السؤال باسم الله الأعظم

وسمع آخر يقول في تشهده أيضا : ( أبو داود والنسائي وأحمد والبخاري في الأدب المفرد ) ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت [ وحدك لا شريك لك ] [ المنان ] [ يا ] بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم [ إني أسألك ] [ الجنة وأعوذ بك من النار ] . [ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( تدرون بما دعا ؟ ) قالوا الله ورسوله أعلم . قال : ( والذي نفسي بيده ] لقد دعا الله باسمه العظيم ( وفي رواية : الأعظم ) الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى}

الاثنين، 12 فبراير 2024

اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة {من ج1 الي ج4.}



اللألئ المصنوعة

المقدمة

اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة

كتاب التوحيد

كتاب الإيمان

كتاب المبتدأ

كتاب الأنبياء والقدماء

كتاب العلم

كتاب السنة

كتاب المناقب

كتاب الطهارة

كتاب الصلاة

كتاب الصيام

كتاب الحج

كتاب الجهاد

كتاب المعاملات

كتاب النكاح

كتاب الأحكام والحدود

كتاب الأطعمة

كتاب اللباس

كتاب الأدب والزهد

كتاب الذكر والدعاء

كتاب المواعظ والوصايا

كتاب الفتن

كتاب المرض والطب

كتاب الموت والقبور

كتاب المواريث

كتاب البعث

------

ج1.كتاب التوحيد  {من ج1 الي اخر ج4}


اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

الْحَمد لله محق الْحق ومبطل الْبَاطِل، ومعلي الصدْق ومنزل الْكَذِب إِلَى أَسْفَل سافل، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد ذِي القَوْل الْفَاصِل وَالْحكم الْفَاضِل، وعَلى آله وَصَحبه النجباء الأماثل.

(وَبعد) فَإِن من مهمات الدَّين التَّنْبِيه على مَا وضع من الحَدِيث واختلق على سيد الْمُرْسلين صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وصحابته أَجْمَعِينَ، وَقد جمع فِي ذَلِك الْحَافِظ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ كتابا فَأكْثر فِيهِ من إِخْرَاج الضَّعِيف الَّذِي لَمْ ينحط إِلَى رُتْبَة الْوَضع بل وَمن الْحسن وَمن الصَّحِيح كَمَا نبه على ذَلِك الْأَئِمَّة الْحفاظ وَمِنْهُم ابْن الصّلاح فِي عُلُوم الحَدِيث وَأَتْبَاعه، وطالما اختلج فِي ضميري انقاءُه وانتقاده واختصاره لينْتَفع بِهِ مرتاده، إِلَى أَن استخرت الله تَعَالَى وانشرح صَدْرِي لذَلِك، وهيأ لي إِلَى أَسبَابه المسالك، فأورد الحَدِيث من الْكتاب الَّذِي أوردهُ هُوَ مِنْهُ كتاريخ الْخَطِيب وَالْحَاكِم وكامل بن عدي والضعفاء للعقيلي وَلابْن حبَان وللأزدي وأفراد الدَّارَقُطْنِيّ والحلية لأبي نعيم وَغَيرهم بأسانيدهم حاذفا إِسْنَاد أبي الْفرج إِلَيْهِم، ثمَّ أعقبهم بِكَلَامِهِ ثمَّ إِن كَانَ متعقبا نبهت عَلَيْهِ. وَأَقُول فِي أول مَا أزيده (قلت) وَفِي آخِره وَالله أعلم.

ورمزت لما أوردهُ الْحَافِظ أَبُو عَبْد الله الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم الجوزقاني صُورَة (ج) إعلاما بتوافق المصنفين على الحكم بِوَضْع الحَدِيث (وسميته اللآلىء المصنوعة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة) وأسأل الله الْإِعَانَة عَلَيْهِ والتوفيق لما يرضيه ويقربني إِلَيْهِ. وَأعلم إِنِّي كنت شرعت فِي هَذَا التَّأْلِيف فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة وفرغت مِنْهُ فِي سنة خمس وَسبعين وَكَانَت التعقبات فِيهِ قَليلَة وعَلى وَجه الِاخْتِصَار وَكتب مِنْهُ عدَّة نسخ وَمِنْهَا نُسْخَة راحت إِلَى بِلَاد التكرور، ثمَّ بدا لي فِي هَذِه السّنة وَهِي سنة خمس وَتِسْعمِائَة اسْتِئْنَاف التعقبات على  وَجه مَبْسُوط وإلحاق مَوْضُوعَات كَثِيرَة فَأَتَت أَبَا الْفرج فَلم يذكرهَا فَفعلت ذَلِك فَخرج الْكتاب عَن هيأته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا أَولا وَتعذر إِلْحَاق مَا زِدْته فِي تِلْكَ النّسخ الَّتِي كتبت إِلَّا بإعدام تِلْكَ وإنشاء نسخ مُبتَدأَة فأبقيت تِلْكَ على مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَيُطلق عَلَيْهَا الموضوعات الصُّغْرَى وَهَذِه الْكُبْرَى وَعَلَيْهَا الِاعْتِمَاد.

  كتاب التَّوْحِيد

(الْحَاكِم) (ج) أَنْبَأنَا إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد الشعراني أخْبرت عَن مُحَمَّد بْن شُجَاع الثَّلْجِي أَخْبرنِي حبَان بْن هِلَال عَن حَمَّاد بْن سَلمَة عَن أَبِي الهزم عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّ رَبُّنَا؟ قَالَ: مِنْ مَاءٍ مَرُورٍ لَا مِنْ أَرْضٍ وَلا مِنْ سَمَاءٍ خَلَقَ خَيْلًا فَأَجْرَاهَا فَعَرِقَتْ، فَخَلَقَ نَفْسَهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَرَقِ.

مَوْضُوع: اتهمَ بِهِ مُحَمَّد بْن شُجَاع وَلَا يضعُ مثل هَذَا مُسْلِم قلتُ: وَلَا عَاقل.

قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان: ابْن شُجَاع هَذَا كَانَ فَقِيه الْعرَاق فِي وقته وَكَانَ حنفيًّا صَاحب تصانيف، وَكَانَ من أَصْحَاب بشر المريسي وَكَانَ ينتقصُ الْإِمَامَيْنِ الشافعيّ وَأَحْمَد، وَكَانَ من وَصيته الَّتِي كتبهَا عِنْدَ مَوته وَلَا يعْطى من ثُلثي إِلَّا من قَالَ القرآنُ مَخْلُوق.

وَقَالَ ابْن عدي: كَانَ يضعُ أَحَادِيث فِي التَّشْبِيه ينسبها إِلَى أَصْحَاب الحَدِيث فيتهم بذلك.

مِنْهَا هَذَا الحَدِيث وحبان بْن هِلَال ثِقَة، قَالَ الذَّهَبِيّ هَذَا الحَدِيث مَعَ كَونه أَتَى من المكذب فَهُوَ من وضع الْجَهْمِية ليذكروه فِي معرض الِاحْتِجَاج بِهِ، عَلَى أَن نَفسه اسْم لشَيْء من مخلوقاته، فَكَذَلِك إِضَافَة كَلَامه إِلَيْهِ من هَذَا الْقَبِيل إِضَافَة ملك بل كَلَامه بِالْأولَى، قَالَ وعَلى كل حَال فَمَا يعد مُسْلِم هَذَا فِي أَحَادِيث الصِّفَات تَعَالَى الله عَن ذَلِكَ انْتهى وَالله أعلم.

(الْخَطِيب) أنبانا عَلِيّ بْن أَحْمَد الْمُحْتَسب أَنْبَأنَا الْحَسَن بْن الْحُسَيْن الْهَمدَانِي أَنْبَأنَا أَبُو نصر مُحَمَّد بْن هَارُون النهرواني، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَرَ وَعبد بْن عَامر السَّمرقَنْدِي حَدَّثَنَا قُتَيْبَة بْن سَعِيد حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن لَهِيعَة عَن أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه منْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ لَا يَصح مُحَمَّد يَكْذِبُ وَيَضَعُ.

(الْخَطِيب) أَنْبَأنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن زرق أَنْبَأنَا الْمسيب بْن مُحَمَّد بْن الْمسيب  الأرغياني حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن رزين المصِّيصِي حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن عُمَرَ بْن فَارس حَدَّثَنَا كهمس عَن الْحَسَن عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا: كُلُّ مَا فِي السَّمَوَات وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَهُوَ مَخْلُوقٌ غَيْرَ اللَّهِ وَالْقُرْآنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَلامُهُ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ، وَسَيَجِيءُ أَقْوَامٌ مِنْ أُمَّتِي يَقُولُونَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَمَنْ قَالَهُ مِنْهُمْ فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَطُلِّقَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ سَاعَتِهِ لأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنَةِ أَنْ تَكُونَ تَحْتَ كَافِرٍ إِلا أَنْ تَكُونَ سَبَقَتْهُ بِالْقَوْلِ.

مَوْضُوع: آفته مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن رزين قَالَ ابْن حبَان: دجال يضع.

الحَدِيث (ابْن عدي) حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَرْب حَدَّثَنَا ابْن حميد عَن جرير عَن الْأَعْمَش عَن أَبِي صالِح عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ لَا خَالِقٌ وَلا مَخْلُوقٌ مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ.

مَوْضُوع: آفته ابْن حَرْب وَشَيْخه أَيْضا كَذَّاب وَهُوَ مُحَمَّد بْن حميد بْن حبَان.

(الْخَطِيب) أَنْبَأنَا طَلْحَة بْن عَليّ الكتاني حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن إِبْرَاهِيم الشَّافِعِي حَدَّثَنَا أَبُو عمَارَة مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْمهْدي حَدَّثَنَا أَبُو نَافِع بْن كثير حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد العابد حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوب الْأَعْمَى عَن إِسْمَاعِيل بْن يعمر عَن مُحَمَّد بْن عَبْد الله الدغشي سمعتُ مجَالد بْن سَعِيد يَقُولُ سمعتُ مسروقًا يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلا مَخْلُوقٍ فَمَنْ زَعَمَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ قَالَ الْخَطِيب مُنْكرا جِدًّا فِيهِ مَجَاهِيلُ وَأَبُو عمَارَة، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف جدًّا (قلتُ) قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان: هُوَ مَوْضُوع عَلَى مجَالد، انْتهى.

وَلِلْحَدِيثِ طرق.

قَالَ الديلمي فِي مُسْند الفردوس أَنْبَأنَا عَبْد الرَّحِيم بْن الْمَرْزُبَان الصيدلاني الرَّازِيّ إِذْنا أَنْبَأنَا أَبُو طَاهِر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن حمدَان الرَّازِيّ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد عَبْد الله بن مُحَمَّد ابْن بدر الكرجي الْبَغْدَادِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن قنبرة الباراني قدم بَغْدَاد حَدَّثَنَا أَبُو هَاشم عَبْد الله بْن أَبِي سُفْيَان الشعراني حَدَّثَنَا الرّبيع بْن سُلَيْمَان قَالَ: نَاظر الشَّافِعِي حفصًا الْفَرد وَكَانَ حَفْص من غلْمَان بشر المريسي فَقَالَ فِي بعض كَلَامه الْقُرْآن مَخْلُوق فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِي كفرت بِاللَّه الْعَظِيم.

حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله: الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق وَمن قَالَ مَخْلُوق فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ كَافِر، وَقَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سَعِيد بْن الْمسيب عَن رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالُوا سَمِعْنَا رَسُولَ الله يَقُولُ الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا

(1/12)

فَقَدْ كَفَرَ.

وَقَالَ ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق أَنْبَأنَا أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن السّلم الفرضي حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز أَحْمَد الصُّوفِي أَنْبَأنَا أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي نصر حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن هَارُون حَدَّثَنَا أَبُو نصر مَنْصُور بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بْن مَالك الْقزْوِينِي حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَان دَاوُد بْن سُلَيْمَان حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم الدِّمَشْقِي عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يَحْيَى بْن أَبِي كثير عَن حسان بْن عَطِيَّة عَن أَبِي الدَّرْدَاء قَالَ: سألتُ رَسُول الله عَن الْقُرْآن؟ فَقَالَ: هُوَ كَلَام الله غير مَخْلُوق.

قَالَ أَبُو نصر، وَكَانَ أَحْمَد بْن حَنْبَل يَقُولُ لأَصْحَاب الحَدِيث: اذْهَبُوا إِلَى أَبِي سُلَيْمَان فَاسْمَعُوا مِنْهُ حَدِيث الْوَلِيد بْن مُسلم فَإِنَّهُ لَمْ يروه غَيره.

أَبُو سُلَيْمَان عندنَا ثِقَة مَأْمُون، انْتهى.

قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان مَنْصُور بْن إِبْرَاهِيم الْقزْوِينِي لَا شَيْء سَمِعَ مِنْهُ أَبُو عَلِيّ بْن هَارُون بِمصر حَدِيثا بَاطِلا، قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي لِسَانه هُوَ هَذَا الحَدِيث، انْتهى.

وَقد وجدتُ لَهُ مُتَابعًا قَالَ الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب أَنْبَأنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَليّ الْمكتب حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْفضل بْن عَبْد الْجِرْجَانِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَارِث الْخَولَانِيّ يلقب بورد حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم التغلبي حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم بِهِ وَأخرجه الْخَطِيب فِي كتاب الْمُتَّفق من طَرِيقه.

وَقَالَ حسان لَمْ يدْرك أَبَا الدَّرْدَاء وَأَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم مَجْهُول، انْتهى.

ووجدتُ لَهُ مُتَابعًا آخر، قَالَ أَبُو الْقَاسِم بْن بشر فِي أَمَالِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حَمَّاد بْن سُفْيَان حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن حميد بْن الرّبيع اللَّخْمِيّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن سَلام الْآدَمِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الْملك بْن عَبْد ربه الْخَواص حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم بِهِ، قَالَ فِي الْمِيزَان عَبْد الْملك بْن عَبْد ربه الطَّائِي مُنكر الحَدِيث وَله عَن الْوَلِيد بْن مُسْلِم خبر مَوْضُوع، انْتهى.

فَمَا رأيتُ لِهذا الحَدِيث من طب (وَقَالَ الْخَطِيب) أَنْبَأنَا عُبَيْد الله بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله النجار أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن المظفر حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن جَعْفَر الدوري النقلبي أَبُو عَليّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد أَخْبرنِي الْحَسَن بْن مُوسَى عَن أَبِيهِ مُوسَى بْن جَعْفَر عَن أَبِيهِ جَعْفَر بْن مُحَمَّد عَن أَبِيهِ مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عَن الْحُسَيْن بْن عَليّ عَن عَلِيٍّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ الله عَنِ الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ لي: يَا عَلِيُّ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.

(1/13)

وَقَالَ ابْن النجار فِي تَارِيخه عَبْد الْوَهَّاب بْن عَبْد الْوَاحِد أَبُو الْقَاسِم بْن أَبِي الْفرج الْأنْصَارِيّ الْوَاعِظ شيخ الْحَنَابِلَة بِدِمَشْق حَدَّث عَن وَالِده بِحديث مُنكر ثمَّ قَالَ أَنبأَنَا يُوسُف ابْن الْمُبَارك بْن كَامِل بْن أَبِي غَالب الحفاف عَن أَبِيهِ أَنْبَأنَا عَبْد الْوَهَّاب بْن عَبْد الْوَاحِد الْحَنْبَلِيّ سمعتُ وَالِدي يَقُولُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن قيس الْمَالِكِي أَنْبَأنَا عَلِيّ بْن أَبِي الْحَسَن الصُّوفِي حدَّثَنِي أَبُو أَحْمَد عَبْد الله بْن عَبْد الْحَافِظ حدَّثَنِي هبيل بْن مُحَمَّد السليحي حدَّثَنِي أَبُو بَكْر رؤبة بْن عَيَّاش حدَّثَنِي أَبِي عَن ضَمْضَم بْن زرْعَة عَن شُرَيْح بْن عُبَيْد عَن أَبِي حَكِيم الشَّامي مَرْفُوعا: خَيركُمْ من حفظ كتاب الله فَعمل بِهِ وَعلمه النَّاس وَهُوَ كلامُ الله مُنزل غير مَخْلُوق مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يعود فَمن قَالَ مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر وَقَالَ الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب أَنْبَأنَا أَبُو أَحْمَد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْحَافِظ أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد أَنْبَأنَا الْحَسَن بْن عَليّ التمار أَنْبَأنَا أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل القَاضِي أَنْبَأنَا إِسْحَاق بن مُحَمَّد المقزي أَنْبَأنَا الْحَسَن بْن عَليّ الطَّحَّان الْمَعْرُوف بلولو حدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أبي السودا حَدَّثَنَا وَكِيع عَن الْأَعْمَش عَن زيد بْن وهب عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ قَالا كُنَّا عِنْد رَسُول فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتُمَا إِذَا اسْتَخَفَّ النَّاسُ بِالْقُرْآنِ أَمَا إِنَّكُمَا لَنْ تُدْرِكَا ذَلِكَ إِذَا اسْتَخَفَّ النَّاسُ بِالْقُرْآنِ وَقَالُوا الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ بَرِئَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ وَجِبْرِيلُ وَكَفَرُوا بِمَا أُنْزِلَ عَلَيَّ.

وَقَالَ ابْن عدي حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد النَّرْسِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سليم حَدَّثَنَا الْأَزْوَر بْن غَالب عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.

قَالَ ابْن عدي: هَذَا مُنْكَرٌ وَإِن كَانَ مَوْقُوفا، لِأَنَّهُ لَا يُحفظ للصحابة الْخَوْض فِي الْقُرْآن.

وَقَالَ الذَّهَبِيّ الْأَزْوَر مُنكر الحَدِيث أَتَى بِما لَا يحْتَمل فكذب وَهُوَ هَذَا الْأَثر.

وَقَالَ أَبُو نصر عُبَيْد الله بْن سَعِيد بْن حاتِم السجْزِي فِي الْإِبَانَة أَنْبَأَنا إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بْن عبد الله الْقرشِي وَكَانَ صَدُوقًا حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم المادراي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْد الْكَرِيم بن مُوسَى الْهَيْثَم الدَّيْر عاقولي حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن صالِح الأنْْْمَاطي حَدَّثَنَا يُوسُف بْن عدي مَحْبُوب بْن مُحرز عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم بْن يزِيد عَن الْحَارِث بْن سُوَيْد قَالَ عَليّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يذهب النَّاس حَتَّى لَا يبْقى أحد يَقُولُ لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِذا فعلوا ذَلِكَ ضرب يعسوب الدَّين ذَنبه فيجتمعون إِلَيْهِ من أَطْرَاف الأَرْض كَمَا تَجتمع قزع الخريف ثُمَّ قَالَ عَليّ إِنِّي أعرف اسْم أَمِيرهمْ ومناخ رِكَابهمْ يَقُولُونَ الْقُرْآن مَخْلُوق وَلَيْسَ هُوَ بِخالق وَلَا مَخْلُوق وَلكنه كلامُ الرب عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يعود هَذَا الْإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات

(1/14)

وَبِه أَتَى عَلِيّ بْن صَالح حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَاصِم عَن عمرَان بْن جدير عَن عِكْرِمَة قَالَ شهد ابْن عَبَّاس جَنَازَة فلمّا صير فِي لَحده قَامَ رجلٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ رب الْقُرْآن اغْفِر لَهُ، فَقَالَ ابْن عَبَّاس مَه مَه القرآنُ مِنْهُ وَهَذَا أَيْضا رِجَاله ثِقَات وَقَالَ أَبُو نصر أَنْبَأنَا عَبْد الله بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد الجيلي وَكَانَ صالِحًا حَدَّثَنَا عَبْد الله مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْوراق حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أسيد حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَمْزَة بْن هَارُون الْمَصْرِيّ حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الطرطوسي حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُسَافر حدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الصَّمد الخزاني حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد عَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَنْبَأنِي معمر عَن هِلَال الْوزان بن يزِيد بْن حسان عَن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ يَا مُعَاذُ الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ وَحَمَلَتُهُمَا وَالسَّمَوَات السَّبع وسكانها إِلَى الدَّرك الْأسود إِلَى الرِّيحِ الْهَفَّافَةِ بِمَا تَنَافَتْ بِهِ الْحُدُودُ الْمُتَنَاهِيَةُ كُلُّ ذَلِكَ مَخْلُوقٌ مَا خَلا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ كَلامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَبُو دَاوُدَ هُوَ النَّخَعِيُّ أَجمعُوا على أَنه كَذَّابٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَأخرجه الديلمي فِي مُسْند الفردوس أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن الرفا حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بشر بْن يُوسُف الْأمَوِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خُزَيْمَة بْن مَالك التَّيْمِيّ حدَّثَنِي عِيسَى بْن دَاوُد الْبَغْدَادِيّ حَدَّثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ بِهِ قَالَ أَبُو نصر وروى عَن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدر عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ تساند رَسُول الله: فَغَطَّيْنَاهُ بِثَوْبٍ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَخْلُوقٌ مَا عَدَا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ كَلامُ اللَّهِ وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي نَاسٌ يَقُولُونَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِي النَّارِ مُخَلَّدِينَ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ وَاللَّهُ مِنْهُمْ بَرِيءٌ فَإِذَا أَدْرَكْتُمُوهُمْ فَلا تَقْرَبُوهُمْ وَقَالَ اللالكائي فِي السّنة أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سهل أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن سُلَيْمَان أَنْبَأنَا عُمَرَ بْن مُحَمَّد الْجَوْهَرِي حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة حَدَّثَنَا هشيم بْن بشير حَدَّثَنَا خَالِد الْحذاء قَالَ سمعتُ أَبَا العربان يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، أَبُو العربان مَرْوَان بْن أَبِي مَرْوَان، قَالَ فِي الْمِيزَان قَالَ السُّلَيْمَانِي فِيهِ نظر وَقَالَ فِي اللِّسَان مَجْهُول وَقَالَ اللالكائي أَنْبَأنَا الشَّيْخ أَبُو حَامِد أَحْمَد بْن أَبِي طَاهِر الْفَقِيه أَنْبَأنَا عُمَرَ بْن أَحْمَد الْوَاعِظ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن هَارُون الْحَضْرَمِيّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن الْعَبَّاس الشَّيْبَانِيّ حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بْن دِينَار قَالَ أدركتُ تِسْعَة من أَصْحَاب رَسُول الله يَقُولُونَ من قَالَ الْقُرْآن مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر.

وَقَالَ عُثْمَان بْن سعيد الدَّارمِيّ فِي كتاب الرَّد عَلَى الْجَهْمِية سمعتُ إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي يَقُولُ قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة قَالَ عَمْرو بْن دِينَار أدركتُ أَصْحَاب النَّبِي فَمن دونهم مُنْذُ سبعين سنة يَقُولُون: الله الْخَالِق وَمَا سواهُ مَخْلُوق وَالْقُرْآن كَلَام الله مِنْهُ خرج وَإِلَيْهِ يعود، هَذَا وَالَّذِي قبله صَحِيحَانِ.

وَقَالَ الْبُخَاريّ فِي خلق أَفعَال الْعباد حدَّثَنِي الْحَاكِم بْن مُحَمَّد الطَّبَرِيّ كتبت عَنْهُ بِمكة.

قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة قَالَ أدركتُ مشيختنا مُنْذُ سبعين سنة مِنْهُم عَمْرو بْن دِينَار قَالَ أدركتُ أَصْحَاب النَّبِيّ فَمن دونهم مُنْذُ سبعين سنة يَقُولُون: الله الْخَالِق وَمَا سواهُ

(1/15)

مَخْلُوق وَالْقُرْآن كَلَام الله مِنْهُ خرج وَإِلَيْهِ يعود هَذَا وَالَّذِي قبله صَحِيحَانِ وَقَالَ الْحَاكِم فِي التَّارِيخ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا لَيْث بْن مُحَمَّد بْن لَيْث الْمَرْوَزِيّ أَبُو نصر الْمكَاتب حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس بْن سهل بْن عُبَيْدَة حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الله حَدَّثَنَا أَبُو غانِم يُونُس بْن نَافِع حَدَّثَنَا هِلَال الْوزان عَن يزِيد بْن حسان عَن ربيعَة الْحَرَشِي عَن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُول الله: الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ وَسَائِرُ الأَشْيَاءِ خلقه إِسْمَاعِيلُ مَتْرُوكٌ وَقَالَ الديلمي أَنْبَأنَا عَبْد الرَّحِيم الصيدلاني الرَّازِيّ إِذْنا أَنْبَأنَا أَبُو طَاهِر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمدَان حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس الْبَصِير حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن علوِيَّة القَاضِي الْأَبْهَرِيّ بخاري حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عقيل الْبَلْخِي بِهَا حَدَّثَنَا الْعَبَّاس الدوري عَن يزِيد بْن هَارُون عَن حميد عَن أنس رَفعه قُرْآنًا عَرَبيا غير ذِي عوج قَالَ غير مَخْلُوق.

وَقَالَ الْخَطِيب أَخْبرنِي القينقي أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس أَنْبَأنَا أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق الحلاب قَالَ سُئِلَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ عَن حَدِيث مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم عَن ابْن لَهِيعَة عَن أَبِي الزبير عَن جَابِرٍ عَن النَّبِي: مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كفر، فَقَالَ مُوسَى هَذَا كَانَ صَاحب شرطة قنطرة السماكين ثُمَّ ترك الشّرطِيَّة فجَاء إِلَى مَسْجِد الْجَامِع فَقعدَ مَعَ قوم يدعونَ ثُمَّ جَاءَ بِكِتَاب مَعَه يقْرَأ فِيهِ فِي مَسْجِد الْجَامِع فجَاء أَصْحَاب الحَدِيث فَقَالُوا لَهُ أمل علينا فأملى عَلَيْهِم عَن ابْن لَهِيعَة وَغَيره شَيْئا لَم يسمعهُ قطّ ولَمْ يسمع قطّ هُوَ حَدِيثا لَا أَدْرِي أَي شَيْء قصَّة ذَلِكَ الْكتاب اشْتَرَاهُ أَو استعاره أَو وجده وَقَالَ الديلمي أَنْبَأنَا أَبِي أَنْبَأنَا أَبُو طَالب الْحُسَيْنِي حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَبْد الله الْأَيْلِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الْوَهَّاب الحديثي حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن إِسْحَاق حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن أَبِي زَائِدَة حَدَّثَنَا صالِح بْن قطن الْبُخَاريّ عَن أَبِي عَبْد الله بْن عقبَة عَن دراج بْن السَّمْح عَن أَبِي الْهَيْثَم عَن أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ، مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ يَلْقَانِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُنِي وَالله أعلم.

(الْخَطِيب) أَخْبرنِي الْحَسَن بْن أَبِي طَالب حَدَّثَنَا يُوسُف بْن عُمَرَ القواس قَالَ قرئَ عَلَى صَدَقَة بْن هُبَيْرَة وَأَنا أسمع قِيلَ لَهُ حَدثَك يُوسُف بْن يَعْقُوب الْمعدل حَدَّثَنَا حَفْص بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْعَلَاء الإسْكَنْدراني عَن بَقِيَّة بْن الْوَلِيد عَن ثَوْر بْن يزِيد عَن أم الدَّرْدَاء عَن أَبِي الدَّرْدَاء مَرْفُوعًا: مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْم الْقِيَامَة وَوَجْهُهُ إِلَى قَفَاهُ.

قَالَ الْخَطِيب يُوسُفُ وَحَفْصٌ

(1/16)

وَإِبْرَاهِيمُ لَا يُعْرَفُونَ، وَثَوْرٌ لَمْ يُدْرِكْ أُمَّ الدَّرْدَاءِ.

(ابْن عدي) حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن ذكْوَان عَن مولى الحرقة عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: أِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَرَأَ طه وَيس قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفِ عَامٍ، فَلَمَّا سَمِعَتِ الْمَلائِكَةُ الْقُرْآنَ قَالُوا طُوبَى لأُمَّةٍ نَزَلَ هَذَا عَلَيْهِمْ وَطُوبَى لأَجْوَافٍ تَحْمِلُ هَذَا وَطُوبَى لأَنْفُسٍ تَتَكَلَّمُ بِهَذَا.

مَوْضُوع: كَمَا قَالَ ابْن حبَان وَإِبْرَاهِيم بْن المُهَاجر مُنكر الحَدِيث مَتْرُوك (قلتُ) وَقد وَثَّقَهُ ابْن معِين والْحَدِيث أَخْرَجَهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده وَابْن أَبِي عَاصِم فِي السّنة وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإيِمَان واللالكائي فِي السّنة وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الْإِبَانَة وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي أَطْرَاف الْعشْرَة: زعم ابْن حبَان وَتَبعهُ ابْن الْجَوْزِيّ أَن هَذَا الْمَتْن مَوْضُوع وَلَيْسَ كَمَا قَالَا فَإِن مولى الحرقة هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يَعْقُوب من رجال مُسْلِم والراوي عَنْهُ وَإِن كَانَ متروكًا عِنْدَ الْأَكْثَر ضَعِيفا عِنْدَ الْبَعْض فَلم ينْسب للوضع والراوي عَنْهُ لَا بَأْس بِهِ وَإِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذر من شُيُوخ الْبُخَاريّ وَقد أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَقَالَ لَا يروي عَن النَّبِي إِلَّا بِهذا الْإِسْنَاد تفرد بِهِ إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذر، انْتهى.

وَله طَرِيق آخر عَن أنس أَخْرَجَهُ الديلمي وَالله أعلم (ابْن عدي) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن عَليّ الْعمريّ حَدَّثَنَا عَبْد الْغفار بْن عَبْد الله بْن الزبير حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الْفضل حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن الزبير عَن الْقَاسِم عَن أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: أِنَّ كَلامَ الَّذِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَأِنَّ اللَّهَ إِذَا أَوْحَى أَمْرًا فِيهِ يُسْرٌ أَوْحَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ وإِذَا أَوْحَى أَمْرًا فِيهِ شِدَّةٌ أَوْحَاهُ بِالْعَرَبِيَّةِ.

مَوْضُوع: جَعْفَر بْن الزبير مَتْرُوك كذبه شُعْبَة وَقَالَ إِنَّه وضع أَرْبَعمِائَة حَدِيث كذب (ابْن عدي) حَدَّثَنَا عمر لَهُ أَن بن مُوسَى حَدَّثَنَا مُوسَى بن السندي حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن الطرايفي حَدَّثَنَا عُمَرَ بن مُوسَى بْن دحْيَة عَن الْقَاسِم عَن أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: إِنَّ اللَّهَ إِذَا غَضِبَ أَنْزَلَ الْوَحْيَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِذا رَضِي أنزل الْوَحْي

(1/17)

بِالْفَارِسِيَّةِ قَالَ ابْن حبَان: هَذَا الحَدِيث بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ عُمَرَ بن مُوسَى بْن دحْيَة وَضاع (أَخْبرنِي) عَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن فَنْجَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد التَّمِيمِي حَدَّثَنَا أَبُو عصمَة عَاصِم بْن عُبَيْد الله الْبَلْخِي حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن زِيَاد عَن غَالب الْقطَّان عَن المَقْبُري عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ أَبْغَضُ الْكَلامِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْفَارِسِيَّةِ وَكَلامُ الشَّيْطَانِ الْخُوزِيَّةُ وَكَلامُ أَهْلِ النَّارِ الْبُخَارِيَّةُ وَكَلامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْعَرَبِيَّةُ قَالَ ابْن حبَان وَضَعَهُ إِسْمَاعِيلُ شَيْخٌ دَجَّالٌ لَا يحل ذكره فِي الْكتب إِلَّا عَلَى سَبِيل الْقدح فِيهِ رَوَاهُ عَن عَاصِم بْن عَبْد الله الْبَلْخِي وَهُوَ مَوْضُوع لَا أصلَ لَهُ من كَلَام رَسُول الله وَلَا حَدَّث بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَا المَقْبُري وَلَا غَالب.

(ابْن عدي) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الزبير حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الْفضل الْأنْصَارِيّ عَن سُلَيْمَان بْن الأرقم عَن الزُّهْرِيّ عَن سَعِيد بْن الْمسيب عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ من وَحي قَطُّ عَلَى نَبِيٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إِلا بِالْعَرَبِيَّةِ ثُمَّ يَكُونُ هُوَ يُبَلِّغُهُ قَوْمَهُ بِلِسَانِهِمْ لَا يَصِحُّ، وَسليمَان بْن الأرقم مَتْرُوك لَيْسَ بِشَيْء (قلت) قَالَ الشَّيْخ بدر الدَّين الزَّرْكَشِيّ فِي نكته عَلَى ابْن الصّلاح بَين قَوْلنَا لَم يَصح وَقَوْلنَا مَوْضُوع بَوْن كَبِير فَإِن الْوَضع إِثْبَات الْكَذِب والاختلاق، وَقَوْلنَا لَم يَصح لَا يلْزم مِنْهُ إِثْبَات الْعَدَم وإنّما هُوَ إِخْبَار عَن عدم الثُّبُوت وَفرق بَين الْأَمريْنِ؛ انْتهى.

وَسليمَان بْن أَرقم أخرج لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَهُوَ وَإِن كَانَ متروكًا فَلم يُتهم بكذب وَلَا وضع والْحَدِيث أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَله شَاهد قَال ابْن مرْدَوَيْه فِي التَّفْسِير حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن الثَّقَفِيّ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن سلب حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش عَن الْكَلْبِيّ عَن أَبِي صالِح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام يُوحَى إِلَيْهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَيَنْزِلُ هُوَ إِلَى كُلِّ نَبِيٍّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ.

وَقَالَ ابْن أَبِي حَاتِم فِي التَّفْسِير أَنْبَأنَا عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: لَم ينزل وَحي إِلَّا بِالْعَرَبِيَّةِ ثُمَّ يترجم كل نَبِي لِقَوْمِهِ بلسانِهم وَالله سُبْحَانَهُ أعلم (ابْن شاهين) حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد الْبَصْرِيّ أَنْبَأنَا مَالك بْن يَحْيَى أَبُو غَسَّان حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَاصِم عَن الْفضل بْن عِيسَى الرقاشِي عَن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدر عَن جَابِر بْن عَبْد الله قَالَ: قَالَ

(1/18)

رَسُول الله لَمّا كلم الله مُوسَى يَوْم الطّور كَلمه بِغَيْر الْكَلَام الَّذِي كَلمه يَوْم ناداهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى يَا رب مَا هَذَا كلامك الَّذِي كَلَّمتنِي بِهِ، قَالَ يَا مُوسَى إنّما كلمتك بِقُوَّة عشر آلَاف لِسَان ولي قُوَّة الألسن كلهَا وَأَنا أقوى من ذَلِكَ فلمّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى بني إِسْرَائِيل قَالُوا يَا مُوسَى صف لنا كَلَام الرَّحْمَن قَالَ سُبْحَانَ الله الْآن لَا أستطيعه قَالُوا فَشبه لنا قَالَ ألم تروا إِلَى صَوت الصَّوَاعِق الَّتِي تقتل فَإِنَّهُ قريب مِنْهُ وَلَيْسَ بِهِ لبس بِصَحِيح وَالْفضل مَتْرُوك (قلتُ) فِي الحكم بِوَضْعِهِ نظر، فَإِن الْفضل لَمْ يتهم بكذب وَأكْثر مَا عيب عَلَيْهِ الندرة وَهُوَ من رجال ابْن مَاجَه وَهَذَا الحَدِيث أَخْرَجَهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن مُوسَى حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَاصِم بِهِ وَأخرجه فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، وَهُوَ قد الْتزم أَن لَا يخرج فِي كِتَابه حَدِيثا يعلمُ أَنَّهُ مَوْضُوع، وَأخرجه ابْن أَبِي حاتِم فِي تَفْسِيره، وَقد الْتزم أَن يخرج فِيهِ أصح مَا ورد ولَمْ يخرج حَدِيثا مَوْضُوعا الْبَتَّةَ - وَأخرجه أَبُو نُعَيْم فِي الْحِلْية وَله شَاهد عَن كَعْب مَوْقُوفا أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أَبِي حاتِم فِي تفاسيرهم والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ولبعضه شَاهد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ مَوْقُوفا أخرجه ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأخرجه عَن أبي الْحُوَيْرِث عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة مَوْقُوفا وَأخرجه بن الْمُنْذر وَابْن أَبِي حاتِم وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَالله أعلم.

(ابْن حبَان) حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن سُلَيْمَان بْن عميرَة، حَدَّثَنَا بَكْر بْن زِيَاد الْبَاهِلِيّ حَدَّثَنَا ابْن الْمُبَارك عَن سَعِيد بْن أَبِي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن زُرَارَة بْن أوفى عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَرَّ بِي جِبْرِيلُ بِقَبْرِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ انْزِلْ فَصَلِّ هُنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ مَرَّ بِي بِبَيْتِ لَحْمٍ فَقَالَ انْزِلْ فَصَلِّ هُنَا رَكْعَتَيْنِ فَإِن هَهُنَا وُلِدَ أَخُوكَ عِيسَى، ثُمَّ أَتَى بِي إِلَى الصَّخْرَةِ فَقَالَ يَا مُحَمَّد من هَهُنَا عُرِجَ ربِكَ إِلَى السَّمَاءِ فَأَلْهَمَنِي اللَّهُ أَنْ قُلْتُ نَحْنُ بِمَوْضِعٍ عُرِجَ مِنْهُ ربِي فَصَلَّيْتُ ثُمَّ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ وَذكر كلَاما طَويلا، قَالَ ابْن حبَان: بَكْرُ دَجَّالٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَهَذَا شَيْء لَا يشك عوام أَصْحَاب الحَدِيث أَنَّهُ مَوْضُوع فَكيف البزل فِي هَذَا الشَّأْن: (قلتُ) قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان صدق ابْن حبَان وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي اللِّسَان الْمَوْضُوع مِنْهُ من قَوْله ثُمَّ أَتَى بِي إِلَى الصَّخْرَة وَأما بَاقِيه فقد أَتَى من طرق أخر مِنْهَا الصَّلَاة فِي بَيت لَحم وَردت فِي حَدِيث شَدَّاد

(1/19)

ابْن أَوْس وَالله أعلم.

(ابْن عدي) حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله الْحَرَّانِي حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن بشر الْكُوفيّ حَدَّثَنَا بشر بن عمَارَة للمكتب عَن أَبِي روق عَن عَطِيَّة عَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِي فِي قَوْلِهِ لَا تُدْرِكُهُ قَالَ لَوْ أَنَّ الْجِنَّ وَالإِنْسَ وَالشَّيَاطِينَ وَالْمَلائِكَةَ مُنْذُ خُلِقُوا إِلَى يَوْمِ فَنَائِهِمْ صُفُّوا صَفًّا وَاحِدًا مَا أَحَاطُوا بِاللَّهِ أَبَدًا.

لَا يَصِحُّ وَبشر لَا يُتَابع عَلَى مثل هَذَا الحَدِيث وعطية ضَعَّفُوهُ وَكَانَ سَمِعَ من الْخُدْرِيّ ثُمَّ جَالس الْكَلْبِيّ فَصَارَ يكنيه أَبَا سَعِيد فيظن الْخُدْرِيّ.

قَالَ الْمُؤلف: وأظن هَذَا الحَدِيث من عمل الْكَلْبِيّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْن أَبِي حاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفاسيرهم.

وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي تَارِيخه هَذَا حَدِيث مُنْكَر لَا يُعرف إِلَّا ببشر وَهُوَ ضَعِيف.

وَقَالَ فِي الْمِيزَان بشر بْن عمَارَة ضعفه النَّسَائِيّ وَمَشاهُ غَيره، وَقَالَ الْبُخَاريّ تعرف وتنكر.

وَقَالَ ابْن عدي حَدِيث بشر عِنْدِي إِلَى الاسْتقَامَة أقرب، انْتهى.

وَأوردهُ الْعقيلِيّ فِي تَرْجَمته وَقَالَ لَا يُتَابع عَلَيْهِ وَلَا يعرف إِلَّا بِهِ وَالله أعلم.

(الْخَطِيب) أَنْبَأنَا القَاضِي أَبُو الْعلَا حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِم عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن اليسع حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن فيل حَدَّثَنَا لوين حَدَّثَنَا سُوَيْد بْن عَبْد الْعَزِيز عَن حميد عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا: لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ أُسْرِيتُ فَرَأَيْتُ رَبِّي بَيْنِي وَبَيْنَهُ حِجَابٌ بَارِزٌ مِنْ نَارٍ فَرَأَيْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى رَأَيْتُ تَاجًا مُخَوَّصًا مِنَ اللُّؤْلُؤِ مَوْضُوعٌ قَالَ أَبُو الْعلَا حَدَّثَنَا ابْن اليسع بِهِ فِي جملَة أَحَادِيث بِهذا الْإِسْنَاد ثُمَّ رَجَعَ عَن جَمِيع النُّسْخَة وَقَالَ وهمتُ إِذْ رويتها عَن ابْن فيل إنّما حدَّثَنِي بِهَا قَاسم بْن إِبْرَاهِيم الْمَلْطِي عَن لوين وقاسم كَذَّاب وَابْن اليسع لَيْسَ بِثِقَة (قلتُ) قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان قَاسم الْمَلْطِي كَذَّاب أَتَى بطامة لَا تُطاق فَقَالَ حَدَّثَنَا لوين فَذكر هَذَا الحَدِيث.

وَقَالَ فِي تَرْجَمَة ابْن اليسع قَالَ الْأزْدِيّ لَيْسَ بِحجة وَمِنْهُم من يتهمه وَالله أعلم.

(الدَّارَقُطْنِيّ) حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الْعَطَّار حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يُوسُف بْن أبي معمر

(1/20)

حَدَّثَنَا حبيب بْن أَبِي حبيب حَدَّثَنَا هِشَام بْن سعد وَعبد الْعَزِيز بْن أَبِي حَازِم عَن أَبِي حَازِم عَن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا: إِنَّ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْخَلْقِ سَبْعِينَ أَلْفَ حِجَابٍ وَأَقْرَبَ الْحُجُبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ وَإِنَّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ أَرْبَعَةَ حُجُبٍ حِجَابٌ مِنْ نَارٍ وحجاب من ظلمَة وَحِجَابٌ مِنْ غَمَامِ وَحِجَابٌ مِنَ الْمَاءِ.

لَا أَصْلَ لَهُ تفرد بِهِ حبيب وَكَانَ يضع.

(الْعقيلِيّ) حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا مكي بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة عَن عَامر بْن الحكم بْن ثَوْبَان عَن عَبْد الله بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ عَن أَبِي حَازِم عَن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا: دُونَ اللَّهِ تَعَالَى سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْ نُورٍ وَمَا تَسْمَعُ نَفْسٌ شَيْئًا مِنْ حُسْنِ تِلْكَ الْحُجُبِ إِلا زَهَقَتْ نَفْسُهَا.

لَا أَصْلَ لَهُ مُوسَى لَيْسَ بِشَيْء وعامر ذَاهِب الحَدِيث (قلتُ) أما قَوْله فِي الحَدِيث الأول تفرد بِهِ حبيب بْن أَبِي حبيب وَكَانَ يضعُ فَوَهم مِنْهُ، فَإِن الحَدِيث أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد كَمَا أوردهُ المُصَنّف من طَرِيقه قَوْله وَقد تفرد بِهِ حبيب بْن أَبِي حبيب هَذَا غير حبيب بْن أَبِي حبيب ذَاك بِصِيغَة التَّكْبِير وَأَبوهُ بِصِيغَة الكنية وَهُوَ الخرططي الْمَرْوَزِيّ كَانَ يضعُ الحَدِيث وَالَّذِي فِي هَذَا الْإِسْنَاد حبيب بِالتَّصْغِيرِ ابْن حبيب بِالتَّكْبِيرِ وَهُوَ أَخُو حَمْزَة الزيات.

قَالَ فِي الْمِيزَان وهاهُ أَبُو زرْعَة وَتَركه ابْن الْمُبَارك ولَم يتهم بِوَضْع وَأما عَامر بن الحكم ابْن ثَوْبَان فَإِنَّهُ تَابِعِيّ من رجال مُسْلِم، قَالَ الذَّهَبِيّ روى عَن أُسَامَة بْن زيد والكبار صَدُوق لَمْ يخرج لَهُ الْبُخَاريّ، قَالَ وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ أَن الْبُخَاريّ قَالَ ذَاهِب الحَدِيث وَكَذَا رَوَاهُ الْعقيلِيّ عَن آدم بْن مُوسَى عَن الْبُخَاريّ، ثُمَّ سَاق لَهُ الْعقيلِيّ حَدِيث دون الله تَعَالَى سَبْعُونَ ألف حجاب والعهدة فِيهِ على مُوسَى بن عُبَيْدَة الربذي فَإِنَّهُ واه، انْتهى.

وأمّا مُوسَى بْن عُبَيْدَة فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ ضَعِيفا فَلم يتهم بكذب وَلَا وصل حَاله إِلَى أَن يحكم على حَدِيثه بِالْوَضْعِ بل قَالَ فِيهِ ابْن سعد: ثِقَة ينسى وَقَالَ يَعْقُوب بْن شيبَة: صَدُوق ضَعِيف الحَدِيث، وَقد أخرج لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَقَالَ زيد بْن الْحباب: أَتَيْنَا قبر مُوسَى بْن عُبَيْدَة فَجعل ريح الْمسك يفوحُ من قَبره وَلَيْسَ بالربذة يَوْمئِذٍ مسك وَلَا عنبر ثُمَّ إِن الحَدِيث أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَله شَوَاهِد كَثِيرَة تَقْتَضِي أَن لَهُ أصلا.

قَالَ أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة ذكر حجب رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى فَبَدَأَ بِهذا الحَدِيث ثُمَّ قَالَ بعده حَدثنَا مُحَمَّد بن

(1/21)

يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن دَاوُد بسنديلة حَدَّثَنَا الْحُسَيْن هُوَ ابْن حَفْص عَن أَبِي مُسْلِم (ح) وَحَدَّثَنَا الْوَلِيد حَدَّثَنَا الْحُسَيْن الحناط حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن أَيُّوب عَن أَبِي مُسْلِم عَن الْأَعْمَش عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله لِجِبْرِيلَ: هَلْ تَرَى رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَسَبْعِينَ حِجَابًا مِنْ نَارٍ أَوْ نُورٍ لَوْ رَأَيْتُ أَدْنَاهَا لاحْتَرَقْتُ أَخْرَجَهُ سمويه فِي فَوَائده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَقَالَ لَمْ يروه عَن الْأَعْمَش إِلَّا أَبُو مُسْلِم وَهُوَ قَائِدُ الأَعْمَشِ قَالَ أَبُو دَاوُد عِنْدَهُ أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ بِهم.

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن حَدَّثَنَا أَبُو حَفْص عُمَرَو بْن عَليّ حَدَّثَنَا الْفضل بْن سُلَيْمَان حَدَّثَنَا أَبُو حَازِم عَن عَمْرو بْن الحكم عَن عبد الله بن عَمْرو وَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ دُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْم الْقِيَامَة سَبْعِينَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْهَا حِجَابٌ مِنْ مَاءٍ وَحِجَابٌ مِنْ نُورٍ وَحِجَابٌ مِنْ ظُلْمَةٍ.

حَدَّثَنَا الْوَلِيد حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الله حَدَّثَنَا سَعِيد بْن أَبِي مَرْيَم حَدَّثَنَا ابْن أَبِي حَازِم حَدَّثَنَا أَبُو حَازِم عَن عَمْرو بْن الحكم بْن ثَوْبَان عَن عَبْد الله بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ دُونَ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أَلْفَ حِجَابٍ إِنَّ مِنْهَا لَحُجُبًا مِنْ ظُلْمَةٍ مَا يَنْفُذُهَا شَيْءٌ وَإِنَّ مِنْهَا لَحُجُبًا مِنْ نُورٍ مَا يَسْتَطِيعُهَا شَيْءٌ وَإِنَّ مِنْهَا لَحُجُبًا مِنْ مَاءٍ لَا يَسْمَعُ حِسَّ ذَلِكَ الْمَاءِ أَحَدٌ إِلا يَرْبِطُ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ هَذِه مُتَابعَة لِموسى بْن عُبَيْدَة فِي حَدِيث ابْن عَمْرو ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِدْرِيس حَدَّثَنَا أَبُو صالِح حدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَيُّوب عَن الْمثنى بْن الصَّباح وَعَن عُمَرَ بْن شُعَيْب عَن أَبِيهِ عَن جدِّه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ احْتَجَبَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَن جَمِيعِ خَلْقِهِ بِأَرْبَعٍ نَارٍ وَظُلْمَةٍ ثُمَّ بِنُورٍ فَظُلْمَةٍ مِنْ فَوق السَّمَوَات السَّبْعِ وَالْبَحْرُ الأَعْلَى فَوْقَ ذَلِكَ كُلِّهِ تَحْتَ الْعَرْشِ فَهَذِهِ مُتَابعَة ابْن الحكم فِي حَدِيث ابْن عَمْرو.

والْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ أَخْرَجَ لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَقَالَ فِيهِ أَبُو حاتِم لَيِّنٌ الحَدِيث ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس بْن أَيُّوب حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الدرهمي حَدَّثَنَا مُعْتَمر بْن سُلَيْمَان عَن عَبْد الْجَلِيل عَن أَبِي حَازِم عَن عَبْد الله بْن عَمْرو فِي قَول الله عَزَّ وَجَلّ {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَة} قَالَ يهبطُ حِين يهْبط وَبَينه وَبَين خلقه سَبْعُونَ ألف حجاب مِنْهَا النُّور وَالْمَاء والظلمة فيصوت ذَلِكَ المَاء والنور والظلمة صَوتا تنخلعُ مِنْهُ الْقُلُوب.

عَبْد الْجَلِيل بْن عَطِيَّة الْقَيْسِي وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره، وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا بنْدَار حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مهْدي حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن عُبَيْد يَعْنِي الْمكتب عَن مُجَاهِد عَن ابْن عُمَرَ قَالَ احتجبَ الله عَن خلقه بِنَار وظلمة وَنور وظلمة، فَهَذِهِ مُتَابعَة من ابْن عُمَرَ لِابْنِ عَمْرو.

وَهَذَا الْإِسْنَاد صَحِيح رِجَاله أخرج لَهم الشَّيْخَانِ سوى عُبَيْد فَأخْرج لَهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيّ فَقَط وَقَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَد الْوَلِيد حَدَّثَنَا أَبُو حَازِم حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن أَبِي سارة عَن ثَابت عَن أَنَسٍ أَن رَسُول الله سَأَلَ جِبْرِيل أَي بقاع

(1/22)

الأَرْضِ شَرٌّ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ أَلا تَسْأَلُ رَبَّكَ ثُمَّ عَادَ فَقَالَ دَنَوْتُ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى كُنْتُ مِنْهُ بِمَكَانٍ لَمْ أَكُنْ قَطْ أَقْرَبَ مِنْهُ كُنْتُ بِمكانٍ بَيْنِي وَبِيْنَهُ سَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ نُورٍ فَأَوْحَى إِلَيَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّ شَرَّ بِقَاعِ الأَرْضِ الأَسْوَاقُ.

عَلِيّ بْن أَبِي سارة روى لَهُ النَّسَائِيّ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد تركُوا حَدِيثه وَقَالَ الْبُخَاريّ فِي حَدِيثه نظر، وَقَالَ أَبُو حاتِم ضَعِيف ومُوسَى هُوَ التَّبُوذَكِي الْحَافِظ الثِّقَة من رجال الشَّيْخَيْنِ.

وَقَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيد إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن المنخل حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن عَبْد الله حَدَّثَنَا مُبشر بْن إِسْمَاعِيل الْحلَبِي حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن برْقَان عَن مَيْمُون بْن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله قَالَ لِجبريل سل رَبك أَي الْبِقَاع خير وَأي الْبِقَاع شَرّ فَغَاب عَنهُ جِبْرِيل ثُمَّ أتاهُ فَقَالَ لَهُ لقد وقفتُ الْيَوْم موقفا لَم يقفه ملك قبلي كَانَ بيني وَبَين الْجَبَّار تبَارك وَتَعَالَى سَبْعُونَ ألف حجاب من نور الْحجاب يعدل الْعَرْش والكرسي وَالسَّمَوَات وَالْأَرْض بِكَذَا وَكَذَا ألف عَام فَقَالَ أخبر مُحَمَّدًا أَن خير الْبِقَاع الْمَسَاجِد وَشر الْبِقَاع الْأَسْوَاق.

مُبشر من رجال الشَّيْخَيْنِ وجعفر وَمَيْمُون من رجال مُسْلِم وَعُثْمَان بن عبد الله إِن كَانَ هُوَ الْأمَوِي الشَّامي فَمنهمْ مِمَّن يروي الموضوعات عَن الثِّقَات.

وَقَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيد حَدَّثَنَا أَبُو حاتِم حَدَّثَنَا أَبُو سَلمَة مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلمَة حَدَّثَنَا أَبُو عمرَان الْجونِي عَن زُرارة بْن أَبِي أوفى أَن النَّبِي سَأَلَ جِبْرِيل هَلْ رَأَيْت رَبك فانتفض جِبْرِيل وَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن بيني وَبَينه سبعين حِجَابا من نور لَو دنوتُ من أدناها لاحترقت.

هَذَا مُسْند صَحِيح الْإِسْنَاد.

ورواهُ أَبُو زَكَرِيَّا الْبُخَاريّ فِي فَوَائده من طَرِيق عَبْد الرَّحْمَن بْن مهْدي عَن حَمَّاد بِهِ، وَقَالَ حدَّثَنِي أَبُو سَعِيد الثَّقَفِيّ عَن سَعِيد بْن يَحْيَى بْن سَعِيد الْأمَوِي عَن أَبِيهِ عَن الأخوص بْن حَكِيم عَن أَبِيهِ عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِد عَن جَابِر بْن عَبْد الله قَالَ قَالَ النَّبِي إِن أقرب الْخلق من الله تَبَاركَ وَتَعَالَى جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وإنّهم من الله تَعَالَى لَمسيرة خَمْسَة آلَاف سنة.

عَبْد الرَّحْمَن بْن عَابِد روى لَهُ الْأَرْبَعَة وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَحَكِيم بْن عُمَيْر وَالِد الأخوص صَدُوق، روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَابْنه الأخوص، روى لَهُ ابْن مَاجَه وَضعف وَيحيى بْن سَعِيد الْأمَوِي حَافظ من رجال الشَّيْخَيْنِ وَابْنه سَعِيد ثِقَة روى عَنْهُ الْأَئِمَّة الْخَمْسَة وَأَبُو سَعِيد الثَّقَفِيّ كَأَنَّهُ عَبْد الْغَنِيّ بْن سَعِيد ضعفه ابْن يُونُس، وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن أبان حَدَّثَنَا أَبُو حاتِم حَدَّثَنَا أَبُو صالِح حَدَّثَنَا اللَّيْث حَدَّثَنَا خَالِد عَن سَعِيد عَن عَبْد الله بْن زِيَاد أَن الْقرظِيّ كَانَ يَقُولُ بلغنَا أَن بَين الْجَبَّار تبَارك وَتَعَالَى وَبَين أدنى خلقه أَرْبَعَة حجب مَا بَين كل حجابين كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض حجاب من ظلمَة وَحِجَابٌ مِنْ نُورٍ وَحِجَابٌ مِنْ مَاء وحجاب من نَار بَيْضَاء مُقَدَّسَة وكل حجاب رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى مقدس.

وَقَالَ حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا مُسْلِم بْن خَالِد الزنْجِي عَن أَبِي بَكْر الْهُذلِيّ قَالَ لَيْسَ شَيْء من الْخلق أقرب إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ من إسْرَافيل وَبَينه وَبَين الله تَعَالَى سَبْعَة حجب حجابٌ من نور وحجاب من غمام حَتَّى عد سَبْعَة لَا أحفظها.

وَقَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيد حَدثنَا

(1/23)

مُحَمَّد بْن عمار حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا شبْل عَن ابْن أَبِي نُجَيْح عَن مُجَاهِد قَالَ بَين السَّمَاء السَّابِعَة وَبَين الْعَرْش سَبْعُونَ ألف حجاب حجابٌ من نور وحجاب من ظلمَة وحجاب نور وحجاب ظلمَة حَدثنَا الولهد حَدَّثَنَا أَبُو حاتِم حَدَّثَنَا سَعِيد الطَّالقَانِي حَدَّثَنَا هشيم عَن أَبِي بشر عَن مُجَاهِد قَالَ بَين الْعَرْش وَبَين الْمَلَائِكَة سَبْعُونَ حِجَابا حِجَابٌ مِنْ نَارٍ وحجاب من ظلمَة وحجاب من نور وحجاب من ظلمَة قَالَ جدي أَخْبرنِي أَبُو يَعْقُوب المروري حَدَّثَنَا روح حَدَّثَنَا الْعَوام بْن حَوْشَب عَن مُجَاهِد قَالَ بَين الْمَلَائِكَة وَبَين الْعَرْش سَبْعُونَ ألف حجاب من نور.

فَهَذِهِ الطّرق تقَوِّي الحَدِيث ويتعذر مَعهَا الحكم عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَن ابْن الْإِمَام أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن مَنْدَه فِي كتاب محك الْإيِمَان أَخْبَرَنَا ابْن عُبَيْد الله الْأنْصَارِيّ أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد أَبُو بَكْر الْقطَّان أَنْبَأنَا مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بْن الْجُنَيْد حَدَّثَنَا أَبُو ظفر حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان عَن أبان عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله يَا جِبْرِيل هَلْ ترى رَبك قَالَ إِن بيني وَبَينه سَبْعُونَ ألف حجاب من نور لَو دَنَوْت إِلَى حجاب لاحترقت، أبان روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ مَتْرُوك وَإِذا انْضَمَّ هَذَا الطَّرِيق إِلَى الطّرق السَّابِقَة أَفَادَ قُوَّة وَالله أعلم.

(الطَّبَرَانِيّ) حَدَّثَنَا الْمِقْدَام ابْن دَاوُد حَدَّثَنَا أَسد بْن مُوسَى حَدَّثَنَا يُوسُف بْن زِيَاد عَن عَبْد الْمُنعم بْن إِدْرِيس عَن أَبِيهِ إِدْرِيس عَن جدِّه وهب بْن مُنَبّه عَن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلا مِنَ الْيَهُودِ أَتَى النَّبِي فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ بِشَيْءٍ غير السَّمَوَات قَالَ نَعَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَلائِكَةِ الَّذِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ نُورٍ وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ نَارٍ وَسَبْعُونَ حِجَابا من ظلمَة وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ رَفَارِفِ الإِسْتَبْرَقِ وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ رَفَارِفِ السُّنْدُسِ وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ دُرٍّ أَبيضَ وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ دُرٍّ أَحمرَ وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ دُرٍّ أَصْفَرَ وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ دُرٍّ أَخْضَرَ وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ ضِيَاءٍ اسْتَضَاءَ مِنْ ضَوْئِهِ النَّارُ وَالنُّورُ وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ ثَلْجٍ وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ مَاءٍ وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ بَرَدِ غَمَامٍ وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ برد وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ الَّتِي لَا تُوصَفُ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَن مَلَكِ اللَّهِ الَّذِي يَلِيهِ فَقَالَ النَّبِي أَصَادَقْتَ فِيمَا أَخْبَرْتُكَ يَا يَهُودِيُّ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّ الْمَلَكَ الَّذِي يَلِيهِ إِسْرَافِيلُ ثُمَّ جِبْرِيلُ ثُمَّ مِيكَائِيلُ ثُمَّ مَلَكُ الْمَوْتِ.

مَوْضُوع: آفته عَبْد الْمُنعم هُوَ وَأَبوهُ مَتْرُوكَانِ (قلتُ) مَا تكلم أحد فِي إِدْرِيس بل الآفة عَبْد الْمُنعم وَحده قَالَ فِي الْمِيزَان قصاص لَيْسَ يعْتَمد عَلَيْهِ تَركه غير وَاحِد وأفصح أَحْمَد بْن حَنْبَل فَقَالَ كَانَ يكذب عَلَى وهب، قَالَ الْبُخَاريّ ذَاهِب الحَدِيث، وَقَالَ ابْن حبَان يضعُ الحَدِيث عَلَى أَبِيهِ وعَلى غَيره وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي اللِّسَان نقل ابْن أَبِي حاتِم عَن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْكَرِيم مَاتَ إِدْرِيس وَعبد الْمُنعم رَضِيع وَكَذَا قَالَ أَحْمَد إِذا سُئِلَ عَنْهُ لَم يسمع من أَبِيهِ شَيْئا وَابْن معِين كَذَّاب خَبِيث، وَهَذَا الحَدِيث أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم فِي الْحِلْية عَن الطَّبَرَانِيّ وَأخرجه أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة واقتصرَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ فِي تَخريج أَحَادِيث الْإِحْيَاء عَلَى قَوْله إِسْنَاده ضَعِيف

(1/24)

فَكَأَنَّهُ لَم يُوَافق عَلَى أَنَّهُ مَوْضُوع وأمّا الْحَافِظ ابْن حجر، فَإِنَّهُ قَالَ عَبْد الْمُنعم كَذَّاب وَحَدِيثه بَاطِل، قَالَ فِي لِسَان الْمِيزَان عَابَ إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن الْفضل التَّيْمِيّ الطَّبَرَانِيّ فِي جمع الْأَحَادِيث الْأَفْرَاد مَعَ مَا فِيهَا من النكارة الشَّدِيدَة والموضوعات، قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر وَهَذَا أمرٌ لَا يخْتَص بِهِ الطَّبَرَانِيّ فِي جمعه الْأَحَادِيث الْأَفْرَاد بل أَكثر الْمُحدثين فِي الْأَعْصَار الْمَاضِيَة من سنة ثَمَانِينَ وهلمَّ جرَّا إِذا ساقوا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ اعتقدوا أنَّهم برئوا من عهدته وَالله أعلم.

(أَبُو الْفَتْح الْأَزْدِيّ) .

حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد الْوراق حَدَّثَنَا سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن ثَوَاب حَدَّثَنَا بَكْر بْن عِيسَى عَن مُحَمَّد بْن عُثْمَان الْحَرَّانِي عَن مَالك بْن دِينَار عَن الْحَسَن عَن أنس مَرْفُوعا: أَن لله لوحًا أحد وجهيه درة وَالْآخر ياقوتة قلمه النُّور فبه يخلق وَبِه يرْزق وَبِه يحيي وَبِه يُميت ويعز ويذل ويفعلُ مَا يَشَاء فِي يَوْم وَلَيْلَة.

مَوْضُوع: مُحَمَّد بْن عُثْمَان مَتْرُوك الحَدِيث (قلتُ) قَالَ فِي الْمِيزَان مُحَمَّد بْن عُثْمَان الْحَرَّانِي وَقيل الْحدانِي وبالراء أصح أَتَى بِخبر بَاطِل وَهُوَ هَذَا، انْتهى.

وَقد أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة.

وَورد من غير هَذَا الطَّرِيق قَالَ مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن أَبِي شيبَة فِي كتاب الْعَرْش حَدَّثَنَا منْجَاب بْن الْحَارِث حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن يُوسُف حَدَّثَنَا زِيَاد بْن عَبْد الله عَن لَيْث عَن عَبْد الْملك بْن سَعِيد بْن جُبَيْر عَن أَبِيهِ ابْن عَبَّاس أَن نَبِي الله قَالَ إِن الله عَزَّ وَجَلَّ خلق لوحًا مَحْفُوظًا من درة بَيْضَاء صفحاتها من ياقوتة حَمْرَاء قلمه نور وَكتابه نور، لله فِي كل يَوْم سِتُّونَ وثلثمائة لَحْظَة إِلَيْهِ يخلق ويرزق ويُميت ويحيي ويعز ويذل ويفعلُ مَا يَشَاء أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ عَنْهُ وَابْن مرْدَوَيْه فِي التَّفْسِير وَعبد الْملك صَدُوق وَبشر بْن أَبِي سليم روى لَهُ مُسْلِم وَالْأَرْبَعَة وَفِيه ضعف يسير من سوء حفظه وَمِنْهُم من يحْتَج بِهِ وَالْبَاقُونَ من رجال الصَّحِيح.

وَقَالَ أَبُو الشَّيْخ حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن أبان حَدثنَا عبد الله بن يوسن حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن المتَوَكل حَدَّثَنَا سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة عَن أَبِي حَمْزَة عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله: خلق الله تَعَالَى لوحًا من درة بَيْضَاء دفتاه من زبرجدة خضراء كِتَابه نور يلحظ إِلَيْهِ فِي كل يَوْم ثلثمِائة وَسِتِّينَ لَحْظَة يُحيي ويُميت ويخلق ويرزق ويعز ويذل ويفعلُ مَا يَشَاء.

وَقَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك أَنْبَأنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الله الْمُفِيد حَدثنَا جدي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَرْب حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن أَبِي حَمْزَة الثمالِي عَن سَعِيد بْن جُبَيْر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} قَالَ: إِن مِمَّا خلق الله لوحًا مَحْفُوظًا من درة بَيْضَاء دفتاهُ من ياقوتة حَمْرَاء قلمه

(1/25)

نور وَكتابه نور عرضه مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ينظرُ فِيهِ كل يَوْم ثلثمِائة وَسِتِّينَ نظرة يخلق فِي كل نظرة ويرزق ويحيي وَيُمِيت ويعز ويذل ويفعلُ مَا يَشَاء.

قَالَ الْحَاكِم: صَحِيح الْإِسْنَاد.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم حَدثنَا عَبْد الله بْن الْوَلِيد الْعجلِيّ حدَّثَنِي بكير عَن ابْن شهَاب عَن سَعِيد بْن جُبَيْر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله خلق لوحًا مَحْفُوظًا فَذكره بِمثله سَوَاء وَالله أعلم (الْخَطِيب) .

أَنْبَأنَا أَبُو طَاهِر عُمَرَ بْن إِبْرَاهِيم الْفَقِيه الزُّهْرِيّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن حمدَان حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن حَازِم الْمَرْوَزِيّ أَنْبَأنَا إِبْرَاهِيم بْن عِيسَى الْقَنْطَرِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أَبِي الْحوَاري حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم حَدَّثَنَا اللَّيْث بْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَ لي عَبْد الرَّحْمَن الْأَعْرَج حَدَّثَنِي أبي هُرَيْرَة أَنه سمع النَّبِي يَقُولُ: لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ انْتَهَى بِي جِبْرِيلُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَغَمَسَنِي فِي النُّورِ خَمْسَةً ثُمَّ تَنَحَّى عَنى فَقُلْتُ حَبِيبِي جِبْرِيلُ أَحْوَجُ مَا كُنْتُهُ إِلَيْكَ تَدَعُنِي وَتَتَنَحَّى، قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ فِي مَوْقِفٍ لَا يَكُونُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلا مَلَكٌ مقرب هَهُنَا أَنْتَ مِنَ اللَّهِ أَدْنَى مِنَ الْقَابِ إِلَى الْقَوْسِ فَأَتَانِي الْمَلَكُ فَقَالَ إِنَّ الرَّحْمَنَ يُسَبِّحُ نَفْسَهُ فَسَمِعْتُ الرَّحْمَنَ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَعْظَمَ اللَّهَ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِمَنْ قَالَ هَكَذَا قَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لَا تَخْرُجُ رُوحُهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى يَرَانِي أُرِيهِ مَوْضِعَهُ مِنَ الْجَنَّةِ أَوْ يَرَى مَنْزِلَهُ فِي الْجَنَّةِ وَتُصَلِّي عَلَيْهِ الْمَلائِكَةُ صُفُوفًا مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلا يَكُونُ شَيْءٌ إِلا يَسْتَغْفِرُ لَهُ تَمَامَ عُمُرِهِ فَإِذَا مَاتَ وَكَّلَ اللَّهُ بِقَبْرِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَيُعَظِّمُونَ اللَّهَ وَيُهَلِّلُونَ اللَّهَ وَيُكَبِّرُونَ اللَّهَ كُلَّمَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَانَ لَهُ فِي صَحِيفَتِهِ فَإِذَا أُخْرِجَ مِنْ قَبْرِهِ خَرَجَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا لَا يَحْزُنُهُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُ الْمَلائِكَةُ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ.

قَالَ الْخَطِيبُ مُنْكَرٌ رِجَاله ثِقَات إِلَّا الْقَنْطَرِي فَهُوَ مَجْهُول، قَالَ وروى بعضه عَن عَطاء أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَسَن بْن عُثْمَان الْوَاعِظ أَنْبَأنَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد السَّقطِي حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن يَحْيَى الحفار حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأمَوِي حدَّثَنِي أَبِي عَن ابْن جريج عَن عَطَاءٍ قَالَ لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ رُوَيْدًا فَإِنَّ رَبَّكَ يُصَلِّي قَالَ وَهُوَ يُصَلِّي نَعَمْ قَالَ وَمَا يَقُولُ قَالَ يَقُولُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي رِجَالُهُ ثِقَاتٍ لكنه مَوْقُوف عَلَى عَطاء فَلَعَلَّهُ سَمعه مِمّن لَا يَثِق بِهِ (قلتُ) قَالَ فِي الْمِيزَان مُحَمَّد بْن يَحْيَى الحفار لَا يدْرِي من ذَا وَأورد لَهُ هَذَا الحَدِيث وَقَالَ هَذَا مُنْكَرٌ، انْتهى.

لَكِن رأيتُ لَهُ

(1/26)

طَرِيقا آخر قَالَ مُحَمَّد بْن نصر الْمَرْوَزِيّ فِي كتاب الصَّلَاة حَدَّثَنَا إِسْحَاق أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن بَكْر البرْسَانِي أنبانا ابْن جريج عَن عَطاء قَالَ بَلغنِي: أَن النَّبِي لَمّا أسرِي بِهِ كلما مر بسماء سلمت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة فَلَمَّا جَاءَ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة قَالَ لَهُ جِبْرِيل: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُولُ سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح تسبق رَحْمَتي غَضَبي.

ثُمَّ رأيتُ لَهُ طَرِيقا آخر مَوْصُولا قَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن خلف بْن حبَان الرقي أَبُو الْعَبَّاس بِمصر حَدَّثَنَا ابْن سُلَيْمَان الْجعْفِيّ حَدَّثَنَا عمي عَمْرو بْن عُثْمَان حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِم قَائِد الْأَعْمَش عَن الْأَعْمَش عَن عَمْرو بْن مرّة عَن عَطاء بْن أَبِي رَبَاح عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُول الله قلتُ يَا جِبْرِيل أيصلي رَبك قَالَ نعم قلتُ مَا صلَاته قَالَ سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح سبقت رَحْمَتي غَضَبي قَالَ الطَّبَرَانِيّ لَمْ يروه عَن الْأَعْمَش إِلَّا أَبُو مُسْلِم تفرد بِهِ ابْن يَحْيَى وَقَالَ الْإِمَام مجد الدَّين الشِّيرَازِيّ صَاحب الْقَامُوس فِي كِتَابه الْمُسَمّى بِالصَّلَاةِ والبشر فِي الصَّلَاة عَلَى خير الْبشر فِي الحَدِيث عَن أَبِي هُرَيْرَةَ يرفعهُ قَالَ بَنو إِسْرَائِيل لِموسى هَلْ يُصَلِّي رَبك فتكايد مُوسَى لذَلِك، فَقَالَ الله تَعَالَى مَا قَالُوا لَك يَا مُوسَى فَقَالَ الَّذِي سَمِعْتُ قَالَ فَأخْبرهُم إِنِّي أُصَلِّي وَإِن صَلَاتي تُطْفِئ غَضَبي وَإِسْنَاده جيد وَرِجَاله ثِقَات يُحتج بِهم فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ عِلّة غير أَن الْحَسَن رَوَاهُ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ولَم يسمع مِنْهُ عِنْدَ الْأَكْثَرين (فَإِن قلت) فَمَا معنى صَلَاة الله تَعَالَى (قلت) مَعْنَاهَا الثَّنَاء وَالرَّحْمَة وَالْبركَة وَمَعْنَاهُ أرْحم وأغفر وأستر وَكَذَلِكَ فِي جَمِيع مَا ورد من هَذَا النمط من الْأَحَادِيث كَحَدِيث عَبْد الله بْن الزبير يرفعهُ قَالَ لَهُ جِبْرِيل لَيْلَة أسرِي بِهِ إِن رَبك يُصَلِّي قَالَ يَا جِبْرِيل كَيفَ يُصَلِّي قَالَ يَقُولُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالروح سبقت رَحْمَتي غَضَبي فِيهِ سَنَد لعمر بْن قيس الْمَكِّيّ وَأخرجه أَبُو الْفرج فِي الموضوعات وَقَالَ رِجَاله ثِقَات إِلَّا أَنَّهُ مَوْقُوف عَلَى عَطاء وَالْعجب مِنْهُ كَيفَ أَخْرَجَهُ فِي هَذَا الْكتاب مَعَ هَذَا القَوْل مِنْهُ هَذَا كَلَام الشَّيْخ مجد الدَّين وَالله أعلم.

(الْخَطِيب) أَخْبرنِي أَبُو الْفرج الطناجيري حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن الْحُسَيْن التَّمِيمِي حَدَّثَنَا أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بْن عَليّ الطَّالقَانِي الْفَقِيه الزَّاهِد حَدَّثَنَا عمّار بْن يَاسر بْن عَبْد الْمجِيد الْهَرَويّ حَدَّثَنَا دَاوُد بْن عَفَّان بْن حبيب النَّيْسَابُورِي حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَرْفُوعًا: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ أَنَا الْعَزِيزُ مَنْ أَرَادَ عِزَّ الدَّارَيْنِ فَلْيُطِعِ الْعَزِيزَ لَا يَصح كَانَ دَاوُد يضع الحَدِيث عَلَى أنس.

(الْخَطِيب) أَنْبَأنَا هِلَال بْن عَبْد الله بْن مُحَمَّد الطَّيِّبِيّ وَعلي بْن الْحَسَن بن مُحَمَّد الْمَالِكِي وَعبيد الله بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن لُؤْلُؤ الْأمين قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْوراق

(1/27)

إملاء حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد حَامِد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْمَرْوِيّ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن نضر بْن شيبَة الْفَزارِيّ الْمَرْوَزِيّ حَدَّثَنَا سَعِيد بْن هُبَيْرَة العامري حَدَّثَنَا همام عَن قَتَادَة عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ كُلَّ يَوْمٍ أَنَا رَبُّكُمُ الْعَزِيزُ فَمَنْ أَرَادَ عِزَّ الدَّارَيْنِ فَلْيُطِعِ الْعَزِيزَ هَذَا من سَرقَة سَعِيد وَكَانَ يحدث بالموضوعات عَن الثِّقَات (قلتُ) قَالَ ابْن أَبِي حاتِم قَالَ أَبِي لَيْسَ بِالْقَوِيّ روى أَحَادِيث أنكرها أهلُ الْعلم وَقَالَ الخليلي فِي الْإِرْشَاد: لَهُ غرائب يسألُ عَنْهُا.

ثُمَّ أورد لَهُ هَذَا الحَدِيث حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَليّ الْفَقِيه حَدَّثَنَا حَامِد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْمَرْوَزِيّ بِهِ وَقَالَ لَا يعرف لِهذا الْمَتْن إِسْنَاد غير هَذَا وَقد أَخْرَجَهُ الْحَاكِم حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد بْن أَبِي عُثْمَان حَدثنَا أَبُو أَحْمَد حَامِد بْن مُحَمَّد الْمَرْوَزِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن نضر بْن شيبَة حَدَّثَنَا سَعِيد بْن هُبَيْرَة حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس بِهِ.

وَأخرجه أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَنْبَأنَا حُصَيْن بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عتاب النَّيْسَابُورِي حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُور طَلْحَة بْن سَعِيد حَدَّثَنَا عباد بْن عَبْد الحميد حَدَّثَنَا عَوْف بْن مَالك عَن أنس بِهِ وَالله أعلم.

(الْخَطِيب) أَنْبَأنَا أَبُو عُمَرَ عَبْد الْوَاحِد بْن مُحَمَّد بْن مهْدي حَدَّثَنَا الْحُسَيْن الْمحَامِلِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل الْمَدَنِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن عمرَان عَن مُعَاويَة بْن عَبْد الله عَن الْجلد بْن أَيُّوب عَن مُعَاويَة بن قُرَّة عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا: لَمَّا تَجَلَّى اللَّهُ تَعَالَى لِلْجَبَلِ طَارَتْ لِعَظَمَتِهِ سِتَّةُ أَجْبُلٍ فَوَقَعَتْ ثَلاثَةٌ بِمَكَّةَ وَثَلاثَةٌ بِالْمَدِينَةِ فَوَقَعَ بِالْمَدِينَةِ أُحُدٌ وَوَرِقَانُ وَرَضْوَى وَوَقَعَ بِمَكَّةَ ثَبِيرٌ وحراء وتور.

قَالَ ابْن حبَان مَوْضُوع: وَعبد الْعَزِيز مَتْرُوك يروي الْمَنَاكِير عَن الْمَشَاهِير.

(أَبُو أُميَّة الطرطوسي) حَدَّثَنَا أَبُو مسْهر حدَّثَنِي خَالِد بْن يزِيد بْن صبع المري حَدَّثَنَا طَلْحَة بْن عَمْرو عَن عَطاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: أِنَّ من الْجِبَالَ الَّتِي تَطَايَرَتْ يَوْمَ مُوسَى سَبْعَةُ أَجْبُلٍ لَحِقَتْ بِالْحِجَازِ وَبِالْيَمَنِ مِنْهَا بِالْمَدِينَةِ أُحُدٌ وَوَرِقَانُ وَبِمَكَّةَ ثَوْرٌ وَثَبِيرٌ وَحِرَاءٌ وَبِالْيَمَنِ صَبِيرٌ وَحَضُورٌ.

لَيْسَ بِصَحِيح طَلْحَة مَتْرُوك لَا تحل الرِّوَايَة عَنْهُ (قلتُ) فِي الحكم بِوَضْع هذَيْن نظر والأرجح عَدمه أمّا الحَدِيث الأول فَأخْرجهُ ابْن أَبِي حاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفاسيرهم من طَرِيق عَبْد الْعَزِيز بْن عمرَان بِهِ وَعبد الْعَزِيز روى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَلم يتهم بكذب، وأمّا الحَدِيث الثَّانِي فَأخْرجهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَقَالَ لَمْ يروه عَن عَطاء إِلَّا طَلْحَة وَطَلْحَة روى لَهُ ابْن مَاجَه وضعفوه إِلَّا أَنَّهُ لَم يتهم بكذب وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم

(1/28)

سألتُ أَبِي عَن طَلْحَة بْن عَمْرو فَقَالَ مكي لَيْسَ بِقَوي لين الحَدِيث عِنْدهم.

وروى لَهُ ابْن عدي بِإِسْنَاد صَحِيح عَن عَبْد الرَّزَّاق قَالَ حَدَّثَنَا معمر قَالَ اجْتمعت أَنَا وَشَيْبَة وَسُفْيَان وَابْن جريج فَقدم علينا شيخ فأملى علينا أَرْبَعَة آلَاف حَدِيث عَن ظهر قلب مَا أَخطَأ إِلَّا فِي موضِعين لَمْ يكن الْخَطَأ مِنْهَا وَلَا مِنْهُ إنّما الْخَطَأ من فَوق فلمّا جن علينا اللَّيْل ختمنا الْكتاب فجعلناه تَحت رؤوسنا وَكَانَ الْكَاتِب شُعْبَة ونحنُ نَنْظُر فِي الْكتاب وَكَانَ الرجلُ طَلْحَة بْن عَمْرو، وَقَالَ فِي الْمِيزَان خَالِد بْن يزِيد المري الرَّاوِي عَنْهُ صالِح الحَدِيث.

انْتهى.

وَقد وجدت لعبد الْعَزِيز مُتَابعًا قَالَ أَبُو نُعَيْم فِي الْحِلْية حَدَّثَنَا أَبُو عَليّ بْن أَحْمَد بْن بَالَوَيْهِ النَّيْسَابُورِي الْمعدل بِبَغْدَاد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن صالِح الصَّيْمَرِيّ حَدَّثَنَا النصرُ بْن سَلمَة حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زبالة حَدَّثَنَا مُعَاويَة بن قُرَّة عَن أَنَسٍ مَرْفُوعا وَقَالَ غَرِيب من حَدِيث مُعَاويَة بْن قُرَّة وَالْجَلد ومُعَاويَة الضال تفرد بِهِ عَنْهُ مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زبالة المَخْزُومِي، انْتهى.

وَابْن زبالة روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ مَتْرُوك.

ووجدتُ للْحَدِيث شَاهدا قَالَ ابْن مرْدَوَيْه فِي التَّفْسِير: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس حَدَّثَنَا أَبُو بدر عباد بْن الْوَلِيد حَدثنِي مُحَمَّد بْن مُوسَى الشَّيْبَانِيّ حَدَّثَنَا الرّبيع بن عبد الله المعدني حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن الْحَسَن عَن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن حُسَيْن عَن آبَائِهِ عَن عَليّ بْن أَبِي طَالب فِي قَوْله: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دكا} .

قَالَ: ذَاك عَشِيَّة عَرَفَة وَكَانَ الْجَبَل بالموقف فانقطعَ عَلَى سبع قطع قِطْعَة سَقَطت بَين يَدَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يقوم الْإِمَام عِنْده فِي الْموقف وبالمدينة ثَلَاثَة طيبَة وَأحد ورضوى وطور سيناء بِالشَّام وإنّما سمي الطّور لِأَنَّهُ طَار فِي الْهَوَاء إِلَى الشَّام وَالله أعلم.

(ابْن عدي) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن غَزوَان حَدَّثَنَا أَبِي عَن أَبِيهِ عَن جدِّه عَن الغنجار عَن أَيُّوب بْن خوط عَن قَتَادَة عَن أنس أَن رَسُول الله قَالَ: فلمّا تجلى ربه للجبل أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ فَمن نورها جعله دكا.

لَيْسَ بِصَحِيح أَيُّوب مَتْرُوك يروي الْمَنَاكِير عَن الْمَشَاهِير قَالَ ابْن عدي: عَمْرو بْن عَليّ كَانَ أُمِّيا لَا يكْتب وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث ولَمْ يكن من أهل الْكَذِب وَقد تَابعه سَعِيد بْن أَبِي عرُوبَة وناهيك بِهِ وَهَمَّام قَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة: حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الْفضل الإسقاطي حَدَّثَنَا هريم بْن عُثْمَان الرَّاسِبِي حَدَّثَنَا عُمَرَ بْن سعيد الأشح عَن سَعِيد بْن أَبِي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي فِي قَوْله: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ للجبل.

قَالَ: تجلى لَهُ بِخنصره أَخْرَجَهُ ابْن مرْدَوَيْه وَقَالَ

(1/29)

أَبُو الشَّيْخ فِي التَّفْسِير حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الصيدلاني أَبُو بَكْر الْبَغْدَادِيّ حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن دَاوُد بْن المحبر حَدَّثَنَا همام عَن قَتَادَة عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ وَالله أعلم.

(ابْن عدي) حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن بسطَام حَدَّثَنَا هَدِيَّة حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلمَة حَدَّثَنَا ثَابت عَن أنس: أَن النَّبِي قَرَأَ {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جعله دكا} قَالَ أخرج خِنْصره عَلَى إبهامه فساخ الْجَبَل.

لَا يثبت.

قَالَ ابْن عدي: كَانَ ابْن أَبِي العوجاء ربيب حَمَّاد بْن سَلمَة فَكَانَ يُدلس فِي كتبه هَذِه الْأَحَادِيث (قلتُ) هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ خلق عَن حَمَّاد وَأخرجه الْأَئِمَّة من طرق عَنهُ وصححوه فَأخْرجهُ أَحْمد فِي مُسْنده من طَرِيق معَاذ بن معَاذ الْعَنْبَري عَن حَمَّاد وَمن طَرِيق روح عَنْهُ وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من طَرِيق سُلَيْمَان بْن حَرْب عَن حَمَّاد وَقَالَ حسن صَحِيح غَرِيب، وَأخرجه ابْن أَبِي عَاصِم فِي السّنة من طَرِيق أَسد بْن مُوسَى وحجاج بْن الْمنْهَال كِلَاهُمَا عَن حَمَّاد وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه فِي التَّفْسِير من طَرِيق مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم عَن حَمَّاد وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من طَرِيق عَفَّان بْن مُسْلِم وَسليمَان بْن حَرْب كِلَاهُمَا عَن حَمَّاد وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الرُّؤْيَة من طَرِيق سُلَيْمَان بْن حَرْب وَمن طَرِيق مُحَمَّد بْن كثير عَن حَمَّاد وَأخرجه الضياء الْمَقْدِسِي فِي الْمُخْتَار وَصَححهُ وَقد ذكر الزَّرْكَشِيّ فِي تَخريج الرَّافِعِيّ أَن تَصْحِيحه أَعلَى مزية من تَصْحِيح الْحَاكِم وَإنَّهُ قريب من تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان، وَقَالَ ابْن طَاهِر فِي تذكرة الْحفاظ أورد ابْن عدي هَذَا الحَدِيث فِي تَرْجَمَة حَمَّاد بْن سَلمَة وَلَعَلَّه أَشَارَ إِلَى تفرده بِهِ وَحَمَّاد إِمَام ثِقَة.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ بعد تَخْرِيجه وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا ثُمَّ أخرج من طَرِيق عَمْرو بْن طَلْحَة عَن أَسْبَاط عَن السّديّ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا تَجَلَّى ربه للجبل جعله دكا} قَالَ تجلى مِنْهُ مثل طرف الْخِنْصر فَجعل الْجَبَل دكًا وَأخرجه الْحَاكِم وَصَححهُ وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة من طَرِيق عُمَرَ بْن مُحَمَّد العنقري عَن أَسْبَاط ثُمَّ وجدتُ لِحماد بْن سَلمَة مُتَابعًا عَن ثَابت عَن أنس بِهِ وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه أَيْضا من طَرِيق شُعَيْب بْن عَبْد الحميد الطَّحَّان عَن قُرَّة بْن عِيسَى عَن الْأَعْمَش عَن رَجُل عَن أنس بِهِ وَورد أَيْضا من حَدِيث ابْن عُمَرَ أَخْرَجَهُ ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْمسيب بْن شريك عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي عَن أَبِيهِ عَن ابْن عُمَرَ مَرْفُوعا بِهِ وَالله أعلم.

(1/30)

(الجوزقاني) أَنْبَأنَا أَبُو نهشل عَبْد الصَّمد بْن أَحْمَد بْن الْفضل بْن أَحْمَد الْعَنْبَري الْأَصْبَهَانِيّ فِيمَا كتب إليّ من أَصْبَهَان أَنْبَأنَا أَبُو السعادات أَحْمَد بْن مَنْصُور بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم الْكَرْخِي حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن أَحْمَد أَبُو الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن حَنْبَل حدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا مُؤَمل بْن عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا أُميَّة بْن يَعْلَى عَن سَعِيد المَقْبُري عَن عِكْرِمَة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: أِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ فِي كُلِّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ إِلَى دَار الدُّنْيَا فِي سِتّمائَة أَلْفِ مَلَكٍ فَيَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيٍّ مِنْ نُورٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ لَوْحٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ فِيهِ أَسْمَاءُ مَنْ يُثْبِتُ الرُّؤْيَةَ وَالْكَيْفِيَّةَ وَالصُّورَةَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَيُبَاهِي بِهِمُ الْمَلائِكَةَ وَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَؤُلاءِ {عَبِيدِي الَّذِينَ لَمْ يَجْحَدُونِي وَأَقَامُوا سُنَّةَ نَبِيِّي وَلَمْ يَخَافُوا فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ أُشْهِدُكُمْ يَا مَلائِكَتِي وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأُدْخِلَنَّهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ} .

قَالَ الجوزقاني كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بَاطِلٌ مركب عَلَى هَؤُلَاءِ الشُّيُوخ وَضعه أَبُو السعادات وَهُوَ كذَّاب زنديق ملحد والكرخي رجلٌ مَجْهُول لَا يُعرف بل هُوَ اسْم وَنسب اختلقه أَبُو السعادات ليحسن بِهِ كذبه وَالطَّبَرَانِيّ وَمن فَوْقه منزهونَ عَن رِوَايَة مثل هَذَا (قلت) قَالَ فِي الْمِيزَان فَهَذَا هُوَ الشَّيْخ المجسم الَّذِي لَا يستحي الله من عَذَابه إِذْ كذب وافترى وَالله أعلم.

(الْخَطِيب) أَنْبَأنَا عَلِيّ بْن حسن التنوخي أَنْبَأنَا أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أَبِي شيبَة الْعلوِي حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِم عَبْد الْعَزِيز بْن إِسْحَاق بن جَعْفَر بن النقال الزيدي حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن عَبْد الصَّمد الْآدَمِيّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَحْيَى الأزمي حَدَّثَنَا عَبْد الْكَرِيم بْن روح حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد الله بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف عَن أَبِيهِ عَن جدِّه مَرْفُوعا: إِن نزُول الله إِلَى الشَّيْء إقباله عَلَيْهِ من غير نزُول (قلتُ) قَالَ فِي الْمِيزَان: إِسْنَاد مظلم وَمتْن مختلق وَالله أعلم.

(أَبُو عَليّ الْأَهْوَازِي) حَدَّثَنَا أَبُو زرْعَة أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن سَعِيد حَدَّثَنَا جدِّي لأمي سعد بْن الْحَسَن بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن إِسْحَاق الدقيقي حَدَّثَنَا أَبُو زيد حَمَّاد بْن دَلِيل عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن قيس بْن مُسْلِم عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن سابط عَن

(1/31)

أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ مَرْفُوعًا: إِذَا كَانَتْ عَشِيَّةُ عَرَفَةَ هَبَطَ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَطَّلِعُ إِلَى أَهْلِ الْمَوْقِفِ فَيَقُولُ مَرْحَبًا بِزُوَّارِي وَالْوَافِدِينَ إِلَى بَيْتِي وَعِزَّتِي لأَنْزِلَنَّ إِلَيْكُمْ وَلأُسَاوِي مَجْلِسَكُمْ بِنَفْسِي فَيَنْزِلُ إِلَى عَرَفَةَ فَيَعُمُّهُمْ بِمَغْفِرَتِهِ وَيُعْطِيهِمْ مَا يَسْأَلُونَ إِلا الْمَظَالِمَ وَيَقُولُ يَا مَلائِكَتِي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي غَفَرْتُ لَهُمْ فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ وَيَكُونُ أَمَامَهُمْ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَلا يَعْرُجُ إِلَى السَّمَاءِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَإِذَا أَسْفَرَ الصُّبْحُ وَوَقَفُوا عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُمْ حَتَّى الْمَظَالِمُ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْصَرِفُ النَّاسُ إِلَى مِنًى.

وَقَالَ أَبُو عَليّ الْأَهْوَازِي حَدَّثَنَا عُمَرَ بْن دَاوُد بْن سَلمُون حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله الرِّفَاعِي وَحَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُور النَّيْسَابُورِي حَدَّثَنَا حسان بْن غَالب عَن عبد الله بن لهيمة عَن يُونُس بْن يزِيد عَن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَن يَحْيَى بْن عباد عَن أَسْمَاءَ مَرْفُوعًا: رَأَيْتُ رَبِّي يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ عَلَى جَمَلٍ عَلَيْهِ إِزَارَانِ وَهُوَ يَقُولُ قَدْ سَمَحْتُ قَدْ غَفَرْتُ إِلا الْمَظَالِمَ، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ لَمْ يَصْعَدْ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى إِذَا وَقَفُوا عِنْدَ الْمَشْعَرِ قَالَ حَتَّى الْمَظَالِمُ، ثُمَّ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْصَرِفُ النَّاسُ إِلَى مِنًى.

مَوْضُوعٌ كَذِبٌ بِلا شَكٍ كَمَا قَالَه يَحْيَى بْن عَبْد الْوَهَّاب بْن مَنْدَه، وَأكْثر رِجَاله مَجَاهِيل وضعفاء (قلت) أَخْرَجَهُ ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه أَنْبَأنَا أَبُو طَاهِر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الحنائي فِي كِتَابه أَنْبَأنَا أَبُو عَليّ الْأَهْوَازِي بِهِ وَقَالَ كتب أَبُو بَكْر الْخَطِيب هَذَا عَن الْأَهْوَازِي مُتَعَجِّبا من نكارته وَهُوَ بَاطِل وَقَالَ ابْن عَسَاكِر فِي الأول هَذَا حَدِيث مُنكر وَفِي إِسْنَاده غير وَاحِد من المجهولين والأهوازي جمع أَمْثَاله فِي كتاب لَهُ فِي الصِّفَات سَمَّاهُ كتاب الْبَيَان فِي شرح عُقُود أهل الْإيِمَان أودعهُ أَحَادِيث مُنكرَة كَحَدِيث: أَن الله تَعَالَى لَمّا أَرَادَ أَن يخلق نَفسه خلق الْخَيل فأجراها حَتَّى عرقت ثُمَّ خلق نَفسه من ذَلِكَ الْعرق مِمَّا يجوز أَن يرْوى وَلَا يحل أَن يعْتَقد، وَكَانَ مذْهبه مَذْهَب السالمية يَقُولُ بِالظَّاهِرِ ويتمسك بالأحاديث الضعيفة الَّتِي تقَوِّي لَهُ رَأْيه وَحَدِيث إِجْرَاء الْخَيل مَوْضُوع وَضعه بعضُ الزَّنَادِقَة ليشنع بِهِ عَلَى أَصْحَاب الحَدِيث فِي روايتهم المستحيل فَقبله من لَا عقلَ لَهُ وَرَوَاهُ وَهُوَ مِمَّا يقطع بِبُطْلَانِهِ شرعا وعقلاً انْتهى.

وَقَالَ فِي تَبْيِين كذب المفتري كَانَ الْأَهْوَازِي من أكذب النَّاس.

وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان صنف الْأَهْوَازِي كتابا عَن الصِّفَات لَو لَم يجمعه لَكَانَ خيرا لَهُ فَإِنَّهُ أَتَى بِموضوعات وفضائح وَكَانَ يحط عَلَى الْأَشْعَرِيّ وَجمع تأليف فِي ثلبه وَالله أعلم.

(الْخَطِيب) أَنْبَأنَا الْحَسَن بْن أَبِي بَكْر وَعُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف العلاف قَالَا أَنبأَنَا

(1/32)

مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن إِبْرَاهِيم الشَّافِعِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ حَدَّثَنَا نُعَيْم بْن حَمَّاد حَدَّثَنَا ابْن وهب حَدَّثَنَا عَمْرو بْن الْحَارِث عَن سَعِيد بْن أَبِي هِلَال عَن مَرْوَان بْن عُثْمَان عَن عمَارَة بْن عَامر عَن أُمِّ الطُّفَيْلِ امْرَأَةِ أُبَيٍّ مَرْفُوعًا رَأَيْتُ رَبِّي فِي الْمَنَامِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ شَابًّا مُوَفَّرًا رِجْلاهُ فِي خَضِرَةٍ لَهُ نَعْلانِ مِنْ ذَهَبٍ عَلَى وَجْهِهِ فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ؛ مَوْضُوع.

نُعَيْم وَثَّقَهُ قوم وَقَالَ ابْن عدي يضع وَضَعفه ابْن معِين بِسَبَب هَذَا الحَدِيث ومروان كَذَّاب وَعمارَة مَجْهُول وَسُئِلَ أَحْمَد عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ مُنكر (قلت) قَالَ فِي الْمِيزَان: عمَارَة بْن عَامر عَن أم الطُّفَيْل بِحَدِيث الرُّؤْيَة لَا يعرف ذكره الْبُخَاريّ فِي الضُّعَفَاء وَقَالَ ابْن حبَان فِي الثِّقَات عمَارَة بْن عَامر عَن أم الطُّفَيْل بِحديث الرُّؤْيَة مُنكر لَم يسمعهُ عمَارَة من أم الطُّفَيْل.

قَالَ وإنّما ذكرته لِئَلَّا يغتر النَّاظر فِيهِ فيحتج بِهِ وَرِوَايَته من حَدِيث أهل مصر وَكَذَا سماهُ الطَّبَرَانِيّ فِي المعجم الْكَبِير فِي الحَدِيث الْمَذْكُور.

وَقَالَ عمَارَة بْن عَامر بْن حزم الْأنْصَارِيّ ومروان بْن عُثْمَان هُوَ ابْن أَبِي سَعِيد بْن الْمُعَلَّى الذرقي وروى لَهُ النَّسَائِيّ وَضَعفه أَبُو حاتِم وَمَا وسم بكذب نعم.

قَالَ أَبُو بَكْر بْن الْحداد الْفَقِيه سمعتُ النَّسَائِيّ يَقُولُ فِي هَذَا الحَدِيث وَمن مَرْوَان بْن عُثْمَان حَتَّى يصدق عَلَى الله رواهُ الْخَطِيب وَأما نُعيم بْن حَمَّاد فَهُوَ أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام وروى لَهُ الْبُخَاريّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وروى عَنْهُ يَحْيَى بْن معِين والذهلي والدارمي وَأَبُو زرْعَة وَخلق ويُقال إِنَّه أول من جمع الْمسند وَلم ينْفَرد بِهَذَا الحَدِيث فقد رواهُ جمَاعَة عَن ابْن وهب، قَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا روح بْن الْفرج حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن بكير ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَد بْن رَشِيدين حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سُلَيْمَان الْجعْفِيّ وَأَحْمَد بْن صالِح قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن وهب فَذكره بِسَنَدِهِ وَمَتنه سَوَاء.

وَله طَرِيق آخر قَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن حَنْبَل حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأسود بْن عَامر ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عقبَة الشَّيْبَانِيّ الْكُوفيّ حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَليّ الْحلْوانِي حَدَّثَنَا عَفَّان حَدَّثَنَا عَبْد الصَّمد بْن كيسَان ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن صالِح بْن الْوَلِيد النَّرْسِي حَدَّثَنَا عِيسَى بْن شَاذان حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن أَبِي سُوَيْد الدراع قَالُوا حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله رأيتُ رَبِّي فِي صُورَة شَاب لَهُ وفرة قَالَ الطَّبَرَانِيّ سمعتُ أَبَا بَكْر بْن صَدَقَة يَقُولُ سمعتُ أَبَا زرْعَة الرَّازِيّ يَقُولُ حَدِيث قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي الرُّؤْيَة صَحِيح رَوَاهُ شَاذان وَعبد الصَّمد بْن كيسَان وَإِبْرَاهِيم بْن أَبِي سُوَيْد لَا يُنكره إِلَّا معتزلي.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَعِيد الرَّازِيّ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي حَدثنَا

(1/33)

حجاج بْن مُحَمَّد عَن ابْن جريج عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رأى مُحَمَّد ربه عَزَّ وَجَلَّ فِي صُورَة شَاب أَمْرَد وَبِه قَالَ ابْن جريج عَن صَفْوَان بْن سليم عَن عَائِشَة قَالَت: رأى النَّبِي رَبَّهُ عَلَى صُورَةِ شَابٍّ جَالِسٍ عَلَى كُرْسِيٍّ رِجْلُهُ فِي خَضِرَةٍ مِنْ نُورٍ يَتَلأْلأُ.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَعِيد الرَّازِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حاتِم الْمُؤَدب حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن مَالك الْمُزنِيّ حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن زِيَاد عَن عَمه سليم بْن زِيَاد قَالَ لقيتُ عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَا تَبْرَح حَتَّى أشهدك عَلَى هَذَا الرجل ابْن لِمعاذ بْن عفراء فَقَالَ أَخْبرنِي بِما أخْبرك أَبوك عَن قَول رَسُول الله فَقَالَ حدَّثَنِي أَبِي أَن رَسُول الله حدّثه أَنَّهُ رأى رب الْعَالمين عَزَّ وَجَلَّ فِي حَظِيرَة من الْقُدس فِي صُورَة شَاب عَلَيْهِ تَاج يلتمع الْبَصَر قَالَ سُفْيَان ابْن زِيَاد فلقيتُ عِكْرِمَة بعد فَسَأَلته الحَدِيث فَقَالَ نعم كَذَا حدَّثَنِي إِلَّا أَنَّهُ قَالَ رَآهُ بفؤاده.

وَقَالَ الْخَطِيب فِي تَارِيخه أَنْبَأنَا الْحُسَيْن بْن شُجَاع الْعَوْفِيّ أَنْبَأنَا عُمَرَ بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن أسلم الجيلي حَدَّثَنَا أَبُو حَفْص عَمْرو بْن فَيْرُوز حَدَّثَنَا عَفَّان حَدَّثَنَا عَبْد الصَّمد يَعْنِي ابْن كيسَان عَن حَمَّاد بْن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَنِ ابْن عَبَّاس عَنِ النَّبِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَبِّي تَعَالَى فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ قَالَ عَفَّان فسمعتُ حَمَّاد بْن سَلمَة سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ دَعوه حدَّثَنِي قَتَادَة وَمَا فِي الْبَيْت غَيْرِي وَغير آخر.

وَقَالَ الْخَطِيب أَنْبَأنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن أَنْبَأنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَرَ الْخلال حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي حَدَّثَنَا بَكْر بْن سهل حَدَّثَنَا عَبْد الْخَالِق بْن مَنْصُور قَالَ رأيتُ يَحْيَى بْن معِين كَأَنَّهُ سحر نُعَيْم بْن حَمَّاد فِي حَدِيث أم الطُّفَيْل حَدِيث الرُّؤْيَة وَيَقُول مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يُحدِّث بِمثل هَذَا الحَدِيث، انْتهى.

وَهَذَا يشْعر بِأَنَّهُ إنّما عَابَ عَلَيْهِ تحديثه بِهِ بَين عَامَّة النَّاس، لِأَن عقولهُمْ لَا تَحتمل مثل هَذَا لَا أَنَّهُ اتهمه بِوَضْعِهِ.

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْإِفْرَاد حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عِيسَى الْخَواص حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن زِيَاد بْن آدم حَدَّثَنَا أَبُو ربيعَة فَهد بْن عَوْف حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله: رَأَيْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ.

وَهَذَا الحَدِيث إِن حمل رُؤْيَة عَلَى الْمَنَام فَلَا إِشْكَال وَإِن حمل عَلَى الْيَقَظَة فقد سُئِلَ عَنْهُ أستاذنا الْعَلامَة كَمَال الدَّين بْن الْهمام فَأجَاب بِأَن هَذَا حجاب الصُّورَة.

وَفِي الْمِيزَان قَالَ ابْن عدي

(1/34)

حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن عَبْد الحميد الوَاسِطِيّ حَدَّثَنَا النَّضر بْن سَلمَة شَاذان عَن حَمَّاد عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاسٍ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فِي صُورَة شَاب أَمْرَد وَله سِتْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ قَدَمَاهُ فِي خَضِرَةٍ.

وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى بْن كثير حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا حَمَّاد بِنَحْوِهِ ثُمَّ سَاقه من طَرِيق الْأسود بْن عَامر وَإِبْرَاهِيم بْن أَبِي سُوَيْد وَعبد الصَّمد بْن كيسَان عَن حَمَّاد.

وَقَالَ فَهَذَا من أنكر مَا أَتَى بِهِ حَمَّاد بْن سَلمَة وَهَذِه الرُّؤْيَة رُؤْيَة مَنَام إِن صحت.

قَالَ الْمَرْوَزِيّ قلتُ لِأَحْمَد يَقُولُونَ لَم يسمع قَتَادَة من عِكْرِمَة، فَغَضب وَأخرج كِتَابه بِسَمَاع قَتَادَة من عِكْرِمَة فِي سِتَّة أَحَادِيث وَحَمَّاد إِمَام جليل وَهُوَ مفتي أهل الْبَصْرَة، وَقد احْتج بِهِ مُسْلِم فِي أَحَادِيث عدَّة فِي الْأُصُول وتحايده الْبُخَاريّ وَقد نكت ابْن حبَان عَلَى الْبُخَاريّ حَيْثُ يَحتج بِعَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله بْن دِينَار وبابن أخي الزُّهْرِيّ وبابن عَيَّاش ويدع حمادا.

انْتهى وَالله أعلم.

(ابْن عدي) حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سَعِيد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن غَالب حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن أَيُّوب بْن أَبِي علاج الْمَوْصِليّ حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: أِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَغْضَبُ فَإِذَا غَضِبَ سَبَّحَتِ الْمَلائِكَةُ لِغَضَبِهِ فَإِذَا اطَّلَعَ إِلَى الأَرْض وَنظر الْولدَان يقرؤن الْقُرْآنَ تَمَلأُ رَبُّنَا رِضًى.

مُنْكَرٌ قَالَ ابْن عدي لَا أعلمُ أحدا رَوَاهُ عَن ابْن عُيَيْنَة غير ابْن أَبِي علاج وَهُوَ مُنكر الحَدِيث (قلت) رَأَيْت لَهُ طرقًا أُخْرَى عَن ابْن عُيَيْنَة.

قَالَ الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب أَنْبَأنَا أَبُو الْحُسَيْن حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مهرويه إملاء حَدَّثَنَا هَارُون بْن هزاري حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة بِهِ

قَالَ الشِّيرَازِيّ وَقد رُوِيَ من حَدِيث مُحَمَّد بْن يَحْيَى عَن ابْن عُمَرَ وَمن حَدِيث زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْد الْوَاحِد بْن عَبْد الله حَدَّثَنَا سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن نصر حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مطر بْن الْعَلَاء بِدِمَشْق حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة بِهِ انْتهى.

وأمّا الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان فَإِنَّهُ ذكر هَذَا الحَدِيث فِي تَرْجَمَة عَبْد الله بْن أَبِي علاج وَقَالَ: إِنَّه كذب بَين وَأَن ابْن أَبِي علاج مُتَّهم بِالْوَضْعِ كَذَّاب وَأَن الْحميدِي كتب إِلَى عَلِيّ بْن حَرْب يُسْتَتَاب ابْن أَبِي علاج ويؤدب وَوَافَقَهُ الْحَافِظ ابْن حجر فِي اللِّسَان وَقَالَ: حكمه يَعْنِي الذَّهَبِيّ على الحَدِيث أَنَّهُ كذب صَحِيح ولَم يلم وَاحِد مِنْهُمَا بِما ذكره الشِّيرَازِيّ وَمَا عِنْدِي

(1/35)

إِلَّا أنّهما قلدا ابْن عدي فِي دعواهُ تفرد ابْن أَبِي علاج بِهِ وَإِلَّا فَهَؤُلَاءِ المتابعون فِي غَايَة الْقُوَّة مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن أَبِي عُمَرَ ثِقَة جليل صَاحب مُسْند شَيْخه التِّرْمِذِيّ وزَكَرِيا بْن يَحْيَى صَاحب ابْن عُيَيْنَة قَالَ الذَّهَبِيّ صَدُوق.

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لَا بَأْس بِهِ وأمّا هَارُون بْن هزاري فَقَالَ الخليلي ثِقَة مَوْصُوف بالزهد وَالْأَمَانَة، سَمِعَ ابْن عُيَيْنَة وَعبد الْمجِيد الدَّرَاوَرْدِيّ سَمِعَ مِنْهُ عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مهرويه فَهُوَ ثِقَة مُحدث رحالة سَمِعَ هَارُون بْن هزاري والديري وعباسًا الدوري وخلقًا وَكتب مَا لَا يعد عَالِيا ونازلاً وانتخب عَلَيْهِ ابْن عقدَة ثَلَاثَة أَجزَاء، انْتهى.

فَهَذَا الْإِسْنَاد عَلَى انْفِرَاده عَلَى شَرط الصِّحَّة فَكيف إِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ رِوَايَة ابْن أَبِي عَمْرو زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى.

للْحَدِيث طَرِيق آخر عَن ابْن عُمَرَ أَخْرَجَهُ الديلمي فِي مُسْند الفردوس قَالَ أَنْبَأنَا أَبُو عَليّ الْحداد أَنبأَنَا أَبُو نعيم إِجَارَة حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن إِدْرِيس العسكري حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سهل الرَّمْلِيّ حَدَّثَنَا دَاوُد بْن المحبر عَن صَخْر بْن جوَيْرِية عَن نَافِع عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيَغْضَبُ فَتُسَلِّمُ الْمَلائِكَةُ لِغَضَبِهِ فَإِذَا نَظَرَ إِلَى حَمَلَةِ الْقُرْآنِ تَمَلأُ رِضًى وَفِي معنى الحَدِيث مَا أَخْرَجَهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده عَن ثَابت ابْن عجلَان الْأنْصَارِيّ قَالَ كَانَ يُقال إِن الله ليريد الْعَذَاب بِأَهْل الأَرْض فَإِذا تعلم الصّبيان الْحِكْمَة صرف ذَلِكَ عَنْهُم، يَعْنِي بالحكمة الْقُرْآن.

وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد بْن حَنْبَل فِي الزّهْد حَدَّثَنَا سيّار حَدَّثَنَا جَعْفَر قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعَذِّبَ عِبَادِي فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَى جُلَسَاءِ الْقُرْآنِ وَعُمَّارِ الْمَسَاجِدِ وَوِلْدَانِ الإِسْلامِ سَكَنَ غَضَبِي يَقُولُ صَرَفْتُ عَذَابِي وَالله أعلم.

(الْعقيلِيّ) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن يُوسُف حَدَّثَنَا هِشَام بْن عمار حَدَّثَنَا صَدَقَة بْن خَالِد حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن أَبِي عَاتِكَة عَن سُلَيْمَان بْن حبيب الْمحَاربي عَن أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: أِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَجْلِسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْقَنْطَرَةِ الْوُسْطَى بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ.

لَا يَصِحُّ وَعُثْمَان لَيْسَ بِشَيْء (قلت) عُثْمَان روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَنسبه دُحَيْم إِلَى الصدْق وَقَالَ أَحْمَد لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ النَّسَائِيّ ضَعِيف لَهُ شَاهد، قَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن حَمْزَة حَدثنَا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم أَبُو النَّصْر حَدَّثَنَا يزِيد بْن ربيعَة حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيّ سَمِعْتُ ثَوْبَانَ يُحَدِّثُ عَن رَسُولِ الله قَالَ: يُقْبِلُ الْجَبَّارُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَثْنِي رِجْلَهُ عَلَى الْجَنَّةِ وَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لَا يُجَاوِزَنِّي الْيَوْمَ ظُلْمٌ فَيَنْصِفُ الْخَلْقَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّى أِنَّهُ لَيَنْصِفُ الشَّاةَ الْجَلْحَاءَ مِنَ الْعَصْمَاءِ بنطحة نطحتها وَالله أعلم.

(1/36)

ج2.

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة

كتاب الْإيِمَان

(الطَّبَرَانِيّ) حَدَّثَنَا معَاذ الْمثنى حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْت الْهَرَويّ حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُوسَى الرضى حَدَّثَنَا أَبي مُوسَى حَدَّثَنَا أَبِي جَعْفَر عَن أَبِيهِ مُحَمَّد بْن عَلِيّ عَن أَبِيهِ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عَن أَبِيهِ الْحُسَيْن عَن أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُول الله: الإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَعَمَلٌ بِالأَرْكَانِ.

مَوْضُوع: أَبُو الصَّلْت عَبْد السَّلَام بْن صالِح مُتَّهم لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ وَتَابعه عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن عَامر بْن سُلَيْمَان الطَّائِي وَهُوَ يروي عَن أهل الْبَيْت نُسْخَة بَاطِلَة.

قَالَ الْخَطِيب: أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْملك الْقُرَشِيّ أَنْبَأنَا عُمَرَ بْن أَحْمَد الْوَاعِظ حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن عَامر بْن سُلَيْمَان الطَّائِي حدَّثَنِي أَبِي حدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُوسَى الرضى بِهِ.

وَعلي بن غراب وَهُوَ سَاقِط الحَدِيث يُحدِّث بالموضوعات، قَالَ الْخَطِيب أَنْبَأنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن الْحَرْبِيّ أَنْبَأنَا الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن دِينَار حدَّثَنِي أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الْهَرَويّ حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن عُرْوَة حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن غراب حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُوسَى الرضى بِهِ.

وَمُحَمَّد بْن سهل البَجلِيّ وَهُوَ مَجْهُول قَالَ الْخَطِيب أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله الْكَاتِب قَالَ قرئَ عَلَى مَنْصُور بْن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ وَأَنا أسمعُ حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن أَحْمَد بْن زيرك حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سهل بْن عَامر البَجلِيّ حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُوسَى الرضي بِهِ.

وَدَاوُد بْن سُلَيْمَان بْن وهب الْغَازِي وَهُوَ مَجْهُول قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا الْبُخَاريّ فِي فَوَائده أَيْضا أَنْبَأنَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يزْدَاد الرَّازِيّ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن مهرويه الْقزْوِينِي حَدَّثَنَا دَاوُد بْن سُلَيْمَان الْغَازِي حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُوسَى الرضي بِهِ.

أَخْبَرَنَا عَليّ الموحد أَنبأَنَا هناد بن

(1/37)

إِبْرَاهِيم النَّسَفِيّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْمَرْوَزِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الْغِفَارِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن نصر الْعَطَّار الْمَرْوَزِيّ حَدَّثَنَا أَبُو مَالك سَعِيد بْن هُبَيْرَة حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا الإِيمَانُ الإِقْرَارُ بِاللَّهِ وَالتَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَالْعَمَلُ بالأركان.

وَفِيه مَجَاهِيل وَسَعِيد ضَعِيف قَالَه الدَّارَقُطْنِيّ لَم يُحدِّث بِهِ إِلَّا سَرقَة من أَبِي الصَّلْت (قلت) الحَدِيث أَخْرَجَهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه حَدثنَا سهل ابْن أَبِي سهل وَمُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل قَالَ حَدَّثَنَا عَبْد السَّلَام بْن صالِح أَبُو الصَّلْت الْهَرَويّ بِهِ.

وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإيِمَان أَنْبَأنَا أَبُو عَبْد الله الْحَافِظ أَنْبَأنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن إِسْحَاق الْفَقِيه أَنْبَأنَا عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْت الْهَرَويّ بِهِ.

وَأَبُو الصَّلْت وَثَّقَهُ ابْن معِين وَقَالَ: لَيْسَ مِمَّن يكذب وَقَالَ غَيره كَانَ من الْمَعْدُودين فِي الزّهْد وَقَالَ فِي الْمِيزَان رَجُل صَالح إِلَّا أَنَّهُ شيعي قَالَ أَحْمَد بْن سِنَان فِي تَارِيخ مرو: كَانَ أَبُو الصَّلْت يرد عَلَى المرجئة والجهمية والقدرية وَكَانَ يعرف بالتشيع فناظرته لأستخرج مَا عِنْده فلَم أره يفرط رَأَيْته يقدم أَبَا بَكْر وَعمر وَلَا يذكر الصَّحَابَة إِلَّا بالجميل وأمّا عَلي بْن عزاب فروى لَهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَوَثَّقَهُ ابْن معِين والدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ أَحْمَد سمعتُ فِيهِ مَجْلِسا كَانَ يُدَلس وَمَا رَأَيْته إِلَّا صَدُوقًا وَقَالَ ابْن معِين صَدُوق وَقَالَ الْخَطِيب تكلم فِيه لأجل مذْهبه كَانَ مغاليًا فِي التَّشَيُّع وَأما رواياته فقد وصفوهُ بِالصّدقِ فِيهَا، انْتهى.

وَمثل هَذَا يصلح فِي الْمُتَابَعَة.

وأمّا مُحَمَّد بْن سهل فَمَا رأيتُ لَهُ تَرْجَمَة وَلَا فِي الْمِيزَان كذبه يَحْيَى بْن معِين ولَم يعرفهُ ابْن أَبِي حاتِم وَبِكُل حَال فَهُوَ شيخ كَذَّاب لَهُ نُسْخَة مَوْضُوعَة عَن الرضي رَوَاهَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مهرويه الْقزْوِينِي الصدوق عَنْهُ، انْتهى.

وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْحجَّاج الْمزي فِي التَّهْذِيب تَابع أَبَا الصَّلْت عَلَى هَذَا الحَدِيث الْحَسَن بْن عَليّ التَّمِيمِي الطبرستاني عَن مُحَمَّد بْن صَدَقَة الْعَنْبَري عَن مُوسَى بْن جَعْفَر وَتَابعه أَحْمَد بْن عِيسَى بْن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن أَبِي طَالب الْعلوِي عَن عباد بْن صُهَيْب عَن جَعْفَر، انْتهى. .

وروايتهما فِي فَوَائِد تَمام قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطبرستاني حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَليّ التَّمِيمِي حَدَّثَنَا صَدَقَة بْن مُحَمَّد الْعَنْبَري حَدَّثَنَا مُوسَى بْن جَعْفَر عَن أَبِيهِ بِهِ.

وَحدثنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطبرستاني حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عِيسَى الحلوي حَدَّثَنَا عباد بْن صُهَيْب عَن جَعْفَر بْن مُحَمَّد بِهِ.

ووجدتُ لَهُ مُتَابعًا آخر قَالَ الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب أَنْبَأنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عقيل الْوراق حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن هَاشم البلاذري الْحَافِظ حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُوسَى الرضي بِهِ ثُمّ وجدتُ لَهُ مُتَابعًا آخر قَالَ الصَّابُونِي فِي

(1/38)

الْمِائَتَيْنِ أَنْبَأنَا أَبُو بَكْر بْن مهْرَان حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد زَنْجَويه بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن اللباد حَدَّثَنَا أَبُو حاتِم مُحَمَّد بْن إِدْرِيس الرَّازِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن زِيَاد السَّهْمِي حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُوسَى الرضي بِهِ قَالَ الصَّابُونِي هَذَا حَدِيث غَرِيب لَمْ أكتبه إِلَّا من حَدِيث أهل الْبَيْت، انْتهى.

ووجدتُ لَهُ مُتَابعًا آخر.

قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإيِمَان حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد عُبَيْد بْن مُحَمَّد بْن مهْدي الْقشيرِي أَنْبَأنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن كَعْب حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد الْفضل بْن مُحَمَّد بْن الْمسيب حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْت الْهَرَويّ عَبْد السَّلَام وَمُحَمَّد بْن أسلم قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُوسَى الرضي عَن أَبِيهِ فَذكره بِإِسْنَادِهِ غير أَنَّهُ قَالَ الْإيِمَان إِقْرَار بِاللِّسَانِ وَمَعْرِفَة بِالْقَلْبِ وَعمل بالجوارح، قَالَ وَشَاهد هَذَا الحَدِيث مَا أَخْبَرَنَا أَبُو نصر بْن قَتَادَة أَنْبَأنَا أَبُو عَمْرو بْن مطر حَدَّثَنَا هِشَام بْن بشير بْن العنبر حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذر الْحزَامِي حَدَّثَنَا أَبُو ضَمرَة أنس بْن عِيَاض حدَّثَنِي عَبْد الله بْن برقا عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن فروخ عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَن أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله فَذَلَّ بِهَا لِسَانُهُ وَاطْمَأَنَّ بِهَا قَلْبُهُ لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ.

ثُمَّ وجدتُ لَهُ مُتَابعًا آخر، قَالَ أَبُو بَكْر بْن السّني فِي كتاب الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَأَخْبرنِي أَبُو يَحْيَى السياحي حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زبالة حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مُوسَى بْن جَعْفَر حدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُوسَى بِهِ ثُمّ وجدتُ لَهُ شَاهدا من حَدِيث قَالَه الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب أَنْبَأنَا أَبُو عُمَرَ وَسَعِيد بْن الْقَاسِم حدَّثَنِي أَحْمَد بْن اللَّيْث بْن الْخَلِيل حدَّثَنِي أَحْمَد بْن أَبِي حاتِم المهلبي حدَّثَنِي أَحْمَد بْن خَالِد بْن أَيُّوب الْمُؤَذّن حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن بشر بْن الْقَاسِم عَن عِيسَى بْن إِبْرَاهِيم عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُول الله: الإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَتَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ وَعَمَلٌ بِالأَرْكَانِ.

وَأخرجه الديلمي فِي مُسْند الفردوس من وَجه آخر عَن الْحَسَن بْن بشر حَدَّثَنَا عِيسَى بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا الحكم بْن عَبْد الله عَن الزُّهْرِيّ بِهِ وَالله أعلم.

(الدَّارَقُطْنِيّ) حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن سَعِيد الرهاوي حَدَّثَنَا عَبْد الْمُنعم بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا عمار بْن مطرف حَدَّثَنَا حَمَّاد عَن خَالِد الْحذاء عَن عَمْرو بْن كردِي عَن عَبْد الله بْن يزِيد بْن بُرَيْدَة عَن يَحْيَى بْن يعْمُر عَن أَبِي الْأسود الديلِي عَن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُول الله: الإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ عمّار مُنكر الحَدِيث وَأَحَادِيثه بوطل وَالله أعلم.

(1/39)

(ابْن عدي) حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَرْب حَدَّثَنَا ابْن حميد عَن جرير عَن الْأَعْمَش عَن أَبِي صالِح عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِي: أَنَّهُ قَالَ الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ.

مَوْضُوع: آفته ابْن حَرْب وَشَيْخه (ابْن عدي) حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَامر حدَّثَنِي عُمَرَ بْن حَفْص حدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّاب مَعْرُوف الْخياط حَدَّثَنَا وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ مَرْفُوعًا: الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَعَلَيْكُمْ بِالسُّنَّةِ فَالْزَمُوهَا.

قَالَ ابْن عدي.

مَوْضُوع: آفته مَعْرُوف (قلتُ) قَالَ فِي الْمِيزَان هَذَا مَوْضُوع بِيَقِين والبلية من عُمَرَ بْن حَفْص لِأَن مَعْرُوفا قَلَمَّا روى وَأكْثر مَا عِنْده أُمُور من أَفعَال وَاثِلَة بْن الْأَسْقَع وَكَانَ مَوْلَاهُ، انْتهى.

(وَقَالَ ابْن النجار) فِي تَارِيخه أَخْبرنِي أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الْحَرْبِيّ أَنْبَأنَا أَبُو البركات أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن السَّوَارِي وَكَانَ شَيخا صالِحًا أَنْبَأنَا أَبُو بَكْر القصري أَنبأَنَا عَليّ بن الْحُسَيْن ابْن قُرَيْش أَنْبَأنَا عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز الظَّاهِرِيّ حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن بشرحدثنا مُحَمَّد بْن نصر حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن دَاوُد الصَّنْعَانِيّ المكفوف حَدَّثَنَا مكي بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا قَائِد أَبِي الورقاء عَن عَبْد الله بْن أَبِي أوفى عَن النَّبِيّ قَالَ: الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَيَزِيدُ وَينْقص (وَقَالَ الجوزقاني) أَنْبَأنَا أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بْن أَحْمَد بْن عَليّ التَّاجِر أَنْبَأنَا أَبُو الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَبْد الله بْن مَنْدَه أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن الْأنْصَارِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سراج حَدَّثَنَا جَامع بْن سوَادَة حَدَّثَنَا مطرف بْن عَبْد الله حَدَّثَنَا نَافِع بْن أَبِي نُعَيْم حدَّثَنِي الْأَعْرَج عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُول الله: الْإيِمَان يزِيد وَينْقص قَالَ الجوزقاني: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب تفرد بِهِ عَن الْأَعْرَج نَافِع وَقَالَ ابْن معِين هُوَ ثِقَة وَتفرد عَن نَافِع مطرف، وَقَالَ أَبُو حاتِم الرَّازِيّ هُوَ صَدُوق.

ثُمَّ أخرج الجوزقاني من طَرِيق حَمَّاد بْن سَلمَة عَن أَبِي جَعْفَر الخطمي عَن جده عُمَيْر بْن حبيب الْأنْصَارِيّ وَله صُحْبَة قَالَ الْإيِمَان يزِيد وَينْقص وإنَّما أورد الجوزقاني هذَيْن الْحَدِيثين مستدلًا بِهما عَلَى بطلَان الحَدِيث الْآتِي الْإيِمَان لَا يزيدُ وَلَا ينقص فَإِن طَرِيقَته الِاسْتِدْلَال على بطلَان

(1/40)

الحَدِيث بِثُبُوت مَا يُعارضه (وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ) فِي شعب الْإيِمَان أَنْبَأنَا أَبُو بَكْر الْأُشْنَانِي أَنْبَأنَا أَبُو الْحَسَن الطرايفي حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُونُس حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش الْحِمصِي عَن عَبْد الله بْن مُجَاهِد عَن أَبِيهِ عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: الْإيِمَان يزِيد وَينْقص أَخْرَجَهُ ابْن مَاجَه.

وبإسناده حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش حَدثنَا جرير ابْن عُثْمَان الرَّحبِي عَن أَبِي حبيب الْحَارِث بْن مخمر عَن أَبِي الدَّرْدَاء قَالَ الْإيِمَان يزِيد وَينْقص أَخْرَجَهُ ابْن مَاجَه، وبإسناده حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش عَن صَفْوَان بْن عَمْرو عَن عَبْد الله بْن ربيعَة الْحَضْرَمِيّ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: الْإيِمَان يزِيد وَينْقص، وَبِه أَنْبَأنَا عُثْمَان بْن سَعِيد حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي شيبَة حَدَّثَنَا عَفَّان عَن حَمَّاد بْن سَلمَة عَن أَبِي جَعْفَر الخطمي عَن أَبِيهِ عَن جدِّه عُمَيْر بْن حبيب بْن حماشة قَالَ: الْإيِمَان يزِيد وَينْقص فَقيل لَهُ وَمَا زِيَادَته وَمَا نقصانه؟ قَالَ إِذا ذكرنَا ذَنبا وخشيناهُ فَذَلِك زِيَادَته وَإِذا غفلنا ونسينا وضيعنا فَذَلِك نقصانه وَالله أعلم.

(الْحَاكِم) أَنْبَأنَا أَبُو الْحَسَن بْن دلوبة حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن سهل حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزِيد حَدَّثَنَا أَبُو مُطيع الْبَلْخِي حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلمَة عَن أَبِي المهزم عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن وَفد ثَقِيف جاؤا إِلَى النَّبِي فَسَأَلُوهُ عَنِ الإِيمَانِ هَلْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ؟ فَقَالَ: لَا، زِيَادَتُهُ كُفْرٌ وَنُقْصَانُهُ شِرْكٌ.

مَوْضُوع أَبُو مُطِيع الحكم بْن عَبْد الله كَذَا وَكَذَا أَبُو المهزم وَسَرَقَهُ مِنْهُ عُثْمَان بْن عَبْد الله بْن عَمْرو بْن عُثْمَان بْن عَفَّان وَهُوَ أَيْضا كَذَّاب وضَّاع قَالَ الْحَاكِم إِسْنَاده فِيهِ مظلمات والْحَدِيث بَاطِل وَالَّذِي تولى كبر، أَبُو مُطِيع وَسَرَقَهُ مِنْهُ عُثْمَان فرواهُ عَن حَمَّاد.

(قلتُ) قَالَ فِي الْمِيزَان عُثْمَان بْن عَبْد الله الْأمَوِي عَن حَمَّاد بْن سَلمَة عَن أَبِي المهزم عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ ثَقِيف على رَسُول الله فَقَالُوا جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنِ الإِيمَانِ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ، قَالَ الإِيمَانُ مُثَبَّتٌ فِي الْقَلْبِ الْقُلُوبُ كَالْجِبَالِ الرواسِي وزيادته ونقصه كفر، فَهَذَا وَضعه أَبُو مُطِيع عَلَى حمَّاد فسرقه مِنْهُ هَذَا الشَّيْخ، انْتهى.

وَكَذَا قَالَ الجوزقاني فِي الأباطيل وَأورد الحَدِيث قَالَ أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن نصر أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن بنْدَار حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن لال حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عُبَيْد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن أَحْمَد التَّيْمِيّ حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن سَلمَة السّلمِيّ حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن عَبْد الله الْأمَوِي حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلمَة بِهِ وَالله أعلم.

(1/41)

(ابْن عدي) حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَليّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن كرام حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الله الشَّيْبَانِيّ حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالِمٍ عَن أَبِيهِ مَرْفُوعًا: الإِيمَانُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ.

مَوْضُوع: وَضعه أَحْمَد بْن عَبْد الله الشَّيْبَانِيّ الجويباري وضع أُلُوف أَحَادِيث للكرامية (الجوزقاني) أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن نصر بْن أَحْمَد الْحَافِظ أَنْبَأنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عَمْرو ابْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن بكار أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن الْأَحْنَف بْن قيس الْخَوَارِزْمِيّ حَدَّثَنَا مَأْمُون بْن أَحْمَد السّلمِيّ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الله الجويباري حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: الإِيمَانُ قَوْلٌ وَالْعَمَلُ شَرَائِعُهُ لَا يَزِيدُ وَلا يَنْقُصُ.

هَذَا من مَوْضُوعَات الجويباري أَيْضا ومأمون دجال.

(قلتُ) قَالَ ابْن عدي الجويباري كَانَ يضعُ الْأَحَادِيث لِابْنِ كرام عَلَى مَا يُريدهُ وَكَانَ أَبُو كرام يَضَعهَا فِي كتبه عَنْهُ ويسميه أَحْمَد بْن عَبْد الله الشَّيْبَانِيّ، وَقَالَ الْحَاكِم سمعتُ الْأُسْتَاذ أَبَا سهل مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الْحَنَفِيّ يَقُولُ سمعتُ أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن إِسْحَاق السراج قَالَ شهدتُ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَاريّ وَرفع إِلَيْهِ كتاب من مُحَمَّد بْن كرام يسْأَله عَن أَحَادِيث مِنْهَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالِمِ عَن أَبِيه عَن النَّبِي قَالَ: الْإيِمَان لَا يزيدُ وَلَا ينقص.

وَمعمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سالِم عَن أَبِيهِ عَن النَّبِيّ قَالَ: الْإيِمَان لَا يزيدُ وَلَا ينقص.

فَكتب الْبُخَاريّ عَلَى ظهر كِتَابه من حَدَّث بِهذا اسْتوْجبَ الضَّرْب الشَّديد وَالْحَبْس الطَّوِيل، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان الجويباري مِمَّن يُضرب الْمثل بكذبه وَمن طاماته عَن إِسْحَاق بْن نُجيح الْكذَّاب عَن هِشَام بْن حسان عَن رِجَاله: حُضُور مجْلِس عالِم خير من حُضُور ألف جَنَازَة وَمن ألف رَكْعَة وَمن ألف حجَّة وَمن ألف غَزْوَة وَبِه مَرْفُوعا أما علمت أَن السّنة تقضي عَلَى الْقُرْآن.

وَله عَن أَبِي البحتري وَهُوَ شَرّ مِنْهُ عَن هِشَام بْن عُرْوَة عَن أَبِيهِ عَن عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا مَرْفُوعًا: مَنِ امْتَشَطَ قَائِمًا رَكِبَهُ الدَّين.

(1/42)

وَقَالَ ابْن حبَان: الجويباري دجال من الدجاجلة روى عَن الْأَئِمَّة أُلوف أَحَادِيث مَا حدثوا بِشَيْء مِنْهَا.

وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي لِسَان الْمِيزَان: ذكر الْبَيْهَقِيّ أَن الجويباري روى عَن مُحَمَّد بْن عَبْد الله الفلسطيني عَن جوبير عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس مسَائِل عَبْد الله بْن سَلام نَحْو ألف مَسْأَلَة والفلسطيني لَا يُعرف وجويبر مَتْرُوك، قَالَ الْبَيْهَقِيّ أما الجويباري فَإِنِّي أعرفهُ حق الْمعرفَة بِوَضْع الحَدِيث عَلَى رَسُول الله فقد وضع عَلَيْهِ أَكثر من ألف حَدِيث، وسمعتُ الْحَاكِم يَقُولُ اخْتلف النَّاس فِي سَماع الْحَسَن من أَبِي هُرَيْرَةَ فَحكى لنا أَنَّهُ ذكر ذَلِكَ بَين يَدي الجويباري فروى حَدِيثا بِسَنَدِهِ إِلَى النَّبِي قَالَ سَمِعَ الْحَسَن من أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ أَبُو سَعِيد النقاش لَا نعرفُ أحدا أَكثر وضعا مِنْهُ.

وَقَالَ ابْن حبَان فِي تَرْجَمَة إِسْحَاق بْن نُجيح الْمَلْطِي تعلق بِهِ أَحْمَد بْن عَبْد الله الجويباري فَكَانَ يروي مَا وَضعه إِسْحَاق ويضعُ عَلَيْهِ مَا لَم يضع أَيْضا.

انْتهى وَالله أعلم.

(ابْن حبَان) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الطَّالقَانِي حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن خَالِد حَدَّثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أَبِي هَارُون عَن أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: مِنْ زَعَمَ أَنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَزِيَادَتُهُ نِفَاقٌ وَنُقْصَانُهُ كُفْرٌ فَإِنْ تَابُوا وَإِلا فَاضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ بِالسَّيْفِ أُولَئِكَ أَعْدَاءُ الرَّحْمَنِ فَارَقُوا دِينَ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَحَلُّوا الْكُفْرَ وَخَاصَمُوا اللَّهَ طَهَّرَ اللَّهُ الأَرْضَ مِنْهُمْ أَلَا فَلَا صَلَاةَ لَهُمْ أَلَا فَلَا زَكَاةَ لَهُمْ أَلَا فَلَا صَوْمَ لَهُمْ أَلَا فَلَا حَجَّ لَهُمْ أَلا فَلا دِينَ لَهُمْ هُمْ بَرَاءٌ من رَسُول الله وَرَسُولُ اللَّهِ بَرِيءٌ مِنْهُمْ، مَوْضُوع: آفته الطَّالقَانِي كذَّاب خَبِيث من المرجئة كَانَ يضعُ الحَدِيث لِمذهبه (الجوزقاني) أَنْبَأنَا القَاضِي أَبُو الْقَاسِم أَحْمَد بْن عَبْد الْوَاحِد بْن إِسْمَاعِيل الرَّوْيَانِيّ الطَّبَرِيّ أَنبأَنَا أَبُو الْفَتْح المظفر بْن حَمْزَة الْجِرْجَانِيّ أَنْبَأنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السّلمِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر الشَّيْبَانِيّ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ الْهَرَويّ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الله الجويباري حَدَّثَنَا سَلمَة بْن سَلام عَن بَكْر بْن خُنَيْس عَن إبان عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا: مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ ثَلَاثَة مَا لَهُ فِي الْجَمَاعَةِ نَصِيبٌ مَنْ لَمْ يُمَيِّزِ الْعَمَلَ مِنَ الإِيمَانِ وَالرِّزْقَ مِنَ الْعَمَلِ وَالْمَوْتَ مِنَ الْمَرَضِ مَوْضُوع آفته الجويباري

(1/43)

وَالثَّلَاثَة فَوْقه متروكون (الجوزقاني) أَنْبَأنَا أَبُو العلام نصر بْن أَحْمَد الأديب أَنْبَأنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَرَ بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس بْن ترْكَان حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَليّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن الْأَحْنَف بْن قيس حَدَّثَنَا مَأْمُون بْن أَحْمَد السّلمِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مَالك بْن سُلَيْمَان السَّعْدِيّ عَن أَبِيهِ عَن أَبِي الْأَحْوَص سَلام بْن سليم عَن سَلمَة بْن وردان عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا: صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَا تَنَالُهُمَا شَفَاعَتِي الْمُرْجِئَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ قِيلَ يَا رَسُول مَا الْقَدَرِيَّةُ قَالَ قَوْمُ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ قِيلَ فَمَنِ الْمُرْجِئَةُ قَالَ قَوْمُ يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ إِذَا سُئِلُوا عَنِ الإِيمَانِ يَقُولُونَ نَحْنُ مُؤْمِنُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

مَوْضُوع: آفته مَأْمُون وَعبد الله بْن مَالك وَأَبوهُ من خبثاء المرجئة وَقَالَ الجوزقاني مَجْهُولَانِ (الجوزقاني) أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد الْمَرْوَزِيّ أَنْبَأنَا أَبُو بَكْر عَبْد الله بْن مُحَمَّد الْمُذكر حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن باكويه الشِّيرَازِيّ أَنْبَأنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الجنازي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الطميسي حَدثنَا أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن عبد الله السكْسكِي حَدثنَا مُحَمَّد بْن مقَاتل الرَّازِيّ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس جَعْفَر بْن هَارُون الوَاسِطِيّ حَدَّثَنَا سمْعَان بْن مهْدي عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا: إِنَّ أُمَّتِي عَلَى الْخَيْرِ مَا لَمْ يَتَحَوَّلُوا عَنِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا فِي إِيمَانِهِمْ.

وَضعته المرجئة وَفِي إِسْنَاده مَجَاهِيل وضعفاء (قلت) قَالَ فِي الْمِيزَان سمْعَان بْن مهْدي حَيَوَان لَا يعرف ألصقت بِهِ نُسْخَة مكذوبة رَأَيْتهَا قبح الله من وَضعهَا، قَالَ فِي اللِّسَان وَهِي من رِوَايَة مُحَمَّد بْن مقَاتل الرَّازِيّ عَن جَعْفَر بْن هَارُون الوَاسِطِيّ عَن سمْعَان وَهِي أَكثر من ثلثمِائة حَدِيث أَكثر متونها مَوْضُوعَة.

وَقَالَ فِي الْمِيزَان فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بْن مقَاتل الرَّازِيّ تكلم فِيهِ ولَم يتْرك وَالله أعلم.

وروى مُحَمَّد بن مُحَمَّد بْن تَمِيم عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا: مَنْ قَالَ الإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَمَنْ قَالَ أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَيْسَ فِي الإِسْلامِ نَصِيبٌ.

وضَعَّفَه مُحَمَّد بن تَمِيم وَالله أعلم.

(1/44)

(الْحسن بن سُفْيَان) حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَلمَة حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ حَدَّثَنَا معارك بْن عباد عَن عَبْد الله بْن سَعِيد عَن أَبِيهِ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: إِنَّ مِنْ تَمَامِ إِيمَانِ الْعَبْدِ أَنْ يَسْتَثْنِي فِيهِ لَا يصلح ومعارك مُنكر الحَدِيث مَتْرُوك (قلتُ) وَشَيْخه أَيْضا واه وَلَكِن الجوزقاني أورد هَذَا الحَدِيث عَلَى أَنَّهُ ثَابت وَاسْتدلَّ بِهِ عَلَى بطلَان الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة السَّابِقَة عَلَى عَادَته.

وَقَالَ عقبَة هَذَا حَدِيث غَرِيب وَالِاسْتِثْنَاء فِي الْإِيمَان سنة فَمن قَالَ إِنَّه مُؤمن فَلْيقل إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهَذَا لَيْسَ باستثناء شكّ وَلَكِن عواقب الْمُؤمنِينَ مغيبة عَنْهُم.

ثُمَّ أورد حَدِيث جَابِر: كَانَ رَسُول الله يُكثر أَن يَقُولُ يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قُلُوبنَا عَلَى دينك.

الحَدِيث.

وَحَدِيث ابْن مَسْعُود: إِن أحدكُم يُجمع خلقه.

الحَدِيث.

وَحَدِيث أبي هُرَيْرَةَ فِي الْمقْبرَة: وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون.

فَجعل هَذِه الْأَحَادِيث دَالَّة عَلَى سنة الِاسْتِثْنَاء فِي الْإيِمَان وعَلى بطلَان تِلْكَ الْأَحَادِيث الْمُعَارضَة لَهَا.

نعم قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان دَاوُد بْن المحبر حَدَّثَنَا معارك بْن عباد الْقَيْسِي عَن عَبْد الله بْن سَعِيد عَن أَبِيهِ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: إِنَّ مِنْ تَمَامِ إِيمَانِ الْعَبْدِ أَنْ يَسْتَثْنِي فِي كُلِّ حَدِيثِهِ.

ثُمَّ قَالَ الذَّهَبِيّ هَذَا حَدِيث بَاطِل قد يحْتَج بِهِ المرازقة الَّذين لَو قِيلَ لأَحَدهم أَنْت مُسَيْلمَة الْكذَّاب لقَالَ إِن شَاءَ الله انْتهى.

وَهَذَا الحَدِيث غير الَّذِي أوردهُ الْمُؤلف والآفة فِيهِ من دَاوُد فَإِنَّهُ وَضاع وَقد أَخْرَجَهُ الديلمي فِي مُسْند الفردوس من طَرِيقه وَالله أعلم.

(ابْن حبَان) حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن سَلمَة حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن عَبْد الله الْأمَوِي حَدَّثَنَا غنيم بْن سالِم عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا: مَنْ شَكَّ فِي إِيمَانِهِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ لَا يَصِحُّ: غنيم لَا يُحتج بِهِ وَعُثْمَان يضع.

(قلتُ) قَالَ فِي الْمِيزَان:

(1/45)

الظَّاهِر أَن غنيمًا هَذَا هُوَ نُعَيْم بْن سالِم أحد الْمَشْهُورين بِالْكَذِبِ وإنَّما صغره بَعضهم، قَالَ فِي اللِّسَان وَهُوَ كَذَلِك فقد أخرج ابْن عدي فِي أثْنَاء تَرْجَمَة نُعيم بْن سالِم من طَرِيق عُثْمَان عَن عَبْد الله الْأمَوِي حَدَّثَنَا غنيم بْن سالِم من ولد قنبر عَن أنس حَدَّثَنَا أَنَّهُ هُوَ وَالله أعلم.

(الْخَطِيب) أَنْبَأنَا أَبُو بشر عَبْد الله بْن الْحُسَيْن حَدَّثَنَا زيد بْن رِفَاعَة الْهَاشِمِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن المغتر حَدَّثَنَا عَفَّان بْن مُسْلِم حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلمَة عَن رَجُل عَن نَافِع عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: لَا يَكْمُلُ عبد الإِيمَانُ بِاللَّهِ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَالتَّفْوِيضُ إِلَى اللَّهِ وَالتَّسْلِيمُ لأَمْرِ اللَّهِ وَالرِّضَى بِقَضَاءِ اللَّهِ وَالصَّبْرُ عَلَى بَلاءِ اللَّهِ إِنَّهُ مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ.

قَالَ الْخَطِيبُ بَاطِل بِهذا الْإِسْنَاد وَابْن المغتر لَم يُدْرِك عَفَّان وأراهُ صنعه زيد بْن رِفَاعَة فَإِنَّهُ كَانَ يضعُ الحَدِيث (قلتُ) لَا يَنْبَغِي أَن يذكر فِي الموضوعات فَإِنَّهُ واردٌ بِغَيْر هَذَا الْإِسْنَاد، قَالَ الْبَزَّار حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن شبويه حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَان حَدَّثَنَا سَعِيد بْن سِنَان عَن أَبِي الزَّاهِرِيَّة عَن كثير بْن مرّة عَن ابْن عمر عَن النَّبِي قَالَ: خمس من الْإيِمَان من لَمْ يَكُن فِيهِ شَيْء مِنْهَا فَلَا إِيمَان لَهُ: التَّسْلِيم لأمر الله، والرضى بِقَضَاء الله والتفويض إِلَى أَمر الله والتوكل عَلَى الله وَالصَّبْر عِنْدَ الصدمة الأولى، قَالَ الْبَزَّار علته سَعِيد بْن سِنَان وَآخر الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث أَبِي أُمَامَة مَرْفُوعا من أحب لله وَأبْغض لله وَأعْطى لله وَمنع لله وأنكحَ لله فقد استكملَ الْإيِمَان ورواهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث مُعاذٍ بْن أنس مثله وَالله أعلم.

(الْخَطِيب) أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن المطيب أَنْبَأنَا عمر بن إِبْرَاهِيم الْمقري حَدَّثَنَا بنْدَار البصلائي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن رَاشد حَدثنَا حجاج بْن نصير حَدَّثَنَا الْمُنْذر بْن زيد الطَّائِي عَن زيد بْن أسلم عَن أَبِيهِ عَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَرْفُوعًا: كَمَا لَا يَنْفَعُ مَعَ الشِّرْكِ شَيْءٌ كَذَلِكَ لَا يضر من الإِيمَانِ شَيْءٌ لَا يَصِحُّ الْمُنْذر كَذَّاب (قلت) لَهُ طَرِيق آخر، قَالَ أَبُو نُعَيْم فِي الْحِلْية حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد مُحَمَّد بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن شيرويه حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم ح.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه حَدَّثَنَا أَبِي أَنْبَأنَا يَحْيَى بْن الْيَمَان حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الْمُنْتَشِر عَن أَبِيهِ عَن مَسْرُوق قَالَ سَمِعت عبد الله بن

(1/46)

عَمْرٍو يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَا يَضُرُّ مَعَ الإِسْلامِ ذَنْبٌ كَمَا لَا يَنْفَعُ مَعَ الشِّرْكِ عَمَلٌ، قَالَ أَبُو نُعَيْم غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَن إِبْرَاهِيم تفرد بِهِ يَحْيَى بْن الْيَمَان، وَقَالَ غير يَحْيَى نزل رَجُل عَلَى مَسْرُوق فَقَالَ سمعتُ عَبْد الله بْن عَمْرو يَقُولُ انْتهى.

وَيحيى بْن الْيَمَان ثِقَة من رجال مُسْلِم إِلَّا أَنَّهُ فلج فِي آخر عمره فسَاء حفظه.

وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمار الْمَوْصِليّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن الْيَمَان حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الْمُنْتَشِر عَن أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوق عَنْ عَبْد اللَّه بن عَمْرو النَّبِي قَالَ: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله لَم تضره مَعهَا خَطِيئَة كَمَا لَو أشرك بِاللَّه لَمْ تَنْفَعهُ مَعهَا حَسَنَة، قَالَ الطَّبَرَانِيّ هَكَذَا رواهُ يحيى بْن الْيَمَان وَخَالفهُ النَّاس حَدثنَا عَليّ بْن عَبْد الْعَزِيز حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الْمُنْتَشِر عَن أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رجلٌ أَو شيخٌ من أهل الْمَدِينَة وَنزل عَلَى مَسْرُوق فَقَالَ سمعتُ عَبْد الله بْن عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُول الله: فَذكر مثل حَدِيث يَحْيَى بْن الْيَمَان وَالله أعلم.

(ابْن عدى) حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن سُفْيَان حَدَّثَنَا مَحْمُود بْن خَالِد حَدَّثَنَا مَرْوَان بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا رشدين حدَّثَنِي مُعَاويَة بْن صالِح عَن سليم بْن عَامر عَن أَبِي أُمَامَة مَرْفُوعا: يبْعَث الْإسْلَام يَوْم الْقِيَامَة عَلَى صُورَة رَجُل لَهُ رِدَاء فَيَأْتِي الرب فَيَقُول يَا رب مِنْك خرجتُ وَإِلَيْك أَعُود فشفعني الْيَوْم فِيمَن شِئْت يَقُول قد شفعتك فيبسط رِدَاءَهُ فيسيب إِلَيْهِ النَّاس فَمن تسيب إِلَيْهِ بِسَبَب أدخلهُ الْجنَّة تفرد بِهِ رشدين بْن سعد وَهُوَ مَتْرُوك (قلتُ) قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي حَدِيث الديك رشدين ضَعِيف وَلَكِن لَم يبلغ إِلَى أَن يُحكم عَلَى حَدِيثه بِالْوَضْعِ، انْتهى.

وَقد روى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَقَالَ فِيهِ أَحْمَد لَا يُبالي عَمن روى، لَا بَأْس بِهِ فِي الرقَاق وَقَالَ أَرْجُو أَنَّهُ صالِح الحَدِيث وَقَالَ الذَّهَبِيّ كَانَ عابدا صَالحا سيئ الْحِفْظ وَالله أعلم.

(الطَّبَرَانِيّ) حَدَّثَنَا خلف بْن عَمْرو العكبري حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُعَاويَة النَّيْسَابُورِي حَدَّثَنَا اللَّيْث بْن سعد عَن يزِيد بْن أَبِي حبيب عَن أَبِي الْخَيْر مرْثَد بْن عَبْد الله عَن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه: منْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ رَجُلٌ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ.

قَالَ ابْن مَعِين:

(1/47)

لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ، وَمُحَمَّد بْن مُعَاويَة حَدَّث بِما لَيْسَ لَهُ أصل كَهَذا الحَدِيث وإنّما يرْوى عَن خَالِد بْن عمرَان قَوْله (قلتُ) نقل بَعضهم أَن أَحْمَد وثق مُحَمَّد بْن مُعَاويَة هَذَا، وَقَالَ أَبُو زُرْعَة كَانَ شَيخا صالِحًا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ كلما لقن يَتَلَقَّن وَله متابع جليل أَخْرَجَهُ الْقُضَاعِي فِي مُسْند الشهَاب أَنْبَأنَا أَبُو مُحَمَّد النجيبي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن الرّبيع الْعَبْدي حَدَّثَنَا عَبْد السَّلَام بْن مُحَمَّد الْأمَوِي حَدَّثَنَا سَعِيد بْن كثير بْن عفير حَدَّثَنَا اللَّيْث بْن سعد بِهِ، وَسَعِيد أحد الْأَئِمَّة الثِّقَات أخرج لَهُ الشَّيْخَانِ وَالله أعلم.

(1/48)

ج3.

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة

كتاب الْمُبْتَدَأ

(أَبُو الْحُسَيْن) ابْن المنادى فِي الْمَلَاحِم حَدَّثَنَا هَارُون بْن عَلِيّ بْن الحكم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن مرداس الْبَاهِلِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد الْقُرَشِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُوسَى الشَّيْبَانِيّ حَدَّثَنَا مسلمة بْن الصَّلْت حَدَّثَنَا أَبُو عَليّ حَازِم بْن الْمُنْذر الْعَنزي حَدَّثَنَا عُمَرَ بْن صبيح عَن مقَاتل بْن حبَان عَن شهر بْن حَوْشَب عَن حُذَيْفَة قَالَ أَبُو عَليّ وَحَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَن سُلَيْمَان بْن مُوسَى عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَحُذَيْفَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمْ كَانُوا جُلُوسًا ذَاتَ يَوْمٍ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ الْعَجَبَ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ وَمَا ذَاكَ قَالَ سَمِعْتُ رِجَالًا يَتَحَدَّثُونَ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَقَالَ وَمَا كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَقَالَ زَعَمُوا أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يُجَاءُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا ثَوْرَانِ عُفَيْرَانِ فَيُقْذَفَانِ فِي جَهَنَّمَ فَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ كَذَبُوا اللَّهُ أجل وَأكْرم من أَن يُعذب عَلَى طَاعَته أَلَمْ تَرَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} يَعْنِي دَائِبَيْنِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ فَكَيْفَ يُعَذِّبُ اللَّهُ عَبْدَيْنِ يُثْنِي عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا دَائِبَانِ فِي طَاعَتهِ فَقَالُوا لِحُذَيْفَةَ حَدِّثْنَا رَحِمَكَ اللَّهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُول الله إِذْ سُئِلَ عَن ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَبْرَمَ خَلْقَهُ أَحْكَامًا فَلَمْ يَبْقَ مِنْ غَيْرِهِ غَيْرُ آدَمَ خَلَقَ شَمْسَيْنِ مِنْ نُورِ عَرْشِهِ فَأَمَّا مَا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنَّهُ يَدْعُهَا شَمْسًا فَإِنَّهُ خَلَقَهَا مِثْلَ الدُّنْيَا عَلَى قَدْرِهَا وَأَمَّا مَا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنْ يَطْمِسَهَا وَيُحَوِّلَهَا قَمَرًا فَإِنَّهُ خَلَقَهَا دُونَ الشَّمْسِ فِي الضَّوْءِ وَلَكِنْ إِنَّمَا يَرَى النَّاسُ صِغَرَهُمَا لِشِدَّةِ ارْتِفَاعِ السَّمَاءِ وَبُعْدِهَا مِنَ الأَرْضِ وَلَوْ تَرَكَهُمَا اللَّهُ كَمَا خَلَقَهُمَا فِي بَدْءِ الأَمْرِ لَمْ يُعْرَفِ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَارِ وَلا النَّهَارُ مِنَ اللَّيْلِ وَلَكَانَ الأَجِيرُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ يَسْتَرِيحُ فِيهِ وَلا وَقْتٌ يَأْخُذُ فِيهِ أَجْرَهُ وَلَكَانَ الصَّائِمُ لَا يَدْرِي إِلَى مَتَى يَصُومُ وَمَتَى يُفْطِرُ وَلَكَانَتِ الْمَرْأَةُ لَا تَدْرِي كَيْفَ تَعْتَدُّ، وَلَكَانَ الدُّيَّانُ لَا يَدْرُونَ مَتَى تَحِلُّ دُيُونُهُمْ وَلَكَانَ النَّاسُ لَا يَدْرُونَ أَحْوَالَ مَعَايِشِهِمْ وَلا يَدْرُونَ مَتَى يَسْكُنُونَ لراحة

(1/49)

أجسامهم ولكانت الْأمة المطهدة وَالْمَمْلُوكُ الْمَقْهُورُ وَالْبَهِيمَةُ الْمُسَخَّرَةُ لَيْسَ لَهُمْ وَقْتُ رَاحَةٍ فَكَانَ اللَّهُ أَنْظَرَ لِعِبَادِهِ وَأَرْحَمَ بِهِمْ فَأَرْسَلَ جِبْرِيلَ فَأَمَرَ بِجَنَاحِهِ عَلَى وَجْهِ الْقَمَرِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ شَمْسٌ فَمَحَا عَنْهُ الضَّوْءَ وَبَقِيَ فِيهِ النُّورُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} فَالسَّوَادُ الَّذِي تَرَوْنَهُ فِي الْقَمَرِ شِبْهَ الْخُيُوطِ إِنَّمَا هُوَ أَثَرُ ذَلِكَ الْمَحْوِ، قَالَ وَخَلَقَ اللَّهُ الشَّمْسَ عَلَى عَجَلَةٍ مِنْ ضَوْءِ نور الْعَرْش لَهَا ثلثمِائة وَسِتُّونَ عُرْوَةً وَخَلَقَ اللَّهُ الْقَمَرَ مِثْلَ ذَلِكَ وَوَكَّلَ بِالشَّمْسِ وَعَجَلَتِهَا ثلثمِائة وَسِتِّينَ مَلَكًا مِنْ مَلائِكَةِ أَهْلِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَدْ تَعَلَّقَ كُلُّ مَلَكٍ مِنْهُمْ بِعُرْوَةٍ مِنْ تِلْكِ الْعُرَى وَالْقَمَرُ مِثْلُ ذَلِكَ وَخَلَقَ لَهُمَا مَشَارِقَ وَمَغَارِبَ فِي قُطْرَيِ الأَرْضِ وَكَنَفَيِ السَّمَاءِ ثَمَانِينَ وَمِائَةَ عَيْنٍ فِي الْمَشْرِق وَثَمَانِينَ وَمائَةَ عَيْنٍ فِي الْمَغْرِبِ فَكُلَّ يَوْمٍ لَهُمَا مَطْلَعٌ جَدِيدٌ وَمَغْرِبٌ جَدِيدٌ مَا بَيْنَ أَوَّلِهِا مَطْلَعًا وَأَوَّلِهِا مَغْرِبًا فَأَطْوَلُ مَا يَكُونُ النَّهَارُ فِي الصَّيْفِ إِلَى آخِرِهَا وَآخِرِهَا مَغَرْبًا وَأَقْصَرُ مَا يَكُونُ النَّهَارُ فِي الشِّتَاءِ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} يَعْنِي آخر هَهُنَا وَهَهُنَا لَمْ يَذْكُرْ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ عِدَّةِ الْعُيُونِ ثُمَّ جَمَعَهَا بَعْدُ فَقَالَ رَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ فَذَكَرَ عِدَّةَ تِلْكَ الْعُيُونِ كُلِّهَا.

قَالَ وَخَلَقَ اللَّهُ بَحْرًا بَيْنَه وَبَيْنَ السَّمَاءِ مِقْدَارَ ثَلاثِ فَرَاسِخَ وَهُوَ قَائِمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ فِي الْهَوَاءِ لَا يَقْطُرُ مِنْهُ قَطْرَةٌ وَالْبِحَارُ كُلُّهَا سَاكِنَةٌ وَذَنَبُ الْبَحْرِ جَارٍ فِي سُرْعَةِ السَّهْمِ ثُمَّ انْطِبَاقُهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فَتَجْرِي الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ الْخُنَّسُ فِي حَنَكِ الْبَحْرِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ الشَّمْسَ دَنَتْ مِنْ ذَلِكَ الْبَحْرِ لأَحْرَقَتْ كُلَّ شَيْءٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ حَتَّى الصُّخُورُ وَالْحِجَارَةُ وَلَوْ بَدَا الْقَمَرُ مِنْ ذَلِكَ الْبَحْرِ حَتَّى تَعَايَنَهُ النَّاسُ كَهَيْئَتِهِ لافْتُتِنَ بِهِ أَهْلُ الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَعْصِمَهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ مَا ذَكَرْتَ مَجْرَى الْخُنَّسِ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا مَا كَانَ من ذِكْرُكَ الْيَوْمَ فَمَا الْخُنَّسُ يَا رَسُول فَقَالَ يَا حُذَيْفَةُ هِيَ خَمْسَةُ كَوَاكِبَ الْبرجيسُ وَعُطَارِدُ وَبَهْرَامُ وَالزُّهَرَةُ وَزُحَلُ، فَهَذِهِ الْكَوَاكِبُ الْخَمْسَةُ الطَّالِعَاتُ الْغَارِبَاتُ الْجَارِيَاتُ مِثْلُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ.

وَأَمَّا سَائِرُ الْكَوَاكِبِ فَإِنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بَيْنَ السَّمَاءِ تَعْلِيقَ الْقَنَادِيلِ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَنُجُومِ السَّمَاءِ لَهُنَّ دَوَرَانٌ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَسْتَبِينُوا ذَلِكَ فَانْظُرُوا إِلَى دَوَرَانِ الْفلك مرّة هُنَا وَمرَّة هُنَا فَإِنَّ الْكَوَاكِبَ تَدُورُ مَعَهُ وَكُلُّهَا تَزُولُ سِوَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ، ثُمَّ قَالَ رَسُول الله مَا أَعْجَبَ خَلْقَ الرَّحْمَنِ وَمَا بَقِيَ مِنْ قُدْرَتِهِ فِيمَا لَمْ نَرَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْجَبُ وَذَلِكَ قَوْلُ جِبْرِيلَ لِسَارَةَ أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله.

وَذَلِكَ أَنَّ لِلَّهِ مَدِينَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالأُخْرَى بِالْمَغْرِبِ عَلَى كُلِّ مَدِينَةٍ مِنْهَا عَشَرَةُ آلافِ بَابٍ بَيْنَ كُلِّ بَابَيْنِ فَرْسَخٌ يَنُوبُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ تِلْكَ الْمَدِينَتَيْنِ عَشْرَةُ آلف فِي الْحِرَاسَةِ عَلَيْهِم السِّلَاح وَمَعَهُمُ الكِرَاعُ ثُمَّ لَا تَنُوبُهُم تِلْكَ الْحِرَاسةُ إِلَى يَوْمِ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا جابرسا وَالأُخْرَى جاباقا وَمِنْ وَرَائِهِمَا ثَلاثُ أُمَمٍ

(1/50)

تنسك وتارس وَتَأْويل وَمِنْ وَرَائِهِمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَأِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ انْطَلَقَ بِي لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، فَدَعَوْتُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ إِلَى دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِبَادَتِهِ، فَأَنْكَرُوا مَا جِئْتُهُمْ بِهِ فَهُمْ فِي النَّارِ ثُمَّ انْطَلَقَ بِي أَهْلِ الْمَدِينَتَيْنِ فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادَتِهِ فَأَجَابُوا وَأَنَابُوا فَهُمْ إِخْوَانُنَا فِي الدِّينِ مَنْ أَحْسَنَ مِنْهُمْ فَهُوَ مَعَ الْمُحْسِنِينَ مِنْكُمْ وَمَنْ أَسَاءَ مِنْهُمْ فَهُوَ مَعَ الْمُسِيئِينَ مِنْكُمْ، فَأَهْلُ الْمَدِينَةِ الَّتِي بِالْمَشْرِقِ مِنْ بَقَايَا عَادٍ مِنْ نَسْلِ ثَمُودَ مِنْ نَسْلِ مُؤْمِنِيهِمُ الَّذِينَ كَانُوا آمَنُوا بِصَالِحٍ ثُمَّ انْطَلَقَ بِي إِلَى الأُمَمِ الثَّلاثِ فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى دِينِ اللَّهِ فَأَنْكَرُوا مَا دَعَوْتُهُمْ إِلَيْهِ فَهُمْ فِي النَّارِ مَعَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْعُيُونِ عَلَى عجلتها وَمَعَهَا ثلثمِائة وَسِتُّونَ مَلَكًا يَجُرُّونَهَا فِي ذَلِكَ الْبَحْرِ الْغَمْرِ رَاكِبُةُ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَرَى الْعِبَادُ آيَةً مِنَ الآيَاتِ يَسْتَعْتِبُهُمْ رُجُوعًا عَن مَعْصِيَتِهِ وَإِقْبَالا إِلَى طَاعَتِهِ خَرَّتِ الشَّمْسُ عَن عَجَلَتِهَا فَتَقَعُ فِي غَمْرِ ذَلِكَ الْبَحْرِ، فَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُعَظِّمَ الآيَةَ وَيَشْتَدَّ تَخْوِيفُ الْعِبَادِ خَرَّتِ الشَّمْسُ كُلُّهَا عَنِ الْعَجَلَةِ حَتَّى لَا يَبْقَى عَلَى الْعَجَلَةِ مِنْهَا شَيْءٌ فَذَلِكَ حِينَ يُظْلِمُ النَّهَارُ وَتَبْدُو النُّجُومُ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَجِّلَ آيَةً دُونَ آيَةٍ خَرَّ مِنْهَا النِّصْفُ أَوِ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ فِي الْمَاءِ وَيَبْقَى سَائِرُ ذَلِكَ عَلَى الْعَجَلَةِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ صَارَتِ الْمَلائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِالْعَجَلَةِ فرْقَتَيْن فرقة يقبلُونَ الشَّمْسَ وَيَجُرُّونَهَا نَحْوَ الْعَجَلَةِ وَفِرْقَةٌ يُقَلِّبُونَ الشَّمْسَ عَلَى الْعَجَلَةِ يَجُرُّونَهَا نَحْوَ الْبَحْرِ وهُمْ فِي ذَلِكَ يَقُودُونَهَا عَلَى مِقْدَارِ سَاعَاتِ النَّهَارِ لَيْلًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ نَهَارًا حَتَّى لَا يزِيد فِي طُلُوعِهَا شَيْءٌ فَإِذَا حَمَلُوا الشَّمْسَ فَوَضَعُوهَا عَلَى الْعَجَلَةِ حَمِدُوا اللَّهَ عَلَى مَا قَوَّاهُمْ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ جَعَلَ لَهُمْ تِلْكَ الْقُوَّةَ وَأَفْهَمَهُمْ عِلْمَ ذَلِكَ فهم لَا يَقْصُرُونَ عَن ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ يَجُرُّونَهَا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَبْلُغُوا بِهَا إِلَى الْمَغْرِبِ ثُمَّ يُدْخِلُونَهَا بَابَ الْعَيْنِ الَّتِي تَغْرُبُ فِيهَا فَتَسْقُطُ مِنْ أُفُقِ السَّمَاءِ خَلْفَ الْبَحْرِ ثُمَّ تَرْتَفِعُ فِي سُرْعَةِ طَيَرَانِ الْمَلائِكَةِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا فَتَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ مِقْدَارَ اللَّيْلِ ثُمَّ تُؤْمَرُ بالطلوع من الْمشرق فطع مِنَ الْعَيْنِ الَّتِي وَقَّتَ اللَّهُ لَهَا فَلا تَزَالُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ كَذَلِكَ مِنْ طُلُوعِهِمَا إِلَى غُرُوبِهِمَا وَقَدْ وَكَّلَ اللَّهُ تَعَالَى بِاللَّيْلِ مَلَكًا مِنَ الْمَلائِكَةِ وَخَلَقَ اللَّهُ حُجُبًا مِنْ ظُلْمَةٍ مِنَ الْمَشْرِقِ عَدَدَ اللَّيَالِي فِي الدُّنْيَا عَلَى الْبَحْرِ السَّابِعِ فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ أَقْبَلَ ذَلِكَ الْمَلَكُ فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ ظُلْمَةِ ذَلِكَ الْحِجَابِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْمَغْرِبَ فَلا يَزَالُ يُرَاعِي الشَّفَقَ وَيُرْسِلُ تِلْكَ الظُّلْمَةَ مِنْ خِلالِ أَصَابِعِهِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى إِذَا غَابَ الشَّفَقُ أَرْسَلَ الظُّلْمَةَ كُلَّهَا ثُمَّ نَشَرَ جَنَاحَيْهِ فَيَبْلُغَانِ قُطْرَيِ الأَرْضِ وَكَنَفَيِ السَّمَاءِ ثُمَّ يَسُوقُ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ بِجَنَاحَيْهِ إِلَى الْمَغْرِبِ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْمَغْرِبَ انْفَجَرَ الصُّبْحُ مِنَ الْمَشْرِقِ ثُمَّ ضَمَّ الظُّلْمَةَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ قَبَضَ عَلَيْهَا بِكَفٍّ وَاحِدَةٍ نَحْوَ قَبْضَتِهِ إِذَا تَنَاوَلَهَا مِنَ الْحِجَابِ بِالْمَشْرِقِ ثُمَّ يَضَعُهَا عِنْدَ الْمَغْرِبِ عَلَى الْبَحْرِ السَّابِعِ، فَإِذَا نَقَلَ تِلْكَ الظُّلْمَةَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ نَفَخَ فِي الصُّورِ وَانْصَرَفَتِ الدُّنْيَا فَلا تَزَالُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ الَّذِي ضُرِبَ لِتَوْبَةِ الْعِبَادِ فَتَنْتَشِرُ الْمَعَاصِي فِي الأَرْضِ وَتَكْثُرُ الْفَوَاحِشُ وَيَظْهَرُ الْمَعْرُوفُ فَلا يَأْمر بِهِ أحد

(1/51)

وَيَظْهَرُ الْمُنْكَرُ فَلا يَنْهَى عَنْهُ أَحَدٌ وَتَكْثُرُ أَوْلادُ الْخَبَثَةِ وَيْلِي أُمُورَهُمُ السُّفَهَاءُ وَيَكْثُرُ أَتْبَاعَهُم مِنَ السُّفَهَاء وَتظهر فيهم الأباطيل يتعاونون عَلَى رِيَبِهِمْ وَيَتَزَيَّنُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَيَعِيبُونَ الْعُلَمَاءَ مِنْ أُولِي الأَلْبَابِ وَيَتَّخِذُونَهُمْ سُخْرِيًّا حَتَّى يَصِيرَ الْبَاطِلُ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْحَقِّ وَيَصِيرَ الْحَقُّ بِمَنْزِلَةِ الْبَاطِلِ وَيَكْثُرَ فِيهِمْ ضَرْبُ الْمَعَازِفِ وَاتِّخَاذُ الْقَيْنَاتِ وَيَصِيرَ دِينُهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ ويصغوا قُلُوبَهُمْ إِلَى الدُّنْيَا يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَصِيرَ الْمُؤْمِنُ بَيْنَهُمُ بِالنَّقِيَّةِ وَالْكِتْمَانِ وَيَسْتَحِلُّونَ الرِّبَا بِالْبَيْعِ وَالْخَمْرَ بِالنَّبِيذِ وَالسُّحْتَ بِالْهَدِيَّةِ وَالْقِيلَ بِالْمَوْعِظَةِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ قَلَّتِ الصَّدَقَةُ حَتَّى يَطُوفَ السَّائِلُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلا يُعْطَى دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَيَبْخَلَ النَّاسُ بِمَا عِنْدَهُمْ حَتَّى يَظُنَّ الْغَنِيُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهُ مَا عِنْدَهُ وَيَقْطَعَ كُلُّ ذِي رَحِمٍ رَحِمَهُ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ وَاجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ فِيهِمْ حُبِسَتِ الشَّمْسُ تَحْتَ الْعَرْشِ مِقْدَارَ لَيْلَةٍ كُلَّمَا سَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ مِنْ أَيْنَ تُؤْمَرُ أَنْ تَطْلُعَ فَلا تُجَابُ حَتَّى يُوَافِيَهَا الْقَمَرُ فَتَكُونُ الشَّمْسُ مِقْدَارَ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَالْقَمَرَ مِقْدَارَ لَيْلَتَيْنِ وَلا يَعْلَمُ طُولَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلا الْمُتَهَجِّدُونَ وَهُمْ حَنِيفِيَّةٌ عِصَابَةٌ قَلِيلَةٌ فِي ذِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ وَهَوَانٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَضِيقٍ مِنْ مَعَايِشِهِمْ فَيَقُومُ أَحَدُهُمْ بَقِيَّةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ يُصَلِّي مِقْدَارَ وِرْدِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَلا يَرَى الصُّبْحَ فَيَسْتَنْكِرُ ذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ لَعَلِّي قَدْ خَفَّفْتُ قِرَاءَتِي إِذْ قُمْتُ قَبْلَ حِينِي فَينْظر إِلَى السَّمَاء فَإِذا هِيَ بِاللَّيْلِ كَمَا هُوَ وَالنُّجُومُ قَدِ اسْتَدَارَتْ مَعَ السَّمَاءِ فَصَارَتْ مَكَانَهَا مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيَأْخُذُ مَضْجَعَهُ فَلا يَأْخُذُهُ النَّوْمُ فَيَقُومُ فَيُصَلِّي الثَّانِيَةَ مِقْدَارَ وِرْدِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَلا يَرَى الصُّبْحَ فَيَزِيدُهُ ذَلِكَ إِنْكَارًا ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَنْظُرُ إِلَى النُّجُومِ فَإِذَا هِيَ قَدْ صَارَتْ كَهَيْئَتِهَا مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيَأْخُذُ مَضْجَعَهُ الثَّالِثَةَ فَلَا يَأْخُذُهُ النَّوْمُ ثُمَّ يَقُومُ أَيْضًا فَيُصَلِّي مِقْدَارَ وِرْدِهِ فَلا يَرَى الصُّبْحَ فَيَخْرُجُ وَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَخْنُقُهُمُ الْبُكَاءُ فَيُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيَجْتَمِعُ الْمُتَهَجِّدُونَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ بِحَضْرَتِهِمْ وَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ كَانُوا يَتَوَاصَلُونَ وَيَتَعَارَفُونَ فَلَا يَزَالُونَ فِي غَفْلَتِهِمْ فَإِذَا تَمَّ لِلشَّمْسِ مِقْدَارُ ثَلاثِ لَيَالٍ وَلِلْقَمَرِ مِقْدَارُ لَيْلَتَيْنِ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِمَا جِبْرِيلَ فَقَالَ لَهُمَا إِنَّ الرَّبَّ يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَرْجِعَا إِلَى الْمَغْرِبِ لِتَطْلُعَا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا ضَوْءَ لَكُمَا عِنْدَنَا الْيَوْمَ وَلا نُورَ فَيَبْكِيَانِ عِنْدَ ذَلِكَ وَجِلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَبْكِي الْمَلائِكَةُ لِبُكَائِهِمَا مَعَ مَا يُخَالِطُهُمَا مِنَ الْخَوْفِ فَيَرْجِعَانِ إِلَى الْمَغْرِبِ فَيَطْلُعَانِ مِنَ الْمَغْرِبِ فَبَيْنَمَا النَّاسُ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ أَلا إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ قَدْ طَلَعَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَينْظر النَّاس إِلَيْهَا فَإِذَا هُمَا أَسْوَدَانِ كَهَيْئَتِهِمَا فِي حَالِ كُسُوفِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ لَا ضَوْءَ لِلشَّمْسِ وَلا نُورَ لِلْقَمَرِ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِذا الشَّمْس كورت} وَقَوله {وَخسف الْقَمَر} وَقَوله {وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر} قَالَ فيرتفعان يُنَازع كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبَهُ حَتَّى يَبْلُغَا سَهْوَةَ السَّمَاءِ وَهُوَ مَنْصِفُهُمَا فَيَجِيئُهُمَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَيَأْخُذُ بِقَرْنَيْهِمَا فَيَرُدُّهُمَا إِلَى الْمَغْرِبِ آَفْلًا وَيُغْرِبُهُمَا فِي تِلْكَ الْعُيُونِ وَلَكِنْ يُغْرِبُهُمَا فِي بَابِ التَّوْبَةِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا بَابُ التَّوْبَةِ؟ قَالَ يَا عُمَرُ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى خَلْفَ الْمَغْرِبِ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَيْنِ بالْجَوْهَرِ لِلتَّوْبَةِ فَلا يَتُوبُ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ تَوْبَةً نَصُوحًا إِلا وَلَجَتْ تَوْبَتُهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ ثُمَّ تُرْفَعُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

فَقَالَ حُذَيْفَةُ بِأبي أَنْت وَأمي يَا

(1/52)

رَسُولَ اللَّهِ وَمَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ؟ قَالَ النَّدَمُ عَلَى مَا فَاتَ مِنْهُ فَلا يَعُودُ إِلَيْهِ كَمَا لَا يَعُودُ اللَّبَنُ إِلَى الضَّرْعِ.

قَالَ حُذَيْفَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَيْفَ بِالنَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ يَا حُذَيْفَةُ أَمَّا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَإِنَّهُمَا يَعُودَانِ فَإِذَا أَغْرَبَهُمَا اللَّهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ رَدَّ الْمِصْرَاعَيْنِ فَالْتَأَمَ مَا بَيْنَهُمَا كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَيْنَهُمَا صَدْعٌ قَطُّ فَلا يَنْفَعُ نَفْسًا بَعْدَ ذَلِكَ إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا وَلا تُقْبَلُ مِنْ عَبْدٍ حَسَنَةٌ إِلا مَنْ كَانَ قَبْلُ مُحْسِنًا فَإِنَّهُ يَجْزِي لَهُ وَعَلَيْهِ فَتَطلع الشَّمْس عَلَيْهِم وَتَغْرُبُ كَمَا كَانَتْ قَبْلُ.

فَأَمَّا النَّاس فَإِنَّهُم بعد مَا يَرَوْنَ مِنْ فَظِيعِ تِلْكَ الآيَةِ وَعِظَمِهَا يُلِحُّونَ عَلَى الدُّنْيَا حَتَّى يَغْرِسُوا فِيهَا الأَشْجَارَ وَيُشَقِّقُوا فِيهَا الأَنْهَارَ وَيَبْنُوا فَوْقَ ظُهُورِهَا الْبُنْيَانَ، وَأَمَّا الدُّنْيَا فَلَوْ أَنْتَجَ رَجُلٌ مَهْرًا لَمْ يَرْكَبْهُ مِنْ لَدُنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ أَسْرَعُ مِنْ مَرِّ السَّحَابِ لَا يَدْرِي الرَّجُلُ مَتَى يَمْسِي وَمَتَى يُصْبِحُ ثُمَّ تَقُومُ الْقِيَامَةُ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْتِيَنَّهُمْ وَإِنَّ الرَّجُلَ قَدِ انْصَرَفَ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ مِنْ تَحْتِهَا فَمَا يَذُوقُهُ وَلا يَطْعَمُهُ وَإِنَّ الرَّجُلَ فِي فِيهِ اللُّقْمَةُ فَمَا يُسِيغُهَا فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} قَالَ وَأَمَّا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَإِنَّهُمَا يَعُودَانِ إِلَى مَا خَلَقَهُمَا اللَّهُ مِنْهُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّهُ هُوَ يبدئ وَيُعِيد} فَيُعِيدُهُمَا إِلَى مَا خَلَقَهُمَا مِنْهُ، قَالَ حُذَيْفَةُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَكَيْفَ قِيَامُ السَّاعَةِ وَكَيْفَ النَّاسُ فِي تِلْكَ الْحَالِ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله يَا حُذَيْفَةُ بَيْنَمَا النَّاسُ فِي أَسْوَاقِهِمْ أَسَرُّ مَا كَانُوا بِدُنْيَاهُمْ وَأَحْرَصُ مَا كَانُوا عَلَيْهَا، فَبَيْنَ كَيَّالٍ يَكِيلُ وَوَزَّانٍ يَزِنُ وَبَيْنَ مُشْتَرٍ وَبَائِعٍ إِذْ أَتَتْهُمُ الصَّيْحَةُ فَخَرَّتِ الْمَلائِكَةُ صَرْعَى مَوْتَى عَلَى خُدُودِهِمْ، وَخَرَّ الآدَمِيُّونَ صَرْعَى مَوْتَى عَلَى خُدُودِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا يَنْظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} قَالَ فَلا يَسْتَطِيعُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَرَى صَاحِبَهُ وَلا يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ وَتَخِرُّ الْوُحُوشُ عَلَى جُنُوبِهَا مَوْتَى، وَتَخِرُّ الطَّيْرُ مِنْ أَوْكَارِهَا وَمِنْ جَوِّ السَّمَاءِ مَوْتَى، وَتَمُوتُ السِّبَاعُ فِي الْغِيَاضِ وَالآجَامِ وَالْفَيَافِي وَتَمُوتُ الْحِيتَانُ فِي لُجَجِ الْبِحَارِ وَالْهَوَامُّ فِي بُطُونِ الأَرْضِ فَلا يَبْقَى مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ إِلا أَرْبَعَةٌ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ وَمَلَكُ الْمَوْتِ فَيَقُولُ اللَّهُ لِجِبْرِيلَ مُتْ فَيَمُوتُ ثُمَّ يَقُولُ لإِسْرَافِيلَ مُتْ فَيَمُوتُ ثُمَّ يَقُولُ لِمِيكَائِيلَ مُتْ فَيَمُوتُ ثُمَّ يَقُولُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ مَا مِنْ نَفْسٍ إِلَّا وَهِيَ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ فَمُتْ فَيَصِيحُ مَلَكُ الْمَوْتِ صَيْحَةً فَيَخِرُّ ثُمَّ يُنَادِي السَّمَوَات فتطوى عَلَى مَا فِيهَا كَطَيِّ السِّجِلِّ للْكتاب وَالسَّمَوَات السَّبْعَ وَالأَرَضِونَ السَّبْعَ مَعَ مَا فِيهِنَّ لَا تَسْتَبِينُ فِي قَبْضَةِ رَبِّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَمَا لَوْ أَنَّ حَبَّةً مِنْ خَرْدَلٍ أُرْسِلَتْ فِي رِمَالِ الأَرْضِ وَبُحُورِهَا لَمْ تَسْتَبِنْ، فَكَذَلِك السَّمَوَات السَّبع والأرضون السَّبْعَ مَعَ مَا فِيهِنَّ لَا تستبين فِي قَبْضَةِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ.

ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَيْنَ الْمُلُوكُ وَأَيْنَ الْجَبَابِرَةُ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ثُمَّ يَرُدُّ عَلَى نَفْسِهِ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ.

ثمَّ بقولِهَا الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ لِلسَّمَوَاتِ فَيَتَمَسَّكْنَ كَمَا كُنَّ وَيَأْذَنُ لِلأَرَضَينَ فَيَنْسَطِحْنَ كَمَا كُنَّ ثُمَّ يَأْذَنُ الله لِصَاحِبِ الصُّورِ فَيَقُومُ فَيَنْفُخُ نَفْخَةً

(1/53)

فَتَقْشَعِرُّ الأَرْضُ مِنْهَا وَتَلْفِظُ مَا فِيهَا وَيَسْعَى كُلُّ عُضْوٍ إِلَى عُضْوِهِ، ثُمَّ يُمْطِرُ اللهُ عَلَيْهِم مِنْ نَهْرٍ يُقَالَ لَهُ الْحَيَوَانُ وَهُوَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَيُمْطِرُ عَلَيْهِمْ شَبِيهًا بِمَنِيِّ الرِّجَالِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً حَتَّى تَنْبُتَ اللُّحُومُ عَلَى أَجْسَامِهَا كَمَا تَنْبُتُ الطَّرَاثِيثُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ثُمَّ يُؤْذِنُ لَهُ فِي النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ فَيَنْفُخُ فِي الصُّورِ فَتَخْرُجُ الأَرْوَاحُ فَتَدْخُلُ كُلُّ رُوحٍ فِي الْجَسَدِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ.

قَالَ حُذَيْفَة قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ تَعْرِفُ الرُّوحُ الْجَسَدَ؟ قَالَ نَعَمْ يَا حُذَيْفَةُ إِنَّ الرُّوحَ لأَعْرَفُ بالْجَسَدِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ مِنْ أَحَدِكُمْ بِمَنْزِلِهِ، فَيَقُومُ النَّاسُ فِي ظُلْمَةٍ لَا يُبْصِرُ أَحَدُهُمْ صَاحِبَهُ فَيَمْكُثُونَ مِقْدَارَ ثَلاثِينَ سَنَةً ثُمَّ تَنْجَلِي عَنْهُمُ الظُّلْمَةُ وَتَنْفَجِرُ الْبِحَارُ وَتُضْرَمُ نَارًا وَيُحْشَرُ كُلُّ شَيْءٍ فَوْجًا لَفِيفًا لَيْسَ يَخْتَلِطُ الْمُؤْمِنُ بِالْكَافِرِ وَلا الْكَافِرُ بِالْمُؤْمِنِ وَيَقُومُ صَاحِبُ الصُّورِ عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيُحْشَرُ النَّاسُ حُفَاةً عُرَاةً مُشَاةً غُرْلًا مَا عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ طِحْلِبَةٌ وَقد دنت الشَّمْس فَوق رؤوسهم فَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمَا سَنَتَانِ وَقَدْ أُمِدَّتْ بِحَرِّ عَشْرِ سِنِينَ فَيُسْمَعُ لأَجْوَافِ الْمُشْرِكِينَ غِقْ غِقْ فَيَنْتَهُونَ إِلَى أَرْضٍ يُقَالَ لَهَا السَّاهِرَةُ وَهِيَ بِنَاحِيَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ تَسَعُ النَّاسَ وَتَحْمِلُهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ فَيَقُومُ النَّاسُ عَلَيْهَا ثُمَّ جَثَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ لَيْسَ قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَلَكِنْ شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ لَا يَلْتَفِتُ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَمِينًا وَلا شِمَالا وَلا خَلْفًا وَقَدِ اشْتَغَلَتْ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا أَتَاهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالمين} فَيَقُومُونَ مِقْدَارَ مِائَةِ سَنَةٍ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ تِلْكَ الْمِائَةَ سَنَةٍ كَقَوْمَةٍ فِي صَلاةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا تَمَّ مِقْدَارُ مِائةُ سَنَةٍ انْشَقَّتِ السَّمَاءُ الدُّنْيَا وَهَبَطَ سُكَّانُهَا وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ فَيُحِيطُونَ بِالْخَلْقِ ثُمَّ تَنْشَقُّ السَّمَاءُ الثَّانِيَةَ وَيَهْبِطُ سُكَّانُهَا وَهُمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ هَبَطَ مِنْ سَمَاءِ الدُّنْيَا وَمِنْ أَهْلِ الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلا تَزَالُ تَنْشَقُّ سَمَاءً سَمَاءً وَيَهْبِطُ سُكَّانُهَا أَكْثَرُ مِمَّنْ هَبَطَ من سِتّ سموات وَمِنْ أَهْلِ الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يَجِيءُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ فَأَوَّلُ شَيْءٍ يُكَلِّمُ الْبَهَائِمَ فَيَقُولُ يَا بَهَائِمِي إِنَّمَا خَلَقْتُكُمْ لِوَلَدِ آدَمَ فَكَيْفَ كَانَتْ طَاعَتُكُمْ لَهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ فَتَقُولُ الْبَهَائِمُ رَبَّنَا خَلَقْتَنَا لَهُمْ فَكَلَّفُونَا مَا لَمْ نُطِقْ وَصَبَرْنَا طَلَبًا لِمَرْضَاتِكَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدَقْتُمْ يَا بَهَائِمِي إِنَّكُمْ طَلَبْتُمْ رِضَايَ فَأَنَا عَنْكُمْ رَاضٍ وَمِنْ رِضَايَ عَنْكُمُ الْيَوْمَ أَنِّي لَا أُرِيكُمْ أَهْوَالَ جَهَنَّمَ فَكُونُوا تُرَابًا وَمَدَرًا فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابا.

ثُمَّ تَذْهَبُ الأَرْضُ السُّفْلَى والثَّانِيَةُ والثالِثَةُ والَّرابِعَةُ والْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَتَبْقَى هَذِهِ الْأرْضُ فَتَكْفأُ بِأَهْلِهَا كَمَا تَكْفَأُ السَّفِينَةُ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ إِذَا خَفَقَتْهَا الرِّيَاحُ فَيَقُولُ الْآَدَميُّونَ أَلَيْسَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ الَّتِي كُنَّا نَزْرَعُ عَلَيْهَا وَنَمْشِي عَلَى ظَهْرِهَا وَنَبْنِي عَلَيْهَا الْبُنْيَانَ فَمَا لَهَا الْيَوْم لَا تقر فَتُجَاوِبُهُمْ فَتَقُولُ يَا أَهْلاهُ أَنَا الأَرْضُ الَّتِي مَهَّدَنِي الرَّبُّ لَكُمْ كَانَ لِي مِيقَاتٌ مَعْلُومٌ فَأَنَا شَاهِدَةٌ عَلَيْكُمْ بِمَا عَمِلْتُمْ عَلَى ظَهْرِي ثُمَّ عَلَيْكُمُ السَّلامُ فَلا تَرَوْنِي أَبَدًا وَلا أَرَاكُمْ فَتَشْهَدُ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ وَأَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ.

ثُمَّ تَذْهَبُ هَذِهِ الأَرْضُ وَتَأْتِي أَرْضٌ بَيْضَاءُ لَمْ يُعْمَلْ عَلَيْهَا الْمَعَاصِي وَلَمْ يُسْفَكْ عَلَيْهَا الدِّمَاءُ فَعَلَيْهَا يُحَاسَبُ الْخَلْقُ ثُمَّ يُجَاءُ بِالنَّارِ مَزْمُومَةً بِسَبْعِينَ أَلْفَ زِمَامٍ يَأْخُذُ بِكُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ لَوْ أَنَّ مَلَكًا مِنْهُمْ أُذِنَ لَهُ لالْتَقَمَ أَهْلَ

(1/54)

الْجَمْعِ فَإِذَا كَانَتْ مِنَ الآدَمِيِّينَ على مسيرَة أَرْبَعمِائَة سَنَةٍ زَفَرَتْ زَفْرَةً فَيَتَجَلَّى اِلنَّاسِ السَّكَرُ وَتَطِيرُ الْقُلُوبُ إِلَى الْحَنَاجِرِ فَلا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْهُمُ النَّفَسَ إِلا بَعْدَ جَهْدٍ جَهِيدٍ، ثُمَّ يَأْخُذُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْغَمِّ حَتَّى يُلجمهم الْعرق فِي مكانِهم فتستأذنُ الرَّحْمَن فِي السُّجُود فيأذنُ لَها فتقولُ الْحَمد لله الَّذِي جعلني أنتقمُ لله مِمَّن عصاهُ ولَمْ يَجْعَلنِي آدَمِيًّا فينتقم مني ثُمَّ تزين الْجنَّة فَإِذا كَانَت من الْآدَمِيّين على مسيرَة خَمْسمِائَة سنة يَجدُ الْمُؤْمِنُونَ رِيحهَا وروحها فتسكنُ نُفُوسهم ويزدادونَ قُوَّة عَلَى قوتِهم فَتثبت عُقُولهمْ ويلقنهم الله حجج ذنوبِهم ثُمَّ تنصب الموازين وتنشر الدَّوَاوِين ثُمَّ يُنَادي أَيْنَ فلَان ابْن فلَان قُم إِلَى الْحساب فَيقومُونَ فيشهدونَ للرسل أنّهم قد بلغُوا رسالات ربِّهم فَأنْتم حجَّة الرُّسُل يَوْم الْقِيَامَة فينادي رَجُل رَجُل فيا لَهَا من سَعَادَة لَا شقوة بعْدهَا وَيَا لَها من شقوة لَا سَعَادَة بعْدهَا.

فَإِذا قضى بَين أهل الدَّاريْنِ وَدخل أهلُ الْجنَّة الْجنَّة وأهلُ النَّار النَّار بعثَ الله عَزَّ وَجَلَّ مَلَائِكَة إِلَى أمتِي خَاصَّة وَذَلِكَ فِي مِقْدَار يَوْم الْجُمُعَة مَعَهم التحف والهدايا من عِنْدَ ربِّهم فَيَقُولُونَ السلامُ عَلَيْكُم إِن ربكُم رب الْعِزَّة يقْرَأ عَلَيْكُم السَّلَام وَيَقُول لكم أرضيتم الْجنَّة قرارًا ومنزلاً فَيَقُولُونَ هُوَ السَّلَام وَمِنْه السَّلَام وَإِلَيْهِ يرجعُ السَّلَام فَيَقُولُونَ إِن الرب قد أذنَ لكم فِي الزِّيَارَة إِلَيْهِ فيركبون نوقًا صفرًا وبيضًا رحالاتها الذَّهَب وَأَزِمَّتهَا الْيَاقُوت تَخْطُرُ فِي رمال الكافور أَنَا قائدهم وبلال عَلَى مقدمتهم وَوجه بِلَال أَشد نورا من الْقَمَر لَيْلَة البدرِ والمؤذنونَ حوله بِتِلْكَ الْمنزلَة وأهلُ حرم الله تَعَالَى أدنَى النَّاس مني ثُمَّ أهلُ حرمي الَّذين يَلُونَهُمْ ثُمَّ بعدهمْ الْأَفْضَل، فَالْأَفْضَل فيسيرون وهم فِي تَكْبِير وتهليل لَا يسمع سامع فِي الْجنَّة أَصْوَاتهم إِلَّا اشتاقَ إِلَى النظرِ إِلَيْهِم فيمرونَ بِأَهْل الْجنان فِي جنانِهم فَيَقُولُونَ من هَؤُلَاءِ الَّذين مروا بِنَا قد ازدادت جناتنا حسنا عَلَى حسنها ونورا على نورها فَيَقُولُونَ هَذَا مُحَمَّد وَأمته يزورون ربَّ العزَّة، فَيَقُولُونَ لَئِن كَانَ مُحَمَّد وَأمته بِهذه الْمنزلَة والكرامة ثُمَّ يعاينون وَجه رب الْعِزَّة فيا ليتنا كُنَّا من أمة مُحَمَّد فيسيرون حَتَّى ينْتَهوا إِلَى شَجَرَة يُقال لَهَا شَجَرَة طُوبَى وَهِي عَلَى شط نَهْر الْكَوْثَر وَهِي لِمحمدٍ لَيْسَ فِي الْجنَّة قصرٌ من قُصُور أمة مُحَمَّد إِلَّا وَفِيه غصنٌ من أغصانِ تِلْكَ الشَّجَرَة فينزلونَ تحتهَا فَيَقُول الرب عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيل أكس أهل الْجنَّة فيكسي أحدهم مائَة حلَّة لَو أنّها جعلت بَين أَصَابِعه لوسعتها من ثِيَاب الْجنَّة ثُمَّ يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيل عطر أهل الْجنَّة فيسعى الْولدَان بالطيب فيطيبون ثُمَّ يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيل فكه أهل الْجنَّة فيسعى الْولدَان بالفاكهةِ ثُمَّ يَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ ارْفَعُوا الْحجب عني حَتَّى ينظر أوليائي إِلَى وَجْهي فَإِنَّهُم عبدوني ولَمْ يروني وعرفتني قُلُوبهم ولَمْ تنظر إليّ أَبْصَارهم فَتَقول الْمَلَائِكَة سُبْحَانَكَ نَحنُ ملائكتك ونحنُ حَملَة عرشك لم نعصك طرفَة عين لَا نستطيع النّظر إِلَى وَجهك فَكيف يَسْتَطِيع الآدميون ذَلِكَ فَيَقُول الله عَزَّ وَجَلَّ يَا ملائكتي إِنِّي طالما رأيتُ وُجُوههم معفرة فِي التُّرَاب لوجهي وطالما رَأَيْتهمْ صوامًا لوجهي فِي يَوْم شَدِيد الظمأ وطالما رَأَيْتهمْ يعْملُونَ الْأَعْمَال ابْتِغَاء رَحْمَتي ورجاء ثوابي، وطالما رَأَيْتهمْ يزوروني إِلَى بَيْتِي من كل فج عميق وطالما رَأَيْتهمْ وعيونَهم

(1/55)

تجْرِي بالدموع من خَشْيَتِي يحِق للْقَوْم عَليّ أَن أعطي أَبْصَارهم من الْقُوَّة مَا يستطيعونَ بِهِ النّظر إِلَى وَجْهي فَرفع الْحجب فيخرونَ سجدا فَيَقُولُونَ سُبْحَانَكَ لَا نُرِيد جنَانًا وَلَا أَزْوَاجًا وَلَا نريدُ إلَّا النّظر إِلَى وَجهك فَيَقُول الرب عَزَّ وَجَلَّ ارْفَعُوا رؤوسكم يَا عبَادي فإنّها دارُ جَزَاء وَلَيْسَت بدارُ عبَادَة وَهَذَا لكم عِنْدِي مِقْدَار كل جُمُعَة كَمَا كُنْتُم تزوروني فِي بَيْتِي، مَوْضُوع: فِي إِسْنَاده مَجَاهِيل وضعفاء (قلتُ) مسلمة بْن الصَّلْت مَتْرُوك وَعمر بْن صبيح مَشْهُور بِالْوَضْعِ قَالَ ابْن الْمُنَادِي عقب إِخْرَاجه قد تأملتُ هَذَا الحَدِيث قَدِيما فَإِذا مَتنه قد أَتَى مُتَفَرقًا عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة الَّذين رووا ذَلِكَ مُسْندًا.

قَالَ وَقد ألفيتُ رِوَايَة ابْن عَبَّاس المسندة يَرْوِيهَا صَلَاح بِإِسْنَادِهِ فِي الْحَال أَبُو فَرْوَة يزِيد بْن مُحَمَّد بْن سِنَان الرهاوي عَن عُثْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن الْقُرَشِيّ الْمَعْرُوف بالطرايفي أَنَّهُ حدَّثَهُمْ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَرَ عَن مقَاتل بْن حَيَّان عَن عِكْرِمَة قَالَ بَيْنَمَا ابْن عَبَّاس ذَات يَوْم جَالِسا إِذْ جَاءَهُ رجلٌ فقالَ يَا أَبَا الْعَبَّاس سمعتُ الْيَوْم من كَعْب الْأَحْبَار حَدِيثا ذكر فِيهِ الشَّمْس وَالْقَمَر وَزعم أَن ابْن عَمْرو قَالَ فيهمَا قولا، فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس وَمَا هُوَ؟ فَقَالَ ذكر عَنِ ابْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ يُؤْتَى بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا ثَوْرَانِ فَيُقْذَفَانِ فِي جَهَنَّمَ.

قَالَ عِكْرِمَة فاحتفز ابْن عَبَّاس وَكَانَ مُتكئا وَغَضب وَقَالَ إِن الله أكْرم وَأجل من أَن يُعذب عَلَى طَاعَته أحدا ثُمَّ قَالَ قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} يَعْنِي إنَّهُمَا فِي طَاعَته دائبان فَكيف يُعذِّبُ عَبْدَيْنِ خلقهما لطاعته وَأثْنى عَلَيْهِمَا أنّهما لَهُ مطيعان.

ثُمَّ إِن ابْن عَبَّاس اسْترْجع مرَارًا وَأخذ عودًا من الأَرْض فَجعل ينكت بِهِ الأَرْض سَاعَة ثُمَّ رفع رَأسه.

فَقَالَ أَلا أحدثكُم حَدِيثا سَمِعْتُهُ من رَسُول الله فِي الشَّمْس وَالْقَمَر وَابْتِدَاء خلقهما فَقُلْنَا بلَى رَحِمَكَ الله فَقَالَ: إِن رَسُول الله سُئِلَ عَن ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَبْرَمَ خَلْقَهُ أَحْكَامًا فَلَمْ يَبْقَ مِنْ خَلْقِهِ غَيْرُ آدَمَ خَلَقَ شَمْسَيْنِ مِنْ نُورِ عَرْشِهِ فَذكر الحَدِيث الَّذِي أوردهُ عُمَرَ بْن صبيح عَن مقَاتل ابْن حَيَّان عَن عِكْرِمَة بِهِ عَلَى تَمام حَدِيث شهر بْن حَوْشَب عَن حُذَيْفَة، انْتهى، مَا أوردهُ ابْن الْمُنَادِي وَهَذَا الْإِسْنَاد مَا فِيهِ مُتَّهم.

وَقَالَ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم الْهَاشِمِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْبَراء حَدَّثَنَا عَبْد الْمُنعم بْن إِدْرِيس عَن أَبِيهِ عَن وهب بْن مُنَبّه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَن النَّبِي قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ شَمْسَيْنِ مِنْ نُورِ عَرْشِهِ فَذكر الحَدِيث إِلَى قَوْله {وليأتينهم بَغْتَة وهم لَا يَشْعُرُونَ} وَعبد الْمُنعم كَذَّاب وَقَالَ ابْن مرْدَوَيْه أَيْضا حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم البيع حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن بشر حَدَّثَنَا حَفْص بْن عُمَرَ الْهَمدَانِي الْكُوفيّ حَدَّثَنَا حَفْص بْن مُعَاويَة ونوح بْن أَبِي مَرْيَم عَن مقَاتل بن

(1/56)

حَيَّان عَن عِكْرِمَة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَلا أُحَدِّثُكُمْ بِمَا سَمِعت من رَسُول الله يَقُولُ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَبَدْءِ خَلْقِهِمَا وَمَصِيرِ أَمْرِهِمَا فَقُلْنَا بَلَى يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ الله سُئِلَ عَن ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَبْرَمَ خَلْقَهُ أَحْكَامًا فَلَمْ يَبْقَ مِنْ خَلْقِهِ إِلا آدَمَ خَلَقَ شَمْسَيْنِ مِنْ نُورِ عَرْشِهِ فَأَمَّا مَا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنْ يَدْعُهَا شَمْسًا فَإنَّهُ خَلَقَها مِثْلَ الدُّنْيَا مَا بَيْنَ مَشْرِقِهَا وَمَغْرِبِهَا، وَأَمَّا مَا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنْ يَطْمِسَهَا وَيُحَوِّلَهَا قَمَرًا فَإِنَّهُ خَلَقَهَا دُونَ الشَّمْسِ فِي الْعِظَمِ وَلَكِنْ إِنَّمَا يُرَى صِغَرُهُمَا مِنْ شِدَّةِ ارْتِفَاعِهِمَا فِي السَّمَاءِ وَبُعْدِهِمَا مِنَ الأَرْضِ فَذكر الحَدِيث إِلَى قَوْله وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ.

وَزَاد عقبَة فَإِذا قَامَت الْقِيَامَة وَقضى الله تَعَالَى بَين أهل الدَّاريْنِ وميزَّ بَين أهل الْجنَّة وَالنَّار ولَمّا يدخلوها بعد إِذْ يَدْعُو الرب الشَّمْس وَالْقَمَر فيُجاء بهما أسودينِ مكورين قد وَقعا فِي زلازل وبلابل ترْعد فرائصهما من هول ذَلِكَ الْيَوْم ومخافة الرَّحْمَن، فَإِذا كَانَا حِيَال الْعَرْش خرَّا لله ساجدين فَيَقُولَانِ إلهنا قد علمت طاعتنا لَك ودؤبنا فِي عبادتك وسرعتنا للمضي فِي أَمرك أَيَّام الدُّنْيَا فَلَا تعذبنا بِعبَادة الْمُشْركين إيانا فقد علمت أَنَا لَم نَدع إِلَى عبادتنا وَلم نذهل عَن عبادتك فَيَقُول الرب صدقتما فَإِنِّي قضيتُ عَلَى نَفسِي أَنِّي أبدئ وأعيد وأعيدكما إِلَى مَا بدأتكما مِنْهُ فارجعا إِلَى مَا خلقتما مِنْهُ فَيَقُولَانِ رَبنَا مِم خلقتنا فَيَقُول خلقتكما من نور عَرْشِي فارجعا إِلَيْهِ فيلتمع من كل وَاحِد مِنْهُمَا برقة تَختطفُ الْأَبْصَار فيختلطان بِنور الْعَرْش فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {إِنَّهُ هُوَ يبدئ وَيُعِيد} .

وَقَالَ أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَليّ الرَّازِيّ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوب إِسْحَاق بْن أَبِي حَمْزَة حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن مُحَمَّد السّلمِيّ أَبُو الْقَاسِم الْمَرْوَزِيّ حَدَّثَنَا أَبُو عصمَة نوح بْن أَبِي مَرْيَم عَن مقَاتل بْن حَيَّان عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فَذكره بِطُولِهِ.

وَالزِّيَادَة الْمَذْكُورَة إِلَى قَوْله فَذَلِك قَوْله إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ.

وأمّا بقيّة الحَدِيث من هُنَا إِلَى آخِره فَمَا من جملَة مِنْهُ إِلَّا وَقد وَردت فِي حَدِيث أَو أَحَادِيث وَهُوَ عِنْدِي أشبه شَيْء بِحديث الصُّور الَّذِي رواهُ إِسْمَاعِيل بْن رَافع وَتَكَلَّمُوا فِيهِ.

وَقَالَ بعضُ الْحفاظ إِنَّه وَردت أجزاؤه مفرقة فِي عدَّة أَحَادِيث فجمعها إِسْمَاعِيل وَسَاقه سياقًا وَاحِدًا، وَقد روى ابْن مرْدَوَيْه قصَّة بعثته إِلَى يَأْجُوج وَمَأْجُوج من وَجه آخر عَن نوح فَقَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن حاتِم الْمرَادِي حَدَّثَنَا نُعَيْم بْن حَمَّاد حَدَّثَنَا نوح بْن أَبِي مَرْيَم عَن مقَاتل بْن حَيَّان عَن عِكْرِمَة عَنِ ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله: بَعَثَنِي اللَّهُ تَعَالَى حِينَ أُسْرِيَ بِي إِلَى يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ فَأَبَوْا أَنْ يَجِيبُونِي فَهُمْ فِي النَّارِ مَعَ مَنْ عَصَى مِنْ وَلَدِ آدَمَ وَوَلَدِ إِبْلِيسَ.

ولِقصة الشمسين والمحو شَوَاهِد قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الله الْحَافِظ حَدثنَا أَبُو

(1/57)

الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يَعْقُوب حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الْجَبَّار حَدَّثَنَا يُونُس بْن بكير عَن أَبِي معشر الْمَدَنِيّ عَن سَعِيد المَقْبُري أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ سَأَلَ النَّبِي عَنِ السَّوَادِ الَّذِي فِي الْقَمَرِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُمَا كَانَا شَمْسَيْنِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فمحونا آيَة اللَّيْل} فَالسَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتَ هُوَ الْمَحْوُ.

وَقَالَ ابْن مرْدَوَيْه حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى حَدَّثَنَا سهل حَدَّثَنَا أَبُو مَالك عَن حجاج عَن سَلمَة عَن أَبِي الطُّفَيْل عَن عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَار آيَتَيْنِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَ: كَانَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ سَوَاءً فَمَحَا اللَّهُ آيَةَ اللَّيْلِ فَجَعَلَهَا مُظْلِمَةً وَتَرَكَ آيَةَ النَّهَارِ كَمَا هِيَ وَورد نَحوه عَن ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَمُحَمَّد بْن كَعْب الْقرظِيّ وَغَيرهم ولقصة الْأَيَّام الثَّلَاث شَوَاهِد قَالَ ابْن أَبِي حاتِم فِي تَفْسِيره عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَتَيْنَا النَّبِيَّ يَوْمًا فَقَالَ: أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ رُبْعُ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ ثُلُثُ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي سَائِرِ الأُمَمِ كَمَثَلِ شَعْرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جَنْبِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ إِنَّ بَعْدَكُمْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتْرُكَ بَعْدَهُ مِنَ الذُّرِّيَّةِ أَلْفًا فَمَا زَادَ وَإِنَّ وَرَاءَهُمْ ثَلاثَ أُمَمٍ منسك وَتَأْويل وتاريس لَا يَعْلَمُ عِدَّتَهُمْ إِلا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ: حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الْأَصْبَهَانِيّ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُود أَحْمَد بْن الْفُرَات حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ حَدَّثَنَا الْمُغيرَة بْن مُسْلِم عَن أَبِي إِسْحَاق عَن وهب بْن جَابِر عَن عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرو عَن النَّبِي قَالَ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِنْ وَلَدِ آدَمَ وَلَوْ أُرْسِلُوا لأَفْسَدُوا عَلَى النَّاسِ مَعَايِشَهُمْ وَلَمْ يَمُتْ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلا تَرَكَ مِنْ دُونِهِ أَلْفًا وَصَاعِدًا وَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِمْ ثَلاثَ أُمَمٍ تَأْوِيل وتاريس ومنسك أَخْرَجَهُ عَبْد بْن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفاسيرهم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث.

ولقصة طُلُوع الْقَمَر مَعَ الشَّمْس من الْمغرب شَاهد قَالَ ابْن الْفِرْيَانِيُّ فِي تَفْسِيره حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن أَبِي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله تَعَالَى: {يَوْم يَأْتِ بعض آيَات رَبك} قَالَ طُلُوع الشَّمْس مَعَ الْقَمَر من مغْرِبهَا كالبعيرين القرنين إِسْنَاده صَحِيح.

ولقصة طول اللَّيْل عِنْدَ طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا شَوَاهِد قَالَ ابْن مرْدَوَيْه: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن سهل حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يُوسُف الرَّازِيّ حَدَّثَنَا إِدْرِيس بْن عَليّ الرَّازِيّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن الضريس حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن

(1/58)

ربعي عَن حُذَيْفَةَ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا آيَةُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا؟ قَالَ: تَطُولُ تِلْكَ اللَّيْلَةُ حَتَّى تَكُونَ قَدْرَ لَيْلَتَيْنِ فَيَقُومُ الْمُصَلُّونَ لِحِينِهِمُ الَّذِي كَانُوا يُصَلُّونَ فِيهِ فَيَعْمَلُونَ كَمَا يَعْمَلُونَ قَبْلَهَا وَالنُّجُومُ لَا تَسْرِي قَدْ قَامَتْ مَكَانَهَا ثُمَّ يَرْقُدُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ ثُمَّ يَرْقُدُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ فَتَكِلُّ جُنُوبُهُمْ حَتَّى يَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ فَيَفْزَعُ النَّاسُ وَلا يُصْبِحُونَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَنْتَظِرُونَ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَشْرِقِهَا إِذْ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنُوا فَلا يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ.

وَقَالَ ابْن مرْدَوَيْه حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن دُحَيْم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم أَنبأَنَا ضرار ابْن صرد حَدَّثَنَا ابْن فُضَيْل عَن سُلَيْمَان بْن يزِيد عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى سَمِعْتُ رَسُول الله يَقُولُ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ لَيْلَةٌ تَعْدِلُ ثَلاثَ لَيَالٍ مِنْ لَيَالِيكُمْ هَذِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ يَعْرِفُهَا الْمُتَّقُونَ يَقُومُ أَحَدُهُمْ فَيَقْرَأُ حِزْبَهُ ثُمَّ يَنَامُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ وَقَالُوا مَا هَذِهِ؟ فَيَفْزَعُونَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فَإِذَا هُمْ بِالشَّمْسِ قَدْ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا حَتَّى إِذَا صَارَتْ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ رَجَعَتْ وَطَلَعَتْ مِنْ مَطْلِعِهَا.

وَقَالَ ابْن مرْدَوَيْه حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن كَامِل حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد الْعَوْفِيّ حدَّثَنِي أَبِي عَن أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله عَشِيَّةً مِنَ الْعَشِيَّاتِ فَقَالَ لَهُمْ: يَا عِبَادَ اللَّهِ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنَّكُمْ تُوشَكُوا أَنْ تُرَدَّ الشَّمْسُ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ فَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ حُبِسَتِ التَّوْبَةُ وَطُوِيَ الْعَمَلُ وَخُتِمَ الإِيمَانُ فَقَالَ النَّاسُ هَلْ لِذَلِكَ مِنْ آيَةٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ آيَةُ تِلْكُمُ اللَّيْلَة أَنْ تَطُولَ كَقَدْرِ ثَلاثِ لَيَالٍ فَيَسْتَيْقِظُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ فَيُصَلُّونَ فَيَقْضُونَ صَلاتَهُمْ وَاللَّيْلُ مَكَانَهُ لَمْ يَنْقَضِ، ثُمَّ يَأْتُونَ مَضَاجِعَهُمْ فَيَضْطَجِعُونَ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظُوا وَاللَّيْلُ مَكَانَهُ فَإِذَا رَأَوْا ذَلِكَ خَافُوا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ عَظِيمٍ فَإِذَا أَصْبَحُوا ثَارَتْ عَلَيْهِمْ طُلُوعُ الشَّمْسِ فَبَيْنَمَا هُمْ يَنْتَظِرُونَهَا إِذْ طَلَعَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ.

وَقَالَ أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن أبان عَن أَبِي حاتِم حَدثنَا مُحَمَّد بْن عمرَان حدَّثَنِي أَبِي حدَّثَنِي ابْن أَبِي ليلى عَن إِسْمَاعِيل بْن رَجَاء عَن سعد بْن إِيَاس أَبِي عُمَرَ الشَّيْبَانِيّ عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ إِذَا غَرَبَتْ سَجَدَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَإِذَا حَضَرَ طُلُوعُهَا سَجَدَتْ ثُمَّ اسْتَأْذَنَتْ فَيُؤْذَنُ لَهَا فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي تُحْبَسُ فِيهِ سجدت ثُمَّ اسْتَأْذَنَتْ فَيُقَالُ: لَهَا اثْبُتِي فَتُحْبَسُ مِقْدَارَ لَيْلَتَيْنِ وَيَفْزَعُ لَهَا الْمُتَهَجِّدُونَ، وَيُنَادِي الرَّجُلُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ جَارَهُ يَا فُلانُ مَا شَأْنُنَا اللَّيْلَةَ لَقَدْ نِمْتُ حَتَّى شَبِعْتُ وَصَلَّيْتُ حَتَّى أَعْيَيْتُ ثُمَّ يُقَالُ لَهَا اطْلُعِي مِنْ حَيْثُ غَرَبْتِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث وَالله أعلم.

(1/59)

(ابْن عدي) حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن الْبَصْرِيّ حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن بَحر أَنْبَأنَا عَلِيّ بْن أَبِي عَليّ اللهبي عَن مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدر عَن جَابِرٍ مَرْفُوعًا: إِنَّ لِلَّهِ دِيكًا عُنُقُهُ مَطْوِيَّةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ وَرِجْلاهُ تَحْتَ التُّخُومِ فَإِذَا كَانَتْ هِدَةٌ مِنَ اللَّيْلِ صَاحَ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ فَصَاحَتِ الدِّيَكَةُ، مَوْضُوع: عَلِيّ بْن أَبِي عَليّ مَتْرُوك يروي الموضوعات لَا يُحتج بِهِ (قلتُ) لَم يُتَّهَمُ بِوضع وَقد أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإيِمَان وَتفرد بِهذا الْإِسْنَاد عَلِيّ بْن أَبِي عَليّ اللهبي وَكَانَ ضَعِيفا قَالَ وروى عَن زَهْدَم بْن الْحَارِث عَن الْعرس بْن عميرَة عَن النَّبِي أتم مِنْهُ انْتهى وَالله أعلم.

(ابْن عدي) حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن الْهَيْثَم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الأفطح حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن زَهْدَم بْن الْحَارِث الفغاري عَن أَبِيهِ عَنِ الْعُرْسِ بْنِ عميرَة مَرْفُوعا أَن الله تَعَالَى دِيكًا بَرَاثِنُهُ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى وَعُرْفُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ يَصْرُخُ عِنْدَ مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ وَيَصْرُخُ لَهُ ديك السَّمَوَات سَمَاءً سَمَاءً ثُمَّ يَصْرُخُ بِصُرَاخِ ديك السَّمَوَات دِيَكَةُِ الأَرْضِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ، مَوْضُوع: يَحْيَى قَالَ ابْن حبَان روى عَن أَبِيهِ نُسْخَة مَوْضُوعَة لَا يحل كتبهَا إِلَّا عَلَى جِهَة التَّعَجُّب (قلتُ) خَالفه غَيره وَقَالَ ابْن عدي هُوَ من أهل الْمغرب حَدَّث عَنْهُ ابْنه وَغَيره وَأَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْس بِهِ، وَقَالَ ابْن أَبِي حاتِم كتب عَنْهُ أَبِي وَسُئِلَ عَنْهُ فقالَ: شيخٌ أَرْجُو أَن يكون صَدُوقًا وَلِلْحَدِيثِ شَوَاهِد من طرق مُتعَدِّدَة، قَالَ أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الرّبيع حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد الْوَارِث حَدَّثَنَا حَرْب بْن سريح حَدثنَا زَيْنَب بِنْت يزِيد العتكية قَالَتْ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ دِيكًا رِجْلاهُ تَحْتَ سَبْعِ أَرَضِينَ وَرَأسه قد جَاوز سبع سموات يُسَبِّحُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلاةِ فَلا يَبْقَى دِيكٌ مِنْ دِيَكَةِ الأَرْضِ إِلا أَجَابَهُ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس حَدَّثَنَا الْفضل بْن سهل حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن مَنْصُور السَّلُولي حَدَّثَنَا إِسْرَائِيل عَن مُعَاويَة بْن إِسْحَاق عَن سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَن دِيكٍ قَدْ مَرَقَتْ رِجْلاهُ الأَرْضَ وَرَأْسُهُ مَثْنِيَّةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ وَهُوَ يَقُولُ سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَكَ رَبَّنَا فَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا يَعْلَمُ ذَلِك من حلف بِي كَاذِبًا.

أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس بِهِ وَأخرجه الْحَاكِم فِي

(1/60)

الْمُسْتَدْرك من طَرِيق عُبَيْد الله بْن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل بْن مُوسَى بِهِ وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن حَدَّثَنَا عِيسَى بْن يُونُس الرَّمْلِيّ حَدَّثَنَا أَيُّوب بْن سُوَيْد عَن إِدْرِيس يَعْنِي الأوديّ عَن عَمْرو بْن مرّة عَن سالِم عَن ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دِيكًا بَرَاثِنُهُ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى وَعُنُقُهُ مَثْنِيٌّ تَحْتَ الْعَرْشِ وَجَنَاحَاهُ فِي الْهَوَاءِ يَخْفِقُ بِهِمَا بِسَحَرٍ كُلَّ لَيْلَةٍ سَبِّحُوا الْقُدُّوسَ رَبُّنَا الرَّحْمَنُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ.

أَيُّوب روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَضَعفه أَحْمَد وَجَمَاعَة وَبَاقِي رجال الْإِسْنَاد تقدّمت.

حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن روح حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن دَاوُد وَعلي بْن دَاوُد القنطريان قَالَا حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن صالِح حدَّثَنِي رشدين بْن سعد عَن الْحَسَن بْن ثَوْبَان عَن يزِيد بْن أَبِي حبيب عَن سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَن أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُول الله: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دِيكًا جَنَاحَاهُ مُوشَيَانِ بِالزَّبَرْجَدِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ جَنَاحٌ لَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَجَنَاحٌ لَهُ فِي الْمَغْرِبِ وَقَوَائِمُهُ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى وَرَأْسُهُ مَثْنِيٌّ تَحْتَ الْعَرْشِ فَإِذَا كَانَ فِي السَّحَرِ الأَعْلَى خَفَقَ بِجَنَاحِهِ ثُمَّ قَالَ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَضْرِبُ الدِّيَكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا وَتَصِيحُ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ضُمَّ جَنَاحَيْكَ وَغُضَّ صَوْتَكَ فَيَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَنَّ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ.

رِجَاله ثِقَات سوى رشدين وَقد روى لَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَكَانَ رجلا عابدًا صالِحًا سيء الْحِفْظ، حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن فَارس حَدَّثَنَا بْن حميد حَدَّثَنَا أسلمة بْن الْفضل حدَّثَنِي ابْن إِسْحَاق عَن مَنْصُور بْن الْمُعْتَمِر عَن سالِم بْن أَبِي الْجَعْد عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس رفع الحَدِيث أَن رَسُول الله قَالَ: إِن مِمَّا خلق الله تبَارك ديكًا براثنه عَلَى الأَرْض السَّابِعَة وعرفه منطوٍ تَحْتَ الْعَرْش قد أحَاط جناحاهُ بالأفقين فَإِذا بَقِي ثلث اللَّيْل الآخر ضرب بِجناحه ثُمَّ قَالُوا سبحوا الْملك القدوس سُبْحَانَ رَبنَا الْملك القدوس لَا إِلَه لنا غَيره فيسمعها من بَين الْخَافِقين إِلَّا الثقلَيْن فيرون أَن الديكة إنّما تضربُ بأجنحتها وتصرخُ إِذا سَمِعْتُ ذَلِكَ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط.

حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن روح حدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الله الطرسوسي حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن النَّضر الْمَدَنِيّ عَن الْكَلْبِيّ عَن أَبِي صالِح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن لِلَّهِ تَعَالَى دِيكًا فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا كَلْكَلُهُ مِنْ ذَهَبٍ أَصْفَرَ وَبَطْنُهُ مِنْ فِضَّةٍ بَيْضَاءَ وَقَوَائِمُهُ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ بَرَاثِنُهُ مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ، بَرَاثِنُهُ تَحْتَ الأَرْضِ السُّفْلَى جَنَاحٌ لَهُ بِالْمَشْرِقِ وَجَنَاحٌ لَهُ بِالْمَغْرِبِ عُنُقُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَعُرْفُهُ مِنْ نُورِ حِجَابٍ مَا بَيْنَ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ يَخْفِقُ بِجَنَاحِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.

حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَرَ حَدَّثَنَا يُوسُف بن مهْرَان

(1/61)

حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن رَجُل من أهل الْكُوفَة قَالَ بَلغنِي أَن تَحت الْعَرْش ملكا فِي صُورَة ديك براثنه من لُؤْلُؤ وصيصيته من زبرجد أَخْضَر إِذا مضى ثلث اللَّيْل الأول ضرب بجناحه وزقا وَقَالَ ليقمْ المتهجدونَ فَإِذا مضى ثلث اللَّيْل ضربَ بِجناحه وزقا وَقَالَ ليقمْ المصلون، فَإِذا طلع الفجرُ ضربَ بِجناحه وزقا وَقَالَ ليقمْ النائمونَ وَعَلَيْهِم أوزارهم.

حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا سَلمَة فِيمَا أحسبُ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغيرَة حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي مَرْيَم حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَلَكًا فِي السَّمَاءِ يُقَالَ لَهُ الدِّيكُ فَإِذَا سَبَّحَ فِي السَّمَاءِ سَبَّحَتِ الدُّيُوكُ فِي الأَرْضِ يَقُولُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ السُّبُّوحُ الْقُدُّوسُ الرَّحْمَنُ الْمَلِكُ الدَّيَّانُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَمَا قَالَهَا مَكْرُوبٌ أَوْ مَرِيضٌ عِنْدَ ذَلِكَ إِلا كَشَفَ اللَّهُ تَعَالَى هَمَّهُ، وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ عَن صَفْوَان بْن عَسَّال قَالَ إِن لله عَزَّ وَجَلَّ ديكًا رَأسه تَحْتَ الْعَرْش وجناحه فِي الْهَوَاء براثنه فِي الأَرْض فَإِذا كَانَ فِي الأسحار وأذان الصَّلَوَات خَفق بِجناحه وصفق بالتسبيح فتسبح الديكة تجيبه بالتسبيح وَالله أعلم.

(ابْن حبَان) حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سدوس النسوي حَدَّثَنَا حميد بْن زَنْجَويه حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خِدَاش حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن قُتَيْبَة عَن ميسرَة بْن عَبْد ربه عَن عُمَرَ بْن سُلَيْمَان الدِّمَشْقِي عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعًا: لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ رَأَيْتُ فِيهَا أَعَاجِيبَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ وَمِنْ ذَلِكَ الَّذِي رَأَيْتُ فِي السَّمَاءِ دِيكٌ لَهُ زَغَبٌ أَخْضَرُ وَرِيشٌ أَبْيَضُ بَيَاضُ رِيشِهِ كَأَشَدِّ بَيَاضٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ وَزَغَبُهُ تَحْتَ رِيشِهِ أَخْضَرُ كَأَشَدِّ خُضْرَةٍ رَأَيْتُهَا قَطُّ وَإِذَا رِجْلاهُ فِي تُخُومِ الأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى وَرَأْسُهُ تَحْتَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ ثَانِيَ عُنُقِهِ تَحْتَ الْعَرْشِ لَهُ جَنَاحَانِ فِي مَنْكِبَيْهِ إِذَا نَشَرَهُمَا جَاوَزَا الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ فَإِذَا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ نَشَرَ جَنَاحَيْهِ وَخَفَقَ بِهِمَا وَصَرَخَ بِالتَّسْبِيحِ لِلَّهِ يَقُولُ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَبَّحَتْ دِيَكَةُ الأَرْضِ كُلُّهَا وَخَفَقَتْ بِأَجْنِحَتِهَا وَأَخَذَتْ فِي الصُّرَاخِ فَإِذَا سَكَنَ ذَلِكَ الدِّيكُ فِي السَّمَاءِ سَكَنَتِ الدِّيَكَةُ فِي الأَرْضِ.

قَالَ ابْن حبَان وَذكر حَدِيثا طَويلا فِي قصَّة الْمِعْرَاج شَبِيها بِعشْرين ورقة (قلتُ) وتَمامه: ثُمَّ إِذا كَانَ فِي بعض اللَّيْل نشر جناحيه فِي آفَاق الْمشرق وَالْمغْرب فخفق بِهما وصرخ بالتسبيح لله تَعَالَى وَيَقُول سُبْحَانَ الله الْعلي الْعَظِيم سُبْحَانَ الله الْعَزِيز القهار سُبْحَانَ الله ذِي الْعَرْش الْمجِيد الرفيع فَإِذا فعل ذَلِكَ سَبَّحَتْ دِيَكَةُ الأَرْضِ كُلُّهَا عَنْد قَوْله وخفقت بأجنحتها وَأخذت فِي الصَّرِيخ فَإِذا سكن ذَلِكَ الديك سكنت الديكة فِي الأَرْض ثُمَّ إِذا هاج ذَلِكَ الديك هَاجَتْ الديكة فِي الأَرْض إِذْ يجاوبنه بالتسبيح لله تَعَالَى تُعلن مثل قَوْله فَلم أزل مُنْذُ رَأَيْت ذَلِكَ الديك مشتاقًا إِلَى أَن أراهُ الثَّانِيَة ثُمَّ مررتُ بِخلق عجب من الْعجب من الْمَلَائِكَة نصف جسده مِمَّا يَلِي رَأسه ثلج وَالْآخر نَار مَا بَينهمَا رتق فَلَا النَّار تُذيب الثَّلج وَلَا الثَّلج يُطفئ النَّار وَهُوَ قَائِم يُنَادي بِصَوْت

(1/62)

لَهُ رفيع جدا يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الَّذِي كف برد هَذَا الثَّلج فَلَا يُطْفِئ حر هَذِه النَّار، سُبْحَانَ رَبِّي الَّذِي كف حر هَذِه النَّار فَلَا تُذيب هَذَا الثَّلج اللَّهُمَّ مؤلفًا بَين الثَّلج وَالنَّار ألف بَين قُلُوب عِبَادك الْمُؤمنِينَ فقلتُ من هَذَا يَا جِبْرِيل؟ فَقَالَ ملكُ من الْمَلَائِكَة وَصله الله بِأَكْنَافِ السَّمَوَات وأطراف الْأَرْضين وَهُوَ من أنصح الْمَلَائِكَة لأهل الأَرْض من الْمُؤمنِينَ يَدْعُو لَهُم بِما تسمع فَهَذَا قَوْله مُنْذُ خلق، ثُمَّ مَرَرْت بِملك آخر جَالس عَلَى كرْسِي فَإِذا جَمِيع الدُّنْيَا وَمن فِيهَا بَين رُكْبَتَيْهِ وَبِيَدِهِ لوحٌ من نور مَكْتُوب ينظر فِيهِ لَا يلتفتُ عَنْهُ يَمِينا وَلَا شمالاً مقبلٌ عَلَيْهِ فقلتُ لَهُ من هَذَا يَا جِبْرِيل؟ قَالَ هَذَا ملك الْمَوْت دائب فِي قبض الْأَرْوَاح وَهُوَ أَشد الْمَلَائِكَة عَملاً فقلتُ يَا جِبْرِيل إِن كل من مَاتَ من ذَوي الْأَرْوَاح أَو هُوَ ميت فِيمَا بعد أَهَذا يقبض روحه قَالَ نعم قلتُ أفيراهم أَيْنَمَا كَانُوا ويشهدهم بِنَفسِهِ قَالَ نعم فقلتُ كفى بِالْمَوْتِ طامة، فَقَالَ جِبْرِيل إِن مَا بعد الْمَوْت أَطَم وَأعظم فقلتُ وَمَا ذَاك يَا جِبْرِيل؟ قَالَ منكرٌ وَنَكِير يأتيان كل إِنْسَان من الْبشر حِين يوضعُ فِي قَبره وَيتْرك وحيدًا فقلتُ أرنيهما يَا جِبْرِيل؟ قَالَ لَا تفعل يَا مُحَمَّد فَإِنِّي أرهبُ أَن تفزع مِنْهُمَا وتهال أَشد الهول وَلَا يراهما أحد من ولد آدم إِلَّا بعد الْمَوْت وَلَا يراهما أحد من الْبشر إِلَّا مَاتَ فَزعًا مِنْهُمَا وهما أعظمُ شَأْنًا مِمَّا تظن قلتُ يَا جِبْرِيل صفهما لي قَالَ نعم من غير أَن أذكر لَك طولهما ذكر ذَلِكَ مِنْهُمَا أفظعُ غير أَن أصواتَهُما كالرعد القاصف وأعينهما كالبرق الخاطف وأنيبابهما كصياصي الْبَقَرَة يخرجُ لَهب النَّار من أفواههما ومناخرهما ومسامعهما، يكسحان الأرضِ بأشعارهما، ويحقران الأَرْض بأظفارهما مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَمُود من حَدِيد لَو اجْتمع عَلَيْهِ جَمِيع من فِي الأَرْض مَا حركوهُ يأتيانِ الْإِنْسَان إِذا وضع فِي قَبره وَترك وحيدًا يسلطان عَلَيْهِ فَترد روحه فِي جسده بِإِذن الله تَعَالَى ثُمَّ يقعدانه فِي قَبره وينتهرانه انتهارًا تتقعقعُ مِنْهُ عِظَامه وتزولُ أعضاؤه من مفاصله فيخر مغشيًا عَلَيْهِ ثُمَّ يقعدانه فِي قَبره فَيَقُولَانِ يَا هَذَا إِنَّك فِي البرزخ فاعقل ذَلِكَ واعرف مَكَانك وينتهرانه ثَانِيًا ويقولانِ يَا هَذَا قد ذهبت من الدُّنْيَا وأفضيتَ إِلَى معادك أَخْبَرَنَا من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك، فَإِن كَانَ مُؤمنا لقنه الله تَعَالَى حجَّته فَيَقُول رَبِّي الله ونبيي مُحَمَّد وديني الْإسْلَام فينتهرانه عِنْدَ ذَلِكَ انتهارًا يرى أَن أوصاله قد تَفَرَّقت وعروقه قد تقطعت فَيَقُولَانِ تثبت يَا هَذَا وَانْظُر مَا تَقُولُ فَيثبت الله عَبده الْمُؤمن بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة وَيُلْقِيه الْأَمْن ويدرأ عَنْهُ الْفَزع حَتَّى لَا يخافهما، فَإِذا فعل الله ذَلِكَ بِعَبْدِهِ الْمُؤمن استأنس إِلَيْهِمَا وأقبلَ عَلَيْهِمَا وَيَقُول تهدداني كَيْمَا أشكُ فِي ديني أتريدان أَن أَتَّخِذ غَيره وليا فأشهدُ أَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رَبِّي وربكما وَرب كل شَيْء، ونبيي مُحَمَّد وديني الْإِسْلَام، فينتهرانه ويسألانه الثَّالِثَة فَيَقُول رَبِّي الله فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض فإيّاهُ كنت أعبد لَم أشرك بِهِ شَيْئا ولَمْ أَتَّخِذ غَيره وليا، أتريدان أَن ترداني عَن معرفَة رَبِّي وعبادتي إيّاهُ هُوَ الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رَبِّي وربكما وَرب كل شَيْء، ونبيي مُحَمَّد وديني الْإسْلَام، فَإِذا قَالَ ذَلِكَ ثَلَاث مَرَّات مجاوبة لَهما تواضعا حَتَّى يستأنسُ إِلَيْهِمَا أحسن مَا يكون فِي الدُّنْيَا إِلَى أهل وده وقرابته فَيَقُولَانِ

(1/63)

صدقت وبررت وفقك الله وثبتك أبشر بِالْجنَّةِ وكرامة الله ثُمَّ يدفعان قَبره فيتسع عَلَيْهِ مد الْبَصَر ويفتحان لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة فَيدْخل عَلَيْهِ من ريح الْجنَّة وَطيب نسيمها ونورها مَا يعرف بِهِ كَرَامَة الله فَإِذا رأى ذَلِكَ استيقنَ الْفَوْز وَحمد الله فيفرشانِ لَهُ فراشا من استبرق الْجنَّة ويضعانِ لَهُ مصباحًا من نور عِنْدَ رَأسه ومصباحًا من نور عِنْدَ رجلَيْهِ، يزهران لَهُ فِي قَبره بأضوأ من الشَّمْس لَا يُطفئان عَنْهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يبْعَث من قَبره ثُمَّ يدْخل عَلَيْهِ من الْجنَّة ريحٌ فحين يشمها يغشاهُ النعاس وينامُ ويقولان لَهُ ارقد رقدة الْعَرُوس قرير الْعين لَا خوف عَلَيْك وَلَا حزن ثُمَّ يمثلان لَهُ عمله الصَّالح فِي أحسن صُورَة وَأطيب ربح فَيكون عِنْدَ رَأسه ويقولان هَذَا عملكَ الصالِح وكلامك الطّيب قد مثله الله فِي أحسن مَا ترى من صُورَة يُرِيك فِي قبرك فَلَا تكون وحيدًا ويدرأُ عَنْك هوَام الأَرْض وكل أَذَى وَلَا يخذلك فِي قبرك وَلَا فِي شَيْء من مَوَاطِن الْقِيَامَة حَتَّى يُدخلك الْجنَّة برحمة رَبك، فنم سعيدًا طُوبَى لَك وَحسن مآب ثُمَّ يسلمان عَلَيْهِ وينصرفان عَنْهُ، قلتُ يَا جِبْرِيل لقد شوقتني إِلَى الْمَوْت من حسن حَدِيثك فأدنني من ملك الْمَوْت، فأدناني فسلمتُ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ جِبْرِيل هَذَا مُحَمَّد نَبِي الرَّحْمَة الَّذِي أرْسلهُ الله فِي الْعَرَب رَسُولا نبيًّا، فَرَحَّبَ بِي وحياني بِالسَّلَامِ، وأنعم بشاشتي وَأحسن بشراي ثُمَّ قَالَ أبشر يَا مُحَمَّد فَإِن إِلَيْك الْخَيْر كُله فِي أمتك فَقلت الْحَمد لله المنان بِالنعَم ذَلِكَ من رَحْمَة رَبِّي لي وَنعمته عَلَى، قلت مَا هَذَا اللَّوْح الَّذِي بَين يَديك يَا ملك الْمَوْت قَالَ مَكْتُوب فِي آجال الْخلق قلتُ أَفلا تُخبرنِي عَمَّن قبضت روحه فِي الدهور الخالية قَالَ تِلْكَ الْأَرْوَاح فِيهِ أَلْوَاح أُخْرَى قد علمت عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ أصنعُ بِكُل ذِي روح إِذا قبضت روحه علمت عَلَيْهِ فَقلت يَا ملك الْمَوْت فَكيف تقدر عَلَى قبض أَرْوَاح جَمِيع من فِي الأَرْض أهل بلادها وكورها وَمَا بَين مشارقها وَمَغَارِبهَا قَالَ أَلا ترى أَن الدُّنْيَا كلهَا بَين ركبتي وَجَمِيع الْخَلَائق بَين عَيْني ويداي يبلغان الْمشرق وَالْمغْرب وخلفهما بَعيدا فَإِذا نفذ أجل عَبْد نظرت إِلَيْهِ فَإِذا أبْصر أعواني من الْمَلَائِكَة نَظَرِي إِلَى عَبْد من عُبَيْد الله عرفُوا أَنَّهُ مَقْبُوض فعمدوا إِلَيْهِ فبطشوا بِهِ يُعالجون من نزع روحه فَإِذا بلغت الرّوح الْحُلْقُوم علمت ذَلِكَ وَلَا يخفى عَليَّ من أمره شَيْء مددتُ يَدي إِلَيْهِ فانتزعتُ روحه من جسده وأقبضه، فَذَلِك أَمْرِي وَأمر ذَوي الْأَرْوَاح من عباد الله فأبكاني حَدِيثه ثمَّ جاورناه فمررتُ بِملك عَظِيم مَا رأيتُ من الْمَلَائِكَة خلقا مثله كالح الْوَجْه كريه المنظر شَدِيد الْبَطْش ظَاهر الْغَضَب، فَلَمَّا نظرت إِلَيْهِ رعبت فَقلت يَا جِبْرِيل من هَذَا فَإِنِّي قد رعبتُ مِنْهُ رعْبًا شَدِيدا قَالَ لَا تعجب أَن ترعب مِنْهُ يَا مُحَمَّد فكلنا بِمنزلتك من الرعب مِنْهُ هَذَا مَالك خَازِن جَهَنَّم لَم يتبسم قطّ ولَمْ يزل مُنْذُ ولاه الله جَهَنَّم يزدادُ كل يَوْم غَضبا وغيظًا عَلَى أَعدَاء الله وَأهل مَعْصِيَته لينتقمَ الله بِهِ مِنْهُم فسلمتُ عَلَيْهِ فَرد عليّ وكلمته فَأَجَابَنِي وبشرني بِالْجنَّةِ قلتُ لَهُ مذ كم أَنْت وَاقد عَلَى جَهَنَّم قَالَ مُنْذُ خلقت حَتَّى الْآن وَكَذَلِكَ حَتَّى السَّاعَة قلت يَا جِبْرِيل مره فليفتح بَابا مِنْهَا فَأمره بذلك فَفعل فَخرج مِنْهَا لهبٌ سَاطِع أسود مَعَه دخانٌ كدر مظلم امْتَلَأت مِنْهُ الْآفَاق وسطع اللهب فِي السَّمَاء لَهُ قصيف

(1/64)

ومعمعة فرأيتُ مِنْهُ هَولاً فظيعًا وأمرًا عَظِيما أعجزَ عَن صفته فكاد يغشى عليّ وتزهقُ نَفسِي فقلتُ يَا جِبْرِيل مره فليردده فَأمره بذلك فَفعل ثُمَّ جاوزناهُ ومررتُ بِملائكة كَثِيرَة لَا يُحصي عَددهمْ إِلَّا الله الْوَاحِد الْملك القهار مِنْهُم من لَهُ وُجُوه كَثِيرَة بَين كَتفيهِ الله أعلم.

بعدِّها ثُمَّ وُجُوه كَثِيرَة فِي صَدره وَفِي كل وَجه من تِلْكَ الْوُجُوه أَفْوَاه وألسن وهم يَحْمَدون الله ويُسبحونه بِتِلْكَ الألسن كلهَا فَرَأَيْت من خلقهمْ وعبادتهم لله أمرا عَظِيما فجاوزنَاهم من سَمَاء إِلَى سَمَاء حَتَّى بلغنَا بِقُوَّة الله إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَإِذا خلق كثير فَوق وصف الواصفين يَموجُ بَعضهم فِي بعض كَثْرَة وَإِذا كل ملك مِنْهُم ممتلئ مَا بَين رَأسه وَرجلَيْهِ وُجُوه وَأَجْنِحَة وَلَيْسَ من فَم وَلَا رَأس وَلَا وَجه وَلَا عين وَلَا لِسَان وَلَا أذن وَلَا جنَاح وَلَا يَد وَلَا رَجُل وَلَا عُضْو وَلَا شعر إِلَّا يُسبح الله بِحمده وَيذكر من آلائه وثنائه بِكلام لَا يذكرهُ الْعُضْو الآخر رافعين أصواتَهم بالبكاء من خشيَة الله والتحميد لَهُ وعبادته لَو سَمِعَ أهلُ الأَرْض صَوت ملك مِنْهُم لماتوا كلهم فَزعًا من شدَّة هوله، قلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ، قَالَ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم هَؤُلَاءِ الكروبيون عَن عِبَادَتهم لله وتسبيحهم لَهُ وبكائهم من خَشيته خلقُوا كَمَا ترى لم يكلم وَاحِد مِنْهُم صَاحبه إِلَى جنبه قطّ وَلم ير وَجهه وَلم يرفعوا رؤوسهم إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة مُنْذُ خلقُوا ولَمْ ينْظرُوا إِلَى مَا تَحْتَهُم من السَّمَوَات وَالْأَرضين خشوعًا فِي جسمهم وخوفًا من رَبهم فأقبلتُ عَلَيْهِم بِالسَّلَامِ فَجعلُوا يردونَ عَليّ إِيمَاء وَلَا يكلموني وَلَا ينظرونَ إِلَى من الْخُشُوع فَلَمَّا رأى ذَلِكَ جِبْرِيل قَالَ هَذَا مُحَمَّد نَبِي الرَّحْمَة الَّذِي أرْسلهُ الله فِي الْعَرَب نبيًّا وَهُوَ خاتَمُ الْأَنْبِيَاء وَسيد الْبشر أَفلا تكلمونه، فَلَمَّا سمعُوا ذَلِكَ من جِبْرِيل وَذكره أَمْرِي بِما ذكر أَقبلُوا عَليّ بالتحية وَالسَّلَام فَأحْسنُوا بشارتي وكلموني وبشروني بِالْخَيرِ لأمتي ثُمَّ أَقبلُوا عَلَى عِبَادَتهم كَمَا كَانُوا، فأطلقت الْمكْث عِنْدهم وَالنَّظَر إِلَيْهِم تَعَجبا مِنْهُم لعظم خلقهمْ وَفضل عِبَادَتهم، ثُمَّ جاوزناهم فَحَمَلَنِي جِبْرِيل فَأَدْخلنِي السَّمَاء السَّابِعَة فأبصرتُ فِيهَا خلقا وملائكة من خلق رَبهم لَمْ يُؤذن لي أَن أحدثكُم عَنْهُم وَلَا أصفهم لكم، ثُمَّ أخْبركُم إِن الله أَعْطَانِي عِنْدَ ذَلِكَ مثل قُوَّة أهل الأَرْض وَزَادَنِي من عِنْده مَا هُوَ أعلم بِهِ ومنَّ عليّ بالثبات وحدد بَصرِي لرؤية نورهم وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا استطعتُ النّظر فقلتُ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم الَّذِي خلق مثل هَؤُلَاءِ قلت من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل فَأَخْبرنِي وقص عَليّ من شأنِهم الْعجب ولَمْ يُؤذن لي أَن أحدثكُم عَنْهُم ثُمَّ جاوزناهم فَأخذ جِبْرِيل بيَدي فرفعني إِلَى عليين حَتَّى انْتهى بِي إِلَى أَشْرَاف الْمَلَائِكَة وعظمائهم وَرُؤَسَائِهِمْ فنظرتُ إِلَى سبعين صفا من الْمَلَائِكَة صفا خلف صف وَقد افْتَرَقت أَقْدَامهم تخوم الأَرْض السَّابِعَة وجاوزت حَيْثُ لَا يُعلمهُ إِلَّا الله حَتَّى اسْتَقَرَّتْ عَلَى السهوم يَعْنِي حِجَابا فِي الظلمَة وامترقت رؤوسهم السَّمَاء السَّابِعَة الْعليا ونفذت فِي عليين حَيْثُ شَاءَ الله فِي الْهَوَاء وَإِذا من وسط رؤوسهم إِلَى مُنْتَهى أَقْدَامهم وُجُوه وَنور أَجْنِحَة ووجوه شَتَّى لَا يشبه بَعْضهَا بَعْضًا وأنوارهم شَتَّى لَا يشبه بَعْضهَا بَعْضًا وأجنحتهم شَتَّى لَا يشبه بَعْضهَا بَعْضًا تَحارُ أبصارُ الناظرين دونهم فنبت عَيْنَايَ عَنْهُم لما نظرت من عجائب

(1/65)

خلقهمْ وَشدَّة هولِهم وتلألؤ نورهم فخالطني مِنْهُم فزع شَدِيد حَتَّى استعلتني الرعدة فنظرتُ إِلَى جِبْرِيل فَقَالَ لَا تَخف يَا مُحَمَّد فَإِن الله عز وَجل قد أكرمكَ بكرامة لَمْ يُكرم بِهَا أحد قبلك وَبلغ بك مَكَانا لَم يبلغ إِلَيْهِ أحد قبلك وَإنَّك سترى أمرا عَظِيما وخلقًا عجيبًا من خلق رب الْعِزَّة فَتثبت يقوك الله وتجلد فَإنَّك سترى أعجب من الَّذِي رَأَيْته وَأعظم أضعافًا كَثِيرَة، ثُمَّ جاوزناهم بِإِذن الله تَعَالَى يتَصَعَّد بِي إِلَى عليين حَتَّى ارتفعنا فَوْقهم مسيرَة خمسين ألف سنة لغيرنا وَلَكِن الله قدر لنا سرعَة جَوَازه فِي سَاعَة من اللَّيْل فَانْتَهَيْنَا أَيْضا إِلَى سبعين صفا من الْمَلَائِكَة صفا خلف صف قد ضاقَ كل صف مِنْهُم بالصف الَّذِي يَلِيهِ فَرَأَيْت من خلقهمْ الْعجب العجيب من تلألؤ نورهم وَكَثْرَة وُجُوههم وأجنحتهم وَشدَّة هولِهم ودوي أصواتِهم بالتسبيح لله وَالثنَاء عَلَيْهِ، فنظرتُ إِلَيْهِم فحمدتُ الله عَلَى مَا رَأَيْت من قدرته وَكَثْرَة عجائب خلقه ثُمَّ جاوزناهم بِإِذن الله متصعدين إِلَى عليين حَتَّى أَشْرَفنَا فَوْقهم فَوْقهم مسيرَة خمسين ألف سنة بِقُوَّة الله وإسرائه بِنَا فِي سَاعَة، حَتَّى انتهينا إِلَى سبعين صفا من الْمَلَائِكَة صفا خلف صف ثُمَّ كَذَلِك إِلَى سبع صُفُوف مَا بَين كل صفّين من الصُّفُوف السَّبْعَة مسيرَة خمسين ألف سنة للراكب المسرع، قد ماج بَعضهم فِي بعض وَقد ضاقَ كل صف مِنْهُم بالصف الَّذِي يَلِيهِ فهم طبق وَاحِد متراصونَ بَعضهم إِلَى بعض وَبَعْضهمْ خلف بعض فَلَقَد خيل إليّ أَنِّي قد نسيت كل مَا رَأَيْت من عجائب خلق الله الَّذِي دونهم ولَم يُؤذن لي أَن أحدثكُم عَنْهُم وَلَو كَانَ أذن لي فِي ذَلِكَ لم أستطع أَن أصفهم لكم وَلَكِن أخْبركُم أَن لَو كنت مَيتا قبل أَجلي فَزعًا من شَيْء لَمُت عِنْدَ رُؤْيَتهمْ وعجائب خلقهمْ ودوي أصواتِهم وشعاع نورهم وَلَكِن الله تَعَالَى قواني لذَلِك برحمته وَتَمام نعْمَته وَمن عَليّ بالثبات عِنْد مَا رَأَيْت من شُعَاع نورهم وَسمعت دوِي أصواتِهم بالتسبيح وحدد بَصرِي لرؤيتهم كي لَا يخطف من نورهم وهم الصافون حول عرش الرَّحْمَن، وَالَّذين دونهم المسبحونَ فِي السَّمَاوَات، فحمدتُ الله عَلَى مَا رَأَيْت من الْعجب فِي خلقهمْ، ثُمَّ جاوزناهم بِإِذن الله متصعدين إِلَى عليين حَتَّى ارتفعنا فَوق ذَلِكَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى بَحر من نور يتلألأ لَا يرى لَهُ طرف وَلَا مُنْتَهى، فَلَمَّا نظرت إِلَيْهِ حَار بَصرِي دونه حَتَّى ظننتُ أَن كل شَيْء من خلق رَبِّي قد امْتَلَأَ نورا والتهبَ نَارا، فكاد بَصرِي يذهبُ من شدَّة نور ذَلِكَ الْبَحْر وتعاظمني مَا رَأَيْت من تلألؤه وأفظعني حَتَّى فزعت مِنْهُ جدا فحمدتُ الله تَعَالَى عَلَى مَا رَأَيْت من هول ذَلِكَ الْبَحْر وعجائبه ثُمَّ جاوزناهُ بِإِذن الله تَعَالَى متصعدين إِلَى عليين حَتَّى انتهينا إِلَى بَحر أسود فنظرتُ فَإِذا ظلماتٌ متراكبة بَعْضهَا فَوق بعض فِي كَثَافَة لَا يعلمهَا إِلَّا الله وَلَا أرى لذَلِك الْبَحْر مُنْتَهى وَلَا طرفا فَلَمَّا نظرت إِلَيْهِ اسْوَدَّ بَصرِي وَغشيَ عَليّ حَتَّى ظننتُ أَن خلق رَبِّي قد اسود، وأعتمت فِي الظلام فَلم أر شَيْئا وظننتُ أَن جِبْرِيل قد فَاتَنِي وفزعت وتعاظمني جدًّا، فَلَمَّا رأى جِبْرِيل مَا بِي أَخذ بيَدي وَأَنْشَأَ يؤنسني ويُكلمني وَيَقُول لَا تَخف يَا مُحَمَّد أبشر بكرامة الله واقبلها بقبولها هَلْ تَدْرِي مَا ترى وَأَيْنَ يذهبُ بك إِنَّك ذاهبٌ إِلَى رَبك رب الْعِزَّة، فَتثبت لما ترى

(1/66)

من عجائب خلقه يثيبك الله، فحمدتُ الله عَلَى مَا بشرني بِهِ جِبْرِيل، وعَلى مَا رأيتُ من عجائب ذَلِكَ الْبَحْر، ثُمَّ جاوزنا بِإِذن الله متصعدين إِلَى عليين حَتَّى انتهينا إِلَى بَحر من نَار يتلظى نَارا، ويستعر استعارًا، ويَمُوجُ موجًا ويأكلُ بعضه بَعْضًا، ولناره شُعَاع ولَهب سَاطِع وَفِيه دوِي ومعمعة وَهُوَ هائل، فَلَمَّا نظرتُ إِلَيْهِ وامتلأت خوفًا ورعبًا وظننتُ أَن كل شَيْء من خلق الله قد التهبَ نَارا وَغشيَ بَصرِي حَتَّى رددت يَدي عَلَى عَيْني لما رَأَيْت من هول تِلْكَ النَّار فنظرتُ إِلَى جِبْرِيل فَعرف مَا بِي من الْخَوْف، فَقَالَ لي يَا مُحَمَّد لَا تخف تثبت وتَجلد بِقُوَّة الله تَعَالَى واعرف فضل مَا أَنْت فِيهِ وَإِلَى مَا أَنْت سَائِر، وَخذ مَا يُرِيك الله من آيَاته وعجائب خلقه بشكر، فحمدت الله عَلَى مَا رَأَيْت من عجائب تِلْكَ النَّار ثُمَّ جاوزناها بِإِذن الله متصعدين إِلَى عليين حَتَّى انتهينا إِلَى جبال الثَّلج بَعْضهَا خلف بعض لَا يحصيها إِلَّا الله، شوامخ منيعة الذرى فِي الْهَوَاء وثلجها شَدِيد الْبيَاض لَهُ شُعَاع كشعاع الشَّمْس، فنظرتُ فَإِذا هُوَ يرعد كَأَنَّهُ مَاء يجْرِي فحار بَصرِي من شدَّة بياضه وتعاظمني مَا رَأَيْت من كَثْرَة الْجبَال وارتفاع ذراها فِي الْهَوَاء حَتَّى ثَبت عَيْنَايَ عَنْهَا فَقَالَ لي جِبْرِيل لَا تَخف يَا مُحَمَّد وَتثبت لِما يُرِيك الله من عجائب خلقه، فحمدتُ الله عَلَى مَا رأيتُ من عظم تِلْكَ الْجبَال ثُمَّ جاوزناها بِإِذن الله متصعدين إِلَى عليين حَتَّى انتهينا إِلَى بَحر آخر من نَار تزيد ناره أضعافًا لَهبًا وتلظيًا واستعارًا وأمواجا ودويا ومعمعة وَهولا وَإِذا جبال الثَّلج بَين النَّار وَلَا تطفئها، فَلَمَّا وقف بِي عَلَى ذَلِكَ وهول تِلْكَ النَّار استحملني من الْخَوْف والفزع أَمر عَظِيم واستقبلتني الرعدة حَتَّى ظننتُ أَن كل شَيْء من خلق رَبِّي قد التهب نَارا لما تفاقم أمرهَا عِنْدِي ورأيتُ من فظاعة هولها، فَنظر إليَّ جِبْرِيل، فَلَمَّا رأى مَا بِي من الْخَوْف والرعدة، قَالَ سُبْحَانَ الله يَا مُحَمَّد مَالك أَأَنْت مواقع هَذِه النَّار فَمَا كل هَذَا الْخَوْف إنّما أَنْت فِي كَرَامَة الله والصعود إِلَيْهِ ليريك من عجائب خلقه وآياته الْكُبْرَى فاطمئن برحمة رَبك وَأَقْبل مَا أكرمك بِهِ فَإنَّك فِي مَكَان لَمْ يصل إِلَيْهِ آدَمِيّ قبلك قطّ، فَخذ مَا أنتَ فِيهِ بشكرك وَتثبت لِما ترى من خلق رَبك ودع عَنْك من خوفك، فَإنَّك آمن مِمَّا تخَاف، وَإِن كنت تعجب مِمَّا تَرَى فَمَا أَنْت رَاء بعد هَذَا أعجبُ مِمَّا رَأَيْت قبل ذَلِكَ، فأفرغ روعي وهدأتُ نَفسِي فحمدتُ الله عَلَى مَا رَأَيْت من عجائب آلائه، ثُمَّ جاوزنا تِلْكَ النَّار متصعدين حَتَّى انتهينا إِلَى بَحر من مَاء وَهُوَ بَحر البحور لَا أُطِيق أصفه لكم غير أَنِّي لم آتٍ عَلَى موطن من تِلْكَ المواطن الَّتِي حدثتكم كنت فِيهِ أَشد فَزعًا وَلَا هولاً مني حِين وقف بِي عَلَى ذَلِكَ الْبَحْر من شدَّة هوله وَكَثْرَة أمواجه وتراكب أواذيه والأذي هُوَ الموج الْعَظِيم كالجبال الرواسِي بَعْضهَا فَوق بعض محبوك بغوارب يَعْنِي طرائق وَهِي الأمواج الصغار فتعاظمني مَا رَأَيْت من ذَلِكَ الْبَحْر حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ لَمْ يبْق شَيْء من خلق الله إِلَّا قد غمره ذَلِكَ المَاء فَنظر إليّ جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد لَا تَخف من هَذَا فَإنَّك إِن رعبت من هَذَا فَمَا بعد هَذَا أروع وَأعظم، هَذَا خلق وإنّما نَذْهَب إِلَى الْخَالِق رَبِّي وَرَبك وَرب كل شَيْء فجلا عني مَا كَانَ يستحملني من الْخَوْف واطمأننتُ برحمة رَبِّي فنظرتُ فِي ذَلِك الْبَحْر

(1/67)

فَرَأَيْت خلقا عجبا فَوق وصف الواصفين قلت يَا جِبْرِيل أَيْنَ مُنْتَهى هَذَا الْبَحْر وَأَيْنَ قَعْره، قَالَ جَاوز قَعْره الأَرْض السَّابِعَة السفلي إِلَى حَيْثُ شَاءَ الله هَيْهَات هَيْهَات شأنُ هَذَا الْبَحْر وَمَا فِيهِ من خلق رَبك أعظم وأعجب مِمَّا ترى يَا مُحَمَّد، فرميت ببصري فِي نواحيه فَإِذا أَنَا فِيهِ بملائكة قيام قد غمروا بخلقهم خلق جَمِيع الْمَلَائِكَة وبذوا بنورهم نور جَمِيع الْمَلَائِكَة لعظم أنوارِهم وَكَثْرَة أجنحتهم فِي اخْتِلَاف خلقهَا نَاشِرَة خلف أَطْرَاف السَّمَوَات وَالْأَرضين، خَارِجَة فِي الْهواء تخفق بالتسبيح لله تَعَالَى قد جَاوَزت الْهَوَاء حَيْثُ شَاءَ الله لَهُمْ من نورهم وهج من تلألؤ نورهم كوهج النَّار، فلولا أَن الله تَعَالَى أيدني بقوته، ومنَّ عَليّ بالثبات، وألبسني جنَّة من رَحمته فكلأني بِهَا، لتخطف نورهم بَصرِي ولأحرقت وُجُوههم جَسَدِي وَلَكِن برحمة الله وتَمام نعْمَته عَليّ دَرأ عني وهج نورهم وحدد بَصرِي لرؤيتهم فنظرتُ إِلَيْهِم فِي مقامهم فَإِذا مَاء الْبَحْر وَهُوَ بَحر البحور فِي كثافته وَكَثْرَة أمواجه وأمواج أواذيه لَمْ يُجاوز ركبهمْ قلت يَا جِبْرِيل مَا هَذَا الْبَحْر الَّذِي قد غمر البحور كلهَا وَقد كدتُ أنسى من شدَّة هوله وَكَثْرَة مَائه كل عجب رَأَيْت من خلق الله وَمَعَ بعد قَعْره لَم يُجَاوز ركبهمْ فَأَيْنَ مُنْتَهى أَقْدَامهم قَالَ يَا مُحَمَّد قد أَخْبَرتك عَن شَأْن هَذَا الْبَحْر وَعَن عجائب هَذَا الْخلق الَّذِي فِيهِ مُنْتَهى أَقْدَامهم عِنْدَ أصل هَذَا المَاء الَّذِي فِي قَعْر هَذَا الْبَحْر ومنتهى رؤوسهم عِنْدَ عرش رب الْعِزَّة وَإِذا لَهم دوِي بالتسبيح لَو سَمِعَ أهل الأَرْض صَوت ملك وَاحِد مِنْهُم لصعقوا أَجْمَعُونَ وماتوا وَإِذا هُمْ يقولونَ سُبْحَانَ الله وبِحمده سُبْحَانَ الله الْعَظِيم الْحَيّ القيوم سُبْحَانَ الله وبِحمده سُبْحَانَ الله الْعَظِيم سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله القدوس فحمدت الله عَلَى مَا رأيتُ من عجائب ذَلِكَ الْبَحْر وَمن فِيهِ ثُمَّ جاوزناهم بِإِذن الله إِلَى عليين حَتَّى انتهينا إِلَى بَحر من نور قد علا نوره وسطع فِي عليين فرأيتُ من شُعَاع تلألؤه أمرا عَظِيما لَو جهدت أَن أصفه لكم مَا اسْتَطَعْت ذَلِكَ غير أَن نوره بذكل نور وغمر لَك نَار وَعلا كل شُعَاع رَأَيْته قبل ذَلِكَ مِمَّا حدثتكم، فَلَمَّا نظرت إِلَيْهِ كَاد شعاعه يخطف بَصرِي وَلَقَد كل وعشى دونه حَتَّى جعلت لَا أبْصر شَيْئا كَأَنِّي إنّما أنظرُ إِلَى ظلمَة لَا إِلَى نور، فلمّا رأى جِبْرِيل مَا بِي قَالَ اللَّهُمَّ ثبته بِرَحْمَتك وأيده بقوتك وأتمم عَلَيْهِ نِعْمَتك فَلَمَّا دَعَا لي بذلك جلى عَن بَصرِي وحدده الله لرؤية شُعَاع ذَلِكَ النُّور ومنَّ عَليّ بالثبات لذَلِك، فنظرتُ إِلَيْهِ وقلبت بَصرِي فِي نواحي ذَلِكَ الْبَحْر فَلَمَّا امْتَلَأت عَيْني ظننتُ أَن السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين وكل شَيْء متلألأ نورا ومتأجج نَارا ثُمَّ حَار بَصرِي حَتَّى ظَنَنْت أَن نوره يَتلون عَلَى مَا بَين الْحمرَة والصفرة وَالْبَيَاض والخضرة ثُمَّ اختلطن والتبسن جَمِيعًا حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ قد أظلم من شدَّة وهجه وشعاع تلألؤه وإضاءة نوره فنظرتُ إِلَى جِبْرِيل فَعرف مَا بِي فَأَنْشَأَ يَدْعُو لي الثَّانِيَة بِنَحْوِ من دُعَائِهِ الأول فَرد الله إليّ بَصرِي برحمته وحدده لرؤية ذَلِكَ وأيدني بقوته حَتَّى ثَبت وَقمت لَهُ وهون ذَلِكَ عَليّ بمنه حَتَّى جعلت أقلب بَصرِي فِي أواذي نور ذَلِكَ الْبَحْر فَإِذا فِيهِ مَلَائِكَة قيام صفا وَاحِدًا متراصين كلهم متضايقين بَعضهم فِي بعض قد أحاطوا بالعرش واستداروا حوله فلمّا نظرت

(1/68)

إِلَيْهِم وَرَأَيْت عجائب خلقهمْ كأنِّي أنسيت كل شَيْء كَانَ قبلهم مِمَّا رَأَيْت من الْمَلَائِكَة وَمَا وصفتُ لكم قبلهم حَتَّى ظَنَنْت أَنِّي حِين رَأَيْت عجائب خلقهمْ كَأَنِّي نسيت كل شَيْء كَانَ قبلهم مِمَّا رَأَيْت من الْمَلَائِكَة لعجب خلق أُولَئِكَ الْمَلَائِكَة، وَقد نهيت أَن أصفهم لكم وَلَو كَانَ أذن لي فِي ذَلِكَ فجهدتُ أَن أصفهم لكم لَم أطق ذَلِكَ ولَم أبلغ جُزْءا وَاحِدًا من مائَة جُزْء فَالْحَمْد لله الخلاق الْعَلِيم الْعَظِيم شَأْنه فَإِذا هُمْ قد أحاطوا بالعرش وغضوا أَبْصَارهم دونه لَهم دوِي بالتسبيح كَأَن السَّمَوَات وَالْأَرضين وَالْجِبَال الرواسِي ينضمُ بَعْضهَا إِلَى بعض بل أَكثر من ذَلِكَ وأعجب فَوق وصف الواصفين فأصغيتُ لتسبيحهم كي أفهمهُ فَإِذا هُمْ يَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله ذُو الْعَرْش الْكَرِيم لَا إِلَه إِلَّا الله الْعلي الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَيّ القيوم فَإِذا فتحُوا أَفْوَاههم بالتسبيح لله خرج من أَفْوَاههم نورٌ سَاطِع كَأَنَّهُ لهبان النَّار لَوْلَا أَنَّهَا بِتَقْدِير الله تُحيط بِنور الْعَرْش لظَنَنْت يَقِينا أَن نور أَفْوَاههم كَانَ يحرق مَا دونهم من خلق الله كلهم فَلَو أَمر الله وَاحِدًا مِنْهُم أَن يلتقم السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع وَمن فِيهِنَّ من الْخَلَائق بلقمة وَاحِدَة لفعل ذَلِكَ ولهان عَلَيْهِ لما شرفهم وَعظم من خلقهمْ، وَمَا يوصفونَ بِشَيْء إِلَّا هُمْ أعجب وَأمرهمْ أعظم من ذَلِكَ، قلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ سُبْحَانَ الله القهار فَوق عباده يَا مُحَمَّد مَا يَنْبَغِي لَك أَن تعلم من هَؤُلَاءِ أَرَأَيْت أهل السَّمَاء السَّادِسَة وَمَا فَوق ذَلِكَ إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَا رَأَيْت فِيما بَين ذَلِكَ وَمَا لَمْ تَرَ أعظم وأعجب فهم الكروبيون أَصْنَاف شَتَّى، وَقد جعل الله تَعَالَى فِي جَلَاله وتقدس فِي أَفعاله مَا ترى وفضلهم فِي مكانهم وخلقهم وجعلهم فِي درجاتِهم وصورهم ونورهم كَمَا رَأَيْت وَمَا لَمْ تَرَ أَكثر وأعجب، فحمدتُ الله عَلَى مَا رَأَيْت من شأنِهم ثُمَّ جاوزناهم بِإِذن الله متصعدين فِي جو عليين أسْرع من السهْم وَالرِّيح بِإِذن الله وَقدرته حَتَّى وصل بِي إِلَى الْعَرْش ذِي الْعِزَّة الْعَزِيز الْوَاحِد القهار، فَلَمَّا نظرت إِلَى الْعَرْش فَإِذا مَا رَأَيْته من الْخلق كُله قد تصاغرَ ذكره وتَهاونَ أمره واتضع خطره عِنْدَ الْعَرْش، وَإِذا السَّمَوَات السَّبع والأرضون السَّبع وأطباق جَهَنَّم ودرجات الْجنَّة وستور الْحجب وَالنَّار والبحار وَالْجِبَال الَّتِي فِي عليين وَجَمِيع الْخلق والخليقة إِلَى عرش الرَّحْمَن كحلقة صَغِيرَة من حلق الدرْع فِي أَرض فلاة وَاسِعَة تيماء لَا يعرف أطرافها من أطرافها وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِمقام رب الْعِزَّة أَن يكون عَظِيما لِعظم ربوبيته وَهُوَ كَذَلِك وَأعظم وَأجل وأعز وَأكْرم وَأفضل وَأمره فَوق وصف الواصفين وَمَا تلهجُ بِهِ ألسن الناطقين فَلَمَّا أسرِي بِي إِلَى الْعَرْش وحاذيته دُلي لي رَفْرَف أَخْضَر لَا أُطِيق صفته لكم فَأَهوى بِي جِبْرِيل فأقعدني عَلَيْهِ ثُمَّ قصر دوني ورد يَدَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ مَخَافَة عَلَى بَصَره أَن يلتمع من تلألؤ نور الْعَرْش وَأَنْشَأَ يبكي بِصَوْت رفيع ويسبح الله تَعَالَى وَيَحْمَدهُ ويُثْنِي عَلَيْهِ فرفعني ذَلِكَ الرفرف بِإِذن الله وَرَحمته إيّاي، وتَمام نعْمَته عَلي إِلَى سيد الْعَرْش إِلَى أَمر عَظِيم لَا تناله الألسن وَلَا تبلغه الأوهام، فحار بَصرِي دونه حَتَّى خفتُ الْعَمى، فغمضت عَيْني وَكَانَ تَوْفِيقًا من الله، فلمّا غمضتُ بَصرِي رد إلهي بَصرِي فِي قلبِي، فجعلتُ أنظر بقلبي نَحْو مَا كنت أنظر بعيني نورا يتلألأ

(1/69)

نُهيت أَن أصف لكم مَا رَأَيْت من جَلَاله فسألتُ رَبِّي أَن يكرمني بالثبات لرُؤْيَته بقلبي كي أستتم نعْمَته فَفعل ذَلِكَ رَبِّي وأكرمني بِهِ فنظرتُ إِلَيْهِ بقلبي حَتَّى أثْبته وَأثبت رُؤْيَته فَإِذا هُوَ حِين كشف عَنْه حجبه مستو عَلَى عَرْشه فِي وقاره وعزه ومجده وعلوه ولَم يُؤذن لي فِي غير ذَلِكَ من صفته لكم سُبْحَانَهُ بِجلاله وكرم فعاله فِي مَكَانَهُ الْعلي ونوره المتلألئ فَمَال إِلَيّ من وقاره بعض الْميل فأدناني مِنْهُ فَذَلِك قَوْله فِي كِتَابه يُخبركم فعاله بِي وإكرامه إيَّايَ {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قوسين أَو أدني} يَعْنِي حَيْثُ مَال إِلَى فقربني مِنْهُ قدر مَا بَين طرفِي الْقوس بل أدنى من الكبد إِلَى السية {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أوحى} يَعْنِي مَا قضى من أمره الَّذِي عهد إليّ {مَا كَذَبَ الْفُؤَاد مَا رأى} يَعْنِي رؤيتي إيّاهُ بقلبي {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} فَلمَّا مَال إِلَيّ من وقاره سُبْحَانَهُ وضع إِحْدَى يَدَيْهِ بَين كَتِفي، فَلَقَد وجدتُ برد أنامله عَلَى فُؤَادِي حينا ووجدتُ عِنْدَ ذَلِكَ حلاوته وَطيب رِيحه وَبرد لذاذته وكرامة رُؤْيَته فاضمحلَ كل هولٍ كنت لقِيت وتجلت عني روعاتي وَاطْمَأَنَّ قلبِي وامتلأت فَرحا وقرت عَيْنَايَ وَوَقع الاستبشار والطرب عَلي حَتَّى جعلتُ أميل وأتكفأ يَمِينا وَشمَالًا ويأخذني مثل السبات وظننتُ أَن من فِي الأَرْض وَالسَّمَوَات مَاتُوا كلهم لِأَنِّي لَا أسمعُ شَيْئا من أصوات الْمَلَائِكَة ولَم أر عِنْدَ رُؤْيَة رَبِّي أجرام ظلمَة فتركني إلهي كَذَلِك إِلَى مَا شَاءَ الله ثُمَّ رد إِلَيّ ذهني فَكَأَنِّي كنت مستوسنًا وأفقتُ فَثَابَ إِلَيّ عَقْلِي واطمأننتُ بِمعرفة مَكَاني وَمَا أَنَا فِيهِ من الْكَرَامَة الفائقة والإيثار الْبَين فكلمني رَبِّي سُبْحَانَهُ وبِحمده فَقَالَ يَا مُحَمَّد هَلْ تَدْرِي فيمَ يَخْتصم الْمَلأ الْأَعْلَى؟ قلتُ يَا رب أَنْت أعلمُ بذلك وَبِكُل شَيْء وَأَنت علام الغيوب قَالَ اخْتَصَمُوا فِي الدَّرَجَات والحسنات هَلْ تَدْرِي يَا مُحَمَّد مَا الدَّرَجَات والحسنات قلت يَا رب أَنْت أعلمُ وَأحكم فَقَالَ الدَّرَجَات إسباغ الْوضُوء فِي المكروهات وَالْمَشْي عَلَى الْأَقْدَام إِلَى الْجُمُعَات وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة، والحسنات إطْعَام الطَّعَام وإفشاء السَّلَام والتهجد بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام، فَمَا سَمِعْتُ شَيْئا قطّ ألذ وَلَا أحلى من نَغمَة كَلَامه فاستأنستُ إِلَيْهِ من لذاذة نغمته حَتَّى كَلمته بحاجتي فَقلت يَا رب إِنَّك اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَكلمت مُوسَى تكليمًا وَرفعت إِدْرِيس مَكَانا عليًّا وآتيت سُلَيْمَان ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده وآتيتَ دَاوُد زبورا فَمَالِي يَا رب؟ قَالَ يَا مُحَمَّد اتخذتك خَلِيلًا كَمَا اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا، وكلمتك كَمَا كلمت مُوسَى تكليمًا، وأعطيتك فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة وكانتا من كنوز عَرْشِي وَلم أعطهما نبيًّا قبلك وأرسلتك إِلَى أَبيض أهل الأَرْض وأسودهم وأحمرهم وجنهم وإنسهم ولَم أرسل إِلَى جَمَاعَتهمْ نبيًّا قبلك وجعلتُ الأَرْض برهَا وبحرها لَك وَلِأُمَّتِك طهُورا ومسجدًا وأطعمتُ أمتك الْفَيْء ولَم أطْعمهُ أمة قبلهَا، ونصرتُك بِالرُّعْبِ حَتَّى أَن عَدوك ليفر مِنْك وَبَيْنك وَبَينه مسيرَة شهر وأنزلت عَلَيْك سيد الْكتب كلهَا ومهيمنًا عَلَيْهَا قُرْآنًا فرقناهُ وَرفعت لَك ذكرك حَتَّى قرنته بذكري فَلَا أذكر بِشَيْء من شرائع ديني إِلَّا ذكرتك معي ثُمَّ أفْضى إِلَى من بعد هَذَا أُمُور لَم يُؤذن لي أَن أحدثكُم بِهَا، فلمّا عهد إليّ عَهده وَتَرَكَنِي مَا

(1/70)

شَاءَ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى عَرْشه سُبْحَانَهُ بِجلاله ووقاره وعزه نظرت وَإِذا قد حيل بيني وَبَينه وَإِذا دونه حجاب من نور يلتهبُ التهابًا لَا يعلم مسافته إِلَّا الله لَو هتك فِي مَوضِع لأحرق خلق الله كلهم ودلاني الرفرفُ الْأَخْضَر الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ فَجعل يخفضني ويرفعني فِي عليين، فجعلتُ أرتفع مرّة كَأَنَّهُ يطار بِي ويخفضني مرّة كَأَنَّهُ يخْفض بِي إِلَى مَا هُوَ أَسْفَل مني فظننتُ أَنِّي أهوي فِي جو عليين فلَمْ يزل ذَلِكَ الرفرف يفعلُ ذَلِكَ بِي خفضًا ورفعًا حَتَّى أَهْوى بِي إِلَى جِبْرِيل فتناولني مِنْهُ وارتفعَ الرفرفُ حَتَّى توارى عَن بَصرِي فَإِذا إلهي قد ثَبت بَصرِي فِي قلبِي وَإِذا أَنَا أبصرُ بقلبي مَا خَلْفي كَمَا أبصرُ بعيني مَا أَمَامِي، فَلَمَّا أكرمني رَبِّي بِرُؤْيَتِهِ أحد بَصرِي فَنظر إليَّ جِبْرِيل فَلَمَّا رأى مَا بِي قَالَ لَا تخف يَا مُحَمَّد وَتثبت بِقُوَّة الله أيدك الله بالثبات لرؤية نور الْعَرْش وَنور الْحجب وَنور الْبحار وَالْجِبَال الَّتِي فِي عليين وَنور الكروبيين وَمَا تَحت ذَلِكَ من عجائب خلق رَبِّي إِلَى مُنْتَهى الأَرْض أرى ذَاك كُله بعضه من تَحت بعض بَعْدَمَا كَانَ يشق عَليّ رُؤْيَة وَاحِد مِنْهُم ويُحار بَصرِي دونه، فسمعتُ فَإِذا أصوات الكروبيين وَمَا فَوْقهم وصوتُ الْعَرْش وأصوات الْحجب قد ارْتَفَعت حَولي بالتسبيح لله وَالتَّقْدِيس لله وَالثنَاء عَلَى الله فسمعتُ أصواتًا شَتَّى مِنْهَا صرير وَمِنْهَا زجل وَمِنْهَا هدير وَمِنْهَا دوِي وَمِنْهَا قصيف مُخْتَلفَة بَعْضهَا فَوق بعض فروعت لذَلِك روعًا لما سمعتُ من الْعَجَائِب فَقَالَ لي جِبْرِيل لم تفزع يَا رَسُول الله أبشر فَإِن الله تَعَالَى قد دَرأ عَنْك الروعات والمخاوف كلهَا وَاعْلَم علما يَقِينا أَنَّك خيرته من خلقه وصفوته من الْبشر حباك بِمَا لَمْ يُحِبهُ أحدا من خلقه ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل وَلَقَد قربك الرَّحْمَن عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ قَرِيبا من عَرْشه مَكَانا لَمْ يصل إِلَيْهِ وَلَا قرب مِنْهُ أحد من خلقه قطّ لَا من أهل السَّمَوَات وَلَا من أهل الأَرْض فهناك الله بكرامته واجتباكَ بِهِ وأنزلك من الْمنزلَة الأثيرة والكرامة الفائقة فجدد لِرَبِّك بشكره فَإِنَّهُ يحب الشَّاكِرِينَ ويستوجبُ لَك الْمَزِيد مِنْهُ عِنْدَ الشُّكْر مِنْك فحمدت الله عَلَى مَا اصطفاني بِهِ وأكرمني ثُمَّ قَالَ جِبْرِيل يَا رَسُول الله انْظُر إِلَى الْجنَّة حَتَّى أريك مَا لَك فِيهَا وَمَا أعد الله لَك فِيهَا فتعرف مَا يكون معادك بعد الْمَوْت فتزداد فِي الدُّنْيَا زهادة إِلَى زهادتك فِيهَا تزداد فِي الْآخِرَة رَغْبَة إِلَى رغبتك فِيهَا قلت نعم فسرت مَعَ جِبْرِيل بِحمد رَبِّي من عليين يهوي منقضًا أسْرع من السهْم وَالرِّيح فَذهب روعي الَّذِي كَانَ قد استحملني بعد سَماع المسبحين حول الْعَرْش وثاب إِلَى فُؤَادِي، فكلمتُ جِبْرِيل وأنشأت أسأله عَمَّا كنت رَأَيْت فِي عليين (قلت) يَا جِبْرِيل مَا تِلْكَ البحور الَّتِي رَأَيْت من النُّور والظلمة وَالنَّار وَالْمَاء والدر والثلج والنور، قَالَ سُبْحَانَ الله تِلْكَ سرادقات رب الْعِزَّة الَّتِي أحاطَ بِهَا عَرْشه فَهِيَ ستره دون الْحجب السّبْعين الَّتِي احتجبَ بِهَا الرَّحْمَن من خلقه وَتلك السرادقات ستور لِلْخَلَائِقِ من نور الْحجب وَمَا تَحت ذَلِكَ كُله من خلق الله وَمَا عَسى أَن يكون مَا رَأَيْت من ذَلِكَ يَا رَسُول الله إِلَى مَا غَابَ مِمَّا لَمْ تره من عجائب خلق رَبك فِي عليين، فَقلت سُبْحَانَ الله الْعَظِيم مَا أَكثر عجائب خلقه وَلَا أعجب من قدرته عِنْدَ عظم ربوبيته، ثُمَّ قلت يَا جِبْرِيل من الْمَلَائِكَة الَّذين رَأَيْت فِي

(1/71)

البحور وَمَا بَين بَحر النَّار إِلَى بَحر الصافين والصفون يعد الصُّفُوف كأنّهم بنيانٌ مرصوص متضايقين بَعضهم فِي بعض ثُمَّ مَا رأيتُ خَلفهم نحوهم مصطفون صُفُوفا بعد صُفُوف وَفِيمَا بَينهم وَبَين الآخرين من الْبعد والأمد والنأي، فَقَالَ يَا رَسُول الله أما تسمعُ رَبك يَقُولُ فِي بعض مَا نزل عَلَيْك {يَوْمَ يَقُومُ الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا} وأخبرك عَن الْمَلَائِكَة أَنهم قَالُوا {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ المسبحون} فَالَّذِينَ رَأَيْت فِي بِحور عليين هُمُ الصافون حول الْعَرْش إِلَى مُنْتَهى السَّمَاء السَّادِسَة وَمَا دون ذَلِك هم المسبحون فِي السَّمَوَات وَالروح رئيسهم الْأَعْظَم كلهم، ثُمَّ إسْرَافيل بعد ذَلِكَ، فقلتُ يَا جِبْرِيل فَمن الصَّفّ الْأَعْلَى الَّذِي فِي الْبَحْر الْأَعْلَى فَوق الصُّفُوف كلهَا الَّذين أحاطوا بالعرش واستداروا حوله؟ فَقَالَ جِبْرِيل يَا رَسُول الله إِن الكروبيين هُمْ أشرف الْمَلَائِكَة وعظماؤهم ورؤساؤهم وَمَا يَجْتَرئ أحد من الْمَلَائِكَة أَن ينظرَ إِلَى ملك من الكروبيين، وَلَو نظرت الْمَلَائِكَة الَّذين فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَى ملك وَاحِد من الكروبيين لخطف وهج نورهم أَبْصَارهم وَلَا يَجْتَرئ ملك وَاحِد من الكروبيين أَن ينظر إِلَى ملك وَاحِد من أهل الصَّفّ الْأَعْلَى الَّذين هُمْ أَشْرَاف الكروبيين وعظماؤهم وهم أعظمُ شَأْنًا من أَن أُطِيق صفتهمْ لَك وَكفى بِما رأيتَ فيهم ثُمَّ سَأَلْتُ جبريلَ عَن الْحجب وَمَا كنت أسمع من تسبيحها وتَمْجيدها وتقديسها لله تَعَالَى، فَأَخْبرنِي عَنْهَا حِجَابا حِجَابا وبَحْرًا بَحْرًا، وأصناف تسبيحها بِكلام كثير فِيهِ الْعجب كل الْعجب من الثَّنَاء عَلَى الله والتمجيد لَهُ، ثُمَّ طافَ بِي جِبْرِيل فِي الْجنَّة بِإِذن الله فَمَا ترك مَكَانا إِلَّا أرانيه وَأَخْبرنِي عَنْهُ فلأنا أعرفُ بِكُل دَرَجَة وَقصر وَبَيت وغرفة وخيمة وشجرة ونهر وَعين مني بِما فِي مَسْجِدي هَذَا، فلَمْ يزل يطوفُ بِي حَتَّى انْتهى بِي إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَقَالَ يَا مُحَمَّد هَذِه الشَّجَرَة الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فِيمَا أنزل؟ فَقَالَ {عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى} لأنّها كَانَ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كل ملك مقرب وَنَبِي مُرْسل لَمْ يجاوزها عَبْد من عباد الله قطّ غَيْرك وَأَنا فِي سببك مرتي هَذِه وأمّا قبلهَا فَلَا وإليها يَنْتَهِي أَمر الْخَلَائق بِإِذن الله وَقدرته ثُمَّ يقْضِي الله فِيهِ بعد ذَلِكَ مَا يَشَاء فنظرتُ إِلَيْهَا فَإِذا سَاقهَا فِي كَثَافَة لَا يعلمهَا إِلَّا الله وفرعها فِي جنَّة المأوى وَهِي أَعلَى الجنات كلهَا، فنظرتُ إِلَى فرع السِّدْرَة فَإِذا عَلَيْهَا أَغْصَان نابتة أَكثر من تُرَاب الأَرْض وثراها، وعَلى الغصون ورق لَا يُحصيها إِلَّا الله، وَإِذا الورقة الْوَاحِدَة من وَرقهَا مغطية الدُّنْيَا كلهَا، وَحملهَا من أَصْنَاف ثمار الْجنَّة ضروب شَتَّى وأصناف شَتَّى وطعوم شَتَّى، وعَلى كل غُصْن مِنْهَا ملك وعَلى كل ورقة مِنْهَا ملك وعَلى كل ثَمَرَة مِنْهَا ملك يسبحونَ الله بأصواتٍ مُخْتَلفَة وبِكلامٍ شَتَّى، ثُمَّ قَالَ جِبْرِيل أبشر يَا رَسُول الله فَإِن لِأَزْوَاجِك ولولدك ولكثير من أمتك تَحت هَذِه الشَّجَرَة ملكا كَبِيرا وعيشًا خطيرًا فِي أَمَان لَا خوف عَلَيْكُم فِيهِ وَلَا تَحْزنون، فنظرتُ فَإِذا نهر يجْرِي من أصل الشَّجَرَة مَاؤُهُ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل ومجراهُ عَلَى رَضْرَاض در وَيَاقُوت وَزَبَرْجَد، حافتاهُ مسك أذفر فِي بَيَاض الثَّلج، فَقَالَ أَلا ترى يَا رَسُول الله هَذَا النَّهر الَّذِي ذكره الله فِيمَا أنزل عَلَيْك {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} وَهُوَ تسنيم، وَإِنَّمَا

(1/72)

سماهُ الله تسنيمًا لِأَنَّهُ يتسنم عَلَى أهل الْجنَّة من تَحت الْعَرْش إِلَى دُورهمْ وقصورهم وَبُيُوتهمْ وغرفهم وخيمهم، فيمزجون بِهِ أشربتهم من اللَّبن وَالْعَسَل وَالْخمر فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عباد الله يفجرونها تفجيرا} أَي يقودونَها قودًا إِلَى منازلهُمْ وَهِي من أشرف شراب فِي الْجنَّة ثُمَّ انْطلق يطوفُ بِي فِي الْجنَّة حَتَّى انتهينا إِلَى شَجَرَة لَم أر فِي الْجنَّة مثلهَا، فلمّا وقفتُ تحتهَا رفعتُ رَأْسِي فَإِذا أَنَا لَا أرى شَيْئا من خلق رَبِّي غَيرهَا لعظمها وتفرق أغصانِها ووجدتُ مِنْهَا ريحًا طيبَة لَم أَشمّ فِي الْجنَّة أطيب مِنْهَا ريحًا فقلبتُ بَصرِي فِيهَا فَإِذا وَرقهَا حلل من طرائف ثِيَاب الْجنَّة مَا بَين الْأَبْيَض والأحمر والأصفر والأخضر وثمارها أَمْثَال القلال الْعَظِيم من كل ثَمَرَة خلق الله فِي السَّمَاء وَالْأَرْض من ألوان شَتَّى وطعوم وريح شَتَّى فعجبتُ من تِلْكَ الشَّجَرَة وَمَا رَأَيْت من حسنها، فقلتُ يَا جِبْرِيل مَا هَذِه الشَّجَرَة قَالَ هَذِه الَّتِي ذكرهَا الله فِيمَا أنزل عَلَيْك وَهُوَ قَوْله {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مآب} فَهَذِهِ طُوبَى يَا رَسُول الله وَلَك ولكثير من أهلك وَأمتك فِي ظلها أحسن مُنْقَلب ونعيم طَوِيل، ثُمَّ انْطلق بِي جِبْرِيل يطوفُ بِي فِي الْجنَّة حَتَّى انْتهى بِي إِلَى قُصُور فِي الْجنَّة من ياقوت أَحْمَر لَا آفَة فِيهَا وَلَا صدع، فِي جوفها سَبْعُونَ ألف قصر فِي كل قصر مِنْهَا سَبْعُونَ ألف دَار فِي كل دَار مِنْهَا سَبْعُونَ ألف بَيت فِي كل بَيت مِنْهَا سَرِير من درة بَيْضَاء لَهَا أَرْبَعَة آلَاف بَاب يُرى بَاطِن تِلْكَ الْخيام من ظَاهرهَا وظاهرها من بَاطِنهَا من شدَّة ضوئها، وَفِي أجوافها سرر من ذهب فِي ذَلِكَ الذَّهَب شُعَاع كشعاع الشَّمْس تَحار الْأَبْصَار دونَها لَوْلَا مَا قدر الله لأَهْلهَا، وَهِي مكللة بالدر والجوهر عَلَيْهَا فرش بطائنها من استبرق وظاهرها نور منضد يتلألأ فَوق السرر ورأيتُ عَلَى السرر حليا كثيرا لَا أُطِيق صفته لكم فَوق صِفَات الألسن وأماني الْقُلُوب حلي النِّسَاء عَلَى حِدة وحلي الرِّجَال عَلَى حِدة قد ضربت الحجال عَلَيْهَا دون الستور وَفِي كل قصر مِنْهَا وكل دَار وكل بَيت وكل خيمة شَجَرَة كثير سوقها ذهب وغصونها جَوْهَر وورقها حلل وَثَمَرهَا أَمْثَال القلال الْعِظَام فِي ألوان شَتَّى وريح شَتَّى وطعوم شَتَّى، وَمن خلالها أَنهَار تطرد من تسنيم وخمر رحيق وَعسل مصفى وَلبن كزبد وَبَين ذَلِكَ عين سلسبيل وَعين كافور وَعين زنجيل طعمها فَوق وصف الواصفين وريحها ريح الْمسك فِي كل بَيت فِيهَا خيمة لِأَزْوَاج من الْحور الْعين لَو دلّت إِحْدَاهُنَّ كفًّا من السَّمَاء لبذ نور كفها ضوء الشَّمْس فَكيف وَجههَا، وَلَا يوصفن بِشَيْء إِلَّا هن فَوق ذَلِكَ جمالاً وكمالاً لكل وَاحِد مِنْهُنَّ سَبْعُونَ خَادِمًا وَسَبْعُونَ غُلَاما هن خدمها خَاصَّة سوى خدام زَوجهَا وَأُولَئِكَ الخدم فِي النَّظَافَة وَالْحسن كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حسبتهم لؤلؤا منثورا وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون} .

ثُمَّ انْتهى بِي إِلَى قصر وَرَأَيْت فِي ذَلِكَ الْقصر من الْخَيْر وَالنَّعِيم والنضارة والبهجة وَالسُّرُور والنضرة والشرف والكرامة مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعْتُ وَلَا خطرَ عَلَى قلب بشر من أَصْنَاف الْخَيْر وَالنَّعِيم كل ذَلِكَ مفروغ مِنْهُ ينْتَظر بِهِ صَاحبه من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى فتعاظمني مَا رَأَيْت من عجب ذَلِكَ الْقصر فَقلت يَا جِبْرِيل هَلْ فِي الْجنَّة قصر مثل هَذَا؟ قَالَ نعم يَا رَسُول الله كل

(1/73)

قُصُور الْجنَّة مثل هَذَا وَفَوق هَذَا قُصُور كَثِيرَة أفضل مِمَّا ترى يرى بَاطِنهَا من ظَاهرهَا وظاهرها من بَاطِنهَا وَأكْثر خيرا، فقلتُ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ، وَفِي نَحْو هَذَا فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافسُونَ، فَمَا تركت مِنْهَا مَكَانا إِلَّا رَأَيْته بِإِذن الله تَعَالَى فلأنا أعرفُ بِكُل قصر وَدَار وَبَيت وغرفة وخيمة وشجرة من الْجنَّة مني بِمسجدي هَذَا ثُمَّ أخرجني من الْجنَّة فمررنا بالسموات نتحدر من سَمَاء إِلَى سَمَاء فرأيتُ أَبَانَا آدم ورأيتُ أخي نوح ثُمَّ رأيتُ إِبْرَاهِيم ثُمَّ رأيتُ مُوسَى ثُمَّ رأيتُ أَخَاهُ هَارُون وَإِدْرِيس فِي السَّمَاء الرَّابِعَة مُسْند ظَهره إِلَى ديوَان الْخَلَائق الَّذِي فِيهِ أُمُورهم، ثُمَّ رأيتُ أخي عِيسَى فِي السَّمَاء فسلمتُ عَلَيْهِم كلهم فتلقوني بالبشر والتحية وَكلهمْ سَأَلَني مَا صنعتُ يَا نَبِي الرَّحْمَة وَإِلَى أَيْنَ انْتهى بك وَمَا صنع بك فَأخْبرهُم فيفرحونَ ويستبشرونَ ويحمدونَ الله عَلَى ذَلِكَ ويدعونَ رَبهم ويسألونَ إِلَى الْمَزِيد وَالرَّحْمَة وَالْفضل ثُمَّ انحدرنا من السَّمَاء وَمَعِي صَاحِبي وَأخي جِبْرِيل لَا يفوتني وَلَا أفوته حَتَّى أوردني مَكَاني من الأَرْض الَّتِي حَملَنِي مِنْهَا والحمدُ لله عَلَى ذَلِكَ هُوَ فِي لَيْلَة وَاحِدَة بِإِذن الله وقوته، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} ثُمَّ بعد ذَلِكَ حَيْثُ شَاءَ الله فَأَنا بِنِعْمَة الله سيد ولد آدم وَلَا فَخر فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأَنا عَبْد مَقْبُوض عَن قَلِيل بعد الَّذِي رَأَيْت من آيَات رَبِّي الْكُبْرَى وَلَقِيت إخْوَانِي من الْأَنْبِيَاء وَلَقَد اشتقتُ إِلَى رَبِّي وَمَا رأيتُ من ثَوَابه لأوليائه وَقد أحببتُ اللحوق بربي وَلَقي إخْوَانِي من الْأَنْبِيَاء الَّذين رَأَيْت وَمَا عِنْدَ الله خيرٌ وَأبقى انْتهى وَالله أعلم.

قَالَ الْمُؤلف مَوْضُوع وَالْمُتَّهَم بِهِ ميسرَة كَذَّاب وَضاع (قلتُ) وَكَذَا قَالَ ابْن عَيَّاش والذهبي فِي الْمِيزَان وَابْن حجر فِي اللِّسَان وَقد أَخْرَجَهُ بِطُولِهِ ابْن مرْدَوَيْه فِي التَّفْسِير.

قَالَ حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن حَامِد الْبَلْخِي حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْهياج بْن مربون أَبُو يَعْقُوب الْبَلْخِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حَفْص الْجوزجَاني حَدَّثَنَا الْعَلَاء بْن الحكم الْبَصْرِيّ عَن ميسرَة بْن عَبْد ربه عَن عُمَرَ بْن سُلَيْمَان الدِّمَشْقِي عَن الضَّحَّاك وَعِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أسيد الْأَصْبَهَانِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن يزِيد السَّعْدِيّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن عُمَرَ بن سيار التَّمِيمِي حدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا سَعِيد بْن رزين عَن عُمَرَ بْن سُلَيْمَان عَن الضَّحَّاك بْن مُزَاحم وَعِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس بِهِ وَكتب الذَّهَبِيّ بِخطه عَلَيْهِ فِي الْحَاشِيَة أَنَّهُ مَوْضُوع وَهَذَا الطَّرِيق الثَّانِي يدل عَلَى أَنَّهُ الآفة من غير ميسرَة وَقد

(1/74)

قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان فِي تَرْجَمَة عُمَرَ بْن سُلَيْمَان: أَتَى عَن الضَّحَّاك بِحديث الْإِسْرَاء بِلَفْظ مَوْضُوع وَتَبعهُ ابْن حجر فِي اللِّسَان مَعَ ذكرهمَا لَهُ فِي تَرْجَمَة ميسرَة فَإِنَّهُ الْمُتَّهم بِهِ لكنهما تبعا هُنَاكَ ابْن حبَان، وَالْأَشْبَه مَا ذكرَاهُ هُنَا أَن الآفة من عُمَرَ بْن سُلَيْمَان وَالله أعلم.

(أَبُو يعلى) حَدَّثَنَا أَبُو الْمثنى حَدَّثَنَا عُبَيْد بْن وَاقد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن كيسَان حَدَّثَنَا ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابِر قَالَ: قل الْجَرَاد فِي سنة من سني عُمَرَ الَّتِي ولي فِيهَا، فَسَأَلَ عَنْهُ فَلم يخبر بِشَيْء فَاغْتَمَّ لذَلِك فَأرْسل رَاكِبًا إِلَى الْيمن وراكبًا إِلَى الشَّام وراكبًا إِلَى الْعرَاق يسْأَل هَلْ رؤى من الْجَرَاد شَيْء أم لَا، فأفتاهُ الرَّاكِب الَّذِي من قبل الْيمن بقبضة من جَراد فألقاها بَين يَدَيْهِ فَلَمَّا رَآهَا كبر ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله: يَقُولُ خلق الله عَزَّ وَجَلَّ ألف أمة مِنْهَا سِتّمائَة فِي الْبَحْر وَأَرْبَعمِائَة فِي الْبر فَأول شَيْء يهْلك من هَذِه الْأُمَم الْجَرَاد فَإِذا هَلَكت تَتَابَعَت مثل النظام إِذا قطع سلكه، مَوْضُوع: مُحَمَّد بْن عِيسَى يروي عَن ابْن الْمُنْكَدر الْعَجَائِب وَعبيد لَا يُتَابع عَلَى عَامَّة مَا يرويهِ (قلتُ) لَمْ يتهم مُحَمَّد بْن عِيسَى بكذب بل وَثَّقَهُ بَعضهم فِيمَا نَقله الذَّهَبِيّ.

وَقَالَ ابْن عدي أنكر عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث آخر والْحَدِيث أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإيِمَان، واقتصرَ الْحَافِظ عَلَى تَضْعِيفه وَالله أعلم.

(الطَّيَالِسِيّ) فِي مُسْنده حَدَّثَنَا درست بْن زِيَاد عَن يزِيد بْن إبان الرقاشِي عَن أَنَسٍ عَن النَّبِي: قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ثَوْرَانِ عَقِيرَانِ فِي النَّارِ درست لَيْسَ بِشَيْء (قلتُ) لَمْ يتهم بكذب بل قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف وَوَثَّقَهُ ابْن عدي فَقَالَ أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْس بِهِ.

وروى لَهُ أَبُو دَاوُد والْحَدِيث أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة من طَرِيقه وَله متابع جليل (قَالَ) أَبُو الشَّيْخ حَدَّثَنَا أَبُو معشر الدَّارمِيّ حَدَّثَنَا هَدِيَّة حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلمَة عَن يزِيد الرقاشِي بِهِ وَلِلْحَدِيثِ شَاهد من حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث أَنْبَأنَا أَبُو عَبْد الله الْحَافِظ وَأَبُو صَادِق بْن أَبِي الفوارس الْعَطَّار قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يَعْقُوب حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله بْن أَبِي دَاوُد المنادى حَدَّثَنَا يُونُس بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن مُخْتَار عَن عَبْد الله الداناج قَالَ شهدتُ أَبَا سَلمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف فِي هَذَا

(1/75)

الْمَسْجِد، فجَاء الْحَسَن فَجَلَسَ إِلَيْهِ، قَالَ فَحدث قَالَ حَدَّثَنَا أَبو هُرَيْرَة عَن رَسُول الله قَالَ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ثَوْرَانِ مُكَوَّرَانِ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

فَقَالَ الْحَسَن: وَمَا ذنبهما فَقَالَ أحَدثك عَن رَسُول الله، قَالَ فَسكت الْحَسَن أَخْرَجَهُ الْبَزَّار والإسماعيلي وَهَذَا الحَدِيث فِي الصَّحِيح بِاخْتِصَار.

قَالَ الْبُخَاريّ حَدَّثَنَا مُسَدّد، حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن الْمُخْتَار حَدَّثَنَا عَبْد الله الداناج، حدَّثَنِي أَبُو سَلمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيّ قَالَ الشمسُ والقمرُ مكوران يَوْم الْقِيَامَة.

وَقَالَ ابْن أَبِي حاتِم فِي التَّفْسِير حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو صالِح حدَّثَنِي مُعَاويَة بْن صالِح عَن أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَن أَبِيهِ أَنّ النَّبِي قَالَ فِي قَوْلِهِ {إِذَا الشَّمْسُ كورت} قَالَ كُوِّرَتْ فِي جَهَنَّمَ {وَإِذَا النُّجُوم انكدرت} قَالَ انْكَدَرَتْ فِي جَهَنَّمَ وَكُلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَهُوَ فِي جَهَنَّمَ إِلا مَا كَانَ مِنْ عِيسَى وَأُمِّهِ، وَقَالَ الديلمي أَخْبَرَنَا عَبدُوس أَنْبَأَ أَبُو بَكْر الطوسي حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس الْأَصَم، حَدَّثَنَا ابْن عُيَيْنَة حَدَّثَنَا بَقِيَّة، حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْيَمَ عَن أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ الله: قَالَ فِي قَول الله تَعَالَى: {إِذا الشَّمْس كورت} قَالَ فِي جَهَنَّمَ وَالنُّجُومُ وَالْقَمَرُ كَذَلِكَ وَكُلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِلا مَا كَانَ مِنْ عِيسَى وَأُمِّهِ وَلَوْ أَنَّهُمَا رَضِيا بذلك لدخلاها، وَأخرج بن أَبِي وهب فِي كتاب الْأَهْوَال عَن عَطاء بْن يسَار فِي قَوْله تَعَالَى {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} قَالَ كورا يَوْم الْقِيَامَة.

وَقَالَ أَبُو الشَّيْخ يُجمعانِ يَوْم الْقِيَامَة ثُمَّ يقذفان فِي النَّار، وَقَالَ عَبْد بْن حميد فِي تَفْسِيره أَخْبرنِي شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيع عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر} قَالَ كورا يَوْم الْقِيَامَة، وَقَالَ أَبُو الشَّيْخ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن عَبْد الْملك حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الله المخرمي، حَدَّثَنَا ورد بْن عَبْد الله، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن طَلْحَة عَن جَابِر عَن مُسْلِم بْن يناق عَن عَبْد الله بْن عَمْرو قَالَ: إِن الله عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ثُمَّ أَخْبَرَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّار فَلم يَسْتَطِيع مَلْجَأً قَالَ الْخطابِيّ لَيْسَ المُرَاد بكونِهما فِي النَّار تعذيبهما بذلك وَلكنه تبكيتٌ لِمَنْ كَانَ يعبدهما فِي الدُّنْيَا ليعلموا أَن عِبَادَتهم لَهما كَانَت بَاطِلَة وَقيل إنَّهما خلقا من النَّار فأعيدا فِيهَا.

وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ لَا يلزمُ من جَعلهمَا فِي النَّار تعذيبهما فَإِن لله فِي النَّار مَلَائِكَة وحجارة وَغَيرهَا لتَكون لأهل النَّار، عذَابا وَآلَة من آلَات الْعَذَاب، وَمَا شَاءَ الله من ذَلِكَ فَلَا تكون هِيَ معذبة.

(1/76)

وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي غَرِيب الحَدِيث لَمّا وَصفا بأنَّهما يُسبحان فِي قَوْله تَعَالَى: {كُلٌّ فِي فلك يسبحون} وَإِن كل من عُبِدَ من دون الله إِلَّا من سبقت لَهُ الْحسنى يكون فِي النَّار فَكَانَ فِي النَّار يُعذب بهما أَهلهَا بِحيث لَا يبرحان مِنْهَا فَصَارَ كَأَنَّهُمَا ثوران عقيران وَالله أعلم.

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن أَحْمَد الموحد أَنْبَأنَا هنَّاد بْن إِبْرَاهِيم النَّسَفِيّ حَدَّثَنَا أَبُو مُطِيع الْحَسَن بْن مُحَمَّد الشَّافِعِي، حَدَّثَنَا أَبُو عَليّ الْحَسَن بْن أبي الْحُسَيْن بْن مُوسَى الْفَقِير حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن رزين الْهَرَويّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الله الْهَرَوِيّ وَهُوَ الجويباري أَنْبَأنَا وهب بْن وهب، عَن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ، عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا: إِذَا انْكَسَفَ فِي الْمُحَرَّمِ كَانَتْ تِلْكَ السَّنَةَ الْبَلاءُ وَالْقِتَالُ وَشُغِلَ السُّلْطَانُ وَفِتْنَتَهُ الْكُبْرَى وَانْتِشَارٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَإِذَا انْكَسَفَ فِي صَفَرٍ كَانَ نَقْصٌ مِنَ الأَمْطَارِ حَتَّى يَظْهَرَ النُّقْصَانُ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْغَايَةُ مِنْ نَقْصِ الأَمْطَارِ وَالْقُحُوطِ، وَإِذَا انْكَسَفَ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ كَانَ مَجَاعَةٌ وَمَوْتٌ مَعَ أَمْطَارٍ وَحَرْبٍ وَتَحَرَّكَ مَلِكٌ بِمَوْتِ كَيْدٍ، وَإِذَا انْكَسَفَ فِي جُمَادَى الأُولَى كَانَ بَرْدٌ وَثُلُوجٌ وَأَمْطَارٌ مَعَ مَوْتٍ ذَرِيعٍ وَهُوَ الطَّاعُونُ، وَإِذَا انْكَسَفَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ فَهُوَ زَرْعٌ كَثِيرٌ وَخِصْبُ وَسَعَةٌ مَعَ قِتَالٍ بَيْنَ النَّاسِ وَيَكُونُ جَرَادٌ وَالأَسْعَارُ تَزْدَادُ رُخْصًا وَكَسَادًا، وَإِذَا انْكَسَفَ فِي رَجَبَ فَهُوَ أَمْطَارٌ وَسَمَكٌ كَثِيرٌ.

قَالَ وَذكر حَدِيثا طَويلا من هَذَا النمط (هَذَا) من وضع الجويباري وَشَيْخه أَيْضا من أكذب النَّاس.

(الدَّارَقُطْنِيّ) حَدَّثَنَا يَعْقُوب عَن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنَا عُمَرَ بْن شبة حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِدْرِيس حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْعَلَاء عَن سَعِيد بْن زيد عَن عقبَة عَن أَبِيهِ عَن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ مَرْفُوعًا: لَا يُتِمُّ شَهْرَانِ سِتِّينَ يَوْمًا، مَوْضُوع: آفته إِسْحَاق (قلتُ) لَهُ طَرِيق آخر أخرجه الْبَزَّار.

حَدَّثَنَا خَالِد بْن يُوسُف حدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن سعد بْن سَمُرَة حَدَّثَنَا حبيب بْن سُلَيْمَان وَله شَاهد ابْن سَمُرَة حَدثنَا أَبى عَن سَمُرَة بِهِ.

قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر يُوسُف تألف وَقد رَوَاهُ غَيره بِلَفْظ آخر.

قَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون حَدَّثَنَا مَرْوَان بْن جَعْفَر، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم، حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن سعد بِسَنَدِهِ بِلَفْظ: إِن الشَّهْر لَا يكمل ثَلَاثِينَ لَيْلَة، قَالَ مُوسَى: معناهُ إَنَّهُ لَا يكمل كل شهر ثَلَاثِينَ بل يكون أَحْيَانًا تسعا وَعشْرين انْتهى.

قَالَ أَبُو

(1/77)

نُعَيْم فِي الْمعرفَة أَنْبَأنَا عَبْد الله بْن مُحَمَّد أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن عميرَة بْن الضَّحَّاك أَنْبَأنَا مُحَمَّد بْن الْمُصَلِّي قَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدثنَا الْحسن بن الصميدع الْأَنْطَاكِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُبَارك الصُّورِي (ح) وَأخرجه أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة أَنْبَأنَا الْبَراء أَبُو عَاصِم حَدَّثَنَا هِشَام بِهِ حَدَّثَنَا سُوَيْد بْن عَبْد الْعَزِيز عَن أَبِي عَبْد الله البحراني، عَن الْقَاسِم أَبِي عَبْد الرَّحْمَن، عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عميرَة الْمُزنِيّ، قَالَ: خمس حفظتهن من رَسُول الله قَالَ: لَا صفر وَلَا هَامة وَلَا عدوى وَلَا يتمُ شَهْرَان سِتِّينَ يَوْمًا وَمن خفر ذمَّة الله لَمْ يُرِح رَائِحَة الْجنَّة وَورد أَيْضا من حَدِيث أَبِي أُمَامَة.

قَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا.

(الْعقيلِيّ) حَدَّثَنَا حجاج بْن عمرَان، حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن دَاوُد حَدَّثَنَا هِشَام بْن يُوسُف حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن عَبْد الله بْن أَبِي سُبْرَة عَن عَمْرو بْن أَبِي عَمْرو عَن الْوَلِيد بْن أَبِي الْوَلِيد عَن عَبْد الْأَعْلَى بْن حَكِيم عَن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كتاب فَإِنْ سَأَلُوكَ عَنِ الْمَجَرَّةِ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهَا مِنْ عَرَقِ الأَفْعَى الَّتِي تَحْتَ الْعَرْشِ أوردهُ فِي تَرْجَمَة عَبْد الْأَعْلَى وَقَالَ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَعبد الْأَعْلَى مَجْهُول بِالنَّقْلِ وَأَبُو بَكْر بْن أَبِي سُبْرَة مَتْرُوك وَسليمَان الشَّاذكُونِي مَتْرُوك (قلتُ) قَالَ فِي الْمِيزَان هَذَا إِسْنَاد مظلم وَمتْن لَيْسَ بِصَحِيح انْتهى.

وَقد أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة من هَذَا الطَّرِيق ووجدتُ لَهُ طَرِيقا آخر، قَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي زرْعَة حَدَّثَنَا هِشَام بْن عمار حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن يزِيد حَدَّثَنَا شُعَيْب بْن أَبِي حمرَة عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عمْرَة عَن عبَادَة بْن نسي عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن غنم عَنْ مُعاذ بْن جبل عَن النَّبِيّ قَالَ: المجرة الَّتِي فِي السَّمَاء عرق الْحَيَّة الَّتِي تَحت الْعَرْش.

قَالَ الطَّبَرَانِيّ: تَفَرَّدَ بِهِ هِشَام عَن أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُول الله: لَا عَدْوَى وَلا صَفَرَ وَلا هَامَةَ وَلا يُتِمُّ شَهْرَانِ ثَلاثِينَ يَوْمًا وَمَنْ خَفَرَ بِذِمَّةِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ.

وَالله أعلم.

(ابْن عدي) حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زَنْجوَيْه حَدَّثَنَا روح بْن الْفرج (ح) .

وَقَالَ الْعقيلِيّ حَدَّثَنَا روح بْن الْفرج حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مخلد حَدَّثَنَا الْفضل بْن الْمُخْتَار عَن مُحَمَّد بْن مُسلم الطَّائِفِي عَن ابْن أَبِي نُجيح عَن مُجَاهِد عَن جَابِر بْن عبد الله قَالَ

(1/78)

قَالَ النَّبِي: يَا مُعَاذُ إِنِّي مُرْسِلُكَ إِلَى قَوْمٍ أَهْلِ كتاب فَإِذَا سُئِلَتْ عَنِ الْمَجَرَّةِ الَّتِي فِي السَّمَاءِ فَقُلْ هِيَ لُعَابُ حَيَّةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ الْفَضْلُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ (قلتُ) هَذَا شاهدٌ لِما قبله وَمن شواهده قَالَ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه حَدَّثَنَا أَبِي أَنْبَأنَا معَاذ بْن هِشَام حدَّثَنِي أَبِي عَن قَتَادَة عَن كثير بْن أَبِي كثير عَن أَبِي عِيَاض عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: إِنَّ الْعَرْشَ لَمُطَوَّقٌ بِحَيَّةٍ وَالله أعلم.

(أَبُو الشَّيْخ) حَدَّثَنَا يُوسُف بْن مُحَمَّد الْمُؤَذّن حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْوَلِيد الجساس حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الغداني حَدَّثَنَا بشار بْن عُبَيْد الله عَن عَطاء بْن أَبِي مَيْمُونَة عَن أَنَسٍ مَرْفُوعًا: إِذَا كَانَ الْقَوْسُ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ فَهُوَ عَامُ خِصْبٍ وَإِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ السَّنَةِ فَهُوَ أَمَانٌ مِنَ الْغَرَقِ لَا يَصِحُّ فِيهِ مَجَاهِيل وضعفاء (قلتُ) بشار قَالَ الْأزْدِيّ مَتْرُوك مُنكر الْأَمر جدًّا وَشَيْخه عَطاء من رجال الصَّحِيحَيْنِ وَإِن تكلم فِيهِ وأمّا أَبُو عُمَرَ الغداني فَكَأَنَّهُ الْمَجْهُول فَإِن أَبَا عُمَرَ الغداني الَّذِي روى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ لَيْسَ فِي هَذِه الطَّبَقَة ذَاك يرْوى عَن أَبِي هُرَيْرَةَ وَتفرد بِهِ عَنْهُ قَتَادَة وَالله أعلم.

(الأزدى) حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى مُحَمَّد بْن عَبْد الله الْمَلْطِي حَدَّثَنَا وهب بْن حَفْص الْحَرَّانِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الْحَرَّانِي حَدَّثَنَا خُلَيْد بْن دعْلج عَن عَطاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: أَمَانٌ لأَهْلِ الأَرْضِ من الْفرق قَوْسُ قُزَحَ وَأَمَانٌ لأَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الاخْتِلافِ الْمُوَالاةُ لِقُرَيْشٍ وَخَالَفَ قُرَيْشًا قَبِيلَةٌ صَارَتْ مِنْ حِزْبِ إِبْلِيسَ، مَوْضُوع: خُلَيْد ضَعَّفُوهُ والراوي عَنْهُ مُنكر الحَدِيث ووهب كَذَّاب يضعُ وَهُوَ الْمُتَّهم بِهِ (قلتُ) وهب وَشَيْخه بريئان مِنْهُ فقد أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيّ عَن أَحْمَد بْن عَليّ الأبّار وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه من طَرِيق ابْن فيل البليسي وَغَيره جَمِيعًا عَن أَبِي مسلمة إِسْحَاق بْن سَعِيد بْن الأركون الْقُرَشِيّ عَن خُلَيْد بْن دعْلج بِهِ وَأوردهُ صَاحب الْمِيزَان فِي تَرْجَمَة خُلَيْد وَقَالَ رَوَاهُ عَنْهُ إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد الدِّمَشْقِي وخليد روى لَهُ ابْن مَاجَه وَقَالَ أَبُو حاتِم صالِح لَيْسَ بالمتين وَإِسْحَاق بْن سَعِيد الأركون قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ أَبُو حاتِم لَيْسَ بِثِقَة قد أَخْرَجَهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك.

(1/79)

حَدَّثَنَا مكرم بْن أَحْمَد القَاضِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَليّ الأبّار حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن سَعِيد بْن الأركون حَدَّثَنَا خُلَيْد بْن دعْلج أَظُنهُ عَن قَتَادَة عَن عَطاء بْن أَبِي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِهِ وَقَالَ صَحِيح وَتعقبه الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره فَقَالَ واه فِي إِسْنَاده (قلت) قد وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَله شَاهد قَالَ سعيد بن مَنْصُور فِي سنة حَدَّثَنَا أَبُو عوَانَة عَن أَبِي بشر عَن سَعِيد: أَن هِرقل كتب إِلَى مُعَاويَة يسْأَله عَن الْقوس؟ فَكتب إِلَى ابْن عَبَّاس يسْأَله؟ فَكتب إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس: أَن الْقوس أمانٌ لأهل الأَرْض من الْغَرق وَالله أعلم.

(الْخَطِيب) أَنْبَأنَا أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عُمَرَ بْن عِيسَى الْبَلَدِي حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن سَعِيد بْن الْفضل الْآدَمِيّ حَدَّثَنَا عُبَيْد الْعجلِيّ حَدَّثَنَا بشر بْن الْوَلِيد حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن حَكِيم الحبطي عَن أَبِي رَجَاء العطاردي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُول الله: لَا تَقُولُوا قَوْسُ قُزَحَ فَإِنَّ قَزَح هُوَ الشَّيْطَانُ وَلَكِنْ قُولُوا قَوْسُ اللَّهِ فَهُوَ أَمَانٌ لأَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ لَمْ يْرَفْعُهُ غَيْرُ زَكَرِيَّا قَالَ فِيهِ يَحْيَى وَالنَّسَائِيُّ لَيْسَ بِثِقَةٍ.

وَقَالَ أَحْمَد لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ الْمَدِينِيّ هَالك (قلتُ) أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم فِي الْحِلْية قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار يكره أَن يُقال قَوس قزَح وَاسْتدلَّ بِهذا الحَدِيث وَهَذَا يدل عَلَى أَنَّهُ غير مَوْضُوع وَالله أعلم.

(يُوسُف) بْن يَعْقُوب القَاضِي فِي جُزْء الذّكر وَالتَّسْبِيح حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر (ح) وَقَالَ الْعقيلِيّ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَاصِم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الْمقدمِي حَدَّثَنَا الْأَغْلَب بْن تَميم السعودي حَدَّثَنَا مخلد أَبُو الهزيل الْعَبْدي عَن عَبْد الرَّحِيم، وَفِي رِوَايَة الْعقيلِيّ عَن عَبْد الرَّحْمَن الْمَدَنِيّ، وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن عدي عَن عَبْد الله بْن عُمَرَ أَن عُثْمَان سألَ النَّبِي وَفِي رِوَايَة الْعقيلِيّ عَن عَبْد اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَن عُثْمَانَ قَالَ سَأَلت النَّبِي عَن تَفْسِيرِ: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض} فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ تَفْسِيرُهَا لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الأَوَّلِ وَالآخِرِ وَالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ بِيَدِهِ الْخَيْرُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يَا عُثْمَانُ مَنْ قَالَهَا إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى عَشْرَ مَرَّاتٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ سِتَّ خِصَالٍ: أَمَّا أَوَّلُ خَصْلَةٍ فَيُحْرَسُ مِنْ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيُعْطَى قِنْطَارٌ مِنَ الأَجْرِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَتُرْفَعُ لَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَيُزَوِّجُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَيَحْضُرُهَا اثْنَا عَشَرَ مَلَكًا،

(1/80)

وَأَمَّا السَّادِسَةُ فَفِيهَا مِنَ الأَجْرِ كَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَلَهُ يَا عُثْمَانُ كَمَنْ حَجَّ وَاعْتَمَرَ فَتُقُبِّلَ حَجُّهُ وَتُقُبِّلَ عُمْرَتُهُ، فَإِنْ مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ ختم لَهُ بطالع الشُّهَدَاءِ، مَوْضُوع: الْأَغْلَب لَيْسَ بِشَيْء ومخلد مُنكر الحَدِيث وَشَيْخه ضَعِيف (قلتُ) أوردهُ الْعقيلِيّ فِي تَرْجَمَة الْأَغْلَب وَنقل عَن يَحْيَى بْن معِين أَنَّهُ قَالَ لَا يُتابع الْأَغْلَب عَلَيْهِ إِلَّا من هُوَ دونه وَأَعَادَهُ فِي تَرْجَمَة مخلد.

وَقَالَ فِي إِسْنَاده نظر، وَأوردهُ صَاحب الْمِيزَان فِي تَرْجَمَة مخلد وَقَالَ: هَذَا مَوْضُوع فِيمَا أرى وَأوردهُ الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ وَقَالَ: فِيه نَكَارَة وَقَالَ الشهَاب البوصيري قد قيلَ إِنَّه مَوْضُوع لَيْسَ بِبَعِيد قَالَ وَهَذَا الْإِسْنَاد أصلحُ أسانيده ولَمْ أر لعبد الرَّحْمَن الْمَدَنِيّ تَرْجَمَة لَا فِي الْمِيزَان وَلَا فِي اللِّسَان، والْحَدِيث أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنده وَابْن أَبِي عَاصِم وَأَبُو الْحَسَن الْقطَّان فِي الطوالات وَابْن الْمُنْذر وَابْن أَبِي حاتِم وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفاسيرها وَابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق يُوسُف القَاضِي بِهِ وَهُوَ قد الْتزم أَن لَا يخرج فِي تصانيفه حَدِيثا يعلمُ أَنَّهُ مَوْضُوع.

وَله شاهدٌ.

قَالَ الْحَارِث فِي مُسْنده حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن وَاقد حَدَّثَنَا حفصُ بْن عَبْد الله الإفْرِيقِي حَدَّثَنَا حَكِيم بْن نَافِع عَن الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن عَن أَبِيهِ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ سُئِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَن مقاليد الأَرْض وَالسَّمَوَات، قَالَ قَالَ رَسُول الله: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ مقاليد السَّمَوَات وَالْأَرْضِ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ مِنْ كُلِّ كُنُوزِ الْعَرْشِ الْحَدِيث، حَكِيمُ بْنُ نَافِعٍ ضَعَّفُوهُ وَعبد الرَّحْمَن بْن وَاقد قَالَ ابْن عدي يسرق الحَدِيث وَله طريقٌ آخر عَن ابْن عُمَرَ.

قَالَ ابْن مرْدَوَيْه فِي التَّفْسِير حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق السُّوسِي حَدَّثَنَا عَبْد الله بْن سَعِيد بْن يَحْيَى القَاضِي حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يزيع الرقي حَدَّثَنَا سَعِيد بْن مسلمة بْن هِشَام حَدَّثَني كُلَيْب بْن وَائِل عَن عَبْد الله بْن عُمَرَ عَن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ سَأَلت رَسُول الله عَن قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَهُ مقاليد السَّمَوَات وَالْأَرْض} فَقَالَ لِي يَا عُثْمَانُ لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَن مَسْأَلَةٍ لَمْ يَسْأَلْنِي عَنْهَا أحد قبلك مقاليد السَّمَوَات وَالأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يَا عُثْمَانُ مَنْ قَالَهَا فِي

(1/81)

كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ أُعْطِيَ بهَا عشر خِصَالٍ، أَمَّا أَوَّلُهَا فَيُغْفَرُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيُكْتَبُ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَيُوَكَّلُ بِهِ مَلَكَانِ يَحْفَظَانِهِ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ مِنَ الآفَاتِ وَالْعَاهَاتِ وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَيُعْطَى قِنْطَارًا مِنَ الأَجْرِ، وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَيَكُونُ لَهُ أَجْرُ مَنْ أَعْتَقَ مِائَةَ رَقَبَةٍ مُحَرَّرَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَمَّا السَّادِسَةُ فَفِيهَا مِنَ الأَجْرِ كَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ، وَأَمَّا السَّابِعَةُ فَيُبْنَى لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الثَّامِنَةُ فَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَأَمَّا التَّاسِعَةُ فَيُعْقَدُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارُ، وَأَمَّا الْعَاشِرَةُ فَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ يَا عُثْمَانُ إِنِ اسْتَطَعْت أَفلا تَفُوتَنَّكَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ تَفُزْ مَعَ الفائزين وتسبق بهَا مَعَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابن مَاجَه وَضَعَّفُوهُ وَشَيْخه من رجال الْبُخَاريّ.

وَقَالَ ابْن مرْدَوَيْه حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْمُبَارك الصَّنْعَانِيّ حَدَّثَنَا زيد بْن الْمُبَارك حَدَّثَنَا سَلام بْن وهب الجندي حَدَّثَنَا أَبِي عَن طَاوس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَاءَ إِلَى النَّبِي فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنِي عَن مقَالِيدِ السَّمَوَات وَالأَرْضِ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الأَوَّلِ وَالآخِرِ وَالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ بِيَدِهِ الْخَيْرُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَنْ قَالَهُنَّ يَا عُثْمَانُ أَعْطَاهُ اللَّهُ سِتَّ خِصَالٍ، أَمَّا أَوَّلُهُنَّ فَيُحْرَسُ مِنْ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيُعْطَى قِنْطَارًا فِي الْجنَّة، وَأما الثَّالِث فَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَتُغْفَرُ لَهُ ذُنُوبُهُ وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَيَكُونُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ فِي قُبَّةٍ، وَأَمَّا السَّادِسَةُ فَيَحْرُزُهُ اثْنَا عَشَرَ مَلَكًا عِنْدَ مَوْتِهِ يُبَشِّرُونَهُ بِالْجَنَّةِ وَيَزُفُّونَهُ مِنْ قَبْرِهِ إِلَى الْمَوْقِفِ فَإِنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ أَهَاوِيلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ ثُمَّ يُحَاسِبُهُ اللَّهُ حِسَابًا يَسِيرًا ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ فَيَزُفُّونَهُ إِلَى الْجَنَّةِ مِنْ مَوْقِفِهِ كَمَا تُزَفُّ الْعَرُوسُ حَتَّى يُدْخِلُوهُ الْجَنَّةَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَالنَّاسُ فِي شِدَّةِ الْحِسَابِ، سَلامُ بْنُ وَهْبٍ مَجْهُولٌ قَالَ الْخَلِيل فِي الْإِرْشَاد: روى سَلام الجندي عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوُوس عَنِ ابْن عَبَّاس عَنِ النَّبِيِّ أَن عُثْمَان سَأَلَهُ عَن قَوْله لَهُ مقاليد السَّمَوَات وَالْأَرْض ولَمْ يُتابعه أحد عَن عَمْرو وَسَلام لَيْسَ بِذَاكَ الْمَشْهُور وَالله أعلم.

(الْخَطِيب) أَنْبَأنَا التنوخي أَنْبَأنَا عَلِيّ بْن عُمَرَ السكرِي حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد مِفْتَاح بْن خلف الْخُرَاسَانِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن صالِح الْكَرَابِيسِي الْبَلْخِي حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يزِيد الجصام حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحِيم بْن وَاقد حَدَّثَنَا الْفُرَات بْن السَّائِب عَن مَيْمُون بْن مهْرَان، عَن ابْن عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَفْطِنُ لَهُ وَلا سَمِعَ بِهِ وَإِنَّ لأَبِي جَادٍ لَحَدِيثًا عَجِيبًا، أَمَّا أَبُو جَادٍ فَأَبَى آدَمُ الطَّاعَةَ وَجَدَّ فِي أَكْلِ الشَّجَرَةِ، وَأَمَّا هَوَّزُ فَهَوَى مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْض،

(1/82)

وَأَمَّا حُطِّي فَحُطَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ، وَأَمَّا كَلَمُنُ فَأَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ وَمن عَلَيْهَا بِالتَّوْبَةِ، وَأَمَّا سَعْفَصُ فَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَأُخْرِجَ مِنَ النَّعِيمِ إِلَى النَّكَدِ، وَأَمَّا قَرَشَتُ فَأَقَرَّ بِالذَّنْبِ وَسَلِمَ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَوْضُوع عَلَى ابْن عَبَّاس وَفِيه مَجَاهِيل والفرات لَيْسَ بِشَيْء (قلتُ) أَخْرَجَهُ ابْن جرير فِي تَفْسِيره حَدَّثَنَا الْمثنى بْن مُعاذ، حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن الْحجَّاج حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحِيم بْن وَاقد وَقَالَ عَبْد الرَّحِيم مَجْهُول غير مَعْرُوف بِالنَّقْلِ غير جَائِز الِاحْتِجَاج بِما يرويهِ.

قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي اللِّسَان الظَّاهِر أَنَّهُ غير الْخُرَاسَانِي انْتهى، وَلَكِن قَالَ الْخَطِيب عقب إِخْرَاجه عَبْد الرَّحِيم بْن وَا