السؤال باسم الله الأعظم

وسمع آخر يقول في تشهده أيضا : ( أبو داود والنسائي وأحمد والبخاري في الأدب المفرد ) ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت [ وحدك لا شريك لك ] [ المنان ] [ يا ] بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم [ إني أسألك ] [ الجنة وأعوذ بك من النار ] . [ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( تدرون بما دعا ؟ ) قالوا الله ورسوله أعلم . قال : ( والذي نفسي بيده ] لقد دعا الله باسمه العظيم ( وفي رواية : الأعظم ) الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى}

الخميس، 15 فبراير 2024

{قسم التحقيق}{بغية النقاد النقلة *{الي حديث (ثلاث لا يلعب بهن، اللعب فيهن والجد سواء: الطلاق والنكاح والعناق)..}

 

 

بغية النقاد النقلة{قسم التحقيق

 

(141) ومن ذلك أنه ذكر (1) في باب ما أعله، ولم يبين علته حديث ابن

__________

(1) أي ابن القطان (1/ ل: 215. أ).

حديث الباب ذكره عبد الحق الإشبيلي من طريق مسلم، وهذا نص الحديث من الصحيح:

(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن حاتم؛ (قال إسحاق: أخبرنا، وقال ابن حاتم: حدثنا محمد ابن بكر)، أخبرنا ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار؛ قال: أكبر علمي، والذي يخطر على بالي؛ أن أبا الشعثاء أخبرني؛ أن ابن عباس أخبره؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بفضل ميمونة. اهـ

كتاب الغسل، باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة، وغسل الرجل والمرأة في إناء واحد في حالة واحدة، وغسل أحدهما بفضل الآخر. 1/ 257 ح: 48.

ولما ذكره عبد الحق نبه على أنه من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار -على الشك- ثم قال:

(هذا هو الصحيح في هذا الإسناد، وقد رواه الظهراني عن عمرو بن دينار من غير شك، ولا يحتج بحديث الظهراني) اهـ

قلت: هكذا ذكره (الظهراني) بالظاء.

- "الأحكام" لعبد الحق الإشبيلي: كتاب الطهارة، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة (1/ ل: 82. أ).

ورواية الطهراني أوردها ابن حزم عند مناقشة أدلة من يقول بجواز اغتسال الرجل مما فضل عن المرأة من الماء، ونصه عنده:

(وبحديث آخر رويناه من طريق الطهراني عن عبد الرزاق: أخبرني ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بفضل ميمونة". مختصر.

قال ابن حزم: هكذا في نفس الحديث مختصر. اهـ

وقد جزم ابن حزم بتخطئة الطهراني في روايته هاته، ورجح عليها رواية محمد بن بكر عن ابن جريج -التي عند مسلم- ولكن صححها لا ليأخذ بها، بل لما فيها من قول عمرو بن دينار: (أكبر علمي، والذي يخطر على بالي). ولذا قال: (فصح أن عمرو بن دينار شك فيه ولم يقطع بإسناده). فهو عنده لا تقوم به حجة.

- المحلى: كتاب الطهارة (1/ 214).

والرواية على الشك أخرجها:

أخرجها عبد الرزاق الصنعاني في (مصنفه) -عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس- ومسلم، والدارقطني، والبيهقي؛ كلهم من طريقه.

انظر: المصنف: كتاب الطهارة، باب الجنب وغير الجنب يغتسلان جميعا (1/ 270 ح: 1037).- سنن الدارقطني، كتاب الطهارة، باب استعمال الرجل فضل المرأة 1/ 53 ح: 6 - السنن الكبرى، للبيهقي كتاب الطهارة، باب في فضل الجنب (1/ 188).

وللدارقطني رواية أخرى على الشك من طريق روح بن عبادة عن ابن جريج عن عمرو بن دينار به، وهو إسناد صحيح كذلك: (1/ 53 ح: 5).

ومن الأوجه المحتملة التي ذكرت في سبب الاختلاف بين الروايتين أن يكون عبد الرزاق حدث بهذا الحديث الطهراني مختصرا، فحذف الشك، وحدث به غيره؛ فذكره بتمامه على الشك.

عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بفضل ميمونة"، وما أتبعه ق من قوله: (ورواه الظهراني عن عمرو بن دينار (2) من غير شك، ولا يحتج بحديث الظهراني). ثم قال ع: (هو أبو عبد الله محمد بن حماد الظهراني، وهو أحد المختصين بعبد الرزاق، وممن روى عنه أبو حاتم الرازي، وقال فيه: (ثقة صدوق)، وروى عنه أيضا ابنه أبو محمد بن أبي حاتم.

قال م: فوهم في نسبته تعديل الظهراني هذا إلى أبي حاتم، وإنما قال ذلك ابنه أبو محمد بن أبي حاتم من قبل نفسه، وهذا نص الواقع من ذلك في كتابه؛ قال بعد أن سمى من حدث الظهراني عنه من مشايخه: سمعت منه مع أبي

__________

قال الذهبي: (محمد بن حماد الظهراني، صاحب عبد الرزاق. صدوق إن شاء الله، كبير القدر. قد وثقه الدارقطني وابن أبي حاتم وحسبك. وحكى ابن عدي عن منصور الفقيه، قال: لم أر من الشيوخ من أحببت أن أكون مثلهم -يعني في الفضل- سوى ثلاثة؛ أولهم محمد بن حماد الظهراني). اهـ

وتناول الذهبي روايته لحديث اغتسال النبي - صلى الله عليه وسلم - بفضل ميمونة وتخطئة ابن حزم له فقال: (وما أخطأ، بل اختصر هذا التحمل ..).

وتوفي الطهراني سنة إحدى وسبعين ومائتين. / ق.

- بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أحاديث عللها ولم يبين من أسانيدها مواضع العلل (1/ ل: 215. أ ..).

- ميزان الاعتدال 3/ 527 - ت. التهذيب 9/ 109.

ولما كان من قول عبد الحق: (ولا يحتج بحديث الظهراني) فإن ابن القطان خشي أن ظن بالظهراني أنه ضعيف، فكان مما قال: أن أبا حاتم قال فيه: (وهو ثقة صدوق) فوهم في ذلك، وإنما قال ذلك ابنه عبد الرحمن.

وذكر ابن القطان محمد بن حماد هذا بالظهراني -بالظاء- فعد ابن المواق هذا وهما منه، وهو كذلك، غير أن من الذين شاركوه في هذا الوهم عبد الحق الإشبيلي والذهبي، والخزرجي، صاحب الخلاصة.

ومن الذي ضبطوا نسبته: الإمام السمعاني حيث نسبه إلى (طهران) قرية بالري، وكذلك فعل صاحب معجم البلدان، وصاحب اللباب.

انظر: الأنساب 4/ 86 - معجم البلدان، لياقوت الحموي 4/ 52 - اللباب، لإبن الأثير 2/ 291 - تذكرة الحفاظ 2/ 610.

(2) عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم، الجمحي، مولاهم، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومائة. /ع.

- التقريب 2/ 69.

بالري وببغداد، وبالاسكندرية، وهو صدوق ثقة) (3).

قال م: ووقع له في نسبته الطهراني وهم؛ وهو أنه ذكره بالظاء المعجمة، وليس كذلك، فاعلمه. اهـ

(142) ومن ذلك أنه ذكر (1) في باب ما ضعفه برجل وترك غيره حديث

__________

(3) الجرح والتعديل: 7/ 240 ترجمة: 1320.

(1) أي ابن القطان: (1/ ل: 196. أ).

جاء في الكامل: (سمعت عمر (و) بن محمد الوكيل يقول: ثنا (أبو) الوليد بن برد الأنطاكي، ثنا الهيثم ابن جميل، ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولي").

- الكامل 7/ 103.

ومنه نقل عبد الحق هذا الحديث.

وقال أبو أحمد عقبه: (وهذا يعرف بالهيثم بن جميل عن ابن عيينة مسندا، وغير الهيثم يوقفه على ابن عباس، والهيثم بن جميل يسكن أنطاكية، ويقال هو البغدادي، ويغلط الكثير على الثقات، كما يغلط غيره، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب).

وذكر عبد الحق ما ساق ابن أبي حاتم في ترجمة الهيثم بن جميل مما ذكره أحمد بن حنبل فيه.

لكن ابن القطان عند النقل وهم ففال: (وذكر أبو حاتم ...)، وإنما هو ابن أبي حاتم، فتعقبه ابن المواق لتصحيح هذا الوهم.

انظر: بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أحاديث أعلها برجال وفيها من هو مثلهم أو أضعف، أو مجهول لا يعرف: (1/ ل: 196. أ).

والحديث رواه موقوفا على ابن عباس:

سعيد بن منصور في سننه -عن سعيد عن سفيان به- باب ما جاء في ابنة الأخ من الرضاعة. 1/ 243 ح: 980.

وعبد الرزاق في مصنفه -عن معمر، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس- باب لا رضاع بعد الفطام 7/ 464 ح: 13901.

وابن أبي شيبة في مصنفه. لكن بلفظ: (لا رضاع إلا ما كان في الصغر). باب النكاح. من قال لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين. 4/ 290.

ومالك في الموطأ. عن ثور بن زيد الديلي أن عبد الله بن عباس كان يقول: (ما كان في الحولين وإن كان مصة واحدة فهو حرم).

الموطأ بشرح الزرقاني: كتاب الرضاع (3/ 240).

والبيهقي في سننه. من عدة طرق. ثم عقب عليها بقوله: (هذا هو الصحيح موقوف). كتاب الرضاع. باب

ابن عباس: "لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين"، من رواية الهيثم بن جميل، عن سفيان [بن عيينة] (2) عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، وما أتبعه ق من قوله: (وذكر (3) ابن أبي حاتم الهيثم هذا، وقال: وثقه أحمد بن حنبل) (4).

فقال ع حاكيا قول ق هذا، قال: /49. أ/ (وذكر أبو حاتم ..). فنسب ذلك القول إلى غير قائله، وإنما قال أبو محمد بن أبي حاتم: (نا (5) عبد الله بن أحمد بن حنبل، فيما كتب إلي، قال: قال أبي: الهيثم بن جميل ثقة) (6).

وله في هذا الحديث وهم آخر، ستراه هنالك، وحيث اقتضاه الذكر. (7) اهـ

(143) ومن ذلك أنه ذكر (1) في باب ما أغفل نسبته حديث: "من التقط

__________

ما جاء في تحديد ذلك بالحولين. 7/ 462.

والدارقطني في سننه: كتاب الرضاع (4/ 173 ح: 9).

أما رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يرو إلا من طريق الهيثم بن جميل، وهو وإن كان كما قال الدارقطني ثقة حافظ، كما وثقه العجلي وابن حبان. لكنه وهم في رفع هذا الحديث.

وطريق الرفع هاته، رواها كذلك: الدارقطني والبيهقي.

(2) ما بين المعقوفتين زيد من الكامل.

(3) في البغية: (وذكره).

(4) أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني، المروزي، نزل بغداد، أبو عبد الله، أحد الأئمة، ثقة حافظ، ففيه حجة، مات سنة إحدى وأربعين ومائتين. /ع.

- التقريب 1/ 24.

(5) في الجرح والتعديل (أنا).

(6) الجرخ والتعديل 9/ 86.

(7) سيأتي ذكره لوهم وقع لإبن القطان في اسم: محمد بن أحمد بن برد، أبي الوليد، راوي الحديث عن الهيثم بن جميل (ح: 320).

(1) أي ابن القطان: (1/ ل: 78. أ).

قال ابن القطان: (وذكر من طريق إسرائيل عن عمر بن عبد الله بن يعلى، عن حكيمة، عن أبيها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من التقط لقطة درهما أو حبلا، أو شبه ذلك فليعرفه ثلاثة أيام" الحديث.

ثم قال: حكيمة هي بنت غيلان الثقفية، وعمر بن عبد الله هذا منكر الحديث، ضعفه أبو محمد بن أبي

(1/292)

لقطة يسيرة درهما، أو حبلا، أو شبه ذلك، فليعرفه ثلاثة أيام"، ثم نقل ما أتبعه ق من تضعيف راويه عمر بن عبد الله بن يعلى، فذكر عنه أنه قال: (وعمر بن عبد الله هذا منكر الحديث، ضعفه أبو محمد بن أبي حاتم).

__________

حاتم).

ثم قال: (ولم يعزه، ولا أذكر له الآن موقعا). اهـ

بيان الوهم والإيهام. باب ذكر أحاديث أغفل نسبتها إلى المواضع التي أخرجها منها: (1/ ل: 78. أ).

قلت: والحديث أخرجه الإمام أحمد بلفظ: (من التقط لقطة يسيرة درهما أو حبلا أو شبه ذلك فليعرفه ثلاثة أيام، فإن كان فوق ذلك فليعرفه سنة).

لكن جاء في سنن البيهقي، والمحلى لإبن حزم: (فإن كان فوق ذلك فليعرفه ستة أيام)، وكذلك هو عند الطبراني في الكبير، ولكن بزيادة: (فإن جاء صاحبها، وإلا فليتصدق بها، فإن جاء صاحبها، فليخبره).

وأورده الحافظ في التلخيص الحبير، والهيثمي في مجمع الزوائد بلفظ (ستة أيام) وعزياه للإمام أحمد، والذي عند أحمد: (سنة).

وأورد ابن حزم الحديث, ثم قال: (وهذا لا شيء، اسرائيل ضعيف، وعمر بن عبد الله مجهول، وحكيمة عن أبيها أنكر، ظلمات بعضها فوق بعض). ونسب الحافظ ابن حجر إلى ابن القطان أنه قال في حكيمة ويعلى أنهما مجهولان. ولم يرتض ذلك منهما؛ لأن يعلى صحابي معروف.

وحكيمة -ويقال حكمة- بنت يعلى بن مرة الثقفية، عن أبيها، وعنها حفيدها عمر بن عبد الله؛ ذكرها بن حبان في الثقات.

- انظر: المحلى 8/ 263 - السنن الكبرى، للبيهقي: كتاب اللقطة 6/ 195 - بيان الوهم .. باب أحاديث أعلها برجال وفيها من هو مثلهم أو أضعف أو مجهول لا يعرف (1/ ل: 201. ب) - مجمع الزوائد، للهيثمي: باب اللقطة 4/ 169 - ذيل الكاشف، لأحمد بن بعد الرحيم العراقي ص: 370 - تعجيل المنفعة، لإبن حجر ص: 556 - التلخيص الحبير 1/ 74 - الفتح الرباني، للساعاتي 15/ 160.

ذكر ابن المواق أن ابن القطان وهم في هذا الحديث وهمين:

- الأول: أن عبد الحق لم يقل كما نقل عنه ابن القط ن، وهذا صحيح ولكن الذي يظهر لي أن ابن القطان نقل ذلك بالمعنى، فكان ذلك سبب الوهم.

- والثاني: تضعيف عمر بن عبد الله بن يعلى. نقله ابن أبي حاتم عن غيره، وهذا نص قوله من الجرح والتعديل ليتبين صوابه: (أنا عبد الله بن محمد بن حنبل، فيما كتب إلى، قال: قال أبي: عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة ضعيف الحديث). وقال أبو محمد بن أبي حاتم كذلك: (سألت أبي عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي. فقال: هو ضعيف الحديث، منكر الحديث).

- الجرح والتعديل 6/ 118.

وينظر كذلك في ترجمة عمر بن عبد الله: الكامل 5/ 34 - الضعفاء الكبير 3/ 176 - الميزان 3/ 211 - ت.

التهذيب 7/ 413.

(1/293)

قال م: وذلك وهم من وجهين:

- أحدهما أن ق لم يذكر ذلك كذلك.

- الثاني أن أبا محمد بن أبي حاتم لم يضعف عمر هذا من قبل نفسه، وإنما حكاه عن غيره، والذي ذكر ق إنما هو (منكر الحديث ضعيفه، ذكره أبو محمد ابن أبي حاتم) (2)، وهذا القول صحيح، فاعلمه. اهـ

(144) ومن ذلك أنه ذكر (1) في المدرك الأول حديث مجاهد عن عائشة:

__________

(2) "الأحكام" لعبد الحق الإشبيلي، باب اللقطة والضوال (6/ ل: 39. ب).

(1) أي ابن القطان.

ذكر عبد الحق الإشبيلي حديث الباب من طريق النسائي، وهذا نصه منها: (أخبرنا عمرو بن منصور؛ قال حدثنا عاصم بن يوسف؛ قال حدثنا أبو الأحوص عن طلحة بن يحيى بن طلحة، عن مجاهد، عن عائشة؛ قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما، فقال: "هل عندكم شيء؟ " فقلت: لا. قال: "فإني صائم" ثم، مر بي بعد ذلك اليوم، وقد أهدي الي حيس، فخبأت له منه؛ قال "أدنيه، أما إني أصبحت صائم، فأكل منه، ثم قال: إنما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة، فإن شاء أمشاها، وإن شاء حبسها").

- المجتبي: كتاب الصيام، باب النية في الصيام .. ، (4/ 193). "الأحكام"، لعبد الحق الإشبيلي: كتاب الصيام، باب فيمن دعي إلى طعام وهو صائم: (4/ ل: 33. أ).

الحيس: طعام يتخذ من التمر والأقط والسمن:

(النهاية، لإبن الأثير 1/ 274).

ذكر هذا الحديث ابن القطان في المدرك الأول لإنقطاع الأحاديث. (1/ ل: 92. أ ..) ضمن أحاديث مجاهد عن عائشة. وعده منقطعا، مستندا لما ذكره الترمذي (في كتاب العلل): قال يحيى بن سعيد: (كان شعبة ينكر أن يكون مجاهد سمع من عائشة).

وبعد نقل ابن القطان لما تقدم قال: (وقال ابن أبي حاتم روى عن عائشة مرسلا.

وهو وهم منه كما ذكر ابن المواق، فإنما نقل ذلك ابن أبي حاتم عن أبيه. وهذا الحديث أخرجه كذلك ابن ماجة في سننه من طريق مجاهد عن عائشة كذلك، ولما ذكره السيوطي في الجامع الصغير حكم بضعفه.

أما الشيخ الألباني فعد 5 من صحيح سنن ابن ماجة، والذي يترجح أنه لم يصححه من طريق مجاهد عن عائشة، وإنما صححه من طريق عائشة بنت طلحة عن عائشة - رضي الله عنها -، وهي طريق هذا الحديث عند مسلم، وعليه فإن ضُعف الحديث من طريق مجاهد عن عائشة، فهو صحيح من غير هذا الطريق.

انظر: مسلم، باب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، وجواز فطر الصائم نفلا من

(1/294)

"إنما مثل صوم التطوع كمثل الذي يخرج الصدقة". الحديث .. وتكلم على أحاديث مجاهد عن عائشة، وأعلها بالإنقطاع، ثم قال آخر ذلك: وقال ابن أبي حاتم: روى عن عائشة مرسلا).

قال م ~: وهو وهم؛ فإن ابن أبي حاتم لم يقل ذلك من عند نفسه، وإنما حكاه عن أبيه؛ فإنه قال آخر كلامه: (سمعت أبي يقول ذلك). (2) على ما جرى به رسمه. اهـ

(145) قال (1) في حديث أبي جهيم؛ حديث: (لو يعلم المار بين يدي

__________

= غير عذر: (2/ 808 ح: 169) - سنن ابن ماجة، كتاب الصيام، باب ما جاء من فرض الصيام - المراسيل، لإبن أبي حاتم 204 - شرح علل الترمذي, لإبن رجب الحنبلي 2/ 597 (بتحقيق د. همام عبد الرحيم سعيد) - جامع التحصيل في أحكام المراسيل، للعلائي 336 - فيض القدير، للمناوي 3/ 4 ح: 2602.

(2) الجرح والتعديل 8/ 319.

(1) أي ابن القطان: بيان الوهم .. (1/ ل: 24. ب).

وهذا الحديث ذكره عبد الحق الإشبيلي -من طريق مسلم- في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في سترة المصلي، وما يصلي إليه، وما نهى عنه من ذلك. (2/ ل: 68. أ).

روى مالك عن أبي النضر - مولى عمر بن عبيد الله - عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم يسأله ماذا سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المار بين يدي المصلي. فقال أبو جهيم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المار بين يدي المصلي: "لو يعلم ماذا عليه, لكان عليه أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه".

قال أبو النضر: لا أدري أربعين يوما أو شهرا أو سنة. اهـ

"هكذا روى مالك هذا الحديث في الموطأ، لم ختلف عليه في أن المرسل هو زيد، وأن المرسل إليه هو أبو جهيم.

وقد رواه من طريق مالك: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وتابع مالكا على روايته سفيان الثوري عن أبي النضر عند مسلم، وابن ماجة، وغيرهما، وخالفهما ابن عيينة عن أبي النضر؛ فقال عن بسر أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله؛ فذكر الحديث.

قال ابن عبد البر: هكذا رواه ابن عيينة مقلوبا، أخرجه ابن أبي خيثمة عن أبيه عن ابن عيينة. ثم قال ابن أبي خيثمة: سئل عنه يحيى بن معين. فقال: هو خطأ، إنما هو (أرسلني زيد إلى أبي جهيم) كما قال مالك.

وتعقب ذلك ابن القطان، فقال ليس خطأ ابن عيينة فيه بمتعين ... وإذا كان ابن المواق استبعد تأويل شيخه ابن =

(1/295)

المصلي ماذا عليه، لكان عليه أن يقف أربعين، خيرا له من أن يمر بين يديه، قال أبو النضر: لا أدري أربعين يوما أو شهرا أو سنة).

وفيما أتبعه ق من قوله (في مسند البزار: أربعين خريفا)، ما هذا نصه المقصود منه: (فإنه ليس عن أبي جهيم في كتاب البزار، بل عن زيد بن خالد عكس هذا الذي في كتاب مسلم من رواية ابن عيينة، فكان عليه أن ينقله كما وقع، وبذكر الحديثين بنصهما يتبين ذلك) (2). اهـ

ثم أورد حديث مسلم من طريق مالك عن أبي النضر (3)، عن بسر بن

__________

= القطان في هذا الحديث، فإن الحافظ ابن حجر -كذلك- لم يرتض ما ذهب إليه ابن القطان؛ لذا قال: (تعليل الأئمة للأحادث مبني على غلبة الظن؛ فإذا قالوا أخطأ فلان في كذا، لم يتعين خطؤه في نفس الأمر، بل هو راجح الإحتمال، فيعتمد. ولولا ذلك لما اشترطوا انتفاء الشاذ، وهو ما خالف الثقة فيه من هو أرجح منه في حد الصحيح).

وقد وقع في مسند البزار من طريق ابن عيينة -التي ذكرها ابن القطان- (لكان أن يقف أربعين خريفا) أخرجه عن أحمد بن عبدة الضبي، عن ابن عيينة.

وقد جعل ابن القطان الجزم في طريق ابن عيينة (أربعين خريفا) والشك في طريق غيره دالا على التعدد. لكن رواه أحمد وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وغيرهم من الحفاظ عن ابن عيينة عن أبي النضر على أيضا.

انظر: الموطأ بشرح الزرقاني، كتاب قصر الصلاة في السفر، التشديد في أن يمر أحد بين يدي المصلي (1/ 312)، والبخاري: كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي: (الفتح 1/ 584 ح: 510)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي (1/ 363 ح: 261)، وأبو داود: كتاب الصلاة، باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي (1/ 449 ح: 701)، والترمذي كتاب الصلاة، باب ما جاء في كراهية المرور بين يدي المصلي (2/ 158 ح: 336)، والنسائي: كتاب القبلة، باب التشديد في المرور بين يدي المصلي وبين سترته (2/ 66)، ونصب الراية: كتاب الصلاة: (2/ 61)، ومجمع الزوائد، للهيثمي: باب فيمن يمر بين يدي المصلي (2/ 61).

(2) بيان الوهم ... (1/ ل: 24. ب).

(3) سالم بن أبي أمية، أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله التيمي، المدني، ثقة ثبت، وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة تسع وعشرين ومائة./ ع.

- التقريب 1/ 279.

(1/296)

سعيد (4) أن زيد بن خالد الجهني (5) أرسله إلى أبي جهيم (6) يسأله: ماذا سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المار بين يدي المصلي؟ فذكر الحديث، ثم حديث البزار من طريق سفيان بن عيينة عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد؛ قال: أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله عن المار بين يدي الصلي؟ فذكر الحديث، وفيه كان: لأن يقوم أربعين خريفا خير له من أن. يقوم بين يديه، ثم قال ع:

"هذا نصه، وهو عكس رواية مالك؛ فإنه جعل الحديث لزيد بن خالد، وقد خطئ ابن عيينة فيه، وليس خطأه بمتعين؛ لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بسر ابن سعيد إلى زيد بن خالد، وزيد بن خالد بعثه إلى أبي جهيم بعد أن أخبره بما عنده يستثبته فيما عنده، وأخبر كل واحد منهما بمحفوظه، وشك أحدهما، وجزم الآخر بأربعين خريفا، واجتمع ذلك كله عند أبي النضر، وحدث به للإمامين؛ فحفظ مالك حديث أبي جهيم، وحفظ سفيان حديث زيد" (7).

قال م ~: وهذا التأويل بعيد جدا، ولو كان الأمر على ما ذكر لصرح أبو النضر بذلك في حديثه، ولقال بعثني هذا إلى هذا، ثم هذا إلى هذا، وإنما

__________

(4) بسر بن سعيد المدني العابد، مولى ابن الحضرمي، ثقة جليل، من الثانية، مات سنة مائة. / ع.

- التقريب 1/ 97.

(5) زيد بن خالد الجهني المدني، صحابي مشهور، مات بالكوفة سنة ثمان وستين، أو سبعين، وله خمس وثمانون سنة. / ع.

- التقريب 1/ 274.

(6) أبو جهيم بن الصمة بن عمر الأنصاري، قيل اسمه عبد الله، قد ينسب إلى جده، وقيل هو عبد الله بن جهيم بن الحارث بن الصمة، وقيل هو آخر غيره، صحابي معروف، وهو ابن أخت أبي ابن كعب، بقي إلى خلافة معاوية. / ع.

- التقريب 2/ 407.

(7) بيان الوهم والإيهام. باب ذكر أحادث يوردها من موضع عن راو يردفها زيادة أو حديثا من موضع آخر موهما أنها عن ذلك الراوي بذلك الإسناد أو في تلك القصة، أو في ذلك الموضع، وليس كذلك. (1/ 1 ل: 24. ب).

(1/297)

الحديث لأبي جهيم وفي مسنده. ورواية سفيان بن عيينة وهم عند أهل العلم؛ فيما خالف فيه من ذلك. وقد وافق مالكا على روايته سفيان الثوري، فرواه عن أبي النضر، كما رواه مالك (9)، ذكر روايته ابن أبي خيثمة (10) من طريق أبي عبد الرحمن بن مهدي (11) عنه، ورواه أيضا قبيصة بن عقبة (12) عن الثوري؛ ذكر روايته ابن سبحر. وقال علي بن المديني: وقول سفيان ومالك هو عندي الصواب، وحسبك بهما حفظا وإتقانا إذا اتفقا، وقال ابن معين لما سئل عن حديث ابن عيينة: هذا خطأ؛ إنما هو: زيد إلى أبي جهيم (13).

قال م ~: وأحسب الذي حمل ع على هذا التأويل ما وقع في هذه الرواية عن سفيان من قوله: أربعين خريفا. وقد روي عنه من الحديث نحو حديث مالك؛ رواه كذلك زهير بن حرب (14)؛ ذكره أبو بكر ابنه عنه؛ قال فيه: أن يقوم أربعين خير من أن يمر بين يديه، لا أدري سنة أو شهرا أو ساعة. اهـ

(146) وفي باب الزيادات المردفة على أحاديث؛ بحيث يظن أنها عن الراوي الأول، أو بذلك الإسناد، أو تلك القصة، أو في ذلك الوضع.

__________

(9) رواية سفيان الثوري عن أبي النضر عند مالك متابعة.

(10) هو أحمد بن أبي خيثمة. تنظر ترجمته في الدراسة.

(11) عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، مولاهم، أبو سعيد البصري ثقة ثبت، حافظ عارف بالرجال والحديث. قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه. من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومائة. /ع.

- التقريب 1/ 499.

(12) قبيصة بن عقبة بن محمد بن سفيان السوائي، أبو عامر الكوفي صدوق ربما خالف، من التاسعة، مات سنة خمس عشرة ومائتين على الصحيح/ ع.

- التقريب 2/ 122.

(13) في المخطوط (زيد بن أبي جهيم).

(14) زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة النسائي، نزيل بغداد، ثقة ثبت، روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومائتين./ ع.

- التقريب 1/ 264.

(1/298)

وقال (1) في حديث جابر بن سمرة: (كنت أصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت

__________

(1) أي ابن القطان.

ذكر عبد الحق حديث جابر بن سمرة من طريق مسلم: (كنت أصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت صلاته قصدا، وخطته قصدا).

أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة: (2/ 591 ح: 41)، وسنده عنده:

(حدثنا حسن بن الربيع، وأبو بكر بن أبي شيبة؛ قالا: حدثنا أبو الأحوص عن سماك، عن جابر بن سمرة. فذكر.

ولما ذكره ق هذا الحديث أتبعه بقوله: (زاد في طريق أخرى: يقرأ آيات من القرآن ويذكر الناس).

وقد تعقبه ابن القطان بأن ظاهر هذه العبارة يدل على أن هذه الطريق الأخرى من صحيح مسلم كذلك. بينما هذه الرواية تقع عند أبي داود. ثم أورده بسنده من سنن أبي داود، وهذا نصه:

(حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثنا سماك، عن جابر بن سمرة؛ قال: كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قصدا، وخطبته قصدا، يقرأ آيات من القرآن، ويذكر الناس).

- انظر: سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الرجل خطب على قوس: (1/ 661 ح: 1101) -

ثم ختم ابن القطان قوله بأن حديث أبي داود هذا ليس هو حديث مسلم، وليس من أطرافه، ولا من زياداته.

- بيان الوهم والأوهام، باب ذكر أحاديث يوردها من موضعا عن راو ثم يردفها زيادة أو حديثا من موضع آخر، موهما أنها عن ذلك الراوي، وبذلك الإسناد، وليس كذلك: (1/ ل: 28. أ)، "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الجمعة: (3 / ل: 28. أ).

والذي رجع إلى "صحيح مسلم" يجد أن مسلما رواه عن حسن بن الربيع, وأبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي الأحوص، عن سماك، عن جابر بن سمرة، في موضعين من صحيحه: وبألفاظ مختلفة: الموضع الأول، وهو المتقدم أولا، والثاني في باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من الجلسة: (1/ 589 ح: 34) أما لفظه في هذا الباب: (كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خطبتان يجلس بينهما، يقرأ ويذكر الناس) ز

وهذا ما جعل ابن المواق يرجح أنه حديث واحد، وأن مسلما قطعه فذكره في الموضعين بسند واحد، مستدلا في ذلك بحديث أنس بن مالك.

أما لفظ (آيات) فلم يقع عند مسلم -في هذا الحديث- على الإطلاق، وإنما هو عند أبي داود, وابن ماجة, والنسائي، من رواية سفيان الثوري عن سماك.

والحديث عند النسائي، وابن ماجة من هذا الطريق بلفظ:

(كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائما، ثم يجلس، ثم يقوم ويقرأ آيات، ويذكر الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وكانت خطبته قصدا، وصلاته قصدا). اهـ

وبهذا يتبين أن رواية سفيان عن سماك جمعت بين روايتي أبي الأحوص عند مسلم. وهذا يرجح ما ذهب إليه ابن المواق من اعتباره حديثا واحدا قطعه مسلم، فذكره في موضعين ولكن بسند واحد.

انظر الحديث من رواية سفيان به: سنن النسائي، كتاب الجمعة: باب السكوت في القعدة بين الخطبتين: (3/ =

(1/299)

صلاته قصدا، وخطته قصدا).

وفيما أتبعه ق من قوله: (زاد في طريق أخرى: يقرأ آيات من القرآن، ويذكر الناس): قولا بين فيه أن هذه الزيادة ليست عند مسلم، وصدق فإن هذا اللفظ هكذا؛ فذكر (آيات) لم تقع عند مسلم، ثم قال:

(فأما رواية أبي الأحوص في كتاب مسلم عن سماك بن حرب، عن جابر ابن سمرة؛ قال: (كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خطتان يجلس بينهما يقرأ القرآن، ويذكر الناس. (2) فحديث آخر في معنى آخر؛ ليس فيه ذكر القصد والآيات، وفيه أنه كان يجلس بين الخطبتين، وإنما هذا حديث آخر ليس من أطراف ذلك، ولا من زياداته، فليس معنيه) (3).

قال م ~: هذا الذي قال في رواية أبي الأحوص عن سماك هذا الحديث إنه حديث آخر في معنى آخر، ليس فيه ذكر القصد والآيات. وأن الذي فيه ذكر القصد والآيات من أطراف ذاك ليس هو عندي كما قال: فإن أبا الأحوص يروي اللفظتين عن سماك، وكلاهما عند مسلم من رواية أبي الأحوص عن سماك، بل بإسناد واحد إلى أبي الأحوص، فيظهر لي أنه حديث واحد خلاف ما قاله ع؛ ومعلوم من عادة المصنفين أنهم يقتطعون من الحديث الواحد ما تدعوهم الحاجة إليه في باب من الأبواب، فيذكرون الحديث الواحد قطعا في أبواب متفرقة بحسب ما يحتاجون إليه منه، كذلك فعله البخاري، وأبو داود والنسائي، وغيرهم؛ كحديث أنس بن مالك في كتاب أبي بكر في الصدقة،

__________

= 122 ح: 1416)، سنن ابن ماجة: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في وقت الجمعة (1/ 351 ح: 1106)، (تحفة الأشراف 4/ 152 ح: 2163).

ومن رواية أبي الأحوص به، في: جامع الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الجلوس بين الخطبتين (2/ 381 ح: 507)، سنن النسائي، كتاب صلاة العيدين، باب القصد في الخطبة (2/ 213 ح: 1581)، السنن الكبرى، للبيهقي: كتاب الجمعة، باب ما يستحب من القصد في الكلام وترك التطويل: (207/ 3)، (تحفة الأشراف 2/ 155 ح: 2167).

(2) مسلم: (2/ 591 ح: 41).

(3) بيان الوهم والإيهام (1/ ل: 28. أ ..).

(1/300)

فإنه ذكره قطعا بحسب الأبواب، (4) وكذلك هو عندي هذا الحديث، فإنه روى هذا -الذي تفرق عند مسلم- في بابين؛ قد روي بمتن واحد، حسبما نذكره الآن إن شاء الله، بعد إيراد الحديث من كتاب مسلم بإسناد واحد للفظين معا. قال مسلم: (نا يحيى بن يحيى (5) وحسن بن الربيع (6) وأبو بكر بن أبي شيبة، قال يحيى: أنا، وقال الآخرون: نا أبو الأحوص، عن سماك، عن جابر ابن سمرة؛ قال: (كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خطبتان يجلس بينهما، يقرأ القرآن ويذكر الناس) (7).

وقال في باب آخر: نا حسن بن الربيع وأبو بكر بن أبي شيبة، قالا: نا أبو الأحوص عن سماك، عن جابر بن سمرة؛ قال: كنت أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانت صلاته قصدا، وخطبته قصدا. فهذا كما رأيت سياق

__________

(4) حدث أنس بن مالك أن أبا بكر كتب له كتابا في الصدقة: قطعه الإمام البخاري على الكتب والأبواب الآتية:

كتاب الزكاة, الباب 33: (الفتح 3/ 312 ح: 1449)

كتاب الزكاة، الباب 34: (الفتح 3/ 314 ح: 1450)

كتاب الزكاة، الباب 35: (الفتح 3/ 315 ح: 1451)

كتاب الزكاة، الباب 37: (الفتح 3/ 316 ح: 1453)

كتاب الزكاة، الباب 38: (الفتح 3/ 317 ح: 1454)

كتاب الزكاة، الباب 39: (الفتح 3/ 321 ح: 1455)

كتاب الشركة، الباب 2: (الفتح 5/ 130 ح: 2487)

كتاب فرض الخمس، الباب 5: (الفتح 6/ 212 ح: 3106)

كتاب اللباس، الباب 55: (الفتح 10/ 328 ح: 5878)

كتاب الحيل، الباب 3: (الفتح 12/ 330 ح: 6955)

(5) يحيى بن يحيى بن بكير بن عبد الرحمن التيمي، أبو زكرياء النيسابوري، ثقة ثبت إمام، من العاشرة، مات سنة ست وعشرين ومائتين على الصحيح. / خ م ت س.

- التقريب 2/ 360.

(6) الحسن بن الربيع البجلي، أبو علي الكوفي، البوراني، ثقة من العاشرة، مات سنة عشرين، أو إحدى وعشرين. / ع.

(7) مسلم (1/ 589 ح: 34).

(1/301)

اللفظين بإسناد، ولا يبعد أن يكون متنا واحدا اقتُطع قطعتين، فقد روي كذلك من حديث سفيان الثوري، عن سماك:

قال النسائي: أخبرنا عمرو بن علي (8) (عن) (9) عبد الرحمن بن مهدي؛ قال: ثنا سفيان، عن سماك، عن جابر بن سمرة؛ قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائما ثم يجلس، ثم يقوم ويقرأ آيات ويذكر الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وكانت خطبته قصدا، وصلاته قصدا) (10).

فهذا سفيان قد ساقه كاملا، ولا يبعد أن يوجد (11) ذلك من رواية أبي الأحوص أيضا عن سماك، ولقد أصاب عندي خلف الواسطي (12)، إذ جعله في كتاب الأطراف حديثا واحدا، ولم يصب أبو مسعود (13) في جعله حديثين، وأظن ع إنما اتبع في ذلك أبا مسعود، والله أعلم. اهـ

(147) وقال (1) في حديث علي بن علي الرفاعي عن

__________

(8) عمرو بن علي، أبو حفص الفلاس. تقدم.

(9) (عن) في مكانها بياض في المخطوط.

(10) سنن النسائي، كتاب الجمعة، باب القراءة في الخطة الثانية (3/ 122 ح: 1417).

(11) في المخطوط بزيادة (من).

(12) هو خلف الواسطي الدمشقي. انظر ترجمته في الدراسة.

(13) أبو مسعود الدمشقي، هو إبراهيم بن محمد. انظر ترجمته في الدراسة.

(1) أي ابن القطان.

جاء في جامع الترمذي:

(حدثنا محمد بن موسى البصري. حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن علي بن علي الرفاعى، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري، قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر، ثم يقول: سبحان الله وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إلاه إلا غيرك، ثم يقول؛ الله أكبر كبيرا، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه".

قال أبو عيسى: وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب.

ذكر هذا الحديث عبد الحق مع قول الترمذي التقدم، ثم أعقبه بقوله: (على أنهم يرسلونه عن علي بن علي، عن أبي المتوكل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -).

- "الأحكام": كتاب الصلاة، باب تكبيرة الاحرام، وهيئة الصلاة والقراءة والركوع: (2/ ل: 82. أ ..). =

(1/302)

أبي التوكل (2)، عن أبي سعيد: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة بالليل الحديث .. " وفيما

__________

= فتعقبه ابن القطان في ذلك بقوله: (وذلك خطأ من القول، ولا يعرف هكذا، وإنما قال أبو داود لما ذكر الحدث الأول: "هذا الحدث يقولون عن علي بن علي، عن الحسن مرسلا، والوهم من جعفر" فالحدث إذن إما مسند عن أبي سعيد، وإما مرسل عن الحسن، فأما المرسل عن أبي المتوكل فلا). اهـ

وابن القطان ذكر هذا الحدث مع تعقبه، في باب ذكر أحاديث يوردها من مرضع عن راو، ثم يردفها زيادة أو حديثا من موضع آخر موهما أنها عن ذلك الراوي، وبذلك الإسناد، وفي تلك القصة، أو في ذلك الموضع، وليس كذلك.

وهو موضع لا يناسب ذكر هذا الحديث؛ إذ غاية ما فيه أن الحدث ذكر مرسلاً عن الحسن، فنسب إرساله لأبي المتوكل، فالأولى أن يكون في باب نسبة الأحاديث إلى غير رواتها، وهذا وجه تعقب ابن المواق على شيخه ابن القطان.

ومتن هذا الحديث عند أبي داود كما عند الترمذي، لكنه زاد بعد قوله (ولا إلاه غيرك): لا إله إلا الله ثلاثا، الله أكبر كبيرا ثلاثا، وبقية الحديث عندهما سواء، ونحو حديث أبي داود عند البيهقي، ولفظه عند النسائي، وابن ماجة: (كان إذا استفتح الصلاة يقول: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إلاه غيرك". لم يقولا فيه: لا إلاه إلا الله ثلاثا إلى آخره.

أما لفظه في مراسيل أبي داود: (عن الحسن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام من الليل يريد أن يتهجد قال قبل أن يكبر: "لا إلاه إلا الله والله أكبر، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه، ونفثه، ونفخه"، قال: ثم يقول: (الله أكبر).

انظر الحديث في: جامع الترمذي، أبواب الصلاة: باب ما يقول عند افتتاح الصلاة: (2/ 9 ح: 242)، سنن أبي داود، باب من رأى الإستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك: (490/ 1 ح: 775)، المراسيل مع الأسانيد لأبي داود، باب ما جاء في الإستفتاح (ص: 85)، سنن ابن ماجة: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها: (1/ 264 ح: 804)، سنن النسائي: كتاب الإفتتاح: (2/ 469 ح: 898)، أحمد في مسنده: الفتح الرباني (3/ 177 ح: 504)، سنن الدراقطني: كتاب الصلاة، باب دعاء الإستفتاح بعد التكبير (1/ 298 ح: 4)، للبيهقي: كتاب الصلاة، باب الإستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك: (2/ 34)، بيان الوهم والإيهام (1/ ل: 28. أ). وقد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد، فقال: كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي، وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث.

قلت: وما أعل به هذا الحدث ليس بعلة؛ فقد أعل بعلي بن علي بن نجاد الرفاعي، اليشكري، أبي إسماعيل البصري. وإنما جرحوه لأنه كان يرى القدر، لكن لم كن داعية له. قال الحافظ ابن حجر: (لا بأس به رمي القدر، وكان عابدا، ويقال: كان يشبه النبي - صلى الله عليه وسلم -، من السابعة. / بخ 4). والشيخ الألباني عد الحديث من صحيحي السنن؛ عند أبي داود، وابن ماجة، وعلق عليه في مشكاة بقوله: (إسناد صحيح)، وألمع إلى رد علته المذكورة.

انظر: مشكاة المصابيح، للخطيب التبريزي (1/ 258 ح: 816)، التقريب (2/ 41)، صحيح سنن ابن ماجة (1/ 135 ح: 655).

(2) علي بن داود، ويقال: ابن داود، أبو المتوكل الناجي، البصري، مشهور لكنيته، ثقة، من الثالثة. مات سنة ثمان =

(1/303)

أتبعه ق من قوله هذا: (أشهر حديث في الباب، على أنهم يرسلونه عن علي ابن علي، عن أبي التوكل، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -): قولا بين فيه وهم أبي محمد في قوله: (عن أبي التوكل، عن النبي)، وعرف أن صوابه: (عن علي بن علي، عن الحسن مرسلا).

وأصاب في ذلك، لكنه لم يصب في إدخاله الحديث في هذا الباب؛ لأنه لا يقتضيه الباب البتة. اهـ

(148) وقال (1) في حديث محمد بن أبي بكر الصديق عن أبيه؛ في

__________

= ومائة./ ع.

- التقريب 2/ 36.

(1) أي ابن القطان.

جاء في سنن النسائي: (أخبرنا أحمد بن فضالة بن إبراهيم النسائي؛ قال حدثنا خالد بن مخلد؛ قال: حدثني سليمان بن بلال؛ قال: حدثني يحيى -وهو ابن سعيد الأنصاري - قال: سمعت القاسم بن محمد يحدث عن أبيه، عن أبي بكر أنه خرج حاجا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع, ومعه امرأته أسماء بنت عميس الخثعمية، فلما كانوا بذي الحليفة، ولدت أسماء محمد بن أبي بكر، فأتى أبو بكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمرها أن تغتسل، ثم تهل بالحج، وتصنع ما يصنع الناس، إلا أنها لا تطوف باليت).

- سنن النسائي: كتاب مناسك الحج، باب الغسل للإهلال: (5/ 137 ح: 2663).

ساق عبد الحق الحديث من طرق النسائي هاته، ثم أعقبه بقوله: (زاد أبو داود: "وترجل .. ").

- الأحكام لعبد الحق الإشبيلي: كتاب الحج (4/ ل: 53. ب).

فتعقبه ابن الفطان لبيان أن هذه الزيادة (وترجل) ليست من حديث محمد بن أبي بكر، وإنما هي من حديث عائشة عند أبي داود، من رواية ابن الأعرابي، وتكرر لإبن القطان ذكر هذه الزيادة، ولم ينبه على الوهم في روايتها.

- بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أحادث يوردها عن راو ثم يردفها زيادة أو حديثا من موضع آخر موهما أنها عن ذلك الراوي أو بذلك الإسناد: (1/ ل: 29. أ).

وإنما ذكر ابن المواق هذا الحديث لتصحيح ذلك؛ فهي (وترحل) بالحاء، وليس بالجيم.

وهذا نص حدث عائشة من رواية اللؤلؤي لسنن أبي داود: (حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عبدة، عن عبيد الله، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة؛ قال: نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن تغتسل فتهل). اهـ

- الشجرة: مكان بذي الحليفة، فيه شجرة.

كتاب المناسك: باب الحائض تهل بالحج: (2/ 357 ح: 1743). =

(1/304)

نفاس أسماء بنت عميس الخثعمية بمحمد بن أبي بكر بذي الحليفة، في حجة الوداع؛ وفيه: فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأمرها أن تغتسل، ثم تهل بالحج الحديث .. وما أتبعه ق من قوله: (زاد أبو داود: وترجل). قولا بين فيه أن هذه الزيادة ليست عند أبي داود، من حديث محمد بن أبي بكر، وإنما هي عنده من حديث عائشة، وصدق، إلا أنه وافق أبا محمد على قوله: (وترجل) بأن ذكره كذلك، وتكرر له ذكر هذه اللفظة؛ هكذا بالجيم من ترجيل الشعر، وهكذا تلقيناه عن شيخنا عند قراءة كتاب "البيان" عليه، وهو وهم، وصوابه: (وترحل) بالحاء المهملة، من الرحيل أي أنها لا تقيم من أجل نفاسها، بل ترحل، وكما ذكرته على الصواب ألفيته في نسخ عتق من سنن أبي داود؛ إحداها باعتناء المتقن الضابط أبي علي الجياني (2) في نسخة الخولاني (3) المسموعة على ابن الأعرابي (4) وابن داسة (5) وأخرى بخط أبي عمر الباجي

__________

= وحديث عائشة أخرجه مسلم كذلك: كتاب الحج، باب إحرام النفساء ... (2/ 869 ح: 109).

وابن ماجة: كتاب المناسك، باب النفساء والحائض تهل بالحج (2/ 971 ح: 2911).

والإنقطاع الذي أشار: إليه: هو رواية محمد بن أبي بكر عن أبيه أبي بكر الصديق.

قال أبو زرعة: (خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة في حجته لخمس بقين من ذي القعدة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر بذي الحليفة لأربع بقين من ذي القعدة، وقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة صبيحة الرابع من ذي الحجة، وقبض النبي - صلى الله عليه وسلم - في شهر ربيع الأول.

وكانت خلافة أبي بكر سنتين وأشهرا، وولد ابن أبي بكر في حجة الإسلام .. وتوفي أبو بكر، ولمحمد بن أبي بكر أقل من ثلاث سنين.

وقال أبو زرعة: محمد بن أبي بكر عن أبيه، مرسل). اهـ

وذكر الحافظ ابن حجر: أن محمد بن أبي بكر الصديق قتل سنة ثمان وثلاثين، وكان علي يثني عليه. / س ق.

- المراسيل، لإبن أبي حاتم ص: 182 - التقريب 2/ 148.

(2) أبو علي الغساني، الجياني، الأندلسي، اسمه: الحسين بن محمد بن أحمد. تنظر ترجمته في الدراسة.

(3) عمر بن عبد الملك بن سليمان، أبو حفص، الخولاني. تنظر ترجمته في الدراسة.

(4) ابن الأعرابي، أحمد بن محمد بن زياد. ترجم له في الدراسة.

(5) محمد بن بكر بن داسة، أبو بكر. ترجم له في الدراسة.

(1/305)

أحمد بن (عبد الله) (6)، وأخرى أصل أبي عمر بن عبد البر؛ رحم الله جميعهم، وجميعنا بمنه، فاعلم ذلك. اهـ

(149) وقال (1) في حديث (سيأتيكم ركيب مبغضون ..) قولا حسنا بيّن فيه ما وقع في إسناده من الخلاف عند البزار وغيره؛ لما وقع في كتاب أبي داود

__________

(6) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، وفي مكانه بياض.

أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي الباجي، أبو عمر، لازمه ابن عبد البر للأخذ عنه، وقد وصفه بقوله: (كان أبو عمر الباجي إمام عصره, وفقيه زمانه، جمع الحديث، والرأي والبيت الحسن، والهدي والفضل، ولم أر بقرطبة ولا بغيرها من كور الأندلس رجلا يقاس به في علمه بأصول الدين وفروعه، كان يذاكر بالفقه، ويذاكر بالحديث، والرجال). توفي سنة ست وتسعين وثلاث مائة.

- جذوة المقتبس، للحميدي 2/ 586 - فهرست ابن خير ص: 133 - صلة الخلف بموصول السلف، للروداني ص: 308، 364، 368 - ابن عبد البر الأندلسي، وجهوده في التاريخ، ليث سعود جاسم ص: 128.

(1) أي ابن الفطان.

جاء في سنن أبي داود:

(حدثنا عباس بن عبد العظيم ومحمد بن المثني، قالا: حدثنا ابن عمر عن أبي الغصن، عن صخر بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك، عن أبيه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

"سيأتيكم ركيب مبغضون، فإن جاؤوكم فرحبوا بهم، وخلوا بينهم وبين ما يبتغون، فإن عدلوا فلأنفسهم، وإن ظلموا فعليها، وارضوهم، فإن تمام زكاتهم رضاهم، وليدعوا لكم").

كتاب الزكاة، باب رضا المصدق (2/ 245 ح: 1588).

هكذا هو عند أبي داود من رواية بشر بن عمر عن أبي الغصن، عن صخر بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك، عن جابر بن عتيك مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

لكنه في مسند البزار من رواية أبي عامر عن أبي الغصن، عن خارجة بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن جابر، عن جابر؛ هكذا ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد: (عن جابر)، وابن القطان لما ذكر الحديث نقلا عن البزار، قال: (عن جابر بن عبد الله)، والإمام البخاري لما روى الحديث في "التاريخ الكبير"، جعله من مسند جابر ابن عبد الله؛ وكذلك رواه ابن أبي شيبة، وعلي بن عبد العزيز في "المنتخب" -حسب ما نقل عنه- وغيرهم؛ ولهذا رجح ابن المواق رواية أبي عامر الخزاز -عن أبي الغصن- ومن تابعه على رواية بشر بن عمر - عن أبي الغصن.

يعل حديث أبي داود كذلك بالجهل بحال روايين في سنده وهما: عبد الرحمن بن جابر بن عتيك، وصخر ابن إسحاق، يضاف إلى ذلك ما ذكره ابن المواق من علل فيه.

أما حدث البزار فقد أعله ابن القطان بالجهل بحال خارجة بن إسحاق السلمي، فالحديثان ضعيفان.

انظر: التاريخ الكبير 5/ 266 - الأحكام، للأشبيلي: كتاب الزكاة، باب إثم مانع. الزكاة (4 / ل: 7. ب) - بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أحاديث يوردها من موضع عن راو ثم يردفها زيادة أر حديثا من موضع آخر: (1/ ل: 31. أ ..)، وكذا في باب ذكر أحاديث أعلها بما ليس بعلة، وترك ذكر عللها: (2/ ل: 206. ب)، تحفة الأشراف (2/ 403 ح: 3175)، كشف الأستار (2/ 397)، مجمع الزوائد (3/ 79)، المطالب العالية بزوائد =

(1/306)

إذ كان عند أبي داود من رواية ثابت بن قيس -أبي الغصن- (2) عن صخر بن إسحاق (3)، عن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك (4)، عن أبيه (5).

وكان عند البزار من رواية ثابت الذكور، عن خارجة بن إسحاق السلمي (6) عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله (7)، عن جابر، ثم قال: وفي مسند جابر ابن عبد الله ذكره؛ قال: وهكذا فعل ابن أبي شيبة والبخاري، وبقي عليه أن يبين أيهما أصوب إسنادا، هل ما ذكره أبو داود، أو ما ذكره البزار؟ وكلامه على هذا الحديث حسن إلا أن هذا القدر أغفله؛ وهو وكيد، فذكرته لإكمال

الفائدة عندي فيه.

__________

= المسانيد الثمانية، لإبن حجر (1/ 237).

(2) ثابت بن قيس الغفاري، أبو الغصن المدني. قال البزار: لم كن حافظا. وقال الحافظ ابن حجر: صدوق يهم.

مات سنة ثمان وستين ومائة، وهو ابن مائة./ ي د س.

- التقريب 1/ 117 - ت 2/ 12 - كشف الأستار 2/ 398.

(3) صخر بن إسحاق، مولى بني غفار، حجازي لين، من السادسة. / د.

- التقريب 1/ 365.

(4) عبد الرحمن بن جابر بن عتيك الأنصاري، المدني. روى عن أبيه، وعنه صخر بن إسحاق. روى له أبو داود حديثا واحدا. قال ابن القطان الفاسي: مجهول. ووافقه ابن حجر في التقريب على ذلك.

من الثالثة./ د.

- بيان الوهم (1/ ل: 32. أ) - التقريب 1/ 475 - ت. التهذيب 6/ 139.

(5) جابر بن عتيك بن قيس الأنصاري، صحابي جليل اختلف في شهوده بدرا. مات سنة إحدى وستين، وهو ابن إحدى وتسعين سنة./ د س.

وقد نبه الحافظ ابن حجر على وهم من جَمَع بينه، وبين جَبْر بن عتيك.

- الإصابة 1/ 214 رقم 1030 - التقريب 1/ 123، 1/ 125 - ت. التهذيب 2/ 38.

(6) خارحة بن إسحاق السلمي المدني، سمع عبد الرحمن بن جابر، روى عنه أبو الغصن. قال ابن القطان: مجهول الحال.

- التاريخ الكبير 3/ 205 - بيان الوهم 1/ 1 ل: 31. ب ...

(7) عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله الأنصاري، أبو عتيق، المدني، ثقة، لم يصب ابن سعد في تضعيف، من الثالثة./ ع.

- التقريب 1/ 475 - التاريخ الكبير 5/ 267.

(1/307)

فأقول: روى هذا الحديث أبو داود عن عباس بن عبد العظيم العنبري (8) ومحمد بن المثنى، عن بشر بن عمر الزهراني (9) عن أبي الغصن -وهو ثابت بن قيس- فقال ما تقدم ذكره من عند أبي داود، وخالفه جماعة في إسناده؛ رووه عن ثابت أبي الغصن، عن خارجة بن إسحاق عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، منهم أبو عامر الخزاز، صالح بن رستم (10)، وخالد بن مخلد القطواني (11)، وإسحاق بن محمد الفروي (12)، وإسماعيل بن أبي أويس، فكان القول ما قالت الجماعة، لا ما انفرد به واحد شذ عنها، ولم يقم إسناد الحديث؛ إذ ذكر فيه راويين غير معروفين في نقله الحديث؛ وهما: صخر بن إسحاق، وعبد الرحمن بن جابر بن عتيك، ثم جعل الحديث من مسند جابر بن عتيك؛ وذلك كله بين الوهم.

وأنا أعرف بمواقع ذلك، أما أبو عامر الخزاز فرواه عنه محمد بن معمر البحراني، ومحمد بن بشار، ورواه الخزاز عن محمد بن معمر (13)، ورواه بقي

__________

(8) عباس بن عبد العظيم بن إسماعيل العنبري، أبو الفضل البصري، ثقة حافظ، من كبار الحادية عشرة، مات سنة أربعين ومائتين. / خت م 4.

- التاريخ الكبير 7/ 6 - التقركب 1/ 397 - ت. التهذيب 5/ 107.

(9) بشر بن عمر بن الحكم الزهراني، الأزدي، أبو محمد البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة سبع، وقيل تسع، ومائتين. 1/ 100.

(10) أبو عامر الخزاز -نسبة إلى بيع الخز- صالح بن رستم المزني مولاهم، البصري، صدوق كثير الخطأ، من السادسة، مات سنة اثنتين وخسمين ومائة. / خت بخ م 4.

- التاريخ الكبير 4/ 280 - المؤتلف والمختلف، للدارقطني 2/ 1044 - التقريب 1/ 360 - ت. التهذيب 4/ 342.

(11) خالد بن مخلد القطواني، أبو الهيثم البجلي، مولاهم الكوفي، صدوق يتشيع، وله أفراد، من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث عشرة ومائتين. / خ م كد ت س ق.

- التقريب 1/ 218.

(12) إسحاق بن محمد بن اسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة الفروي، المدني، الأموي، مولاهم، صدوق كف، فساء حفظه، من العاشرة، مات سنة ست وعشرين ومائتين. / خ ق ت،

- التقريب 1/ 60 - ت. التهذيب 1/ 217.

(13) محمد بن محمر بن ربعي القيسي، البصري، البحراني، صدوق من كبار الحادية عشرة، مات سنة خمسين. / ع.

(1/308)

ابن مخلد (14) عن محمد بن بشار، ورواه عن خالد بن مخلد أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده"، ورواه عن إسحاق الفروي أبو عبد الله البخاري في "تاريخه الكبير" (15) وعلي بن عبد العزيز (16) في "المنتخب"، ورواه عن إسماعيل بن أبي أويس أبو بكر بن أبي خيثمة؛ فتبين أن رواية بشر وهم، ويزيد ذلك بيانا أن ثابت بن قيس مذكور في التواريخ بروايته عن خارجة بن إسحاق (17)، والله أعلم. اهـ

(150) وقال (1) في حديث ابن عباس في قصة ماعز، الذي ذكره أبو

__________

- التقريب 2/ 209 - ت. التهذيب 9/ 412.

(14) بقي بن مخلد، أبو عبد الرحمن الأندلسي، الحافظ أحد الأئمة الأعلام. سمع يحيى بن يحيى الليثي، ويحيى بن بكير، وأحمد بن حنبل وطبقتهم. من مصنفاته: التفسير الكبير والمسند الكبير. قال ابن حزم: أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره، وكان صواما قواما متبتلا عديم المثال، توفي سنة ست وسبعين ومائتين.

- فهرسة ابن خير (ص: 140)، العبر، للذهبي (1/ 397)، الإمام أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد، شيخ الحفاظ بالأندلس: نوري معمر.

(15) التاريخ الكبير 5/ 266.

(16) علي بن عبد العزيز بن المرزبان. تنظر ترجمته في الدراسة.

(17) التاريخ الكبير 5/ 266.

(1) أي ابن القطان.

جاء في صحيح البخاري: (حدثني عبد الله بن محمد الجعفي، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي؛ قال: سمعت يعلى بن حكيم بن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: لعلك قبلت: أو غمزت، أو نظرت؟ قال: لا يا رسول الله. قال: أنكتها؛ -لا يكني- قال فعند ذلك أمر برجمه). اهـ

كتاب الحدود، باب هل يقول الإمام للمقر: لعلك لست أو غمزت؟ (الفتح 12/ 135 ح: 6824).

ذكر أبو محمد حديث ابن عباس هذا ثم قال: (وقال أبو داود: ولم يصل عليه، وقال البخاري من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له خيرا وصلى عليه).

- "الأحكام"، للإشبيلي: كتاب الديات والحدود، باب حد الزاني .. (7/ ل: 22. أ ..).

فتعقبه ابن القطان أن هذا يفهم منه أن قوله (ولم يصل عليه) من حدث ابن عباس، ثم قال: وليست كذلك، فتأول بسبب هذا الوهم تأويلا بعيدا.

- بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أحاديث يوردها من موضع عن راو، ثم يردفها زيادة أو حديثا من موضع آخر مومئا أنها عن ذلك الراوي أو بذلك الإسناد: (1/ ل: 32. أ). =

(1/309)

محمد من طريق البخاري، وفيه أنكتها؟ -لا يكني- قال: نعم. قال فعند ذلك

__________

= وسبب ذلك أن ابن القطان لم ينتبه إلى أنها كذلك رواية أبي داود، ومن حديث ابن عباس نفسه، وهذا هو الوهم الأول عنده الذي أشار إليه ابن المواق بالدرك الأول.

أما الدرك الثاني فقد جعله ابن المواق من قبيل ما ألزمه به، حيث ذكر الاختلاف على عبد الرزاق في رواية الحدث؛ فالبخاري رواه عن شيخه محمود بن غيلان بزيادة (وصلى عليه). ولم يعلم من تابع محمود هذا على ذلك، غير سلمة بن شبيب عند ابن السكن.

قال الحافظ ابن حجر: (قد أخرجه أحمد في مسنده عن عبد الرزاق، ومسلم؛ عن إسحاق بن راهوية، وأبو داود عن محمد بن المتوكل العسقلاني، وابن حبان من طريقة.

زاد أبو داود، والحسن بن علي الخلال، والترمذي عن الحسن بن علي المذكور، والنسائي، وابن الجارود عن محمد بن يحيى الذهلي.

زاد النسائي، ومحمد بن رافع، ونوح بن حبيب، والإسماعيلي، والدارقطني من طريق أحمد بن منصور الرمادي.

زاد الإسماعيلي، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه.

وأخرجه أبو عوانة عن الدبري، ومحمد بن سهل الصغاني؛ فهؤلاء أكثر من عشرة أنفس خالفوا محمودا، منهم نم سكت عن الزيادة، ومنهم من صرح بنفيها). اهـ

وأما هذا التعارض -حسب الظاهر- بين هذه الروايات ذهب العلماء مذاهب:

- فمنهم من رجح رواية محمد بن يحيى الذهلي، ومن تابعه، وجعل رواية محمود بن غيلان -شيخ البخاري- شاذة. ويستأنس لذلك بأنه ورد في رواية المستملي عن الفربري أن أبا عبد الله البخاري سئل: هل تصح هذه الزيادة (فصلى عليه)؟ فقال: (رواه معمر). قيل له: هل رواه غير معمر؟ قال: (لا).

وإن كان اعترض على البخاري في قوله: (بأن معمرا روى هذه الزيادة) إذ المنفرد بروايتها هو محمود ابن غيلان، عن عبد الرزاق، وهذا ما ذهب إليه ابن المواق، وابن القيم من الأقدمين، والشيخ الألباني من المحدثين.

ومنهم من قال: إن المراد بالصلاة الدعاء، وعليه فلا تعارض بين هذه الروايات، ورد ذلك النووي بأنه تأويل بعيد وفاسد، ولا يصار إليه إلا عند الإضطرار إليه، ولا اضطرار هنا.

- ومنهم من جمع بين هذه الروايات، بأن قال: رواية من روى الحديث بنفي الصلاة عليه، محمول على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل عليه في ذلك اليوم، أما رواية من رواه بذكر الصلاة عليه، فهذا كان في اليوم التالي, ويستند هؤلاء إلى حديث أبي أمامة الذي رواه أصحاب السنن وعبد الرزاق، وهو صريح بأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى عليه من الغد، ويؤيده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على الغامدية بعدما رجمت، وهو حديث رواه الجماعة، إلا البخاري من مسند عمران بن حصين: (أن امرأة من جهينة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا نبي الله أْصبت حدا فأقمه علي، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - وليها. فقال: أحسن إليها، فإذا وضعت، فأتني بها. ففعل، فأمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فشكت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها، فقال له عمر: تصلي عليها يا نبي الله، وقد زنت؟ فقال: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها).

(1/310)

أمر برجمه، وما أتبعه أبو محمد من قوله:

(قال أبو داود: ولم يصل عليه، وقال البخاري، من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له خيرا، وصلى عليه): قولا هذا نصه:

"كذا وقع هذا الموضع، مفهما أن زيادة: (لم يصل عليه) من حديث ابن عباس، وليس كذلك، وأنا أظن أنه كان قد كتب من عند أبي داود: (ولم يصل عليه) في الحاشية ملحقا، وغلط في التخريج والإشارة إليه، فكتب قبل قوله: وقال البخاري من حديث جابر، وإنما ينبغي ان يكون بعده، فإن ذلك في كتاب أبي داود، إنما هو في حديث جابر، وهو بعينه حديث البخاري في

إسناده ومتنه؛ من رواية عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي سلمة، عن جابر

أن رجلا من أسلم فذكر حديثا واحدا عندهما.

قال فيه أبو داود: وقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرا، ولم يصل عليه. (2)

وقال فيه البخاري: وقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرا، وصلى عليه. (3)

قال م ~: عليه في هذا در كان.

- أحدهما في إنكاره أن يكون في كتاب أبي داود: (ولم يصل عليه) مرويا من حديث ابن عباس، حتى حمله هذا الإنكار على تقدير التخريج والإلحاق والإشارة، وهو عند أبي داود ثابت في حديث ابن عباس:

__________

وهذا ما رجحه الحافظ ابن حجر جمعا بين الروايتين، ولعله هو الصواب؛ لأن الجمع بين الروايتين المتعارضين، إن أمكن، أولى من طرح إحداهما, واعتماد الأخرى.

- انظر: زاد المعاد: (1/ 515 ...)، نصب الراية: (3/ 320)، فتح الباري (12/ 00129)، الفتح الرباني (16/ 0090)، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، للألباني (7/ 353 ح: 2322).

(2) سنن أبي داود، الحدود، باب رجم ماعز بن مالك (4/ 581 خ: 4430).

(3) أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه، والطريق المقصودة وقعت في كتاب الحدود، باب الرجم بالمصلى: الفتح (12/ 129 خ: 6820).

(1/311)

قال أبو داود: (نا أبو كامل (4)؛ قال: نا يزيد بن زريع؛ قال: نا خالد -يعني الحذاء - (5) عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكر الحديث. (6) وفيه: فانطلق به، فرجم، ولم يصل عليه.

- الثاني: أنه ذكر الخلاف في حديث جابر بين كتاب البخاري وكتاب أبي داود في أن قال أحدهما: (وصلى عليه)، وقال الآخر: (ولم يصل عليه)، ولم يبين ممن جاء هذا الاختلاف، ولا حقق الأصوب من القولين، والأصح من الروايتين، فقصدت بيان ذلك ها هنا مستعينا بالله:

فنقول هذا الحديث اختلف فيه على عبد الرزاق؛ فرواه عنه محمود بن غيلان؛ فقال: (وصلى عليه)، حدث به البخاري عن محمود وهي التي خرج في صحيحه، وتابع محمودا عليها سلمة بن شبيب (7) عن عبد الرزاق، ذكر رواية سلمة بن شبيب أبو علي بن السكن في كتاب "السنن"، وخالفهما جماعة من الثقات الأثبات؛ منهم محمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن رافع النيسابوري (8) ونوح بن حبيب القومسي (9) وأحمد بن منصور الرمادي،

__________

(4) فضيل بن حسين بن طلحة الجحدوي، أبو كامل، ثقة حافظ من العاشرة مات سنة سبع وثلاثين ومائتين. / خت م د ت س.

- التقريب 2/ 112.

(5) خالد بن مهران، أبو المنازل، الملقب بالحذاء، البصري، وهو ثقة يرسل، تغيير حفظه لما قدم الشام، وعاب عليه بعضهم دخوله في عمل السلطان. /ع.

- التقريب 1/ 219.

(6) سنن أبي داود (4/ 577 خ: 4421).

(7) سلمة بن شبيب المسمعي، النيسابوري، نزيل مكة، ثقة من كبار الحادية عشرة، مات سنة بضع وأربعين ومائتين. / م 4.

- التقريب 1/ 316.

(8) محمد بن رافع النيسابوري، ثقة عابد، من الحادية عشرة، مات سنة خمس وأربعين ومائتين. م خ م د ت س.

- التقريب 2/ 160.

(9) نوح بن حبيب القومسي، البذشي، أبو محمد ثقة سني، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين. / د

(1/312)

والحسن بن علي الحلواني (10) ومحمد بن المتوكل العسقلاني (11)؛ رووه هؤلاء كلهم عن عبد الرزاق؛ فقالوا: (ولم يصل عليه)، والصواب ما قالوا إن شاء الله، فإنه غير جائز أن يترك قول هؤلاء كلهم، وهم ثقات حفاظ، وفيهم إمام جليل، وهو الذهلي لقول واحد أو اثنين لا يدانونهم في الحفظ والإتقان، بل ترجيح روايتهم على رواية من خالفهم أولى وأصوب، إن شاء الله.

رواه أبو داود عن محمد بن المتوكل العسقلاني، والحسن بن علي الحلواني (12)، ورواه عن الذهلي والحسن بن علي الحلواني، ومحمد بن رافع، ونوح بن حبيب أبو عبد الرحمن النسائي (13)، ورواه عن أحمد بن منصور الرمادي: عبد الله بن الهيثم بن خالد الطيني الخياط (14)، وهو أحد الثقات، حدث به عنه الدارقطني. (15) اهـ

__________

- التقريب 2/ 308.

(10) الحسن بن علي بن محمد، أبو علي الخلال، الحلواني، نزل مكة، ثقة حافظ، له تصانيف، من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين. / خ م د ت ق.

- التقريب 1/ 168.

(11) محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن، الهاشمي، مولاهم، العسقلاني العروف بابن أبي السري. صدوق عارف له أوهام كثيرة، من العاشرة، وكان هو وبندار فرسي رهان، مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. / د.

- التقريب 2/ 204.

(12) سنن أبي داود. الحدود 4/ 581 خ: 4430.

(13) أخرجه النسائي في الكبرى، من طريق محمد بن رافع ونوح بن حبيب القومسي عن عبد الرزاق بسنده إلى جابر بن عبد الله. وجاء في آخره (ولم يصل عليه) كتاب الرجم. ذكر الاختلاف على الزهري في حديث ماعز 4/ 280 خ: 7176.

(14) عبد الله بن الهيثم بن خالد، أبو محمد الخياط، يعرف بالطيني. سمع أبا عتبة أحمد بن الفرج والحسن بن عرفة. روى عنه الدارقطني، ويوسف بن عمر القواس، وكان ثقة. مات سنة ست وعشرين وثلاث مائة.

- تاريخ بغداد 10/ 195.

(15) سنن الدارقطني: كتاب الحدود: (3/ 127 ح: 146).

(1/313)

(151) وقال (1) في حديث: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة).

__________

(1) أي ابن القطان.

حديث: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة) تقدم الكلام عليه (ح: 47) , وهو حديث ابن عباس عن أبي طلحة عند مسلم، وكذا عند البخاري. وهذا الحدث عند أبي داود من حدث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. وأوهم كلام عبد الحق أنه من حدث ابن عباس لأنه عطف عليه متن الحديث من عند أبي داود دون أن يبين أنه من حدث غيره.

قال ابن القطان: (ونقص منه أن يقول من حدث علي، ولعله قد قاله، فإن الحديث المذكور في كتاب أبي داود إنما هو حدث علي - رضي الله عنه -، لا حدث ابن عباس).

بيان الوهم والإيهام (1/ ل: 32. ب).

وهذا نص الحديث من سنن أبي داود:

(حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، عن علي بن مدرك، عن أبي زرعة بن [عمرو بن] جرير، عن عبد الله بن نجي، عن أبيه، عن علي - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب").

كتاب اللباس، باب في الصور: (4/ 383 ح: 4152).

وهذا الحديث اختلف فيمن رواه عن علي.

فعند الإمام أحمد من رواية أبي بكر بن عياش عن المغيرة بن مقسم، عن الحارث العكلي أن الذي رواه عنه هو عبد الله بن نجى.

- (المسند 1/ 80).

وكذلك هو عند النسائي والدارمي. لكنهما جعلا أبا زرعة بن عمرو بن جرير لين الحارث العكلي، وعبد الله بن نجي.

المجتبى: كتاب السهو، باب التنحنح في الصلاة: (2/ 12)، سنن الدارمي، باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه تصاوير (2/ 284)

ومن الذين جعلوا الراوي عن علي نجيا، وليس ابنه عبد الله:

النسائي في رواية أخرى له من طريق علي بن مدرك، عن أبي زرعة. حيث قال: (عن عبد الله بن نجي، عن أبيه عن علي).

(كتاب الطهارة، باب في الجنب إذا لم يتوضأ (1/ 154 ح: 261).

وكذلك هو عند ابن خزيمة، من طريق شرحبيل بن مدرك، غير أنه قال: قال أبو بكر: (قد اختلفوا في هذا الخبر عن عبد الله بن نجي، فلست أحفظ أحدا قال: "عن أبيه" غير شرحبيل بن مدرك هذا). صحيح ابن خزيمة: جماع أبواب الأفعال المباحة في الصلاة، باب الرخصة في التنحنح في الصلاة عند الإستئذان على المصلي، إن صحت هذه اللفظة، فقد اختلفوا فيها 2/ 54.

أما الحاكم في المستدرك فلم يروه من طريق عبد الله بن نجي، ولا من طريق أبيه؛ فقد رواه من طريق علي بن =

(1/314)

الذي ذكره أبو محمد من طريق مسلم عن ابن عباس، وأتبعه بقوله: (وقال البخاري: "ولا صورة تماثيل"، وقال أبو داود: "صورة ولا كلب ولا جنب")

قال ق: وإسناد حديث مسلم، والبخاري أصح وأجل؛ قولا بين فيه أن

__________

= مدرك عن أبي زرعة بن عمرو بن جريج، عن عبد الله بن يحيى، عن أبيه, عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب.

وعقب عليه بقوله: هذا حديث صحيح فإن عبد الله بن يحيى من ثقات الكوفيين، ولم يخرجا فيه ذكر الجنب.

ووافقه الذهبي على ذلك.

قلت: ولم يشتهر أن أبا زرعة بن عمرو بن جرير يروي عن عبد الله بن يحيى. فقد انفرد بهذه الرواية الحاكم، فلعله مما تحرف في النقل من عبد الله بن نجي إلى عبد الله بن يحيى.

المستدرك: للحاكم، كتاب الطهارة: (1/ 171).

وقد سئل الدارقطني عن هذا الحديث، فبين ما فيه من اختلاف على رواته، ثم ختم الحديث عنه بقوله: (ويقال إن عبد الله بن نجي لم يسمع هذا من على، وإنما رواه عن أبيه، عن علي, وليس بقوي في الحديث، ورواه شرحبيل بن مدرك عن ابن نحي، عن أبيه، عن علي). اهـ

انظر: العلل الواردة في الأحادث النبوية، للدارقطني. تحقيق محفوظ الرحمن السلفي 3، / 257.

والشيخ الألباني عد حدث علي هذا عند النسائي ضمن ضعيف سننه، وكذلك فعل في ضعيف سنن أبي داود، لكنه أدرجه في صحيح سنن ابن ماجة معلقا عليه بأنه صحيح. بما قبله، وما بعده، وما قبله هو حديث أبي طلحة، وما بعده هو حدث عائشة، فكأنه نظر إلى شواهد الحديث فصحح المتن، ولم يتناول الحكم على حديث على بالذات.

وعبد الله بن نجي بن سلمة الكوفي، الحضرمي، قال البخاري، وأبو أحمد بن عدي: فيه نظر، وقال النسائي ثقة. وقال ابن معين لم يسمع من علي بينه وبينه أبوه. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال يروي عن علي، ويروي أيضا عن أبيه عن علي. وقال البزار: سمع هو وأبوه من علي، وكناه النسائي أبا لقمان. وقال الشافعي: مجهول. وقال ابن حجر: صدوق. / د س ق.

التقرب 456 - ت. التهذيب 6/ 50.

وجه إيراد هذا الحديث عند ابن المواق أمران:

- الأول: أن عبد الحق نقص من أوله راو عند البخاري ومسلم، فالحديث من مسند أبي طلحة، فجعله من مسند ابن عباس. وتقدم بسط ذلك حيث ذكره سابقا.

- الثاني: الإشارة إلى أن عبد الحق ضعف حديث أبي داود، ومن مذهب ابن المواق أن هذا الحديث غير ضعيف، ووعد بذكره، لكنه غير مذكور في القسم الذي بين يدي، وقد رجحت تضعيف هذا الحديث كما يتبين مما تقدم قريبا.

(1/315)

حديث أبي داود إنما هو من حديث علي بن أبي طالب، وبقي عليه فيما ذكره أبو محمد أمران:

- أحدهما وهم اعتراه في إسناد هذا الحديث بنقص أوله الذي يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: وهو أبو طلحة الأنصاري، فإن ابن عباس إنما يرويه عن أبي طلحة كذلك ثبت في الصحيحين، وكذلك هو الحديث محفوظ؛ قال البخاري: نا ابن مقاتل (2)؛ قال أنا عبد الله (3)؛ قال: أنا معمر (4)، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله؛ سمع ابن عباس يقول: سمعت أبا طلحة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب، ولا صورة تماثيل (5).

وقال مسلم: حدثني أبو الطاهر: (6) وحرملة بن يحيى (7)؛ قالا: نا ابن وهب؛ قال: أنا يونس (8) عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه سمع ابن عباس يقول: سمعت أبا طلحة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب، ولا صورة) (9).

__________

(2) محمد بن مقاتل، أبو الحسن الكسائي، المروزي، نزل بغداد، ثم مكة، من العاشرة، مات سنة ست وعشرين. / خ.

- التقريب 2/ 209.

(3) هو عبد الله بن المبارك. تقدم.

(4) معمر بن راشد. تقدم.

(5) الفتح 6/ 312 ح: 3225.

(6) أبو الطاهر، أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح، المصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وخمسين ومائتين. / م د س ق.

- التقريب 1/ 23.

(7) حرملة بن يحيى بن حرملة بن عمران، أبو حفص التجيي، المصري، صاحب الشافعي، صدوق، من الحادية عشرة, مات سنة ثلاث أو أربع وأربعين ومائتين، وكان مولده سنة ستين / م س ق.

- التقريب 158.

(8) يونس بن يزيد بن أبي النجود. تقدت ترجمته.

(9) مسلم: كتاب اللباس والزينة. باب تحريم صورة الحيوان: (3/ 1665 ح: 84).

جاء في السنن الكبرى للنسائي: (أنبأ الربيع بن سليمان؛ قال: حدثنا عبد الله بن وهب؛ قال: سمعت الليث =

(1/316)

- الثاني تضعيف أبي محمد لحديث أبي داود، وليس بضعيف، وسيأتي

__________

= ابن سعد يقول: حدثني إبراهيم بن أبي عبلة عن الوليد بن عبد الرحمن الجُرَشي، عن جبير بن نفير، قال حدثني عوف بن مالك الأشجعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما إلى السماء فقال:

"هذا أوان يرفع العلم"؛ فقال رجل من الأنصار يقال له زياد بن لبيد: يا رسول الله يرفع العلم، وقد أثبت وعته القلوب؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"إني كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة" وذكر له ضلالة اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله. قال: فلقيت شداد بن أوس، فحدثته بحديث عوف بن مالك، فقال صدق عوف، ألا أخبرك بأول ذلك يرفع؟ قلت: بلى. قال: الخشوع حتى لا ترى خاشعا). اهـ

ملحوظة: في السنن الكبرى المطبوعة (جبير بن نصير) عوض (جبير بن نفير). ولعله خطأ مطبعي، والصواب ما أثبته.

ووقع فيه كذلك (لبيد بن زياد)، وهو ما عند الإشبيلي في "الأحكام"، وهو قلب، وصوابه: (زياد ابن لبيد).

فالحديث معروف عن زياد بن لبيد، ولم يقل أحد الرواة أنه لبيد بن زياد، وليس في الصحابة من اسمه كذلك، وعليه كون هذا وهما آخر لم ينتبه إليه ابن المواق، إن كانت جميع نسخ "الأحكام" كذلك.

السنن الكبرى: كتاب العلم، كيف رفع العلم؟ (3/ 456 ح: 5909)، "الأحكام"، باب رفع أعلم (1/ ل: 37. ب).

وانظر كذلك: تحفة الأشراف 8/ 211 ح: 10906

قلت: هذا الحديث رواته كلهم ثقات، فهو حديث صحيح.

وروى حديث عوف بن مالك هذا الترمذي تعليقا، حيث قال عقب حديث أبي الدرداء: (روى بعضهم هذا عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -).

وهذا نص حديث أبي الدرداء من جامع الترمذي:

(حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن ابن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير عن أبي الدرداء؛ قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشخص ببصره إلى السماء، ثم قال: "هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء، فقال زياد بن لبيد الأنصاري: كيف يختلس منا وقد قرأنا القرآن، فو الله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأباءنا. فقال ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم؟ ". قال جبير: فلقيت عبادة بن الصامت، قلت: ألا تسمع إلى ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ فأخبرته بالذي قال أبو الدرداء. قال: صدق أبو الدرداء، إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس: الخشوع؛ يوشك أن تدخل مسجد جماعة، فلا ترى فيه رجلا خاشعا).

قال أبو عيسى عقبه:

(هذا حديث حسن غريب، ومعاوية بن صالح ثقة عند أهل الحديث، ولا نعلم أحدا تكلم فيه غير يحيى بن سعيد القطان). اهـ

- كتاب العلم، باب ما جاء في ذهاب العلم 5/ 31 ح: 2653. وانظر كذلك تحفة الأشراف 8/ 220

(1/317)

بيان هذا في الإغفال من باب ما ضعفه، وهو صحيح إن شاء الله تعالى.

(152) فصل في الإغفال الكائن من هذا الباب:

من ذلك أن ق ذكر حديث النسائي عن عوف بن مالك /52.ب/ وحديث الترمذي عن أبي الدرداء في رفع العلم، ثم قال: (وخرجه أبو علي بن السكن في كتاب الحروف؛ قال: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا فقال: "وذاك عند أوان ذهاب العلم").

قال م ~: هكذا ذكره، كأن أبا علي بن السكن ذكره عن أبي الدرداء، وعن عوف بن مالك، وليس كذلك وإنما خرجه ابن السكن من حديث زياد بن لبيد الأنصاري (1) نفسه المذكور في القصة في حديث عوف، وأبي الدرداء. وفي اسمه ذكره في كتاب الحروف، قال: حدثني أحمد بن محمد بن الخلال (2)

__________

ح: 10928.

ذكر عبد الحق حديث عوف بن مالك من عند النسائي وحديث أبي الدرداء من عند الترمذي، ثم قال: وخرجه أبو علي بن السكن في كتاب الحروف ... فأوهم كلامه أن ابن السكن أخرجه من مسند عوف بن مالك, وأبي الدرداء. والحالة هذه أن ابن السكن إنما أخرجه من حديث زياد بن لبيد، فهذا وهم لعبد الحق، شاركه فيه ابن القطان إذ أغفل عنه، ولم يصححه؛ فذكره ابن المواق لتصحيحه، ثم نبه ابن المواق على الإنقطاع الواقع في حديث ابن السكن، فقد ورد فيه: (عن سالم، عن زياد)، وسالم لم يسمع من زياد. نص على ذلك البخاري وابن السكن. فحديث زياد بن لبيد هذا ضعيف لما تقدم، وفي سنده راو ضعيف هو محفوظ بن بحر، كما سيأتي في ترجمته, ومع ذلك يصلح شاهدا لحديث عوف بن مالك، وأبي الدرداء.

(1) زياد بن لبيد بن ثعلبة الأنصاري، الخزرجي، أبو عبد الله صحابي شهد بدرا، وكان عاملا على حضر موت لما مات النبي - صلى الله عليه وسلم -. مات سنة إحدى وأربعين./ ق.

- التقريب 1/ 270.

(2) أحمد بن محمد بن هارون، أبو بكر الخلال، البغدادي، أخذ عن أبي بكر المروزي، والحسن بن عرفة، وعنه تلميذه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر، المعروف بغلام الخلال، وطائفة، أنفق عمره في جمع مذهب الإمام أحمد وتصنيفه، حتى صار عمدة يرجع إليه فيه، له مصنفات، منها: كتاب السنة، وكتاب العلل، والجامع، قال فيه ابن عماد: الفقيه الحبر. توفي سنة إحدى عشرة وثلاث مائة. الإعلام بوفيات الأعلام، للذهبي ص: 133، شذرات الذهب (2/ 261).

(1/318)

بأنطاكية، قال: نا محفوظ بن بحر (3)؛ قال: نا وكيع (4) عن الأعمش (5) عن سالم بن أبي الجعد (6) عن زياد بن لبيد (7)؛ قال: ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا، فقال: (وذاك عند أوان ذهاب العلم). قلت: يا رسول الله: وكيف يذهب العلم؟

ونا أبو بكر؛ أحمد بن عبد الله النحاس (8) إملاء ببغداد، بباب البستان؛ قال: نا أحمد بن يحيى بن مالك السوسي (9)، قال: نا زيد بن حباب (10)؛ قال: نا سفيان الثوري، عن منصور (11)، عن سالم بن أبي الجعد، عن زياد بن لبيد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا أوان ذهاب العلم)، قالوا: يا رسول الله، كيف يذهب وفينا كتاب الله نقرؤه، ونقرئه أبناءنا، ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى أن تقوم الساعة؟ قال: فقال: (ثكلتك أمك إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة،

__________

(3) محفوظ بن بحر الأنطاكي، كذبه أبو عروبة، وقال ابن عدي: له أحادث يوصلها، وغيره يرسلها، وأحادث يرفعها، وغيره يوقفها على الثقات).

- الكامل 6/ 441 ترجمة: 1917 - الميزان 3/ 444 - اللسان 5/ 19.

(4) وكيع بن الجراح، مضت ترجمته.

(5) الأعمش، سليمان بن مهران، تقدم.

(6) سالم بن أبي الجعد - واسم أبي الجعد: رافع الغطفاني، الأشجعي، مولاهم، الكوفي، ثقة، وكان يرسل كثيرا، من الثالثة، مات سنة سبع أو ثمان وتسعين، في ولاية سليمان بن عبد الملك. / ع.

التاريخ الكبير 4/ 107 - سير أعلام النبلاء 5/ 108 - التقريب 1/ 279.

(7) في المخطوط (أسد).

(8) أحمد بن عبد الله النحاس، البغدادي، أبو بكر، وكيل أبي صخرة، روى عن عمرو بن علي الفلاس وجماعة، توفي سنة خمس وعشرين وثلاث مائة، وقد قارب التسعين.

- تذكرة الحفاظ 3/ 322 - العبر. 2/ 24.

(9) أحمد بن يحيى بن مالك، كوفي الأصل، ويعرف بالسوسي، سكن سر من رأى، وحدث بها عن علي بن عاصم، وزيد بن حباب وجماعة. روى عنه يحيى بن صاعد وآخرون. قال ابن أبي حاتم: كتبنا عنه، وسئل عنه فقال: صدوق.

- تاريخ بغداد 5/ 202 ترجمة 3676،

(10) زيد بن الحباب، أبو الحسين العكلي، أصله من خراسان، وكان بالكوفة، ورحل في الحديث فأكثر منه، وهو صدوق يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومائتين. / م. 4.

- التقريب 1/ 273.

(11) منصور بن المعتمر تقدم.

(1/319)

أليست اليهود والنصارى عندهم التوراة والإنجيل، ولا ينتفعون منهما بشيء؟).

قال أبو علي بن السكن: لا أراه سمع منه -يعني سالما من زياد- وكذلك قال البخاري من قبله (12)، فهو أيضا منقطع، أو مشكوك في اتصاله، فبحسب هذا نكتبه، إن شاء الله في الإغفال من ذلك الباب. اهـ

(153) وذكر (1) من طريق مسلم حديث أم سلمة، قالت: جاءت أم سليم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله, إن الله لا يستحيي من الحق الحديث .. ثم قال: (وفي طريق أخرى: "إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا، أو سبق يكون منه الشبه").

هكذا أورد هذا أيضا موهما أنه من رواية أم سلمة عند مسلم، وليس كذلك، وإنما روته أم سليم نفسها معلمة بقصتها وسؤالها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفتواه

__________

(12) عرف البخاري بزياد بن لبيد، ثم ذكر رواية سالم عنه لحديث رفع العلم، وعقب عليها بقوله: (ولا أرى سالما سمع من زياد).

التاريخ الكبير 3/ 344 ترجمة 1163.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الطهارة، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة (1/ ل: 79. ب).

وهذا نص الحديث من صحيح مسلم: (حدثنا يحيى بن يحيى التيمي، أخبرنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، تالت: جاءت أم سليم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله: إن الله لا يستحي من الحق؛ فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم، إذا رأت الماء". فقالت أم سلمة: وتحتلم المرأة؛ فقال: "تربت يداك، فبم يشبهها ولدها؟ ").

كتاب الحيض، باب وجرب الغسل على المرأة بخروج المني منها: (1/ 251 ح: 32).

وللنسائي نحو هذه الرواية من حديث أم سلمة كذلك، لكن فيه (إن امرأة) بدل ذكرها باسمها (أم سليم).

المجتبى، كتاب الطهارة، باب غسل المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل: (1/ 123 ح: 197).

وقال عبد الحق (وفي طريق أخرى: "وماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا، أو سبق، يكون منه الشبه").

وكلامه هذا -كما قال ابن المواق- يوهم أن هذا الطريق من حديث أم سلمة كذلك. بينما هذا الطريق من حديث أم سليم في صحيح مسلم، وكذا عند النسائي في الكبرى [كتاب عشرة النساء]، باب صفة ماء الرجل، وصفة ماء المرأة: 5/ 340 خ: 9077].

وانظر تحفة الأشراف: 13/ 84 ح: 18324.

(1/320)

إياها؛ قال مسلم: نا عباس بن الوليد (2)؛ قال: نا يزيد بن زريع؛ قال: نا سعيد (3)، عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن أم سليم حدثت أنها سألت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل، فذكر الحديث) وفيه: إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا، أو سبق يكون الشبه). (4) اهـ

(154) وذكر (1) من مراسيل أبي داود عن عقيل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد في ثوبه دما، فانصرف -يعني من الصلاة -) ثم قال: (وكذلك عند ابن وهب).

__________

(2) عباس بن الوليد بن نضر النرسي، ثقة من العاشرة، مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين. / خ م س.

- التقريب 1/ 440.

(3) سعيد بن أبي عروبة، تقدت ترجمته.

(4) صحيح مسلم: كتاب الحيض: 1/ 250 ح: 30.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الطهارة، باب ما جاء في النجو والبول والدم والمذي ... (11 ل: 03 ا. أ).

جاء في المراسيل ما نصه: (حدثنا قتيبة بن سعيد، أخبرنا الليث، عن عقيل، عن الزهري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد في ثوبه دما، فانصرف.

المراسيل، لأبي داود، كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء (ص: 76 ح: 10) -بتحقيق شعيب الأرناؤوط - أما في طبعة المراسيل بتحقيق عبد العزيز السيروال فقد وضع المحقق [عن الزهري] بين معقوفتين إشارة إلى أنها ليست في النسخة الخطة.

وبهذا يتبين اختلاف نسخ المراسيل لأبي داود، فبعضها فيه المرسل هو عقيل، وفي بعضها: عقيل عن ابن شهاب، ويبدو أن نسختي عبد الحق الإشبيلي، وابن المواق، من مراسيل أبي اود، كليهما ليس فيهما إلا عقيل، وأنه هو المرسل لهذا الحديث. لكن الصواب فيه أنه من حديث ابن شهاب، هو الذي رسله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -, يتأيد ذلك بمتابعة يونس بن يزيد -في رواية ابن وهب- لعقيل في جعله الحديث من مسند الزهري، وبالرجوع إلى تحفة الأشراف نجد ما يؤكد ذلك، حيث صنف الحافظ المزي الحديث ضمن مراسيل ابن شهاب، من مرويات ابن عقيل عنه.

تحفة الأشراف 13/ 3713 خ: 19352.

أما تعقب ابن المواق على ق فهو في محله، إذ لا ذكر لعقيل في رواية ابن وهب، لكن لو أن الإشبيلي جعل الحديث من مراسيل ابن شهاب لما كان عليه فيه تعقيب؛ لأن عقيل بن خالد يرويه عن الزهري، كما أن ابن وهب يرويه عن يونس بن يزيد، عن الزهري.

(1/321)

قال م ~ هكذا [قال] (2) مفهما أنه عند ابن وهب عن عقيل، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما هو عند أبي داود، وليس كذلك، وإنما هو عنده: عن ابن شهاب؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال ابن وهب: ونا يونس بن يزيد عن ابن شهاب؛ قال: (بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد في ثوبه دما، فانصرف).

فهذا الذي ذكر ابن وهب، ولا ذكر فيه لعقيل، فاعلمه. اهـ

(155) وذكر (1) من طريق مسلم حديث المغيرة بن شعبة في تخلفه مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لقضاء حاجته، وصلاة عبد الرحمن بن عوف بالناس، ثم قال: (زاد في طريق آخر؛ قال: أحسنتم أو أصبتم، يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها)، قم قال: فأردت تأخير عبد الرحمن بن عوف، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دعه").

__________

(2) أثبت في هامش المخطوط: (لعله نقص: قال).

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الإمامة وما يتعلق بها (2/ ل: 55. أ). ذكر عبد الحق من طريق مسلم حديث المغيرة بن شعبة في تخلف 5 مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لقضاء حاجته، وصلاة عبد الرحمن بن عوف بالناس.

وهو عند مسلم من روايتين:

- إحداهما عن عروة بن المغيرة، عن المغيرة بن شعبة، وهذه الرواية التي قال في آخرها: (فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته أقبل عليهم، ثم قال "أحسنتم" أو قال "قد أصبتم" يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها)، وليس في هذه الرواية؛ قول المغيرة: (فأردت تأخير عبد الرحمن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "دعه").

- والثانية من رواية حمزة بن المغيرة عن أبيه، وهذه الرواية نحو الرواية السابقة، وفيها زيادة قول المغيرة: (فأردت تأخير عبد الرحمن فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "دعه").

وعبد الحق لا ذكر الطريق الثاني عنده جمع بين الروايتين، فوهم حيث جعل الرواية التي فيها (أحسنتم أو أصبتم)، فيها كذلك (فأردت تأخير عبد الرحمن ..)، وليس كذلك، لذلك ساق ابن المواق الحديث لبيان وهم عبد الله الحق فيه.

وقد يكون سبب هذا الوهم أن مسلما روى الحدث عن محمد بن رافع وحسن بن علي الحلواني -في الروايتين المتقدمتين معا- عن عبد الرازق، عن ابن جريج، عن ابن شهاب.

وفي الرواية الأولى رواه ابن شهاب عن عباد بن زياد، عن عروة بن المغيرة، عن المغيرة.

وفي الثانية يرويه ابن شهاب عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن حمزة بن المغيرة، عن المغيرة.

ثم إنه قال في الرواية الثانية: نحو حديث عباد بن زياد، وهذه العبارة تفيد المقاربة بين الروايتين في المعنى، دون أن يكون التطابق بينهما إجباريا في لفظهما.

(1/322)

فأقول: هكذا ذكره أبو محمد مصرحا بأن قوله: فأردت تأخير عبد الرحمن في الرواية التي فيها: (أحسنتم أو أصبتم)، وليس كذلك، فإن الرواية التي فيها: (أحصنتم أو أصبتم)، إنما هى رواية عروة بن المغيرة بن شعبة (2) عن أبيه. وليس فيها: (فأردت تأخير عبد الرحمن بن عوف)، والرواية التي فيها: (فأردت تأخير عبد الرحمن) إنما هي رواية حمزة بن المغيرة (3) عن أبيه، وليس فيها: (أحسنتم أو أصبتم)، وبإيراد الروايتين يتبين الصواب من ذلك: قال مسلم: (حدثني محمد بن رافع، وحسن بن علي الحلواني؛ جميعا عن عبد الرزاق؛ قال ابن رافع: ثنا عبد الرزاق، أنا ابن جريج. (4)؛ قال: حدثني ابن شهاب، عن حديث عباد بن زياد؛ (5) أن عروة بن المغيرة بن شعبة أخبره؛ أن المغيرة بن شعبة أخبره؛ أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبوك؛ قال المغيرة: فتبرز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الغائط، وذكر الحديث بطوله، وفيه: فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدَّموا عبد الرحمن ابن عوف، فصلى لهم، فأدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى الركعتين، فصلى مع الناس الركعة الآخرة، فلما سلم عبد الرحمن بن عوف قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتم صلاته، فأفزع ذلك المسلمين، فأكثروا التسبيح، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته أقبل عليهم، ثم قال: "أحسنتم" أو قال "قد أصبتم"؛ يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها. (6)

__________

(2) عروة بن المغيرة بن شعبة الثقفي, أبو يعفور، الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات بعد التسعين./ ع.

- التقريب 2/ 19.

(3) حمزة بن المغيرة بن شعبة الثقفي، ثقة من الثالثة. / م س ق.

- التقريب 1/ 200.

(4) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. تقدمت ترجمته.

(5) عباد بن زياد، أخو عبيد الله، يكنى أبا حرب، وثقة ابن حبان وكان والي سجستان سنة ثلاث وخمسين، ومات سنة مائة. / م د س.

- التقريب 1/ 391.

(6) كتاب الصلاة. باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام 1, 00/ 317 ح: 105.

والحديث أخرجه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة.

انظر: تحفة الأشراف (8/ 483 ح: 11541).

(1/323)

وقال أيضا: (نا محمد بن رافع والحلواني؛ قالا: نا عبد الرزاق عن ابن جريج؛ قال: حدثني ابن شهاب عن إسماعيل بن محمد بن سعد (7) عن حمزة ابن المغيرة نحو حديث عباد، قال المغيرة: فأردت تأخير عبد الرحمن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دعه" (8).

قال م: فتبين بهذا وهم ق في قوله (وفيها ...) وما ذكر من طرق الحديث، فاعلمه. اهـ

(156) وذكر (1) من طريق أبي داود عن ابن عمر (2) في الخطبة يوم الجمعة؛ فيخطب ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب، ثم قال:

"وقال في المراسيل: يجلس شيئا يسيرا، ثم يخطب الخطبة الثانية، حتى إذا قضاها استغفر الله، ثم نزل فصلى.

وقال ابن شهاب: وكان إذا قام أخذ عصا فتوكأ عليها الحديث". اهـ

قال م ~: كذا ذكر هذا موهما أن قوله: يجلس شيئا يسيرا، وما بعده إلى قول ابن شهاب، هو أيضا من حديث ابن عمر، ولا سيما بما عقبه به من قوله: (وقال ابن شهاب: وكان إذا قام أخذ عصا الحديث .. فإنه يفهم أن

__________

(7) إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري، المدني، أبو محمد، ثقة حجة، من الرابعة، مات سنة أربع وثلاثين ومائة./ خ م د ت س.

- التقريب 1/ 73.

(8) جعله محمد فؤاد عبد الباقي (متابعة للرواية السابقة) صحيح مسلم: 1/ 318.

(1) أي عبد الحق في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الجمعة (3/ ل: 61. ب).

(2) وهذا نص الحدث كاملا من سنن أبي داود: (حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، حدثنا عبد الوهاب -يعني ابن عطاء- عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر. قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب خطبتين: كان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ، أراه قال "المؤذن" ثم يقوم فيخطب, ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب).

- كتاب الصلاة، باب الجلوس إذا صعد المنبر (1/ 657 ح: 1092)

العمري -الوارد في الحديث- هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وفيه مقال.

(1/324)

ما قبله ليس من كلام ابن شهاب، بل من كلام ابن عمر، وليس كذلك، وما هو كله إلا من كلام ابن شهاب، ولنورده بنصه من مراسيل أبي داود؛ ليَبِين ما قلته:

قال أبو داود: (نا ابن السرح (3)، قال: ونا سليمان بن داود (4)، قال: نا (5) ابن وهب، أخبرني يونس (6) عن ابن شهاب؛ قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبدأ فيجلس على المنبر، فإذا سكت المؤذن قام فخطب الخطبة الأولى، ثم يجلس (7) شيئا يسيرا، ثم قام يخطب (8) الخطبة الثانية، حتى إذا قضاها استغفر الله (9) ثم نزل فصلى.

قال ابن شهاب. وكان (10) إذا قام أخذ عصا فتوكأ عليها، وهو قائم على المنبر، ثم كان أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان يفعلون مثل ذلك. (11) اهـ

__________

(3) ابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح، أبو الطاهر. تقدمت ترجمته.

وليس في "المراسيل" -بتحقيق الشيخ السيروال- ذكر لإبن السرح، ولا في تحفة الأشراف، لكنه مثبت في المراسيل بتحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط - ثم إن ابن السرح معروف بإكثاره من الرواية عن ابن وهب.

(4) سليمان بن داود بن حماد المهري، أبو الربيع المصري، ابن أخي رشدين، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين. / د س.

- التقريب 1/ 323 - ت. التهذيب 4/ 163.

(5) في المراسيل: (أخبرنا).

(6) هو يونس بن يزيد بن أبي النجود، الأيلي. تقدمت ترجمته ص: 84.

(7) في المراسيل (جلس).

(8) في المراسيل (فخطب).

(9) اسم الجلالة (الله) لم يثبت في المراسيل.

(10) في المراسيل (فكان).

(11) انظر الحديث في "المراسيل"، بتحقيق شعيب الأرناؤوط، باب ما جاء في الخطة يوم الجمعة: (ص: 155 ح: 55). وحديث ابن عمر في السنن ضعيف لضعف العمري، ومرسل ابن شهاب في المراسيل لا تقوم به حجة.

(1/325)

(157) وذكر (1) من طريق أبي داود أيضا ما هذا نصه:

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الزكاة، باب ما لا في خذ في الصدقة: (3 / ل: 94. ب).

أقسم الكلام في هذا الحديث إلى قسمين، القسم الأول أتناول فيه حديث ابن شهاب؛ الذي أخرجه أبو داود. وفي القسم الثاني أتناول حديث أنس؛ الذي أخرجه البخاري.

القسم الأول: جاء في سنن أبي داود: (حدثنا محمد بن العلاء، أخبرنا ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: هذه نسخة كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كتبه في الصدقة، وهي عند آل عمر بن الخطاب؛ قال ابن شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر فرعيتها على وجهها، وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله [بن عبد الله] بن عمر وسالم بن عبد الله ابن عمر، فذكر الحديث. قال: فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون، حتى تبلغ تسعا وعشرين ومائة. وجاء في آخر الحديث: فذكر نحو حديث سفيان بن حسين؛ وفيه: "ولا يؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس الغنم، إلا أن يشاء المصدق").

كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة: 2/ 226 ح: 1570).

وحديث سفيان بن الحسين الذي ذكر أخيرا؛ أخرجه أبو داود (ح: 1560): رواه عن عبد الله بن محمد النفيلي، عن عباد بن العوام، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه؛ قال: كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض، فقرنه بسيفه، فعمل به أبو بكر حتى قبض، ثم عمل به عمر حتى تبض فكان في الحديث.

فالحديث في روايته الأولى رواه يونس بن في يزيد عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر، وقال فيه ابن شهاب إنه نسخة كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة؛ فهو حديث في حكم المرسل، لأن سالما تابعي. أما الحديث في روايته الثانية، فهو حديث سفيان بن الحسين عن الزهري، عن سالم، عن أبيه مرفوعا.

وهذا الحديث رواه أحمد -من طريق سفيان بن الحسين المذكورة- (الفتح الرباني 8/ 207) كما رواه الترمذى في جامعه (3/ 17 ح: 621) ثم عقب عليه بقوله: (حديث ابن عمر حديث حسن، والعمل على هذا الحديث عند عامة الففهاء، وقد روى يونس بن يزيد وغير واحد عن الزهري عن سالم بهذا الحديث، ولم يرفعوه، وإنما رفعه سفيان بن حسين).

ورواه الدارمي (1/ 381)، والحاكم (1/ 392).

قلت: لم ينفرد برفعه سفيان بن حسين، بل تابعه على الرفع سليمان بن كثير كما عند ابن ماجة في سننه (1/ 573 ح: 1798)، والبيهقي في سننه الكبرى (4/ 88)، لكن في هذين الراويين -سفيان بن حسين، وسليمان بن كثير- مقال في روايتهما عن الزهري: قال ابن أبي خيثمة عن يحيى [بن معين] في سفيان بن الحسين: ثقة -في غير الزهري- لا يدفع، وحديثه عن الزهري ليس بذاك، إنما سمع منه بالموسم. وقال النسائي: ليس به بأس إلا في الزهري (ت. التهذيب 4/ 96).

وقال النسائي في سليمان بن كثير: ليس به بأس إلا في الزهري فإنه يخطئ عليه. وقال العقيلي: واسطي سكن البصرة مضطرب الحديث عن ابن شهاب، وهو في غيره أثبت. (ت. التهذيب 4/ 189). قلت: ولا يفهم من ذلك أن أهل الجرح والتعدل قد اتفقوا على رد الحديث، بل إن الإمام إلبخاري - وناهيك به في معرفة علل الأحاديث وأسانيدها واستقصاء وانتقاد رواتها - لما سئل عن حديث سفيان بن الحسين. قال:

(1/326)

"عن ابن شهاب في نسخة كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم ذكرها؛ قال: ولا يؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس الغنم، إلا أن يشاء المصدق"، ثم قال: "وقد خرجه البخاري أيضا".

قال م ~: هكذا ذكره، وهو يوهم أن حديث ابن شهاب خرجه البخاري، وليس كذلك، فإنه مرسل ليس من شرطه، وإنما أخرج البخاري حديث أنس

__________

(الحديث أرجو أن كون محفوظا, وسفيان بن حسين صدوق). كما أن الشيخ الألباني جعل الحديث من صحيح سنن أبي داود (طريق سفيان بن الحسين).

كما عده من صحيح سنن ابن ماجة (طريق سليمان بن كثير).

انظر تفصيل كلام الشيخ الألباني حول الحديث في. صحيح سنن أبي داود (1/ 293 ح: 1386 وح: 1387 وح: 1388)، وصحيح سنن ابن ماجة (1/ 300 ح: 1404)، وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (3/ 264 .. ح: 792).

القسم الثاني: والحديث الذي أخرجه البخاري هو حديث أنس، وقد ساقه ابن المواق من الصحيح وهذا الحديث تكلم فيه الدارقطني في كتاب التتبع على الصحيحين، حيث قال: إن ثمامة لم يسمع من أنس، ولا سمعه عبد الله بن المثنى من ثمامة.

وقال علي بين المديني: حدثني عبد الصمد، حدثي عبد الله المثنى، قال: دفع إلى ثمامة كتابا عن أنس نحو هذا الكتاب؛ قال: وحدثنا عفان، حدثنا حماد، قال: أخذت من ثمامة كتابا عن أنس نحو هذا، وكذا قال حماد بن زيد عن أيوب أعطاني ثمامة كتابا، فذكر هذا.

وقد أجاب. عن ذلك الحافظ ابن حجر في هدي الساري بقوله: (ليس فيما ذكر ما يقتضي أن ثمامة لم يسمعه من أنس كما صدر به كلامه، فأما كون عبد الله بن المثنى لم يسمعه من ثمامة فلا يدل على قدح في هذا الإسناد، بل فيه دليل على صحة الرواية بالمناولة إن ثبت أنه لم يسمعه، مع أن سياق البخاري عن عبد الله ابن المثنى: "حدثني ثمامة أن أنسا حدثه".

وليس عبد الصمد فوق محمد بن عبد الله في الثقة، ولا أعرف بحديث أبيه منه). انتهى كلام ابن حجر.- هدي الساري ص: 357.

ملاحظة: لم يثبت هذا الحديث في (الألزامات والتتبع) للدارقطني. بتحقيق مقبل بن هادي الوداعي. ومن الذين أخرجوا الحديث ابن حبان، وصححه، وكذا ابن حزم في المحلى، وصححه، وشدد النكير على من لم يقل بصحته.

انظر: سنن الدارقطني (2/ 113 ح: 2)، المحلى: (6/ 40)، نصب الراية: كتاب الزكاة، باب صدقة السوائم (2/ 336)، التلخيص الحبير (2/ 150)

ووجه إيراد هذا الحديث عند ابن المواق رفع ما يمكن أن يتوهم من أن البخاري أخرج حديث الزهري المرسل، لأن عبد الحق عطف حديث أنس المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -على حديث الزهري عن سالم الذي ظاهره الإرسال كما تقدم -الذي أخرجه أبو داود-.

(1/327)

المسند أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين، ذكره البخاري من حديث محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري؛ قال: حدثني أبي (2)؛ قال: حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس (3) أن أنسا حدثه، أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين، الحديث بطوله.

فأورده البخاري في جامعه مقتطعا تطعا بحسب الأبواب؛ فكان منه هذه القطعة التي أشار إليها ق هنا، فإنه أفردها في باب ترجمه بما وقع فيها: (مما لا يؤخذ في الصدقة)؛ فقال فيه: (نا محمد بن عبد الله، قال: حدثني أبي؛ قال: نا ثمامة أن أنسا حدثه أن أبا بكر كتب له التي أمر الله رسوله: "ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس (4) إلا ما شاء الصدق ") (5).

قال م ~: فارتفع بهذا ما في كلام ق من اللبس والإشكال، والحمد لله، وهذا الحديث ذكره ق في باب زكاة الغنم والإبل، وجمع أطرافه التفرقة في كتاب البخاري، إلا هذه القطعة فإنه أغفل أن يذكرها في جملة ما ذكر من أطراف هذا الحديث. اهـ

(158) وذكر (1) من طريق مسلم حديث عائشة: (إذا أنفقت المرأة من طعام

__________

(2) عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري، أبو المثنى البصري، صدوق، كثير الغلط، من السادسة./ خ ت ق.- التقريب 1/ 445.

(3) ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك، الأنصاري، قاضيها، صدوق، من الرابعة، عزل سنة عشر ومائة، ومات بعد ذلك. بمدة. /ع.- التقريب 1/ 120.

(4) التيس: هو فحل الغنم. (فتح الباري 3/ 321).

(5) صحيح البخاري: كتاب الزكاة، باب لا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس، إلا أن يشاء المصدق: (الفتح 3/ 321 ح: 1455).

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام"، ولم أقف عليه في باب النهي أن تصوم المرأة متطوعة بغير إذن زوجها [4/ 34]، فلعله في غير الباب المذكور.

جاء في صحيح مسلم: (حدثنا يحيى بن يحيى، وزهير بن حرب، وإسحاق بن إبراهيم، جميعا عن جرير، قال يحيى: أخبرنا جرير عن منصور، عن شقيق، عن مسروق، عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أنفقث المرأة من طعام بيتها، غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره ما كسب، وللخازن مثل ذلك, لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئا").

(1/328)

بيتها، غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك الحديث. ثم قال: ((وفي رواية: "من بيت زوجها", وفي أخرى من حديث أبي هريرة: "من غير أمره، فلها نصف أجره")).

قال م ~: لا خفاء بأن ظاهر هذا الكلام أن رواية أبي هريرة هذه منصوبة إلى

__________

كتاب الزكاة, باب أجر الخازن الأمين والمرأة إذا من تصدقت من بيت زوجها .. (2/ 740 ح: 80).

وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق به، وفيه: (من بيت زوجها غير مفسدة) ح: 81.

ومن طريق عن مسروق، عن عائشة كذلك أخرجه:

البخاري في: كتاب الزكاة، باب من أمر خادمه بالصدقة ولم يناول بنفسه: (الفتح 3/ 293 ح: 1425)، وكذا باب أجر الخادم إذا تصدق بأمر صاحبه غير مفسد: (الفتح 3/ 302 خ: 1437)، وباب أجر المرأة إذا تصدقت من بيت زوجها من غير مفسدة (3/ 303 ح: 1439، وح: 1440).

كتاب البيوع، باب قول الله تعالى {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} البقرة 267: (الفتح 4/ 300 ح: 2065).

والترمذي: كتاب الزكاة، باب نفقة المرأة من بيت زوجها، ولفظ الحديث عنده: إذا أعطت المرأة من بيت زوجهما بطيب نفس غير مفسدة. الحديث: (3/ 58 ح: 672).

والنسائي في السنن الكبرى: كتاب عشرة النساء، نفقة المرأة من بيت زوجها، وذكر الاختلاف على شقيق في حديث عائشة: (50/ 379 خ: 9197، خ: 9189).

وابن ماجة: كتاب التجارات، باب ما للمرأة من مال زوجها: (2/ 769 ح: 2294).

ومن طريق أبي وائل عن عائشة أخرجه:

الترمذي (3/ 58 خ: 671)، وكذلك النسائي في الكبرى (5/ 379 خ: 9196).

أما حديث أبي هريرة، فأخرجه مسلم بغير اللفظ الذي ذكره عبد الحق: ونصه من الصحيح: إلا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته، وهو شاهد إلا بإذنه، وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له).

وقريب من هذه الرواية عند البخاري في النفقات - لكن بدون أول الحديث الذي عند مسلم -: "إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره، فله نصف أجره).- (الفتح 9/ 504 ح: 5360).

فتبين بذلك -كما ذكر ابن المواق- أن هذه الرواية إنما تناولت أجر الزوج، بينما لم يذكر فيها أجر المرأة صراحة.

وثبت حديث أبي هريرة باللفظ الذي ذكر عبد الحق: (من كسب زوجها من غير أمره، فلها نصف أجره) عند البخاري: كتاب البيوع، باب 12 الفتح (4/ 301 ح: 2066)، وكذا عند أبي داود: كتاب الزكاة، باب المرأة تتصدق من بيت زوجها (2/ 315 ح: 1685).

(1/329)

كتاب مسلم بحسب ما أخبر ق في صدر كتابه من ملتزمه في نحو ذلك، فاعلم أن هذه الرواية هكذا بنصها، حسبما أوردها، لم تقع في كتاب مسلم، وإنما ذكرها أبو داود -أعني التصريح بحظ المرأة من الأجر في ذلك - قال أبو داود:

(نا الحسن بن علي (2)، قال: نا عبد الرزاق، قال: أنا معمر عن همام بن منبه (3)؛ قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره، فلها نصف أجره).

والحديث عند مسلم مصرحا فيه بحظ الزوج خاصة.، ونص الواقع من ذلك عند مسلم هو هذا.: (لا تصوم (4) المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه. ولا تأذن في بيته، وهو شاهد إلا بإذنه، وما أنفقت من كسبه بغير (5) أمره، فإن نصف أجره له). اهـ

وهذا وإن كان المفهوم منه أن النصف الثاني لها على حد ما فهم من قوله جل وعلا: {فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} (6) أن الثلثين للأب فإن من لا يرى نقل الحديث بالمعنى لا يتسامح في ذلك، وعلى ذلك جرى عمل ق في كتابه، والله أعلم. اهـ

__________

(2) الحسن بن علي، أبو علي الخلال، للحلواني. تقدمت ترجمته.

(3) همام بن منبه بن كامل الصنعاني، أبو عتبة، أخو وهب، ثقة، من الرابعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة على الصحيح. / ع.

- التقريب 2/ 321.

(4) في صحيح مسلم ورد بلفظ: (لا تصم). وهو على أصل صيغة النهي بلا الناهية. وللبخاري بلفظ (لا تصوم).

قال الحافظ ابن حجر معقبا عليها: (كذا للأكثر، وهو بلفظ الخبر والمراد به النهي، وأغرب ابن التين والقرطبي فخطأ رواية الرفع).

- انظر: الفتح: 9/ 293 ح: 5192.

(5) عند مسلم: (من غير).

(6) سورة النساء الآية 11.

(1/330)

(159) وذكر (1) من طريق مسلم أيضا من حديث ابن عمر؛ قال: قبَّل عمر الحجر، ثم قال: أما (2) والله لقد علمت أنك حجر الحديث .. ثم قال: "وقال النسائي: قبله ثلاثا".

قال م: فأوهم قوله هذا أن الحديث عند النسائي أيضا من حديث ابن عمر، عن عمر، وليس كذلك، وإنما هو من طريق ابن عباس عن عمر؛ ومن رواية طاووس عن ابن عباس. وحديث ابن عمر من رواية سالم، عن أبيه، عن عمر.

قال النسائي: (أنا عمرو بن عثمان الحمصي (3)؛ قال: قال نا الوليد بن مسلم (4) عن حنظلة -هو ابن أبي سفيان- (5)؛ قال: رأيت طاووسا -وهو ابن

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -: (4 / ل: 68. ب).

جاء في صحيح مسلم: (وحدثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس وعمرو. ح.

وحدثنى هارون بن سعيد الأيلي، حدثني ابن وهب، أخبرني عمرو عن ابن شهاب، عن سالم، أن أباه حدثه، قال: قبل عمر بن الخطاب الحجر، ثم قال: أم والله، لقد علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك).

- كتاب الحج، باب استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف: (2/ 925 ح: 248)، تحفة الأشراف 8/ 57 ح: 10524).

ومن طريق سالم كذلك عن أبيه به عند النسائي في الكبرى: كتاب الحج، تقبيل الحجر، (2/ 440 ح: 3919)، غير أنه فيه (أما والله).

ولا ذكر عبد الحق الحديث من طريق مسلم قال: (وقال النسائي: قبله ثلاثا)، فذكر ابن المواق هذا الحديث لرفع ما يمكن أن يتوهم من أن الحديث من طريق عبد الله بن عمر عن عمر، كسابقه، لأنه عطفه عليه، والحالة هذه أن الرواية لإبن عباس، عن ابن عمر، عن عمر.

(2) في شرح مسلم -المنهاج- للنووي: كتب (أما والله)، وجعل فوق الميم علامة المد: (9/ 16)، وفي هامش شرح إكمال المعلم، للأبي، ومكمل إكمال الإكمال للسنوسي لم يثبت إلا (أم) (3/ 387).

و (أما) حرف تنبيه، غالبا ما يعقبها القسم.

(3) عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي، أبو حفص الحمصي، صدوق من العاشرة، مات سنة خمسين ومائتين. / د س ق.

- التقريب 2/ 74.

(4) الوليد بن مسلم القرشي. تقدمت ترجمته.

(5) حنظلة بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الجمحي، المكي، ثقة حجة، من السادسة، مات سنة إحدى وخمسين ومائة. / ع.

(1/331)

كيسان- يمر بالركن، فإن وجد عليه زحاما مرَّ ولم يزاحم، وإن رآه خاليا قبله ثلاثا، ثم قال: رأيت ابن عباس فعل مثل ذلك، ثم قال ابن عباس: رأيت عمر ابن الخطاب فعل مثل ذلك، ثم قال: إنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلك ما قبلتك، ثم قال عمر: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل مثل ذلك). (6) اهـ.

(160) وذكر (1) من طريق النسائي

__________

- التقريب 1/ 206.

(6) سنن النسائي، كتاب مناسك الحج، باب كيف يقبل؟ (5/ 250 ح: 2938)، تحفة الأشراف 8/ 45 ص: 10503.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الحج, باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (4 / ل: 89. ب ..).

جاء في السنن الكبرى للنسائي: (أنبأ محمد بن يحيى بن محمد؛ قال: حدثنا عمر بن حفص عن غياث، قال: حدثنا أبي. قال: حدثنا الأعمش؛ قال: حدثني عمارة، وجامع بن شداد عن أبي بكر ابن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام، عن أبي معقل أنه جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أم معقل جعلت عليها حجة معك، فلم يتيسر لها ذلك) فما يجزئ عنها؟

قال: "عمرة في رمضان"، فقال: فإن عندي جملا جعلته في سبيل الله حبيسا فأعطتها إياه فتركبه؟ قال: "نعم").

كتاب الحج، فضل العمرة في رمضان: (2/ 472 ح: 4228).

وانظر -غير مأمور- كذلك: تحفة الأشراف 9/ 289 ح: 12174.

والذي خرج مسلم إنما هو حديث ابن عباس، وليس فيه ذكر لأم معقل، وإنما فيه قصة أم سنان.

وروى البخاري حديث ابن عباس هذا في موضعين من صحيحه: رواه في كتاب جزاء الصيد؛ من طريق حيب المعلم عن عطاء عنه، وفي هذه الرواية التصريح بكنيتها (أم سنان) (ح: 1863).

ورواه في كتاب العمرة، من طرقى ابن جريج عن عطاء عنه، وفيه: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -لامرأة من الأنصار- سماها ابن عباس, فنسيت اسمها - ما منعك أن تحجي معنا الحديث: (ح: 1782).

ومن نفس الطريق رواه مسلم، ولم يسمها كذلك: (2/ 917 ح: 221).

ورجح الحافظ ابن حجر في شرحه لصحيح البخارى أن الذي نسيها هو ابن جري، بخلاف ما يتبادر إلى الذهن من أنه عطاء، ولا تعلل هذه الرواية بهذا النسيان، فالذي ذكر حجة على من نسي.

وابن حجر لما ذكر قصة أم سنان قال: (وقد وقع شبيه بهذه القصة لأم معقل)، وذكر من رواها.

انظر -غير مأمور-: الفتح: 3/ 604.

ومما يؤكد أنهما قصتان أن أم سنان أنصارية، أما أم معقل فهي أسدية.

(1/332)

عن أبي معقل (2) أنه جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن أم معقل (3) جعلت عليها حجة معك، فلم يتيسر لها ذلك، فما يجزئ عنها؟ قال: غمرة في (4) رمضان الحديث ..

ثم قال: "خرج مسلم منه في فضل العمرة".

قال م: وهذا كذلك موهم أن الحديث في فضل العمرة عند مسلم، من حديث أبي معقل، وليس كذلك، وإنما عند مسلم حديث ابن عباس من رواية عطاء بن أبي رباح عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة من الأنصار، يقال لها أم سنان (5): (ما منعك أن تكوني حججت معنا؟) قالت: ناضحان (6) كانا لأبي فلان - زوجها - حج هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقي عليه غلامنا، قال: (فعمرة في رمضان تقضي حجة، أو حجة معي) (7).

هذه رواية حبيب المعلم (8) عن عطاء،

__________

وبهذا يتبين أن تعقب ابن المواق على عبد الحق الإشبيلي في محله.

(2) أبو معقل الأسدي، يقال اسمه الهيثم بن نهيك، وهو والد معقل ابن أبي معقل، شهد أحدا، يذكر أنه مات في حجة الوداع. / س ق.

موضح أوهام الجمع والتفريق، للخطب البغدادي (2/ 411)، الكاشف (3/ 335)، الإصابة (4/ 181 رقم 1064).

(3) أم معقل الأسدية، يقال الأنصارية، ويقال الأشجعية، زوج أبي معقل، - رضي الله عنهما -. لم أقف على من ذكر اسمها.

انظر -غير مأمور-: الكاشف (3/ 444)، الإصابة 4/ 499 رقم 1513).

(4) سقطت (في) من "الأحكام".

(5) أم سنان: هكذا ذكرها ابن حجر في الإصابة بكنيتها، وساق قصتها، ولم يذكر لها اسما.

- الإصابة: 4/ 463 رقم: 1328.

(6) الناضح: البعير أو الثور أو الحمار الذي يسقى عليه.

- النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 151)، الفتح: 3/ 604.

(7) صحيح مسلم: 2/ 917 ح: 221.

(8) حبيب بن المعلم، أبو محمد البصري، مولى معقل بن يسار، اختلف في اسم أبيه فقيل زائدة، وقيل زيد، صدوق من السادسة، مات سنة ثلاثين ومائة. / ع.

- التقريب 1/ 152 - ت. التهذيب 2/ 170.

(1/333)

ورواه ابن جريج (9) عن عطاء فلم يسم هذه المرأة، وقال عن عطاء أنه نسي اسمها، وقال: تعدل حجة، ولم يشك (10).

فهذه قصة أخرى، وامرأة أخرى، ومن رواية صحابي آخر. اهـ

=====================

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

بغية النقاد النقلة

(161) وذكر (1) من طريق مسلم أيضا ما هذا نصه:

__________

(9) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. تقدت ترجمته.

(10) أي لم يشك هل تعدل حجة، أوحجة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الجهاد، باب الوقت المستحب للقتال والصفوف والتعبئة: (5 / ل: 15.أ ..).

ذكر عبد الحق من طريق مسلم حديث أنس في مقتل أبي جهل، ثم عقب عليه بقوله: (زاد النسائي ...). هكذا ذكر عبد الحق، وكلامه هذا يشعر أن ما زاده النسائي في هذا الحديث هو من نفس حديث أنس، لكن النسائي روى قصة مقتل أبي جهل من حديث عبد الله بن مسعود، ولهذا ذكر ابن المواق الحديث ليبين الوهم.

والحديث ذكره الحافظ المزي - في تحفة الأشراف - في مسند عبد الله بن مسعود: (7/ 120 ح: 9489)، وعزا تخرجه للنسائي في الكبرى -وهو كذلك- وذكره أيضا في مسند أنس (1/ 231 ح: 878). لكن الحافظ ابن حجر علق عليه بأن محله غنما هو في ترجمة أنس عن ابن مسعود، ووجه ذلك بأن أنسا لم يشهد بدرا، ولم يحضر القصة، واستظهر المزي لما ذكر بأنه روى كذلك صريحا في رواية معاذ بن معاذ عند أبي نعيم في "المستخرج".

وبهذا يتبين أن عبد الحق لو بين أن الحديث عند مسلم من مسند أنس، وقال لكن الأولى أن يجعله من مسند ابن مسعود؛ لعدم حضور أنس بدرا، ولعدم شهود القصة. لو قال ذلك، لما كان مؤاخذا، لكنه لما عطف حديث ابن مسعود على حديث أنس، ولم يفصل استدعى ذلك هذا التعقيب من المواق.

وقد جعل ابن المواق وهما آخر في هذا الحديث في قرل عبد الحق: (وفي رواية لو غير أكار قتلني)، فإنه قوله هذا يوهم أنه مسند كباقي الحديث عند أنس. ولكنه غير مسند، فهو مما أرسله أبو مجلز إرسالا، وهذا الذي ذهب إليه ابن المواق؛ هو نفس ما عند ابن حجر.

ثم إن ابن المواق نبه غل ما بين الحديثين من الاختلاف؛ إذ في حديث ابن مسعود أنه هو الذي تولى قتل أبي جهل، وفي حديث أنس أن ابني عفراء ضرباه حتى برد. ورجح ابن المواق حديث أنس، وقال بأنه المشهور المحفوظ.

ويظهر لي أن الجمع بين الحديثين أولى من ترجيح أحدهما ورد الآخر؛ فحديث أنس أخرجه البخاري في موضعين من كتاب المغازي، في باب قتل أبي جهل (ح: 3963)، وفي باب شهود الملائكة بدرا (ح: 4020).

أما حديث ابن مسعود فقد أخرجه النسائي -كما تقدم- وكذا الإمام أحمد في مسنده، ورجاله ثقات، غير أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود، وذكره الهيثمى في مجمع الزوائد؛ وقال: (رواه الطبراني،

(1/334)

((عن أنس بن مالك؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ينظر لنا ما صنع أبو جهل؟ ". فانطلق ابن مسعود، فوجده قد ضربه ابنا عفراء (2) حتى برد (3)؛ قال: فأخذ بلحيته، فقال: آنت أبو جهل؟ فقال: وهل فوق رجل قتلتموه؟ ثم قال: وفي رواية: فلو غير أكار (4) قتلني! (5)

__________

ورجاله رجال الصحيح، غير محمد بن وهب بن أبي كريمة، وهو ثقة).

ووجه الاختلاف بين الحديثين؛ أنه في حديث أنس من رواية البخاري: (فانطلق ابن مسعود، فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد)، وقال شراح الحديث أن معنى (برد) مات. أما عند مسلم فله روايتان، إحداهما (برد) كما عند البخاري، وثانية -من رواية السمرقندي- (حتى برك)، بالكاف؛ أي سقط على الأرض. وحسب هذه الرواية لا اختلاف بين الحديثين، ولهذا قال عياض: (وهذه الرواية أولى، لأنه -أي أبو جهل- قد كلم ابن مسعود، فلو كان مات فكيف كان كلمه؟). ومنهم من حاول الجمع بين الحديثين بأن قال إن معنى (برد) أبي صار في حالة من مات، ولم يبق له سوى حركة المذبوح، فأطلق عليه باعتبار ما سيؤول إليه، ومنه قولهم للسيوف بوارد, أي قواتل، وقيل لمن قتل بالسيف برد؛ أي أصابه متن الحديد، لأن طبع الحديد البرودة، وقيل برد بمعنى فتر وسكن، يقال جد الأمر حتى برد، أي فتر، وعليه فالمعول عليه أن أبا جهل لم يمت بضربات ابني عفراء، بل الذي أجهز عليه هو ابن مسعود، وهذا يستفاد من جميع الروايات لهذا الحديث، إذ حتى من طريق الصحيحين فإن في تتمة الحديث عندهما ما يدل على هذا المعنى، وذلك في تكليم ابن مسعود لأبي جهل، وجوابه له.

(أأنت أبو جهل؟ .. وهل فوق رجل قتلتموه؛) / خ، الفتح ح: 3962 - م 3/ 1424 ح: 118.

في حديث أنس من رواية مسلم جاء في آخره: (وقال أبو مجلز: قال أبو جهل: فلو غير أكار قتلني).

هذا الجزء. من الحديث مرسل.

انظر: المسند 1/ 444 - مجمع الزوائد 1/ 79 - ترجمة أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود في: ت. التهذيب 5/ 65 - الفتح 7/ 294 ...

(2) عفراء بنت عبيدة بن ثعلبة بن سواد بن غنم بن مالك بن النجار. وعفراء هذه لها خصيصة ليست لغيرها، فهي صحابية شهد سبعة من أبنائها غزوة بدر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، هم: معاذ، ومعوذ، وعوف، وإياس، وعاقل، وخالد، وعامر.

والمقصود بابني عفراء: معاذ، ومعوذ.

- الإستبصار في نسب الصحابة من الأنصار، ابن قدامة المقدسي ص: 61 - الإصابة 4/ 364 ترجمة 728 - الفتح 7/ 294.

(3) في صحيح مسلم: (برك).

(4) الأكار: الفلاح أو الزراع، مأخوذ من الأكرة، وهي الحفرة بجانب النهر ليصفو ماؤها.

- تفسير غريب الحديث، لإبن حجر ص: 18.

(5) مسلم: 3/ 1424 ح: 118.

(1/335)

زاد النسائي (6) في هذا الحديث أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انطلق فأرني مكانه"؛ قال: "فانطلقت معه، فأريته إياه، فلما وقف عليه حمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: هذا فرعون هذه الأمة")) (7).

قال م: ظاهر كلامه يفهم أن قوله: (فلو غير أكار قتلني) في رواية أنس ابن مالك، في كتاب مسلم، وأن الحديث عند النسائي من رواية أنس بن مالك، كما هو عند مسلم، وليس الأمر كذلك في الروايتين، أما ما ذكره النسائي فمن حديث ابن مسعود، قال النسائي: حدثني عمرو بن هشام الحراني (8)، قال: حدثني محمد بن سلمة (9) عن أبي عبد الرحيم (10)، عن زيد ابن أبي أُنَيْسَة (11)، عن أبي إسحاق (12)، عن عمرو بن ميمون الأودي (13)، عن ابن مسعود؛ قال: أدركت أبا جهل يوم بدر صريعا؛ قال:

__________

(6) السنن الكبرى: كتاب القضاء، باب كيف اليمين: 3/ 488 ح: 6004.

(7) نهاية كلام الإشبيلي.

(8) عمرو بن هشام الحراني، أبو أمية، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومائتين. / س.

- التقريب 2/ 80.

(9) محمد بن سلمة بن عبد الله، الباهلي، مولاهم، الحراني، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة إحدى وتسعين ومائتين، على الصحيح. /. م 4.

- التقريب 2/ 166 - ت. التهذيب 9/ 171.

(10) خالد بن أبي يزيد بن سماك بن رستم، أبو عبد الرحيم الحراني الأموي، مولاهم، ثقة، من السادسة، مات سنة تسع وعشرة ومائة./ع.

- التقريب 1/ 272.

(11) زيد بن أبي أنيسة -بالتصغير- الجزري، أبو أسامة، أصله من الكوفة، ثن سكن الرها، ثقة له أفراد، من السادسة مات سنة تسع وعشرة ومائة. ع.

- التقريب 1/ 272.

(12) أبو إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله. تقدت ترجمته.

(13) عمرو بن ميمون الأودي، أبو عبد الله، ويقال أبو يحيى، مخضرم مشهور، ثقة، عابد، نزل الكوفة، مات سنة أربع وسبعين./ ع.

- التقريب 2/ 80.

(1/336)

ومعي سيف لي، فجعلت أضربه، ولا يحيك فيه، ومعه سيف له جيد فضربت يده، فوقع السيف، فأخذته، ثم كشفت المغفر (14) عن رأسه، فضربت عنقه، ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: "آلله الذي لا إله إلا هو؟ ". قلت: الله الذي لا إله إلا هو. قال: "آلله الذي لا إله إلا هو؟ ". قلت: الله الذي لا إله إلا هو.

قال: "انطلق فاستثبت". فانطلقت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن جاء يسعى مثل الطير يضحك فقد صدق". قال: فانطلقت، ثم جئت وأنا أسعى مثل الطائر أضحك، أخبرته فقال: "انطلق فأرني مكانه"، فانطلقت معه فأريته إياه، فلما وقف عليه حمد الله، ثم قال: "هذا فرعون هذه الأمة".

قال م: فتبين بهذا ما قلته من أن الحديث عند النسائي من رواية ابن مسعود، لا من رواية أنس، وظهر في حديث ابن مسعود مخالفة مقتضاه لمقتضى حديث أنس؛ إذ في حديث ابن مسعود أنه تولى قتل أبي جهل -لعنة الله على أبي جهل- وقال في حديث أنس: إن ابني عفراء ضرباه حتى برد.

وأصح الأمرين ما في حديث أنس؛ فهو المشهور المحفوظ، والله أعلم.

وأبو عبد الرحيم -هو خالد بن أبي يزيد- ثقة، وهو خال محمد بن سلمة.

وأما قوله: (وفي رواية: فلو غير أكار قتلني) فإنها في كتاب مسلم عن أبي مجلز (15)، أرسلها إرسالا، ولم يذكر من حدثه بها عن أبي جهل -لعنه __________

(14) المغفر، والمغفرة، والغفارة: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس، يلبس تحت القلنسوة لوقاية الرأس والعنق من ضربات السيف.

- لسان العرب 5/ 26.

(15) أبو مجلز, لاحق بن حميد بن سعيد السدوسي، مشهور بكنيته، ثقة، من كبار الثالثة، مات سنة ست ومائة، على الراجح./ع.

- التقريب 2/ 340.

(1/337)

[الله] (16) - فكلا الوهمين من هذا الباب. اهـ

(162) لي ذكر (1) من طريق مسلم أيضا حديث عائشة؛ قالت: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخيير أزواجه بدأ لي الحديث ..

ثم قال: ((وفي طريق أخرى: وأسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت.

قال: "لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله لم ييعثني معنتا ولا متعنتا،

__________

(16) [الله] لم تثبت في المخطوط.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الطلاق، بأس التخيير (6 / ل: 13. ب ..).

جاء في صحيح مسلم: (وحدثني أبو الطاهر. حدثنا ابن وهب. ح. وحدثني حرملة بن يحيى التجيي -واللفظ له- أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف؛ أن عائشة قالت: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخيير أزواجه بدأ بي. فقال: "إني ذاكر لك أمرا، فلا عليك أن تعجلى حتى تستأمري أبويك". قالت: قد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه. قالت. ثم قال. "إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 28 - 29] قالت فقلت: في أي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: ثم فعل أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما فعلت). اهـ

كتاب الطلاق، باب بيان أن تخيير المرأة لا يكون طلاقا إلا بالنية: 2/ 1103 ح: 22.

وهذا الحديث أخرجه البخاري كذلك لكنه معلق عنده؛ فكان اختيار عبد الحق له صحيح مسلم أولى لذلك، وقد وصل معلق البخاري الذهبي والزهريات، ذكر ذلك ابن حجر في تغليق التعليق. وأخرج الحديث الترمذي؛ وقال: حديث حسن صحيح، كما أخرجه النسائي.

انظر: صحيح البخاري: كتاب التفسير، باب إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها: (الفتح 8/ 520 ح: 2786)، تغليق التعليق (4/ 284)، جامع الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب؛ ومن سورة الأحزاب (5/ 350

ح: 3204)، المجتبى: كتاب النكاح، باب ما افترض الله -عَزَّ وَجَلَّ-على رسوله عليه السلام وحرمه على خلقه ليزيده إن شاء الله قربة إليه: (6/ 55)، السنن الكبرى، للبيهقي (7/ 37، 344)، تحفة الأشراف (12/ 364 ح: 17767)، التلخيص الحبير (3/ 123).

ولما ذكر عبد الحق الحديث من مسند عائشة عطف عليه حديث جابر من رواية بن الزبير عنه معنعناً، دون أن يبين أنه ليس من حديث عائشة. وابن القطان لما تناول أحاديث أبي الزبير عن جابر لم ينبه على هذا الحديث، فذكر ابن المواق هذا الحديث لتصحيح وهم عبد الحق، والتنبيه على ما أغفل ابن القطان مما لم ينبه عليه. وحديث جابر أخرجه مسلم، وكذا النسائي في السنن الكبرى: كتاب عشرة النساء: (5/ 383 ح: 9208). وانظر كذلك: تحفة الأشراف (2/ 297 ح: 2710).

(1/338)

ولكن بعتني معلما ميسرا")).

هكذا ذكر ق هنا؛ كأنه من حديث عائشة وليس كذلك، إنما هو حديث جابر بن عبد الله، ومن رواية أبي الزبير عنه معنعنا، ولم ينبه عليه ع فيما ذكر من أحاديث أبي الزبير، عن جابر، ولنورده بإسناده ولفظه:

قال مسلم: (ونا زهير بن حرب (2)؛ قال: نا روح بن عبادة؛ قال: نا زكرياء ابن إسحاق (3)، قال نا أبو الزبير (4) عن جابر بن عبد الله؛ قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد الناس جلوسا ببابه، لم يؤذن لأحد منهم؛ قال: فأذن لأبي بكر، فدخل، وذكر الحديث بطوله (5). وفيه: ثم نزلت عليه هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} - حتى بلغ -: {لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}.

قال: فبدأ بعائشة فقال: (يا عائشة إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك).

قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية.

قالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبوي, أختار الله ورسوله والدار الآخرة وأسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت.

قال: "لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها؛ إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا، ولكن بعثني معلما ميسرا". اهـ

__________

(2) زهير بن حرب هو أحمد بن أبي خيثمة. تقدمت ترجمته.

(3) زكرياء بن إسحاق المكي، ثقة، رمى بالقدر، من السادسة. / ع.

- التقريب 1/ 261.

(4) أبو الزبير: محمد بن مسلم المكي. تقدمت ترجمته.

(5) حديث جابر: صحيح مسلم: كتاب الطلاق, باب أن تخيير امرأته لا يجوز طلاقا إلا بالنية (2/ 1104 ح: 29).

(1/339)

(163) وذكر (1) من طريق مسلم أيضا عن الشعبي (2)؛ فقال: حدثني النعمان بن بشير أن أمه ابنة رواحة (3) سألت أباه بعض الموهبة الحديث ..

ثم قال: (("وفي طريق آخر: "فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟. قال: لا.

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام ": كتاب البيوع، باب في الحبس والعمري والهبة ... (6 / ل: 30. أ). جاء في صحيح مسلم: (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مسهر عن أبي حيان، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير. ح.

وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير (واللفظ له)، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا أبو حيان التيمي عن الشعبي، حدثني النعمان بن بشير، أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض الموهوبة من ماله لابنها، فالتوى بها سنة ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما وهبت لابني. فأخذ أبي بيدي، وأنا يومئذ غلام، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله إن أم هذا، بنت رواحة، أعجبها أن أشهد على الذي وهبت لابنها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بشير, ألك ولد سوى هذا؟ ". قال: نعم. فقال: "أكلهم وهبت له مثل هذا"؟ فقال: لا. قال: "فلا تشهدني إذا؛ فإني لا أشهد على جور"). اهـ.

- كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة: (3/ 1243 ح: 14).

وأخرج هذا الحديث من طريق عامر بن شراحيل الشعبي:

البخاري في كتاب الهبة, باب الإشهاد في الهبة: (الفتح 5/ 211 ح: 2587)، وفي كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد؛ (الفتح 5/ 258 ح: 2650)، وأبو داود, كتاب البيوع والإجارات، باب في الرجل يفضل لعض ولده في النحل: (3/ 811 ح: 3542)، والنسائي في المجتبى: كتاب النحل، باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر النعمان بن بشير في النحل: (6/ 259)، وفي السنن الكبرى، كتاب القضاء: (3/ 493 ح: 6023)، وابن ماجة: كتاب الهبات، باب الرجل ينحل ولده (2/ 795 ح: 2375).

وانظر تحفة الأشراف 9/ 22 ح: 11625.

ذكر عبد الحق حديث النعمان بن بشير هذا، ثم قال: (وفي طريق آخر: فكلهم أعطيت؟ ...). فأوهم هذا العطف أن الحديث من مسند النعمان بن بشير كسابقه، وليس كذلك، فهذا من مسند جابر بن عبد الله، ومن رواية أبي الزبير عنه معنعنا، لهذا تعقبه ابن المواق لتصحيح هذا الوهم منه، ثم لينبه على إغفال ابن القطان التنبيه على أنه من رواية أبي الزبير عن جابر بالعنعنة.

وهذا الحديث عند مسلم في نفس الكتاب والباب السابق دكرهما: (13/ 1243 ح: 14)، وكذا عند أبي داود من نفس الطريق: كتاب البيوع والإجارات (3/ 815 ح: 3545).

وانظر تحفة الأشراف 2/ 299 ح: 2720.

(2) عامر بن شراحيل الشعبي. تقدمت ترجمته.

(3) عمرة بنت رواحة بن ثعلبة الخزرجية، زوج ابن سعد، وأخت عبد الله بن رواحة الصحابي المشهور.

- الإستبصار في نسب الصحابة من الأنصار. ابن قدامة. ص: 112.

(1/340)

قال: فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق")). اهـ

هكذا ذكر ق هذا الموضع أيضا كأن اللفظ الثاني من حديث النعمان بن بشير عند مسلم أيضا، وليس كذلك، وإنما يرويه من حديث جابر بن عبد الله، ومن رواية أبي الزبير عن جابر معنعنا كذلك، ولم ينبه عليه أيضا ع كذلك.

قال مسلم: (نا أحمد بن عبد الله بن يونس؛ قال: نا زهير (4) قال: نا أبو الزبير عن جابر؛ قال: قالت امرأة بشير: انحل ابني غلامك هذا، وأشهد لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي، وقالت: اشهد لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "أله إخوة؟ " فقال: نعم. قال: "أفكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ ". قال: لا. قال: "فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق"). اهـ

(164) وذكر (1) من طريق النسائي عن ابن جريج،

__________

(4) زهير بن معاوية بن خديج، أبو خيثمة الجعفي، الكوفي، نزل الجزيرة، ثقة ثبت، إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بآخره, من السابعة، مات نحو سنة اثنتين وثلاثين ومائة. / ع.

- التقريب 1/ 265.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": باب في العتق وصحبة المماليك: (6 / ل: 41. ب).

ذكر عبد الحق من طريق النسائي حديث عبد الله بن عمرو، وقد أخرجه النسائي في الكبرى: كتاب العتق, باب ذكر الاختلاف على علي في المكاتب في يؤدي بعض كتابته: (3/ 197 ح: 5027)، تحفة الأشراف (6/ 362 خ: 8885).

وعطف عبد الحق عليه بعض من الحديث من رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده, فأوهم كلامه أنه من طريق النسائي كذلك، والحالة هذه أنه من طريق أبي داود.

انظر: سنن أبي داود: كتاب العتق، باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت (4/ 242 خ: 3926) , تحفة الأشراف (6/ 314 خ: 8707).

وقد ذكر حديث النسائي: الزيلعي في نصب الراية, وابن حجر في التلخيص الحبير، وقالا عقبه: (قال النسائي هذا خطأ، وعطاء هذا هو الخرساني، ولم يسمع من عبد الله بن عمرو، ولا أعلم أحدا ذكر له سماعا منه). اهـ.

نصب الراية 4/ 19 - التلخيص الحبير 3/ 17.

والحديث أخرجه النسائي في السنن الكبرى كما تقدم، ولم يذكر فيها - حسب طبعته المحققة من طرف د.

(1/341)

عن عطاء (2)، عن عبد الله بن عمرو؛ قال: يا رسول الله إنا نسمع منك أحاديث أفتأذن لنا أن نكتبها؟ فقال: "نعم". فكان أول ما كتب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل مكة: لا يجوز شرطان في بيع واحد، ولا بيع وسلف، ولا بيع ما لم يضمن، ومن كان مكاتبا على مائة درهم فقضاها إلا عشرة دراهم فهو عبد الحديث ..

ذكره ق في أحاديث الكاتب، ثم قال: ((وعن عمرو بن شعيب، عن

__________

عبد الغفار سليمان البنداري، ومن معه - للنسائي قولا عقبه.

لكن الحافظ المزي في تحفة الأشراف ذهب إلى أن عطاء هذا هو عطاء بن أبي رباح، أبو محمد المكي الفقيه (ح: 8707).

وقد روى نحو رواية النسائي ابن حبان في صحيحه، والحاكم وفي المستدرك، وسكت عنه (2/ 71)، ورواه البيهقي في الكبرى: (10/ 324) من طريق هشام بن سليمان المخزومي عن ابن جريج، عن عبد الله بن عمرو، وعقب عليه البيهقي بقوله: (كذا وجدته ولا أراه محفوظا).

وليس في رواية أبي داود إلا جزء من المتن السابق؛ ففيها: (المكاتب عبد ما بقى علي من كتاب درهم). وإسناده من هذا الطريق حسن، ورجاله كلهم ثقات، وعمرو بن شعيب ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص صدوق، وإسماعيل بن عياش ثقة في الشامين، وهذا منه، فإن سليمان بن سليم شامي أيضا. وقد تابعه جماعة بمعناه، منهم:

- حجاج بن أرطأة بن عمرو بن شعيب به بلفظ:

(أيما عبد كوتب على مائة أوقية فأداها إلا عشر أوقيات فهو رقيق):

أخرجه ابن ماجة (ح: 2519)، والبيهقى (10/ 324)، وأحمد (2/ 178، 206، 209).

لكن حجاج بن أرطأة هذا، وإن كان صدوقا فإنه يدلس ويخطئ كثيرا في روايته.

- ومنهم عباس الجريري، عن عمرو بن شعيب به، ولفظه:

(أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشرة أواق، فهر عبد، وأيما عبد كاتب على مائة دينار، فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد): أخرجه أبو داود (3927)، والبيهقي (10/ 324)، وأحمد (2/ 184).

- ومنهم يحيى بن أبي أنيسة عن عمرو بن شعيب بلفظ:

(من كاتب عبده على مائة أوقية فأداها إلا عشرة أواق أو قال عشرة دراهم، ثم عجز فهو رقيق): أخرجه الترمذي (ح: 1260). ويحيى هذا ضعيف، لكن الحديث قوي بالمتابعات السابقة).

انظر: إرواء الغليل في تخريج أحادث منار السبيل (6/ 119 ح: 1674) وصحيح سنن أبي داود (2/ 744 ح: 3323) كلاهما للشيخ الألباني.

(2) عطاء بن أبي رباح وهذا الدي ترجح لدي - تقدمت ترجمته.

(1/342)

أبيه (3) عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابه درهم").

هكذا ذكر هذا الحديث الثاني مردفا له على حديث النسائي مفهما أنه كتبه من طريقه، وليس كذلك، وإنما خرجه أبو داود في سننه: قال: (نا هارون بن عبد الله (4)؛ قال: نا أبو بدر (5)؛ قال: نا أبو عتبة -وهو إسماعيل بن عياش- (6)؛ قال: نا سليمان بن سليم (7) عن عمرو بن شعيب، فذكره بإسناده ومتنه سواء.

وهذا الحديث لم يخرجه النسائي فيما أعلم. وسليمان بن سليم -أبو سلمة- شامي، ثقة من ثقات الحمصيين. اهـ

(165) وذكر (1) من طريق الدارقطني عن ابن عباس؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أيما أمة ولدت من سيدها، فإنها إذا مات حرة الحديث ..).

ثم قال: (وعنه -أي النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من ولدت منه أمته فهي حرة بعد موته (2) ").

__________

(3) شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق, ثبت سماعه من جده، من الثامنة. / بخ 4.

- التقريب 1/ 353.

(4) هارون بن عبد الله بن مروان البغدادي، أبو موسى الحمال، البزار، ثقة، من العاشرة مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وقد ناهز الثمانين. /م 4.

- التقريب 2/ 312.

(5) شجاع بن الولد بن قيس السكونى، أبو بدر الكوفي، صدوق ورع، له أوهام، من التاسعة، مات سنة أربع ومائتين./ع.

- التقريب 1/ 347.

(6) إسماعيل بن عياش بن سليم، أبو عتبة الحمصي، صدوق. وقد تقدمت ترجمته.

(7) سليمان بن سليم، الكلبي، أبو سلمة الشامي، القاضي بحمص، ثقة عابد، من السابعة، مات سنة سبع وأربعين ومائة. / 4.

- التقريب 1/ 325.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب العتق (6 /ل: 43. أ).

(2) نفس المصدر.

(1/343)

ثم قال: في إسناد هذا والذي قبله: الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس. وهو ضعيف).

ثم قال: (ومن حديثه عن ابن عباس أيضا، قال: لما ولدت مارية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أعتقها ولدها) (3).

هكذا ذكر هذا الموضع، والمقصود منه؛ هذا الحديث الأخير. فإن قوله: (ومن حديثه أيضا) ظاهره أنه يريد: ومن حديث الحسين الذي تقدم له ذكره، وإن كان يحتمل على بعد أن يريد (ومن حديث الدارقطني)، لكنه غير الظاهر لوجهين:

- أحدهما أن الحسين أقرب مذكور، فالضمير له. الثاني أنه لم يعلل هذا الحديث اكتفاء بما قدم في الحسين. فإذا تقرر هذا، فاعلم أن هذا اللفظ الذي أورده بنصه ليس عند الدارقطني؛ من رواية الحسين بن عبد الله المذكور، وإنما

__________

(3) نفس المصدر.

وهذا نص الحديث من سنن الدارقطني: (نا أحمد بن عيسى بن السكين البلدي. نا عبيد الله بن يحيى الرهاوي, وأبو العباس المختار. نا عبد الحميد بن أبي أويس. حدثني أبي أبو أويس, عن حسين عبد الله بن عبيد الله عن عكرمة, عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أيما أمة ولدت من سيدها, فإنها إذا مات حرة, إلا أن يعتقها قبل موته". (4/ 132 ح: 24).

قلت: وهدا طريق أبي أويس عن الحسين بن عبد الله, ومن نفس الطريق أخرجه البيهقي في سننه الكبرى (10/ 346).

ورواه عن الحسين المذكورة كل من:

شريك عند الدارقطني في سننه: (4/ 130 ح: 18) وابن عدي في الكامل - في ترجمة الحسين بن عبد الله-: (2/ 350). والحاكم في مستدركه. (19/ 2). وسفيان الثوري في سنن الدارقطني 4/ 131 ح: 20.

وعبد الله بن سلمة بن أسلم، لكن بلفظ: (أم إبراهيم أعتقها ولدها). (سنن الدارقطني 4/ 131 ح: 22). وأبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة (سنن الدارقطني 4/ 130 ح: 17) وكذا الحاكم في مستدركه (2/ 19). والبيهقي في سننه الكبرى (10/ 346). وأبو بكر بن أبي سبرة هذا قال فيه ابن عدي في الكامل: (وعامة ما يرويه غير محفوظ .. وهو من جملة من يضع الحديث) (7/ 297).

ومدار هذه الروايات على الحسين بن عبد الله بن عبد بن عباس بن عبد المطلب. قال أبو حاتم: ضعيف, قال النسائي: متروك. وقال في موضع آخر ليس بثقة.

- الكاشف 1/ 170 - ت. التهذيب 2/ 296.

(1/344)

هو من رواية ابن أبي حسين (4)؛ وهو عندي: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي.

قال الدارقطني: نا أبو عبيد؛ القاسم بن إسماعيل (5). نا زياد بن أيوب (6)؛ نا سعيد بن زكرياء المدائني عن أبي سارة، عن ابن أبي حسين، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ قال: لما ولدت مارية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أعتقها ولدها). وحديث ابن عباس هذا ذكره الدارقطني؛ من طرق كلها ترجع إلى حسين بن عبد الله المذكور. وذكر في أثنائها هذه الرواية، فخفي ذلك على أبي محمد (7)، واعتقدها كلها راجعة إلى حسين المذكور، فوهم -رَحِمَهُ اللهُ-.

رواه عن حسين هذا جماعة منهم: أبو أويس، ولفظه هو المذكور ها هنا أولا من كتاب "الأحكام".

وشريك، ولفظه هو المذكور ثانيا منه.

وسفيان الثوري، ولفظه: (أيما جارية ولدت لسيدها فهي معتقة عن دبر منه).

وعبد الله بن سلمة بن أسلم (8)، ولفظه: (أم إبراهيم أعتقها ولدها).

وأبو بكر بن أبي سبرة (9)، ولفظه: (لما ولدت أم إبراهيم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعتقها ولدها". وروي عنه في رواية أخرى: (لما ولدت مارية القبطية إبراهيم

__________

(4) ابن أبي حسين هو: عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين بن الحارث بن عامر بن نوفل، المكى، النوفلي، ثقة، عالم بالمناسك، من الخامسة. /ع.

- التقريب 1/ 428.

(5) القاسم بن إسماعيل بن محمد بن أبان، أبو عبيد المحاملي، أخو القاضي، سمع عمرو بن علي ومحمد ابن المثنى. روى عنه أبو الحسن الدارقطني، ويوسف القواس، وذكره في جملة شيوخه الثقات. كانت وفاته سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة.

- تاريخ بغداد. للخطيب 12/ 447.

(6) زياد بن أيوب. تقدمت ترجمته.

(7) أبو محمد: كنية عبد الحق الإشبيلي.

(8) عبد الله بن سلمة بن أسلم. ضعفه الدارقطني وغيره. وقال أبو نعيم: متروك. الميزان 2/ 431.

(9) محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة، أبو بكر، رموه بالوضع، من السابعة، مات اثنتين وستين ومائة. / ق.

- الجرح والتعديل 7/ 298 - التقريب 2/ 397.

(1/345)

ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعتقها ولدها").

هذه الروايات التي ذكرها الدارقطني عن حسين بن عبد الله. وليس فيها نص ما ذكره ق إلا من رواية ابن أبي حسين؛ التي ذكرتها آنفا بإسنادها؛ فهي التي نقل ق. والله أعلم.

فإن قيل: ويقرب مما ذكر ق الرواية التي فيها؛ لما ولدت أم إبراهيم. فلعل أبا محمد هي التي اعتمد بالذكر-، وإن كانت لم تسم فيها أم إبراهيم، فغاية جنايته في هذا أن سماها خاصة.

قلت: وإذا حملنا عمله على هذا، وتسامحنا في ذلك، لكنا قد ألزمناه جناية أكبر مما تقدم، وذلك أنه يكون حينئذ قد سكت عن راو متروك موصوف بالوضع، فلم يعرف أن الحديث من روايته، وهو أبو بكر بن أبي سبرة، فإنه مذكور بوضع الحديث، قال أحمد بن حنبل وغيره. وليست كذلك الرواية التي قلت أنه خرجها، فإن ابن أبي حسين، وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي، أحد الثقات، لا مفاضلة بينه، وبين حسين بن عبد الله.

والراوي أيضًا عن ابن أبي حسين -وهو ابن أبي سارة (10) - خير من ابن أَبى سبرة الراوي عن حسين المذكور، وأنا أراه محمد بن عبد الله بن أبي سارة المكي أيضًا؛ روى عنه ابن المبارك، وزيد بن الحباب، ومحمد بن عبيد

__________

(10) أبو أبي سارة: اثنان:

الأول محمد بن عبد الله بن أبي سارة. ترجم له ابن أبي حاتم نحو ما ذكره له ابن المواق، وحكم بقوله فيه: ثقة.

- الجرح والتعديل 7/ 398.

والثاني: علي بن أبي سارة، ويقال علي بن محمد بن سارة الشيباني، أو الأزدي، البصري. ضعيف من السابعة./ س.

- التقريب 2/ 37 - ت. التهذيب 7/ 285.

والذي رجحه ابن المواق هو الأول.

(1/346)

الطنافسي (11)، وغيرهم. فإن كان إياه فلا بأس به، إن شاء الله. وهنالك علي ابن أبي سارة الشيباني، بصري، حدث عن مكحول، وثابت البناني وأبي عبد الله الشقري (12). روى عنه موسى بن إسماعيل، وعمر بن علي المقدمي، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي (13)؛ وهو ضعيف الحديث. وأرى الذي في الإسناد ليس بهذا.

وعلى أني من هذا الإسناد على وجل؛ فإن هذا الحديث معروف بحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس؛ عند أئمة هذا الشأن، لا بابن أبي حسين. يدلك على ذلك كثرة الرواة عنه لهذا الحديث.

وقال الأثرم: وسمعت أبا عبد الله، وذكر حسين بن عبد الله. فقال: هو حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس، له أشياء منكرة (14). قلت لأبي عبد الله: هو صاحب حديث: أعتقها ولدها؟ فقال: نعم، حديث عكرمة عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في مارية أم إبراهيم: (أعتقها ولدها). فهذا محرم الثقة برواية ابن أبي حسين؛ فإنها إنما عرفت من هذا الطريق، وراويها سعيد بن زكرياء المدائني ليس موصوفا بالحفظ، ولا هو ممن يعتمد عليه فيما ينفرد به.

__________

(11) محمد بن عبيد -بغير إضافة- ابن أبي أمية الطنافسي، الكوفي، الأحدب، ثقة يحفظ، من الحادية عشرة، مات سنة أربع ومائتين./ع.

- التقريب 2/ 188.

(12) أبو عبد الله الشقري، سلمة بن تمام، الكوفي، صدوق، من الرابعة. / س.

- التقريب 1/ 316.

(13) عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، أبو محمد البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثمان وعشرين ومائتين. / خ.

- التقريب 1/ 430.

(14) الجرح والتعديل 3/ 57.

وانظر ترجمة حسين بن عبد الله هذا في: التاريخ الكبير 2/ 388 - الكامل 2/ 349 - الضعفاء الكبير 1/ 245 - المجروحين 1/ 242 - الميزان 1/ 537.

(1/347)

وقد قالوا فيه: ليس بالقوي، كذلك ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه أنه سأله عنه، فقال: صالح ليس بالقوي (15) وكذلك ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه أنه سأله عنه، وأما عبد الله بن أحمد بن حنبل فروى عن أبيه أنه قال: ما به بأس (16)، كتبنا عنه أحاديث زمعة (17).

فأخاف أن يكون هذا الشيخ قد وهم، فتغير له: ابن أبي سبرة بابن أبي سارة، وحسين، بابن أبي حسين. والله أعلم بحقيقة ذلك. اهـ

(166) وذكر (1) من طريق مسلم عن أسماء بنت أبي بكر؛ قالت: جاءت امرأة إلى النبي- صلى الله عليه وسلم -، فقالت يا رسول الله,

__________

(15) ونصه من الجرح والتعديل: (حدثنا عبد الرحمن؛ قال: سألت أبي: عن سعيد بن زكرياء. فقال: هو مدائني، صالح، ليس بذاك القوي).

- الجرح والتعديل 4/ 23.

(16) في الجرح والتعديل 4/ 23.

(17) وتتمة كلامه بعد لفظة (زمعة): (ثم عرضتها بعد على أبي داود الطيالسي فحدثني بها كلها إلا أربعة أحاديث، أو خمسة، أو أقل، أو أكثر.

- نفس المصدر.

وزمعة بن صالح الجندي، اليماني، نزل مكة، أبو وهب، ضعف، وحديثه عند مسلم مقرون، من السادسة. / م مد ت سق.

- الجرح والتعديل 3/ 624 - التقريب 1/ 263.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام"، ولم أقف عليه فيه.

حدث أسماء بنت أبي بكر، هذا أخرجه مسلم: كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة (3/ 1676 ح: 115).

وأخرجه البخاري في كتاب اللباس، وصل الشعر مقتصرا على لفظ: (لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - الواصلة والمستوصلة).

- الفتح 10/ 374 ح: 5936.

وفي باب الموصولة؛ بلفظ: (سألت امرأة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي أصابتها الحصبة فأُمرق شعرها، وإني زوجتها أفاصل فيه؟ فقال: (لعن الله الواصلة والمستوصلة").

- الفتح 10/ 378 ح: 5941.

وأخرجه النسائي في كتاب الزينة، باب الواصلة بلفظ: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن الواصلة والمستوصلة): (8/ 521 ح: 5109).

(1/348)

إن لي ابنة عريسا أصابتها حصبة (2) فتمزق (3) شعرها، أفأصله؟ قال: لعن الله الواصلة (4) والمستوصلة (5).

__________

وأخرجه ابن ماجة بلفظ مقارب لرواية مسلم:

سنن ابن ماجة: كتاب النكاح، باب الواصلة والواشمة (1/ 639 ح: 1988).

وانظر -غير مأمور- تحفة الأشراف: 11/ 256 ح: 15747.

هذه روايات هذا الحديث عند البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجة، وليس فيها ذكر للزيادة التي ذكرها عبد الحق الإشبيلي ونسبها للبخاري، (وهي: أن زوجها أمرني أن أصل في شعرها، أفأصله؟ ...) إنما هذه الزيادة ثبتت عند البخاري من حدث عائشة؛ من طريق صفية بنت شيبة عنها؛ كما ذكر ابن المواق.

كتاب النكاح: باب لا تطيع المرأة زوجها في معصية: الفتح 9/ 304 ح: 5205.

وللبخاري رواية أخرى لحديث عائشة بلفظ: (أن جارية من الأنصار تزوجت، وأنها مرضت فتمعط شعرها، فأرادوا أن يصلوها، فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "لعن الله الواصلة والمستوصلة").

- كتاب اللباس: باب وصل الشعر: الفتح 10/ 374 ح: 5934.

وأخرجه مسلم في موضعين من كتاب اللباس والزينة؛ كلاهما من طريق صفية عنها: (3/ 1677 ح: 177 ح: 118).

وأخرجه النسائي من نفس الطريق مختصرا؛ ولفظه عنده: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله الواصلة والمستوصلة". كتاب الزينة، باب المستوصلة: (المجتبى: 8/ 146).

انظر تحفة الأشراف: 12/ 395 ح: 17849.

(2) حصبة: بفتح الحاء وإسكان الصاد، ويقال بفتح الصاد وكسرها، والإسكان أشهر: وهي بثر تخرج في الجلد؛ ومنه قولهم: حصب جلده يحصب.

- المنهاج، للنووي 14/ 103.

(3) في صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي: (فتمرق) هكذا بالراء عوض الزاء. وذكر القاضي عياض في (المشارق) إنها كذلك لطائفة من رواة الصحيح؛ ومعناها مثل تمرط وتمعط، أي انتف وسقط. ثم حكى عن عبدوس، وأبي الهيثم، والقابسي رواية (تمزق) بالزاي. ومعناه قريب من سابقه، إلا أنه لا يستعمل في الشعر في حال المرض.

مشارق الأنوار على صحاح الآثار، للقاضي عياض: 1/ 377. (ط. دار التراث. القاهرة)، المنهاج، للنووي 14/ 103.

(4) الواصلة: التي تصل شعر المرأة بشعر آخر.

(5) المستوصلة: التي تطلب من يصل لها شعرها، ويقال لها كذلك: الموصلة. المشارق، لعياض 2/ 288.

(1/349)

ثم قال: (زاد البخاري: أن زوجها أمرني أن أصل في شعرها. قال: "لا").

هكذا أورد هذه الزيادة، كأنها عند البخاري من حديث أسماء، وليس كذلك، وإنما هي عنده من حديث عائشة، ذكرها البخاري في النكاح، في باب لا تطيع المرأة زوجها في معصية، من طريق خلاد بن يحيى (6)؛ قال: نا إبراهيم بن نافع (7)، عن الحسن بن مسلم (8)، عن صفية (9) -وهي بنت شيبة- عن عائشة؛ أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها، فتمعط شعر رأسها، فجاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك له، فقالت: إن زوجها أمرنى أن أصل في شعرها. فقال: "لا" إنه قد لعن الموصلات. اهـ

(167) وذكر (1) من طريق البخاري عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم، وحمد الله، كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول: يرحمك الله الحديث .. " (2).

__________

(6) خلاد بن يحيى بن صفوان السلمي، أبو محمد الكوفي، نزيل مكة، صدوق، رمي بالإرجاء، وهو من كبار شيوخ البخاري، من التاسعة، مات سنة ثلاث عشرة ومائتين، وقيل سنة سبع عشرة خ د ت.

- التقريب 1/ 230.

(7) إبراهيم بن نافع المخزومي، المكي، ثقة حافظ، من السابعة /ع.

- التقريب 1/ 45.

(8) الحسين بن مسلم بن يناق -بفتح التحتانية، وتشديد النون، وآخره قاف- المكي، ثقة من الخامسة، مات بعد المائة بقليل /خ م د س ق.

- التقريب 1/ 171.

(9) صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، العبدرية، لها رؤية وحدثت عن عائشة وغيرها من الصحابة، وفي البخاري التصريح بسماعها من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنكر الدارقطني إدراكها. /ع.

- التبيين في أنساب القرشيين لإبن قدامة ص: 252

- التقريب 2/ 306.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": باب في العطاس والتثاؤب (7 /ل: 112. أ).

(2) جاء في صحيح البخاري: (حدثنا عاصم بن علي، حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل من سمعه أن يقول له: يرحمك الله، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان").

(1/350)

ثم قال: "وقال في طريق آخر: فإذا قال له يرحمك [الله] (3)، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم) (4).

__________

كتاب الأدب، باب إذا تثاءب فليدع يده على فيه: (الفتح. 10/ 611 ح: 6226).

هذه هي رواية حدث أبي هريرة التي ذكرها عبد الحق، وذكره ابن المواق تبعا.

وهذا الحديث رواه من نفس الطريق: البخاري كذلك في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، لكن بلفظ مختصر: (الفتح 6/ 336 ح: 3289).

وللبخاري رواية أخرى لهذا الحديث يرويه عن آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري به، وتتمة لفظ الرواية: (وأما التثاؤب فغنما هو من الشيطان، فليرده ما استطاع، فإذا قال هاء ضحك منه الشيطان).

كتاب الأدب، باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب: (الفتح. 10/ 607 ح: 6223).

ورواه من طريق سعيد المقبري به أبو داود: (كتاب الأدب، باب ما جاء في التثاؤب 5/ 287 ح: 5028)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (236 ويروي الترمذي هذا الحديث من طريقين: أحدهما عن ابن أبي عمر، عن سفيان، عن ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة: (كتاب الأدب، باب ما جاء إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب: 5/ 86 ح: 2746).

الثاني عن الحسين بن علي الخلال، عن يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة.

وعلق على هذا الطريق الثاني بقوله: (وهذا أصح من حديث ابن عجلان، وابن أبي ذئب أحفظ لحديث سعيد المقبري وأثبت من محمد بن عجلان. قال: سمعت أبا بكر العطار البصري يذكر عن علي بن المديني عن يحيى بن سعيد؛ وأثبت من محمد بن عجلان. قال: سمعت أبا بكر العطار البصري يذكر عن علي بن المديني عن يحيى بن سعيد، قال: محمد بن عجلان: "أحاديث سعيد المقبري روى بعضها سعيد بن أبي عروبة، وروى بعضها عن سعيد، عن رجل، عن أبي هريرة، واختلط علي فجعلتها عن سعيد، عن أبي هريرة").اهـ.

وبهذا يتبين أن المعتمد في رواية هذا الحديث أن سعيد المقبري؛ إنما يرويه عن أبيه عن أبي هريرة. جامع الترمذي (5/ 87 ح: 2747)، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، للمباركوفوري (8/ 17 ...)، الفتح 10/ 607.

ومن الذين رووا الحديث من طريق ابن عجلان (المرجوحة): الحميدي في مسنده (2/ 490 ح: 1159)، وابن حبان في صحيحه (الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 4/ 44 ح: 2352). والحديث رواه البيهقي كذلك من طريق سعيد المقبري عن أبيه: (السنن الكبرى، كتاب الصلاة، باب كراهية التثاؤب في الصلاة وغيرها (2/ 289).

(3) الإضافة من الأحكام وصحيح البخاري.

(4) هذه رواية أخرى لحديث أبي هريرة؛ رواها البخاري في كتاب الأدب، باب إذا عطس، كيف يشمت: الفتح 10/ 608 ح: 6224.

(1/351)

وقال النسائي: يغفر الله لنا ولكم)) (5).

هكذا أورد ق هذه الرواية -أعني ما نسبه إلى النسائي- كأنها عنده من حديث أبي هريرة، وليس كذلك، وإنما هي من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.

قال النسائي: (أنا أبو داود (6)؛ قال: نا يحيى بن حماد (7)؛ قال: نا أبو عوانة (8) عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (9)، عن أخيه

__________

(5) قول عبد الحق: (وقال النسائي يغفر الله لنا ولكم) عطفا على الروايتين السابقتين لحديث أبي هريرة؛ يوهم أن هذه الرواية من حديث أبي هريرة كذلك، بينما هي من حديث علي بن أبي طالب -وليست في طريق من طرق حديث أبي هريرة- وقد ساقها ابن المواق من كتاب: عمل اليوم والليلة (ص: 235 ح: 121).

أخرج هذا الحديث كذلك الترمذي، كتاب الأدب ما جاء كيف تشميت العاطس (5/ 83 ح: 2741).

وابن ماجة في كتاب الأدب، باب تشميت العاطس (2/ 1224 ح: 3715).

والحاكم في مستدركه، كتاب الأدب: 4/ 266.

وسند هذا الحديث رجاله ثقات، لكن ابن أبي ليلى -وهو محمد بن عبد الرحمن- سيئ الحفظ وقد كان يضطرب في إسناده؛ فتارة جعله من مسند علي، كما رواه عند يحيى القطان، وتارة يجعله من مسند أبي أيوب الأنصاري، رواه عنه كذلك شعبة.

فالحديث لهذا ضعيف.

انظر: جامع الترمذي (5/ 85)، عمل اليوم والليلة (ص: 235)، تلخيص الذهبي للمستدرك (4/ 266)، إرواء الغليل (2/ 345 ح: 780).

(6) أبو داود الحراني؛ اسمه: سليمان بن سيف بن يحيى بن درهم، الطائي، مولاهم، ثقة حافظ، من الحادية عشر، مات سنة اثنتين وسبعين ومائتين./ س.

- التقريب 1/ 326.

(7) يحيى بن حماد بن أبي زياد، الشيباني، مولاهم، البصري، ختن أبي عوانة، ثقة عابد، من صغار التاسعة، مات سنة خمس عشرة ومائة. / خ م خد ت سق.

- التقريب 2/ 346.

(8) أبو عوانة، مشهور بكنيته؛ واسمه: وضاح بن عبد الله اليشكري، الواسطي، البزار، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة خمس أو ست وسبعين ومائة. /ع.

- التقريب 2/ 331 - ت. التهذيب 11/ 103.

(9) محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، الكوفي، القاضي، أبو عبد الرحمن، صدوق، سيئ الحفظ جدا، من السابعة، مات سنة ثمان وأربعين مائة. / 4.

(1/352)

عيسى (10)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (11)، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله على كل حال، ويرد عليه، يرحمكم الله، ورد عليهم، يغفر الله لنا ولكم").

وذكر النسائي أيضًا من طريق هلال بن يساف (12)، عن سالم بن عبيد (13)،

__________

- التقريب 2/ 184.

(10) عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، الأنصاري، الكوفي، ثقة، من السادسة./4.

- التقريب 2/ 99.

(11) عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصارى، المدني، ثم الكوني، ثقة من الثانية، اختلف في سماعه من عمر، مات بوقعة الجماجم سنة ست وثمانين، وقيل غرق./ع.

- التقريب 1/ 496.

(12) هلال بن يساف -بكسر التحتانية ثم مهملة ثم فاء- ويقال ابن اساف، الأشجعي، مولاهم، الكوني، ثقة، من الثالثة./ خت م 4.

- التقريب 2/ 325.

(13) سالم بن عبيد الأشجعي، صحابي، من أهل الصفة./4.

- التقريب 1/ 280.

وحديث سالم بن عبيد رواه النسائي في عمل اليوم والليلة عن محمد بن قدامة، عن جرير، عن منصور، عن هلال بن يساف عنه. (ح: 225). وفيه: (وليرد عليهم: يغفر الله لنا ولكم).

كما رواه من طريق أبي أحمد عن سفيان، عن منصور به، وفيه: (وليقل يغفر الله لي ولكم): (ح: 227) وهي الرواية التي أشار إليها ابن المواق.

وله طريق آخر فيه: قاسم عن سفيان، عن منصور، عم هلال بن يساف، عن رجل، عن سالم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (ح: 228).

وله طريق آخر يروى فيه جرير عن سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن رجل، عن آخر. (ح: 229).

ورواه أبو داود من طريق جرير عن منصور عن هلال بت يساف عن سالم بن عبيد: (كتاب الأدب، باب ما جاء في تشميت العاطس (5/ 288 ح: 5031).

ومن نفس الطريق رواه الترمذي؛ وقال: (هذا حديث اختلفوا في روايته عن منصور، وقد أدخلوا بين هلال بن يساف وسالم رجلا). (جامع الترمذي 5/ 82 ح: 2740).

ورواه الحاكم من نفس الطريق معقبا عليه: (الوهم في رواية جرير هذه ظاهر؛ فإن هلال بن يساف لم يدرك سالم بن عبيد، ولم يره، وبينهما رجل مجهول): (المستدرك 4/ 267).

فالحديث ضعيف لجهالة الواسطة يحيى هلال بن يساف وسالم بن عبيد، أو لإنقطاعه.

(1/353)

عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال فيه: وليقل: يغفر الله لي ولكم.

وذكره من حديث ابن مسعود؛ ولفظه: يغفر الله لكم، ليس فيه (لنا) (14)، نص فيه لما رواه جعفر بن سليمان (15)، عن عطاء بن السائب (16)، عن أبي عبد الرحمن (17)، عن ابن مسعود.

قال النسائي: (وهذا حديث منكر لا أرى جعفر بن سليمان إلا سمعه من عطاء / 59. أ/ بن السائب بعد الإختلاط) (18).

قال م: وإنما لم نجعل هذين الحديثين مراد أبي محمد لأن هلال بن يساف لم يسمعه من سالم بن عبيد، بينهما رجل: تبين ذلك من رواية أخرى عند النسائي، وهذا الثاني ضعفه أبو عبد الرحمن، فلم نر أن نطوقه إخراج واحد منهما، وكأن حديث علي أولى أن يكون مراده، وإن كان من رواية من هو مذكور بسوء الحفظ؛ وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

ولما ذكر أبو عبد الرحمن النسائي هذا الحديث من طريقه قال: (محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ليس بالقوي في الحديث، سيء. الحفظ، وهو أحد

__________

انظر: تحفة الأشراف 3/ 252 ح: 3786 - إرواء الغليل ح: 780.

(14) وحدث ابن مسعود أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة. قال د/ فاروق حمادة معلقا عليه: (أخرجه الطبراني في الكبير، والحاكم، والبيهقي في "الشعب"، وهو عند ابن السني من طريق المصنف رقم 259 وأيد الحاكم في المستدرك وقفه على ابن مسعود؛ فقال عند روايته (3/ 266): هذا حديث لم يرفعه عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود غير عطاء بن السائب. ثم ساقه بأسانيد أخرى، وقال: هذا المحفوظ من كلام عبد الله، إذ لم يسنده من يعتمد روايته) اهـ.

هامش عمل اليوم والليلة ص: 240 ح: 224.

(15) جعفر بن سليمان الضبعي. تقدمت ترجمته.

(16) عطاء بن السائب، تقدمت ترجمته في ص: 68.

(17) أبو عبد الرحمن، عبد الله بن حبيب بن ربيعة -بالتصغير- السلمي، الكوفي، القري المشهور بكنيته، ولأبيه صحبة، ثقة ثبت، من الثانية، مات بعد السبعين./ ع.

- التقريب 1/ 408.

(18) عمل اليوم والليلة ص: 240 ح: 224.

(1/354)

الفقهاء). فاعلمه، وبالله التوفيق. اهـ

(168) وذكر (1) حديث ابن عباس، قال: أقبلت يهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا أبا القاسم، نسألك عن أشياء فإن أجبتنا فيها اتبعناك، الحديث بطوله، وفيه: فأنزل الله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} إلى آخر الآية، {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} - ذكر ق هذا الحديث في باب أوله حديث: مثل [المؤمن] (2) الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة، ريحها طيب، وطعمها طيب الحديث .. (3) - (4) بعد حديثين (5) أوردهما من طريق الترمذي، ثم قال:

"وعن ابن عباس؛ قال: أقبلت يهود الحديث .. ".

كأنه نقله من عند الترمذي بذلك النص، ولا أعلمه وقع في جامع الترمذي بكماله، وإنما ذكر الترمذي قطعة منه في تفسير سورة الرعد (6)، ووقع ذكره على الكمال في سنن [أبي] (7) عبد الرحمن النسائي في كتاب العشرة بكماله، حسبما أورده ق (8)، وسنذكر إسناده في الأغفال من باب الأحاديث .....

__________

(1) أي عبد الحق الاشبيلي في "الأحكام": 8 / ل: 77. أ ...)

(2) ما بين المعقوفتين أضيفت من جامع الترمذي.

(3) مثل المؤمن. الحديث، أخرجه الترمذي: كتاب الأمثال، باب ما جاء في مثل المؤمن القارئ للقرآن، وغير القارئ (5/ 150 ح: 2865).

(4) من قوله: (ذكر ق) إلى قوله (وطعمها طيب الحديث)، هذه جملة اعتراضية عند ابن المواق، لم يوردها إلا ليعرف بمكان الحديث في كتاب "الأحكام" عند عبد الحق الإشبيلي.

(5) الحديث الأول هو: (عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال اتقوا الحديث عني ما علمتم، فمن كذب علي متعمدا فلينبأ مقعد 5 من النار): "الأحكام" (8 / ل: - 76. ب ..)، وهو عند الترمذي في نفس الكتاب، باب ومن سورة فاتحة الكتاب (5/ 201 ح: 2953).

(6) نعم لم يذكر عند الترمذي بطوله، وإنما ورد عنده مختصرا، وقال عقبه: هذا حديث حسن غريب.

- جامع الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الرعد: (5/ 294 ح: 3117).

(7) ما بين المعقوفتين ليس في "البغية".

(8) نعم رواه النسائي- باللفظ الذي ساق الإشبيلي- وهذا نصه من كتاب السنن الكبرى:

(أخبرنا أحمد بن يحيى الصوفي، قال حدثنا أبو نعيم، قال حدثنا عبد الله بن الوليد، وكان يجالس الحسن بن حي، عن بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أقبلت يهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا أبا

(1/355)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

القاسم، نسألك عن أشياء فإن أجبتنا فيها اتبعناك وصدقناك، وآمنا بك.

فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه، إذ قالوا: "الله على ما نقول شهيد" [يوسف 66].

قالوا أخبرنا عن علامة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"تنام عيناه ولا ينام قلبه".

قالوا: وأخبرنا كيف تؤنث المرأة، وكيف يذكر الرجل؟ قال:

"يلتقى الماءان، فإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثا، وإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت".

قالوا صدقت.

قالوا: فأخبرنا عن الرعد مما هو؟ قال:

"ملك من الملائكة، موكل بالسحاب، معه مخاريق من نار، يسوق بها السحاب حيث شاء الله".

قالوا فما هذا الصوت الذي يُسمع؟ قال:

"زجره بالسحاب، إذا زجره، حتى ينتهي إلى حيث أمر".

قالوا: صدقت.

قالوا: أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه؟ قال:

"كان يسكن البدو فاشتكى عرق النسا، فلم يجد شيئا يلائمه إلا لحوم الابل وألبانها، فلذلك حرمها".

قالوا: صدقت.

قالوا أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة: فإنه ليس من نبي إلا يأتيه ملك من الملائكة، من عند ربه بالرسالة، فمن صاحبك؛ فإنما إنما بقيت هذه حتى نبايعك؟

قال: "هو جبريل".

قالوا: ذلك الذي ينزل بالحرب وبالقتل، ذاك عدونا من الملائكة، لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالقطر والرحمة تابعناك, فأنزل الله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} إلى آخر الآية: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة 97،98]. اهـ

- السنن الكبرى، كتاب عشرة النساء، باب كيف تؤنث المرأة وكيف يذكر الرجل؟ 5/ 336 ح: 9072. ورجال إسناد الحديث عند النسائي ثقات؛ فأحمد بن يحيى الأودي، الصوفي، ثقة [التقريب 1/ 28]. وأبو نعيم هو الحافظ الثقة الثبت الفضل بن دكين [التقريب 2/ 110]. وعبد الله بن الوليد بن مغفل العجلي، ثقة بالتقرب 1/ 459]. وبكير بن شهاب الكوفي، مقبول [التقريب 1/ 107]. وسعيد بن جبير، ثقة ثبت فقيه [التقريب 1/ 292].

ورواه أحمد من طريق عبد الله بن الوليد [الفتح الرباني 18/ 73] وهي طريق الترمذي.

وللحديث طريق ثانية عند أحمد: هاشم بن قاسم عن عبد الحميد، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، ومن هذا الطريق أخرجه ابن جرير وعبد الرحمن بن حميد في تفسيرهما، والطبراني في الكبير، والطيالسى. انظر: تفسير القرآن العطم، لإبن كثير: عند تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} [البقرة: 97]

(1/356)

المصححة بالسكوت عنها، وليست بصحيحة، إن شاء الله (9) اهـ.

(169) وذكر (1) من طريق البخاري في الرؤيا حديثين، ثم قال: "وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن صور صورة عذبه الله بها يوم القيامة حتى ينفخ فيها، وليس بنافخ، ومن تحلم كلف أن يعقد شعيرة، ومن استمع إلى حديث قوم يفرون به منه صبّ في أذنه الآنك يوم القيامة"".

ثم قال: "وفي طريق آخر: "ومن تحلم بحلم لم يره، كلف أن يعقد بين شعيرتين .. "".

قال م: هذا ما ذكره بنصه، ولا أعلمه وقع عند البخاري بهذا النص، وإنما الذي ذكره بنصه أبو داود؛ قال: (نا مسدد (2)؛ قال: نا حماد (3) قال: نا أيوب عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صور صورة عذبه

__________

ج 1/ 125 - مجمع الزوائد 8/ 241 .. - الفتح الرباني 18/ 75.

وقد ذكر الحديث الشيخ الألباني ضمن صحيح سنن الترمذي.

(9) لم يذكر الحديث في القسم الآتي من "البغية".

(1) ذكر عبد الحق الإشبيلي- في باب الرؤيا من "الأحكام" - من عند البخاري حديث أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول "من رآني في المنام فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا ينكونني"، أخرجه البخاري في كتاب التعبير، باب من رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - (الفتح 12/ 383 ح: 6997).

ثم عطف عليه حديث أبي هريرة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من رآني في المنام، فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي"، أخرجه البخاري في نفس الكتاب والباب (ح: 6993)، والحديثان في "الأحكام" (8 / ل: 93. ب).

وبعد ذكر هذين الحديثين؛ قال: وعن ابن عباس، فأورد كلامه أنه ساق الحديث من عند البخاري، وبالرجوع إلى صحيح البخاري نجد أن الصيغة الثانية التي قال فيها: (وفي طريق آخر: ومن تحلم بحلم ..) هى الواردة في الصحيح، أما الصيغة الأولى التي أوردها أولا، فلم تقع عند البخاري، وإنما وقعت- بالنص الذي ذكره عبد الحق- عند أبي داود، كما بين ذلك ابن المواق.

(2) عند أبي داود بزيادة: (وسليمان بن داود؛ قالا).

(3) حماد بن زيد بن درهم الأزدي، الجهضمي، أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت فقيه، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومائة. / ع.

- التقريب 1/ 197.

(1/357)

الله بها يوم القيامة حتى ينفخ فيها، وليس بنافخ، ومن تحلم (4) كلف أن يعقد شعيرة (5)، ومن استمع إلى حديث قوم يفرون به منه صب في أذنيه (6) الآنك (7) يوم القيامة) (8).

والذي عند البخاري ليس بهذا النص الذي ذكره ق، فإنه ذكر الحديث من رواية سفيان (9) عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم؛ وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنيه (10) الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها، وليس بنافخ" (11).

هذا لفظ البخاري فيه كما ترى على التقديم والتأخير في هذه الخصال المذكورة.

فما ذكره ق أولا هم عند البخاري آخرا.

وما ذكره ق آخرا هو عند البخاري ثانيا.

وما ذكره ق ثانيا هو عند البخاري أولا، إلى ما فيه من نقص في بعض

__________

(4) تحلم: تكذب لما لم يره في منامه.

(5) التكليف بعقد الشعيرة: هو تكليف بما لا يكون؛ ليطول عذابه في النار، لأن عقد ما بين طرفي الشعيرة غير ممكن.

(6) عند أبي داود: (أذنه).

(7) الآنك: الرصاص الأبيض، وقيل الأسود، وقيل الخالص.

- النهاية، لإبن الأثير 1/ 48.

(8) سنن أبي داود: كتاب الأدب، باب ما جاء في الرؤيا 5/ 285 ح: 5024.

(9) هو سفيان بن عيينة.

(10) في الصحيح: (أذنه).

(11) صحيح البخاري: كتاب التعبير، باب من كذب في حلمه: (الفتح 12/ 427 ح: 7042).

(1/358)

الألفاظ، وزيادة في بعضها، وشك في بعضها، (12) وهو عند أبي داود كما ذكر من غير خلاف أصلا، فهو مراده، والله أعلم. اهـ

(170) فصل فيما اشتركا فيه من الوهم اللاحق لهما، أو لأحدهما من هذا الباب؛ من ذلك أن أبا محمد ذكر (1) حديث قيس بن عاصم أنه أسلم فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر.

ثم قال: "وذكره الترمذي، وقال: حديث حسن (2).

__________

(12) في رواية أبي داود هذه الخصال الثلاث بأحكامها مرتبة حسب الآتي:

أ - من صور صورة ..

ب - من تحلم كُلف أن يعقد ..

جـ - من استمع إلى حديث قوم ..

أما ترتيبها في رواية البخاري، فهو على الشكل الآتي:

أ - من تحلم ..

ب - من استمع إلى حديث قوم ..

جـ - من صور صورة ..

وهذا الحديث أخرجه كذلك الترمذي مقتصرا فيه على ذكر خصلتي التصوير والاستماع. وقال: (حديث حسن صحيح).

والنسائي؛ وليس فيه عنده إلا ذكر خصلة التصوير.

الجامع: كتاب اللباس، باب ما جاء في المصورين: (4/ 231).

المجتبى: كتاب الزينة، باب ذكر مما يكلف أصحاب الصور يوم القيامة. (8/ 607 ح: 45374).

وابن ماجة، وليس عنده إلا ذكر خصلة: التحلم.

كتاب تعبير الرؤيا: باب من تحلم تحلما كاذبا: (2/ 1289 ح: 3916).

- وانظر تحفة الأشراف 5/ 108 ح: 5986.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام"، ولم أقف عليه فيه.

ظاهر كلام عبد الحق الإشبيلي من عطفه حديث "ألق عنك شعر الكفر" على الحديث الأول أن المخاطب به هو قيس بن عاصم، وإنه من مسنده عند الترمذي وأبي داود، وليس كذلك. وهذا تفصيل ذلك:

(2) الحديث الأول: حديث قيس بن عاصم أخرجه الترمذي؛ وهذا نصه منه:

(1/359)

وعند أبي داود. "ألق عنك شعر الكفر واختتن". يقول: احلق). وحديث داود منقطع الإسناد" (3).

__________

(حدثنا محمد بن بشار. حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. حدثنا سفيان بن الأغر بن الصباح، عن خلفة ابن حصين، عن قيس بن عاصم "أنه سلم فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر".

قال أبو عيسى: (هذا حدث حسن، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والعمل عليه عند أهل العلم).

كتاب الصلاة باب ما ذُكر في الإغتسال عندما يسلم الرجل: 2/ 502 ح: 605.

ورواه أبو داود عن محمد بن كثير العبدي عن سفيان الثوري، عن الأغر به:

كتاب الطهارة، باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل 1/ 251.

ورواه النسائي، عن عمرو بن علي، عن يحيى القطان عن سفيان به: كتاب الطهارة، باب ذكر ما يوجب الغسل وما لا يوجبه، غسل الكافر إذا أسلم: 2/ 109.

وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه من طريق سفيان الثوري المذكور.

باب استحباب غسل الكافر إذا أسلم بالماء والسدر: 1/ 126.

وأخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق سفيان كذلك:

الإحسان بترتيب أحاديث بن حبان، ذكر الإستحباب للكافر إذا أسلم أن كون اغتساله بماء وسدر (2/ 270 ح: 1237)، موارد الظمآن (ص: 82 ح: 234).

وأخرجه البيهقي في الكبرى، كتاب الطهارة، باب الكافر يسلم فيغتسل: 1/ 171 ... فالحديث صحيح.

ولهذا الحديث طريق معلة نبه عليها الحافظ ابن حجر؛ حيث قال: (أخرجه وكيع في مسنده عن سفيان؛ عن خلفة، عن أبيه، عن جده. ولكن قال أبو حاتم: إنه خطأ، ليس فيه: "عن أبيه". حكاه ابن أبي حاتم "في العلل" وهكذا رواه أبو خيثمة وغير واحد، عن وكيع). اهـ.

النكت الظراف (8/ 290)، علل الحديث، لإبن أبي حاتم (1/ 24).

(3) الكلام على الحديث الثاني: حديث (ألق عنك شعر الكفر ..):

تخريجه: رواه أبو داود والطبراني وابن عدي والبيهقي؛ كلهم من طريق ابن جريج؛ قال أخبرت عن عثيم بن كليب، عن جده. الحديث وليس فيه إلا قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ألق عنك شعر الكفر) فسره ابن جريج بقوله: احلق. والأمر بالإختتان- في رواية أبي داود - رواه ابن جريج كذلك عمن لم يسمه؛ حيث قال: (وأخبرني آخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لآخر معه: (ألق عنك شعر الكفر واختتن").

وعثيم بن كلب منسوب إلى جده؛ فهو عثيم بن كثير بن كليب.

روى عنه إبراهيم بن محمد الأنصاري -وهو ابن أبي يحيى- لكن لم يصغر الجد؛ فقال: (ابن كلاب)؛ ذكر ذلك وغيره الأمير ابن ماكولا في (الإكمال): 6/ 137 ..

وذكر عثيم هذا ابن حبان في (الثقات)، وقال: (روى ابن جريج عن رجل عنه): (7/ 303). وذهب ابن

(1/360)

قال م: انتهى ما ذكره ق بنصه، وليس يرتاب قارئ هذا الحديث من كتاب الأحكام في أن المقول له: (ألق عنك شعر الكفر واختتن) هو قيس بن عاصم، ولا في أن الحديث من روايته باللفظين، وليس كذلك. فإن راوي هذا اللفظ الأخير الذي أورده من طريق أبي داود إنما هو جد عثيم بن كليب، إلا ذكر الاختتان منه، فإنه في حديث آخر مرسل لا ذكر فيهما لقيس ابن عاصم.

وبيان ذلك بإيراد ما ذكر أبو داود في ذلك؛ قال أبو داود: (نا مخلد بن خالد (4)؛ قال: نا عبد الرزاق، قال: أنا ابن جريج؛ قال: أخبرت عن عثيم بن كليب، عن أبيه، عن جده؛ أنه جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألق عنك شعر الكفر"؛ يقول: احلق.

قال: وأخبرني آخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لآخر معه: "ألق عنك شعر الكفر

__________

عدي إلى أن الذي حدث ابن جريج هذا الحديث إنما هو: إبراهيم بن أبي يحيى.

وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى هذا نسبه إلى الوضع: مالك بن أنس ويحيى بن سعيد ويحيى بن معين.

ذكر ذلك ابن عدي في (الكامل): (1/ 217 ..). وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (1/ 42): متروك.

وابن القطان نقل عن عبد الحق أنه قال عن هذا الحديث: (إنه منقطع الإسناد).

ثم تعقبه بأنه لما لم يرد الحديث إلا بالإنقطاع فإن من سيظفر به ممن لا يرد الرسل سيحتج به غير متوقف: والحالة هذه أن في إسناده من الإنقطاع مجهولين؛ وهم عتيم وأبوه وجده. وقال عن هذا الإسناد: (وهو غاية في الضعف مع الإنقطاع).

- بيان الوهم والإيهام (1/ ل: 149. ب).

قلت: فالحديث ضعيف، ولم يتبين لي وجه تحسينه من طرف العلامة ناصر الدين الألباني، حفظه الله تعالى (صحيح سنن أبي داود ح: 343).

انظر: السنن الكبرى، للبيهقي (1/ 172)، الجوهر النقي (1/ 172)، التلخيص الحبير (4/ 82)، الفتح الرباني، للساعاتي (17/ 312 ..).

(4) مخلد بن خالد بن يزيد الشَّعيري -بفتح الشين- أبو محمد العسقلاني، نزيل طرسوس، ثقة، من العاشرة. / م د.

- التقريب 2/ 235.

(1/361)

واختتن"".

فهذا ما عند أبي داود في ذلك، فالأمر بحلق الشعر خاصة، يرويه ابن جريج عمن لم يسمه، عن عثيم بن كليب، عن أبيه عن جده. والأمر بالإختتان معه يرويه ابن جريج عن آخر لم يسمه أيضًا، كما رأيت. وما لقيس بن عاصم فى ذلك كله ذكر، وإنما حديث قيس بن عاصم ما ذكره ق أولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يغتسل بماء وسدر فحسب، وكذلك ذكره النسائي، وأبو داود، والترمذي.

قال م: فذكر ع حديث (ألق شعر الكفر واختتن) في باب المراسيل التي لم يعلها ق بغير الإرسال، وهي معتلة بغيره، ولم ينبه على ذلك، بل تكلم عليه بكلام لم ينقحه ولا تفهمه، فوهم فيه أيضا (5)، وسترى الكلام عليه حيث وقع له ذكره من الباب المذكور إن شاء الله تعالى. اهـ

__________

(5) لم يُذكر هذا الحديث في القسم الآتي، ولعل تعقيب ابن المواق على شيخه ابن القطان ينصب على المسائل التالية:

أنه وهم فجعل أبا داود يروي هذا الحديث عن (محمد بن مخلد)، وإنما يرويه عن (مخلد بن خالد) - هذا إذا لم يكن الوهم من الناسخ، وأنه في النسخة التي بين يدي خاصة من الوهم والإيهام -.

أن ابن القطان لما ذكر أن إسناد هذا الحديث غاية في الضعف مع الإنقطاع؛ قال:

(فليته بقى هكذا، بل فيه زيادة لا أقول أنها صحيحة، ولكنها محتملة؛ وهي أن من المحدثين من قال أن ابن جريج القائل الآن: أخبرت عن عثيم بن كليب، إنما رواه له عثيم بن كليب إبراهيم بن أبي يحيى، وهو من قد علم ضعفه، وأمور أخرى رُمي بها في دينه).

ظاهر كلام ابن القطان إنما سيذكره في توهين الحديث أعظم مما ذكر، بينما ما ذكره ليس فيه ذلك، وعليه فما المراد بقوله: (فليته بقى هكذا، بل فيه زيادة لا أقول إنها صحيحة، ولكنها محتملة)؟

ثم ذكر ابن القطان من حسن الرأي في إبراهيم بن أبي يحيى، فعد منهم: الشافعي وابن جريج. ثم قال:

- وقد روى ابن جريج أحاديث، قالوا إنه إنما أخذها عنه، فأسقطه وأرسلها؛ منها هذا الحديث، وممن قال ذلك فيه أبو أحمد بن عدي، وأبو بكر بن ثابت الخطيب في كتابه "تلخيص المتشابه" ... وعندي أن هذا لا يصح على ابن جريج، فإنه من أهل الدين والعلم، وإن كان يدلس فلا ينتهي في التدليس إلى مثل هذا الفعل القبيح، ولو قدرناه حسن الرأي في إبراهيم. والله أعلم). اهـ

والقول في هذا على ضربين:

إما أن يكون ابن جريج حسن الرأي بإبراهيم بن أبي يحيى -وهذا كما نص عليه ابن القطان أولا- فإن كان كذلك فلا كبير مؤاخذه عليه في ذلك.

وإن كان لا يحسن الظن فيه، فهذا فعل قبيح منه.

(1/362)

(171) وذكر (1) من طريق الترمذي حديث أبي هريرة في مخالفة الطريق

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في العيدين (3/ ل: 43. ب).

جاء في جامع الترمذي: (حدثنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى الكوفي، وأبو زرعة قالا: حدثنا محمد ابن الصلت عن فُليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عن أبي هريرة، قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره).

قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمر وأبي رافع.

قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة حدث حسن غريب.

وروى أبو تُمَيْلة وينس بن محمد هذا الحدث عن فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث، عن جابر ابن عبد الله.

بعد كلام له قال: (وحديث جابر كأنه أصح). اهـ

فالحديث الذي رواه الترمذي بسنده هو حديث أبي هريرة، وهو الذي جعله أصلًا في الباب، أما حديث جابر فإنما أورده في معرض الشاهد له، ولذا ذكره تعليقا: (وروى أبو تُمَيْلة ..)، وإن كان رجحه في الأخير على حديث أبي هريرة.

جامع الترمذي، أبواب الصلاة: باب ما جاء في خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريق ورجوعه من طريق آخر: (2/ 242 ح: 541).

أما البخاري فبعد تخريجه لحديث جابر قال ما نصه: (تابعه يونس بن محمد عن فليح، وحديث جابر أصح).

هكذا عند جمهور رواة البخاري من طريق الفربري، وهو مشكل؛ لأن قوله (أصح) يبهاين قوله (تابعه)؛ إذ لو تابعه لساوه فكيف تتجه الأصحية الدالة على عدم المساواة؟

وقد أطال الحافظ ابن حجر الكلام في فك هذا الأشكال، مستعينا بنسخ البخاري، والمستخرجات، والأطراف، وهذه بعض توجيهاته:

- ذكره أبو علي الجياني أنه سقط قوله: (وحديث جابر أصح) من رواية إبراهيم بن معقل النفسي عن البخاري، فلا إشكال فيها.

- وقع في رواية ابن السكن، (تابعه يونس بن محمد عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة). وفي هذا توجيه قوله (أصح) ويبقى الإشكال في قوله: (تابعه) فإنه لم يتابعه بل خالفه.

والتوجيه الذي اطمأن إليه الحافظ ابن حجر وصوبه هو الآتي: قال أبو نعيم في المستخرج:

(أخرجه البخاري عن محمد بن الصلت، عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة، وحديث جابر أصح). وبهذا جزم أبو مسعود الدمشقي في الأطراف، وكذا أشار إليه البرقاني، وقال البيهقي: إنه وقع في بعض النسخ وكأنها رواية حماد بن شاكر عن البخاري.

ومعناه أن أبا تميلة ويونس المتابع له خولفا في سند الحديث، وروايتهما أصح، ومخالفهما هو محمد بن الصلت، ورواه عن فليح شيخهما فخالفهما في صحابيه؛ فقال: عن أبي هريرة. فيكون معنى قوله: (وحديث جابر أصح) أي من حديث من قال فيه عن أبي هريرة.

كتاب العيدين: باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد: الفتح (2/ 473 .. ح: 986).

(1/363)

يوم العيد، ثم قال: "خرجه البخاري".

__________

وقد وصل الحانظ في (تغليق التعليق) متابعة يونس بن محمد بقوله:

(أما حديث يونس بن محمد، فقرأته على ابن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم، أخبركم أبو نصر بن الشيرازي، في كتابه، عن أبي القاسم بن الحافظ أبي الفرج بن الجوزي أن يحيى بن ثابت بن بندار، أخبره: أنا أبي، أنا الحافظ أبو بكر البرقاني، أنا الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في المستخرج، أخبرني الحسن بن سفيان، ثنا ابن أبي شيبة، ثنا يونس بن محمد ثنا فليح، عن سعيد بن الحارث، عن جابر، قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج إلى العيد رجع من غير الطريق الذي ذهب فيه).

كما وصل الحافظ كذلك حديث محمد بن الصلت الذي علقه البخاري بقوله:

(فأخبرنا به أحمد بن علي بن يحيى الهاشمي قراءة عليه بدمشق، عمرها الله تعال، أخبركم أحمد بن أبي طالب، أن عبد الله بن عمر بن التي، أخبره: أنا أبو الوقت، أنا أبو الحسن بن المظفر؛ أنا عبد الله أحمد بن أعين، أنا عيسى بن عمر السمرقندي، أنا عبد الله بن عبد الرحمن؛ أنا محمد بن الصلت، ثنا فليح، عن سعيد بن الحارث، عن أبي هريرة: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج إلى العيد رجع من طريق آخر).

تغليق التعليق: (2/ 382 ...).

ولأبي مسعود الدمشقي (في أطرافه) اعتراض آخر على كتابعة يونس بن محمد؛ نقله عنه الحافظ المزي- في تحفة الأشراف- وأقره عليه، قال أبو مسعود:

(إنما رواه يونس بن محمد، عن سعيد، عن أبي هريرة، وتولى دفع هذا الإعتراض الحافظ في (التغليق)؛ فقال: (وأما قول أبي مسعود في الأطراف: أن يونس بن محمد إنما رواه عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة، فإنه حصرٌ مردود برواية أبي بكر بن أبي شيبة. وكذا قوله: إن محمد بن حميد رواه عن أبي تميلة، عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة فلا حجة له فيه في رد رواية البخاري الأولى، فإنه حينئذ يحتمل أن يكون فليح سمعه من سعيد، عن جابر، وأبي هريرة، فكان تارة يحدث به عن هذا، وتارة عن هذا بدليل رواية يونس، وأبي تميلة له على الوجهين، وكلهم ثقات.

وممن أثبت أن الحديث عند أبي ثميلة، وينس، عن فليح، عن سعيد، عن جابر، كما ذكره البخاري -تلميذه- الترمذي، كما سأورده إن شاء الله). اهـ

وحديث أبي هريرة أخرجه كذلك:

الدارمي عن محمد بن الصلت، عن فليح، عن سعيد بن الحارث عنه:

أبواب العيدين، باب الرجوع من المصلى من غير الطريق الذي خرج منه: (1/ 378).

وابن حبان عن ابن خزيمة، عن علي بن معبد، عن يونس به. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، باب العيدين، ذكر ما يستحب للمرء أن يخالف الطريق من ذهابه إلى المصلى يوم العيد ورجوعه منه: (4/ 207 ح: 2804).

والحاكم من طريق يونس المذكورة، وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، ووافقه الذهبي في تلخيصه.

المستدرك: كتاب العيدين: (1/ 296).

(1/364)

قال م: فتابعه ع على ذلك فذكر الحديث في باب الأحاديث المصححة بالسكوت عنها، فقال: (وذكر حديث أبي هريرة في مخالفة الطريق يوم العيد من عند البخاري والترمذي) (2).

قال م: فوهما معا في ذلك، فإن البخاري إنما أخرجه من حديث جابر بن عبد الله، لا من حديث أبي هريرة.

قال البخاري: (حدثني محمد (3)، قال: أنا أبو تُمَيْلة -يحيى بن واضح- (4) عن فُليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث (5)، عن جابر؛ قال: "

__________

والبيهقي من طريق أبي تميلة، وينس بن محمد المؤدب، ومحمد بن الصلت، كلهم عن فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عنه.

فالحديثان صحيحان، وإن كان الحافظ -في الفتح- جعل حديث جابر من طريق البخاري فى القسم الثاني من أقسام الصحيح بسبب (فليح) الذي ضعفه ابن معين، والنسائي، وأبو داود، ووثقه آخرون.

وللحديثين شواهد من حديث ابن عمر وسعد القرط وأبي رافع وعثمان بن عبيد الله التيمي وغيرهم.

ووجه الإيراد عند ابن المواق: أن عبد الحق ذكر من طريق الترمذي حديث أبي هريرة فى مخالفة الطريق يوم العيد، ثم قال: (خرجه البخاري).

وبالرجوع إلى صحيح البخاري نجد أنه لم يخرج فيه إلا متن الحديث من مسند جابر بن عبد الله.

انظر: السنن الكبرى، والجوهر النقي، لإبن التركماني 3/ 308 (تحفة الأشراف)، و (النكت الظراف): ج 2/ 179 .. ح: 2254 وح: 9/ 466 ح: 12937 - هدي الساري ص: 353.

(2) بيان الوهم والإيهام (2 / ل: 29. ب).

(3) (محمد): كذا للأكثر غير منسوب، وفى رواية أبي علي بن السكن: حدثنا محمد بن سلام، وهو كذلك عند الحفصي، وبه جزم الكلاباذي وغيره. وفي نسخة من أطراف خلف وجد في الحاشية: أنه محمد بن مقاتل، وكذا هو في رواية أبي علي شبوية. والأول هو المعتمد.

ومحمد بن سلام بن الفرج، السلمي، مولاهم، البيكندي، أبو جعفر، اختلف في لام أبيه، والراجح التخفيف، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة سبع وعشرين. / خ.

- فتح الباري (2/ 473)، - التقريب (2/ 168).

(4) أبو تميلة -مصغرا- مشهور بكنيته، اسمه: يحيى بن واضح الأنصاري، ملاهم، المروزي، ثقة، من كبار التاسعة. / ع.

- التقريب 2/ 259.

(5) سعيد بن الحارث بن أبي سعيد المعلي، الأنصاري، المدني، ثقة، من الثالثة. / ع.

- التقريب 1/ 292.

(1/365)

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم العيد خالف الطريق").

قال البخاري: (تابعه يونس بن محمد عن فُليح، وحديث جابر أصح).

يعني من حديث أبي هريرة.

قال م: وقول البخاري -رَحِمَهُ اللهُ-: (وحديث جابر أصح) يوضح لك أنه لم يخرجه من حديث أبي هريرة، والله أعلم. اهـ

(172) وذكر (1) من طريق الترمذي عن أبي أمية الشعباني؛ قال: أتيت أبا

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي فى "الأحكام": (8/ ل: 26. ب).

جاء في جامع الترمذي: (حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني، حدثنا عمرو بن جارية اللخمي عن أبي أمية الشعباني؛ قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له: كيف تصنع بهذه الآية؟ قال أية آية؟ قلت: قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} قال: والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع العوام، فإن من ورائكم أياما؛ الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهم أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم".

قال عبد الله بن المبارك: وزادني غير عتبة، قيل يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم؟ قال "بل خمسين منكم".

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب).

كتاب تفسير القرآن؛ باب ومن سورة المائدة: (5/ 257 ح: 3058).

وبهذا يتبين أن هذه الزيادة التي ذكرها عبد الله بن المبارك في آخر الحديث لم يذكر فيها عمن رواها، فيحتمل أن يكون رواها من حديث أبي ثعلبة، وقد تكون من غيره، فتعقيب ابن المواق فى محله، ولما لم ينبه ابن القطان على ذلك اعتبره المصنف مشاركا لعبد الحق في هذا الوهم.

وأخرجه أبو داود، ولم يصرح بمن قال: (وزادني ..): كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي: (4/ 512 ح: 4341).

ورواه ابن ماجة؛ ولم يذكر تلك الزيادة أصلًا.

كتاب الفتن، باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}: (2/ 1330 ح: 4014).

ورواه ابن حبان؛ وقال فيه: (وزادني غيره ..) ثم قال أبو حاتم و (يشتبه أن يكون ابن المبارك هو الذي قال: وزادني غيره).

الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 1/ 301 ح: 386.

وكل من ذكر، ممن روى الحديث المذكور، رواه من طريق عتبة بن أبي حكيم به.

(1/366)

ثعلبة الخشني (2)؛ فقلت له: كيف تصنع في هذه الآية؟ قال: أية آية؟ قلت: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (3). الحديث ..

ثم قال: "وفي رواية قيل: "يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم"؟

__________

وابن القطان ذكر هذا الحديث في باب الأحاديث التي عللها عبد الحق، ولم يبين مواضع عللها؛ فكان منه أن قال:

(إن أبا أمية واسمه محمد شامي، لا تعرف حاله، ولا يعرف روى عنه غير عمرو بن جارية اللخمى، وعمرو بن جارية أيضًا لا تعرف حاله، ولا يعرف روى عنه غير عتبة بن أبي حكيم؛ وعتبة مختلف فيه؛ فابن معين يضعفه، وغيره يقول لا بأس به).

- بيان الوهم والإبهام (1/ ل: 281. ب).

قلت: والذي ذكرت كتب الجرح والتعديل أن أبا أمية الشعباني؛ اسمه يحيى وليس محمد، وحكى بعضهم بصيغة التضعيف أن اسمه: عبد الله بن أخامر. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حجر: مقبول. وذكر من الذين رووا عنه غير عمرو بن جارية: عبد الملك بن سفيان الثقفي، وعبد السلام ابن مكبلة.

- الجرح والتعديل 9/ 314 - الثقات 5/ 558 - التقريب 2/ 392 - ت. التهذيب 17/ 12.

وعمرو بن جارية اللخمي روى عنه غير عتبة بن أبي حكيم أمية بن هند، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حجر: مقبول./ عخ د ت ق.

- الجرح والتعديل 6/ 226 - التقريب 2/ 66 - ت. التهذيب 8/ 11.

أما عتبة بن أبي حكيم فقال ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين: ضعيف الحديث. وقال الآجري عن أبي داود: سألت يحيى بن معين عنه؛ والله الذي لا إله هو إنه لمنكر الحديث، وضعفه النسائي. وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به./ عخ 4.

فالحديث إسناده ضعيف.

وانظر كذلك: ضعيف سنن أبي داود، وضعيف سنن ابن ماجة (ح: 869)، والمشكاة (ح: 5144).

(2) أبو ثعلبة الخشني، صحابي مشهور بكنيته، اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، فقال الترمذي: (اسمه جرثوم، ويقال جرثم ...).

وقال النسائي جرثومة، وقيل جرهم .. وقيل غير ذلك. روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن معاذ بن جبل، وأبي عبيدة ابن الجراح. وعنه أبو إدريس الخولاني وسعيد بن المسيب، ومكحول وأبو قلابة، ولم يدركاه، توفى سنة خمس وسبعين./ ع.

- جامع الترمذي 4/ 64 - الإصابة 4/ 29 رقم: 177 - التقريب 2/ 404 - ت. التهذيب 12/ 52.

(3) سورة المائدة، الآية 105.

(1/367)

قال: "بل أجر خمسين منكم"".

هكذا ذكر هذه الرواية، كأنها من حديث أبي أمية، عن أبي ثعلبة، وفي ذلك نظر، فإن الواقع من ذلك في جامع أبي عيسى الترمذي هو أن قال: (نا سعيد بن يعقوب الطالقاني (4)، نا عبد الله بن المبارك، أنا عتبة بن أبي حكيم، نا عمرو بن جارية اللخمي، عن أبي أمية الشعباني؛ قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني؛ فذكر الحديث، ثم قال: قال عبد الله بن المبارك: وزادني غير عتبة: قيل يا رسول الله أجر خمسين منا أو منهم؟ الحديث ..

قال م: وهذه رواية ظاهرها الإرسال؛ إذ لا يسوغ لأحد أن يرويها بإسناد يصله إلى عبد الله بن المبارك؛ فيقول عنه عن رجل، عن عمرو بن جارية، عن أبي أمية، عن أبي ثعلبة، ولو فعل هذا فاعل عد متسامحا متساهلا في النقل بالظن، وذلك جرح في فاعله، إذ لعل ابن المبارك لم تكن عنده هذه الرواية متصلة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بل مرسلة، فلا يكون عن أبي ثعلبة، ولا عن أبي أمية، والله أعلم.

وقد ذكر ع هذا الحديث في باب ما أعله ق، ولم يبين علته لإتباع ق الحديث بقول الترمذي: (هذا حديث حسن غريب)، ولم ينبه على هذا القدر فيه، فشاركه ق في ذلك، وبالله التوفيق. اهـ

(173) فصل فيما انفرد به ع من الوهم اللاحق له من هذا الباب؛ من ذلك أنه ذكر (1) في باب الأحاديث المصححة بالسكوت عنها، وليست كذلك،

__________

(4) سعيد بن يعقوب الطالقاني، أبو بكر، ثقة صاحب حديث، قال ابن حبان ربما أخطأ، من العاشرة، مات سنة أربع وأربعين ومائتين. / د ت س.

- التقريب 1/ 309.

(1) ذكر ابن القطان من طريق النسائي حديث عبد الله بن السائب؛ قال: سمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في الركن اليماني والحجر: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} الآية [البقرة: 201]. ثم ذكر من طريقه أيضًا عن المهاجر المكي؛ قال سئل جابر عن الرجل يرى البيت، يرفع يديه. الحديث. ثم ذكر من طريقه أيضا حديث الباب.

وبهذا يتبين أن ابن القطان نسب حديث الباب إلى النسائي.

(1/368)

من طريق النسائي حديثين، ثم قال: "وذكر من طريقه أيضًا عن ابن عمر أنه

__________

وبالرجوع إلى كتابي النسائي -المجتبى، والسنن الكبرى- لا نجده فيهما، وحتى الحافظ المزي فى تحفة الأشراف (6/ 107 ح: 7727) لم يذكر من خرجه غير أبي داود؛ وهذا نصه من سننه:

(حدثا القعنبي، حدثنا عبد الله -يعني ابن عمر- عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يأتي بالجمار، في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر، ماشيا ذاهبا راجعا، ويخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك).

كتاب المناسك، باب رمي الجمار: (2/ 495 ح: 1969).

وهذا الحدث في إسناده عبد الله بن عمر بن حفص العمري، وقد تكلم ابن القطان في أحاديث أعلها بأنها من روايته، فذكر منها حديث ابن عمر فى سجود القرآن من طريق مسلم: (ربما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن بالسجدة فيسجد بنا الحديث.

قال ابن القطان: (وأتبعه [أي عبد الحق] أن قال: وقال أبو داود: "وكبر وسجد"، وسكت عن هذه الزيادة مصححا لها، وإنما هي عند أبي داود من رواية العمري). وساق ع الرواية بسندها من السنن، ثم أعقب ذلك بقوله:

"فهذا كما ترى إنما هو من رواية عبد الله بن عمر العمري. فإن قيل لعله تصحف عليه بأخيه عبيد الله بن عمر؛ فظنه إياه .. فالجواب أن تقول: راوي هذا الحديث عند أبي داود هو عبد الله بن مكبر .. وعلى ذلك أورده أبو محمد في كتابه الكبير بإسناده، وأتبعه ذكر اختلافهم في عبد الله بن عمر العمري، على نحو ما تقدم له إثر حديث: النساء شقائق الرجال - في احتلام المرأة فإنه قد ضعف ذلك الحديث من أجله، وذكر اختلاف المحدثين فيه.

وكذلك فعل أيضا فى حديث: "أول الوقت رضوان الله" فإن رده من أجله، وترك في الإسناد متروكا لا خلاف فيه، لم يعرض له، فكان ذلك عجبا من فعله.

وكذلك فعل أنها في حديث نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نكح العبد بغير إذن سيده فنكاحه باطل". فإنه أتبعه أن قال: فيه العمري؛ وهو ضعيف عند أهل الحديث.

وهذا الرأي الذي عمل في هذه الأحاديث؛ من تضعيفها من أجل العمري هو الاُقرب إلى الصواب، وأصوب منه أن يقال فيما: لا عيب له إلا العمري: إنه حسن، إنه رجل مختلف فيه فمن الناس من يوثقه ويثنى عليه، ومنهم من يضعفه، فأما سكوته عن هذا الحديث مصححًا له وهو من رواية العمري، فغير صواب.

وقد تكرر ذلك من عمله في أحاديث منها:

حديث يخطب، ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب، من عند أبي داود. حديث يأتي الجمار فى الأيام الثلاثة ماشيًا.

وحديث إقطاع الزبير حصر فرسه.

لم يتبين في هذه الثلاثة الأحاديث أنها من رواية العمري، وسكت عنها مصححا لها.

فأما حديث: (من زار قبري وجبت له شفاعتي). فإنه سكتت عنه، وهو فى إسناده العمري وموسى بن هلال، ولم يعرض لواحد منهما، ولكن لا أراه صححه، ولكن تسامح فيه؛ لأنه من رغائب الأعمال.

وحديث الأصلع يمر الموسى على رأسه ضعفه بعبد الكريم بن روح، ولم يعرض للعمري، وهو من روايته.

(1/369)

كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر ماشيا ذاهبًا وراجعا".

فوهم في ذلك؛ فإن ق لم يذكره من طريق النسائي؛ وإنما ذكره من طريق

أبي داود (2)، ثم إن الحديث لم يقع في سنن النسائي أصلًا، فاعلمه. اهـ

(174) وذكر (1) في باب ما أعله ق برجال وترك غيرهم حديث القضاء بمعاقد القمط من طريق البزار (2)، ثم قال بعد ذلك: (وذكر أيضًا من طريقه حديث العبد الذي خرج، فلقي رجلا فقطع يده، ثم لقي آخر فشجه)

__________

وحديث أن الغناء ينبت النفاق في القلب. ساقه من عند أبي أحمد، من طريق عبد الرحمن بن عبد الله العمري، فضعفه بعبد الرحمن، وأُعرض عن أبيه، إلا أنه بين فى ذكره إياه أنه من روايته. وقد قلنا إن الذي ينبغي أن يُقال به في أحاديث العمري أنها حسان، فأما تصحيحها فلا، والله الموفق) اهـ.

بيان الوهم والإيهام: (2/ ل: 30. أ .. وكذلك: (2/ ل: 40. أ).

والحديث رواه كذلك البيهقي في سننه الكبرى (3/ 131) من رواية العمري، وروى بعده حديثًا آخر. وقال: (فإن صح حديث العمري كان أولى بالإتباع).

والإمام ناصر الدين الألباني جعل حديث الباب من صحيح سنن أبي داود (1/ 370 ح: 1732)، وقد تتبعت أحاديث له لم يضعفها إلا بالعمري هذا (الضعيفة 2/ 270، 3/ 108)، ولم يتبين لي وجه تصحيحه.

والأرجح تحسينه، والله أعلم.

(2) انظر "الأحكام": كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ 78. أ).

(1) أي ابن القطان.

(2) حديث القضاء بمعاقد القمط ذكره عبد الحق من طريق البزار بن دهثم بن قران، عن نمران عن أبيه: جارية بن ظفر أن قوما اختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خص فبعث حذيفة بن اليمان ليقضي بينهم، فقضى به للذي يليه القمط، ثم قال: (دهثم بن قران متروك الحديث).

فتعقبه ابن القطان بأنه ترك بيان حال نمران بن جارية، فإنها لا تعرف، ولا يعرف أحد روى عنه غير دهثم. اهـ.

قلت: وهذا الحديث أخرجه كذلك ابن ماجة في سننه من نفس الطريق، وهو حديث ضعيف جدا. الخص: هو كوخ من قصب، يكون الناعم منه مع معاقد القمط؛ وهي الخيطان والشرط والليف واللحاء من جهة المالك، ويكون الخشن من الجهة الأخرى. وبذلك استدل على أنه المعتدى، لأنه وضع حاجته في الجهة الخشنة.

- بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أحاديث أعلها برجال وفيها من هو مثلهم أو أضعف أو مجهول لا يعرف: (1/ ب: 202. أ)، وسنن ابن ماجة، كتاب الأحكام، باب الرجلان يدعيان في خص (2/ 785 ح: 2343)، وتحفة الأشراف 2/ 407 ح: 3181، وضعيف سنن ابن ماجة (ص: 181 ح: 513).

(1/370)

الحديث .. (3)

هكذا ذكره موذنًا بأن ق خرجه من طريق البزار كالأول، وليس كذلك، وإنما ذكره ق من كتاب "المؤتلف والمختلف"، للدارقطني، فاعلمه. اهـ

(175) فصل لما فرغ ع من ذكر ما عثر عليه من مضمن هذا الباب؛ قال (1):

"واعلم أن هذا الذي نبهت عليه في هذا الباب من إيهام كون الحديث، أو الزيادة في حديث من رواية راو، وليس أو ليست من روايته، أو من كتاب، وليس منه، أو في قصة، وليس منها، قد يقع له عكسه -أعني أن يتوهم من ذكره الشيء من موضع عدمه في غيره- ولكن أقبح ما في هذا أن يكون ذلك من عمله، كما اتفق له في حديث سلمة بن الأكوع الطويل المتضمن بيعة الحديبية، وبيعة الشجرة، وغزوة ذي قَرَد، وخيبر، ومسابقة سلمة، وغير ذلك، فإنه ذكره من طريق مسلم (2)، فلما فرغ منه قال (3):

__________

(3) قال ابن القطان بعد ذكره للحديث السابق: (وذكر أيضًا من طريق [أي طريق البزار] حديث العبد الذي خرج ..).

- بيان الوهم والإيهام: (1/ ل: 202. أ).

وهو حديث إنما أخرجه عبد الحق من طريق الدارقطني في "المؤتلف والمختلف"، والوهم فيه من ابن القطان خاصة؛ ولهذا تعقبه ابن المواق لتصحيح هذا الوهم منه، وهذا نصه من الأحكام:

"وذكر الدارقطني من حديث دهثم بن قران اليمامي عن نمران بن جارية، عن أبيه أن عبدا مملوكا، خرج، فلقى رجلا فقطع يده، ثم لقى آخر فشجه، فاختصم مولى العبد والمقطوع والمشجوج إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبدأ المقطوع فتكلم، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - العبد فدفعه إلى المقطوع، ثم استعدى المشجوج، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من المقطوع فدفعه إلى المشجوج، فذهب المشجوج بالعبد، ورجع المقطوع لا شئ له. خرجه في المؤتلف والمختلف. ودهثم متروك". اهـ

- "الأحكام"، للأشبيلي: (7/ 9. أ) والحديث في: المؤتلف والمختلف: (1/ 435).

قلت: ولم أقف على من خرجه غير الدارقطني، والحديث ضعيف جدا كالحديث السابق.

(1) أي ابن القطان.

(2) صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير، باب غزوة ذي قرد وغيرها: (3/ 1433 ح: 1322).

(3) أي عبد الحق الإشبيلي في: ونهاية كلامه: (ملكت فاسجع) -وقد نقلها عنه ابن القطان للتعقيب عليه فيها-

(1/371)

(وعند البخاري (4) في هذا الحديث -ولم يذكره بكماله- قلت: يا نبي الله قد حميت القوم الماء وهم عطاش، فابعث إليهم الساعة. فقال: (يا ابن الأكوع ملكت فأسجح" (5).

قال ع: فهذا بلا ريب يوهم عدم هذا في كتاب مسلم، وهو عنده بنصه من رواية يزيد بن أبي عبيد (6) عن سلمة في طريق من طرق حديثه (7)، فاعلم ذلك" (8).

__________

"الأحكام": كتاب الجهاد، باب الوقت المستحب للقتال والصفوف والتعبئة (5 / ل: 13. أ. ب).

(4) عند البخاري في كتاب المغازي، غزو ذات القرد: (الفتح 7/ 406 ح: 4194).

(5) بيان الوهم والإيهام (1/ ل: 33. أ. ب).

(6) يزيد بن أبي عبيد الأسلمي، مولى سلمة بن الأكوع، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع وأربعين /ع.

- التقريب 2/ 368.

(7) صحيح مسلم: 3/ 1432 ح: 131.

(8) بيان الوهم والإيهام: (1/ ل: 33. ب).

ووجه إيراد الحديث أن يذكر حديثا من طريق، ثم يتوهم من ذكره له منها أنه غير موجود في غيرها، وتعقبه ابن المواق بأنه كان عليه أن يجعل هذا الحديث في باب إبعاد النجعة فهو أولى.

قلت: وهو الأصوب.

جاء في الأحكام الشرعية ما نصه:

مسلم عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدى منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم. فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كما بردت أعيدت له؛ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله؛ إما إلى الجنة، وإما إلى النار".

قيل: يا رسول الله، فالإبل؟

قال: "ولا صاحب إبل لا يؤدى منها حقها؛ ومن حقها حلبها يوم وردها، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت؛ لا يفقد منها فصيلًا واحدا؛ تطأه بأخفافها، وتعضه بأفواهها. كما مر عليه أولاها رد عليه آخرها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. حتى يقضى بين العباد؛ فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار".

قيل يا رسول الله, فالبقر والغنم؟

قال: "ولا صاحب بقر ولا غنم لايؤدى منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر، لا يفقد منها شيئًا؛ ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء تنطحه وتطؤه بقرونها وتطؤه بأظلافها؛ كلما مر عليه أولاها

(1/372)

قال م: هذا الذي ذكر ع ها هنا ليس موضعه، وإنما حقه أن يذكر في باب إبعاد النجعة، فهو به أولى من كل ما ذكر فيه، ومن ذلك فإنه لم يذكر منه إلا هذا الحديث الواحد، وقد أغفل أيضًا من هذا النوع ما يُنَبَّه عليه الآن.

__________

رد عليه آخرها؛ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. حتى يقضى بين العباد؛ فيرى سبيله؛ إما إلى الجنة، وإما إلى النار".

قيل يا رسول الله فالخيل؟

قال: "الخيل ثلاثة: هي لرجل وزر، وهي لرجل ستر، وهي لرجل أجر.

فأما التي هي له وزر؛ فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء على أهل الإسلام؛ فهي له وزر.

وأما التي هي له ستر؛ فرجل ربطها في سبيل الله؛ ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها؛ فهي له ستر. وأما التي له أجر؛ فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام؛ في مرج وروضة، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء، إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات، وكتب له عدد أرواثها، وأبوالها حسنات، ولا تقطع طولها فاستنت شرفا أو شرفين إلا كتب الله له، عدد أرواثها وأبوالها حسنات، ولا تقطع طولها فاستنت شرفا أو شرفين إلا كتب الله له عدد آثارها وأوراثها حسنات، ولا مر بها صاحبها على نهر فشربت منه، ولا يريد أن يسقيها، إلا كتب الله له عدد ما شربت حسنات".

قيل يا رسول الله، فالحمر؟

قال: "ما أنزل الله في الحمر علي من شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. [الزلزلة، الآية 8،7].

"الأحكام"، للأشبيلي: كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة: (4/ ل: 5. أ ...).

وهو عند مسلم من رواية سويد بن سعيد عن حفص بن ميسرة الصنعاني، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح ذكوان، عن أبي هريرة مرفرعا.

كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة: 2/ 680 ح: 24.

ذكر عبد الحق هذا الحديث ثم قال:

وفي طريق أخرى لمسلم: وأما الذي هي له ستر فالرجل يتخذها تكرما وتحملا، ولا ينسى حق الله فى ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها. [2/ 683 ح: 26].

وعن عبيد بن عمير؛ قال: قال رجل: يا رسول الله ما حق الأبل؟

قال: "حلبها على الماء وإعارة دلوها، وإعارة فحلها، ومنيحتها. وحمل عليها في سبيل الله".).

[وهي زيادة مرسلة وقعت في آخر حديث جابر بن عبد الله المتصل؛ عند مسلم 2/ 685 ح: 27].

ثم علق عليه بأنه ورد كذلك عند مسلم مرسلا إلا ذكر الحلب فإنه أسنده من حديث أبي هريرة، وأسنده كله من حديث جابر أبو بكر البزار. هكذا ذكر، فتعقبه ابن المواق بأنه أبعد فيه النجعة؛ لأن مسلما رواه مسندا من حديث جابر.

(1/373)

(176) من ذلك أن أبا محمد ذكر من طريق مسلم حديث أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها). الحديث بطوله.

ثم قال: (وعن عبيد بن عمير (1)؛ قال: قال رجل يا رسول الله, ما حق الإبل؟

قال: (حلبها على الماء، وإعارة دلوها، وإعارة فحلها، ومنيحتها، وحمل عليها في سبيل الله).

ثم قال ق: (هكذا ذكره مسلم مرسلًا إلا ذكر الحلب فإنه أسنده من حديث أبي هريرة، وأسنده كله أبوبكر البزار من حديث عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

__________

وهذا نص الحديث بتمامه، من صحيح مسلم:

(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا عبد الملك عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم، لا يؤدي حقها، إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر: تطؤه ذات الظلف بظلفها، وتنطحه ذات القرن بقرنها، ليس فيها يؤمئذ جماء، ولا مكسورة القرن".

قلنا يا رسول الله، وما حقها؟ قال: إطراق فحلها، وإعارة دولها، ومنيحتها، وحلبها على الماء. وحمل عليها في سبيل الله. ولا من صاحب مال لا يؤدى زكاته إلا تحول يوم القيامة شجاعا أقرع يتبع صاحبه حيثما ذهب، وهو يفر منه، ويقال: هذا مالك الذي كنت تبخل به، فإذا رأى أنه لابد منه، أدخل يده في فيه، فجعل يقضمها كما يقضم الفحل").

- مسلم: 2/ 685 ح: 28.

اللغة:

العقصاء: ملتوية القرنين، والجلحاء التي لا قرن لها، والعضباء التي انكسر قرنها الداخل.

نواء: مناوءة ومعاداة.

طولها: حبلها الطويل.

فاستنت شرفا أو شرفين: جرت وعدت في العالي في الأرض.

(1) عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، أبو عاصم المكي، ولد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، قاله مسلم، وعده غيره في كبار التابعين، وكان قاص أهل مكة، مجمع على ثقته، مات قبل ابن عمر. /ع.

- التقريب 1/ 544 - ت. التهذيب 7/ 65.

(1/374)

قال م: فأبعد ق النجعة ما شاء، فكان كما قيل: يشكو من الظمإ والماء في لهواته.

فإنه أغفل الحديث عند مسلم من طريق عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر الخمس خصال التي في مرسل عبيد بن عمير، فإن مسلمًا، -رَحِمَهُ اللهُ-، ذكره إثر المرسل المذكور؛ وفيه: قلنا يا رسول الله, وما حقها؟ قال: إطراق فحلها، وإعارة دلوها ومنيحتها، وحلبها على الماء، وحمل عليها في سبيل الله، وسنذكر الخبر بإسناده في باب إبعاد النجعة، فهو أولى به إن شاء الله (2). اهـ

(177) وذكر (1) من طريقه أيضًا حديث أنس في قصة صفية بنت

__________

(2) لم يذكر في القسم الآتي من البغية.

(1) ذكر عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام" ما نصه:

(وعن أنس بن مالك، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا خبير، قال: فصلينا عندها صلاة الغذاة بغلس، فركب نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في زقاق خبير، وإن ركبتى لتمس فخذ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وانحسر الأزار عن فخذ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما دخل القرية قال: "الله اكبر خربت خبير، إنا إذا نزلنا بساحة فساء صباح المنذرين"؛ قالها ثلاث مرات؛ قال: وقد خرج القوم إلى أعمالهم، فقالوا: محمد، والله. قال عبد العزيز: وقال بعض أصحابنا: محمد، والخميس.

قال: وأصبناهم عنوة، وجمع السبي فجاء دحية فقال: أعطني جارية من السبي؛ فقال: "اذهب فخذ جارية" فأخذ صفية بت حيي، فجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال يا نبي الله، أعطيت دحية صفية بنت حيي، سيدة قريظة والنضير؟ ما تصلح هذه إلا لك؛ قال: "ادعوه بها" قال: فجاء بها، فلما نظر إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خذ جارية من السبي غيرها"؛ قال: وأعتقها وتزوجها.

فقال له ثابت: يا أبا حمزة، ما أصدقها؟ قال: نفسها؛ أعتقها وتزوجها، حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم، فأهدتها له من الليل، فأصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - عروسا؛ فقال: "من كان عنده شيء فليجئ به" قال: وبسط نطعًا؛ قال: فجعل الرجل يجئ بالأقط، وجعل الرجل يجئ بالتمر، وجعل الرجل يجئ بالسمن، فحاسوا حيسا، فكانت وليمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". اهـ.

- "الأحكام": باب في الرجل يعتق الأمة ويتزوجها، (5/ ل: 60. أ).

والحديث أخرجه مسلم: كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاق أمة ثم يتزوجها: (2/ 1043 ح: 84).

وعند مسلم صفية بت حيي، سيد قريظة والنضير.

وطريق مسلم هذا ثبت فيه: (محمد، والخميس) غير أن هذه الزيادة في حكم المنقطع، لأن عبد العزيز لم

(1/375)

حيي الحديث بطوله. ثم قال:

(وفي طريق أخرى: فقالوا: محمد، والخميس. وفيها: وقال الناس: لا ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد؟ فلما أراد أن يركب قالوا: إن حجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد. فلما أراد أن يركب حجبها، وذكر الحديث.

وفي أخرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتراها بسبعة أرؤس).

قال م: هذا ما ذكر ق بنصه، فاعلم أن ما ذكره في هذه الرواية الثالثة مذكور عند مسلم في الرواية التي ذكرها ق ثانية ليس في غيرها، هكذا متصلًا؛ فقالوا: محمد، والخميس؛ قال: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خربت

__________

يصرح بمن حدثه بها.

وقد وردت هذه الزيادة مسندة عند مسلم في رواية أخرى، وفي نفس الرواية: (وقال الناس: لا ندري أتزوجها أم أتخذها أم ولد).

وفيه كذلك: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتراها بسبعة أرؤس).

وقد وهم عبد الحق فجعل هاتين الروايتين روايات ثلاث؛ حيث فرق بين (محمد والخميس) .. وقال الناس: لا ندري ..) وبين (وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتراها بسبعة أرؤس)، فجعل كل واحدة في رواية.

انظر هذه الرواية عند مسلم. 2/ 1045 ح: 87.

وأخرج هذا الحديث البخاري في عدة مواضع من صحيحه؛ منها كتاب الصلاة، باب يذكر في الفخذ: (الفتح: (1/ 479 ح: 371)، ولفظهما واحد فيه (سيدة قريظة والنضير) كما في (الأحكام).

وأخرجه أبو داود مختصرا، ولم يذكر فيه قصة صفية بنت حي.

"وأخرجه النسائي في الكبرى؛ في كتابي الوليمة والتفسير.

اللغة:

الأقط: لبن مجفف يابس مستحجر، يطبخ به.

فحاسوا حيسا: الحيس تمر ينزع نواه ويدق مع أقط ويعجنان، وحاسرا بمعنى خلطوا.

وقد يظهر نوع من التنافي بين رواية مسلم الأولى؛ التي ذكر فيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لذلك الرجل: "خذ جارية من السبي غيرها"، وبين الرواية الثانية التي فيها التصريح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترها بسبعة أرؤس. وقد بين الحافظ ابن حجر وجه الجمع بين الروايتين بقوله: (وليس في قوله "سبعة أرؤس") ما ينافي قوله هنا: "خذ جارية"، إذ ليس هنا دلالة على نفي الزيادة).

الفتح 1/ 481.

(1/376)

خيبر, إنا إذا نزلنا بساحة فساء صباح المنذرين). قال: وهزمهم الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ووقعت في سهم دحية جارية جميلة، فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعة أرؤس الحديث .. هذا نص الرواية عند مسلم. اهـ

(178) وذكر (1) من طريق سعيد بن منصور بإسناده عن

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام"، باب اللقطة والضوال: (6 / ل: 44. ب).

روى سعيد من منصور عن حماد بن زيد، عن محمد بن الزبير الحنظلي، عن أبيه، عن عمران بن حصين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين).

وليس في القسم المطبوع من سنن سعيد بن منصور هذا الحديث؛ فلعله يقع في القسم المفقود منها.

ومن طريق حماد هاته رواه النسائي في سننه: كتاب الإيمان، باب كفارة النذر: (7/ 36 ح: 3853)، والطحاوي في مشكل الآثار (3/ 42)، الخطيب في تاريخ بغداد (13/ 56)، والبيهقي في الكبرى (10/ 70). وتابعه جرير بن حازم كما عند الطحاوي (3/ 42)، وابن عدي في الكامل (6/ 203).

وتابع حمادا كذلك.

يحيى بن أبي كثير عند النسائي (7/ 35 ح: 3851) وعبد الوارث عند الطيالسي (ح: 839) وعباد بن العوام عند الطحاوي (3/ 43).

وخالف طريق حماد بن زيد آخرون فرووه عن محمد بن الزبير، عن أبيه عن رجل، عن عمران؛ وهؤلاء هم: عبد الوهاب بن عطاء، كما عند أحمد في مسنده (4/ 440)، والطحاوي في مشكل الآثار (3/ 43)، والحاكم في مستدركه (4/ 305).

وابن إسحاق، كما عند النسائي في المجتبى (4/ 36 ح: 3854)، وابن عدي في الكامل (6/ 203).

وإسماعيل بن إبراهيم، عند أحمد (4/ 440).

وعبد الوارث بن سعيد، عن البيهقي الكبرى (10/ 70).

وخالد بن عبد الله كما في مشكل الآثار (3/ 43).

وخالف الطريقين المتقدمين آخرون؛ فرووه عن محمد بن الزبير عن الحسن، عن عمران؛ منهم: سفيان الثوري، كما عند أحمد في مسنده (4/ 443)، والنسائي في المجتبى (7/ 36 ح: 3856)، والحاكم في المستدرك (4/ 305)، والبيهقي في الكبرى (10/ 70)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 97).

وأبو بكر النهشلي، كما عند النسائي (7/ 37 ح: 3857)، وابن عدي في الكامل (6/ 203).

وخالف الطرق المتقدمة كلها يحيى بن أبي كثير؛ فرواه عن رجل من بنى حنظة، عن أبيه، عن عمران ابن حصين؛ رواه عنه كذلك الأوزاعي. كما عند ابن عدي في الكامل (6/ 203) والبيهقي في الكبرى (10/ 70).

ورواه معمر بن يحيىى بن أبي كثير، لكنه قال: حدثني رجل من بني حنيفة، عن عمران. وهذا كما عند عبد الرازق في مصنفه (8/ 434 ح: 15815)، والحاكم في مستدركه (4/ 305).

لكن قال الحاكم: (الرجل الذي لم يسمع معمر عن يحيى هو محمد بن الزبير بلا شك؛ فإنه أراد أن يقول: من بني حنظة، فقال: من بني حنيفة). اهـ

(1/377)

عمران بن حصين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا نذر في غضب)، ثم تكلم على إسناده، ثم قال:

"وذكر يحيى بن أبي كثير عن رجل من بني حنيفة، وعن أبي سلمة (*)؛

__________

وبهذا يتبين أن هذا الحديث يدور على محمد بن الزبير الحنظلي، البصري، وهو متروك، كما قال الحافظ في التقريب (2/ 161).

ثم إن الزبير الحنظلي لم يسمع من عمران. روى البيهقي بسنده إلى يحيى بن معين: (قيل لمحمد بن الزبير الحنظلي: سمع أبوك من عمران بن حصين؟ قال: لا).

وقال ابن المديني: (لم يصح عن الحسن بن عمران بن حصين - رضي الله عنه - سماع من وجه صحيح مثبت). أما رواية معمر؛ فهي معضلة كما صرح بذلك الحاكم.

قلت: وهذا الحديث مضطرب كذلك في متنه، ففي بعض رواياته: (لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين)، وفي أخرى: (لا نذر في غضب ولا نذر في غضب ولا معصية ..) وفي أخرى (في معصية الله -عَزَّ وَجَلَّ-) دون ذكر الغضب، وفي أخرى: (النذر نوعان؛ فما كان من كان من نذر في طاعة الله، فذلك لله، وفيه الوفاء وما كان من نذر في معصية الله فذلك للشيطان، ولا وفاء فيه، ويكفره ما يكفر اليمين).

فالحديث ضعيف جدا.

وانظر: إروا الغليل 8/ 211 ح: 2587 - ضعيف سنن النسائي ح: 248.

ولفظ: (لا نذر في معصية) ثابت في حديث آخر لعمران بن حصين، من وجه صحيح، وهو جزء من حديث طويل فيه قصة ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (العضباء) والمرأة التي نذرت أن تنحرها، إن نجاها الله عليها. فلما نجاها الله، وبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: (سبحان الله, بئس ما جزتها؛ نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها، لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد).

هذا لفظ رواية زهير بن حرب عند مسلم.

وقال مسلم: (وفي رواكة ابن حجر [السعدي]: "لا نذر في معصية الله").

(3/ 1262 ح: 8).

وقد أخرجه بهذه القصة:

سعيد بن منصور في سننه (ح: 2967)، وابن الجارود في المنتقى (ح: 933)، والحميدي في مسنده (2/ 365 ح: 829)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان، لإبن بلبان 6/ 288 ح: 4376)، والبيهقي في الكبرى (9/ 109).

(*) أبو سلمة؛ هو: عبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزومي، أخو النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة، وابن عمته برة بنت عبد المطلب، شهد بدرا، ومات في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة أربع بعد أحد، فتزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده زوجته أم سلمة. ت سي ق.

الإصابة 4/ 93 ترجمة رقم 559 - التقريب 1/ 427.

(1/378)

كلاهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا نذر في غضب ولا [في] (2) معصية الله وكفارته كفارة يمين" (3)، ثم قال: (هذا مرسل ومنقطع ذكره عبد الرزاق) (4).

قال م: هكذا ذكره هذا، فاعلم أنه ترك في مصنف سعيد بن منصور في متن الحديث الذي أورد منه مما تكلف إيراده من مصنف عبد الرزاق، وهو قوله: (كفارته كفارة يمين) مصرحًا فيه بعد قوله: (لا نذر في غضب). وأتى به ق محتملا بحيث يمكن رجوع العائد فيه على المعصية. اهـ

(179) وذكر (1) ما هذا نصه:

__________

(2) [فى] أضيفت من المصنف لعبد الرازق.

(3) "الأحكام": (6/ ل: 44. ب).

(4) "نفس المصدر".

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الأشربة (7/ 72. أ).

ذكره ابن حزم في كتاب الأشربة رد الأحاديث التي تعلق بها من قال بتخصيص عصير العنب بالتحريم، ومنها: حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال:

(وفيه: "فانتبذوا فيها -يعني الظروف- فإن الظروف لا تحل شيئا ولا تحرم ولا تسكروا". وأن عمر قال له: يا رسول الله ما قولك: كل مسكر حرام؟ قال: "اشرب فإذا خفت فدع").

وبعد كلام له -أي لإبن حزم- قال:

(أما خبر ابن عباس؛ فإنه من طريق المشمعل بن ملحان، وهو مجهول عن النضر بن عبد الرحمن، خزار، بصري، يكنى أبا عمر منكر الحديث، ضعفه البخاري وغيره، وقال فيه ابن معين: لا تحل الرواية عنه).

- المحلى: كتاب الأشربة وما يحل منها وما يحرم: المسألة 1098.

وأخرج ابن عدي هذا الحديث في (الكامل)؛ وهذا نصه منه:

(ثنا ابن ناجية، ثنا مهدي بن مهران الجرجاني، ثنا المشمعل بن ملحان عن النضر بن عبد الرحمن، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن كنت نهيتكم عام أول عن هذه الأوعية أن تنتبذوا فيها، ولا تسكروا". قال عمر: يا رسول الله ما قولك: لا تسكروا؟ قال: "يا عمر اشرب فإذا خشيت فدع").

قال ابن عدي:

(وهذا منكر المتن؛ يرويه المشمعل هذا عن النضر.

الكامل 7/ 20: ترجمة النضر بن عبد الرحمن: [1960].

فتبين من ذلك أن عبد الحق لم ينقل تمام الحديث من المحلى، فظن أن قول عمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما بعده لم

(1/379)

"وروى المشمعل (2) بن ملحان (3)، عن النضر بن عبد الرحمن (4) -وهو ضعيف؛ ضعفه أبو حاتم، وأبو زرعة، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والبخاري- عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: (انتبذوا فيها -يعني في الظروف- فإن الظروف لا تحل شيئا، ولا تحرم، ولا تسكروا)، ذكره أبو محمد، وزاد فيه أبو أحمد بن عدي: "قال عمر: يا رسول الله, ما قولك: لا تسكروا؟ ". قال: "يا عمر اشرب فإذا خشيت فدع". رواه من حديث مشمعل عن النضر، وفي باب النضر ذكره".

قال م: وهذا أيضًا كذلك يوهم أن قول عمر لم يقع عند أبي محمد بن حزم؛ ولذلك جلبه من عند غيره، وليس كذلك؛ فإنه مذكور عند ابن حزم كذلك متصلا بقوله: ولا تسكروا، وأن عمر قال له: يا رسول الله, ما قولك: كل مسكر حرام؟ قال: "اشرب فإذا خفت فدع". اهـ

__________

يذكره ابن حزم، فجاء بما اعتبره زيادة على الرواية المتقدمة من عند ابن عدي.

ولذلك فتعقب ابن المواق على عبد الحق في محله.

(2) المشمعل بن ملحان الطائي، الضبي، الكوفي، نزل بغداد، لم يصفه أحد بالجهالة غير ابن حزم، روى عباس بن محمد عن يحيى بن معين أنه قال: (والمشعل بن ملحان صالح الحديث). وقال أبو الحسن الدارقطني: بغدادى ضعيف. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ في التقريب: صدوق يخطئ.

- تاريخ بغداد 13/ 251 - التقريب 2/ 250 - ت. التهذيب. 10/ 142.

(3) أثبت هنا في البغية: (وهو ضعيف)، وليست في "الأحكام"، فلعله وهم من الناسخ.

(4) النضر بن عبد الرحمن، أبو عمر، الخزاز، من أهل الكوفة، يروي عن عكرمة. قال البخاري في الضعفاء والمتروكين: (متروك الحديث). وقال ابن حبان في المجروحين: (كان بن يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الإثبات، فلما كثر ذلك في روايته بطل الإحتجاج به). وسأل عبد الله والده أحمد ابن حنبل عنه. فقال: (ليس بشيء، ضعيف الحدث). وقال أبو حاتم: (منكر الحديث، ضعيف الحديث). وقال يحيى بن معين: لا يحل لأحمد أن يروي عنه، وقال أبو زرعة، كوفي، لين الحديث.

- التاريخ الكبير 8/ 91 - سؤالات ابن الجنيد ليحيى بن معين ص: 62 - الجرح والتعديل 8/ 475.

قلت: فالحدث ضعيف جدا.

(1/380)

(180) وذكر (1) من طريق الدارقطني عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (4 / ل: 72 ب ..).

أخرج الدارقطني من طريق ابن عمر حديث من أهدى بدنة .. من طريقين:

الأولى من روايته عن القاضي الحسين بن إسماعيل المحاملي عن عبد الله بن شبيب، عن عبد الجبار، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزبير، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ومتنه من هذا الطريق: (من أهدى تطوعا ثم ضلت، فليس عليه البدل إلا أن يشاء، وإن كانت نذرا فعليه البدل).

الطريق الثاني: يرويه عن أبي هريرة، محمد بن علي بن حمزة عن أحمد بن عبد الرحيم، عن محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، عن عبد الله بن عامر، عن نافع عن ابن عمر مرفوعا كذلك.

ولفظه نحو الرواية المتقدمة إلا أنه قال (ثم عطيت) بدل (ثم ضلت).

سنن الدارقطني، كتاب الحج، باب المواقيت: 2/ 242 ح: 30 وح: 31.

ومن طريق الأوزاعي عن عبد الله بن عامر رواه المعافي بن عمران، وبشر بن بكر عند البيهقي في الكبرى (5/ 244)، والعباس بن مزيد البيروني عند الحاكم (المستدرك 1/ 447).

ورواه موسى بن أعين، عن الأوزاعي، عن عبد الله بن عباس، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا، عند الحافظ تمام ابن محمد في "فوائده": (نصب الراية 3/ 166).

وقد روى البيهقي متن الحديث من طريق مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر موقوفا، وقال عقبه:

(هذا هو الصحيح موقوف، وكذلك رواه شعيب بن أبي حمزة عن نافع) ولما روى الحديث من طريق عبد الله بن عامر قال: (وعبد الله بن عامر يليق به رفع الموقوفات).

ولما ذكر ابن القطان هذا الحديث- من الطريق الثاني- أعله بمحمد بن مصعب القرقاسي مشيرا إلى أن عبد الحق تولى تضعيفه، ثم قال: (وأبو زيد أحمد بن عبد الرحيم لا تعرف حاله.

ثم نقل عن عبد الحق تعليله للحديث من الطريق الأول بقوله:

(ويروى من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، يسنده إلى ابن عمر، ولا يصح أيضا، لم يزد على هذا .. وبقى عليه أن يبين أنه من رواية عبد الله بن شبيب عن عبد الجبار بن سعيد، عن ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزبير، عن ابن عمر؛ فأبو الزبير مدلس، وعبد الجبار هو المساحقي، ولا تعرف حاله. وعبد الله ابن شبيب هو الإخباري، أبو سعيد الربعي المكي تركه ابن خزيمة، وقال الرازي: عبد الله بن شبيب يحل ضرب عنقه، وقال غيره: هو ذاهب الحديث) اهـ.

- بيان الوهم والإيهام: (1/ ل: 165. ب ...).

وقد تنبه ابن المواق إلى موضعين اثنين لم يستدركهما ابن القطان على مؤلف كتاب (الأحكام)؛ وهما: الأول: في قول عبد الحق: (وهذا يرويه عبد الله بن عامر الأسلمي) -بعد ذكره للروايتين- فهو موهم أنه أراد بذلك الروايتين معا -الأولى والثانية- بينما لا يرويه الدارقطني من هذا الطريق إلا في الرواية الثانية. الثاني: قول عبد الحق: (وقد روي أنها من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد). موهم أن المتقدم ليس من روايته، بينما الرواية الأولى من طريقه.

(1/381)

(من أهدى تطوعا، ثم ضلت فليس عليه البدل، إلا أن يشاء، فإن كان نذرا فعليه البدل).

ثم قال:

"وفي رواية: ثم "عطبت"، قال: "وهذا يرويه عبد الله بن عامر الأسلمي المدني، وقد ضعفه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وأبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهم.

وقد روي أيضًا من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد بسنده إلى ابن عمر، ولا يصح أيضًا" (2).

هكذا ذكره موهما أن الرواية الأولى ليست من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهي رواية ابن أبي الزناد.

وقوله أيضًا: (وهذا يرويه عبد الله بن عامر)، موهم أنه أراد بذلك الرواية الأولى والثانية، وإلا فتبقى الأولى غير متعرض لها بتعليل، وليست الأولى من رواية عبد الله بن عامر، وإنما هي من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد، وتبين ذلك بإيراد الحديث من عند الدارقطني؛ قال: (نا القاضي المحاملي (3)، نا عبد الله بن شبيب (4)، نا عبد الجبار بن سعيد (5)، نا، ابن أبي الزناد عن

__________

قلت: والحديث ضعيف جدا لما تقدم.

وانظر كذلك: تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني، للحافظ الغساني ص: 261 - نصب الراية 3/ 166 - التعليق المغني على الدارقطني، للآبادي 2/ 242.

(2) "الأحكام": (4 / ل: 72. ب ..).

(3) هو الحسين بن إسماعيل، القاضي المحاملي، تقدمت ترجمته.

(4) عبد الله بن شبيب، انظر ترجمته كذلك في تاريخ بغداد 9/ 474 الميزان 2/ 438.

(5) عبد الجبار بن سعيد المساحقي، روى عن مالك وعبد الرحمن بن أبي الزناد. ذكره أبو حاتم، ولم يجرحه، وترجمه العقيلي فقال: (مديني في حديثه مناكير، وما لا يتابع عليه). وذكره ابن حبان في الثقات. مات سنة ست وعشرين ومائتين.

- الجرح والتعديل 6/ 23 رقم: 171 - الضعفاء الكبير 3/ 86 - الميزان 2/ 533 رقم: 4740 - اللسان 3/ 388.

(1/382)

موسى بن عقبة (6)، عن أبي الزبير، عن ابن عمر؛ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أهدى تطوعا ثم ضلت، فليس عليه البدل، إلا أن يشاء، وإن كان نذرا فعليه البدل).

هذا ما عند الدارقطني من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد (7)، وليس عنده في ذلك غيرها إلا رواية عبد الله بن عامر التي ذكرها ثانية، فاعلمه.

وقد ذكر ع هذا الحديث في باب ما ضعفه براو وترك غيره، ولم ينبه على ذلك. (8) اهـ

========

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

بغية النقاد النقلة

(181) وفي باب الأحاديث المعطوفة على أخر؛ بحيث يظن أنها مثلها في مقتضياتها، وليست كذلك؛ قال: (1) في حديث علي - رضي الله عنه - في تنفل

__________

(6) م وسى بن عقبة بن أبي عياش، الأسدي، مولى آل الزبير، ثقة فقيه، إمام في المغازي، من الخامسة، لم يصح أن ابن معين لينه، مات سنة إحدى وأربعين ومائة. /ع.

- التقريب 2/ 286.

(7) الذي في المخطوط: (عبد الرحمن بن زيد بن أسلم)، وهو وهم، ولعله من الناسخ، إذ لا ذكر لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في رجال هذا الحديث من الطريقين المتقدمين، وإنما الذي ذكر في الطريق الأول هو: عبد الرحمن بن أبي الزناد.

(8) بيان الوهم .. (1/ ل: 165. ب ..).

(1) القائل هنا: ابن القطان.

ذكر عبد الحق من طريق النسائي علي في تنفل النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار. من طرق متعددة.

وتعقبه ابن القطان فذكر هذا الحديث في باب ذكر أحاديث يظن أنها من عطفها على أخر، أو إرادفها إياها أنها مثلها في مقتضياتها، وليست كذلك. وقد عمل ابن القطان على بيان الاختلاف بين روايات هذا الحديث ليخلص إلى أن عبد الحق لم يحسن صنعا حينما اختصر هذه الروايات وعطف بعضها على بعض دون بيان ما بينها من فروق.

وهذا تفصيل مؤاخذات ابن القطان على عبد الحق:

- جعل رواية من ذكر ست عشرة إحكاما على روايات العرزمى، وحصين، وشعبة، وبذل جعل رواية العرزمي مشتملة على ست عشرة ركعة، وليست كذلك.

- ليس في رواية العرزمي بيان للتسليم متى هو؟ فأخذ من رواية حصين أنه في آخر كل أربع ركعات.

- رواية حصين ليس فيها الأربع المفعولة قبل العصر.

(1/383)

النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة النهار:

__________

- أعطت رواية حصين أن التسليم في آخر ركعة من الأربع، ولم يعرض للتشهد في وسطهن بنفي ولا إثبات. - أخذه من رواية شعبة أنه يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المسلمين، يوهم أن ذلك في كل اثنتين من الست عشرة ركعة، وليس الأمر كذلك.

- ليس في رواية شعبة أكثر من ثمان ركعات: ثنتان قبل الظهر، وثنتان بعدها، وأربع قبل العصر. وهذا يخالف ما تقدم أنها ست عشرة ركعة.

انظر بيان الوهم والإيهام: (1 / ل: 40. أ ..).

وقد تولى ابن المواق الرد على بعض هذه التعقبات فأحصى على ابن القطان فيها أوهاما ثلاثة:

الأول: إنكاره لرواية العزرمي أن يكون فيها ذكر ست عشرة ركعة، ولهذا ساق ابن المواق هذه الرواية من عند عبد الحق -من الأحكام الشرعية الكبرى- التي هو بدوره نقلها من سنن النسائي -الكبرى- وهي تشتمل على ما ذكر.

- الثاني إنكاره أن يكون الفصل بالتسليم مذكورا بين كل ركعتين في رواية شعبة، ولذا ساق عبد الحق الحديث من روايته من عند النسائي بنصه، لبيان اشتماله عليه.

- الثالث: قول ابن القطان (أن ما في رواية شعبة أكثر من ثماني ركعات ..).

بين ابن المواق أن هذه الصفة، وهذا العدد للركعات لم يثبت في رواية شعبة عند النسائي. وأن الذي عنده، إنما هو صفة أخرى: (قبل الظهر أربعا وبعدها ثنتين، وقبل العصر أربعا)، أما عدد ركعاتها فعشر.

أقول: أصاب ابن المواق في التعقيب الأول.

أما التعقيب الثاني، فليس له داع؛ فابن القطان لم ينكر وجود التسليم بين كل ركعتين في رواية شعبة؛ وإنما ادعى أن ذلك يوهم أن التسليم في كل ركعتين من الست عشرة، وأن ذلك لم يثبت إلا في رواية شعبة.

وأراد ابن المواق أن يسوق الحديث من رواية إسماعيل بن مسعود بن خالد بن الحارث، عن شعبة، عن أبي إسحاق. فوهم فساق متنا آخر، ومتن الرواية المذكورة هو الآتي:

(سألنا عليا عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فوصف وقال: كان يصلى قبل الظهر أربعا وبعدها ركعتين، وقبل العصر أربعا، ويفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المسلمين).

ينظر الحديث في السنن الكبرى. كتاب الصلاة. باب الصلاة قبل العصر. (1/ 149 ح: 345).

ولأجل ذلك فالملاحظة التي لاحظ أن الروايين متطابقتان. ليس كذلك، وليس عدد ركعاتها سوى أربع عشرة.

وأصاب ابن المواق في التعقيب الثالث.

وأحسن صنعا حينما ختم هذا التعقيب بما يرفع الإشكال من حيث كون هذه الرواية التي ذكر فيها عشر ركعات؛ يرجح أنه لم يقصد بيان جميع مايصلى في اليوم من النوافل، وإنما قصد بيان ما يصلى منها، قبل الصلوات المكتوبة وبعدها فقط.

(1/384)

(والذي ذكره ق من طريق النسائي؛ هكذا: عن علي بن أبي طالب؛ قال: كان رسول الله (2) - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس من مطلعها قيد رمح أو رمحين كقدر صلاة العصر من مغربها صلى ركعتين، ثم أمهل. (3) حتى إذا ارتفع الضحى صلى أربع ركعات، ثم أمهل (4) حتى إذا زالت الشمس صلى أربع ركعات قبل الظهر حين تزول الشمس، فإذا صلى الظهر صلى بعدها ركعتين،

__________

وبعد هذه التعقيبات الثلاثة حاول ابن المواق الجمع بين روايتي شعبة وحصين بما يكفل عدم التعارض بينهما؛ فبين أن المراد بالتسليم في رواية حصين التسليم الذي يتحلل به.

أما التسليم من اثنتين المذكور في رواية شعبة بما نقله الترمذي عن إسحاق بن راهوية في الموضوع.

انظر: جامع الترمذي 2/ 295 ح: 429.

بقى أن أشير أن العمدة في روايات الحديث الواحد هو عدم التعارض فيما بينها؛ فإذا تناولت رواية تفصيل ما لم تتناوله الأخرى فلا يضير ذلك الرواية الأولى، ولا يطعن في رواتها.

والحديث أخرجه من طرق عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة، عن علي كل من:

النسائي في الكبرى -من رواية العزرمي به-: (1/ 146 ح: 332، ح: 337 ح: 347).

النسائي في الكبرى -من رواية شعبة به-: (ح: 339 ح: 245، ح: 348)، والترمذي (2/ 493 ح: 598، ح: 599).

النسائي في الكبرى -من رواية حصين به: - (ح: 338، ح: 349).

ابن ماجة - من رواية سفيان وإسرائيل (1/ 367 ح: 1161)، وأحمد الفتح الرباني 4/ 194).

أبو داود الطيالسي؛ من رواية زهير به: (1/ 19 ح: 127)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 473).

ولما أخرج الترمذي الحديث قال: (هذا حديث حسن. وقال إسحاق بن إبراهيم: أحسن شيء روي في تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم -، في النهار هذا.

وروي عن عبد الله بن المبارك: أنه كان يضعف هذا الحديث.

وإنما ضعفه عندنا -والله أعلم- لأنه لا يروي مقل هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه، عن عاصم بن ضمرة، عن علي. وعاصم بن ضمرة ثقة عند بعض أهل العلم). اهـ.

وعاصم بن ضمرة وثقه ابن المديني وغيره، وقال النسائي: ليس به بأس. وقال الحافظ في التقريب: صدوق. فحديثه حسن.

انظر: جامع الترمذي (2/ 494 ح: 599) - سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 420 ح: 327) - صحيح ابن ماجة (1/ 191 ح: 952).

(2) في السنن الكبرى: (نبي الله).

(3) فيها السنن .. : (يمهل).

(4) فيهن كذلك: (يمهل).

(1/385)

وقبل العصر أربع ركعات، فتلك ست عشرة ركعة) (5). وفيما أتبعه ق من قوله: (هكذا رواه عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي؛ ورواه حصين بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي؛ وقال: يجعل التسليم في آخر ركعة -يعني من الأربع ركعات- (6) وخالفه شعبة؛ فرواه عن أبي إسحاق بهذا الإسناد؛ قال:

(ويفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين، ومن تبعهم من المسلمين): قولا أنكر فيه على ق مواضع فيما نقل من هذه الروايات التي ذكر، وبقي أن يكون كما ذكرها عند النسائي الذي نقلها ق من عنده؛ منها ما ذكره في الحديث المنصوص آنفا من رواية العرزمي من ذكر ست عشرة ركعة.

قال ع: (فجعل العرزمي روى مثل ذلك، وليس ذلك في حديثه).

ومنها: ما ذكره عن شعبة من الفصل بين ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المسلمين؛ فقال ع:

(ويتوهم من اختصاره أن ذلك في كل ثنتين؛ من الست عشرة ركعة، وليس الأمر كذلك بل ما في رواية شعبة أكثر من ثماني ركعات؛ ثنتان قبل الظهر، وثنتان بعدها، وأربع قبل العصر).

قال ع: (وإنما عنيت برواية هؤلاء لما (7) في كتاب النسائي الذي منه نقل، وقد أوهم عنهم خلاف ما ذكر النسائي).

فقال م: هذا معني كلامه الذي دعت الحاجة إلى نقله، نقلته مختصرا؛ وفيه أوهام ثلاثة:

__________

(5) السنن الكبرى 1/ 471 ح: 337.

(6) المصدر السابق ح: 338.

(7) الذي في (البغية) وكذا في بيان الوهم والإيهام (ما) ولعل الصواب ما أثبت (لما).

(1/386)

- أحدها ما أنكر من رواية العرزمي أن تكون مذكورا فيها الست عشرة ركعة؛ وهي في سنن النسائي على نص ما ذكر ق:

قال النسائي: (أنا واصل بن عبد الأعلى (8)، قال: نا ابن فضيل (9) عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي (10)؛ قال: كان رسول الله (11) - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس من مطلعها قيد رمح، أو رمحين، كقدر صلاة العصر من مغربها صلى ركعتين، ثم أمهل (12) حتى إذا ارتفع الضحى صلى أربع ركعات، ثم أمهل (13) حتى إذا زالت الشمس صلى أربع ركعات قبل الظهر حين تزول الشمس، فإذا صلى الظهر صلى بعدها ركعتين، وقبل العصر أربع ركعات، فتلك (14) ست عشرة ركعة (15).

فهذه رواية العرزمي بنص ما أوردها ق.

- الثاني ما أنكره من رواية شعبة أن يكون فيها الفصل بالتسليم بين كل ركعتين، فإنه أيضًا مذكور عند النسائي؛ قال:

__________

(8) واصل بن عبد الأعلة بن هلال الأسدي، أبو القاسم، أو أبو محمد الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وأربعين ومائتين. / م 4.

- التقريب 2/ 328.

(9) محمد بن فضيل، تقدمت ترجمته.

(10) بداية الحديث في السنن الكبرى: (عن علي أنه سئل عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: أيكم يطيق صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: نحب أن نعلمها).

(11) في السنن الكبرى: (نبي الله).

(12) في السنن .. : (يمهل).

(13) في السنن .. : (يمهل).

(14) في السنن: (فذلك).

(15) السنن الكبرى (ح: 337).

(1/387)

(أنا إسماعيل بن مسعود (16)، قال: نا خالد (17)؛ قال: نا شعبة (18)، قال: نا أبو إسحاق؛ أنه سمع عاصم بن ضمرة يقول: سألنا عليا عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنهار؛ فقال: لا تطيقون؛ كان إذا كانت الشمس من ها هنا -يعني المشرق- كهيئتها من ها هنا -يعني من المغرب - عند العصر صلى ركعتين، وإذا كانت الشمس من ها هنا -يعني المشرق- كهيئتها من ها هنا -يعني المغرب - عند الظهر صلى أربعا، وكان يصلي قبل الظهر أربعا وبعدها ركعتين، وقبل العصر أربعا، ويفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المرسلين).

فهذه رواية شعبة، وهي نحو رواية العرزمي في عدد الركعات أنها ست عشرة، وزاد ذكر السلام على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المرسلين.

- الثالث قوله: بل ما في رواية شعبة أكثر من ثمان ركعات؛ تنتان قبل الظهر، وثنتان بعدها، وأربع بعد العصر.

قال م: وهذه صفة لا أذكرها عند النسائي من رواية شعبة، وإنما الذي وقع عند النسائي من رواية يزيد بن زريع، عن شعبة بإسناده، عن علي؛ قال: (كان يصلى -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الظهر أربعا وبعدها ثنتين، ويصلي قبل العصر أربعا، يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين، والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين) (19).

فهذه الرواية عن شعبة تضمنت عشر ركعات، كأنه لم يقصد أن يبين فيها

__________

(16) إسماعيل بن مسعود الجحدري، بصري، يكنى أبا سعيد، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثمان وأربعين ومائة. س.

- التقريب 1/ 74.

(17) خالد بن الحارث بن عبيد بن سليم الجهيني، أبو عثمان البصري، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة ست وثمانين ومائة./ ع.

- التقريب 1/ 211.

(18) هذا السند ليس للمتن الذي ذكره ابن المواق. كما تقدم.

(19) السنن الكبرى ح: 348.

(1/388)

إلا ما (20) يصلى من النوافل نهارا قبل الصلاة المكتوبة وبعدها، لا جميع النافلة بالنهار.

ونختم الكلام في هذا الحديث بالنظر فيما قاله ق من الخلاف بين شعبة وحصين في هذا الحديث؛ فنقول: لا خلاف بينهما فيه، فإن حصينا ذكر التسليم من الأربع في آخر ركعة، وهذا التسليم هو التسليم الذي يخرج به من الصلاة، ويتحلل به منها، والذي ذكره شعبة إنما هو، والله أعلم التشهد؛ فقوله: (يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين)، أي يفصل بينهما بتشهد؛ على ذلك محمل الحديث عند أهل العلم؛ ذَكَرَ أبو عيسى الترمذي عن إسحاق بن راهوية؛ قال:

(ومعنى أنه يفصل بينهن بالتسليم -يعني التشهد-).

قال م: وهو لعمري حسن جدا، وبه تجتمع الروايات، ولا يكون بينها خلاف، والحمد لله.

وهذه رواية حصين؛ قال النسائي:

(أنا محمد بن المثنى؛ قال: نا محمد بن عبد الرحمن (*)؛ قال: نا حصين ابن عبد الرحمن عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة؛ قال: سألت (21) عليا عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوصف؛ قال: (كان يصلي قبل الظهر أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة، وبعدها أربع ركعات يجعل التسليم في

__________

(20) أضيفت في المخطوط (لا)، ولا وجه لها،

(*) محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، أبو المنذر البصري، روى عن حصين بن عبد الرحمن وسليمان الأعمش وآخرين، وعنه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني .. وثقه ابن المديني وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال أبو زرعة: منكر الحديث.

- تهذيب الكمال 25/ 652 ...

(21) في السنن (سألنا).

(1/389)

آخر ركعة) (22). اهـ

(182) وقال (1) في حديث ثعلبة بن صُعَيْر في زكاة الفطر الذي ذكره

__________

(22) المصدر السابق ح: 349.

(1) القائل هو ابن القطان.

حديث عبد الله بن ثعلبة بن صعير في زكاة الفطر ذكره عبد الحق الإشبيلي في كتابه (الأحكام الشرعية) في باب زكاة الفطر: (4/ ل: 1. ب).

وذكره ابن القطان في باب: ذكر أحاديث ظن من عطفها عليها أنها مثلها في مقتضياتها (1/ ل: 35. أ)، وأعاده في باب ذكر أحاديث ضعفها، وهي صحيحة أو حسنة، وما أعلها به ليس بعلة. (2 / ل: 181. ب).

وقد ناقش ابن المواق ابن القطان في تعقيباته على هذا الحديث، فأقره على بعضها، واستدرك عليه في أدراك ثلاثة:

- الدرك الأول: عدم بيانه أن رواية بكر بن وائل مرسلة غير متصلة.

وهو كما قال ابن المواق:

وهذا بيان ذلك:

اضطربت الروايات في اسم صحابي هذا الحديث؛ فهو عند أبي داود من طريق مسدد: (ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير، عن أبيه).

ومن طريق سليمان بن داود: (عبد الله بن ثعلبة، أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير، عن أبيه). هكذا على الشك، وكلاهما في رواية النعمان بن راشد عن الزهري.

سنن أبي داود: كتاب الزكاة، باب من روى نصف صاع من قمح: (2/ 270 ح: 1619).

وجاء في طريق (بكر بن وائل عن الزهري) على الشك أيضا: ثعلبة بن عبد الله، أو عبد الله بن ثعلبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

سنن أبي داود كذلك: (ح: 1620).

وقال الدارقطني: (ثعلبة بن صعير بن عمرو بن زيد بن سنان بن المهتجن بن سلامان بن عدي بن صعير بن حزاز الشاعر، وابنه عبد الله بن ثعلبة، لهما جميعا صحبة، ورواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -).

- المؤتلف والمختلف 1/ 533.

وقال الحافظ في ترجمة (ثعلبة بن صعير):

(ثعلبة بن صعير، ويقال ابن عبد الله بن صعير، ويقال ابن أبي صعير، ويقال عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري).

- ت. التهذيب 2/ 21.

وفي ترجمة عبد الله بن ثعلبة، قال الحافظ: (قلت: وقال ابن السكن: قال به صحبة، وحديثه في صدقة الفطر مختلف فيه، وصوابه مرسل، وليس يذكر في شيء من الروايات الصحيحة سماع عبد الله من النبي

(1/390)

ق هكذا: "وذكر أبو داود عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا؛ قال: "صاع من بر أو قمح عن كل اثنين صغير أو

__________

- صلى الله عليه وسلم -، ولا حضوره إياه، وقال أبو حاتم: قد رأي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو صغير).

- ت. التهذيب 5/ 145. وقال في الدراية في تخريج الهداية:

(أخرجه أبو داود، وعبد الرزاق، والدارقطني، والطبراني، والحاكم، ومداره على الزهري عن عبد الله بن ثعلبة، فمن أصحابه من قال: عن أبيه، ومنهم من لم يقله، وذكر الدارقطني الاختلاف فيه على الزهري، وحاصله الاختلاف في اسم صحابيه ...).

- الدراية، لإبن حجر 1/ 269، وانظر كذلك: سنن الدارقطني 2/ 148.

ورواه ابن جريج عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة مرفوعا.

- المصنف. لعبد الرزاق 3/ 318 ح: 5785

- سنن أبي داود ح: 271.

وأمام هذا الاختلاف، اعتبر كثير من المحدثين رواية من روى عن عبد الله بن ثعلبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلة، ورجحوا عليها من روى الحديث عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ما ذهب إليه البخاري، حيث قال في التاريخ: (عبد الله بن ثعلبة بن صعير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا، إلا أن يكون عن أبيه فهو أشبه).

وصوب الدارقطني الرواية الثانية. قلت: وفي ذلك ترجيح لما ذكره ابن المواق في الدرك الأول على ابن القطان من هذا الحديث.

انظر كذلك: الفتح الرباني، للساعاتي 9/ 143 ح: 190.

- الدرك الثاني: أن ابن القطان ضعف النعمان بن راشد مطلقا من غير ذكر خلاف في ذلك، ورى ابن المواق أنه كان من حق شيخه -ابن القطان- أن يذكر الخلاف فيه، حيث ضعفه قوم، ووثقه آخرون، وتعقبه هذا في محله.

وقد ذكر الحافظ ابن حجر الحكم على النعمان بن راشد بقوله: (صدوق سيئ الحفظ).

- التقريب 2/ 304.

- الدرك الثالث: دعوى ابن القطان أن حديث الحسن متصل. وقد أجاد ابن المواق الكلام في رد دعوى الإتصال فيه.

ومن الذين نصوا على عدم سماع الحسن من ابن عباس:

أحمد، ويحيى بن معني، وعلي بن المديني، والبيهقي.

(انظر المراسيل، لإبن أبي حاتم ص: 34 - السنن الكبرى، للبيهقي 4/ 168 - جامع التحصيل في أحكام المراسيل، للعلائي ص: 196.

(1/391)

كبير، حر أو عبد، ذكر أو أنثى، غني أو فقير، قال: أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى).

وفيما أتبعه ق من قوله: (في إسناده النعمان بن راشد، وبكر بن وائل، وهما ضعيفان، إلا أن أبا حاتم قال: بكر بن وائل صالح الحديث. ورواه أيضًا من حديث الحسن عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والحسن لم يسمع من ابن عباس)، قولا اعترض ق فيما ذكر في مواضع:

- منها ما يظهر من كلام ق في قوله بعد ذكره من الحديث: (في إسناده النعمان وبكر)، فإنه مفهم أنهما رويا اللفظ، فبين ع أنه ليس كذلك، وأن الحديث أكثره لفظ النعمان بن راشد، وأصاب في ذلك.

- ومنها تضعيف ق بكر بن وائل، قال ع: لا أعلم قائلا به غيره، وأصاب أيضًا في ذلك، ووافقه على تضعيف النعمان بن راشد من غير خلاف في ذلك.

- ومنها قول ق: أن الحسن لم يسمع من ابن عباس؛ فقال: (وسنذكر حديث ابن عباس أيضًا في باب الأحاديث التي أوردها على أنها منقطعة، وهي متصلة).

قال م: فكان عليه في ذلك أدراك ثلاثة:

- أحدها أنه بقي عليه أن يبين في رواية بكر بن وائل أنها مرسلة غير متصلة في كتاب أبي داود -أعني ما وقع فيه ذكر البر من روايته- وهو الذي قصد ق ذكره في هذا الموضع من كتابه، ويتبين ذلك لقارئ هذا الموضع منه، وهو أيضًا بين من قوله: وذكر أبو داود عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْر، عن أبيه، عن

(1/392)

النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا. وقوله "في هذا" إشارة إلى ذكر البر؛ وذلك أن أبا داود أوردها هكذا: نا علي بن الحسن الدرابجردي (2)؛ قال: نا عبد الله بن يزيد (3)؛ قال: نا همام (4)؛ قال نا بكر- هو ابن وائل بن داود - عن الزهري، عن تعلبة بن عبد الله، أو قال: عبد الله بن ثعلبة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقال أبو داود: نا محمد بن يحيى النيسابوري (5)، نا موسى بن إسماعيل (6)، نا همام، عن بكر الكوفي؛ قال ابن يحيى: هو بكر بن وائل بن داود؛ أن الزهري حدثهم عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْر، عن أبيه؛ قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا وأمر بصدقة الفطر صاع تمر، أو صاع شعير، على كل رأس. زاد في حديثه: أو صاع بر، أو قمح بين اثنين، ثم اتفقا على الصغير والكبير، والحر والعبد).

قال م: بَيَّنَ أبو داود، -رَحِمَهُ اللهُ-، أن الذي ذكر البر في الحديث إنما هو علي ابن الحسن الداربِجِرْدي بقوله: زاد في حديثه: أو صاع بر الحديث ..

كما بين أيضًا أولا أنه قال: في إسناده عن الزهري: عن ثعلبة بن عبد الله، أو قال: عبد الله بن ثعلبة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أي لم يقل: عن أبيه، كما قال

__________

(2) علي بن الحسن بن موسى الهلالي، وهو ابن أبي عيسى، الدرابجردي - بكسر الموحدة والجيم وسكرن الراء- ثقة من الحادية عشرة، مات سنة سبع وستين ومائتين / د.

- التقريب 2/ 34 - ت. التهذيب 7/ 275 - الأنساب 2/ 466.

(3) عبد الله بن يزيد المكي، أبو عبد الرحمن المقرئ. أصله من البصرة أو الأهواز، ثقة فاضل أقرأ القرآن نيفا وسبعين سنة، من التاسعة، مات سنة ثلاث عشرة ومائتين، وقد قارب على المائة، وهو من كبار شيوخ البخاري. /ع.

- التقريب 1/ 462.

(4) همام بن يحيى. تقدمت ترجمته.

(5) محمد بن يحيى النيسابوري، المشهور بالذهلي. تقدم.

(6) موسى بن إسماعيل المنقري، أبو سلمة التَّبُوذَكي- بتاء مفتوحة، وباء مضمومة وذال معجمة مفتوحة بعدها واو. هذه النسبة إلى بيع السماد. تقدمت ترجمته.

- انظر كذلك: الأنساب 1/ 447.

(1/393)

الذهلى والتَّبُوذكي. فتبين بروايتيهما ما في رواية علي بن الحسن من الإرسال، والله أعلم. اهـ

- الدرك الثاني: تضعيفهما النعمان بن راشد مطلقا من غير ذكر خلاف فيه، وليس كذلك، بل هو مختلف فيه، فضعفه قوم ووثقه آخرون؛ فروي تضعيفه عن يحيى بن سعيد القطان (7). وقال أحمد بن حنبل: هو مضطرب الحديث، روى أحاديث منكرة (8)، واختلف قول ابن معين فيه، فروى عباس الدوري عنه تضعيفه مرة وتوثيقه أخرى. وروي عن عثمان بن سعيد الدارمي أنه قال فيه: ثقة (9). وكذلك روى عنه ابن أبي خيثمة. وقال البخاري: (في حديثه وهم كثير، وهو في الأصل صدوق) (10). قال أبو محمد بن أبي حاتم: (كان البخاري أدخله في كتاب الضعفاء، فسمعت أبي يقول: يحول اسمه من هذا الكتاب) (11).

وقال أبو أحمد بن عدي: (لَهُ نسخة عن الزهري لا بأس بها) (12)

__________

(7) انظر: الجامع في العلل ومعرفة الرجال، أحمد بن حنبل 2/ 32 رقم 251، وكذا في: الجرح والتعديل 8/ 448.

(8) الجامع في العلل، أحمد بن حنبل 2/ 32.

(9) نقل عن يحيى بن معين أنه قال مرة: (النعمان بن راشد ليس بشيء) ومرة قال: (ضعيف الحديث) وأخرى قال: (ثقة).

- يحيى بن معين وكتابه التاريخ، دراسة وترتيب وتحقيق: أحمد محمد نور سيف 2/ 608.

ونقل ابن أبي حاتم عن العباس بن محمد الدوري؛ أنه قال: سمعت يحيى بن معين يقول: النعمان بن راشد ضعيف).

- الجرح والتعليل 8/ 449.

(10) الذي في التاريخ الكبير، للبخاري (8/ 80): (في حديثه وهم كثير، وهو صدوق في الأصل).

(11) الجرح والتعديل: 8/ 449، وانظره كذلك في: ت. التهذيب 10/ 404.

(12) قال ابن عدي: (والنعمان بن راشد قد احتمله الناس؛ روى عنه الثقات؛ مثل حماد بن زيد، وجرير بن حازم، ووهيب بن خالد، وغيرهم من الثقات، وله نسخة عن الزهري، ولا بأس به).

- الكامل في ضعفاء الرجال: 7/ 13 ..

(1/394)

قال م: ومن كانت أقوال هؤلاء الأئمة فيه هكذا، فلا. ينبغي أن يطلق عليه التضعيف، كما يطلق على من اتفق على ضعفه، وأصوب من ذلك أن يقال: إنه مختلف فيه./ 65. ب / اهـ

- الدرك الثالث: قوله في حديث الحسن: أنه متصل، ووعد بأن يذكره في الباب الذي ذكر، فلم يذكره فيه، ولما لم يتكلم عليه لا في هذا الباب، ولا حيث وعد رأيت أن أذكر ها هنا ما عندي فيه، وأنا أرى أن الذي حمل ع أن يقول في حديث الحسن عن ابن عباس أنه متصل رواية رواها يزيد بن هارون (13) في هذا الحديث عن حميد، عن الحسن؛ قال: (خطبنا ابن عباس)، فذكر هذا الحديث، خرجه الترمذي في كتاب العلل (14) وأراه أيضًا مر به ما روي أيضًا عن أحمد بن حنبل؛ أنه قال: كانت له من ابن عباس مجالسة.

قال م: أما الحديث؛ فقال الترمذي: نا بندار (15)، نا يزيد بن هارون، عن حميد الطويل، عن الحسن؛ قال: خطبنا ابن عباس؛ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض صدقة الفطر نصف صاع من بر أو شعير على الحر والمملوك الذكر والأنثى.

ثم قال أبو عيسى: (سألت محمدا عن هذا الحديث. فقال: رواه غير يزيد ابن هارون عن حميد، عن الحسن؛ قال خطب ابن عباس، وكأنه رِأى هذا أصح من رواية-نريد، وإنما قال هذا لأن ابن عباس كان بالبصرة؛ يقولون في أيام علي، كان علي أمَّره البصرة، والحسن البصري في أيام عثمان، وعلي كان

__________

(13) يزيد بن هارون. تقدمت ترجمته.

(14) علل الترمذي الكبير. ص: 109.

(15) بندار: محمد بن بشار بن عثمان العبدي، البصري، أبو بكر، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وله بضع وثمانون سنة / ع.

- التقريب 2/ 147

- نزهة الألباب في الألقاب، لإبن حجر العسقلاني ص: 70.

(1/395)

بالمدينة (16).

قال م: رواه سهل بن يوسف الأنماطي (17) عن حميد، عن الحسن؛ قال: خطب ابن عباس. كذلك ذكر الحديث أبو داود، وقد روي عن يزيد بن هارون؛ كذلك رواه عنه علي بن حجر (18) ذكره النسائي؛ قال أنا علي بن حجر؛ قال. نا يزيد؛ قال: نا حميد عن الحسن أن ابن عباس خطب بالبصرة؛ قال: أدوا زكاة صومكم الحديث (19).

قال م: وممن قال أن الحسن لم يسمع من ابن عباس -كما أشار إليه البخاري والترمذي، وتأول قوله "خطبنا ابن عباس" - أبو حاتم الرازي، ويحيى ابن معين، وأبو بكر البزار؛ إذ روى قاسم بن أصبغ عن علان (20)، نا عباس (21): سمعت يحيى بن معين يقول: لم يسمع الحسن من ابن عباس، قال يزيد (22) في حديته: سمع من ابن عباس؟ قال: لا، لم يسمع منه، يقولون إن الحسن / 66. أ / كان غائبا في إمارة ابن عباس على البصرة. وقوله: (خطبنا)

-يعني خطب أهل البصرة- هذا عن غير يحيى بن معين.

__________

(16) هي كذلك في "علل الترمذي الكبير" (ص: 109)، وهي مضربة المعنى، وصوابها ما في نصب الراية: أن الحاكم نقل بسنده عن محمد بن أحمد بن البراء؛ قال: (سمعت علي بن المديني سُئل عن هذا الحديث، فقال: الحسن لم يسمع من ابن عباس، ولا رآه قط، كان بالمدينة أيام كان ابن عباس على البصرة).

نصب الراية: 2/ 419.

(17) سهل بن يوسف الأنماطي، البصري، ثقة رمي بالقدر، من كبار التاسعة، مات سنة تسعين ومائة. / خ. 4.

- التقريب 1/ 337.

(18) علي بن حجر بن إياس السعدى المروزي، نزل بغداد، ثم مرو، ثقة حافظ، من صغار التاسعة مات سنة أربع وأربعين ومائة. خ م د س.

- التقريب 2/ 33.

(19) سنن النسائي، كتاب الزكاة، باب الحنطة: (5/ 55 ح: 2514).

(20) علان، وما غمة؛ لقبان لأبي الحسن علي بن عبد الصمد الطيالسي، البغدادي، سمع مسروق بن المرزبان، وأبا معمر الهذلي، وطبقتهم، وروى عنه أبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون. وثقه أبو بكر الخطيب. توفى في شعبان سنة تسع وثمانين ومائتين.

- تاريخ بغداد 12/ 28 - سير أعلام النبلاء 13/ 429.

(21) عباس بن محمد الدوري. تقدمت ترجمته.

(22) في الهامش (هو يزيد بن هارون، والله أعلم)، كذا بخط المؤلف.

(1/396)

قال م: كذلك وقع هذا في مصنف قاسم، وقال أبو حاتم الرازي -في كتاب المراسيل-: لم يسمع الحسن من [ابن] (24) عباس -يعني خطب أهل البصرة-) (25).

قال م: وكذلك تأول البزار أيضا قوله (خطبنا)؛ قال البزار: وذكر أنه خطبهم ابن عباس، فهذا الموضع مما أنكر عليه، وابن عباس كان بالبصرة أيام الجمل، وقدم الحسن أيام صفين، فلم يدركه بالبصرة، وإنما كان عندنا) (26)، والله أعلم.

قوله: {خطبنا) أي خطب أهل البصرة -وهو من أهل البصرة- وروى ابن وضاح (27) عن أبي جعفر السبتي (28) أنه قال: الحسن عن ابن عباس لم يسمع منه، يرسل عنه.

__________

(24) [ابن] ساقطة من المخطوط.

(25) كتاب المراسيل. لإبن أبي حاتم: 34.

(26) قال البزار: (لا نعلم روى الحسن عن ابن عباس غير هذا، قوله: خطبنا ابن عباس. وإنما خطب أهل البصرة؛ ولم كن شاهدا، ولا دخل البصرة بعد، لأن ابن عباس خطب يوم الجمل، ودخل الحسن أيام صفين، ولم يسمع الحسن من ابن عباس).

- كشف الاُستار عن زوائد البزار، للهيثمي 1/ 430 - نصب الراية 2/ 419.

(27) محمد بن وضاح بن بزيغ المرواني، مولى صاحب الأندلس عبد الرحمن بن معاوية الداخل. من أهل قرطبة، كنى أبا عبد الله، رحل إلى المشرق رحلتين، خصص الأولى للقاء العباد والزهاد، والثانية للسماع، ومن الذين لقيهم: يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وزهير بن حرب. قال ابن الفرضي: (كان عالمًا بالحديث بصيرا بطرقه متكلما على علله، كثير الحكاية عن العباد). توفي سنة سبع وثمانين ومائتين.

تاريخ العلماء، ابن الفرضي 2/ 17 .. - سير أعلام النبلاء 13/ 445.

(28) ذهب محقق كتاب العلماء، لإبن الفرضي إلى أنه: (أبو جعفر البستي) وعلق عليه في الهامش: (بالأصل السبتي).

أقول: ولعل الذي في الأصل هو الصواب، لأنه وافق كذلك ما في مخطوط البغية. وهو كذلك -السبتي- في ت. التهذيب (1/ 438).

قلت: وكثير من المشارقة يحرفون السبتي - نسبة إلى سبتة المغربية: إلى البستي، لعدم معرفتهم باسم هذه المدينة المغربية.

انظر: تاريخ العلماء 1/ 118.

(1/397)

قال م: فاتفاق هؤلاء الأئمة على هذا يدل على صحة قول ق: أنه لم يسمع منه، وأما ما روي عن أحمد بن حنبل من أنه كانت له من ابن عباس مجالسة، فهذا إنما رواه محمد بن الحسين البغدادي (29)؛ قال: قلت لأحمد بن حنبل فالحسن عمن أخذ هذا الأمر -يعني التفسير- قال: كانت له ولابن عباس مجالسة، وذلك أن عليا كان ولى ابن عباس البصرة، فهو وإن ترك ذكره، كانت له مجالسة.

قال م: ذكر هذا أبو عمر الصدفي (30) عن محمد بن قاسم (31)، عن ابن

__________

(29) محمد بن الحسين البغدادي، أبو جعفر. الذي يظهر أنه سمي بهذا الإسم وتكنى بهذه الكنية اثنان: أحدهما محمد بن الحسين إبراهيم العامري، أبو جعفر بن إشكاب، البغدادي، وهو من شيوخ البخاري، وأبي داود، والنسائي. وهذا ذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: (يروي عن يزيد بن هارون، والعراقيين، حدثنا عنه أحمد بن يحيى بن زهير وغيره، وكان صاحب حديث ويتعسر.

وذكره الخطب البغدادي في تاريخه، ونقل عن ابن أبي حاتم قوله فيه: (كتبت عنه مع أبي، وهو ثقة. سئُل أبي عنه، فقال: صدوق).

وترجم له الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ فقال: (الحافظ الإمام أبو جعفر البغدادي ..).

ونعته ابن حجر بالحافظ، وقال: (صدوق من الحادية عشرة، مات منة إحدى وستين ومائتين. / خ د س.

- تاريخ بغداد 2/ 223 ترجمة 668 - ثقات ابن حبان 9/ 124 - المعجم المشتمل على شيوخ الأئمة النبل 235 - تذكرة الحفاظ ترجمة 599 - التقريب 2/ 155 - ت. التهذيب 9/ 106.

الثاني: محمد بن الحسين البغدادي، ولم أر من ترجم له غير الحافظ ابن حجر؛ قال:

(له أسئلة عن حى بن معين وغيره؛ فيها عجائب وغرائب، نقل منها أبو عمر [الصدفي]، وغيره من حفاظ المغاربة. وحكى ابن الوراق أنه قال سألت أبا داود: هل روى مكحول عن أبي هريرة؟ فقال: سألت عن ذلك يحيى بن معين. فقال: نعم. قال: ابن الوراق: محمد بن الحسين عندي متهم، ولا يقبل ما قال).

ملحوظة: في لسان الميزان: (أبو عمر الصوفي) والصواب ما اثبت.

لسان الميزان 5/ 141.

(30) أبو عمر الصدفي هر أحمد بن سعيد بن حزم. تقدم.

(31) محمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن سيار، مولى الوليد بن عبد الملك: من أهل قرطبة، كنى: أبا عبد الله، سمع من أبيه ومن بقي بن مخلد ومحمد بن وضاح. رحل إلى المشرق؛ وجاب البلدان؛ دخل مكة والبصرة والكوفة وبغداد ودمياط. سمع بمصر من أحمد بن شعيب النسائي وأحمد بن حماد زغبة. سمع منه كثير من الناس. وكان ثقة صدوقا. مات بالأندلس سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.

- تاريخ العلماء والرواة، لإبن الفرضي 2/ 48 - جذوة المقتبس، الحميدي 1/ 143 ... - فهرسة ابن خير الإشبيلي ص: 111.

(1/398)

خيرون (32)، عن محمد بن الحسين، ومحمد بن الحسين هذا مجهول بالنقل؛ لم يذكره أبو بكر بن ثابت في تاريخه، في أهل بغداد، ولا أعلم أحدا ذكره. وابن خيرون يروى عنه مناكير منها هذا، وقد وقفت له على أشياء منكرة، فلا عبرة بنقله، والمعروف عن أحمد أنه إنما أثبت سماع الحسن من ابن عمر، وأنس، وعثمان بن أبي العاص، كذلك نقل الأثرم عنه، وإن أردت الوقوف على بعض رواياته المنكرة، فانظره في الكلام على حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زكاة الإبل؛ حديث من أعطاها مؤتجرا بها، فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله) الحديث الواقع / 66. ب/ في باب رجال ضعفهم بما لا يستحقون. (33) اهـ

__________

(32) محمد بن خيرون، أبو جعفر، أندلسي، رحل إلى المشرق وسمع من يحيى بن معين وطائفة، ورجع إلى القيروان فاستوطنها، وحدث بها.

- جذوة المقتبس، للحميدي 1/ 96 - سير أعلام النبلاء 14/ 217.

(33) بالرجوع إلى كتاب رجال ضعفهم بما لا يسحقون، في كتاب بيان الوهم والإيهام. (2 / ل / 221. ب ..) يتبين أن الحديث المشار إليه هو حديث بهز بن حكيم عن أبيه، عن جده - معاوية: القشيري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون، ولا يفرق إبل عن حسابها، من أعطاها مؤتجرًا) الحديث.

وقد أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة (2/ 233 ح: 1575) وذكره عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام) (4 / ل: 6. أ) ثم عقب عليه بقوله:

(بهز بن حكيم وثقه علي بن المديني، ويحيى ين معين، وغيرهما ضعفه).

ولم يرتض ابن القطان منه هذا التعقيب لذا قال:

(وهو تقصير به موهم أن الأكثرين على تضعيفه، وإنما اختلف الناس فيما يروي بهز عن أبيه عن جده هكذا، وهو الذي جعله الحاكم في أقسام الصحيح المختلف فيه. أما أن يقال إن بهزا وثقه ابن معين، وابن المديني، وضعفه غيرهما فخطأ ..).

ثم نقل حكاية ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال فيه: شيخ كتب حديثه ولا يحتج به. وعن أبي زرعة أنه قال فيه: صالح ولكنه ليس بالمشهور.

ولم يوافق ابن القطان أبا حاتم على تضعيفه لبهز ثم ذكر من وثقه -غير من تقدم ذكره- كالنسائي، وابن الجارود، وآخرين.

قلت: وليس في حدث بهز المتقدم ما يرد به؛ وقد قال ابن حجر في بهز بن حكيم -ابن معاوية: - هذا: صدوق (التقرب 1/ 109) والأصوب أن يقال في حديثه: حسن؛ كما ذهب إلى ذلك الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 296 ح: 1393).

(1/399)

(183) وقال (1) ما هذا نصه: وذكر من طريق الدارقطني من رواية شيبان.

__________

وبعد كلام لإبن القطان في بهز المذكور قال:

وقال محمد بن بن الحسين سألت ابن معين: هل روى شعبة عن بهز؛ قال؛ روى عنه حديثًا؛ وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - (أترعون عن ذكر الفاجر). وقد كان شعبة متوقفا عنه، فلما روى هذا الحديث كتبه وأبرأه مما اتهمه به). انتهى.

وهذا هو الذي عنى ابن المواق بما وقف له من مناكير محمد بن الحسين البغدادي.

وفي ت. التهذيب (1/ 438 ..) في ترجمة بهز بن حكيم جاء ما يلي:

(وقال أبو جعفر، محمد بن الحسين البغدادي في كتاب التمييز: قك لأحمد -يعني ابن حنبل - ما تقول في بهز بن حكيم؟ قال: سألت غندرا عنه. فقال: قد كان شعبة نفسه لم يببن معناه، فكتبت عنه؛ قال: وسألت ابن معين: هل روى شعبة عن بهز؟ قال: نعم؛ حديث أترعون عن ذكر الفاجر؟).

ولما ترجم ابن حبان للجارود بن يزيد العامري (في المجروحين 1/ 220 ..) ذكر أنه روى عن بهز بن حكيم الحديث المتقدم - أترعون عن ذكر الفاجر .. ثم ذكر عدة طرق له، وعقب عليها بقوله: (والخير في أصله باطل، وهذه الطرق كلها بواطيل لا أصل لها).

(1) القائل هو ابن القطان.

ذكر عبد الحق الإشبيلي أولا حديث الباب من عند البخاري، وهذا نصه من صحيحه:

(ثنا عمر بن حفص، ثنا أبي، ثنا الأعمش، ثنا أبو صالح، قال أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وأبدا بمن تعول. تقول المرأة: إما أن تطعمني وإما أن تطلقني. ويقول العبد: أطعمني واستعملني. وكول الإبن: أطعمني، إلى من تدعني؟ قالوا: يا أبا هريرة، سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا، هذا من كيس أبي هريرة). (الفتح 9/ 500 ح: 5355).

ثم ذكر ق رواية أخرى للحديث للنسائي؛ وفيها: (وأبدأ بمن تعول، فقيل: من أعول يا رسول الله؟ قال: امرأتك تقول أطعمني وإلا فارقني، خادمك يقول الحديث).

وهذه الرواية أخرجها النسائي في السنن الكبرى من طريق سعيد بن أبي أيوب عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة. (ج 5/ 384 ح: 9411).

ثم ذكر ق أن الدارقطني أخرج الحديث بالرواية المتقدمة من نفس الطريق: (سنن الدارقطني 3/ 295 ح: 190).

ثم ذكر ق كذلك -نقلا عن الدارقطني- الحديث من طريق شيبان بن فروخ؛ ولشيبان هذا روايتان: الأولى مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: (سنن الدارقطني 3/ 297 ح: 191).

- الثانية مرقوفة على سعيد بن المسيب: وهي قوله: (في الرجل يعجز عن نفقة امرأته، أنه يفرق بينهما): (سنن الدارقطني) وشارك شيبان في هذه الرواية الموقوفة على ابن المسيب إسحاق بن منصور بنفس سنده (ح: 193).

وعقبه أخرج الدارقطني الحديث من طريق حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح، عن أبي

(1/400)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال: بمثله.

انظر: "الأحكام": كتاب النكاح، باب النفقة على العيال (ج/6 ل: 11.أ).

ولما كان نقل عبد الحق لما عند الدارقطني من أحادث على ترتيبها وقع إشكال في عودة الضمير (بمثله) على أيهما يعود؟

ولهذا فابن القطان جعل الدرك في هذا الحديث على الدارقطني؛ لأنه ذهب إلى أن مقتضاه من حيث القاعدة أن يعود الضمير على الأقرب.

قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (4/ 8):

(وقال ابن القطان: ظن الدارقطني لما نقله من كتاب حماد بن سلمة أن قوله "مثله" يعود على لفظ سعيد بن المسيب. وليس كذلك، وإنما يعود على حديث أبي هريرة. وتعقبه ابن المراق بأن الدارقطني لم يهم في شيء، وغايته أنه أعاد الضمير إلى غير الأقرب، لأن في السياق ما يدل على صرفه للأبعد"".اهـ

وانظر كذلك: التعليق المغني على الدارقطني: 3/ 298.

قلت: ولعل أول من وهم في هذا الحديث هو البيهقي؛ ذلك أنه - في السن الكبرى 7/ 470 - لم يذكر حديث أبي هريرة المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بل أول ما ذكر كلام سعيد بن المسيب، ثم ذكر عقبه بسنده إلى حماد عن عاصم بن بهدلة بالسند المتقدم إلى أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. فانعطف الحديث المرفوع على كلام التابعي، أما في "الخلافيات" فانه قد ذكر كلام ابن المسيب، وقال عقبه: وروى عن أبي هريرة مرفوعا في الرجل لا يجد ما ينفق الحديث ...

وقد تكفل صاحب الجوهر النقي بالرد على البيهقي فيما ذهب إليه، موضحا أن الدارقطني لم يهم في الحديث، وأنه لا يعرف هذا مرفوعا في شيء من كتب الحديث، بل إنه يبعد في العادة أن يذكر كلام تابعي ثم يستشهد عليه بحديث مرفوع.

انظر: -غير مأمور-: السنن الكبرى للبيهقي، وبهامشها الجوهر النقي: كتاب النفقات 7/ 470 - التلخيص الحبير: (4/ 8)، والتعليق المغني على الدارقطني (3/ 298).

أما حديث أبي هريرة: أفضل الصدقة. إلى قوله: وأبدأ بمن تعول. فقد أخرجه البخاري (ح: 5355، ح: 5356)،. ومسلم، كما أخرجه أبو داود (2/ 312 ح: 1676) والنسائي (باب صدقة عن ظهر غنى 5/ 62 وباب البخاري المتقدمة أن الزيادة الواردة في آخر الحديث: (تقول المرأة إما أن تطعمني الحديث). من قول أبي هريرة؛ فقد قال: هذا من كيس أبي هريرة. وفي رواية لإبن عجلان عند النسائي في الكبرى: قال: زيد فسئل أبو هريرة: من تعول يا أبا هريرة قال: امرأتك تقول الحديث: (كتاب عشرة النساء 5/ 384 ح: 9210).

وفي رواية أخرى لإبن عجلان -عند النسائي في الكبرى- كذلك - (ح: 9211) - جاءت الزيادة مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فقيل من أعول كا رسول الله؟ الحديث.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/ 501): (وهو وهم). ولما تمسك بعض شراح الحديث بهذه الرواية، ورجحوها بما أخرجه الدارقطني من طرق إسحاق بن منصور عن حماد بن سلمة, عن عاصم ابن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: المرأة تقول لزوجها: أطعمني الحديث. بين الحافظ ابن حجر أنه

(1/401)

ابن فروخ: (ثنا حماد بن سلمة عن عاصم (2)، عن أبي صالح (3) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (المرأة تقول لزوجها: أطعمني أو طلقني ...) الحديث.

ثم قال: قال شيبان: وثنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد، عن سعيد ابن المسيب، أنه قال في الرجل يعجز عن نفقة امرأته، قال: إن عجز فرق بينهما).

قال ع ثم أورد إسنادا آخر إلى حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أيضا بذلك. ثم قال: وبهذا الإسناد إلى حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله.

قال ع: هكذا أورد هذا الوضع، وليس عليه فيه درك، وإنما الدرك فيه على الدارقطني الذي نقله من عنده، وذلك أن الدارقطني أورده كما نقله أبو محمد، وهو عمل فاسد يوهم أن قول سعيد إلى آخره هو أيضا مرفوع من رواية حماد بن سلمة، وليس كذلك؛ وإنما الحديث المروي بهذا الإسناد: خير الصدقة ما تصدقت عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وليبدأ أحدكم بمن يعول؛ تقول امرأته أطعمني أو طلقني، ويقول ولده: إلى من تكلنا؟

__________

لا حجة فيه لأن في حفظ عاصم شيئا. ثم صوب الرواية التي فيها التصريح بأن الزيادة من قول أبي هريرة، واستظهر لما قال برواية الإسماعيلي المرافقة لما ذهب إليه. وهذا الذي ذهب إليه ابن حجر هو ما رجحه هو ما رجحه من سبقه من المحدثين؛ مثل صاحب منتقى الأخبار. وهو الذي عليه كذلك من جاء بعده مثل: الإمام الشوكاني.

انظر: نيل الأوطار: كتاب النفقات، باب إثبات الفرقة للمرأة إذا تعذرت النفقة بإعسار: 7/ 123. ورواية الدارقطني من طريق إسحاق بن منصور المتقدمة لها علة أخرى بينها أبو حاتم.

انظر: علل الحديث، لإبن أبي حاتم: 1/ 430 ح: 1293.

(2) عاصم بن بهدلة، وهو ابن أبي النجود، الأسدي، مولاهم، الكوفي، أبو بكر المقرئ، صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون. مات سنة ثمان وعشرين ومائة. /ع.

التقريب 1/ 383 - ت. التهذيب 5/ 35.

(3) أبو صالح، هو ذكوان السمان، المدني، كان يجلب الزيت إلى الكوفة، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة إحدى ومائة. /ع.

- التقريب 1/ 238.

(1/402)

وتقول خادمه: استعملني وأطعمني.

ثم قال ع: هكذا الحديث تاليا لقول سعيد بن المسيب في كتاب حماد بن سلمة: ولما نقله الدارقطني اعتراه أحد أمرين، ثم ذكرع في ذلك تأويلين استبعد أحدهما على الدارقطني، وكلاهما مرغوب عنه، فلم نر الإطالة بذكرهما؛ وأنا أقول: إن كلامه على هذا الحديث تضمن فعلين، أحدهما إنكاره أن يكون حماد بن سلمة روى عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قول سعيد بن المسيب. وهذا صحيح لا ريب فيه عند من له أدنى مزاولة لهذه الطريقة، وإن كان قد رأيت بعض من لم يحقق النظر فيما ذكره الدارقطني من ذلك ولا تثبت فيه، قد تجشم ورطة صعبة؛ وذلك أنه ركب لفظة الرواية عن سعيد بن المسيب على الإسناد الموصل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأورد ذلك حديثا مرفوعا، نسبه / 67. ب/ إلى الدارقطني، والدارقطني، -رحمة الله عليه-، بريء من عهدته، وفاعل هذا هو صاحب كتاب التحقيق؛ زعم [ذلك] (4) في أحاديث التعليق (5). ونسأل الله العصمة. اهـ

الفعل الثاني: وصف ما وقع عند الدارقطني بأنه عمل فاسد، وتأويله عليه إعادة الضمير من (بمثله) على رواية زيد بن أسلم عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وحكايته عن ترتيب وقوع الأحاديث والروايات في سنن الدارقطني، مما ذكره في تأويله الثاني الذي أضربنا عن ذكره، فإنه كله لم يجر على السداد، ولا تنبه فيه لسبيل الصواب، وأنا أبين مراد الدارقطني وعمله فيما ذكر من هذه الروايات، وأنه لم يخرج ذلك كله عن طريق الصواب، إن شاء الله. اهـ

فأقول: إنه ذكر أولا رواية زيد بن أسلم عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (خير الصدقة ما كان منها عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول. قال: ومن أعول يا رسول الله؛ فقال: (امرأتك

__________

(4) [ذلك] أضيفت ليستقيم المعني.

(5) صاحب اسم هذا الكتاب هو: ابن الجوزي؛ واسمه كاملا: (التحقيق لأحادث التعليق).

انظر الدراسة: (موارد ابن المواق في البغية).

(1/403)

تقول: أطعمني وإلا فارقني الحديث ..

ثم أورد إثره رواية عاصم بن بهدلة عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومقصوده بذلك أن يعرف بأن عاصما تابع زيد بن أسلم على رواية هذا الحديث عن أبي صالح. فكانت هذه الرواية (6) التي ذكر عن عاصم من رواية حماد بن سلمة عنه، ثم من رواية شيبان بن فروخ عن حماد. فلما فرغ من ذكر من الحديث على نحو حديث زيد بن أسلم، قال: قال يزيد: قال شيبان بن فروخ: وحدثنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أنه قال في الرجل يعجز عن نفقة امرأته، قال: إن عجز فرق بينهما، ثم أورد إثر رواية شيبان هذه رواية إسحاق بن منصور عن حماد بن سلمة، قاصدًا بها أيضًا أن يعرف بأن إسحاق بن منصور تابع شيبان بن فروخ على ما رواه عن حماد من روايتيه كلتيهما في الحديث المرفوع، وفي الكلام الموقوف على سعيد بن المسيب، فبدأ بذكر رواية إسحاق بن منصور عن حماد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب برأيه المتقدم ذكره من رواية شيبان عن حماد فبين بذلك متابعة إسحاق / 67. ب/ لشيبان عن حماد في هذا الموقوف.، ثم أتبعه برواية إسحاق أيضا عن حماد، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبين بذلك متابعة إسحاق بن منصور لشيبان بن فروخ في الحديث المرفوع، كما بين متابعته إياه في الرأي الوقوف.

وقوله: (بمثله) في هذا الحديث المرفوع، يريد بمثل رواية شيبان عن حماد عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ كان قصده بذلك بيان المتابعة، وهذا. ظاهر لا خفاء به وسداد من العمل، ولم يبق فيه إلا أن يقال: إنه أعاد الضمير على أبعد مذكور، والضمير إنما يعاد على أقرب مذكور. فالجواب عنه أن ذلك كذلك. ولكنه إذا كان في الكلام ما يدل على صرف الضمير إلى الأبعد جاز إطلاقه كذلك، وفي هذا الوضع ما يدل على ذلك؛

__________

(6) (الرواية) - هكذا وقعت في لوحة 68 وجه أمن المخطوط، ولما أعيد الحديث في لوحة 75 ب أثبت بالجمع: (الروايات).

(1/404)

وهو أن الدارقطني لما قصد بيان المتابعة فيما ذكره اعتقد أن من زاول هذا الطريق ممن يعرف مغزى المحدثين في ذكرهم متابعة الرواة بعضهم بعضا، واعتنائهم بذلك، وأنه المسبار لتعرف الصحيح من السقيم يفهم عنه قصده بذلك، فيصرف الضمير من ذلك إلى ما هو الأولى به.

ثم إني أقول بعد ذلك لمن يتساهل في رفع مثل هذا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - اكتفاء فيه بوساوس الخواطر في إعادة الضمير، لو أخطرت بخاطرك قوله - عليه السلام -:

(من حدث عني بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين) (7).

وقوله عليه السلام: (اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم) (8).

وقوله عليه السلام؛ (إن كذبا علي ليس ككذب على أحد) (9).

وما ورد من مثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أقدمت على ذلك، ولا تورطت

__________

(7) روى من هذا الحديث عدة من الصحابة؛ منهم: سمرة بن جندب وحدثه عند مسلم، وابن ماجة: (تحفة الأشراف 4/ 80 ح: 4627).

كما رواه المغيرة بن شعبة، وحديثه عند مسلم، والترمذي، وابن ماجة: (تحفة الأشراف 8/ 11531).

(8) هو حدث ابن عباس؛ وتمامه: فإنه من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. هذا نص متنه عند أحمد، وأخرجه الترمذي بزيادة: (ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار، وعقب عليه بقوله: حديث حسن، لكن ابن القطان نبه على عدم الاغترار بتحسين الترمذي به، وضعفه بسفيان بن وكيع -شيخ الترمذي- الذي قال فيه أبو زرعة متهم بالكذب. قال ابن القطان: (لكن أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح). اهـ.

أما رواية أحمد ففيها عبد الأعلى الثعلبى، ضعفه أحمد وأبو زرعة، وأورده الذهبي في الضعفاء.

انظر: جامع الترمذي: كتاب تفسير القرآن باب ما جاء في الذي فسر القرآن برأيه: 5/ 199 ح: 2951 - الفتح الرباني، للساعاتي 1/ 179 ح: 70 - فيض القدير، للمناوي 1/ 132 ح: 133.

(9) هو حديث المغيرة بن شعبة، وتمامه: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من نيح عليه يعذب بما نيح عليه). أخرجه باللفظ المتقدم: البخاري، والبيهقي. وأخرج مسلم، والترمذي الجزء الأخير من الحديث: (من ينح) دون أوله.

- الفتح: كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت 3/ 160 ح: 1291 - شرح معاني الآثار. 4/ 295

- الفتح الرباني 7/ 124 ح: 92.

(1/405)

المعاطب والمهالك، وأسأل الله السلامة والتوفيق لما فيه رضاه. (10) اهـ

(184) وقال (1) في حديث علي في النهي عن بيع المضطر؛ الذي ذكره

__________

(10) هذا الحديث مع الكلام الوارد فيه كتب في المخطوط ثلاث مرات:

الأولى في حاشية لوحة 66 وجه ب، والثانية في لوحة 67 وجه ب مع ملاحظة وهي: (بيان لما ثبت في الحاشية).

وكتب ثالثة في لوحة 74 وجه ب وبهامش نفس اللوحة: (ينقل إلى الباب قبله كذا في الأم).

ملحوظة: هذا الحديث مع الكلام عليه لم أعثر عليه عند ابن القطان في بيان الوهم والإيهام، رغم كثرة المبحث فيه عنه، فإن ثبت عدم وجوده في المخطوط المتداول لبيان الوهم، دل ذلك على نقصان فيه عن الأصل.

(1) إي ابن القطان.

هذا الحديث ذكره عبد الحق في أحكامه في كتاب البيوع، باب ذكر الصرف والربا (6 / ل: 20. ب). وقد عقب عليه ابن القطان، وهذا نصه من بيان الوهم والإيهام:

"وذكره أيضا من طريق أبي داود عن علي بن أبي طالب؛ قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المضطر. قال: وهذا ضعيف. ورواه سعيد بن منصور من حديث مكحول عن حذيفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهو أيضًا منقطع وإسناده ضعيف. كذا ذكر هذين الحديثين، وهما مختلفين، وعطف أحدهما على الآخر يوهم تساويهما؛ ونبين ذلك بذكر نصيهما:

"قال أبو داود: أنا محمد بن عيسى، أنا هشام، أنا صالح بن عامر، أنا شيخ من بني تميم؛ قال خطبنا علي بن أبي طالب، أو قال: قال علي؛ قال محمد بن عيسى: حدثنا هُشَيم؛ قال: سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يديه، ولم يؤمر بذلك؛ قال تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] ويبايع المضطرون، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المضطر، وبيع الغرر، وبيع التمر قبل أن يدرك".

[سنن أبي داود: كتاب البيوع، باب في بيع المضطر 3/ 676 ح: 3382].

هذا نص حديث علي، وصالح بن عامر لا يعرف من هو عن شيخ من بني تميم، وهو أبعد عن أن يعرف.

والكلام في الحديث كلام علي رضي الله عنه، فأما حديث حذيفة فالكلام فيه كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال سعيد بن منصور: أنا هُشَيْم عن كوثر بن حكيم؛ قال: بلغنى عن حذيفة أنه حدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال، إن بعد زمانكم هذا زمانا عضرضا يعض الموسر على ما في يديه، ولم يؤمر بذلك، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39] ويشهد شرار خلق الله، ويبايعون كل مضطر، ألا إن بيع المضطرين حرام، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخونه، وإن كان عندك خير فجد به على أخيك، ولا تزده هلاكا إلى هلاكه).

هذا نص حديث حذيفة، والقطعة التي ذكر أبو محمد من حديث علي، التي نهي عن بيع المضطربن إنما هي فيه بالمعنى، وكوثر بن حكيم ضعيف، وهو الذي أراد بقوله: "إنه مع الإنقطاع ضعيف، فاعلم ذلك" اهـ.

- بيان الوهم والإيهام: باب ذكر أحاديث يظن من عطفها على أخر أو إردافها إياها أنها مثلها في مقتضياتها،

(1/406)

ق من طريق أبي داود، وأتبعه بقوله: (ورواه سعيد بن منصور من حديث مكحول عن حذيفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أيضا منقطع وإسناده ضعيف) قولا ذهب فيه إلى التفريق بين لفظي الحديثين، ثم أورد الحديثين بإسناديهما من كتاب أبي داود، ومن مصنف سعيد بن منصور، فكان عليه في ذلك أدراك ثلاثة:

- أحدها وهم وقع في كتاب أبي داود في اسم راو من رواة الحديث لم ينبه

على الصواب فيه، وذلك أن أبا داود ذكره هكذا:

(نا محمد بن عيسى (2)، نا هُشَيْم، أنا صالح بن عامر، نا شيخ من بني

__________

وليست كذلك (1/ ل: 36. ب ..).

ذكر ابن المواق أن على القطان في هذا الحديث أدراك ثلاثة:

الدرك الأول: وهو وقع في اسم راو في هذا الحديث عند أبي داود ولم ينبه عليه: وهو قوله: (صالح بن عامر) وصوابه: (صالح أبو عامر) وهو صالح بن رستم.

قلت: وابن القطان أعاد ذكر هذا الحديث في باب مراسل لم يعبها بسوى الإرسال ورواتها مجهولون بحيث لوكانت أحاديثهم مسنده لم يحتج بها من أجلهم (1/ ل: 145. أ)؛ وقال فيه (إنه من رواية صالح بن عامر؛ وهو مجهول). وبهذا يتبين أنه حكم بالجهالة على صالح أبي عمار لما وقع في رواية: أبي داود من تحريف في اسمه.

ويتأيد ما ذكر ابن المواق أنه وقع كذلك عند الإمام أحمد في مسنده علي بن أبي طالب (1/ 116) على الصواب، ثم إن الحافظ ابن حجر لا علق على تحفة الأشراف في (النكت الظراف 7/ 467) نبه على هذا الوهم الواقع عند أبي داود في هذا الحديث، ثم صححه.

الدرك الثاني: وهمان وقعا في حديث حذيفة (ويشهد شرار الخلق، ويبايعون كل مضطر):

الأول صوابه (وينهد ..) بالنون عوض الشين، ويؤيد ذلك حدث علي عند أحمد.

الثاني: ادعى ابن المواق أن حرف الواو زائد، وأنه لم يثبت عند سعيد بن منصور في سننه.

قلت: ويترجح أن تكون رواية: سعيد بن منصور كما ذكر ابن المواق بحذف الواو، ويستأنس لتأييد ذلك بالمقابلة في الحديث بين نهود الأشرار واستذلال الأخيار، لكن وقع إثبات حرف الواو في حديث علي عند أحمد. (الفتح الرباني 23/ 136 ح: 297).

الدرك الثالث: الفرق بين معنيي الحديثين، لكن الأمر هين لما كان قصد عبد الحق الإشبيلي من ذلك الإختصار، وخاصة أن النهي عن بيع المضطر مشترك بين الحديثين.

والحديثان ضعيفان لما اشتملا عليه من العلل المذكورة.

(2) محمد بن عيسى بن نجيح، أبو جعفر بن الطباع، البغدادي، ثقة، فقيه، كان من أعلم الناس بحديث هُشَيْم، من العاشرة، مات سنة أربع وعشرين ومائتين./ خت د تم س.

- التقريب 2/ 198.

(1/407)

تميم؛ قال: خطبنا علي بن أبي طالب، فذكر الحديث.

قال م: فاعلم أن قوله: {صالح بن عامر) وهم من محمد بن عيسى، والصواب فيه (صالح أبو عامر)، وهو صالح بن رستم (4) أبو عامر الحزاز. يبين ذلك من غير رواية محمد بن عيسى؛ فقد رواه سعيد بن منصور عن هُشَيْم -على الصواب - قال: أنا صالح بن رستم؛ قال: نا شيخ من بني تميم، فذكره؛ كذلك وقع الحديث في مصنف سعيد، وكذلك رواه الناس عنه.

قال أبو محمد دعلج بن أحمد (5) في مسنده: أنا الصائغ، (6) أنا سعيد بن منصور، فذكره. وهُشَيْم معروف بالرواية عن أبي عامر الخزاز، وإنما جاء الوهم في ذلك من محمد بن عيسى؛ فإنه وقع في رواية أي داود أنه قال: كذا قال محمد ابن عيسى، فبرئ أبو داود من عهدته.

- الدرك الثاني: وهم وقع في لفظ الحديث الذي جاء به ق من مصنف سعيد بن منصور؛ وذلك أنه قال: (ويشهد شرار خلق الله، ويبايعون كل مضطر. ألا إن بيع المضطر حرام الحديث ..

فقوله (ويشهد) وهم، وصوابه: (و (ينهد شرار خلق الله، يبايعون كل مضطر). هكذا من النهود، وهو النهوض، ثم بغير واو العطف، كما ذكرته /67. أ / واقعا فيه (يبايعون كل مضطر) حالا كذا ثبت الحديث في مصنف

__________

(4) صالح بن رستم المزني، أبو عامر الخزاز. تقدمت ترجمته.

(5) دعلج بن أحمد بن دعلج السجستاني، كنى أبا محمد وأبا إسحاق سمع الحديث بخراسان، والري، وبغداد، والبصرة، ومكة، من ذوي اليسار والمشهورين بالبر والإفضال. ثقة ثبت مأمون. صنف له الدارقطني كتبا منها المسند الكبير. قال الدارقطني: لم أر في مشايخنا أثبت منه. توفي سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة.

- المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، لإبن الجوزي 7/ 10 - سير أعلام النبلاء 16/ 30.

(6) محمد بن علي بن زيد، أبو عبد الله المكي، الصائغ. حدث بالسنن عن سعد بن منصور الخراساني، حدث بها عنه أبو محمد دعلج بن أحمد، روى عنه سليمان الطبراني وخلق كثير. ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 152) توفي بمكة سنة إحدى وتسعين ومائتن.

- التقييد، لإبن نقطة ص 88 - سير أعلام النبلاء 13/ 4281 - الشذرات، لإبن عماد 2/ 209.

(1/408)

سعيد ابن منصور، وكذلك عنده في حديث علي - رضي الله عنه -: وينهد الأشرار، ويستذل الأخيار. اهـ

- الثالث: ما وقع له من الفرق بين معنيي الحديثين بأن قال: والقطعة التي ذكر أبو محمد من حديث علي هي نهي عن بيع المضطر، إنما هي فيه بالمعنى.

قال م: وليس على ق في ذلك درك؛ فإنه قصد الإختصار واكتفى بما ذكره من قوله: (نهى عن بيع المضطر، وذلك صائغ لا حجر فيه، لا سيما مع كون الحديث ضعيف الإسناد من رواية متروك؛ وهو كوثر بن حكيم. وإنما الممنوع عكس هذا أن يسمع الراوي (نهى) فيأتي بلفظ (حرام) فيكون قد زاد فيما روى، وقد قيل: انقص من الحديث، ولا تزد فيه، والله أعلم. اهـ

(185) وقال (1) في حديث سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب: سمعت

__________

(1) أي ابن القطان.

جاء في سنن أبي داود: (حدثنا محمد بن النهال، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حبيب المعلم عن عمرو ابن شعيب، عن سعيد بن المسيب:

أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدهما صاحبه القسمة، فقال: إن عدت تسألني [عن القسمة، فكل مال لي في رتاج الكعبة، ففال له عمر: إن الكعبة غنية عن مالك، كفر عن يمينك وكلم أخاك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يمين عليك، ولا نذر في معصية الرب وفي قطعة الرحم، وفيما لا تملك").

[كتاب الأيمان والنذور باب اليمين في قطعية الرحم 3/ 581 ح: 3272].

ذكر عد الحق هذا الحديث، ثم قال:

(وروى هذا الحديث أيضا أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر قصة الأخوين). اهـ

- "الأحكام"، لعبد الحق الإشبيلي، باب اللقطة والضوال (6 / ل: 44. أ).

ولأبي داود في سننه من طريق شعيب بن عمرو بسنده المتقدم روايتان: إحداهما ليس فيها إلا قوله: (لا نذر إلا فيما يُبتغى به وجه الله، ولا يمين في قطيعة رحم) (3/ 582 ح: 3273). ولما لم يطلع ابن القطان إلا على هذه الرواية تعقب عبد الحق بأنه لم يتحرر في الإيراد لهذا الحديث لما بينه وبين حديث عمر من اختلاف. فتعقب ابن المواق شيخه ابن القطان بأن عبد الحق ما عنى الرواية السابقة، وبأنه قصد رواية: أخرى، ساقها من السنن ليتبين صحة ما ذهب إليه.

(1/409)

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يمين عليك، ولا نذر في معصية الرب، ولا في قطيعة الرحم، ولا فيما لا تملك". وفيما أتبعه ق من قوله: وروى هذا الحديث أبو داود أيضا من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هذا نصه:

"وحديث عمرو هذا عن أبيه، عن جده إنما نصه هكذا: "لا نذر إلا فيما يبتغى به وجه الله، ولا يمين في قطعة رحم". ليس فيه غير هذا. وأبو محمد، -رَحِمَهُ اللهُ-، إنما اعتنى منه باليمين في القطيعة، فلم يتحرز في الإيراد".

قال م: أغفل ع رواية أخرى عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ بنحو حديث عمر، وفيه زيادة على ما في حديث ابن عمر، وهي التي أشار

__________

انظر هذه الرواية: في سنن أبي داود (3/ 582 ح: 3274). وانظر كلام ابن القطان المتقدم في بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أحادث يظن من عطفها على آخر أو إرادفها إياها أنها مثلها في مقتضياتها، وليست كذلك (1/ ل 41. ب ..).

وإسناد الحديث ثقات، وقد نقل ابن أبي حاتم عن أحمد بن حنبل - في الجرح والتعديل 4/ 59 .. - أن سعيد ابن المسيب قد سمع من عمر.

قلت: ولكن ليس في سند هذا الحديث بالذات ما يدل على سماعه منه، إذ فيه قول سعيد: (أن أخوين ..)، ومن مذهب طائفة من المحدثين أن هذه الصيغة، هي والعنعنة سيان، كلاهما يحتمل السماع وغيره، فالحديث ضعيف.

وحديث عبد الله بن عمرو بروايتيه حسن ما عدا جزءا في آخر الرواية الأخيرة (ومن حلف على يمين الخ) فهو منكر.

قال المحقق ابن القيم عند الكلام على حديث من رواية: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:

"هذا حدث احتاج الناس فيه إلى عمرو بن شعيب، ولم يجدوا بدا من الإحتجاج هنا به، ومدار الحديث عليه، وليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدث في سقوط الحضانة بالتزويج غير هذا، قد ذهب إليه الأئمة الأربعة وغيرهم، وقد صرح بأن الجد هو عبد الله بن عمرو. فبطل قول من يقول: لعله محمد والد شعيب، فيكون الحديث مرسلا. وقد صح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، فبطل قول من قال إنه منقطع، وقد احتج به البخاري خارج صحيحه، ونص على صحة حديثه، وقال: كان عبد الله بن الزبير الحميدي وأحمد وإسحاق وعلي بن عبد الله يحتجون بحديثه، فمن الناس بعدهم؟! هذا لفظه. وقال إسحاق بن راهوية هو عندنا كأيوب عن نافع، عن ابن عمر. وحكى الحاكم في (علوم الحديث) له الإتفاق على صحة حديثه، وقال أحمد بن صالح: لا يختلف على عبد الله أنها صحيحة" اهـ.

- زاد المعاد في هدي خير العباد 5/ 434.

(1/410)

إليها ق، لا ما ذكر ع، وها أنا أوردها بنصها من عند أبي داود؛ قال:

(نا المنذر بن الوليد الجارودي (2)؛ قال: نا عبد الله بن بكر (3)؛ قال: نا عبيد الله بن الأخنس (4) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ قال: قال

__________

انظر: صحيح سنن أبي، للألباني 2/ 630 ح: 2801، ح: 2802.

سلسلة الأحاديث الصحيحة: 1/ 642.

(2) المنذر بن الوليد بن عبد الرحمن بن حبيب العبدي، الجارودي، البصري، ثقة، من صغار العاشرة./ خ د.

- التقريب 2/ 275.

(3) هو عبد الله بن بكر بن حبيب، تقدمت ترجمته.

(4) عبيد الله بن الأخنس، النخعي، أبو مالك الخزاز -بمعجمات- صدوق. قال ابن حبان: كان يخطئ. من السابعة./ ع.

- التقريب 1/ 530.

ذكر عبد الحق في كتاب الطهارة باب الوضوء للصلاة وما يوجبه أحادث منها: حديث علي بن أبي طالب، قال: كنت رجلا مذاء الحديث. وبعد كلام له على رواياته وطرقه، ذكر حديث عبد الله بن سعد من عند أبي داود: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الماء يكون من الماء الحديث. ثم أورد حديث ابن عباس من عبد الدارقطني: أن رجلا قال يا رسول الله إني كما توضأت الحديث. فهي أحاديث ثلاثة؛ أتكلم على كل حديث على

حدة.

الكلام على الحديث الأول: ساق عبد الحق هذا الحديث من عند مسلم فذكر روايتين منه: الأولى: عن علي - رضي الله عنه - قال: كنت رجلا مذاء، فكنت أستحي أن أسال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكانة ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله، فقال: "يغسل ذكره ويتوضأ".

- الأحكام الشرعية لعبد الحق: (1/ ب: 46. أ)، مسلم (1/ 247 ح: 17).

الرواية: الثانية: وعنه قال: أرسلنا المقداد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسله عن الذي خرج من الانسان ماذا يفعل به؟

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "توضأ وانضح فرجك": (مسلم ح: 19).

الرواية الثالثة: أشار إليها عبد الحق بقوله: (زاد أبو داود غسل الأنثيين؛ خرجه من حديث عروة عن علي، ولم يسمع عروة من علي).

- انظر هذه الرواية من سنن أبي داود 1/ 143 ح: 208.

وحديث على هذا أخرجه - من طرق صحاح -:

البخاري: (كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين؛ من القبل والدبر: (الفتح 1/ 283 ح: 178)، وكتاب الغسل، باب غسل المذي والوضوء منه: الفتح 1/ 379 ح: 269)، والنسائي (كتاب الطهارة، باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقض الوضوء من المذي 1/ 103 خ: 153)، والترمذي (كتاب

(1/411)

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم ولا في معصية

__________

الطهارة، باب ما جاء في المني والمذي 1/ 193 ح: 114)، وابن ماجة (كتاب الطهارة، باب الوضوء من المذي 1/ 168 ح: 504)، وأحمد (1/ 124)، ومالك (كتاب الطهارة، باب الوضوء من المذي 1/ 40 ح: 53)، وعبد الرزاق في مصنفه (كتاب الطهارة، باب الذي 1/ 157 ح: 603،602)، وابن خزيمة (كتاب الوضوء، باب الأمر بنضح الفرج من المذي 1/ 15) ...

وألفاظه عندهم مختلفة ومعناه فيه زيادة ونقصان؛ في بعضها ذكر علي أنه أرسل المقداد، وفي بعضها أبهم السائل.

قال الحافظ ابن حجر: (أطبق أصحاب المسانيد والأطراف على (واد هذا الحديث في مسند علي) (الفتح 1/ 379).

قلت: لكن الحافظ المزي جعله تارة في مسند علي، وأخرى في مسند المقداد بن الأسود: (تحفة الأشراف 7/ 412 ح: 10295، 8/ 550 ح: 111544).

الكلام على الحديث الثاني: عن عبد الله بن سعد الأنصاري. قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء. ففال: "ذاك الذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة".

أخرجه أبو داود: (كتاب الطهارة، باب في المذي 1/ 145 ح: 211)، هذا الحديث تفرد به أبو داود، وهو حديث صحيح.

انظر: تحفة الأشراف 4/ 352 ح: 5328 - صحيح سنن أبي داود 4211 ح: 196.

الكلام على الحديث الثالث: حديث ابن عباس أن رجلا قال: يا رسول الله إني كما توضأت سال الحديث. أخرجه الدارقطني من طريق بقية بن الوليد عن عبد الملك بن مهران عن عمرو بن دينار عنه.

وعقب عليه بقوله: عبد الملك هذا ضعيف ولا يصح. (سنن الدارقطني، كتاب الطهارة، باب في الوضوء من الخارج من البدن كالرعاف والقيء والحجامة ونحوه 1/ 159 ح: 40).

وعنه نقله عبد الحق في أحكامه.

أخرج هذا الحديث من نفس الطريق المتقدم أبو جعفر العقيلي، مع أحاديث أخر لعبد الملك بن مهران، قال: (كل الأحاديث ليس لها أصل ولا يعرف منها شيء من الحديث).

عبد الملك من مهران: (صاحب مناكير غلب على أحاديثه غلب على حديثه الوهم، لا يقيم شيئا من الحديث).

الضعفاء الكبير، للعقيلي 3/ 34 ..

ورواه كذلك ابن عدى، وعقب عليه بقوله: (وهذا حديث منكر لا أعلم رواه عن عمرو بن دينار غير عبد الملك بن مهران).

- الكامل، لإبن عدى 5/ 307 ترجمة: 1457.

وروى ابن الجوزى في كتابه (الموضوعات 2/ 23، 70،144) ثلاثة أحاديث -غير حديث الباب- في

(1/412)

الله، ولا في قطيعة رحم)، وذكر بقية الحديث، فهذا معني أبي محمد، والله أعلم. اهـ

(186) فصل في الإغفال الكائن من هذا الباب؛ من ذلك أن ق ذكر في أحاديث الذي بعد حديث علي؛ كنت رجلا مذاء الحديث .. وقبل حديث عبد الله بن سعد؛ قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الماء يكون بعد الماء. فقال ذاك الذي، وكل فحل يمذي الحديث ...

ما هذا نصه: "وذكر الدارقطني أيضا من حديث عبد الملك بن مهران عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أن رجلا قال: يا رسول الله؛ إنى كما توضأت سال. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا توضأت فسال من قرنك إلى قدمك فلا وضوء عليك".

ثم قال: "عبد الملك ضعيف، ولا يصح الحديث. وقال أبو حاتم في عبد الملك: "مجهول")) (1) هكذا ذكر ق هذا الحديث في أحاديث الذي كما وصفت؛ كأنه عنده وارد في ذلك، وهو وهم بين؛ فإنه لو تدبره لم يكتبه هنالك، فإن قوله فيه: "من رأسك إلى قدمك" يأبي عليه أن يكون في المذي؛ وإنما هو في الناصور، وهو بين بنفسه، ويزيده بيانا أنه وقع مبينا في الحديث: قال أبو جعفر العقيلي:

__________

سندها عبد الملك بن مهران، وحكم عليها بالوضع، وجعل البلية فيها منه.

قلت: لإبن المواق في هذا الحديث تعقيبان: الأول يتعلق بمورد الحديث، حيث أورده عبد الحق ضمن أحاديث المذي بينما هو في الناصور.

والتعقب الثاني أن الدارقطني وغيره أعل هذا الحديث بعبد الملك بن مهران. وابن المواق يرى بأنه ينبغي أن يعل ببقية كذلك، وخاصة أن هذا الحديث لا يصل إليه إلا بواسطته.

ويؤيد ذلك أنه روى عن بقية كذلك حديثا آخر بسنده إلى أبي هريرة مرفوعا: "من أكل الطين فكأنما أعان على قتل نفسه". وهو حديث يعل منهما معا، لكن لعبد الملك هذا حديث آخر يرويه عن أبي أيوب الدمشقي - هو سليمان بن أيوب، قال النسائي: صدوق - بسنده إلى أبي موسى الأشعري مرفوعا: "من زهد في الدنيا أربعين يوما، وأخلص فيها العبادة أحرج الله تعالى على لسانه ينابيع الحكمة من قلبه".

ولا يخفى أن البلية فيه من عبد الملك بن مهران.

(1) الجرح والتعديل 5/ 370 ترجمة: 1733.

(1/413)

(نا الحسن بن علي؛ (2) قال نا نعيم (3) قال بقية (4) عن عبد الملك بن مهران، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس؛ قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي الناصور إذا توضأت سال مني. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا توضأت فسال من (5) قرنك إلى قدمك فلا وضوء عليك").

وذكره أيضا أبو أحمد بن عدي، قال: (نا أبو يعلى (6)؛ قال: نا سويد (7)، نا بقية، نا عبد الملك، فذكر بإسناده نحوه.

وهذا الحديث أيضا أعله ق بعبد الملك هذا، ولم يعله ببقية، وهو لا يصل إلى عبد الملك إلا من طريق بقية، فلذلك نذكره إن شاء الله في الباب المعقود لذلك. اهـ

__________

(2) الحسن بن علي بن محمد الحلواني، أبو علي الخلال. تقدمت ترجمته.

(3) نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي، أبو عبد الله المروزي، صدوق يخطئ كثيرا، من العاشرة مات سنة ثمان وعشرين ومائتين. وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه: وقال: باقي حديثه مستقيم/ خ من د ت ق.

- الكاشف 3/ 182 - التقريب 2/ 305 - ت. التهذيب 10/ 409.

(4) بقية بن الوليد. تقدمت ترجمته.

(5) في المخطوط (منك).

(6) أبو يعلى، هو: أحمد بن علي بن المثنى، الوصلي، محدث الموصل، وصاحب المسند الكبير والمعجم. سمع علي بن الجعد ويحيى بن معين وشيبان بن فروخ. حدث عنه أبو حاتم بن حبان وأبو علي النيسابوري وآخرون. وثقه ابن حبان ووصفه بالإتقان والدين. وقال الحاكم: ثقة مأمون.

- تذكرة الحفاظ 2/ 707 - سير أعلام النبلاء 14/ 174.

(7) سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار، الهروي، أبو محمد الحدثاني - نسبة إلى الحديثة؛ بلد على نهر الفرات سكنها فاشتهر بنسبته إليها، هي قريبة: من الأنبار -ولذلك ينعت أيضا بالأنباري- روى عن مالك، وحفص بن ميسرة وجماعة. وعنه داود بن أبي هند، وابن جريج، وشعبة. قال الحافظ ابن حجر: "صدوق في نفسه، إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول". توفي سنة أربعين ومائتين، وله مائة سنة./ م ق.

- ميزان الاعتدال 2/ 248 - ت. التهذيب 4/ 239 لسان الميزان 7/ 240 - تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس 127.

(1/414)

(187) وذكر (1) من طريق أبي داود هكذا

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام"، ولم أقف عليه فيه، ولكن نقله كذلك ابن القطان.

حديث على في النهي عن التفريق بين الجارية وولدها، أو بين الأخوين. روي من عدة طرق؛ وهي:

- طريق الحكم عن ميمون بن أبي شبيب، عن علي، وهي عند أبي داود (كتاب الجهاد، باب في التفريق بين السبي 3/ 144 ح: 2996).

قال أبو داود عقب رواية: الحديث: (ميمون لم يدرك عليا، قتل بالجماجم، والجماجم سنة ثلاث وثمانين).

وقد حسن الشيخ الألباني هذا الحديث: (صحيح سنن الألباني 2/ 514 ح: 2345).

وأخرجه الحاكم من طريق أبي خالد الدالاني به؛ وصححه، ووافقه الذهبي على تصحييه: (المستدرك 2/ 55)، وأخرجه الحاكم كذلك من طريق فى يزيد بن عبد الرحمن، وقال الذهبي في التلخيص: هو على شرط البخاري ومسلم: (2/ 125).

ومن نفس الطريق رواه الدارقطني في سننه (3/ 66 ح: 251).

وهذه الرواية متنها عندهم: (أن عليا فرق بين جارية وولدها فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ورد البيع).

قلت: الصواب أن الحديث من هذا الطريق معل بالإنقطاع، كما ذكر ذلك أبو داود، وأقره على ذلك الحافظ ابن حجر في النكت الظراف: (7/ 449).

- وروي الحديث من طريق الحجاج بن أرطأة عن الحكم، عن ميمون، لكن جاء في متنه النهي عن التفريق بين الأخوين، وهو كذلك عند:

الترمذي، قال أبو عيسى عقبه: (هذا حديث حسن غريب): (كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية الفرق بين الأخوين، أو بين الوالدة وولدها في البيع 3/ 580 ح: 1284).

وابن ماجة: (كتاب التجارات، باب النهي عن التفريق بين السبي (2/ 755 ح: 2249).

الدراقطني في سننه (كتاب البيوع 3/ 66 ح: 250).

البيهقي في السن الكبرى، وقال: (كذا رواه الحجاج، والحجاج لا يحتج به) اهـ.

(كتاب السير: باب من قال لا يفرق بين الأخوين في البيع 9/ 127).

قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 386 / 1154):

(سألت أبي عن حديث رواه سليمان بن عبيد الله الرقى، عن عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي الحديث .. فقال أبي: إنما هو الحكم عن ميمون بن أبي شبيب، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -).

والحدث من هذا الطريق صنفه الشيخ الألباني ضمن سنن الترمذي (ص: 150 ح: 219)، وكذا ضمن ضعيف سنن ابن ماجة (ص: 174 ح: 492).

ملحوظة:

الطرق الآتية كلها في النهى عن التفريق بين الأخوين عند البيع.

والحديث عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي. له عدة طرق؛ وهي:

(1/415)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

__________

= - الطريق الأول: رواه عنه سعيد بن أبي عروبة عن الحكم، أخرجه من هذا الطريق أحمد في مسنده من رواية غندر؛ (1/ 98،97)، والبزار في مسنده؛ في مسند علي، من طريق عبد الوهاب بن عطاء.

قال ابن عبد الهادي في (التنقيح): (وهذا إسناد رجاله رجال الصحيحين، إلا أن سعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الحكم شيئا؛ قاله أحمد، والنسائي، والدارقطني) اهـ. (عن نصب الراية).

والحديث من هذا الطريق ضعيف لإنقطاعه.

- الطريق الثاني: سعيد بن أي عروبة عن رجل، عن الحكم به.

أخرجه من هذا الطريق أحمد في مسنده، من رواية: عبد الوهاب بن عطاء (1/ 127،126).

وأخرجه من نفس الطريق إسحاق بن راهوية: في مسنده -كما في نصب الراية: (4/ 26): أخبرنا محمد ابن سواء، حدثنا ابن أبي عروبة عن صاحب له، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن به) اهـ.

ولما ذكر البزار عدم سماع سعيد من الحكم قال: (وروى هذا الحديث غير الحسن بن محمد، عن عبد الوهاب، عن سعيد بن أبي عروبة، عن رجل عن الحكم.).

والحدث من هذا الطريق ضعيف لإنقطاعه

- الطريق الثاني: سعيد بن أبي عروبة: عن رجل، عن الحكم به.

أخرجه من هذا الطريق أحمد في مسنده، من رواية: عبد الوهاب بن عطاء (1/ 126، 127).

وأخرجه من نفس الطريق إسحاق بن راهوية: في مسنده -كما في نصب الراية: (4/ 26): أخبرنا محمد ابن سواء، حدثنا ابن أبي عروبة عن صاحب له، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن به) اهـ.

ولما ذكر البزار عدم سماع سعيد من الحكم قال: (وروى هذا الحديث غير الحسن بن محمد، عن عبد الوهاب، عن سعيد بن أبي عروبة، عن رجل عن الحكم ..).

والحديث من هذا الطريق فيه رجل مجهول؛ وهو في حكم المنقطع.

- الطريق الثالث: رواه عنه شعبة به.

رواه من هذا الطريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عند الدارقطني في سننه (3/ 65 ح: 249)، وكذا في (العلل): (مخطوط 1/ ل: 311. أ)، (مطبوع 3/ 272).

والحاكم في مستدركه (2/ 125) وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه).

ووافقه الذهبي.

قال ابن القطان: (ورواية: شعبة لا عيب فيها، وهي أولى ما أعتمد في هذا الباب) اهـ. ووافقه الزيلعي على ذلك.

- بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أحاديث ضعفها وهي صحيحة أو حسنة (2 / ل:.أ ..).، نصب الراية (4/ 26).

ولم يخرجه الإمام أحمد في مسنده من هذا الطريق إذ فيه: (نا شعبة يعني ابن أبي عروبة.). وهو تصحيف واضح صوابه: (سعيد ..).

(1/416)

عن ميمون بن شبيب (2) /70. أ/

عن علي؛ أنه فرق بين جارية وولدها، فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ورد البيع.

ثم قال: وقد روي عن علي أيضا يإسناد آخر، ولا يصح؛ لأنه من طريق سعيد بن أبي عروبة عن الحكم (3)؛ ولم يسمع من الحكم، ومن طريق محمد ابن عبيد الله عن الحكم؛ وهو ضعيف جدا، وقد روي عن شعبة عن الحكم. والمحفوظ حديث سعيد بن أبي عروبة عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي.

قال م: كذا أورد ق هذه الأحاديث مفهما أن فيها النهي عن التفريق بين

__________

- المسند 1/ 97).

قلت: والحدث من هذا الطريق سنده صحيح.

الطريق الرابع: زيد بن أبي أنيسة -وهو ثقة- عن الحكم به.

أخرجه من هذا الطريق ابن الجارود في (المنتفى، باب في التجارات ح: 575).

وانظر: (غوث المكدود بتحريد منتقى ابن الجارود، لأبي إسحاق الحويني 2/ 126 ...).

قلت: وهو سند صحيح.

الطريق الخامس: محمد بن عبيد الله العرزمي عن الحكم به؛ وقد رواه من هذا الطريق البزار في مسنده.

والعرزمي متروك الحديث: (التقريب 2/ 187).

وانظر كذلك: مجمع الزوائد 4/ 107، الفتح الرباني 15/ 54، مشكاة المصابيح 2/ 1003 خ: 3362،3363.

لإبن المواق في هذا الحديث تعقبان:

- الأول منهما على عبد الحق الإشبيلي؛ حيث عطف روايات على الحديث الأول الذي ذكره، وهي مخالفة له من حيث المتن، وظاهر العطف يجعلها مثلها متنا.

- التعقب الثاني: على عبد الحق وابن القطان؛ فعبد الحق لما ذكر الحديث تصحف عندهم اسم ميمون ابن أبي شبيب، حيث قال ميمون بن شبيب. ولا ذكر ابن القطان الحديث وهم كوهمه؛ فقال: ميمون بن شبيب كذلك. - انظر كلام ابن القطان على الحديث في: (بيان الوهم الإيهام، باب ذكر أحاديث أغفل نشبتها إلى المواضع التي أخرجها منها (1/ 77. أ).

وقد أصاب ابن المواق في التعقبين معا.

(2) ميمون بن أبي شبيب الربعي، أبو نصر الكوفي، صدوق، كثير الأوهام، من الثالثة، مات ستة ثلاث وثمانين ومائة، في وقعة الجماجم. / بخ مق 4.

- التقريب 2/ 291.

(3) هو الحكم بن عتيبة. تقدمت ترجمته.

(1/417)

الأم وولدها، وليس كذلك، وإنما وردت كذلك كلها في النهي عن التفريق بين الأخوين، لا ذكر فيها لوالدة ولا ولد.

أما الرواية عن سعيد بن أبي عروبة؛ فقال البزار:

(نا الحسن بن محمد الزعفراني (4)، نا عبد الوهاب بن عطاء (5)، عن سعيد ابن أبي عروبة، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أني ليلى، عن علي؛ قال: كان عندي غلامان أخوان، فأردت بيع أحدهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعهما جميعا، أو أمسكهما جميعا".

قال البزار: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى إلا محمد بن عبيد الله. وسعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الحكم شيئا. وروى هذا الحديث غير الحسن بن محمد، عن عبد الوهاب، عن سعيد بن أبي عروبة، عن رجل، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى).

قال م: وأما رواية شعبة عن الحكم؛ فقال الدارقطني في العلل:

(ناه القاضي الحسين بن إسماعيل المحاملي؛ قال: نا إسماعيل بن أبي الحارث (6)، ومحمد بن الوليد الفحام (7)؛ قالا: نا عبد الوهاب الخفاف، نا

__________

(4) الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، أبو علي البغدادي، صاحب الشافعي، ثقة، من العاشرة، مات ستة ستين ومائتين، أو قبلها بسنة./ خ 4.

- التقريب 1/ 170.

(5) عبد الوهاب بن عطاء الحفاف، أبو النصر، العجلي مولاهم، البصري، نزيل بغداد، صدوق ربما أخطأ، أنكروا عليه حديثا في فضل العباس، يقال دلعسه عن ثور، من التاسعة، مات سنة أربع، ويقال سنة ست ومائتين./ عخ م 4.

- التقريب 1/ 538.

(6) إسماعيل بن أبي الحارث، أسد بن شاهين البغدادي، أبو إسحاق، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومائتين./ د ق.

- التقريب 1/ 67.

(7) محمد بن الوليد الفحام، البغدادي، صدوق، من العاشرة، مات سنة اثنتين، وخمسين ومائتين/ س.

- التقريب 2/ 216.

(1/418)

شعبة عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي؛ قال: قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبي، فأمرني ببيع أخوين، فبعتهما، وفرقت بينهما، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أدركهما فارتجعهما وبعهما جميعا، ولا تفرق بينهما") (8).

وذكره في (السنن) من طريق المحاملي، عن إسماعيل بن أبي الحارث خاصة، عن عبد الوهاب مثله (9).

وذكر في العلل أن علي بن سهل (10) والوضاح بن حسان الأنباري (11) روياه كذلك عن عبد الوهاب، عن شعبة؛ قال: وغيرهما يرويه / 70. ب/ عن عبد الوهاب عن سعيد؛ قال: وهو المحفوظ. (12)

قال م: وأما رواية محمد بن عبيد الله، فقد أشار إليها البزار كما تقدم.

وقد ذكر ع حديث شعبة هذا في باب الأحاديث التي ضعفها، وهي صحيحة أو حسنة، وجاء به من علل الدارقطني، ولم ينتبه لما ذكرناه (13).

ووقع في إسناد الحديث المبدوء بذكره وهم عند ق؛ وهو قوله: (عن ميمون ابن شبيب)، والصواب: (ميمون بن أبي شبيب)، وهذا ليس من هذا الباب، وسأذكره في موضعه من هذا الكتاب. اهـ

__________

(8) العلل الواردة في الأحاديث النبوية:، للدراقطني. بتحقيق محفوظ عبد الرحمن زيد الله السلفي 3/ 275.

(9) سنن الدارقطني 3/ 65 خ: 249.

(10) علي بن سعد بن المغيرة البزار البغدادي، نسائي الأصل، يعرف بالعفاني، لملازمة عفان بن مسلم، ثقة, من الحادية عشرة./ تمييز.

- التقريب 2/ 38.

(11) الوضاح بن حسان الأنباري. قال الفسوي: كان مغفلا، وقال ابن حجر مجهول. وأشار ابن عدي في ترجمة جارية: بن هرم إلى أنه يسرق الحديث.

الكامل 2/ 172 لسان الميزان 6/ 220.

(12) علل الأحاديث للدارقطني (المحقق) 3/ 275.

(13) بيان الوهم والإيهام: (2 / ل: 186. أ ..).

(1/419)

(188) وذكر (1) من كتاب التمهيد، لأبي عمر بن عبد البر عن عائشة؛

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي.

جاء في الموطأ: (حدثني يحيى عن مالك، عن يحيى بن سعيد؛ أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته، سوى ثوبي مهنته").

كتاب الجمعة، باب الهيئة، وتخطى الرقاب، واستقبال الإمام يوم الجمعة: (1/ 110). (بترتيب محمد فؤاد عبد الباقي).

وقد وصله ابن عبد البر، وعنه نقله عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الشرعية: (كتاب الصلاة، باب في الجمعة: (3/ ل: 56.أ).

قال ابن عبد البر:

(حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي؛ قال: حدثنا محمد بن العباس الحلبي، قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبيد الله بن أخي الإمام؛ قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: حدثنا يحيى ابن سعيد الجوهري الأموي، عن يحيى بن سعيد الجوهري، عن عمرة، عن عائشة؛ قال: إن الناس كانوا عمال أنفسهم وكانت ثيابهم الأنمار، قالت: فكانوا يروحون بهيئتهم كما هي؛ قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو اغتسلتم وما على أحدكم أن يتخذ ليوم الجمعة ثوبين سوى ثوبي مهنته"). اهـ

- التمهيد: 34/ 24.

وانتقده ابن حجر في (الفتح) قال: "في إسناد ابن عبد البر لهذا الحديث عن عمرة، عن عائشة نظر. فقد رواه أبو داود من طريق عمرو بن الحارث، وسعيد بن منصور عن ابن عيينه وعبد الرزاق، عن الثوري؛ ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن سلام. ولحديث عائشة طريق أخرى عند ابن خزيمة، وابن ماجة" اهـ.

لكن الزرقاني في شرحه على الموطإ (1/ 230) دفع هذا الإنتقاد؛ حيث قال:

(وقد يقال: لا نظر لأن الأموي رواية عن الأنصاري, عن عمرة ثقة روى له الستة، وأي مانع من كون يحيى الأنصاري به فيه شيخان: عمرة عن عائشة، ومحمد بن يحيى مرسلا، وقد حصلت المتابعة للأنصاري في عمرة؛ حيث رواه عروة عن عائشة، وأيد ذلك مجيئه من طرق عنها ... ".

قلت: ويتبين من ذلك أن إسناد الحديث عند ابن عبد البر صحيح.

وروى حديث عائشة هذا ابن ماجة، وابن خزيمة، وابن حبان؛ كلهم من طريق محمد بن يحيى، عن عمرو ابن أبي سلمة، عن زهير بن محمد, عن هشام؛ عروة، عن أبيه، عنها.

وعمرو بن أبي سلمة؛ هو التنيسي، أبو حفص الدمشقي: ثقة إلا أنه كما قال الإمام أحمد: روى عن زهير بن محمد أباطيل، وشيخه: زهير بن محمد رواية: أهل الشام عنه غير مستقيمة، وباقي رجال السند ثقات.

انظر: سنن ابن ماجة: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة (1/ 349 ح: 1096)، صحيح ابن خزيمة؛ جماع أبواب الطيب والتسوك واللبس للجمعة (3/ 123 ح: 1765)، والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان. لإبن بلبان، مع تعليق المحقق، كتاب الصلاة. ذكر الأمر أن يتخذ ثوبين نظيفين ولا يلبسهما إلا في يوم الجمعة .. (7/ 15 ح: 2777).

(1/420)

قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعة أو غيرها)، ثم قال:

(وخرجه أبو داود من حديث ابن سلام).

قال م: هذا ما ذكر، وقوله: الجمعة أو غيرها) وهم سأبينه في الباب الذي بعد هذا، إن شاء الله، والمقصود ها هنا قوله: "وخرجه أبو داود من حديث ابن سلام" فإن قارئ هذا الموضع من كتاب "الأحكام" لا يستريب في

__________

ولهذا الحديث شاهد يتقوى به أبي داود؛ فقد رواه من طريق ابن وهب عن يونس بن يزيد، أن يحيى بن سعيد الأنصاري حدثه أن محمد بن يحيى بن حبان حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وهذا سند صحيح، لكنه مرسل، وقد وصله أبو داود (1/ 650 ح: 1078)، وابن ماجة (ح: 1095) من طريق ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعد أو سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، وبين عبد الله بن سلام، .. ورجاله ثقات؛ رجال مسلم، إلا أنه فيه انقطاعا بن محمد بن يحيى بن حبان، وبين عبد الله بن سلام؛ فقد ولد محمد بن يحيى سنة سبع وأربعين (47 هـ) أي: بعد وفاة عبد الله بن سلام بأربع سنوات.

وأخرجه ابن ماجة أثر حديثه المذكور أخيرا عن أبي بن أبي شيبة، عن شيخ له، عن عبد الحميد ابن جعفر، عن يحيى بن حبان، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه.

وهذا رجاله ثقات، إلا أنه فيه جهالة شيخ ابن أبي شيبة.

ووجه إيراده أن عبد الحق ذكر متن هذا الحديث (ما على أحدكم أن يكون له ثوب سوى ثوبي مهنته لجمعة أو غيرها. من (التمهيد)، ثم قال: وخرجه أبو داود من حديث ابن سلام.

والذي عند أبي داود من طريق محمد بن يحيى بن حبان المرسلة: (ما على أحدكم إن وجد) أو (ما على الرواية السابقة، حيث لم يرد ذكر متن الحديث، فتنبه ابن المواق إلى هذا الوهم منه، نذكر الحديث لتصحيح ذلك.

ووهم آخر في نقل الحديث من مصدره وعد بتصحيحه، وسيأتي ذكره.

ثم إن ظاهر كلام عبد الحق أن المراد بـ (ابن السلام) هو عبد الله بن سلام، وهذا الذي يتبادر إلى الذهن، وخاصة أن محمد بن يحيى بن حبان روي عن عبد الله بن سلام. لكن لما وردت رواية كذلك فيما ختم به في هذا الحديث.

ويمكن أن يستفاد أيضا في الموضوع من المراجع الآتية: السنن الكبرى، للبيهقي (3/ 242)، تحفة الأشراف، مسند عبد الله بن سلام، (4/ 355 ح: 5334)، نفس المرجع، مسند يوسف بن عبد الله بن سلام، (9/ 121 ح: 11855)، مشكاة المصابيح، للخطب التبريزي (1/ 438 ح: 1389)، صحيح سنن أبي داود: (1/ 201 ح: 953)، وصحيح سنن ابن ماجة (1/ 181 ح: 898)، غاية: المرام بتخريج أحادث الحلال والحرام، للألباني ص: 64 ح: 76.

(1/421)

أن في كتاب أبي داود من حديث ابن سلام: الجمعة أو غيرها)، وليس كذلك، بل لا أعلم هذا اللفظ مرويا هكذا إلا في كتاب "الأحكام"، إذ وقع فيه تحريف في النقل، وإنما ذكر أبو داود من طريق عمرو بن الحارث أن يحيى بن سعيد الأنصاري (2) حدثه أن محمد بن يحيى بن حبان (3) حدثه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما على أحدكم إن وجد" أو"ما على أحدكم أن لو وجد أن يتخذ (4) ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته".

قال عمرو: وأخبرنى ابن أبي حبيب (5)، عن موسى بن سعيد (6)، عن ابن حبان، عن ابن سلام انه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك علي المنبر.

وابن سلام هو يوسف بن عبد الله بن سلام، ذكر ذلك أبو داود من رواية أخرى، فتبين بهذا أن ما يوهمه قول ق ليس على ظاهره، فاعلم ذلك / 71. أ/ اهـ

(189) وفي باب ما تغير في نقله أو بعده عما هو عليه؛ قال (1) في حديث

__________

(2) يحيى لن سعيد بن قيس الأنصاري، المدني، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومائة، أو بعدها. / ع.

- التقريب 2/ 348.

(3) محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ، الأنصاري المدني، ثقة فقيه، من الرابعة، مات سنة إحدى وعشرين ومائة، وهو ابن أربع وسبعين سنة. /ع.

- التقريب 2/ 216.

(4) الذي سنن أبي داود (إن وجدتم أن يتخذ).

(5) هو يزيد بن أبي حبيب. تقدمت ترجمته.

(6) موسى بن سعد -أو سعيد- بن زيد بن ثبت الأنصاري المدني، مقبول، من الرابعة. / م د ق.

- التقريب 2/ 283.

(1) أي ابن القطان.

ذكر عبد الحق الإشبيلي من عند الطحاوي حديث ابن عباس: (قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عرنة، والمزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسر، ومنى كلها منحر).

ثم قال: (زاد ابن وهب: ومن جاز عرفة قبل أن يغيب الشمس فلا حج له. رواه مرسلا عن عمرو ابن شعيب، وسلمة بن كهيل، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي إسناده يزيد بن عياض، وهو متروك).

- الأحكام الشرعية، كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (4 / ل: 74. أ).

(1/422)

ابن وهب: "ومن أجاز عرنة قبل غروب الشمس فلا حج له"، ما هذا نصه:

(وذلك أنه إنما نقله بالمعنى)؛ قال:

(والنقل بالمعنى شرط جوازه الوفاء بالمقصود، وذلك أن لفظ الخبر عند ابن وهب إنما هو: "فعليه حج قابل"، فنقله هو: "فلا حج له"، وبلا شك أن الحج لا يتكرر وجوبه، فإذا عرفنا أنه عليه الحج من قابل، فقد عرفنا أنه لم يحج قبل، فمن ها هنا رأى أنه قد وفى المعنى حقه) (2)؛ قال:

(وأقول إنه بقي عليه أمر آخر، وذلك أن لفظ الخبر يمكن أن يستفاد منه وجوب التعجيل في أول سني الإمكان زيادة على الوجوب؛ حتى يكون من فسد حجه يجب عليه المجيء من قابل حاجا، ولا يجوز له التراخي، ولو كنا نقول: إن الحج في الأصل على التراخي، واللفظ الذي نقله هو [به] (3) لا يعطى ذلك، فإن قلت: وهذا الذي زعمت أنه يستفاد منه [لا] (4) يعرف قائل به, أجبت بأنه لا يلزمني أن أجد به قائلا، بل يكفي انقداحه فيما أردت من وجوب الإتيان بلفظ يؤديه للمتفقه، ثم يتركه بدليل إن دل، أو يقول به إن لم

__________

قلت: ولا يعل الحديث بالإرسال، وبيزيد بن عياض فقط، بل له علة أخرى؛ فيزيد إنما يرويه عن إسحاق بن عبد الله، وهو متروك كما سيأتي.

فلما نقله ابن القطان عنه أخل في النقل، باب ذكر أشياء متفرقة تغيرت في نقله أو بعده عما هي عليه (1/ ل: 43. أ ..).

ثم إن ابن القطان ظن أن عبد الحق إنما فعل ذلك ناقلا للحديث بالمعنى، فناقشه في الفرق بين معنى (فلا حج له)، وبين معنى (فعليه حج قابل).

وقد تنبه ابن المواق التي وهم ابن القطان هذا؛ حيث نسب إخلالا لعبد الحق الإشبيلي، وهو منه برئ براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فاجتهد في رد الحق إلى نصابه.

وأثناء كلام ابن القطان على هذا الحديث وقع منه إغفال، قام ابن المواق بتصحيحها.

(2) بيان الوهم ... (1/ ل: 43. ب ...).

(3) [به] أضيفت من: بيان الوهم ...

(4) [لا] أضيفت من المرجع السابق.

(1/423)

يكن هناك ما يأبى عليه القول به) (5).

قال م: وقع له في هذا الحديث إخلال، وفي الكلام عليه إغفال.

أما الإخلال يعني نقله عن ابن وهب خلاف ما نقل عنه ق، والصواب ما نقله ق.

قال ابن وهب.: (ونا (6) يزيد بن عياض، عن إسحاق بن عبد الله (7)، عن عمرو بن شعيب، وسلمة بن كهيل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هذا الوقف، وكل عرفة موقف، وارتفعوا من بطن عرنة، ومن أجاز بطن عرنة قبل أن تغيب الشمس فلا حج له") (8).

وقال لي مالك: (إن هو خرج من عرفة قبل أن تغيب الشمس فعليه حج قابل). اهـ

فهذا نص الحديث عند ابن وهب، فسقط عند ع ما بعد قوله: (تغيب الشمس) الواقع في الحديث إلى مثل ذلك من قول مالك، فاعلمه.

وأما الإغفال ففي تسليمه (9) ما ذكره من أنه لا يعرف قائل: بأن من فسد حجه يجب عليه الحج من قابل، مع القول بأن وجوب الحج في الأصل على التراخي، وهو مذهب الشافعي.

__________

(5) بيان الوهم والإيهام:. (1/ ل: 43. ب ..).

(6) في (التمهيد) لإبن عبد البر: (وأخبرني).

(7) إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة روى عن أبي الزناد وعمرو بن شعيب. وعنه الليث بن سعد وابن لهيعة. سمعه الزهري يرسل الأحادث. فقال له: قاتلك الله - صلى الله عليه وسلم - ابن أبي فروة، ما أجرأك على الله ألا تسند أحاديثك: تحدث بأحادث ليس لها خطم ولا أزمة. وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، ووي أحاديث منكرة ويحتجون بحديثه. وقال البخاري: تركوه. وقال أحمد: لا تحل عندي الرواية عنه. توفي سنة ست وثلاثين ومائة./ د ت ق.

- ت. التهذيب 1/ 210.

(8) التمهيد 24/ 419. وليس فيه القول المنسوب بعده لمالك.

(9) في المخطوط (تسلمه).

(1/424)

أما أن الحج عنده على التراخي فقد نص على ذلك في كتبه، واحتج له، وهو أيضا مسطور في كتب المناظرات لنن الشافعية والحنفية، فلا نطيل (10) به.

وأما قوله بوجوب الحج من قابل على من فسد حجه، فإن الشافعي ذكر قصة أبي أيوب مع عمر - رضي الله عنهما -، لما فات الحج أبا أيوب، وقول عمر ابن الخطاب له:

(صنع ما صنع المعتمر، ثم قد حللت، فإذا أدركت الحج من قابل فاحجج، واهد ما استيسر من الهدي. وقصة هبار بن الأسود، أيضا في مثل ذلك مع

عمر.

ثم قال الشافعي إثر ذلك: (وبهذا نأخذ). ذكره أبو إبراهيم المزني في المختصر (11).

__________

(10) في المخطوط (نطل).

(11) روى الشافعي قصة أبي أيوب مع عمر، وكذا قول عمر لهبار بن الأسود في (الأم).

قال في قصة أبي أيوب:

(أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد؛ قال: أخبرني سليمان بن يسار أن أبا أيوب خرج حاجا، حتى إذا كان بالبادية، من طريق مكة - أضل رواحله. وأنه قدم على عمر بن الخطاب يوم النحر، فذكر ذلك له. فقال له: "اصنع كما يصنع المعتمر .. ") الحديث.

وقال في قصة هبار: (أخبرنا مالك عن نافع، عن سليمان بن يسار أن هبار بن الأسود جاء وعمر بن الخطاب ينحر هديه، فقال له عمر: "اذهب فطف ومن معك، وانحر هديا ان كان معكم، ثم احلقوا أو قصروا، ثم ارجعوا، فإذا كان قابل حجوا واهدوا، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع"). ثم قال: (وبهذا كله نأخذ).

- الأم، الشافعي: كتاب الحج، باب فوت الحج بلا حصر عدو ولا مرض، ولا غلبة على عقل: (2/ 166). وفي هذا (المختصر عقد المزني بابا عنوانه: (باب بيان وقت فرض الحج، وكونه على التراخي)، نقل في عن الشافعي قوله:

(أنزلت فريضة الحج بعد الهجرة، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على الحج، وتخلف - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بعد منصرفه من تبوك؛ لا محاربا، ولا مشغولا بشيء، وقد تخلف أكثر المسلمين قادرين على الحج وأزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو كان كمن ترك الصلاة حتى خرج وقتها ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفرض، ولا ترك المتخلفون عنه، ولم يحج - صلى الله عليه وسلم - بعد فرض الحج إلا حجة الإسلام، وهي حجة الوداع.

- المختصر ص: 62.

(1/425)

وقال أبو حامد الإسفرايني (12) في تعليقه على المختصر ما نصه: (القضاء على الفور، وهو إجماع الصحابة؛ لأنا قد روينا عن عمر أنه قال: فإذا أدركت حج قابل حج، واهد ما استيسر.

* وعن ابن عمر مثل ذلك (13).

ومن أصحابنا من قال على التراخي، لاُن أصل الحج على التراخي، فكذلك القضاء، والصحيح هو الاُول، وهذا غلط لأن أصل الحج على التراخي، ما لم يشرع فيه، فإذا شرع فيه تعين عليه فعله، وصار على الفور؛ فالقضاء كان قبله، بعد الشروع على الفور).

قال م: ولعل ع إنما أراد بقوله: من فسد حجه بجواز عرنة قبل مغيب

الشمس، الذي تضمن المرسل المذكور النص عليه فهو الذي لا يعلم قائلا يوجب عليه حج قابل ممن يرى أن الحج على التراخي، فإن مالكا يرى ذلك من مفسدات الحج، ويرى عليه حج قابل، كما تقدم عنه من رواية ابن وهب، ولكنا لا نعرف عنه نصا بالقول في أصل الحج أنه على الفور، أو على التراخي إلا ما حكاه أبو حامد الإسفرايني وغيره، من غير أهل مذهبه، أنه عنده على

__________

وقد أوضح صاحب المجموع شرح الهذب أن مذهب الشافعي أن فريضة: الحج على التراخي؛ قال: (وبه قال: الأوزاعي، والثوري، ومحمد بن الحسين) ونقله الماوردي عن ابن عباس، وأنس، وجابر، وعطاء، وطاووس، - رضي الله تعالى عنهم -). ثم ساق عدة أدلة في الاستشهاد لذلك.

- انظر: المجموع شرح المهذب، للنووي، كتاب الحج: (7/ 102 ...).

(12) أبو حامد السفرايني، أحمد بن محمد. تنظر ترجمته في الدراسة.

(13) روى حديث ابن عمر الشافعي في (الأم)؛ حيث قال:

(أخرنا أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن عبد الله بن عمر؛ أنه قال: من أدرك ليلة النحر من الحاج، فوقف بجبال عرفة قبل أن يطلع الفجر، فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك عرفة فيقف بها قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج، فليأت البيت فليطف به سبعا وليطف بين الصفا والمروة سبعا، ثم ليحلق أو يقصر إن شاء، وإن كان معه هدي فلينحره قبل أن يحلق، فإذا فرغ من طوافه وسعيه فليحلق أو يقصر، ثم ليرجع إلى أهله، فإن أدركه الحج قابلا فليحج إن استطاع، وليهد في حجه فإن، لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله).

- الأم: كتاب الحج. باب فوت الحج بلا حصر ... 2/ 166).

(1/426)

الفور، وما حكاه العراقيون من المالكيين عن المذهب، وأما عن مالك نفسه فلا. (14) اهـ

__________

(14) اختلف في المذهب المالكي في فريضة الحج، هل هو على الفور أم على التراخي؛ فمن قال هو على الفور، ذهب إلى أنه يجب على المكلف المبادرة إليه في أول سنة يمكنه الإتيان به، ويعصى بتأخيره عنها. ومن قال هو على التراخي لم يوجب المبادرة إليه في أول سنة.

وحتى من ذهب إلى القول بأنه على التراخي أوجبه فورا عند خوف الفوات؛ إما لفساد الطريق بعد أمنها، أو لخوف ذهاب ماله أو صحته، أو بلوغه سنن معترك المنايا -من الستين إلى السبعين-.

قال القاضي أبو بكر بن العربي: (وإنما يتعين وجوبه إذا غلب على ظن المكلف فراته .. فماذا أخر الرجل حجه عن ذلك الوقت الذي يغلب على ظنه العجز عنه يعد عاصيا، وإن اخترمته المنية قبل أن يغلب على ظنه الفوات فليس بعاص).

والقول بفوريته رواه ابن القصار، والعراقيون عن مالك، وشهره القرافي، وصاحب العمدة، وابن بزيزة. والفول بتراخيه شهرة ابن الفاكاهاني في كتاب الأقضية من شرح الرسالة. وقال صاحب التوضيح: (والباجي، وابن رشد، والتلمساني، وغيرهم من المغاربة يرون أنه المذهب) اهـ. وقد عاب الخطاب على الشيخ خليل التسوية: بين القولين في المذهب؛ وهذا نص كلامه: (سوى المصنف -رَحِمَهُ اللهُ- هنا بين القولين، مع أنه قال في توضيحه: "الظاهر قول من شهر الفور، وفي كلام ابن الحاجب ميل إليه لأنه ضعف حجة التراخي، لأن القول بالفور نقله العراقيون عن مالك. والقول بالتراخي إنما أخذ من مسائل، وليس الأخذ منها بقوي"). اهـ.

وقال ابن الفراس -في أحكام القرآن-: (الذي عليه رؤساء المذاهب والمنصوص عن مالك الفور).

وعد سوق الحطاب لعدة أدلة لترجيح ما ذهب اليه ختم التنبيه العقود لهذا المبحث بقوله:

(إذا علمت ذلك فقد ظهر لك أن القول بالفور أرجح، ويؤيد ذلك أن كثيرا من الفروع التي يذكرها المصنف في الإستطاعة مبنية على الفور، فكان ينبغي للمؤلف أن يقتصر عليه).

انظر: الرسالة، لإبن أبي زيد القيرواني (ت 386 هـ)، مختصر خليل، للشيخ خليل بن إسحاق (ت 776 هـ)، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن المغربي الشهير بالحطاب: (ت 954 هـ): (ح: 2/ 471)، شرح عبد الباقي الزرقاني (ت: 1099 هـ) على مختصر خليل، وبهامشه حاشية الشيخ محمد البناني (ت 1194): ج 2/ 230 - شرح أبي عبد الله محمد الحرشي (ت 1101 هـ) على مختصر خليل؛ وبهامشه حاشية على العدوي الصعيدي (1198 هـ): (ج 2/ 282)، الفواكه الدوانب على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، أحمد بن غنيم النفراوي المالكي ت 1125 هـ: (1/ 360)، الشرح الصغير على "أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك" - ألفه الشارح نفسه؛ أبو البركات؛ أحمد بن محمد بن أحمد الدردير (ت 1201 هـ). وبهامشه حاشية الشيخ أحمد بن محمد الصاوي (ت 1241 هـ): (ح: 2/ 4 ..)، أسهل المدارك: شرح إرشاد السالك في فقه امام الأئمة مالك، لأبي بكر بن حسن الكشناوي (أتم تأليفه سنة 1883 هـ): (ج: 1/ 442).

ملحوظة: إرشاد السالك ألفه عبد الرحمن بن محمد بن عسكر المالكي البغدادي (ت 732 هـ)، جواهر الإكليل؛ شرح مختصر في مذهب الإمام مالك، لصالح عبد السميع الآبي الأزهري (ج: 1/ 160).

(1/427)

وقال القاضي أبو محمد بن عبد الوهاب (15): هو على الفور، وخالفه القاضي / 27. أ/ أبو الوليد الباجي (16) فقال إنه على التراخي، وحكاه عن القاضي أبي بكر (17) واحتج له. والشافعي الذي يقول بأن الحج على التراخي، لا يرى ذلك مفسدا للحج، ويوجب فيه دما، فإن كان أراد هذا؟ فعسى أن يكون كذلك، ويكون الوهم حينئذ في ذكره فساد الحج مطلقا، والله أعلم. اهـ

(190) وقال (1) في حديث يزيد بن نعيم، أو زيد بن نعيم أن رجلا من

__________

(15) القاضي عبد الوهاب بن نمر البغدادي، أحد أئمة المذهب المالكي، وإليه انتهت رياسته في عصره، أخذ عن كبار أصحابه؛ كإبن القصار، وابن الجلاب. وروى عنه جماعة؛ منهم: عبد الحق ابن هارون, وأبو بكر الخطيب، تولى القضاء العراق، ثم رحل إلى مصر فملأ صيته أرضها وسماءها، له تآليف كثيرة؛ منها: كتاب (النصرة لمذهب إمام دار الهجرة)، و (المعونة لمذهب عالم المدينة)، و (الأدلة) في مسائل الخلاف، وغيرها. توفي سنة 422 هـ.

- الديباج المذهب، لإبن فرحون (2/ 32)، شجرة النور الزكية، لإبن مخلوف (ص: 105)، الشذرات، لإبن عماد (3/ 322).

(16) القاضي أبو الوليد الباجي، سليمان بن خلف التحيبي، الأندلسي، أخذ عن أهل بلده، ثم ارتحل التي المشرق، فحج وجاور ملازما الحافظ أبا ذر، فأخذ عنه الحديث، والفقه، والكلام، ثم ارتحل إلى دمشق فسمع من محدثيها، ثم إلى بغداد، فالموصل، فرجع إلى الأندلس بعلم غزير، حصله مع الفقر والتقنع باليسير. حدث عنه ابن عبد البر، وابن حزم، له مؤلفات كثيرة منها: (المنتقى) شرح فيه الموطأ، وكتاب (الإيماء) في الفقه، وكتاب (التسديد إلى معرفة التوحيد). توفي سنة 474 هـ.

- المرقاة العليا في مسائل القضاء والفتيا، للتباهي (ص: 95)، الديباج المذهب (1/ 377)، سير أعلام النبلاء (18/ 535).

(17) القاضي أبو بكر، محمد بن عبد الله، ابن العربي المعافري، الإشبيلي، سمع من أهل بلده، وارتحل إلى المشرق فحج، وأخذ عن محدثي بغداد، ودخل الإسكندرية: فأقام عند أبي بكر الطرطوشي، وسمع منه، وصحب أبا حامد الغزالي وانتفع له. أخذ عنه خلق كثير؛ منهم القاضي عياض، وابن بشكوال، والامام السهيلي. له تآليف جليلة، منها: (عارضة الأحوذي في شرح جامع الترمذي)، (والقبس في شرح موطأ مالك بن أنس)، و (أحكام القرآن) وغيرها. استقضي بأشبيلية فقام بها خير قيام، ثم صرف عن القضاء، فاقبل على نشر العلم وبثه. توفي بفاس سنة 543 هـ.

- المرقاة العليا في مسائل القضاء والفتيا، للنباهي (ص: 105)، الديباج المذهب (2/ 252)، سير أعلام النبلاء (20/ 197).

(1) أي ابن القطان.

تقدم الكلام على هذا الحديث كذلك: (ح: 27).

(1/428)

جدام جامع امرأته وهما محرمان، فسأل الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال له: "اقضيا يوما مكانه الحديث .. " (2) قولا مقتضاه أن لفظ الحديث في المراسيل بخلاف ما ذكره ق منه، ثم أورده ع من الراسيل مخالفا لما ذكر ق.

قال م: وقد وقفت على نسخ من المراسيل، فرأيت الحديث في نسخة منها على ما نقل ق، وفي أخرى كما نقل ع، وفي أخرى بخلافهما، فيزاد فيه بحث إن شاء الله. (3) ووقع عند ق في إسناد هذا الحديث وهم بإسقاط راو من رواته، تقدم لبيانه في باب النقص من الأسانيد، وقد ذكر ع الحديث هنا، وفي باب الراسيل التي لم يعلها بسوى الإرسال، ولم ينبه على ذلك. اهـ

__________

(2) حديث الباب بهذا اللفظ: (اقضيا يوما مكانه .. الحديث). هكذا ورد في مخطوط البغية، ولا يوجد هذا اللفظ على الإطلاق في رواية: من روايات هذا الحديث -حسب ما وقفت عليه- وهو وهم؛ فإما أن يكون من الناسخ، أو من ابن المراق، والحدث في الحج، وليس في الصيام.

وتفصيل الخلاف الذى أشار إليه ابن المواق في لفظ من الحديث كالآتي:

فعبد الحق ساق الحديث من مراسيل أبي داود؛ ومتنه عنده:

(3) أن رجلا جامع امرأته وهما محرمان. فسأل الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال لهما: "اقضيا نسككما، واهديا هديًا، ثم ارجعا حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما، فتفرقا, ولا يرى واحد منكما صاحبه، وعليكما حجة أخرى؛ فتقبلان حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه، فتفرقا، ولا يرى واحد منكما صاحبه، فأحرما، وأتما نسككما، واهديا").

هكذا أثبت نص من هذا الحديث في "الأحكام الشرعية"، لعبد الحق، وكذلك هو في عدة نسح من هذا الكتاب، كما صرح بذلك ابن القطان في بيان الوهم والإيهام. وبعد نقل ع له قال:

(والإخلال فيه إما في الأمر بالتفرق في الرجوع، وإما بالتفرق في العودة).

ثم قال: والذي وَقَع في المراسيل، وساق الحديث سندا ومتنا:

(.. أن رجلا من جذام جامع امرأته وهما محرمان. فسأل الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال لهما: "اقضيا نسككما واهديا هديا، ثم ارجعا، حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فتفرقا، ولا يرى واحد منكما صاحبه، وعليكما حجة أخرى؛ فتقبلان حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فأحرما، فأتما نسككما، واهديا").

قال ابن القطان: (وإنما فيه يعني عند أبي داود) الأمر بالتفرق في الرجوع، لا في العودة). ولما لم يطمئن إلى الاختلاف الواقع في هذا المتن ساقه من وجه آخر؛ من عد ابن وهب في موطإه؛ من طريق ابن لهيعة؛ يرويه بسنده إلى سعيد بن المسيب مرسلا كذلك، لكن وقع فيه الأمر بالتفرق في العودة.

وبالرجوع إلى مراسيل أبي داود المطبوعة -تحقيق الشيخ السيروال- لا نجد الأمر بالتفرق فيها: (فقال لهما: =

(1/429)

(191) وقال (1) في حديث

__________

= [اقضيا نسككما، واهديا هديا، ثم ارجعا، حتى اذا جئتما المكان الذي أصبتما فأحرما، وأتما نسككما واهديا").

أما المراسيل بتحقيق الشيخ الأرناؤوط؛ ففيها الأمر بالتفرق في الرجوع. وقد روى هذا الحديث البيهقي من طريق أبي داود، وفيه الأمر بالتفرق في الرجوع كذلك.

وبهذا يتأكد ما قاله ابن المواق من أن نسخ مراسيل أبي داود اختلفت؛ ففيها الموافق لما أورده عبد الحق، ولما ساقه ابن القطان، والمخالف لهما معا.

تلت: وأما الحديث فقد تقدم الكلام عليه - في باب النقص في الأسانيد - وأنه لا يصح. أما الذي أفتى به طائفة من الصحابة وغيرهم؛ فيمن وقع منهما ما تقدم: أنهما يتمان نسكهما، ثم عليهما الحج من قابل والهدى، ويؤمران بالتفرق حتى يقضيا حجهما؛ أفتى بذلك عمر، وعلي، وابن عباس، وابن المسيب، وإبراهيم النخعي، وآخرون.

- انظر: المراسيل مع الأسانيد، لأبي داود: كتاب الحج (ص: 122)، تحقيق السيروال، وكذا المراسيل، بتحقيق الأرناؤوط (ص: 147)، والسنن الكبرى، للبيهقي: كتاب الحج، باب ما يفسد الحج (5/ 167)، ومعرفة السن والآثار، للبيهقي: كتاب المناسك، باب ما يفسد الحج 4/ 153 .. والأحكام الشرعية: كتاب الحج: (4 / ل: 84. أ)، ولبيان الوهم .. (1/ ل: 44. أ) - التلخيص الحبير (2/ 283)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية، لإبن حجر العسقلاني: باب الجنايات في الإحرام (2/ 40).

(1) أي ابن القطان.

جاء في الأحكام الشرعية ما نصه:

"وروى أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن نمير، عن اسرائيل، وأبو كريب، عن مصعب بن المقدام، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق بن حمزة؛ عن شقيق بن سلمة، قال: رأت عثمان يتؤضأ؛ نذكر الإبتداء بغسل الوجه قبل المضمضة والإستنشاق. وقال موسى بن هارون: , وهو عندنا وهم".

وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي عن اسرائيل بهذا الإسناد، فبدأ فيه بالمضمضة والإستنشاق قبل غسل الوجه، وتابع عبد الرحمن بن مهدي على هذا أبو غسان مالك بن إسماعيل عن إسرائيل، وهو الصواب.

ذكر الحديث والتعليل أو الحسن الدارقطني) اهـ.

الأحكام الشرعية: كتاب الطهارة، باب غسل اليد عند القيام من النوم ثلاثا: (1/ ل: 64. ب).

- والحدث من طريق ابن نمير ومصعب عن إسرائيل عن الدارقطني في سننه، باب مما روي في الحديث على المضمضة والإستنشاق والبداءة بهما أول الوصوء (1/ 86 ح: 12)، ومن طريق ابن مهدي عن إسرائيل (ح: 13). فتعقبه ابن القطان بأن ذلك موهم أن الحديث المذكور من رواية: ابن نمير ومصعب بن المقدام عن إسرائيل يتضمن تقديم غسل الوجه على المضمضة والإستنشاق؛ بحيث لا يحتمل غير ذلك، وأن رواية ابن مهدي له عن إسرائيل تتضمن تقديم المضمضة والإستنشاق على غسل الوجه؛ بحيث لا تحتمل غير ذلك. قال ابن القطان:

(1/430)

عامر بن شقيق بن جَمْزة (2) عن شقيق بن سلمة (3)؛ قال: رأيت عثمان يتوضأ. فذكر الإبتداء بغسل الوجه قبل المضمضة والإستنثار ما هذا نصه:

"وتأخير المضمضة والإستنشاق إلى غسل الوجه والذراعين بحيث لا يحتمل، إنما أعرفه من حديث المقدام بن معدي كرب (4). إلا أنه من رواية من لا

__________

(وليس الأمر كذلك، وما الحديث في كتاب الدارقطني من رواية المذكورين، مصعب وابن نمير، عن إسرائيل إلا هكذا).

وساق متنه من سنن الدارقطني: "رأيت عثمان يتوضأ فغسل يديه ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، ومضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا، وغسل ذراعيه ثلاثا ... " الحديث.

ورواية ابن مهدي عن إسرائيل هكذا:

"فغسل كفيه ثلاثا، ومضمف، واستنشق ثلاثا، وغسل وجهه".

ولا تناقض بين راويتي، إذ العطف فيهما بحرف الواو، والواو لا يفيد الترتيب، ولا يخرج من هذا تقديم المضمضة على غسل الوجه.

ثم عاب ابن القطان على عبد الحق نقله لهذا الحديث بالمعنى، وأنه حتى وإن كان من مذهبه أن الواو يفيد الترتيب، فمن مذهب غيره أنه لا يفيده، فكان عليه، وهو محدث، أن ينقل الحديث كما ورد لينظر فيه من ينتهي إليه، وما أوقعه في ذلك إلا تقليد موسى بن هارون الحمال في ما ذكر عنه، فلو قال في اختصاره: فذكر الإبتداء بغسل الوجه قبل المضمضة والإستنشاق، وعطف ما بعده عليه بالواو لكان صوابا.

ثم قال ابن القطان: (وتأخير المضمضة .. إلى قوله: بذلك أبو داود). وفي هذا جاء تعقب ابن المواق).

(2) عامر بن شقيق بن جمزة -بالجيم والزاي- الأسدي الكوفي، لين الحديث، من السادسة / د ت ق.

- التقريب 1/ 387.

(3) شقيق بن سلمة، أبو وائل الكوفي، مشهور بكنيته. تقدمت ترجمته.

(4) حديث المقدام بن معد يكرب؛ أخرجه أبو داود: (نا أحمد بن محمد بن حنبل، نا أبو المغيرة، نا حريز، ني عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي: سمعت المقدام بن معدي كرب الكندي قال: (أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء فتوضأ: فغسل كفيه ثلاثا، (ثم مضمض واستنشق)، وغسل وجهه ثلاثا، ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا، ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما).

هذا نصه من سنن أبي داود المطبوعة التي أعدها وعلق عليها عزة عبيد الدعاس: (كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 88 ح: 121).

أقول: ويبدو أن الدعاس تصرف في الحديث بالتقديم والتأخير ولذا وضع (ثم مضمض ...) بين معقوفتين، إذ الذي في تحفة الأشراف (8/ 511 ح: 11573): (أنه غسل كفيه ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا، ثم مضمض واستنشق الحديث. لكن لما أورد الزيلعي الحديث من عند أبي داود ساقه على نحو ما أثبته الدعاس.

- نصب الراية 1/ 12.

(1/431)

تعرف حاله، وهو عبد ألرحمن بن ميسرة الحضرمي. ذكر الحديث بذلك أبو داود" (5).

قال م: وقع له في هذا غفلان:

- أحدهما قوله في عبد الرحمن بن ميسرة هذا: لا تعرف حاله. وليس كذلك، فإنه معروف ثقة، وهو عبد الرحمن بن ميسرة -أبو ميسرة الحضرمي (6) - روى أبو مسلم (7) عن أبيه أنه قال: هو شامي تابعي ثقة) (8).

- الثاني قوله: إنما يعرف تقديم غسل الوجه على المضمضة / 72. ب/ والإستنشاق من حديث المقدام. فإنه أيضا معروف مشهور من حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء (9).

__________

(5) بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أشياء متفرقة تغيرت في نقله أو بعده عما هي عليه: (1/ ل: 44. ب).

(6) عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمى، الحمصي، كنيته أبو سلمة، على ما أورده الذهبي في الكاشف (2/ 166) وابن حجر في ت. التقريب (1/ 550) وكذا في ت. التهذيب (6/ 254)، والخزرجي في الخلاصة (ص: 235) وغيرهم كثير.

أما عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي، أبو ميسرة، فهو آخر.

والواتع في سند الحديث هو الأول؛ وثقه العجلي، والذهبي، وذكره ابن حبان في ثقاته. وقال ابن المديني: مجهول لم يرو عنه غير حريز بن عثمان.

أقول: روى عنه صفوان بن عمرو حديثا في مسند الشاميين من مسند الإمام أحمد (ح: 341) وكذا روى عنه ثور بن يزيد؛ فزالت عنه الجهالة، على أن أبا داود قال: وشيوخ حريز كلهم ثقات / د ق.

قلت: ولم يصب الحافظ ابن المواق في التعريف بعبد الرحمن بن ميسرة؛ لأن أبا ميسرة ليس من رجال أبي داود، ولم يخرج له ولا حديثا واحدا في سننه.

- انظر كذلك: الجرح والتعديل 5/ 285 - الميزان (2/ 594)، مسند الشاميين، من مسند الإمام أحمد بن حنبل (1/ 335)، التعريف. برواة مسانيد الشاميين (ص: 242).

(7) أبو مسلم، كنية صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي.

(8) تاريخ الثقات، لأحمد بن عبد الله بن صالح العجلي: ص: 330.

(9) الربيع بنت معوذ بن عقبة، الأنصارية النجارية. روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعنها ابنتها عائشة بنت أنس بن مالك وآخرون. قال أحمد بن زهير: سمعت أبي قول: إنها من المبايعات بيعة الشجرة. / ع.

- الإستبصار في نسب الصحابة من الأنصار. ابن قدامة ص: 66 - الإصابة. ابن حجر 4/ 300 رقم 415.

(1/432)

قال الدارقطني: (نا إبراهيم بن حماد (10)، نا العباس بن يزيد (11)، نا سفيان ابن عيينة، نا عبد الله بن محمد بن عقيل (12) أن علي بن الحسين (13) أرسله إلى الربيع بنت معوذ يسألها عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث .. وفيه قال: فأتيتها، فأخرجت إليَّ إناء فقالت: في هذا كنت أخرج الوضوء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيبدأ؛ فيغسل يديه قبل أن يدخلهما ثلاثا، ثم يتوضأ فيغسل وجهه ثلاثا، ثم يمضمض ويستنشق ثلاثا، ثم يغسل يديه، ثم يمسح رأس 5 مقبلا ومدبرا، ثم غسل رجليه.

قال العباس بن يزيد هذه المرأة حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه بدأ بالوجه قبل المضمضة والإستنشاق، وقد حدث أهل بدر؛ منهم عثمان وعلي، - رضي الله عنهما - أنه بدأ بالمضمضة والإستنشاق قبل الوجه، والناس عليه.

قال م: ليس في إسناده مقال إلا ما يذكر في عبد الله بن محمد بن عقيل، وقد كان جماعة من أئمة هذا الشأن يحتجون بحديثه. اهـ

(192) وقال (1) في حديث: (اغتسلوا يوم الجمعة ولو كأسا بدينار). قولا

__________

(10) إبراهيم بن حماد بن إسحاق الأزدي. مولى جرير بن حازم. روى عن القاضي أبو الحسن الجراحي، وأبو الحسن الدارقطني وقال: ثقة فاضل، وقال عنه أيضا: ثقة جبل، توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة.

- تاريخ بغداد 6/ 61 ..

(11) العباس بن يزيد بن أبي حبيب، أبو الفضل، البحراني، عداده في أهل البصرة. حدث عنه يزيد ابن زريع وابن عيينة. ذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ. روى السلمي عن الدارقطني أنه قال: البحراني ثقة مأمون. ونقل عنه أنه قال مرة: تكلموا فيه.

- الثقات 8/ 511 .. - تاريخ بغداد 12/ 142 - تذكرة الحفاظ 2/ 503.

(12) عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب. تقدمت ترجمته.

(13) علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، زين العابدين، ثقة ثبت عابد فقيه فاضل مشهور، من الثالثة، مات سنة ثلاث وتسعين، وقيل غير ذلك./ع.

- التقريب 2/ 35.

(1) أي ابن القطان.

جاء في "الأحكام الشرعية" لعبد الحق الإشبيلي ما نصه:

"وذكر أبو أحمد من حديث حفص بن عمر، أبو إسماعيل الأيلي؛ قال حدثنا عبد الله بن المثنى عن عميه: النضر وموسى ابني أنس بن مالك، عن أبيهما أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: "اغتسلوا يوم الجمعة ولو

(1/433)

بين فيه وهم ق في قوله: (ولوكانت). ثم أورد الحديث بإسناده من كتاب الكامل لأبي أحمد الذي أورده ق من عنده، هكذا:

(نا الحسن بن يونس بن سعيد بن وهب، يلقب عجرة (2) بمصر؛ قال: نا إبراهيم بن مرزوق (3) قال: نا أبو إسماعيل الأيلي، هو حفص بن عمر (4)؛ قال:

__________

كانت بدينار")). اهـ

ثم أعله بحفص بن عمر.

- "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الجمعة (3/ ل: 56. ب).

ونقل ابن القطان نص الحديث من عند عبد الحق) ثم تعقبه بقوله: (وأراه تصحيفا من الرواة. وإنما هو في كتاب أبي أحمد: ولو كأسا بدينار، ثم ساقه من عند ابن عدي سندا ومتنا، فجاء تعقب ابن المواق عليه فيه بهذه الأوهام الثلاثة المذكورة.

انظر: لبيان الوهم والإيهام، باب ذكر أشياء متفرقة تغيرت في نقله، أو بعده عما هي عليه: (1/ ل: 45. ب). وروى حديث الباب ابن حبيان في (المجروحين 1/ 259)، وعلقه الذهبي في الميزان، كلاهما من طريق إبراهيم بن مرزوق بالسند المتقدم.

فالحديث ضعيف.

(2) الحسن بن يونس بن سعيد بن وهب، الذي عند ابن عدى أنه: ابن ورش. قال ابن حجر: (هو الحسن بن يونس، أو ابن يوسف المصري). لكن لا خلاف عند من ترجمه أن لقبه (عجوة) بالواو.

- نزهة الألباب في الألقاب، لإبن حجر ص: 206.

(3) إبراهيم بن مرزوق بن دينار الأموي، أبو إسحاق البصري، نزل مصر، ثقة عمى قبل موته، فكان يخطئ ولا يرجع، من الحادية: عشرة، مات سنة خمس وسبعين ومائتين./ س.

- الثقات، لإبن حبان: (8/ 86)، التقريب (1/ 43)، ت. التهذيب (1/ 141).

(4) حفص بن عمر، سمي بهذا الإسم عدة؛ منهم:

- حفص بن عمر بن ميمون العدني، الملقب بالفرخ، مولى عمر. روى عن الحكم بن أبان، وشعبة، ومالك، وعنه نصر لن علي الجهضمي، وآخرون. قال أبو حاتم: لين الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. ترجم له الذهبي في الميزان (1/ 560)، وفرق بينه وبين الأيلي، لكنه وهم في المغني في الضعفاء (1/ 180) فجمع يينهما./ ق. انظر: الجرح والتعديل (3/ 182 رقم 783)، الضعفاء الكبير (1/ 273)، كتاب المجروحين، لإبن حبان (1/ 257)، الكامل، لإبن عدي (2/ 365)، .. التهذيب (2/ 353).

- حفص بن عمر الحبطي، الرملي، أبو عمر، روى عن عبد الملك بن جريج، وأبي زرعة الشيباني.

وعنه محمد بن إسحاق الصاغاني، وعلي بن الحسن بن عبدويه الخزاز. قال يحيى: ليس بشيء. وقال مرة: ليس بثقة ولا مأمون، أحاديث كذب. وقال الأزدي: متروك الحديث. وقال ابن عدي: ليس له إلا اليسير من الحديث، وأحاديثه غير محفوظة. وقد وهم ابن حبان فجمع بينه، وبين الأبلي.

(1/434)

نا عبد الله بن المثنى (5)، عن عميه النضر، وموسى (6)؛ ابني أنس بن مالك، عن أبيهما أنس بن مالك. فذكر ع الحديث مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال م: وقع له في إسناد هذا الحديث أوهام ثلاثة:

- أحدها قوله في أبي إسماعيل الأيلي، هكذا منسوبا إلى (أيلة). (7) وصوابه: (الأبلي) منسوبا إلى (الأبلة) (8)، كذلك قيده أبو الوليد بن الفرضي، وكما ذكرنا عن ع ضبطناه عنه في هذا الحديث، وكذلك قاله في حديثه / 73. أ/ الآخر: السلام قبل السؤال، من بدأكم بالسؤال فلا تجيبوه. لما تكلم عليه في باب ما أتبعه كلاما يقضي بصحته (9). وكذلك أيضا وقع في "الأحكام"، حيثما وقع، لا أعلمه اختلف علي ضبطه كذلك، وهو وهم،

__________

انظر: كتاب المجروحين، لإبن حبان، الكامل، (2/ 388)، تاريخ بغداد (8/ 220)، الميزان (1/ 652، رقم 2133)، المغني في الضعفاء (1/ 181 رقم 1628)، لسان الميزان (2/ 325).

- حفص بن عمر بن دينار، أبو إسماعيل الأبلي، ومنهم من نسبه حفص بن عمر بن ميمون، ولعل النسبة هنا لأحد آبائه، روى عن ثور بن يزيد، ومسعر بن كدام، وعبد الله بن المثنى. وعنه إبراهيم ابن مرزوق، وأبو حاتم ويزيد بن سنان. قال ابن عدي: أحاديثه كلها منكرة المتن أو السند. وقال العقيلي: وحفص بن عمر هذا حديث عن شعبة، ومسعر، ومالك بن مغول بالأباطيل.

وقال صاحب (التوضيح): حفص هذا؛ هو حفص بن عمر بن دينار الأبلي، وهو ضعيف باتفاقهم، ولم يخرج له واحد من أصحاب السنن. وحديث الباب من طريق أبي إسماعيل الأبلي هذا.

قلت: ووهم من قال: الأيلي.

انظر: كتاب المجروحين (1/ 258)، الكامل (2/ 389)، ميزان الاعتدال (1/ 561)، لسان الميزان (2/ 324).

(5) عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس. مضت ترجمته.

(6) موسى بن أنس بن مالك الأنصاري، قاضي البصرة، ثقة، من الرابعة. / ع.

(7) (أَيْلَة) -بالفتح وسكون الياء وتخفيف اللام- بلدة تقع على ساحل بحر القلزم مما يلي ديار مصر.

(8) (الأُيُلَّة) -بالضم وضم الموحدة وتشديد اللام- بلدة تقع بالقرب من البصرة.

(9) حديث ابن عمر مرفوعا: "السلام قبل الكلام، من بدأكم السؤال فلا تجيبوه"، رواه ابن عدي في الكامل، في ترجمة عبد العزيز ابن أبي داود، (5/ 291)، ومن طريق ابن عدي ذكره ابن الخراط، في باب السلام والإستئذان (7 / ل: 107. أ)، وذكره ابن القطان في الباب المذكور باب ما أتبعه كلاما يقضي بصحته: (2 / ل: 135. ب).

(1/435)

صوابه ما ذكرته؛ وكذلك وجدته مضبوطا بخط أبي محمد بن يربوع (10) على الصواب.

- الوهم الثاني: قوله في اسم والد الحسن شيخ أبي أحمد (ابن يونس)؛ وهكذا تلقيناه أيضا عنه، والصواب: (ابن يوسف). وعلى الصواب ألفيته فيما رأيت من كتاب "الكامل".

وذكره أبو الوليد بن الفرضي في الألقاب، قال فيه: (الحسن بن يوسف). وهكذا قال فيه أبو بكر بن نقطة (11).

- الثالث في قوله: لقب الحسن هذا (عُجرة)، وهكذا أيضا تلقيناه عن ع - بالعين المضمومة والراء - وقال ابن الفرضي في الألقاب: عجوة، هو أبو علي الحسن بن يوسف؛ يروي عن عبد الله بن نعمة. روى عنه أبو بكر محمد بن

الحارث القرشي. ثم أسند من طريقه حديثا.

قال م: وذكر ابن نقطة في باب عجرة وعجوة، فقال: وأما عَجْوَة -بفتح العين الهملة وسكون الجيم وفتح الواو- فهو الحسن بن يوسف بن سعيد بن

__________

(10) عبد الله بن أحمد بن سعيد بن وبوع، أبو محمد، الشنتيريني، الإشبيلي، نزيل قرطبة، سمع من محمد بن أحمد بن منظور صحيح البخاري، صحب أبا علي الغساني، واختص به. روى عنه أبو القاسم بن بشكوال، وقال: كان حافظا للحديث وعلله، عارفا برجاله، والجرح والتعديل ضابطا ثقة .. من مصنفاته: (الإقليد في بيان الأسانيد)، (تاج الحلية وسراج البغية في معرفة أسانيد الموطأ، وكتاب (البيان عما في كتاب أبي نصر الكلاباذي من النقصان)، وكتاب (المنهاج في رجال مسلم). توفي سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة. سير أعلام النبلاء 19/ 578.

(11) محمد بن عبد الغني بن أبي بكر بن شجاع بن أبي نصر بن عبد الله البغدادي الحنبلي، المعروف بابن نقطة. سمع ببغداد من يحيى بن أسعد بن بوش وطائفة، ارتحل إلى واسط، وإربل، وأصبهان، وخراسان، ودمشق، ومصر. قال المنذري: (سمعت منه، وسمع مني بجيزة فسطاط مصر، وغيرها، وكان أحد المشهورين بكثرة الطب والكتابة والرحلة). من مصنفاته: (التقييد لمعرفة رواة السن والمسانيد)، (إكمال الإكمال) الذي ذيل به على ابن ماكولا. توفي سنة تسع وعشرين وست ومائة.

- التكلمة لوفيات النقلة، للمنذري (3/ 300 رقم 2374)، وفيات الأعيان، لإبن خلكان: (ترجمة 632).

(1/436)

وهب؛ أبو علي الأنماري، يقال له عجوة، حدث عن يزيد بن سنان (12) ويونس ابن عبد الأعلى (13)، حدث عنه أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني (14)، وأبو بكر ابن المقرئ الأصبهاني (15) في معجميهما.

قال م: وروى هذا الحديث عن إبراهيم بن مرزوق أبو عبد الله بن زغبة؛ محمد بن أحمد بن حماد (16)، رأيته بخط أبي عمر الصدفي؛ قال: نا أبو عبد الله بن زغبة محمد بن أحمد بن حماد؛ قال: نا إبراهيم بن مرزوق، فذكر الحديث بنصه. اهـ

(193) وقال (1) في حديث أبي هريرة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نهض من

__________

(12) يزيد بن سنان بن يزيد، أبو خالد القزاز، البصري، نزيل مصر، روى عن عثمان بن عمر بن فارس وعبد الرحمن بن مهدي. وعنه النسائي وأبو عوانة الأسفرايني وأبو جعفر الطحاوي. قال الحافظ: ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة أربع وستين ومائتين. / س.

- التقريب 2/ 365 - ت. التهذيب 11/ 292.

(13) يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة، أبو موسى المصري، ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة أربع وستين ومائتين. / م س ق.- التقريب 2/ 385.

(14) عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد الجرجاني. تنظر ترجمته في الدراسة.

(15) هو أبو بكر، محمد بن إبراهيم الأصبهاني. انظر ترجمته في الدراسة.

(16) أبو عبد الله بن زغبة، هو محمد بن أحمد بن حماد بن مسلم التجيبي، المصري. لم أقف على ترجمته. أما والده أحمد، فهو من شيوخ النسائي، ترجم له في سائر المصدر، منها: المؤتلف والمختلف الدارقطني (2/ 1069)، المعجم المشتمل، لإبن عساكر (ص: 43)، سير أعلام النبلاء (13/ 533).

(1) أي ابن القطان.

جاء في الأحكام الشرعية لعبد الحق الإشبيلي ما نصه:

(مسلم. عن أبي هريرة؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نهض في الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت.

ولم يصله مسلم، ووصله أبو بكر البزار) اهـ.

فتعقبه ابن القطان بقرله:

(وهو خطأ فإن مقتضى هذا الحديث هكذا أن الثانية لا يسكت فيها قبل القراءة كما يسكت في الاُولى التي قبلها. وهذا شيء لم يذكره مسلم لا موصولا ولا مقطوعا، وإنما ذكره البزار، أها مسلم فإنه أورد الحديث منقطعا؛ ولفظه عنده: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله ولم

(1/437)

الركعة الثانية استفتح القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ولم يسكت.

__________

يسكت). هذا نص حديثه.

ثم بين أن مقتضاه أنه إذا استوى قائما من الثالثة لم يسكت ابتداء هاتين الركعتين الأخيرتين، كما سكت في ابتداء الأوليين.

ثم وعد بذكره في باب الأحاديث التي أوردها على أنها متصلة وهي منقطعة.

وابن المواق تعقبه في هذا الوعد، بأنه لا محل له؛ لأن عبد الحق ذكر الحديث من عند مسلم منقطعا، ولم يدع اتصاله.

والمتتبع للباب المذكور عند ابن القطان يجد أنه لم يذكر الحديث فيه، فلعل ابن القطان -عند المراجعة- تبين له وجه الحق فترك ذكره.

انظر: صحيح مسلم، كتاب المساجد مواضع الصلاة: باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة (1/ 419 ح: 148)، الأحكام الشرعية: يهاب الصلاة، باب تكبيرة الأحرام وهيئة الصلاة والقراءة والركوع (2 / ل: 83. أ)، بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أشياء متفرقة تغيرت في نقله، أبو بعده عما هي عليه (1/ ل: 45. ب).

قلت: بقي كلام على هذا الحديث في نقطتين:

الأول الكلام على رواية مسلم المنقطعة -أو التي في حكم المنقطع-: لما قال مسلم في هذا الحديث: (حدثت) بالبناء للمجهول. اعتبره أبو علي الغساني من الأحادث المقطوعة -في اصطلاحه- ونص على انقطاعه المازري، وكذلك فعل ابن الصلاح.

وقد اعترض الحافظ رشيد الدين العطار على من ادعى أنه منقطع؛ وقال بأنه مسند، لكن وقع الإيهام في أحد رواته، ثم بين أنه موصول عند أبي بكر البزار في مسنده، وعند أبي نعيم في مسنده الصحيح المستخرج على كتاب مسلم. انتهى ملخص ما ذكره رشيد الدين العطار.

قلت: ووصله كذلك الإمام ابن خزيمة في صحيحه؛ فرواه عن الحسن بن نصر المعارك المصري، عن يحيى بن حسان بالسند المتقدم، ورواه ابن حبان في صحيحه بسند صحيح.

انظر: تقييد المهمل، لأبي علي الغساني: مخطوطة بغداد: (ل: 155. أ)، مخطوطة المسجد الأعظم بمكناس (المغرب): (ص: 286)، المعلم، للمازري: مخطوطة الخزانة العامة بالرباط (رقم 1829 د: ص: 61 ...)، صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط، لإبن الصلاح (ص: 78)، غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة؛ لرشيد الدين العطار؛ مخطوطة الخزانة العامة بالرباط (رقم 174: ل: 8. أ)، مخطوطة برلين (رقم 314: ل: 6. ب)، صحيح ابن خزيمة: (3/ 48 ح: 108)، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (5/ 263 ح: 1936)، تغليق التعليق على صحيح مسلم، لعلي بن حسن الحلبي (ص: 44).

النقطة الثانية: الكلام على تعقب ابن القطان لعبد الحق:

قلت: حديث أبي هريرة هذا لفظه واحد عند مسلم (من الركعة الثانية) ولفظ رواية البزار (في الركعة الثانية). وقد يراد المعنى الذي ذكره ابن القطان؛ من أن مقتضى اللفظ عند مسلم: أن السكتة تكون في الركعتين الأوليين حتى إذا قام للركعة الثالثة قرأ (الحمد ..) ولم يسكت. لكن سياق الحديث عند مسلم يدل على

(1/438)

وفيما أتبعه ق من قوله: "لم يصله مسلم، ووصله أبو بكر البزار": قولا بين فيه وهم ق في قوله في لفظ حديث/73. ب/ مسلم: "إذا نهض في الثانية". وعرف أن صوابه: "من الركعة الثانية"، وأنه الواقع عند مسلم: -يعني ع بلفظة (من)، لا بلفظة (في)، ثم فرق بين معنيي اللفظتين في مفهوم ألحديث، ثم قال: وإنما ذكره البزار موصولا -يعني بلفظة (في)، تم قال آخر كلامه: (وسيأتي أمر انقطاعه واتصاله في باب الأحاديث التي أوردها على أنها متصلة، وهي منقطعة).

قال م: كذا وعد ع في البرنامج أن يذكر هذا الحديث في الباب المذكور، ولم يذكره هنالك، ووعْدُه بذكره في ذلك الباب وهم منه، فإن ق قد صرح بأنه عند مسلم غير موصول، وقد يظن أنه إنما وعد بذكر حديث البزار الذي قال ق: "أنه موصول". وذلك أيضا لا يصح، فإن حديث البزار لا انقطاع فيه، ويتبين ما قلته بإيراده من مسند البزار؛ قال: "نا محمد بن مسكين (2)؛ قال: نا يحيى بن حسان، قال: نا عبد الواحد بن زياد، قال: نا

__________

خلافه؛ فقد ذكر مسلم قبل حديث الباب حديث أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كبر في الصلاة سكت هنية، قبل أن يقرأ الحديث. ومراده من ذكره له أن يثبت أنه من هديه - صلى الله عليه وسلم - السكتة التي في الركعة الأولى، والتي يقرأ فيها دعاء الإستفتاح، ثم أخرج مسلم حديث الباب لبيان أن دعاء الإستفتاح لا يشرع إلا في الركعة الأولى. ثم إنه لا قائل - من علماء الحديث -ولا من غيرهم- بمشروعية قراءة دعاء الإستفتاح في الركعة الثانية كما في الركعة الأولى.

وكذلك وضع ابن خزيمة هذا الحديث تحت ترجمة (باب افتتاح الإمام القراءة في الركعة الثانية في الصلاة التي يجهر فيها من غير سكت قبلها)، وابن بلبان ترجمه عند ترتيبه لصحيح ابن حبان: (ذكر ما يستحب للمصلي ألا يسكت في ابتداء الركعة الثانية من صلاته كما يفعل ذلك في الركعة الأولى)، ويزيد ما ذكرت أن طائفة من علماء اللغة تقول بنيابة حروف الجر بعضها عن بعض، وهذا الحديث أخرجه ابن خزيمة بلفظ (للركعة الثانية)، وهكذا ثبت في روايات هذا الحديث استعمال حروف الجر (م، في، ل).

(2) محمد بن مسكين بن نُمَيْلة، بالنون مصغرًا، أبو الحسن اليماني، نزيل بغداد، ثقة من الحادية عشرة. / خ م د س.

- التقريب 2/ 207.

(1/439)

عمارة بن القعقاع بن شبرمة (3)؛ قال نا أبو زرعة (4) عن أبي هريرة؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نهض في الثانية -يعني من الصلاة يستفتح بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ولم يسكت".

قال البزار: وهذا الحديث لا نعلم أحدا رواه بهذا اللفظ إلا يحيى بن حسان عن عبد الواحد، وأحسبه اختصره من حديث.

قال م: هكذا ذكره (نا) في كل واحد منهم إلى أبي زرعة؛ فلا يبقى فيه توهم انقطاع فيما بين راو وراو، وأبو زرعة عن أبي هريرة متصل، مخرج في الصحيح لا شك في سماعه منه، وعند مسلم في هذا الإسناد ذكر سماعه منه لهذا الحديث:

قال مسلم: (وحُدثت عن يحيى بن حسان، ويونس المؤدب، وغيرهما؛ قالوا: نا عبد الواحد بن زياد؛ قال: حدثني عمارة بن القعقاع؛ قال: نا أبو زرعة، قال سمعت أبا هريرة يقول كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ولم يسكت.

فتبين بذللث وهم ع فيما وعد به / 74. أ / من ذلك. اهـ

(194) وقال (1) في حديث بريدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقولوا للمنافق

__________

(3) عمارة بن القعقاع بن شُبرمة الضبي، بضم المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة، الكوفي، ثقة، أرسل عن ابن مسعود، وهو من السادسة. ا/ ع.

- الترقيب 2/ 511

(4) أبو زرعة، واسمه: هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي، كان من علماء التابعين، روى عن أبي هريرة ومعاوية وعبد الله بن عمرو بن العاص. ثقة، من الثالثة. / ع.

التاريخ الصغير: للبخاري (1/ 268)، الثقات، لإبن حبان (5/ 513)، التقريب (2/ 424).

(1) أي ابن القطان.

الحديث أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص: 248. ح: 244)، ولفظ هذه الرواية:: (لا تقولوا للمنافق سيدنا، فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم).

ومن طريق معاذ بن هشام المتقدم أخرجه أحمد (5/ 346 ...)، وأبو داود (5/ 257 ح: 4977)، والبخاري

(1/440)

سيدنا، فإنه إن يكن سيدكم فقد أسخطتم ربكم"، الذي ذكره ق من طريق النسائي، ما هذا نصه:

(كذا وقع في النسخ، وإنما هو عند النسائي: لا تقولوا للمنافق سيد) (2).

قال م: قد طالعت هذا الحديث في نسخ عتق من مصنف النسائي رواية محمد بن قاسم (3) عنه، فألفيت الحديث فيها على ما قاله ق؛ هكذا في باب النهي أن يقال للمنافق سيدنا: (أخبرنا عبيد الله بن سعيد (4)؛ قال: نا معاذ بن هشام؛ قال: حدثني أبي (5) عن قتادة، عن عبد الله بن بريدة (6)، عن أبيه، أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقولوا للمنافق سيدنا، فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم".

__________

في الأدب المفرد (ح: 760)، وابن السني في عمل اليوم واللبلة (ص: 385).

وهذا سند صحيح.

ورواه عقبه بن عبد الله الأصم عن عبد الله بن بريدة، أخرجه من هذا الطريق:

الخطيب في تاريخ بغداد (5/ 454)، والحاكم في المستدرك (4/ 311) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. لكن تعقبه الذهبي بقوله: عقبه ضعيف.

قال الشبخ الألباني: (قلت لكن تابعه قتادة. فالحديث صحيح).- الصحيحة، للألباني ح: 371.

(2) بيان الوهم والإيهام (1 / ل: 44. ب).

(3) محمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن سيار. مضت ترجمته.

(4) عبيد الله بن سعيد اليشكري. مضت ترجمته.

(5) هشام بن أبي عبد الله سنبر، الدستوائي. مضت ترجمته.

(6) عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي: أبو سهل. قاضي مرو، مشهور في التابعين. وثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات. روى عن عدد من الصحابة منهم: أبوه وابن عمر وابن عباس. وقال الأثرم عن أحمد: أما سليمان بن بريدة فليس في نفسي منه شيء)، وأما عبد الله، ثم سكت. ونقل الجوزجاني عن أحمد أنه ضعيف فيما يروي عن أبيه. وقال إبراهيم الحربي: عبد الله أشهر من سليمان، ولم يسمعا من أبيهما، وفيما روى عبد الله عن أبيه أحاديث منكرة، وسليمان أصح حديثا. قلت: اخرج له الستة من روايته عن أبيه؛ وناهيك شرطي البخاري ومسلم. وقال الحافظ ابن حجر: ثقة. مات سنة خمس عشرة ومائة.

- الجمع بين رجال الصحيحين، لإبن القيسراني (1/ 247)، ت. التهذيب (5/ 137 ..)، هدي الساري (ص: 431).

(1/441)

وألفيته في رواية حمزة بن محمد الكناني (7)، ورواية أبي الحسن أحمد بن محمد بن أبي تمام الصري (8) على ما قاله ع، فليس على واحد منهما درك فيما نقله لإختلاف رواة كتاب النسائي عنه في ذلك في لفظ الحديث، وفي التبويب عليه أيضا، فاعلمه. اهـ

واعلم أن هذا الحديث مما أنكر أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني على عبد الله بن بريدة، وسيأتي ذلك عنهما في الإغفال من باب ما سكت عنه مصححا له، إن شاء الله. (9) اهـ

(195) وقال (1) ما هذا نصه: "وذكر أيضا في باب التيمم من كتاب الطهارة من طريق العقيلي عن صالح بن بيان، عن محمد بن سليمان، عن أبيه (2)، عن جده (3)، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يمسح التيمم هكذا")) (4). قولا بين فيه وهم ق في قوله: (المتيمم)، وىهـ ف بصوابه أنه (اليتيم يمسح رأسه هكذا)، وأصاب فيما ذكر من ذلك، ولكنه وهم في صالح الواقع في إسناده؛ حيث قال فيه: (ابن بيان)، وإنما هو (الناجي)، كذا

__________

(7) حمزة بن محمد بن علي بن العباس الكناني، أبو القاسم الحافظ، صاحب مجلس البطاقة. سمع أبا عبد الرحمن النسائي، وأبا يعلى الموصلي، وآخرون. روى عنه الدارقطنى، وأبو عبد الله بن منده الحافظ، وعبد الغني بن سعيد. توفي سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

- الأنساب، للسمعاني (5/ 98)، فهرسة ابن خير (ص: 112)، سير أعلام النبلاء (16/ 179).

(8) أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي تمام المصري، إمام المسجد الجامع بمصر، سمع من النسائي "عمل اليوم والليلة"، وسمعها منه أبو محمد الأصيلي سنة اثتتين وخمسين وثلاث مائة.

(9) لم يذكر في القسم الآتي من "البغية".

(1) أي: ابن القطان.

تقدم الكلام على هذا الحديث (ح: 108).

(2) سليمان بن علي، مضت ترجمته.

(3) علي بن عبد الله بن عباس، مضت ترجمته.

(4) بيان الوهم والإيهام (1 / ل: 45. ب).

(1/442)

وفع في "الأحكام" (5)، وعند العقيلي (6)، / 76. أ/ الذي نقل الحديث من عنده. وقد راجع ع فيه الصواب لما نقل الحديث من كتاب العقيلي يإسناده (7). وإنما سبقه الوهم أولا باسم يحفظه.

وصالح بن بيان غير صالح الناجي؛ صالح الناجي هو ابن زياد، روى عن ابن جريج، ومن روايته عنه، عن الزهري في قوله تعالى: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} (8)؛ قال: حسن الصوت (9). وروى عنه أبو عاصم النبيل، ومحمد بن مرزوق (10)، فاعلمه. اهـ

(196) وقال (1) في حديث عائشة؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن شيئا، وفيما أتبعه ق من قوله: (هذا حديث يرويه زهير بن محمد، قال أبو عمر: حديث زهير بن محمد في التسليمتين لا يصح مرفوعا. وزهير ضعفه ابن معين وغيره (2) في التسليمتين. وحديث ابن مسعود في التسليمتين (3)

__________

(5) الأحكام الشرعية 1/ ل: 98. أ.

(6) الضعفاء الكبير (4/ 73).

(7) لبيان الوهم والإيهام: (1 / ل: 46. أ).

(8) سورة فاطر الآية 1.

(9) روى الحديث له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل): 4/ 404.

(10) محمد بن محمد بن مرزوق بن بكير، الباهلي، البصري، وقد ينسب إلى جده، صدوق له أوهام، من الحادية عشرة. مات سنة ثمان وأربعين ومائتين. / م ت ق.

- التقريب 2/ 205 - ت. التهذيب 9/ 382.

(1) أي ابن القطان، وتقدم الكلام على هذا الحديث (ح: 136).

(2) في المخطوط (وعنده).

(3) المراد بحديث ابن مسعود في التسليمتين الذي ذكره عبد الحق الإشبيلي من طريق النسائي:

(عن عبد الله بن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيمن، وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيسر).

"الأحكام": كتاب الصلاة، باب تكبيرة الإحرام وهيئة الصلاة والقراءة والركرع (2 / ل: 109. ب).

(1/443)

صحيح) (4). قولا بين فيه ما وقع عند ق فيه من الوهم في قوله: (حديث زهير بن محمد في التسليمتين). فإن حديث زهير إنما هو في التسليمة الواحدة. ثم نقل ع كلام أبي عمر، فكان منه قوله:

(وزهير بن محمد ضعيف عند الجميع، كثير الخطإ. لا يحتج به، وذكر ليحيى لن سعيد هذا الحديث؛ فقال: عمرو بن أبي سلمة وزهير بن محمد ضعيفان، لا حجة فيهما. ثم قال بَعد كلام:

(وفي كلام أبي عمر حمل على زهير، وعمرو بن أبي سلمة يفوق ما يستحقان، وليسا كذلك عند أهل العلم بهما، وليس هذا موضع بيانه؛ فإني لم أقصد تصحيح كلام أبي عمر والمعروف لإبن معين توثيق زهير بن محمد) (5).

ثم ذكر عمل ق في بعض روايات زهير بن محمد من إعلاله الحديث به تارة، وسكوته عنه أخرى؛ فكان عليه فيما ذكر هنا سهوان:

- أحدهما قوله حاكيا عن أبي عمر؛ أنه قال: (وذكر ليحيى بن سعيد هذا الحديث)، فإنه وهم، والذي عند أبي عمر: (وذكر ليحى بن معين). وقد راجع ع /76. ب/ الصواب فيه ثانيا حيث اعترض كلام أبي عمر؛ فقال: (والمعروف لإبن معين توثيق زهير).

__________

أخرجه النسائي: كتاب السهو، كيف السلام على الشمال (3/ 72 ح: 1324)، كما أخرجه أبو داود: كتاب الصلاة، باب في السلام (1/ 606 ح: 996)، وأخرجه الترمذي: أبواب الصلاة، باب مما جاء في التسليم في الصلاة (2/ 89 ح: 295)، وقال عقبه: (حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم)، وأخرجه ابن ماجة: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب التسليم (1/ 296 ح: 914)؛ كلهم من طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود. وله طرق أخرى غير الطريق المذكور.

- تحفة الأشراف 7/ 13 خ: 9182، 7/ 124 خ: 9504.

والحديث صحيح، وذكره الألباني في صحيح كتب السنن الأربعة.

(4) "الأحكام": (2/ ل: 109. ب) - بيان الوهم والإيهام (1/ ل: 47. أ).

(5) بيان الوهم (1 / ل: 47. ب).

(1/444)

- الثاني تركه مؤاخذة ق في إعلال الحديث بزهير بن محمد، وترك إعلاله بعمرو بن أبي سلمة راويه عن زهير، بل حسَّن القول في عمرو حتى عتب على أبي عمر الإعلال به، وقال: (إنه ليس عند أهل العلم كذلك، أي في حد من يضعف الخبر به؛ فإنه سما عن أقوال الأئمة فيه.

روى أبو بكر الأثرم (6)؛ قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وذكر رواية أبي حفص التنيسي عن زهير بن محمد؛ فقال: أراه سمعها من صدقة بن عبد الله أبي معاوية (7) فغلط بها فقلبها عن زهير بن محمد.

قلت: وصدقة بن عبد الله هذا بهذه المنزلة؟ فقال: - ذاك منكر الحديث جدا. وقال أيضا في موضع آخر: وسمعت أبا عبد الله، وذكر رواية الشاميين عن زهير ابن محمد الذي يروي عنه أصحابنا، ثم قال: أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة؛ عبد الرحمن بن مهدي، وأبو عامر، أحاديث مستقيمة صحاح. قال أبو عبد الله: (وأما أحاديث أبي حفص ذاك التنيسي عنه، فتلك بواطل

__________

(6) أبو بكر الأثرم: أحمد بن محمد بن هاني، الطائي، نزل الري، روى عن الإمام أحمد مسائل سأله عنها. حدث عنه النسائي في سننه. له مصنف في (السنن)، وآخر في علل الحدث. وكان جليل القدر حافظا.

توفي على مما ذكر ابن قانع سنة ثلاث وسبعين ومائتين.

الجرح والتعديل 2/ 72 رقم 134 - سير أعلام النبلاء 12/ 623.

(7) أبو معاوية، صدقة. قال الهروي: هما اثنان؛

أحدهما: الدمشقي يروي عن القاسم بن عبد الرحمن.

روى عنه الوليد بن مسلم.

والآخر: صدقة بن عبد الله السمين.

يروي عن أبي وهب الكلاعي. تكلموا فيه.

ويظهر أن الهروي تبع في ذلك البخاري ومسلما. وقد تعقبه الخطيب البخاري في (صدقة) فبين أنه وهب في تفريقه صدقة، وأوضح صوابه أنه واحد، وهو الذي جرى عليه ابن أبي حاتم، وكذا عند الذهبي. / ت س ق.

- التاريخ الكبير، للبخاري 4/ 296 - الكنى والأسماء، لمسلم 2/ 758.

- الجرح والتعديل 4/ 429 رقم 1889 - المعجم في مشتبهي أسامي المحدثين. أبو الفضل الهروي ص: 167 - موضح أوهام الجمع والتفريق، الخطيب 1/ 126 - المقتنى في سرد الكنى، للذهبي 2/ 86.

(1/445)

موضوعة، أو نحو هذا، فأما بواطل فقد قاله) (8).

قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: روى أبو حفص عن زهير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم تسليمة؟

فقال أبو عبد الله مثل هذا، وأنكره.

وقال البخاري في تاريخه، وذكر زهير بن محمد فقال: (روى عنه أهل الشام أحاديث منكرة، قال أحمد: كأن الذي روى عنه زهير [آخر] (9) فقلب

اسمه) (10).

قال م: وهذا القدر كاف في التنبيه هنا على بعض ما قيل في عمرو بن أبي سلمة، وسنعيد الكلام على هذا الحديث في باب ما أعله برجال وترك غيرهم، وهناك نعرف بما عندنا من الأقوال في زهير بن محمد لأجل أن ق ضعف الحديث به، وترك من دونه: أبا حفص التنيسي، إن شاء الله تعالى. اهـ

(197) وقال (1) في كلامه على مرسل مكحول الذي ذكره ق من مراسيل /77. أ/ أبي داود هكذا: عن مكحول؛ قال: أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا هريرة؛ ثم قال: إذا غزوت .. فذكر أشياء؛ قال: " (و) (2) لا تحرقن نخلا، ولا تغرقنه، ولا تؤذين مؤمنا" (3).

__________

(8) نقل ذلك ابن حجر في - ت. التهذيب (3/ 301) في ترجمة زهير بن محمد التيمي.

(9) ما بين المعقوفتين أضيف من التاريخ الكبير والصغير.

(10) التاريخ الكبير 3/ 427 .. - التاريخ الصغير 2/ 137.

(1) أي ابن القطان.

(2) (و) زيدت من المراسيل.

(3) الكلام على مرسل مكحول:

الحديث ذكره عبد الحق في الأحكام: كتاب الجهاد، باب النهي عن تمني لقاء العدو، والدعوة قبل القتال: (5 / ل: 10. ب).

وذكره ابن القطان في باب ذكر أشياء متفرقة تغيرت في نقله أو بعده عما هي عليه (1/ ل: 49. ب).

(1/446)

وفي كلامه على مرسل القاسم - مولى عبد الرحمن - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ذكر نحوه: لا تحرقن نخلا، ولا تغرقنه، ولا تؤذ مؤمنا. (4) وفي قول ق: إن أبا

__________

وأخرجه أبو داود في موضعين من مراسيله (تحقيق الأرناؤوط): في باب فضل الجهاد ح: 315، وفي باب ما جاء في الطيرة ح: 5423 - تحفة الأشراف 13/ 401 ح: 19487.

والحدث يرويه أبو داود عن أبي صالح، محبوب بن موسى، عن أبي إسحاق، عن يزيد بن السمط، عن النعمان، عن مكحول.

أبو صالح محبوب بن موسى الأنطاكي الفراء، صدوق، وباقي رجاله ثقات غير النعمان، وهو ابن النذر الغساني، وهو صدوق.

وأبو إسحاق هو إبراهيم بن محمد الفزاري.

وهذا لفظ الحدث في الموضع الأول: (أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا هريرة، ثم قال: "إذا غزوت فلقيت العدو فلا تجبن، ووجدت فلا تغلل، ولا تؤذين مؤمنا، ولا تعص ذا أمر ولا تحرق نخلا، ولا تغرقه" قال: فكان أبو هريرة يخبر بهن الناس).

وفي الموضع الثاني أورده مختصرا فقال: (أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا هريرة، ثم قال: "إذا غزوت فذكر أشياء؛ قال: "ولا تحرق نخلا، ولا تغرقه, ولا توذين مؤمنا").

(4) الكلام على مرسل القاسم مولى عبد الرحمن: رواه أبو داود في موضعين من مراسيله؛ فقال في باب ما جاء في الطيرة:

"حدثت عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن سليمان بن عبد الرحمن عن القاسم مولى عبد الرحمن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثم ذكر نحوه، وقال: ولا تحرق نخلا ولا تغرقها، ولا تقطع شجرة مثمرة، ولا تقتل بهيمة ليست لك بها حاجة، واتق أذى المؤمن"". (ح: 543).

قلت: قول أبي داود (وذكر نحوه)، الضمير يعود على الحدث الذي قبله؛ وفيه: (أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا هريرة ..).

وهذه هي الطريق التي قال فيها عبد الحق إن أبا داود لم يصل سنده بالقاسم مولى عبد الرحمن، والأمر بين أن ابن القطان لم يطلع على هذا الطريق، ولذا كان له على عبد الحق في هذا الحديث عدة تعقبات. وعلة هذا الطريق الإنقطاع بين أبي داود وابن وهب، أما رجاله فرجال الصحيح عدا القاسم مولى عبد الرحمن؛ فإنه من رجال أصحاب السنن، وهو صدوق.

الطريق الثاني:

(حدثنا سليمان بن داود المهري، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن عثمان بن عبد الرحمن عن القاسم- مولى عبد الرحمن - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -أوصى رجلا غزا، قال: "ولا تقطع شجرة مثمرة، ولا تقتل بهيمة ليست لك بها حاجة، واتق أذى المؤمن"). (ح: 316).

هكذا ورد في المراسيل (تحقيق الأرناؤوط): (عن عثمان بن عبد الرحمن عن القاسم)، وهو كذلك في تحفة الأشراف: (ح: 19198)، وعثمان بن عبد الرحمن مجهول (التقريب 2/ 12). وجعل ابن القطان عوض عثمان هذا (عمرو بن عبد الرحمن) وأعله به. وتعقبه الحافظ ابن المواق بأنه وهم منه، وأن الذي في الإسناد هو: سلمان بن عبد الرحمن.

(1/447)

داود لم يصل به سنده ما هذا نصه: والمقصود منه قوله (إن أبا داود لم يصل سنده بالقاسم- مولى عبد الرحمن:

"ولا أدري لعله سقط من النسخة التي نقل منها، أو وقعت رواية من كتاب المراسيل عن أبي داود كذلك، ولا أعرفها، والحديث فيما عندي، وما رأيت من كتاب المراسيل هكذا:

نا سليمان بن داود، أنا ابن وهب، نا عمرو بن الحارت (5)، عن عمرو بن عبد الرحمن، عن القاسم - مولى عبد الرحمن - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -أوصى رجلا عشرا (6)؛ قال: "ولا تقطع شجرة ثمر (7)، ولا تقتل بهيمة ليست لك بها حاجة، واتق أذى المؤمن"" (8).

قال ع: "هذا نص ما ذكر أبو داود، ويتبين منه خلاف ما أوهمه سياقه من أن الموصى هذا هو أبو هريرة، وإنما في هذا الحديث أوصى رجلا، لعله غير أبي هريرة، وفي المرسل الأول أيضا تَغْيِير (*)؛ إلا أنه ربما خرج له وجه يسمح

__________

قلت: ويترجح قول ابن المواق برواية سعيد بن منصور في سننه (2/ 149 ح: 2384)، حيث يروي الحديث عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن القاسم مولى عبد الرحمن، ثم إن سليمان بن عبد الرحمن معروف بروايته -كما ذكر ابن المواق في الدرك الرابع لهذا الحديث- عن القاسم مولى عبد الرحمن، أما عمرو بن عبد الرحمن، فلا يعرف في كتب الرجال -من رجال هذه الطبقة، أو قريب منها- إلا عمرو بن عبد الرحمن بن أمية التيمي، وهو يروي عن أبيه يعلى بن أمية، له حديث واحد: قال جئت بأبي يوم الفتح، فقلت: يا رسول الله، بايعه على الهجرة الحديث، فتبين بكل ما تقدم وهم ابن القطان فيما ذهب إليه.

انظر: ت. التهذيب 8/ 60.

(5) عمرو بن الحارث بن يعقوب. تقدمت ترجمته.

(6) في المراسيل (غزا).

(7) (ثمر) هكذا عند ابن القطان، وقد تكفل ابن المواق بتصحيحها.

(8) بيان الوهم والإيهام (1/ ل: 49. ب، 50. أ).

(*) في المخطوط (تغييرا).

(1/448)

فيه، وذلك أن نصه في كتاب المراسيل هكذا: "يا أبا هريرة إذا غزوت فلقيت العدو فلا تجبن، ووجدت فلا تغلل، ولا تؤذين مؤمنا، ولا تعص ذا أمر، ولا تحرق نخلا، ولا تغرقه".

هذا نصه، فاختصره أبو محمد (9)؛ فقال في اختصاره: " فذكر أشياء؛ فقال: لا تحرقن نخلا، ولا تغرقنه، ولا تؤذ مؤمنا، فتأخر (ولا تؤذ مؤمنا) عن: (ولا تغلل) (10).

ثم قال بعد كلام:

وسيأتي لهذا الحديث ذكر في باب الأحاديث التي لم يعبها بسوى الإرسال، ولها عيوب سواه (11)؛ فإن عمرو بن عبد الرحمن لا تعرف حاله، إلا أن أبا محمد قال: إنه لم يقف له على إسناد يوصل إلى القاسم؛ فاتضح في ذلك عذر 5 من وجه". (12).

قال م: هكذا نذكره، وعليه فيه أدراك:

- الأول فيما نسب إلى ق من الإختصار في الحديث الأول، فإنه وهم /77. ب/ عليه في ذلك؛ وإنما نقله كما وجده في المراسيل، إذ وقع كذلك في رواية أبي الحسن؛ علي بن إبراهيم التبريزي (13) عن أبي عمر القاسم بن جعفر

__________

(9) لم يختصره عبد الحق، ولكنها رواية أخرى كما تقدم.

(10) بيان الوهم .. (1/ل: 50. أ).

(11) أعاده ابن القطان في الباب الذي وعد بذكره فيه، وأعله بعمرو بن عبد الرحمن، ثم ذكر أن القاسم مولى عبد الرحمن المذكور هنا هو ابن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن الشامي، مولى عبد الرحمن ابن خالد بن يزيد بن معاوية، وهو مختلف فيه، وأن عبد الحق الإشبيلي يصحح ما يوريه كما يفعل الترمذي: (بيان الوهم .. 1/ 153. أ).

(12) بيان الوهم والإيهام 1/ 50. أ.

(13) علي بن إبراهيم بن على التبريزي، أبو الحسن المعروف بابن الخازن، روى عن القاسم بن جعفر الهاشمى مصنف أبي داود. دخل الأندلس -سنة 421 هـ- فسمع منه بها جماعة من علمائها؛ روى عنه سنن أبي داود محمد بن هشام القيسي، ومحمد بن فتوح الأنصاري. قال في حقه ابن بشكوال: "كان من أهل العلم

(1/449)

الهاشمي (14)، عن أبي علي اللؤلؤي (15)، عن أبي داود، وأظنه وقع كذلك في رواية عن أبي ذر (16)، ووقع كما ذكره ع في رواية عن أبي ذر, عن أبي عبد الله الحسين بن بكر بن محمد الوراق (17)، عن أبي علي اللؤلؤي، عن أبي داود بكماله، غير مختصر على نحو ما ذكره ع، وقفت على الروايتين بخط الأستاذ الضابط أبي الحسن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري، عُرِف بابن البادش (18)، -رَحِمَهُ اللهُ-.

__________

بالآداب واللغات, حسن الخط، جيد الضبط، عالما بفنون العربية، ثقة، فيما رواه".

- الصلة لإبن بشكوال رقم 919 (قسم الغرباء من المسمين عليا). عن سنن أبي داود في الدراسات المغربية. إدريس خرشفي ص: 102.

(14) القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، أبو عمر البصري، سمع من أبي علي اللؤلؤي سنن أبي داود، وعنه أخذها أبو بكر الخطيب، وأبو علي بن أحمد التستري، وعلي بن إبراهيم التبريزي. قال أبو بكر الخطيب مثنيا عليه: "كان ثقة أمينا، ولي الشهادة والقضاء بالبصرة". وقال الذهبي:

"انتهى إليه علو الإسناد بالبصرة". مات سنة أربع عشرة ومائة.

- تاريخ بغداد 12/ 451 - سير أعلام النبلاء 17/ 225.

(15) محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي، ترجم له فى الدراسة.

(16) أبو ذر الهروي: عبدُ بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير، المعروف ببلده بابن السماك. -منسوب إلى هراة بلدة بخراسان- سمع المستملي والحموبي والكشميهني وعول عليهم في البخاري، وأخذ عن الحسين بن بكر الوراق سنن أبي داود -رواية اللؤلؤي- حدث عنه من لا يحيط به الحصر، أخذ عنه سنن أبي داود من المغاربة القاضي أبو الوليد الباجي، وأبو العباس العذري، وعبد الله بن سعيد الشتنجالي. وله مصنفات منها المسند الصحيح المخرج على البخاري ومسلم.

قال الخطيب (.. وكان ثقة ضابطا دينا ..) ذكر ابن رشيد أنه توفي سنة خمس وثلاثين وأربع ومائة.

الإشراف على أعلى شرف، لإبن الشاط (ص: 104)، إفادة النصيح، لإبن رشيد (ص: 39)، تذكرة الحفاظ 3/ 1103، سنن أبي داود في الدراسة المغربية، لإدريس الخرشفي (ص: 93).

(17) الحسين بن بكر بن محمد، أبو عبد الله، الوراق، البصري، المعروف بالهراس. روى سنن أبي داود عن أبي علي اللؤلؤي، وعنه أبو ذر الهروي. ومن طريقه يروي القاضي عياض كتاب المراسيل لأبي داود. قال أبو ذر: (ثقة ثبت).

- الغنية، للقاضي عياض (ص: 276 ...)، الفهرسة، لإبن خير (ص: 108)، ملء العيبة: (5/ 239).

(18) علي بن أحمد بن خلف، أبو الحسن الأنصاري الغرناطي. أخذ القراءات عن جماعة؛ منهم: علي ابن عبد الرحمن بن الدوش، ويحيى بن إبراهيم اللواتي. وقرأ عليه ولده الأستاذ أبو جعفر، وأبو خالد يزيد بن محمد بن رفاعة وآخرون. قال ابن الجزري: (أستاذ حاذق محقق) وقال أيضا: (كان من المحققين البصراء بضروب

(1/450)

- الدرك الثاني في إنكاره قول ق فى الحديث الثاني أن أبا داود لم يوصل به سنده، وما قاله ق من ذلك صحيح أيضا، فكذلك وقع في رواية التبريزي التي ذكرتها،. وفي رواية أبي محمد الشنتجالي (19) عن أبي ذر. ووقع موصلا عند أبي ذر من رواية أخرى، ونص الواقع عند أبي داود من الرواية الأولى؛ قال: (حُدثت عن ابن وهب، حدثني عمرو بن الحارث عن سليمان بن عبد الرحمن (20) عن القاسم -مولى عبد الرحمن- قال النبي - صلى الله عليه وسلم - له، ذكر نحوه: (و) (21) لا تحرقن نخلا). فذكر الحديث، مثل ما وقع في الأحكام سواء.

وقال في الرواية الثانية: نا سليمان بن داود (المهري) (22) قال: نا (23) ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث عن سليمان بن عبد الرحمن، عن القاسم بن عبد الرحمن أن النبي - صلى الله عليه وسلم -أوصى رجلا عشرا (24)؛ قال: لا تقطع شجرة مثمرة، ولا تقتل بهيمة ليس لك بها حاجة، واتق أذى المؤمن). اهـ

- الدرك الثالث في قوله: ويتبين من خلاف ما أوهمه سياقه من أن الموصى بهذا أبو هريرة، وإنما في هذا الحديث (رجلا) لعله غير أبي هريرة.

__________

= القرآت والآداب، عارفا بالحديث ورجاله, ذا ورع وديانة وإتقان وشهرة ...) توفي سنة ثمان وعشرين وخمس مائة.

سير أعلام النبلاء 19/ 609 - طبقات القراء، لإبن الجزري 1/ 518.

(19) أبو محمد الشتنجالي: عبد الله بن سعيد بن لباج المجاور بمكة، سمع بقرطبة، ورحل إلى المشرق، لقي بمكة أبا سعيد السجزي، وسمع منه صحيح مسلم. توفي سنة ست وثلاثين وأربع مائة.

الصلة، لإبن بشكوال 1/ 263 عدد 597.

(20) سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى- هما اثنان أحدهما: المكنى أبو أيوب، بن بنت شرحبيل، وليس هو المراد هنا، والمراد هو: أبو عمرو الخراساني -ويقال أبو عمر- الدمشقي، مولى بني أسد ابن خزيمة، روى عن القاسم أبي عبد الرحمن وعبيد بن فيروز، وعنه عمرو بن الحارث. وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي.

قلت: ولم أقف على من جعل جده خالدا.- تهذيب الكمال 12/ 32 - التقريب 1/ 328.

(21) (و) زيدت من المراسيل.

(22) الزيادة من المراسيل.

(23) في المراسل (أخبرنا).

(24) فى المراسيل (غزا).

(1/451)

قال م: وهذا الذي أنكره أيضا ع قد وقع في الرواية الأولى مبينا؛ حيث قال القاسم فيها: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - له (25)، فإن أبا داود ذكر مرسل مكحول في قصة أبي هريرة المذكور أولا، ثم أتبعه مرسل القاسم هذا بقوله فيه (له) إنما /78. أ/ يعني بذلك أبا هريرة، إذ كان الأمر دائرا (26) بين أن يعود هذا الضمير على القاسم، وذلك محال؛ لأن القاسم هذا تابعي، أو يعود على من لم يتقدم له ذكر؛ وذلك غير سائغ في الكلام، أو يعود على من تقدم ذكره؛ وهو أبو هريرة، وذلك صواب.

وعلى أن ق لم يذكر في مرسل القاسم أن أبا هريرة هو الوصى بذلك، ولا ذكر فيه هذه اللفظة التي (27) تدل على ذلك. ولكن ع واخذه ملزما له ذلك بقوله: (ذكر نحوه) الثابت في متن الحديث. فتبين بما ذكرته صحة ما نقله، وإن كان قد أسقط من الحديث لفظة (له) (28)، ولو أثبتها كان أولى، وكان يكون إنكار ع عليه أشد. اهـ

- الدرك الرابع: وهم واختلال وقع له في اسم راو من رواة مرسل القاسم لما ذكر إسناده، وهو قوله فيه: (عمرو بن عبد الرحمن)، فإن صوابه: (سليمان ابن عبد الرحمن) حسب ما وقع في الإسناد الذي أوردته على الصواب، وهو سليمان بن عبد الرحمن بن خالد؛ أبو عمر الدمشقي؛ مولى بني أسد، وهو معروف بالرواية عن القاسم بن عبد الرحمن، أبي عبد الرحمن هذا، ويرويه عمرو ابن الحارث عنه، كما وقع في الإسناد، وليس بسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي (29) المتقدم ذكره في الحديث، الذي فيه ذكر حق الجار؛ ذاك يضعف كما تقدم، وكنيته أبو داود، ويعرف بابن بنت شرحبيل، وهذا المذكور هنا

__________

(25) لم تثبت (له) فى النسخة المطبوعة من المراسيل.

(26) في المخطوط (دائر).

(27) في المخطوط (الذي).

(28) لم تثبت لفظة (له) عند عبد الحق في الأحكام.

(29) سليمان بن عبد الرحمن. تقدمت ترجمته.

(1/452)

أحد الثقات لا يختلف في ذلك. ولما ذكر ع هذا الحديث في الباب الذي وعد بذكره فيه جاء به كما جاء به هنا، وأعل به الحديث، فدل أنه وقع له مختلا في كتاب المراسيل الذي نقل منه، والله أعلم. اهـ

- الدرك الخامس تغيير وقع له في متن حديث القاسم هذا، وهو قوله فيه: (ولا تقطع شجرة ثمرة)، والصواب: (شجرة مثمرة)، حسب ما أوردته، في متن الحديث، لما ذكرته من المراسيل، وفرق كبير بين اللفظين في الفقه؛ فإن النهي إنما وقع عن قطع الشجر المثمر -يعني حال ما تكون الثمرة عليه- ويعطي ذلك اللفظ المغير/78. ب/ ألا يقطع شجرة من الشجر التي شأنها أن تثمر، وإن لم تكن مثمرة في الحال، والله أعلم. اهـ

(198) وقال (1) في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا قتل

__________

(1) أي ابن القطان، وقد ذكر حدث الباب في باب أشياء متفرقة تغيرت في نقله أو بعده عما هي عليها. (1/ ل: 49. أ).

وذكره عبد الحق في الأحكام: كتاب الديات (7/ل: 14.أ). وأخرجه الدارقطني في سننه في كتاب الحدود والديات وغيره (3/ 143 ..) , ومن طريق شيخ الدارقطني (الحسين بن الحسين بن الصابوني) أخرجه كذلك البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الجنايات، باب ما روى فيمن قتل عبده أو مثل به (8/ 36)، وأخرج عقبه حديث علي بن أبي طالب في الرجل الذي قتل عبده فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديث. من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة عن إسماعيل بن عياش، عن ابن أبي فروة ..

ومن طريق أبي بكر بن أبي شيبة كذلك روى حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من طريق إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن أبي فروة، وعقب البيهقي على هذه الأحادث بقوله:

(هذه الأحادث ضعيفة لا تقوم بشيء منها الحجة).

قلت: ولما قال ابن القطان إن إسناد هذا الحديث شامي لا حجازي، لأن الأوزاعي شامي، ويكفي أن يكون شيخ إسماعيل هذا شاميا لكي يعد الإسناد كذلك. وافقه الحافظ ابن المراق على ذلك. وما كان عليه أن يوافقه؛ لأن الدارقطني روى حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده من الطريق المتقدم (إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي)، ورواه كذلك من طريق (إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة). وابن أبي فروة هذا، لا خلاف في أنه مدني. وعليه فإنه يصح قول عبد الحق أن إسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين. حسب هذا الطريق.

- انظر: سنن الدارقطني 3/ 144 ح: 189.

وأخرج ابن ماجة حديث علي بن أبي طالب (ح: 2664) ثم أعقبه بقوله: (وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه

(1/453)

عبده متعمدا، فجلده النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة جلدة، ونفاه سنة، ومحا سهمه من المسلمين، ولم يقده به، وأمره أن يعتق رقبة.

وفيما أتبعه ق (2) من قوله في إسناده (3) إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف في غير الشاميين. وهذا الإسناد حجازي قولا بين فيه وهم ق في قوله: أن هذا الإسناد حجازي. وأصاب في ذلك؛ لأن إسماعيل بن عياش إنما رواه عن الأوزاعي، وهو من جلة الشاميين، ثم أورد الحديث من سنن الدارقطني هكذا:

(نا الحسين بن الحسن بن الصابوني الأنطاكي (4)، قاضي الثغور، نا محمد ابن الحكم الرملي، نا محمد بن عبد العزيز الرملي (5)، نا إسماعيل بن عياش، عن الأوزاعي (6)، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رجلا قتل عبده (7).

__________

عن جده، وساق متن الحديث. قال الإمام البوصيري في مصباح الزجاجة 2/ 344).

(هذا إسناد ضعيف لضعف إسحاق بن أبي فروة، وتدليس إسماعيل بن عياش. رواه الحاكم في المستدرك من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن إسماعيل بن عياش؛ وسياقه أتم.

ورواه البيهقي في الكبرى عن الحاكم، إلا أنه فصل حديث (كل) صحابي بسند على حدته) اهـ.

وقال الشيخ الألباني: (ضعيف جدا).

وللحديث شاهد عند ابن عدي، والبيهقي عن عمر؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يقاد مملوك من مالك، ولا ولد من والد." لكن في سنده عمر بن عيسى الأسلمي، وهو منكر الحديث، كما قال البخاري.

(2) (ق) ليست في الأصل.

(3) في المخطوط "إسناد".

انظر كذلك: المصنف، لأبي بكر بن أبي شيبة: كتاب الديات، باب الرجل يقتل عبده (9/ 304 ح: 7560، 1561)، التلخيص الحبير (4/ 16)، التعليق المغني (3/ 144)، ضعيف سنن ابن ماجة (ح: 2664)، صحيفتا عمرو بن شعيب وبهز بن حكيم عند المحدثيين والفقهاء: دراسة وتحقيق محمد علي بن الصديق ص: 385،

(4) الحسين بن الحسين بن عبد الرحمن، أبو عبد الله الأنطاكي قاضي ثغور الشام، ويعرف بابن الصابوني. حدث عنه أبو الحسن الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين وآخرون. عد 5 من الثقات الدارقطني ويوسف بن عمر القواس وأبو بكر البرقاني. مات سنة تسع عشرة وثلاث مائة.

- تاريخ بغداد 8/ 39.

(5) محمد بن عبد العزيز الرملي، تقدمت ترجمته. (صدوق يهم)

(6) هو عبد الرحمن بن عمرو.

(7) سنن الدارقطني ح: 187.

(1/454)

فذكر لفظ الحديث كما تقدم سواء.

ثم قال: فما في هؤلاء من يخفى أمره، وحتى لوكانوا كلهم غير شاميين وشيخ إسماعيل بن عياش شاميا كفى ذلك في المقصود، وعد به الحديث من صحيح حديثه فإنه؛ إنما يراعى في ذلك أشياخه فقط. لأنه كان بهم عالما. فذكر ع الكلام إلى آخره وفيه وهمان:

- أحدهما فيما يظهر من كلامه من الميل إلى تصحيح هذا الحديث. وليس بصحيح لأمرين: أحدهما أن محمد بن الحكم الرملي (8) هذا لا أعرفه مذكورا في تواريخ رواة الحديث التي انتهت إلينا. الثاني أن محمد بن عبد العزيز الرملي وهو المعروف بابن الواسطي يضعف.

قال أبو حاتم الرازي: (كان عنده غرائب، ولم يكن عندهم بالمحمود وهو إلى الضعف ما هو) (9).

وقال أبو زرعة: (ليس بالقوي) (10). وقال البزار: (لم يكن بالحافظ) (11).

وقع له ذلك في مسند ابن عباس إثر حديث: "ثلاث لا يفطرن الصائم" (12).

ولا أعلم أحدا من الأئمة عدله سوى رواية البخاري عنه في الجامع (13)، وهو مع ذلك يخالف في إسناده هذا الحديث؛ وفي متنه/79. أ/ خالفه فيه جماعة من

__________

(8) لم أقف أنا، كذلك، على ترجمته في كتب الرجال.

(9) الجرح والتعديل 8/ 8 ترجمة 29.

(10) نفس المصدر والصفحة.

(11) كشف الأستار 1/ 479 ح: 1017.

(12) تقدم تخريجه.

(13) محمد بن عبد العزيز الرملي من شيوخ البخاري. روى له حديثين: أحدهما في تفسير سورة النساء عنه، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد، حديث الشفاعة، وأخرجه في التوحيد من وجه آخر عن زيد بن أسلم. وثانيهما في الاعتصام بنفس السند (لتتبعن سنن من كان قبلكم)، وأخرجه في أحاديث الأنبياء من وجه آخر عن زيد بن أسلم. وأخرج مسلم الحديثين معا من طريق حفص بن ميسرة.

- رجال صحيح مسلم، الكلاباذي (2/ 664)، هدي الساري (ص: 441).

(1/455)

الثقات الحفاظ؛ منهم: أبو بكر بن أبي شيبة (14) والحسن بن عرفة (15) وعباد بن يعقوب الرواجني (16)؛ فرووه عن إسماعيل بن عياش، عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي فروة، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب. ولم يذكروا الأمر بعتق الرقبة. وقولهم أصح. وابن أبي فروة هذا متروك. قال الدارقطني: نا محمد بن القاسم بن زكرياء (17) نا عباد بن يعقوب ..) (18). وقال أيضا: (نا يعقوب بن إبراهيم البزار، نا الحسن بن عرفة ..) (19)؛ قالا: نا إسماعيل بن عياش.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده: نا إسماعيل بن عياش. ثم اتفقوا عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه عن علي بن أبي طالب؛ قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قتل عبده متعمدا فجلده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة، ونفاه سنة، ومحا سهمه من المسلمين، ولم يقده به.

__________

(14) المصنف، لأبن أبي شيبة: كتاب الديات، باب الرجل يقتل عبده (9/ 304 ح: 7560).

(15) الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي، أبو علي البغدادي، صدوق، من العاشرة، مات سنة سبع وخمسين ومائتين، وقد جاوز المائة. / ت س ق.

- التقريب 1/ 168.

(16) عباد بن يعقوب الروَاجنِي -ب

رافضي، حديثه في البخاري مقورنا، تخفيف الواو، والجيم المكسورة، والنون الحفيفة- أبو سعيد الكوفي، صدوق بالغ ابن حبان فقال: يستحق الترك. من العاشرة، مات سنة خمسين ومائتين. / خ ت ق.

- التقريب 1/ 394.

(17) محمد بن القاسم بن زكرياء المحاربي، الكوفي. حدث عنه الدارقطني وجماعة. قيل كان يؤمن بالرجعة.

سأل عنه السهمي أبا الحسن ابن حماد الحافظ. فقال: ليس بشيء، وهو يعرف بالسوداني، وكان ابن عقدة يدخل عليه الحديث. مات سنة ست وعشرين وثلاث مائة.

- سؤالات السهمي للدارقطني ... (ص: 108 عدد: 69)، الميزان (14/ 4).

(18) سنن الدارقطني ح: 188.

(19) نفس المصدر ح: 189.

(1/456)

قال م: وفي مخالفة واحد من هؤلاء الحفاظ لمحمد بن عبد العزيز هذا كفاية في تضعيف روايته هذه، فكيف باتفاقهم على ذلك, اهـ

- الوهم الثاني قوله في ابن الصابوني الحسيني بن الحسن. فإن الصواب فيه: (ابن الحسين) هكذا على التصغير. وقد تكرر وهم ع في هذا الإسم لما ذكر من طريقه حديث ابن عباس في الإستسقاء؛ لما ذكره في باب الزيادة في الأسانيد (20)، ومضى التنبيه عليه هنالك بما فيه الكفاية. اهـ

__________

(20) نعم تكرر لإبن القطان هذا الوهم في الباب المذكرر؛ انظر: (1/ل: 5. ب) - وسيعيد ابن المواق هذا الحديث لأجل نفس الوهم - والحديث أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة, باب جماع أبواب صلاة الإستسقاء: (1/ 688 ح: 1165).

التاريخ الكبير 2/ 24 عدد 1839 - الجرح والتعديل 4/ 128 عدد 554 - الثقات 6/ 386 - ت. التهذيب 4/ 182.

ذكر عبد الحق مرسل أبي داود عن الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد الخلاء الحديث، هكذا ذكره في كتاب الطهارة. باب الإبعاد عند قضاء الحاجة والتستر (1/ل: 38. ب). والذي يظهر أن عبد الحق أورد الحديث بالمعنى. إذ الذي يرجع كذلك إلى الطبعات المنشورة للمراسيل- وإن اختلفت أصول نسخها المخطوطة - يلاحظ أن نص متن الحديث فيها: (كان إذا دخل الخلاء ...).

والحديث أخرجه أبو داود فى كتاب الطهارة:

(حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا هشام بن حسان عن الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الخلاء قال ..). الحديث.

المراسيل (بتحقيق الأرناؤوط) ص: 72، ح: 2)، (تحفة الأشراف ح: 18557). وهذا الحديث أخرجه ابن السني في (عمل اليوم والليلة ح: 18) من طريق عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه. فذكر نحو المتن السابق.

وإسماعيل بن مسلم المكي، أبو إسحاق: ضعيف الحديث. (ت. الحديث 1/ 289).

ورواه ابن ماجة: كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء (1/ 109 ح: 299) من طريق عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد عن القاسم، عن أبي أمامة الحديث.

قال الإمام البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 182 ح: 121):

(هذا إسناد ضعيف، قال ابن حبان: إذا اجتمع في إسناد خبر: عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم، فذاك مما عملته أيديهم). اهـ

ورواه ابن أبي شيبة من قول حذيفة؛ لكن في سنده جويبر بن سعيد الأزدي قال الحافظ: ضعيف جدا. ورواه كذلك من قول عبد الله بن مسعود؛ لكن فيه رجل مبهم: (عن رجل من أصحاب عبد الله ابن

(1/457)

(199) فصل في الإغفال الكائن من هذا الباب: فمن ذلك أن ق ذكر من

__________

مسعود).

- المصنف لإبن أبي شيبة, ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء: (1/ 1).

والصحيح في الباب ما أخرجه أصحاب الكتب الستة وأحمد وغيرهم من حديث أنس: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث": أخرجه البخاري, في كتاب الوضوء، باب ما يقول عند الخلاء (الفتح 1/ 242 ح: 142)، وكتاب العوات، باب الدعاء عند الخلاء (الفتح 11/ 129 ح: 6322)، ومسلم في كتاب الحيض، باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء (1/ 283 ح: 122)، وأبو عوانة في مسنده الصحيح، باب ما يقال عند دخول الخلاء (1/ 216)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء (1/ 216)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء 1/ 15 ح: 4، ح: 5)، والنسائي في كتاب الطهارة، باب القول عند دخول الخلاء (1/ 26 ح: 19)، والترمذي في أبواب الطهارة، باب ما يقول إذا دخل الخلاء (1/ 10 ح: 5، ح: 6)؛ وقال: (هذا حديث حسن صحيح)، وابن ماجة، كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء (1/ 190 ح: 298)، وأحمد (3/ 99). وانظر كذلك: الفتح الرباني، للساعاتي 1/ 268.

فقه الحديث: لفظ مرسل الحسن: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الخلاء قال ..) وهو كذلك أو نحوه، عند من ذكر، ممن أخرجه من حديث أنس. وظاهر هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ في الخلاء، وإذا كان هذا معنى الحديث؛ فلا يجوز أن يروى اللفظ: (كان إذا أراد الخلاء) لما بينهما من اختلاف في المعنى؛ كما ذكر الحافظ ابن المواق، لكن هذا المعنى الثاني هو الذي ارتضاه الحافظ في الفتح (1/ 244)، حيث قال: والكلام هنا في مقامين:

المقام الأول: هل يختص هذا الذكر بالأمكنة المعدة لذلك؛ لكونها تحضرها الشياطين، كما ورد في حديث زدد بن أرقم في السنن، أو يشمل حتى لو بال في إناء مثلا في جانب البيت؟ الصح الثاني ما لم يشرع في قضاء الحاجة.

المقام الثاني: متى يقول ذلك؟ فمن يكره ذكر الله في تلك الحالة يفصل، أما في الأمكنة المعدة لذلك فيقول قبيل دخولها، وأما في غيرها فيقوله في أول الشروع كتشمير ثيابه مثلا، وهذا ذهب الجمهور، وقالوا فيمن نسي: يستعيذ بقلبه، لا بلسانه، ومن يجيز مطلقا لا يحتاج إلى تفصيل. اهـ

حجة الجمهور: لما روى البخاري حديث أنس، أورده بعد الحديث معلقا عن عبد العزيز بن صهيب بقوله (إذا أراد أن يدخل)، وهذه الرواية تبين المراد من قوله (إذا دخل الخلاء)، أي كان يقول هذا الذكر عند إرادة الدخول لا بعده. وقد نبه الحافظ ابن حجر في (تغليق التعليق) إلى وصل البخاري لهذا المعلق في (الأدب المفرد)؛ قال البخاري:

(حدثنا أبو النعمان؛ قال: حدثنا سعيد بن زيد؛ قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب، قال: حدثني أنس. قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يدخل الخلاء ..) الحديث.

وقد عقب الحافظ على هذه الرواية بقوله:

(سعيد بن زيد الذي أتى بالرواية المبينة صدوق تكلم بعضهم في حفظه، وليس له في البخاري غير هذا الموضع المعلق، لكن لم ينفرد بهذا اللفظ؛ فقد رواه مسدد، عن عبد الوارث، عن عبد العزيز مثله، وأخرجه

(1/458)

مراسيل أبي داود عن الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد الخلاء قال: " اللهم إني أعوذ بك من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم "، هكذا ذكره، وإنما لفظه في المراسيل: (كان إذا دخل)، وبين اللفظتين فرق في فقه الحديث؛ فإن لفظَ (دخل) يستفاد منه إباحة هذا القول في الخلاء، ولا يستفاد ذلك /79. ب/ من لفظة: (أراد)، وقد استظهرت على ذلك بنسخ من المراسيل، فوجدتها متفقة على ذلك. اهـ

(200) وذكر (1) من طريق أبي أحمد من حديث عبيد الله بن زحر (2) عن

__________

البيهقي (في الكبرى 1/ 95) من طريقه، وهو على شرط البخاري) اهـ.

الأدب المفرد (ح: 692 ص: 206)، تغليق التعليق، للحافظ ابن حجر (2/ 100)، فتح الباري (1/ 244). ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور قوله تعالى: (يأيها الذين ءامنوا إذا قمتمُ إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ..) (المائدة الآية: 6)، فلا خوف بين العلماء في وجوب الوضوء قبل الصلاة، لا بعدها. وقوله تعالى: (فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) (النحل الآية: 98). وحديث عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أكل أحدكم فليذكر الله تعالى، فإن نسى أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل:

بسم الله أوله وآخره". أخرجه أبو داود (ح: 3767) , وأحمد (6/ 246)، وأحمد (6/ 246)، والبيهقى في السنن الكبرى (7/ 276)، وقد عده الألباني من صحيح سنن أبي داود. غريب الحديث: (الخبيث) ذو الخبث في نفسه، و (المخبث): الذي أعوانه خبثاء، كما يقال للذي فرسه خفيف مضعف، وقيل: هو الذي يعلمهم الخبث، ويوقعهم فيه.

النهاية، لإبن الأثير 1/ 279.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي، وقد ذكر هذا الحديث في كتاب الطهارة، باب الإبعاد عند قضاء الحاجة .. (1/ ل: 45. ب)، ولعله وقع له التحريف في آخر الحديث عند النقل، ثم عقب عليه بقوله: (أضعف من في هذا الإسناد: علي بن يزيد. وعبيد الله، والقاسم قد تكلم فيهما).

والحديث رواه ابن عدي في ترجمة عبيد الله بن زحر: (الكامل 4/ 324) وذكره الذهبي في الميزان في نفس الترجمة.

(2) عبيد الله بن زَحْر -بفتح الزاء وسكون المهملة- الضمري مولاهم الأفريقى، روى عن علي بن يزيد نسخة، وخالد بن أبي عمران، وجماعة، وعنه يحيى بن أيوب المصري، وضمام بن إسماعيل. قال الآجري: عن أبي داود: سمعت أحمد -يعني ابن صالح- يقول: عبيد الله بن زحر ثقة. وقال أبو زرعة: لا بأس به صدوق. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال ابن عدي: ويقع في أحاديثه ما لا يتابع عليه، وأروى الناس عن يحيى بن أيوب. ونقل الترمذي -في العلل- عن البخاري أنه وثقه. وقال ابن المديني. منكر الحديث. وقال الدارقطنى: ليس بقوي. وقال فيه الحافظ ابن حجر: صدوق يخطئ. من السادسة./ بخ 4.

- الميزان 3/ 6 - التقريب 1/ 533 - ت. التهذيب 7/ 12.

(1/459)

علي بن يزيد (3)، عن القاسم (4)، عن أبي أمامة؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يطهر المؤمن ثلاثة أحجار والماء والطين). ثم تكلم على ضعف رواته، وقوله: (والطين) زيادة وتغيير في لفظ الحديث؛ وإنما وقع عند أبي أحمد هكذا: (يطهر المؤمن ثلاثة أحجار، والماء أطهر) , فاعلمه. اهـ

====

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

بغية النقاد النقلة

(201) وذكر (1) من طريق الدارقطني حديث معاوية بن أبي سفيان عن النبي

__________

(3) علي بن يزيد الألهاني، أبو عبد الملك الدمشقي، عن القاسم أبي عبد الرحمن -صاحب أبي أمامة- قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال أبو زرعة: ليس بقوي. وقال الدارقطني: متروك.

وقال الساجي: اتفق أهل العلم على ضعفه. مات سنة بضع عشرة ومائة./ ت ق.

- الميزان 3/ 161 - التقريب 2/ 46 - ت. التهذيب 7/ 346.

(4) القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي. تقدمت ترجمته.

ولخص الحافظ أحوال هؤلاء الثلاثة بقوله: (وليس في الثلاثة من اتهم إلا علي بن يزيد، وأما الآخران؛ فهما في الأصل صدوقان، وإن كانا يخطئان، ولم يخرج البخاري (يعني في الأدب المفرد) من رواية ابن زحر عن علي بن يزيد شيئا). (ت. التهذيب 7/ 13).

(1) أي عبد الحق الإشبيلي، وقد ذكر هذا الحديث في كتاب الطهارة, باب ما جاء في الوضوء من النوم ومما مست النار (1/ ل: 51. ب)؛ وقال عقبه: (وفي إسناده أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، وهو عندهم ضعيف جدا).

ولعل عبد الحق رواه بالمعنى، فلما أغفل التنبيه على وهمه ابن القطان استدرك ذلك الحافظ ابن المواق. والحديث أخرجه الدارقطني في سننه، كتاب الطهارة، باب في ما روي فيمن نام قاعدا، وقائما، ومضطجعا، وما يلزم من الطهارة في ذلك: (1/ 190 ح: 2) من طريق الوليد بن مسلم، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن عطية بن قيس الكلاعي، عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعا.

ورواه الطبراني في "معجمه"، وزاد: (فمن نام فليتوضأ). والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 118) من طريق يزيد بن عبد ربه عن بقية بالسند المتقدم.

للحديث ثلاث علل:

الأولى: الكلام في أبي بكر بن أبي مريم؛ قال أبو حاتم، وأبو زرعة: ليس بالقوي.

الثانية: أن مروان بن جناح رواه عن عطية بن قيس عن معاوية موقوفا، هكذا رواه ابن عدي. وقال الوليد بن مسلم: مروان أثبت من أبي بكر بن أبي مريم.

- الثالثة: في إسناده بقية بن الوليد، وهو كثير التدليس عن الضعفاء، وقد عنعنه عن ابن أبي مريم.

- الكامل: في ترجمة أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم (2/ 38)، نصب الراية (1/ 46)، التعليق المغني (1/ 160). وفي الباب حديث علي بن أبي طالب؛ قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: (العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ) (حسن).

(1/460)

- صلى الله عليه وسلم -: قال العين وكاء (2) السه (3)، (فإذا نام استطلق الوكاء). وهذا أيضا لفظه عند الدارقطني: (فإذا نامت العين استطلق الوكاء). اهـ

(202) وذكر (1) من طريق البزار عن علي بن أبي طالب أنه أمر بالسواك، وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن العبد إذا تسوك، ثم قام يصلي قام الملك خلفه فتسمع لقراءته فيدنو منه -أو كلمة نحوها- حتى يضع فاه على فيه، فما يخرج من فيه شيء إلا صار في جوف الملك، فطهروا أفواهكم للقرآن).

__________

رواه أبو داود (ح: 203)، وابن ماجة (ح: 477)، والدارقطني (1/ 161 ح: 5)، وأحمد (الفتح الرباني 2/ 83)، وابن عدي (7/ 89 عدد 2012) من طرق عن بقية، عن الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن علي مرفوعا.

قال الشيخ الألباني: (وهذا إسناد حسن قال النووي، وحسنه قبله المنذري، وابن الصلاح، وفي بعض رجاله كلام لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن، وبقية إنما يخشى من عنعنته، وقد صرح بالتحديث في رواية أحمد، فزالت شبهة تدليسه).- إرواء الغليل (1/ 148 ح: 113)، تمام المنة، للألباني (ص: 100).

(2) الوِكاء: -بكسر الواو- الرباط الذي تشد به الصرة والكيس، وغيرهما: (النهاية، لإبن الأثير 4/ 228).

(3) السه: حلقة الدبر: (النهاية لإبن الأثير 2/ 196).

والمعنى أن اليقظة وكاء الدبر، حافظة ما فيه من الخروج، لأنه ما دام مستيقظا أحس بما يخرج منه.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي، وقد ذكره كما ساقه الحافظ ابن المواق في كتاب الطهارة، باب السواك لكل صلاة ولكل وضوء (1/ل: 55. ب).

أخرج البزار هذا الحديث، وقال عقبه: (لا نعلمه عن علي بأحسن من هذا الإسناد): (عن كشف الأستار 1/ 242 ح: 496)، قال الهيثمي: (رواه البزار ورجاله ثقات).

- مجمع الزوائد 2/ 99.

ونقله الشيخ الألباني في "الصحيحة" (ح: 1213) من مسند البزار ثم قال: (وإسناده جيد، رجاله رجال البخاري، وفي الفضيل كلام لا يضر ..).

قلت: لكن الحسن بن عبيد الله ليس من رجال البخاري، بل من رجال مسلم والأربعة، وهو ثقة. (التقريب 1/ 168).

ورواه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 38) من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عن علي موقوفا.

روى ابن ماجة طرفا منه موقوفا كذلك؛ من طريق بحر بن كنيز عن عثمان بن ساج، عن سعيد بن جبير، عن علي بن أبي طالب قال: (إن أفواهكم طرق للقرآن فطيبوها بالسواك). (ح: 291).

لكن إسناده ضعيف لإنقطاعه بين سعيد بن جبير، وعلي، ولضعف بحر راويه.

انظر: زوائد ابن ماجة 1/ 127 ح: 120.

(1/461)

ثم قال: رواه غير واحد موقوفا على علي).

قال م: هذا ما ذكر بنصه، وفيه تغيير للفظ الحديث بإسقاط لفظ منه، وصوابه: (فما يخرج من فيه شيء من القرآن إلا صار في جوف الملك)، وفي هذا الحديث أيضا أمر آخر ليس من هذا الباب، وذلك أنه أعله بأن روي موقوفا، وترك في إسناده من يعتل به الخبر. قال البزار: سمعت محمد بن زياد (2) يحدث عن فضيل بن سليمان (3) عن الحسن بن عبيد الله، عن سعد بن عبيدة (4)، عن أبي عبد الرحمن (5)، عن علي، -رَحِمَهُ اللهُ-، أنه أمر بالسواك؛ وقال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن العبد إذا تسوك، ثم قام يصلي، قام الملك خلفه فتسمع لقراءته فيدنو منه -أو كلمة نحوها- حتى يضع فاه على فيه، فما يخرج من فيه شيء من القرآن إلا صار/80. أ/ في جوف الملك، فطهروا أفواهكم للقرآن") (6)، وسنتكلم على ما في هذا الإسناد في موضع آخر غير هذا. (7) اهـ

__________

(2) أثبت في الهامش: (أراه الزيادي الذي روى عنه البخاري. كذا بخط م). (أي ابن المواق).

نعم هو محمد بن زياد بن عبيد الله الزيادي، أبو عبد البصري، يلقب يؤيؤ، بتحتانيتين، صدوق يخطئ، من العاشرة، مات في حدود الخمسين. / خ ق.

- التقريب 2/ 161 - ت. التهذيب 9/ 148.

(3) فضيل بن سليمان النميري -بالنون مصغرا- أبو سليمان البصري، له خطأ كثير، من الثامنة، مات سنة ثلاث وثمانين ومائة. / ع.

- التقريب 2/ 112.

(4) سعيد بن عبيدة السلمي، أبو حمزة الكرفي، ثقة، من الثالثة، مات في ولاية عمر بن هبيرة على العراق. / ع.

- التقريب 1/ 288.

(5) أبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن حبيب السلمي. تقدمت ترجمته.

(6) كشف الأستار 1/ 242 ح: 496.

(7) ليس له ذكر في هذا القسم من الكتاب، فلعله في الجزء المفقود منه.

(1/462)

بغية النقاد النقلة

فيما أخل به كتاب «البيان» وأغفله أو ألم به فما تممه ولا كمله

تأليف

الحافظ أبي عبد الله محمد بن أبي يحيى أبي بكر بن خلف الشهير بابن المواق (583 - 642 هـ)

دراسة وتحقيق وتعليق

الدكتور محمد خرشافي

[الجزء الثاني]

(/)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة

الطبعة الأولى

1425 هـ - 2004 م

مكتبة أضواء السّلف - لصَاحِبهَا عَليّ الْحَرْبِيّ

الرياض - الربوة الدائري الشَّرْقِي مخرج 15

ص. ب: 121892 - الرَّمْز: 11711 - ت: 2321045 - جوال: 55280328

(2/2)

بُغْيةُ النُّقَّادِ النَّقَلةَ

فِيمَا أَخَلَّ بِهِ كِتَابُ «البْيَانِ» وأَغْفَلَهُ أَوْ أَلمَّ بِهِ فَمَا تَمَّمَهُ وَلَا كَمَّلَه

[الْجُزْءُ الثَّانِي]

(2/3)

أصل هَذَا الْكتاب أطروحة قدمت لنيل دكتوراه الدولة فِي الدراسات الإسلامية "تخصص الحَدِيث وعلومه" بقسم الدراسات الإسلامية - كُلية الْآدَاب عين الشق - الدَّار الْبَيْضَاء

بإشراف د. زين العابدين بِلَا فريج

بتاريخ 28 صفر الْخَيْر 1418 هـ الْمُوَافق 4/ 7/ 1997

وأحرزت على تَقْدِير "حسن جدا"

(2/4)

(203) وذكر (1) من طريق مسلم عن أنس؛ قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقا، فربما تحضر الصلاة؛ وهو في بيتنا؛ قال فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس، ثم ينضح، ثم يقوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونقوم خلفه فيصلي بنا) الحديث ..

هكذا ذكره، وفيه وهم: وهو قوله (ثم يقوم)، وصوابه: (ثم يؤم). وعلى الصواب وقع في كتاب مسلم، قال:

(ونا شيبان بن فروخ، وأبو الربيع؛ (2) كلاهما عن عبد الوارث (3)، قال

__________

(1) ذكره عبد الحق في كتاب الصلاة، باب فيما يصلى به وعليه، وما يكره من ذلك: (2/ ل: 49. أ). وأخرجه مسلم في كتاب المساجد، باب جواز الجماعة في النافلة، والصلاة على حصير .. 1/ 457 ح: 659، وفي كتاب الآداب، باب استحباب تحنيك المولود .. 3/ 1692 ح: 2150، وفي كتاب الفضائل، باب كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقا 4/ 1805 ح: 2310.

وأخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب الإنبساط إلى الناس (الفتح 10/ 526 ح: 6129)، وفي باب الكنية للصبي، وقبل أن يولد للرجل (الفتح 10/ 582 ح: 6203).

وأخرجه الترمذي في الصلاة، باب ما جاء في الصلاة على البسط 2/ 154 ح: 333، وكتاب البر والصلة، باب ما جاء في المزاح 4/ 357 ح: 1989.

وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة، في باب التسليم على الصبيان، والدعاء لهم وممازحتهم ص: 286 ح: 334.

وأخرج ابن ماجة طرفا منه، في الأدب، باب المزاح 2/ 1226 ح: 3720، وباب الرجل يكنى قبل أن يولد له 2/ 1231 ح: 3740.

- انظر تحفة الأشراف 1/ 436 ح: 1692.

وقد اهتم العلماء بجمع طرق هذا الحديث ورواياته، واستخلاص الفوائد منه، حتى إن منهم من أفرده بالتصنيف؛ مثل ما فعل أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري، المعروف بابن القاص، الفقيه الشافعي. الفتح 10/ 584 ..

(2) أبو الربيع الزهراني، هو سليمان بن داود العتكي. تقدمت ترجمته.

(3) عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان، العنبري، مولاهم، أبو عبيدة، التنوري، ثقة ثبت، رمي بالقدر، ولم يثبت عنه، من الثامنة، مات سنة ثمان ومائة. / ع.

- التقريب 1/ 527.

(2/5)

شيبان: نا عبد الوارث عن أبي التياح (4)، عن أنس بن مالك؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقا، فربما تحضر الصلاة، وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس، ثم ينضح، ثم يؤم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونقوم خلفه، فيصلي بنا؛ قال: وكان بساطهم من جريد النخل) (5). اهـ

(204) وذكر من طريق أبي أحمد (1) بن عدي الجرجاني من حديث علي

__________

(4) أبو التياح، يزيد بن حميد الضيعي، بصري، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومائة./ ع.

- التقريب 2/ 363.

(5) مسلم ح: 569.

(1) حديث ابن عمر مرفوعا: (التيمم ضربتان ..) الحديث. ذكره عبد الحق في كتاب التيمم: (1/ ل: 97. ب).

وما أحسبه إلا أن عبد الحق سقط له عند النقل لفظ (ضربة) قبل (للوجه)، فتغير المعنى.

أخرجه ابن عدي من طريق علي بن ظبيان عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا.

وقد نقل عن عباس، عن يحيى أنه قال: علي بن ظبيان ليس بشيء. وقال النسائي: كوفي متروك الحديث. وذكر ابن عدي في ترجمته عدة أحاديث من روايته، ثم قال: ولعلي بن ظبيان غير ما ذكرت من الحديث، والضعف على حديثه بين). اهـ

- الكامل 5/ 187 ...

ولرواية الدارقطني التي ساقها المصنف من السنن، علل ثلاث:

الأولى: في إسنادها عبد الله بن الحسين بن جابر المصيصي، البغدادي الأصل. قال ابن حبان في المجروحين (2/ 46): (ويقلب الأخبار ويسرقها، لا يجوز الإحتجاج به إذا انفرد). اهـ.

وانظر كذلك الميزان 2/ 408 عدد 4269.

الثانية: أخرج الحديث من طريق علي بن ظبيان: الدارقطني، وابن عدي، والحاكم في المستدرك؛ وقال: (ولا أعلم أحدا أسنده عن عبيد الله غير علي بن ظبيان، وهو صدوق). ولم يرتض ذلك الذهبي منه؛ لذلك قال: (بل واه). ثم ساق أقوال طائفة من أهل الجرح والتعديل ممن ضعفه.

- المستدرك، للحاكم، وبهامشه تلخيص الذهبي 1/ 179.

وروى هذا الحديث مرفوعا كذلك من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، وكذا من طريق سليمان بن أبي داود الحراني، عن سالم ونافع، عن ابن عمر.

وسليمان بن أرقم، وسليمان بن أبي داود؛ كلاهما ضعيف.

- سنن الدارقطني 1/ 181: (ح: 19، 20، 21) - تخريج الأحاديث الضعاف، للغساني ص: 83 ح: 110.

وأخرج أبو داود حديثا من طريق محمد بن ثابت العبدي، عن نافع، عن ابن عمر؛ وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج

(2/6)

ابن ظبيان الكوفي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: التيمم ضربتان للوجه، وضربة لليدين).

ثم قال: (علي بن ظبيان ضعيف عندهم، وإنما رواه الثقات موقوفا على ابن عمر).

هكذا ذكر لفظ هذا الخبر، وما أحسبه روي قط هكذا، إلا من رواية ضعيف، ولا ثقة بضربتين للوجه، وإنما صوابه: ضربتان، ضربة للوجه، وضربة لليدين)، وعلى الصواب وقع عند أبي أحمد، وكذلك هو عند الدارقطني في السنن؛ قال: (نا أبو عبد الله الفارسي؛ محمد بن إسماعيل (2)، نا عبد الله بن

__________

من غائط أو بول فسلم عليه رجل، فلم يرد عليه حتى يضرب بيديه على الحائط، ومسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح ذراعيه، ثم رد على الرجل السلام.

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: روى محمد حديثا منكرا في التيمم.

قلت: المنكر فيه هو (الضربتان في التيمم) أما عدم رده السلام على الذي سلم عليه حتى تيمم، فهو مشهور برواية أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة، وغيره. (الفتح 1/ 441 ح: 337).

قال ابن داسة: قال أبو داود: لم يتابع محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورووه فعل ابن عمر.

انظر: سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر (1/ 234 ح: 330).

الثالثة: أن الثقات رووا هذا الحديث من قول ابن عمر، أو من فعله: رواه يحيى بن سعيد، وهُشَيْم ابن بشير من قوله، ورواه مالك من نافع من فعله. ولا منافاة بين روايته من قوله أو فعله، ولذا قال الدارقطني لما ذكر رواية الوقف: (وهو الصواب). وقال البيهقي: (والصحيح رواية معمر، وغيره عن الزهري، عن سالم، عن بن عمر من فعله).

انظر الموطأ بشرح الزرقاني (1/ 112 ح: 119، 120) - سنن الدارقطني (1/ 180 ح: 17، 18)، سنن البيهقي الكبرى (1/ 207).

ولم يصح في حديث مرفوع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الضربتان في التيمم، وإنما الذي صح عنه - صلى الله عليه وسلم -، وفيه الضربة الواحدة للوجه والكفين؛ الحديث الذي رواه سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه، عن عمار بن ياسر؛ أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 134 ح: 266)، وأحمد (4/ 263). قال الشيخ الألباني: (وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، ومعناه في "الصحيحين" وأبي داود وغيرهما).

- الفتح الرباني 2/ 185 - (الصحيحة) للألباني (ح: 694).

(2) محمد بن إسماعيل بن إسحاق بن بحر، أبو عبد الله الفارسي، حدث عن أبي زرعة الدمشقي، وإسحاق بن إبراهيم الديري، روى عنه أبو الحسن الدارقطني فأكثر، كان ثقة ثبتا فاضلا، مات سنة خمس وثلاثين وثلاث

(2/7)

الحسين بن جابر، نا عبد الرحيم بن مطرف (3) نا علي بن ظبيان، عن عبيد الله ابن عمر عن نافع، عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "التيمم ضربتان، ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين).

قال كذا رواه علي بن ظبيان مرفوعا، ووقفه يحيى القطان، وهُشَيْم (4) وغيرهما، وهو الصواب) (5). اهـ

(205) وذكر (1) من طريق مسلم حديث أنس في بنيان مسجد/80. ب/ النبي - صلى الله عليه وسلم - بطوله، وقال فيه:

(قال أنس: فكان فيه ما أقول: كان فيه نخل وقبور للمشركين وخرب (2)، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنخل فقطع، وبقبور المشركين فنبشت، وبالخرب

__________

مائة، عن ست أو سبع وثمانين سنة.

- تاريخ بغداد 2/ 50.

(3) عبد الرحيم بن مطرف بن أنيس بن قدامة، الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي، نزيل سروج، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة./ د س.

- التقريب 504.

(4) هُشَيْم بن بَشِير. تقدمت ترجمته.

(5) سنن الدارقطني 1/ 180 ح: 16.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي، وقد ذكر حديث الباب في كتاب الصلاة، باب في المساجد (2/ ل: 28. ب).

وأخرجه مسلم في كتاب المساجد، باب ابتناء مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 373 ح: 524). (وهو المراد هنا).

والبخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد؟ (الفتح 1/ 524 ح: 428)، والنسائي في كتاب المساجد، باب نبش القبور، واتخاذ قبرها مسجدا (2/ 369 ح: 701)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في بناء المسجد (1/ 312 ح: 453)؛ وفي جميعها أثبتت لفظة (قبلة).

ورواه ابن ماجة مختصرا في كتاب المساجد، باب أين يجوز بناء المساجد (1/ 245 ح: 742).

- وانظر كذلك: دليل القارئ إلى مواضع - الحديث في صحيح البخاري. للشيخ غنيمان (ص: 390 عدد: 1683)، ومسند أحمد 3/ 118، 123، 212، 244.

(2) الخَرِب: قال النووي: هكذا ضبطناه بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء. وقال القاضي عياض: رويناه هكذا، ورويناه بكسر الخاء وفتح الراء، وكلاهما صحيح؛ وهو ما تخرب من البناء.

- المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج 5/ 7.

(2/8)

فسويت؛ قال: فصفوا النخل وجعلوا عضادتيه (3) حجارة. وذكر بقية الحديث.

وفيه وهم بإسقاط لفظة منه، وهي (قبلة)، والصواب فيه هكذا: (فصفوا النخل قبلة)، وقد استظهرت على ذلك بنسخ من "الأحكام" فاعلمه. اهـ

(206) وذكر (1) في المساجد من طريق مسلم عن جندب؛ قال: (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قبل أن يموت بخمس- وهو يقول: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا"). الحديث في النهي عن اتخاذ القبور مساجد.

وفيه وهم بنقص لفظة منه، وهي: (من أمتي) وهو ثابت في متن الحديث عند مسلم؛ هكذا: (ولو كنت متخذا من أمتي خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا)، فاعلمه. اهـ

(207) وذكر (1) من طريقه أيضا حديث سهل بن سعد؛ قال: (جاء

__________

(3) عِضادتيه: العِضادة بكسر العين، جانب الباب.

نفس المصدر 5/ 8.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي، وقد ذكر حديث جندب بن عبد الله البجلي، في النهي عن اتخاذ القبور مساجد، في كتاب الصلاة، باب في المساجد (2/ ل: 28. ب).

وأخرجه مسلم في كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور (1/ 377 ح: 23)، و (وهو المراد هنا).

وأخرجه النسائي في الكبرى، كتاب التفسير، تفسير قوله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) (سورة النساء، الآية 125) (6/ 328 ح: 11123)، وأبو عوانة في مسنده 1/ 401.

وفي جميعها أثبت (من أمتي) في متن الحديث.

وانظر: تحفة الأشراف، للمزي 2/ 442 ح: 3260، مع النكت الظراف، لإبن حجر، إرواء الغليل 1/ 318 ح: 286.

(1) أي ذكر عبد الحق الإشبيلي - من طريق مسلم - حديث الباب في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في المساجد (2/ل: 30. أ)، وفي نسخة (الأحكام) التي بين يدي ثبتت لفظة (الإنسان)، وإن كانت تكرر فيها ثلاث مرات جملة: (قم أبا تراب). فسلمت هذه النسخة من الوهم الأول، دون الثاني.

(2/9)

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت فاطمة، فلم يجد عليا في البيت، فقال: "أين ابن عمك؟ ". فقالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني فخرج فلم يقل (2) عندي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انظر أين هو؟ " فجاء، فقال: يا رسول الله: هو في المسجد راقد الحديث ..).

هكذا ألفيته في نسخ من كتاب "الأحكام" بإسقاط لفظة منه بها يصح نظام الكلام، وهي (لإنسان) بعد قوله: (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

وعلى الصواب وقع في كتاب مسلم في جميع الروايات: (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإنسان: "انظر أين هو؟ ").

ووقع له أيضا وهم آخر من هذا الباب؛ وذلك أنه كرر فيه: (قم أبا التراب) ثلاث مرات، وليس في كتاب مسلم سوى مرتين، فاعلم ذلك. اهـ

(208) وذكر (1) من طريقه أيضا حديث أنس؛ قال: صلى بنا رسول الله

__________

وأخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب، - رضي الله عنه - (4/ 1874 ح: 2409).

وأخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب نوم الرجال في المسجد (الفتح 1/ 535 ح: 441)، وكذا فى كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب علي بن أبي طالب (الفتح 7/ 70 ح: 3703)، وكتاب الإستئذان. باب القائلة في المسجد (الفتح 11/ 70 ح: 6180).

- تحفة الأشراف 4/ 113 ح: 4714.

(2) لم يقل: من قال يقيل، إذا نام في وسط النهار.

- النهاية، لإبن الأثير 3/ 290.

(1) أي ذكر عبد الحق هذا الحديث في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الإمامة، وما يتعلق بها (2/ ل: 60. ب)، حيث نقل متن الحديث -من صحيح مسلم- كاملا؛ إلا أنه سقط له منه: (ولا بالقيام).

وأخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما (1/ 320 ح: 426). وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه: كتاب الصلوات، من قال ائتم بالإمام (2/ 328)، وأبو عوانة فى مسنده، أبواب الصلوات، بيان حظر مبادرة .. 2/ 136، وابن خزيمة في صحيحه، باب الزجر عن مبادرة الإمام بالإنصراف من الصلاة (3/ 107 ح: 1716)، والبيهقي فى السنن الكبرى: كتاب الصلاة، باب يركع بركوع الإمام ويرفع برفعه ولا يسبقه في السجود وغيره: (2/ 91).

وانظر: إرواء الغليل 2/ 289 ح: 509.

(2/10)

/ 81. أ/ - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه، فقال: "يا أيها الناس إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالإنصراف" الحديث ..

وهذا أيضا سقط له منه: (ولا بالقيام)، والصواب فيه هكذا: "فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالإنصراف"، وعلى الصواب هو في كتاب مسلم، فاعلمه. اهـ

(209) وذكر (1) من طريق البزار من حديث ابن عباس؛ وفي تفسير همز الشيطان ونفثه ونفخه؛ قال: (أما همزه فالذي يوسوسه في الصلاة، وأما نفثه فالشعر، وأما نفخه فالذي يلقي من الشبه -يعني في الصلاة- ليقطع عليه صلاته. الحديث ..

هكذا ذكره، وقوله فيه: (في الصلاة) بعد يوسوسه، زيادة في لفظ الحديث وتقييد لما ورد فيه من الوسوسة مطلقا، وبإسقاطها وقع في مسند البزار؛ قال: (نا إسحاق بن سليمان البغدادي؛ قال: نا سعيد بن محمد الوراق؛ قال: نا رشدين ابن كريب، عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام"، في كتاب الصلاة، باب تكبيرة الإحرام وهيئة الصلاة والقراءة والركوع: (2/ ل: 82. ب)، وأعله برشدين بن كريب، نعم رشدين ضعيف. وترك غيره ممن هو كذلك؛ ففي سنده سعيد بن محمد الوراق، أبو الحسن الكوفي، نزيل بغداد، هو الآخر ضعيف.

- التقريب 1/ 304.

والبزار يروي هذا الحديث عن إسحاق بن سليمان البغدادي، ولم أقف لمن ترجمه إلا الخطيب البغدادي؛ حيث ذكر أنه حدث عن معلى بن عبد الرحمن الواسطي والحسن بن قتيبة المدائني، ولم يذكر من روى عنه غير أحمد بن عمرو البزار، ولم يعدله أو يجرحه، ثم روى حديثا من طريق البزار عن إسحاق هذا. فأقل ما يقال فيه: أنه مجهول الحال.

فالحدث ضعيف.

انظر: تاريخ بغداد 6/ 365.

ولحديث الباب شواهد لا يخلو بعضها من مقال.

انظر: حديث جبير بن مطعم في مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الصلوات، في التعوذ هو قبل القراءة أو بعدها (1/ 238).

(2/11)

اللهم إني أعوذ بك من الشيطان؛ من همزه ونفخه -أحسبه قال: ونفثه- ومن عذاب القبر". فقيل يا رسول الله: ما هذا الذي تعوذ منه؟ قال: أما همزه فالذي يوسوسه، وأما نفثه فالشعر، وأما نفخه فالذي يلقي من الشبه -يعني في الصلاة- ليقطع عليه صلاته، أو عَلَى الإنسان صَلاته. وأما عذاب القبر فكان يقول: أكثر عذاب القبر من البول).

قال م: هذا نص الحديث في مسند البزار، وقد استظهرت عليه بنسخ صحاح، والحمد لله، وهذا الحديث مما أعله ق براو، وترك غيره، وسيأتي ذلك إن شاء الله. اهـ

(210) وذكر (1) ما هذا نصه:

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي، وهو عنده في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب تكبيرة الإحرام .. (2/ل: 84. أ).

وأخرجه الدارقطني، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة .. (1/ 305 ح: 14)، (وهو المراد هنا).

وأخرجه النسائي في كتاب الإفتتاح، باب قراءة بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2/ 471 ح: 904)، وابن خزيمة في صحيحه باب الدليل على أن الجهر ببِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، والمخافتة به جميعا مباح (1/ 251 ح: 499)، وابن حبان، ذكر ما يستحب للإمام أن يجهر بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عند ابتداء قراءة فاتحة الكتاب (الإحسان في تقريب .. 5/ 100 ح: 1797)، وص: 104 ح: 1801)، والبيهقي في السنن الكبرى: الصلاة، باب جهر الإمام بالتأمين 2/ 58، والطحاوي في شرح معاني الآثار، باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ في الصلاة 1/ 199، وابن الجارود في المنتقي، باب صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (غوث المكدود 1/ 174 ح: 184)، والحاكم في مستدركه (1/ 232).

كلهم رووه من طريق الليث بن سعد عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن أبي هريرة ... فذكره.

قال الدارقطني -بعد تخريجه للحديث-: (هذا صحيح، رواته كلهم ثقات). وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح) على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)، ووافقه الذهبي على ذلك.

قلت: وسعيد بن أبي هلال الليثي مولاهم، أبو العلاء المصرى. قال ابن حزم في المحلى: (ليس بالقوي). وقال ابن حجر: صدوق، لم أر لإبن حزم في تضعيفه سلفا، إلا أن الساجي حكى عن أحمد أنه اختلط. (التقريب 1/ 307)، وقال في مقدمة الفتح (ص: 406): (وثقه ابن سعد) والعجلي، وأبو حاتم، وابن خزيمة، والدارقطني، وابن حبان، وآخرون، وشذ الساجي فذكره في الضعفاء، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: ما أدري أي شيء حديثه يخلط في الأحاديث، وتبع أبو محمد بن حزم الساجي فضعف سعيد بن أبي هلال

(2/12)

(الدارقطني عن نعيم بن عبد الله المجمر (2)؛ قال: صليت خلف أبي هريرة فقرأ: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، حتى بلغ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقال: آمين. وقال الناس: آمين، وذكر الحديث. ثم يقول فى آخره: والذي نفسي بيده إني/ 81. ب/ لأشبهكم صلاة (3) برسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

هكذا ذكره.

وفيه خلل في موضعين:

- أحدهما أنه سقط له بعد البسملة: (ثم قرأ بأم القرآن) موصولا بقوله: (حتى بلغ)، وبه يتسق الكلام، وفي ثبوته في الخبر مستند من يقول أن {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ليست من أم القرآن، لقوله فيه بعد البسملة: (ثم قرأ بأم القرآن).

- الموضع الثاني قوله: (ثم يقول في آخره)، والصواب فيه: (ثم يقول إذا سلم)، وهذا يمكن أن يكون من اختصار ق للخبر؛ ولكنه اختصار قلق؛ إذ ترك في الخبر لفظا أبين منه، وهو (إذا سلم)، وجعل بدله (في آخره)، مع قصور معنى هذا العوض به، عن المعوض عنه.

قال الدارقطني: (نا أبو بكر النيسابوري (4)، نا محمد بن عبد الله بن

__________

مطلقا، ولم يصب في ذلك)، ثم أعاد الحافظ (ص: 462) ذكر سعيدا هذا، ونفى أن يكون للساجي حجة في تضعيفه، ثم قال: (ولم يصح عن أحمد تضعيفه). وقال الذهبي: ثقة معروف حديثه في الكتب الستة)

(الميزان 2/ 162).

وبهذا يتبين ثقة سعيد بن أبي هلال؛ ولله الحمد.

فالحديث إسناده صحيح.

انظر: تجريد أسماء الرواة، الذين تكلم فيهم ابن حزم جرحا وتعديلا، لعمر بن محمود، ومن معه. ص: 114.

(2) نعيم بن عبد الله المدني، مولى آل عمر، يعرف بالمجمر، ثقة، من الثالثة. / ع. - التقريب 2/ 305.

(3) عند عبد الحق (صلاة بصلاة).

(4) هو: عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري. تقدمت ترجمته.

(2/13)

عبد الحكم (5)، نا أبي (6) وشعيب بن الليث (7)؛ قالا: حدثنا (8) الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد (9)، عن سعيد بن أبي هلال، عن نعيم بن عبد الله (10) المجمر أنه قال: صليت وراء أبي هريرة؛ فقرأ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، قال: آمين, وقال الناس: (آمين)، ويقول كما سجد: الله أكبر، وإذا قام من الجلوس من اثنتين؛ قال: الله أكبر، ثم يقول إذا سلم: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -). اهـ.

(211) وذكر (1) من طريق مسلم حديث جابر؛ قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فانتهينا إلى مشرعة (2)، فقال: "ألا تشرع يا جابر (3)؟ ". الحديث ..

__________

(5) محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، المصري الفقيه، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وستين. / س.- التقريب 2/ 178.

(6) عبد الله بن عبد الحكم بن أعين المصري، أبو محمد، الفقيه المالكي، صدوق أنكر عليه ابن معين شيئا، من كبار العاشرة، مات سنة أربع عشرة. / س.- التقريب 1/ 427.

(7) شعيب بن الليث بن سعد الفهمي، مولاهم، أبو عبد الملك المصري، ثقة نبيل فقيه، من كبار العاشرة، مات منة تسع وتسعين ومائة. /م د س.- التقريب 1/ 353.

(8) في السنن: (أخبرنا).

(9) خالد بن يزيد الجمحي، ويقال السكسكي، أبو عبد الرحيم المصري، ثقة فقيه، من السادسة، مات سنة تسع وثلاثين ومائة. /ع.- التقريب 1/ 220 - ت. التهذيب 3/ 111.

(10) في السنن بدون (عبد الله).

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الإمامة وما يتعلق بها (2/ ل: 56. ب).

وأخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين. باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (1/ 532 ح: 766)، وهو المراد، (تحفة الأشراف 2/ 377 ح: 3090).

والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصلاة، باب الرجل يأتم بالرجل (3/ 95)، وفي متن الحديث عندهما (فأخذ بأذني).

(2) المشرعة والشريعة مورد الإبل على الماء الجاري، وأشرع ناقته أدخلها في شريعة الماء. الدار النثير، للسيوطي (بهامش النهاية): 2/ 213.

(3) في المخطوط (نشرع).

- مشارق الأنوار على صحاح الآثار، للقاضي عياض 2/ 248. (الطبعة المصرية).

(2/14)

وفيه فقمت خلفه فأخذ بيدي)، وهو وهم، وصوابه: (فأخذ بأذني)، وهو المحفوظ من لفظ هذا الحديث. وهو الواقع عند مسلم فيه، فاعلمه. اهـ

(212) وذكر (1) من طريق أبي أحمد؛ من حديث عبد العزيز بن عبيد الله ابن حمزة بن صهيب؛ قال: قلت لوهب بن كيسان (2): يا أبا نعيم مالك لا تمكن جبهتك وأنفك من الأرض؟ قال: ذلك أني سمعت جابر/82. أ/ بن عبد الله يقول: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد على جبهته، على قصاص الشعر".

ثم قال: (وذكره الدارقطني بهذا الإسناد. وعبد العزيز هذا لم يرو عنه إلا إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف متروك، وحديثه منكر). هذا نص ما ذكر.

وفيه تغيير في بعض لفظ الحديث مما يخل بمعناه؛ إذ سقط له منه لفظة (أعلى)، وصوابه الواقع عند أبي أحمد هكذا: (يسجد على أعلى جبهته، على قصاص الشعر، وبنحو ذلك ذكره الدارقطني، وغيره.

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب تكبيرة الإحرام وهيئة الصلاة والقراءة والركوع: (2/ ل: 101. ب).

وأخرجه أبو أحمد فى الكامل في ترجمة عبد العزيز بن عبيد الله (5/ 385). قال ابن عدي -بعد روايته لعدة أحاديث من طريقه-: (وهذه الأحاديث التي ذكرتها لعبد العزيز هذا مناكير كلها، وما رأيت أحاديث يحدث عنه غير إسماعيل بن عياش).

وأخرجه الدارقطني، وقال عقيبه: (تفرد به عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب، وليس بالقوي).

- سنن الدارقطني، كتاب الصلاة، باب وجوب وضع الجبهة والأنف (1/ 349 ح: 4).

وذكر الحديث الحافظ أبو محمد عبد الله بن يحيى الغساني فى كتابه: تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني (ص: 159 ح: 291)، وأعله بعبد العزيز المذكور.

وعبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب. ضعفه أبو حاتم، وابن معين، وابن المديني، والدارقطني، وابن شاهين، وآخرون./ ق.

أحوال الرجال: (ص: 306)، الجرح والتعديل (5/ 387 عدد: 1805)، الضعفاء الكبير (3/ 21)، تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين، لإبن شاهين (ص: 136)، التقريب (1/ 511).

(2) وهب بن كيسان، القرشي، مولاهم، أبو نعيم المدني، المعلم، ثقة، من كبار الرابعة، مات سنة سبع وعشرين ومائة./ع.

- التقريب 2/ 339.

(2/15)

قال الدارقطني: نا يعقوب بن إبراهيم البزاز؛ أبو بكر (3)، وجماعة؛ قالوا: نا الحسن بن عرفة

،

وقال علي بن عبد العزيز -في منتخبه- (4): نا محمد بن سعيد بن الأصبهاني (5)؛ قال الحسن، وابن الأصبهاني: نا إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله؛ قال: قلت لوهب بن كيسان: يا أبا نعيم مالك؟ -قال ابن الأصبهاني- لا تسجد على أنفك؟ وقال ابن عرفة: لا تمكن جبهتك وأنفك من الأرض، ثم اتفقا؛ قال ذلك أني سمعت جابر بن عبد الله يقول: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد؛ قال ابن الأصبهاني: (في أعلى جبهته)، وقال الآخر: (بأعلى جبهته)، وقالا: (على قصاص الشعر).

قال م: وهذا هو المنكر فيه، فأما (على الجبهة) فلا. اهـ

(213) وذكر (1) من المراسيل عن يزيد بن أبي حبيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر

__________

(3) يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن عيسى، أبو بكر البزاز) يعرف بالجراب سمع الحسن بن عرفة وعمر بن شبة. روى عنه الدارقطني وابن شاهين. قال الخطيب البغدادي: كتبنا عنه، كان ثقة مأمونا مكثرا. توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة.

- تاريخ بغداد 14/ 293 عدد: 7579.

(4) الذي في رواية الدارقطني -في سننه- يعقوب بن إبراهيم, وجماعة, عن الحسن بن عرفة، عن إسماعيل بن عياش, عن عبد العزيز بن عبيد الله: قلت لوهب بن كيسان .. الحديث.

وليس فيه ذكر لرواية علي بن عبد العزيز -في منتخبه- عن محمد بن سعيد بن الأصبهاني الخ.

فالحافظ ابن المواق ذكر الروايتين ليبين الفروق بينهما؛ وأنهما معا أثبتا ما حذفه عبد الحق, عند ذكره للحديث.

(5) محمد بن سعيد بن سليمان الكوفي, أبو جعفر بن الأصبهاني يلقب حمدان, ثقة ثبت، من العاشرة مات سنة عشرين ومائتين. /خ ت سي.

- التقريب 2/ 164 - ت. التهذيب 9/ 166.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة, باب تكبيرة الإحرام وهيئة الصلاة والقراءة والركوع: (2/ ل: 102. ب).

أخرجه أبو داود في مراسيله, جامع الصلاة (ص: 117 ح: 87) , بتحقيق الأرناؤوط - تحفة الأشراف 13/ 419 ح: 19547.

ورواه البيهقي في سننه الكبرى مرسلا كذلك (3/ 223) من طريق أبي داود.

قال ابن التركمان في "الجوهر النقي": (ظاهر كلامه أنه ليس في هذا الحديث إلا الإنقطاع, وسالم متروك,

(2/16)

على امرأتين تصليان، فقال: (إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى بعض). هكذا ذكره.

وفيه وهم وهو قوله: (إلى بعض)، وصوابه: (إلى الأرض) مكان (إلى بعض).

قال أبو داود: نا سليمان بن داود: (2)، نا ابن وهب (3)، نا حيوة بن شريح (4)، عن سليمان بن غيلان عن يزيد بن أبي حبيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على امرأتين تصليان، فقال: "إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض، فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل". اهـ

(214) وذكر (1) من طريق البزار حديث بريدة: (إذا جلست في صلاتك

__________

حكاه صاحب الميزان عن الدارقطني).

قلت: مرسل يزيد بن أبي حبيب رجاله ثقات إلا سالم بن غيلان التجيبي المصري انفرد الدارقطني بتجريحه. قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ما أرى به بأسا. وقال أبو داود: لا بأس به. وقال النسائي ليس به بأس. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن يونس: كان فقيها. وقال العجلي: ثقة. وقال الحافظ في التقريب: ليس به بأس. توفي سنة إحدى أو ثلاث ومائة./د س ت.

- الميزان (2/ 113)، التقريب (281)، ت. التهذيب (3/ 383). وللبيهقي حديثان موصولان في الباب: أحدهما حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا، وطرفه: خير صفوف الرجال الأول .. الحديث. وفي سنده عطاء بن عجلان، وهو ضعيف.

الثاني: حديث عبد الله بن عمر مرفوعا، وطرفه: إذا جلست المرأة في الصلاة وضعت فخذها على فخذها ..

الحديث. وفي سنده أبو مطيع، الحكم بن عبد الله. قال أبو أحمد: (أبو مطيع بين الضعف في أحاديثه وعامة ما يرويه لا يتابع عليه).

انظر: السنن الكبرى (2/ 22 ...)، معرفة السنن والآثار: كتاب الصلاة، باب صلاة المرأة: (2/ 90 ح: 987)، الكامل (2/ 214 عدد: 399)، التلخيص الحبير (1/ 22).

(2) سليمان بن داود المهري. مضت ترجمته.

(3) عبد الله بن وهب. مضت ترجمته.

(4) مضت ترجمته.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب تكبيرة الإحرام وهيئة والقراءة والركوع (2/ ل: 108. أ).

وقد نقله الهيثمي عن البزار في كشف الأستار، كتاب الصلاة، باب صفة الصلاة: 1/ 255 ح: 527. وذكره في مجمع الزوائد (2/ 132) وقال: (رواه البزار، وفيه عباد بن أحمد العرزمي، ضعفه الدارقطني، وفيه جابرا الجعفي، وهو ضعيف).

(2/17)

/82. ب/ فلا تتركن التشهد لا إله إلا الله، وأني رسول الله، والصلاة علي، وعلى أهل بيتي، وعلى أنبياء الله ..) الحديث ..

وكذلك أيضا وقع له ذكر هذا الخبر بزيادة فيه ليست في الأصل الذي نقله منه، وهي قوله: (وعلى أهل بيتي).

قال البزار: نا عباد بن أحمد العرزمي، قال حدثني عمي (2) عن أبيه (3) عن جابر الجعفي (4)، عن عبد الله بن بريدة (5) عن أبيه؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بريدة إذ كان حين تفتتح الصلاة فقل: سبحانك اللهم وبحمدك". الحديث ..

وفيه: فإذا جلست في صلاتك فلا تتركن في التشهد: لا إله إلا الله، وأني رسول الله، والصلاة علي وعلى جميع أنبياء الله، وسلم على عباد الله الصالحين.

قال م: وأراه إنما دخل عليه الوهم من ذكره قبل ذلك الحديث الذي أورده

من حديث أبي مسعود الأنصاري (6) متضمنا هذه الزيادة، فاشتبه عليه عند

__________

ونقل تضعيف عباد بن أحمد العرزمي من طرف الدارقطني في "الميزان" (2/ 365) و"اللسان" (3/ 228). ومن طريق البزار رواه الشجري في أماليه الخميسية، باب في الدعاء وفضله: (1/ 248).

(2) عبد الملك بن أبي سليمان. مضت ترجمته.

(3) أبو سليمان، اسمه ميسرة العرزمي، كوفي. لم أقف على من ذكره بجرح أن تعديل.

- الكامل 5/ 302 - الأنساب 4/ 178.

(4) جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي، أبو عبد الله الكوفي, ضعيف، رافضي، من الخامسة، مات سنة سبع وعشرين ومائة. / د ت ق.

التقريب 1/ 123. وانظر كذلك الكامل 2/ 113 - المغني في الضعفاء. للذهبي 1/ 126 - ت. التهذيب 2/ 24.

(5) عبد الله بن بريدة بن الحصيب. تقدمت ترجمته.

(6) قال عبد الحق: (وذكر الدارقطني عن أبي مسعود الأنصاري. قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى صلاة لم يصل فيها علي، ولا على أهل بيتي لم تقبل منه ").

ذكره قبل حديث الباب (2/ل: 107.ب).

وأخرجه الدارقطني في كتاب الصلاة، باب ذكر وجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد .. (1/ 255 ح: 6).

وفي سنده جابر الجعفي؛ وهو ضعيف، كما تقدم، وقد نقل عن الدارقطني أنه قال: اختلف عليه فيه فوقفه

(2/18)

النقل، فنسبه إلى حديث بريدة واهما، والله يتجاوز عنا وعنه، فالظن به أنه لا يأتي شيئا من هذا بقصد، رحمنا الله وإياه. اهـ

(215) وذكر (1) من طريق أبي داود عن عبد الله بن عمر؛ قال: (خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي قباء يصلي فيه؛ قال: فجاءته الأنصار فسلموا عليه، فقلت لبلال: كيف رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم؟).

فذكر الحديث بإسقاط لفظ منه، بعد قوله (عليه) به تتم فائدة الخبر.

والصواب فيه (فسلموا عليه وهو يصلي)، كذلك ذكره أبو داود فاعلمه. اهـ

(216) وذكر (1) من طريق أبي داود (عن خارجة بن حذافة: قال: خرج

__________

تارة، ورفعه أخرى ...

انظر: "نصب الراية" 1/ 427.

(1) عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب الإلتفات في الصلاة والتبسم وما يفعل المصلي إذا سلم عليه (3/ ل: 7. ب).

أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب رد السلام (1/ 269 ح: 927).

وأخرجه مختصرا الترمذي في أبواب الصلاة، ما جاء في الإشارة في الصلاة (2/ 204 ح: 368)، وقال عقبه: (حديث حسن صحيح). ونحوه عند ابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب المصلي يسلم عليه كيف يرد (1/ 325 ح: 1017).

انظر: تحفة الأشراف (6/ 248 ح: 8512)، صحيح أبي داود (1/ 174 ح: 927).

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الوتر وصلاة الليل (3/ل: 23. أ).

وأخرجه أبو داود: كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر 2/ 128 ح: 1418. والترمذي: أبواب الصلاة، باب ما جاء في فضل الوتر (2/ 314 ح: 452)، وقال: (حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب). وابن ماجة: كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الوتر (1/ 369 ح: 1168)، والدارمي: كتاب الصلاة، باب في الوتر (1/ 370)، وأبو جعفر الطحاوي في "شرح معاني الآثار": كتاب الصلاة، باب الوتر هل يصلى في السفر على الراحلة أم لا؟ (1/ 430)، والدارقطني في سننه: فضيلة الوتر (2/ 30 ح: 1)، وابن عدي (ترجمة خارجة بن حذافة 3/ 50)، والبيهقي: كتاب الصلاة، باب وقت الوتر (2/ 478)، والطبراني في "الكبير"، والحاكم في مستدركه: كتاب الوتر (1/ 306).

كلهم من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن راشد الزوفي، عن عبد الله بن أبي مرة الزوفي، عن خارجة بن حذافة العدوي؛ قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- أمدكم بصلاة؛ وهي خير لكم من حمر النعم؛ وهي الوتر، فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر".

(2/19)

علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- قد أمدكم بصلاة وهي خير لكم من حمر النعم، فجعلها لكم فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر).

وهكذا أيضا ذكر هذا فيما رأيت، وسقط منه وهي (الوتر)، وهو ثابت في الخبر عند أبي داود بعد/83. أ/ قوله: من حمر النعم، فاعلم ذلك، وسيأتي لهذا الحديث ذكر في باب رجال لم يعرفهم، وهم ثقات، أو مختلف فيهم (2). اهـ

(217) وذكر (1) من طريقه أيضا عن ابن عباس قال: (كانت قراءة

__________

قال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، رواته مدنيون ومصريون، ولم يتركاه إلى لما قدمت ذكره من تفرد التابعي عن الصحابي). ووافقه الذهبي على ذلك.

قلت: وهذه الموافقة من الذهبي من أوهامه؛ فقد قال في الميزان (2/ 420) في عبد الله بن راشد:

(أبو الضحاك الزوفي المصري، عن عبد الله بن أبي مرة الزوفي، عن خالد بحديث الوتر، رواه عنه يزيد ابن أبي حبيب، وخالد بن يزيد. قيل: لا يعرف سماعه من أبي مرة. قلت: ولا هو بالمعروف. وذكره ابن حبان في ثقاته). اهـ

وقال الحافظ: عبد الله بن راشد يروي عن عبد الله بن أبي مرة، إن كان سمع منه، ومن اعتمده، فقد اعتمد إسنادا مشوشا.

- ت. التهذيب 5/ 180.

فالحديث ضعيف الإسناد، لكن له شواهد منها حديث أبي بصرة؛ وليس فيه: (وهي خير لكم من حمر النعم)؛ رواه أحمد بإسنادين:

الأول: ثنا علي بن إسحاق عن عبد الله بن المبارك، أنا سعيد بن يزيد، حدثني ابن هبيرة، عن أبي تميم الجيشاني أن عمرو بن العاص خطب الناس يوم الجمعة، فقال: إن أبا بصرة حدثني ... فذكره: (6/ 7). الثاني: ثنا يحيى بن إسحاق، أنا ابن لهيعة، أنا عبد الله بن هبيرة. بالسند المتقدم: (6/ 397).

فالإسناد الأول صحيح: رجاله رجال صحيح مسلم، خلا علي بن إسحاق شيخ أحمد؛ وهو ثقة.

والإسناد الثاني فيه ابن لهيعة، وإنما يخشى منه سوء حفظه بسبب احتراق كتبه، لكن متابعة سعيد بن يزيد الأسكندراني له، تقوى روايته، وتدل على حفظه.

ورواه الطبراني في "الكبير" والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 430).

- نصب الراية (2/ 110)، الدراية (1/ 89)، الفتح الرباني (4/ 279 ...)، إرواء الغليل (2/ 156)، الصحيحة (ح: 108).

(2) لم أقف عليه في الباب الذي ذكر من بيان الوهم والإيهام.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الوتر وصلاة الليل (3/ ل: 33. أ).

وأخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب في رفع الصوت بالقراءة في الليل (2/ 81 ح: 1327).

(2/20)

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قدر ما يسمعه من في البيت، وهو في الحجرة).

هكذا ذكره وهو مقلوب (2) ما وقع في الحديث عند أبي داود، وصوابه: (على قدر ما يسمعه من في الحجرة، وهو في البيت)، فاعلمه. اهـ

(218) وذكر (1) من طريق مسلم عن مسروق؛ قال: سألت عائشة عن عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

فقالت: "كان يحب الدائم. قال: قلت أي حين يقوم إلى الصلاة؟ قالت إذا سمع الصارخ قام فصلى".

وهكذا أيضا وقع عنده، وصواب ذلك: (أي حين كان يصلي). هكذا وقع في كتاب مسلم، ليس فيه (يقوم إلى الصلاة)؛ فاعلمه. اهـ

__________

ورجاله ثقات، خلا عبد الرحمن بن أبي الزناد؛ قال الحافظ: (صدوق, تغير لما قدم بغداد). قلت: وهذا ليس مما روي عنه ببغداد. فإسناد الحديث حسن.

وأخرجه أحمد (الفتح الرباني 3/ 236 ح: 597)، والبيهقي في الكبرى: كتاب الصلاة، باب صفة القراءة في صلاة الليل .. (3/ 10)، وعزاه المزي للترمذي في الشمائل من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد كذلك، لكن ورد على الشك هكذا: ربما يسمعه من في الحجرة، وهو في البيت).

- الشمائل المحمدية، بتحقيق عبيد الدعاس: باب (44) ما جاء في قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ص: 155 ح: 315).

(2) في المخطوط (مغلوب).

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الوتر وصلاة الليل (3/ل: 29. ب).

وأخرجه مسلم في كتاب المسافرين، باب صلاة الليل .. (1/ 511 ح: 741).

وأخرجه البخاري في التهجد، باب من نام عن السحر (الفتح 3/ 16 ح: 1132)، وكذا في الرقاق: باب القصد والمداومة على العمل (الفتح 11/ ح: 6461).

وأبو داود في الصلاة، باب وقت قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - من الليل (2/ 77 ح: 1317).

والنسائي في الصلاة، باب وقت القيام (3/ 325 ح: 17659).

(2/21)

(219) وذكر (1) ما هذا نصه: (وذكر أبو عمر في "التمهيد" عن عائشة؛ قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعة أو غيرها".

ثم قال: (ذكره في باب مالك عن يحيى).

هكذا وقع هذا أيضا عنده، وهو وهم، وصوابه: (لجمعته أو لعيده). وعلى الصواب ذكره أبو عمر بن عبد البر في الباب الذي ذكر؛ قال أبو عمر:

(نا خلف بن القاسم (2)؛ قال: نا سعيد بن عثمان بن السكن؛ قال: نا يحيى ابن محمد بن صاعد (3)؛ قال: نا محمد بن خزيمة البصري (4) بمصر؛

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي.

تقدم الكلام على هذا الحديث وشواهده، ورواية يحيى بن سعيد الأموي عند عبد البر.

وهذه رواية أخرى لإبن عبد البر كذلك نقلها ابن المواق من (التمهيد) لتصحيح التصحيف الذي وقع فى متن الحديث لعبد الحق عند النقل؛ فالذي عنده في الأحكام (.. سوى ثوبي مهنته لجمعة أو غيرها).

بينما الذي في التمهيد (لجمعته أو لعيده).

والحديث إسناده حسن.

- التمهيد 24/ 35.

(2) خلف بن القاسم بن سهل بن محمد بن يونس بن الأسود، الأزدي، من أهل قرطبة، يعرف بابن الدباغ، ويكنى أبا القاسم، سمع بقرطبة من جماعة، ورحل إلى مصر فسمع من محدثيها، وكذا من محدثي الشام، وبيت المقدس، ودمشق. روى عنه أبو عمرو الداني، وأكثر عنه ابن عبد البر. كان حافظا للحديث عالما بطرقه، ألف كتبا حسانا في الزهد، وخرج من حديث الأئمة حديث مالك بن أنس، وشعبة بن حجاج. توفي سنة ثلاث وتسعين وثلات مائة.

- تاريخ العلماء والرواة، لإبن الفرضي (1/ 163)، جذوة المقتبس، للحميدي (1/ 326)، سير أعلام النبلاء (17/ 113).

(3) يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب، محدث العراق، الإمام الحافظ المجود، أبو محمد الهاشمي البغدادي، قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن يحيى بن محمد بن صاعد، قال: ثقة ثبت حافظ، توفى بالكوفة سنة ثمان عشرة وثلاث مائة.

- تاريخ بغداد (14/ 231)، سير أعلام النبلاء (14/ 501).

(4) محمد بن خزيمة البصري، أبو عمر، سكن مصر، يروي عن محمد بن عبد الله الأنصاري، وأهل العراق. مستقيم الحديث.

- الثقات، لإبن حبان 9/ 133.

(2/22)

قال: نا حاتم بن عبيد الله (5)، أبو عبيدة؛ قال: نا مهدي بن ميمون (6) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته أو لعيده". وهكذا ذكره أبو علي بن السكن بهذا الإسناد إلا أنه قال: (لجمعة أو لعيد)؛ لم يسقه على الإضافة، وبالله التوفيق اهـ.

(220) وذكر (1) من طريق (الدارقطني عن جابر بن عبد الله؛ قال: مضت /83. ب/ السنة أن في كل ثلاثة إمام، وفي كل أربعين فما فوق ذلك جمعة وأضحى وفطر الحديث ..).

هكذا ألفيته في نسخ من "الأحكام" وهو تصحيف، وصوابه: (في كل بقية).

قال الدارقطني: (قرئ على أبي عيسى عبد الرحمن بن عبد الله بن هارون الأنباري (2)، وأنا أسمع، حدثكم إسحاق بن خالد بن يزيد، ببالس (3)،

__________

(5) حاتم بن عبد الله، هكذا في (الثقات، لإبن حبان 8/ 211) وكذا في (لسان الميزان 2/ 145). والذي في (الجرح والتعديل 3/ 260 رقم: 1163) و (التمهيد): (ابن عبيد الله) هكذا بالتصغير. أبو عبيدة النمري, بصري. قال ابن حبان: يخطئ. وقال ابن أبي حاتم: (سمعت أبي يقول: نظرت في حديثه، فلم أر في حديثه مناكير).

قلت: ولا يضره خطؤه، إذا تتبعت أحاديثه, فلم يوجد فيها مناكير.

(6) مهدي بن ميمون، الأزدي. تقدمت ترجمته.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الجمعة (3/ ل: 59. ب)، ونص الحديث عند عبد الحق (إن في كل ثلاثة إماما)؛ وهو كذلك عند الدارقطني في سننه المطبوعة؛ ولعله هو الأنسب من حيث السياق. ومما يؤكد ذلك أن البيهقي أخرج الحديث من طريق إسحاق بن خالد، بسند الدارقطني المتقدم فلم يختلف المتن عندهما.

أما الحافظ ابن المواق فله عذره؛ ذلك أنه اطلع على ما ذكر في عدة نسخ من سنن الدارقطني، فلم تختلف عليه، فأبدى تعقيبه حسبها.

والحديث ضعيف؛ فيه إسحاق بن خالد، وعبد العزيز بن عبد الرحمن، وكلاهما ضعيف.

(2) عبد الرحمن بن عبد الله بن هارون بن هاشم بن شهاب، أبو عيسى الأنباري سكن بغداد، وحدث عن إسحاق بن خالد البالسي. روى عنه القاضي الجراحي والدارقطني، توفي سنة ثلاثين وثلاث مائة. قال الخطيب: وكان ثقة.

- تاريخ بغداد 10/ 289.

(3) إسحاق بن خالد بن يزيد البالسي -منسوب إلى بالس، وهي مدينة مشهورة بين الرقة وحلب- ويقال له: إسحاق بن خلدون. يروي عن أبي نعيم؛ الفضل بين دكين، ومحمد بن مصعب، وعنه أبو حاتم بن حبان،

(2/23)

ثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن (4)، ثنا خُصَيْف (5)، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله؛ قال: (مضت السنة أن في كل بقية إمام، وفي كل أربعين فما فوق ذلك جمعة وأضحى وفطر، وذلك أنهم جماعة).

وهكذا ألفيته في نسخ من سنن الدارقطني، فاعلمه. اهـ

========

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

بغية النقاد النقلة

(221) وذكر (1) من طريق (أبي داود من حديث أوس بن أوس في فضل

__________

وسليمان بن أحمد الطبراني، وابن عدي. (روى غير حديث منكر عن جماعة من الشيوخ ... وروايته تدل عمن روى عنه بأنه ضعيف) قاله أبو أحمد. توفي بعد سنة عشر وثلاث مائة.

- الكامل (1/ 344)، الأنساب (1/ 268)، اللسان (1/ 361).

(4) عبد العزيز بن عبد الرحمن، البالسي، الجزري، مولى سلمة بن عبد الملك، يروي عن حبيب بن أبي مرزوق، وخُصَيْب. قال ابن حبان: (يأتي بالمقلوبات عن الثقات فيكثر والملزقات بالأثبات فيفحش ..)، ثم ذكر له حديث الباب مختصرا؛ وقال: كتبناه عن عمر بن سنان، عن إسحاق بن خالد البالسي، عنه بنسخة شبيهة بمائة حديث مقلوبة، منها ما لا أصل له، ومنها ما هو ملزق بإنسان لم يرو ذلك البتة، لا يحل الإحتجاج به بحال.

- الضعفاء الكبير (3/ 5)، المجروحين (2/ 138)، الكامل (1/ 289).

(5) خُصَيْف -مصغرا- بن عبد الرحمن الجزري، أبو عون، صدوق شيء الحفظ، ورمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة سبع وثلاثين ومائة./ 4.

- التقريب (1/ 224)، ت. التهذيب (3/ 123).

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الجمعة (3/ل: 53. ب).

ورواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الجمعة (1/ 635 ح: 1047) عن هارون بن عبد الله، وفي باب الإستغفار (2/ 148 ح: 1531) عن الحسن بن علي، وليس عنده من الطريقين في متن الحديث (أن تأكل).

وقد ثبت هذا اللفظ عند ابن خزيمة؛ كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة (3/ 101 ح: 1373)، والحاكم: كتاب الجمعة (1/ 278)، وابن أبي شيبة: كتاب الصلوات، باب ثواب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (3/ 516)، وابن ماجة: كتاب الجنائز، باب ذكر وفاته ودفنه - صلى الله عليه وسلم - (1/ 523 ح: 1636)، وأحمد (الفتح الرباني: فصل في الحث على الإكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة (6/ 9 ح: 1511)، والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب الجمعة (3/ 248). كلهم رووا هذا الحديث من طريق الحسين بن علي الجعفي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس مرفوعا.

قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه).

ووافقه الذهبي على ذلك.

(2/24)

يوم الجمعة قطعة وهي: "فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي"؟ قالوا: يا رسول الله: وكيف تعرض صلاتنا عليك؛ وقد أرمت، يقولون: قد بليت. قال: "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء").

هكذا وقع عنده: (أن تأكل)، ولم يقع كذلك عند أبي داود، وإنما وقع عنده: (إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء). وإنما وقع بهذا اللفظ عند الترمذي فى العلل (2)، وذكر أبو حاتم البستي في الصحيح؛ قال البستي:

(نا محمد بن إسحاق بن خزيمة؛ قال: نا أبو كريب (3)، وقال الترمذي: نا محمود (4) بن غيلان؛ قالا: نا حسين الجعفي (5) عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر (6)، عن [أبي] (7) الأشعث الصنعاني (8) عن أوس بن أوس؛ قال

__________

قلت: بل على شرط مسلم، والحديث صحيح الإسناد.

(2) هذا الحديث ليس في كتابي العلل -الصغير والكبير- للترمذي المطبوعين، ولا في جامعه الصحيح، ولعل عدم وجوده فيهما يرجع لإختلاف الروايات عن الإمام الترمذي، أو أنه موجود في العلل الكبير, ولم يرتبه أبو طالب القاضي في كتابه.

(3) أبو كريب: محمد بن العلاء. مضت ترجمته.

(4) الذي في المخطوط محمد، والصواب ما أثبت.

(5) الحسين بن علي بن الوليد الجعفي، الكوفي المقرئ، ثقة عابد من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع ومائتين./ ع.- التقريب 1/ 177.

(6) عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، أبو عتبة، الشامي، الدارني، ثقة، من السابعة، مات سنة بضع وخمسين ومائة. / ع.- التقريب 1/ 502.

(7) ما بين المعقوفتين ساقط من المخطوط.

(8) شراحيل بن آدَة -بالمد وتخفيف الدال- أبو الأشعث الصنعاني، ويقال آدة هو جد أبيه، وهو ابن شراحيل بن كلب، ثقة، من الثانية، شهد فتح دمشق. / بخ م 4.

- التقريب 1/ 348.

(2/25)

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه الصعقة (9)، فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي ". فقالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض عليك وقد أرمت, قال: يقولون بليت. قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء").

قال م: وبهذا الإسناد ذكره أبو داود؛ قال: (نا هارون بن عبد الله؛ قال: نا حسين بن علي -هو الجعفي- بإسناده مثله سواء، إلا أنه لم يذكر (أن تأكل)، وزاد فيه (النفخة) (10)، فالله أعلم. اهـ

(222) وذكر (1) من طريق (البخاري عن سلمان الفارسي؛ قال: قال النبي

__________

(9) الصعقة: الصعق أن يغشى على الإنسان على الإنسان من صوت شديد يسمعه، وربما مات منه، ثم استعمل في المون كثيرا، والصعقة المرة الواحدة.

والنفخة الواحدة: المرة الواحدة من النفخ، وهو إخراج الريح.

ولعل المراد بالصعقة هنا: الصوت الذي يؤخذ به الناس فيموتون، وبالنفخة نفخة البعث. وفي التنزيل: (ونفخ فى الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون). (يس الآية: 51).

- لسان العرب: مادة نفخ (3/ 62)، النهاية، لإبن الأثير (2/ 264).

(10) الذي في سنن أبي داود (المطبوعة بعناية الدعاس): (النفحة) بالحاء المهملة.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب في الجمعة (3/ ل: 55. ب).

أخرجه البخاري من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن وديعة عن سلمان الفارسي مرفوعا. في كتاب الجمعة: باب الدهن ليوم الجمعة (الفتح 2/ 370 ح: 883)، وباب لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة (الفتح 2/ 392 ح: 910).

وهذا من الأحاديث التي تتبعها الدارقطني على البخاري؛ قال:

"وقد اختلف عن ابن أبي ذئب فيه أيضا.

وقال ابن عجلان: عن سعيد عن أبيه، عن ابن وديعة، عن أبي ذر، وقيل: عن عبيد الله عن سعيد، عن أبي هريرة، قاله عبد الله بن رجاء.

وروى الدراوردي عن عبيد الله, عن سعيد, عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقال الضحاك بن عثمان: عن المقبري, عن أبي هريرة.

وقال أبو معشر: عن المقبري, عن أبيه، عن أبيه وديعة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". اهـ.

- التتبع للدارقطني ص: 206.

(2/26)

- صلى الله عليه وسلم -: لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من الطهر، ويدهن أو

__________

ومن طريق ابن أبي ذئب المتقدم رواه الدارمي في مسنده (باب الغسل يوم الجمعة: 1/ 362)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان .. كتاب الصلاة، ذكر مغفرة الله لمن أتى الجمعة .. 7/ 14 ح: 2776)، وأحمد (5/ 436، 44.)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (ص: 64. ح: 477)، لكن في روايته والد سعيد يرويه عن عبيد الله بن عدي بن الخيار به. وهي رواية شاذة، لأن الجماعة خالفوه، ولأن الحديث محفوظ لعبد الله بن وديعة، لا لعبيد الله بن عدي.

وأخرجه ابن ماجة: كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة 1/ 349 ح: 1097) , والطيالسي (ح: 477) , وابن خزيمة من طريق ابن عجلان، عن المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن وديعة، عن أبي ذر. وابن عجلان، عن المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن وديعة، عن أبي ذر. وابن عجلان دون ابن أبي ذئب في الحفظ، فروايته مرجوحة، مع أنه يحتمل أن يكون ابن وديعة سمعه من أبي ذر وسلمان جميعا، ويرجح كونه عن سلمان ورود 5 من وجه آخر عنه؛ أخرجه النسائي (كتاب الصلاة، باب فضل الإنصات وترك اللغو يوم الجمعة 3/ 115 ح: 1402)، وابن خزيمة من طريق علقمة ابن قيس عن قَرثع الضبي -وكان من القراء الأولين- عن سلمان نحوه، ورجاله ثقات. والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي على ذلك.

قلت: وما كان ينبغي للحاكم أن يخرجه؛ لأنه في صحيح البخاري، وإنما صنف كتابه للإستدراك أما رواية عبيد الله بن عمر عند الداوردي، فإنها لا تنافي رواية ابن أبي ذئب، لكنها قصرت عنها، وعبيد الله بن عمر، وإن كان من الحفاظ، إلا أنه لم يضبط إسناده فأرسله.

وقال ابن أبي حاتم في العلل:

سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ابن أبي حازم عن الضحاك بن عثمان، عن المقبري، عن عبد الله بن وديعة، عن سلمان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غسل يوم الجمعة.

قال المقبري فحدث ابنُ عمارة ابنَ عمرو بن حزم وأنا معه: أوهم ابن وديعة، سمعته من سلمان وهو يقول: وزيادة ثلاثة أيام.

قال أبي: ورواه ابن أبي ذئب عن المقبري، عن عبيد الله بن وديعة، عن سلمان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر الكلام الأخير.

ورواه ابن عجلان، عن المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن وديعة، عن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قلت لأبي: أيهما الصحيح؟.

قال: اتفق نفسان على سلمان، وهو الصحيح.

قالت: فعبيد الله بن وديعة، أو عبد الله.

قال: الصحيح عبيد الله بن وديعة عن سلمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقال أبو زرعة: حديث ابن أبي ذئب أصح، لأنه أحفظهم.

قلت: عن سلمان؟ قال نعم.

قلت: فعبيد الله أصح أو عبد الله؟

(2/27)

يمس من طيب بيته ثم يخرج، فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى).

وهذا أيضا نقص منه لفظ (من دهنه) /48. أ/ فإنه في جامع البخاري هكذا: (ويدهن من دهنه)، فاعلمه. اهـ

__________

قال: عبد الله بن وديعة أصح.

قلت: فابن أبي ذئب يقول عبيد الله.

قال: حفظي عنه عبد الله.

قلت لأبي: فإن يونس بن حبيب حدثنا عن أبي داود، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن سلمان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال: أخطأ أبو داود. حدثنا آدم العسقلاني، وغير واحد عن ابن أبي ذئب، عن سعيد، عن أبيه، عن عبيد الله بن وديعة، عن سلمان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ثم قال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سليمان بن بلال، عن صالح بن كيسان، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ال: (إذا كان يوم الجمعة فاغتسل الرجل وتطيب,

ولبس من خير ما يجد، ثم خرج إلى الصلاة، ولم يفرق بين اثنين، ثم استمع الإمام غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام). فقالا: هذا خطأ؛ هو عن سعيد المقبري عن أبيه، عن عبد الله بن وديعة. قال ابن عجلان أشبه.

وقال أبي حديث ابن أبي ذئب أشبه؛ لأنه قد تابعه الضحاك بن عثمان. قال أبي: قال يحيى بن معين: ابن أبي ذئب أثبت في المقبرى من ابن عجلان.

قال أبي: روى هذا الحديث أبو معشر عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي وديعة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أسقط أبو معشر من فوق ابن وديعة، وكنى ابن وديعة.

قال أبي: يقال عبيد الله وديعة، ويقال عبد الله. اهـ

قال أبي: يقال عبيد الله بن وديعة، ويقال عبد الله. اهـ

- علل ابن أبي حاتم (1/ 201).

وإذا تقرر هذا علم أن الرواية التي اختارها البخاري أتقن الروايات، وبقيتها إما موافقة لها، أو قاصرة عنها، أو يمكن الجمع بينهما، أو شاذة.

- انظر: الفتح 2/ 371 - التلخيص الحبير 1/ 189.

(2/28)

(223) وذكر (1) من طريق أبي داود عن يزيد بن أبي زياد (2) عن مقسم (3)، عن ابن عباس؛ قال: "كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب؛ قميصه الذي مات فيه، وحلة له نجرانية"). وهكذا أيضا ذكر هذا الحديث، وفيه تغيير لما وقع عند أبي داود، ونص الواقع من ذلك عند أبي داود:

(كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب: نجرانية؛ الحلة ثوبان، وقميصه الذي مات (فيه)، ففي هذا أن القميص كان نجرانيا، وليس ذلك في اللفظ الذي ذكره. اهـ

(224) وذكر (1) من طريق مسلم حديث جابر بن عبد الله في الرجل الذي قُبر ليلا، وكفن في كفن غير طائل. فزجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك الحديث ..

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الجنائز (3/ل: 73. ب).

وأخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في الكفن (3/ 507 ح: 3153) , وابن ماجة (كتاب الجنائز، باب ما جاء في كفن النبي - صلى الله عليه وسلم -1/ 472 ح: 1471)؛ كلاهما من طريق يزيد بن أبي زياد عن ابن عباس.

هذا الحديث ضعيف؛ يزيد بن أبي زياد ضعيف، وقد خالفت روايته رواية الثقات.

قلت: ولعل سبب وهم عبد الحق في هذا الحديث نقله بالمعنى.

(2) قال الحافظ: يزيد بن أبي زياد الهاشمي، مولاهم الكوفي، ضعيف, كبر فتغير، صار يتلقن، وكان شيعيا، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين مائة. خت م 4.

- التقريب 2/ 365.

(3) مقسم بن بجرة، ويقال نجدة، أبو القاسم مولى عبد الله بن الحارث، كان ملازما لإبن عباس، صدوق، وكان يرسل، من الرابعة، مات سنة إحدى ومائة، ما له في البخاري سوى حديث واحد./خ 4.

- التقريب 2/ 273.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الجنائز (3/ ل: 72. ب).

وأورده من طريق مسلم، وهو عنده في صحيحه: كتاب الجنائز، باب في تحسين كفن الميت (2/ 651 ح: 943). (تحفة الأشراف 2/ 316 ح: 2805).

وكان الأولى أن يسوق ابن المواق الحديث من صحيح مسلم ليستدل على سقوط قوله منه (حتى يصلي عليه) , لكنه ساق الحديث من سنن أبي داود، ورواية أبي داود وإن كانت تتفق مع رواية مسلم في إثبات لفظ: (حتى يصلي عليه)، لكن ما ساق الإشبيلي الحديث إلا من عند مسلم. - انظر الدراسة.

(2/29)

فسقط له منه: (حتى يصلى عليه)، وهو ثابت في الحديث عند أبي داود؛ قال:

(نا أحمد بن حنبل؛ قال: نا عبد الرزاق؛ قال: أنا (ابن) (2) جريج (3) عن أبي الزبير؛ أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خطب يوما، فذكر رجلا من أصحابه قبض، فكفن في غير طائل، وقبر ليلا، فزجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه" (4).

قال م: فهذا نصه عند أبي داود، وإنما وقع بإسقاط ما أسقط ق منه في مصنف النسائي (5)؛ رواه النسائي عن يوسف بن سعيد (6) عن حجاج بن محمد (7) عن ابن جريج، فاعلمه. اهـ

(225) وذكر (1) من طريق أبي أحمد بن عدي؛ من حديث عمر بن موسى

__________

(2) (ابن) سقطت من المخطوط.

(3) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.

ولا تضر عنعنة ابن جريج، لأنه صرح بالسماع في رواية أحمد (الفتح الرباني، أبواب الكفن وتوابعه: 7/ 169)

(4) سنن أبي داود: كتاب الجنائز، باب في الكفن (3/ 505 ح: 3148).

(5) نعم رواية النسائي موافقة لما ذكره ابن الخراط؛ إذ ليس فيها ذكر لقوله (حتى يصلي عليه).

(6) يوسف بن سعيد بن مسلم، المصيصي، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة إحدى وسبعين ومائتين، وقيل قبل ذلك./ س.- التقريب 2/ 381.

(7) حجاج بن محمد المصيصي الأعور، أبو محمد الترمذي الأصل. نزل بغداد ثم المصيصية، ثقة ثبت، لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، من التاسعة، مات ببغداد سنة ست ومائتين. / ع.

- التقريب 1/ 154.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام" في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة (4/ ل: 9. أ).

وهو حديث رواه ابن عدي في ترجمة عمر بن موسى بن وجيه الوجيهي (5/ 12)، وهو حديث ضعيف جدا.

(2/30)

الوجيهي (2) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (لا يعطى من الزكاة من له خمسون درهما).

هكذا ذكر هذا الخبر من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - على النهي منه، وليس كذلك عند /84. ب/ أبي أحمد، وإنما وقع عنده على الإخبار عن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هكذا: (كان لا يعطي من الزكاة ..). فتبدل له (كان) بـ (قال)، فتغير معنى الحديث بذلك، فاعلمه، والله ولي التوفيق. اهـ

(226) وذكر (1) من طريق الترمذي حديث فاطمة بنت قيس: إن في المال

__________

(2) عمر بن موسى بن وجيه، الحمصي، عن مكحول، والقاسم بن عبد الرحمن، وعنه بقية وأبو نعيم وإسماعيل بن عمرو البجلي، وآخرون.

قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال ابن عدي: هو ممن يضع الحديث متنا وإسنادا. قال الذهبي في (المغني) عمر بن موسى بن وجيه، وهو الميتمي، أو هما اثنان واهيان. لكنه جمع بينهما (في الميزان) وكذا فعل الحافظ في (اللسان). وكانت موت الوجيهي قريبة من موت الأوزاعي.

- الكامل (5/ 9)، المجروحين (2/ 86)، الميزان (3/ 224)، المغني (2/ 474)، اللسان (4/ 332).

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام" في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة (4/ ل: 6. ب).

وأخرجه الترمذى في كتاب الزكاة، باب ما جاء أن في المال حقا سوى الزكاة (3/ 48 ح: 659، 660).

وتعقيب الحافظ ابن المواق في محله، غير أن ابن القطان قد سبقه إلى التنبيه على وهم عبد الحق في هذا الحديث، ولو تنبه لما حرر هذا الأسطر؛ قال ابن القطان:

(وذكر حديث فاطمة بنت قيس: "أن في المال حقا سوى الزكاة". من عند الترمذي ثم قال: روي مرسلا عن الشعبي، قال: وهو أصح.

هذا فيه خطأ وإجمال تعليل؛ أم خطؤه فقوله: "روي عن الشعبي مرسلا". وليس كذلك قول الترمذي فيه، وقد بينا صوابه في باب الأشياء المغيرة عما هي عليه. والمقصود الآن بيان ما أجمل من علته: وذلك أنه عند الترمذي من رواية شريك عن أبي حمزة، عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس، وأبو حمزة ميمون قد تقدم في الكتاب تضعيف، وشريك فيه أيضا ما تقدم ذكره) اهـ.

- بيان الوهم والإيهام. باب ذكر أحاديث أعلها، ولم يبين من أسانيدها مواضع العلل: 1/ ل: 238. ب.

قلت: ولم أجد ذكر الحديث في الباب الذي أحال عليه -باب الأشياء المغيرة عما هي عليه- ابن القطان.

واستدراك آخر على الحافظ ابن المواق: وهو أن الذي في جامع الترمذي (المطبوع): قال أبو عيسى: (وروي بيان وإسماعيل بن سالم عن الشعبي هذا الحديث قوله. وهذا أصح). اهـ

والذي نقله ابن المواق عن الترمذي ليس فيه (بيان وإسماعيل بن سالم عن). فلعل النسخة التي نقل منها الحافظ ليس فيها ذلك، أو سقط منه ذلك عند النقل، أو اختصره.

ومن طريق أبي حمزة هذا أخرجه الدارقطني في سننه (2/ 125 ح: 11)، والبيهقي في السنن الكبرى (كتاب

(2/31)

لحقا سوى الزكاة الحديث .. من طريق الشعبي عن فاطمة، ثم قال:

" وروي مرسلا عن الشعبي، قال: وهو أصح".

كذا وقع له هذا القول، وهو وهم، والصواب فيه:

(وروي عن الشعبي موقوفا عليه، أو من قوله، كما قال أبو عيسى الترمذي لما ذكر الحديث؛ فإنه قال: هذا حديث إسناده ليس بذاك، وأبو حمزة ميمون الأعور يضعف: وروي عن الشعبي قوله؛ وهو أصح)، فاعلمه اهـ

(227) وذكر (1) من طريق أبي داود حديث سمرة بن جندب: " المسائل

__________

الزكاة. باب الدليل على أن من أدى فرض الله في الزكاة فليس عليه أكثر منه .. 4/ 84. وقال عقبه: (فهذا حديث يعرف بأبي حمزة ميمون الأعور، كوفي، وقد جرحه أحمد بن حنبل ويحيى ابن معين فمن بعدهما من حفاظ الحديث؛ والذي يرويه أصحابنا في التعاليق: ليس في المال حق سوى الزكاة). وأخرجه ابن ماجة في سننه من نفس الطريق (كتاب الزكاة. باب ما أدي زكاته ليس بكنز 1/ 570 ح: 1789)، غير أنه قال: (ليس في المال حق سوى الزكاة). فالحديث ضعيف.

وانظر تضعيف ميمون أبي حمزة في: العلل ومعرفة الرجال، لأحمد: 2/ 488، 3/ 124 - التقريب 2/ 292.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة: (4/ ل: 17. ب) وقد أثبت في متنه - في مخطوطة الأحكام التي بين يدي - بلفظ (أو).

وأخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب ما تجوز فيه المسألة (2/ 289 ح: 1639) -وإسناده صحيح- والنسائي: كتاب الزكاة، مسألة الرجل ذا سلطان (5/ 105 ح: 2598)، وكذا في الكبرى: كتاب الزكاة، باب المسألة الرجل ذا سلطان (2/ 54 ح: 2380) (طريق محمد بن بشر عن عبد الملك بن عمير، عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب مرفوعا).

والطيالسي في مسنده ص: 121 (ح: 889)، وابن حبان: الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان: كتاب الزكاة، باب ذكر الخصال التي أبيح للمرء المسألة من أجلها 8/ 190 ح: 3397، والبيهقي:

كتاب الزكاة باب الرجل يسأل سلطانا .. (4/ 197):

كلهم من طريق شعبة عن عبد الملك بن عمير، بالسند المتقدم.

وأخرجه الترمذي: كتاب الزكاة، باب ما جاء في النهي عن المسألة (3/ 65 ح: 681) وقال: (هذا حديث حسن صحيح)، والنسائي: مسألة الرجل في أمر لابد له منه (5/ 106 ح: 2599)، وفي الكبرى (2/ 45 ح: 2381):

كلهم من طريق سفيان الثوري عن عبد الملك بن عمير، به.

(2/32)

كدوح يكدح بها الرجل وجهه، فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو في أمر لا يجد منه بدا".

قال م: ألفيت هذا الحديث في كثير من نسخ "الأحكام" بإسقاط (أو) وألفيته في نسخة واحدة لإثباتها؛ وهو الصواب، فكذلك وقع الحديث في سنن أبي داود، وكذلك روايتنا فيه، والحديث يتغير معناه مع سقوطها، عن معناه مع ثبوتها:

فإن معناه مع السقوط المنع من سؤال السلطان، إلا في أمر لا يوجد منه بد؛ فيقع قوله (فى أمر لا يجد منه بدا) مقيدا في جواز سؤال السلطان، ولا يكون لغير السلطان فيه ذكر.

ومعناه مع الثبوت جواز سؤال السلطان مطلقا من غير تقييد، وجواز سؤال غيره مقيدا، وقد وقع الخلاف بين رواة هذا الحديث في إسقاطها وثبوتها:

فرواه أبو داود من طريق أبي عمر الحوضي (2) عن شعبة، عن عبد الملك بن عمير (3) عن زيد بن عقبة (4) عن سمرة بن جندب بثبوتها، كذلك رواه سفيان الثوري عن عبد الملك بن عمير؛ فوافق رواية الحوضي عن شعبة، ذكره النسائي والدارقطني (5).

__________

ورواه عن عبد الملك بن عمير: داود الطائي عند ابن حبان (1/ 188 ح: 338، وشيبان بن عبد الرحمن عند أحمد (الفتح الرباني 9/ 108 ح: 154)، وجرير بن عبد الحميد عند ابن أبي شيبة (المصنف: من كره المسألة ونهي عنها وشدد فيها) (3/ 208).

وفي جميع الطرق المتقدمة ثبت لفظ (أو).

(2) حفص بن در بن الحارث بن سخبرة، الأزدي، النمري، أبو عمر الحوضي، وهو بها أشهر، ثقة ثبت عيب بأخذ الأجرة على الحديث، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وعشرين ومائتين / خ د س.

- التقريب 1/ 187.

(3) عبد الملك بن عمير. مضت ترجمته.

(4) زيد بن عقبة الفزاري، الكوفي، ثقة، من الثالثة./ دت س.

- التقريب 1/ 276.

(5) لم أقف عليه في سنن الدارقطني.

(2/33)

ورواه محمد بن بشر العبدي (6) عن شعبة بإسناده، وبإسقاطها ذكره أيضا

النسائي، وكذلك/85. أ/ رواه داود الطائي (7) عن عبد الملك بن عمير، ذكره البزار، وإنما كتبت هذا الحديث هنا، وإن كنت رأيته على الصواب في بعض النسخ، لأنبه على الصواب فيه ليعلم (8)، والله الموفق. اهـ

(228) وذكر (1) من طريق مسلم عن عبد الله بن عمرو؛ قال: أخبر

__________

(6) محمد بن بشر العبدي. مضت ترجمته.

(7) داود بن نصير، أبو سليمان الطائي، الكوفي، ثقة فقيه، من الثامنة، مات سنة ستين ومائة، وقيل خمس وستين. / س.

- التقريب 1/ 234.

(8) في المخطوطة: (فيعلم).

(1) أي عبد الحق الاشبيلي في "الأحكام": كتاب الصيام، باب فيمن مات وعليه صيام (4 / ل: 41. أ).

وقد سقط كذلك لفظ (فإنه أعدل الصيام) من نسخة الأحكام التي بين يدي. وهذا نص الحديث عند مسلم:

(حدثني أبو الطاهر؛ قال: سمعت عبد الله بن وهب حدث عن يونس، عن ابن شهاب. ح.

وحدثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب، أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن؛ أن عبد الله بن عمرو قال: أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يقول: لأقومن الليل ولأصومن النهار. ما عشت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنت الذى تقول ذلك؟ ". فقلت له قد قلته رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنك لا تستطع ذلك. فصم وأفطر. ونم وقم. وصم من الشهر ثلاثة أيام؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر". قال: قلت فإني أطيق أفضل من ذلك. قال: "صم يوما، وأفطر يومين".

قال قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك يا رسول الله. قال: "صم يوما وأفطر يوماً؛ وذلك صيام داود - عليه السلام -؛ وهو أعدل الصيام". قال قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أفضل من ذلك". قال عبد الله بن عمرو: لأن أكون قبك الثلاثة الأيام التي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلى من أهلي ومالي).

كتاب الصيام، كاب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به (2/ 812 ح: 181).

أخرجه البخاري في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به .. (الفتح 4/ 220 ح: 1976)، وكذا في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: (وءاتينا داود زبورا) (النساء: 163، الاسراء: 55). (الفتح 6/ 453 ح: 3418)، والنسائي في الصيام، باب صوم يوم وإفطار يوم ..

(4/ 528 ح: 2328)، وأبو داود في الصيام، باب في صوم الدهر تطوعا (80912 ح: 2427).

(2/34)

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يقول: لأقومن الليل، ولأصومن النهار ما عشت الحديث .. وفيه: (صم يوما وأفطر يوما، وذلك صيام داود عليه السلام، وهو أعدل الصيام)؛ قال: قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك الحديث ..

قال م: لا ذكر ق هذا الحديث سقط له منه: (وهو أعدل الصيام)، والصواب ثبوته، فإنه ثابت في متن الحديث في كتاب مسلم، فاعلمه. اهـ

(229) وذكر (1) من طريق النسائي, عن عائشة؛ قالت: "طيبت النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحلاله، وطيبته طيبا لا يشبه طيبكم هذا" -يعني ليس له بقاء.

هكذا ذكر هذا الحديث بإسقاط لفظة منه واهما؛ وهي الإحرامه) بعد قولها: (وطيبته) وهي في الحديث عند النسائي؛ قال:

__________

وكلها من طريق سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وثبت في جميعها: (فإنه أعدل الصيام) إلا رواية البخاري في الصوم (ح: 1976) فإنه لم يثبث فيها ذلك.

وانظر -غير مأمور- تحفة الأشراف 6/ 299 ح: 8645.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الحج (4 / ل: 52. ب).

وأخرجه النسائي في الحج، باب إباحة الطيب عند الإحرام 5/ 148 خ: 2687.

وانظر تحفة الأشراف 12/ 57 ح: 16522.

وحدث عائشة -هذا- أنها طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه ولإحلاله؛ أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الذَّرِيرة (الفتح 10/ 371 ح: 5930)؛ من طريق عروة والقاسم عن عائشة قالت: طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي بذريرة في حجة الوداع للحل والإحرام. اهـ.

ومسلم في كتاب الحج، باب الطيب للمحرم عند الإحرام (2/ 846 ح: 5930)؛ من طريق عروة والقاسم عن عائشة قالت: طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي بذريرة في حجة الوداع للحل والإحرام. اهـ.

ومسلم في كتاب الحج، باب الطيب للمحرم عند الإحرام (846/ 2 ح: 1189) من عدة طرق؛ منها طريق البخاري المتقدم.

وابن حبان: كتاب الحج (الأحسان: 9/ 75 خ: 3771، 3772).

والطحاوي في "شرح معاني الآثار" كتاب مناسك الحج، باب التطيب عند الإحرام 2/ 130.

والبيهقى في السنن الكبرى: كتاب الحج، باب الطيب للإحرام 5/ 34.

وليس في جميع هذه الروايات ما في رواية النسائي من قول عائشة: (طيبا لا يشبه طيبكم هذا ..).

(2/35)

(نا عيسى بن محمد (2)؛ أبو عمير النحاس عن ضمرة (3) -وهو ابن ربيعة- عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة؛ قالت: طيبت النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحلاله، وطيبته لإحرامه، طيبا لا يشبه طيبكم هذا -تعني ليس له بقاء.

(230) وذكر (1) من طريق أبي داود عن عبد الله بن أبي]، (*) أوفى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر وطاف (2) بالبيت، وصلى خلف المقام ركعتين، ومعه شئء يستره من الناس الحديث ..

__________

(2) عيسى بن محمد بن اسحاق، أبو عمير بن النحاس، الرملي، ويقال اسم جده عيسى، ثقة فاضل, من صغار العاشرة، مات سنة ست وخمسين ومائتين، وقيل بعدها./ دس ق.

- التقريب 2/ 101.

(3) ضمرة بن ربيعة الفلسطيني، أبو عبد الله، أصله دمشقي. صدوق يهم قليلا، من التاسعة، مات سنة اثنين ومائتين./ م 4.

التقريب 1/ 374.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ ل: 69. ب). أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب أمر الصفا والمروة 2/ 454 ح: 1902. وتمامه عنده: (فقيل لعبد الله: أدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة؟ قال: لا).

والوهم المذكور في نسخة "الأحكام" التي بين يدي كذلك.

وأخرجه البخاري في كتاب الحج، باب من لم يدخل الكعبة (الفتح 3/ 467 ح: 16000)، وفي كتاب العمرة، باب متى يحل المعتمر؟) الفتح 5/ 613 ح: 1791)، وفي كتاب المغازي، باب غزوة القضاء (ص: 508 خ: 4255).

والنسائي في الكبرى، كتاب الحج، في أبواب العمرة 2/ 471 ح: 4220.

وابن ماجة في كتاب المناسك، بالي العمرة (2/ 995 خ: 2990).

كلهم من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى.

وانظر تحفة الأشراف 278/ 40 ح: 5155،

(*) ما بين المعقوفتين سقط من الخطوط، وثبت في (أحكام عبد الحق)

(2) الذي في المخطوط (وطاف، بالواو). والتصوب من سنن أبي داود، وأحكام عبد الحق، وصحيح البخاري ح: 1600.

(2/36)

هكذا رأيت هذا الخبر في نسخ من "الأحكام"، وهو غلط، وصوابه: (ومعه من يستر 5 من الناس)، وعلى الصواب ثبت في سنن أبي داود. اهـ

(231) وذكر (1) من طريق البخاري عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غزا تسع عشرة غزوة، وأنه حج بعد ما هاجر حجة واحدة، لم يحج غيرها: حجة الوداع،/85. ب/ قال أبو إسحاق، وبمكة أخرى.

هكذا ذكره، وفيه وهم، وهو قوله (غيرها)، فإنه ليس عند البخاري كذلك، وإنما عنده فيه: (بعدها)، وإنما سبقه القلم بما كان في حفظه من كتاب مسلم؛ فإنه ذكر فيه: (غيرها)، وهو مذكور عند مسلم في الجهاد، وإنما لم نكتب هذا الحديث في باب نسبة الأحاديث إلى غير رواتها، لأن لفظ الخبر له منقول من كتاب البخاري إلا هذه اللفظة، وليس باللفظ الواقع في كتاب مسلم، فاعلمه، والله الموفق. اهـ

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الحج، باب التعرس بذي الحليفة، وكم حجة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - (4 / ل: 100. ب).

وأخرجه البخاري في كتاب المغاري، باب حجة الوداع (الفتح 8/ 107 ح: 4404). ولفظ البخاري: لم يحج بعدها)، وهي تفيد نفي الحج بعدها فقط، أما قبل الهجرة فلا تتعرض لحكمه.

رفي رواية مسلم: كتاب الجهاد والسير، باب عدد غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - 3/ 1447 ح: 144.

وقد ذهب الحافظ ابن حجر إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج مرارا قبل الهجرة، واستدل على ذلك بأدله نقلية وعقلية، حيث قال: (الذي لا أرتاب فيه أنه لم يترك الحج وهو بمكة قط، لأن قريشا في الجاهلية لم يكونوا يتركون الحج، وإنما يتأخر منهم عنه من لم يكن بمكة أو عاقه ضعف، وإذا كانوا وهم على غير دين يحرصون على إقامة إلحج، ويرونه من مفاخرهم التي امتازوا بها على غيرهم من العرب، فكيف يظن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يتركه؟ وقد ثبت من حديث جبير بن مطعم أنه رآه في الجاهلية واقفا بعرفة، وأن ذلك من توفيق الله له، وثبت دعاوُه قبائل العرب إلى الإسلام بمنى ثلاث سنين متوالية). اهـ

قلت: وقد أخرج ابن ماجة في سننه من حدث ابن عباس - رضي الله عنه - عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حج ثلاث حجات، الحديث؛ وقد صححه الشيخ الألباني. وبهذا تترجح رراية البخاري على رواية مسلم من حيث ثبوت هذه اللفظة (بعدها) في هذا الحديث، عرض (غيرها).

- الفتح (8/ 107)، سنن ابن ماجة: كتاب المناسك، باب حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2/ 1027 ح: 3076)، صحيح سنن ابن ماحة (2/ 189).

(2/37)

(232) وذكر (1) من طريق النسائي عن البراء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنكم تلقون عدوكم غدا، فليكن شعاركم: حم لا ينصرون؛ دعوة نبيهم).

هكذا ألفيته فيما رأيته من نسخ "الأحكام"، وفيه تغيير لما عند النسائي في

قوله: (نبيهم)، فإن الصواب فيه (نبيكم)، كذلك صححته من نسخ عتق من

سنن أبي عبد الرحمن النسائي؛ في رواية ابن قاسم (2)، وحمزة بن محمد (3) وأبي الحسن بن أبي تمام المصري (4)؛ كلهم يرويه كذلك عن النسائي.

ولهذا الحديث نبأ آخر يذكره به في باب ما صححه، وليس كذلك (5) وله طريق أصح إن شاء الله. اهـ

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الجهاد، باب الوقت المستحب للقتال والصفوف والتلبية (5 / ل: 11.أ).

رواه النسائي عن هشام بن عمار، عن الوليد، عن شيبان، عن أبي إسحاق، عن البراء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، فذكره؛ وفيه: (دعوة نبيكم).

السنن الكبرى: عمل اليوم واللية، بتحقيق د. فاروق حمادة (ص.398 ح: 615).

ورجاله ثقات.

وأخرجه، دون (دعوة نبيكم) النسائي أيضا، وأحمد، والحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي على ذلك.

انظر: عمل اليوم والليلة ح: 616 - الفتح الرباني 14/ 56 - المستدرك 2/ 107.

(2) تقدم الكلام على رواية ابن القاسم لسنن النسائي ح: 11.

(3) حمزة بن محمد بن علي بن العباس، أبو القاسم الكناني، المصري الحافظ. روى عن النسائي وطبقته، جمع وصنف، وكان صالحا دينا، بصيرا بالحديث وعلله، مقدما فيه، توفي في ذي الحجة سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

- الفهرسة، لإبن خير ص: 112 - العبر، للذهبي 2/ 100.

(4) أبو الحسن، أحمد بن محمد بن أبي تمام، إمام المسجد الجامع بمصر، سمع السن من النسائي، وعنه رواها أبو محمد الأصيلي، وغيره.- الفهرسة ص: 113.

(5) لم يذكر هذا الحديث في المتبقى من البغية، وذكر عبد الحق -بعد الرواية المتصلة السابقة- رواية أبي داود المرسلة: عن المهلب بن أبي صفرة، قال أخبرني من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر نحوه، وليس فيه (دعرة نبيكم). وتعقبه ابن القطان لسكوته عنه.- الأحكام (5 / ل: 11. أ)، بيان الوهم والإيهام (1/ 138. ب).

(2/38)

(233) وذكر (1) مسلم عن أم عطية (2)؛ قالت: (غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى).

قال مَ: هكذا ذكره، وتمام الخبر في كتاب مسلم: (وأقوم على المرضى)، وأحصبه واهما فيما ترك من بقية الخبر لا مختصرا؛ فإن مثل هذا لا يحسن اختصاره؛ لأنه من جملة ما ذكرت أنها كانت تغزو، لا يُخله مع قلة حروفه ونزارة لفظه، وإنما يختصر ما يقع فيه طول، فأما مثل هذا فاختصاره إجحاف، والله أعلم. اهـ/86. أ/

(234) وذكر (1) من مراسيل أبي داود

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام" ولم أقف عليه فيه.

أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب النساء الغازيات 3/ 1447، وابن ماجة: كتاب الجهاد، باب العبيد والنسائي يشهدون مع السلمين (2/ 952 ح: 2856)، من طريق أبي كر. بن أبي شيبة عن عبد الرحيم بن سليمان، عن هشام، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطة. ومق الحديث عندهما واحد.

أخرجه النسائي في الكبرى -كتاب السير، باب غزوة النساء (5/ 278 ح: 8880) - من طريق آخر- ولفظه نحو لفظ عد الحق في أحكامه، حسبما نقل عنه ابن المواق.

(2) أم عطية، اسمها: نسيبة. تقدمت ترجمتها.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في، الأحكام)،: كتاب الأقضية والشهادات (6 / ل: 38.أ).

وقد قال عقبه:

(هذا مرسل، وقد أسند من حديث ياسين الزيات عن سماك بن حرب، عن تميم بن طرفة، عن جابر ابن سمرة، وياسين ضعيف).

ونقله عنه ابن القطان، وعلق عليه بقوله:

(ولم يعز هذا السند، ولا أعرف له الآن موقعا إلا كتاب ابن حزم، فهو صاحب هذا الكلام بعينه، وأظن أن أبا محمد نقله من عنده) اهـ.

بيان الوهم والإيهام: باب ذكر أحاديث أغفل نسبتها إلى المواضع التي أخرجها منها (1/ ل: 74. ب). ورواه أبو داود في مراسيله قال: حدثنا هناد بن السري، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن تميم بن طرفة قال: وجد رجل مع رجل ناقة الحديث؛ وفي آخره: (إن شئت فخذها بما اشتراها، وان شئت فدع).

المراسيل: كتاب الجهاد، باب ما جاء في الفداء بالصغار وفيمن وجد ماله في الغنم-بتحقيق الأرناؤوط- ص: 250 خ: 339.

وسماك بن حرب صدوق، لكنه تغير بأخرة فكان ربما يلقن، وباقي رجاله ثقات، أبو الأحوص: سلام بن سليم الحنفي الكوفي الحافظ.

(2/39)

عن تميم بن طرفة؛ (2) قال: (وجد رجل مع رجل ناقة له، فارتفعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأقام البينة أنها ناقته، وأقام الآخر البينة أنه اشتراها من العدو، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئت فخذها بما اشتراها").

وهكذا ذكر هذا أيضا، وأحسبه أيضا واهما فيما أسقط منه، وتمامه في المراسيل هكذا: (إن شئت فخذها بالذي اشتراها به، وإن شئت فدع). ولا خفاء بأن هذا أيضا لا يختصر مثله، لأنه نظام الكلام وتمام القضاء الذي روي عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، فاختصاره إجحاف لا يليق بكتاب "الاُحكام"، وأحسب أن سبب وهمه في هذا أن أبا داود ذكر قبله رواية أخرى في هذا الحديث انتهت إلى حيث انتهى ق، فوقع بصره عليها عند النقل، فأخبر أن اللفظ الذي أورد ليس لفظها إلا في هذا الإختصار فقط.

__________

ورواه عبد الرزاق الصنعاني من طريق الثوري عن سماك بن حرب به، لكن بلفظ: (أن رجلين اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعير، فأقام كل واحد منهما شاهدين، فسمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما)، ورواه من طريق إسرائيل عن سماك به، نحو اللفظ المتقدم.

- المصنف: باب في الرجلين يدعيان السلعة يقيم كل واحد منهما البينة: (8/ 276 ح: 15202) و (ح: 15302).

ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في، مصنفه" من طريق أبي الأحوص به، ولفظه نحو لفظ عبد الرزاق المتقدم. المصنف: كتاب البيوع والأقضية (6/ 316 ح: 1198)، وكتاب أقضية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (10/ 156

ح: 9096).

ورواه البيهقي في الكبرى من طريق أبي عوانة عن سماك به، بلفظ: (أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعير فأقام كل واحد منهما شاهدين فقضى بينهما نصفين)، وعارضه مرسل سعيد بن المسيب، وجعل مرسل تميم بن طرفة مرجوحا؛ ورواه كذلك في (المعرفة) وعقب عليه بقوله: (وهذا منقطع).

السنن الكبرى: كتاب الدعوى والبينات، باب المتداعيات ما لم يكن في يد واحد منهما ويقيم كل واحد منهما بينة بدعواه (10/ 259) - معرفة السن والآثار: كتاب الدعوى، باب إذا تنازعا شيئا في يد أحدهما .. (7/ 461 ح: 5987).

وفي الباب أحاديث مسندة عن أبي موسى، وأبي هريرة، وجابر بن سمرة خرجها الحافظ الزيلعي في نصب الراية (4/ 109 ..).

(2) تيمم بن طرفة الطائي، المُسْلي، ثقة من الثالثة، مات سنة خمس وتسعين. / م دس ق.

- التقريب 1/ 113.

(2/40)

ومن هذا القبيل أنه ذكر من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الإيمان قيد الفتك). (3) لم يزد على هذا، وفي الحديث زيادة لا يجمل تركها، وهي: إلا يفتك مؤمن).

ذكر ق الحديث من طريق أبي داود، وهي ثابتة في الحديث في سنن أبي داود، وهذا الحديث مما سكت عنه ق، وفي إسناده مقال نتولى بيانه فى الباب المعقود لذلك إن شاء الله. اهـ

(235) وذكر (1) من طريق أبي أحمد أيضا من حديث أبي هريرة عن

__________

(3) حدث أبي هريرة: (الأيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في العدو يوتى على غرة ويشتبه بهم (3/ 212 ح: 2769)، والبخاري في التاريخ الكبير، في ترجمة إسحاق بن منصور السلولي (1/ 304)، والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 387)، والحاكم في مستدركه: كتاب الحدود (35214) وعقب عليه: (هذا حدث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، وأقره الذهبي على ذلك.

قلت: وقول الحافظ ابن المواق: (وفي إسناده مقال نتولي بيانه ..). لم يقع كلامه عليه في هذا القسم من (البغية)، ولعله يريد بذلك عبد الرحمن بن أبي كريمة والد السدي، فإنه لم يرو نه غير ابنه، ولم يوثقه إلا ابن حبان، وقال فيه الحافظ: إنه مجهول الحال.

- التقريب 1/ 496.

لكن لهذا الحدث شاهدان: الأول حدث معاوية الذي أخرجه أحمد، قال المناوي في فيض القدير (3/ 186):) وسنده جيد ليس فيه إلا أسباط بن الهمداني وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي، وقد خرج لهما مسلم).

وانظر: الفتح الرباني، باب الترهيب من الغدر (19/ 234)، وباب مناقب معاوية (23/ 173).

الثاني حدث الزبير؛ أخرجه أحمد والطبراني؛ أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: (رواه أحمد وفيه مبارك بن فضالة، وهو ثقة، لكنه مدلس، ولكنه قال حدثنا الحسن) اهـ. وهذا تصحيح منه له.

وذكر الهيثمي رواية الطبراني (من معجمه الكبير) ونبه على أن فيها سعيد بن المسيب ووي عن مروان قال دخلت مع معاوية على عائشة، وفيه علي بن زيد وهو ضعيف. مجمع الزوائد. باب لا يفتك مؤمن 1/ 96.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب العتق وصحبة المماليك (6/ 43. أ). وضعفه بمسلمة ابن علي.

ورواه ابن عدي في (الكامل 6/ 314) وضمن ترجمة مسلمة المذكور ساق الذهبي، في ميزانه، جملة من مناكير المترجم له، منها هذا الحدث، وهو مما انفرد بروايته عن شيخه محمد بن الوليد الزبيدي.

مسلمة بن علي، أبو سعيد الخشني الشامي، قال النسائي: متروك الحدث. قال دحيم: ليس بشيء.

وقال أبو حاتم: لا يشتغل به. وقال البخاري: منكر الحدث. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة. وذكر له ابن الجوزي عدة أحاديث موضوعة. وقال ابن يونس: سكن مصر فمات بها قبل التسعين ومائة.

(2/41)

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: (إذا قال الرجل لأخيه في مجلس هلم أقامرك، فقد وجبت عليه كفارة يمين) ثم تكلم على علته، وهذا أيضا سقط له من آخره: (وإن لم يفعل)، وصوابه: (فقد وجبت عليه كفارة يمين، وإن لم يفعل)، ومثل هذا لا يصح أن يتركه اختصارا، وإنما يتركه سهوا لوضوح موقعه من فقه الحديث. اهـ

(236) وذكر (1) من طريق سعيد بن منصور، قال: نا حماد بن زيد عن محمد بن الزبير الحنظلي (2)، عن أبيه (3) عن عمران بن حصين، عن النبي صلى/86. ب/ الله عليه وسلم؛ قال: (لا نذر في غضب)، ثم قال بعد كلام: (وذكر يحيى بن أبي كثير عن رجل من بني حنيفة، وعن أبي سلمة، كلاهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نذر في غضب، ولا في معصية الله، وكفارته كفارة يمين"، ثم قال (هذا مرسل ومنقطع، ذكره عبد الرزاق).

قال م: المقصود من هذا: الحديث الأول، فإنه سقط له منه آخره أيضا: وهو كفارته كفارة يمين)، كذلك ثبت في مصنف سعيد بن منصور، ولا يخفى موقع هذه الزيادة من فقه الحديث، فلا يكون تركها إختصارا، بل تبين بما أورده بعد هذا الحديث من الرسل الذي ذكرناه شدة عنايته بذكر الكفارة في ذلك، حتى ساقه في مرسل بلفظ محتمل للتأويل، فتبين أنه تركه واهما، والله أعلم. اهـ

__________

= الضعفاء الكبير (4/ 211)، الميزان (4/ 110)، كتاب "الموضوعات"، لإبن الجرزي: (3/ 105، 108، 189، 191، 209).

تقدم الكلام على هذا الحديث (ح: 178).

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام".

(2) محمد بن الزبير التميمي، الحنظلي، البصري، متروك، من السادسة./ مد س.

- التقريب 2/ 161.

(3) الزبير التميمي، الحنظلي، البصري، والد محمد، لين الحديث، من الخامسة./ س.

- التقريب 1/ 259.

(2/42)

(237) وذكر (1) من طريق الطحاوي حديث أبي سعيد الخدري في حريم النخلة؛ وفيه: فقطع منها جريدة، ثم ذرع النخلة فإذا فيها خَمْسة (*) أذرع فجعله حريما)، ثم قال: وقال أبو داود: خمسة أذرع أو سبعة أذرع. هكذا ذكر ق هذا الوضع، وظاهره أنه عند أبي داود على الشك، وذلك وهم، وإنما هي روايتان؛ قيل في إحداهما خمسة أذرع، وقيل في الأخرى سبعة أذرع.

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": باب إحياء الموات (6/ ل: 28. ب)، وقد جمع بين روايتين مختلفتين بلفظة (أي التي تفيد الشك أو التخيير.

ورواه أبو داود في كتاب الأقضية، باب القضاء (4/ 53 ح: 3640).

والحديث ذكره الحافظ الزيلعي من طريق أبي داود، ثم قال ما نصه: (سكت عنه أبو داود، ثم النذري، ورواه الطحاوي في، شرح الآثار" ولفظه: اختصم رجلان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في نخلة فقطع منها جريدة ذرع بها النخلة، فإذا فيها خمسة أذرع، فجعلها حريمها انتهى.

ومن جهة الطحاوي ذكره عبد الحق في "أحكامه"، قال: قال أبو داود خمسة أذرع، أو سبعة) انتهى.

- نصب الراية 4/ 293.

وقد روى حديث الباب البيهقي من طريقين، أحدهما: يحيى بن محمد الجاري عن عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن يحيى: وفي هذه الرواية: فذرعها فوجدها خمسة فجعلها حريمها. والطريق الثاني: يحيى بن محمد عن أبي طوالة: وفيه فال: فوجدها سبعا.

السنن الكبرى: كتاب إحياء الموات، باب النخل يغرس في مرات ..

قلت: والحديث من طريق أبي داود إسناده صحيح. وله شواهد؛ منها:

حديث عبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضي في النخلة والنخلتين والثلاثة للرجل في النخل، فيختلفون فى ذلك، فقضى أن لكني نخلة من أولئك من الأسفل مبلغ جريدها حرم لها.

رواه ابن ماجة (ح: 2488)، والبيهقي (6/ 155)، والحاكم (4/ 97)؛ كلهم من طريق فضيل بن سليمان، عن موسى بن عقبة قال: أخبرني إسحاق بن يحيى بن الوليد عن عبادة بن الصامت.

وفضيل بن سليمان؛ قال أبو حاتم: كتب حديثه وليس بالقوي، وإسحاق بن يحيى لم يدرك عبادة ابن الصامت فيما قال البخاري، ومع ذلك فقد قال الحاكم: (حديث صحيح الإسناد). ووافقه الذهبي.

ورواه ابن ماجة (ح: 2489)، والطبراني فى الكبير (12/ 453 ح: 13647)، كلاهما من مسند ابن عمر، وفى سنده منصور بن صقير، وهو ضعيف.

وأخرجه أبو داود في مراسيله (ح: 404): (عن عروة بن الزبير؛ قال قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حريم النخلة طولها).

(*) لذي في المخطوط (خمس) و (سبع) دون تاء فيهما، وقد تكرر ذلك في الحديث، والتصحيح من سنن أبي داود، وكذا من "الأحكام".

(2/43)

ونص الواقع من ذلك عند أبي داود هو:

(نا محمود بن خالد (2) أن محمد بن عثمان (3) حدثهم؛ قال: نا عبد العزيز ابن محمد (4) عن أبي طوالة (5) وعمرو بن يحيى (6)، عن أبيه (7)، عن أبي سعيد الخدري؛ قال: اختصم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان في حريم نخلة؛ في حديث أحدهما: فأمر بها فذرعت فوجدت سبعة أذرع، وفي حديث الآخر: فوجدت خمسة أذرع، فقضى بذلك، قال عبد العزيز: فأمر بجريدة من جريدها فذرعت).

فهذا كما ترى رواه عبد العزيز الدراوردي عن رجلين: أحدهما أبو طوالة؛ عبد الله بن عبد الرحمن، قاضي المدينة، والثاني عمرو بن يحيى بن عمارة المازني، فقال أحدهما خمسة أذرع، وقال الآخر: سبعة أذرع، فليس على الشك/87. أ/ كما نقله، فاعلم ذلك. اهـ

__________

(2) محمود بن خالد السلمي. مضت ترجمته.

(3) محمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع الخزومي، المدني، صدوق، من السادسة. / د.

- التقريب 2/ 190 - ت. التهذيب 9/ 103.

(4) عبد العزيز بن محمد بن عبيد الداروردي، أبو محمد الجهني، مولاهم الدني، صدوق كان يحدث غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر. من الثامنة، مات سنة ست أو سبع وثمانين ومائة. / ع.

- التقريب 1/ 512.

(5) عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم الأنصاري، أبو طوالة المدني، قاضى المدينة لعمر بن عبد العزيز، ثقة، من الخامسة، مات سنة أربع وثلاثين ومائة. /ع.

- التقريب 1/ 429.

(6) عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي الحسن، المازني، المدني، ثقة، من السادسة مات بعد الثلاثين ومائة. / ع.

- التقريب 2/ 81.

(7) يحيى بن عمارة بن أبي حسن الأنصاري، المدني، ثقة، من الثالثة./ ع.

- التقريب 2/ 354.

(2/44)

(238) وذكر (1) من طريق أبي داود حديث كليب بن شهاب الجرمي (2) عن رجل من الأنصار (3)؛ قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -على القبر يوصي الحافر: أوسع من قبل رجليه، أوسع من قبل رأسه الحديث .. ذكره في البيوع؛ لأن فيه قصة الشاة التي بيعت بغير إذن ربها، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في لحمها: "أطعميه الأسارى"، فوقع له في لفظ منه تصحيف، وهو قوله: (يوصي الحافع؛ فإن صوابه: (يرمي الحافع، من الرمي باليد؛ كأنه قصد بذلك تنبيه الحافر لسماع أمره - صلى الله عليه وسلم - إياه بالتوسيع، إذ كان الحافر مكبا على شغله لحفر القبر، فكان يرميه لينتبه فيسمع ما يؤمر به من ذلك، والله أعلم. اهـ

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب البيوع، باب فيما بيع بغبر إذن صاحبه (6 /ل 22. ب).

وأخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في اجتناب الشبهات (3/ 627)؛ وهذا نصه منه:

(حدثنا محمد بن العلاء، أخبرنا ابن إدريس، أخبرنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار؛ قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في جنازة، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على القبر يوصي الحافر: "أوسع من قبل رجليه، أوسع من قبل رأسه، فلما رجع استقبله داعي امرأة، فجاء، وجيء بالطعام فوضع يده، ثم وضع القوم فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلوك لقمة في فمه، ثم قال: (أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها" فأرسلت المرأة قالت: يا رسول الله، إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد، فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إلى بها بثمنها، فلم يوجد، فأرسلت إلى امرأته، فأرسلت إلى بها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، "أطعميه الأساري").

ذكره الحافظ في (التلخيص) (2/ 127) وقال: إسناد صحيح. ثم أعقب ذلك بتنبيه؛ جاء فيه: (كذا وقع فيه يوصي بالواو والصاد، وذكر ابن المراق أن الصواب يرمي بالراء، وأطال في ذلك، والله أعلم) اهـ.

ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في الكبرى (5/ 335)، وأخرجه الدارقطني في سننه في باب الصيد والذبائح والأطحمة (4/ 285 ح: 54)، وفي المرضع الثاني ذكر قصة الحفر ووصبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - للحافر .. دون قصة الشاة. (5/ 408). انظر الفتح الرباني 15/ 146 - إرواء الغليل 3/ 196.

(2) كليب بن شهاب بن المجنون. مضت ترجمته.

(3) في المخطوط (أطعمته)، والتصحيح من سنن أبي داود.

قال الحافظ: (حديث احفروا وأوسعوا وأعمقوا) أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربعة من حديث هشام بن عامر ... التلخيص الحبير (2/ 127).

(2/45)

(239) وذكر (1) من طريق أبي أحمد عن أبي عامر الخزاز (2) عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله؛ قال: قال رجل يا رسول الله م أضرب يتيمي؟ فقال: (ما كنت ضاربا ولدك غير واق ماله بمالك، ولا متأثل (3) من ماله مالا)، هكذا ذكره، وفيه وهم بين لا خفاء به، وهو قوله: (غير واق ماله بمالك)،

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي، وهذا نص ما عنده في "الاُحكام":

(وذكر أبو أحمد حديث أبي عامر الخزاز، صالح بن رستم، قال -ولا بأس به- عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله ...) فذكره.

فتعقبه ابن القطان باُنه سكت عنه إلا ما أبرز من إسناده، كأاُنه ليحمى فيه نظر في غيره، ثم قال: (وهو عند أبي أحمد هكذا: حدثنا إبراهيم بن على العمري، قال حدثنا معلى بن مهدي، قال أخبرنا جعفر ابن سليمان الضبعي عن أبي عامر الخزاز فذكره. وجعفر بن سليمان يضعف، وهو رافضى، وإن كان قد أخرجه له مسلم، وأرى أن أبا محمد يقبل أحاديثه .. ومعلى بن مهدي ربما حدث بالمنكر) اهـ

الأحكام لعبد الحق: باب الوصايا والفرائض (6 / ل: 32. أ)، بيان الوهم والإيهام: باب ذكر أحاديث أتبعها منه كلاما يقضي ظاهره بتصحيحها، وليست بصحيحة (2 / ل / 134. أ).

والحديث عند ابن عدي في ترجمة أبي عامر الخزاز (4/ 72)، ومتنه- حسب طبعة دار الفكر- كما في، الأحكام"، فيكون عبد الحق على هذا لم يهم، وإنما اعتمد نسخة وقع فيها القلب هكذا (غير واق ماله بمالك).

ورواه الطبراني في المعجم الصغير؛ قال صاحب الروض الداني إلى المعجم الصغير للطبراني: (لم يروه عن عمرو بن دينار، عن جابر إلا أبو عامر الخزاز، ولا عنه إلا جعفر بن سليمان، تفرد به معلى بن مهدي).

وقال الهيثمي: فيه معلى بن مهدي، وثقه ابن حبان وغيره وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.

- الروض الداني (1/ 157 ترجمة: 244)، مجمع الزوائد: باب ما جاء في الأيتام والأرامل والمساكين (8/ 163).

ومن طريق ابن عدي رواه البيهقي، لكنه عده شاذا، لذا قال: (والمحفوظ ما أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز ابن قتادة، ثنا أبو منصور العباس بن الفضل النفروي، ثنا أحمد بن نجدة، ثنا سعيد بن منصور، ثنا حماد بن زيد، وسفيان عن عمرو بن دينار عن الحسن (بن عبد الله) العرني أن رجلا قال:

يا رسول الله مم أضرب يتيمي؟ قال: "مما كنت منه ضاربا ولدك. قال: أفأصيب من ماله؟ قال: "غير متأثل مالا ولا واق لماله. وهذا مرسل).

- السنن الكبرى (6/ 4).

(2) أبو عامر الخزاز؛ هو: صالح بن رستم، مضت ترجمته.

(3) تأثل مالا: اكتسبه واتخذه وثمره، ويقال كذلك المتأثل: الجامع. وعليه فالنهي في حديث الباب عن أن يجمع كافل اليتيم المال لنفسه من مال يتيمه.

- لسان العرب: مادة (أثل).

(2/46)

وصوابه: (غير واق مالك بماله)، كذلك وقع عند أبي أحمد، وكذلك ذكره علي ابن عبد العزيز في "المنتخب"؛ أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - مم أضرب يتيمي، فذكره بمثله، ولا يصح أن يكون إلا كذلك لانعكاس المعنى المقصود في اللفظ الذي ذكره. اهـ

(240) وذكر (1) من طريق مسلم عن عمرو بن العاصي أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إذا حكم الحاكم فاجتهد، ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فأخطأ فله أجر)، هكذا ذكره لهاسقاط (فاجتهد) من هذه الجملة الثانية، وهو ثابت في الخبر في كتاب مسلم هكذا: (وإذا حكم فاجتهد، ثم أخطأ فله أجر). اهـ

=========

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

بغية النقاد النقلة

(241) وذكر (1) من طريقه عن أبي سعيد الخدري، قال: جاء رجل إلى

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام"، ولم أقف عليه فيه.

أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ (3/ 1342 ح: 15)، وهو المراد.

والبخاري في كتاب الإعتصام، باب أجر الحاكم إذا اجتهد (الفتح 31/ 318 ح: 7352)، وأبو داود في كتاب القضاء، باب ثواب الأصابة في الحكم ... (3/ 461 ح: 5918)، وابن ماجة في كتاب الأحكام، باب الحاكم كجتهد فيصيب الحق (2/ 776 ح: 2314).

ونص متن الحديث عندهم سواء؛ فكلهم أثبتوا (اجثهد) في الجملة الثانية.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": في باب الطب (6 /ل: 69. أ)

أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب التداوي بالعسل (4/ 1736 ح: 91)، وهذا نص متن الحديث منه: (جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إن أخي استطلق بطنه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أسقه عسلا" فسقاه. ثم جاءه فقال: إني سقيته عسلا فلم يزده إلا استطلاقا. فقال له ثلاث مرات.

جاءه الرابعة فقال: "اسقه عسلا" فقال: لقد سقيته: لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "صدق الله وكذب بطن أخيك". فسقاه فبرأ).

وأخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الدواء بالعسل (الفتح 10/ 139 ح: 5684).

ولعل عبد الحق الإشبيلي كتب الحديث من حفظه، وكان حفظه من صحيح البخاري، إذ جملة (اسقه عسلا) تثبت في أواخر الحديث عند مسلم، فإنها ثبتت في رواية البخاري، فلفظه الذي ساقه في أحكامه من صحيح مسلم عدا الجملة المذكورة من عند البخاري.

وأخرجه كذلك الترمذي في كتاب الطب، ما جاء في التداوي بالعسل (4/ 409 ح: 2082)، والنسائي فى الكبرى: أبواب الأطعمة، ذكر في العسل (4/ 163 ح: 6705)، وكذا في كتاب الطب، باب الدواء بالعسل (4/ 370 ح: 7560).

(2/47)

/87. ب/ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن أخي استطلق بطنه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اسقه عسلا" الحديث .. ، وفيه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صدق قول الله، وكذب بطن أخيك، اسقه عسلا"، فسقاه فبرأ، كذا ذكر آخر الحديث، وفيه زيادة في متنه لم تقع في كتاب مسلم، وهي قوله: (اسقه عسلا)، بعد قوله: (وكذب بطن أخيك)، وإنما عنده هكذا: (صدق الله، وكذب بطن أخيك، فسقاه فبرأ)، فاعلم ذلك. اهـ

(242) وذكر (1) من طريق أبي أحمد من حديث يحيى بن العلاء الرازي (2)، قال: وأصله مدني سكن الري، وهو متروك الحديث، قال نا بشر

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في، الأحكام"، ولم أقف على هذا الحديث فيه.

ورواه ابن عدي في (الكامل)، وذكره الذهبي في (الميزان) في ترجمة يحيى بن العلاء، ولما كانت طبعة (الكامل) لا يمكن الإعتماد عليها لفحش أخطائها وكثرتها، أورد الحدث منه، مستعينا بالميزان؛ لتصحيح ما حرف وإتمام ما نقص:

(ثنا أحمد بن عامر بن عبد الواحد، ثنا مزمل بن إهاب، ثنا عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء، حدثني بشر بن نمير، أنه سمع مكحولا يقول: حدثنا زيد بن عبد الله، عن صفوان بن أمية، قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء عمرو بن قرة؛ قال: يا رسول الله إن الله كتب لي الشقوة، ولا أرى أني أرزق إلا من دفي بكفى، فأدن في الغناء من غير فاحشة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:، لا إذن لك ولا كرامة، ولقد كذبت يا عدو الله، لقد رزقك الله طيبا، فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه، وكان ما أحل لك من حلال أولى لك، لو كنت تقدمت إليك لنكلت بك، قم عني وتب إلى الله، أما والله، إن تعد بعد التقدمة ضربتك ضربا وجيعا، وحلقت رأسك مثله، ونفيتك من أهلك، وأحللت سلبك نهبة لفتيان المدينة". فقام عمر بن قرة، وبه من الخزي والشر مما لا يعلمه إلا الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ما قام: "هؤلاء العصابة من مات منهم بغير توبة حشره الله يوم القيامة، كما هو في الدنيا مخنثا عريانا لا يستتر من الناس بهدبة كلما قام صرع مرتين". فقام عرفطة بن نهيك؛ فقال: إني أصطاد. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نعم العمل، قد كانت لله رسل قبلي كلها تصطاد وتطلب الصيد".

- الكامل 7/ 199 - الميزان 4/ 398.

والحديث ظاهر الوضع والاختلاق، كما قال ابن المواق.

(2) يحيى بن العلاء البجلي، الرازي، أصله مدني، يكنى أبا عمرو.

قال النسائي: متروك الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وضعفه ابن معين وجماعة. وقال الدارقطني: متروك. وقال أحمد بن حنبل: كذاب يضع الحديث. وقال الفلاس: متروك الحديث. وقال ابن حبان: لا يجوز الإحتجاج به. وقال ابن عدي: كل حديثه لا يتابع عليه. وقال الحافظ: متهم بالوضع، مات قرب

(2/48)

ابن نمير (3) أنه سمع مكحولا يقول: نا زيد بن عبد الله (4) عن صفوان بن أمية؛ قال: (كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء عمرو بن قرة، فقال: يا رسول الله كتب علي الشقوة، ولا أراني أرزق إلا بدفي، فأذن لي في الغناء الحديث ..

ذكر ق هذا الحديث، وما كان ينبغي له أن يذكره ولا يلتفت إليه، فإنه خبر موضوع ظاهر الوضع والاختلاق، لا يعرج على مثله، ذو طول في متنه، فاعترته فيه، وفيما اقتطع من إسناده أوهام بنقص كلمات منه، وتغيير بعضها، وتغيير اسم راو من رواته، سنذكره في الباب الذي بعد هذا إن شاء الله (5)، فأما الذي لهذا الباب منه: فأولها في قوله: (يا رسول الله كتب علي)، فإنه سقط منه (إن الله)؛ هكذا: (يا رسول الله إن الله كتب علي الشقوة).

ثانيها في قوله: (بدفي فأذن) فإنه سقط منه: (بكفي)، هكذا: (بدفي بكفي، فأذن لي في الغناء).

وفي متن الخبر: (لقد رزقك الله طيبا، فأخذت ما حرم الله عليك)، وإنما هو (فاخترت).

__________

الستين ومائة. / دق.

- المجروحين 3/ 115 - الموضوعات، لإبن الجوزي 1/ 253، 3/ 213 - المغني في الضعفاء 2/ 741 - التقريب 2/ 355.

(3) بشر بن نمير (في الكامل: بشر بن عنبر. وهو خطأ بين). من أهل البصرة. قال ابن حبان. منكر الحديث جدا. ولما ذكر الذهبي حديث الباب في الميزان قال: (وبشر هالك، فلعل الحدث من وضعه). وقال أحمد: ترك الناس حديث بشر، وقال مرة: يحيى بن العلاء كذاب يضع الحديث، وبشر بن نمير أسوأ حالا منه. وقال يحيى القطان: كان ركنا من أركان الكذب. وقال يحيى بن معين والنسائي: ليس بثقة. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه عن القاسم، وعن غيره لا يتابع عليه.

وقال الحافظ: متروك متهم، مات بعد الأربعين ومائة. / ق.

- المجروحين 1/ 187 - المغني في الضعفاء 1/ 107 - التقريب 1/ 102.

(4) يزيد بن الله، ويقال زيد المكي، عن صفوان بن أمية، وعنه مكحول الشامي. مجهول الحال، من الثالثة. / ق.

- التقريب 2/ 376 - ت. التهذيب 11/ 300.

(5) لم يذكر في القسم الآتي من البغية.

(2/49)

وفيه: (حشره الله يوم القيامة مختنا عريانا، كلما قام صرع)، وإنما هو: (حشره الله يوم القيامة كما هو في الدنيا مختنا عريانا، لا يستتر من الناس بهدبة، كما قام صرع)، وعلى ما ذكرته ألفيته في كتاب أبي أحمد / 88. أ / ابن عدي. اهـ

(243) وذكر (1) ما هذا نصه: (ومن طريق وكيع يسنده إلى الحسن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من طلق لاعبا، أو أنكح لاعبا، أو نكح (2) لاعبا، أو أعتق لاعبا، فقد") (3)، ثم قال آخرا: (ذكره أبو محمد علي بن أحمد).

قال م: هكذا ألفيت هذا الحديث في عدة نسخ بنقص آخره، وصوابه: (فقد جاز)، وعلى الصواب وقع عند ابن حزم. اهـ

(244) فصل فيما اشتركا فيه من الوهم اللاحق لهما من هذا الباب؛ من ذلك أن ق ذكر حديث أبي بكر الصديق في قصة أسماء بنت عميس زوجه لما نفست بمحمد بن أبي بكر، وهي محرمة (1)، وفيه: فأتى أبو بكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره (2)، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل ثم تهل بالحج وتصنع ما يصنع الناس إلا أنها لا تطوف بالبيت).

ثم قال: (زاد أبو داود: وترجل)، هكذا ذكره ق، تم نقله ع فذكره فى باب الزيادات المردفة على الأحاديث، فذكره كما ذكره ق سواء، ولم

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في، الأحكام": كتاب الطلاق، باب كراهية الطلاق (6/ ل: 11. ب).

وأورده ابن حزم في (المحلى)؛ وعقب عليه: (ولا حجة في مرسل).

- المحلى: أحكام الطلاق؛ 204/ 10 المسألة: 1966.

(2) الذي في المخطوط (أنكح) في الأولى والثانية، وعلى الأولى علامة الضبة، والصواب ما أثبت؛ فقد أعاد ابن المواق ذكر هذا الحديث؛ فأتى به كما ذكرته، وهو كذلك في (المحلى).

(3) هكذا في البغية؛ آخره: (فقد) -دون تتمة الحديث- وكذا في الأحكام، وهذا يدل على أن ابن المواق قد أصاب في تعقيبه على عبد الحق في إراده لهذا الحديث.

(1) تقدم الكرم على هذا الحديث: (ح: 148).

(2) من قوله (فأخبره إلى وسلم) ثبت في الهامش.

(2/50)

يتنبه لا فيه من الوهم؛ وذلك في قوله: (وترجل)، وصوابه: (وترحل) بالحاء المهملة، وعلى الصواب وقع عند أبي داود، وهو بين لا خفاء به، لأن المحرم لا يجوز له إلقاء التفث (3)؛ وإنما يجوز له الإغتسال فقط، وقد تقدم الكلام عليه، في الباب الذي ذكره فيه، فاعلمه. اهـ

(245) ذكر (1) حديث ثعلبة بن صُعَير في زكاة الفطر؛ فقال فيه: (صاع من بر، أو قمح عن كل اثنين صغير أو كبير، حر أو عبد، ذكر أو أنثى، غني أو فقير الحديث .. من طريق أبي داود، فنقله ع كما ذكره ق، فذكره في الباب الذي قبل هذا، وقولهما في الحديث (غني أو فقير)، زيادة في متن الحديث، لم تقع في كتاب أبي داود، وقد مر ذكر ذلك هنالك. اهـ

(246) وذكر (1) من طريق أبي داود (2) أيضا حديث زياد بن جبير بن حية

__________

(3) التفث: هو ما يفعله المحرم بالحج إذا حل، كقص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة، وقيل هو إذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقا.

النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 115.

تقدم الكلام على هذا الحديث من أوجه أخرى: (ح: 182).

(1) ذكره عبد الحق، في أحكامه -من عند أبي داود (ح: 1619، ح: 1620) - في باب زكاة الفطر (4 / ل: 1. ب)، فوهم بالزيادة المذكورة، وكذلك فعل ابن القطان حيث نقل الحديث عنه.

انظر: بيان الوهم والإيهام: باب ذكر أحاديث كظن من عطفها عليها أنها مثلها في مقتضياتها (1/ ل: 35. أ 5).

(1) أي عبد الحق الإشبيلي.

(2) وهذا نصه من سنن أبي داود: (حدثنا محمد بن سوار المصري، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن يونس بن عيد، عن زياد بن جبير (بن حية) عن سعد، قال: لما بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء قالت امرأة جليلة، كأنها من نساء مضر، فقالت: يا نبى الله، إنا كل على آبائنا وأبناءنا - قال أبو داود: وأرى فيه: وأزواجنا- فما يحل لنا من أموالهم؟ فقال: (الرطب تأكلنه وتهدينه).

ولما ذكر عبد الحق الحديث من عند أبي داود عقب عليه: (سعد هذا ليس هو ابن أبي وقاص، والحديث مرسل). اهـ

لكن الذي ورد في هذه النسخة الخطية من كتاب (الأحكام): (لما بايع) كما في سنن أبي داود، والذي في بيان الوهم والإيهام؛ (لما بلغ، فيكون الوهم في هذه اللفظة: (بلغ) متيقنا عند ابن القطان، بينما لا يستطاع الجزم بوهم عبد الحق فيها أو عدمه، لاخلاف نسخ (الأحكام) في ذلك.

قلت: ويؤيد أنه مرسل أن ابن أبي حاتم لما ترجم لزياد بن جبير قال: (سألت أبي عن زياد بن جبير عن سعد.

(2/51)

عن سعد، هكذا قال: (لما بَلَغَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء/88. ب/ قالت امرأة جليلة كأنها من نساء مضر)، فذكر الحديث في إنفاق النساء من بيوت آبائهن وأبنائهن وأزواجهن (3)، هكذا ذكر: (لما بلغ) فنقله ع كذلك؛ فذكره في باب رجال ضعفهم بما لا يستحقون. وأشياء ذكرها عن غيره محتاجة إلى التعقب، فوهما معا فيه، والصواب فيه: لما بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء، وعلى الصواب وقع عند أبي داود، فاعلم ذلك. اهـ

(247) وذكر (1) في الحج من طريقه عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال:

__________

فقال: هو مرسل) ثم إنه نقل عن أبي زرعة مثل. قول أبيه التقدم.

ولما ترجم الحافظ لزياد هذا قال: ثقة، وكان يرسل، من الثالثة. / ع.

انظر: سنن أبي داود: كتاب الزكاة، باب المرأة تتصدق من بيت زوجها 2/ 316 ح: 1686 - المراسيل، لإبن أبي حاتم، الأحكام ص: 57 - الأحكام، لعبد الحق الإشبيلي: باب إثم مانع الزكاة (4/ ل: 18. ب).

بيان الوهم والإيهام، باب رجال ضعفهم بما لا يستحقون .. (2/ ل: 224. ب) التقريب 1/ 266.

والحدث رواه أبو بكر بن أبي شيبة، والبيهقي، من طريق عبد السلام بن حرب، بالسند التقدم عند أبي داود، ورواه ابن حزم، غير أنه قال: (عن يونس بن عبيد، عن زياد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكره. ثم رده بالإرسال.

انظر: المصنف: كتاب البيوع والأقضية، المرأة تصدق من بيت زوجها (6/ 585 ح: 2126) - السنن الكبرى:

كتاب الزكاة، باب المرأة تتصدق من بيت زوجها .. (4/ 193) - المحلى: حكم تصدق المرأة من مال زوجها (8/ 319 المسألة 1397).

ونقل الحافظ في النكت الظراف عن الدارقطني -في العلل-: الاختلاف في هذا الحديث على (يونس ابن عبيد) وأن سعدا هذا رجل من الأنصار، وليس ابن أبي وقاص، قال: وهذا أصح إن شاء الله.

ثم ذكر الحافظ أن البزار أورده في مسند سعد بن أبي وقاص، من طرق سفيان الثوري، عن يونس بن عبيد، وأن أبا الحسن بن القطان رجح ذلك. ثم أن الحافظ في (الإصابة) خلص إلى ترجيح أنه غير سعد بن أبي وقاص؛ حيث عقد ترجمة تحت (سعد، غير منسوب)، وأورد على ذلك أدلة منها: أن ابن منده أخرج الحديث من طريق حماد بن سلمة، عن يونس، عن عبيد، عن زياد بن جبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلا يقال له سعد على السعاية. فلو كان هو ابن أبي وقاص ما عبر عنه الراوي بهذا.

انظر: النكت الظراف 3/ 282 - الإصابة 2/ 2 ترجمة: 3340.

(3) في المخطوط (آبائهم وأبنائهم وأزواجهم)، وكررت أزواجهم، وفوق الثانية ضبة.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (4/ ل: 74.أ).

وعنه نقله ابن القطان، فشاركه في الوهم بسقوط قوله: (وكل عرفة موقف).

- بيان الوهم والإيهام، المدرك الأول من مدارك الإنقطاع. (1/ ل: 93. ب).

(2/52)

(وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون، وكل منى منحر، وكل

__________

والحديث أخرجه أبو داود، في كتاب الصوم، باب إذا أخطأ القوم الهلال (2/ 743 ح: 2324)، والبيهقي فى كتاب صلاة العيدين، باب القوم يخطئرن الهلال 3/ 317)، والدارقطى في سننه: كتاب الحج (2/ 224 ح: 35): كلهم من طريق محمد بن المنكدر عن أبي هريرة مرفوعا.

ولابن القطان تعقيبان على هذا الحديث، وهذا مجمل ذلك:

التعقيب الأول: أنه عند أبي داود من رواية محمد بن المنكدر عن أبي هريرة، وابن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة، وهو المنقول عن يحيى بن معين في رواية الدوري عنه. وللبزار أحاديث يسيرة من رواية ابن المنكدر عن أبي هريرة، هذا الحديث منها، وقد نص عقبه أنه لا يعلم سماعه منه.

التعقيب الثاني: الاختلاف الواقع فى الحديث بين الوقف؛ والرفع؛ حيث إن جماعة روته عن أيوب فوقفته على أبي هريرة؛ منهم عبد الوهاب الثقفي وابن علية، واختلف فيه على معمر عن أيوب، فرفع عنه ووقف، وقد بين ذلك الدارقطني فى (علله).

قلت: وللحديث متابعة عند ابن ماجة، فقد رواه عن محمد بن عمر المقرى، قال حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعا. بلفظ: (الفطر يوم تفطرون، والاُضحى يوم تضحون). وهو إسناد رجاله ثقات، غير محمد بن عمر المقرئ، فإنه لم يرو له من أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة، وهو لا يعرف، كما قال الحافظ فى التقريب (2/ 194).

سنن ابن ماجة: كتب الصيام، باب ما جاء فى شهري العيد (1/ 531 ح: 1660).

وله متابعة أخرى عند الترمذي س طريق عثمان بن محمد الأخنسي عن سعيد القبري، عن أبي هريرة مرفوعا. قال أبو عيسى عقبه: "هذا حديث حسن غريب). اهـ.

قال الشيخ الألباني: وإسناده جيد ورجاله كلهم ثقات، وفي عثمان بن محمد -وهو ابن المغيرة بن الأخنس- كلام يسير يجعل الحديث من طريقه حسنا، وقال الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام.

- جامع الترمذي: كتاب الصوم، باب ما جاء الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون .. (3/ 80 ح: 697)، الصحيحة (ح: 224)، إرواء الغليل (ح: 905).

وله شاهد عند الترمذي من حديث عائشة مرفوعا، من طريق يحيى بن اليمان، عن معمر، عن محمد ابن المنكدر) عنها. قال أبو عيسى عقبه: سألت محمدا؛ قلت له: محمد بن المنكدر سمع من عائشة؟ قال نعم، يقول فى حديثه: سمعت عائشة.

وقال الحافظ: وإذا كان محمد بن المنكدر لم يسمع أبا هريرة، بل لم يلقه، فإنه لم يلق عائشة كذلك؛ لأنها مات قبله. اهـ

قلت: وعليه فحديثه عنها مرسل.

- جامع الترمذي: كتاب الصوم، باب ما جاء في الفطر والأضحى متى يكون (3/ 165 ح: 802)، ت. التهذيب (7/ 419).

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه. اهـ

قال الشيخ الألباني: وهو عندي ضعيف من هذا الوجه لأن يحيى بن اليمان ضعيف من قبل حفظه؛ وفي

(2/53)

فجاج مكة منحر، وكل جمع موقف)، هكذا ذكره ق، فنقله ع في الدرك الأول من مدارك الإنقطاع في الأسانيد؛ فنقله كما ذكره ق سواء، ولم ينبه على وهمه فيه، بل تابعه عليه، وقد سقط لهما من لفظ الحديث: (وكل عرفة موقف) بعد قوله: (وأضحاكم يوم تضحون)، وسأذكره بإسناده ولفظه حيث

ذكره إن شاء الله. (2) اهـ

(248) ذكر (1) من طريق الدارقطني عن ابن عمر؛ قال: قال رسول الله

__________

(التقريب): (صدوق عابد، يخطئ كثيراً، وقد تغيع. ومع ذلك فقد خالفه فى يد بن زريع، وهو ثقة ثبت؛ فقال عن معمر، عن محمد بن المنكدر، عن أبي هريرة، وهذا هو الصواب بلا ريب، أنه من مسند أبي هريرة، ليس من مسند عائشة. اهـ

- الصحيحة 1/ 391.

(2) لم يذكر الحديث فى القسم الآتي من (البغية).

فقه الحديث: قال أبو عيسى الترمذي عقب الحديث: (فسر بعض أهل العلم هذا الحديث؛ فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس). ومما ذكر الخطابي في شرحه لهذا الحديث: (أن الخطأ مرفوع عن الناس فيما كان سبيله الإجتهاد، فلو أن قوما اجتهدوا، فلم يروا الهلال إلا بعد ثلاثين؛ فلم يفطروا حتى استوفوا الحدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعا وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماض لا شيء عليهم من وزر أو عيب، وكذلك في الحج إذا أخطأوا يوم عرفة، فإنه ليس عليهم إعادة).

- تحفة الأحوذي: المباركفوري: الصوم، باب ما جاء في الفطر يوم تفطرون 3/ 312 ..

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب البيوع، باب كراهية ملازمة الأسواق وما يؤمر به التجار (6/ ل: 18. ب).

وقد ذكره من سنن الدارقطني: كتاب البيوع (3/ 7 ح: 17).

ولما نقله ابن القطان من عند الإشبيلي شاركه في وهمه.

- وبيان الوهم والإيهام: باب أحاديث سكت عنها مصححا لها وليست بصحيحة (2 ال: 67. أ).

ووجه إيراد ابن القطان له أنه ما كان على عبد الحق أن يسكت عن هذا الحديث؛ ولذا قال:

(وأراه تسامح فيه، وإنما ينبغي أن يقال فيه حسن، لأنه من رواية كثير بن هشام. وهو وإن كان قد أخرج له مسلم، فإنه مستضعف عند أبي حاتم وغيره، وقال ابن معين: لا بأس به). اهـ

قلت: أخرج هذا الحديث الدارقطني، وابن ماجة (ح: 2139) والحاكم (2/ 6)، والبيهقي فى الكبرى (5/ 266): كلهم من طريق كلثوم بن جوشن عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا.

قال الشهاب البوصيري فى زوائده على سنن ابن ماجة (ح: 2139): (هذا إسناد فيه كلثوم بن جوشن؛ وهو ضعيف). وقال الحاكم في ابن جوشن: (بصري قليل الحديث). لكن الذهبي ضعف الحديث به. وسأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث. فقال: (هذا حديث لا أصل له، وكلثوم ضعيف الحديث).

(2/54)

- صلى الله عليه وسلم -: التاجر الصدوق المسلم مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة)، هكذا ذكره ياسقاط لفظ منه، وتابعه ع على ذلك، فذكره في باب الأحاديث المصححة بالسكوت عنها، كما ذكره ق سواء؛ فوهم كوهمه، وصوابه: (التاجر الصدوق الأمين المسلم).

قال الدارقطني: (نا الحسين بن إسماعيل، نا علي بن شعيب (2)، والفضل ابن سهل (3)، قالا: نا كثير بن هشام (4)، نا كلثوم بن جوشن (5)، عن أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة.

__________

= علل الحديث 1/ 386 عدد 1156.

ولهذا يكون الحديث ضعيفا، وليس حسنا.

وله شاهد من حدث الحسن عن أبي سعيد الخدري، أخرجه الترمذي؛ وقال عقبه: (هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه)، والدارمي (2/ 247)، والحاكم (2/ 6)، والدارقطني (3/ 7 ح: 18)، ومن المعلوم أن الحسن البصري لم يسمع من أبي سعيد الخدري، فروايته عنه مرسلة كما صرح بذلك الحاكم والدارمي وعلي بن المديني، فالشاهد ضعيف للإرسال.

- المراسيل، لإبن أبي حاتم ص: 40 ..

قلت: وقد خلط ابن القطان بين كثير بن هشام، وكلثوم بن جوشن، فكثير بن هشام روى له مسلم، لكنه لم يضعفه أبو حاتم، وإنما ضعف هو وغيره: كلثوم بن جوشن.

(2) علي بن شعيب بن عدي السمسار البزاز، البغدادي، فارسي الأصل، ثقة، من كبار الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين. / س.

- التقريب 2/ 38.

(3) الفضل بن سهل بن إبراهيم الأعرج، البغدادي، أصله من خراسان، صدوق، من الحادية عشرة مات سنة خمس ومائتين /ح م دت س.

- التقريب 2/ 110.

(4) كثير بن هشام الكلابي، أبو سهل الرقي، قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه. فقال: يكتب حديثه. وقال الحافظ: ثقة، من السابعة، مات سنة سبع ومائتين، وقيل ثمان / بخ م 4.

- الجرح والتعديل 7/ 158 - التقريب 2/ 134.

(5) كلثوم بن جوشن الرقي، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه. فقال: ضعيف الحديث. وقال الحافظ: ضعيف. ولم يخرج له من الستة إلا ابن ماجة.

- الجرح والتعديل 7/ 164 - التقريب 2/ 136.

(2/55)

وقال الفضل: "مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة"). اهـ

(249) ذكر (1) من طريق أبي أحمد، من حديث عمر بن موسى بن وجيه (2)، عن/89. أ/ واصل بن أبي جميل (3)، عن مجاهد عن ابن عباس أن

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام": كتاب الصيد والذبائح (7 / ل: 45. أ).

وقال الإشبيلي عقبه: (عمر بن موسى متروك)، فنقل كل ذلك عنه ابن القطان، وافقه على ذلك، ثم عقب عليه بقوله:

(ولم ينبه على واصل بن أبي جميل، ولكنه أبرزه، وهو لم تثبت عدالته، وقد قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وإلى ذلك فإن هذا الحديث إنما يرويه عن عمر بن موسى فهو بن بشر الداماني، وهو مجهول الحال، ولا أعلم له ذكرا في شيء من مصنفات الرجال، مظان ذكره، وذكر أمثاله، غير أن ابن الفرضي ذكره لضبط اسمه، فذكره بالراء والفاء المكسورة، ولم يزد على أن قال: روى عنه أيوب بن محمد الرزان أخذا من إسناد هذا الحديث).

- بيان الوهم والإيهام، ابن القطان: باب ذكر أحاديث أعلها برجال، وفيها من هو مثلهم، أو أضعف أو مجهول لا يعرف (1/ ل: 197.أ) ..

قلت: وكلام ابن القطان في فهر بن بشر غير مسلم له، لأنه ذكره ابن حبان في ثقاته، وهذا نص كلامه: (فهر بن بشير، أبو أحمد، مولى بني سليم، يقال له فهير الرقي، كان ينزل دامان قرية بالجزيرة، يروى عن جعفر بن برقان، روى عنه أيوب بن محمد الوزان وأهل الجزيرة، مات بعد المائتين ..).

- (الثقات 9/ 12).

وقد ذكره السمعاني في (الأنساب) في باب النسبة إلى الدامان (الداماني): (2/ 445)، وكذا ابن الأثير في اللباب (1/ 485).

قلت: وقد اضطربت المصادر بين من ذكره (فهو بن بشير)، وبين من ذكره (فهو بن بشر)، والأرجح الأول.

والحدث أخرجه مرسلا عبد الرزاق في مصنفه، وأبو داود مراسيله، والبيهقي: كلهم من طريق الأوزاعي عن واصل بن أبي جميل، عن مجاهد، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره من الشاة الحديث.

وأخرجه البيهقي موصولا من طريق ابن عدي المتقدمة، وقال: ولا يصح وصله.

- المصنف، لعبد الرزاق: كتاب المناسك، باب ما كره من الشاة 4/ 535 ح: 8771 - المراسيل: باب ما جاء في الأطعمة 326 ح: 465 - السنن الكبرى: كتاب الضحايا، باب ما يكره من الشاة إذا ذبحت 10/ 7.

وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر، أخرجه الطبراني في الأوسط، كما في كنز العمال، وفي سنده يحيى الحمانى، وهو ضعيف. قاله الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 36).

(2) في المخطوط (عمرو بن موسى)، والصواب (عمر ...)، مضت ترجمته، وتقدم أن ابن عدي عده من الوضاعين.

(3) واصل بن أبي جميل، ذكر ابن أبي حاتم أن كنيته أبو بكر، روى عن مجاهد ومكحول، وعنه الأوزاعي. ونقل أبو حاتم عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: واصل بن أبي جميل لا شيء.

- الجرح والتعديل 9، 30.

(2/56)

النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكره أكل سبع من الشاة؛ المثانة والمرارة والغدة والأنثيين والحياء (4) والدم (5). وهكذا ذكر هذا أيضا، وفيه أوهام ثلاثة كلها من هذا الباب:

- أحدها إسقاط واحد من السبع المذكورة في الحديث، وهي: (والذكر).

- والثاني تغيير لفظة منه، وهي قوله (الدم)، وصوابه (والدبع، فأما الدم فلا وجه لذكره فيها لأنه معلوم التحريم بنص القرآن.

- والثالث إسقاط آخر الحديث بما هو داخل في المعنى الذي ذكر ق الحديث لأجله، وذلك أن في آخره: (وكان أحب الشاة إليه ذنبها). (6) فنقله ع في باب ما أعله براو وترك غيره، كما نقله ق سواء، فوهم كوهمه فيه، وها أنا أورد الحديث بنصه من كتاب أبي أحمد؛ قال:

(نا وقّار؛ قال (7): نا أيوب الوزان (8)؛ قال: نا فهو بن بشر؛ قال: نا عمر

__________

(4) الحياء: الفرج من ذوات الخف والظلف والسباع.

- لسان العرب 14/ 219 - النهاية في غريب الحديث والأثر 277.

(5) الذي في (الكامل المطبوع: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كره أكل سبع من الشاة: المثانة والمرارة والغدة والأنثيين والذكر والحياء والدم، وكان أحب الشاة إليه ذنبها).

(6) يسلم للحافظ ابن المواق من الأوهام الثلاثة -التي ذكر- الوهمان الأول والثالث، أما الوهم الثاني فلا أرى أنه أصاب فيه؛ لأن جميع كتب الحديث التي روت حديث الباب، سواء مرسلا أو موصولا، لم يأت فيها ذكر (الدبر وورد فيها ذكر (الدم).

قلت: وقد استشكل على العلماء ذكر (الدم) وهو محرم، ضمن هذه الأشياء السبعة المكروهة من الشاة،؛ نقال أبو حنيفة: الدم حرام وأكره الستة. ونقل عن ابن أبي سليمان الخطابي قوله: الدم حرام بالإجماع، وعامة المكروهات معه مكروهة غير محرمة. وهذا جعل ابن المواق يقول: فلا وجه لذكر الدم لأنه معلوم التحريم بنص القرآن.

لكن الأولى أن جاب بان الحديث لم يصح، ولذا فلا وجه للإشكال، والله أعلم.

(7) وقار بن الحسين الرقي -هكذا نسبه البيهقي- شيخ ابن عدي. لم أقف على ترجمته.

(8) أيوب بن محمد بن زياد بن فروخ، أيو سليمان الرقي الوزان، ثقة، من العاشرة، توفي سنة تسع وأربعين ومائتين. / د س ق.

- شيوخ الأئمة النبل 84 - التقريب 1/ 91.

(2/57)

ابن موسى، عن واصل بن أبي جميل، عن مجاهد، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكره أكل سبع من الشاة: المثانة والمرارة والغدة والأنثيين والذكر والحياء والدبر، وكان أحب الشاة إليه ذنبها. اهـ

(250) فصل فى الإخلال الواقع عندع الكائن من هذا الباب، من ذلك أنه ذكر في باب ما أعله براو وترك غيره ما هذا نصه: وذكر من طريق الترمذي حديث خالد بن إلياس بسنده إلى أبي هريرة، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهض في الصلاة على ظهور (1) قدميه.

__________

جاء في (الأحكام) لعبد الحق الإشبيلي: (وذكر الترمذي من حديث خالد بن إِلْياس يسنده إلى أبي هريرة، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، ينهض في الصلاة على صدور قدميه.

قال أبو عيسى: خالد بن إِلْياس ضعيف عند أهل الحديث) اهـ.

كتاب الصلاة، باب تكبيرة الإحرام، وهيئة الصلاة والقراءة، والركوع (2/ ل: 100. أ).

والحديث أخرجه الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء كيف النهوض من السجود 2/ 80 ح: 288.

نقل ابن القطان الحديث السابق من عند عبد الحق، وأثناء النقل تغير له لفظ (النبي) فجعل عوضه (الرسول)، وكذا لفظ (صدور قدميه)، فجعل مكانها (ظهور قدميه)، فواخذه الحافظ ابن المواق على الثاني، وأهمل الأول، ولعله لعدم إحالة المعنى فيه.

ومناسبة إراد ابن القطان لهذا الحديث تعقيبة عليه بقوله:

(ولا ادري لمَ لم يذكر أن خالد بن إلْياس إنما يرويه عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، وأسقطه إسقاطا، وجعل مكانه قوله (يسنده إلى أبي هريرة). فلو كان صالح ثقة، جاز له ذلك الإقتصار على موضع العلة، وصالح ليس بأمثل من خالد بن إلياس، وما إطلاقهم عليه في التضعيف إلا كإطلاقهم على خالد، بل قد تُفسر فيه ما رموا به حَديثه؛ وهو شدة الإختلاط، وبقي الأمر في خالد محتملا؛ بحيث يمكن أن يكون معنى تضعيفهم إياه أنه ليس كغيره ممن هر فوقه في العدالة، فإذن لا معنى لتضعيف الحديث بخالد) وترك صالح، وقد ذكر أبو محمد في الجنائز اختلاط صالح واعتبار قديم حديثه من حديثه، وخالد لا يعرف متى أخذ عنه). اهـ (بيان الوهم .. باب ما أعله براو (1/ ل: 161. ب).

وروى هذا الحديث ابن عدي، وأعله بخالد، وأسند تضعيفه عن البخاري، والنسائي، وأحمد، وابن معين، قال: وهو مع ضعفه كتب حديثه. وخالد بن إلياس، كال له كذلك: ابن إلياس، أبو الهيثم العدوي، المدني، إمام المسجد النبوي. قال الحافظ: متروك الحديث. من السابعة./ ت ق.

انظر: الكامل: ترجمة خالد بن إلياس 3/ 5 - نصب الراية 1/ 389 - التقريب 1/ 211 - إرواء الغليل 2/ 81 ح: 362.

(1) في المخطوط (ظهرو). ولعله سهو من الناسخ.

(2/58)

قال م: هكذا ذكره، والوهم فيه بين لا خفاء به، وذلك في قوله: (على ظهور قدميه)؛ فإنه لا يتأتى النهوض كذلك، وصوابه: (على صدور قدميه)، وعلى الصواب وقع في جامع الترمذي، وفي كتاب الأحكام، فاعلمه. اهـ

(251) وذكر (1) هنالك حديث علي في شأن نصارى بني تغلب، هكذا:

__________

(1) أي عبد الحق الأشبيلي في "الأحكام"، وهذا نصه منه:

(وذكر أبو احمد أيضا من حديث إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي عن زياد بن حدير، عن علي، قال: لئن بقيت لأقتلن نصارى بني ثعلب، ولأُسبين الذرية، أنا كتبت العهد بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألا ينصروا أولادهم -إبراهيم ضعيف عندهم- وقد رواه من طريق آخر فيه عبد الرحمن بن عثمان البكراوي، وهو ضعيف أيضا.

وذكره أبو داود من حديث إبراهيم أيضا. وقال: حديث منكر، وهو عند بعض الناس شبيه بالمتروك، وأنكروا هذا الحديث على عبد الرحمن بن هانيء، وعبد الرحمن بن هانيء هو رواه عن إبراهيم، وكذلك هو عند أبي أحمد من حديث عبد الرحمن بن هانيء هو رواه عن إبراهيم، ولكن ذكره في باب إبراهيم بن مهاجر). اهـ

(الأحكام): كتاب الصلح والجزية (5 / ل: 22. ". والحديث ذكره ابن عدي من طريق إبراهيم بن مهاجر في ترجمة هذا الأخير (1/ 215)، أما الطريق الثاني لهذا الحديث فهي عنده في ترجمة عبد الرحمن ابن عثمان المعروف بأبي بحر البكراوي (4/ 297). وهذا الطريق عند أبي داود في كتاب الخراج والأمارة والفيء، في باب أخذ الجزية (3/ 429 ح: 3040).

ولابن القطان تعقيبان على هذا الحديث:

الأول أورده في باب النقص في الأسانيد؛ لأن عبد الحق وهم فقال إن هذا الحديث يرويه -عندهما- عن شريك، عن إبراهيم بن مهاجر.

- بيان الوهم والإيهام 1/ ل: 12. ب.

الثاني أورده في باب الأحاديث التي ضعفها بقوم وترك مثلهم أو أضعف؛ لأن عبد الحق ضعف الطريق الثاني للحديث بعبد الرحمن بن عثمان البكراوي، وأهمل فيه (الكلبي)، وهو أشهر من ينسب إلى الكذب، و (الأصبغ بن نباتة)، وهو ضعيف.

- بيان الوهم والإيهام 1/ ل: 167. أ.

وفي هذا الموطن وقعت الزيادة -التي ذكرها ابن المواق- في لفظ الحديث عند ابن القطان: (إلى قابل): ولم تثبت عند أبي داود ولا عند أحمد ولا في (الأحكام).

قلت: وشريك الذي يرويه عنه عبد الرحمن بن هانيء هو ابن عبد الله النخعي الكوفي، القاضي بواسط. ذكره سبط ابن العجمي في كتابه ضمن المختلطين، وقال: (كان في آخر عمره يخطئ فيما يروي، تغير عليه حفظه، فسماع المتقدمين عنه الذين سمعوا بواسط ليس فيه تخليط .. وسماع المتأخرين عنه بالكوفة فيه أوهام). (الإغتباط ص: 68 ...) وشريك هذا عند ابن القطان ضعيف، ذكر تضعيفه له في أماكن كثيرة من كتابه، لذا كان ينبغي أن يضيفه إلى من ذكروا من الضعفاء في سند هذا الحديث.

(2/59)

(عن علي: لئن بقيت إلى قابل لأقتلن نصارى بني تغلب ولأسبين/89. ب/ الذرية ..) الحديث الذي ذكره ق من طريق أبي أحمد بن عدي، فوهم في قوله 4: (إلى قابل)، فإنه لم يقع كذلك في "الأحكام"، ولا في كتاب أبي أحمد، وإنما فيهما: (لئن بقيت لأقتلن نصارى بني تغلب، ولأسبين الذرية الحديث .. اهـ

(252) وذكر (1) هنالك ما هذا نصه: (وذكر من طريق الدارقطني عن

__________

وقد ذكر الحافظ المزي -وغيره- أن ألا علي اللؤلؤي قال في هذا الحديث: لم يقرأه أبو داود في العرضة الثانية.

- تحفة الأشراف 7/ 347 ح: 10097.

(1) أي ابن القطان.

أورد عبد الحق الإشبيلي هذا الحديث، من عند الدارقطني، مبرزا من اسناده عمرو بن أبي عمرو، وقال: عمرو لا يحتج به. ثم ذكر اسناده كاملا.

قال ابن القطان: (ويشبه أن يكون قد تبرأ من عهدته لما ذكر إسناده، هذا هو ظاهر أمره في الاُحاديث التي ذكرها بأسانيدها إنه لم يحكم عليها بشيء، وإنما تركها لنظر المطالع).

ثم إن ابن القطان يذكر أن عبد الحق يسير على خلاف هذا المنهج أحيانا، حيث يسوق إسنادا أو بعضه لحديث، دون الحكم عليه، والحالة أن هذا الإسناد ليس بصحيح عنده، وبعد التمثيل لما ذكر عاد للكلام على شد حديث الباب، فقال: (فاعلم أن أبا شيبة أولى بالحمل عليه في هذا الحديث من عمرو بن أبي عمرو، فإنه ضعيف، وعمرو مختلف فيه، وقد تقدم لأبي محمد تضعيف أبي شيبة في كتاب الجنائز، فاعلم ذلك) اهـ.

قلت: وعمرو بن أبي عمرو، أو عثمان، (ثقة، ربما وهم). كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر. وهو من رجال الكتب الستة: (التقريب 2/ 75).

- الحديث أخرجه الدارقطني في كتاب الجنائز، باب حثي التراب على الميت (2/ 76 ح: 4). وذكره عبد الحق في أحكامه في كتاب الجنائز (3/ ل: 86. ب ..)، وتعقبه ابن القطان في بيان الوهم .. باب ذكر أحاديث أعلها برجال وفيها من هو مثلهم أو أضعف (1/ ل: 189. ب ...).

قلت: وأخرج هذا الحديث كذلك الحاكم في مستدركه (1/ 386)، وهذا سنده عنده: (حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، ثنا أبو العباس أحمد بن محمد الهمداني، ثنا أبو شيبة ابراهيم بن عبد الله، ثنا خالد بن مخلد، ثنا سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). الحديث. وقال الحاكم عقبه: (هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، وفيه رفض لحديث مختلف فيه على محمد بن عمرو بأسانيد "من غسل ميتا فليغتسل").

وأخرجه البيهقي من طريق الحاكم، ثم عقب بقوله: (هذا ضعيف، والحمل فيه على أبي شيبة).

ولم يرتض منه الحافظ ابن حجر تضعيفه لهذا الحديث، ولهذا استدرك عليه لقوله: (أبو شيبة هو ابراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، احتج به النسائي، ووثقه الناس، ومن فوقه احتج بهم البخاري، وأبو العباس الهمداني،

(2/60)

عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس عليكم في ميتكم غسل إذا غسلتموه؛ إن ميتكم ليس بنجس، فبحسبكم أن تغسلوا أيديكم").

هكذا ذكره، وقوله فيه: (أيديكم) وهم منه، والصواب في ذلك؛ (آنيتكم)، كذلك وقع في الأحكام، وفي سنن الدارقطني. اهـ

(253) وذكر (1) في باب ما سكت عنه مصححا له حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح ولم يجمع الصوم، ثم يبدو له فيصوم- ذكره ع في

__________

وهو ابن عقدة، حافظ كبير، إنما تكلموا فيه بسبب المذهب، ولأمور أخرى، ولم يضعفه بسبب المتون أصلا، فالإسناد حسن، فيجمع بنه وبين الأمر في حديث أبي هريرة، (من غسل ميتا فليغتسل) بأن الأمر على الندب).

وقد أستدل الحافظ على ذلك بما رواه الخطيب البغدادي في ترجمة محمد بن عبد الله المخرمي من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل؛ قال: (قال لي أبي كتبت حديث عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل. قال قلت: في ذلك الجانب شاب يقال له محمد بن عبد الله يحدث به عن أبي هشام المخزومي، عن وهيب، فاكتبه عنه).

قال الحافظ ابن حجر: (وهذا إسناد صحيح، وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث).

السنن الكبرى، للبيهقي كتاب الطهارة، باب الغسل من غسل الميت 1/ 306 - التلخيص الحبير 1/ 137 ..

وانظر التعقيب على الحافظ ابن المواق في هذا الحديث في الدارسة: (في المؤاخذات).

(1) أي ابن القطان.

جاء في (الأحكام) لعبد الحق الإشبيلي:

(وذكر أبو محمد من طريق عبد الباقي بن قانع يسنده إلى عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان يصبح ولم يجمع الصوم، فيبدو له فيصوم. إسناد هذا الحديث ضعيف جدا، فيه عمر بن هارون عن يعقوب بن عطاء، وعبد الباقي أيضا تركه أصحاب الحديث، وكان اختلط عقله قبل موته بسنة، وفي هذا الحديث من الزيادة: ولم يجمع الصوم) اهـ.

- الأحكام كتاب الصيام، باب فيمن دعي إلى طعام (4 ال: 34. ب ..).

والحديث أخرجه ابن حزم في المحلى: كتاب الصيام (6/ 137: المسألة: 730).

ولما ذكره ابن القطان استزاد له لفظة: (جنبا)، وهي غير ثابتة سواء عند ابن حزم،؛ وعند عبد الحق.

- بيان الوهم والإيهام، باب ما سكت عنه مصححا له وليس بصحيح (2 /ل: 22. ب).

انظر التعقيب على ابن المواق في الدراسة: (المؤاخذات).

(2/61)

كلامه على حديث سمرة: سكتتان حفظتهما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث .. (2) - فوهم في ذكره وهما اقتضاه هذا الباب؛ وذلك أنه استزاد له في لفظ الحديث (جنبا)؛ هكذا: كان يصبح جنبا، ولم يقع كذلك في "الأحكام"، ولا في كتاب الترمذي الذي نقله منه، فاعلمه. اهـ

(254) وذكر (1) في باب الأحاديث العطوفة على أخر بحيث يظن أنها مثلها في مقتضياتها: حديث علي في النهي عن بيع الضطر، وما أتبعه ق من قوله: (ورواه سعيد بن منصور من حديث مكحول عن حذيفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) ثم أورد حديث حذيفة من كتاب سعيد بن منصور، فوقع له في بعض ألفاظه

__________

(2) هذا الحديث أخرجه الترمذي من طريق الحسن عن سمرة بن جندب، وهذا لفظ متنه منه: (قال سكتتان حفطهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنكر ذلك عمران بن حصين، وقال: حفظنا سكتتة. فكتبنا إلى أبي بن كعب بالمدينة، فكتب أبي: أن حفظ سمرة. قال سعيد: فقلنا لقتادة: ما هاتان السكتتان؟ قال إذا دخل في صلاته، واذا فرغ من القراءة، ثم قال بعد ذلك: واذا قرأ: و (لا الضالين) قال: وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه).

قال: وفي الباب عن أبي هريرة.

قال أبو عيسى: حديث سمرة حديث حسن.

جامع الترمذي: أبواب الصلاة، باب السكتتين في الصلاة (2/ 30 ح: 251).

وذكر عبد الحق في (أحكامه): كتاب الصلاة، باب تكبيرة الإحرام وهيئة الصلاة والقراءة والركوع (2 / ل: 82. أ).

وأخرجه أبو داود وابن ماجة وأحمد من عدة طرق، وكلها تدور على الحسن البصري عن سمرة، والحسن مختلف في سماعه من سمرة، والراجح أنه لم يسمع منه غير بعض الأحاديث، بل سمع منه حديثا واحدا؛ هو حديث العقيقة فيما زعم قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد. والحسن على جلالة قدره كان يدلس، وقد عنعنه، فلا تحمل روايته لهذا الحديث، أو غيره، على الإتصال إلا إذا صرح بالسماع، وهذا ما لم يذكره هنا، بل بعض الروايات عنه تشير إلى الإنقطاع، فإنه قال فيها: قال سمرة، كما في روأية إسماعيل بن علية. ثم إن الرواة اضطربوا في متنه عليه؛ فبعضهم جعل السكتة الثانية (.. ولا الضالين) كما عند الترمذي، وبعضهم جعلها بعد الفراغ من القراءة كلها وقبل الركوع، كما في رواية لأبي دواد، ولذلك فالحديث لا يحتج به، وقد قال أبو بكر الجصاص في (أحكام القرآن) (3 /. 5): (إنه حديث غير ثابت).

إرواء الغليل 2/ 288 ح: 505 - مشكاة الصابيح، بتحقيق الشيخ ناصر الدين الألباني 1/ 259 ح: 818.

(1) أي ابن القطان.

تقدم الكلام على هذا الحديث: (ح: 184).

(2/62)

تصحيف، وذلك أن فيه: (وينهد شرار خلق الله يبايعون كل مضطع فتصحف له (ينهد) بـ (يشهد) فقال في لفظه الذي أورده به: (ويشهد شرار خلق الله ويبايعون كل مضطر). فجاء الخبر هكذا، كأنه وارد في الشهود أنهم/ 90. أ/ يكونون يومئذ شرار خلق الله، ويبايعون كل مضطر، وهذا ليس له في الحديث ذكر، وإنما هو كما أوردته: (ينهد شرار خلق الله يبايعون كل مضطر)، بغير واو عطف، فاعلمه. اهـ

(255) وذكر (1) في باب ما أعله ولم يبين علته ما هذا نصه،

(وذكر من طريق الترمذي عن عائشة؛ قالت: قلنا يا رسول الله، ألا نبني لك بنيانا يظلك بمنى؟ قال: (لا، منى مناخ من سبق).

هكذا ذكره، وقوله فيه: (بنيانا يظلك)، [وهم منه، وصوابه: بيتا] (2) وعلى الصواب ذكره ق، وكذلك الترمذي، فاعلمه. (3) اهـ

__________

(1) أي ابن القطان.

جاء في (الأحكام) لعبد الحق الإشبيلي ما نصه منه: (الترمذي، عن عائشة؛ قالت: قلنا يا رسول الله، ألا بني لك بيتا يظللك بمنى؟ قال:، لا، منى مناخ من سبق". قال: هذا حديث حسن) اهـ.

- كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (4 /ل: 92. أ).

أخرجه الترمذي ني كتاب الحج، باب مما جاء أن منى مناخ من سبق (3/ 228 ح: 881).

ونقله ابن القطان عن عبد الحق، ثم عقب عليه بقوله:

(ولم دين لم لا يصح؟ وعندي أنه ليس بحسن، بل ضعيف)، ثم بين أن فيه مسيكة، أم يوسف بن ماهك، لا تعرف حالها، ولا يعرف من روى عنها غير ابنها.

- بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أحاديث أعلها ولم دين من أسانيده مواضع العلل (1/ل: 248. ب ..).

(2) ما بين المعقوفتين ليس في المخطوط، أضفته لإقتضاء السياق له.

(3) الذي عن عبد الحق في أحكامه (بيتا)، وكذا في جامع الترمذي (بتحقيق أحمد محمد شاكر) وفي تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (52913 ح: 882)، (بناء). وبهذا يتبين أن هذه اللفظة تصفحت عند ابن القطان إلى (بنيان)؛ لأنه انفرد بها، وليست في الأصل المنقول منه.

قلت: كان ينبغي على ابن القطان أن ينبه أن عبد الحق لم يحسن الحديث، وإنما نقل ذلك عن الترمذي فهو الذي حسنه، على أنه قد اختلفت نسخ الجامع، ففي بعضها (حديث حسن صحيح)، وفي أخرى اكتفي بالتحسين.

(2/63)

(256) وذكر (1) في باب المراسيل التي لم يعلها بسوى الإرسال، وهي

__________

والحديث أخرجه كذلك أبو داود: كتاب المناسك، باب تحريم حرم مكة (2/ 521 ح: 2019)، وابن ماجه: كتاب المناسك، باب النزول بمنى (2/ 1000 ح: 3007)، وأحمد (الفتح الرباني 12/ 220 ح: 421)؛ كلهم من طريق يوسف بن ماهك عن أمه مسيكة، عن عائشة، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط، ولم يخرجاه)، وأقره الذهبي على ذلك.

قلت: وهذا غريب من الحافظ الذهبي، فمسيكة ليست من رجال مسلم حتى يكون الحديث على شرطه، ثم إن الذهبي نفسه ذكر مسيكة هاته في الميزان (4/ 610) في فصل النسوة المجهولات.

(1) أي ابن القطان.

الحديث ذكره عبد الحق في (الأحكام) في كتاب الصلاة، باب في سترة المصلي وما يصلى إليه، وما نهى عنه من ذلك (2 / ل: 69 .. ب).

وأخرجه أبو داود في مراسيله، وهذا نصه منه:

(حدثنا عمر بن حفص الوصابي، حدثنا ابن حمير -يعني محمدا- عن بشر بن جبلة، عن خير بن نعيم عن ابن الحجاج الطائي رفعه، الحديث.

- كتاب الصلاة، باب ما جاء في السترة في الصلاة (ص: 87 ح: 31).

وذكره ابن القطان ليثعقبه بان مرسله أبا الحجاج الطائي، لايعرف، وليس له ذكر في غير هذا المرسل، وقال: (ومحمد بن حمير، قال فيه أبو حاتم: مجهول ضعيف الحديث، وهذا الكلام منه ليس متناقض؛ فإن كل مجهول العين أو الحال ضعيف الحديث، وليس كل ضعيف الحديث مجهول (1). اهـ.

- بيان الوهم والإيهام، باب في المراسيل التي لم يعلمها سوى الإرسال .. (1/ ل: 151. أ).

قلت: أصاب الحافظ ابن المواق في الوهم الذي نسبه لشيخه ابن القطان، ولي فيه تعقيبات ثلاثة: الأول: أن عبد الحق ساق الحديث من مرسل (أبي الحجاج الطائي)، ونقله عنه عبد الحق كذلك، ولا تعقبه ابن المواق أورده كما هو عندهما. والذي في المراسيل لأبي داود (عن ابن الحجاج)، وقد ذكر الحافظ المزي حديث الباب (ح: 19606) ضمن مراسيل (ابن الحجاج)، وهو كذلك -أي ابن الحجاج- عند الذهبي في الميزان (4/ 590)، وكذا عند الحافظ ولي الدين العراقي في ذيله على الكاشف (ص: 352)، وعند الحافظ صفي الدين الخزرجي في خلاصة تذهيب الكمال (ص: 473)، وابن حجر في التقريب (2/ 500). لكن ورد عنده في تهذيب التهذيب (12/ 71): (أبو الحجاج)، ولا أدري أهو وهم من الناسخ، أم هو أتباع من الحافظ لإبن القطان لأنه نقل عنه هناك في هذا الراوي.

الثاني: نقل ابن القطان عن أبي حاتم أنه قال في محمد بن حمير: (مجهول ضعيف الحديث). والذي وجدت عند ابنه في الجرع والتعديل قوله: (سئل أبي عن محمد بن حمير فقال: (يكتب حديثه ولا يحتج به، ومحمد بن حرب وبقية أحب إلي منه).

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ما علمت إلا خيرا. وقال ابن معين ودحيم: ثقة. وقال النسائي ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الدارقطني: لا بأس به. ونقل ابن الجزري في الموضوعات عن يعقوب بن سفيان أنه قال: ليس بالقوي. وقال ابن حجر في ابن حمير هذا: صدوق. مات سنة مائتين. /ح مد س.

(2/64)

معتلة بغيره: مرسل أبي الحجاج الطائي رفعه، قال: نهى أن يتحدث الرجلان، وبينهما أحد يصلي)، فوهم بإسقاط (يصلي) منه، وعلى الصواب ذكره ق كما وقع في المراسيل، وسيأتي ذلك مشروحا حيث ذكره فاعلمه. (2) اهـ

(257) وذكر (1) هنالك مرسل الحسن: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقض فيما دون الوضحة (2) بشيء)، فقال: (لم يقض - في الموضحة بشيء)، سقط له منه (ما دون)، فتغير المعنى بسقوطه، وصار خلافا لما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك. (3) اهـ

__________

وعليه فما كان لإبن القطان أن يضعف الحديث كذلك من جهة ابن حمير لينقل عن أبي حاتم تضعيفه.

- الجرح والتعديل 7/ 239 - التقريب 2/ 156 - ت. التهذيب 12/ 117.

الثالث: سكت ابن القطان عن بشر بن جبلة، وهو مجهول، كما قال الحافظ ابن حجر. فكان من حقه يضعف الحديث كذلك من جهة هذا الراوي. وخصوصا ما عرف عن الحفاظ ابن القطان من التتبع والإستقصاء في الحديث.

- التقريب 1/ 98.

(2) لم يذكر هذا الحديث في القسم الآتي من مخطوط (البغية).

(1) أي ابن القطان.

ذكر هذا الحديث عبد الحق في أحكامه في كتاب الديات والحدود (7 / ل: 1. ب)، والحديث أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: كتاب العقول، باب الموضحة (9/ 307 ح: 17320).

وقد ذكره ابن القطان ضمن مراسيل الحسن التي قال عنها: إنها أضعف المراسيل-فسقط له: (ما دون) -.

- بيان الوهم والإيهام، باب ذكر المراسيل التي لم يعلها بسوى الإرسال .. (1/ ل: 157. أ).

ولحديث الباب شاهد مرسل كذلك، رواه البيهقي؛ وهذا نصه؛ (أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، ثنا أبو العباس الأصم، ثنا بحر بن نضر، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عبد الجبار بن عمر عن ابن شهاب، وربيعة وإسحاق بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعقل هما دون الموضحة، وجعل هما دون الوضحة عفوا بين المسلمين) اهـ.

- السنن الكبرى، باب مادون الموضحة من الشجاج (8/ 83).

(2) الموضحة: الشجاج التي وضح العظم، أي بياضه. (والتي فرض فيها خمس من الإبل ما كان منها في الرأس أو الوجه).

- النهاية، لإبن الأثير (4/ 216)، وبهامشه: الدر النثير، للسيوطي.

(3) يشير الحافظ ابن المواق إلى حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "في المواضح خمس".

أخرجه أبو داود: كتاب الديات، باب ديات الأعضاء (4/ 695 ح: 4566)، والنسائي كتاب القسامة، باب المواضح (8/ 428 ح: 4867)، والترمذي: كتاب الديات، باب ما جاء في الموضحة (4/ 13 ح: 1390)، وابن ماجة: كتاب الديات، باب الموضحة (2/ 886 ح: 2655). وانظر إرواء الغليل (ح: 2285).

(2/65)

(258) وذكر (1) في الباب الذي بعد هذا مرسل صالح بن أبي حسان (2) في المحرم المحتزم بحبل أبرق. فسقط له منه ذكر (المحرم)، وقال: (بحبل أورق)، وصوابه: (أبرق) كما ذكرته، وعلى الصواب ذكره ق، وأبو داود في

المراسيل.

والإبرق في كلام العرب كل شيء اجتمع فيه سواد وبياض (3)، فأما الأورق فمن ألوان الجمال، وهو الذي فيه بياض يميل إلى سواد (4)، وسيأتي هذا الحديث مبينا في الباب الذي بعد هذا، إن شاء الله. اهـ

__________

(1) أي ابن القطان.

أخرج هذا الحديث أبو داود في مراسيله، وهذا نصه منه: (حدثنا هناد بن السري، عن وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن صالح بن أبي حسان، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا محرما بحبل أبرق؛ فقال: "يا صاحب الحبل! ألق").

وعن أبي داود نقله عبد الحق في أحكامه، فوهم فيه فقال (عن صالح بن حسان)، فتعقبه ابن القطان لتصحيح هذا الوهم، فسقط له عند ذلك لفظ (محرما)، وتصحف له لفظ (أبرق) فجعله (أورق).

- انظر: المراسيل: باب في الحج (ص: 156 ح: 158)، (الأحكام)، لعبد الحق الإشبيلي: كتاب الحج (4 / ل: 55.أ)، بيان الوهم والإيهام: باب ذكر رواة تغيرت أسماؤهم وأنسابهم في نقله عما هي عليه (1/ ل: 53. ب).

(2) صالح بن حسان، وصالح بن أبي حسان جعلهما الإمام أحمد واحدا، في حين فرقهما البخاري، وابن أبي حاتم، والخطيب البغدادي، والذهبي، والحافظ ابن حجر، وهو الصحيح.

انظر: العلل ومعرفة الرجال (1/ 540)، التاريخ الكبير (4/ 275)، ت. التهذيب (4/ 336 ...).

قال الحافظ ابن حجر: صالح بن أبي حسان المدني، صدوق، من الخامسة. / ت س.

- التقريب 1/ 358.

وستأتي ترجمة صالح بن حسان.

وهناد بن السري ثقة، من رجال مسلم والأربعة، وكيع وابن أبي ذئب من رجال الصحيحين.

ولهذا الحديث شاهد من مراسيل الن جريج، رواه البيهقي من طريق الشافعي؛ قال: أنبأ سعيد بن سالم عن ابن جريج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا .. الحديث. وقال البيهقي عقبه هذا منقطع.

- السنن الكبرى: كتاب الحج، باب لايعقد - المحرم رداء عليه .. (5/ 51).

(3) يقال للبعير، أو التيس: أبرق إذا كان فيه سواد وبياض.

- لسان العرب، مادة برق (10/ 16)، النهاية، لإبن الأثير (1/ 74).

(4) انظر: لسان العرب، مادة ورق، 10/ 377.

(2/66)

(259) وذكر (1) في باب ما أعله براو وترك غيره حديث التكبير في أيام التشريق (2) وتكلم عليه كلاما حسنا، ثم أورد رواية نائل بن نجيح

__________

(1) أي ابن القطان.

(2) بشير الحافظ ابن المواق بذلك إلى الحديث الذي أخرجه الدارقطني: (ثنا محمد بن القاسم بن زكرياء المحاربي بالكوفة، ثنا الحسن بن محمد بن عبد الواحد، ثنا سعيد بن عثمان، حدثني عمرو بن شمر، عن جابر، عن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر أنهما سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجهر في المكتوبات ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، في فاتحة القرآن، ويقنت في صلاة الفجر والوتر، ويكبر في دبر الصلوات المكتوبات، من قبيل صلاة الفجر غداة عرفة إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق، يوم دفعة الناس العظمى). اهـ

- سنن الدارقطني، كتاب العيدين (2/ 49 ح: 25).

وعن الدارقطني نقله عبد الحق الإشبيلي في أحكامه (باب في العيدت، (3 / ل: 44.أ). وعقب عليه بقوله: (في إسناده جابر بن يزيد الجعفي، وقد اختلف عليه) اهـ.

وقد تعقبه ابن القطان بما ملخصه:

جابر الجعفي سيئ الحال، وعمرو بن شمر أسوأ حالا منه، بل هو من الهالكين، قال السعدي: عمرو بن شمر زائغ كذاب، وقال الفلاس: واه. وقال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث، زاد أبو حاتم: وكان رفضيا، يسب الصحابة، روى في فضائل آل البيت أحادث موضوعة، فلا ينبغي أن يعلل الحديث إلا بعمرو بن شمر، مع أنه قد اختلف عليه فيه: فرواه عنه سعيد، وأسيد بن زيد، فقالا: عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي الطفيل، عن علي وعمار.

ورواه مصعب بن سلام عن عمرو بن شمر؛ فقال فيه: عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه؛ عن جابر بن عبد الله.

وروى محفوظ بن نصر بن عمرو بن شمر، عن جابر، عن محمد بن علي، عن جابر؛ فأسقط من الإسناد على بن حسين، وهكذا رواه عن عمرو بن شمر رجل يقال له: نائل بن نجيح، وقرن بأبي جعفر عبد الرحمن ابن سابط، وزاد في المتن كيفية التكبير. اهـ

بيان الوهم والإيهام: باب ذكر أحاديث أعلها برجال، وفيها من هو مثلهم، أو أضعف، أو مجهول لا يعرف (1/ ل: 162. أ ..).- نصب الراية 2/ 224.

وحدث علي وعمار، أخرجه كذلك الحاكم، ومن طريقه البيهقي.

جاء في المستدرك: (أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة، ثنا إبراهيم بن أبي العنبس القاضي، ثنا سعيد بن عثمان الخزاز، ثنا عبد الرحمن بن سعيد المؤذن، ثنا فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل، عن علي وعمار أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان جهر في المكتوبات ...) الحديث. ثم عقب عليه الحاكم بقوله: هذا حديث صحيح الإسناد، ولا أعلم في رواته منسوبا إلى الجرح) اهـ.

وتعقبه الذهبي في مختصره: بأنه خبر واه، كأنه موضوع؛ لأن عبد الرحمن صاحب مناكير، وسعيد: إن كان الكريزي فهو ضعيف، وإلا فهو مجهول.

ولما رواه البيهقي قال: (وهذا الحديث مشهور بعمر بن شمر عن جابر، عن أبي الطفيل، وكلا الإسنادين

(2/67)

النصري (3) فيه عن عمرو بن شمر، من كتاب الدارقطني (4)، فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح غداة عرفة أقبل على أصحابه، فيقول: "على مكانكم"، ويقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر. الحديث .. /90. ب/ هكذا ذكر التكبير ثلاث مرات، وهو وهم، فإن لفظه عند الدارقطني لم يزد على مرتين، وكذلك نقله ق في الأحكام على الصواب، فاعلمه. (5) اهـ

__________

ضعيف، وهذا أمثلهما).

- المستدرك: كتاب العيدين (1/ 299)، معرفة السنن والآثار: كتاب صلاة العيدين، باب التكبير في أيام العيد (3/ 61 ح: 1948).

(3) نائل بن نجيح، أو الثقفي، أبو سهل البصري أبو البغدادي، ضعيف، من التاسعة. / ق.

التقريب 2/ 297.

(4) هي: رواية نائل بن نجيح عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر وعبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكره، وتتمته: لا إله إلا الله، أخرجه الدارقطني في سننه (2/ 50 ح: 29)، وتابع ابن نجيح عبد الرحمن بن مسهر، كما عند الخطب في تاريخ بغداد (10/ 238).

قلت: وهو حديث ضعيف جدا؛ لما تقدم من كلام ابن القطان في عمرو بن شمر، وجابر الجعفي، وضعف ابن نجيح.

وانظر كذلك: إرواء الغليل ح: 653، 654.

على أنه لم يصحح هذا التكبير مرفوعا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه قد صح من فعل ابن مسعود، وعلي، وغيرهما: أخرج حدث ابن مسعود ابن أبي شيبة، (حدثنا أبر الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي الأسود؛ قال: كان عبد الله يكبر من صلاة الفجر ويوم عرفة، إلى صلاة العصر من ويوم النحر؛ يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد).

المصنف: كتاب الصلوات، في التكبير إذا خرخ العيد 2/ 165.

أخرج حديث علي بن أبي طالب، ابن أبي شيبة كذلك: (حدثنا حسين بن علي عن زائدة، عن عاصم، عن شقيق -وعن علي بن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن- عن علي أنه كان يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة، إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، ويكبر بعد العصر).

- نفس المرجع السابق.

وأخرجه الحاكم عن عمر، وابن عباس نحو تول علي.

- المستدرك 1/ 299، وانظر: الدراية في تخريج أحادث الهداية: فصل في تكبيرات التشريق 1/ 222 ..

(5) الذي عند الدارقطني -في حديث جابر المرفوع- في النسخة المطبوعة: تثليث التكبير، وفي (الأحكام) لعبد الحق الإشبيلي ذكر تشفيعه فقط، وعند ابن القطان تثليته، وقد ورد في حديث ابن مسعود من فعله، عن ابن أبي شيبة -الحديث السابق، وسنده صحيح كما تقدم- تثليث التكبير (2/ 165)، وأعيد الحديث بنفس

(2/68)

(260) وفي باب ذكر رواة تغيرت أسماؤهم أو أنسابهم عما هي عليه؛ قال (1) في كلامه على حديث العباس بن عبد الطلب: كانوا يدخلون على النبي

__________

السند بتشفيع التكبير فقط. (2/ 167) / وبهذا يترجح أن مرجع هذا الاختلات إلى الرواية، لا إلى الوهم في النقل.

(1) القائل هو ابن القطان.

حديث العباس بن عبد المطلب أخرجه البزار، وهذا نصه:

(حدثنا عمرو بن علي، ثنا سليمان كران -بصري مشهور، ليس به بأس- ثنا عمر بن عبد الرحمن الآبار، ثنا منصور، عن أبي علي الصيقل، عن جعفر بن تمام، عن أبيه عن جده العباس؛ قال كانوا يدخلون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يستاكوا، فقال:، تدخلون علي قلحا، استاكوا، فلولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك عند كل صلاة، كما فرضت عليهم الوضوء") اهـ.

- كشف الأستار: باب السواك 1/ 243 ح: 498.

ومن طريق الزار ذكره عد الحق الإشبيلي في أحكامه.

الأحكام: كتاب الصلاة، باب السواك لكل صلاة ولكل وضوء 1/ل: 54. ب ...

ولابن القطان تعقيبان على عبد الحق في هذا الحديث؛ الأول في الباب المذكور أعلاه، وأثناءه وقع له الوهم الذي ذكره ابن المواق.

والثاني في باب الأحاديث التي أتبعها كلاما يقضي بصحتها، لأن عبد الحق لا أورده الحديث قال: (يرويه من حدث سليمان بن كران، قال: وهو بصري مشهور ليس به بأس)، فبين ابن القطان أن في الحديث من هو دونه، وهو أبر علي الصقيل، وأن في سنده اضطرابا، حيث قال:

(وأبو علي الصيقل هذا لا تعرف له حال ولا اسم، وقد ذكره ابن أبي حاتم في الكنى المجردة برواية منصور، والثوري عنه، من غير مزيد، وهو مولى بني أسد، وقد رد ابن السكن الحديث من أجله، وقال: إنه مجهول، وقال: إنه حدث مضطرب، فيه نظر، وأورده في باب تمام من كتاب الصحابة؛ ونص ما ذكر هو هذا:

"حدثني الحسين بن محمد بن غسان بن حيلة العتكي بالبصرة، ومحمد بن هارون الحضرمي ببغداد، قالا: حدثنا محمد بن زياد بن عبيد الله، قال: حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن أبي علي الصيقل عن جعفر بن تمام بن العباس، عن أبيه يبلغ به؛ قال: "تدخلون علي قلحا، تسوكوا، فلولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك، كما فرضت عليهم الوضوء".

حدثني الحسين بن إسماعيل بنم محمد، حدثنا يوسف بن مرسى القطان، حدثنا جريج عن منصور، عن أبي علي، عن جعفر بن تمام بن عباس، عن أبيه؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لكم تدخلونن علي قلحا، تسوكوا، فلولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة".

قال أبو علي (يعني ابن السكن): رواه شيبان، وزائدة، وقيس بن الربيع، وغيرهم، عن منصور، عن أبي علي، عن جعفر بن تمام بن عباس، عن أبيه. ويقال: إن تماما كان أشد قريش بطشا، وكان أصغر ولد العباس، وليس يحفظ له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سماع، من وجه ثابت.

انتهى كلامه).

(2/69)

- صلى الله عليه وسلم - ولم يستاكوا. الحديث .. قولا بين فيه وهم ق في قوله في راوي هذا الخبر: سليمان بن كران، بالرأء الخفيفة والنون (2)، وحكى عن الأمير أبي نصر تقييده إياه بكاف مفتوحة وراء مشددة وآخره زاي، وأصاب فيما ذكر من ذلك، تم نقل كلام الأمير بالتعريف بأمره، وعمن حدث، ومن حدث عنه؛ فذكر فيمن حدث عنه. أحمد بن محمد بن عمر اليمامي (3) كِيلَجَة، ثم قال هذا ما ذكره به.

__________

وقد ختم ابن القطان كلامه على هذا الحديث ببيان حكمه عليه؛ فمن جعله من مسند العباس، كما ني رواية أبي حفص الأبار، فمداره فيها على أبي علي الصيقل، وهو مجهول، ومن جعل الحديث من مسند تمام بن العباس، فهو بالإضافة إلى كونه من رواية أبي علي الصيقل، خاف أن كون مرسلا، لعدم ثبوت صحبته.

- بيان الوهم. 1/ ل:. 5. ب. وكذا 2 / ل: 119. ب.

وقد بين الحافظ ابن حجر، في ترجمة أبي علي الصيقل، الإضطراب الحاصل في سند هذا الحديث؛ فقال: (فإن الحديث مشهور عن منصور (ابن المعتمر)، رواه عنه فضيل بن عياض، وجرير بن عبد الحميد، وزائدة، وشيبان بن عبد الرحمن، وقيل بن الربيع، وهؤلاء الثلاثة من أقران سفيان، ثم إن من سمينا رووه عن منصور، فلم يذكروا العباس في السند، بل تفرد بذكر العباس فيه: عمر بن عبد الرحمن الأبار).

- لسان الميزان 7/ 83.

والحديث أخرجه كذلك من طريق أبي علي الصيقل الرداد: أحمد (الفتح الرباني 1/ 292)، والطبراني فى الكبير، وأبو يعلى، والبيهقي، وقال: حديث مختلف في إسناده (السنن الكبرى 1/ 36).

- انظر مجمع الزوائد 2/ 97.

(2) سليمان بن كران، بكاف وراء خفيفة ونون، ذكر ابن حجر أنه كذلك عند بدء عبد الحق فى الأحكام الكبرى (اللسان 3/ 101)، وهو كذلك في الجرح والتعديل (2/ 72)، ووقع كذلك في نسخة عتيقة لضعفاء العقيلي كانت بيد ابن حجر.-حسب ما ذكره محقق الكتاب-

لكن الدارقطني فى المؤتلف والمختلف (4/ 1981) ذكره في باب كراز، فقال: (أما كراز، فهو سليمان بن كراز ..)، وكذلك الأمر في الضعفاء الكبير (2/ 138)، وقد قال محققه الدكتور عبد العطي أمير قلعجي: (سليمان بن كراز الطفاوي: فى النسخ الثلاثة المخطوطة التي بين يدي: كراز)، وهو كذلك في الإكمال، لإبن ماكولا، في باب كزاز وكراز (7/ 134)، ونقله عنه ابن القطان وصوبه، وكذلك هو: (سليمان بن كراز) فى توضيح المشتبه لإبن حجر 3/ 1189.

(3) أحمد بن محمد بن عمر بن يونس بن القاسم، الحنفي، اليمامي. قال عبد الرحمن: سألت أبي عنه، فقال: قدم علينا، وكان كذابا، وكتبت عنه، ولا أحدث عنه). وقال الدارقطني: (ضعيف، ومرة: متروك).- الجرح والتعديل 2/ 71 - المجروحين 1/ 143.

(2/70)

قال م: كذا قرأناه عليه وصححناه عنه، وهو وهم / نجعل له بالا حينئذ، ثم وقفنا عليه بعد ذلك في كتاب الأمير على الصواب؛ فإنه ذكره بالواو العاطفة هكذا: (وكِيلَجَة) (4) الملقب بهذا اللقب إنما هو: محمد بن صالح الأنماطي، أبو بكر الحافظ (5)، أحد مشايخ ابن الأعرابي، حدث عنه في معجمه. (6) اهـ

=========

( فهرس الكتاب - فهرس المحتويات )

بغية النقاد النقلة

(261) وقال (1) ما هذا نصه: (وذكر من طريق أبي داود عن عبد الرحمن ابن نريد، قال: استأذن علقمة والأسود على عبد الله؛ فذكر حديث صلاته بينهما (2).

قال ع: (كذا رأيته في نسخ، والذي وقع عند أبي داود هو: عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، قال: استأذن علقمة والأسو هكذا عنده، وهو قلق، فإن معناه استأذن علقمة والأسود -يعني نفسه- وصوابه الذي ينبغي أن يكون عليه: "عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد؛ قال: استأذن علقمة والأسود". والذي أورد أبو محمد لا هو ما وقع عند أبي داود، ولا هو إصلاح له) (3).

قال م: هذا ما ذكر بنصه، وعليه فيه أدراك ثلاثة:

__________

(4) الإكمال، لإبن ماكولا: 7/ 134.

(5) كِيلَجَة: محمد بن صالح البغدادي، الأنماطي، سمع من عفان بن مسلم، وسعيد بن أبي مريم، وعنه القاضي المحاملي. قال الخطيب: كان حافظا متقنا ثقة. وقال النسائي أحمد بن صالح بغدادي ثقة.

- سير أعلام النبلاء 12/ 524 - نزهة الألباب في الألقاب (ص: 143) - المغني في ضبط أسماء الرجال، لطاهر بن علي الهندي ص: 214.

(6) انظر كتاب المعجم، لأبي سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي. (ت 341 هـ) تحقيق د. أحمد ابن مير النلوشي. ا / 282 رقم النص 30.

تقدم الكلام على هذا الحديث في باب الإغفال من النقص من الأسانيد: (ح: 23).

(1) القائل هو ابن القطان.

(2) بيان الوهم والإيهام: باب ذكر رواة تغيرت أسماؤهم أو أنسابهم في نقله عما هي عليه (1/ ل:. 5. ب ..).

(3) نفس المرجع.

(2/71)

- أحدها ذكره هذا الخبر فى هذا/ 91. أ/ الباب، وليس فيه من عمل ق ما يقتضيه هذا الباب، وغاية جنايته التي من أجلها كتبه ع فيه أن نسب راويا فيه إلى جده، وهذا شائع لا حجر فيه إذا لم يكن فيه لبس، وهذا كذلك؛ فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب (4).

وقال ضمام بن ثعلبة: يا ابن عبد المطلب إني سائلك (5). وهذا كثير جدا، معمول به عند المحدثين وغيرهم، فالمؤاخذة بمثله ليس فيها درك.

- الثاني ما صوبه ورأى أنه حد الكلام الذي ينبغي أن يكون عليه، فإنه غلط إذ يصير به الإسناد منقطعا فيما بين عبد الرحمن بن الأسود، وعبد الله بن مسعود، فإن عبد الرحمن لم يدرك ابن مسعود، وإنما روي عن أبيه، أو عن علقمة عنه، فإذا أسقطنا من سند الحديث قوله: (عن أبيه) صار منقطعا بحيث يحكي قصة لم يشاهدها، بل لم تبلغ سنه زمانها.

وما ذكره ع من أن الواقع في كتاب أبي داود قلق، فليس فيه إلا وقوع الظاهر وقوع المضمر، كان له أنا يقول: "استأذنت أنا وعلقمة على عبد الله"، فقال: بدله (6): (استأذن علقمة والأسود -يعني نفسه-).

ووقوع الظاهر موقع المضمر سائغ أِيضا في الكلام، لا حجر فيه، نطق به التنزيل، قال الله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} (7)، {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا}

__________

(4) (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد الطب) جزء من حديث البراء بن عازب الذي أخرج البخاري في كتاب الجهاد، باب من قاد دابة في الحرب (الفتح 6/ 69 ح: 2864)، وأخرجه مسلم في كتاب الحهاد والسير، ياب في غزوة حنين (3/ 1400 ح: 78).

(5) ورد ذلك في حديث ضمام بن ثعلبة الذي أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب ما جاء في العلم وقوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه: 114) (الفتح 1/ 148 ح: 63).

(6) في المخطوط: بزيادة (فقال).

(7) سورة الروم، الآية: 27.

(2/72)

أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا}. الآية (8). في آي كثيرة.

وقال الشاعر:

لا أرى الموتَ يسبق الموتَ شيء ... نَغَّصَ الموتُ ذا الغِنَى والفَقِيرَا (9)

- الثالث أنه أغفل التنبيه على وهم ق فيه فيما أسقط من إسناده من رواية الأسود له عن عبد الله، فكان هذا الوهم من أحق ما يكتب في النقص من الأسانيد، فلم يتنبه له، بل وافقه عليه بتقديره الذي قدر صواب الكلام فيه، وقد/91. ب/ استدركنا منه ما أغفله. اهـ

(262) وقال (1) ما هذا نصه:

((وذكر من طريق مسلم عن أسامة بن زيد (2)، وسعيد بن عمرو بن نفيل (3)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء")) (4). (5)

__________

(8) سورة مريم، الآيات فى 8 - 92.

(9) جاء في كتاب سيبويه (1/ 62 ..):

((قال الشارع؛ وهو سواد بن عدي: لا أرى الموت ...)). فذكر البيت، وقد علق عليه محقق الكتاب بقوله: ((وكذلك هو في: شرح شواهد الغني للسيوطي ع: 296. لكن ورد في الخزانة (1/ 183): (سوادة بن عدي).

ويروي البيت المذكور لوالد سواد: (عدي بن زيد)، كما في الخزانة، وقد كسب إلى أمية بن أبي الصلت كما في الشنتمرى.

وشاهد هذا البيت إعادة الظاهر موضع المضمر؛ حيث ذكر لفظ (الموت) - ظاهرا -في البيت ثلاث مرات، ولم يعد عليه بضمير يقوم مقامه فى المرتين الأخيرتين)).

(1) أي ابن القطان.

(2) أسامة بن زيد بن حارثة, حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وابن حبه.- الإصابة 1/ 31.

(3) سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، أحد العشرة الشهود لهم بالجنة.- الإصابة 2/ 46.

(4) أخرجه مسلم فىكتاب الرقاق، باب أكثر أهل الجنة الفقراء .. (4/ 2098 ح: 98).

(5) بيان الوهم والإيهام، باب ذكر رواة تغيرت أسماؤهم وأنسابهم: (1/ ل: 52. ب).

(2/73)

قال ع: (كذا وقع في النسخ: (سعيد بن عمرو بن نفيل)، وصوابه: (سعيد ابن زيد بن عمرو بن نفيل)، وقد تقدم مثل هذا من النسبة إلى الجد، ومثله أيضا ما يأتي في باب الأحاديث التي ضعفها، ولم يبين عللها (6)، فإنه ذكر حديث: صلى في مسجد بني عبد الأشهل في كساء مُتَلَبِّبا به. من طريق البزار، من رواية إبراهيم بن أبي حبيبة، وهو عند البزار مبين في نفس الإسناد أنه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة) (7). (8)

ثم قال: (وكُل ما وقع من هذا النوع فإنما وقع خطأ أن يأتي رجل (9) قد وقع ذكره على الصواب منسوبا إلى أبيه، فيذكره هو منسوبا إلى جده، وإنما جرت العادة بأن نجد 5 منسوبا إلى جده)، فنبين أباه وجده (10).

قال م: وهذا أيضا كذلك، والمؤاخذة بمثله قريبة، ليس فيها كبير درك في المشاهير من الرواة كإبراهيم هذا، وعبد الرحمن بن الأسود التقدم وأمثالهما، وقد أطال ع القول في هذا وكرره، وعمل في غير حديث بما أنكر من هذا؛ مما لو تتبع سود صحفا كثيرة؛ ومن أقرب ذلك وأدناه إلى هذا الحديث ما مر له في هذا الباب نفسه، وقبل هذا بأحاديث يسيرة، ربما يقع مع هذا في صفحة واحدة، لما ذكر حديث الدارقطني: (إذا قرأتم الحمد فاقرؤوا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الحديث ... (11) فإنه ذكر إسناد الدارقطني فيه من طريق يحيى بن

__________

(6) بيان الوهم والإيهام (1/ ل: 226. أ ..).

(7) إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، مضت ترجمته.

(8) بيان الوهم .. (1/ 52. ب).

(9) الذي في: بيان الوهم .. (إلى رجل).

(10) المرجع السابق.

(11) الحديث أخرجه الدارقطني، وهذا نصه منه: (حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن مخلد، قالا: نا جعفر بن مكرم، ثنا أبو بكر الحنفي، ثنا عبد الحميد بن جعفر، أخبرني نوح بن أبي بلال، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قرأتم الحمد الله، فأقرءوا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إنها أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني؛ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إحداها".

قال أبو بكر الحنفي: ثم لقيت نوحا فحدثني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة بمثله، ولم يرفعه) اهـ.

(2/74)

محمد بن صاعد (12)، ثم قال إثره:

(وهكذا سواء حرفا بحرف ذكره أبو علي بن السكن، في كتاب السنن عن يحيى بن صاعد). اهـ (13)

قال م: فوقع فيما أنكر من حيث لم يشعر في هذين الإسمين الذين ذكر؛ فإن يحيى بن صاعد هو: يحيى بن محمد بن صاعد. وأبو علي بن السكن؛ هو أبوعلي: سعيد بن عثمان بن السكن/92. أ/ فنسب ع كل واحد منهما إلى جده، لا لأبيه، والصواب في هذا ما ذكرته أن يتسامح في هذا؛ في الرجال المشاهير، كما تقدم القول فيه، وكما تسامح هو في ابن الصاعد، وابن السكن، ويتقي ذلك في غير المشاهير، فإنه يكون فيه إبهام لأمرهم وتعمية لطريق تعرفهم، فاعلمه، وبالله التوفيق. اهـ

(263) وقال (1) ما هذا نصه: (وذكر من طريق أبي داود (2) عن خطاب

__________

- سنن الدارقطني: كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، في الصلاة .. (1/ 312 ح: 36).

وذكره عبد الحق في "الأحكام": كتاب الصلاة، باب الإحرام وهيئة الصلاة والقراءة والركوع (2 / ل: 84. ب).

ويتبين من هذا الحديث أنه اختلف على نوح بن أبي بلال فيه:

فرواه عبد الحميد بن جعفر عنه، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا. ورواه عنه أبو بكر الحنفي، وأسامة بن زيد به موقوفا.

وصب الدارقطني وقفه، وهو قول الزيلعي.

انظر: العلل، للدارقطني (3 / ل: 16. ب) - بيان الوهم .. (ا / ل: 51. أ ..).- نصب الراية 1/ 345.

(12) يحيى بن محمد بن صاعد، مضت ترجمته.

(13) بيان الوهم .. (1/ ل: 51. ب).

(1) أي ابن القطان.

(2) أخرجه أبو داود: كتاب العتق، باب في عتق أمهات الأولاد (4/ 262 ح: 3953)، وأخرجه أحمد والطبراني والدارقطني؛ كلهم من طريق ابن إسحاق عن خطاب بن صالح عن أمه سلامة بنت مغفل.

وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه. وقال الطبراني: تفرد ابن إسحاق بحديثه. وسلامة مجهولة لا تعرف. وقال الخطالي: إسناده ليس بذاك. وجعل ابن القطان علة هذا الحديث جهالة حال صالح بن خطاب وأمه.

- المؤتلف والمختلف 1/ 485 - بيان الوهم .. باب ذكر أحاديث عللها ولم يبين من أسانيدها مواضع العلل (1/ ل: 270. أ) - الفتح الرباني 14/ 162 - الإصابة 1/ 302.

(2/75)

ابن صالح؛ مولى الأنصار (3)، عن أمه (4)، عن سلامة بنت مغفل (5) - امرأة من خارجة قيس عيلان- قالت: قلت يا رسول الله: إني امرأة من خارجة قيس عيلان قدم بي (6) عمي المدينة، في الجاهلية، فباعني من الحتات بن عمرو (7) أخي أبي اليسر، فولدت له عبد الرحمن بن الحتات. الحديث ... (8). ثم قال ع: كذا رأيته في نسخ قد اعتني بضبطه، هكذا: بتاء مثناه مكررة، [وهو عين الخط،، وإنما هو الحباب -بباء موحدة مكررة-] (9)، وكذلك ذكره ابن الفرضي، وغيره (10).

قال م: وقوله في هذا (عين الخطإ) غلط كما نبينه الآن، إن شاء الله، فأقول: في هذا الحديث مواضع للتحقيق لم يعن ع بالكلام إلا على هذا الواحد منها:

- الأول منها ما ذكره في هذا الرسم (11)، وقد اختلف فيه المحققون، والمقيدون لأمثال ذلك، فقيده ابن الفرضي، وعبد الغني بن سعيد كما ذكره

__________

(3) خطاب بن صالح بن دينار، الأنصاري، الظفري، مولاهم، روى عن أمه) وعنه ابن إسحاق، مقبول، من السادسة./ د.- التقريب 1/ 224 - ت. التهذيب 3/ 126.

(4) في بيان الوهم .. : (عن أبيه) وهو خطأ.

(5) في بيان أبي داود - بإعداد وتعليق الدعاس-: (معقل).

(6) في بيان الوهم .. : (معي)، وهو خطأ.

(7) الحتات بن عمرو، أخو أبي اليسر، هكذا عند الدارقطني، في المؤتلف والمختلف (1/ 485)، والذهبي في التجريد (1/ 121)، وابن حجر في تبصير المنتبه (1/ 394) أورده هكذا: (الحتات)، ثم حكى تضعيف القول بأنه (الحباب)، لكنه ألبته في الإصابة (1550/ 1/ 302)، في باب (الحباب) بموحدتين، ثم ختم بتنبيه، نقل فيه عن الدارقطني أنه رأى الحباب بن عمرو هذا في كتاب على بن المديني بضم أوله ومثناتين، والمشهور أنه بموحدتين.

(8) بيان الوهم والإيهام: باب ذكر رواة تغيرت أسماؤهم وأنسابهم (1/ ل: 53. أ).

(9) سقط من المخطوط، يرجح أنه من الناسخ.

(10) بيان الوهم. (1/ ل: 53. ب).

(11) في الهامش: (الوجه في هذا الإسم).

(2/76)

ع، وقيده الدارقطني كما ذكره ق؛ وقال الدارقطني بعد ذكره باب حباب، باب حتات، فذكر الحتات بن يزيد المجاش عي (12)، ثم قال: (الحتات ابن عمرو الأنصاري أخو أبي اليسر كعب بن عمرو (13)، ثم ذكر هذا الحديث بإسناده، فهذا الدارقطني قد قيده بالتاء، كذا نقلته من خط أبي العباس الدلائي أحمد بن عمر بن أنس (14) في أصله من كتاب المؤتلف والختلف، للدارقطني؛ سماعه من الشيخ أبي ذر عبد بن أحمد الهروي (15). ويشهد لصحة ذلك ذكره معه في الباب: الحتات بن يزيد (*) المجاشعي، فإنه بالتاء التناة بلا خلاف. وذكره الأمير أبو نصر في باب الحتات، بالحاء المضمومة والتاء العجمة باثنتين من فوقها، وبعد الألف مثلها، وذكر هذا الحديث، ثم قال: (وقال عبد /92. ب/ الغني: هو الحباب بباء معجمة بواحدة، قال: وما قاله الدارقطني أولى، وهو ما قلناه قبل) (16). قال م: فهذا هو التحقيق في هذا الإسم إن شاء الله. اهـ

__________

(12) الحتات بن يزيد المجاشعي: تصحيفات المحدثين 2/ 417 - المؤتلف واالمختلف 1/ 484 - الأنساب 5/ 198 - تحريد أسماء الصحابة 1/ 121.

(13) المؤتلف والمختلف 1/ 484.

(14) بو العحاس، أحمد بن عمر بن أنس العذري، من أهل دلاية من عمل المرية، يعرف بابن الدلائي، رحل مع أبوكه إلى مكة، وجاور بها أعواما، فسمع الكثير من شيوخها والقادمين عليها، سمع من أبي ذر الهروي، وأبي بكر أحمد بن محمد البزار، المكي، وروى عنه كبار المحدثين، من أمثال ابن عبد البر، وأبي محمد بن حزم، وأبي علي الغساني، وتوفي سنة ثمان وسبعين وأربع مائة.

- جذوة المقتبس 1/ 213 - الإشراف على أعلى شرف ص: 93 .. - سنن أبي داود في الدراسات الغربية: إدريس خرشفي ص: 113.

(15) أبو ذر، هو: عبد بن أحمد. مضت ترجمته.

(*) فى المخطوط (زيد) والتصحيح من المؤتلف والمختلف، للدارقطني 1/ 484.

(16) الإكمال: ابن ماكولا 2/ 146.

(2/77)

- الموضع الثاني في تقييد اسم هذه المرأة واسم أبيها، فأما اسمها: فسلَامة، بتخفيف اللام، لم يختلف على ضبطه، كذلك في أصول عتق من سنن أبي داود، وكذلك في تاريخ البخاري (17)؛ أصل أبي عبد الله بن مفرج (18)، ولم يذكرها الدارقطني في باب سلَامة وسلَّامة من كتاب المؤتلف والمختلف، ولا الأمير أبو نصر، وذكرها أبو الوليد بن الفرضي، وقيدها بتخفيف اللام، ثم قال: وقد ضبطها شيخنا محمد بن أحمد في كتاب الصحابة لإبن السكن بالضم، ولا أرى ذلك محفوظا.

قال م: وشيخه هذا هو القاضي أبو عبد الله بن مفرج، وهذا الأصل هو روايتي عن أبي الربيع سليمان بن سالم الكلاعي الشهيد (19) -رحمة الله عليه-، فرأيته فيه كما قال، وقد طلس عليه بمداد فيه حمرة تبينت الضبط منه، فاعلمه. وأما اسم أبيها فإنا تلقيناه عن ع في قراءتنا هذا الحديث عليه: (مُغْفِل) هكذا، اسم فاعل من أغفل، وكذلك رأيته في نسخة أبي عمر بن عبد البر من سنن أبي داود، ورأيته في نسخة أبي علي الجياني (مغفل ومعقل)، بخطه الضبطان في التن، وكتب في الحاشية: (مغفل لإبن الأعرابي)، ورأيته بخط أبي عمر الباجي؛ أحمد بن عبد الله بن محمد بن شريعة (20) في أصله، معتنى به هكذا (مغفَّل)، وهو روأيته عن أبي عمر الصدفي (21) عن ابن الأعرابي. وذكر البخاري الخلاف في التاريخ في ذلك بالوجوه الثلاثة، كذلك صححته من أصل القاضي أبي عبد الله ابن مفرج، الذي صار أصلا لأبي علي الجياني، رحم الله جميعهم، وجميعنا بمنه؛ ذكره البخاري في باب خطاب بن صالح (22).

__________

(17) التاريخ الكبير، في ترجمة: خطاب بن صالح (3/ 201).

(18) أبو عبد الله بن مفرج: محمد بن أحمد بن يحيى -شيخ ابن الفرضي- وقد مضت ترجمته.

(19) أبو الربيع سليمان بن مرسى بن سالم الحميري، الكلاعي. تنظر ترجمته في الدراسة ضمن: (شيوخ ابن المواق).

(20) أبو عمر الباجي. مضت ترجمته.

(21) أبو عمر الصدفي: أحمد بن سعيد بن حزم المنتجيلي. مضت ترجمته.

(22) هذه الوجوه الثلاثة هي:

- سلامة بنت معقل أو مغفل -على الشك- قاله يعقوب بن إبراهيم ..

- سلامة بنت مغفل؛ قاله محمد بن مسلمة.

- سلامة بنت معقل: قاله يونس بن بكير عن ابن إسحاق.

انظر: التاريخ الكبير 3/ 201 رقم 685.

(2/78)

وقال أبو حاتم: سلامة بنت معقل أو مغفل (23).

قال م: وأرى الصواب فيه (معقل)؛ فإن هؤلاء الأئمة الذين تعرضوا /93. أ/ لتقييد مثل هذا لم يذكروه، وذلك لكثرة اسم معقل، فلو كان (مغفلا) أو (مغفلا) لذكروه لأنه قليل؛ فإنهم لم يذكروا ممن يسمى مُغْفِلا إلا هُبَيب بن مُغْفِل (24) الذي كان بطريق الإسكندرية، وهو أحد الصحابة - رضي الله عنهم -، ولا ممن يسمى (مُغْفِلا) إلا والد عبد الله بن مُغْفِل (25) وعقبه.

- الموضع الثالث فيما وقع في هذا الإسناد من قوله فيه: (عن خطاب بن صالح (26)، عن أمه، عن سلامة)؛ فإن فيه خلافا؛ إذ يقول فيه بعضهم: (عن أمه سلامة)؛ قال البخاري:

خطاب بن صالح عن أمه سلامة بنت مغفل أو معقل (27) شك يعقوب (28).

قال م: كذا قال البخاري، وتابعه عليه أبو حاتم، ولم يذكر يعقوب، قال

__________

(23) ذكر أبو حاتم ذلك في ترجمة خطاب بن صالح. (الجرح والتعديل 3/ 385).

(24) هُبَيب -بموحدتين، مصغرا- بن مُغْفِل -بضم أوله وسكون الغين وكسر الفاء- رضي الله عنه -، ويقال: إن مُغْفِلا جد أبيه، قاله أبو نعيم، وقال: هو ابن عمرو بن مغفل بن الواقفة بن حرام بن غفار الغفاري. كان قد اعتزل الفتنة بعد مقتل عثمان - رضي الله عنه -.

- ذكره ابن حجر ضمن القسم الأول من أقسام الإصابة: الإصابة 3/ 599 ترجمة 8934.

(25) مُغْفِل بن عبد نهم بن عفيف المزني. قال الحافظ ابن حجر: والد عبد الله بن مُغْفِل الصحابي المشهور .. مات عام الفتح قبل دخول مكة.

- ذكره الحافظ ابن حجر ضمن القسم الأول: الأصالة 3/ 451 ترجمة 8167.

وذكر الحافظ ابن حجر في هذا الباب: مغفل بن ضرار، وهو الشاعر الملقب بالشماخ، غير أنه لا ذكره بلقبه، في حرف الشين، قال: واسمه معقل.- الإصابة 3/ 451 - 2/ 154.

(26) في المخطوط: (بن القاسم)؛ ولعله وهم من الناسخ.

(27) الذي في مخطوط البغية: (بنت مغفل أو مغفل)، والصواب ما أثبتت. إذ لم يقل قائل بأن يعقوب شك في سلامة، هل هي بنت مغفل؟ أو مغفل؟. وانظر: التاريخ الكبير 3/ 201.

(28) يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو يوسف، المدني، نزيل بغداد، ثقة فاضل، مات سنة ثمان ومائتين. /ع.- التقريب 2/ 372.

(2/79)

البخاري: (قاله يعقوب عن أبيه إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق) (29).

قال م: فذكر أبو علي بن السكن رواية يعقوب هذه بخلاف ما ذكر البخاري عنه (30)، قال ابن السكن: حدثني أبو ذر أحمد بن محمد بن سليمان الباغندي (31)، قال: نا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم الزهري (32)، قال: نا عمي يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: نا أبي (33) عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني خطاب بن صالح، وكان ثقة، عن أمه، عن سلامة بنت معقل، قالت: قدم بي عمي الدينة في الجاهلية، فباعني من الحتات بن عمرو الحديث .. فهذا كما رواه محمد بن سلمة (34) عن محمد بن إسحاق عند أبي داود، فالله أعلم. اهـ

(264) وقال (1) ما هذا نصه: (وذكر أيضا من المراسيل عن صالح بن حسان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا محتزما بحبل أورق، فقال: "يا صاحب الحبل ألقه"). (2) ثم تكلم على الواقع من ذلك في المراسيل أنه صالح بن أبي

__________

(29) الذي في تاريخ البخاري: (قاله يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه ..). - التاريخ الكبير 3/ 201.

(30) رواية البخاري على الشك عند يعقوب (بنت معقل أو مغفل).

(31) أبو ذر، أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، سمع عبيد الله بن سعد الزهري ومحمد بن علي بن خلف، روى عنه أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، وأبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين.

قال الدارقطني: ما علمت فيه إلا خيرا. توفي سنة ست وعشرين وثلاث مائة.

- الأنساب 1/ 262.

(32) عبيد الله بن سعد بن إبراهيم الزهري، أبو الفضل البغدادي، قاضي أصبهان، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة ستين ومائتين./ ح دت س. - التقريب 1/ 533 - ت. التهذيب 7/ 15.

(33) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري، أبو إسحاق المدني، نزيل بغداد، ثقة، حجة، تكلم فيه بلا قادح، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومائة./ ع.- التقريب 1/ 35.

(34) محمد بن سلمة الباهلي، مضت ترجمته.

(1) أي ابن القطان: بيان الوهم والإيهام، باب ذكر رواة تغيرت أسماؤهم وأنسابهم في نقله عما هي عليه (1/ ل: 53. ب).

(2) تقدم هذا الحديث والكلام على الدركين الأولين منه: (ح: 258)

(2/80)

حسان، لا ابن حسان، وأن صالح بن حسان النَّضْري ضعيف، وابن أبي (3) حسان ثقة، وأن ابن أبي ذئب (4) روى عنهما.

قال م: عليه فيه أدراك:

- أحدهما قوله: (أورق)، فإنه تحريف لا وقع في كتاب المراسيل، وصوابه: (أبرق).

- الثاني أنه سقط له من متن الحديث لفظ؛ وهو 0 محرما)، فإنه هكذا في المراسيل وعند ق: (رأى رجلا محرما/93. ب/ محتزما بحبل أبرق).

- الثالث توثيقه لصالح بن أبي حسان مطلقا، كأنه مجمع على ثقته، (5) بل لا أعلم من وثقه إلا ما حكاه الترمذي عن البخاري، فإنه ذكر في كتاب اللباس الحديث الذي رويه سعيد بن محمد الوراق عن صالح بن حسان (6) عن عروة،

__________

(3) سقطت (أبي) من صلب من المخطوط، وصححت في هامشه.

(4) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي، تقدمت ترجمته في ص: 84.

(5) الكلام على توثيق ابن القطان لصالح بني أبي حسان مطلقا:

لم يرتض ابن المواق من ابن القطان توثيقه لصالح بن أبي حسان مطقا، وذكر أنه لم يعتمد في ذلك إلا على ما نقل الترمذي عن البخاري من توثيقه له، ثم نقل تضعيف أبي حاتم له، وقول النسائي فيه أنه مجهول.

قلت: بل ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الساجي: مستقيم الحديث. ومسلم لم يرو له في صلب صحيحه، لكنه روى له في مقدمة الصحيح عند التمثيل لأحاديث الرواة الثقات الذين اختلفت رواياتهم بالزيادة فى الأسانيد، وهذا نصه منه: وروى الزهري وصالح بن أبي حسان، عن أبي سلمة، عن عائشة، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل، وهو صائم.

ثم أورد مسلم رواية يحيى بن أبي كثير لنفس الخبر؛ فأدخل بين أبي سلمة وعاثشة رجلين هما: عمر بن عبد العزنى وعروة.

وقال الحافظ ابن حجر: صدوق. /ت س.

- انظر: مقدمة صحيح مسلم، باب صحة الإحتجاج بالحديث المعنعن ص: 32 - الجرح والتعديل 4/ 399 - الثقات 6/ 456 - التقريب 1/ 358 - ت. التهذيب 4/ 337.

(6) صالح بن حسان النضري، أبو الحارث المدني، نزيل البصرة، قال أحمد وابن معين: ليس بشيء.

وقال النسائي: متروك الحديث. وقال أبو داود: ضعيف، وقال في موضع آخر: فيه نكارة. وقال ابن عدي: وبعض أحاديثه فيها إنكار، وهو إلى الضعف أقرب. وقال ابن حبان: كان صاحب قينات وسماع، وكان ممن ......

(2/81)

عن عائشة؛ قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن أردت اللحوق بي فليكفيك من الدنيا كزاد الراكب، وإيالد ومجالسة الأغنياء، ولا تستخلفي ثوبا حتى ترقعيه)، ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صالح بن حسان؛ قال: وسمعت محمدا يقول: صالح بن حسان منكر الحديث، وصالح بن أبي حسان الذي روى عنه ابن أبي ذئب ثقة) (7).

قال م: فهذا الذي اعتمد ع عليه، ولم ينقل غير قول البخاري فيه، وقد ذكره ابن أبي حاتمْ، وحكى عن أبيه أنه سئل عنه، فقال: (ضعيف الحديث). وذكره النسائي فقال: صالح بن أبي حسان مجهول، روى عنه ابن أبي ذئب.

قال م: قول ع أبي ابن أبي ذئب روى عنهما إنما اعتنى بذلك؛ لأن هذا الحديث الذي ذكره ق من المراسيل، هو حديث يرويه ابن أبي ذئب عن صالح ابن أبي حسان، وصالح بن أبي حسان هذا لم يذكروه بنسبة إلى قبيل ولا إلى بلد، وذكروه بالرواية عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، وبرواية بكير بن الأشج (8) وابن أبي ذئب عنه كذلك ذكره البخاري، وتابعه أبو حاتم، ثم إن أبا

__________

يروي الموضوعات عن الإثبات. وقال الدارقطني: ضعيف. وختم الحافظ ترجمته بأنهم أجمعوا على ضعفه./ مد ت ق.

- التاريخ: يحيى بن معين 2/ 262، الضعفاء والمتروكون، للدارقطني ص: 246. الميزان 2/ 291، ت. التهذيب 4/ 336.

(7) هذا الحديث -والتعقيب الذي بعده- أخرجه الترمذي في كتاب اللباس، باب ما جاء في ترقيع الثوب (4/ 245 ح: 1780).

وذكره الشيخ الألباني في (الضعيفة) (ح: 1294) وقال: ضعيف جدا. أخرجه الترمذي، وابن سعد في الطقات، وابن أبي الدنيا في ذم الدنيا، وابن عدي في الكامل، والبغوي في شرح السنة؛ من طريق سعيد بن محمد الرزاق عن صالح بن حسان، عن عروة بن الزبير، عن عائشة مرفوعا، ثم نقل عن الترمذي تعقيبه عليه، وقول البخاري في حسان بن صالح: (منكر الحديث)، وذكر أن هذا القرل للبخاري فيه؛ يشعر أنه في منتهى الضعف عنده، على ما عرف هن اصطلاحه في هذه الكلمة.

(8) بكير بن عبد الله بن الأشج، مولى بني مخزوم، أبو عبد الله، أو أبو ووسف، المدني، نزيل مصر، ثقة من الخامسة، مات سنة عشرين ومائة، وقيل بعدها./ ع.

- التقريب 1/ 108

(2/82)

حاتم ضعفه كما تقدم من حكايتنا عنه، وخالفه البخاري فيما نقل الترمذي عنه

فوثقه، وخالفهما النسائي فقال: مجهول.

وأما صالح بن حسان الأنصاري، الدني، النضري، فمتفق على ضعفه ونكارة حديثه، وروايته عن محمد بن كعب القرضي وعزوة بن الزبير، وله عنهما مناكير، روى عنه سعيد بن محمد الوراق، وأنس بن عياض (9) وعائذ بن حبيب (10) وأبو يحيى الحماني (11)، وذكر أبو حاتم في جملة من روى عنه ابن أبي ذئب، وقال: إنه حجازي قدم بغداد، (12) وأما البخاري فلم يزد / 94. أ/ على أن قال: صالح بن حسان الأنصاري المدني عن محمد بن كعب منكر الحديث. (13) فقول أبي حاتم إن ابن أبي ذئب روى عنه أوجب في أمره إشكالا، وفيه عندي نظر، (14) فالله أعلم. اهـ

__________

هو: محمد بن كعب بن سليم، أبو حمزة القرظي، المدني، وكان قد نزل الكوفة مدة، ثقة عالم، من الثالثة، ولد سنة أربعين على الصحيح، مات سنة عشرين ومائة. /ع.

- التقريب 2/ 203.

(9) أنس بن عياض بن ضمرة، أبو عبد الرحمن الليثي، أبو حمزة المدني، ثقة من الثامنة، مات سنة مائتين، وله ست وتسعون سنة. اع.

- التقريب 1/ 390.

(10) عائذ -بغير إضافة- ابن حبيب بن الملاح: بفتح الميم وتشديد اللام، أبو أحمد الكوفي، ويقال أبو هشام، صدوق ورمي بالتشيع، من التاسعة. / س ق.

- التقريب 1/ 390.

(11) عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، أبو يحيى الكوفي، لقبه: بشمين، صدوق يخطئ ورمي بالإرجاء، من التاسعة، مات سنة اثنتين، ومائتين. / ح م د ت ق.

- التقريب 1/ 469.

(12) الجرح والتعديل 4/ 397.

(13) التاريخ الكبير 4/ 275.

(14) لما ترجم أبو حاتم لصالح بن حسان قال: (روى عنه ابن أبي ذئب ..). ولما تكلم ابن القطان على صالح بن حسان، وصالح بن أبي حسان قال: وكلاهما روى عنهما ابن أبي ذئب اهـ.

قلت: إنما يروي محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن صالح بن أبي حسان، لا ابن حسان، وقد نبه على ذلك الخطب عند ترجمته لصالح بن حسان.

- تاريخ بغداد 9/ 103.

(2/83)

(265) وقال (1) ما هذا نصه: (وذكر أيضا من طريق قاسم بن أصبغ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن، عن معلى بن عبد الرحمن الواسطي (2)، عن عبد المجيد، عن محمد بن قيس (3) عن ابن عمر أنه طلق امرأته، وهي حائض. الحديث .. (4).

ثم تكلم ع على وهم ق في قوله: (عبد المجيد)؛ وعرف أن صوابه عبد الحميد (5)؛ قال: (وهو ابن جعفر، وكذلك هو عند قاسم)، ومنسوب إلى أبيه جعفر في نفس الإسناد) (6)؛ قال (وقد رأيته في. بعض النسخ على الصواب، وإنما ذكرته رفعا للبس) (7).

قال م: بقي على ع أن ينبه على أمرين:

- أحدهما وهم آخر؛ من هذا الباب، اعترى ق في هذا الإسناد فلم يفعل، بل تابعه عليه فوهم كوهمه؛ وهو قوله: إبراهيم بن عبد الرحمن، فإن

__________

(1) أي ابن القطان.

الحديث أخرج من طريق كثيرة، وأخرجه من طريق نافع عن عبد الله بن عمر: مالك (2/ 576 ح: 53)، والبخاري (الفتح: 9/ 345 ح: 5251)، ومسلم (2/ 1093 ح: 1471)، وأبو داود (2/ 632 ح: 2179)، والنسائي (6/ 4446 ح: 33390)، والدارمي (2/ 160)، وابن ماجة (1/ 651 ح: 2019)، وعبد الرزاق (6/ 308 ح: 10952)، والدارقطني (4/ 7 ح: 15)، والطحاوي (3/ 53)، والبيهقي (7/ 323)، وابن حبان (10/ 77)، والطيالسي (ص: 253 ح: 3، 185)، وابن الجارود غوث المكدود (3/ 58 ح: 734).

وانظر طرقا أخرى للحدث في نصب الراية: (3/ 220).، وإرواء الغليل (ح: 2059).

ولم أقف على لفظ (في دمها) في غير رواية: قاسم بن أصبغ المذكورة.

(2) معلى بن عبد الرحمن الواسطي، متهم بالوضع، وقد رمي بالرفض، من التاسعة. / ق.

- التقريب 2/ 265.

(3) محمد بن قيس الهمداني، المُرهِبِي، الكوفي، مقبول، من الرابعة. / عس.

- تهذيب الكمال 62/ 321 - التقريب 2/ 202 - ت. التهذيب 9/ 367.

(4) بيان الوهم .. : باب ذكر رواة تغيرت أسماؤهم (1/ ل: 53. ب).

(5) عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله. مضت ترجمته.

(6) بيان الوهم .. : (1/ ل: 54.أ).

(7) نفس المصدر .. : (1/ ل: 54. أ).

(2/84)

الصواب فيه: ابن عبد الرحيم؛ وهو إبراهيم بن عبد الرحيم (8)؛ أبو إسحاق البغدادي الجمال -بالجيم- يعرف ب؛ (دنوقا)، وقال بعضهم: (ابن دنوقا)، كذلك قال ابن الأعرابي فيه؛ حدث عن زكرياء بن عدي (9) وإبراهيم بن مهدي (10)، ويحيى ابن قاسم السمسار (11)، والعلي بن عبد الرحمن الواسطي وغيرهم، حدث عنه قاسم بن أصبغ، وابن أبيمن (12)، وابن الأعرابي، وأبو بكر؛ يعقوب بن إبراهيم البزار (13)، المعروف بالجراب، وغيرهم، وهو ثقة روى توثيقه أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي (14) عن الدارقطني.

- الثاني تحريف وقع له في متن الحديث لا يخل بمعنى، فلعله نقله على

__________

(8) إبراهيم بن عبد الرحيم بن عمر أبو إسحاق البغدادي، ويعرف بابن دنوقا، سمع. من محمد بن سابق، وسهل بن عامر البجلي، روى عنه يحيى بن صاعد، وخلق كثير. قال الدارقطني: هو ثقة. توفي سنة تسع وسبعين ومائتين.

الثقات 8718 - تاريخ بغداد 6/ 135.

(9) زكرياء بن عدي بن الصلت، التيمي مولاهم، أبو يحيى، نزل بغداد، وهو أخة يوسف، ثقة جليل، يحفظ، من كبار العاشرة، مات سنة إحدى عشرة أبو اثنتي عشرة ومائتين/ بخ م مد ت س ق.

- التقريب 1/ 261.

(10) إبراهيم بن مهدي المصيصين بغدادي الأصل، مقبول من العاشرة، مات سنة أربع، وقيل: خمس وعشرين ومائتين. / د.

- التقريب 1/ 44.

(11) يحيى بن قاسم السمسار: لم أقف على ترجمته.

(12) هو محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج، القرطبي، تقدمت ترجمته.

(13) يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن عيسى بن البختري، أبو بكر البزار، يعرف بالجراب، سمع رزق الله بن موسى، والحسن بن عرفة، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين. قال الدارقطني: كان ثقة مأمونًا. توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة.

- تاريخ بغداد 4/ 293 .. - نزهة الألباب ص: 82.

(14) محمد بن الحسين بن محمد بن موسى، أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي، النيسابوري، حدث ببغداد عن شيوخ من خراسان؛ منهم: أبو العباس الأصم، كان ذا عناية بأخبار الصوفية صنف لهم سننا وتفسيرا وتاريخا، قال محمد بن يوسف القطان النيسابوري: (كان أبو عبد الرحمن السملى غير ثقة .. وكان يضع للصوفية الأحاديث). توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.

- تاريخ بغداد 2/ 248.

(2/85)

المعنى، وهو قوله: (وهي حائض)؛ فإن الواقع عند قاسم فيه (وهي في دمها حائض)، فسقط له منه (في دمها)؛ وبإيراد الحديث بإسناده ومتنه من مصنف قاسم يتبين ما ذكرته؛ قال قاسم: (نا إبراهيم بن عبد الرحيم؛ قال: نا معلى بن عبد الرحمن الواسطي؛ قال: نا عبد الحميد بن جعفر؛ قال: حدثني نافع، ومحمد بن قيس عن عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته / 94. ب/ وهي في دمها حائض، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يراجعها، فإذا طهرت مسها، حتى إذا طهرت مرة أخرى، فإن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها). اهـ

(266) وقال (1) في حديث عبد الملك بن عمير عن شبيب أبي روح، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة الصبح فقرأ الروم. الحديث ..

وفيما أتبعه ق من قوله: (2)

(قال أبو محمد بن أبي حاتم روح أبو شبيب شامي، ويقال: شبيب بن نعيم الوحاظي الحمصي)؛ كلامه إلى آخره ما هذا نصه:

"كذا وقع في نسخ، ولم أر خلافه في غيرها، وهو خطأ، وصوابه: أبو روح شبيب، وفي باب الشين ذكره أبو محمد بن أبي حاتم بالكلام الذي نقل أبو محمد -رَحِمَهُ اللهُ-" (3).

قال م: وكلامه أيضا إلى آخره، وهو كما قال، وقد أورده ع أولا فيما ذكر من إسناد الحديث على الصواب، وإنما ذكرته لأمرين:

- أحدهما التنبيه على أنه قد يوجد في بعض نسخ الأحكام على الصواب،

__________

(1) أي ابن القطان.

(2) الأحكام الشرعية: كتاب الصلاة، باب تكبيرة الإحرام ... (2/ لك 90. ب).

(3) بيان الوهم والإيهام: باب ذكر رواة تغيرت أسماؤهم أو أنسابهم في نقله عما. هي عليه (1/ ل: 51. ب).

(2/86)

وقد طالعت عليها نسخا كثيرة فألفيته في أكثرها كما ذكر ع، وألفيته في نسخة معتنى بها مقروءة على الأستاذ أبي ذر الخشني (4)، شيخنا -رَحِمَهُ اللهُ-، على الصواب هكذا: (أبو روح شبيب) مصححا عليه معتنى به، فظهر من العناية به أنه كان قد وقع فيه غلط، ثم روجع فيه الصواب، فلولا ذلك (5) ما اعتنى به. وذكره أولا على خلاف ذكره ثانيا مشعر بالتنبه إلى مراجعة الصواب فيه.

- الثاني: وهم آخر لم يشعر به ع، بل تابعه عليه فوهم كوهمه، وذلك نسبته القول الذي قاله في شبيب إلى أبي محمد ابن أبي حاتم، وهو لم يقله من عند نفسه، وإنما نقله عن أبيه إلا ذكر راو واحد ممن روى عن شبيب، وقد مضى هذا مبينا؛ في باب نسبة الأحاديث إلى غير روإتها في الفصل الذي ألحقته آخر الباب (6)، فاعلمه وبالله التوفيق. اهـ

(267) فصل في الإغفال الكائن من هذا الباب، من ذلك: / 95. أ / أن ق ذكر مرسل عبيد بن السباق في الحض على السواك (1)؛ من طريق مالك عن ابن شهاب، عن ابن السباق؛ ثم قال: (وقد رواه خالد بن يزيد بن سعيد الصباحى الأسكندراني عن مالك، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ووهم فيه، والصحيح: عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن السباق، كما تقدم؛ ذكر ذلك الدارقطني).

قال م: هكذا قال؛ وفيه وهمان:

- أحدهما تقدم ذكره في باب النقص من الأسانيد.

__________

(4) أبو ذر الخشني: هو مصعب بن محمد، تنظر ترجمته ضمن شيوخ ابن المواق.

(5) في المخطوط: (فذلك).

(6) (ح: 124).

(1) تقدم الكلام على هذا الحديث: (ح: 16).

سبق الحديث عنه

(2/87)

- الثاني قوله: (خالد بن يزيد)، والصواب: (أبو خالد، يزيد بن سعيد؛ وعلى الصواب وقع عند الدارقطني، وقد نقلنا كلام الدارقطني على الصواب في الباب المذكور. اهـ

(268) وذكر (1) من طريق الدارقطني (عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رعف في صلاته توضأ ثم بنى على ما بقى من صلاته، ثم قال في إسناده: عمر ابن (2) رباح متروك) (3).

قال م: هكذا ألفيته مضبوطا -بالباء بواحدة، وكسر الراء- فيما رأيت من نسخ كتاب "الأحكام" ممن ضبطه منهم؛ وهو وهم، والصواب فيه (رياح)

-بالياء باثنتين وكسر الراء- كذلك قيده العلماء بهذا الشأن، وعمر هذا هو أبو حفص الضرير؛ قال البخاري: (قال لي (4) عمرو بن علي: هو دجال) (5)، وإنما

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام)، وقد ذكره في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من القبلة والدم والقلس والضحك في الصلاة (1/ ل: 50. أ).

وأخرجه الدارقطني؛ وهذا سنده منه: حدثنا الحسن بن الخضر، نا إسحاق بن إبراهيم بن يونس، ثنا عمران بن موسى، نا عمر بن رياح، نا عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس؛ قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فذكره، ثم عقب عليه بقوله: عمر بن رياح متروك).

- سنن الدارقطني: باب ما روي في الوضوء من الخارج من البدن كالرعاف ... (1/ 156 ح: 25).

ورواه كذلك العقيلي في الضعفاء الكبير (3/ 160)، وابن عدي في الكامل (5/ 51)، كلهم من طريق عمر ابن رياح.

(2) في مخطوط البغية (ابن أبي).

عمر بن رياح، أبو حفص البصري الضرير، مولى عبد الله بن طاووس. قال النسائي: متروك. وقال العقيلي: منكر الحديث. وقال الحاكم أبو أحمد: ذاهب الحديث. وقال ابن حبان: (كان ممن روي الموضوعات على الإثبات، لا حل كتابة حديثه إلى على جهة التعجب). روى ابن عدي أحاديث من روايته، ثم قال: (ولعمر بن رياح غير ما دكرت من الحديث .. روي عن ابن طاووس بالبواطيل ما لا يتابعه، ثم قال: (ولعمر بن رياح غير ما ذكرت من الحديث .. روي عن ابن طاووس بالبواطيل ما لا يتابعه أحد عليه، والضعف بين في حديثه).

- التاريخ الصغير، للبخاري 2/ 216 - الجرح والتعديل 6/ 108 رقم 572 - المجموع في الضعفاء والمتروكين: ضعفاء النسائي - ص 181) - المجروحين، لإبن حبان 2/ 86 - الضعفاء والمتروكون: الدارقطني ص: 292

- المؤتلف والمختلف: للدارقطني 2/ 1040 - ميزان الاعتدال 3/ 197 - تبصير المنتبه 2/ 588 - ت. التهذيب 7/ 393.

(3) الأحكام (1/ ل: 50. أ).

(4) (لي) غير مثبتة عند البخاري.

(5) التاريخ الكبير 6/ 156. وانظر كذلك: الكامل 5/ 51،- ت. التهذيب 7/ 393.

(2/88)

أذكر مثل هذا مما يمكن أن يكون تغييره من النساخ ليعرف الصواب فيه. اهـ

(269) وذكر (1) من طريق الدارقطني ما هذا نصه:

(وعن إسماعيل بن خالد المخزومي، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة؛ قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا قد سخنت ماء في الشمس، فقال: "لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص" (2) -، ثم قال: إسماعيل متروك) (3).

قال م: قوله: (إسماعيل بن خالد) وهم، وصوابه: (خالد بن إسماعيل) (4)، وعلى الصواب وقع عند الدارقطني؛ قال: (نا الحسين بن إسماعيل (5) وآخرون؛ قالوا: نا سعدان بن نصر (6)؛ قال: نا خالد بن إسماعيل المخزومي؛ قال: نا هشام / 95. أ/ بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ قالت. وذكر الحديث)، ثم قال: (خالد ابن إسماعيل متروك) (7)، ومثل ذلك اعترى

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام) , وقد ذكره في كتاب الطهارة، باب ذكر المياه وبئر بضاعة (1/ ل: 53. أ).

وأخرجه الدارقطني في سننه: كتاب الطهارة، باب الماء المسخن (1/ 38 ح: 2).

ورواه ابن عدي؛ من طريق خالد بن إسماعيل المذكور، وقال أبو الوليد المخزومي يضع الحديث على ثقات المسلمين).

ورواه ابن الجوزي في الموضوعات من طرق أربعة, وبعد بيان ما في كل طريق منها من راو ضعيف, أو وضاع؛ قال: (ولا يصح في الماء الشمس حديث مسند؛ وإنما روي عن عمر بن الخطاب من قوله).

- الكامل (3/ 41)، الموضوعات (2/ 79).

(2) الأحكام: (1/ ل: 53. أ).

(3) نفس المصدر.

(4) خالد بن إسماعيل، أبو الوليد المخزومي، المدني، عن هشام بن عروة وابن جريج، وجماعة، وعنه العلاء بن مسلمة، وسعدان بن نص،, وجماعة. قال ابن حبان: (لا جوز الإحتجاج به بحال، ولا الرواية: عنه إلا على سبيل الإعتبار.

- المجروحين 1/ 277 - الضعفاء والمتروكين: الدارقطني ص: 202 - الميزان 1/ 267 - اللسان 2/ 372.

(5) الحسين بن إسماعيل المحاملي، تقدمت ترجمته.

(6) سعدان بن نصر البغدادي، روى عن سفيان بن عيينة, ومسكين بن بكير، وآخرين. قال ابن أبي حاتم: (سمعت منه مع أبي، وهو صدوق).

- الجرح والتعديل 4/ 290 ترجمة 1256.

(7) سنن الدارقطني (1/ 38 ح: 2).

(2/89)

أبا محمد في هذا الرجل لا ذكر من طريقه حديثه الآخر بهذا الإسناد؛ حديث: لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلا. الحديث .. وسيأتي ذكره في الفصل الذي بعد هذا إن شاء الله (8)، ووقع له ذكره على الصواب، في حديثه أيضا: (صلوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلوا وراء من قال: لا إله إلا الله): لا ذكره في الإمامة (9)، وحديث: إِنْ سركم أن تزكوا صلاتكم، فقدموا خياركم)؛ في ذلك الباب (10)، فإنه قال: في إسناده خالد بن إسماعيل، وهو ضعيف). اهـ

(270) وذكر (1) من طريق أبي أحمد حديث: من توضأ بعد الغسل فليس منا)، وساقه بقطعة من إسناده، هكذا من حديث سليمان بن أحمد (2)

__________

(8) البغية: فصل فيما اشتركا فيه من الوهم اللاحق لهما من باب الإغفال (ل: 100. ب).

(9) الأحكام الشرعية: كتاب الصلاة، باب الأمامة وما يتعلق بها (2 / ل: 51. ب). والحديث أخرجه ابن عدي في ترجمة خالد بن إسماعيل المذكور: الكامل: 3/ 43.

(10) الأحكام الشرعية (2 / ل: 51. أ). والحديث أخرجه ابن عدي؛ وقال: (وهذا الحديث عن ابن جريج بهذا الإسناد منكر). - الكامل: 3/ 42 -

(1) أي عبد الحق الإشبيلي -في (الأحكام)، وقد ذكره في كتاب الطهارة، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة (1/ ل: 84. ب).

رواه ابن عدي، وعقب عليه بقوله: (غريب جدا عن الوليد، وإن كان قد حدث به غير سليمان بن أحمد، ولسليمان بن أحمد أحادث أفراد غرائب حدث بها عنه علي بن عبد العزيز وغيره، وهو عندي ممن يسرق الحديث، ويشتبه عليه).

- (الكامل - ترجمة سليمان بن أحمد الواسطي - 3/ 293.

قال الهيثمي: (رواه الطبراني في الكبير والأوسط والصغير، وفي إسناد الأوسط والصغير، وفي إسناد الأوسط (وكذا الصغير) سليمان بن أحمد؛ كذبه ابن معين، وضعفه غيره، ووثقه عبدان).

وذكره السيوطي في الجامع الصغير وضعفه.

- الروض الداني إلى المعجم الصغير للطبراني 1/ 186 ح: 294 - مجمع الزوائد 1/ 273 - فيض القدير: المناوي 3/ 110.

(2) سليمان بن أحمد بن محمد الجُرَشي، الشامي، نزيل واسط، حدث عن الوليد بن مسلم ومحمد بن شعيب ابن شابور، وكان فهما حافظا، قدم بغداد، فكتب عنه بها أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين.

وكتب عنه أبو حاتم وابنه عبد الرحمن قديما، وتغير بأخرة واختلط بقاض كان علي واسط، قال ابن أبي حاتم:

(2/90)

الجُرَشي (3)؛ قال: (نا أحمد بن مسلم عن سعيد بن بشير (4) عن أبان بن تعلب (5) عن عكرمة، عن ابن عباس)، فذكره.

وقوله: (أحمد بن مسلم) تحريف في النقل؛ وصوابه: (الوليد بن مسلم) (6)؛ كذلك وقع عند أبي أحمد.

وسليمان بن أحمد الجُرَشي معروف بالرواية عن الوليد بن مسلم، وكلاهما شامي دمشقي، والجُرَشيون بالشام ينسبون إلى جُرَش، وهي مدينة باليمن.

وأحمد بن مسلم غير معروف في الروأة في هذه الطبقة، ولو كان معروفا فيهم لكتبناه في باب نسبة الأحاديث إلى غير رواتها. اهـ

__________

فلما كان في رحلتي الثانية قدمت واسطا فسألت عنه فقيل لي: تد أخذ في الشرب والمعازف والملاهي، فلم أكتب عنه. وقال صالح جزرة: هو كذاب. وقال النسائي: ضعيف.

وقال البخاري: فيه نظر. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم.

- الجرح والتعديل 4/ 101 - الضعفاء الكبير 2/ 122 - اللسان. 3/ 72.

الجُرَشي -بضم الجيم وفتح الراء وفي آخرها الشين المعجمة- هذه النسبة إلى بني جُرَش، بطن من حمير، قال ابن ماكولا: وهو منبه بن أسلم بن زيد بن غوث بن أيمن بن الهَمَيْسَع بن حمير. وقيل إن جُرَش موضع باليمن، ويحتمل أن تكون هذه القبيلة نزلت، فسمي بها.

الإكمال 2/ 74 - الأنساب 2/ 44.

(4) سعيد بن بشير الأزدي، ضعيف، مضت ترجمته.

(5) أبان بن تَغلب -بفتح المتناة- أبو سعد الكوفي، ثقة، تكلم فيه للتشيع، من السابعة، مات سنة أربعين ومائة. / 4.

- التقريب 1/ 30.

(6) الوليد بن مسلم، مضت ترجمته.

(2/91)

(271) وذكر (1) حديث تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة الغسل من الجنابة؛ من طريق أبي محمد؛ علي بن أحمد، ثم قال: (وهو حديث يروى من طريق عكرمة بن عمار، عن عبيد الله بن عبيد بن عمير أن عائشة)، ثم قال: (وعبيد الله لم يدرك عائشة).

قال م: هكذا ألفيته في نسخ (عبيد الله) مصغرا؛ وهو وهم؛ وصوابه: (عبد الله)؛ وعلى الصواب وقع عند أبي محمد بن حزم في "المحلى"، وفي "الإيصال" (2) / 96. أ/ فاعلمه. اهـ

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي، وهذا نصه من عنده: (وذكر أبو محمد علي بن أحمد بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم عائشة الغسل من الجنابة فقال لها، عليه السلام: "اغسل يديك" ثم قال لها: "تمضمضي، ثم استنشقي واستنثري، ثم اغسلي وجهك"، ثم قال: "اغسلي وجهك"، ثم قال: "اغسلي يديك إلى المرفقين"، ثم قال: "افرغي على رأسك"، ثم قال: "افرغي على جلدك"، ثم أمرها تدلك وتتبع يدها كل شيء لم يمسه الماء من جسدها، ثم قال: "يا عائشة افرغي على رأسك، ثم دلكي جلدك وتتبعي"). ثم قال عبد الحق: (وهو حديث يروى من طريق عكرمة بن عمار، عن عبد الله بن عبيد ..).

قلت: فتبين من ذلك أن مخطوط (الأحكام)، الذي بين يدي، فيه: (عبد الله بن عبيد بن عمير) -هكذا: (عبد) الأولى، مكبرا، وليس مصغرا- على الصواب.

- الأحكام الشرعية: كتاب الطهارة، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة (1/ ل: 86. أ).

والحديث أورده ابن حرم في معرض سوق أدلة من يقول بوجوب الدلك في الغسل، ثم رده منتقدا سنده بقوله: (وعكرمة ساقط، وقد وجدنا عنه حديثا موضوعا في نكاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم حبيبة بعد فتح مكة، ثم هو مرسل؛ لأن عبد الله بن عبيد بن عمير لا يدرك عائشة ... فسقط هذا الخبر).

المحلى: ابن حزم: كتاب الطهارة، صفة الغسل الواجبة (2/ 30، 32)، قلت: حمل ابن حزم على عكرمة بن عمار؛ فقد قال في (المحلى) أيضا (9/ 32): (عكرمة بن عمار ضعيف). وقال في (الأحكام): (منكر الحديث جدًا).

قال ابن حجر: صدوق، يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، ولم يكن له كتاب. / خت م 4. (التقريب 2/ 30).

وقال الذهبي: ثقة إلا في يحيى بن أبي كثير فمضطرب. (الكاشف 2/ 276).

وعليه فحديثه لا يرد على الجملة، بل مقبول من جهات، ومردود من جهة، كما قال الأئمة.

فلو رده ابن حزم لاضطراب حديثه، وكذا لإرساله، كما زعم، لكان أولى.

انظر: الميزان 3/ 90 - ت. التهذيب 7/ 232 - تجريد أسماء الرواة الذين تكلم فيهم ابن حزم جرحا وتعديلًا: عمر بن محمود أبو عمر .. ص: 186.

(2) لأبي محمد بن حزم مؤلفات كثيرة، منها: كتاب (الإيصال التي فهم كتاب الخصال الجامعة لجمل شرائع الإسلام، في الواجب والحرام والسنة والإجماع). انظر الدراسة.

(2/92)

(272) وذكر (1) من طريق أبي داود ما هذا نصه: وعن المغيرة بن أبي فروة، ويزيد بن مالك، أن معاوية توضأ للناس كما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فلما بلغ رأسه اغترف غرفة من ماء فتلقاها بشماله حتى وضعها على وسط رأسه، حتى قطر الماء، أو كاد يقطر الحديث .. (2)

هكذا وقع: (المغيرة بن أبي فروة (3)، ويزيد بن مالك) (4)، وهو وهم فيهما، والصواب: (المغيرة بن فروة، ويزيد بن أبي مالك) كذلك هو عند أبي داود، وكذلك ينبغي أن يكون؛ فإن المغيرة بن فروة؛ هو أبو الأزهر الدمشقي،

معروف بالرواية عن معاوية، ومالك بن هبيرة.

ويزيد بن أبي مالك؛ هو يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، قاضي الشام، وفقيه من كبار فقهائها، كان يفضل على مكحول في الفقه، وهو أحد من بعثه عمر بن عبد العزيز يفقه أهل البدو، وكفى بهذا تعديلا.

__________

(1) عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام): كتاب الطهارة، باب غسل اليد عند القيام من النوم (1/ ل: 67. أ).

وأخرج الحديث أبو داود: كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 98 ح: 124).

ومن طريقه أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 59).

وذكره الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

(2) وتتمة الحديث: (ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه).

(3) المغيرة بن فروة الثقفي، أبو الأزهر الدمشقي، ذكر روايته عن معاوية، ومالك بن هبيرة أبو حاتم نقلا عن أبيه.

قال الحافظ ابن حجر: (مقبول، من الثالثة. / د.

الجرح والتعديل 8/ 227 - التقريب 2/ 270.

(4) يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الهمداني، الدمشقي، القاضي، روى عن أبيه، وأنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع، وعنه ابنه خالد، والأوزاعي، وسعيد بن أبي عروبة. نقل الحافظ عن أبي مسهر عن سعيد بن عبد العزيز أن عمر بن عبد العزيز بعث يزيد بن أبي مالك إلى بني نمير يفقههم ويقرئهم، ثم نقل عنه قوله: لم يكن عندنا أعلم بالقضاء منه، لا مكحولا ولا غيره. مات سنة ثلاثين ومائة، أو بعدها. / د س ق.

- الجرح والتعديل 9/ 277 - التقريب 2/ 368 - ث. التهذيب 11/ 302.

(2/93)

وقال أبو داود: (نا مؤمل بن الفضل الحراني (5)؛ قال: نا الوليد بن مسلم؛ قال: نا عبد الله بن العلاء؛ قال: نا أبو الأزهر؛ المغيرة بن فروة، ويزيد بن أبي مالك؛ أن معاوية توضأ للناس. الحديث .. اهـ

(273) وذكر (1) من طريق الدارقطني هكذا: (من حديث محمد بن عبد الله بن نمير، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى صلاة مكتوبة، أو تطوعا (2) فليقرأ فيها بأم القرآن، وسورة معها الحديث .. (3) هكذا رأيته في نسخ كثيرة: (محمد بن عبد الله بن نمير) (4)، والصواب: محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، وعلى الصواب وقع عند الدارقطني، ورأيته في نسخة واحدة من "الأحكام" على الصواب، فكتبته مبينا لأمره ليرتفع اللبس، والله الموفق. اهـ

__________

(5) في المخطوط (الحواني)، والصواب ما أثبت.

وهو: مؤمل بن الفضل الحراني، أبو سعيد الجزري، صدوق، من العاشرة، مات سنة ثلاثين ومائة، أو قبلها. / د س.

- التقريب 2/ 290.

(1) أي عبد الحق في (الأحكام): كتاب الصلاة، باب تكبيرة الإحرام وهيئة الصلاة والقراءة والركوع (2 / ل: 88. أ). وفي النسخة التي بين يدي من الأحكام: (محمد بن عبد الله بن نمير).

وأخرجه الدارقطني وعقب عليه بقوله: (محمد بن عبد الله بن عبيد بن نمير: ضعيف).

سنن الدارقطني: كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة أم الكتاب في الصلاة وخلف الإمام (1/ 320 ح: 15).

(2) في المخطوط: (طوعا).

(3) وتتمة الحديث: (فإن انتهى إلى أم الكتاب فقد أجزأه، ومن صلى صلاة مع إمام جهر فليقرأ بفاتحة الكتاب في بعض سكتاته، فإن لم يفعل فصلاته خداج، غير تمام).

(4) محمد بن عبد الله بن عبيد بن نمير الليثي، المكي، ويقال محمد بن المحرم، روى عن عطاء، وابن أبي مليكة، وعنه النفيلي، وداود بن عمر الضبي وعدة، ضعفه يحيى بن معين. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي، والدارقطني: متروك. وقال أبو داود: ليس بثقة. وفرق ابن عدي بين محمد بن عبيد هذا، ومحمد المكي المحرم؛ فقال في الأول: وهو مع ضعفه يكتب حديثه. وقال ابن حجر: وهو واحد.

- تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين: ابن شاهين (ص: 163)، الكامل (6/ 220 ..)، اللسان (5/ 216).

(2/94)

(274) وذكر (1) حديث أنس في قصة سليك الغطفاني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمسك عن الخطبة حتى فرغ من صلاته، من / 96. ب/ طريق الدارقطني، هكذا عن عبيد بن محمد الغبري (2)؛ قال: نا معتمر (3) عن أبيه (4)، عن قتادة، عن أنس الحديث ..

والقصود منه قوله (الغبري)، فإنه غلط، والصواب فيه: (العبدي)، ولعل

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام): كتاب الصلاة، باب في الجمعة (3 / ل: 65. أ).

وأخرجه الدارقطني من حدث أنس؛ ولفظه: (دخل رجل من قيس، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ثم فاركع ركعتين" وأمسك عن الخطبة حتى فرغ من صلاته.

ثم عقب عليه الدارقطني مضعفا له؛ حيث قال: (أسند هذا الشيخ عبيد بن محمد العبدي، عن معتمر، عن أبيه، عن قتادة، عن أنس)، ووهم فيه، والصواب: (عن معتمر، عن أبيه مرسل)، كذا رواه أحمد ابن حنبل، وغيره عن معتمر).

- سنن الدارقطني: كتاب الجمعة، باب في الركعتين إذا جاء الرجل والإمام يخطب (2/ 15 ح: 9).

هكذا لم يَرد في هذه الرواية: اسم هذا الرجل الذي دخل المسجد، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب. وقد ورد التصريح باسمه؛ وأنه سُليك الغطفاني، عند الدارقطني، من عدة طرق، من حديث جابر.

- سنن الدارقطني 2/ 13 ... ح: 1، 2، 3.

ولا اختلاف بين الحديث الأول، الذي فيه (دخل رجل من قيس)، وبين حدث جابر المصرح فيه باسمه؛ لأن سليكا الغطفاني من قبيلة قيس، كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح (2/ 408).

وقد جاء التصريح بأنه سليك الغطفاني في حدث جابر عند مسلم: كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة (2/ 597 ح: 58/ 59)، وعند أبي داود: كتاب الصلاة، باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب (1/ 697 ح: 1117)، وعند أحمد (الفتح الرباني 6/ 77 ح: 1579)، وعند الحميدي ورد مبهما (دخل رجل المسجد)، لكنه عقبه: (قال سفيان: وسمى أبو الزبير في حديثه الرجل سليك بن عمرو الغطفاني) المسند (2/ 513 ح: 1223)، وورد مبهما في رواية البخاري: ولفظه: (جاء رجل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: أصليتَ يا فلان؟ قال: لا. قال: قم فاركع).

- كتاب الجمعة، باب إذا رأى الإمامُ رجلا، وهو يخطب أمره أن يصلي ركعتين: (الفتح 2/ 407 ح: 930).

وانظر كذلك: غوامض الأسماء المبهمة: لإبن بشكوال (1/ 62 ح: 3).

(2) عبيد بن محمد بن بحر العبدي، البصري، نزيل حمص، روى عن جعفر بن سليمان وأبي عوانة، روى عنه أبو حاتم، وقال: هو ثقة. الجرح والتعديل 6/ 3.

(3) معتمر بن سليمان التيمي، مضت ترجمته.

(4) سليمان بن طرخان التيمي، أبو المعتمر البصري، نزل في التيم فنسب إليهم، ثقة عابد، مات سنة ثلاث وأربعين ومائة. / ع.

- التقريب 1/ 326 - ت. التهذيب 4/ 176.

(2/95)

ذلك أيضا من النساخ، لكني قصدت بكتبه رفع اللبس فيه. اهـ

(275) وذكر (1) ما هذا نصه:

(وذكر أبو داود في المراسيل عن عمرو بن علي الثقفي؛ قال: لما نام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الغداة استيقظ فقال: "لنغيظن (2) الشيطان كما غاظنا" فصلى يومئذ بسورة المائدة في صلاة الفجر).

هكذا ذكره (عن عمرو بن علي الثقفي)، وهو وهم، والصواب فيه: (علي ابن عمرو الثقفي)، وعلى الصواب وقع في المراسيل، وقد ذكر هذا الوهم في باب المراسيل التي لم يعبها بسوى الإرسال، وهي معتلة بغيره (3)، وهو من هذا الباب. اهـ

(276) وذكر (1) من طريق أبي داود: حديث علي في زكاة المذهب والورق،

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام) في كتاب الصلاة، باب فيمن أدرك من الصلاة ركعة مع الإمام، وفيمن نام عن الصلاة أو نسيها (2/ ل: 16. ب).

وأخرجه أبو داود: في باب فيمن نام عن الصلاة: حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا جرير، عن علي ابن عمرو؛ فذكره.

- المراسيل (ص: 115 ح: 82).

(2) في المخطوط (لتغيظن)، والتصحيح من المراسيل.

(3) وذكره ابن القطان في باب المراسيل .. وبين أنه وقع في سائر نسخ (الأحكام): (وعمرو بن علي)؛ قال: (وليس ذلك بصحيح، والذي وقع في المراسيل إنما هو: علي بن عمرو، وأيهما كان فلا يعرف، بل لم يذكر في غير هذا الإسناد).

- ببيان الوهم والإيهام (1/ ل: 150. أ).

وقال الحافظ: علي بن عمرو الثقفي، مجهول، من السابعة، وقد أرسل حديثا./ مد.

- التقريب 2/ 42.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام)، في كتاب الزكاة، باب زكاة المذهب والورق (3 / ل: 95. ب).

وأخرجه أبو داود؛ وهذا نصه منه:

(حدثنا سليمان بن داود المهري، أخبرنا ابن وهب، أخبرني جرير بن حازم، وسمى آخر، عن أبي إسحاق, عن عاصم بن ضمرة، والحارث الأعور، عن علي - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ببعض أول هذا الحديث؛ قال:

(2/96)

وفيه: فما زاد فبحساب ذلك؛ قال: ولا أدري أعلي يقول بحساب ذلك، أو رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديث .. ثم قال بعد كلامه على هذا الحديث (2):

(وأما قوله: "فبحساب ذلك" فقد أسنده زيد بن حيان الرقي؛ وأصله كوفي، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة (3)، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ذكره أبو أحمد (5). وذكر توثيق يحيى بن معين زيد بن حبان (6).

__________

فإذا كانت لك مائتا درهم، وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء -يعني في المذهب- حتى يكون لك عشرون دينارا، فإذا كان لك عشرون دينارا، وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك.

قال: فلا أدري أعلي يقرل بحساب ذلك، أو رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول، إلا أن جريرًا قال: ابن وهب يزيد في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ليس في مال زكاة حتى حول عليه الحول).

كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة (2/ 230 ح: 1573).

(2) كلامه الذي أشار إليه الحافظ ابن المواق اختصره عبد الحق من كلام ابن حزم على هذا الحديث، وقد جاء في (المحلى):

(فإن ابن وهب عن جرير بن حازم، عن أبي إسحاق: قرن فيه بين عَاصم بن ضمرة وبين الحارث الأعور، والحارث كذاب، وبشير من الشيوخ يجوز عليهم مثل هذا؛ وهو أن الحارث أسنده، وعاصم لم يسنده، فجمعهما جرير، وأدخل حديث أحدهما في الآخر، وقد رواه عن أبي إسحاق عن عاصم، عن علي: شعبة وسفيان ومعمر؛ فاوقفوه على علي، وهكذا كل ثقة رواه عن عاصم).

قلت: ان ابن حزم عدل فما حكم عليه في شأن هذا الحديث، وكان الأجدر أن ينقل عبد الحق كلامه بكامله، أو على الأقل أن يشير التي ما ذهب إليه في آخر هذه المسألة من تصحيح الحديث المذكور؛ وقد قال ابن ضمرة في ذلك ما نصه:

(ثم استدركنا فرأينا أن حديث جرير بن حازم مسند صحيح، لا يجوز خلافه، وأن الاعتدال فيه بأن عاصم بن ضمرة، أو أبا إسحاق, أو جريرا خلط إسناد الحارث بإرسال عاصم: هو الظن الباطل الذي لا يجوز، وما علينا من مشاركة الحارث لعاصم، ولا لإرسال من أرسله .. وجرير ثقة، فالأخذ بما أسنده لازم، وبالله التوفيق).

- المحلى: زكاة المذهب 6/ 70، 74 المسألة: 683.

(3) عاصم بن ضمرة، السلولي، الكوفي، صدوق، من الثالثة، مات سنة أربع وسبعين ومائة. / 4.

- التقريب 1/ 384.

(5) الكامل 3/ 205.

(6) زيد بن حِبان -بكسر المهملة وبموحدة- الرقي، كوفي الأصل، مولى ربيعة، صدوق كثير الخطأ وتغير بآخره، من السابعة:، مات سنة ثمان وخمسين ومائة. / س ق.

- التقريب 1/ 273 - ت. التهذيب 3/ 349.

(2/97)

قال م: هكذا ألفيت هذا الإسم مقيدا في عدة نسخ من كتاب الأحكام (حيان) بالياء أخت الواو، وبفتح الحاء، وهو غلط، والصواب: (حبان) بالباء بواحدة، وكسر الحاء، وإنما كتبت هذا لأرفع اللبس فيه. اهـ

(277) وذكر (1) من طريق الدارقطني هكذا:

(عن أبي يزيد الضبي، عن ميمونة بنت سعد (2)، قالت: سئل رسول الله

__________

(1) أي ذكره عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام) في كتاب الصيام، باب في صيام يوم الشك (4 / ل: 27. ب ...).

وأخرجه الدارقطني في سننه: كتاب الصيام، باب القبلة للصائم (2/ 183 ح: 17، 18).

والذي عنده هكذا (أبو يزد الضبي)، وقال الدارقطني: (أبو يزد الضبي ليس بمعروف). وقال البخاري: (هكذا لا أحدث به، هو حدكث منكر، وأبو يزيد رجل مجهول).

وممن ذكره منسوبا إلى ضبة: البخاري في التاريخ الكبير (9/ 81)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 459)، والذهبي في (المغني في الضعفاء: 2/ 815) و (المقتنى في سرد الكنى 2/ 155)، و (الميزان 4/ 588). وذكره على الصواب منسوبا إلى ضِنَّة -بضاد مكسورة، فنون مشددة، فتاء-: مسلم في (الكنى والأسماء: 2/ 915) والدارقطني في (المؤتلف، والمختلف: 3/ 1464)، وعبد الغني بن سعيد الأزدي، وابن حجر في (تقريب التهذيب 2/ 490)، ومحمد طاهر الهندي في (المغني في ضبط أسماء الرجال ص: 156). وذكر الأمير -في الإكمال 5/ 215 - بطونا من العرب بهذا الإسم: فقال: (في قضاعة: ضنة بن سعد هذيم بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف. وفي عذرة: ضنة بن عبد بن كبير بن عذرة.

وفي بني أسد ابن خزيمة: ضنة بن الحلاف بن سعد بن ثعلبة بن دُودان بن أسد بن خزيمة. وفي الأزد: ضنة بن العاص بن عمرو بن مازن بن الأزد.

وذكر أبو سعد السمعاني أبا يزيد الضني؛ وقال: (يروي عن ميمونة مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، روى عنه زيد بن جبير، هكذا ذكره البصيري في "المضافات").

- الأنساب، باب الضاد والنون 4/ 23.

وانظر في: تبصير المنتبه بتحرير المشتبه (3/ 854) بعض بطون العرب المنسوبة إلى ضنة.

(2) ميمونة بنت سعد، ذكرها ابن سعد في (الطبقات الكبرى) (1/ 386)، والبلاذري في (أنساب الأشراف)، وابن الجوزى في (الوفا بأحوال المصطفى).- وابن سيد الناس في (عيون الأثر، والذهبي في (ترجمة أسماء الصحابة (2/ 306 رقم 3694) وابن كثير في (البداية: والنهاية)، ووقعت عند النووي في (تهذيب الأسماء واللغات) ابنة سعيد، وذكر القولين فيها ابن حجر (الإصابة) (4/ 413 ترجمة 1027)، وكذلك فعل السخاوي في (الفخر المتوالي فيمن انتسب للنبي ومن الخدم والموالي، للسخاوي (ص / 78)، خادمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعنها أيوب بن خالد بن صفوان، وطارق بن عبد الرحمن وآخرون. /4. وانظر كذلك: التقريب 2/ 614 - ت. التهذيب 12/ 481.

(2/98)

- صلى الله عليه وسلم - عن رجل قبل امرأته وهما صائمان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أفطرا جميعا" (3).

قال م: وهكذا أيضا ألفيت هذا مقيدا: (الضبي)، بفتح /97. ب/ الضاد وبالباء، منسوبا إلى بني ضبة، وهو غلط؛ وصوابه: (الضِّني) بكسر الضاد وبالنون، كذا قيده الدارقطني وغيره، وضنة في قبائل، ويظهر مما ذكر ابن الفرضي أنه منسوب إلى ضنة بن عبد بن كبير بن عذرة، من قضاعة، فاعلم ذلك. اهـ

(278) وذكر (1) من طريق أبي أحمد؛ من حديث المغيرة بن موسى بن أبي عثمان البصري -مولى عائذ- عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة:، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (لا نكاح إلا بولي وخاطب، وشاهدي عدل).

ثم قال: رواه عن المغيرة يعقوب بن الجراح، وهدبة بن عبد الوارث، وذكر كلامه إلى آخره، وفيما ذكرناه عنه وهمان كلاهما من هذا الباب:

- أحدهما قوله: (هدبه)، والصواب (هدية).

- الثاني قوله: (ابن عبد الوارث)، والصواب: (ابن عبد الوهاب)، وعلى الصواب وقع عند أبي أحمد، وهدية هذا مشهور من مشايخ بقي بن مخلد؛ وهو هدية بن عبد الوهاب؛ أبو صالح الكلبي المروزي، نزيل مكة، وهكذا قيده الدارقطني، وابن الفرضي، وعبد الغني، والأمير أبو نصر، وقد مضى ذكر هذا الحديث في باب نسبة الأحاديث إلى غير رواتها لأمر آخر اقتضاه لأجله ذلك الباب، فاعلمه، وبالله التوفيق. اهـ

__________

(3) في سنن الدارقطني بزيادة: (معا).

(1) أي عبد الحق الإشبيلي.

تقدم الكلام على هذا الحديث: (ح: 91).

(2/99)

(279) وذكر (1) ما هذا نصه: (ومن طريق وكيع يسنده إلى الحسن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من طلق لاعبا، أو أنكح أو نكح لاعبا أو أعتق لاعبا، فقد تم")، قال: (هذا مرسل، ويروى من طريق فيها إبراهيم بن محمد بن أبي ليلى (2)، وهو مذكور بالكذب. وعن ابن جريج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3). وهذا منقطع فاحش الإنقطاع. ذكر حديث وكيع وما بعده أبو محمد علي بن أحمد) (4).

قال م: وهكذا ذكره، وفيه وهمان:

- أحدهما قد بيناه في الباب الذي قبل هذا، فأغنى ذلك عن ذكره.

- الثاني وهو لهذا الباب؛ قوله: (إبراهيم بن محمد بن أبي ليلى)، والصواب: ابن أبي يحيى).

وإبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي هو / 97. ب/ المذكور بالكذب، فأما إبراهيم

__________

(1) أي عبد الحق الإشبيلي.

تقدم الكلام على مرسل الحسن: (ح: 243).

(2) الذي في (المحلى) لإبن حزم: إبراهيم بن محمد بن أبي ليلى)، كما نسب ابن المواق لعبد الحق في أحكامه، قد بحثت عن إبراهيم بن محمد أبي ليلى، في كتب الرجال، فلم أقف على ذكر له، سواء رواية، أو تعديلا، أو تجريحا، والمعروف أن صفوان بن سليم يروى عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهذا يؤكد ما ذهب اليه ابن المواق من أنه كذلك، وليس إبراهيم بن محمد بن أبي ليلى، ولعل الوهم كان في نسخة (المحلى) التي نقل منها عبد الحق، لأن نفس الوهم في طبعة (المحلى) التي بين يدي.

إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، أبو إسحاق المدني (ق): قال ابن حزم: كذاب (المحلى 4/ 227، 7/ 8، 9/ 207، 419، 10/ 293)، وقال كذلك: متروك متهم (المحلى 9/ 6). وقال الذهبي: تركه جماعة، (ضفعه آخرون للرفض والقدر (المغني 1/ 23). وقال البخاري: جهمي تركه ابن المبارك والناس. وقال يحيى ابن سعيد: كنا نتهم. إبراهيم بالكذب (التاريخ الصغير 2/ 234).

- عن: تجريد أسماء الرواة الذين تكلم فيهم ابن حزم جرحًا وتعديلا، لعمر بن محمد، وحسن محمود أبو هنية ص: 36.

وانظر كذلك: الضعفاء الكبير 1/ 62 - المجروحين 1/ 105 - الميزان 1/ 57 - ت. التهذيب 1/ 137.

(3) في مثله.

(4) المحلى: أحكام الطلاق 10/ 204: المسألة: 1966.

(2/100)

ابن محمد بن أبي ليلى فغير معروف؛ ولا مذكور لا بالصدق، ولا بالكذب، وإنما جنى عليه هذا الوهم أبو محمد بن حزم؛ فإنه وقع عنده في "المحلى" كذلك، وكثيرا ما يجني عليه، وهذا الحديث معروف من رواية ابن أبي يحيى، رواه عبد الرزاق (5)، عن إبراهيم بن محمد، وهو ابن أبي يحيى، عن صفوان ابن سليم (6) أن أبا ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من طلق وهو لاعب، فطلاقه جائز، ومن أعتق وهو لاعب، فعتقه جائز، ومن نكح وهو لاعب فنكاحه جائز) (7). اهـ

__________

(5) المصنف: عبد الرزاق: كتاب النكاح، باب ما يجوز من اللعب في النكاح والطلاق (6/ 134 ح: 10249).

(6) صفوان بن سليم، مضت ترجمته.

(7) سند الحددث واه جدا؛ لما تقدم في ابن أبي يحيى الأسلمي.

لكن له شواهد؛ منها ما رواه الطبراني من حديث فضالة بن عبيد، ولفظه: (ثلاث لا يجوز اللعب فيهن: الطلاق، والنكاح، والعتق)، وفيه عبد الله بن لهيعة، وهو صدوق لكنه اختلط بعد احتراق كتبه.

انظر: مجمع الزوائد: كتاب الطلاق، باب فيمن طلق لاعبا 4/ 335.

ومنها حديث أبي هريرة: (ثلاث ليس فيهن لعب، من تكلم بشيء منهن لاعبا فقد وجب عليه؛ الطلاق، والعتاق، والنكاح)، وفيه غالب بن عبيد الله؛ وقد روي عن يحيى بن معين أنه ليس بثقة، وروى له ابن عدي غير هذا الحديث، وقال: وله أحادث منكرة المتن مما لم أذكره).

- الكامل: 5/ 6 (ترجمة غالب بن عبيد الله).

ولحديث أبي هريرة طرق آخر، لكن بلفظ: (ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق والنكاح والرجعة).

وأخرجه أبو داود (ح: 2194)، والترمذي (ح: 1184)، وابن ماجة (ح: 2039)، وابن الجارود (ح: 712)، والدارقطني (256/ 3 .. ح: 45، 46، 47، 48)، والطحاوي (3/ 98)، والحاكم (2/ 198) كلهم من طريق عبد الرحمن بن حبيب بن أردك، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن ماهك، عن أبي هريرة مرفوعا.

وقال الترمذي: (حدث حسن غريب).

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وعبد الرحمن بن حبيب من ثقات المدنيين). لكن الذهبي تعقبه بقوله: (فيه لين).

وقال ابن القطان معقبا على تحسين الترمذي السابق: فابن أردك، وإن كان روى عنه جماعة، إسماعيل بن جعفر، والدرارودي، وسليمان بن بلال، فإنه لا تعرف حاله.

- بيان الوهم والإيهام، باب ذكر أحاديث عللها، ولم يبين من أسانيدها مواضع العلل (1 / ل: 259. أ).

قال الحافظ: ابن أردك مختلف فيه، قال النسائي: منكر الحديث، ووثقه غيره، فهو على هذا حسن. اهـ

قلت: نعم، وثقه ابن حبان، والحاكم، خلافا لمن ذكر أنه انفرد بتوثيقه ابن حبان. فالحديث حسن.

وللحديث شاهد من حدث أبي الدرداء موقوفا عليه: (ثلاث اللاعب فيهن كالجاد: النكاح، والطلاق، والعتاقة. (أخرجه عبد الرزاق ح: 10245)، وسعيد بن منصور في سننه، ولفظه عنده:

(280) وذكر (1) ما هذا نصه: (وذكر أبو عمر في التمهيد؛ قال: روى بقية (2) عن زرعة (3) عن عمران بن الفضل (4)، عن زياد، عن ابن عمر، عن رسول الله؛ قال: (العرب أكفاء بعضها لبعض ...) الحديث. (5)

__________

(ثلاث لا يلعب بهن، اللعب فيهن والجد سواء: 

 

الطلاق والنكاح والعناق): (1/ 370 ح: 1604)، وأبو بكر بن أبي شيبة بلفظ نحوه: (كتاب الطلاق، من قال ليس في الطلاق والعتاق لعب (5/ 105).

وله شواهد غير ما ذكر، انظر: نصب الراية 3/ 294 - التلخيص الحبير 3/ 209 - التعليق المغني على الدارقطني 3/ 256 - إرواء الغليل 6/ 224 ح: 1826 - غوث المكدود 3/ 44.

(1) أي عبد الحق الإشبيلي في (الأحكام): كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، ونكاح ذات الدين، وما جاء في الأكفاء (6/ ل: 2. أ).

وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (19/ 165).

(2) بقية بن الوليد، تقدم أنه صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء.

(3) زرعة بن عبد الله بن زياد الزبيدين روى عن عمران بن أبي الفضل، وعن بقية. قال أبو حاتم: شيخ مجهول ضعيف الحديث.

- الجرح والتعديل 3/ 606.

(4) الذي في التمهيد: (عمران بن الفضل). وهو وهم لا شك في ذلك، ولا عبرة بهذه الطبعة فهي كثيرة الأخطاء.

وعمران بن أبي الفضل. قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: روى عنه إسماعيل بن عياش حديثين موضوعين. وقال ابن الجارود: ليس بشيء. وقال العقيلي: حديثه غير محفوظ، روى مناكير. وذكره الساجي في الضعفاء. وروى له ابن عدي عدة أحاديث؛ منها حديث الباب، وقال: ولعمران غير ما ذكرت، وضعفه بين على حديثه.

- الكامل 5/ 49 .. - لسان الميزان 4/ 349.

(5) وتتمة الحديث: (قبيلة لقبيلة، وحيى لحي، ورجل لرجل، إلا حائك وحجام).

ولهذا الحديث عدة طرق كلها ضعيفة، منها:

الطريق الأول: بقية عن زرعة عن عمران بن أبي الفضل عن نافع عن ابن عمر مرفوعا؛ أخرجها كذلك ابن أبي حاتم، وابن عدي، وابن الجوزي.

قال ابن عبد البر: حدث منكر موضوع. وعد ابن عدي إسناد هذا الحديث منكرا. وقال ابن الجوزي: لا يصح، وأعله بعمران.

الطريق الثاني: ابن جريج عن ابن أبي مليكة، عن ابن عمر مرفوعا، مثله. رواه بهذا السند ابن عبد البر، وابن أبي حاتم، وابن عدي. قال ابن عبد البر: ولا يصح أيضا عن ابن جريج. وقال أبو حاتم هذا كذب، لا أصل له، وقال في موضع آخر: باطل أنا نهيت ابن جريج أن يحدث به.

- التمهيد 19/ 165 - علل الحديث: 1/ 412 ح: 1236 - الكامل 5/ 95 - العلل المتناهية: حدث في ذكر الأكفاء 2/ 617 ح: 1017.

هكذا ألفيته في نسخ، وفيه وهمان؛ كلاهما من هذا الباب:

- أحدهما قوله: (عن زياد)، وإنما هو: (عن نافع).

- الثاني قوله: (عن عمران بن الفضل)، وإنما هو: (ابن أبي الفضل)، وقد ذكر ع هذا الحديث في الدرك الثالث، وساقه على الصواب (6)، والله أعلم.

وأراه نقله من عند أبي عمر بن عبد البر، ولم يلق بالا لما وقع عند ق فيه. اهـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج2. باقي صحيح السيرة النبوية تحقيق الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.}

  ج2. صحيح السيرة {ج2. باقي صحيح السيرة النبوية  تحقيق  الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.} صفحة رقم -130 - قال : قلت : من غف...