السؤال باسم الله الأعظم

وسمع آخر يقول في تشهده أيضا : ( أبو داود والنسائي وأحمد والبخاري في الأدب المفرد ) ( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت [ وحدك لا شريك لك ] [ المنان ] [ يا ] بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم [ إني أسألك ] [ الجنة وأعوذ بك من النار ] . [ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( تدرون بما دعا ؟ ) قالوا الله ورسوله أعلم . قال : ( والذي نفسي بيده ] لقد دعا الله باسمه العظيم ( وفي رواية : الأعظم ) الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى}

الأحد، 11 فبراير 2024

ج10-{تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع الحديث الرابع والعشرون الي آخر الصفحة}

 

تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع


الي الحديث الرابع والعشرون:

((لا يزال المسروق منه في تهمة من هو برئ، حتى يكون أعظم جرماً من السارق)) . منكر مرفوعاً وموقوفاً.{{رواه أبو يعقوب محمد بن إسحاق النيسابوري في ((المناهي وعقوبات المعاصي)) (ق156) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم ثنا أبو سهل الخراساني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً به.

وأورده الحافظ الذهبي رحمه الله في ترجمة أبي سهل الخرساني من ((الميزان)) (4/535) بنحوه، وقال: ((هذا حديث منكر. رواه عنه أبو النضر هاشم)) . وأقره الحافظ رحمه الله في ((اللسان)) (7/59) ولكنه أخذ عليه أمراً، فقال: ((وهذا الرجل اسمه عبد الرحمن، وذكره الأزدي في الأسماء من كتابه ((الضعفاء)) . وأورد له هذا الحديث، ومنه نقل الذهبي، وكان ينبغي له أن ينسبه إليه، وقد أغفله في الأسماء كما نبهت عليه هناك، ولم أر له في ((الكنى)) لأبي أحمد الحاكم ذكراً)) اهـ. وقال في (3/446) : ((عبد الرحمن الخراساني أبو سهل. يأتي في الكنى)) .  والحديث رواه أيضاً البيهقي في ((شعب الإيمان)) كما في ((الجامع الصغير)) (9971) و ((كنز العمال)) (3/564) والديلمي كما في ((فردوس الأخبار)) (7727) .  (أما) الموقوف، فقد قال الإمام البخاري رحمه الله في ((الأدب المفرد)) (1289) : ((حدثنا يوسف بن يعقوب قال: حدثنا يحيى بن سعيد أخو عبيد القرشي قال: حدثنا الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: ((ما يزال المسروق منه يتظنى حتى يصير أعظم من السارق)) (كذا في ((الأدب المفرد)) وفي ((فضل الله الصمد)) ، ولعل الصواب: أعظم إثماً أو: جرماً) . وفي إسناده: يحيى بن سعيد الأموي الكوفي. قال الذهبي رحمه الله في  ((الميزان)) (4/380) : ((صالح الحديث، وأنكر من روايته حديثه عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: لا يزال المسروق له يتظنى حتى يكون أعظم إثماً من السارق)) . وروى الخطيب رحمه الله في ((تاريخه)) (14/133) عن الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله (يعني الإمام أحمد) ذكر يحيى بن سعيد الأموي، فقال لي: ما كنت أظن عنده هذه الكتب الكثيرة (وقال البرمكي - شيخ الخطيب في إحدى الروايتين -: هذا الحديث الكثير) ، فإذا هم يزعمون أن عنده عن الأعمش حديث كثير، ومن غيره، وقد كتبنا عنه، وكان له أخ كان له قدر، وعلم يقال له: عبد الله بن سعيد، - ولم يثبت أمر يحيى في الحديث، كانه يقول: كان يصدق وليس بصاحب حديث -، فقلت له: روى عن الأعمش عن أبي وائل عبد الله حديثاً منكراً - أعني قوله: ((لا يزال المسروق يتظنى حتى يكون أعظم إثماً من السارق)) ، فقال أبو عبد الله: نعم. وقال الحافظ رحمه الله في ((التهذيب)) (11/214) : ((قلت: أورده العقيلي في ((الضعفاء)) ، واستنكر له عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله ... )) فذكره. قلت: لم أجد في ((الضعفاء الكبير)) (4/403) سوى ما تقدم عن الأثرم عن الإمام أحمد رحمه الله حتى قوله: ((وليس بصاحب حديث)) حسب، فالله أعلم. والرجل، فلا يبلغ حد الضعف، بل هو ثقة إمام، له مناكير عن الأعمش خاصة.

فقد ختم الذهبي ترجمته بقوله: ((وثقه ابن معين وغيره، وذكرته لأن العقيلي ذكره في الضعفاء. وذكر عن المروزي (1) قال: سمعت أبا عبد الله ... )) فذكره بنحوه مختصراً. وقال في ((الكاشف)) (3/256) : ((ثقة، يغرب عن الأعمش)) . وأورده في ((تذكره الحفاظ))

_________

$! أخشى أن يكون وهماً من الذهبي رحمه الله، فالذي في ((العلل)) (224) - رواية المروذي وغيره - عن الإمام أحمد قال: ((لم تكن له حركة في الحديث)) . ومن طريق الحافظ أبي عوانة عن المروذي رواه الخطيب (14/133) ، وروى الأخرى عن الأثرم كما تقدم. ولعل السبب في ذلك قول العقيلي: ((حدثنا الخضر بن داود قال: حدثنا أحمد ابن محمد، قال: سمعت أبا عبد الله ... )) ، فإن الأثرم والمروذي كرهما اسمه: ((أحمد ابن محمد)) . ولكن الخضر يروى ((العلل)) عن الأثرم قال في المؤتلف (ص830-831) .

(1/115)

(1/325) ، وقال: ((المحدث الثقة)) حتى قال: ((قال أحمد: عنده عن الأعمش غرائب وليس به بأس. وقال يحيى بن معين: ثقة)) . وقال في ((السير)) (9/139) : ((للإمام المحدث، الثقة، النبيل، ... )) وقال الحافظ رحمه الله في ((التقريب)) (7554) : ((صدوق يغرب)) . وقال في ((هدي الساري)) (ص474) : ((يحيى بن سعيد الأموي صاحب المغازي وثقه ابن سعيد وأبو داود وابن معين وابن عمار وغيرهم. وقال أحمد: ليس به بأس وكان عنده عن الأعمش غرائب ولم يكن بصاحب حديث. وأورده العقيلي في ((الضعفاء)) واستنكر حديثه عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله: ((لا يزال المسروق يتظنى حتى يكون أعظم إثماً من السارق ... )) ثم بيّن رحمه الله المواضع التي أخرج له البخاري فيها، وأن متابع فيها كلها عنده سوى الأخير، فعند مسلم. وقال (ص488) - ملخصاً الذين ضعفوا بأمر مردود -: ((ذكره العقيلي بلا حجة)) . والله أعلى وأعلم.

(1/116)

الحديث الخامس والعشرين:

((يوشك أن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ومن القرآن إلا رسمه، مساجدهم عامر، وهي خراب من الهدي، فقهاؤهم شر من تحت أديم السماء، من عندهم خرجت الفتنة، وفيهم تعود)) .

ضعيف جداً مرفوعاً وموقوفاً. روى من حديث علي وابن عمر ومعاذ وأبي هريرة، وعن علي موقوفاً من طريقين:

1- حديث علي:

رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (4/469-470) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، وابن عدي في ((الكامل)) (4/1543) وعنه البيهقي من طريق محمد بن يحيى الأزدي، وابن أبي الدنيا في كتاب ((العقوبات)) - كما في ((الضعيفة)) (1936) - عن سعيد بن زنبور كلاهما عن يزيد بن هارون كلاهما (سعيد ويزيد) عن عبد الله بن دكين عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعاً به. قال الشيخ الألباني حفظه الله: ((قلت: وهذا إسناده واه، عبد الله بن دكين مختلف فيه، وفي ترجمته ساق الحديث الذهبي مشيراً إلى نكارته. وهذا هو الوجه عندي (يعني مرفوعاً) إن كان قد أصبح رواية يزيد له عنه، فإن سعيد بن زنبور لم أجد له ترجمة)) . كذا قال، وسعيد هذا ذكره ابن حبان في ((الثقات)) (8/267) ، وجاء في ((الفهارس)) : ((سعيد ابن زنبويه)) ! ولكن لا عذر للشيخ - إن شاء الله -، فإنه يقال في اسمه أيضاً: ((سعيد بن زنبور)) ، وأول ما يتبادر إلى الأذهان: تحرف (سعد) من (سعيد) أو العكس.

وقد جهله الذهبي (2/120) تبعاً لأبي حاتم الرازي -، فتعقبه الحافظ في ((اللسان)) (3/15) بأن ابن حبان ذكره في ((الثقات)) . وسماه: ((سعيداً)) .

(1/117)

وذكر ثناء الإمام أحمد على حفظه، وقول ابن معين: ((ذاك المسكين، وهو ثقة، وما أراه يكذب)) . وأن بن شاهين ذكره في ((الثقات)) . وهو أيضاً في ((تاريخ بغداد)) (9/127-128) . وقضية صنيع الخطيب والحافظ أنه هو والراوي عن الفضيل بن عياض - رحمه الله - واحد، فقد جعلهما ابن أبي حاتم (4/84) اثنين، حكى عن أبيه تجهيل أولهما، وسكت عن الراوي عن الفضيل. ومجموع كلامهم عن الرجل يفهم منه أنه صدوق صالح الحال في حديثه بعض الوهم ثم تذكرت - أثناء تبييض هذا الحديث أول مرة - أن الشيخ حفظه الله فقد ذكر له حديثاً في ((الصحيحة)) (342) (1) - باسم: ((سعد بن زنبور)) - وذكر ما رواه الخطيب من قول ابن معين فيه، فسبحان من لا يضل ولا ينسى. وقد تابعه على رفعه عن يزيد: محمد بن يحيى الأزدي - أحد الثقات - عند ابن عدي، لكن راويه عنه: عبد السلام بن إدريس بن سهل - شيخ ابن عدي - ترجمة الخطيب (11/55) من رواية ابن عدي وحده عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. أما السند إلى سعيد بن سليمان، فصحيح عند ابيهقي. فالليلة من شيخهما: عبد الله بن دكين، فإنه واه. قال ابن معين: ليس بشئ وفي رواية: ليس به بأس. وقال أبو زرعة والمفضل الغلابي والأزدي: ضعيف. وقال أبو داود: بلغني عن أحمد أنه ثقة. وقال ابو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث، روى عن جعفر بن محمد غير حديث منكر.

وقال النسائي: ليس بثقة. قلت: وهذا من مناكيره التي أشار إليها أبو حاتم رحمه الله، وأنكر منه - عندي - ما رواه الخطيب (9/452) من طريق بشر أن الوليد الكندي عنه بهذا الإسناد عن علي قال: ((ستة لا يأمنهم مسلم: اليهودي، والنصراني، والمجوسي، وشارب الخمر، وصاحب الشطرنج، والمتلهي بأمه)) . وفيه: ((قال ابن دكين: فسألته عن المتلهي بأمه؟ قال: الذي

_________

$! هوحديث: ((إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم ... )) وهو معل بالوقف على أبي الدرداء من رواية رجاء بن حيوة عنه - وهي منقطعة -، وصح بعضه عن ابن مسعود رضي الله عنه كما أضرت في مقدمة ((التبييض)) (ص4) ، وربما أورده قريباً إن شاء الله فيه أو في غيره. فالله المستعان.

(1/118)

يقول أمه زانية إن لم أفعل كذا وكذا)) . وعده الذهبي أيضاً (2/417) في جملة مناكيره. وبشر بن الوليد مختلف فيه، لكنه لا يحتمل هذه الطامة. وقد رواه الخرائطي في ((مساوئ الأخلاق)) عن علي، بلفظ: ((ستة لا يسلم عليهم: اليهود، والنصارى، والمجوس، والذيم من بين أيديهم الخمر والريحان (كذا) ، والمتفكهوت بالأمهات، وأصحاب الشطرنج)) ، كما في ((كنز العمال)) (9/218) ، فإن كان من طريقه أيضاً فهم أطم، إذ يدل على تخبطه في متنه.

وللإسناد علة أخرى، وهي الانقطاع بين علي بن الحسين وجده رضي الله عنه، وبه وحده أعله البيهقي في ((الشعب)) (4/472) ويأتي بتمامه.

2/3 - حديث ابن عمر ومعاذ:

قال الشيخ الألباني حفظه الله تحت حديث الترجمة: ((ضعيف جداً. أخرجه الديلمي في ((مسنده)) (107/1) من طريق الحاكم بستنده إلى خالد بن يزيد الأنصاري عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. قلت: خالد هذا الظاهر أنه العمري المكي، فإنه يروى عن ابن أبي ذئب، كذبه أبو حاتم ويحيى، وقال ابن حبان (1/258) : ((يروي الموضوعات عن الأثبات)) ثم رواه الديلمي من طريق إسماعيل عن أبي زياد عن ثور عن خالد بن معدان عن معاذ بنحوه. قلت: وهذا - كالذي قبله - موضوع، آفته إسماعيل هذا، وهو السكوني القاضي، قال ابن حبان _1/129) : ((شيخ دجال، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه)) . وقد وجدت له طريقاً ثالثاً، فقال ابن أبي الدنيا ... )) فذكره - جزاه الله خيراً - ما قدمناه عنه.

4- حديث أبي هريرة:

ذكره في ((كنز العمال) (11/181) من رواية الديلمي عنه، وهو في ((الفردوس)) (8437) ، ولم يسق محققاه - سامحهما الله - إسناده في الحاشية، مع حرصهما الكبير على ذلك في الأجزاء الأخيرة من الكتاب لا سيما فيما يتفرد به الديلمي. وعلى كلٍ، فلا إشكال إن شاء الله، ولنا عبرة فيما تقدم من طرق

(1/119)

الحديث، فإن أوهاها ما رواه الديلمي! وقد قال الشيخ حفظه الله: ((وجملة القول: أن هذا الحديث بهذه الطرق الثلاث، يظل على وهائه لشده ضعفها، وإن كان معناه يكاد المسلم يلمسه، بعضه أو جله في واقع العالم الإسلامي، والله المستعان.

5- موقوف على: وله طريقان:

الأولى: مدارها على عبد الله بن دكين ايضاً. وقد علقه البخاري رحمه الله في ((خلق أفعال العباد)) (239) ، فقال: ((ويذكر عن علي رضي الله عنه قال: يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن ألا رسمه)) . دلني عليه محقق ((الشعب)) . ودلني محققه على روايته عند ابن بطة كما يأتي، فجزاهما الله خيراً.

ووصله ابن عدي وعنه البيهقي من طريق بشر بن الوليد الكندي، ثنا عبد الله بن دكين به وبشر وثقه الدارقطني - من رواية السلمي عنه - ومسملة بن القاسم. وقال صالح جزرة: وهو صدوق لكنه لا يعقل، قد كان خرف. وقال الآجري: سألت أبا داود: أبشر بن الوليد ثقة؟ قال: لا. وقال السلمياني: منكر الحديث. وقال البرقاني: ليس هو من شرط الصحيح. ولم يتفرد به. فقد أخرجه الدينوري في ((المنتقى من المجالسة)) (19-20مخطوطة حلب) - كما في ((الضعيفة)) -، من طريق محمد بن مسلمة، حدثنا يزيد بن هارون عن ابن دكين به. قال الشيخ الألباني: ((ومحمد بن مسلمة هو الواسطي صاحب يزيد بن هارون، مختلف فيه، والأكثرون على تضعيفه، بل قال أبو محمد الخلال: ((ضعيف جداً)) . وقال الذهبي: ((أتى بخير باطل اتهم به)) . لكن الدينوري نفسه منهم، فراجع ترجمته في ((الميزان)) ....)) . وله طريق ثاثلة، فقد رواه الإمام ابن بطة رحمه الله في ((جزء إبطال الحيل)) (ص21) عن أبي محمد عبد الله بن سليمان الفامي حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي حدثنا يزيد ابن هارون قال: أنبأنا عبد الله بن دكين به. وقد تحرفت نسبة: ((الفامي)) :

(1/120)

إلى: ((الفاسي)) . و ((ابن دكين)) إلى: ((ابن مكين)) ، وسقط قوله: ((عن أبيه)) أعني: ((جعفر بن محمد عن أبيه عن جده)) ، ولذلك قال محقق ((خلق أفعال العباد)) : ((وفي غسناده من لم أهتد به إليه)) . قلت: والفامي والدقيقي ثقتان، ولكن الإمام ابن بطه رحمه الله - واسمه: عبيد الله بن محمد بن محمد ابن حمدان أبو عبد الله العكبري - فيه مقال معروف، وقد ترجمه الحافظ الذهبي رحمه الله في ((السير)) (16/529: 533) وساق له أحاديث غلط فيها، وقال: ((قلت: فبدون هذا يضعف الشيخ)) .

وله ترجمة أيضاً في ((تاريخ بغداد)) (10/371:375) و ((الميزان)) (3/15) و ((اللسان)) (4/112: 115) ، فانظرها إن شئت. والحاصل أن الروايات المرفوعة عن ابن دكين لو قورنت بالموقوفة - التي لم تسلم من مقال كما بينا - لرجحت عليه، لولا عدم اظلاعنا على إنساد البخاري إلى ابن دكين - إذ كره معلقاً - ناهيك عما لم نطلع عليه. وعلى كل. فهو ترجيح لا يسمن ولا يغني من جوع لمكان ذاك الواهي في جميع طرقه، فما يؤمننا أن هذا التخبط منه هو؟ !

(ثم) إني وقفت له على إسناد آخر عن علي أوهى من هذا، عند البيهقي في ((الشعب)) (4/471-472) من طريق أحمد بن أبي حسان يحيى بن أحمد الضبي حدثنا حفص بن محمد بن نجيح البصري، حدثنا بشر بن مهران، عن شريك بن عبد الله النخعي، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: خدب عليّ الناس بالكوفة فسمعته يقول في خطبته: أيها الناس، إنه من يتفقر يفتقر، ومن يعمر يبتلى، ومن لا يستعد للبلاء، إذا ابتلي لا يصبر، ومن ملك أستأثر، ومن لا يستشر يندم. وكان يوقلمن وراء هذا الكلام: يوشك أن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ومن القرآن إلا رسمه. وكان يوقل: ألا ى يستحيي الرجل أن يتعلم متى سئل عما لا يعلم أن يقول: لا اعلم. مساجدكم يومئذ عامرة، وقلوبكم وأبدانكم مخربة من الهوى (كذا، ولعل الصواب: من الهدى) ، شر من تحت ظل السماء فقهاؤكم (في ((الشعب)) : فقهاءكم - بالنصب - ولا أعلم وجهها، منهم تبدأ الفتنة وفيهم تعود. فقام رجل فقال: ففيم يا أمير المؤمنين؟  قال: إذا كان الفقه في رذالكم، والفاحشة في خياركم، والملك في صغاركم، فعند ذلك تقوم الساعة)) . قال البيهقي: ((هذا موقوف إسناده إلى شريك مجهول، والأول منقطع. والله أعلم)) . قلت: وهو إسناده واه، له علل أربع:

الأولى: جهالة أحمد بن أبي حسان يحيى بن أحمد الضبي، فإني لم أهتد إليه.

الثانية: وجهالة شيخه حفص بن محمد بن نجيح البصري، فلم أجد له أيضاً. ولا شك أن الإمام البيهقي رحمه الله يعينهما بقوله: ((إسناده إلى شريك مجهول)) لكن سيأتي استثناء الراوي عنه من الجهالة. وكأن هذين من غلاة الرافضة الذين أفصحنا عن حالهم في ثنايا هذا الكتاب، فإنهم من أكذب طوائف هذه الأمة لا سيما على عليّ وبنيه. أقول ذلك بعد أن طالعت – سوى ((أمالي الشجري)) – ثلاثة من كتبهم وأماليهم، فوجدت فيها بلايا ورزايا، ومضحكات مبكيات.

الثالثة: شدة ضعف بشر بن مهران – وهو الحذاء – قال ابن أبي حاتم (2/367) : ((روى عن شريك بن عبد الله النخعي. كتب عنه أبي سمعت أبي يقول ذلك)) . ثم أعاده (2/379) – باسم بشير بن مهران الحذاء البصري – وقال: ((مولى بني هاشم أبو الحسن. روى عن شريك بن عبد الله. سمع منه أيام الأنصاري وترك حديثه وأمرني أن لا أقرأ عليه حديثه)) . وقال العلامة المعلمي رحمه الله في ((حاشية الجرح)) – تعليقاً على الموضع الأول -: ((هذه الترجمة مزيدة في ك. وسيأتي في باب بشير ((بشير بن مهران ... )) وفي الميزان واللسان أنهما واحد)) اهـ. وأحال في الموضع الثاني على هذا الموضع. أما ابن حبان رحمه الله، فقد تساهل في أمر هذا الرجل، فأورده في ((الثقات)) (8/140) ، واكتفى بقوله: ((روى عنه البصريون الغرائب)) .

الرابعة: سوء حفظ شريك القاضي على تفصيل في أمره ليس هذا محله. وقوله في الأثر: ((إذا كان الفقه في رذالكم، والفاحشة في خياركم ... )) قد رُري قريب منه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ففي ((المسند))

(2/187) و ((سنن ابن ماجه)) (4015) من طريق مكحول عن أنس بن مالك، قال: قيل: يا رسول الله، متى نترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؟ قال: ((إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم)) . قلنا: يا رسول الله، وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال: ((الملك في صغاركم، والفاحشة في كباركم، والعلم في رذالتكم)) . وقال الحافظ البوصيري رحمه الله في ((مصباح الزجاجة)) (3/244) : ((هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات)) قلت: كلا، فإن مكحولاً رحمه الله مدلس وقد عنعنه. ومن هذا الوجه رواه أيضاً ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم)) (1/157) . وذكر له الزبيدي رحمه الله طريقاً أخرى عند يعقوب ابن سفيان في ((مشيخته)) من حديث الزبير عن عيسى حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً بنحوه، كما في ((تخريج الإحياء)) (124) . والزبير هذا، قال العقيلي في ((الضعفاء)) (2/91) : ((حديثه غير محفوظ)) . ثم رواه من طريق البخاري قال: حدثنا خليل بن يزيد الباقلاني، دلنا عليه الحميدي، قال: عنده عن أبي حديثان (في الأصل: حديثين) قال: حدثنا الزبير بن عيسى الحميدي (في الأصل: ابن علي) ... فذكره، ثم قال: ((لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به)) . وقال الحافظ في ((اللسان)) (2/472) : ((وقال النباتي عقب كلام العقيلي: لعمري إنه لباطل موضوع يشهد له القرآن والسنة (كذا)) ) . وذكره ابن حبان في ((الثقات)) اهـ.

تمّ بحمد الله القسم الأول من ((تكميل النفع بما لم يثبت به وقف ولا رفع)) . فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وتمّ الفراغ من تبييضه بفهارسه يوم الاثنين الموافق السادس من شعبان 1409هـ، والثالث عشر من مارس 1989م.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج2. باقي صحيح السيرة النبوية تحقيق الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.}

  ج2. صحيح السيرة {ج2. باقي صحيح السيرة النبوية  تحقيق  الشيخ الألباني مراجع ومدقق {من 130. الي234.} صفحة رقم -130 - قال : قلت : من غف...