبد الرحيم بن هارون الغساني، عن عبد العزيز بن أبي رواد، وهو مشهور، وإبراهيم مجهول، ولجهله سرقه منه)) أ. هـ‍.
ثم رواه ابن عدي في ترجمة عبد الرحيم بن هارون من ((الكامل)) (5/ 1921) .
قلت: وعبد الرحيم هذا، قال فيه الدارقطني: ((متروك الحديث، كان يكذب) 0 وله شاهد من حديث أنس - رضي الله عنه -. أخرجه ابن عدي (7/ 2494) من طريق النضر بن محرز، عن محمد بن المنكدر، عن أنس مرفوعاً: ((إن للقلوب صدأ كصدأ الحديد، وجلاؤها الاستغفار)) . قال ابن عدي: ((حديث غير محفوظ)) . قلت: وآفته النضر هذا؛ قال في ((الميزان)) : ((مجهول، وقال ابن حبان: لا يحتج به)) .
(1/113)
98- ((أشْرَافُ أمَّتِي حَمَلةُ القُرآنِ، وَأصحَابُ اللَّيلِ)) . (1)
99- ((حُزَّقَةُ، حُزَّقَةُ، تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّة)) . (2)
_________
(1) 98- موضوع.
أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج 12/ رقم 12612) ، والإسماعيلي في ((معجمه)) (ج 1/ ق 4/ 201) ، وابن عدي في ((الكامل)) (3/ 1194 و7/ 2521) ، والبيهقي في ((تاريخ جرجان)) (1/ 5/ 218 - 1/ 12/ 494) ، والخطيب في ((التاريخ)) ((4/ 124و 8/ 80) من طريق سعد بن سعيد الجرجاني، عن نهشل أبي عبد الله، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعاً فذكره. قال ابن عدي: ((حديث غير محفوظ)) . وقال الهيثمي في ((المجمع)) (7/ 161)) ) فيه سعد بن سعيد الجرجاني، وهو ضعيف)) !!
قلت: كذا قال، وقد قصر جداً، ففي الإسناد نهشل وهو متروك، بل كذبه إسحاق، ثم إن السند أيضاً منقطع بين الضحاك بن مزاحم وبين ابن عباس. والله أعلم. وقال البخاري ((لا يصح)) .
(2) 99- ضعيف. ... =
=أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (270) مختصراً، وعبد الله بن أحمد في ((الزوائد على فضائل الصحابة)) (787/ 2) ، والطبراني في ((الكبير)) (3/ 42، 43) ، وابن السني في ((اليوم والليلة)) (423) ، والحاكم في ((علوم الحديث)) (89) ، والرامهرمزي في ((أمثال الحديث)) (ص - 132) من طريق معاوية بن أبي مزرد، حدثني أبي، عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيد الحسن، ثم وضع قدميه وقال: ... فذكره.
قلت: وسنده ضعيف. وأبو مزرد مجهول الحال. قال الحاكم: ((سألت بعض الأدباء عن معنى هذا الحديث فقالوا لي: إن الحزقة هو المقارب الخُطى، والقصير الذي يقرب خُطاه. وعين يقة: أشار إلى البقة التي تطير، ولا شيء أصغر من عينها لصغرها. وأخبرني بعض الأدباء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد بالبقة: فاطمة. فقال للحسن: يا قرة عين بقة، ترق)) أ. هـ‍.
(1/114)
100- ((إنَّكُمْ لَتبخَلُونَ، وَتُجَبِّنُونَ، وَتُجَهِّلُونَ، وإنَّكُمْ لَمِنْ ريحان الله)) . (1)
تم الجزء الأول من ((النافلة)) ، وعليه الجزء الثاني، وأوله: 101- ((الود يتوارث، والبغض يتوارث)) والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
_________
(1) 100- ضعيف.
أخرجه الترمذي (1910) ، وأحمد في ((المسند)) (6/ 409) ، وفي ((فضائل الصحابة)) (2/ 772- 773) ، والحميدي (334) ، والباغندي في ((مسند عمر بن عبد العزيز)) (18، 19) ، والحكيم الترمذي في ((المسائل المكنونة)) (113- 114) ، وابن قتيبة في ((غريب الحديث)) (407/ 1) ، والسهمي في ((تاريخ جرجان)) (1/ 12/ 475) ، والخطابي في ((العزلة)) (37) ، والبيهقي في ((السنن)) (10/ 202) ، وفي ((الأسماء)) (461) ، والخطيب في ((التاريخ)) (5/ 300) من طريق محمد بن أبي سويد قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وهو محتضن أحد ابني ابنته، وهو يقول ... فذكره. قال الترمذي: ((لا يعرف لعمر بن عبد العزيز سماعاً من خولة)) .
قلت: وعلة أخرى، وهي جهالة محمد بن أبي سويد فإنه لا يعرف كما قال الذهبي. والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج2. باقي صحيح السيرة النبوية تحقيق الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.}

  ج2. صحيح السيرة {ج2. باقي صحيح السيرة النبوية  تحقيق  الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.} صفحة رقم -130 - قال : قلت : من غف...