السؤال باسم الله الأعظم

وسمع آخر يقول في تشهده أيضا : ( أبو داود والنسائي وأحمد والبخاري في الأدب المفرد ) ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت [ وحدك لا شريك لك ] [ المنان ] [ يا ] بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم [ إني أسألك ] [ الجنة وأعوذ بك من النار ] . [ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( تدرون بما دعا ؟ ) قالوا الله ورسوله أعلم . قال : ( والذي نفسي بيده ] لقد دعا الله باسمه العظيم ( وفي رواية : الأعظم ) الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى}

الاثنين، 12 فبراير 2024

القصاص والمذكرين



القصاص والمذكرين


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

وَبِه نستعين

الْحَمد لله الَّذِي نوع أَقسَام الْعُلُوم، وفاوت مقادير الْإِدْرَاك والفهوم، وباين بَين الْعُقُول والحلوم، وَأقَام المتيقظ يُنَبه النؤوم، أَحْمَده حمدا يسْتَمر ويدوم، وأعترف بِأَنَّهُ الْحَيّ القيوم، وأصلي على رَسُوله مُحَمَّد أشرف خَاتم لخير مختوم، وعَلى أَصْحَابه وَأَتْبَاعه إِلَى أَن يجْتَمع الْخلق للفصل وَيقوم، وَأسلم تَسْلِيمًا كثيرا.

سَأَلَ سَائل فَقَالَ: نرى كَلَام السّلف يخْتَلف فِي مدح الْقصاص وذمهم. فبعضهم يحرض على الْحُضُور عِنْدهم، وَبَعْضهمْ ينْهَى عَن ذَلِك. وَنحن نسْأَل أَن تذكر لنا فصلا يكون فصلا لهَذَا الْأَمر. فأجبت - وَالله الْمُوفق - أَنه لَا بُد من كشف حَقِيقَة هَذَا الْأَمر ليبين الْمَحْمُود مِنْهُ والمذموم.

فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِن لهَذَا الْفَنّ ثَلَاثَة أَسمَاء: قصَص، وتذكير، وَوعظ. فَيُقَال: قاص، ومذكر، وواعظ.

فالقاص هُوَ الَّذِي يتبع الْقِصَّة الْمَاضِيَة بالحكاية عَنْهَا وَالشَّرْح لَهَا وَذَلِكَ الْقَصَص. وَهَذَا فِي الْغَالِب عبارَة عَمَّن يروي أَخْبَار الماضين. وَهَذَا لَا يذم لنَفسِهِ، لِأَن فِي إِيرَاد أَخْبَار السالفين عِبْرَة لمعتبر، وعظة لمزدجر، واقتداء بصواب لمتبع وَقد قَالَ الله عز وَجل: (نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص) . وَقَالَ: (إِن هَذَا لَهو الْقَصَص الْحق) .

وَإِنَّمَا كره بعض السّلف الْقَصَص لأحد سِتَّة أَشْيَاء:

أَحدهَا أَن الْقَوْم كَانُوا على الِاقْتِدَاء والاتباع، فَكَانُوا إِذا رَأَوْا مَا لم يكن على عهد رَسُول الله أنكروه حَتَّى أَن أَبَا بكر وَعمر لما أَرَادَا جمع الْقُرْآن قَالَ زيد: أتفعلان شَيْئا لم يَفْعَله رَسُول الله؟ .

وَالثَّانِي أَن الْقَصَص لأخبار الْمُتَقَدِّمين تندر صِحَّته، خُصُوصا مَا ينْقل عَن بني إِسْرَائِيل، وَفِي شرعنا غنية. وَقد جَاءَ عمر بن الْخطاب بِكَلِمَات من التَّوْرَاة إِلَى رَسُول الله، فَقَالَ لَهُ: أمطها عَنْك يَا عمر! خُصُوصا إِذْ قد علم مَا فِي الْإسْرَائِيلِيات من الْمحَال، كَمَا يذكرُونَ أَن دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَام  - بعث أوريا حَتَّى قتل وَتزَوج امْرَأَته، وَأَن يُوسُف حل سراويله عِنْد زليخا. وَمثل هَذَا محَال تتنزه الْأَنْبِيَاء عَنهُ، فَإِذا سَمعه الْجَاهِل هَانَتْ عِنْده الْمعاصِي وَقَالَ: لَيست معصيتي بعجب.

وَالثَّالِث أَن التشاغل بذلك يشغل عَن المهم من قِرَاءَة الْقُرْآن، وَرِوَايَة الحَدِيث، والتفقه فِي الدّين.

وَالرَّابِع أَن فِي الْقُرْآن من الْقَصَص وَفِي السّنة من العظة مَا يَكْفِي عَن غَيره مِمَّا لَا تتيقن صِحَّته.

وَالْخَامِس أَن أَقْوَامًا مِمَّن يدْخل فِي الدّين مَا لَيْسَ مِنْهُ قصوا. فأدخلوا فِي قصصهم مَا يفْسد قُلُوب الْعَوام.

وَالسَّادِس أَن عُمُوم الْقصاص لَا يتحرون الصَّوَاب وَلَا يحترزون من الْخَطَأ لقلَّة علمهمْ وتقواهم.

فَلهَذَا كره الْقَصَص من كرهه. فَأَما إِذا وعظ الْعَالم، وقص من يعرف الصَّحِيح من الْفَاسِد؛ فَلَا كَرَاهَة.

فصل

وَأما التَّذْكِير فَهُوَ تَعْرِيف الْخلق نعم الله - عز وَجل - عَلَيْهِم وحثهم على شكره وتحذيرهم من مُخَالفَته.

(1/161)

وَأما الْوَعْظ، فَهُوَ تخويف يرق لَهُ الْقلب وَهَذَانِ محمودان. وَقد صَار كثير من النَّاس يطلقون على الْوَاعِظ اسْم الْقَاص. وعَلى الْقَاص اسْم الْمُذكر، وَالتَّحْقِيق مَا ذكرنَا.

فصل

وَإِذا قد صَار اسْم الْقَاص عَاما للأحوال الثَّلَاثَة، فلنذكر مَا قيل فِي ذَلِك من مدح، وذم، ولنشرح وُجُوه ذَلِك، منهجين جادة الصَّوَاب ناهين عَن بنيات الطَّرِيق.

وَقد قسمت هَذَا الْكتاب اثْنَي عشر بَابا وَالله الْمُوفق.

ذكر تراجم الْأَبْوَاب:

الْبَاب الأول: فِي مدح الْقَصَص والوعظ.

الْبَابُ الثَّانِي: فِي ذِكْرِ أَوَّلِ مَنْ قَصَّ.

الْبَابُ الثَّالِثُ: فِي ذِكْرِ مَنْ يَنْبَغِي أَنْ يقص.

الْبَابُ الرَّابِعُ: فِي أَنَّهُ لَا يُقَصُّ إِلَّا بِإِذن الْأَمِير.

الْبَابُ الْخَامِسُ: فِي التَّعَاهُدِ بِالْمَوَاعِظِ وَقْتَ النَّشَاطِ لَهَا.

الْبَابُ السَّادِسُ: فِي ذِكْرِ مَنْ كَانَ يَحْضُرُ من الأكابر عِنْد الْقصاص.

الْبَابُ السَّابِعُ: فِي ذكْرِ مَا يُحْذَرُ مِنْهُ على الْقصاص.

الْبَابُ الثَّامِنُ: فِي ذَمِّ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يأتمر.

الْبَابُ التَّاسِعُ: فِي ذِكْرِ سَادَاتِ الْقُصَّاصِ وَالْمُذَكِّرِينَ.

الْبَابُ الْعَاشِرُ: فِي التَّحْذِيرِ مِنْ أَقْوَامٍ تَشَبَّهُوا بِالْمُذَكِّرِينَ فَأَحْدَثُوا وَابْتَدَعُوا

(1/162)

حَتَّى أوجب فعلهم إِطْلَاق الذَّم للْقصَاص.

الْبَاب الْحَادِي عشر: فِي ذكر مَا ورد عَن السّلف من ذمّ الْقصاص وَبَيَان وُجُوه ذَلِك.

الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ: فِي ذِكْرِ تَعْلِيمِ الْقَاصِّ كَيفَ يقص.

(1/163)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الأول فِي مدح الْقَصَص والوعظ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

أَمَّا مِنْ حَيْثُ النَّقْلِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عز وَجل: (يعظكم الله) وَقَالَ لنَبيه: (وعظهم) وَقَالَ: (فاقصص الْقَصَص) وَقَالَ: (إِنَّمَا أَنْت مُذَكّر) وَقَالَ: (وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ) .

وَكَانَ النَّبِي، يعظ أَصْحَابه وَيذكرهُمْ ويتخولهم بِالْمَوْعِظَةِ وَيُبَالِغُ فِي التَّخْوِيفِ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ.

1 - أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ / بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي

(1/165)

قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَوْر بن يزِيد قَالَ: حَدثنَا خَالِد ابْن معدان قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو والسلمي وَحُجْرُ بْنُ حُجْرٍ قَالَا: أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَة فَقَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله الصُّبْحَ ذَاتَ يَوْمٍ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ. فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ {كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ. فَمَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ: " أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا. فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ. تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ} وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدعَة ضَلَالَة ".

وَكَانَ - صلى الله عَلَيْهِ - يُبَالِغُ فِي الْوَعْظِ حَتَّى أَنَّهُ يَعِظُ النِّسَاءَ.

2 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ / قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَن عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شهِدت الْعِيد مَعَ رَسُول الله، فَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ.

وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَأْمُرُ عماله بالتذكرة.

(1/166)

3 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ صَخْرٍ وَكَانَ مِمِّنْ بَعَثَ النَّبِي مَعَ عُمَّالِهِ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ الله عُمَّالَ الْيَمَنِ جَمِيعًا، فَقَالَ: " تَعَاهَدُوا النَّاسَ بِالتَّذْكِرَةِ وأتبعوا الموعظة [بِالْمَوْعِظَةِ] ؛ فَإِنَّهُ أَقْوَى لِلْعَامِلِينَ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا يُحِبُّ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - ".

(1/167)

4 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ قَالَ: أخبرنَا عبد الْوَاحِد ابْن عَلِيٍّ الْعَلَّافُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنِ بْنُ إِدْرِيسَ / قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ فَإِذَا بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَاعِدٍ يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ وَيُذَكِّرُهُمْ، وَالنَّاسُ مُقْبِلُونَ عَلَيْهِ بِوُجُوهِهِمْ. فَلَمَّا نظر الرجل إِلَى النَّبِي مُقْبِلًا قَطَعَ قَصَصَهُ وَقَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ لِلنَّبِيِّ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ أَنِ اثْبُتْ مَكَانَكَ. وَجَلَسَ النَّبِي فِي أَدْنَى النَّاسِ، وَلَمْ يَتَخَطَّ أَحَدًا. فَلَمَّا فَرَغَ الرَّجُلُ مِنْ قَصَصِهِ قَامَ إِلَى النَّبِيِّ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، والتفت النَّاس إِلَى النَّبِي فَإِذا هُوَ خَلفهم. فَقَالَ النَّبِي: " لَا تَقُمْ مِنْ مَجْلِسِكَ، وَلَا تَقْطَعْ قَصَصَكَ، فَإِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ". وَقَالَ: " لَأَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ حِينِ يُصَلُّونَ الصُّبْحَ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ مُؤْمِنَاتٍ مِنْ وَلَدِ

(1/168)

إِسْمَاعِيلَ. وَلَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ حِينِ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ / مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ. ".

5 - أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ: أخبرنَا الْحسن بن عَليّ ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْجَعْدِ يُحَدِّثُ عَنْ أبي أُمَامَة قَالَ: خرج رَسُول الله عَلَى قَاصٍّ يَقُصُّ، فَأَمْسَكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " قُصَّ! فَلَأَنْ أَقْعُدَ إِلَى أَنْ تُشْرِقَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ ".

6 - وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ كُرْدُوسَ بْنَ قَيْسٍ - وَكَانَ قَاصَّ الْعَامَّةِ بِالْكُوفَةِ - قَالَ:

(1/169)

أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِي - يَقُولُ: " لَأَنْ أَقْعُدَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَجْلِسِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ ". قَالَ شُعْبَة: فَقلت: أَي مجْلِس [تَعْنِي] ؟ فَقَالَ: كَانَ قَاصًّا.

7 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ (بْنُ) نَاصِرٍ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْقُرَشِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا / مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: حَدثنَا أَبُو عمر الحوصي قَالَ: حَدَّثَنَا فُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّ رَسُول [الله]- خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَقُصُّ عَلَى قَوْمٍ قَدِ اجْتَمعُوا إِلَيْهِ. فَأَتَاهُم النَّبِي فَقَعَدَ فِي طَرْفِ الْقَوْمِ، فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ. فَقَالَ النَّبِي: " اقْصُصْ أَيُّهَا الرَّجُلُ " {قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ تَقُصُّ} فَأَمَرَهُ مِرَارًا، فَلَمَّا قَصَّ وَفَرَغَ قَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يُذَكِّرُهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيِدَهِ! لَأَنْ أَصْبِرَ عَلَى هَذَا طَرَفَيِ النَّهَارِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ. وَبِهَذَا بُعِثْتُ وَبِهَذَا أُمِرْتُ. ".

(1/170)

8 - أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمد قَالَ: أخبرنَا الْحسن ابْن عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَجُ قَالَ: حَدَّثَنَا لُقْمَانُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: مَا تَصَدَّقَ مُؤْمِنٌ قَطُّ بِصَدَقَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ مَوْعِظَةٍ يَعِظُ بِهَا قَوْمًا، فَيَفْتَرِقُونَ قَدْ نَفَعَهُمُ اللَّهُ بِهَا.

9 - وَرَوَى / سَعْدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ. حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ أَنَّهُ أَتَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ لِي: قُصَّ! فَقُلْتُ: كَيْفَ وَالنَّاسُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ بِدْعَةً مَا أَمَرْنَاكَ بِهِ. فَقَصَصْتُ وَهُوَ يُؤَمِّنُ.

10 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: أخبرنَا عبد الْملك بن عمر الرزاز قَالَ: أخبرنَا ابْن شاهين قَالَ: أخبرنَا أَبُو عبد الله ابْن مَخْلَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّوِريُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو

(1/171)

بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ لِأَنْظُرَ مَا عِلْمُهُ، فَإِذَا قَاصَّ {قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ فِي صَلَاةٍ.

11 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ هَذَا الْمَسْجِدَ، مَسْجِدَ الْبَصْرَةِ، وَمَا فِيهِ حَلْقَةٌ تُنْسَبُ إِلَى الْفِقْهِ إِلَّا حَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ تُنْسَبُ إِلَى مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ. وَسَائِرُ الْمَسْجِدِ قُصَّاصٌ.

12 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارك الْحَافِظ قَالَ. أخبرنَا أَبُو الْحُسَيْن ابْن عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الطَّنَاجِيرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ / بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الْقَصَصُ بِدْعَةٌ، وَنِعْمَتِ الْبِدْعَةُ} كَمْ مِنْ دَعْوَةٍ مُسْتَجَابَةٍ، وَسُؤَالٍ مُعْطًى، وَأَخٍ مُسْتَفَادٍ، وَعِلْمٍ يُصَابُ!

13 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُكْبَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْفَرَضِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَوْفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي نَوْفَلُ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّ

(1/172)

أَوَّلَ مَنْ أَيْقَظَنِي فِي هَذَا الشَّأْنِ مُزَاحِمٌ. حَبَسْتُ رَجُلًا فَجَاوَزْتُ فِي حَبْسِهِ الْقَدْرَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ، فَكَلَّمَنِي فِي إِطْلَاقِهِ. فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِمُخْرِجِهِ حَتَّى أَبْلُغَ فِي الْحَيْطَةِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا هُوَ عَلَيْهِ. فَقَالَ مُزَاحِمٌ: يَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ {إِنِّي أُحَذِّرُكَ لَيْلَةَ تَمَخُّضِ الْقِيَامَةِ فِي صَبِيحَتِهَا تَقُومُ السَّاعَةُ. يَا عُمَرُ} وَلَقَدْ كِدْتُ أَنْسَى اسْمَكَ مِمَّا أَسْمَعُ قَالَ الْأَمِيرُ وَقَالَ الْأَمِيرُ. فَوَاللَّهِ {مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَالَ ذَلِكَ فَكَأَنَّمَا كَشَفَ / عَنْ وَجْهِي غِطَاءً} فَذَكِّرُوا أنْفُسَكُمْ - رَحِمَكُمُ اللَّهُ - فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ {

14 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْقُرَشِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السَّكَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: قِيلَ لِحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَا تَقُولُ فِي الْجُلُوسِ إِلَى الْقُصَّاصِ؟ قَالَ: اجْلِسْ حَيْثُ تَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَقُّ لِقَلْبِكَ}

15 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن جَعْفَر الْفَقِيه فِيمَا أَجَازَ لَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ قَالَ: أَخَبْرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: قُلْتُ لِعَمِّي فِي الْقُصَّاصِ، فَقَالَ: القُصَّاصُ الَّذِينَ يذكرُونَ الْجنَّة،

(1/173)

وَالنَّارَ وَالتَّخْوِيفَ، وَلَهُمْ نِيَّةٌ وَصِدْقُ الْحَدِيثِ. فَأَمَّا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَحْدَثُوا وَضْعَ الْأَخْبَارِ وَالْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ، فَلَا أَرَاهُ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَلَوْ قُلْتُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ أَيْضًا يَسْمَعُهُمُ / الْجَاهِلُ الَّذِي لَا يَعْلَمُ وَلَعَلَّهُ يَنْتَفِعُ بِكَلِمَةٍ أَوْ يَرْجِعُ عَن أَمر. كَأَن أَبَا عَبْدَ اللَّهِ كَرِهَ أَنْ يَمْنَعَهَا، وَقَالَ: رُبَّمَا جاؤوا بِالْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ.

قَالَ الْخَطِيبُ: رَأَيْتُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ رِوَايَةً لِلْخَلَّالِ عَنِ ابْنِ حَنْبَلٍ هَذَا إِلَّا أَنَّهُ سَمَّاهُ عُبَيْدَ اللَّهِ.

16 - وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنِ الْقَاصِّ. فَقَالَ: إِذَنْ مَا أَحْوَجَ النَّاسَ إِلَى قَاصٍّ صِدْقٍ {

17 - قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: يُعْجِبُنِي أَمْرُ الْقُصَّاصِ؛ لِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ الْمِيزَانَ وَعَذَاب الْقَبْر.

قلت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَتَرَى الذَّهَابَ إِلَيْهِمْ؟ قَالَ: إِي لَعَمْرِي إِذَا كَانَ صَدُوقًا، لِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ الْمِيزَانَ وَعَذَابَ الْقَبْرِ.

قَالَ: وَشَكَا رَجُلٌ إِلَى [أبي] عبد الله الوسوسة. فَقَالَ: عَلَيْك بِالْقصاصِ. مَا أَنْفَعَ مُجَالَسَتَهُمْ}

19 - قَالَ الْخَلَّالُ: وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَكَرِيَّا التَّمَّارُ، سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَنَا يُعْجِبُنِي الْقَاصُّ فِي هَذَا الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ يَذْكُرُ الشَّفَاعَةَ / وَالصِّرَاطَ.

(1/174)

20 - قَالَ الْخَلَّالُ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ذَكَرَ الْقُصَّاصَ، فَقَالَ: مَا أَنْفَعَهُمْ لِلْعَامَّةِ وَإِنْ كَانَ عَامَّةُ مَا يُحَدِّثُونَ بِهِ كَذِبًا.

21 - قَالَ الْخَلَّالُ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ مُجَالَسَةِ الْقُصَّاصِ. فَقَالَ: إِذا كَانَ الْقَاص صَدُوقًا فَلَا أرى بمجالسته بَأْسا.

فصل فِي فَضِيلَةُ الْوَعْظِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى

قَالَ الْمُصَنِّفُ: اعْلَمْ أَنَّ الطِّبَاعَ لَمَّا خُلِقَتْ مَائِلَةً إِلَى حُبِّ الشَّهَوَاتِ الْمُرْدِيَةِ، وَالْبَطَالَةِ الْمُؤْذِيَةِ، افْتَقَرَتْ إِلَى مُقَوِّمٍ، وَمُثَقِّفٍ، وَمُحَذِّرٍ يَرُدُّ. فَهِيَ فِي ضَرْبِ الْمَثَلِ كَالْمَاءِ يَجْرِي بِطَبْعِهِ. فَإِذَا رُدَّ بِسُكَرٍ وَقَفَ عَنْ جَرَيَانِهِ ثُمَّ أَخَذَ يَعْمَلُ فِي فَتْحِ طَرِيقٍ. فَكَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَعَاهَدَ ذَلِكَ السُّكَرُ بِالْإِحْكَامِ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ تَتَعَاهَدَ الطِّبَاعُ بِالزَّوَاجِرِ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَطُولَ أَمَدُ التَّعَاهُدِ، فَإِنَّ عَمَلَ الْمَاءِ فِي بَاطِنِ السُّكَرِ دَائِمٌ وَإِنْ خُفِيَ. وَكَذَلِكَ الطِّبَاعُ فِي مَيْلِهَا إِلَى مَا يُؤْذِيهَا. وَلِهَذَا بُعِثَ الْأَنْبِيَاءُ بِالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِمُ / الْكُتُبُ لِلتَّثْقِيفِ وَالتَّأْدِيبِ. فَمَا زَالُوا مبشرين ومنذرين. ثمَّ خَلفهم

(1/175)

الْعلمَاء وَقد كَانَ الْعُلَمَاءُ كُلُّهُمْ يُذَكِّرُونَ بِفَتَاوِيهِمْ وَعِلْمِهِمْ، غَيْرَ أَنَّ الْقُصَّاصَ وَالْوُعَّاظَ تَرَسَّمُوا بِهَذَا الْأَمْرِ لِخَطَابِ الْعَوَامِّ، فَالْعَوَامُّ يَنْتَفِعُونَ بِهِمْ مَا لَا يَنْتَفِعُونَ بِالْعَالِمِ الْكَبِيرِ. إِلَّا أَنَّهُ دَخَلَتْ عَلَى بَعْضِهِمْ آفَاتٌ. سنحذر مِنْهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

(1/176)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَابُ الثَّانِي فِي ذِكْرِ أَوَّلِ مَنْ قَصَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

قَالَ الْمُصَنِّفُ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَقَاصٌّ يَقُصُّ، وَأَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ يَقُصُّ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ نَادِرًا فَأَمَّا أَوَّلُ مَنِ انْتَدَبَ لَهُ.

22 - فَأَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُقَصُّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - وَلَا أَبِي بَكْرٍ. وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَصَّ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ. اسْتَأْذَنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنْ يَقُصَّ عَلَى النَّاسِ قَائِمًا، / فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ.

23 - أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيِّ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ حَيُّوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ الْجَلَّابُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي

(1/177)

أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَصَّ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

24 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ يُقَصَّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَا أَبِي بَكْرٍ، وَلَا عُمَرَ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ أَحْدَثُوهُ، بَعْدَ عُثْمَانَ.

25 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُورِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْدَكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْأَثْرَمِ الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمْ يُقَصَّ عَلَى / عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا أَبِي بَكْرٍ، وَلَا عمر، وَإِنَّمَا

(1/178)

كَانَ الْقَصَصُ حِينَ كَانَتِ الْفِتْنَةُ.

26 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ قَالَ: أخبرنَا جدي أَبُو مَنْصُور بن عبد الرَّزَّاق قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلَّاوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَصَّ الْحَرُورِيَّةُ أَوْ قَالَ: الْخَوَارِجُ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: إِنَّمَا أَشَارَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ سِيرِينَ إِلَى اشْتِهَارِ الْقَصَصِ وَكَثْرَتِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّ عُمَرَ أَذِنَ لِتَمِيمٍ الدَّارِيّ فِي الْقَصَص.

(1/179)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَابُ الثَّالِثُ فِي ذِكْرِ مَنْ يَنْبَغِي أَنْ يقص وَيذكر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُصَّ عَلَى النَّاس إِلَّا الْعَالم المتقن فنون الْعُلُوم؛ لِأَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ كُلِّ فَنٍّ. فَإِنَّ الْفَقِيهَ إِذَا تَصَدَّرَ لَمْ يَكَدْ يُسْأَلُ عَنِ الْحَدِيثِ، وَالْمُحَدِّثُ لَا يَكَادُ يُسْأَلُ عَنِ الْفِقْهِ، وَالْوَاعِظُ يُسْأَلُ عَنْ كُلِّ عِلْمٍ /. فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَامِلًا.

27 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرَيْفِينِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَرَّ بِقَاصٍّ، فَقَالَ: أَتَعْرِفُ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ؟ قَالَ: لَا {قَالَ: هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ}

(1/181)

قَالَ الْمُصَنِّفُ: قُلْتُ: فَيَنْبَغِي لِلْوَاعِظِ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ، عَارِفًا بِصَحِيحِهِ وَسَقِيمِهِ، وَمُسْنَدِهِ وَمَقْطُوعِهِ، وَمُعْضَلِهِ، عَالِمًا بِالتَّوَارِيخِ وَسِيَرِ السَّلَفِ، حَافِظًا لِأَخْبَارِ الزُّهَّادِ، فَقِيهًا فِي دِينِ اللَّهِ، عَالِمًا بِالْعَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ، فَصِيحَ اللِّسَانِ. وَمَدَارُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَأَنَّهُ بَقَدْرِ تَقْوَاهُ يَقَعُ كَلَامُهُ فِي الْقُلُوبِ.

وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ الْمَوْعِظَةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ قَلْبِ الصَّادِقِ وَقَعَتْ فِي الْقَلْبِ.

ثُمَّ يُصَحِّحُ قَصْدَهُ؛ فَإِنَّهُ إِذَا صَحَّ قَصْدُهُ صَرَفَ اللَّهُ الْقُلُوبَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يُخْرِجُ مِنْ قَلْبِهِ الطَّمَعَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ.

28 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا / أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْجَبَّارِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ التَّنُوخِيُّ قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبْعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ الْأَشْقَرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَدْخُلُ السُّوقَ - وَبِيَدِهِ الدِّرَّةُ وَعَلَيْهِ عَبَاءٌ قَطْوَانِيٌّ قَدْ شُقَّ وَسَطُهُ وَكُفَّتْ حَاشِيَتَاهُ - يَقُولُ: يَا أَيُّهَا التُّجَّارُ خُذُوا الْحَقَّ وَأَعْطُوا الْحَقَّ، تَسْلَمُوا! لَا تَرُدُّوا قَلِيلَ

(1/182)

الرِّبْحِ، تُحْرَمُوا كَثِيرَهُ {وَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يَقُصُّ، فَقَالَ لَهُ: أتقص وَنحن قريبو عَهْدٍ بِرَسُولِ اللَّهِ؟ لَأَسْأَلَنَّكَ، فَإِنْ أَجَبْتَنِي وَإِلَّا خَفَقْتُكَ بِهَذِهِ الدِّرَّةِ. مَا ثَبَاتُ الدِّينِ وَزَوَالُهُ؟ قَالَ: أَمَّا ثَبَاتُهُ فَالْوَرَعُ، وَأَمَا زَوَالُهُ فَالطَّمَعُ. قَالَ: أَحْسَنْتَ} قُصَّ {فَمِثْلُكَ فَلْيَقُصَّ} .

29 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الْبَاقِي قَالَ: أخبرنَا حمد بن أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ / بْنِ سَالِمٍ الْخُتُّلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي سُوقِ الْكُوفَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَاصٍّ يَقُصُّ. فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْقَاصُّ {تَقُصُّ وَنَحْنُ قَرِيبُو الْعَهْدِ؟ أَمَا إِنِّي أَسْأَلُكَ، فَإِنْ خَرَجْتَ عَمَّا سَأَلْتُكَ وَإِلَّا أَدَّبْتُكَ. قَالَ الْقَاصُّ: سَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّا شِئْتَ} فَقَالَ: مَا ثَبَاتُ الْإِيمَانِ وَزَوَالُهُ؟ فَقَالَ الْقَاصُّ: ثَبَاتُ الْإِيمَانِ الْوَرَعُ، وَزَوَالُهُ الطَّمَعُ. قَالَ عَلِيُّ: فَمِثْلُكَ يَقُصُّ.

30 - أَخْبَرَنَا الْمُحَمَّدَانِ ابْنُ نَاصِرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَا: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ: قَالَ

(1/183)

أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: كَيْفَ يَتْرُكَ الدُّنْيَا مَنْ تأمرونه بترك الدِّينَار وَالدِّرْهَم، وهم إِذا ألقوها أخذتموها مِنْهُم؟

قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْصِدَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى بِوَعْظِهِ.

31 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ قَالَ: أخبرنَا أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ بن ثَابِتٍ / قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي قَالَ: كَانَ أَبُو حَمْدُونَ الطَّيِّبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الزُّهَّادِ الْمُشْتَهَرِينَ بِالْقُرْآنِ. وَكَانَ يَقْصِدُ الْمَوَاضِعَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ يُقْرِئُ النَّاسَ، فَيُقْرِئُهُمْ حَتَّى إِذَا حَفِظُوا انْتَقَلَ إِلَى آخَرِينَ، وَكَانَ يَلْتَقِطُ الْمَنْبُوذَ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَنْبَغِي لِلْوَاعِظِ أَنْ يَتْرُكَ فُضُولَ الْعَيْشِ وَيَلْبَسَ مُتَوَسِّطَ الثِّيَابِ لَيُقْتُدَى بِهِ.

فَقَدْ كَانَ فِي إِزَارِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رِقَاعٌ عِدَّةٌ وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَلْبَسُ دَنِيَّ الثِّيَابِ. فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: يَقْتَدِي بِيَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ.

وَهَذَا لِأَنَّ الطَّبِيبَ إِذَا احْتَمَى نَفَعَ وَصْفُهُ لِلْحِمْيَةِ، وَإِذَا خَلَطَ لَمْ يَنْفَعْ أَمْرُهُ بِالْحِمْيَةِ.

قَالَ أَبُو الْوَفَاء بن عقيل: لكل قوم زِيٌّ، وَكَمَا لَا يَحْسُنُ الْغِنَاءُ إِلَّا

(1/184)

مِنَ الْجَوَارِي الْخُرَّدِ، وَلَا الْغَزَلُ إِلَّا مِنْ عَاشِقٍ، وَلَا النَّوْحُ إِلَّا مِنْ ثَاكِلٍ، وَلَا ذِكْرُ الْأَوْطَانِ إِلَّا مِنْ غَرِيبٍ؛ فَكَذَلِكَ لَا يَعْمَلُ الْوَعْظُ إِلَّا مِنْ مُتَقَشِّفٍ، مُتَزَهِّدٍ، مُتَوَرِّعٍ، مِنْ وَرَاءِ مُدَرَّعَةِ صُوفٍ، وَنَظَافَةِ جِسْمٍ، وَتَقْلِيلِ قُوتٍ، / اشْتِغَالًا عَنِ الْبَدَنِ بِفَضَائِلِ النَّفْسِ كَالطَّبِيبِ الظَّاهِرِ الْحِمْيَةِ. فَأَمَّا مَنْ يَخْرُجُ بَطِينًا فَاخِرَ الثِّيَابِ مُدَاخِلًا لِلسَّلَاطِينِ، فَكَيْفَ تَسْتَجِيبُ لَهُ الْقُلُوبُ. إِنَّمَا يُسْمَعُ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْفُرْجَةِ كَسَمَاعِ الْأَسْمَارِ مِنَ السُّمَّارِ. وَلَرُبَّمَا كَانَتِ الصِّوَرُ وَالسِّمَاتُ تُؤَثِّرُ أَكْثرَ مِنَ الْأَلْفَاظِ، وَقَدْ قِيلَ: مَنْ لَمْ تَنْفَعْكَ رُؤْيَتُهُ لَا تَنْفَعْكَ مَوْعِظَتُهُ. وَيَنْبَغِي لِلْوَاعِظِ أَنْ يَعْتَزِلَ الْعَوَامَّ لِيَكُونَ لِكَلَامِهِ وَقْعُ هَيْبَةٍ، لَا عَلَى وَجْهِ التَّصَنُّعِ بِالِانْقِطَاعِ.

(1/185)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَابُ الرَّابِعُ فِي أَنَّهُ لَا يُقَصُّ إِلَّا بِإِذن الْأَمِير - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

32 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْفَارِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي شُرَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلَانِيُّ الْقَاضِي قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله قَالَ: " لَا يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ إِلَّا أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ أَوْ مُرَاءٍ ".

33 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ بْنُ النُّرْسِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَنْدَجَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَزْهَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ذِي

(1/186)

الْكِلَاعِ قَالَ: كَانَ كَعْبٌ يَقُصُّ فِي إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ لِذِي الْكِلَاعِ: يَا أَبَا شُرَحْبِيلٍ! أَرَأَيْتَ ابْنَ عَمِّكَ؟ أَبِأَمْرِ الْأَمِير يقص؟ فَإِنِّي سَمِعت النَّبِي يَقُولُ: " الْقُصَّاصُ ثَلَاثَةٌ: أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ أَوْ مُخْتَالٌ ".

فَمَكَثَ كَعْبٌ سَنَةً لَا يَقُصُّ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَقُصَّ.

وَقَدْ حَكَى أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذَا فِي الْخُطْبَةِ.

(1/187)

وَكَانَ الْأُمَرَاءُ يَلُونَ الْخُطَبَ فَيَعِظُونَ النَّاسَ، وَيُذَكِّرُونَهُمْ فِيهَا. فَالْمَأْمُورُ مَنْ يُقِيمُهُ الْإِمَامُ خَطِيبًا، فَيَعِظُ النَّاسَ وَيَقُصُّ عَلَيْهِمْ. وَالْمُخْتَالُ الَّذِي نَصَّبَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْمَرَ بِهِ. فَهُوَ يَقُصُّ عَلَى النَّاسِ طَلَبًا لِلرِّيَاسَةِ. فَهُوَ يُرَائِي بذلك / ويختال.

(1/188)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَابُ الْخَامِسُ فِي التَّعَاهُدِ بِالْمَوَاعِظِ وَقْتَ النَّشَاطِ لَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

34 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُظَفَّرِ الدَّاوُدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَعْيَنَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! لَوَدِدْتُ أَنَّكَ تُذَكِّرُنَا كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: إِنَّهُ مَا يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ. وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

35 - أَخْبَرَنَا ابْن الْحصين قَالَ: أخبرنَا ابْن الْمَذْهَب قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عَلَى

(1/189)

بَابِ عَبْدِ اللَّهِ نَنْتَظِرُهُ يَأْذَنُ لَنَا. قَالَ: فَجَاءَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقُلْنَا لَهُ: أَعْلِمْهُ بِمَكَانِنَا! فَدَخَلَ فَأَعْلَمَهُ. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا. فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ بِمَكَانِكُمْ. فَأَدَعُكُمْ / عَلَى عَمْدٍ، مَخَافَةَ أَنْ أُمِلَّكُمْ. إِن رَسُول الله كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوَاعِظِ فِي الْأَيَّامِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا.

36 - وَفِي أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: حَدِّثِ النَّاسَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً. فَإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ، وَإِنْ أَكْثَرْتَ فَثَلَاثَ مَرَّات.

37 - وَكَذَلِكَ أَوْصَتْ عَائِشَةُ قَاصَّ الْمَدِينَةِ.

38 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ الْمِعْوَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: كَانَ مُطَرِّفٌ يُحَدِّثُنَا، فَيَقْطَعُ الْحَدِيثَ وَنَحْنُ نَشْتَهِيهِ، فَنَقُولُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَيَقُولُ: إِنَّه أسْرع لرجعتكم إِلَيّ.

(1/190)

39 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَيَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ السُّكَّرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ: أخبرنَا جَعْفَر ابْن الْقَاسِمِ / الْهَاشِمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْبَلٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى صَاحِبِ الْحِجَازِ أَنْ: مُرْ قَاصَّكَ أَنْ يَقُصَّ عَلَيَّ كُلَّ ثَلَاثَة أَيَّام مرّة. أَو قَالَ: قاصكم.

(1/191)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَابُ السَّادِسُ فِي ذِكْرِ مَنْ كَانَ يَحْضُرُ من الأكابر عِنْد الْقصاص - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

قَالَ الْمُصَنِّفُ: قَدْ ذَكَرْنَا حُضُورَ رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَ الْقَاصِّ فِي حَدِيثٍ قَدْ تَقَدَّمَ. وَقَدْ كَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ يَحْضُرُونَ عِنْدَهُمْ وَيَسْمَعُونَ مِنْهُمْ وَيَبْكُونَ لِوَعْظِهِمْ.

40 - أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْبَنَّاءِ عَنِ الْجَوْهَرِي قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد ابْن الْعَبَّاس الخزاز قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن الْحسن قَالَ: أخبرنَا ابْن الْمُبَارَكُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رواد عَنْ نَافِعٍ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابَ فِي

(1/193)

الْقَصَصِ. فَقَالَ: إِنَّهُ عَلَيَّ مِثْلُ الذَّبْحِ. قَالَ: / إِنِّي أَرْجُو الْعَافِيَةَ. فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، وَجَلَسَ إِلَيْهِ عُمَرُ. فَقَالَ: تَمِيمٌ فِي قَوْلِهِ: اتَّقُوا زَلَّةَ الْعَالِمِ {فَكَرِهَ عُمَرُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُ، فَيَقْطَعَ عَلَى الْقَوْمِ. وَحَضَرَ مِنْهُ قِيَامٌ، فَقَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا فَرَغَ فَسَلْهُ مَا زَلَّةُ الْعَالِمِ؟ . ثُمَّ قَامَ عُمَرُ، فَجَلَسَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَغَفَلَ عَلَيْهِ عَقْلُهُ. فَسَمِعَ تَمِيمٌ وَقَامَ يُصَلِّي، وَكَانَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ رَجَعْتَ فَقُلْتَ. ثُمَّ انْتَبَهَ فَرَجَعَ. فَطَالَ عَلَى عُمَرَ فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ. فَقَالَ: انْطَلِقْ} فَأَخَذَ بِيَدِهِ حَتَّى أَتَى تَمِيمًا الدَّارِيَّ، فَقَالَ لَهُ: مَا زَلَّةُ الْعَالِمِ؟ قَالَ: الْعَالِمُ يَزِلُّ بِالنَّاسِ فَيُؤْخَذُ بِهِ. فَعَسَى أَنْ يَتُوبَ مِنُهُ الْعَالِمُ وَالنَّاسُ يَأْخُذُونَ بِهِ.

وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَدْعِي مِنْ كَعْبٍ الْمَوْعِظَةَ.

41 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْن أَحْمد قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ: حَدثنَا بهز بن أَسد قَالَ: حَدثنَا جَعْفَر ابْن سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ / يَوْمًا وَأَنَا عِنْدَهُ: يَا كَعْبُ خَوِّفْنَا {قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ} أوليس فِيكُمْ كِتَابُ اللَّهِ وَحِكْمَةُ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنْ خَوِّفْنَا {

فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ} اعْمَلْ عَمَلَ رَجُلٍ {لَوْ وَافَيْتَ الْقِيَامَةِ بِعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيًّا لَازْدَرَيْتَ عَمَلَكَ مِمَّا تَرَى.

فَأَطْرَقَ عُمَرُ مَلِيًّا. ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: زِدْنَا يَا كَعْبُ} قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ!

(1/194)

لَوْ فُتِحَ مِنْ جَهَنَّمَ قَدْرُ مِنْخَرِ ثَوْرٍ بِالْمَشْرِقِ وَرَجُلٌ بِالْمَغْرِبِ لَغَلَى دِمَاغُهُ حَتَّى يَسِيلَ مِنْ حَرِّهَا.

فَأَطْرَقَ عُمَرُ مَلِيًّا. ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: زِدْنَا يَا كَعْبُ {قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ} إِنَّ جَهَنَّمَ لَتَزْفُرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زَفْرَةً لَا يبْقى ملك مُقَرَّبٌ ولَا نَبِيٌّ مُصْطَفًى إِلَّا خَرَّ جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيَقُولُ: رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي {لَا أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي.

فَأَطْرَقَ عُمَرُ مَلِيًّا فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ} أَوَلَيْسَ تَجِدُونَ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نفس مَا عملت وهم لَا يظْلمُونَ) .

42 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ قَالَ: أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن حيويه قَالَ: أخبرنَا أَحْمد بن مَعْرُوف / قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن الْفَهم قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم ابْن مُحَمَّد قَالَ: رَأَيْت ابْن عمر عِنْد الْقَاص رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو حَتَّى تُحَاذِيَا مَنْكِبَيْهِ.

(1/195)

43 - قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ إِلَى عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ يَقُصُّ عَلَى أَصْحَابِهِ. فَنَظَرْتُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تُهْرِقَانِ.

44 - أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمد الحريري قَالَ: أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عَليّ ابْن الْفَتْحِ الْعُشَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم ابْن مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عِنْدَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ يَقُصُّ، وَعَيْنَاهُ تُهْرِقَانِ دُمُوعًا.

45 - أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ ثَابِتِ بْنِ بُنْدَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَوْمَا قَالَ /: أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَاقَرْحِيُّ

(1/196)

قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَطَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ ذَاتَ يَوْم مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس فَإِذا بِقوم يُذَكِّرُهُمْ مُذَكِّرٌ لَهُمْ، قَدْ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْبُكَاءِ وَالدُّعَاءِ. فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءُ: بِأَبِي وَأُمِّي النَّوَّاحُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ قَبْلَ يَوْمِ النَّوْحِ. ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ حَوْشَبٍ {عَجِّلْ بِنَا حَتَّى نَأْتِيَ هَؤُلَاءِ} سَمِعت رَسُول الله يَقُولُ: " إِذَا رَأَيْتُمْ رِيَاضَ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا " قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ {وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: " حِلَقُ الذِّكْرِ} فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَقُومُوا

(1/197)

نَادَاهُمْ مُنَادٍ أَنْ: قُومُوا مَغْفُورًا لَكُمْ، قَدْ بَدَّلْتُ سَيِّئَاتِكُمْ حَسَنَاتٍ. " ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الْقَوْمِ فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ رَغْبَةً فِي مَجْلِسِهِمْ.

46 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ / بْنِ الْفَضْلِ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُصُّ. فَقَالَ لِقَائِدِهِ: اذْهَبْ بِي نَحْوَهُ {فَجَاءَ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ: أَبَا عَاصِمٍ} ذَكِّرْ بِاللَّهِ وَذَكِّرْ لِلَّهِ.

47 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ بُنْدَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الصَّوَّافِ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ الْخَيَّاطُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ

(1/198)

مُوسَى الْجُهَنِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ دَعَا بِخَمْسَةِ قُصَّاصٍ، فَقَالَ: قُصُّوا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ! قَالَ: وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى أَسْطَوَانَةٍ. قَالَ: فَكَانَ خَامِسُهُمْ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ.

48 - أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلَّاوِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّد ابْن مُحَمَّدٍ الْإِسْكَافِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: قَعَدْنَا إِلَى عَطَاءٍ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ يَقُصُّ. / فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَكْثَرَ لِرَفْعِ الْيَدَيْنِ مِنْهُ. وَكُلَّمَا رَفَعَ يَدَهُ رَفَعَ عَطَاءٌ يَدَهُ.

49 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الحريري قَالَ: أَنبأَنَا أَبُو طَالب العشاري قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانٍ الْأَزْرَقُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَرِّفُ بْنُ وَاصِلٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا وَائِلٍ

(1/199)

عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَهُوَ يَقُصُّ وَيَبْكِي.

50 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَجْلِسُ إِلَى الْقَاصِّ مَعَ الْعَامَّةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا رَفَعَ.

51 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ الشُّيُوخِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ قَالَ سُفْيَانُ: / أَمَا لَكُمْ مُذَكِّرٌ؟ قُلْتُ: بَلَى لنا قاص. قَالَ: فَمر بِنَا إِلَيْهِ. قَالَ: فَذَهَبْتُ مَعَهُ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ {تَقُولُ: قَاصٌّ؟ هَذَا نَذِيرُ قَوْمٍ} يَعْنِي صَالِحًا الْمُرِّيَّ.

(1/200)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَابُ السَّابِعُ فِي ذكْرِ مَا يُحْذَرُ مِنْهُ على الْقَاص - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

52 - أخبرنَا الْمُبَارك بن عَليّ الصَّيْرَفِي قَالَ: أخبرنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَّافِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَمَّامِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَرِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْمُؤَدِّبُ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْعَبَادِلَةِ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالُوا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " الْقَاصُّ يَنْتَظِرُ الْمَقْتَ، وَالْمُسْتَمِعُ يَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ ".

قَالَ الْمُصَنِّفُ: هَذَا الْحَدِيثُ لَو صَحَّ كَانَ مَعَنَاهُ أَنَّهُ رُبَّمَا قَالَ غَيْرَ الصَّحِيحِ أَوْ عَجِبَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَمَلَّهُمْ بِالتَّطْوِيلِ. غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ؛ فَإِنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ مُجَاهِدٍ مُجْمَعٌ عَلَى / تَرْكِ حَدِيثِهِ.

(1/201)

53 - أخبرنَا ابْن الْحصين قَالَ: أخبرنَا ابْن الْمَذْهَب قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْكِنْدِيِّ أَنَّهُ رَكِبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَسَأَلَهُ عَنْ خِلَالٍ مِنْهَا الْقَصَصُ. فَقَالَ: إِنَّهُمْ أَرَادُونِي عَلَى الْقَصَصِ. فَقَالَ: مَا شِئْتَ. كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَمْنَعَهُ. قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَنْتَهِيَ إِلَى قَوْلِكَ. فَقَالَ: أَخْشَى عَلَيْكَ أَنْ تَقُصَّ! فَتَرْتَفِعَ عَلَيْهِمْ فِي نَفْسِكَ، ثُمَّ تَقُصَّ فَتَرْتَفِعَ عَلَيْهِمْ فِي نَفْسِكَ ثُمَّ تَقُصَّ فَتَرْتَفِعَ حَتَّى يُخيَّلَ إِلَيْكَ أَنَّكَ فَوْقَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الثُّرَيَّا. فَيَضَعَكَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ.

54 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالك قَالَ: حَدثنَا عبد الله ابْن أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ:

(1/202)

ذَكَرَ مَيْمُونُ الْقَصَّاصُ، فَقَالَ:

الْمُسْتَمِعُ شَرِيكُ الْمُتَكَلّم. وَلَا يخطىء الْمُتَكَلّم (إِحْدَى) ثَلَاثٌ: /، إِمَّا أَنْ يُسَمِّنَ قَوْلَهُ بِمَا يُهْزِلُ دِينَهُ، وَإِمَّا عَجَبٌ بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَ بِمَا لَا يَفْعَلُ. وَالْمُسْتَمِعُ أَيْسَرُ مَؤُنَةً: الْمُسْتَمِعُ ينْتَظر الرَّحْمَة، والمتكلم ينْتَظر المقت.

(1/203)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَابُ الثَّامِنُ فِي ذَمِّ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يأتمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

55 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُظَفَّرِ الدَّاوُدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَعْيَنَ السَّرْخَسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَرَبْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أُسَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: " يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ. فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ ". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

56 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَيُّوبَ / قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ الطَّسْتِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو الْعَيْنَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي قَالَ: " اطَّلَعَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى قوم

(1/205)

مِنْ أَهْلِ النَّار فَقَالُوا: بِمَ دَخَلْتُمُ النَّارَ وَإِنَّمَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ بِتَعْلِيمِكُمْ؟ قَالُوا: إِنَّا كُنَّا نأْمُرُكُمْ وَلَا نَفْعَلُ ". قَالَ الْمُصَنِّفُ: غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو الْعَيْنَاءِ عَنْ (أَبِي) عَاصِمٍ.

57 - أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: " مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ. قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: خُطَبَاءُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا مِمَّنْ كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ، وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ. أَفَلَا يَعْقِلُونَ؟ .

58 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ / بْنُ أَحْمَدَ قَالَ:

(1/206)

أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ:

لَيَدْخُلَنَّ أُمَرَاءُ النَّارَ وَيَدْخُلَنَّ مَنْ أَطَاعَهُمُ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُونَ لَهُمْ وَهُمْ فِي النَّارِ: كَيْفَ دَخَلْتُمُ النَّارَ وَإِنَّمَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ بِطَاعَتِكُمْ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُمْ: إِنَّا كُنَّا نأْمُرُكُمْ بِأَشْيَاءَ، نُخَالِفُ إِلَى غَيْرِهَا.

59 - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: وَحَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَطِيَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: يَا ابْنَ آدَمَ تَدْعُو إِلَيَّ وَتَفِرُّ مِنِّي؟ وَتُذَكِّرُ بِي وَتَنْسَانِي؟ وَأَرْزُقُكَ وَتَعْبُدُ غَيْرِي؟ .

60 - قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْخَفَّافُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ يَتَأَذَّى أَهْلُ النَّارِ بِرِيحِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: وَيْلُكَ! مَا كُنْتَ تَعْمَلُ؟ أَلَمْ يَكْفِنَا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الشَّرِّ حَتَّى ابْتُلِينَا بِكَ وَبِنَتَنِ رِيحِكَ؟ / فَيَقُولُ: كُنْتُ عَالِمًا فَلَمْ أنتفع بعلمي.

(1/207)

61 - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَحَدَّثَنِي أَبِي (قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو) معمر عَن سُفْيَان ابْن عُيَيْنَةَ قَالَ: الْعِلْمُ يَضُرُّكَ إِنْ لَمْ يَنْفَعْكَ.

62 - سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَطَاءٍ الْإِبْرَاهِيمِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الْخَوَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ يَزِيدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ جَعْفَرٍ الْوَاعِظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ زَغْبَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ:

كَتَبَ حَكِيمٌ إِلَى حَكِيمٍ: يَا أَخِي {قد أُوتيت عِلْمًا. فَلَا تُدَنِّسَ عِلْمَكَ بِظُلْمَةِ الذُّنُوبِ} فَتَبْقَى فِي الظُّلْمَةِ يَوْمَ يَسْعَى أَهْلُ الْعِلْمِ بِنُورِ علمهمْ.

(1/208)

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَابُ التَّاسِعُ فِي ذِكْرِ سَادَاتِ الْقُصَّاصِ وَالْمُذَكِّرِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

قَالَ المُصَنّف: سيد الْكل نَبينَا مُحَمَّد وَقد قيل لَهُ: (فاقصص الْقَصَص) . وَقيل: (فَذكر إِنَّمَا أَنْت مُذَكّر) . وَقَدْ ذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ مَوَاعِظِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ يتخولهم بالمواعظ.

وَمِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

1 - أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ

63 - / أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ التَّمِيمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ قَالَ: أخبرنَا أَبُو جَعْفَر

(1/209)

ابْن بُرَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ:

أَيْنَ الْوُضَّاءُ الْحَسَنَةُ وُجُوهُهُمُ الْمُعْجَبُونَ بِشَبَابِهِمْ؟ أَيْنَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ بَنَوْا الْمَدَائِنَ وَحَصَّنُوهَا بِالْحِيطَانِ؟ أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يُعْطَوْنَ الْغَلَبَةَ فِي مَوَاطِنِ الْحَرْبِ؟ قَدْ تَضَعْضَعَ بِهِمُ الدَّهْرُ، فَأَصْبَحُوا فِي ظُلُمَاتِ الْقُبُورِ {الْوَحَا الْوَحَا} النَّجَاءَ النَّجَاءَ! .

2 - وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

64 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَليّ المقرىء قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَّافُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِيُّ

(1/210)

قَالَ: حَدَّثَنَا بُنَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقَانَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ / قَالَ: قَالَ عُمَرُ: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا! وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا؛ فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خافية) .

3 - وَمِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ

65 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد قَالَ: أخبرنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلَحِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلام قَالَ:

(1/211)

حَدَّثَنَا أَبُو مَرْيَمَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ مُهَاجِرٍ بن عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ:

إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ اتِّبَاعُ الْهَوَى وَطُولُ الْأَمَلِ. فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، وَأَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ. أَلَا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَرَحَّلَتْ مُدْبِرَةً، أَلَا وَإِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ تَرَحَّلَتْ مُقْبِلَةً. وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ. فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ. وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا. فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلَ.

4 - وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ

66 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن مَعْرُوف قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن الْفَهم قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِرْدَاسٍ

(1/212)

قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَخْطُبُنَا كُلَّ خَمِيسٍ فَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ، فَيَسْكُتُ حِينَ يَسْكُتُ وَنَحْنُ نَشْتَهِي أَنْ يَزِيدَنَا.

67 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالك قَالَ: حَدثنَا عبد الله ابْن أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حُجَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا قَعَدَ:

إِنَّكُمْ فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي آجَالٍ مَنْقُوضَةٍ، وَأَعَمَالٍ مَحْفُوظَةٍ، وَالْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً. فَمَنْ زَرَعَ خَيْرًا فَيُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ رَغْبَةً، وَمَنْ زَرَعَ شَرًّا يُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً. وَلِكُلِّ / زَارِعٍ مِثْلُ مَا زَرَعَ. لَا يَسْبِقُ بَطِيءٌ بِحَظِّهِ، وَلَا يُدْرِكُ حَرِيصٌ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ. فَمَنْ أُعْطِيَ خَيْرًا فَاللَّهُ أَعْطَاهُ، وَمَنْ وُقِيَ شَرًّا فَاللَّهُ وَقَاهُ، الْمُتَّقُونَ سَادَةٌ، وَالْفُقَهَاءُ قَادَةٌ، وَمُجَالَسَتُهُمْ زِيَادَة.

(1/213)

5 - وَمِنْهُمْ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ

68 - أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بن الْمَذْهَب قَالَ: أخبرنَا أَحْمد بن جَعْفَر قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: خَطَبَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ فَحَمَدَ اللَّهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصُرْمٍ وَقَدْ وَلَّتْ حَذَّاءَ. وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا. وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لَا زَوَالَ لَهَا. فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ. فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا مَا يُدْرِكُ لَهَا قَعْرًا. وَلَلَّهِ لَتُمْلَأَنَّ

(1/214)

أَفَعَجِبْتُمْ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ عَامًا وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ [وَهُوَ] كَظِيظُ الزِّحَامِ!

وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا / سَابِعُ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا مِنْهُ. وَإِنِّي الْتَقَطْتُ بَرْدَةً فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدٍ. فَاتَّزَرَ بِنِصْفِهَا وَاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا. فَمَا أَصْبَحَ مِنَّا أَحَدٌ الْيَوْمَ حَيًّا إِلَّا أَصْبَحَ أَمِيرَ مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ. وَإِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ فِي نَفْسِي عَظِيمًا وَعِنْدَ اللَّهِ صَغِيرًا. وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ نُبُوَّةٌ قَطُّ إِلَّا تَنَاسَخَتْ حَتَّى يَكُونَ عَاقِبَتُهَا مُلْكًا. وَسَتُبْلَوْنَ وَسَتُجَرِّبُونَ الْأُمَرَاءَ بَعْدَنَا. انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ.

6 - وَمِنْهُمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ

69 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا

(1/215)

سَهْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين قَالَ: أَتَى رجل معَاذ ابْن جَبَلٍ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيُوَدُّعُونَهُ. فَقَالَ:

إِنِّي مُوصِيكَ بِأَمْرَيْنِ إِنْ حَفِظْتَهُمَا حُفِظْتَ: إِنَّهُ لَا غِنَى بِكَ عَنْ نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَنْتَ إِلَى نَصِيبِكَ مِنَ الْآخِرَةِ أَفْقَرُ. فَآثِرْ نَصِيبَكَ / مِنَ الْآخِرَةِ عَلَى نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَظِمَهُ لَكَ انْتِظَامًا. فَيَزُولُ بِهِ مَعَكَ أَيْنَمَا زُلْتَ.

70 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهِبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَخْبَرَهُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عُمَيْرَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ - قَالَ: كَانَ لَا يَجْلِسُ مَجْلِسًا لِلذِّكْرِ إِلَّا قَالَ حِينَ يَجْلِسُ: اللَّهُ حَكَمٌ عَدْلٌ قِسْطٌ. تَبَارَكَ اسْمُهُ. هَلَكَ المرتابون.

(1/216)

7 - وَمِنْهُمْ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ

71 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ (عَبْدِ) الْبَاقِي قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْوَهْبِيُّ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ:

إِنَّمَا مَثَلُ الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا كَمَثَلِ مَرِيضٍ مَعُهُ طَبِيبُهُ الَّذِي يَعْرِفُ دَاءَهُ وَدَوَاءَهُ. فَإِذَا اشْتَهَى مَا يَضُرُّهُ / مَنَعَهُ وَقَالَ: لَا تَقْرَبْهُ فَإِنَّكَ إِنْ أَتَيْتَهُ أَهَلْكَكَ! فَلَا يَزَالُ يَمْنَعُهُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ وَجَعِهِ. وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يَشْتَهِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِمَّا قَدْ فُضِّلَ بِهِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنَ الْعَيْشِ. فَيَمْنَعُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

(1/217)

إِيَّاهُ وَيَحْجِزُهُ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ.

72 - أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: أخبرنَا عبد الله بن أَحْمد قَالَ: حَدثنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي البَخْتَرِيِّ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: مَثَلُ الْقَلْبِ وَالْجَسَدِ مَثَلُ أَعْمَى وَمُقْعَدٍ. فَقَالَ الْمُقْعَدُ: إِنِّي أَرَى ثَمَرَةً وَلَا أَسْتَطِيعُ الْقيام إِلَيْهَا. فَاحْمِلْنِي {فَحَمَلَهُ فَأَكَلَ وَأَطْعَمَهُ.

8 - وَمِنْهُمْ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ

73 - أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: حَدثنَا عبد الله ابْن أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ قِسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ: خَطَبَنَا أَبُو مُوسَى فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ} ابْكُوا / فَإِنْ لَمْ

(1/218)

تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا. فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكُونَ الدُّمُوعَ حَتَّى تَنْقَطِعَ، ثُمَّ يَبْكُونَ الدِّمَاءَ حَتَّى لَوْ أُرْسِلَتْ فِيهَا السُّفُنُ لَجَرَتْ.

9 - وَمِنْهُمْ أَبُو ذَرٍّ

74 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا رِزْقُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ بُرَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: قَالَ أَبِي: خَرَجْنَا حُجَّاجًا فَوَجَدنَا أَبَا ذَر بالربذة قَائِما يُصَلِّي. فانتظرناه حَتَّى فَرَغَ مِنْ

(1/219)

صَلَاتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى الْأَخِ النَّاصِحِ الشَّفِيقِ، ثُمَّ بَكَى فَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ وَقَالَ: قَتَلَنِي حُبُّ يَوْمٍ لَا أُدْرِكُهُ. قِيلَ: وَمَا يَوْمٌ لَا تُدْرِكُهُ؟ قَالَ: طُولُ الأمل

10 - وَمِنْهُم حُذَيْفَة

75 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عمَارَة بن

(1/220)

عبد عَن حُذَيْفَة / قَالَ:

إِيَّاكُمْ وَمَوَاقِفَ الْفِتَنِ. قِيلَ: وَمَا مَوَاقِفُ الْفِتَنِ؟ قَالَ: أَبُوَابُ الْأُمَرَاءِ يَدْخُلُ أَحَدُكُمْ عَلَى الْأَمِيرِ فَيُصَدِّقُهُ بِالْكَذِبِ، وَيَقُولُ مَا لَيْسَ فِيهِ.

11 - وَمِنْهُم أَبُو الدَّرْدَاء.

76 - أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون قَالَ: حَدثنَا جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: يَا أَهْلَ دِمَشْقَ! أَنْتُمُ الْإِخْوَانُ فِي الدِّينِ، وَالْجِيرَانُ فِي الدَّارِ، وَالْأَنْصَارُ عَلَى الْأَعْدَاءِ. مَا يمنعكم من مودتي؟ وَإِنَّمَا مؤونتي عَلَى غَيْرِكُمْ. مَالِي أَرَى عُلَمَاءَكُمْ يَذْهَبُونَ وَجُهَّالَكُمْ لَا يَتَعَلَّمُونَ؟ وَأَرَاكُمْ قَدْ أَقْبَلْتُمْ عَلَى مَا تُكُفِّلَ لَكُمْ بِهِ وَتَرَكْتُمْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ. أَلَا إِنَّ أَقْوَامًا بَنَوْا شَدِيدًا، وَجَمَعُوا كَثِيرًا، وأملوا

(1/221)

بَعِيدًا. فَأَصْبَحَ بُنْيَانُهُمْ قُبُورًا، وَأَملُهُمْ غُرُورًا، وَجَمْعُهُمْ بُورًا. أَلَا فَتَعَلَّمُوا وَعَلِّمُوا. فَإِنَّ الْعَالِمَ وَالْمُتَعِلِّمَ فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ، وَلَا خَيْرَ فِي النَّاسِ / بَعْدَهُمَا.

77 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعُشَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ سَمْعُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ زَبَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدثنَا صَدَقَة قَالَ: حَدثنَا ابْن جَابِرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ:

تَبْنُونَ شَدِيدًا، وَتُأَمِّلُونَ بَعِيدًا، وَتَمُوتُونَ قَرِيبًا.

(1/222)

12 - وَمِنْهُم أَبُو هُرَيْرَة

78 - أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْمُرُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سِنَانَ بْنَ أَبِي سِنَانٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَائِمًا فِي قَصَصِهِ: إِنَّ أَخًا لَكُمْ كَانَ لَا يَقُولُ الرَّفَثَ، يَعْنِي ابْنَ رَوَاحَةَ. قَالَ:

(وَفينَا رَسُول الله يَتْلُو كِتَابه ... إِذا مَا انْشَقَّ مَعْرُوف من اللَّيْل سَاطِع)

(بِبَيْت يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْكَافِرِينَ الْمَضَاجِعُ)

(أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ)

(1/223)

13 - وَمِنْهُمْ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ

79 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَسَّانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ابْن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ زِيَادِ بْنِ مَاهَكٍ قَالَ: كَانَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ يَقُولُ:

إِنَّكُمْ لَمْ تَرَوْا مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا أَسْبَابَهُ، وَلَمْ تَرَوْا مِنَ الشَّرِّ إِلَّا أَسْبَابَهُ. الْخَيْرُ كُلُّهُ بِحَذَافِيرِهِ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّرُّ كُلُّهُ بِحَذَافِيرِهِ فِي النَّارِ. وَإِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ، يَأَكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَالْآخِرَةُ وَعْدٌ صَادِقٌ يَحْكُمُ فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ. لِكُلٍّ بَنُونَ. فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ. وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا.

(1/224)

14 - وَمِنْهُم تَمِيم الدَّارِيّ

80 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُقَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ: / خُذْ مِنْ دِينِكَ لِنَفْسِكَ، وَمِنْ نَفْسِكَ لِدِينِكَ، حَتَّى تَسْتَقِيمَ عَلَى عِبَادَةٍ تطيقها.

(1/225)

15 - وَمِنْهُمُ الْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ

81 - أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ - وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَصَّ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ الْجَامِعِ - قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُّولِ اللَّهِ أَرْبَعَ غَزَوَاتٍ.

(1/226)

16 - وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ

82 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن أبي مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السِّنْدِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلُّوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ

يَا صَاحِبَ الذَّنْبِ لَا تَأْمَنَنَّ سُوءَ الْعَاقِبَة، وَلما يَتْبَعُ الذَّنْبَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ إِذَا عَمِلْتَهُ: [فَإِنَّ] قِلَّةَ حَيَائِكَ مِمَّنْ عَلَى يَمِينِكَ وَشِمَالِكَ، وَأَنْتَ عَلَى الذَّنْبِ، / أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي عَمِلْتَهُ. وَضَحِكُكٌ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ بِكَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ. وَفَرَحُكَ بِالذَّنْبِ إِذَا ظَفِرْتَ بِهِ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ. وَحُزْنُكَ عَلَى الذَّنْبِ إِذَا فَاتَكَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ إِذا

(1/227)

ظَفِرْتَ بِهِ. وَخَوْفُكَ مِنَ الرِّيحِ إِذَا حَرَّكَتْ سَتْرَ بَابِكَ، وَأَنْتَ عَلَى الذَّنْبِ، وَلَا يَضْطَرِبُ فُؤَادُكَ مِنْ نَظَرِ اللَّهِ إِلَيْكَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ إِذَا عَمِلْتَهُ. وَيْحَكَ! هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ ذَنْبُ أَيُّوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالْبَلَاءِ فِي جَسَدِهِ وَذَهَابِ مَالِهِ؟ إِنَّهُ اسْتَعَانَ بِهِ مِسْكِينٌ عَلَى ظُلْمٍ يدْرَأُهُ عَنْهُ؛ فَلَمْ يُعِنْهُ وَلَمْ يَنْهَ الظَّالِمَ، فَابْتَلَاهُ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ المُصَنّف: هَذَا آخر من نَذْكُرُهُ مِنَ الْمُشْتَهِرِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ الصَّحَابَةِ قَدْ كَانُوا يُذَكِّرُونَ وَيَعِظُونَ، وَكَذَلِكَ التَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَإِنَّمَا نَذْكُرُ المشتهرين بذلك.

(1/228)

ذِكْرُ أَعْيَانِ الْمُذَكِّرِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ

17 - مِنْهُمْ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ

83 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ / قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنَّا نَفْخَرُ بِفَقِيهِنَا وَنَفْخَرُ بِقَاصِّنَا. فَأَمَّا فَقِيهُنَا فَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَمَّا قَاصُّنَا فَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيرٍ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: قُلْتُ: هَذَا عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ كَانَ قَاصَّ أَهْلِ مَكَّةَ، وَقَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. وَثَمَّ آخَرُ يُقَالُ لَهُ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ يَرْوِي عَنِ ابْنِ عَبَّاس.

(1/229)

18 - وَمِنْهُم مُجَاهِد

84 - أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُتَوَكِّلِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ شَاذَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْفَهَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ الْمَرْعَشِيُّ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مُجَاهِدٍ فَقَالَ: الْقَلْبُ هَكَذَا وَبَسَطَ كَفَّهُ. فَإِذَا أَذْنَبَ الرَّجُلُ ذَنْبًا قَالَ: هَكَذَا فَعَقَدَ وَاحِدَةً، / ثُمَّ أَذْنَبَ وَعَقَدَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَرْبَعًا، ثُمَّ رَدَّ الْإِبْهَامَ عَلَى الْأَصَابِعِ فِي الذَّنْبِ الْخَامِسِ. فَطُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: فَأَيُّكُمْ يَرَى أَنَّهُ لَمْ يُطْبَعْ على قلبه؟

(1/230)

19 - وَمِنْهُمْ وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ

85 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخياط قَالَ: أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: قَالَ وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ:

عَجَبًا لِلْعَالِمِ كَيْفَ تُجِيبُهُ دَوَاعِي قَلْبِهِ إِلَى ارْتِيَاحِ الضَّحِكِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ فِي الْقِيَامَةِ رَوَعَاتٍ وَوَقَفَاتٍ، وَفَزَعَاتٍ؟ ثُمَّ غُشِيَ عَلَيْهِ

(1/231)

20 - وَمِنْهُمُ الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَمَوَاعِظُهُ لِلرَّشِيدِ وَغَيْرِهِ كَثِيرَةٌ

68 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي صَادِقٍ الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَاكَوَيْهِ الشِّيرَازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ / بْنُ حَسَّانٍ السَّمْتِيُّ قَالَ: شَهِدْتُ الفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ وَجَلَسَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. فَتَكَلَّمَ الفُضَيْلُ، فَقَالَ:

كُنْتُمْ مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ سُرُجَ الْبِلَادِ يُسْتَضَاءُ بِكُمْ فَصِرْتُمْ ظُلْمَةً. وَكُنْتُمْ نُجُومًا يُهْتَدَى بِكُمْ، فَصِرْتُمْ حَيْرَةً. لَا يَسْتَحِي أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ هَؤُلَاءِ الظَّلَمَةِ. ثُمَّ يَسْنِدُ ظَهْرَهُ وَيَقُولُ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ. فَقَالَ سُفْيَانُ: لَئِنْ كُنَّا لَسْنَا بِصَالِحِينَ فَإِنَّا نُحِبُّهُمْ.

(1/232)

21 - وَمِنْهُمْ حَجَّارٌ الْمَكِّيُّ

87 - أَخْبَرَتْنَا شَهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ قَالَتْ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ بِمِصْرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الفَهْمِ بْنِ اليَسَعَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الدِّينَوَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو حَمْزَةَ الصُّوفِيُّ: كَانَ كَامِلُ بْنُ الْمُخَارِقِ الصُّوفِيُّ مِنْ أَحْسَنِ مَنْ رَأَيْتُهُ مِنَ أَحْدَاثِ الصُّوفِيَّةِ وَجْهًا. وَكَانَ قَدْ لَزِمَ مَنْزِلَهُ وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ، لَا يَخْرُجُ إِلَّا مِنْ جُمُعَةٍ إِلَى جُمُعَةٍ. فَإِذَا خَرَجَ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ وَقَفَ لَهُ / النَّاسُ، وَرَمَوْهُ بِأَبْصَارِهِمْ يَنُظُرُونَ إِلَيْهِ. فَقَدِمَ عَلَيْنَا حَجَّارُ بْنُ قَيْسٍ الْمَكِّيّ دمشق. وَكَانَ أحد الفصحاء الْفُضَلَاءِ، وَكَانَ لِي صَدِيقًا، فَكَلَّمَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: اسْأَلْهُ أَنْ يَجْلِسَ لَنَا مَجْلِسًا، فَكَلَّمْتُهُ فَوَعَدَهُمْ يَوْمًا. فَاتَّعَدْنَا لِذَلِكَ الْيَوْمِ، وَدُعِيَ النَّاسُ الْغَدَاةَ. أَقْبَلُوا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. فَوَقَفَ فَتَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ كَامِلُ بْنُ الْمُخَارِقِ، فَلَمَّا نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ شُغِلُوا عَنِ الِاسْتِمَاعِ. وَفَطِنَ بِهِمْ حَجَّارٌ، فَقَطَعَ كَلَامَهُ وَقَالَ: يَا قَوْمُ (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لله وقارا وَقد خَلقكُم أطوارا) . أَتَنْظُرُونَ إِلَى جَمَالٍ يَحُولُ، وَوَجْهٍ تَتَخَزَّمُهُ الْحَادِثَاتُ؟ أَيْنَ تَذْهَبُ بِكُمُ الشَّهَوَاتُ؟ عُرِضَ بِكُمْ لِمِحْنَةٍ

(1/233)

عَظِيمَةٍ. عَلَى أَنَّكُمْ لَا تَبْلُغُونَ مِنْهَا مَحْبُوبَ نُفُوسِكُمْ. أَمَا سَمِعْتُمُوهُ - تَعَالَى - يَقُولُ: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالهم) ؟ ثُمَّ أَخَذَ فِي كَلَامِهِ، فَأَحْصَيْتُ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ نِيفًا عَلَى سَبْعِينَ بَيْنَ رَجُلٍ وَغُلَامٍ.

ذكْرُ أَعْيَانِ الْمُذَكِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

22 - مِنْهُمْ / مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ.

88 - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْمُدَبِّرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَيَّاطُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَرْجَةَ قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْبَلْخِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ قَالَ:

(1/234)

كُنَّا عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظيِّ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ {مَا تَقُولُ فِي التَّوْبَةِ؟ قَالَ: مَا أَحْسَنَهَا} قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ أَعْطَيْتَ اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لَا أَعْصِيهِ أَبَدًا؟ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: فَمَنْ حِينَئِذٍ أعظم جرما مِنْك؟ تتألى عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُنْفِذَ فِيكَ أَمْرَهُ.

89 - أَنبأَنَا أَبُو بكر بن عبد الْبَاقِي قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوبَ الْجَلَّابُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْب يقص فَبكى رجل، فَقَامَ وَقطع وَقَالَ: من الْبَاكِي؟ قَالُوا: مِنْ بَنِي فُلَانٍ. قَالَ: كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ.

قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ يَقُصُّ، فَسَقَطَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ مَسْجِد فَقَتلهُمْ.

(1/235)

23 - وَمِنْهُم الْأَغَر

90 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْبَقَّالُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْبَلٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: كَانَ الْأَغَرُّ قَاصًّا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ.

24 - وَمِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ

91 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الْبَاقِي قَالَ: أخبرنَا حمد بن أَحْمد قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بن حمدَان

(1/236)

قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَنَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ:

إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَحْفَظُ الْمُؤْمِنُ فِي وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، وَيَحْفَظُهُ فِي دُوَيْرَتِهِ وَفِي دُوَيْرَاتٍ حَوْلَهُ. فَمَا يَزَالُونَ فِي حِفْظٍ وَعَافِيَةٍ مَا كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ.

25 - وَمِنْهُمْ أَبُو حَازِمٍ الْأَعْرَج

92 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بن عُمَيْر قَالَ: أخبرنَا أَبُو الْفضل / مُحَمَّد بْنِ أَحْمَدَ الْمَرْوَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الحَوَارِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ: إِنَّ بِضَاعَةَ الْآخِرَةِ كَاسِدَةٌ، فَاسْتَكْثِرُوا مِنْهَا فِي أَوَانِ كَسَادِهَا؛ فَإِنَّهُ لَوْ قَدْ جَاءَ يَوْمُ نَفَاقِهِا لَمْ تَصِلُوا مِنْهَا إِلَى قَلِيلٍ، وَلَا إِلَى كَثِيرٍ.

(1/237)

93 - أَنبأَنَا أَبُو بكر بن عبد الْبَاقِي قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَيُّوبَ الْجَلَّابُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ أَبُو حَازِمٍ يَقُصُّ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ فِي مَسْجِدٍ بِالْمَدِينَةِ. فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: هَذَا الشِّتَاءُ قَدْ هَجَمَ عَلَيْنَا، وَلَا بُدَّ لَنَا مِمَّا يُصْلِحُنَا فِيهِ. فَذَكَرَتِ الثِّيَابَ، وَالطَّعَامَ، وَالْحَطَبَ. فَقَالَ: مِنْ هَذَا كُلِّهِ بُدٌّ، وَلَكِنْ خُذِي مَا لَا بُد مِنْهُ: الْمَوْتُ ثُمَّ الْبَعْثُ، ثُمَّ الْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ - تَعَالَى - ثُمَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ.

94 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ، ابْنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ الدَّقَّاقِ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ / الطَّبَرِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سليم الْعمريّ قَالَ: رَأَيْت أَبَا جَعْفَر القاريء فِي الْمَنَامِ عَلَى الْكَعْبَةِ فَقُلْتُ لَهُ: أَبَا جَعْفَرٍ. قَالَ: نَعَمْ! أَقْرِئْ إِخْوَانِي مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - جَعَلَنِي مَعَ الشُّهَدَاءِ الْأَحْيَاءِ الْمَرْزُوقِينَ. وَأَقْرِئْ أَبَا حَازِمٍ السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ أَبُو جَعْفَرٍ: الْكَيْسَ الْكَيْسَ. فَإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يَتَرَاءَوْنَ مَجْلِسَكَ بِالْعَشِيَّاتِ.

(1/238)

26 - وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ

95 - أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَرِيرِيُّ قَالَ: أَنبأَنَا أَبُو طَالِبٍ الْعُشَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن يُوسُف قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن صَفْوَان قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر الْقرشِي قَالَ: حَدثنِي الْقَاسِمُ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْعُمَرِيُّ فَقَالَ: عِظْنِي / فَأَخَذَ حَصَاة من الأَرْض فَقَالَ: زنة هَذِه مِنَ الْوَرَعِ تَدْخُلُ قَلْبَكَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَرْضِ. قَالَ: زِدْنِي. قَالَ: كَمَا تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَكَ غَدًا فَكُنْ أَنْتَ لَهُ الْيَوْمَ.

(1/239)

27 - وَمِنْهُمْ أَبُو عَامِرٍ النُّبَاتِيُّ

69 - أَخْبَرَنَا الْمُحَمَّدَانِ: ابْنُ نَاصِرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَا: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ حَيْرُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الْأَزَجِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُفِيدُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْكِتَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَامِرٍ الْوَاعِظَ يَقُولُ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ الله - جَاءَنِي غُلَامٌ أَسْوَدُ بِرُقْعَةٍ فَقَرَأْتُهَا فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَتَّعَكَ اللَّهُ بِمُسَامَرَةِ الْفِكْرَةِ، وَنَعَّمَكَ بِمُؤَانَسَةِ الْعَبْرَةِ، وَأَفْرَدَكَ بِحُبِّ الْخُلْوَةِ يَا أَبَا عَامِرٍ أَنَا رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِكَ. بَلَغَنِي قُدُومُكَ الْمَدِينَةَ، فَسُرِرْتُ بِذَلِكَ وَأَحْبَبْتُ زِيَارَتَكَ. وَبِي مِنَ الشَّوْقِ إِلَى مُجَالَسَتِكَ، وَالِاسْتِمَاعِ / لِمُحَادَثَتِكَ، مَا لَوْ كَانَ فَوْقِي لَأَظَلَّنِي وَلَوْ كَانَ تَحْتِي لَأَقَلَّنِي. فَسَأَلْتُكَ بِالَّذِي حَبَاكَ بِالْبَلَاغَةِ لِمَا أَلْحَفْتَنِي جَنَاحَ التَّوَصُّلِ بِزِيَارَتِكَ. وَالسَّلَامُ.

(1/240)

قَالَ أَبُو عَامِرٍ: فَقُمْتُ مَعَ الرَّسُولِ حَتَّى أَتَى بِي إِلَى قُبَاءَ، فَأَدْخَلَنِي مَنْزِلًا رَحْبًا خربا. فَقَالَ لي: قف هَاهُنَا حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ. فَوَقَفْتُ، فَخَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ لِي: لِجْ. فَدَخَلْتُ، فَإِذَا بَيْتٌ مُفْرَدٌ فِي الْخَرِبَةِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ. وَإِذَا بِكَهْلٍ قَاعِدٍ مُسْتَقْبِلٍ الْقِبْلَةَ، تَخَالُهُ مِنَ الْوَلَهِ مَكْرُوبًا، وَمِنَ الْخَشْيَةِ مَحْزُونًا، قَدْ ظَهَرَتْ فِي وَجْهِهِ أَحْزَانُهُ، وَذَهَبَتْ مِنَ الْبُكَاءِ عَيْنَاهُ، وَمَرِضَتْ أَجْفَانُهُ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ. ثُمَّ تَخَلَّلَ فَإِذَا هُوَ أَعْمَى أَعْرَجُ مِسْقَامٌ. فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَامِرٍ {غَسَلَ اللَّهُ مِنْ رَانِ الذُّنُوبِ قَلْبَكَ. لَمْ يَزَلْ قَلْبِي إِلَيْكَ تَوَّاقًا، وَإِلَى اسْتِمَاعِ الْمَوْعِظَةِ مِنْكَ مُشْتَاقًا، وَبِي جُرْحٌ نَغِلَ قَدْ أَعْيَا الْوَاعِظِينَ دَوَاؤُهُ، وَأَعْجَزَ الْمُتَطَبِّبِينَ شِفَاؤُهُ. وَقَدْ بَلَغَنِي نَفْعُ مَرَاهِمِكَ لِلْجِرَاحِ وَالْأَلَمِ. فَلَا تَأْلُ رَحِمَكَ اللَّهُ فِي إِيقَاعِ التِّرْيَاقِ وَإِنْ كَانَ مُرَّ الْمَذَاقِ، فَإِنِّي مِمَّنْ يَصْبِرُ / عَلَى أَلَمِ الدُّوَاءِ رَجَاءً لِلشِّفَاءِ.

قَالَ أَبُو عَامِرٍ: فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ بَهَرَنِي، وَسَمِعْتُ كَلَامًا قَطَعَنِي. فَأَفْكَرْتُ طَوِيلًا، ثُمَّ تَأَتَّى مِنْ كَلَامِي مَا تَأَتَّى، وَسَهَّلَ مِنْ صُعُوبَتِهِ مَا مِنْهُ رَقَّ لِي. فَقُلْتُ: يَا شَيْخُ ارْمِ بِبَصَرِ قَلْبِكَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ، وَأَجِلْ سَمْعَ مَعْرِفَتِكَ فِي سُكَّانِ الْأَرْجَاءِ، وَتَنَقَّلْ بِحَقِيقَةِ إِيمَانِكَ إِلَى جَنَّةِ الْمَأْوَى، فَتَرَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِيهَا لِلْأَوْلِيَاءِ. ثُمَّ تَشَرَّفْ عَلَى نَارِ لَظَى، فَتَرَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِيهَا لِلْأَشْقِيَاءِ. فَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الدَّارَيْنِ} أَلَيْسَ الْفَرِيقَانِ فِي الْمَوْتِ سَوَاءً؟

قَالَ أَبُو عَامر: فَأن أنة، وَصَاحَ صَيْحَةً، وَزَفَرَ زَفْرَةً، وَالْتَوَى وَقَالَ: يَا أَبَا عَامِرٍ! وَقَعَ - وَاللَّهِ - دَوَاؤُكَ عَلَى دَائِي. وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ شِفَائِي

(1/241)

زِدْنِي {رَحِمَكَ اللَّهُ. فَقُلْتُ:

يَا شَيْخُ} اللَّهُ عَالِمٌ بِسَرِيرَتِكَ، مُطَّلِعٌ عَلَى حَقِيقَتِكَ، شَاهِدُكَ فِي خُلْوَتِكَ، بِعَيْنِهِ كُنْتَ عِنْدَ اسْتِتَارِكَ مِنْ خَلْقِهِ وَمُبَارَزَتِهِ. فَصَاحَ صَيْحَةً كَصَيْحَتِهِ الْأُولَى. ثُمَّ قَالَ: مَنْ لِفَقْرِي؟ مَنْ لِفَاقَتِي؟ مَنْ لِذَنْبِي؟ مَنْ لِخَطِيئَتِي؟ أَنْتَ لِي يَا مَوْلَايْ {وَإِلَيْكَ مُنْقَلَبِي. ثُمَّ خَرَّ مَيِّتًا - رَحِمَهُ اللَّهُ.

قَالَ أَبُو عَامِرٍ: فَأَسْقَطَ فِي يَدَيَّ وَقُلْتُ: مَاذَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي؟ فَخَرَجْتُ إِلَى جَارِيَةٍ عَلَيْهَا مُدَرَّعَةٌ مِنْ صُوفٍ، وَخِمَارٌ مِنْ صُوفٍ، قَدْ ذَهَبَ السُّجُودُ بِجَبْهَتِهَا وَأَنْفِهَا، وَاصْفَرَّ لِطُولِ الْقِيَامِ لَوْنُهَا، وَتَوَرَّمَتْ قَدَمَاهَا. فَقَالَتْ: أَحَسَنْتَ، وَاللَّهِ يَا حَادِيَ قُلُوبِ الْعَارِفِينَ، وَمُثِيرَ أَشْجَانِ عَلِيلِ الْمَحْزُونِينَ، لَا نَسِيَ لَكَ هَذَا الْمَقَامَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. يَا أَبَا عَامر} هَذَا الشَّيْخُ وَالِدِي مُبْتَلًى بِالسُّقْمِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً. صَلَّى حَتَّى أُقْعِدَ وَبَكَى حَتَّى عَمِيَ. وَكَانَ يَتَمَنَّاكَ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَيَقُولُ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبِي عَامِرٍ النُّبَاتِيِّ. فَأَحْيَا مَوَاتَ قَلْبِي، وَطَرَدَ وَسَنَ نَوْمِي، وَإِنْ سَمِعْتُهُ ثَانِيًا قَتَلَنِي. فَجَزَاكَ اللَّهُ مِنْ وَاعِظٍ خَيْرًا وَمَتَّعَكَ مِنْ حِكْمَتِكَ بِمَا أَعْطَاكَ. ثُمَّ أَكَبَّتْ عَلَى أَبِيهَا، تُقَبِّلُ عَيْنَيْهِ وَهِيَ تَبْكِي وَتَقُولُ:

يَا أَبِي {يَا أَبَتَاهْ} يَا مَنْ أَعْمَاهُ الْبُكَاءُ عَلَى ذَنْبِهِ {يَا أَبِي} يَا أَبَتَاهْ {يَا مَنْ قَتَلَهُ ذِكْرُ وَعِيدِ رَبِّهِ} ثُمَّ عَلَا الْبُكَاءُ وَالنَّحِيبُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَالدُّعَاءُ. وَجَعَلَتْ تَقُولُ: يَا أَبِي {يَا أَبَتَاهْ} (يَا) حَلِيفَ الْحُرْقَةِ وَالْبُكَاءِ! يَا أبي يَا

(1/242)

أَبَتَاه {يَا جَلِيسَ الِابْتِهَالِ وَالدُّعَاءِ} يَا أَبِي {يَا أَبَتَاهْ} يَا صَرِيعَ الْمُذَكِّرِينَ وَالْخُطَبَاءِ {يَا أَبِي} يَا أَبَتَاهْ {يَا قَتِيلَ الْوُعَّاظِ وَالْحُكَمَاءِ}

قَالَ أَبُو عَامِرٍ: فَأَجَبْتُهَا: أَيَّتُهَا الْبَاكِيَةُ الْحَيْرَى، وَالنَّادِبَةُ الثَّكْلَى! إِنَّ أَبَاكِ نُحِبُّهُ قَدْ قَضَى، وَوَرَدَ دَارَ الْجَزَاءِ، وَعَايَنَ كُلَّ مَا عَمِلَ، وَعَلَيْهِ يُحْصَى، فِي كِتَابٍ عِنْدَ رَبِّي، لَا يَنْسَى. فَمُحْسِنٌ، فَلَهُ الزُّلْفَى. أَوْ مُسِيءٌ، فَوَارِدٌ دَارَ مَنْ أَسَاءَ. فَصَاحَتِ الْجَارِيَةُ كَصَيْحَةِ أَبِيهَا وَجَعَلَتْ تَرْشَحُ عَرَقًا.

وَخَرَجْتُ مُبَادِرًا إِلَي مَسْجِدِ الْمُصْطَفى مُحَمَّد وَفَزَعْتُ إِلَى الصَّلَاةِ، وَالدُّعَاءِ، وَالِاسْتِغْفَارِ، وَالتَّضَرُّعِ، وَالْبُكَاءِ، حَتَّى كَانَ عِنْدَ الْعَصْرِ. فَجَاءَنِي الْغُلَامُ الْأَسْوَدُ فَآذَنَنِي بِجَنَازَتَيْهِمَا وَقَالَ: احْضَرِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمَا وَدَفْنَهُمَا. وَسَأَلْتُ عَنْهُمَا فَقِيلَ لِي: مِنْ وَلَدِ السَّيِّدِ الْحُسَيْن - عَلَيْهِ السَّلَام - يَعْنِي ابْن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالَ أَبُو عَامِرٍ: فَمَا زِلْتُ جَزِعًا مِمَّا جَنَيْتُ حَتَّى رأيتهما فِي الْمَنَام عَلَيْهِمَا حلتان خضراوان. فَقُلْتُ: مَرْحَبًا بِكُمَا وَأَهْلًا فَمَا زِلْتُ حَذِرًا مِنْ وَعْظِي لَكُمَا. فَمَاذَا صَنَعَ اللَّهُ بِكُمَا؟ فَقَالَ الشَّيْخُ: /

(أَنْتَ شَرِيكِي فِي الَّذِي نِلْتُهُ ... مُسْتَأْهِلًا ذَاكَ أَبَا عَامِرِ)

(وَكُلُّ مَنْ أَيْقَظَ ذَا غَفْلَةٍ ... فَنِصْفُ مَا يُعْطَاهُ لِلْآمِرِ)

(مَنْ رَدَّ عَبْدًا آبِقًا مُذْنِبًا ... كَانَ كَمَنْ قَدْ رَاقَبَ الْقَاهِرِ)

(وَاجْتَمَعَا فِي دَارِ عَدْنٍ وَفِي ... جِوَارِ رَبٍّ سَيِّدٍ غَافِرِ)

(1/243)

ذكر أَعْيَان المذكرين من أهل الْيمن

28 - مِنْهُم وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ

97 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمُنَادِي قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْحُبَابِ بْنِ مَخْلَدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ أَنَّ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ قَالَ فِي مَوْعِظَةٍ لَهُ:

يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّهُ لَا أَقْوَى مِنْ خَالِقٍ، وَلَا أَضْعَفَ مِنْ مَخْلُوقٍ، وَلَا أَقْدَرَ مِمَّنْ طِلْبَتُهُ فِي يَدِهِ، وَلَا أَضْعَفَ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ، وَهُوَ طَالِبُهُ. يَا ابْنَ

(1/244)

آدَمَ {قَدْ ذَهَبَ مِنْكَ مَا لَا يَرْجِعُ إِلَيْكَ وَأَقَامَ مَعَكَ مَا سَيَذْهَبُ.

يَا ابْنَ آدَمَ} أَقْصِرْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَا يُنَالُ، وَعَنْ طَلَبِ مَا لَا يُدْرَكُ، وَعَنِ / ابْتِغَاءِ مَا لَا يُوجَدُ، وَاقْطَعِ الرَّجَاءَ مِنْكَ عَمَّا فَقَدْتَ مِنَ الأَشْيَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ رُبَّ مَطْلُوبٍ هُوَ شَرٌّ لِطَالِبِه.

يَا ابْنَ آدَمَ {إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، وَأَعْظَمُ مِنَ الْمُصِيبَةِ سُوءُ الْخُلْفِ مِنْهَا. يَا ابْنَ آدَمَ} فَأَيَّ أَيَّامِ الدَّهْر ترتجي؟ أيوما يَجِيء فِي غرَّة أَوْ يَوْمًا تَسْتَأْخِرُ عَاقِبَتَهُ عَنْ أَوَانِ مَجِيئِهِ؟ (فَانْظُرْ إِلَى الدَّهْرِ تَجِدْهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ: يَوْمٌ مضى لَا ترجوه، وَيَوْم حضر لَا بُد مِنْهُ، وَيَوْمٌ يَجِيءُ لَا تَأْمَنُهُ) . فَأَمْسٌ شَاهِدٌ مَقْبُولٌ، وَأَمِينٌ مُؤَدٍّ، وَحَكِيمٌ مُؤَدِّبٌ قَدْ فَجَعَكَ بِنَفْسِهِ، وَخَلَّفَ فِي يَدَيْكَ حِكْمَتُهُ. وَالْيَوْمُ صَدِيقٌ مُوَدِّعٌ، كَانَ طَوِيلَ الْغَيْبَةِ، وَهُوَ سَرِيعُ الظَّعْنِ، أَتَاكَ - وَلَمْ تَأْتِهِ - وَقَدْ مَضَى قَبْلَهُ شَاهِدٌ عدل. فَإِن كَانَ مَا فِيهِ لَكَ فَاشْفَعْهُ بِمِثْلِهِ.

يَا ابْنَ آدَمَ! قَدْ مَضَتْ لَنَا أُصُولٌ عَنْ فُرُوعِهَا، فَمَا بَقَاءُ الْفَرْعِ بَعْدَ أَصْلِهِ؟ .

(1/245)

يَا ابْنَ آدَمَ {إِنَّمَا أَهْلُ هَذِهِ الدَّارِ سَفْرٌ لَا يَحِلُّونَ عُقْدَةَ الرِّحَالِ إِلَّا فِي غَيْرِهَا. وَإِنَّمَا يَشْتَغِلُونَ بِالْعَوَارِي. فَمَا أَحْسَنَ الشُّكْرَ لِلْمُنْعِمِ وَالتَّسْلِيمَ لِلْمُعِيرِ. وَاعْلَمْ يَا ابْنَ آدَمَ} إِنَّهُ لَا رَزِيَّةَ فِي عَقْلٍ أَعْظَمُ مِمَّنْ ضَيَّعَ الْيَقِينَ. أَيُّهَا النَّاسُ {إِنَّمَا الْبَقَاءُ بَعْدَ الْفَنَاءِ، وَقَدْ خُلِقْنَا وَلَمْ نَكُنْ. وَسَنَبْلَى، ثُمَّ نعود. أَلا وَإِنَّمَا الْعَوَارِيُّ الْيَوْمَ وَالْهِبَاتُ غَدًا. / أَلَا وَإِنَّهُ قَدْ تَقَارَبَ مِنَّا سَلْبٌ فَاحِشٌ أَوْ عَطَاءٌ جَزِيلٌ. فَاسْتَصْلِحُوا مَا تُقْدِمُونَ عَلَيْهِ بِمَا تُظْعِنُونَ عَنْهُ} يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا أَنْتُمْ فِي هَذِهِ الدَّارِ عَرَضٌ فِيكُمُ الْمَنَايَا تَتَّصِلُ. وَإِنَّ الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ دُنْيَاكُمْ نَهْبٌ لِلْمَصَائِبِ. لَا تَتَنَاوَلُونَ فِيهَا نِعْمَةً إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَى. وَلَا يَسْتَقْبِلُ مُعَمِّرٌ مِنْكُمْ يَوْمًا مِنْ عُمْرِهِ إِلَّا بِهَدْمِ آخَرٍ مِنْ أَجَلِهِ. وَلَا تُجَدَّدُ لَهُ زِيَادَةٌ فِي أَجَلِهِ إِلَّا بِنَفَادِ مَا قَبْلِهِ مِنْ رِزْقِهِ. وَلَا يَحْيَا لَهُ أَثَرٌ إِلَّا مَاتَ لَهُ أَثَرٌ. فَنَسَأْلُ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَنَا وَلَكُمْ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذِهِ الْعِظَةِ.

ذِكْرُ الْمُذَكِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ

29 - مِنْهُمْ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ

98 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ:

(1/246)

أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ إِذَا رَأَى مِنَ الْقَوْمِ أَشَاشًَا ذَكَّرَهُمْ فِي الْأَيَّامِ، يَعْنِي نشاطا.

30 - وَمِنْهُم إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ

99 - أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرِيرِيُّ قَالَ: أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عَليّ العشاري قَالَ: أخبرنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا

(1/247)

مُعَرِّفُ بْنُ وَاصِلٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا وَائِلٍ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ كُلَّمَا ذَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ انْتَفَضَ شَقِيقٌ وَبَكَى.

100 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدٍ الْبَاقِي قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: قَالَ التَّيْمِيُّ: كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْقَوْمِ! ؟ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمُ الدُّنْيَا فَهَرَبُوا، وَأَدْبَرَتْ عَنْكُمْ فَاتَّبَعْتُمُوهَا.

31 - وَمِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ

101 - أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي طَاهِر قَالَ: أَنبأَنَا أَبُو مُحَمَّد الْجَوْهَرِي

(1/248)

قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْرُوفٍ / قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْفَهْمِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقُصُّ عَلَيْنَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَبعد الْعَصْرِ.

32 - وَمِنْهُمْ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

102 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي قَالَ: أخبرنَا حمد بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي هَارُونَ قَالَ: كَانَ عَوْنٌ يُحَدِّثُنَا وَلِحْيَتُهُ ترتش بالدموع.

(1/249)

103 - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَحَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ قَالَ: قَالَ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ:

مَا أَحْسَبُ أَحَدًا تَفَرَّغَ لِعَيْبِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ غَفْلَةٍ غَفَلَهَا عَنْ نَفْسِهِ. وَقَالَ عَوْنٌ: جَالِسُوا التَّوَّابِينَ فَإِنَّهُمْ أَرَقُّ النَّاسِ قُلُوبًا.

33 - وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ

104 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ / قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنِ ابْنِ السَّمَّاكِ قَالَ: قَالَ ذَرٌّ لِأَبِيهِ، عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ: مَا بَالُ الْمُتَكَلِّمِينَ يَتَكَلَّمُونَ فَلَا يَبْكِي أَحَدٌ، فَإِذَا تَكَلَّمْتَ سُمِعَ الْبُكَاءُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ! لَيْسَتِ النَّائِحَةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ كَالنَّائِحَةِ الثَّكْلَى.

(1/250)

34 - وَمِنْهُم دَاوُد الطَّائِي

105 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَذَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحسن بن أَحْمد ابْن الْبَنَّاءِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِشْكَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ دَاوُدَ الطَّائِيِّ قَالَ: قُلْتُ لَهُ يَوْمًا: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ قَدْ عَرَفْتَ الرَّحِمَ الَّذِي بَيْنَنَا، فَأَوْصِنِي {قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ. ثُمَّ قَالَ:

يَا أَخِي} إِنَّمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مَرَاحِلُ يَنْزِلُهَا النَّاسُ، مَرْحَلَةً، مَرْحَلَةً، حَتَّى يَنْتَهِي بِهِمْ ذَلِكَ إِلَى آخِرِ سَفَرِهِمْ. فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُقَدِّمَ فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ زَادًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا، فَافْعَلْ؛ فَإِنَّ انْقِطَاعَ السَّفَرِ / عَنْ قَرِيبٍ وَالْأَمْرُ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ. فَتَزَوَّدْ لِسَفَرِكَ وَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ مِنْ أُمُورِكَ فَكَأَنَّكَ بِالْأَمْرِ قَدْ

(1/251)

بَغَتَكَ. إِنِّي لَأَقُولُ لَكَ هَذَا: وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَشَدَّ تَضْيِيعًا مِنِّي لِذَلِكَ.

35 - وَمِنْهُمْ مُحَمَّدُ بن صبيح ابْن السَّمَّاكِ

106 - أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّوَّزِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ قَالَ: حَدَّثَنَا رِضْوَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ السَّمَّاكِ يَقُولُ: قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يَا مُحَمَّدُ مَالِي أَرَاكَ تَمُوتُ حَتَّى تَقُصَّ؟

107 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَليّ بن

(1/252)

ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ التَّوَثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ فِيمَا أَجَازَ لَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَوَارِزْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ السَّمَّاكِ يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ {إِنَّمَا تَغْدُو / فِي كَسْبِ الْأَرْبَاحِ فَاجْعَلْ نَفْسَكَ فِيمَا تَكْسِبُهُ فَإِنَّكَ لَنْ تَكْسِبَ مِثْلَهَا. .

108 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنِي بَكْرَانُ بْنُ الطَّيِّبِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُفِيدُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ السَّمَّاكِ عَلَى الرَّشِيدِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ} إِنَّ لَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مَقَامًا وَإِنَّ لَكَ مِنْ مَقَامِكَ مُنْصَرَفًا. فَانْظُرْ إِلَى أَيْنَ مُنْصَرَفُكَ، إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ إِلَى النَّارِ. فَبَكَى هَارُونُ حَتَّى كَاد يَمُوت.

(1/253)

ذِكْرُ أَعْيَانِ الْمُذَكِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ

36 - مِنْهُمْ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

109 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بن بَشرَان قَالَ: أخبرنَا الْحُسَيْن بن صَفْوَان قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:

يَا إِخْوَتَاه! / اجْتَهِدُوا فِي الْعَمَلِ. فَإِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَمَا نَرْجُوهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَعَفْوِهِ كَانَتْ لَنَا دَرَجَاتٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ يَكُنِ الْأَمْرُ شَدِيدًا كَمَا نَخَافُ وَنُحَاذِرُ لَمْ نَقُلْ (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًَا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ)

(1/254)

نَقُولُ: قَدْ عَمِلْنَا فَلَمْ يَنْفَعْنَا ذَاكَ.

110 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتُوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا غَيْلَانُ قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يَقُولُ:

إِنِّي إِنَّمَا وَجَدْتُ ابْنَ آدَمَ كَالشَّيْءِ الْمُلْقَى بَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَبَيْنَ الشَّيْطَانِ. فَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَنْ يَنْعَشَهُ اجْتَرَهُ إِلَيْهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ خَلَّى بَينه وَبَين عدوه.

37 - وَمِنْهُم الْحسن الْبَصْرِيّ

111 - أخبرنَا عبد الله بن عَليّ المقرىء قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَّافُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِيُّ

(1/255)

قَالَ: حَدَّثَنَا / عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ النَّاجِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ يَقُولُ:

حَادِثُوا هَذِهِ الْقُلُوب فَإِنَّهَا سريعة الدُّثُور، واقدعوا هَذِهِ النُّفُوسَ فَإِنَّهَا طُلَعَةٌ. وَإِنَّهَا تُنَازِعُ إِلَى شَرِّ غَايَةٍ وَإِنَّكُمْ إِنْ تُقَارِبُوهَا لَمْ تُبْقِ لكم من أَعمالكُم شَيْئا. فتصبروا وَتَشَدَّدُوا. فَإِنَّمَا هِيَ لَيَالٍ تُعَدُّ. وَإِنَّمَا أَنْتُمْ رُكْبٌ وُقُوفٌ يُوشِكُ أَنْ يُدْعَى أَحَدُكُمْ، فَيُجِيبُ وَلَا يَلْتَفِتُ. فَانْقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ. إِنَّ هَذَا الْحَقَّ أَجْهَدَ النَّاسِ وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ شهواتهم. وَإِنَّمَا صَبر على هَذَا الْحَقِّ مَنْ عَرَفَ فضْلَهُ وَرَجَا عَاقِبَتَهُ.

(1/256)

38 - وَمِنْهُمْ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ

112 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ عَنْ كِنَانَةَ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ: قَالَ بَكْرُ / بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا رَأَيْتَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ فَقُلْ: هَذَا سَبَقَنِي بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي. وَإِذَا رَأَيْتَ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْكَ فَقُلْ: هَذَا سَبَقْتُهُ إِلَي الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي. وَإِذَا رَأَيْتُ إِخَوَانَكَ يُكْرِمُونَكَ وَيُعَظِّمُونَكَ فَقُلْ: هَذَا فَضْلٌ أَحْدَثُوهُ. وَإِذَا رَأَيْتَ مِنْهُمْ تَقْصِيرًا فَقل: هَذَا ذَنْب أحدثته

(1/257)

39 - وَمِنْهُم قَتَادَة

113 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كَانَ قَتَادَةُ مِنَ الثِّقَاتِ الْمَأْمُونِينَ، وَكَانَ يَقُصُّ وَكَانَ صَحِيحَ الْحَدِيثِ.

114 - وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: كَانَ قَتَادَةُ يَقُصُّ عَلَيْنَا

115 - أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا

(1/258)

بَهْزٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُول فِي قصصه: / حَدثنَا أنس ابْن مَالك أَن رَسُول الله قَالَ:

" يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا يُصِيبُهُمْ سَفْعٌ مِنْهَا، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ: الْجَهَنَّمِيِّينَ ".

116 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْحُسَيْنِ يَعْنِي ابْنَ وَاقِدٍ عَنِ مَطَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَكُنْ مَعَهُ. وَمَنْ يَكُنِ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مَعَهُ فَمَعَهُ الْفِئَةُ الَّتِي لَا تغلب، والحارس الَّذِي لَا يَنَامُ، وَالْهَادِي الَّذِي لَا يَضِلُّ.

40 - وَمِنْهُم ثَابت الْبنانِيّ

117 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن مسْعدَة

(1/259)

قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِصْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثَابِتٌ ثَبْتٌ فِي الْحَدِيثِ وَكَانَ يَقُصُّ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: قُلْتُ: وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ / قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّ الْقُصَّاصَ لَا يَحْفَظُونَ الحَدِيث. فَكنت أقلب الْأَحَادِيث على ثَابت (أجعَل) أنسا لِابْنِ أبي ليلى و (أجعَل) ابْن أبي ليلى لأنس، (أشوشها عَلَيْهِ) . فَيَجِيءُ بِهَا عَلَى الِاسْتِوَاءِ.

118 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلْطِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُف قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن صَفْوَان قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ظَفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: اشْتَكَى ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَيْنَهُ. فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: اضْمَنْ لِي خَصْلَةً تَبْرَأُ عَيْنُكَ. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: لَا تَبْكِ! قَالَ: لَا خَيْرَ فِي عَيْنٍ لَا تبْكي.

(1/260)

41 - وَمِنْهُم أَبُو عمرَان الْجونِي

119 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُنَادِي قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّقْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضَّبْعِيُّ / قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ: لَا يَغُرَّنَّكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ - عَزَّ وَجَلَّ - طُولُ النَّسِيئَةِ وَحُسْنُ الطَّلَبِ، فَإِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ. حَتَّى مَتَى تَبْقَى وُجُوهُ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ بْيَنَ أطباق الثرى؟ . وَإِنَّمَا هم محتبسون بِبَقِيَّة آجالكم [أيتها الْأمة] حَتَّى يَبْعَثَهُمُ اللَّهُ - عَزَّ وَجلَ - إِلَى جَنَّتِهِ وثوابه.

(1/261)

42 - وَمِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ

120 - أَنْبَانَا الْمُبَارَكُ بْنُ أَحْمَدَ الْكِنْدِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدثنِي أَبُو عَيَّاشٌ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنِي قَاسِمٌ الْخَوَّاصُ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ لِرَجُلٍ: أَبْكَاكَ قَطُّ سَابِقُ عَلْمِ اللَّهِ - عَزَّ وَجلَّ - فِيكَ؟ .

121 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَيْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْفَامِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْمَرْوَانِيُّ

(1/262)

قَالَ: حَدَّثَنَا شَكَّرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا الْعُتْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى الثَّقَفِيِّينَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ وَهُوَ يَقُصُّ فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاه! هَبُونِي / وَإِيَّاكُمْ سَأَلْنَا اللَّهَ - تَعَالَى - الْرَجْعَةَ، فَأَعْطَاكُمُوهَا وَمَنَعَنِيهَا، فَلَا تَخْسَرُوا أَنْفُسَكُمْ.

43 - وَمِنْهُم فرقد السبخي

122 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ

(1/263)

قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ فَرْقَدًا يَقُولُ:

إِنَّكُمْ لَبِسْتُمْ ثِيَابَ الْفَرَاغِ قَبْلَ الْعَمَلِ. أَلَمْ تَرَوْا إِلَي الْفَاعِلِ إِذَا عَمِلَ كَيْفَ يَلْبَسُ أَدْنَى ثِيَابَهُ؟ فَإِذَا فَرَغَ اغْتَسَلَ وَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ نَقِيَّيْنِ، وَأَنْتُمْ تَلْبَسُونَ ثِيَابَ الْفَرَاغِ قَبْلَ الْعَمَلِ.

44 - وَمِنْهُم مَالك بن دِينَار

123 - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْمُدَبِّرُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَيَّاطُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْكَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ ابْن يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَان / قَالَ:

(1/264)

يَقُولُ: " أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ " حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ بِالسُّوقِ لَسَمِعَهُ مِنْ مَقَامِي هَذَا قَالَ: حَتَّى وَقَعَتْ خَمِيصَةٌ كَانَتْ عَلَى عَاتِقِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ.

فَصْلٌ

قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَإِذَا أَنْهَى الْكَلَامَ فِي التَّفْسِيرِ أَجَابَ عَنْ مَسَائِلَ إِنْ سُئِلَ. ثمَّ أَمر القارىء فَقَرَأَ، وَتَكَلَّمَ عَلَى الْآيَاتِ بِمَا يَلِيقُ بِهَا، وَيَصْلُحُ مِنَ الْمَوَاعِظِ الْمُرَقِّقَةِ وَالزَّوَاجِرِ الْمُخَوِّفَةِ. وَلْيُدْرِجْ فِي كَلَامِهِ أَخْبَارَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، / وَالتَّشْوِيقِ إِلَى الْجَنَّةِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ النَّارِ. وَلْيَأْمُرْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةِ وَيَنْهَى عَنِ التَّوَانِي عَنْهَا. وَلْيَحُثَّ عَلَى الزَّكَاةِ وَيُذَكِّرِ الْوَعِيدَ لِمَنْ فَرَّطَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ الْحَجُّ وَالصَّوْمُ. وَلْيُبَالِغْ فِي ذِكْرِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَفِعْلِ الْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَكْلِ الرِّبَا، وَيُعَلِّمُهُمْ عُقُودَ الْمُعَامَلَاتِ. وَلْيَأْمُرْ بِإِمْسَاكِ اللِّسَان عَن فضول الْكَلَام وغص الْبَصَرِ عَنِ الْحَرَامِ. وَلْيُخَوِّفْ مِنَ الزِّنَا، وَيَذْكُرُ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، وَيَذْكُرُ مِنْ حِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ مَا يَصْلُحُ ذِكْرُهُ. فَإِنَّهُ قَدْ وَرَدَ عَنْ أَقْوَامٍ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى النُّفُوسِ فِي الْعِبَادَةِ مَا لَا يَحْسُنُ، مِثْلُ مَا يُرْوَى أَنَّ فُلَانًا عَاشَ ثَمَانِينَ سَنَةً مَا اضْطَجَعَ.

قَالَ ابْنُ عُقَيْلٍ: مَثَلُ الْقُصَّاصِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْعَوَامَّ بِالتَّخَشُّنِ فِي الطَّرِيقَةِ وَيَعْدِلُونَ عَنْ ذِكْرِ الرِّبَا وَالزِّنَا وَالْفَوَاحِشِ كَمَثَلِ طَبِيبٍ يَنْهَى الْمَرِيضَ عَمَّا يُؤْلِمُ الضِّرْسَ، وَلَا / يَصِفُ لَهُ دَوَاءً لِعِلَّةٍ عَظِيمَةٍ هَاجِمَةٍ عَلَى الْجِسْمِ. فَإِنَّ الْوَاعِظَ إِذَا تَشَاغَلَ بِحَثِّ الْعَوَامِّ عَلَى الْوَرَعِ وَالتَّقَلُّلِ مِنَ الْمُبَاحِ وَكَسْرِ النَّفْسِ مَعَ عِلْمِهِ بِإِشَاعَةِ الْفَوَاحِشِ مِنْهُمْ كَانَ كَذَلِك.

(1/364)

سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: كَفَى بِالْمَرْءِ خِيَانَةً أَنْ يَكُونَ أَمِينًا لِلْخَوَنَةِ، وَكَفَى بِالْمَرْءِ شَرًّا أَنْ لَا يَكُونَ صَالِحًا وَيَقَعُ فِي الصَّالِحين.

45 - وَمِنْهُم يزِيد الرقاشِي

124 - أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي قَالَ: أخبرنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْحُمَيْسِيِّ قَالَ: كَانَ يَزِيدُ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ:

(1/265)

وَيْحَكَ يَا يَزِيدُ {مَنْ يَتَرَضَّى عَنْكَ رَبَّكَ؟ وَمَنْ يَصُومُ لَكَ؟

ثُمَّ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ النَّاسِ} مَنِ الْقَبْرُ بَيْتُهُ وَالْمَوْتُ مَوْعِدُهُ؟ أَلَا تَبْكُونَ؟ قَالَ: فَبَكَى حَتَّى سَقَطَتْ أَشْفَارُ عَيْنَيْهِ.

46 - وَمِنْهُم أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ

125 - أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: / حَدثنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ كَانَ أَيُّوبُ رُبَّمَا حَدَّثَ بِالْحَدِيثِ فَيَرِقُّ، فَيَمْتَخِطُ وَيَقُولُ: مَا أَشَدَّ الزُّكَامَ.!

(1/266)

47 - وَمِنْهُم سُلَيْمَان التَّيْمِيّ

126 - أخبرنَا عبد الله بن عَليّ المقرىء قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْخَيَّاطُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلَّاوِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَعْلَجٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ابْن أَبِي طَالِبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ عَنْ مُعْتَمِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيُصْبِحُ وَعَلَيْهِ مَذَلَّتُهُ.

48 - وَمِنْهُمْ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ

127 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ:

(1/267)

أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْمِعُ بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: شَهِدْتُ عبد الْوَاحِد ابْن يزِيد ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ يَعِظُ. قَالَ: فَمَاتَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ قَبْلَ / أَنْ يَقُومَ.

49 - وَمِنْهُمْ شُمَيْطُ بْنُ عَجْلَانَ

128 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى الْمَقَابُرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ سُمَّيْطِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي مَوَاعِظِهِ:

إِذَا أَصْبَحْتَ آمِنًا فِي سِرْبِكَ مُعَافًى فِي بَدَنِكَ، عِنْدَكَ قُوتُ يَوْمِكَ! فَعَلَى الدُّنْيَا الْعَفَاءُ وَعَلَى مَنْ يَحْزَنْ عَلَيْهَا. إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَقُولُ لِنَفْسِهِ: إِنَّمَا هِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَقَدْ مَضَى أَمْسٌ بِمَا فِيهِ، وَغَدًا أَمَلٌ لَعَلَّكَ لَا تَدْرِكُهُ، إِنَّمَا هُوَ يَوْمك

(1/268)

هَذَا. فَإِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ غَدٍ فَسَيَجِيءُ رَبُّ غَدٍ بِرِزْقِ غَدٍ. إِنَّ دُونَ غَدٍ يَوْمًا وَلَيْلَة تخترم فِيهِ أَنُفُسٌ كَثِيرَةٌ، فَلَعَلَّكَ الْمُخْتَرَمُ.

50 - وَمِنْهُمْ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ

129 - أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرِيرِيُّ قَالَ: أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عَليّ العشاري قَالَ: أخبرنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ /: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السراج قَالَ: حَدثنِي حَاتِم بن اللَّيْث الْجَوْهَرِي قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي صَالِحًا الْمُرِّيَّ - وَكَانَ يَقُصُّ بِالْبَصْرَةِ - وَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَخْوَفَ لِلَّهِ مِنْهُ وَلَا أَكْثَرَ بُكَاءً.

130 - قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: جَلَسْتُ مَعَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي مَجْلِسِ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ فَرَأَيْتُ سُفْيَانَ يَبْكِي وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِقَاصٍّ، هَذَا نَذِيرُ قَوْمٍ!

(1/269)

131 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْخَطِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ اللَّيْثِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: كُنَّا نَأْتِي مَجْلِسَ صَالِحَ الْمُرِّيَّ، نَحْضُرُهُ وَهُوَ يَقُصُّ، وَكَانَ إِذَا أَخَذَ فِي قَصَصِهِ كَأَنَّهُ رَجُلٌ مَذْعُورٌ، يُفْزِعُكَ أَمْرُهُ مِنْ حُزْنِهِ وَكَثْرَةِ بُكَائِهِ، كَأَنَّهُ ثَكْلَى. وَكَانَ صَالِحٌ شَدِيدَ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - كثير الْبكاء.

51 - وَمِنْهُم ريَاح الْقَيْسِي

132 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ: أَنَبَانَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّوَّزِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ القُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ ابْن قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ قَالَ: لَمَّا قَصَّ رِيَاحٌ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَابِعَةَ، فَمَنَعَتْهُ وَقَالَتْ: لِمَ أَظْهَرَ لِلنَّاسِ حُزْنَهُ؟

(1/270)

ذِكْرُ أَعْيَانِ الْمُذَكِّرِينَ بِالرَّيِّ

52 - فَمِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيُّ

133 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ: أخبرنَا أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ ابْن ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْقَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ يَحْيَى بْنَ مُعاذٍ قَدِمَ إِلَى بَغْدَادَ. فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النُّسَّاكُ وَنَصَبُوا لَهُ مِنَصَّةً، وَأَقْعَدُوهُ عَلَيْهَا وَقَعَدُوا بَيْنَ يَدَيْهِ يَتَجَارُونَ. فَتَكَلَّمَ الْجُنَيْدُ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: اسْكُتْ يَا خَرُوفُ! مَالك وَالْكَلَامُ إِذَا تَكَلَّمَ النَّاسُ؟ .

(1/271)

134 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي صَادِقٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ بَاكُوَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ النَّجَّارَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلُّوَيْهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعاذٍ يَقُولُ: لَيْسَ بِعَارِفٍ مَنْ لَمْ يَكُنْ غَايَةُ أَمَلِهِ مِنْ رَبِّهِ الْعَفْوَ.

53 - وَمِنْهُمْ يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ.

135 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي صَادِقٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ بَاكُوَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ الزَّنْجَانِيُّ يَقُولُ: سَمِعْتُ فَارِسًا الْبَغْدَادِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: عَلَى قَدْرِ خَوْفِكَ مِنَ اللَّهِ يَهَابُكَ الْخَلْقُ، وَعَلَى قَدْرِ حُبِّكَ لِلَّهِ يُحِبُّكَ الْخَلْقُ وَعَلَى قَدْرِ شُغْلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ يَشْتَغِلُ الْخَلْقُ بِأَمْرك.

(1/272)

54 - وَمِنْهُم أَبُو عُثْمَان الْحِيرِي

136 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت قَالَ: أخبرنَا أَبُو حَازِمٍ الْعَبْدَوِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبِي عُثْمَانَ الْحِيرِيِّ فَخَرَجَ. ثُمَّ قَعَدَ عَلَى مَوْضِعِهِ الَّذِي كَانَ يَقْعُدُ فِيهِ لِلتَّذْكِيرِ، فَسَكَتَ حَتَّى طَالَ سُكُوتُهُ. فَنَادَاهُ رَجُلٌ /: تَرَى أَنْ تَقُولَ فِي سُكُوتِكَ شَيْئًا. فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

(وَغَيْرُ تَقِيٍّ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالتُّقَى ... طَبِيبٌ يُدَاوِي وَالطَّبِيبُ عَلِيلُ)

فَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ بِالْبُكَاءِ وَالضَّجِيجِ.

(1/273)

ذِكْرُ أَعْيَانِ الْمُذَكِّرِينَ مِنْ أَهْلِ بَلْخَ

55 - فَمِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ

137 - أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَّافُ قَالَ: أخبرنَا عَليّ بن أَحْمد الحمامي قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الْخَوَّاصُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: مَضَيْتُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ إِلَى مَدِينَةٍ يُقَال لَهَا: أطرابلس، وَمَعِي رَغِيفَانِ مَا لَنَا شَيْءٌ غَيْرَهُمَا. وَإِذَا سَائِلٌ يَسْأَلُ: فَقَالَ لِي: ادْفَعْ إِلَيْهِ مَا مَعَكَ. فَتَثَبَّتَ. فَقَالَ لِي: مَا لَكَ؟ أَعْطِهِ. فَأَعْطَيْتُهُ وَأَنَا مُتَعَجِّبٌ مِنْ فَعْلِهِ. فَقَالَ لِي: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! إِنَّكَ تَلْقَى غَدًا مَا لَمْ تَلْقَهُ قَطُّ. وَاعْلَمْ أَنَّكَ تَلْقَى مَا أَسْلَفْتَ

(1/274)

وَلَا تَلْقَى مَا خَلَّفْتَ. فَمَهِّدْ لِنَفْسِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَتَى يَفْجُؤُكَ أَمْرُ رَبِّكَ. قَالَ: فَأَبْكَانِي كَلَامُهُ وَهَوَّنَ عَلَيَّ الدُّنْيَا. فَلَمَّا نَظَرَ / إِلَيَّ أَبْكِي. قَالَ: هَكَذَا فَكُنْ.

56 - وَمِنْهُمْ شَقِيقٌ الْبَلْخِي

138 - أَخْبَرَنَا الْمُحَمَّدَانِ: ابْنُ نَاصِرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَا: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَيِسَى قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ قَالَ: سَمِعْتُ شَقِيقًا يَقُولُ: مَثَلُ الْمُؤْمِنُ كَمَثَلِ رَجُلٍ غَرَسَ نَخْلَةً، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ تَحْمِلَ شَوْكًا. وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ رَجُلٍ زَرَعَ شَوْكًا، وَهُوَ يَطْمَعُ أَنْ يَحْصُدَ ثَمَرًا. هَيْهَاتَ {هَيْهَاتَ} كُلُّ مَنْ عَمِلَ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَجْزِيهِ إِلَّا حَسَنًا، وَلَا يُنْزِلُ الْأَبْرَارَ مَنَازِلَ الْفُجَّارِ.

(1/275)

57 - وَمِنْهُم حَاتِم الْأَصَم

139 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُحْتَسِبُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْن الهمذاني قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَليّ مُحَمَّدِ بْنُ أَحْمَدَ السَّرْخَسِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ الْجُرْجَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ / بْنَ عَلِيٍّ الْعَابِدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَاتِمًا يَقُولُ:

لَوْ أَنَّ صَاحِبَ خَبَرٍ جَلَسَ إِلَيْكَ لِيَكْتُبَ كَلَامَكَ لَاحْتَرَزْتَ، وَكَلَامُكَ يُعْرَضُ، عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَا تحترز؟ .

(1/276)

وَمِنْ أَعْيَانِ الْمُذَكِّرِينَ بِنَيْسَابُورَ

58 - أَبُو حَفْصٍ النَّيْسَابُورِيُّ

140 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي صَادِقٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَاكُوَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ أَحْمَدَ الْفَارِسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ الدِّينَوَرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الرَّافِعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: خَرَجْنَا جَمَاعَةً مَعَ أُسْتَاذِنَا أَبِي حَفْصٍ النَّيْسَابُورِيِّ، خَارج نيسابور، فَجَلَسْنَا. فَتَكَلَّمَ الشَّيْخُ عَلَيْنَا وَطَابَتْ أَنْفُسُنَا. ثُمَّ بَصَرْنَا بِأُيِّلٍ قَدْ نَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ حَتَّى بَرَكَ بَيْنَ يَدَيِ الشَّيْخِ فَأْبَكَاهُ ذَلِكَ بُكَاءً شَدِيدًا. فَلَمَّا هَدَأَ الشَّيْخُ سَأَلْنَاهُ فَقُلْنَا: يَا أُسْتَاذُ! تَكَلَّمْتَ عَلَيْنَا فَطَابَتْ قُلُوبُنَا، فَلَمَّا جَاءَ هَذَا الْوَحْشُ وَبَرَكَ بَيْنَ يَدَيْكَ أَزْعَجَكَ وَأَبْكَاكَ. فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَعْرِفَ فِقْهَ ذَلِكَ. فَقَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ اجْتَمَاعَكُمْ / حَوْلِي وَقَدْ طَابَتْ قُلُوبُكُمْ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي: لَوْ أَنَّ لِي شَاةً ذَبَحْتُهَا وَدَعَوْتُكُمْ عَلَيْهَا. فَمَا تَحَكَّمَ هَذَا الْخَاطِرُ حَتَّى جَاءَ هَذَا الْوَحْشُ فَبَرَكَ بَيْنَ يَدَيَّ، فَخُيِّلَ لِي أَنِّي مِثْلُ فِرْعَوْنَ الَّذِي سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُجْرِيَ لَهُ النِّيلَ

(1/277)

فَأَجْرَاهُ. قُلْتُ: فَمَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - يُعْطِينِي كُلَّ حَظٍّ فِي الدُّنْيَا وَأَبْقَى فِي الْآخِرَةِ فَقِيرًا لَا شَيْءَ لِي. فَهَذَا الَّذِي أَزْعَجَنِي.

ذِكْرُ أَعْيَانِ الْمُذَكِّرِينَ مِنْ أهل الشَّام

59 - فَمنهمْ كَعْب الْأَحْبَار

141 - أخبرنَا عبد الله بن عَليّ المقرىء قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاقِلَّاوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بِشْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا دَعْلَجٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ السُّدُوسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ كَعْبٌ:

مَا كَرُمَ عَبْدٌ عَلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجلَّ - إِلَّا ازْدَادَ الْبَلَاءُ عَلَيْهِ شِدَّةً. وَمَا أَعْطَى رَجُلٌ زَكَاةَ مَالِهِ فَنَقَصَتْ مِنْ مَالِهِ، وَلَا حَبَسَهَا فَزَادَتْ فِي مَالِهِ، وَلَا سَرَقَ سَارِقٌ إِلَّا / حُسِبَ عَلَيْهِ من رزقه.

(1/278)

60 - وَمِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ

142 -[عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ] كَانَ إِذَا عَظُمَتْ حَلَقَتُهُ قَامَ وَانْصَرَفَ. قُلْتُ لِصَفْوَانَ: وَلِمَ كَانَ يَقُومُ؟ قَالَ: يَكْرَهُ الشُّهْرَةَ.

61 - وَمِنْهُمْ بِلَالُ بْنُ سَعْدٍ

143 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

(1/279)

حَاتِمٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَيَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: كَانَ مَحِلُّ بِلَالِ بْنِ سَعْدٍ بِالشَّامِ وَمِصْرَ كَمَحِلِّ الْحَسَنِ بِالْبَصْرَةِ.

144 - قَالَ سُلَيْمَانُ: وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دُحَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ بِلَالًا يَقُولُ فِي مَوَاعِظِهِ:

يَا أَهْلَ الْخُلُودِ {وَيَا أَهْلَ الْبَقَاءِ} إِنَّكُمْ لَمْ تُخْلَقُوا لِلْفَنَاءِ، وَإِنَّمَا خُلِقْتُمْ لِلْخُلُودِ وَالْأَبَدِ. وَلَكِنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ.

145 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ / قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ تَمِيمٍ قَالَ: سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ فِي مَوَاعِظِهِ: يَا أَهْلَ الْخُلُودِ {وَيَا أَهْلَ الْبَقَاءِ} إِنَّكُمْ لَمْ تُخْلَقُوا لِلْفَنَاءِ وَإِنَّمَا خُلِقْتُمْ للبقاء، وَإِنَّمَا تنقلون مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ كَمَا نُقِلْتُمْ مِنَ الْأَصْلَابِ إِلَى الْأَرْحَامِ، وَمِنَ الْأَرْحَامِ إِلَى الدُّنْيَا، وَمِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْقُبُورِ، وَمِنَ الْقُبُورِ إِلَى الْمَوْقِفِ، وَمِنَ الْمَوْقِفِ إِلَى الْخُلُودِ فِي الْجَنَّةِ أَو فِي النَّار.

(1/280)

62 - وَمن المذكرين بِمصْر ذُو النُّون

146 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ الْعَامِرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي صَادِقٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَاكُوَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ بَكْرَانَ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ:

مَا خَلَعَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ خَلْعَةً أَحْسَنَ مِنَ الْعَقْلِ، وَلَا قَلَّدَهُ قِلَادَةً أَجْمَلَ مِنَ الْعِلْمِ، وَلَا زَيَّنَهُ بِزِينَةٍ أَفْضَلَ مِنَ الْحِلْمِ. وَكَمَالُ ذَلِكَ كُلِّهِ التَّقْوَى.

(1/281)

63 - وَمِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَغْرِبِيُّ

147 - أَخْبَرَنَا ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي صَادِقٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ بَاكُوَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْجَوْزَقَانِيُّ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ شَيْبَانَ يَقُولُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ يَقْعُدُ لِأَصْحَابِهِ يَتَكَلَّمُ عَلَيْهِمْ. فَمَا رَأَيْتُهُ انْزَعَجَ إِلَّا يَوْمًا وَاحِدًا، كُنَّا عَلَى الطُّورِ وَقَدِ اسْتَنَدَ إِلَى شَجَرَةِ خُرْنُوبٍ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ عَلَيْنَا. فَقَالَ فِي كَلَامِهِ:

لَا يَنَالُ الْعَبْدُ مُرَادَهُ حَتَّى يَنْفَرِدَ فَرْدًا بِفَرْدٍ. فَانْزَعَجَ وَاضْطَرَبَ وَرَأَيْتُ الصُّخُورَ قَدْ تَدَكْدَكَتْ، وَبَقِيَ فِي ذَلِكَ سَاعَاتٍ. فَلَمَّا أَفَاقَ كَأَنَّهُ نُشِرَ مِنْ قَبْرٍ.

قَاصُّ قُسْطَنْطِينِيَّةَ

148 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَليّ ابْن المحسن التَّنُوخِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ:

(1/282)

حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأنْصَارِيّ قَالَ: غزونا حَتَّى إِذا انتهينا إِلَى مَدِينَة قسطنطينية، فَإِذَا قَاصٌّ يَقُولُ: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا مِنْ أول النَّهَار عرض على معارفه إِذا أَمْسَى من أهل / الْآخِرَة وَمن عَمِلَ عَمَلًا مِنْ آخِرِ النَّهَارِ عُرِضَ عَلَى مَعَارِفِهِ إِذَا أَصْبَحَ مِنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ. قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: أَيُّهَا الْقَاصُّ {انْظُرْ مَا تَقُولُ. قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ.

قَالَ: فَقَالَ: اللَّهُمَّ} لَا تَفْضَحْنِي عِنْدَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَلَا عِنْدَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِيمَا صَنَعْتُ بَعْدَهُمَا. فَقَالَ الْقَاصُّ: وَاللَّهِ مَا كَتَبَ اللَّهُ وِلَايَتَهُ لِعَبْدٍ إِلَّا سَتَرَ عَلَيْهِ عَوْرَتَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِأَحْسَنِ عَمَلِهِ.

(1/283)

ذِكْرُ أَعْيَانِ الْمُذَكِّرِينَ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ

64 - فَمِنْهُمْ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ

149 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ ابْن ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّورِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزَجِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ [مُحَمَّدِ بْنِ] مَسْرُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ قَالَ: كَانَ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ فِي قَصَصِهِ وَكَلَامِهِ شَيْئًا عَجَبًا لَمْ يَقُصَّ عَلَى النَّاسِ مِثْلُهُ.

150 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بكر أَحْمد بن سُلَيْمَان المقرىء قَالَ: حَدثنَا عبد الله ابْن مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ / بْنِ سُلَيْمَانَ الْوَرَّاقُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ الْمَرْوَرُّوذِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي قَالَ: قَالَ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ: قَالَ لِي هَارُونُ: كَيْفَ تَعَلَّمْتَ هَذَا الْكَلَامَ؟ قلت:

(1/284)

يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ {رَأَيْت النَّبِي - وَكَأَنَّهُ تَفَلَ فِي فِيَّ وَقَالَ لِي: يَا مَنْصُورُ} قُلْ. فَأُنْطِقْتُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى.

151 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُفَضَّلٍ قَالَ: رَأَيْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَمَّارٍ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا السَّرِيِّ! مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: خَيْرًا. قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِمَا كُنْتَ تُحَبِّبُنِي إِلَى عِبَادِي

65 - وَمِنْهُمْ سَرِيُّ بْنُ المُغَلِّسِ

152 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت قَالَ: أخبرنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَتِيقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الْعَبَّاس

(1/285)

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ سَرِيًّا السَّقَطِيَّ يَقُولُ: إِنِّي لَأَذْكُرُ مَجِيءَ النَّاسِ إِلَيَّ. فَأَقُولُ: اللَّهُمَّ / هَبْ لَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ مَا يَشْغَلُهُمْ عَنِّي فَإِنِّي لَا أُرِيد مجيئهم

66 - وَمِنْهُم يحيى الْجلاء

153 - أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الصُّوفِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحسن ابْن الْحُسَيْن يَقُول: سَمِعت أَبَا عبد الله بن الْجَلَّاءَ يَقُولُ لِذِي النُّونِ: لِمَ سُمِّيَ أَبِي الْجَلَاءَ؟ أَكَانَ يَصْنَعُ صَنْعَةً؟ قَالَ: لَا. نَحْنُ سَمَّيْنَاهُ الْجَلَّاءَ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ عَلَيْنَا جَلَا قُلُوبنَا

(1/286)

67 - وَمِنْهُم الْجُنَيْد

154 - أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي بن أَحْمد قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ: قَالَ الْجُنَيْدُ: لَوْلَا أَنَّهُ يُرْوَى أَنَّهُ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ مَا تَكَلَّمت عَلَيْكُم.

(1/287)

68 - وَمِنْهُم أَبُو الْحسن بن بشار

155 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت قَالَ: أخبرنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ / قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ الشُّيُوخِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي الْحَسَنِ بْنُ بَشَّارٍ كَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ فَقَالَ لَهُ: كَمَا عَصَيْتَ اللَّهَ سِرًّا تُطِيعُهُ سِرًّا حَتَّى يُدْخِلَ إِلَى قَلْبِكَ لَطَائِفَ الْبِرِّ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَانَ ابْنُ بَشَّارٍ مِنْ كِبَارِ الزُّهَّادِ وَالْعُلَمَاءِ وَكَانَ يُذَكِّرُ النَّاسَ وَيَفْتَتِحُ مَجْلِسَهُ فَيَقُولُ: وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ. فَسَأَلَهُ رَجُلٌ: مَا الَّذِي تُرِيدُ؟ فَقَالَ: هُوَ يَعْلَمُ أَنِّي مَا أُرِيدُ مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ سِوَاهُ.

(1/288)

69 - وَمِنْهُم خير النساج

قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَانَ يُذَكِّرُ النَّاسَ فَتَابَ فِي مَجْلِسِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ الْخَوَّاصُ وَالشِّبْلِيُّ.

156 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي صَادِقٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ بَاكُوَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ خَيْرًا النَّسَّاجَ يَقُولُ: تَقَدَّمَ إِلَيَّ شَابٌّ مِنَ البغداديين وَقد انطبقت يَده، فَقلت لَهُ: مَالك؟ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَيْكَ فَحَلَلْتُ عُقْدَةً مِنْ طَرْفِ / إِزَارِكَ، فَجَفَّتْ يَدِي. فَقَالَ: كُنْتُ قَدْ بِعْتُ بِهِ لِأَهْلِي غَزْلًا. ثُمَّ مَسَحْتُ يَدَهُ بِيَدِي فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ يَدَهُ، وَنَاوَلْتُهُ الدِّرْهَمَ وَقُلْتُ: اشْتَرِ بِهِ شَيْئًا وَلَا تَعُدْ.

(1/289)

70 - وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الشِّبْلِيُّ

157 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِر قَالَ: حَدثنَا هبة الله بن ... . الْوَاسِطِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ الشِّبْلِيِّ وَكَانَ يَذُمُّ الدُّنْيَا، فَقَالَ: يَا مَنْ بَاعَ كُلَّ شَيْء بِلَا شَيْء وَاشْتَرَى لَا شَيْءَ بِكُلِّ شَيْءٍ.

(1/290)

71 - وَمِنْهُم أَبُو الْحُسَيْن بن سمعون كَانَ يلقب [بالناطق] بِالْحِكْمَةِ

158 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْمُظَفَّرِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ سَمْعُونَ يَقُولُ: رَأَيْتُ الْمَعَاصِيَ نَذَالَةً فَتَرَكْتُهَا مُرُوءَةً، فَاسْتَحَالَتْ دِيَانَةً.

159 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد قَالَ: أخبرنَا أَحْمد بن عَليّ الْحَافِظُ قَالَ /: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْوَزِيرُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَلَّافُ قَالَ: حَضَرْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ بْنُ سَمْعُونَ يَوْمًا فِي مَجْلِسِ الْوَعْظِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّهِ يَتَكَلَّمُ. وَكَانَ أَبُو الْفَتْحِ بن القواس

(1/291)

جَالِسًا إِلَى جَنْبِ الْكُرْسِيِّ، فَغَشِيَهُ النُّعَاسُ فَنَامَ. فَأَمْسَكَ أَبُو الْحُسَيْنِ عَنِ الْكَلَامِ سَاعَةً حَتَّى اسْتَيْقَظَ أَبُو الْفَتْحِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الْحُسَيْن: رَأَيْت رَسُول الله - فِي نَوْمِكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ! فَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: لِذَلِكَ أَمْسَكْتَ عَنِ الْكَلَامِ خَوْفًا أَنْ تَنْزَعِجَ وَتَنْقَطِعَ عَمَّا كُنْتَ فِيهِ. أَوْ كَمَا قَالَ.

72 - وَمِنْهُمْ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عُمَرَ الزَّاهِدُ

قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَانَ يَتَكَلَّمُ عِنْدَ الصَّنَادِيقِ بِجَامِعِ الْمَدِينَةِ.

160 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ. قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَالِكِيُّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ الصَّمَدِ بِمِائَةِ دِينَارٍ لِيَدْفَعَهَا إِلَيْهِ. فَقَالَ: أَنَا غَنِيٌّ عَنْهَا قَالَ: ففَرِّقْهَا عَلَى أَصْحَابِكَ هَؤُلَاءِ. قَالَ: ضَعْهَا عَلَى الْأَرْضِ. / فَفَعَلَ. فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: مَنِ احْتَاجَ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ فَلْيَأْخُذْ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ فَتَوَزَّعَتْهَا الْجَمَاعَةُ عَلَى صِفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَة، وَلم يَمَسهَا هُوَ بِيَدِهِ. ثمَّ جَاءَه¡