الأحاديث من 1001 إلى 1100.
1001 " كان يركع قبل الجمعة أربعا , و بعدها أربعا لا يفصل بينهن " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/45 ) :
$ باطل .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/172/1 ) عن بقية بن الوليد , عن مبشر
ابن عبيد عن الحجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن # ابن عباس # مرفوعا .
و رواه ابن ماجه في سننه ( 1/347 ) من هذا الوجه دون قوله : " و بعدها أربعا "
و قال الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/206 ) :
سنده واه جدا , فمبشر بن عبيد معدود في الوضاعين , و حجاج و عطية ضعيفان .
و قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 72/1 ) :
هذا إسناد مسلسل بالضعفاء , عطية متفق على تضعيفه , و حجاج مدلس , و مبشر بن
عبيد كذاب , و بقية بن الوليد يدلس تدليس التسوية , و صلاته صلى الله عليه وسلم
بين الأذان و الإقامة يوم الجمعة متعذر ; لأنه كان بينهما الخطبة , فلا صلاة
حينئذ بينهما , نعم بعد إحداث عثمان للأذان على الزوراء , يمكن أن يصلي سنة
الجمعة قبل خروج الإمام للخطبة .
قلت : و لكنه لم يرد إطلاقا أنه كان بين أذان عثمان و الخطبة وقت لصلاة أربع
ركعات سنة الجمعة المزعومة , و لا ورد أيضا أنهم كانوا يصلونها في عهده رضي
الله عنه , فبطل الاحتمال المذكور , على أنه لو ثبت وجود مثل هذا الوقت , لم
يدل ذلك على جواز إحداث عبادة لم تكن في عهده صلى الله عليه وسلم , بخلاف إحداث
عثمان للأذان , فإنه كان من باب المصالح المرسلة , كما حققت ذلك كله في رسالتنا
الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة , فليراجعها من شاء , فإن فيها
تحقيقا لكثير من المسائل المتعلقة بصلاة الجمعة , و كأنه لما سبق ذكره حكم بعض
الأئمة على هذا الحديث بالبطلان , فقال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري "
: سنده واه ; قال النووي في الخلاصة : إنه حديث باطل .
و قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 1/170 ) :
هذا الحديث فيه عدة بلايا , ثم أطال في بيان ذلك بما خلاصته ما نقلناه عن
البوصيري من العلل الأربع , و من العجيب أن يخفى ذلك على الحافظ الهيثمي , فإنه
قال في " المجمع " ( 2/195 ) :
واه الطبراني في " الكبير " , و فيه الحجاج بن أرطاة و عطية العوفي و كلاهما
فيه كلام , ففاته ذكر العلتين الأخريين , لا سيما التي سببها مبشر بن عبيد
الكذاب الوضاع , ثم تلطف جدا في تضعيف الحجاج و عطية , فأوهم أن الضعف في إسناد
الحديث يسير , و ليس بشديد , فكان من نتائج ذلك أن جاء من بعده صاحب " جمع
الفوائد " فلخص كلام الهيثمي بقوله فيه ( 1/268 ) :
للكبير بلين ! , فأفصح بذلك عما يدل عليه كلام الهيثمي مما أشرنا إليه من الضعف
اليسير , و ذلك خطأ منه جر إلى خطأ أوضح بسبب التقليد , و عدم الرجوع في
التحقيق إلى الأصول , و إلى أقوال الأئمة الفحول , والله المستعان .
و أما قول المناوي في " فيض القدير " بعد أن نقل عن الحافظين العراقي و ابن حجر
أنهما قالا في حديث ابن ماجه : سنده ضعيف جدا , و بعد أن بين وجه ذلك بنحو ما
سبق , قال متعقبا على السيوطي :
قد أساء التصرف حيث عدل لهذا الطريق المعلول , و اقتصر عليه , مع وروده من طريق
مقبول , فقد رواه الخلعي في فوائده من حديث علي كرم الله وجهه , قال الحافظ
الزين العراقي : إسناده جيد .
فأقول : إنني في شك من ثبوت ذلك عن علي , و إن كان العراقي قد تابعه على هذا
القول تلميذه البوصيري , و قد وجدت في كلام هذا ما فتح الطريق علي لتحقيق شكي
المشار إليه , فقد قال في " الزوائد " ( ق 72/1 ) بعد أن أعل إسناد ابن ماجه
على ما نقلته عنه :
رواه أبو الحسن الخلعي في " فوائده " بإسناد جيد , من طريق أبي إسحاق عن عاصم
عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم , و هكذا قال أبو زرعة في " شرح التقريب " و الظاهر أن البوصيري نقله عنه .
قلت : و المعروف من هذه الطريق عن علي بلفظ :
" كان يصلي قبل الظهر أربع ركعات " , هكذا أخرجه أحمد و غيره , فهو المحفوظ
والله أعلم .
و لئن صح ما عند الخلعي فهو محمول على ما قبل الأذان و صعود النبي صلى الله
عليه وسلم على المنبر لفقدان المحل كما تقدم بيانه , والله ولي التوفيق .
و كتاب الخلعي المذكور منه أجزاء مخطوطة في المكتبة الظاهرية , و ليس في شيء
منها هذا الحديث لننظر في إسناده , ثم وقفت عليه عند غيره , فتأكدت مما ذهبت
إليه هنا أنه غير معروف , فانظر الحديث الآتي برقم ( 5290 ) إن شاء الله تعالى
, و قد روي الحديث عن ابن مسعود أيضا , و سنده ضعيف منكر , كما يأتي بيانه بلفظ
: " كان يصلي قبل الجمعة أربعا .."رقم( 1016 ) .
1002 " كان يسبح بالحصى " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/47 ) :
$ موضوع $ .
رواه أبو القاسم الجرجاني في " تاريخ جرجان " ( 68 ) من طريق صالح بن علي
النوفلي : حدثنا عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي : حدثنا ابن المبارك عن
سفيان الثوري عن سمي عن أبي صالح عن # أبي هريرة # مرفوعا .
قلت : و هذا موضوع , آفته القدامي - نسبة إلى قدامة بن مظعون - و هو متهم , قال
الذهبي في " الميزان " : أحد الضعفاء , أتى عن مالك بمصائب .
ثم ذكر بعض مصائبه !
و في " اللسان " : ضعفه ابن عدي و الدارقطني .
و قال ابن حبان : يقلب الأخبار , لعله قلب على مالك أكثر من مائة و خمسين حديثا
, و روى عن إبراهيم بن سعد نسخة أكثرها مقلوب , و قال الحاكم و النقاش : روى
عن مالك أحاديث موضوعة , و قال أبو نعيم : روى المناكير .
قلت : و صالح بن علي النوفلي لم أجد من ترجمه , و هذا الحديث يخالف ما ثبت عن
عبد الله بن عمرو , قال :
" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه " .
أخرجه أبو داود ( 1/235 ) بسند صحيح , و حسنه النووي في " الأذكار " ( ص 23 ) ,
و كذا الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " ( ق 18/1 ) , و عزاه الأول للنسائي
, و هو عنده ( 1/198 ) ضمن حديث , و كذلك أخرجه في عمل اليوم و الليلة ( 819 )
, و ثبت عند أبي داود أيضا و غيره , أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن
يعقدن بالأنامل و قال : " فإنهن مسؤولات مستنطقات " , و صححه الحاكم و الذهبي .
فهذا هو السنة في عد الذكر المشروع عده , إنما هو باليد , و باليمنى فقط ,
فالعد باليسرى أو باليدين معا , أو بالحصى كل ذلك خلاف السنة , و لم يصح في
العد بالحصى فضلا عن السبحة شيء , خلافا لما يفهم من " نيل الأوطار " و " السنن
و المبتدعات " و غيرهما , و قد بسطت القول في ذلك في رسالتنا " الرد على
التعقيب الحثيث " , فليرجع إليها من شاء التوسع في ذلك , و استرواح بعض
المعاصرين إلى الاستدلال بعموم حديث " الأنامل " و غيره غفلة منه , لأنه عموم
لم يجر العمل به , و تجاهل منه لحديث العقدة باليمين , لا يليق بمن كان من أهل
العلم , فتنبه و لا تكن من الغافلين .
1003 " بل لنا خاصة . يعني فسخ الحج إلى العمرة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/49 ) :
$ ضعيف $ .
أخرجه أصحاب " السنن " إلا الترمذي و الدارمي و الدارقطني و البيهقي و أحمد
( 3/468 ) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن # بلال بن الحارث # عن أبيه
قال :
قلت : يا رسول الله ! فسخ الحج لنا خاصة ? أم للناس عامة ? قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف , فإن الحارث هذا لم يوثقه أحد , بل أشار الإمام أحمد إلى
أنه ليس بمعروف , و ضعف حديثه هذا كما يأتي .
و قال الحافظ في " التقريب " :
مقبول , يعني عند المتابعة , و إلا فلين الحديث , كما نص عليه في المقدمة .
و أما ما نقله الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 4/280 ) عن الحافظ أنه قال في
الحارث هذا : من ثقات التابعين , فإن صح هذا عنه , فهو من أوهامه , لأنه لو كان
ثقة عنده لوثقه في " التقريب " , و لذكر من وثقه في أصله " التهذيب " ,
و كل ذلك لم يكن , بل قال أبو داود في " المسائل " ( ص 302 ) :
قلت لأحمد : حديث بلال بن الحارث في فسخ الحج ? قال : و من بلال بن الحارث أو
الحارث بن بلال ? ! و من روى عنه ? ! ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة ,
و هذا أبو موسى يفتي به في خلافة أبي بكر , و صدر خلافة عمر .
و قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 1/288 ) :
و أما حديث بلال بن الحارث , فلا يكتب ; و لا يعارض بمثله تلك الأساطين الثابتة
, قال عبد الله بن أحمد : كان أبي يرى للمهل بالحج أن يفسخ حجه إن طاف بالبيت و
بين الصفا و المروة , و قال في المتعة : هو آخر الأمرين من رسول الله صلى الله
عليه وسلم , و قال صلى الله عليه وسلم : " اجعلوا حجكم عمرة " <1> , قال
عبد الله : فقلت لأبي : فحديث بلال بن الحارث في فسخ الحج ? يعني قوله : " لنا
خاصة " قال : لا أقول به , لا يعرف هذا الرجل ( قلت : يعني ابنه الحارث ) , هذا
حديث ليس إسناده بالمعروف , ليس حديث بلال بن الحارث عندي بثبت .
قال ابن القيم :
و مما يدل على صحة قول الإمام , و أن هذا الحديث لا يصح , أن النبي صلى الله
عليه وسلم أخبر عن تلك المتعة التي أمرهم أن يفسخوا حجهم إليها أنها لأبد الأبد
, فكيف يثبت عنه بعد هذا أنها لهم خاصة ? ! هذا من أمحل المحال , و كيف يأمرهم
بالفسخ , و يقول : " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " <2> , ثم يثبت عنه
أن ذلك مختص بالصحابة , دون من بعدهم ? فنحن نشهد بالله أن حديث بلال بن الحارث
هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو غلط عليه .
و أما ما رواه مسلم في " صحيحه " و أصحاب " السنن " و غيرهم عن أبي ذر أن
المتعة في الحج كانت لهم خاصة , فهذا مع كونه موقوفا , إن أريد به أصل المتعة ,
فهذا لا يقول به أحد من المسلمين , بل المسلمون متفقون على جوازها إلى يوم
القيامة , و لذلك قال الإمام أحمد :
رحم الله أبا ذر هي في كتاب الرحمن : *( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج )* .
و إن أريد به متعة فسخ الحج , احتمل ثلاثة وجوه من التأويل , ذكرها ابن القيم ,
فليراجعها من شاء , فإن غرضنا هنا التنبيه على ضعف هذا الحديث الذي يحتج به من
لا يذهب إلى أفضلية متعة الحج و يرى الإفراد أو القران أفضل , مع أن ذلك خلاف
الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة استقصاها ابن القيم في " الزاد
" فلتطلب من هناك .
و قال ابن حزم في " المحلى " ( 7/108 ) :
و الحارث بن بلال مجهول , و لم يخرج أحد هذا الخبر في صحيح الحديث , و قد صح
خلافه بيقين , كما أوردنا من طريق جابر بن عبد الله أن سراقة بن مالك قال
لرسول الله إذ أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة : يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد
? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" بل لأبد الأبد " . رواه مسلم " .
و بهذه المناسبة أقول : من المشهور الاستدلال في رد دلالة حديث جابر هذا و ما
في معناه على أفضلية التمتع , بل وجوبه بما ثبت عن عمر و عثمان من النهي عن
متعة الحج , بل ثبت عن عمر أنه كان يضرب على ذلك , و روي مثله عن عثمان <3> ,
حتى صار ذلك فتنة لكثير من الناس و صادا لهم عن الأخذ بحديث جابر المذكور
و غيره , و يدعمون ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء
الراشدين " , و قوله : " اقتدوا باللذين من بعدي , أبي بكر و عمر " , و نحن
نجيب عن هذا الاستدلال غيرة على السنة المحمدية من وجوه :
الأول : أن هذين الحديثين لا يراد بهما قطعا اتباع أحد الخلفاء الراشدين في
حالة كونه مخالفا لسنته صلى الله عليه وسلم باجتهاده , لا قصدا لمخالفتها ,
حاشاه من ذلك , و من أمثلة هذا ما صح عن عمر رضي الله عنه أنه كان ينهى من لا
يجد الماء أن يتيمم و يصلي <4> !! و إتمام عثمان الصلاة في منى مع أن السنة
الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم قصرها كما هو ثابت مشهور , فلا يشك عاقل ,
أنهما لا يتبعان في مثل هذه الأمثلة المخالفة للسنة , فينبغي أن يكون الأمر
هكذا في نهيهما عن المتعة للقطع بثبوت أمره صلى الله عليه وسلم بها .
لا يقال : لعل عندهما علما بالنهي عنها , و لذلك نهيا عنها , لأننا نقول :
قد ثبت من طرق أن نهيهما إنما كان عن رأي و اجتهاد حادث , فقد روى مسلم ( 4/46
) و أحمد ( 1/50 ) عن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة , فقال له رجل : رويدك
ببعض فتياك , فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد , حتى لقيه بعد
, فسأله , فقال عمر : قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعله و أصحابه ,
و لكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك , ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم .
و رواه البيهقي أيضا ( 5/20 ) .
و هذا التعليل من عمر رضي الله عنه إشارة منه إلى أن المتعة التي نهى عنها هي
التي فيها التحلل بالعمرة إلى الحج كما هو ظاهر , و لكن قد صح عنه تعليل آخر
يشمل فيه متعة القران أيضا فقال جابر رضي الله عنه :
تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما قام عمر قال :
إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء , و إن القرآن قد أنزل منازله , فأتمموا
الحج و العمرة لله كما أمركم الله , فافصلوا حجكم من عمرتكم ; فإنه أتم لحجتكم
, و أتم لعمرتكم .
أخرجه مسلم و البيهقي ( 5/21 ) .
فثبت مما ذكرنا أن عمر رضي الله عنه تأول آية من القرآن بما خالف به سنته
صلى الله عليه وسلم فأمر بالإفراد , و هو صلى الله عليه وسلم نهى عنه , و نهى
عمر عن المتعة , و هو صلى الله عليه وسلم أمر بها , و لهذا يجب أن يكون موقفنا
من عمر هنا كموقفنا منه في نهيه الجنب الذي لا يجد الماء أن يتيمم و يصلي ,
و لا فرق .
الثاني : أن عمر رضي الله عنه , قد ورد عنه ما يمكن أن يؤخذ منه أنه رجع عن
نهيه عن المتعة , فروى أحمد ( 5/143 ) بند صحيح عن الحسن أن عمر رضي الله عنه
أراد أن ينهى عن متعة الحج , فقال له أبي : ليس ذاك لك , قد تمتعنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم , و لم ينهنا عن ذلك , فأضرب عن ذلك عمر .
قلت : الحسن - و هو البصري - لم يسمع من أبي , و لا من عمر , كما قال الهيثمي (
3/236 ) , و لولا ذاك لكان سنده إلى عمر صحيحا , لكن قد جاء ما يشهد له , فروى
الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1/375 ) بسند صحيح عن ابن عباس قال :
" يقولون : إن عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة , قال عمر رضي الله عنه : لو
اعتمرت في عام مرتين ثم حججت لجعلتها مع حجتي " .
رواه من طريق عبد الرحمن بن زياد قال : حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال : سمعت
طاووسا يحدث عن ابن عباس .
قلت : و هذا سند جيد رجاله ثقات معروفون , غير عبد الرحمن بن زياد و هو الرصاصي
, قال أبو حاتم : صدوق , و قال أبو زرعة : لا بأس به , و لم يتفرد به , فقد
أخرجه الطحاوي أيضا من طريق أخرى عن سفيان عن سلمة بإسناده عنه قال : قال عمر :
فذكر مثله , و سنده جيد أيضا , و قد صححه ابن حزم فقال ( 7/107 ) في صدد الرد
على القائلين بمفضولية المتعة , المحتجين على ذلك بنهي عمر عنها :
هذا خالفه الحنفيون و المالكيون و الشافعيون ; لأنهم متفقون على إباحة متعة
الحج , و قد صح عن عمر الرجوع إلى القول بها في الحج , روينا من طريق شعبة عن
سلمة بن كهيل عن طاووس عن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب : لو اعتمرت في سنة
مرتين ثم حججت لجعلت مع حجتي عمرة , و رويناه أيضا من طريق سفيان عن سلمة بن
كهيل به , و رويناه أيضا من طرق , فقد رجع عمر رضي الله عنه إلى القول بالمتعة
اتباعا للسنة , و ذلك هو الظن به , رضي الله عنه , فكان ذلك من جملة الأدلة
الدالة على ضعف حديث الترجمة , و الحمد لله رب العالمين .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] انظر كتابي " حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها جابر رضي الله عنه "
. اهـ .
[2] انظر المصدر السابق . اهـ .
[3] انظر المحلى ( 7/107 ) . اهـ .
[4] أخرجه الشيخان في " صحيحيهما " . فانظر كتابي " مختصر صحيح الإمام البخاري
" رقم ( 191 ) و " صحيح مسلم " ( 1/193 ) . اهـ .
#4#
1004 " إذا دخلت على مريض فمره أن يدعو لك , فإن دعاءه كدعاء الملائكة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/53 ) :
$ ضعيف جدا $ .
رواه ابن ماجه ( 1/440 ) : حدثنا جعفر بن مسافر : حدثني كثير بن هشام : حدثنا
جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن # عمر بن الخطاب # قال : قال لي النبي
صلى الله عليه وسلم . فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا , و له علتان :
الأولى : الانقطاع بين ميمون و عمر , و به أعلوه , فقال البوصيري في " الزوائد
" ( ق 90/1 ) :
هذا الإسناد رجاله ثقات <1> , إلا أنه منقطع , قال العلائي في " المراسيل " ,
و المزي في " التهذيب " : إن رواية ميمون بن مهران عن عمر مرسلة .
و قال المنذري في " الترغيب " ( 4/164 ) :
و رواته ثقات مشهورون , إلا أن ميمون بن مهران لم يسمع من عمر , و تبعه الحافظ
في " الفتح " فقال ( 10/99 ) :
أخرجه ابن ماجه بسند حسن لكن فيه انقطاع , و غفلوا جميعا عن العلة الأخرى ,
و هي : الثانية : و هي أن راويه عن جعفر بن برقان ليس هو كثير بن هشام كما هو
ظاهر هذا الإسناد , بل بينهما رجل متهم , بين ذلك الحسن بن عرفة فقال : حدثنا
كثير بن هشام الجزري عن عيسى بن إبراهيم الهاشمي عن جعفر بن برقان عن ميمون بن
مهران به , أخرجه ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( ص 178 ) .
و عيسى هذا قال فيه البخاري و النسائي :
منكر الحديث , و قال أبو حاتم : متروك الحديث , فلعله سقط من رواية جعفر بن
مسافر وهما منه , فقد قال فيه الحافظ :
صدوق ربما أخطأ , ثم رجعت إلى " التهذيب " فرأيته قد تنبه لهذه العلة , فقال
متعقبا لقول النووي الذي نقلته عنه آنفا :
فمشى على ظاهر السند , و علته أن الحسن بن عرفة رواه عن كثير , فأدخل بينه
و بين جعفر رجلا ضعيفا جدا , و هو عيسى بن إبراهيم الهاشمي . كذلك أخرجه ابن
السني و البيهقي من طريق الحسن , فكأن جعفرا كان يدلس تدليس التسوية , إلا أني
وجدت في نسختي من ابن ماجه تصريح كثير بتحديث جعفر له , فلعل كثيرا عنعنه فرواه
جعفر عنه بالتصريح , لاعتقاده أن الصيغتين سواء من غير المدلس , لكن ما وقفت
على كلام أحد وصفه بالتدليس , فإن كان الأمر كما ظننت أولا , و إلا فيسلم جعفر
من التسوية و يثبت التدليس في كثير , والله أعلم .
قلت : لكن أحدا لم يصف أيضا بالتدليس كثيرا هذا , فالأقرب أن جعفرا وهم في سنده
; فأسقط عيسى منه كما سبق مني , فإنه موصوف بالوهم كما عرفت من " تقريب "
الحافظ , و سلفه في ذلك ابن حبان , فإنه قال فيه في " الثقات " :
كتب عن ابن عيينة , ربما أخطأ .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] هكذا في نسختنا من " الزوائد " , و نقل السدي عنه أنه قال : إسناده صحيح
, و رجاله ثقات إلا أنه ... " و ما في نسختنا أقرب إلى المعروف في استعمالاتهم
. اهـ .
#1#
1005 " اكشف الباس , رب الناس ! عن ثابت بن قيس بن شماس " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/55 ) :
$ ضعيف $ .
أخرجه أبو داود ( 2 / 337 - طبع الحلبي ) و ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 1418 -
موارد ) عن يوسف بن محمد بن # ثابت بن قيس بن شماس # عن أبيه عن جده عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس و هو مريض , فقال :
فذكره , ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح , ثم نفث عليه بماء فصبه عليه ,
و لفظ ابن حبان : فجعله في قدح فيه ماء فصبه عليه " , لم يذكر النفث .
قلت : و هذا سند ضعيف علته يوسف بن محمد , و قلبه بعض الرواة فقال : محمد بن
يوسف , قال أبو داود : و الصواب الأول .
قلت : و هو مجهول العين , أورده ابن أبي حاتم ( 4/228 ) و لم يذكر فيه جرحا
و لا تعديلا , و قال الذهبي في " الميزان " : لا يعرف حاله , روى عنه عمرو بن
يحيى بن عمارة .
قلت : الصواب عدم ذكر لفظ ( حاله ) , فإنه إذا كان لم يرو عنه غير عمرو هذا فهو
مجهول العين كما قلنا , و ليس مجهول الحال كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث .
و أما الحافظ فقال في " التقريب " : مقبول , يعني عند المتابعة و إلا فلين
الحديث كما نص عليه في المقدمة .
و اعلم أننا إنما أوردنا هذا الحديث لما في آخره من جعل البطحان ( و هو الحصا
الصغار ) في القدح إلخ , فإنه غريب منكر , و أما الدعاء " اكشف الباس رب
الناس " , فهو ثابت من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ : " كان يعود بعض أهله ,
يمسح بيده اليمنى و يقول : اللهم رب الناس , أذهب الباس , و اشفه أنت الشافي ,
لا شفاء إلا شفاؤك , شفاء لا يغادر سقما " .
أخرجه الشيخان و غيرهما , و له فيهما و في " المسند " طرق ( 6/44 , 45 , 50 ,
108 , 109 , 114 , 115 , 120 , 124 , 125 , 127 , 131 , 208 , 260 , 278 ,
280 ) .
1006 " نعم العبد صهيب , لو لم يخف الله لم يعصه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/56 ) :
$ لا أصل له $ .
قال السخاوي في " الفتاوي الحديثية " ( 12/2 ) : قد اشتهر في كلام الأولين
و أصحاب المعاني و العربية من حديث # عمر بن الخطاب # و ذكر الشيخ بهاء الدين
السبكي أنه لم يظفر به في شيء من الكتب , و كذا قال جمع من أهل اللغة , ثم رأيت
بخط شيخنا رحمه الله أنه ظفر به في " مشكل الحديث " لأبي محمد بن قتيبة , لكن
لم يذكر له ابن قتيبة إسنادا , و قال : أراد أن صهيبا إنما لم يعص الله حياء
لا مخافة عذابه , انتهى .
و قد وقعت على معنى ذلك من قول عمر <1> رضي الله عنه , إلا أنه في حق سالم مولى
أبي حذيفة , فروى أبو نعيم في " الحلية " من طريق عبد الله بن الأرقم :
حضرت عمر عند وفاته مع ابن عباس و المسور بن مخرمة , فقال : رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : إن سالما شديد الحب لله عز وجل , لو كان لا يخاف ما
عصاه , و سنده ضعيف .
قلت : بل هو موضوع ; لأنه في " الحلية " ( 1/177 ) معلق من طريق محمد بن إسحاق
عن الجراح بن منهال عن حبيب بن نجيح عن عبد الرحمن بن غنم قال :
قدمت المدينة في زمان عثمان , فأتيت عبد الله بن الأرقم فقال : حضرت عمر رضي
الله عنه عند وفاته مع ابن عباس و المسور بن مخرمة , فقال عمر : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره , فلقيت ابن عباس فذكرت ذلك له , فقال : صدق ,
انطلق بنا إلى المسور بن مخرمة حتى يحدثك به , فجئنا المسور , فقلت : إن
عبد الله بن الأرقم حدثني بهذا الحديث , قال : حسبك لا تسل عنه بعد عبد الله بن
الأرقم .
قلت : فهذا إسناد هالك , مسلسل بالعلل :
الأولى : أنه معلق غير متصل .
الثانية : أن محمد بن إسحاق مدلس و قد عنعنه .
الثالثة : أن الجراح بن المنهال متهم بالكذب , و كنيته أبو العطوف , قال
البخاري و مسلم : منكر الحديث .
و قال النسائي و الدارقطني : متروك .
و قال ابن حبان : كان يكذب في الحديث , و يشرب الخمر .
الرابعة : جهالة حبيب بن نجيح , قال أبو حاتم ( 1/2/110 ) :
مجهول , و لا يعتبر برواية أبي العطوف عنه , يعني لضعف أبي العطوف .
و كذا قال الذهبي في " الميزان " : مجهول .
و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين !
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] كذا الأصل و الظاهر أن الصواب " حديث عمر " لأنه مرفوع كما سترى . اهـ .
#1#
1007 " أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح , فهو لها , و ما
كان بعد عصمة النكاح , فهو لمن أعطيه , و أحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته
" .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/58 ) :
$ ضعيف $ .
أخرجه أبو داود ( 2129 ) و النسائي ( 2/88 - 89 ) و ابن ماجه ( 1955 )
و البيهقي ( 7/248 ) و أحمد ( 2/182 ) عن ابن جريج عن # عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده # مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ; لأن ابن جريج مدلس و قد عنعنه .
و قد تابعه مدلس آخر و هو الحجاج بن أرطاة فقال : عن عمرو بن شعيب به و لفظه :
ما استحل به فرج المرأة من مهر أو عدة , فهو لها , و ما أكرم به أبوها أو أخوها
أو وليها بعد عقدة النكاح , فهو له , و أحق ما أكرم الرجل به ابنته أو أخته .
أخرجه البيهقي .
تنبيه : استدل بعضهم بهذا الحديث على أنه يجوز لولي المرأة أن يشترط لنفسه
شيئا من المال ! و هو لو صح كان دليلا ظاهرا على أنه لو اشترط ذلك لم يكن المال
له بل للمرأة , قال الخطابي :
هذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر , و قد اعتاد كثير من الآباء
مثل هذا الشرط , و أنا و إن كنت لا أستحضر الآن ما يدل على تحريمه , و لكني أرى
- و العلم عند الله تعالى - أنه لا يخلو من شيء , فقد صح أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق , و لا أظن مسلما سليم الفطرة ,
لا يرى أن مثل هذا الشرط ينافي مكارم الأخلاق , كيف لا , و كثيرا ما يكون سببا
للمتاجرة بالمرأة إلى أن يحظى الأب أو الولي بالشرط الأوفر , و الحظ الأكبر ,
و إلا أعضلها ! و هذا لا يجوز لنهي القرآن عنه .
1008 " لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما , يعني أبا بكر و عمر رضي الله عنهما " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/59 ) :
$ ضعيف $ .
رواه أحمد ( 4/227 ) عن شهر بن حوشب عن # عبد الرحمن بن غنم # أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر و عمر : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف , شهر ضعيف لسوء حفظه , و أعله الهيثمي في " المجمع "
( 9/53 ) بعلة أخرى فقال :
رواه أحمد و رجاله ثقات , إلا أن ابن غنم لم يسمع من النبي صلى الله عليه
وسلم .
و لا يخفى ما في قوله : " و رجاله ثقات " من البعد عن الصواب , فإن شهرا لا يصح
أن يوصف بكونه ثقة , و فيه الكلام المعروف عن جماعة من الأئمة .
و لا يتقوى الحديث بحديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي
بكر و عمر :
الحمد لله الذي أيدني بكما , و لولا أنكما تختلفان علي ما خالفتكما " .
قال الهيثمي ( 9/52 ) :
رواه الطبراني في الأوسط , و فيه حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك و هو متروك .
قلت : و قد كذبه غير واحد , و ذكر له الذهبي حديثين موضوعين عن مالك ! و لذلك
فلا يصح الاستشهاد به لكن الشطر الأول من حديث حبيب هذا أخرجه الحاكم ( 3/74 )
عن عاصم بن عمر أخي عبيد الله عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن إبراهيم بن
الحارث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي أروى الدوسي قال :
كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم , فاطلع أبو بكر و عمر رضي الله عنهما
, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الحمد لله الذي أيدني بكما , و قال : صحيح الإسناد , و رده الذهبي بقوله :
قلت : عاصم واه .
1009 " الشريك شفيع , و الشفعة في كل شيء " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/60 ) :
$ منكر $ .
أخرجه الترمذي ( 2/294 ) و الطحاوي ( 2/268 ) و الدارقطني ( 519 ) و الطبراني
في " الكبير " ( 3/115/1 ) و عنه الضياء في " المختارة " ( 62/289/2 )
و البيهقي ( 6/109 ) من طريق أبي حمزة السكري عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي
مليكة عن # ابن عباس # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره و قال
الترمذي :
هذا حديث غريب , لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي حمزة السكري , و قد روى غير
واحد هذا الحديث عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله
عليه وسلم مرسلا , و هذا أصح " .
و قال الدارقطني :
خالفه شعبة و إسرائيل و عمرو بن أبي قيس و أبو بكر بن عياش ; فرووه عن
عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة مرسلا , و هو الصواب , و وهم أبو حمزة في
إسناده .
و كذا قال البيهقي : أن الصواب مرسل .
قلت : و اسم أبي حمزة محمد بن ميمون , و هو ثقة فاضل محتج به في " الصحيحين "
كما في " التقريب " , لكن فيه كلام يسير , فقال النسائي :
" لا بأس به إلا أنه كان قد فقد بصره في آخر عمره , فمن كتب عنه قبل ذلك فحديثه
جيد " .
و ذكره ابن القطان الفاسي فيمن اختلط كما في " التهذيب " , و قال أبو حاتم :
" لا يحتج به " كما في " الميزان " .
قلت : فمثله يحتج به إن شاء الله تعالى إذا لم يخالف , و أما مع المخالفة فلا ,
فإذ قد خالف في هذا الحديث فزاد في السند ابن عباس و وصله خلافا للثقات الآخرين
الذين أرسلوه , دل ذلك على وهمه كما جزم به الدارقطني , و أشار إليه الترمذي ,
و أن الصواب في الحديث أنه مرسل , فهو على ذلك ضعيف لا يحتج به .
و قد روي عن أبي حمزة على وجه آخر , رواه البيهقي من طريق عبدان عنه عن محمد بن
عبيد الله عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا . و قال :
" و محمد هذا هو العرزمي , متروك الحديث . و قد روي بإسناد آخر ضعيف عن ابن
عباس موصولا " .
ثم ساقه باللفظ الآتي عقب هذا , و قد أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 281/2 )
عن أبي حمزة عن العرزمي به , و قال :
" لا أعلم رواه عن محمد بن عبيد الله غير أبي حمزة . و قوله : " و الشفعة في كل
شيء " منكر . و محمد بن عبيد الله العرزمي عامة رواياته غير محفوظة " .
قلت : و مما يؤيد نكارة هذا الحديث عن ابن عباس أن الطحاوي روى ( 2/269 ) من
طريق معن بن عيسى عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن ابن عباس قال :
" لا شفعة في الحيوان " .
احتج به الطحاوي على أن قوله في حديث الباب : " الشفعة في كل شيء " , ليس على
عمومه يشمل الحيوان و غيره . قال :
" و إنما معناه الشفعة في الدور و العقار و الأرضين , و الدليل على ذلك ما قد
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما , حدثنا أحمد بن داود قال : حدثنا يعقوب قال :
حدثنا معن بن عيسى ... " .
قلت : و إسناد هذا الموقوف جيد , رجاله كلهم ثقات معروفون , غير أحمد بن داود
هذا و هو ابن موسى الدوسي أبو عبد الله وثقه ابن يونس كما في " كشف الأستار "
عن " المغاني " .
و الحديث قال الحافظ في " الفتح " ( 4/345 ) :
" رواه البيهقي , و رجاله ثقات , إلا أنه أعل بالإرسال , و أخرج له الطحاوي
شاهدا من حديث جابر بإسناد لا بأس برواته " .
و نقله هكذا الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 5/283 ) و لكنه - كما هي عادته - لم
يعزه إلى الحافظ ! و كذلك صنع صديق خان في " الروضة الندية " ( 2/127 ) إلا أنه
وقع عنده بلفظ " بإسناد لا بأس به " . بدل " لا بأس برواته " و شتان ما بين
العبارتين , فإن الأولى نص في تقوية الإسناد , بخلاف الأخرى , فإنها نص في
تقوية رواته , و لا تلازم بين الأمرين , كما لا يخفى على الخبير بعلم مصطلح
الحديث , و ذلك لأن للحديث , أو الإسناد الصحيح شروطا أربعة : عدالة الرواة
و ضبطهم , و اتصاله , و سلامته من شذوذ أو علة , فإذا قال المحدث في سند ما : "
رجاله لا بأس بهم " أو ثقات " أو " رجال الصحيح " , و نحو ذلك , فهو نص في تحقق
الشرط الأول فيه , و أما الشروط الأخرى فمسكوت عنها , و إنما يفعل ذلك بعض
المحدثين في الغالب لعدم علمه بتوفر هذه الشروط الأخرى فيه , أو لعلمه بتخلف
أحدها , مثل السلامة من الانقطاع أو التدليس أو نحو ذلك من العلل المانعة من
إطلاق القول بصحته <1> , و هذا هو حال إسناد هذا الشاهد , فإن فيه علة لا تسمح
بتصحيحه مع كون رجاله ثقاتا , فإنه عند الطحاوي ( 2/369 ) من طريق يوسف بن عدي
قال : حدثنا ابن إدريس عن ابن جريج عن عطاء عن جابر قال :
" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء " . فأول علة تبدو
للناظر لأول وهلة في هذا السند هو عنعنة ابن جريج , فإنه كان يدلس بشهادة غير
واحد من الأئمة المتقدمين و المتأخرين , بل قال الدارقطني : " تجنب تدليس ابن
جريج فإنه قبيح التدليس , لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح , مثل إبراهيم بن أبي
يحيى و موسى بن عبيدة و غيرهما " و وصفه بالتدليس الذهبي و العسقلاني و غيرهما
. على أنه يمكن للباحث في طرق هذا الحديث أن يكشف عن علة أخرى في هذا السند ,
و ذلك أن جماعة من الثقات الأثبات رووه عن عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن
أبي الزبير عن جابر به , بلفظ :
" قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شرك لم يقسم , ربعة أو حائط
, لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه , فن شاء أخذ , و إن شاء ترك , فإن باع فلم
يؤذنه فهو أحق به " .
أخرجه مسلم ( 5/57 ) و النسائي ( 2/234 ) و الدارمي ( 2/273 - 274 ) و الطحاوي
( 2/265 ) و ابن الجارود ( رقم 642 ) و الدارقطني ( 520 ) و البيهقي ( 6/101 )
كلهم عن الجماعة به .
و قد صرح ابن جريج بالسماع من أبي الزبير , و هذا من جابر في رواية الطحاوي ,
و هو رواية لمسلم . فهذا هو المحفوظ عن ابن إدريس عن ابن جريج , إنما هو عن أبي
الزبير ليس عن عطاء .
و قد تابعه إسماعيل بن إبراهيم - و هو ابن علية - عن ابن جريج به .
أخرجه النسائي ( 2/229 ) و صرح عنده ابن جريج بالتحديث و أحمد ( 3/316 ) و عنه
أبو داود ( 2/256 ) و البيهقي .
و من الملاحظ في هذا اللفظ أن طرفه الأول موافق تماما لرواية يوسف بن عدي عن
ابن جريج المتقدمة ; إلا في حرف واحد و هو قوله : " في كل شرك " , فإن لفظه في
الرواية المشار إليها " في كل شيء " , فأخشى أن يكون تصحف على بعض رواتها .
و يؤيده تمام الحديث في الرواية المحفوظة " لم يقسم ... " فإنه يدل على أن
الحديث ليس فيه هذا العموم الذي أفادته تلك الرواية , بل يدل على أنه خاص بغير
المنقول من دار أو بستان أو أرض , قال الحافظ في " الفتح " ( 4/345 ) :
" و قد تضمن هذا الحديث ثبوت الشفعة في المشاع , و صدره يشعر بثبوتها في
المنقولات , و سياقه يشعر باختصاصها بالعقار , و بما فيه العقار " .
فثبت مما تقدم أن هذا الشاهد عن جابر لا يصلح شاهدا لحديث ابن عباس لثبوت خطأ
الراوي في قوله : " شيء " بدل : " شرك " , فهو شاذ , و مقابله هو المحفوظ .
على أنه يمكن أن يقال : لو سلمنا جدلا بأن هذا اللفظ محفوظ , فإن مما لا شك فيه
أنه مختصر من الرواية المحفوظة كما تقدم , فلابد أن يضم إليه تمام الحديث الذي
رواه الثقات , و عند ذلك يتبين أن عموم هذا اللفظ ليس بمراد , و أن اختصار
الحديث من الراوي اختصار مخل بالمعنى .
و يؤيد ذلك أن الحديث ورد من طريق أخرى عن جابر بهذا التمام , فقال أحمد :
( 3/296 ) :
حدثنا عبد الرزاق : أنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن
عبد الله قال :
إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل مال لم يقسم , فإذا وقعت
الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة .
و من طريق أحمد أخرجه أبو داود ( 2/256 ) و عنه البيهقي ( 6/102 - 103 ) ثم
أخرجه هذا من طريق أخرى عن عبد الرزاق به , إلا أنه قال : " كل ما لم يقسم " .
و هكذا وقع عند أبي داود من طريق أحمد , و يرجح هذا أن البخاري أخرجه من طريق
عبد الواحد بن زياد عن معمر به , لكن وقع في مكان آخر عند البخاري من هذا الوجه
( 4/323 ) بلفظ : " كل مال " مثل رواية أحمد , إلا أن كلام الحافظ في شرحه يشعر
بأن اللفظ إنما هو باللفظ الذي قبله " كل ما لم يقسم " فالظاهر أن خلافه خطأ
على عبد الواحد من بعض الرواة أو النساخ , نعم أخرجه البخاري من طريق أخرى عن
عبد الرزاق بلفظ أحمد , " كل مال " و رجح الحافظ هذا اللفظ بأن إسحاق بن راهويه
قد رواه عن عبد الرزاق بلفظ " قضى بالشفعة في الأموال ما لم تقسم " , والله
أعلم .
فلو أن بعض الرواة اقتصر من هذا الحديث على قوله : " قضى بالشفعة في الأموال "
لأوهم العموم الذي أوهمته رواية الطحاوي الشاذة , فالحمد لله الذي حفظ لنا
أحاديث نبينا كاملة غير منقوصة , و جعلها بيانا للقرآن و ألزمنا العمل بها كما
ألزمنا العمل به .
تنبيه : عرفت مما سبق ضعف حديث ابن عباس و شاهده من حديث جابر , فلا تغتر بما
يدل عليه كلام الصنعاني في " سبل السلام " من الميل إلى تصحيحه , بعد أن عرفت
الحق فيه , لا سيما و هو قد اغتر بقول الحافظ في حديث جابر في " البلوغ " : " و
رجاله ثقات " , فإنه مثل قوله في " الفتح " كما تقدم : " لا بأس برواته "
, و قد سبق تفصيل الكلام في المراد بمثل هذا القول , و أنه لا يستلزم الصحة ,
فلا يفيد إعادة الكلام فيه , و إنما الغرض الآن أن الصنعاني قد خلط عجيبا في
كلامه على حديث ابن عباس هذا , فإنه قال عقب حديث جابر عند الطحاوي :
و مثله عن ابن عباس عند الترمذي مرفوعا : الشفعة في كل شيء , و إن قيل : إن
رفعه خطأ , فقد ثبت إرساله عن ابن عباس , و هو شاهد لرفعه , على أن مرسل
الصحابي إذا صحت عنه الرواية حجة , هكذا قال ! و قد علمت أن الخلاف ليس في رفعه
و وقفه , و إنما في إرساله و وصله , فكأنه أطلق على الوصل الرفع , فلئن كان ذلك
, فما معنى قوله : ثبت إرساله عن ابن عباس , على أن مرسل الصحابي حجة .. لا شك
أن هذا كلام مضطرب لا يتحصل منه على شيء !
و أما اللفظ الآخر الذي سبقت الإشارة إليه فهو :
" الشفعة في العبيد , و في كل شيء " .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] و راجع لزيادة البيان مقدمتي لكتابي " صحيح الترغيب و الترهيب " , و " ضعيف
الترغيب " . اهـ .
1010 " الشفعة في العبيد , و في كل شيء " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/65 ) :
$ ضعيف جدا $ .
رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 3/18/2 ) و عنه ابن عساكر ( 13/185/2 )
و ابن عدي في " الكامل " ( ق 243/2 ) و البيهقي ( 6/110 ) من طرق , عن عمر بن
هارون البلخي عن شعبة عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير عن
# ابن عباس # مرفوعا , و قال ابن عدي : و هذا الحديث يعرف بعفان البلخي عن عمر
ابن هارون , و وثب عليه ابن حميد , رواه عن عمر بن هارون , و كان وثابا .
كذا قال , و هو عند البيهقي من طريقين آخرين عن ابن هارون , و عند الشافعي من
طريق ثالثة عنه فلم ينفرد به عفان البلخي , فالصواب ما يقوله البيهقي : تفرد به
عمر بن هارون البلخي عن شعبة و هو ضعيف لا يحتج به .
قلت : بل هو متروك شديد الضعف , قال الذهبي في " الضعفاء " : تركوه .
و قال الحافظ في " التقريب " : متروك و كان حافظا .
1011 " من كذب علي متعمدا , ليضل به الناس , فليتبوأ مقعده من النار " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/66 ) :
$ منكر بهذه الزيادة $ .
و قد رويت من حديث # عبد الله بن مسعود و البراء بن عازب و عمرو بن حريث و عمرو
ابن عبسة #.
1 - أما حديث ابن مسعود , فمداره على طلحة بن مصرف , يرويه عنه الحسن بن عمارة
و الأعمش .
أما حديث ابن عمارة , فأخرجه الطبراني في جزء " طرق حديث من كذب علي متعمدا "
( ق 35/1 ) بسنده عنه عن طلحة بن مصرف عن أبي عمار عن عمرو بن شرحبيل عن
عبد الله ابن مسعود مرفوعا .
و هذا سند رجاله ثقات غير الحسن بن عمارة فهو متروك متهم بالكذب .
أما حديث الأعمش , فقد رواه جماعة , و اختلفوا عليه في سنده و متنه على وجوه :
الأول : سفيان الثوري , فقال : عن الأعمش عن طلحة به , مثل رواية الحسن بن
عمارة متنا و سندا , إلا أنه قال : عن عمرو بن شرحبيل عن رجل من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم , أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1/174 ) : حدثنا أحمد
ابن شعيب حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو أحمد حدثنا سفيان به .
قلت : و هذا سند رجاله كلهم ثقات , فظاهره الصحة , لكن فيه هذا الاختلاف الذي
نحن في صدد بيانه , و ما سيأتي ذكره .
الثاني : يونس بن بكير , فقال : عن الأعمش عن طلحة به مثل رواية الحسن سندا
و متنا , إلا أنه أسقط منه ( أبي عمار ) , أخرجه الطحاوي و الطبراني ( 35/1 ) ,
و رجاله ثقات أيضا , و فيه ما سبق , و ليس عند الطبراني الزيادة , و رواه
البزار كالطحاوي , قال الهيثمي ( 1/144 ) : و رجاله رجال الصحيح .
الثالث : أبو معاوية , فقال : عن الأعمش به , مثل رواية الحسن إسنادا , إلا أنه
جعله من مسند علي لا من مسند ابن مسعود , و خالف في المتن فلم يذكر فيه الزيادة
أخرجه الطبراني في جزئه ( 32/2 ) من طريق يحيى بن طلحة اليربوعي قال : أخبرنا
أبو معاوية به , لكن اليربوعي هذا لين الحديث كما في " التقريب " .
و قد خالفه محمد بن العلاء فقال : حدثنا الأعمش به مثله إلا أنه لم يذكر ابن
مسعود فأرسله , رواه الطحاوي .
و مما سبق يتبين أن أصح روايات هؤلاء الثلاثة رواية سفيان الثوري , لأنه أوثقهم
و أضبطهم و أحفظهم , و عليه يمكن أن يقال : إن إسناد الحديث من هذا الوجه صحيح
و لا يضره الاختلاف المذكور لأنه مرجوح .
قلت : و كان ينبغي أن يقال هذا , لولا أن هناك شيئين يقفان في سبيل ذلك :
الأول : أن الأعمش موصوف بالتدليس , و قد عنعنه في جميع الروايات عنه , فذلك
يمنع من تصحيح هذا الحديث , و إن كان العلماء المتأخرون قد مشوا أحاديثه
المعنعنة إلا إذا بدا لهم ما يمنع من ذلك , و هذا الحديث من هذا القبيل , فإن
فيه ما يأتي , و هو :
الثاني : أن الحديث قد صح عن ابن مسعود من طرق ليس في شيء منها تلك الزيادة ,
فأخرجه الترمذي ( 2/110 ) و الطحاوي ( 1/167 ) و الطيالسي ( 362 ) و أحمد
( 1/402 , 405 , 454 ) و الطبراني ( 34/1 ) كلهم عن زر , و الطيالسي ( 342 )
و أحمد ( 1/389 , 401 , 436 ) و الطبراني ( 34/2 ) عن عبد الرحمن بن عبد الله
ابن مسعود , و الطبراني أيضا عن أبي وائل و مسروق , كلهم عن ابن مسعود مرفوعا
به دون الزيادة .
قلت : فهذا كله يدل على أن هذه الزيادة غير محفوظة عن ابن مسعود رضي الله عنه ,
بل هي شاذة أو منكرة , و قد قال الطحاوي عقب رواية يونس بن بكير المتقدمة :
و هذا حديث منكر , و ليس أحد يرفعه بهذا اللفظ غير يونس بن بكير , و طلحة بن
مصرف ليس في سنه ما يدرك عمرو بن شرحبيل , لقدم وفاته .
كذا قال , و قد عرفت أن سفيان الثوري قد رفعه بهذا اللفظ , و جود إسناده , فذكر
بين طلحة بن مصرف و عمرو بن شرحبيل أبا عمار و اسمه عريب - بفتح المهملة - ابن
حميد الدهني , و هو ثقة , فالسند متصل مرفوع , و إنما علته الحقيقية العنعنة
و المخالفة كما سبق بيانه , و قد أعله غير الطحاوي بنحو إعلاله , فقال الحافظ
في " الفتح " ( 1/178 ) بعد أن ذكر الحديث من رواية البزار , و ذكر أن الزيادة
لا تثبت : اختلف في وصله و إرساله , و رجح الدارقطني و الحاكم إرساله , و أخرجه
الدارمي من حديث يعلى بن مرة بسند ضعيف .
قلت : لم أقف على أحد أرسله غير أبي معاوية من رواية محمد بن العلاء عنه عند
الطحاوي كما تقدم , و أبو معاوية - و اسمه محمد بن خازم - و إن كان أحفظ الناس
لحديث الأعمش كما قال الحافظ في " التقريب " فقد خالفه سفيان الثوري و هو الثقة
الحافظ الإمام , و تابعه يونس بن بكير , و هو من رجال مسلم لكنه يخطيء ,
فروايتهما أرجح من رواية أبي معاوية , لأنهما أكثر عددا , لا سيما و معهما
زيادة , و الزيادة من الثقة مقبولة , والله أعلم .
و جملة القول : أن هذه الزيادة لا تثبت في حديث ابن مسعود , و العلة : العنعنة
و المخالفة في نقدي , و الإرسال في رأي الطحاوي و الدارقطني و الحاكم , و قال
عبد الحق في " الأحكام " ( 153 ) : لا تصح .
و قد روي الحديث عن طلحة بن مصرف بإسناد آخر و هو :
2 - و أما حديث البراء بن عازب , فيرويه محمد بن عبيد الله العرزمي عن طلحة بن
مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عنه , أخرجه الطبراني في جزئه ( 39/2 ) .
قلت : و علته العرزمي هذا فإنه ضعيف جدا , و هذا معنى قول الحافظ فيه : متروك .
3 - و أما حديث عمرو بن حريث , فيرويه عمر بن صبح عن خالد بن ميمون عن
عبد الكريم بن أبي المخارق عن عامر بن عبد الواحد عنه , أخرجه الطبراني في جزئه
أيضا ( 42/2 ) .
قلت : و فيه علتان :
الأولى : عمر بن صبح هذا , قال الحافظ : متروك , كذبه ابن راهويه .
الثانية : عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف , و به أعله الهيثمي فقال في " مجمع
الزوائد " ( 1/146 ) : رواه الطبراني في " الكبير " , و فيه عبد الكريم بن أبي
المخارق و هو ضعيف .
قلت : ربط العلة به وحده ليس من الإنصاف في شيء , و في الطريق إليه ذاك الكذاب
عمر بن صبح , إلا أن يقال : إنه ليس في طريق الطبراني في " الكبير " , لكني
أستبعد هذا لأنه لو كان كذلك لذكر في جزئه الخاص بهذا الحديث و طرقه هذه الطريق
السالمة من ذاك الكذاب , أو على الأقل لجمع بينهما , كما رأيناه فعل في أحاديث
أخرى , كحديث ابن مسعود على ما تقدم نقله عنه .
4 - و أما حديث عمرو بن عبسة , فأورده الهيثمي و قال : رواه الطبراني في
" الكبير " , و إسناده حسن .
قلت : لكن الزيادة فيه لم تتفق عليها نسخ " المجمع " , بل تفردت بها النسخة
الهندية , كما في هامش الكتاب , و يترجح عندي عدم ثبوتها , لأن الطبراني قد
أخرج الحديث في جزئه ( 43/1 ) و ليس فيه أيضا هذه الزيادة .
ثم إن قوله : و إسناده حسن نظرا , فإن فيه محمد بن أبي النوار , أورده ابن أبي
حاتم ( 4/1/111 ) و ذكر أنه روى عنه ثلاثة من الثقات , و لم يحك فيه جرحا
و لا تعديلا , و هذا من شيوخه بريد بن أبي مريم , ثم ذكر ابن أبي حاتم عقبه
ترجمة أخرى , فقال : محمد بن أبي النوار سمع حبان السلمي - صاحب الدفينة , سمع
ابن عمر - سمعت أبي يقول : لا أعرفه .
فقد فرق بينهما أبو حاتم , و في " اللسان " : قال النباتي : جمعهما البخاري
و هو أشبه , والله أعلم .
( تنبيه ) : سبق فيما نقلته عن الحافظ ابن حجر ( ص 20 ) أن الحديث رواه الدارمي
عن يعلى بن مرة , و قد رجعت إلى " سنن الدارمي " , فوجدت الحديث فيه ( 1/76 )
كما ذكر الحافظ , لكن ليس فيه تلك الزيادة ! فلا أدري أذلك من اختلاف نسخ
" السنن " , أم أن الحافظ وهم , و قد يؤيد الثاني أن الطبراني أخرجه ( 44/2 )
عن يعلى كما أخرجه الدارمي بدون الزيادة , و من الممكن أن يقال : إنه لا وهم
فيه , و إنما تساهل في إطلاق العزو إليه , والله أعلم .
ثم إن الحديث لو صح بهذه الزيادة فليست اللام فيه للعلة , بل للصيرورة كما فسر
قوله تعالى : *( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس )* , و المعنى أن
مآل أمره إلى الإضلال , أو هو من تخصيص بعض أفراد العموم بالذكر فلا مفهوم له
كقوله تعالى : *( و لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة )* ; *( و لا تقتلوا
أولادكم من إملاق )* , فإن قتل الأولاد و مضاعفة الربا و الإضلال في هذه الآيات
إنما هو لتأكيد الأمر فيها , لا لاختصاص الحكم كما قال الحافظ رحمه الله
و غيره .
( فائدة ) : لقد اشتهر عند العلماء أن هذا الحديث متواتر بدون الزيادة طبعا ,
و قد اعتنى جماعة من الحفاظ بجمع طرقه , قال الحافظ : فأول من وقفت على كلامه
في ذلك علي بن المديني , و تبعه يعقوب بن شيبة فقال : روي هذا الحديث من عشرين
وجها عن الصحابة من الحجازيين و غيرهم , ثم إبراهيم الحربي و أبو بكر البزار ,
فقال كل منهما : إنه أورده من حديث أربعين من الصحابة , و جمع طرقه في ذلك
العصر أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ; فزاد قليلا , و قال أبو بكر الصيرفي
شارح " رسالة الشافعي " : رواه ستون نفسا من الصحابة , و جمع طرقه الطبراني
فزاد قليلا .
قلت : و قد وقفت و الحمد لله على كتاب الطبراني في ذلك كما سبقت الإشارة إليه ,
و قد رأيت أن أسوق أسماء رواتها من الصحابة رضي الله عنهم , مع الإشارة إلى عدد
الطرق عن كل واحد منهم بجانب الاسم , و هناك آخرون منهم ساق الطبراني أحاديثهم
لدلالتها على التحذير من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم و لكنها أحاديث
أخرى , و لذلك لم أسق أسماءهم فليعلم ذلك .
1 - أبو أمامة الباهلي 3
2 - أبو بكر الصديق 2
3 - أبو ذر الغفاري 1
4 - أبو سعيد الخدري 5
5 - أبو عبيدة بن الجراح 1
6 - أبو قتادة الأنصاري 3
7 - أبو قرصافة : جندرة بن خيشنة 1
8 - أبو موسى الأشعري 1
9 - أبو موسى الغافقي 1
10 - أبو هريرة 11
11 - أسامة بن زيد بن حارثة 1
12 - أنس بن مالك 15
13 - البراء بن عازب 1
14 - بريدة بن الحصيب 1
15 - جابر بن حابس العبدي 1
16 - جابر بن عبد الله 3
17 - خالد بن عرفطة 1
18 - رافع بن خديج 1
19 - الزبير بن العوام 1
20 - زيد بن أرقم 1
21 - السائب بن يزيد 1
22 - سعد بن المدحاس 1
23 - سعيد بن زيد بن عمرو 1
24 - سلمان الفارسي 1
25 - سلمة بن الأكوع 1
26 - صهيب بن سنان 1
27 - طارق بن أشيم 1
28 - طلحة بن عبيد الله 1
29 - عائشة بنت أبي بكر 2
30 - عبد الله بن الحارث 1
31 - عبد الله بن الزبير 1
32 - عبد الله بن زغب 1
33 - عبد الله بن عباس 1
34 - عبد الله بن عمر 3
35 - عبد الله بن عمرو بن العاص 5
36 - عبد الله بن مسعود 5
37 - عتبة بن غزوان 1
38 - عثمان بن عفان 3
39 - العرس بن عميرة الكندي 1
40 - عقبة بن عامر 2
41 - علي بن أبي طالب 7
42 - عمار بن ياسر 1
43 - عمر بن الخطاب 3
44 - عمران بن الحصين 1
45 - عمرو بن حريث 1
46 - عمرو بن عبسة 1
47 - عمرو بن مرة الجهني 1
48 - قيس بن سعد بن عبادة 1
49 - كعب بن قسطة 1
50 - معاذ بن جبل 1
51 - معاوية بن أبي سفيان 2
52 - المغيرة بن شعبة 2
53 - نبيط بن شريط 1
54 - يعلى بن مرة 1
و قد لاحظت أن جميع هؤلاء الصحابة الذين رووا هذا الحديث " من كذب علي متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار " , قد ثبت في حديثهم لفظة " متعمدا " حاشا أفرادا منهم
و هو أصحاب الأرقام ( 6 , 7 , 11 , 22 , 25 , 28 , 31 ) و هي ثابتة في
" الصحيحين " و غيرهما في حديث طائفة ممن رواها عند الطبراني , فهي إذن متواترة
فيه نحو تواتره , فهي ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم يقينا خلافا لمن زعم بجهله
البالغ أنها من وضع بعض المحدثين ! كما كنت ذكرت في مقدمة هذه السلسلة ( 1/11 )
و إن مما يحسن ذكره بهذه المناسبة أن البيهقي نقل عن الحاكم و وافقه , أن
الحديث جاء من رواية العشرة المبشرين بالجنة , قال : و ليس في الدنيا حديث أجمع
العشرة على روايته غيره .
قال الحافظ : فقد تعقبه غير واحد , لكن الطرق عنهم موجودة فيما جمعه ابن الجوزي
( يعني في مقدمة كتاب " الموضوعات " ) و من بعده , و الثابت منها ما قدمت ذكره
فمن الصحاح : علي و الزبير , و من الحسان : طلحة و سعد و سعيد و أبو عبيدة , و
من الضعيف المتماسك طريق عثمان و بقيتها ضعيف ساقط .
قلت : قد عرفت من الكشف السابق أن لحديث عثمان رضي الله عنه ثلاث طرق ثم إن
أحدها صحيح , و الآخر حسن , و قد أخرجهما الطحاوي أيضا ( 1/165 - 166 ) ,
فحديثه من الصحيح أيضا .
1012 " تحية البيت الطواف " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/73 ) :
$ لا أعلم له أصلا $ .
و إن اشتهر على الألسنة , و أورده صاحب " الهداية " من الحنفية بلفظ :
" من أتى البيت فليحيه بالطواف " .
و قد أشار الحافظ الزيلعي في تخريجه إلى أنه لا أصل له , بقوله ( 2/51 ) :
غريب جدا , و أفصح عن ذلك الحافظ ابن حجر فقال في " الدراية " ( ص 192 ) :
لم أجده .
قلت : و لا أعلم في السنة القولية أو العملية ما يشهد لمعناه , بل إن عموم
الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضا ,
و القول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه , فلا يقبل إلا بعد ثبوته
و هيهات , لا سيما و قد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إلى المسجد الحرام
الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم , فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة ,
*( و ما جعل عليكم في الدين من حرج )* .
و إن مما ينبغي التنبه له أن هذا الحكم إنما هو بالنسبة لغير المحرم , و إلا
فالسنة في حقه أن يبدأ بالطواف ثم بالركعتين بعده , انظر بدع الحج و العمرة في
رسالتي " مناسك الحج و العمرة " , رقم البدعة ( 37 ) .
1013 " إذا رميتم و ذبحتم و حلقتم حل لكم كل شيء إلا النساء " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/74 ) :
$ منكر $ .
رواه الطبري في " تفسيره " ( ج4 رقم 3960 ) , و الدارقطني في " سننه " ( 279 )
عن عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة
قالت :
" سألت # عائشة # أم المؤمنين رضي الله عنها : متى يحل المحرم ? فقالت : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم .... " فذكره , ثم قال : قال ( يعني الحجاج ) :
و ذكر الزهري عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
قلت : و هذا إسناد كما قال الحافظ في " بلوغ المرام " , فيه ضعف , و علته
الحجاج و هو ابن أرطاة و هو مدلس و قد عنعنه , و بالإضافة إلى ذلك فقد اختلفوا
عليه في متنه , فقال عبد الرحيم عنه هكذا , و خالفه يزيد - و هو ابن هارون -
فقال : أخبرنا الحجاج عن أبي بكر بن محمد به دون قوله : " و ذبحتم " .
أخرجه الطحاوي ( 1/419 ) و أحمد ( 6/143 ) و البيهقي ( 5/136 ) و أبو بكر
الشافعي في " الفوائد " ( 6/64/2 ) .
و خالفهما عبد الواحد بن زياد فقال : حدثنا الحجاج عن الزهري به , دون قوله :
" و ذبحتم و حلقتم " .
أخرجه أبو داود ( 1/310 - التازية ) و الطحاوي , و قال أبو داود :
هذا حديث ضعيف , الحجاج لم ير الزهري .
قلت : و هؤلاء الذين رووا الحديث عنه كلهم ثقات , فالحمل في هذا الاختلاف في
متنه ليس عليهم , بل على الحجاج نفسه , و قد أشار إلى هذا البيهقي فقال عقبه :
و هذا من تخليطات الحجاج بن أرطاة , و إنما الحديث عن عمرة عن عائشة رضي الله
عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه سائر الناس عن عائشة .
قلت : و كأنه يشير إلى حديثها :
طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه حين أحرم , و لحله حين أحل , قبل
أن يفيض .
أخرجه الشيخان و غيرهما من طرق كثيرة عنها , و قد تجمع عندي منها ثلاثة عشر
طريقا خرجتها في كتابي " الحج الكبير " , لكن ليس منها طريق عمرة هذه , والله
أعلم .
و في حديث عائشة هذا ما يشهد لبعض حديث الحجاج في رواية عنها بلفظ :
" .... و حين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت .
و هذا القدر منه له شاهد من حديث ابن عباس أوردته في " الأحاديث الصحيحة "
( رقم ـ 239 ) , فيتلخص من ذلك أن للحديث أصلا ثابتا , لكن دون ذكر الذبح
و الحلق فيه , فهو بهذه الزيادة منكر , والله أعلم .
1014 " ليتقه الصائم , يعني الكحل " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/75 ) :
$ منكر $ .
أخرجه أبو داود ( 1/373 ) و البيهقي ( 4/262 ) عن عبد الرحمن بن النعمان بن
# معبد بن هوذة عن أبيه عن جده # عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالإثمد
المروح عند النوم , و قال : فذكره , و اللفظ لأبي داود , و لفظ البيهقي :
" لا تكتحل بالنهار و أنت صائم , اكتحل ليلا , الإثمد يجلو البصر , و ينبت
الشعر " , و أشار البيهقي لتضعيفه بقوله :
و قد روي في النهي عنه نهارا و هو صائم حديث أخرجه البخاري في التاريخ
و قال أبو داود عقبه : قال لي يحيى بن معين : هو حديث منكر .
و ذكر مثله في " المسائل " ( ص 298 ) عن الإمام أحمد أيضا .
قلت : و له علتان :
الأولى : ضعف عبد الرحمن بن النعمان , و به أعله المنذري , فقال في
" مختصر السنن " ( 3/260 ) :
قال يحيى بن معين : ضعيف , و قال أبو حاتم الرازي : صدوق .
قال الذهبي بعد أن ذكر هذين القولين المتعارضين فيه :
و قد روى عن سعد بن إسحاق العجري فقلب اسمه أولا فقال : إسحاق بن سعد بن كعب ,
ثم غلط في الحديث فقال : عن أبيه عن جده , فضعفه راجح .
قلت : و لذلك أورده في " الضعفاء " أيضا , و لكنه قال :
مختلف فيه , فلا يترك , يعني أنه ليس شديد الضعف , و قد أشار إلى هذا الحافظ في
" التقريب " فقال :
صدوق , ربما غلط , و قد فاتت المنذري علة أخرى و هي :
الثانية : جهالة أبيه النعمان بن معبد , و قد أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن
تيمية في رسالة " الصيام " فقال ( ص 49 بتحقيقنا ) عقب ما سبق عن المنذري :
لكن من الذي يعرف أباه و عدالته و حفظه ? ! , و لهذا قال الذهبي فيه :
غير معروف , و قال الحافظ : مجهول .
قلت : و من ذلك تعلم ما في قول المجد ابن تيمية في " المنتقي " :
و في إسناده مقال قريب , ثم أعله بعبد الرحمن فقط كما فعل المنذري تماما !
و قد ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه كان يكتحل و هو صائم .
أخرجه أبو داود بسند حسن .
و قال الحافظ في " التلخيص " ( 189 ) : لا بأس به .
و في معناه أحاديث مرفوعة لا يصح منها شيء كما قال الترمذي و غيره , و لكنها
موافقة للبراءة الأصلية , فلا ينقل عنها إلا بناقل صحيح , و هذا مما لا وجود له
, و قد اختلف العلماء في الكحل للصائم , و كذا الحقنة و نحوها , قال شيخ
الإسلام ابن تيمية في المصدر السابق ( ص 47 ) :
فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك , فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى
معرفته الخاص و العام , فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله و رسوله في الصيام
و يفسد الصوم بها , لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه , و لو ذكر ذلك لعلمه
الصحابة و بلغوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه , فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن
النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثا صحيحا مسندا و لا مرسلا , علم أنه لم
يذكر شيئا من ذلك , و الحديث المروي في الكحل ضعيف , رواه أبو داود , و لم يروه
غيره و لا هو في مسند أحمد و لا سائر الكتب .
ثم ساق هذا الحديث , ثم قال :
و الذين قالوا : إن هذه الأمور تفطر , لم يكن معهم حجة عن النبي صلى الله عليه
وسلم و إنما ذكروا ذلك بما رأوه من القياس , و أقوى ما احتجوا به قوله
صلى الله عليه وسلم : " و بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما , قالوا : فدل
ذلك على أن ما وصل إلى الدماغ يفطر الصائم إذا كان بفعله , و على القياس : كل
ما وصل إلى جوفه بفعله من حقنة و غيرها سواء كان ذلك في موضع الطعام و الغذاء
أو غيره من حشو جوفه , و الذين استثنوا الكحل قالوا : العين ليست كالقبل
و الدبر , و لكن هي تشرب الكحل كما يشرب الجسم الدهن و الماء , ثم قال :
و إذا كان عمدتهم هذه الأقيسة و نحوها لم يجز إفساد الصوم بمثل هذه الأقيسة
لوجوه :
أحدها : أن القياس و إن كان حجة إذا اعتبرت شروط صحته , فقد قلنا في " الأصول "
: إن الأحكام الشرعية بينتها النصوص أيضا , و إن دل القياس الصحيح على مثل ما
دل عليه النص دلالة خفية , فإذا علمنا أن الرسول لم يحرم الشيء و لم يوجبه ,
علمنا أنه ليس بحرام و لا واجب , و أن القياس المثبت لوجوبه و تحريمه فاسد .
و نحن نعلم أنه ليس في الكتاب و السنة ما يدل على الإفطار بهذه الأشياء فعلمنا
أنها ليست مفطرة .
الثاني : أن الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لابد أن يبينها الرسول
صلى الله عليه وسلم بيانا عاما , و لابد أن تنقلها الأمة , فإذا انتفى هذا ,
علم أن هذا ليس من دينه , و هذا كما يعلم أنه لم يفرض صيام شهر غير رمضان ,
و لا حج بيت غير البيت الحرام , و لا صلاة مكتوبة غير الخمس , و لم يوجب الغسل
في مباشرة المرأة بلا إنزال , و لا أوجب الوضوء من الفزع العظيم , و إن كان في
مظنته خروج الخارج , و لا سن الركعتين بعد الطواف بين الصفا و المروة , كما سن
الركعتين بعد الطواف بالبيت .
و بهذه الطرق يعلم أيضا أنه لم يوجب الوضوء من لمس النساء , و لا من النجاسات
الخارجة من غير السبيلين , فإنه لم ينقل أحد عنه صلى الله عليه وسلم بإسناد
يثبت مثله أنه أمر بذلك , مع العلم بأن الناس كانوا و لا يزالون يحتجمون
و يتقيؤون ? و يجرحون في الجهاد و غير ذلك , و قد قطع عرق بعض أصحابه ليخرج منه
الدم و هو الفصاد , و لم ينقل عنه مسلم أنه أمر أصحابه بالتوضؤ من ذلك " ( قال
) :
" فإذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى , لابد أن يبينها الرسول صلى الله
عليه وسلم بيانا عاما , و لابد أن تنقل الأمة ذلك , فمعلوم أن الكحل و نحوه مما
تعم به البلوى , كما تعم بالدهن و الاغتسال و البخور و الطيب . فلو كان هذا مما
يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم كما بين الإفطار بغيره . فلما لم يبين ذلك
, علم أنه من جنس الطيب و البخور و الدهن . و البخور قد يتصاعد إلى الأنف
و يدخل في الدماغ , و ينعقد أجساما , و الدهن يشربه البدن و يدخل إلى داخله ,
و يتقوى به الإنسان , و كذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة , فلما لم ينه الصائم عن
ذلك , دل على جواز تطيبه و تبخره و ادهانه , و كذلك اكتحاله .
الوجه الثالث : إثبات التفطير بالقياس يحتاج إلى أن يكون القياس صحيحا و ذلك
إما قياس على بابه الجامع , و إما بإلغاء الفارق , و إما أن يدل دليل على العلة
في الأصل معد لها إلى الفرع , و إما أن يعلم أن لا فارق بينهما من الأوصاف
المعتبرة في الشرع , و هذا القياس هنا منتف . و ذلك أنه ليس في الأدلة ما يقتضي
أن المفطر الذي جعله الله و رسوله مفطرا هو ما كان واصلا إلى دماغ أو بدن أو ما
كان داخلا من منفذ أو واصلا إلى الجوف , و نحو ذلك من المعاني التي يجعلها
أصحاب هذه الأقاويل هي مناط الحكم عند الله و رسوله .
الوجه الرابع : إن القياس إنما يصح إذا لم يدل كلام الشارع على علة الحكم إذا
سبرنا أوصاف الأصل , فلم يكن فيها ما يصلح للعلة إلا الوصف المعين , ( قال ) :
فإذا كان في الأصل وصفان مناسبان لم يجز أن يقول بالحكم بهذا دون هذا , و معلوم
أن النص و الإجماع أثبتا الفطر بالأكل و الشرب و الجماع و الحيض , و النبي
صلى الله عليه وسلم قد نهى المتوضئ عن المبالغة في الاستنشاق إذا كان صائما , و
قياسهم على الاستنشاق أقوى حججهم كما تقدم , و هو قياس ضعيف لأن من نشق الماء
بمنخريه ينزل الماء إلى حلقه , و إلى جوفه , فحصل له بذلك ما يحصل للشارب بفم ,
و يغذي بدنه من ذلك الماء , و يزول العطش , و يطبخ الطعام في معدته كما يحصل
بشرب الماء فلو لم يرد النص بذلك , لعلم بالعقل أن هذا من جنس الشرب , فإنهما
لا يفترقان إلا في دخول الماء من الفم , و ذلك غير معتبر , بل دخول الماء إلى
الفم وحده لا يفطر , فليس هو مفطرا و لا جزءا من المفطر لعدم تأثيره , بل هو
طريق إلى الفطر و ليس كذلك الكحل و الحقنة , فإن الكحل لا يغذي ألبتة , و لا
يدخل أحدا كحلا إلى جوفه لا من أنفه و لا من فمه , و كذلك الحقنة لا تغذي , بل
تستفرغ ما في البدن , كما لو شم شيئا من المسهلات , أو فزع فزعا أوجب استطلاق
جوفه , و هي لا تصل إلى المعدة .
فإذا كانت هذه المعاني و غيرها موجودة في الأصل الثابت بالنص و الإجماع ,
فدعواهم أن الشارع علق الحكم بما ذكروه من الأوصاف , معارض بهذه الأوصاف ,
و المعارضة تبطل كل نوع من الأقيسة , إن لم يتبين أن الوصف الذي ادعوه هو العلة
دون هذا .
الوجه الخامس : أنه ثبت بالنص و الإجماع منع الصائم من الأكل و الشرب و الجماع
, و قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الشيطان يجري من ابن
آدم مجرى الدم " <1> . و لا ريب أن الدم يتولد من الطعام و الشراب . و إذا أكل
و شرب اتسعت مجاري الشياطين , و إذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات ,
و إلى ترك المنكرات , فهذه المناسبة ظاهرة في منع الصائم من الأكل و الشرب ,
و الحكم ثابت على وقفه , و كلام الشارع قد دل على اعتبار هذا الوصف و تأثيره ,
و هذا منتف في الحقنة و الكحل و غير ذلك .
فإن قيل : بل الكحل قد ينزل إلى الجوف و يستحيل دما ?
قيل : هذا كما قد يقال في البخار الذي يصعد من الأنف إلى الدماغ فيستحيل دما ,
و كالدهن الذي يشربه الجسم . و الممنوع منه إنما هو ما يصل إلى المعدة فيستحيل
دما و يتوزع على البدن .
الوجه السادس : و نجعل هذا وجها سادسا ( الأصل خامسا ) فنقيس الكحل و الحقنة
و نحو ذلك على البخور و الدهن و نحو ذلك , لجامع ما يشتركان فيه , مع أن ذلك
ليس مما يتغذى به البدن و يستحيل في المعدة دما . و هذا الوصف هو الذي أوجب أن
لا تكون هذه الأمور مفطرة . و هذا موجود في محل النزاع " .
هذا كله من كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مع شيء من الاختصار , آثرت نقله على
ما فيه من بسط و تطويل , لما فيه من الفوائد و التحقيقات التي لا توجد عند غيره
, فجزاه الله خيرا .
و منه يتبين أن الصواب أن الكحل لا يفطر الصائم , فهو بالنسبة إليه كالسواك
يجوز أن يتعاطاه في أي وقت شاء , خلافا لما دل عليه هذا الحديث الضعيف الذي كان
سببا مباشرا لصرف كثير من الناس عن الأخذ بالصواب الذي دل عليه التحقيق العلمي
, و لذلك عنيت ببيان حال إسناده , و مخالفته للفقه الصحيح , والله الموفق .
و مما سبق يمكننا أن نأخذ حكم ما كثر السؤال عنه في هذا العصر , و طال النزاع
فيه . ألا و هو حكم الحقنة ( الإبرة ) في العضل أو العرق , فالذي نرجحه أنه لا
يفطر شيء من ذلك , إلا ما كان المقصود منه تغذية المريض , فهذه وحدها هي التي
تفطر والله أعلم .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] قلت : هذا حديث صحيح , أخرجه الشيخان من حديث أنس و صفية رضي الله عنهما ,
هكذا , و قد ذكره ابن تيمية في مكان آخر من رسالته في " الصيام " ( ص 75 )
بزيادة : " فضيقوا مجاريه بالجوع و الصوم " , و لا أصل لها من شيء من كتب السنة
التي وقفت عليها , و إنما هي في " كتاب الإحياء " للغزالي فقط كما نبهت عليه في
التعليق على الرسالة المذكورة . اهـ .
1015 " من سنة الحج أن يصلي الإمام الظهر و العصر , و المغرب و العشاء الآخرة
و الصبح بمنى , ثم يغدوا إلى عرفة فيقيل حيث قضي له , حتى إذا زالت الشمس خطب
الناس , ثم صلى الظهر و العصر جميعا , ثم وقف بعرفات حتى تغرب الشمس فإذا رمى
الجمرة الكبرى حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء و الطيب حتى يزور " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/81 ) :
$ ضعيف $ .
أخرجه الحاكم ( 1/461 ) , و عنه البيهقي ( 5/122 ) عن إبراهيم بن عبد الله :
أنبأ يزيد بن هارون : أنبأ يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن
الزبير قال : من سنة الحج .. إلخ , و قال الحاكم :
حديث على شرط الشيخين , و وافقه الذهبي .
قلت : و فيه نظر , فإن يزيد بن هارون و إن كان على شرطهما فليس هو من شيوخهما ,
و إنما يرويان عنه بواسطة أحمد و إسحاق و نحوهما , و إبراهيم بن عبد الله
الراوي للحديث عن يزيد فضلا عن كونه ليس من شيوخهما , فهو غير معروف , بل لم
أجد له ترجمة تذكر , فقد أورده الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 5/120 ) فقال :
إبراهيم بن عبد الله بن بشار الواسطي , قدم بغداد سنة 244 و حدث بها عن يزيد
ابن هارون و سرور بن المغيرة روى عنه عبد الله بن محمد بن ناجية و يحيى بن
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , فهو مجهول الحال , فلا يحتج بحديثه , على
أنه قد خولف في بعض متنه , فروى الطحاوي ( 1/421 ) من طريق عبد الله بن صالح ,
قال : حدثني الليث قال : حدثني ابن الهاد عن يحيى بن سعيد به مختصرا بلفظ :
سمعت عبد الله بن الزبير يقول :
إذا رمى الجمرة الكبرى , فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء حتى يطوف بالبيت فلم
يذكر الطيب , فهذا هو الأصح , لأنه الموافق لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها
أنها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم حين رمى جمرة العقبة كما تقدم في آخر
الحديث ( 1013 ) .
أقول : هذا أصح , و إن كان عبد الله بن صالح فيه ضعف من قبل حفظه , فإن من
البدهي أن ما وافق السنة الصحيحة من الروايات عند الاختلاف , أولى مما خالفها
منها .
تنبيه : إنما أوردت هذا في الأحاديث الضعيفة " مع أن ظاهره الوقف فليس من
الأحاديث ; لما تقرر في مصطلح الحديث أن قول الصحابي : " من السنة كذا " في حكم
المرفوع , و عبد الله بن الزبير صحابي معروف , و قد خفي هذا على الشوكاني في
نيل الأوطار , فإنه أورد هذا الحديث فيما استدل به المانعون من الطيب بعد الرمي
, ثم أجاب عنه ( 5/61 ) بما ملخصه :
إنه أثر موقوف لا يصلح للمعارضة , و على فرض كونه مرفوعا فهو أيضا لا يعتد به
بجانب الأحاديث المثبتة لحل الطيب .
قلت : و الجواب الصحيح عنه أنه و إن كان ظاهره الرفع فهو لا يصلح للمعارضة
المذكورة لوجهين :
الأول : أنه ضعيف السند كما سبق بيانه .
الثاني : أنه لو صح سنده فهو عند التعارض مرجوح من حيث الدلالة , لأنه و إن كان
ظاهرا في الرفع فليس نصا فيه بخلاف حديث عائشة المشار إليه فإنه صريح في ذلك .
والله أعلم .
1016 " كان يصلي قبل الجمعة أربعا , و بعدها أربعا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/82 ) :
$ منكر $ .
رواه الطبراني في " معجمه الأوسط " ( رقم - 4116 - مصورتي ) : حدثنا علي بن
سعيد الرازي : حدثنا سليمان بن عمرو بن خالد الرقي : حدثنا عتاب بن بشير عن
خصيف عن أبي عبيدة عن # عبد الله بن مسعود # مرفوعا , و قال الطبراني :
لم يرو هذا الحديث عن خصيف إلا عتاب بن بشير .
قلت : سكت عليه الزيلعي في " نصب الراية " ( 2/206 ) , و قال الحافظ في
" الدراية " ( ص 133 ) :
و في سنده ضعف .
قلت : و فيه خمس علل :
الأولى : الانقطاع بين ابن مسعود و ابنه أبي عبيدة ; فإنه لم يسمع منه , كما
صرح بذلك أبو عبيدة نفسه على ما هو مذكور في ترجمته , و قد حاول بعض من ألف في
مصطلح الحديث من حنفية هذا العصر أن يثبت سماعه منه دون جدوى !
الثانية : ضعف خصيف , و هو ابن عبد الرحمن الجزري الحراني , قال الحافظ في
" التقريب " : صدوق سيء الحفظ , خلط بآخره .
الثالثة : عتاب بن بشير , مختلف فيه , قال ابن معين : ثقة , و قال مرة : ضعيف ,
و قال النسائي : ليس بذاك في الحديث , و قال أحمد : أرجو أن لا يكون به بأس ,
روى بآخرة أحاديث منكرة , و ما أرى إلا أنها من قبل خصيف .
قلت : و هذا الحديث من روايته عنه , فهو من مناكيره , و يؤيد ذلك أنه ورد
موقوفا على ابن مسعود , من طريقين عنه , فقال عبد الرزاق في " مصنفه " ( 5524 )
: عن معمر عن قتادة :
إن ابن مسعود كان يصلي قبل الجمعة أربع ركعات , و بعدها أربعا .
قلت : و هذا سند صحيح لولا أن قتادة لم يسمع من ابن مسعود كما قال الهيثمي
( 2/195 ) , ثم قال عبد الرزاق ( 5525 ) : عن الثوري عن عطاء بن السائب عن أبي
عبد الرحمن السلمي قال :
كان عبد الله يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعا و بعدها أربعا .
قلت : و هذا سند صحيح لا علة فيه , و عطاء بن السائب و إن كان اختلط ; فالثوري
قد روى عنه قبل الاختلاط .
الرابعة : سليمان بن عمرو لم أجد من وثقه , و لكن كتب عنه أبو حاتم كما قال
ابنه في " الجرح و التعديل " ( 2/1/132 ) .
فثبت مما تقدم أن رفع هذا الحديث منكر , و أن الصواب فيه الوقف . والله أعلم .
الخامسة : و هي العلة الحقيقية , و هي خطأ عتاب بن بشير في رفعه , فإنه مع
الضعف الذي في حفظه قد خالفه محمد بن فضيل فقال : عن خصيف به موقوفا على ابن
مسعود .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2/131 و 133 ) .
و ابن فضيل ثقة من رجال الشيخين , و مع ضعف الحديث فلا دليل فيه على مشروعية ما
يسمونه بسنة الجمعة القبلية كما سبق بيانه في الحديث ( 1001 ) , فراجعه فإنه
بمعنى هذا .
تنبيه : وقع إسناد الحديث في " نصب الراية " ( 2/206 ) هكذا : حدثنا علي بن
إسماعيل الرازي : أنبأ سليمان بن عمر بن خالد الرقي . و الصواب ما تقدم نقلا عن
" المعجم الأوسط " .
و قد روي الحديث عن أبي هريرة أيضا , و هو :
" كان يصلي قبل الجمعة ركعتين , و بعدها ركعتين " .
1017 " كان يصلي قبل الجمعة ركعتين , و بعدها ركعتين " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/84 ) :
$ ضعيف جدا $ .
أخرجه الخطيب ( 6/365 ) من طريق الطبراني عن البزار : حدثنا إسحاق بن سليمان
البغدادي : حدثنا الحسن بن قتيبة : حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن
# أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي .... و قال الطبراني :
لم يروه عن سفيان إلا الحسن بن قتيبة .
قلت : قال الذهبي ردا لقول ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به " :
" بل هو هالك , قال الدارقطني : متروك الحديث , و قال أبو حاتم : ضعيف , و قال
الأزدي : واهي الحديث , و قال العقيلي : كثير الوهم " .
و الحديث ذكره الحافظ في " الفتح " ( 2/341 ) بهذا اللفظ إلا أنه قال :
" و بعدها أربعا " و قال :
" رواه البزار , و في إسناده ضعف " .
و لم يورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " أصلا , و لا في " كشف الأستار عن زوائد
البزار " للهيثمي , و لا في " زوائد البزار على مسند أحمد " للحافظ العسقلاني
, والله أعلم .
و في الحديث علة أخرى و هي جهالة إسحاق بن سليمان , فقد أورده الخطيب لهذا
الحديث , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
1018 " تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم , فإنه من كانت الدنيا أكبر همه , أفشى
الله عليه ضيعته , و جعل فقره بين عينيه , و من كانت الآخرة أكبر همه جمع الله
له أموره , و جعل غناه قلبه , و ما أقبل عبد بقلبه , إلى الله تعالى إلا جعل
الله عز وجل قلوب المؤمنين تفد عليه بالود و الرحمة , و كان الله إليه بكل خير
أسرع ".
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/85 ) :
$ موضوع $ .
رواه ابن الأعرابي في " معجمه " ( 177 - 178 ) و عنه القضاعي في " مسند الشهاب
" ( 58/2 ) و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( رقم - 5157 - مصورتي ) و البيهقي
في " الزهد " ( 98/2 ) و السمعاني في " الفوائد المنتقاة " ( 2/2 ) و كذا أبو
نعيم في " الحلية " ( 1/227 ) عن جنيد بن العلاء بن أبي وهرة عن محمد بن سعيد
عن إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء عن # أبي الدرداء # مرفوعا , و قال
أبو نعيم تبعا للطبراني :
تفرد به جنيد بن العلاء عن محمد بن سعيد .
قلت : جنيد هذا مختلف فيه , فقال أبو حاتم : صالح الحديث , و قال ابن حبان :
ينبغي مجانبة حديثه , كان يدلس , ثم تناقض فذكره في " الثقات " أيضا ! و قال
البزار :
" ليس به بأس " .
قلت : فآفة الحديث من شيخه محمد بن سعيد و هو ابن حسان المصلوب , و هو كذاب ,
صلب في الزندقة كما قال الذهبي في " الضعفاء " , و في ترجمته ساق الذهبي له هذا
الحديث , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10/248 ) :
رواه الطبراني في الكبير و الأوسط , و فيه محمد بن سعيد بن حسان المصلوب و هو
كذاب .
و عزاه المنذري في " الترغيب " ( 4/82 ) للطبراني في " معجميه " , و البيهقي في
" الزهد " , و أشار إلى تضعيفه .
1019 " من كشف خمار امرأة و نظر إليها فقد وجب الصداق , دخل بها أو لم يدخل بها " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/86 ) :
$ ضعيف $ .
أخرجه الدارقطني في " سننه " ( 419 ) من طريق ابن لهيعة : أخبرنا أبو الأسود عن
# محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف , لإرساله , و لضعف ابن لهيعة , و من طريقه علقه البيهقي
( 7/256 ) و قال :
و هذا منقطع , و بعض رواته غير محتج به .
يعني ابن لهيعة , لكن قد أخرجه هو من طريق عبد الله بن صالح : حدثني الليث :
حدثني عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان بن سليم عن عبد الله بن يزيد عن محمد بن
ثوبان بلفظ :
من كشف امرأة فنظر إلى عورتها فقد وجب الصداق .
و هذا سند رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن صالح فمن رجال البخاري
وحده , و فيه ضعف , لكنه قد توبع , فقال ابن التركماني في " الجوهر النقي " :
أخرجه أبو داود في " مراسيله " عن قتيبة عن الليث بالسند المذكور , و هو على
شرط الصحيح , ليس فيه إلا الإرسال " .
و قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 311 ) :
رواه أبو داود في " المراسيل " من طريق ابن ثوبان و رجاله ثقات .
قلت : فهو ضعيف لإرساله , و قد صح موقوفا , فأخرجه الدارقطني و عنه البيهقي من
طريق عبد الله بن نمير : حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال :
" إذا أجيف الباب , و أرخيت الستور , فقد وجب المهر .
و رجاله كلهم ثقات معروفون رجال مسلم غير علي بن عبد الله بن مبشر شيخ
الدارقطني فلم أجد له ترجمة , و لكنه أخرجه و هو و البيهقي من طريق أخرى عن عمر
و قرن معه البيهقي عليا رضي الله عنهما , فهو عن عمر ثابت , و له عند الدارقطني
طريق أخرى ثم أخرجه الدارقطني من طريق ابن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن
ابن عمر مثله .
قلت : و سنده صحيح .
و هو في " الموطأ " ( 2/65 ) بإسنادين منقطعين عن عمر و زيد بن ثابت .
و جملة القول أن الحديث ضعيف مرفوعا , صحيح موقوفا , و لا يقال : فالموقوف شاهد
للمرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي , لأمرين :
الأول : أنه مخالف لقوله تعالى : *( و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و قد فرضتم
لهن فريضة فنصف ما فرضتم .. )* فهي بإطلاقها تشمل التي خلا بها , و ما أحسن ما
قال شريح : " لم أسمع الله تعالى ذكر في كتابه بابا و لا سترا , إذا زعم أنه لم
يمسها فلها نصف الصداق " <1> .
الثاني : أنه قد صح خلافه موقوفا , فروى الشافعي ( 2/325 ) : أخبرنا مسلم عن
ابن جريج عن ليث بن أبي سليم عن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في
الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها و لا يمسها ثم يطلقها : ليس لها إلا نصف الصداق
لأن الله يقول : *( و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و قد فرضتم لهن فريضة )* .
و من طريق الشافعي رواه البيهقي ( 7/254 ) .
قلت : و هذا سند ضعيف , لكن قد جاء من طريق أخرى عن طاووس , أخرجه البيهقي من
طريق سعيد بن منصور : حدثنا هشيم : أنبأ الليث عن طاووس عن ابن عباس أنه كان
يقول في رجل أدخلت عليه امرأته ثم طلقها فزعم أنه لم يمسها , قال : عليه نصف
الصداق .
قلت : و هذا سند صحيح فبه يتقوى السند الذي قبله , و الآتي بعده عن علي بن أبي
طلحة , بخلاف ما نقله ابن كثير ( 1/288 - 289 ) عن البيهقي أنه قال في الطريق
الأولى :
و ليث و إن كان غير محتج به , فقد رويناه من حديث ابن أبي طلحة عن ابن عباس ,
فهو مقوله :
و هذا معناه أنه يرى أن الليث في رواية هشيم عنه هو ابن أبي سليم أيضا , لكن
الحافظ المزي لم يذكر في ترجمة ابن أبي سليم أنه روى عنه هشيم , و إنما عن
الليث عن سعد , والله أعلم .
ثم أخرج البيهقي عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس في قوله تعالى : *( و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن .. )* الآية فهو
الرجل يتزوج المرأة و قد سمى لها صداقا , ثم يطلقها من قبل أن يمسها , و المس
الجماع , لها نصف الصداق , و ليس لها أكثر من ذلك .
قلت : و هذا ضعيف منقطع , ثم روى عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود قال :
لها نصف الصداق , و إن جلس بي رجليها , و قال :
و فيه انقطاع بين الشعبي و ابن مسعود , فإذا كانت المسألة مما اختلف فيه
الصحابة , فالواجب حينئذ الرجوع إلى النص ,
و الآية مؤيدة لما ذهب إليه ابن عباس على خلاف هذا الحديث , و هو مذهب الشافعي
في " الأم " ( 5/215 ) , و هو الحق إن شاء الله تعالى .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] تفسير القرطبي ( 3/205 ) , و هو عند البيهقي بسند صحيح عنه نحوه . اهـ .
1020 " أيما امرأة خرجت من غير أمر زوجها كانت في سخط الله حتى ترجع إلى بيتها أو
يرضى عنها " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/88 ) :
$ موضوع $ .
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 6/200 - 201 ) من طريق أبي نعيم الحافظ
بسنده عن إبراهيم بن هدبة : حدثنا # أنس # مرفوعا .
ذكره في ترجمة إبراهيم هذا و قال : حدث عن أنس بالأباطيل , ثم ساق له أحاديث
هذا أحدها , ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه :
كذاب خبيث , و عن علي بن ثابت أنه قال :
هو أكذب من حماري هذا , و قال الذهبي :
حدث ببغداد و غيرها بالبواطيل , قال أبو حاتم و غيره : كذاب .
و في " اللسان " :
و قال ابن حبان : دجال من الدجاجلة , و قال العقيلي و الخليلي : يرمى بالكذب .
قلت : و مع هذا كله فقد سود السيوطي " جامعه الصغير " بهذا الحديث من رواية
الخطيب , و تعقبه المناوي في " فيض القدير " بقوله و أجاد :
و قضية كلام المصنف أن الخطيب خرجه و أقره , و هو تلبيس فاحش فإنه تعقبه
بقوله : قال أحمد بن حنبل : إبراهيم بن هدبة لا شيء , في أحاديثه مناكير ثم
ذكر قول ابن معين المتقدم فيه و غيره ثم قال : و قال الذهبي في " الضعفاء " :
هو كذاب , فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب , و ليته إذ ذكره بين حاله ! .
قلت : و هذا حق , و لكن المناوي عفا الله عنه كأنه ينتقد السيوطي حبا للنقد
, و ليس لفائدة القراء و النصح و إلا كيف يجوز لنفسه أن يسكت عن الحديث مطلقا
فلا يصفه و لو بالضعف في كتابه الآخر " التيسير بشرح الجامع الصغير " و هو قد
ألفه بعد " الفيض " كما ذكر ذلك في المقدمة ! أليس في صنيعه هذا كتمان للعلم
يؤاخذ عليه أكثر من مؤاخذته هو للسيوطي ? و كنت أود أن أقول : لعل ذلك وقع منه
سهوا , و لكن حال بيني و بين ذلك أنني رأيت له من مثله أشياء كثيرة , سيأتي
التنبيه على بعضها إن شاء الله .
تنبيه : هدبة هنا بالباء الموحدة كما في " المؤتلف و المختلف " للشيخ
عبد الغني بن سعيد الأزدي الحافظ , و هكذا وقع في " تاريخ بغداد " و " الميزان
" و " اللسان " بالباء الموحدة , و وقع في " فيض القدير " " هدية " بالمثناة
التحتية , و هو تصحيف .
1021 " من زارني بعد موتي , فكأنما زارني في حياتي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/89 ) :
$ باطل $ .
رواه الدارقطني في " سننه " ( ص 279 - 280 ) عن هارون أبي قزعة عن
# رجل من آل حاطب # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
و هكذا رواه المحاملي و الساجي كما في " اللسان " .
قلت : و هذا سند ضعيف , و له علتان :
الأولى : الرجل الذي لم يسم , فهو مجهول .
و الثانية : ضعف هارون أبي قزعة , ضعفه يعقوب بن شيبة , و ذكره العقيلي
و الساجي و ابن الجارود في " الضعفاء " , و قال البخاري : لا يتابع عليه .
ثم ساق له هذا الحديث , لكنه لم يذكر فيه حاطبا , فهو مرسل , و قد أشار إلى ذلك
الأزدي بقوله :
هارون أبو قزعة يروي عن رجل من آل حاطب المراسيل .
قلت : فهذه علة ثالثة , و هي الاختلاف و الاضطراب على هارون في إسناده <1> ,
فبعضهم يوصله , و بعضهم يرسله , و قد اضطرب في متنه أيضا , و بين ذلك كله
الحافظ بن عبد الهادي في " الصارم المنكي " ( ص 100 ) ; فليرجع إليه من شاء
التفصيل , و بالجملة فالحديث واهي الإسناد , و قد روي بإسناد آخر مثله في الضعف
أو أشد من حديث ابن عمر , و سبق الكلام عليه مفصلا برقم ( 47 ) , و اختلف
حافظان جليلان في أيهما أجود إسنادا , على عجرهما و بجرهما ! فقال شيخ الإسلام
: أجودهما حديث ابن عمر , و قال الذهبي : أجودهما حديث حاطب هذا , و عزاه لابن
عساكر كما في " المقاصد " ( 413 ) , و إذا قابلت إسناد أحدهما بالآخر , و تأملت
ما فيهما من العلل , تبين لك أن الصواب قول الذهبي , لأن هذا الحديث ليس فيه
متهم بالكذب بخلاف حديث ابن عمر ; فإن فيه من اتهم بالكذب و وضع الحديث , كما
بينته هناك , و إذا عرفت هذا , فقول السخاوي في " المقاصد " بعد حديث ابن عمر
المشار إليه , و نقله عن ابن خزيمة و البيهقي أنهما ضعفاه :
و كذا قال الذهبي : طرقه كلها لينة , لكن يتقوى بعضها ببعض , لأن ما في رواتها
متهم بالكذب .
قلت : فهذا التعليل باطل , لما ذكرنا من وجود المتهم في طريق ابن عمر , و عليه
فالتقوية المشار إليها باطلة أيضا , فتنبه .
و أما متن الحديث فهو كذب ظاهر , كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
تعالى , و نقلنا كلامه في ذلك عند حديث ابن عمر المشار إليه , فلا نعيده .
و مما سبق تعلم أن ما جاء في بعض كتب التربية الدينية التي تدرس في سورية تحت
عنوان : زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم :
أن هذا الحديث رواه الدارقطني و ابن السكن و الطبراني و غيرهم بروايات مختلفة
تبلغ درجة القبول , لم يصدر عن بحث علمي في إسناده , و لا نظر دقيق في متنه ,
الذي جعل من زار قبره صلى الله عليه وسلم , بمنزلة من زاره في حياته , و نال
شرف صحبته , التي من فضائلها ما تحدث عنه صلى الله عليه وسلم بقوله :
" لا تسبوا أصحابي فوالذي نفس محمد بيده , لو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما
بلغ مد أحدهم و لا نصيفه " ! .
فمن كان بينه و بين هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم هذا البون الشاسع في الفضل
و التفاوت , كيف يعقل أن يجعله صلى الله عليه وسلم مثل واحد منهم , بمجرد زيارة
قبره صلى الله عليه وسلم , و هي لا تعدو أن تكون من المستحبات ? !
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] كما اضطرب الرواة في إسناد هذا الحديث على ما عرفت , اضطربوا أيضا في ضبط
اسم راويه هارون أبي قزعة , فقيل فيه هكذا , و قيل : هارون بن قزعة , و قيل :
هارون بن أبي قزعة , كما في التعليق المغني , قول : و لعل الصواب الوجه الأول ,
فقد قال ابن عدي في " الكامل " ( 7/2588 ) :
و هارون أبو قزعة لم ينسب . اهـ .
1022 " يا عمر ! ههنا تسكب العبرات " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/91 ) :
$ ضعيف جدا $ .
أخرجه ابن ماجه ( 2/221 ـ 222 ) و الحاكم ( 1/454 ) عن محمد بن عون عن نافع عن
# ابن عمر # قال :
" استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر , ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا ,
ثم التفت , فإذا هو بعمر بن الخطاب يبكي , فقال : فذكره , و قال الحاكم :
صحيح الإسناد , و وافقه الذهبي .
قلت : و ذلك من أوهامهما , فإن محمد بن عون هذا و هو الخراساني متفق على تضعيفه
, بل هو ضعيف جدا , و قد أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء " و قال :
قال النسائي : متروك , و في " الميزان " و زاد :
و قال البخاري : منكر الحديث , و قال ابن معين : ليس بشيء .
ثم ساق له الذهبي هذا الحديث مشيرا إلى أنه مما أنكر عليه , و الظاهر أنه
الحديث الذي عناه أبو حاتم بقوله :
ضعيف الحديث , منكر الحديث , روى عن نافع حديثا ليس له أصل .
ذكره ابن أبي حاتم ( 4/1/47 ) , و ساق له في " التهذيب " هذا الحديث ثم قال :
و كأنه الحديث الذي أشار إليه أبو حاتم .
و قال الحافظ في " التقريب " : متروك .
1023 " البحر هو جهنم " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/92 ) :
$ ضعيف $ .
أخرجه أحمد ( 4/223 ) و البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1/1/71 و 4/2/414 )
و الحاكم ( 4/596 ) و البيهقي ( 4/334 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/1
) من طريق أبي عاصم قال : حدثنا عبد الله بن أمية قال : حدثني محمد بن حيي قال
: حدثني صفوان بن # يعلى # عن أبيه مرفوعا به . و زادوا :
" فقالوا ليعلى ? فقال : ألا ترون أن الله عز وجل يقول : *( نارا أحاط بهم
سرادقها )* , قال : لا والذي نفس يعلى بيده لا أدخلها ( و في رواية : لا أدخله
) أبد حتى أعرض على الله عز وجل , و لا يصيبني منها ( و في الأخرى : منه ) قطرة
حتى ألقى الله عز وجل " . و قال الحاكم :
" صحيح الإسناد , و معناه أن البحر صعب كأنه جهنم " . و وافقه الذهبي .
و ليس كذلك , فإن محمد بن حيي هذا أورده البخاري و ابن أبي حاتم ( 3/2/239 )
برواية ابن أمية هذا فقط عنه , و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , فهو مجهول
العين , و نقل المناوي عن الذهبي أنه قال في " المهذب " :
" لا أعرفه " .
قلت : فكان حقه أن يورده في " الميزان " و لم يفعل , و لم يستدركه عليه ابن حجر
في " اللسان " , و إنما أورده في " التعجيل " كما أورده ابن أبي حاتم و قال :
" و ذكره ابن حبان في ( الثقات ) " .
قلت : و ابن حبان متساهل في التوثيق كما هو معروف .
1024 " إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن , فإذا التفت قال له الرب :
يا ابن آدم إلى من تلتفت ? ! إلى من [ هو ] خير لك مني ? ! ابن آدم أقبل على
صلاتك فأنا خير لك ممن تلتفت إليه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/93 ) :
$ ضعيف جدا $ .
رواه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 24 ) و البزار في " مسنده " ( 553 - كشف
الأستار ) عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن عطاء قال سمعت # أبا هريرة # قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و السياق للعقيلي , و لفظ البزار :
" بين يدي الرحمن " .
و روى العقيلي عن ابن معين أنه قال :
إبراهيم هذا ليس بشيء , و عن البخاري أنه قال : سكتوا عنه , و قال أحمد
و النسائي : متروك الحديث , و قال ابن معين : ليس بثقة .
و من هذه الطريق رواه الواحدي في " الوسيط " ( 3/86/1 ) , و الحديث أورده في
" المجمع " ( 2/80 ) و " الترغيب " ( 1/191 ) من رواية البزار , و ضعفاه ,
و أورده ابن القيم في " الصواعق المرسلة " ( 2/39 ) بلفظ العقيلي , ساكتا عليه
, و ليس بجيد , و لذلك أوردته لأبين حقيقة حاله .
و رواه البزار ( 552 ) من حديث جابر نحوه من رواية الفضل بن عيسى الرقاشي عن
محمد بن المنكدر عن جابر , و الفضل هذا منكر الحديث كما قال الحافظ في
" التقريب " .
1025 " بل ائتمروا بالمعروف , و تناهوا عن المنكر , حتى إذا رأيت شحا مطاعا , و هوى
متبعا , و إعجاب كل ذي رأي برأيه , فعليك بنفسك و دع عنك العوام , فإن من
ورائكم أيام الصبر , الصبر فيهن مثل قبض على الجمر , للعامل فيهم مثل أجر خمسين
رجلا يعملون مثل عمله " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/94 ) :
$ ضعيف $ .
أخرجه أبو داود ( 2/437 ) و الترمذي ( 4/99 - تحفة ) و ابن ماجه ( 2/487 )
و ابن جرير في " تفسيره " ( 10/145 و 146 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 2/64 -
65 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1850 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 18/7/2
) من طرق عن عتبة بن أبي حكيم قال : حدثني عمرو بن جارية اللخمي قال : حدثني
أبو أمية الشعباني قال : سألت # أبا ثعلبة الخشني # فقلت : يا أبا ثعلبة كيف
تقول في هذه الآية : *( عليكم أنفسكم )* ? قال : أما والله لقد سألت عنها خبيرا
, سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره .
و قال الترمذي : حديث حسن غريب .
كذا قال , و فيه عندي نظر , فإن عمرو بن جارية و أبا أمية لم يوثقهما أحد من
الأئمة المتقدمين , غير ابن حبان , و هو متساهل في التوثيق كما هو معروف عند
أهل العلم , و لذلك لم يوثقهما الحافظ في " التقريب " , و إنما قال في كل منهما
: " مقبول " يعني عند المتابعة , و إلا فلين الحديث كما نص عليه في " المقدمة "
من " التقريب " .
ثم إن عتبة بن أبي حكيم فيه خلاف من قبل حفظه , و قال الحافظ فيه :
صدوق يخطىء كثيرا , فلا تطمئن النفس لتحسين إسناد هذا الحديث , لا سيما
و المعروف في تفسير الآية يخالفه في الظاهر , و هو ما أخرجه أصحاب السنن و أحمد
و ابن حبان في " صحيحه " ( 1837 ) و غيرهم بسند صحيح عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه أنه قام فحمد الله , ثم قال : يا أيها الناس ! إنكم تقرأون هذه الآية
: *( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )* , و إنكم
تضعونها على غير موضعها , و إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" إن الناس إذا رأوا المنكر و لا يغيرونه يوشك أن يعمهم بعقابه " .
و قد خرجته في " الصحيحة " ( 1564 ) .
لكن لجملة " أيام الصبر " شواهد خرجتها في " الصحيحة " أيضا , فانظر تحت
الحديثين ( 494 و 957 ) .
تنبيه : مع كل هذه العلل في هذا الحديث فقد صححه الشيخ الغماري في " كنزه "
و كأنه قلد في ذلك الترمذي دون أي بحث أو تحقيق , أو أنه هواه الذي ينبئك عنه
تعليقه عليه الذي يستغله المتهاونون بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ;
و المخالف للآية السابقة , والله المستعان .
1026 " يا صاحب الحبل ألقه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/95 ) :
$ ضعيف $ .
ذكره ابن حزم في " المحلى " فقال ( 7/259 ) :
روينا من طريق وكيع عن ابن أبي ذئب عن # صالح بن أبي حسان # : " أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم رأى محرما محتزما بحبل فقال .. " فذكره , و قال :
مرسل لا حجة فيه .
قلت : و هو كما قال , و رجاله ثقات , غير صالح بن أبي حسان فهو مختلف فيه ,
فقال البخاري : ثقة , و قال النسائي : مجهول , و قال أبو حاتم : ضعيف الحديث .
و في " التقريب " : صدوق من الخامسة .
قلت : و مع ضعف هذا الحديث , فقد روي ما يخالفه , و هو بلفظ :
رخص عليه السلام في الهميان للمحرم , ذكره ابن حزم ( 7/259 ) فقال :
روينا من طريق عبد الرزاق عن الأسلمي عمن سمع صالحا مولى التوأمة أنه سمع ابن
عباس يقول , فذكره مضعفا له .
قلت : و هو ظاهر الضعف , فإن صالحا هذا ضعيف , و الراوي عنه مجهول لم يسم .
و الأسلمي أظنه الواقدي و هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي و هو متروك .
قلت : و الصواب فيه الوقف , فقد أخرج الدارقطني ( 261 ) و البيهقي ( 5/69 ) من
طريق شريك عن أبي إسحاق عن عطاء و سعيد بن جبير عن ابن عباس قال :
" رخص للمحرم في الخاتم و الهميان " .
و شريك سيىء الحفظ , لكنه لم يتفرد به , فقد ذكره ابن حزم من طريق وكيع عن
سفيان عن حميد الأعرج عن عطاء عن ابن عباس قال في الهميان للمحرم :
لا بأس به .
قلت : و هذا إسناد جيد موقوف , و قد علقه البخاري ( 3/309 ) عن عطاء , و وصله
الدارقطني من طريق سفيان عن أبي إسحاق عن عطاء مثله .
قلت : و هذا سند صحيح , و لهذا قال الحافظ في " الفتح " :
و هو أصح من الأول , يعني من رواية شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن ابن عباس , و
هو كما قال , لما عرفت من حال شريك فمخالفته لسفيان لا تقبل , لكن خفيت على
الحافظ طريق حميد الأعرج عن عطاء عن ابن عباس التي ذكرنا , فالصواب أنه صحيح عن
كل من ابن عباس , و عطاء , و هذا إنما تلقاه عنه , و قد ورد نحوه عن عائشة أيضا
أنها سئلت عن الهميان للمحرم ? فقالت : و ما بأس ? ليستوثق من نفقته .
أخرجه البيهقي بسند صحيح عنها , و رواه سعيد بن منصور بلفظ :
إنها كانت ترخص في الهميان يشده المحرم على حقويه , و في المنطقة أيضا .
نقله ابن حزم عنه , و سنده صحيح على شرط الشيخين .
و خلاصة القول : أن حديث ابن عباس هذا المخالف لحديث الترجمة ضعيف مرفوعا ,
صحيح موقوفا , و فيه دليل على جواز شد الهميان و المنطقة للمحرم , قال الحافظ :
قال ابن عبد البر : أجاز ذلك فقهاء الأمصار , و أجازوا عقده إذا لم يمكن إدخال
بعضه في بعض , و لم ينقل عن أحد كراهته إلا عن ابن عمر , و عنه جوازه .
و قد ذهب إلى جواز ذلك كله ابن حزم قال ( 7/259 ) :
لأنه لم ينه عن شيء مما ذكرنا قرآن و لا سنة , *( و ما كان ربك نسيا )* .
1027 " حريم البئر البدي خمسة و عشرون ذراعا , و حريم البئر العادية خمسون ذراعا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/97 ) :
$ ضعيف $ .
أخرجه الدارقطني ( ص 518 ) من طريق الحسن بن أبي جعفر , عن معمر عن الزهري عن
سعيد بن المسيب عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم , و من طريق محمد
ابن يوسف بن موسى المقريء بسنده إلى إبراهيم بن أبي عبلة عن الزهري به , و قال
: الصحيح من الحديث أنه مرسل عن ابن المسيب , و من أسنده فقد وهم .
قلت : و في الطريق الأولى الحسن بن أبي جعفر , و هو ضعيف كما قال الزيلعي
( 4/293 ) , و في الطريق الأخرى محمد بن يوسف المقريء , قال الحافظ في "
التلخيص " ( 256 ) :
و هو متهم بالوضع , و أطلق عليه ذلك الدارقطني و غيره .
قلت : و لذلك جزم البيهقي بضعف الحديث , فقال بعد أن علقه من هذين الطريقين
موصولا : و هو ضعيف .
و قد روي من طريق ثالثة عن الزهري به , أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان
( 1/309 ) و الحاكم في " المستدرك " ( 4/97 ) من طريق عمر بن قيس المكي عن
الزهري .
قلت : و سكت عليه الحاكم ثم الذهبي فأساءا , لأن عمر هذا متروك كما في "
التقريب " و قال في " التلخيص " : فيه ضعف .
قلت : و في هذا التعبير تساهل لا يخفى , و قال الزيلعي بعد أن ذكره من طريق
الحاكم :
و سكت عنه , قال عبد الحق في " أحكامه " : و المراسيل أشبه " .
قلت : و لا يشك في هذا من شم رائحة الحديث , فإن الطرق كلها واهية عن الزهري به
موصولا , مع مخالفتها لروايات الثقات الذين أرسلوه عن الزهري , منهم إسماعيل بن
أمية عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرفوعا به .
أخرجه الحاكم و كذا أبو داود في " مراسيله " .
و أخرجه البيهقي من طريق يونس عن الزهري به إلا أنه أوقفه على ابن المسيب , كما
في النسخة المطبوعة من " البيهقي " , و أما الحافظ في " التلخيص " , فقد نقل
عنه أنه رواه من هذه الطريق عن ابن المسيب مرسلا .
تنبيه : عزى الصنعاني في " سبل السلام " ( 3/78 ) هذا الحديث لأحمد عن
أبي هريرة , و هو وهم منه , فإن الحديث عنده ( 2/494 ) عنه بلفظ آخر و هو :
" حريم البئر أربعون ذراعا من حواليها كلها لأعطان الإبل و الغنم " .
و هو بهذا اللفظ حسن عندي كما بينته في السلسلة الأخرى ( رقم : 251 ) .
1028 " من اكتحل فليوتر , من فعل فقد أحسن , و من لا فلا حرج , و من استجمر فليوتر ,
من فعل فقد أحسن , و من لا فلا حرج , و من أكل مما تخلل فليلفظ , و ما لاك
بلسانه فليبتلع , من فعل فقد أحسن , و من لا فلا حرج , و من أتى الغائط فليستتر
, فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستدبره فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني
آدم , من فعل فقد أحسن , و من لا فلا حرج " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/99 ) :
$ ضعيف $ .
أخرجه أبو داود ( 1/6 ـ 7 ) و الدارمي ( 1/169 ـ 170 ) و ابن ماجه ( 1/140 ـ
141 ) و الطحاوي ( 1/72 ) و ابن حبان ( 132 ) مختصرا و البيهقي ( 1/94 و 104 )
و أحمد ( 2/371 ) من طريق الحصين الحبراني عن أبي سعيد ـ زاد بعضهم : الخير عن
# أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم به , و قال أبو داود :
أبو سعيد الخير هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : هو كما قال على ما هو الراجح في التحقيق كما بينته في " ضعيف سنن أبي
داود " ( رقم 9 ) , لكن الراوي عنه الحصين الحبراني مجهول كما قال الحافظ في "
التلخيص " ( ص 37 ) و كذا في " التقريب " له , و في " الخلاصة " للخزرجي .
و قال الذهبي : لا يعرف , و أما توثيق ابن حبان إياه , فمما لا يعول عليه لما
عرف من قاعدته في توثيق المجهولين , كما فصلت القول عليه في " الرد على التعقيب
الحثيث " و لهذا لم يعرج الأئمة المذكورون على توثيقه , و لم يعتمدوا عليه في
هذا و لا في عشرات بل مئات من مثله وثقهم هو وحده , و حكموا عليهم بالجهالة , و
لذلك وجدنا البيهقي أشار إلى تضعيف هذا الحديث بقوله عقبه :
و هذا إن صح , فإنما أراد والله أعلم وترا يكون بعد ثلاث .
و إنما حمله على هذا التأويل أحاديث كثيرة تدل على وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار
, و النهي عن الاستنجاء بأقل من ذلك كحديث سلمان رضي الله عنه قال :
" ... و نهانا صلى الله عليه وسلم أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار " .
رواه مسلم و غيره .
فلو صح قوله في هذا الحديث : " و من استجمر فليوتر , من فعل فقد أحسن , و من لا
فلا حرج " , وجب تأويله بما ذكره البيهقي , و لكني أقول : لا حاجة بنا إلى مثل
هذا التأويل بعدما تبين لنا ضعفه و تفرد ذاك المجهول به .
و إذا عرفت هذا , فلا تغتر بقول النووي في " المجموع " ( 2/55 ) :
هذا حديث حسن ! و لا بقول الحافظ نفسه في " الفتح " ( 1/206 ) :
إسناده حسن , و لا بما نقله الصنعاني في " سبل السلام " عن " البدر المنير أنه
قال : حديث صحيح , صححه جماعة , منهم ابن حبان و الحاكم و النووي .
لا تغتر بأقوال هؤلاء الأفاضل هنا جميعا , فإنهم ما أمعنوا النظر في سند الحديث
, بل لعل جمهورهم اغتروا بسكوت أبي داود عنه , و إلا فقل لي بربك كيف يتفق
تحسينه مع تلك الجهالة التي صرح بها من سبق ذكره من النقاد : الذهبي
و العسقلاني و الخزرجي ? بل كيف يتمشى تصريح ابن حجر بذلك مع تصريحه بحسن
إسناده لولا الوهم , أو المتابعة للغير بدون النظر في الإسناد ? ! و من ذلك قول
المؤلف <1> " معارف السنن شرح سنن الترمذي " ( 1/115 ) :
و هو حديث صحيح رجاله ثقات كما قال البدر العيني .
فإن هذا التصحيح , إنما هو قائم على أن رجاله ثقات , و قد تقدم أن أحدهم و هو
حصين الحبراني لم يوثقه غير ابن حبان , و أنه لا يعتد بتوثيقه عند تفرده به ,
لا سيما مع عدم التفات أولئك النقاد إليه و تصريحهم بتساهل من وثقه .
فمن الغرائب و الابتعاد عن الإنصاف العلمي التشبث بهذا الحديث الضعيف المخير
بين الإيتار و عدمه لرد ما دل عليه حديث سلمان و غيره مما سبق الإشارة إليه من
عدم إجزاء أقل من ثلاثة أحجار , مع إمكان التوفيق بينهما بحمل هذا لو صح على
إيتار بعد الثلاثة كما تقدم , و أما قول ابن التركماني ردا لهذا الحمل : لو صح
ذلك لزم منه أن يكون الوتر بعد الثلاث مستحبا أمره عليه السلام به على مقتضى
هذا الدليل , و عندهم لو حصل النقاء بعد الثلاث فالزيادة عليها ليست مستحبة ,
بل هي بدعة .
فجوابنا عليه : نعم هي بدعة عند حصول النقاء بالثلاثة أحجار , فنحمل هذا الحديث
على الإيتار عند عدم حصول النقاء بذلك , بمعنى أنه إذا حصل النقاء بالحجر
الرابع فالإيثار بعده على الخيار مع استحبابه , بخلاف ما إذا حصل النقاء
بالحجرين فيجب الثالث لحديث سلمان و ما في معناه . وبالله التوفيق .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] هو الشيخ الفاضل محمد بن يوسف الحسيني البنوري , و قد أهداه إلي بتاريخ
14/12/1383 هـ بواسطة أحد طلابنا في الجامعة الإسلامية , جزاه الله خيرا . اهـ
.
1029 " أما إنما لا تزيدك إلا وهنا , انبذها عنك , فإنك لو مت و هي عليك ما أفلحت
أبدا " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/101 ) :
$ ضعيف $ .
أخرجه الإمام أحمد ( 5/445 ) : حدثنا خلف بن الوليد : حدثنا المبارك عن الحسن
قال : أخبرني # عمران بن حصين # أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل
حلقة أراه قال : من صفر - فقال : ويحك ما هذه ? قال : من الواهنة قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف و له علتان :
الأولى : عنعنة المبارك و هو ابن فضالة فقد كان مدلسا , وصفه بذلك جماعة من
الأئمة المتقدمين , قال يحيى بن سعيد :
لم أقبل منه شيئا , إلا شيئا يقول فيه : حدثنا .
و قال ابن مهدي : كنا نتبع من حديث مبارك ما قال فيه : حدثنا الحسن .
و مع ذلك فقد قال فيه الدارقطني :
لين , كثير الخطأ , يعتبر به , و ذكر نحوه ابن حبان و الساجي .
الثانية : الانقطاع بين الحسن و عمران بن حصين , فإنه لم يسمع منه كما جزم بذلك
ابن المديني و أبو حاتم و ابن معين , قال الأولان :
لم يسمع منه , و ليس يصح ذلك من وجه يثبت .
و قد أشار بذلك إلى مثل رواية المبارك هذه , فإن صرح فيها كما ترى بأن الحسن
قال : أخبرني عمران بن حصين , و في " المسند " ( 5/440 ) حديثان آخران من
هذا الوجه مع التصريح المذكور , و قد أشار الإمام أحمد أيضا إلى تضعيف ذلك فقال
: قال بعضهم عن الحسن : حدثني عمران بن حصين إنكارا على من قال ذلك , بل إنه